تأليف: الشيخ الجليل أبي عبد الله محمد بن إبراهيم
بن جعفر الكاتب المعروف ب-(ابن أبي زينب النعماني)
المتوفى حدود سنة 360 ه ق
تحقيق وتقديم: مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
الطبعة الأولى: 1443ه-
ص: 1
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»
ص: 2
لا يخفى على ذي لُبٍّ ما للآثار العلميَّة من دور مهمٍّ في حفظ تاريخ الأُمَم، وفي نقل تجربة الماضين إلى اللَّاحقين، وفي ضرورتها في دفع عجلة التقدُّم العلمي، خصوصاً في ما يتعلَّق بعلوم الإسلام، إذ إنَّها تعتمد بالدرجة الأساس - بعد القرآن الكريم - على ما أُثِرَ عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) من نصوص روائيَّة غطَّت المجالات المتعدِّدة للدِّين الإسلامي، من هنا نجد التأكيد الشديد منهم (عليهم السلام) على ضرورة حفظ الأحاديث وتدوينها ونقلها للأجيال، فقد روي عن المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ أنَّه قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «اُكْتُبْ وَبُثَّ عِلْمَكَ فِي إِخْوَانِكَ، فَإِنْ مِتَّ فَأَوْرِثْ كُتُبَكَ بَنِيكَ فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانُ هَرْجٍ لَا يَأْنَسُونَ فِيهِ إِلَّا بِكُتُبِهِمْ»(1).
وقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «احْتَفِظُوا بِكُتُبِكُمْ فَإِنَّكُمْ سَوْفَ تَحْتَاجُونَ إِلَيْهَا»(2).
وقال (عليه السلام): «اُكْتُبُوا فَإِنَّكُمْ لَا تَحْفَظُونَ حَتَّى تَكْتُبُوا»(3).
ولقد التزم شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بأوامر أئمَّتهم، وعملوا على حفظ ما سمعوه منهم (عليهم السلام)، وحفظه من خلال التدوين، والنقل إلى الجيل اللَّاحق، وصولاً إلينا، والأُصول الأربعمائة، وبعدها الكُتُب الأربعة، شاهد صدق على
ص: 3
حجم الجهود الكبيرة والأوقات الطويلة التي بذلها علماؤنا في سبيل حفظ علوم أهل البيت (عليهم السلام)، خصوصاً في وقت كان ثمن الحبر والورق ممَّا لا يتوفَّر للكثير من العلماء، وفي وقت كان نسخ الكتاب يتطلَّب جهوداً جبَّارة، وفي وقت كان الظلمة يتتبَّعون شيعة أهل البيت (عليهم السلام) ليستأصلوهم ويدفنوا معهم علومهم.
والشواهد على هذه الحقائق كثيرة، فقد ذكروا في حياة محمّد بن أبي عمير أنَّه فقد الكثير من كُتُبه العلميَّة إثر سجنه من قِبَل السلطة الظالمة، وخوف أُخته منهم، ممَّا دفعها إلى دفن كُتُبه، فأصابها الماء والرطوبة فأتلفها(1).
وذكر ابن كثير الناصبي: (وكُبِسَت دار أبي جعفر الطوسي متكلِّم الشيعة،).
ص: 4
وأُحرقت كُتُبه ومآثره، ودفاتره التي كان يستعملها في ضلالته وبدعته، ويدعو إليها أهل ملَّته ونحلته، ولله الحمد)(1).
وذكروا أنَّه عندما دخل (طغرل بك) بغداد عام (447ه-)، أمر بإحراق مكتبة شيخ الطائفة العامرة بأُمَّهات الكُتُب الخطّيَّة الثمينة، والتي لا تُقدَّر بثمن، تلك المكتبة التي بذل أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي جهده العميم في إنشائها والاهتمام بها، في محلَّة بين السورين في الكرخ عام (381ه-) على غرار بيت الحكمة التي بناها هارون العبَّاسي.
يقول ياقوت الحموي في (معجم بلدانه): (إنَّ هذا الوزير قد جمع فيها أنفس الكُتُب والآثار القيِّمة...، ونافت كُتُبها على عشرة آلاف مجلَّد، وهي بحقٍّ من أعظم المكتبات العالميَّة، وكان فيها مائة مصحف بخطِّ ابن مقلة).
ولكن رغم ذلك، فقد بذل علماؤنا كلَّ حياتهم وأموالهم في حفظ التراث وإيصاله إلينا بطريقة وبأُخرى، حتَّى إنَّ بعضهم وُصِفَ بأنَّه لولاهم لضاع الدِّين، عن جميل بن درَّاج، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «بشِّر المخبتين بالجنَّة: بريد بن معاوية العجلي، وأبو بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمّد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أُمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوَّة واندرست»(2).
وقد ذكر النجاشي (رحمه الله) في ترجمة محمّد بن مسعود العيَّاشي (رحمه الله): (أنفق أبو النضر على العلم والحديث تركة أبيه سائرها، وكانت ثلاثمائة ألف دينار، وكانت داره كالمسجد بين ناسخ أو مقابل أو قارئ أو معلِّق مملوءة من الناس)(3).).
ص: 5
وعلى كلِّ حالٍ، فأهمّيَّة التراث لا تخفى، وجهود علمائنا لا تغيب.
ومن القضايا المهمَّة التي أولاها أهل البيت (عليهم السلام) - وبتبعهم علماؤنا - أهمّيَّة قصوى، هي القضيَّة المهدويَّة، وما يتعلَّق بها من مفاهيم وخصائص وربط بالماضي واستشراف للمستقبل، وكثرة النصوص الواردة فيها شاهد صدق على ذلك.
ولقد كان للكتابة والتأليف فيها قصب السبق، يشهد بذلك كثرة المؤلَّفات - نسبيًّا - فيها، وقِدَم التأليف حولها، وقد ذكرنا في مقدَّمة كتاب (كمال الدِّين) أسماء العديد من المؤلِّفين الذين سبقوا الشيخ الصدوق (رحمه الله) في الكتابة حولها، وذكرنا هناك أنَّ الشيخ الصدوق يُعتبَر من أوائل من كتبوا في هذه القضيَّة، وأنَّ كتابه مصدر مهمٌّ فيها، وأنَّه قد سبقه في ذلك الشيخ النعماني (رحمه الله) في كتاب (الغيبة)، وها نحن نُقدِّم هذا الكتاب للقارئ الكريم، بحلَّته الجديدة.
ذكر المؤلَّف (رحمه الله) في مقدَّمته على الكتاب أنَّه قد رأى الكثير من الشيعة قد أخذت بهم الفتن والشُّبُهات مآخذ متعدِّدة، ما جعلتهم يبتعدون عن منهج أهل البيت (عليهم السلام)، وما أوجب ذلك من عدم ثبات بعضهم على المبدأ، خصوصاً فيما يتعلَّق بضرورة الصبر في زمن غيبة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)، وأنَّ النصوص واضحة في دعوة الشيعة إلى الصبر والثبات زمن الغيبة.
ثمّ صرَّح بأنَّه عمل على جمع النصوص المتعلِّقة بالقضيَّة المهدويَّة ممَّا يساعد المؤمن على الثبات والصبر، خصوصاً ما يتعلَّق بالغيبة من أسبابها وما يلزم على المؤمن حين وقوعها، بالإضافة إلى ذكر نصوص عديدة في ما يتعلَّق بضرورة وجود الحجَّة على الأرض، ونُتَفاً من سيرته (عجَّل الله فرجه) وصفاته وصفات وجنوده وعلامات ظهوره وغيرها كثير، ضمن (26) باباً تضمَّنت (478) حديثاً.
ص: 6
يمتاز كتاب الغيبة بالعديد من المميِّزات، أهمُّها أنَّه يُعتبَر من أوائل المصنَّفات في هذه القضيَّة، حيث إنَّ مؤلِّفه عاصر الغيبتين الصغرى والكبرى، بالإضافة إلى معاشرته للعديد من علماء تلك الفترة.
ويمتاز أيضاً بأنَّه جمع الكثير من الموضوعات المتعلِّقة بالقضيَّة المهدويَّة، جمعاً موضوعيًّا، وذكر النصوص الدالَّة على كلِّ موضوع منها، بحيث إنَّ العديد من العلماء أشاروا إلى أهمّيَّته وضرورته، ومنهم الشيخ المفيد (رحمه الله)، حيث قال: (وهذا طرف يسير ممَّا جاء في النصوص على الثاني عشر من الأئمَّة (عليهم السلام)، والروايات في ذلك كثيرة قد دوَّنها أصحاب الحديث من هذه العصابة وأثبتوها في كُتُبهم المصنَّفة، فممَّن أثبتها على الشرح والتفصيل محمّد بن إبراهيم المكنَّى أبا عبد الله النعماني في كتابه الذي صنَّفه في الغيبة، فلا حاجة بنا مع ما ذكرناه إلى إثباتها على التفصيل في هذا المكان)(1).
هذا، وقد قال عنه الحرُّ العاملي (رحمه الله): (حسن جامع)(2).
وقال الماحوزي (رحمه الله): (فيه فوائد كثيرة، وأحاديث غريبة)(3).
أوَّلاً: اعتمدنا في تحقيق الكتاب على النسخة المطبوعة في طهران سنة (1397ه-) بتحقيق الفاضل عليّ أكبر الغفاري (رحمه الله)، وقد قوبلت على بعض النُّسَخ الخطيَّة، نذكرها كما ذكر ذلك المحقِّق الفاضل:
أ - النسخة المخطوطة الكاملة المحفوظة في خزانة مكتبة مَلِك في طهران،
ص: 7
بالرقم (3617)، وقد كُتِبَت في (226) صفحة بقياس (15×10 سم)، احتوت كلُّ صفحة (16) سطراً، كتبها محمّد مؤمن الگلپايگاني، فرغ من كتابتها يوم الخميس (21) شهر رمضان المبارك من شهور سنة سبع وسبعين بعد الألف، وعليها آثار مقابلة على نُسَخ أُخرى.
ب - النسخة المخطوطة المحفوظة في مكتبة مَلِك أيضاً في طهران، بالرقم (2671)، ذُكِرَت هاتان النسختان في فهرس المكتبة (ج 1/ ص 530)، وهي ناقصة صفحة من أوَّلها وآخرها وأثنائها، وهي نسخة نفيسة عتيقة، كُتِبَت في (312) صفحة بقياس (14×21 سم)، احتوت كلُّ صفحة (15) سطراً، يظهر من خطِّها أنَّها كُتِبَت قبل القرن العاشر أو في حدوده.
ج - نسخة مطبوعة قوبلت أسانيدها وبابان من آخرها بالنسخة المحفوظة في المكتبة الرضويَّة بمشهد بالرقم (187)، كُتِبَت في سنة (577ه-).
كما قوبلت بعض أبواب الكتاب مع النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران بالرقم (578)، والمذكورة في فهرس المكتبة (ج 5/ ص 1439)، وهي نسخة نفيسة كُتِبَت في (57) صفحة بقياس (10×25 سم)، احتوت كلُّ صفحة (32) سطراً، وعليها حواشٍ تدلُّ على أنَّها قوبلت مع نُسَخ أُخرى، وعليها أيضاً خطُّ الميرزا حسين النوري صاحب (مستدرك الوسائل)، كتبها لنفسه سنة (1289ه-).
ثانياً: تحريك الآيات القرآنيَّة على ضوء القرآن الكريم.
ثالثاً: الإتيان بالأحاديث محرَّكة لتسهيل القراءة على القارئ الكريم.
رابعاً: إضافة مصادر أُخرى في هامش الأحاديث الشريفة للكتاب.
خامساً: ضبط أسماء الأعلام والرواة اعتماداً على كُتُب الرجال، وترجمة بعضهم في المواضع الضروريَّة.
سادساً: شرح بعض المفردات اللغويَّة المبهمة.
ص: 8
سابعاً: الإتيان بشروح بعض الأحاديث من الكُتُب التالية:
1 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (ت 656ه-)/ تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم/ ط 1/ 1378ه-/ دار إحياء الكُتُب العربيَّة.
2 - شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني (ت 679ه-)/ ط 1/ 1362ش/ مركز النشر مكتب الإعلام الإسلامي الحوزة العلميَّة/ قم.
3 - شرح أُصول الكافي لصدر المتألِّهين (ت 1050ه-)/ تحقيق: محمّد خواجوي/ ط 1/ 1383ش/ مؤسسه مطالعات وتحقيقات فرهنگي/ طهران.
4 - روضة المتَّقين في شرح من لا يحضره الفقيه لمحمّد تقي المجلسي (الأوَّل) (ت 1070)/ تصحيح وتحقيق: السيِّد حسين الموسوي الكرماني والشيخ علي بناه الاشتهاردي/ طبع ونشر مؤسَّسة فرهنگي إسلامي كوشانبور/ قم/ ط 2/ 1406ه-.
5 - شرح أُصول الكافي لمولى محمّد صالح المازندراني (ت 1081ه-)/ ضبط وتصحيح: السيِّد عليّ عاشور/ طبع ونشر دار إحياء التراث العربي/ ط 1/ 1421ه-.
6 - الشافي في العقائد والأخلاق والأحكام للفيض الكاشاني (ت 1091ه-)/ تحقيق: مهدي أنصاري قمِّي/ ط 1/ 1425ه-/ دار نشر اللوح المحفوظ/ طهران.
7 - مرآة العقول في شرح أخبار الرسول للعلَّامة المجلسي (ت 1111)/ نشر دار الكُتُب الإسلاميَّة/ ط 2/ 1404ه-.
8 - بحار الأنوار الجامعة لدُرَر أخبار الأئمَّة الأطهار للعلَّامة المجلسي (ت 1111)/ نشر مؤسَّسة الوفاء/ ط 2/ 1403ه-/ بيروت.
ص: 9
وأخيراً نحمده تعالى أنْ وفَّقنا لإتمام تحقيق هذا الكتاب الشريف، سائليه (عزَّ وجلَّ) أنْ يمنَّ علينا في تحقيق المزيد من ذخائر تراث أهل البيت (عليهم السلام)، إنَّه نعم المولى والمعين.
كما نسأله تعالى أنْ يُعجِّل في فرج مولانا صاحب العصر والزمان، ويجعلنا من أنصاره وأعوانه ومقوّية سلطانه.
مركز الدراسات التخصُّصيَّة
في الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)
ص: 10
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه ثقتي
حدَّثنا الشيخ أبو الفرج محمّد بن عليِّ بن يعقوب بن أبي قرَّة القنانيُّ(1) (رحمه الله)، قال: حدَّثنا أبو الحسين محمّد بن عليٍّ البجليُّ الكاتب - واللفظ من أصله، وكتبت هذه النسخة وهو ينظر في أصله -، قال: حدَّثنا أبو عبد الله محمّد بن إبراهيم النعمانيُّ(2) بحلب:
الحمد لله ربِّ العالمين، الهادي من يشاء إلى صراط مستقيم، المستحقِّ الشكر من عباده بإخراجه إيَّاهم من العدم إلى الوجود، وتصويره إيَّاهم في أحسن الصور، وإسباغه عليهم النِّعَم ظاهرةً وباطنةً، لا يحصيها العدد على طول الأمد، كما قال (عزَّ وجلَّ): ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ الله لَا تُحْصُوهَا﴾ [إبراهيم: 34]، وبما
ص: 11
دلَّهم عليه وأرشدهم إليه من العلم بربوبيَّته، والإقرار بوحدانيَّته، بالعقول الزكيَّة(1)، والحكمة البالغة، والصنعة المتقنة، والفطرة الصحيحة، والصبغة الحسنة، والآيات الباهرة، والبراهين الظاهرة، وشفعه ذلك ببعثه إليهم الخيرة من خلقه رُسُلاً مصطفين، مبشِّرين ومنذرين، دالِّين هادين، مذكِّرين ومحذِّرين، ومبلِّغين مؤدِّين، بالعلم ناطقين، وبروح القُدُس مؤيَّدين، وبالحُجَج غالبين، وبالآيات لأهل الباطل قاهرين، وبالمعجزات لعقول ذوي الألباب باهرين، أبانهم من خلقه بما أولاهم من كرامته، وأطلعهم على غيبه، ومكَّنهم فيه من قدرته، كما قال (جلَّ وعزَّ): ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾ [الجنّ: 26 و27]، ترفُّعاً لأقدارهم، وتعظيماً لشأنهم، ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: 165]، ولتكون حجَّة الله عليهم تامَّة غير ناقصة.
والحمد لله الذي منَّ علينا بمحمّد سابق بريَّته إلى الإقرار بربوبيَّته، وخاتم أصفيائه إنذاراً برسالته، وأحبّ أحبَّائه إليه، وأكرم أنبيائه عليه، وأعلاهم رتبةً لديه، وأخصّهم منزلةً منه، أعطاه جميع ما أعطاهم، وزاده أضعافاً على ما آتاهم، وأحلَّه المنزلة التي أظهر بها فضله عليهم، فصيَّره إماماً لهم، إذ صلَّى في سمائه بجماعتهم، وشرَّف مقامه على كافَّتهم، وأعطاه الشفاعة دونهم، ورفعه مستسيراً إلى علوِّ ملكوته(2)، حتَّى كلَّمه في محلِّ جبروته بحيث جاز مراتب الملائكة المقرَّبين، ومقامات الكروبيِّين والحافِّين.
وأنزل عليه كتاباً جعله مهيمناً على كُتُبه المتقدِّمة، ومشتملاً على ما حوته من العلوم الجمَّة، وفاضلاً عليها بأنْ جعله كما قال تعالى: ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾).
ص: 12
[النحل: 89]، لم يُفرِّط فيه من شيء، فهدانا الله (عزَّ وجلَّ) بمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من الضلالة والعمى، وأنقذنا به من الجهالة والرَّدى، وأغنانا به وبما جاء به من الكتاب المبين - وما أكمله لنا من الدِّين، ودلَّنا عليه من ولاية الأئمَّة الطاهرين الهادين - عن الآراء والاجتهاد، ووفَّقنا(1) به وبهم(2) إلى سبيل الرشاد.
صلَّى الله عليه وعلى أخيه أمير المؤمنين تاليه في الفضل، ومؤازره في اللَّأواء(3) والأزل(4)، وسيف الله على أهل الكفر والجهل، ويده المبسوطة بالإحسان والعدل، والسالك نهجه في كلِّ حالٍ(5)، والزائل مع الحقِّ حيثما زال، والخازن علمه(6)، والمستودع سرّه، الظاهر على مكنون أمره، وعلى الأئمَّة من آله الطاهرين الأخيار، الطيِّبين الأبرار، معادن الرحمة ومحلِّ النعمة، وبدور الظلام ونور الأنام، وبحور العلم، وباب السلام الذي ندب الله (عزَّ وجلَّ) خلقه إلى دخوله، وحذَّرهم النكوب عن سبيله حيث قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: 208]، أفضل صلواته وأشرفها، وأذكاها وأنماها، وأتمّها وأعلاها وأسناها، وسلَّم تسليماً كثيراً كما هو أهله، وكما محمّد وآله (عليهم السلام) أهله منه.).
ص: 13
أمَّا بعد..
فإنَّا رأينا طوائف من العصابة المنسوبة إلى التشيُّع، المنتمية(1) إلى نبيِّها محمّد وآله (صلَّى الله عليهم) ممَّن يقول بالإمامة التي جعلها الله برحمته دين الحقِّ، ولسان الصدق، وزيناً لمن دخل فيها(2)، ونجاةً وجمالاً لمن كان من أهلها، وفاز بذمَّتها، وتمسَّك بعقدتها، ووفى لها بشروطها، من المواظبة على الصلوات، وإيتاء الزكوات، والمسابقة إلى الخيرات، واجتناب الفواحش والمنكرات، والتنزُّه عن سائر المحظورات، ومراقبة الله (تقدَّس ذكره) في الملإ والخلوات، وتشغُّل القلوب وإتعاب الأنفس والأبدان في حيازة القربات، قد تفرَّقت كلمها(3)، وتشعَّبت مذاهبها، واستهانت بفرائض الله (عزَّ وجلَّ)، وحنَّت(4) إلى محارم الله تعالى، فطار بعضها علوًّا، وانخفض بعضها تقصيراً، وشكُّوا جميعاً إلَّا القليل في إمام زمانهم، ووليِّ أمرهم، وحجَّة ربِّهم التي اختارها بعلمه، كما قال (جلَّ وعزَّ): ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ [القَصص: 68] من أمرهم، للمحنة الواقعة بهذه الغيبة التي سبق من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذكرها، وتقدَّم من أمير المؤمنين (عليه السلام) خبرها، ونطق في المأثور من خُطَبه والمرويِّ عنه من كلامه وحديثه، بالتحذير من فتنتها، وحمل أهل العلم والرواية عن الأئمَّة من ولده (عليهم السلام) واحداً بعد واحد أخبارها، حتَّى ما منهم أحدٌ إلَّا وقد قدَّم القول فيها، وحقَّق كونها، ووصف امتحان الله (تبارك وتعالى اسمه) خلقه بها بما أوجبته قبائح الأفعال ومساوي الأعمال، والشحُّ المطاع، والعاجل الفاني المؤثَرى.
ص: 14
على الدائم الباقي، والشهوات المتَّبعة، والحقوق المضيَّعة التي اكتسبت سخط الله (عزَّ وتقدَّس)، فلم يزل الشكُّ والارتياب قادحين في قلوبهم - كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلامه لكميل بن زياد في صفة طالبي العلم وحملته: «أَوْ مُنْقَاداً لِأَهْلِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ، يَنْقَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ(1) لِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ»(2)،(3) -، حتَّى أدَّاهم ذلك إلى التيه والحيرة والعمى والضلالة، ولم يبقَ منهم إلَّا القليل النُّزُر الذين ثبتوا على دين الله، وتمسَّكوا بحبل الله، ولم يحيدوا عن صراط الله المستقيم، وتحقَّق فيهم وصف الفرقة الثابتة على الحقِّ التي لا تزعزعها الرياح، ولا يضرُّها الفتن، ولا يغرُّها لمع السراب، ولم تدخل في دين الله بالرجال فتخرج منه بهم.
كما روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنَّه قال: «مَنْ دَخَلَ فِي هَذَا الدِّينِ بِالرِّجَالِ أَخْرَجَهُ مِنْهُ الرِّجَالُ كَمَا أَدْخَلُوهُ فِيهِ، وَمَنْ دَخَلَ فِيهِ بِالْكِتَابِ).
ص: 15
وَالسُّنَّةِ زَالَتِ الْجِبَالُ قَبْلَ أَنْ يَزُولَ»(1)،(2).
ولعمري ما أُتي من تاه وتحيَّر وافتتن وانتقل عن الحقِّ وتعلَّق بمذاهب أهل الزخرف والباطل إلَّا من قلَّة الرواية والعلم وعدم الدراية والفهم، فإنَّهم الأشقياء، لم يهتمُّوا لطلب العلم، ولم يُتعِبوا أنفسهم في اقتنائه وروايته من معادنه الصافية، على أنَّهم لو رووا ثمّ لم يدروا لكانوا بمنزلة من لم يروِ، وقد قال جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام): «اعْرِفُوا مَنَازِلَ شِيعَتِنَا عِنْدَنَا عَلَى قَدْرِ رِوَايَتِهِمْ عَنَّا وَفَهْمِهِمْ مِنَّا»(3)، فإنَّ الرواية تحتاج إلى الدراية، و«خبر تدريه خير من ألف خبر ترويه»(4).
وأكثر من دخل في هذه المذاهب إنَّما دخله على أحوال:
فمنهم من دخله بغير رويَّة ولا علم، فلمَّا اعترضه يسير الشبهة تاه.
ومنهم من أراده طلباً للدنيا وحطامها(5)، فلمَّا أماله الغواة والدنياويُّون إليها مال مؤثِراً لها على الدِّين، مغترًّا مع ذلك بزخرف القول غروراً من).
ص: 16
الشياطين الذين وصفهم الله (عزَّ وجلَّ) في كتابه فقال: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً﴾ [الأنعام: 112]، والمغترُّ به فهو كصاحب السراب(1) الذي ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً﴾ يلمعه عند ظمائه لمعة ماء، ف-﴿إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً﴾ [النور: 39] كما قال الله (عزَّ وجلَّ).
ومنهم من تحلَّى بهذا الأمر للرياء، والتحسُّن بظاهره، وطلباً للرئاسة، وشهوة لها، وشغفاً بها(2)، من غير اعتقاد للحقِّ، ولا إخلاص فيه، فسلب الله جماله، وغيَّر حاله، وأعدَّ له نكاله.
ومنهم من دان به على ضعف من إيمانه، ووهن من نفسه بصحَّة ما نطق به منه، فلمَّا وقعت هذه المحنة التي آذننا أولياء الله (صلَّى الله عليهم) بها مذ ثلاثمائة سنة تحيَّر ووقف، كما قال الله (عزَّ وجلَّ من قائل): ﴿كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [البقرة: 17]، وكما قال: ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ [البقرة: 20].
ووجدنا الرواية قد أتت عن الصادقين (عليهم السلام) بما أمروا به مَنْ وهب الله (عزَّ وجلَّ) له حظًّا من العلم، وأوصله منه إلى ما لم يوصل إليه غيره من تبيين ما اشتبه على إخوانهم في الدِّين، وإرشادهم في الحيرة إلى سواء السبيل، وإخراجهم عن منزلة الشكِّ إلى نور اليقين.
فقصدت القربة إلى الله (عزَّ وجلَّ) بذكر ما جاء عن الأئمَّة الصادقين الطاهرين (عليهم السلام) من لدن أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى آخر من روي عنه منهم في هذه).
ص: 17
الغيبة التي عمي عن حقِّيَّتها(1) ونورها مَنْ أبعده الله عن العلم بها، والهداية إلى ما أُوتي عنهم (عليهم السلام) فيها ما يُصحِّح لأهل الحقِّ حقيقة ما رووه ودانوا به، وتُؤكِّد حجَّتهم(2) بوقوعها، ويُصدَّق ما آذنوا به منها.
وإذا تأمَّل من وهب الله تعالى له حسن الصورة، وفتح مسامع قلبه، ومنحه(3) جودة(4) القريحة(5)، وأتحفه بالفهم وصحَّة الرواية بما جاء عن الهداة الطاهرين (صلوات الله عليهم) على قديم الأيَّام وحديثها من الروايات المتَّصلة فيها، الموجبة لحدوثها، المقتضية لكونها ممَّا قد أوردناه في هذا الكتاب حديثاً حديثاً، وروي فيه، وفكَّر فكراً منعماً(6)، ولم يجعل قراءته ونظره فيه صفحاً دون شافي التأمُّل، ولم يطمح ببصره عن حديث منها يشبه ما تقدَّمه دون إمعان النظر فيه والتبيين له، ولما يحوي من زيادة المعاني بلفظه من كلام الإمام (عليه السلام) بحسب ما حمله واحدٌ من الرواة عنه، علم(7) أنَّ هذه الغيبة لو لم تكن ولم تحدث مع ذلك ومع ما روي على مرِّ الدهور فيها، لكان مذهب الإمامة باطلاً، لكنَّ الله تباركخ.
ص: 18
وتعالى صدَّق إنذار الأئمَّة (عليهم السلام) بها، وصحَّح قولهم فيها في عصر بعد عصر، وألزم الشيعة التسليم والتصديق والتمسُّك بما هم عليه، وقوَّى اليقين في قلوبهم بصحَّة ما نقلوه، وقد حذَّر أولياء الله (صلوات الله عليهم) شيعتهم من أنْ تميل بهم الأهواء، أو تزيغ بهم [و]بقلوبهم الفتن واللأواء في أيَّامها، ووصفوا ما يشمل الله تعالى خلقه به من الابتلاء عند وقوعها بتراخي مدَّتها، وطول الأمد فيها، ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ [الأنفال: 42].
فإنَّه روي عنهم (عليهم السلام) مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيُّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [الحديد: 16]، فِي أَهْلِ زَمَانِ الْغِيبَةِ، ثُمَّ قَالَ (عزَّ وجلَّ): ﴿[اعْلَمُوا] أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الحديد: 17]»، وَقَالَ: «إِنَّمَا الْأَمَدُ أَمَدُ الْغِيبَةِ».
فإنَّه أراد (عزَّ وجلَّ): يا أُمَّة محمّد، أو يا معشر الشيعة، لا تكونوا كالذين أُوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد، فتأويل هذه الآية جاء في أهل زمان الغيبة وأيَّامها دون غيرهم من أهل الأزمنة، وإنَّ الله تعالى نهى الشيعة عن الشكِّ في حجَّة الله تعالى، أو أنْ يظنُّوا أنَّ الله تعالى يخلي أرضه منها طرفة عين، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلامه لكميل بن زياد: «بَلَى اللَّهُمَّ لَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ حُجَّةٍ لله، إِمَّا ظَاهِرٍ مَعْلُومٍ، أَوْ(1) خَائِفٍ مَغْمُورٍ، لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ الله وَبَيِّنَاتُهُ»(2)، وحذَّرهمر.
ص: 19
من أنْ يشكُّوا أو يرتابوا، فيطول عليهم الأمد فتقسوا قلوبهم.
ثمّ قال (عليه السلام)(1): «أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ لِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ أَيْ يُحْيِيهَا اللهُ بِعَدْلِ الْقَائِمِ عِنْدَ ظُهُورِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِجَوْرِ أَئِمَّةِ الضَّلَالِ».
وتأويل كلِّ آية منها مصدِّق للآخر، وعلى أنَّ قولهم (صلوات الله عليهم) لابدَّ أنْ يصحَّ في شذوذ من يشذُّ، وفتنة من يفتتن، ونكوص من ينكص على عقبيه من الشيعة بالبلبلة(2) والتمحيص(3) والغربلة التي قد أوردنا ما ذكروه (عليهم السلام) منه بأسانيد في باب ما يلحق الشيعة من التمحيص والتفرُّق والفتنة، إلَّا أنَّا نذكر في هذا الموضع حديثاً أو حديثين من جملة ما أوردنا في ذلك الباب، لئلَّا يُنكِر منكر ما حدث من هذه الفِرَق العاملة بالأهواء، المؤثِرة للدنيا.
وَهُوَ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ - وهذا الرجل ممَّن لا يُطعَن عليه في الثقة، ولا في العلم بالحديث والرجال الناقلين له(4) -، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ(5) مِنْ تَيْمِ الله، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخَوَايَ أَحْمَدُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَاخ.
ص: 20
الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) لِشِيعَتِهِ: «كُونُوا فِي النَّاسِ كَالنَّحْلِ فِي الطَّيْرِ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا، وَلَوْ يَعْلَمُ مَا فِي أَجْوَافِهَا لَمْ يَفْعَلْ بِهَا كَمَا يَفْعَلُ(1). خَالِطُوا النَّاسَ بِأَبْدَانِكُمْ، وَزَايِلُوهُمْ بِقُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ(2)، فَإِنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا اكْتَسَبَ، وَهُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ مَنْ أَحَبَّ، أَمَا إِنَّكُمْ لَنْ تَرَوْا مَا تُحِبُّونَ وَمَا تَأْمُلُونَ - يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ - حَتَّى يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يُسَمِّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَحَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ وَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ(3)، وَهُوَ أَقَلُّ الزَّادِ(4).
وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلاً، وَهُوَ كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَ لَهُ طَعَامٌ قَدْ ذَرَاهُ(5) وَغَرْبَلَهُ وَنَقَّاهُ وَجَعَلَهُ فِي بَيْتٍ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ مَا شَاءَ الله، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ عَنْهُ فَإِذَا السُّوسُ(6) قَدْ وَقَعَ فِيهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَذَرَاهُ، ثُمَّ جَعَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ عَنْهُ فَإِذَا السُّوسُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ، [وَأَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَذَرَاهُ، ثُمَّ جَعَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ بَعْدَ حِينٍ فَوَجَدَهُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ]، فَفَعَلَ بِهِ كَمَا فَعَلَ مِرَاراً حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ رِزْمَةٌ كَرِزْمَةِ).
ص: 21
الْأَنْدَرِ(1) [الَّذِي] لَا يَضُرُّهُ السُّوسُ شَيْئاً، وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ تُمَحِّصُكُمُ الْفِتَنُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا عِصَابَةٌ لَا تَضُرُّهَا الْفِتَنُ شَيْئاً(2)»(3)،(4).
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «وَالله لَتُمَحَّصُنَّ، وَالله لَتَطِيرُنَّ يَمِيناً وَشِمَالاً حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا كُلُّ امْرِئٍ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ، وَكَتَبَ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ، وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ».
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُمْ (عليهم السلام): «حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ إِلَّا الْأَنْدَرُ فَالْأَنْدَرُ».
وهذه العصابة التي تبقى على هذا الأمر وتثبت وتقيم على الحقِّ هي التي أُمِرَت بالصبر في حال الغيبة.
فمن ذلك مَا أَخْبَرَنَا بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ الْعَبَّاسِيِّ(5)، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ
ص: 22
مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليه السلام) فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ [آل عمران: 200]، قَالَ: «اصْبِرُوا عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَصَابِرُوا عَدُوَّكُمْ، وَرَابِطُوا إِمَامَكُمُ المُنْتَظَرَ»(1).
وهذه العصابة القليلة هي التي قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لها: «لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ مَنْ يَسْلُكُهُ»(2)، فِيمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الله المُحَمَّدِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَرْحَبِيُّ - وَيُعْرَفُ بِشَعِرٍ -، قَالَ: حَدَّثَنَا مُخَوَّلٌ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا أَنْفُ الْإِيمَانِ، أَنَا أَنْفُ الْهُدَى وَعَيْنَاهُ.
أَيُّهَا النَّاسُ، لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ مَنْ يَسْلُكُهُ، إِنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَى مَائِدَةٍ قَلِيلٍ شِبَعُهَا، كَثِيرٍ جُوعُهَا، وَاللهُ المُسْتَعانُ، وَإِنَّمَا يَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَا وَالْغَضَبُ.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ صَالِحٍ وَاحِدٌ فَأَصَابَهُمُ اللهُ بِعَذَابِهِ بِالرِّضَا لِفِعْلِهِ(3)،).
ص: 23
وَآيَةُ ذَلِكَ قَوْلُهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعاطَى فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: 29 و30]، وَقَالَ: ﴿فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا﴾ [الشمس: 14 و15]، أَلَا وَمَنْ سُئِلَ عَنْ قَاتِلِي فَزَعَمَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَدْ قَتَلَنِي.
أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ وَرَدَ المَاءَ، وَمَنْ حَادَ عَنْهُ وَقَعَ فِي التِّيهِ» ثُمَّ نَزَلَ.
وَرَوَاهُ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ نُوحٍ، عَنِ ابْنِ عُلَيْمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، وَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهِ»(1).
وفي قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ وَرَدَ المَاءَ، وَمَنْ حَادَ عَنْهُ وَقَعَ فِي التَّيْهِ(2)» بيان شافٍ لمن تأمَّله، ودليل على التمسُّك بنظام الأئمَّة(3)، وتحذير).
ص: 24
من الوقوع في التيه بالعدول عنها والانقطاع عن سبيلها، ومن الشذوذ يميناً وشمالاً، والإصغاء إلى ما يزخرفه المفترون المفتونون في دينهم من القول الذي هو كالهباء المنثور، وكالسراب المضمحلِّ، كما قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ [العنكبوت: 2 و3].
وَكَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَجِدَالَ كُلِّ مَفْتُونٍ فَإِنَّهُ مُلَقَّنٌ حُجَّتَهُ(1) إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ أَلْهَبَتْهُ(2) خَطِيئَتُهُ وَأَحْرَقَتْهُ(3)»(4).
أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْغِفَارِيِّ(5)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.).
ص: 25
وقد جمعت في هذا الكتاب ما وفَّق الله جمعه من الأحاديث التي رواها الشيوخ عن أمير المؤمنين والأئمَّة الصادقين (عليهم السلام) في الغيبة وغيرها ممَّا سبيله أنْ ينضاف إلى ما روي فيها بحسب ما حضر في الوقت، إذ لم يحضرني جميع ما رويته في ذلك لبعده عنِّي وأنَّ حفظي لم يشمل عليه، والذي رواه الناس من ذلك أكثر وأعظم ممَّا رويته، ويصغر ويقلُّ عنه ما عندي، وجعلته أبواباً صدَّرتها بذكر ما روي في صون سرِّ آل محمّد (عليهم السلام) عمَّن ليس من أهله، والتأدُّب بآداب أولياء الله في ستر ما أمروا بستره عن أعداء الدِّين والنُّصَّاب المخالفين وسائر الفِرَق من المبتدعين والشاكِّين والمعتزلة الدافعين لفضل أمير المؤمنين (صلوات الله عليه وآله أجمعين)، المجيزين تقديم المأموم على الإمام، والناقص على التامِّ، خلافاً على الله (عزَّ وجلَّ) حيث يقول: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس: 35]، وإعجاباً بآرائهم المضلَّة وقلوبهم العميَّة، كما قال الله (جلَّ من قائل): ﴿فَإِنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحجّ: 46]، وكما قال تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ [الكهف: 103 و104]، الجاحدين فضل الأئمَّة الطاهرين وإمامتهم (عليهم السلام) المحلول في صدورهم لشقائهم ما قد تمكَّن فيها من العناد لهم بعد وجوب الحجَّة عليهم من الله بقوله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، ومن رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بقوله في عترته: إنَّهم الهداة وسفينة النجاة، وإنَّهم أحد الثقلين اللذين أعلمنا تخليفه إيَّاهما علينا والتمسُّك بهما بقوله: «إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ الله، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الله، طَرَفٌ بِيَدِ الله، وَطَرَفٌ بِأَيْدِيكُمْ، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ
ص: 26
لَنْ تَضِلُّوا»(1).
خذلاناً من الله شملهم به استخفافهم ذلك وبما كسبت أيديهم، وبإيثارهم العمى على الهدى، كما قال (عزَّ وجلَّ): ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فُصِّلت: 17]، وكما قال: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ [الجاثية: 23]، يريد (عزَّ وجلَّ) على علم لعناده للحقِّ(2)، واسترخائه إيَّاه، وردِّه له، واستمرائه الباطل، وحلوله في قلبه وقبوله له، و﴿اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ [يونس: 44]، وهم المعاندون لشيعة الحقِّ، ومحبِّي أهل الصدق، والمنكرون لما رواه الثقات من المؤمنين عن أهل بيت رسول الله (صلَّى الله عليه وعليهم)، الرادُّون العائبون لهم بجهلهم وشقوتهم، القائلون بما رواه أعداؤهم، العاملون به، الجاعلون أئمَّتهم أهواءهم وعقولهم وآراءهم دون مَن اختاره الله بعلمه، حيث يقول: ﴿وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [الدخان: 32]، ونصبه واصطفاه وانتجبه وارتضاه، المؤثِرون الملح الأُجاج على العذب النمير الفرات(3)، فإنَّ صون دين الله وطيَّ علم خيرة الله [سبحانه] عن أعدائهم المستهزئين به أولى ما قُدِّم، وأمرهم بذلك أحقُّ ما امتُثِلَ.
ثمّ ابتدأنا بعد ذلك بذكر حبل الله الذي أمرنا بالاعتصام به وترك التفرُّق عنه بقوله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، وما روي في ذلك.).
ص: 27
وأردفناه بذكر ما روي في الإمامة وأنَّها من الله (عزَّ وجلَّ) وباختياره، كما قال تبارك وتعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ [القَصص: 68] من أمرهم، وأنَّها عهد من الله وأمانة يُؤدِّيها الإمام إلى الذي بعده.
ثمّ ما روي في أنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) اثنا عشر إماماً، وذكر ما يدلُّ عليه من القرآن والتوراة [والإنجيل] من ذلك، بعد نقل ما روي من طريق العامَّة في ذكر الأئمَّة الاثني عشر.
ثمّ ما روي فيمن ادَّعى الإمامة، ومَنْ زعم أنَّه إمام وليس(1) بإمام، وأنَّ كلَّ راية تُرفَع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت.
[ثمّ الحديث المروي من طُرُق العامَّة](2).
ثمّ ما روي فيمن شكَّ في واحد من الأئمَّة (صلَّى الله عليهم)، أو بات ليلة لا يعرف فيها إمامه، أو دان الله بغير إمام منه.
ثمّ ما روي في أنَّ الله تعالى لا يخلي أرضه من حجَّة.
ثمّ ما روي في أنَّه لو لم يبقَ في الأرض إلَّا اثنان لكان أحدهما الحجَّة.
ثمّ ما روي في غيبة الإمام (عليه السلام)، وذكر أمير المؤمنين والأئمَّة (صلوات الله عليهم أجمعين) بعده لها، وإنذارهم بها.
ثمّ ما روي فيما أُمِرَ به الشيعة من الصبر والكفِّ والانتظار في حال الغيبة.
ثمّ ما روي فيما يلحق الشيعة من التمحيص والتفرُّق والتشتُّت عند الغيبة حتَّى لا يبقى على حقيقة الأمر إلَّا الأقلّ.
ثمّ ما روي في الشدَّة التي تكون قبل قيام القائم (عليه السلام).د.
ص: 28
ثمّ ما روي في صفته (عليه السلام) وسيرته.
ثمّ ما نزل من القرآن فيه (عليه السلام).
ثمّ ما روي من العلامات التي تكون قبل ظهوره تدلُّ على قيامه وقرب أمره.
ثمّ ما جاء من المنع في التوقيت والتسمية لصاحب الأمر (عليه السلام).
ثمّ ما جاء في ما يلقى القائم منذ قيامه (عليه السلام) فيبتلي من جاهليَّة الناس.
ثمّ ما جاء في ذكر جيش الغضب وهم أصحاب القائم (عليه السلام)، وعدَّتهم.
ثمّ ما جاء في ذكر السفياني، وأنَّ أمره من المحتوم الكائن قبل قيام القائم (عليه السلام).
ثمّ ما جاء في ذكر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنَّه لا ينشرها بعد يوم الجمل إلَّا القائم (عليه السلام)، وصفتها.
ثمّ ما جاء في ذكر أحوال الشيعة عند خروج القائم (عليه السلام) وقبله وبعده.
ثمّ ما روي في أنَّ القائم (عليه السلام) يستأنف دعاءً جديداً، وأنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ.
ثمّ ما روي في مدَّة ملك القائم (عليه السلام) بعد ظهوره.
ثمّ ما روي في ذكر إسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام)، وبطلان ما يدَّعيه المبطلون الذين هم عن السمع والعلم معزولون.
ثمّ ما روي في أنَّ من عرف إمامه لم يضرّه تقدَّم هذا الأمر أم تأخَّر.
ونحن نسأل الله بوجهه الكريم وشأنه العظيم أنْ يُصلِّي على الصفوة المنتجبة(1) من خلقه، والخيرة من بريَّته، وحبله المتين، وعروته الوثقى التي لا).
ص: 29
انفصام لها، محمّد وآله الطاهرين، وأنْ يُثبِّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأنْ يجعل محيانا ومماتنا وبعثنا على ما أنعم به علينا من دين الحقِّ وموالاة أهله الذين خصَّهم بكرامته، وجعلهم السفراء بينه وبين خلقه، والحجَّة على بريَّته، وأنْ يُوفِّقنا للتسليم لهم والعمل بما أمروا به، والانتهاء عمَّا نهوا عنه، ولا يجعلنا من الشاكِّين في شيء من قولهم، ولا المرتابين بصدقهم، وأنْ يجعلنا من أنصار دينه مع وليِّه، والصادقين في جهاد عدوِّه حتَّى يجعلنا بذلك معهم، ويكرمنا بمجاورتهم في جنَّات النعيم، ولا يُفرِّق بيننا وبينهم طرفة عين أبداً، ولا أقلَّ من ذلك ولا أكثر، إنَّه جواد كريم.
* * *
ص: 30
باب (1): ما روي في صون سرِّ آل محمّد (عليهم السلام) عمَّن ليس من أهله، والنهي عن إذاعته(1) لهم واطِّلاعهم
ص: 31
ص: 32
[1/1] أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَبَلَةَ، عَنْ سَلَّامِ بْنِ أَبِي عُمَيْرَةِ(2)، عَنْ مَعْرُوفِ اِبْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ(3)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام):).
ص: 33
«أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَأَمْسِكُوا عَمَّا يُنْكِرُونَ»(1).
[2/2] وَحَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَاوَرِيُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ المُقْرِئُ السَّقَطِيُّ بِوَاسِطٍ(3)، قَالَ: حَدَّثَنِي خَلَفٌ الْبَزَّازُ(4)، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ(5)، عَنْ حُمَيْدٍ(6) الطَّوِيلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «لَا تُحَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللهُ وَرَسُولُهُ؟».
[3/3] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ(7) بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِف.
ص: 34
الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليه السلام): «يَا عَبْدَ الْأَعْلَى، إِنَّ احْتِمَالَ أَمْرِنَا لَيْسَ مَعْرِفَتَهُ وَقَبُولَهُ، إِنَّ احْتِمَالَ أَمْرِنَا هُوَ صَوْنُهُ وَسَتْرُهُ عَمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ الله - يَعْنِي الشِّيعَةَ -، وَقُلْ: قَالَ لَكُمْ: رَحِمَ اللهُ عَبْداً اسْتَجَرَّ مَوَدَّةَ النَّاسِ إِلَى نَفْسِهِ وَإِلَيْنَا بِأَنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مَا يَعْرِفُونَ، وَيَكُفَّ عَنْهُمْ مَا يُنْكِرُونَ».
ثُمَّ قَالَ: «مَا النَّاصِبُ لَنَا حَرْباً بِأَشَدَّ مَئُونَةً مِنَ النَّاطِقِ عَلَيْنَا بِمَا نَكْرَهُهُ».
[4/4] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ(1) اِبْنُ عَبْدِ الله مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ(2) وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ اِبْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ مَعْرِفَةَ وَلَايَتِهُ فَقَطْ حَتَّى تَسْتُرَهُ عَمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، وَبِحَسْبِكُمْ(3) أَنْ تَقُولُوا مَا قُلْنَا، وَتَصْمُتُوا عَمَّا صَمَتْنَا، فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ مَا نَقُولُ وَسَلَّمْتُمْ لَنَا فِيمَا سَكَتْنَا عَنْهُ فَقَدْ آمَنْتُمْ بِمِثْلِ مَا آمَنَّا بِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ [البقرة: 137]، قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام): حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَلَا تُحَمِّلُوهُمْ مَا لَا يُطِيقُونَ فَتَغُرُّونَهُمْ بِنَا».
[5/5] وَأَخْبَرَنَا(4) عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ المَوْصِلِيُّ(5)، قَالَ:).
ص: 35
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام): «إِنَّ احْتِمَالَ أَمْرِنَا لَيْسَ هُوَ التَّصْدِيقَ بِهِ وَالْقَبُولَ لَهُ فَقَطْ، إِنَّ مِنِ احْتِمَالِ أَمْرِنَا سَتْرَهُ وَصِيَانَتَهُ عَنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، فَأَقْرِئْهُمُ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ الله - يَعْنِي الشِّيعَةَ -، وَقُلْ لَهُمْ: يَقُولُ لَكُمْ: رَحِمَ اللهُ عَبْداً اسْتَجَرَّ(2) مَوَدَّةَ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِلَى نَفْسِهِ، يُحَدِّثُهُمْ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَيَسْتُرُ عَنْهُمْ مَا يُنْكِرُونَ».
ثُمَّ قَالَ لِي: «وَالله مَا النَّاصِبَةُ لَنَا حَرْباً أَشَدَّ مَئُونَةً عَلَيْنَا مِنَ النَّاطِقِ عَلَيْنَا بِمَا نَكْرَهُهُ...» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ(3).
[6/6] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحَسَنِيِّ(5)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي).
ص: 36
حَمْزَةَ الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْخَزَّازِ(1)، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «مَنْ أَذَاعَ عَلَيْنَا حَدِيثَنَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَحَدَنَا حَقَّنَا»(2)،(3).
[7/7] وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ السَّرِيِّ(4)، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «إِنِّي لَأُحَدِّثُ الرَّجُلَ الْحَدِيثَ فَيَنْطَلِقُ فَيُحَدِّثُ بِهِ عَنِّي كَمَا سَمِعَهُ فَأَسْتَحِلُّ بِهِ لَعْنَهُ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ»(5).
يريد (عليه السلام) بذلك أنْ يُحدِّث به مَنْ لا يحتمله ولا يصلح أنْ يسمعه.
ويدلُّ قوله على أنَّه (عليه السلام) يريد أنْ يطوي من الحديث ما شأنه أنْ يُطوى ولا يظهر.).
ص: 37
[8/8] وَبِهِ(1)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ الصَّيْرَفِيِّ(2)، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ(3)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام)(4) يَقُولُ: «قَوْمٌ يَزْعُمُونَ أَنِّي إِمَامُهُمْ، وَالله مَا أَنَا لَهُمْ بِإِمَامٍ، لَعَنَهُمُ اللهُ كُلَّمَا سَتَرْتُ سِتْراً هَتَكُوهُ، أَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُونَ: إِنَّمَا يَعْنِي كَذَا وَكَذَا، إِنَّمَا أَنَا إِمَامُ مَنْ أَطَاعَنِي»(5).
[9/9] وَبِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ كَرَّامٍ الْخَثْعَمِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «أَمَا وَالله لَوْ كَانَتْ عَلَى أَفْوَاهِكُمْ أَوْكِيَةٌ(6) لَحَدَّثْتُ كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ بِمَا لَهُ، وَالله لَوْ وَجَدْتُ أَتْقِيَاءَ لَتَكَلَّمْتُ، وَاللهُ المُسْتَعانُ»(7).
يريد ب-(أتقياء) أي من يستعمل التقيَّة.
[10/10] وَبِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ(8)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «سِرٌّ أَسَرَّهُ اللهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ، وَأَسَرَّهُ جَبْرَئِيلُ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَأَسَرَّهُ مُحَمَّدٌ إِلَى عَلِيٍّ، وَأَسَرَّهُ عَلِيٌّ إِلَى مَنْ شَاءَ اللهُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، وَأَنْتُمْ تَتَكَلَّمُونَ بِهِ فِي الطُّرُقِ».).
ص: 38
[11/11] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ الْعَلَاءِ المَذَارِيُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ شُيُوخِنَا، قَالَ: قَالَ المُفَضَّلُ: أَخَذْتُ بِيَدِكَ كَمَا أَخَذَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) بِيَدِي، وَقَالَ لِي: «يَا مُفَضَّلُ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَيْسَ بِالْقَوْلِ فَقَطْ، لَا وَالله حَتَّى يَصُونَهُ كَمَا صَانَهُ اللهُ، وَيُشَرِّفَهُ كَمَا شَرَّفَهُ اللهُ، وَيُؤَدِّيَ حَقَّهُ كَمَا أَمَرَ اللهُ»(4).
[12/12] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بِإِسْنَادِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ نَسِيبٍ فُرْعَانَ(5)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَيَّامَ قَتْلِ المُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ).
ص: 39
مَوْلَاهُ، فَقَالَ لِي: «يَا حَفْصُ، حَدَّثْتُ المُعَلَّى بِأَشْيَاءَ فَأَذَاعَهَا فَابْتُلِيَ بِالْحَدِيدِ، إِنِّي قُلْتُ لَهُ: إِنَّ لَنَا حَدِيثاً مَنْ حَفِظَهُ عَلَيْنَا حَفِظَهُ اللهُ وَحَفِظَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ، وَمَنْ أَذَاعَهُ عَلَيْنَا سَلَبَهُ اللهُ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ. يَا مُعَلَّى، إِنَّهُ مَنْ كَتَمَ الصَّعْبَ مِنْ حَدِيثِنَا جَعَلَهُ اللهُ نُوراً بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَرَزَقَهُ الْعِزَّ فِي النَّاسِ(1)، وَمَنْ أَذَاعَ الصَّعْبَ مِنْ حَدِيثِنَا لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعَضَّهُ السِّلَاحُ، أَوْ يَمُوتَ مُتَحَيِّراً(2)»(3).
* * *).
ص: 40
باب (2): في ذكر حبل الله الذي أمرنا بالاعتصام به وترك التفرُّق عنه بقوله (1): ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾
ص: 41
ص: 42
[13/1] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ المُعَمَّرِ الطَّبَرَانِيُّ بِطَبَرِيَّةَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ - وكان هذا الرجل من موالي يزيد بن معاوية، ومن النُّصَّاب(1) -، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ(2) وَالْحُسَيْنُ بْنُ السَّكَنِ(3) مَعاً، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ(4)، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي(5)، عَنْ مِينَا مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: وَفَدَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَهْلُ الْيَمَنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «جَاءَكُمُ أَهْلُ الْيَمَنِ يَبُسُّونَ بَسِيساً(6)».).
ص: 43
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «قَوْمٌ رَقِيقَةٌ قُلُوبُهُمْ، رَاسِخٌ إِيمَانُهُمْ، وَمِنْهُمُ المَنْصُورُ(1)، يَخْرُجُ فِي سَبْعِينَ أَلْفاً يَنْصُرُ خَلَفِي وَخَلَفَ وَصِيِّي، حَمَائِلُ سُيُوفِهِمْ الْمِسْكُ(2)».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَنْ وَصِيُّكَ؟
فَقَالَ: «هُوَ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللهُ بِالْاِعْتِصَامِ بِهِ، فَقَالَ (جلَّ وعزَّ): ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، بَيِّنْ لَنَا مَا هَذَا الْحَبْلُ.
فَقَالَ: «هُوَ قَوْلُ الله: ﴿إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ الله وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾ [آل عمران: 112]، فَالْحَبْلُ مِنَ الله كِتَابُهُ، وَالْحَبْلُ مِنَ النَّاسِ وَصِيِّي».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، مَنْ وَصِيُّكَ؟
فَقَالَ: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ(3) اللهُ فِيهِ: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ الله(4)﴾ [الزمر: 56]».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا جَنْبُ الله هَذَا؟).
ص: 44
فَقَالَ: «هُوَ الَّذِي يَقُولُ اللهُ فِيهِ: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ(1) الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً﴾ [الفرقان: 27]، هُوَ وَصِيِّي، وَالسَّبِيلُ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِي».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، بِالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا أَرِنَاهُ فَقَدِ اشْتَقْنَا إِلَيْهِ.
فَقَالَ: «هُوَ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ المُتَوَسِّمِينَ، فَإِنْ نَظَرْتُمْ إِلَيْهِ نَظَرَ مَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ عَرَفْتُمْ أَنَّهُ وَصِيِّي كَمَا عَرَفْتُمْ أَنِّي نَبِيُّكُمْ، فَتَخَلَّلُوا الصُّفُوفَ وَتَصَفَّحُوا الْوُجُوهَ، فَمَنْ أَهْوَتْ إِلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِنَّهُ هُوَ، لِأَنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم: 37]، أَيْ إِلَيْهِ وَإِلَى ذُرِّيَّتِهِ (عليهم السلام)».
ثُمَّ قَالَ: فَقَامَ أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ فِي الْأَشْعَرِيِّينَ، وَأَبُو غِرَّةَ الْخَوْلَانِيُّ فِي الْخَوْلَانِيِّينَ، وَظَبْيَانُ، وَعُثْمَانُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَنِي قَيْسٍ، وَعُرَنَةُ(2) الدَّوْسِيُّ فِي الدَّوْسِيِّينَ، وَلَاحِقُ بْنُ عِلَاقَةَ، فَتَخَلَّلُوا الصُّفُوفَ، وَتَصَفَّحُوا الْوُجُوهَ، وَأَخَذُوا بِيَدِ الْأَنْزَعِ الْأَصْلَعِ الْبَطِينِ، وَقَالُوا: إِلَى هَذَا أَهْوَتْ أَفْئِدَتُنَا، يَا رَسُولَ الله.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «أَنْتُمْ نَجَبَةُ الله حِينَ عَرَفْتُمْ(3) وَصِيَّ رَسُولِ الله قَبْلَ أَنْ تُعَرَّفُوهُ، فَبِمَ عَرَفْتُمْ أَنَّهُ هُوَ؟».
فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ الله، نَظَرْنَا إِلَى الْقَوْمِ فَلَمْ تَحِنَّ(4)).
ص: 45
لَهُمْ قُلُوبُنَا، وَلَ-مَّا رَأَيْنَاهُ رَجَفَتْ قُلُوبُنَا(1)، ثُمَّ اطْمَأَنَّتْ نُفُوسُنَا، وَانْجَاشَتْ(2) أَكْبَادُنَا، وَهَمَلَتْ(3) أَعْيُنُنَا، وَانْثَلَجَتْ(4) صُدُورُنَا، حَتَّى كَأَنَّهُ لَنَا أَبٌ وَنَحْنُ لَهُ بَنُونَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: 7]، أَنْتُمْ مِنْهُمْ(5) بِالمَنْزِلَةِ الَّتِي سَبَقَتْ لَكُمْ بِهَا الْحُسْنَى، وَأَنْتُمْ عَنِ النَّارِ مُبْعَدُونَ».
قَالَ: فَبَقِيَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ المُسَمَّوْنَ حَتَّى شَهِدُوا مَعَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) الْجَمَلَ وَصِفِّينَ، فَقُتِلُوا بِصِفِّينَ (رحمهم الله)، وَكَانَ النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بَشَّرَهُمْ بِالْجَنَّةِ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ يَسْتَشْهِدُونَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام).
[14/2] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ(6)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ).
ص: 46
الْحِمْيَرِيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام): «كَانَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَسْأَلُ عَمَّا يَعْنِيهِ.
فَطَلَعَ رَجُلٌ طُوَالٌ يُشْبِهُ بِرِجَالِ مُضَرَ، فَتَقَدَّمَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَجَلَسَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ (عزَّ وجلَّ) يَقُولُ فِيمَا أَنْزَلَ: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، فَمَا هَذَا الْحَبْلُ الَّذِي أَمَرَنَا اللهُ بِالْاِعْتِصَامِ بِهِ، وَأَنْ لَا نَتَفَرَّقَ عَنْهُ؟
فَأَطْرَقَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مَلِيًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام)، وَقَالَ: هَذَا حَبْلُ الله الَّذِي مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ عُصِمَ بِهِ فِي دُنْيَاهُ، وَلَمْ يَضِلَّ بِهِ فِي آخِرَتِهِ.
فَوَثَبَ الرَّجُلُ إِلَى عَلِيٍّ (عليه السلام) فَاحْتَضَنَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: اعْتَصَمْتُ بِحَبْلِ الله وَحَبْلِ رَسُولِهِ، ثُمَّ قَامَ فَوَلَّى وَخَرَجَ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَلْحَقُهُ فَأَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِي؟
فَقَالَ رَسُولُ الله: إِذاً تَجِدُهُ مُوَفَّقاً(2)».
فَقَالَ: «فَلَحِقَهُ الرَّجُلُ فَسَأَلَهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ الله لَهُ، فَقَالَ لَهُ: أَفَهِمْتَ مَا قَالَ لِي رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَمَا قُلْتُ لَهُ؟).
ص: 47
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَإِنْ كُنْتَ مُتَمَسِّكاً بِذَلِكَ الْحَبْلِ يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، وَإِلَّا فَلَا يَغْفِرُ اللهُ لَكَ(1)»(2).
ولو لم يدلّنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على حبل الله الذي أمرنا الله (عزَّ وجلَّ) في كتابه بالاعتصام به وألَّا نتفرَّق عنه لاتَّسع للأعداء المعاندين التأوُّل فيه والعدول بتأويله وصرفه إلى غير من عنى الله به ودلَّ عليه رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عناداً وحسداً، لكنَّه قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في خطبته المشهورة التي خطبها في مسجد الخيف في حجَّة الوداع: «إِنِّي فَرَطُكُمْ(3)، وَإِنَّكُمْ وَارِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، حَوْضاً عَرْضُهُ مَا بَيْنَ بُصْرَى إِلَى صَنْعَاءَ، فِيهِ قِدْحَانٌ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ، أَلَا وَإِنِّي مُخْلِفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: الثَّقَلُ الْأَكْبَرُ الْقُرْآنُ، وَالثَّقَلُ الْأَصْغَرُ عِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي، هُمَا حَبْلُ الله مَمْدُودٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الله (عزَّ وجلَّ)، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا، سَبَبٌ مِنْهُ بِيَدِ الله، وَسَبَبٌ بِأَيْدِيكُمْ(4).
إِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ نَبَّأَنِي أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ كَإِصْبَعَيَّ هَاتَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتَيْهِ -، وَلَا أَقُولُ: كَهَاتَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ سَبَّابَتِهِ وَالْوُسْطَى - فَتَفْضُلَ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ».
أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ المَوْصِلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ،).
ص: 48
عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ، عَنْ عَلِيٍّ (عليهم السلام)، قَالَ: «خَطَبَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)...» وَذَكَرَ الْخُطْبَةَ بِطُولِهَا، وَفِيهَا هَذَا الْكَلَامُ.
وَأَخْبَرَنَا(1) عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، بِمِثْلِهِ.
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحَسَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليهما السلام)، بِمِثْلِهِ.
فإنَّ القرآن مع العترة والعترة مع القرآن، وهما حبل الله المتين لا يفترقان كما قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وفي ذلك دليلٌ لمن فتح الله مسامع قلبه ومنحه حسن البصيرة في دينه على أنَّ من التمس علم القرآن، والتأويل والتنزيل، والمحكم والمتشابه، والحلال والحرام، والخاصَّ والعامَّ من عند غير من فرض الله طاعتهم، وجعلهم ولاة الأمر من بعد نبيِّه، وقرنهم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأمر الله بالقرآن وقرن القرآن بهم دون غيرهم، واستودعهم الله علمه وشرائعه وفرائضه وسُنَنه، فقد تاه وضلَّ وهلك وأهلك.
والعترة (عليهم السلام) هم الذين ضرب بهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مثلاً لأُمَّته، فَقَالَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُمْ كَمِثْلِ سَفِينَةِ نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ»(2).ن.
ص: 49
وَقَالَ: «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُمْ كَمَثَلِ بَابِ حِطَّةٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَاسْتَحَقَّ الرَّحْمَةَ والزِّيَادَةَ مِنْ خَالِقِهِ»، كما قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 58].
وقال أمير المؤمنين وأصدق الصادقين (عليه السلام) في خطبته المشهورة التي رواها الموافق والمخالف: «أَلَا إِنَّ الْعِلْمَ الَّذِي هَبَطَ بِهِ آدَمُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَجَمِيعَ مَا فُضِّلَتْ بِهِ النَّبِيُّونَ إِلَى خَاتَمِ النَّبِيِّينَ فِي عِتْرَةِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ، فَأَيْنَ يُتَاهُ بِكُمْ، بَلْ أَيْنَ تَذْهَبُونَ يَا مَنْ نُسِخَ مِنْ أَصْلَابِ أَصْحَابِ السَّفِينَةِ هَذَا مَثَلُهَا فِيكُمْ، فَكَمَا نَجَا فِي هَاتِيكَ مَنْ نَجَا فَكَذَلِكَ يَنْجُو مِنْ هَذِهِ مَنْ يَنْجُو، وَيْلٌ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ - يَعْنِي عَنِ الْأَئِمَّةِ (عليهم السلام) -»(1)،(2).).
ص: 50
وَقَالَ: «إِنَّ مَثَلَنَا فِيكُمْ كَمَثَلِ الْكَهْفِ لِأَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَكَبَابِ حِطَّةٍ، وَهُوَ بَابُ السِّلْمِ، فَادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً».
وَقَالَ (عليه السلام) فِي خُطْبَتِهِ هَذِهِ: «وَلَقَدْ عَلِمَ المُسْتَحْفَظُونَ(1) مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي وَأَهْلَ بَيْتِي مُطَهَّرُونَ فَلَا تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَلَا تَخَلَّفُوا عَنْهُمْ فَتَزِلُّوا(2)، وَلَا تُخَالِفُوهُمْ فَتَجْهَلُوا، وَلَا تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، هُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ صِغَاراً، وَأَعْلَمُ النَّاسِ كِبَاراً، فَاتَّبِعُوا الْحَقَّ وَأَهْلَهُ حَيْثُمَا كَانَ، وَزَايِلُوا الْبَاطِلَ وَأَهْلَهُ حَيْثُمَا كَانَ»(3).
فترك الناس من هذه صفتهم، وهذا المدح فيهم، وهذا الندب إليهم، وضربوا عنهم صفحاً(4)، وطووا دونهم كشحاً، واتَّخذوا أمر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هزواً، وجعلوا كلامه لغواً، فرفضوا مَنْ فرض الله تعالى على لسان نبيِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) طاعته ومسألته والاقتباس منه بقوله: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، وقوله: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]، ودلَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على النجاة في التمسُّك به، والعمل بقوله، والتسليم لأمره، والتعليم منه، والاستضاءة بنوره، فادَّعوا(5) ذلك لسواهم، وعدلوا عنهم إلى غيرهم، ورضوا به بدلاً منهم، وقد أبعدهم الله عن العلم،).
ص: 51
وتأوَّل كلٌّ لنفسه هواه، وزعموا أنَّهم استغنوا بعقولهم وقياساتهم وآرائهم عن الأئمَّة (عليهم السلام) الذين نصبهم الله لخلقه هداة، فوكلهم الله (عزَّ وجلَّ) بمخالفتهم أمره، وعدولهم عن اختياره وطاعته، وطاعة مَن اختاره لنفسه، فولَّاهم إلى اختيارهم وآرائهم وعقولهم، فتاهوا وضلُّوا ضلالاً بعيداً، وهلكوا وأهلكوا، وهم عند أنفسهم كما قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً﴾ [الكهف: 103 و104]، حتَّى كأنَّ الناس ما سمعوا قول الله (عزَّ وجلَّ) في كتابه حكايةً لقول الظالمين من هذه الأُمَّة في يوم القيامة عند ندمهم على فعلهم بعترة نبيِّهم وكتاب ربِّهم حيث يقول: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً﴾ [الفرقان: 27 و28]، فمن الرسول إلَّا محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ ومن فلان هذا المكنَّى عن اسمه المذموم وخلَّته ومصاحبته ومرافقته في الاجتماع معه على الظلم؟
ثمّ قال: ﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ [الفرقان: 29]، أي بعد الدخول في الإسلام والإقرار به، فما هذا الذكر الذي أضلَّه خليله عنه بعد إذ جاءه؟ أليس هو القرآن والعترة اللذين وقع التوازر والتظافر على الظلم بهم والنبذ لهما؟ فقد سمَّى الله تعالى رسوله ذكراً فقال: ﴿قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً * رَسُولاً﴾ [الطلاق: 10 و11]، وقال: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، فمن الذكر هاهنا إلَّا الرسول؟ ومن أهل الذكر إلَّا أهل بيته الذين هم محلُّ العلم؟
ثمّ قال (عزَّ وجلَّ): ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً﴾ [الفرقان: 29]، فجعل مصاحبة خليله - الذي أضلَّه عن الذكر في دار الدنيا وخذله في الآخرة ولم تنفعه خلَّته ومصاحبته إيَّاه حين تبرَّأ كلُّ واحدٍ من صاحبه - مصاحبة الشيطان.
ص: 52
ثمّ قال (عزَّ وجلَّ من قائل) حكايةً لما يقوله النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم القيامة عند ذلك: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً﴾ [الفرقان: 30]، أي اتَّخذوا هذا القرآن الذي أمرتهم بالتمسُّك به وبأهل بيتي، وألَّا يتفرَّقوا عنهما مهجوراً.
أليس هذا الخطاب كلُّه والذمُّ بأسره للقوم الذين نُزِّل القرآن على لسان الرسول إليهم، وإلى الخلق ممَّن سواهم، وهم الظالمون من هذه الأُمَّة لعترة نبيِّهم محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، النابذون لكتاب الله، الذين يشهد عليهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم القيامة بأنَّهم نبذوا قوله في التمسُّك بالقرآن والعترة وهجروهما، واتَّبعوا أهواءهم، وآثروا عاجل الأمر والنهي، وزهرة الحياة الدنيا على دينهم شكًّا في محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وما جاء به، وحسداً لأهل بيت نبيِّه (عليهم السلام) لما فضَّلهم الله به؟
أوَليس قد روي عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ما لا يُنكِره أصحاب الحديث ممَّا هو موافق لما أنزله الله تعالى من هذه الآيات قوله: «إِنَّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِي يَخْتَلِجُونَ(1) دُونِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ ذَاتِ الْيَمِينِ إِلَى ذَاتِ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي - وفي بعض الحديث: أَصْحَابِي أَصْحَابِي -، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: بُعْداً بُعْداً، سُحْقاً سُحْقاً(2)»(3)؟
ويُصدِّق ذلك ويشهد به قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ).
ص: 53
قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144]، وفي هذا القول(1) من الله (تبارك اسمه) أدلُّ دليل على أنَّ قوماً ينقلبون بعد مضيِّ النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على أعقابهم، وهم المخالفون أمر الله تعالى وأمر رسوله (عليه وآله السلام)، المفتونون الذين قال فيهم: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، يضاعف الله العذاب والخزي لهم، وأبعد وأسحق مَنْ ظلم آل محمّد (عليهم السلام)، وقطع ما أمر الله به أنْ يوصل فيهم ويدان بهم من مودَّتهم، والاقتداء بهم دون غيرهم، حيث يقول: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ [الشورى: 23]، ويقول: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس: 35].
وليس بين الأُمَّة التي تستحي ولا تباهت(2)، وتزيغ(3) عن الكذب(4) ولا تعاند، خلاف في أنَّ وصيَّ رسول الله أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يرشد الصحابة في كلِّ معضل ومشكل ولا يرشدونه إلى الحقِّ، ويهديهم ولا يهدي سواه، ويُفتقَر إليه ويستغني هو عن كافَّتهم، ويعلم العلم كلَّه ولا يعلمونه.
وقد فُعِلَ بفاطمة بنت رسول الله (صلَّى الله عليه وعليها) ما دعاها إلى الوصيَّة بأنْ تُدفَن ليلاً ولا يُصلِّي عليها أحد من أُمَّة أبيها إلَّا من سمَّته.).
ص: 54
فلو لم يكن في الإسلام مصيبةٌ ولا على أهله عارٌ ولا شنارٌ(1) ولا حجَّة فيه لمخالف لدين الإسلام إلَّا ما لحق فاطمة (عليها السلام) حتَّى مضت(2) غضبى على أُمَّة أبيها، ودعاها ما فُعِلَ بها إلى الوصيَّة بأنْ لا يُصلِّي عليها أحدٌ منهم فضلاً عمَّا سوى ذلك لكان عظيماً فظيعاً منبِّهاً لأهل الغفلة، إلَّا من قد طبع الله على قلبه وأعماه لا يُنكِر ذلك ولا يستعظمه ولا يراه شيئاً، بل يُزكِّي المضطهِد لها(3) إلى هذه الحالة، ويُفضِّله عليها وعلى بعلها وولدها، ويُعظِّم شأنه عليهم، ويرى أنَّ الذي فُعِلَ بها هو الحقُّ، ويعدُّه من محاسنه، وأنَّ الفاعل له بفعله إيَّاه من أفضل الأُمَّة بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وقد قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿فَإِنَّها لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾ [الحجّ: 46].
فالعمى يستمرُّ على أعداء آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وظالميهم والموالين لهم إلى يوم الكشف الذي قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق: 22]، و﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [غافر: 52].
ثمّ أعجب من هذا ادِّعاء هؤلاء الصمّ العمي أنَّه ليس في القرآن علم كلِّه.
ص: 55
شيء من صغير الفرائض وكبيرها، ودقيق الأحكام والسُّنَن وجليلها، وأنَّهم ل-مَّا لم يجدوه فيه احتاجوا إلى القياس والاجتهاد في الرأي والعمل في الحكومة بهما، وافتروا على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الكذب والزور بأنَّه أباحهم الاجتهاد، وأطلق لهم ما ادَّعوه عليه لقوله لمعاذ بن جبل(1)، والله يقول: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: 89]، ويقول: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 38]، ويقول: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 12]، ويقول: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً(2)﴾ [النبأ: 29]، ويقول: قل: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾ [الأنعام: 50]، ويقول: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ﴾ [المائدة: 49]، فمن أنكر أنَّ شيئاً من أُمور الدنيا والآخرة وأحكام الدِّينظ.
ص: 56
وفرائضه وسُنَنه وجميع ما يحتاج إليه أهل الشريعة ليس موجوداً في القرآن الذي قال الله تعالى فيه: ﴿تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ﴾، فهو رادٌّ على الله قوله، ومفتر على الله الكذب، وغير مصدِّق بكتابه.
ولعمري لقد صدقوا عن أنفسهم وأئمَّتهم الذين يقتدون بهم(1) في أنَّهم لا يجدون ذلك في القرآن، لأنَّهم ليسوا من أهله، ولا ممَّن أُوتي علمه، ولا جعل الله ولا رسوله لهم فيه نصيباً، بل خصَّ بالعلم كلِّه أهل بيت الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذين آتاهم العلم، ودلَّ عليهم، الذين أمر بمسألتهم(2)، ليدلُّوا على موضعه من الكتاب الذي هم خزنته(3) وورثته وتراجمته.
ولو امتثلوا أمر الله (عزَّ وجلَّ) في قوله: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ(4)﴾ [النساء: 83]، وفي قوله: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، لأوصلهم الله إلى نور الهدى، وعلَّمهم ما لم يكونوا يعلمون، وأغناهم عن القياس والاجتهاد بالرأي(5)، وسقط الاختلاف الواقع في أحكام الدِّين الذي يدين به العباد، ويجيزونه بينهم، ويدَّعون على النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الكذب أنَّه أطلقه وأجازه، والقرآن يحظره وينهى عنه حيث يقول (جلَّ وعزَّ): ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً﴾ [النساء: 82]، ويقول: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ).
ص: 57
بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّناتُ﴾ [آل عمران: 105]، ويقول: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، وآيات الله في ذمِّ الاختلاف والفرقة أكثر من أنْ تُحصى، والاختلاف والفرقة في الدِّين هو الضلال، ويجيزونه ويدَّعون على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه أطلقه وأجازه افتراءً عليه، وكتاب الله (عزَّ وجلَّ) يحظره وينهى عنه بقوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا﴾.
فأيُّ بيان أوضح من هذا البيان؟ وأيُّ حجَّة للخلق على الله بعد هذا الإيضاح والإرشاد؟ نعوذ بالله من الخذلان، ومن أنْ يَكِلَنا إلى نفوسنا وعقولنا واجتهادنا وآرائنا في ديننا، ونسأله أنْ يُثبِّتنا على ما هدانا له(1)، ودلَّنا عليه، وأرشدنا إليه من دينه، والموالاة لأوليائه، والتمسُّك بهم، والأخذ عنهم، والعمل بما أمروا به، والانتهاء عمَّا نُهُوا عنه، حتَّى نلقاه (عزَّ وجلَّ) على ذلك، غير مبدِّلين ولا شاكِّين، ولا متقدِّمين لهم ولا متأخِّرين عنهم، فإنَّ من تقدَّم عليهم مرَق، ومن تخلَّف عنهم غرَق، ومن خالفهم مُحِقَ، ومن لزمهم لَحِقَ، وكذلك قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
* * *خ.
ص: 58
ص: 59
ص: 60
[15/1] أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مستور الْأَشْجَعِيُّ(1) مِنْ كِتَابِهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الله الْحَلَبِيُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَشْعَثِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) يَقُولُ - وَنَحْنُ عِنْدَهُ فِي الْبَيْتِ نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ رَجُلاً - فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا وَقَالَ: «لَعَلَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي الْإِمَامَةِ إِلَى الرَّجُلِ مِنَّا يَضَعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ، وَالله إِنَّهُ لَعَهْدٌ مِنَ الله نَزَلَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَى رِجَالٍ مُسَمَّيْنَ رَجُلٍ فَرَجُلٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى صَاحِبِهَا»(3)،(4).).
ص: 61
[16/2] وَأَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ اِبْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ جَمِيعاً، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ [النساء: 58]، قَالَ: «هِيَ الْوَصِيَّةُ، يَدْفَعُهَا الرَّجُلُ مِنَّا إِلَى الرَّجُلِ»(1).
[17/3] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ(2)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «الْوَصِيَّةُ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كِتَاباً مَخْتُوماً(3)، وَلَمْ يُنْزَلْ عَلَىة.
ص: 62
رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كِتَابٌ مَخْتُومٌ إِلَّا الْوَصِيَّةُ.
فَقَالَ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام): يَا مُحَمَّدُ، هَذِهِ وَصِيَّتُكَ فِي أُمَّتِكَ إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ(1).
فَقَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أَيُّ أَهْلِ بَيْتِي، يَا جَبْرَئِيلُ؟
فَقَالَ: نَجِيبُ الله مِنْهُمْ وَذُرِّيَّتُهُ(2)، لِيُوَرِّثَكَ عِلْمَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ إِبْرَاهِيمَ(3).
وَكَانَ عَلَيْهَا خَوَاتِيمُ، فَفَتَحَ عَلِيٌّ (عليه السلام) الْخَاتَمَ الْأَوَّلَ وَمَضَى لِمَا أُمِرَ فِيهِ(4)، ثُمَّ فَتَحَ الْحَسَنُ (عليه السلام) الْخَاتَمَ الثَّانِيَ وَمَضَى لِمَا أُمِرَ بِهِ، ثُمَّ فَتَحَ الْحُسَيْنُ (عليه السلام) الْخَاتَمَ الثَّالِثَ فَوَجَدَ فِيهِ: أَنْ قَاتِلْ وَاقْتُلْ وَتُقْتَلُ(5) وَاخْرُجْ بِقَوْمٍ لِلشَّهَادَةِ، لَا شَهَادَةَ لَهُمْ إِلَّا مَعَكَ، فَفَعَلَ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام) وَمَضَى، فَفَتَحَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْخَاتَمَ الرَّابِعَ فَوَجَدَ فِيهِ: أَنْ أَطْرِقْ وَاصْمُتْ لِمَا حُجِبَ الْعِلْمُ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام)، فَفَتَحَ الْخَاتَمَ الْخَامِسَ فَوَجَدَ فِيهِ: أَنْ فَسِّرْ كِتَابَ الله تَعَالَى وَصَدِّقْ أَبَاكَ وَوَرِّثِ ابْنَكَ الْعِلْمَ وَاصْطَنِعِ الْأُمَّةَ، وَقُلِ الْحَقَّ فِي الْخَوْفِ وَالْأَمْنِ، وَلَا تَخْشَ إِلَّا اللهَ، فَفَعَلَ، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ».
فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ كَثِيرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: وَأَنْتَ هُوَ؟).
ص: 63
فَقَالَ: «مَا بِكَ فِي هَذَا إِلَّا أَنْ تَذْهَبَ - يَا مُعَاذُ - فَتَرْوِيَهُ عَنِّي(1)، نَعَمْ أَنَا هُوَ»، حَتَّى عَدَّدَ عَلَيَّ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً، ثُمَّ سَكَتَ، فَقُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟
ص: 64
[18/4] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ).
ص: 65
الْوَلِيدِ(1)، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ(2)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «دَفَعَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَى عَلِيٍّ (عليه السلام) صَحِيفَةً مَخْتُومَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ خَاتَماً، وَقَالَ لَهُ: فُضَّ(3) الْأَوَّلَ وَاعْمَلْ بِهِ، وَادْفَعْ إِلَى الْحَسَنِ (عليه السلام) يَفُضُّ الثَّانِيَ وَيَعْمَلُ بِهِ، وَيَدْفَعُهَا إِلَى الْحُسَيْنِ (عليه السلام) يَفُضُّ الثَّالِثَ وَيَعْمَلُ بِمَا فِيهِ، ثُمَّ إِلَى وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليهم السلام)».
[19/5] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ اِبْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: 58].
قَالَ: «أَمَرَ اللهُ الْإِمَامَ مِنَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْإِمَامَةَ إِلَى الْإِمَامِ بَعْدَهُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزْوِيَهَا عَنْهُ(4)، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾؟ إِنَّهُم(5) الْحُكَّامُ، أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ خَاطَبَ بِهَا الْحُكَّامَ؟»(6).).
ص: 66
[20/6] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ اِبْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «لَا وَالله لَا يَدَعُ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا وَلَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ إِلَى يَوْمِ تَقُومُ السَّاعَةُ».
[21/7] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَلِيِّ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي المُفَضَّلُ بْنُ صَالِحٍ أَبُو جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي [عَبْدِ الله] عَبْدِ الرَّحْمَنِ(1)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «إِنَّ اللهَ (جَلَّ اسْمُهُ) أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى كُلِّ إِمَامٍ عَهْدَهُ وَمَا يَعْمَلُ بِهِ، وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ، فَيَفُضُّهُ وَيَعْمَلُ بِمَا فِيهِ».
وإنَّ في هذا - يا معشر الشيعة - لبلاغاً لقوم عابدين، وبياناً للمؤمنين، ومن أراد الله تعالى به الخير جعله من المصدِّقين المسلِّمين للأئمَّة الهادين بما منحهم الله من كرامته، وخصَّهم به من خيرته، وحباهم(2) به من خلافته على جميع بريَّته دون غيرهم من خلقه، إذ جعل طاعتهم طاعته بقوله (عزَّ وجلَّ): ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]، وقوله: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾ [النساء: 80]، فندب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الخلق إلى الأئمَّة).
ص: 67
من ذرّيَّته الذين أمرهم الله تعالى بطاعتهم، ودلَّهم عليهم، وأرشدهم إليهم، بقوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ الله، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الله، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا».
وقال الله (عزَّ وجلَّ) محثًّا للخلق على طاعته(1)، ومحذِّراً لهم من عصيانه فيما يقوله ويأمر به: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63].
فلمَّا خولف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ونُبِذَ قوله، وعُصِيَ أمره فيهم (عليهم السلام)، واستبدُّوا بالأمر دونهم، وجحدوا حقَّهم، ومنعوا تراثهم، ووقع التمالؤ عليهم(2) بغياً وحسداً وظلماً وعدواناً، حقَّ على المخالفين أمره، والعاصين ذرّيَّته، وعلى التابعين لهم والراضين بفعلهم، ما توعَّدهم الله من الفتنة والعذاب الأليم، فعجَّل لهم الفتنة في الدِّين بالعمى عن سواء السبيل، والاختلاف في الأحكام والأهواء، والتشتُّت في الآراء، وخبط العشواء(3)، وأعدَّ لهم العذاب الأليم ليوم الحساب في المعاد.
وقد رأينا الله (عزَّ وجلَّ) ذكر في محكم كتابه ما عاقب به قوماً من خلقه حيث يقول: ﴿فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ [التوبة: 77]، فجعل النفاق الذي أعقبهموه عقوبةً).
ص: 68
ومجازاةً على إخلافهم الوعد، وسمَّاهم منافقين(1)، ثمّ قال في كتابه: ﴿إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾ [النساء: 145].
فإذا كانت هذه حال من أخلف الوعد في أنَّ عقابه النفاق المؤدِّي إلى الدرك الأسفل من النار، فماذا تكون حال من جاهر في الله (عزَّ وجلَّ) ورسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالخلاف عليهما، والردِّ لقولهما، والعصيان لأمرهما، والظلم والعناد لمن أمرهم الله بالطاعة لهم والتمسُّك بهم والكون معهم(2) حيث يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة: 119]؟ وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله (عزَّ وجلَّ) عليه من جهاد عدوِّه، وبذل أنفسهم في سبيله، ونصرة رسوله، وإعزاز دينه حيث يقول: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ [الأحزاب: 23]، فشتَّان بين الصادق لله وعده، والموفي بعهده، والشاري نفسه له(3)، والمجاهد في سبيله، والمعزِّ لدينه، الناصر لرسوله، وبين العاصي والمخالف رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والظالم عترته، ومن فعله أعظم من إخلاف الوعد المعقِّب للنفاق المؤدِّي إلى الدرك الأسفل من النار؟ نعوذ بالله منها.
وهذه (رحمكم الله) حال كلِّ من عدل عن واحد من الأئمَّة الذين اختارهم الله (عزَّ وجلَّ)، وجحد إمامته، وأقام غيره مقامه، وادَّعى الحقَّ لسواه، إذ كان أمر الوصيَّة والإمامة بعهد من الله تعالى وباختياره لا من خلقه ولا باختيارهم، فمن اختار غير مختار الله، وخالف أمر الله سبحانه، ورد مورد الظالمين والمنافقين).
ص: 69
الحالِّين في ناره بحيث وصفهم الله (عزَّ وجلَّ)، نعوذ بالله من خلافه وسخطه، وغضبه وعذابه، ونسأله التثبُّت على ما وهب لنا، وألَّا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا برحمته ورأفته(1).
* * *).
ص: 70
ص: 72
[22/1] أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ أَبِي هَرَاسَةَ الْبَاهِلِيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِين وَمِائَتَيْنِ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ سَنَةَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ، عَنِ المُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: أَتَى جَبْرَئِيلُ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) يَأْمُرُكَ أَنْ تُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ أَخِيكَ».
فَأَرْسَلَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَى عَلِيٍّ (عليه السلام)، فَقَالَ لَهُ: «يَا عَلِيُّ، إِنِّي مُزَوِّجُكَ فَاطِمَةَ ابْنَتِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَأَحَبَّهُنَّ إِلَيَّ بَعْدَكَ، وَكَائِنٌ مِنْكُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَالشُّهَدَاءُ المُضَرَّجُونَ(3) المَقْهُورُونَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِي، وَالنُّجَبَاءُ الزُّهْرُ الَّذِينَ يُطْفِئُ اللهُ بِهِمُ الظُّلْمَ، وَيُحْيِي بِهِمُ الْحَقَّ، وَيُمِيتُ بِهِمُ الْبَاطِلَ، عِدَّتُهُمْم.
ص: 73
عِدَّةُ أَشْهُرِ السَّنَةِ، آخِرُهُمْ يُصَلِّي عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عليه السلام) خَلْفَهُ»(1).
[23/2] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ المَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام)(3)، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: «أَقْبَلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) ذَاتَ يَوْمٍ وَمَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَأَمِيرُ المُؤْمِنِينَ مُتَّكِئٌ عَلَى يَدِ سَلْمَانَ (رضي الله عنه)، فَدَخَلَ المَسْجِدَ الْحَرَامَ فَجَلَسَ، إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْأَةِ وَاللِّبَاسِ، فَسَلَّمَ عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ.
قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِنْسَانِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُهُ؟ وَعَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يَذْكُرُ وَيَنْسَى؟ وَعَنِ الرَّجُلِ كَيْفَ يُشْبِهُ وَلَدُهُ الْأَعْمَامَ وَالْأَخْوَالَ؟
فَالْتَفَتَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) إِلَى الْحَسَنِ وَقَالَ: أَجِبْهُ، يَا أَبَا مُحَمَّدٍ.
فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ (عليه السلام) لِلرَّجُلِ: أَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ عَنْ أَمْرِ الرَّجُلِ إِذَا نَامَ أَيْنَ تَذْهَبُ رُوحُهُ، فَإِنَّ رُوحَهُ مُعَلَّقَةٌ بِالرِّيحِ، وَالرِّيحُ بِالْهَوَاءِ مُعَلَّقَةٌ إِلَى وَقْتِ مَا يَتَحَرَّكُ صَاحِبُهَا بِالْيَقَظَةِ(4)، فَإِذَا(5) أَذِنَ اللهُ تَعَالَى بِرَدِّ تِلْكَ الرُّوحِ عَلَى ذَلِكَ).
ص: 74
الْبَدَنِ(1) جَذَبَتْ تِلْكَ الرُّوحُ الرِّيحَ، وَجَذَبَتِ الرِّيحُ الْهَوَاءَ فَاسْتَكَنَتْ فِي بَدَنِ صَاحِبِهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنِ اللهُ بِرَدِّ تِلْكَ الرُّوحِ عَلَى ذَلِكَ الْبَدَنِ جَذَبَ(2) الْهَوَاءُ الرِّيحَ، وَجَذَبَتِ الرِّيحُ الرُّوحَ، فَلَا تُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا إِلَى وَقْتِ مَا يُبْعَثُ(3).
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الذُّكْرِ وَالنِّسْيَانِ، فَإِنَّ قَلْبَ الْإِنْسَانِ فِي حُقٍّ، وَعَلَى الْحُقِّ طَبَقٌ، فَإِذَا هُوَ صَلَّى عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَاةً تَامَّةً انْكَشَفَ ذَلِكَ الطَّبَقُ عَنْ ذَلِكَ الْحُقِّ فَأَضَاءَ الْقَلْبُ وَذَكَرَ الرَّجُلُ مَا نَسِيَ، وَإِنْ هُوَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ أَوِ انْتَقَصَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ وَأَغْضَى عَنْ بَعْضِهَا(4) انْطَبَقَ ذَلِكَ الطَّبَقُ عَلَى الْحُقِّ فَأَظْلَمَ الْقَلْبُ وَسَهَا الرَّجُلُ وَنَسِيَ مَا كَانَ يَذْكُرُهُ(5).
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ المَوْلُودِ يُشْبِهُ الْأَعْمَامَ وَالْأَخْوَالَ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَتَى).
ص: 75
أَهْلَهُ فَجَامَعَهَا بِقَلْبٍ سَاكِنٍ وَعُرُوقٍ هَادِئَةٍ(1) وَبَدَنٍ غَيْرِ مُضْطَرِبٍ اسْتَكَنَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ فِي جَوْفِ الرَّحِمِ فَخَرَجَ المَوْلُودُ يُشْبِهُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، وَإِنْ هُوَ أَتَى زَوْجَتَهُ بِقَلْبٍ غَيْرِ سَاكِنٍ وَعُرُوقٍ غَيْرِ هَادِئَةٍ وَبَدَنٍ مُضْطَرِبٍ اضْطَرَبَتْ تِلْكَ النُّطْفَةُ فَوَقَعَتْ فِي حَالِ اضْطِرَابِهَا عَلَى بَعْضِ الْعُرُوقِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِ الْأَعْمَامِ أَشْبَهَ المَوْلُودُ أَعْمَامَهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى عِرْقٍ مِنْ عُرُوقِ الْأَخْوَالِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَلَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا وَأَقُولُهَا، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَالْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ، وَلَمْ أَزَلْ أَشْهَدُ بِهَا وَأَقُولُهَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) -، وَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّهُ وَالْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ، وَلَمْ أَزَلْ أَقُولُهَا - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْحَسَنِ (عليه السلام) -، وَأَشْهَدُ عَلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ وَصِيُّهُ وَالْقَائِمُ بِحُجَّتِهِ، وَلَمْ أَزَلْ أَقُولُهَا، وَأَشْهَدُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ الْحُسَيْنِ، وَأَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيٍّ، وَأَشْهَدُ عَلَى جَعْفَرٍ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى مُوسَى أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ جَعْفَرٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُوسَى(2)، وَأَشْهَدُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيٍّ، وَأَشْهَدُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ مُحَمَّدٍ، وَأَشْهَدُ عَلَى الْحَسَنِ أَنَّهُ الْقَائِمُ بِأَمْرِ عَلِيٍّ، وَأَشْهَدُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ لَا يُسَمَّى وَلَا يُكَنَّى حَتَّى يُظْهِرَ اللهُ أَمْرَهُ، وَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، ثُمَّ قَامَ فَمَضَى.
فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ لِلْحَسَنِ (عليهما السلام): يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتَّبِعْهُ فَانْظُرْ أَيْنَ يَقْصِدُ.).
ص: 76
قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِهِ، فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ وَضَعَ رِجْلَهُ خَارِجَ المَسْجِدِ حَتَّى مَا دَرَيْتُ أَيْنَ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَأَعْلَمْتُهُ.
فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تَعْرِفُهُ؟
قُلْتُ: لَا، وَاللهُ وَرَسُولُهُ وَأَمِيرُ المُؤْمِنِينَ أَعْلَمُ.
فَقَالَ: هُوَ الْخَضِرُ (عليه السلام)»(1).
[24/3] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الله مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَرِيشِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام)، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: «إِنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ(2)، وَإِنَّهُ يُنْزَلُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَمْرُ السَّنَةِ، وَمَا قُضِيَ فِيهَا، وَلِذَلِكَ الْأَمْرِ وُلَاةٌ بَعْدَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ هُمْ، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟
فَقَالَ: «أَنَا وَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ صُلْبِي، أَئِمَّةٌ مُحَدَّثُونَ(3)»(4).).
ص: 77
[25/4] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الله(1) بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَابُوسَ(2)، عَنْ مَنْصُورِ اِبْنِ السِّنْدِيِّ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ المُسْتَرِقِّ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلِيًّا (عليه السلام) ذَاتَ يَوْمٍ، فَوَجَدْتُهُ مُفَكِّراً يَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، تَنْكُتُ فِي الْأَرْضِ، أَرَغْبَةً مِنْكَ فِيهَا؟
فَقَالَ: «لَا، وَالله مَا رَغِبْتُ فِيهَا وَلَا فِي الدُّنْيَا سَاعَةً قَطُّ(3)، وَلَكِنَّ فِكْرِي فِي مَوْلُودٍ يَكُونُ مِنْ ظَهْرِي(4)، هُوَ المَهْدِيُّ الَّذِي يَمْلَأُهَا قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً، تَكُونُ لَهُ حَيْرَةٌ وَغَيْبَةٌ يَضِلُّ فِيهَا أَقْوَامٌ وَيَهْتَدِي فِيهَا آخَرُونَ».
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَكَمْ تَكُونُ تِلْكَ الْحَيْرَةُ وَالْغَيْبَةُ؟).
ص: 78
فَقَالَ: «سَبْتٌ مِنَ الدَّهْرِ(1)».
فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا لَكَائِنٌ؟
فَقَالَ: «نَعَمْ، كَمَا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ».
قُلْتُ: أُدْرِكُ ذَلِكَ الزَّمَانَ؟
فَقَالَ: «أَنَّى لَكَ يَا أَصْبَغُ بِهَذَا الْأَمْرِ؟ أُولَئِكَ خِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَعَ أَبْرَارِ هَذِهِ الْعِتْرَةِ».
فَقُلْتُ: ثُمَّ مَا ذَا يَكُونُ(2) بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: «ثُمَّ يَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ، فَإِنَّ لَهُ إِرَادَاتٍ وَغَايَاتٍ وَنِهَايَاتٍ(3)»(4)،(5).).
ص: 79
[26/5] وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُمِّيُّ أَبُو الْقَاسِمِ(1) بِشِيرَازَ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الله الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ).
ص: 80
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام)، قَالَ: «قَالَ أَبِي لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله الْأَنْصَارِيِّ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَمَتَى يَخِفُّ عَلَيْكَ أَنْ أَخْلُوَ بِكَ فِيهَا فَأَسْأَلَكَ عَنْهَا؟
قَالَ جَابِرٌ: فِي أَيِّ الْأَوْقَاتِ أَحْبَبْتَ.
فَخَلَا بِهِ أَبِي يَوْماً، فَقَالَ لَهُ: يَا جَابِرُ، أَخْبِرْنِي عَنِ اللَّوْحِ الَّذِي رَأَيْتَهُ بِيَدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمَا)، وعَمَّا أَخْبَرَتْكَ أُمِّي فَاطِمَةُ بِهِ مِمَّا فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ مَكْتُوبٌ.
فَقَالَ جَابِرٌ: أُشْهِدُ اللهَ لَا شَرِيكَ لَهُ أَنِّي دَخَلْتُ عَلَى أُمِّكَ فَاطِمَةَ (عليها السلام) فِي حَيَاةِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَهَنَّيْتُهَا بِوِلَادَةِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام)، وَرَأَيْتُ فِي يَدِهَا لَوْحاً أَخْضَرَ ظَنَنْتُ أَنَّهُ مِنْ زُمُرُّدٍ، وَرَأَيْتُ فِيهِ كِتَابَةً بَيْضَاءَ شَبِيهَةً بِنُورِ الشَّمْسِ(1)، فَقُلْتُ لَهَا: بِأَبِي أَنْتِ وَأُمِّي، مَا هَذَا اللَّوْحُ؟
فَقَالَتْ: هَذَا لَوْحٌ أَهْدَاهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) إِلَى رَسُولِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فِيهِ اسْمُ أَبِي، وَاسْمُ بَعْلِي(2)، وَاسْمُ وَلَدَيَّ، وَاسْمُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ وُلْدِي، أَعْطَانِيهِ أَبِي لِيُبَشِّرَنِي بِذَلِكَ(3).).
ص: 81
قَالَ جَابِرٌ: فَدَفَعَتْهُ إِلَيَّ أُمُّكَ فَاطِمَةُ (عليها السلام)، فَقَرَأْتُهُ وَنَسَخْتُهُ.
فَقَالَ لَهُ أَبِي (عليه السلام): يَا جَابِرُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَعْرِضَهُ عَلَيَّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
فَمَشَى مَعَهُ أَبِي إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأَخْرَجَ أَبِي صَحِيفَةً مِنْ رَقٍّ، فَقَالَ: يَا جَابِرُ، انْظُرْ فِي كِتَابِكَ حَتَّى أَقْرَأَ أَنَا عَلَيْكَ.
فَقَرَأَهُ أَبِي عَلَيْهِ، فَمَا خَالَفَ حَرْفٌ حَرْفاً.
فَقَالَ جَابِرٌ: فَأُشْهِدُ اللهَ أَنِّي هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوباً:
«بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنَ الله الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِمُحَمَّدٍ نَبِيِّهِ وَنُورِهِ وَحِجَابِهِ وَسَفِيرِهِ وَدَلِيلِهِ، نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
يَا مُحَمَّدُ، عَظِّمْ أَسْمَائِي، وَاشْكُرْ نَعْمَائِي، وَلَا تَجْحَدْ آلَائِي، إِنِّي أَنَا اللهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا، قَاصِمُ الْجَبَّارِينَ، وَمُدِيلُ المَظْلُومِينَ، وَدَيَّانُ يَوْمِ الدِّينِ، وَإِنِّي أَنَا اللهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا، فَمَنْ رَجَا غَيْرَ فَضْلِي، أَوْ خَافَ غَيْرَ عَدْلِي، عَذَّبْتُهُ عَذاباً لَا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ، فَإِيَّايَ فَاعْبُدْ، وَعَلَيَّ فَتَوَكَّلْ، إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ نَبِيًّا فَأُكْمِلَتْ أَيَّامُهُ، وَانْقَضَتْ مُدَّتُهُ إِلَّا جَعَلْتُ لَهُ وَصِيًّا، وَإِنِّي فَضَّلْتُكَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ، وَفَضَّلْتُ وَصِيَّكَ عَلَى الْأَوْصِيَاءِ، وَأَكْرَمْتُكَ بِشِبْلَيْكَ وَسِبْطَيْكَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، فَجَعَلْتُ الْحَسَنَ مَعْدِنَ عِلْمِي بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ أَبِيهِ، وَجَعَلْتُ حُسَيْناً مَعْدِنَ وَحْيِي(1)، فَأَكْرَمْتُهُ بِالشَّهَادَةِ، وَخَتَمْتُ لَهُ بِالسَّعَادَةِ، فَهُوَ أَفْضَلُ مَنِ اسْتُشْهِدَ فِيَّ، وَأَرْفَعُ الشُّهَدَاءِ دَرَجَةً عِنْدِي، جَعَلْتُ كَلِمَتِيَ التَّامَّةَ مَعَهُ(2)، وَحُجَّتِيَ الْبَالِغَةَ عِنْدَهُ، بِعِتْرَتِهِ أُثِيبُ وَأُعَاقِبُ.».
ص: 82
أَوَّلُهُمْ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ، وَزَيْنُ أَوْلِيَائِيَ المَاضِينَ، وَابْنُهُ سَمِيُّ جَدِّهِ المَحْمُودِ مُحَمَّدٌ الْبَاقِرُ لِعِلْمِي، وَالمَعْدِنُ لِحِكْمَتِي، سَيَهْلِكُ المُرْتَابُونَ فِي جَعْفَرٍ، الرَّادُّ عَلَيْهِ كَالرَّادِّ عَلَيَّ، حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأُكْرِمَنَّ مَثْوَى جَعْفَرٍ، وَلَأَسُرَّنَّهُ فِي أَشْيَاعِهِ وَأَنْصَارِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، أُتِيحَتْ(1) بَعْدَهُ فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ حِنْدِسٌ، إِلَّا إِنَّ(2) خَيْطَ فَرْضِي لَا).
ص: 83
يَنْقَطِعُ، وَحُجَّتِي لَا تَخْفَى، وَإِنَّ أَوْلِيَائِي بِالْكَأْسِ الْأَوْفَى يُسْقَوْنَ، أَبْدَالُ الْأَرْضِ(1)، أَلَا وَمَنْ جَحَدَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَقَدْ جَحَدَنِي نِعْمَتِي، وَمَنْ غَيَّرَ آيَةً مِنْ كِتَابِي فَقَدِ افْتَرَى عَلَيَّ، وَيْلٌ لِلْمُفْتَرِينَ الْجَاحِدِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ عَبْدِي مُوسَى وَحَبِيبِي وَخِيَرَتِي، إِنَّ المُكَذِّبَ بِهِ كَالمُكَذِّبِ بِكُلِّ أَوْلِيَائِي، وَهُوَ وَلِيِّي وَنَاصِرِي، وَمَنْ أَضَعُ عَلَيْهِ أَعْبَاءَ النُّبُوَّةِ، وَأَمْتَحِنُهُ بِالْاِضْطِلَاعِ بِهَا(2)، وَبَعْدَهُ خَلِيفَتِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا، يَقْتُلُهُ عِفْرِيتٌ مُسْتَكْبِرٌ، يُدْفَنُ فِي المَدِينَةِ الَّتِي بَنَاهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ ذُو الْقَرْنَيْنِ، خَيْرُ خَلْقِي يُدْفَنُ إِلَى جَنْبِ شَرِّ خَلْقِي، حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأُقِرَّنَّ عَيْنَهُ بِابْنِهِ مُحَمَّدٍ، وَخَلِيفَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَوَارِثِ عِلْمِهِ، وَهُوَ مَعْدِنُ عِلْمِي، وَمَوْضِعُ سِرِّي، وَحُجَّتِي عَلَى خَلْقِي، جَعَلْتُ الْجَنَّةَ مَثْوَاهُ، وَشَفَّعْتُهُ فِي سَبْعِينَ أَلْفاً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ(3) كُلُّهُمْ قَدِ اسْتَوْجَبُوا النَّارَ، وَأَخْتِمُ بِالسَّعَادَةِ لِابْنِهِ عَلِيٍّ وَلِيِّي وَنَاصِرِي،).
ص: 84
وَالشَّاهِدِ فِي خَلْقِي، وَأَمِينِي عَلَى وَحْيِي، أُخْرِجُ مِنْهُ الدَّاعِيَ إِلَى سَبِيلِي، وَالْخَازِنَ لِعِلْمِيَ الْحَسَنَ، ثُمَّ أُكْمِلُ ذَلِكَ بِابْنِهِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، عَلَيْهِ كَمَالُ مُوسَى، وَبَهَاءُ عِيسَى، وَصَبْرُ أَيُّوبَ، تُسْتَذَلُّ أَوْلِيَائِي فِي زَمَانِهِ(1)، وَتُتَهَادَى رُءُوسُهُمْ كَمَا تُتَهَادَى رُءُوسُ التُّرْكِ وَالدَّيْلَمِ، فَيُقْتَلُونَ وَيُحْرَقُونَ، وَيَكُونُونَ خَائِفِينَ وَجِلِينَ مَرْعُوبِينَ، تُصْبَغُ الْأَرْضُ مِنْ دِمَائِهِمْ، وَيَفْشُو الْوَيْلُ وَالرَّنَّةُ فِي نِسَائِهِمْ، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقًّا، وَحَقٌّ عَلَيَّ أَنْ أَرْفَعَ عَنْهُمْ كُلَّ عَمْيَاءَ حِنْدِسٍ(2)، وَبِهِمْ أَكْشِفُ الزَّلَازِلَ، وَأَرْفَعُ عَنْهُمُ الْآصَارَ وَالْأَغْلَالَ، ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 157]».
قَالَ أَبُو بَصِيرٍ: لَوْ لَمْ تَسْمَعْ فِي دَهْرِكَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ لَكَفَاكَ، فَصُنْهُ إِلَّا عَنْ أَهْلِهِ(3)،(4).).
ص: 85
[27/6] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ(1) مِنْ كِتَابِهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): إِنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي اثْنَا عَشَرَ مُحَدَّثاً».
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الله بْنُ زَيْدٍ(4)، وَكَانَ أَخَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام)).
ص: 86
مِنَ الرَّضَاعَةِ(1): سُبْحَانَ الله مُحَدَّثاً! كَالمُنْكِرِ لِذَلِكَ.
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام)، فَقَالَ لَهُ: «أَمَا وَالله إِنَّ ابْنَ أُمِّكَ كَانَ كَذَلِكَ - يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام) -»(2).
[28/7] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي وَعَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) اخْتَارَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئاً، اخْتَارَ مِنَ الْأَرْضِ مَكَّةَ، وَاخْتَارَ مِنْ مَكَّةَ المَسْجِدَ، وَاخْتَارَ مِنَ المَسْجِدِ المَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ الْكَعْبَةُ، وَاخْتَارَ مِنَ الْأَنْعَامِ إِنَاثَهَا، وَمِنَ الْغَنَمِ الضَّأْنَ، وَاخْتَارَ مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاخْتَارَ مِنَ الشُّهُورِ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَمِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَاخْتَارَ مِنَ النَّاسِ بَنِي هَاشِمٍ، وَاخْتَارَنِي وَعَلِيًّا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَاخْتَارَ مِنِّي وَمِنْ عَلِيٍّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ(3)، وَيُكْمِلُهُ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ، تَاسِعُهُمْ بَاطِنُهُمْ،).
ص: 87
وَهُوَ ظَاهِرُهُمْ، وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ، وَهُوَ قَائِمُهُمْ(1)».
قَالَ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ فِي حَدِيثِهِ: «يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ المُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ».
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ اِبْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ(2)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) اخْتَارَنِي...» الْحَدِيثَ(3).
[29/8] وَمِنْ كِتَابِ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ(4)، مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ).
ص: 88
سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ(1) وَمُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامِ بْنِ سُهَيْلٍ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ ابْنَا عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ المَوْصِلِيِّ، عَنْ رِجَالِهِمْ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ(2)، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ.
وَأَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطُّرُقِ هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ الله بْنِ جَعْفَرِ بْنِ المُعَلَّى الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَمْرُو بْنُ جَامِعِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرْبٍ الْكِنْدِيُّ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ المُبَارَكِ شَيْخٌ لَنَا كُوفِيٌّ ثِقَةٌ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ شَيْخُنَا، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ.ه.
ص: 89
وَذَكَرَ أَبَانٌ أَنَّهُ سَمِعَهُ أَيْضاً عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ.
قَالَ مَعْمَرٌ: وَذَكَرَ أَبُو هَارُونَ الْعَبْدِيُّ أَنَّهُ سَمِعَهُ أَيْضاً عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سُلَيْمٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَ-مَّا دَعَا أَبَا الدَّرْدَاءِ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَنَحْنُ مَعَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عليه السلام) بِصِفِّينَ، فَحَمَّلَهُمَا الرِّسَالَةَ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عليه السلام)، وَأَدَّيَاهَا إِلَيْهِ، قَالَ: «قَدْ بَلَّغْتُمَانِي مَا أَرْسَلَكُمَا بِهِ مُعَاوِيَةُ، فَاسْتَمِعَا مِنِّي وَأَبْلِغَاهُ عَنِّي كَمَا بَلَّغْتُمَانِي».
قَالَا: نَعَمْ.
فَأَجَابَهُ عَلِيٌّ (عليه السلام) الْجَوَابَ بِطُولِهِ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى ذِكْرِ نَصْبِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِيَّاهُ بِغَدِيرِ خُمٍّ بِأَمْرِ الله تَعَالَى، قَالَ: «لَ-مَّا نَزَلَ عَلَيْهِ: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة: 55]، فَقَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ الله، أَخَاصَّةٌ لِبَعْضِ المُؤْمِنِينَ أَمْ عَامَّةٌ لِجَمِيعِهِمْ؟
فَأَمَرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنْ يُعَلِّمَهُمْ وَلَايَةَ مَنْ أَمَرَهُمُ اللهُ بِوَلَايَتِهِ(1)، وَأَنْ يُفَسِّرَ لَهُمْ مِنَ الْوَلَايَةِ مَا فُسِّرَ لَهُمْ مِنْ صَلَاتِهِمْ وَزَكَاتِهِمْ وَصَوْمِهِمْ وَحَجِّهِمْ».
قَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «فَنَصَبَنِي رَسُولُ الله بِغَدِيرِ خُمٍّ، وَقَالَ: إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) أَرْسَلَنِي بِرِسَالَةٍ ضَاقَ بِهَا صَدْرِي، وَظَنَنْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبُونِي، فَأَوْعَدَنِي لَأُبَلِّغَنَّهَا أَوْ لَيُعَذِّبَنِي. قُمْ يَا عَلِيُّ، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ أَنْ يُنَادَى بِالصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ مَوْلَايَ، وَأَنَا مَوْلَى المُؤْمِنِينَ، وَأَنَا أَوْلَى بِهِمْ مِنْهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ، مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وعَادِ مَنْ عَادَاهُ(2).).
ص: 90
فَقَامَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، وَلَاءُ مَاذَا(1)؟
فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَعَلِيٌّ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَفْسِهِ.
فَأَنْزَلَ اللهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾ [المائدة: 3].
فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ الله، أَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي عَلِيٍّ خَاصَّة؟
قَالَ: بَلْ فِيهِ وَفِي أَوْصِيَائِي(2) إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، بَيِّنْهُمْ لِي(3).
قَالَ: عَلِيٌّ أَخِي وَوَصِيِّي، وَوَارِثِي(4)، وَخَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي، وَوَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي، وَأَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً مِنْ وُلْدِي، أَوَّلُهُمْ ابْنِي حَسَنٌ، ثُمَّ ابْنِي حُسَيْنٌ، ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَهُمْ، لَا يُفَارِقُونَهُ وَلَا يُفَارِقُهُمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ».
فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مِنَ الْبَدْرِيِّينَ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كَمَا قُلْتَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ سَوَاءً، لَمْ تُزَدْ وَلَمْ تُنْقَصْ.
وَقَالَ بَقِيَّةُ الْبَدْرِيِّينَ(5) الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَ عَلِيٍّ صِفِّينَ: قَدْ حَفِظْنَا جُلَّ مَا قُلْتَ وَلَمْ نَحْفَظْ كُلَّهُ، وَهَؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ خِيَارُنَا وَأَفَاضِلُنَا.
فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «صَدَقْتُمْ، لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَحْفَظُ، وَبَعْضُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ).
ص: 91
بَعْضٍ(1)».
وَقَامَ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ: أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ(2)، وَأَبُو أَيُّوبَ(3)، وَعَمَّارٌ(4)، وَخُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ذُو الشَّهَادَتَيْنِ(5)، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ حَفِظْنَا قَوْلَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَوْمَئِذٍ، وَالله إِنَّهُ لَقَائِمٌ وَعَلِيٌّ (عليه السلام) قَائِمٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَنْصِبَ لَكُمْ إِمَاماً يَكُونُ وَصِيِّي فِيكُمْ، وَخَلِيفَتِي فِي أَهْلِ بَيْتِي وَفِي أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي، وَالَّذِي فَرَضَ اللهُ طَاعَتَهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ فِي كِتَابِهِ، وَأَمَرَكُمْ فِيهِ بِوَلَايَتِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، خَشِيتُ(6) طَعْنَ أَهْلِ النِّفَاقِ وَتَكْذِيبَهُمْ، فَأَوْعَدَنِي لَأُبَلِّغَنَّهَا أَوْ لَيُعَاقِبُنِي.
أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) أَمَرَكُمْ فِي كِتَابِهِ بِالصَّلَاةِ، وَقَدْ بَيَّنْتُهَا لَكُمْ وَسَنَنْتُهَا لَكُمْ، وَالزَّكَاةَ والصَّوْمَ فَبَيَّنْتُهُمَا لَكُمْ وَفَسَّرْتُهُمَا، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ فِي كِتَابِهِ بِالْوَلَايَةِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - أَنَّهَا خَاصَّةٌ لِهَذَا وَلِأَوْصِيَائِي مِنْ وُلْدِي وَوُلْدِهِ،).
ص: 92
أَوَّلُهُمُ ابْنِيَ الْحَسَنُ، ثُمَّ الْحُسَيْنُ، ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ، لَا يُفَارِقُونَ الْكِتَابَ حَتَّى يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ أَعْلَمْتُكُمْ مَفْزَعَكُمْ بَعْدِي، وَإِمَامَكُمْ وَوَلِيَّكُمْ وَهَادِيَكُمْ بَعْدِي، وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَخِي، وَهُوَ فِيكُمْ بِمَنْزِلَتِي، فَقَلِّدُوهُ دِينَكُمْ، وَأَطِيعُوهُ فِي جَمِيعِ أُمُورِكُمْ، فَإِنَّ عِنْدَهُ جَمِيعَ مَا عَلَّمَنِي اللهُ (عزَّ وجلَّ)، أَمَرَنِي اللهُ (عزَّ وجلَّ) أَنْ أُعَلِّمَهُ إِيَّاهُ(1) وَأَنْ أُعَلِّمَكُمْ أَنَّهُ عِنْدَهُ، فَسَلُوهُ وَتَعَلَّمُوا مِنْهُ وَمِنْ أَوْصِيَائِهِ، وَلَا تُعَلِّمُوهُمْ، وَلَا تَتَقَدَّمُوا عَلَيْهِمْ، وَلَا تَتَخَلَّفُوا عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُمْ، لَا يُزَايِلُهُمْ وَلَا يُزَايِلُونَهُ».
ثُمَّ قَالَ عَلِيٌّ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) لِأَبِي الدَّرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَمَنْ حَوْلَهُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾ [الأحزاب: 33]، فَجَمَعَنِي رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَفَاطِمَةَ وَالحَسَنَ وَالحُسَيْنَ فِي كِسَاءٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَحِبَّتِي وَعِتْرَتِي وَثَقَلِي وَخَاصَّتِي(2) وَأَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراً.
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَأَنَا.
فَقَالَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لَهَا: وَأَنْتِ إِلَى خَيْرٍ، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِيَّ، وَفِي أَخِي عَلِيٍّ، وَفِي ابْنَتِي فَاطِمَةَ، وَفِي ابْنَيَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَفِي تِسْعَةٍ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ خَاصَّةً، لَيْسَ فِيهَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرُنَا؟».
فَقَامَ جُلُّ النَّاسِ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثَتْنَا بِذَلِكَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَحَدَّثَنَا كَمَا حَدَّثَتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) أَنْزَلَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ: ﴿يَا أَيُّهَا).
ص: 93
الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الحجّ: 77 و78].
فَقَامَ سَلْمَانُ (رضي الله عنه) عِنْدَ نُزُولِهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْتَ شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ وَهُمْ شُهَدَاءُ عَلَى النَّاسِ الَّذِينَ اجْتَبَاهُمُ اللهُ وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَيْهِمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةِ أَبِيهِمْ إِبْرَاهِيمَ؟
فَقَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): عَنَى اللهُ تَعَالَى بِذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ إِنْسَاناً: أَنَا، وَأَخِي عَلِيًّا، وَأَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِهِ؟».
فَقَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ، قَدْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «أَنْشُدُكُمْ بِالله أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَامَ خَطِيباً ثُمَّ لَمْ يَخْطُبْ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ(1) لَنْ تَضِلُّوا مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ الله (عزَّ وجلَّ)، وَأَهْلَ بَيْتِي، فَإِنَّ اللَّطِيفَ الْخَبِيرَ قَدْ أَخْبَرَنِي وَعَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا(2) حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ؟».
فَقَالُوا: نَعَمْ، اللَّهُمَّ قَدْ شَهِدْنَا(3) ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فَقَامَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً مِنَ الْجَمَاعَةِ، فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ الله حِينَ خَطَبَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ شِبْهَ المُغْضَبِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتِكَ؟
فَقَالَ: «لَا، وَلَكِنْ لِأَوْصِيَائِي مِنْهُمْ: عَلِيٌّ أَخِي، وَوَزِيرِي، وَوَارِثِي،).
ص: 94
وَخَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي، وَوَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي، وَهُوَ أَوَّلُهُمْ وَخَيْرُهُمْ، ثُمَّ وَصِيُّهُ بَعْدَهُ ابْنِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى الْحَسَنِ -، ثُمَّ وَصِيُّهُ ابْنِي هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى الْحُسَيْنِ -، ثُمَّ وَصِيُّهُ ابْنِي بَعْدَهُ سَمِيُّ أَخِي، ثُمَّ وَصِيُّهُ بَعْدَهُ سَمِيِّي، ثُمَّ سَبْعَةٌ مِنْ وُلْدِهِ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ، شُهَدَاءُ الله فِي أَرْضِهِ، وَحُجَجُهُ عَلَى خَلْقِهِ، مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَاهُمْ عَصَى اللهَ».
فَقَامَ السَّبْعُونَ الْبَدْرِيُّونَ وَنَحْوُهُمْ مِنَ المُهَاجِرِينَ فَقَالُوا: ذَكَّرْتُمُونَا مَا كُنَّا نَسِينَاهُ، نَشْهَدُ أَنَّا قَدْ كُنَّا سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فَانْطَلَقَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَحَدَّثَا مُعَاوِيَةَ بِكُلِّ مَا قَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) وَمَا اسْتُشْهِدَ عَلَيْهِ، وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ النَّاسُ وَشَهِدُوا بِهِ(1).
[30/9] وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: لَ-مَّا أَقْبَلْنَا مِنْ صِفِّينَ مَعَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) نَزَلَ قَرِيباً مِنْ دَيْرِ نَصْرَانِيٍّ(2)، إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا شَيْخٌ مِنَ الدَّيْرِ جَمِيلُ الْوَجْهِ، حَسَنُ الْهَيْأَةِ وَالسَّمْتِ(3)، مَعَهُ كِتَابٌ، حَتَّى أَتَى أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي مِنْ نَسْلِ حَوَارِيِّ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، وَكَانَ أَفْضَلَ حَوَارِيِّ عِيسَى الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَأَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ، وَآثَرَهُمْ عِنْدَهُ(4)، وَإِنَّ عِيسَى أَوْصَى إِلَيْهِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ كُتُبَهُ، وَعَلَّمَهُ حِكْمَتَهُ(5)، فَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ هَذَا الْبَيْتِ عَلَى دِينِهِ،).
ص: 95
مُتَمَسِّكِينَ بِمِلَّتِهِ(1)، لَمْ يَكْفُرُوا وَلَمْ يَرْتَدُّوا وَلَمْ يُغَيِّرُوا، وَتِلْكَ الْكُتُبُ عِنْدِي إِمْلَاءُ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ وَخَطُّ أَبِينَا بِيَدِهِ، فِيهَا كُلُّ شَيْءٍ يَفْعَلُ النَّاسُ مِنْ بَعْدِهِ، وَاسْمُ مَلِكٍ مَلِكٍ مِنْ بَعْدِهِ مِنْهُمْ، وَأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَبْعَثُ رَجُلاً مِنَ الْعَرَبِ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الله، مِنْ أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا: تِهَامَةُ، مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا: مَكَّةُ، يُقَالُ لَهُ: أَحْمَدُ، لَهُ اثْنَا عَشَرَ اسْماً، وَذَكَرَ مَبْعَثَهُ، وَمَوْلِدَهُ، وَمُهَاجَرَتَهُ، وَمَنْ يُقَاتِلُهُ، وَمَنْ يَنْصُرُهُ، وَمَنْ يُعَادِيهِ، وَمَا يَعِيشُ، وَمَا تَلْقَى أُمَّتُهُ بَعْدَهُ إِلَى أَنْ يَنْزِلَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ، وَفِي ذَلِكَ الْكِتَابِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الله مِنْ خَيْرِ خَلْقِ الله، وَمِنْ أَحَبِّ خَلْقِ الله إِلَيْهِ، وَاللهُ وَلِيٌّ لِمَنْ وَالَاهُمْ، وَعَدُوٌّ لِمَنْ عَادَاهُمْ، مَنْ أَطَاعَهُمُ اهْتَدَى، وَمَنْ عَصَاهُمْ ضَلَّ، طَاعَتُهُمْ لله طَاعَةٌ، وَمَعْصِيَتُهُمْ لله مَعْصِيَةٌ، مَكْتُوبَةٌ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَنْسَابُهُمْ وَنُعُوتُهُمْ، وَكَمْ يَعِيشُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، وَكَمْ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَسْتَتِرُ بِدِينِهِ وَيَكْتُمُهُ مِنْ قَوْمِهِ، وَمِنَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُمْ وَيَنْقَادُ لَهُ النَّاسُ حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عليه السلام) عَلَى آخِرِهِمْ فَيُصَلِّيَ عِيسَى خَلْفَهُ، وَيَقُولُ: إِنَّكُمْ لَأَئِمَّةٌ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَكُمْ، فَيَتَقَدَّمُ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ وَعِيسَى خَلْفَهُ فِي الصَّفِّ، أَوَّلَهُمْ وَخَيْرَهُمْ وَأَفْضَلَهُمْ، وَلَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ وَأُجُورِ مَنْ أَطَاعَهُمْ وَاهْتَدَى بِهِمْ. رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اسْمُهُ: مُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ الله، وَيس، وَالْفَتَّاحُ، وَالْخَاتَمُ، وَالْحَاشِرُ، وَالْعَاقِبُ، وَالمَاحِي، وَالْقَائِدُ، وَنَبِيُّ الله، وَصَفِيُّ الله، وَحَبِيبُ الله(2)، وَإِنَّهُ يُذْكَرُ إِذَا ذُكِرَ، مِنْ أَكْرَمِ خَلْقِ الله عَلَى الله(3)، وَأَحَبِّهِمْ إِلَى الله، لَمْ يَخْلُقِ اللهُ مَلَكاً مُكْرَّماً(4) وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلاً مِنْ آدَمَ فَمَنْ).
ص: 96
سِوَاهُ خَيْراً عِنْدَ الله وَلَا أَحَبَّ إِلَى الله مِنْهُ، يُقْعِدُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى عَرْشِهِ، وَيُشَفِّعُهُ فِي كُلِّ مَنْ يَشْفَعُ فِيهِ(1)، بِاسْمِهِ جَرَى الْقَلَمُ(2) فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، وَبِصَاحِبِ اللِّوَاءِ يَوْمَ الْحَشْرِ الْأَكْبَرِ أَخِيهِ وَوَصِيِّهِ وَوَزِيرِهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي أُمَّتِهِ، وَمِنْ أَحَبِّ خَلْقِ الله إِلَى الله بَعْدَهُ، عَلِيٌّ ابْنُ عَمِّهِ لِأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَوَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدَهُ، ثُمَّ أَحَدَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ وُلْدِ مُحَمَّدٍ وَوُلْدِهِ، أَوَّلُهُمْ يُسَمَّى بِاسْمِ ابْنَيْ هَارُونَ(3) شَبَّراً وَشَبِيراً، وَتِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ أَصْغَرِهِمَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، آخِرُهُمُ الَّذِي يُصَلِّي عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ...» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ بِطُولِهِ(4).
[31/10] وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَبَانٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ (عليه السلام): إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ سَلْمَانَ وَمِنَ الْمِقْدَادِ وَمِنْ أَبِي ذَرٍّ أَشْيَاءَ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمِنَ الْأَحَادِيْثِ(5) عَنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غَيْرَ مَا فِي أَيْدِي النَّاسِ، ثُمَّ سَمِعْتُ مِنْكَ تَصْدِيقاً لِمَا سَمِعْتُ مِنْهُمْ، وَرَأَيْتُ فِي أَيْدِي النَّاسِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمِنَ الْأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يُخَالِفُونَهُمْ فِيهَا، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ(6) كَانَ كُلُّهُ بَاطِلاً، أَفَتَرَى أَنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مُتَعَمِّدِينَ، وَيُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِآرَائِهِمْ؟ً.
ص: 97
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ (عليه السلام) وَقَالَ: «قَدْ سَأَلْتَ فَافْهَمِ الْجَوَابَ، إِنَّ فِي أَيْدِي النَّاسِ حَقًّا وَبَاطِلاً، وَصِدْقاً وَكَذِباً، وَنَاسِخاً وَمَنْسُوخاً، وَخَاصًّا وَعَامًّا، وَمُحْكَماً وَمُتَشَابِهاً، وَحِفْظاً وَوَهَماً، وَقَدْ كُذِبَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عَلَى عَهْدِهِ حَتَّى قَامَ خَطِيباً فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ الْكِذَابَةُ(1)، فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ كُذِبَ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّمَا أَتَاكَ بِالْحَدِيثِ أَرْبَعَةٌ لَيْسَ لَهُمْ خَامِسٌ:
رَجُلٌ مُنَافِقٌ مُظْهِرٌ لِلْإِيمَانِ، مُتَصَنِّعٌ لِلْإِسْلَامِ بِاللِّسَانِ، لَا يَتَأَثَّمُ وَلَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مُتَعَمِّداً، فَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ(2) أَنَّهُ مُنَافِقٌ كَاذِبٌ مَا قَبِلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: هَذَا قَدْ صَحِبَ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَقَدْ رَآهُ، وَسَمِعَ مِنْهُ، [وَأَخَذُوا عَنْهُ، وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ حَالَهُ](3)، وَقَدْ أَخْبَرَكَ اللهُ عَنِ المُنَافِقِينَ بِمَا أَخْبَرَكَ(4)، وَوَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ، فَقَالَ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ [المنافقون: 4]، ثُمَّ بَقُوا بَعْدَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَتَقَرَّبُوا إِلَى أَئِمَّةِ الضَّلَالِ وَالدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ بِالزُّورِ وَالْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ، حَتَّى وَلَّوْهُمُ الْأَعْمَالَ، وَحَمَلُوهُمْ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ(5)، وَأَكَلُوا بِهِمُ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا).
ص: 98
النَّاسُ مَعَ المُلُوكِ وَالدُّنْيَا إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللهُ (عزَّ وجلَّ)، فَهَذَا(1) أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ.
وَرَجُلٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شَيْئاً وَلَمْ يَحْفَظْهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَوَهِمَ فِيهِ، وَلَمْ يَتَعَمَّدْ كَذِباً، فَهُوَ فِي يَدَيْهِ وَيَقُولُ بِهِ وَيَعْمَلُ بِهِ وَيَرْوِيهِ وَيَقُولُ: أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَلَوْ عَلِمَ المُسْلِمُونَ أَنَّهُ وَهِمَ فِيهِ لَمْ يَقْبَلُوا مِنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ هُوَ أَنَّهُ وَهَمٌ لَرَفَضَهُ.
وَرَجُلٌ ثَالِثٌ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شَيْئاً أَمَرَ بِهِ ثُمَّ نَهَى عَنْهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، أَوْ سَمِعَهُ يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَحَفِظَ المَنْسُوخَ وَلَمْ يَحْفَظِ النَّاسِخَ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضَهُ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ إِذَا سَمِعُوا مِنْهُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَرَفَضُوهُ(2).
وَرَجُلٌ رَابِعٌ لَمْ يَكْذِبْ عَلَى الله وَلَا عَلَى رَسُولِهِ، بُغْضاً لِلْكَذِبِ، وَخَوْفاً مِنَ الله (عزَّ وجلَّ)، وَتَعْظِيماً لِرَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَلَمْ يَسْهُ(3)، بَلْ حَفِظَ الْحَدِيثَ عَلَى وَجْهِهِ، فَجَاءَ بِهِ كَمَا سَمِعَهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ، وَحَفِظَ النَّاسِخَ وَالمَنْسُوخَ، فَعَمِلَ بِالنَّاسِخِ وَرَفَضَ المَنْسُوخَ.
وَإِنَّ أَمْرَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَنَهْيَهُ مِثْلُ الْقُرْآنِ، لَهُ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ، وَعَامٌّ وَخَاصٌّ، وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ، قَدْ كَانَ يَكُونُ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الْكَلَامُ لَهُ وَجْهَانِ: كَلَامٌ عَامٌّ، وَكَلَامٌ خَاصٌّ(4) مِثْلُ الْقُرْآنِ، قَالَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) فِي كِتَابِهِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ).
ص: 99
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7]، يَسْمَعُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلَمْ يَدْرِ(1) مَا عَنَى اللهُ (عزَّ وجلَّ)، وَلَا مَا عَنَى بِهِ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَلَيْسَ كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كَانَ يَسْأَلُهُ عَنِ الشَّيْءِ فَيَفْهَمُ، وَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْأَلُهُ وَلَا يَسْتَفْهِمُ، حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا لَيُحِبُّونَ أَنْ يَجِيءَ الْأَعْرَابِيُّ أَوِ الطَّارِيُّ فَيَسْأَلَ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حَتَّى يَسْمَعُوا، وَقَدْ كُنْتُ أَنَا أَدْخُلُ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كُلَّ يَوْمٍ دَخْلَةً وَكُلَّ لَيْلَةٍ دَخْلَةً، فَيُخْلِينِي فِيهَا خَلْوَةً أَدُورُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ غَيْرِي، فَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْتِي، يَأْتِينِي رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فِي بَيْتِي، وَكُنْتُ إِذَا دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ مَنَازِلِهِ أَخْلَانِي، وَأَقَامَ عَنِّي نِسَاءَهُ، فَلَا يَبْقَى عِنْدَهُ غَيْرِي، وَإِذَا أَتَانِي لِلْخَلْوَةِ مَعِي فِي مَنْزِلِي لَمْ تَقُمْ عَنِّي فَاطِمَةُ وَلَا أَحَدٌ مِنَ ابْنَيَّ، وَكُنْتُ إِذَا ابْتَدَأْتُ أَجَابَنِي، وَإِذَا سَكَتُّ عَنْهُ وَفَنِيَتْ مَسَائِلِي ابْتَدَأَنِي، وَدَعَا اللهَ أَنْ يُحَفِّظَنِي وَيُفَهِّمُنِي، فَمَا نَسِيتُ شَيْئاً قَطُّ مُذْ دَعَا لِي، وَإِنِّي قُلْتُ لِرَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يَا نَبِيَّ الله، إِنَّكَ مُنْذُ دَعَوْتَ اللهَ لِي بِمَا دَعَوْتَ لَمْ أَنْسَ مِمَّا عَلَّمْتَنِي شَيْئاً وَمَا تُمْلِيهِ عَلَيَّ، فَلِمَ تَأْمُرْنِي بِكَتْبِهِ؟ أَتَتَخَوَّفُ عَلَيَّ النِّسْيَانَ؟
فَقَالَ: يَا أَخِي، لَسْتُ أَتَخَوَّفُ عَلَيْكَ(2) النِّسْيَانَ، وَلَا الْجَهْلَ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي اللهُ (عزَّ وجلَّ) أَنَّهُ قَدِ اسْتَجَابَ لِي فِيكَ وَفِي شُرَكَائِكَ الَّذِينَ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكَ، وَإِنَّمَا تَكْتُبُهُ لَهُمْ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، وَمَنْ شُرَكَائِي؟
قَالَ: الَّذِينَ قَرَنَهُمُ اللهُ بِنَفْسِهِ وَبِي فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]، فَإِنْ خِفْتُمْ تَنَازُعاً فِي شَيْءٍ).
ص: 100
فَرُدُّوهُ(1) إِلَى الله وَإِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ(2).
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله، وَمَنْ هُمْ؟
قَالَ: الْأَوْصِيَاءُ إِلَى أَنْ يَرِدُوا عَلَيَّ حَوْضِي، كُلُّهُمْ هَادٍ مُهْتَدٍ، لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ، هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَهُمْ، لَا يُفَارِقُونَهُ وَلَا يُفَارِقُهُمْ، بِهِمْ تُنْصَرُ أُمَّتِي وَيُمْطَرُونَ، وَيُدْفَعُ عَنْهُمْ بِمُسْتَجَابَاتِ(3) دَعَوَاتِهِمْ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، سَمِّهِمْ لِي.
فَقَالَ: ابْنِي هَذَا - وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الْحَسَنِ -، ثُمَّ ابْنِي هَذَا - وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ -، ثُمَّ ابْنٌ لَهُ عَلَى اسْمِكَ يَا عَلِيُّ، ثُمَّ ابْنٌ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَقَالَ: سَيُولَدُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فِي حَيَاتِكَ، فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، ثُمَّ تَكْمِلَةُ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً.
قُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله، سَمِّهِمْ لِي، فَسَمَّاهُمْ رَجُلاً رَجُلاً، مِنْهُمْ وَالله يَا أَخَا بَنِي هِلَالٍ مَهْدِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ(4)، الَّذِي يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(5)،(6).).
ص: 101
ص: 102
[32/11] وَبِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، أَنَّ عَلِيًّا (عليه السلام) قَالَ لِطَلْحَةَ - فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ عِنْدَ ذِكْرِ تَفَاخُرِ المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ بِمَنَاقِبِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ -: «يَا طَلْحَةُ، أَلَيْسَ قَدْ شَهِدْتَ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حِينَ دَعَانَا بِالْكَتِفِ لِيَكْتُبَ فِيهَا مَا لَا تَضِلُّ الْأُمَّةُ بَعْدَهُ وَلَا تَخْتَلِفُ، فَقَالَ صَاحِبُكَ مَا قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله يَهْجُرُ، فَغَضِبَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَتَرَكَهَا؟».
ص: 103
قَالَ: بَلَى قَدْ شَهِدْتُهُ.
قَالَ: «فَإِنَّكُمْ لَ-مَّا خَرَجْتُمْ أَخْبَرَنِي رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِالَّذِي أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِيهَا وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ الْعَامَّةَ، وَأَنَّ جَبْرَئِيلَ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ عَلِمَ أَنَّ الْأُمَّةَ سَتَخْتَلِفُ وَتَفْتَرِقُ، ثُمَّ دَعَا بِصَحِيفَةٍ فَأَمْلَى عَلَيَّ مَا أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فِي الْكَتِفِ، وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةَ رَهْطٍ: سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ، وَأَبَا ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادَ، وَسَمَّى مَنْ يَكُونُ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى الَّذِينَ أَمَرَ المُؤْمِنِينَ بِطَاعَتِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَسَمَّانِي أَوَّلَهُمْ، ثُمَّ ابْنِي هَذَا حَسَنٌ، ثُمَّ ابْنِي هَذَا حُسَيْنٌ، ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ ابْنِي هَذَا حُسَيْنٍ، كَذَلِكَ يَا أَبَا ذَرٍّ، وَأَنْتَ يَا مِقْدَادُ؟».
قَالَا: نَشْهَدُ بِذَلِكَ عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فَقَالَ طَلْحَةُ: وَالله لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ لِأَبِي ذَرٍّ: «مَا أَقَلَّتِ(1) الْغَبْرَاءُ، وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ(2) ذَا لَهْجَةٍ(3) أَصْدَقَ وَلَا أَبَرَّ مِنْ أَبِي ذَرٍّ»، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ أَصْدَقُ وَأَبَرُّ عِنْدِي مِنْهُمَا(4).
[33/12] وَبِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ هَمَّامٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام): «مَرَرْتُ يَوْماً بِرَجُلٍ - سَمَّاهُ لِي -، فَقَالَ: مَا مَثَلُ مُحَمَّدٍ إِلَّا كَمَثَلِ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي كبَاةٍ(5).).
ص: 104
فَأَتَيْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَغَضِبَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَخَرَجَ مُغْضَباً وَأَتَى الْمِنْبَرَ، فَفَزِعَتِ(1) الْأَنْصَارُ إِلَى السِّلَاحِ لِمَا رَأَوْا مِنْ غَضَبِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
قَالَ: فَمَا بَالُ أَقْوَامٍ يُعَيِّرُونِي بِقَرَابَتِي وَقَدْ سَمِعُونِي أَقُولُ فِيهِمْ مَا أَقُولُ مِنْ تَفْضِيلِ الله تَعَالَى إِيَّاهُمْ وَمَا اخْتَصَّهُمْ بِهِ مِنْ إِذْهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُمْ وَتَطْهِيرِ الله إِيَّاهُمْ؟ وَقَدْ سَمِعُوا مَا قُلْتُهُ فِي فَضْلِ أَهْلِ بَيْتِي وَوَصِيِّي، وَمَا أَكْرَمَهُ اللهُ بِهِ وَخَصَّهُ وَفَضَّلَهُ، مِنْ سَبْقِهِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَبَلَائِهِ فِيهِ، وَقَرَابَتِهِ مِنِّي، وَأَنَّهُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، ثُمَّ يَمُرُّ بِهِ فَزَعَمَ أَنَّ مَثَلِي فِي أَهْلِ بَيْتِي كَمَثَلِ نَخْلَةٍ نَبَتَتْ فِي أَصْلِ حَشٍّ(2)؟
أَلَا إِنَّ اللهَ خَلَقَ خَلْقَهُ وَفَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِ الْفِرْقَتَيْنِ، وَفَرَّقَ).
ص: 105
الْفِرْقَةَ ثَلَاثَ شُعَبٍ، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا شَعْباً، وَخَيْرِهَا قَبِيلَةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيُوتاً، فَجَعَلَنِي فِي خَيْرِهَا بَيْتاً، حَتَّى خَلَصْتُ فِي أَهْلِ بَيْتِي وَعِتْرَتِي وَبَنِي أَبِي(1)، أَنَا وَأَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، نَظَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ نَظْرَةً وَاخْتَارَنِي مِنْهُمْ، ثُمَّ نَظَرَ نَظْرَةً فَاخْتَارَ عَلِيًّا أَخِي، وَوَزِيرِي، وَوَارِثِي، وَوَصِيِّي، وَخَلِيفَتِي فِي أُمَّتِي، وَوَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي، مَنْ وَالَاهُ فَقَدْ وَالَى اللهَ، وَمَنْ عَادَاهُ فَقَدْ عَادَى اللهَ(2)، وَمَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّهُ اللهُ، وَمَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَهُ اللهُ، لَا يُحِبُّهُ إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ، وَلَا يُبْغِضُهُ إِلَّا كُلُّ كَافِرٍ، هُوَ زِرُّ الْأَرْضِ(3) بَعْدِي وَسَكَنِهَا، وَهُوَ كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَعُرْوَةُ الله الْوُثْقَى، ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ الله بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ﴾ [التوبة: 32]، يُرِيدُ أَعْدَاءُ الله أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ أَخِي، وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ.
أَيُّهَا النَّاسُ، لِيُبَلِّغْ مَقَالَتِي شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ نَظَرَ نَظْرَةً ثَالِثَةً فَاخْتَارَ مِنْ أَهْلَ بَيْتِي بَعْدِي، وَهُمْ خِيَارُ أُمَّتِي، أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً بَعْدَ أَخِي وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، كُلَّمَا هَلَكَ وَاحِدٌ قَامَ وَاحِدٌ، مِثْلَهُمْ فِي أُمَّتِي(4) كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ، كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، إِنَّهُمْ أَئِمَّةٌ هُدَاةٌ مَهْدِيُّونَ، لَا يَضُرُّهُمْ كَيْدُ مَنْ كَادَهُمْ، وَلَا خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ، بَلْ يُضِرُّ اللهُ بِذَلِكَ مَنْ كَادَهُمْ وَخَذَلَهُمْ، هُمْ حُجَجُ الله فِي أَرْضِهِ، وَشُهَدَاؤُهُ عَلَى خَلْقِهِ(5)، مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَاهُمْ عَصَى اللهَ، هُمْ مَعَ الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مَعَهُمْ لَا يُفَارِقُهُمْ وَلَا يُفَارِقُونَهُ حَتَّى يَرِدُوا عَلَيَّ).
ص: 106
حَوْضِي، وَأَوَّلُ الْأَئِمَّةِ أَخِي عَلِيٌّ خَيْرُهُمْ، ثُمَّ ابْنِي حَسَنٌ، ثُمَّ ابْنِي حُسَيْنٌ، ثُمَّ تِسْعَةٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ...» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ(325).
[34/13] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ المَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ(1)، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): مَا مَعْنَى قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً﴾ [الفرقان: 11]؟
قَالَ لِي: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ السَّنَةَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْراً، وَجَعَلَ اللَّيْلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً، وَجَعَلَ النَّهَارَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً(2)، وَمِنَّا اثْنَيْ عَشَرَ مُحَدَّثاً، وَكَانَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مِنْ تِلْكَ السَّاعَاتِ».
[35/14] وَبِهِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ ثَابِتِ بْنِ شُرَيْحٍ(3)، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عليهما السلام)(4) يَقُولُ: «مِنَّا اثْنَا(325) فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن عقدة (ص 158 و159/ ح 158)؛ وراجع: كتاب سُلَيم بن قيس (ص 235 و236).).
ص: 107
عَشَرَ مُحَدَّثاً».
[36/15] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ(1)، عَنْ أَبِي السَّائِبِ(2)، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام): «اللَّيْلُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، وَالنَّهَارُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً، وَالشُّهُورُ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً، وَالْأَئِمَّةُ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً، وَالنُّقَبَاءُ اثْنَا عَشَرَ نَقِيباً، وَإِنَّ عَلِيًّا سَاعَةٌ مِنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَاعَةً، وَهُوَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً﴾ [الفرقان: 11]»(3).
[37/16] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ بِقُمَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ(5)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ(6)، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام).).
ص: 108
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ: وَحَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ سِنَانٍ، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ؟
قَالَ: «إِنَّ فَضْلَ أَوَّلِنَا يَلْحَقُ فَضْلَ آخِرِنَا، وَفَضْلَ آخِرِنَا يَلْحَقُ فَضْلَ أَوَّلِنَا(1)، فَكُلٌّ لَهُ فَضْلٌ».
قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَسِّعْ عَلَيَّ فِي الْجَوَابِ فَإِنِّي وَالله مَا أَسْأَلُكَ إِلَّا مُرْتَاداً(2).
فَقَالَ: «نَحْنُ مِنْ شَجَرَةٍ بَرَأَنَا اللهُ مِنْ طِينَةٍ وَاحِدَةٍ، فَضْلُنَا مِنَ الله، وَعِلْمُنَا مِنْ عِنْدِ الله، وَنَحْنُ أُمَنَاءُ الله عَلَى خَلْقِهِ، وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ، وَالْحُجَّابُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، أَزِيدُكَ يَا زَيْدُ؟».
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: «خَلْقُنَا وَاحِدٌ، وَعِلْمُنَا وَاحِدٌ، وَفَضْلُنَا وَاحِدٌ، وَكُلُّنَا وَاحِدٌ عِنْدَ الله(عزَّ وجلَّ)».
فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِعِدَّتِكُمْ.
فَقَالَ: «نَحْنُ اثْنَا عَشَرَ - هَكَذَا - حَوْلَ عَرْشِ رَبِّنَا (جَلَّ وَعَزَّ) فِي مُبْتَدَإِ خَلْقِنَا، أَوَّلُنَا مُحَمَّدٌ، وَأَوْسَطُنَا مُحَمَّدٌ، وَآخِرُنَا مُحَمَّدٌ».
[38/17] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ فُضَيْلٍ الرَّسَّانِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ).
ص: 109
الْبَاقِرِ (عليهما السلام) ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قَالَ لِي: «يَا أَبَا حَمْزَةَ، مِنَ المَحْتُومِ الَّذِي لَا تَبْدِيلَ لَهُ عِنْدَ الله قِيَامُ قَائِمِنَا، فَمَنْ شَكَّ فِيمَا أَقُولُ لَقِيَ اللهَ سُبْحَانَهُ وَهُوَ بِهِ كَافِرٌ وَلَهُ جَاحِدٌ».
ثُمَّ قَالَ: «بِأَبِي وَأُمِّي المُسَمَّى بِاسْمِي، وَالمُكَنَّى بِكُنْيَتِي، السَّابِعُ مِنْ بَعْدِي، بِأَبِي مَنْ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً».
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَنْ أَدْرَكَهُ فَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ فَمَا سَلَّمَ لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ (عليهما السلام)، وَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَمَأْواهُ النَّارُ، وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ».
وأوضح من هذا بحمد الله وأنور وأبين وأزهر لمن هداه الله وأحسن إليه قول الله (عزَّ وجلَّ) في محكم كتابه: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ [التوبة: 36]، ومعرفة الشهور - المحرَّم وصفر وربيع وما بعده، والحُرُم منها هي: رجب(1) وذو القعدة وذو الحجَّة والمحرَّم - لا تكون ديناً قيِّماً، لأنَّ اليهود والنصارى والمجوس وسائر المِلَل والناس جميعاً من الموافقين والمخالفين يعرفون هذه الشهور ويعدُّونها بأسمائها، وإنَّما هم الأئمَّة (عليهم السلام) والقوَّامون بدين الله، والحُرُم منها أمير المؤمنين عليٌّ الذي اشتقَّ الله تعالى له اسماً من اسمه العليِّ، كما اشتقَّ لرسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اسماً من اسمه المحمود، وثلاثة من ولده أسماؤهم عليٌّ: عليُّ بن الحسين، وعليُّ بن موسى، وعليُّ بن محمد، فصار لهذا الاسم المشتقِّ من اسم الله (عزَّ وجلَّ) حرمة به، وصلوات الله على محمّد وآله المكرَّمين المتحرَّمين به(2).
ص: 110
[39/18] أَخْبَرَنَا سَلَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ المَعْرُوفُ بِالْحَاجِيِّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعَلَوِيُّ الْعَبَّاسِيُّ الرَّازِيُّ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ كَثِيرٍ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) بِالمَدِينَةِ، فَقَالَ لِي: «مَا الَّذِي أَبْطَأَ بِكَ يَا دَاوُدُ عَنَّا؟».
فَقُلْتُ: حَاجَةٌ عَرَضَتْ بِالْكُوفَةِ.
فَقَالَ: «مَنْ خَلَّفْتَ بِهَا؟».
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، خَلَّفْتُ بِهَا عَمَّكَ زَيْداً، تَرَكْتُهُ رَاكِباً عَلَى فَرَسٍ مُتَقَلِّداً سَيْفاً(5)، يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: سَلُونِي سَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي، فَبَيْنَ).
ص: 111
جَوَانِحِي عِلْمٌ جَمٌّ، قَدْ عَرَفْتُ النَّاسِخَ مِنَ المَنْسُوخِ، وَالمَثَانِيَ وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ، وَإِنِّي الْعَلَمُ بَيْنَ الله وَبَيْنَكُمْ.
فَقَالَ لِي: «يَا دَاوُدُ، لَقَدْ ذَهَبَتْ بِكَ المَذَاهِبُ»، ثُمَّ نَادَى: «يَا سَمَاعَةَ بْنَ مِهْرَانَ، ائتِنِي بِسَلَّةِ الرُّطَبِ».
فَأَتَاهُ بِسَلَّةٍ فِيهَا رُطَبٌ، فَتَنَاوَلَ مِنْهَا رُطَبَةً فَأَكَلَهَا، وَاسْتَخْرَجَ النَّوَاةَ مِنْ فِيهِ فَغَرَسَهَا فِي الْأَرْضِ، فَفَلَقَتْ وَأَنْبَتَتْ وَأَطْلَعَتْ وَأَغْدَقَتْ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى بُسْرَةٍ مِنْ عَذْقٍ فَشَقَّهَا وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا رَقًّا(1) أَبْيَضَ فَفَضَّهُ وَدَفَعَهُ إِلَيَّ، وَقَالَ: «اقْرَأْهُ».
فَقَرَأْتُهُ، وَإِذَا فِيهِ سَطْرَانِ السَّطْرُ الْأَوَّلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، وَالثَّانِي: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ الله يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [التوبة: 36]، أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، الْخَلَفُ الْحُجَّةُ.
ثُمَّ قَالَ: «يَا دَاوُدُ، أَتَدْرِي مَتَى كُتِبَ هَذَا فِي هَذَا؟».
قُلْتُ: اللهُ أَعْلَمُ، وَرَسُولُهُ، وَأَنْتُمْ.
فَقَالَ: «قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللهُ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ»(2).
[40/19] أَخْبَرَنَا سَلَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّيَّارِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ. قَالَ: وَحَدَّثَنَا).
ص: 112
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ الله الخبائيُّ(1)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ مَيْمُونٍ الشَّعِيرِيِّ(2)، عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ(3)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِبْرَاهِيمَ مُوسَى بْنَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) خَلَقَ بَيْتاً مِنْ نُورٍ جَعَلَ قَوَائِمَهُ أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ، [كَتَبَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةَ أَسْمَاءٍ](4): تَبَارَكَ، وَسُبْحَانَ، وَالْحَمْدَ، وَاللهَ(5). ثُمَّ خَلَقَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةً وَمِنَ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةً(6)، ثُمَّ قَالَ (جَلَّ وَعَزَّ): ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنَا عَشَرَ شَهْراً﴾ [التوبة: 36]»(7).).
ص: 113
[41/20] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: 10 و11].
قَالَ: «نَطَقَ اللهُ بِهَا يَوْمَ ذَرَأَ الْخَلْقَ فِي الْمِيثَاقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ بِأَلْفَيْ عَامٍ».
فَقُلْتُ: فَسِّرْ لِي ذَلِكَ.
فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ (جلَّ وعزَّ) لَ-مَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ خَلَقَهُمْ مِنْ طِينٍ، وَرَفَعَ
ص: 114
لَهُمْ نَاراً، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَهَا مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَأَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَتِسْعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِمَامٌ بَعْدَ إِمَامٍ، ثُمَّ أَتْبَعَهُمْ بِشِيعَتِهِمْ، فَهُمْ وَالله السَّابِقُونَ».
[42/21] حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَمَّارٍ الْكُوفِيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ هِشَامٍ اللُّؤْلُؤِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيِّ(2)، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام)، فَإِنِّي عِنْدَهُ جَالِسٌ إِذْ دَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى وَهُوَ غُلَامٌ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَبَّلْتُهُ وَجَلَسْتُ.
فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «يَا إِبْرَاهِيمُ، أَمَا إِنَّهُ صَاحِبُكَ مِنْ بَعْدِي، أَمَا لَيَهْلِكَنَّ فِيهِ أَقْوَامٌ وَيَسْعَدُ آخَرُونَ، فَلَعَنَ اللهُ قَاتِلَهُ وَضَاعَفَ عَلَى رُوحِهِ الْعَذَابَ، أَمَا لَيُخْرِجَنَّ اللهُ (عزَّ وجلَّ) مِنْ صُلْبِهِ خَيْرَ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي زَمَانِهِ، سَمِيَّ جَدِّهِ، وَوَارِثَ عِلْمِهِ وَأَحْكَامِهِ وَقَضَايَاهُ، وَمَعْدِنَ الْإِمَامَةِ، وَرَأْسَ الْحِكْمَةِ، يَقْتُلُهُ جَبَّارُ بَنِي فُلَانٍ بَعْدَ عَجَائِبَ طَرِيفَةٍ حَسَداً لَهُ، وَلَكِنَ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ، يُخْرِجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ تَكْمِلَةَ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً مَهْدِيًّا، اخْتَصَّهُمُ اللهُ بِكَرَامَتِهِ، وَأَحَلَّهُمْ دَارَ قُدْسِهِ، المُنْتَظِرُ لِلثَّانِي عَشَرَ، الشَّاهِرُ سَيْفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَانَ كَالشَّاهِرِ سَيْفَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَذُبُّ عَنْهُ».
وَدَخَلَ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي بَنِي أُمَيَّةَ فَانْقَطَعَ الْكَلَامُ، فَعُدْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَحَدَ عَشَرَ مَرَّةً أُرِيدُ أَنْ يَسْتَتِمَّ الْكَلَامَ فَمَا قَدَرْتُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ قَابِلُح.
ص: 115
- السَّنَةِ الثَّانِيَةِ - دَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَقَالَ: «يَا إِبْرَاهِيمُ، هُوَ المُفَرِّجُ لِلْكَرْبِ عَنْ شِيعَتِهِ بَعْدَ ضَنْكٍ شَدِيدٍ، وَبَلَاءٍ طَوِيلٍ، وَجَوْرٍ(1) وَخَوْفٍ، فَطُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ، حَسْبُكَ يَا إِبْرَاهِيمُ».
قَالَ: فَمَا رَجَعْتُ بِشَيْءٍ أَسَرَّ إِلَيَّ مِنْ هَذَا لِقَلْبِي، وَلَا أَقَرَّ لِعَيْنِي(2).
[43/22] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله الْحُسَيْنُ(3) بْنُ مُحَمَّدٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ جَعْفَرٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ ابْنِ أُخْتِ خَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيِّ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ(5)، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى حُمْرَانَ فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: «يَا حُمْرَانُ، عَجَباً لِلنَّاسِ كَيْفَ غَفَلُوا، أَمْ نَسُوا، أَمْ تَنَاسَوْا فَنَسُوا قَوْلَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حِينَ مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّاسُ يَعُودُونَهُ وَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ حَتَّى إِذَا غَصَّ بِأَهْلِهِ الْبَيْتُ(6) جَاءَ عَلِيٌّ (عليه السلام) فَسَلَّمَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَخَطَّاهُمْ(7) إِلَيْهِ وَلَمْ يُوَسِّعُوا لَهُ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ).
ص: 116
الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذَلِكَ رَفَعَ مِخَدَّتَهُ(1) وَقَالَ: إِلَيَّ يَا عَلِيُّ، فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ ذَلِكَ زَحَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَأَفْرَجُوا حَتَّى تَخَطَّاهُمْ، وَأَجْلَسَهُ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَى جَانِبِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا أَنْتُمْ تَفْعَلُونَ بِأَهْلِ بَيْتِي فِي حَيَاتِي مَا أَرَى، فَكَيْفَ بَعْدَ وَفَاتِي؟! وَالله لَا تَقْرُبُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي قُرْبَةً إِلَّا قَرُبْتُمْ مِنَ الله مَنْزِلَةً، وَلَا تَبَاعَدُونَ عَنْهُمْ خُطْوَةً وَتُعْرِضُونَ عَنْهُمْ إِلَّا أَعْرَضَ اللهُ عَنْكُمْ.
ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا مَا أَقُولُ لَكُمْ، أَلَا إِنَّ الرِّضَا وَالرِّضْوَانَ وَالْجَنَّةَ(2) لِمَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا وَتَوَلَّاهُ، وَائْتَمَّ بِهِ وَبِفَضْلِهِ، وَبِأَوْصِيَائِي بَعْدَهُ، وَحَقٌّ عَلَى رَبِّي أَنْ يَسْتَجِيبَ لِي فِيهِمْ، إِنَّهُمْ اثْنَا عَشَرَ وَصِيًّا، وَمَنْ تَبِعَهُ(3) فَإِنَّهُ مِنِّي، إِنِّي مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِبْرَاهِيمُ مِنِّي، وَدِينِي دِينُهُ وَدِينُهُ دِينِي، وَنِسْبَتُهُ نِسْبَتِي وَنِسْبَتِي نِسْبَتُهُ(4)، وَفَضْلِي فَضْلُهُ وَأَنَا أَفْضَلُ مِنْهُ وَلَا فَخْرَ، يُصَدِّقُ قَوْلِي قَوْلُ رَبِّي: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 34]».
[44/23] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْقُوهِسْتَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَدْرُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بَدْرٍ الْأَنْمَاطِيُّ فِي سُوقِ اللَّيْلِ بِمَكَّةَ - وَكَانَ شَيْخاً نَفِيساً مِنْ إِخْوَانِنَا الْفَاضِلِينَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ قَزْوِينَ - فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقُ بْنُ بَدْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي بَدْرُ اِبْنُ عِيسَى(5)، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي عِيسَى بْنُ مُوسَى - وَكَانَ رَجُلاً مَهِيباً -، فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَدْرَكْتَ مِنَ التَّابِعِينَ؟ن.
ص: 117
فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا تَقُولُ لِي، وَلَكِنِّي كُنْتُ بِالْكُوفَةِ، فَسَمِعْتُ شَيْخاً فِي جَامِعِهَا يَتَحَدَّثُ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَا عَلِيُّ، الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ المُهْتَدُونَ المَعْصُومُونَ(1) مِنْ وُلْدِكَ أَحَدَ عَشَرَ إِمَاماً، وَأَنْتَ أَوَّلُهُمْ، آخِرُهُمُ اسْمُهُ اسْمِي، يَخْرُجُ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً، يَأْتِيهِ الرَّجُلُ وَالمَالُ كُدْسٌ، فَيَقُولُ: يَا مَهْدِيُّ، أَعْطِنِي، فَيَقُولُ: خُذْ»(2).
[45/24] حَدَّثَنَا أَبُو الْحَارِثِ عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ سَهْلٍ الطَّبَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الله الدَّسْتُوَائِيُّ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ(4)، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليهما السلام)، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) أَوْحَى إِلَيَّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي: يَا مُحَمَّدُ، مَنْ خَلَّفْتَ فِي الْأَرْضِ فِي(5) أُمَّتِكَ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ -؟).
ص: 118
قُلْتُ: يَا رَبِّ، أَخِي.
قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، يَا رَبِّ.
قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا، فَلَا أُذْكَرُ حَتَّى تُذْكَرُ مَعِي، فَأَنَا المَحْمُودُ وَأَنْتَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ إِنِّي اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً أُخْرَى فَاخْتَرْتُ مِنْهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَجَعَلْتُهُ وَصِيَّكَ، فَأَنْتَ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلِيٌّ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ شَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي، فَأَنَا الْأَعْلَى وَهُوَ عَلِيٌّ.
يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي خَلَقْتُ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَالْأَئِمَّةَ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ عَرَضْتُ وَلَايَتَهُمْ عَلَى المَلَائِكَةِ، فَمَنْ قَبِلَهَا كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ، وَمَنْ جَحَدَهَا كَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ.
يَا مُحَمَّدُ، لَوْ أَنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِي عَبَدَنِي حَتَّى يَنْقَطِعَ ثُمَّ لَقِيَنِي جَاحِداً لِوَلَايَتِهِمْ أَدْخَلْتُهُ نَارِي.
ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَتُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ؟
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: تَقَدَّمْ أَمَامَكَ.
فَتَقَدَّمْتُ أَمَامِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْحَسَنُ، وَالْحُسَيْنُ، وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَالْحُجَّةُ الْقَائِمُ كَأَنَّهُ الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ فِي وَسْطِهِمْ.
فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟
قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ، وَهَذَا الْقَائِمُ مُحَلِّلٌ حَلَالِي، وَمُحَرِّمٌ حَرَامِي، وَيَنْتَقِمُ مِنْ
ص: 119
أَعْدَائِي. يَا مُحَمَّدُ، أَحْبِبْهُ فَإِنِّي أُحِبُّهُ وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ»(1).
[46/25] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، قَالَ: «يَكُونُ تِسْعَةُ أَئِمَّةٍ بَعْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ(2)»(3).
[47/26] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَمُّونٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ كَرَّامٍ(4)، قَالَ: حَلَفْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي أَلَّا آكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَقُلْتُ لَهُ: رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِكَ جَعَلَ لله عَلَيْهِ أَلَّا يَأْكُلَ طَعَاماً بِنَهَارٍ أَبَداً حَتَّى يَقُومَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ.
فَقَالَ: «صُمْ يَا كَرَّامُ، وَلَا تَصُمِ الْعِيدَيْنِ، وَلَا ثَلَاثَةَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا إِذَا كُنْتَ مُسَافِراً(5)، فَإِنَّ الْحُسَيْنَ (عليه السلام) لَ-مَّا قُتِلَ عَجَّتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْهِمَا وَالمَلَائِكَةُ، فَقَالُوا: يَا رَبَّنَا، أَتَأْذَنُ لَنَا(6) فِي هَلَاكِ الْخَلْقِ حَتَّى نَجُذَّهُمْ مِنْ).
ص: 120
جَدِيدِ الْأَرْضِ بِمَا اسْتَحَلُّوا حُرْمَتَكَ وَقَتَلُوا صَفْوَتَكَ؟ فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِمْ: يَا مَلَائِكَتِي، وَيَا سَمَائِي، وَيَا أَرْضِي، اسْكُنُوا. ثُمَّ كَشَفَ حِجَاباً مِنَ الْحُجُبِ، فَإِذَا خَلْفَهُ مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَاثْنَا عَشَرَ وَصِيًّا لَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِ فُلَانٍ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَقَالَ: يَا مَلَائِكَتِي، وَيَا سَمَاوَاتِي، وَيَا أَرْضِي، بِهَذَا أَنْتَصِرُ مِنْهُمْ لِهَذَا - قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -».
وَجَاءَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ: «بِهَذَا أَنْتَصِرُ مِنْهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ»(1)،(2).
[48/27] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ).
ص: 121
سُلَيْمِ بْنِ قَيْسٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ جَعْفَرٍ الطَّيَّارَ يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ أَنَا وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ الله بْنُ عَبَّاسٍ وَعُمَرُ ابْنُ أُمِّ سَلَمَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَجَرَى بَيْنِي وَبَيْنَ مُعَاوِيَةَ كَلَامٌ، فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «أَنَا أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا اسْتُشْهِدَ عَلِيٌّ فَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ ابْنِيَ الْحُسَيْنُ مِنْ بَعْدِهِ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَإِذَا اسْتُشْهِدَ فَابْنُهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ - وَسَتُدْرِكُهُ يَا عَلِيُّ -، ثُمَّ ابْنُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ - وَسَتُدْرِكُهُ يَا حُسَيْنُ -، ثُمَّ تُكَمِّلُهُ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً تِسْعَةً مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ».
قَالَ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ: فَاسْتَشْهَدْتُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَعَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسٍ وَعُمَرَ ابْنَ أُمِّ سَلَمَةَ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَشَهِدُوا.
قَالَ سُلَيْمٌ: وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَالْمِقْدَادِ وَأَبِي ذَرٍّ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)،(1)،(2).).
ص: 122
[49/28] مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدِ بْنِ يَقْطِينٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي بَصِيرٍ وَمَعَنَا مَوْلًى لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مُحَدَّثاً، السَّابِعُ مِنْ بَعْدِي وُلْدِي الْقَائِمُ».
فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو بَصِيرٍ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وقال أبو الحسن الشجاعي (رحمه الله): هذان الحديثان ممَّا استدركهما أبو عبد الله (رحمه الله) بعد فراغه ونسخي الكتاب.
[50/29] أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسِ بْنِ رُمَّانَةَ الْأَشْعَرِيُّ(1) مِنْ كِتَابِهِ،).
ص: 123
قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مِهْزَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَاقَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخَزَّازُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِ أَبِي يَحْيَى المَدَنِيِّ(1)، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رَبِيبِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَعَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، قَالَ: قَالَا: شَهِدْنَا الصَّلَاةَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ حِينَ مَاتَ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ حَوْلَ عُمَرَ وَقَدْ بُويِعَ إِذْ جَاءَهُ فَتًى يَهُودِيٌّ مِنْ يَهُودِ المَدِينَةِ كَانَ أَبُوهُ عَالِمَ الْيَهُودِ بِالمَدِينَةِ، وَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ وُلْدِ هَارُونَ، فَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ، وَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَيُّكُمْ أَعْلَمُ بِكِتَابِكُمْ وَسَنَةِ نَبِيِّكُمْ؟
فَقَالَ عُمَرُ: هَذَا - وَأَشَارَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) - وَقَالَ: هَذَا أَعْلَمُنَا بِكِتَابِنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا.
فَقَالَ الْفَتَى: أَخْبِرْنِي أَأَنْتَ كَذَا؟
قَالَ: «نَعَمْ، سَلْنِي عَنْ حَاجَتِكَ».
فَقَالَ: إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثٍ وَوَاحِدَةٍ.
قَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «أَفَلَا تَقُولُ: أَسْأَلُكَ عَنْ سَبْعٍ؟».
فَقَالَ الْفَتَى: لَا، وَلَكِنْ أَسْأَلُكَ عَنِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ أَصَبْتَ فِيهِنَّ سَأَلْتُكَ عَنِ الثَّلَاثِ الْأُخَرِ، فَإِنْ أَصَبْتَ فِيهِنَّ سَأَلْتُكَ عَنِ الْوَاحِدَةِ، فَإِنْ لَمْ تُصِبْ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ سَكَتُّ وَلَمْ أَسْأَلْكَ عَنْ شَيْءٍ.
قَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عليه السلام): «يَا يَهُودِيُّ، فَإِنْ أَخْبَرْتُكَ بِالصَّوَابِ وَبِالْحَقِّ تَعْلَمُ أَنِّي أَخْطَأْتُ أَوْ أَصَبْتُ؟».
قَالَ: نَعَمْ.ً.
ص: 124
قَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «فَبِالله لَئِنْ أَصَبْتُ فِيمَا تَسْأَلُنِي عَنْهُ لَتُسْلِمَنَّ وَلَتَدَعَنَّ الْيَهُودِيَّةَ؟».
قَالَ: نَعَمْ، لَكَ اللهُ عَلَيَّ لَئِنْ أَصَبْتَ لَأُسْلِمَنَّ وَلَأَدَعَنَّ الْيَهُودِيَّةَ.
قَالَ: «فَاسْأَلْ عَنْ حَاجَتِكَ».
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَأَوَّلِ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ فِي الْأَرْضِ، وَأَوَّلِ عَيْنٍ أُنْبِعَتْ فِي الْأَرْضِ.
قَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «يَا يَهُودِيُّ، أَمَّا أَوَّلُ حَجَرٍ وُضِعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَإِنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ: الصَّخْرَةُ الَّتِي فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، وَكَذَبُوا، وَلَكِنَّهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ، نَزَلَ بِهِ آدَمُ (عليه السلام) مِنَ الْجَنَّةِ، فَوَضَعَهُ فِي الرُّكْنِ، وَالمُؤْمِنُونَ يَسْتَلِمُونَهُ لِيُجَدِّدُوا الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ لله (عزَّ وجلَّ) بِالْوَفَاءِ.
وَأَمَّا قَوْلُكَ: أَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ: الزَّيْتُونَةُ، وَكَذَبُوا، وَلَكِنَّهَا النَّخْلَةُ الْعَجْوَةُ، نَزَلَ بِهَا آدَمُ (عليه السلام) مِنَ الْجَنَّةِ وَبِالْفَحْلِ، فَأَصْلُ الثَّمَرَةِ كُلِّهَا الْعَجْوَةُ(1).
وَأَمَّا الْعَيْنُ، فَإِنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ بِأَنَّهَا الْعَيْنُ تَحْتَ الصَّخْرَةِ، وَكَذَبُوا، وَلَكِنَّهَا عَيْنُ الْحَيَاةِ الَّتِي لَا يَغْمِسُ فِيهَا مَيِّتٌ إِلَّا حَيَّ، وَهِيَ عَيْنُ مُوسَى الَّتِي نَسِيَ عِنْدَهَا السَّمَكَةَ المَمْلُوحَةَ، فَلَمَّا مَسَّهَا المَاءُ عَاشَتْ وَانْسَرَبَتْ فِي الْبَحْرِ، فَاتَّبَعَهَا مُوسَى وَفَتَاهَ حِينَ لَقِيَا الْخَضِرَ».
فَقَالَ الْفَتَى: أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ صَدَقْتَ وَقُلْتَ الْحَقَّ، وَهَذَا كِتَابٌ وَرِثْتُهُ عَنْ آبَائِي إِمْلَاءُ مُوسَى (عليه السلام) وَخَطُّ هَارُونَ (عليه السلام) بِيَدِهِ، وَفِيهِ هَذه الْخِصَالُ السَّبْعُ، وَالله لَئِنْ أَصَبْتَ فِي بَقِيَّةِ السَّبْعِ لَأَدَعَنَّ دِينِي وَأَتَّبِعَنَّ دِينَكَ.ل.
ص: 125
فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «سَلْ».
فَقَالَ: أَخْبِرْنِي كَمْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا مِنْ إِمَامِ هُدًى لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ؟ وَأَخْبِرْنِي عَنْ مَوْضِعِ مُحَمَّدٍ فِي الْجَنَّةِ أَيُّ مَوْضِعٍ هُوَ؟ وَكَمْ مَعَ مُحَمَّدٍ فِي مَنْزِلَتِهِ(1)؟
فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «يَا يَهُودِيُّ، لِهَذِهِ الْأُمَّةِ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً مَهْدِيًّا، كُلُّهُمْ هَادٍ مَهْدِيٌّ، لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ. وَمَوْضِعُ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي أَفْضَلِ مَنَازِلِ جَنَّةِ عَدْنٍ وَأَقْرَبِهَا مِنَ الله وَأَشْرَفِهَا. وَأَمَّا الَّذِي مَعَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فِي مَنْزِلَتِهِ فَالاثْنَا عَشَرَ الْأَئِمَّةُ المَهْدِيُّونَ».
قَالَ الْيَهُودِيُّ: وَأَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ صَدَقْتَ وَقُلْتَ الْحَقَّ، لَئِنْ أَصَبْتَ فِي الْوَاحِدَةِ كَمَا أَصَبْتَ فِي السِّتَّةِ وَالله لَأُسْلِمَنَّ السَّاعَةَ عَلَى يَدِكَ وَلَأَدَعَنَّ الْيَهُودِيَّةَ.
قَالَ لَهُ: «اسْأَلْ».
قَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ خَلِيفَةِ مُحَمَّدٍ كَمْ يَعِيشُ بَعْدَهُ، وَيَمُوتُ مَوْتاً أَوْ يُقْتَلُ قَتْلاً؟
قَالَ: «يَعِيشُ بَعْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، ويُخْضَبُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ - وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ وَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ -».
فَقَالَ الْفَتَى: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَأَنَّكَ خَلِيفَةُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عَلَى الْأُمَّةِ، وَمَنْ تَقَدَّمَ كَانَ مُفْتَرٍ. ثُمَّ خَرَجَ(2).).
ص: 126
[51/30] وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ اِبْنُ زِيَادٍ مِنْ كِتَابِهِ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ(1)، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْبَصْرِيِّ(2)، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ المُؤَدِّبِ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَ مُؤَدِّباً لِبَعْضِ وُلْدِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) -، قَالَ: قَالَ: لَ-مَّا تُوُفِّيَ(3) رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دَخَلَ المَدِينَةَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ دَاوُدَ عَلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ، فَرَأَى السِّكَكَ خَالِيَةً، فَقَالَ لِبَعْضِ أَهْلِ المَدِينَةِ: مَا حَالُكُمْ؟
فَقِيلَ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: أَمَا إِنَّهُ تُوُفِّيَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِي كِتَابِنَا، ثُمَّ قَالَ: فَأَيْنَ النَّاسُ؟
فَقِيلَ لَهُ: فِي المَسْجِدِ.
فَأَتَى المَسْجِدَ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَالنَّاسُ قَدْ غَصَّ المَسْجِدُ بِهِمْ، فَقَالَ: أَوْسِعُوا حَتَّى أَدْخُلَ، وَأَرْشِدُونِي إِلَى الَّذِي خَلَّفَهُ نَبِيُّكُمْ.
فَأَرْشَدُوهُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّنِي مِنْ وُلْدِ دَاوُدَ عَلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ، وَقَد جِئْتُ لِأَسْأَلَ عَنْ أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ، فَإِنْ خَبَّرْتَ بِهَا أَسْلَمْتُ.).
ص: 127
فَقَالُوا لَهُ: انْتَظِرْ قَلِيلاً.
وَأَقْبَلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) مِنْ بَعْضِ أَبْوَابِ المَسْجِدِ، فَقَالُوا لَهُ: عَلَيْكَ بِالْفَتَى.
فَقَامَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ لَهُ: أَنْتَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: «أَنْتَ فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ دَاوُدَ؟».
قَالَ: نَعَمْ.
فَأَخَذَ عَلِيٌّ يَدَهُ وَجَاءَ بِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: إِنِّي سَأَلْتُ هَؤُلَاءِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ فَأَرْشَدُونِي إِلَيْكَ لِأَسْأَلَكَ.
قَالَ: «اسْأَلْ».
قَالَ: مَا أَوَّلُ حَرْفٍ كَلَّمَ اللهُ بِهِ نَبِيَّكُمْ لَ-مَّا أُسْرِيَ بِهِ وَرَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ؟ وَخَبِّرْنِي عَنِ المَلَكِ الَّذِي زَحَمَ(1) نَبِيَّكُمْ وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَخَبِّرْنِي عَنِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ كَشَفَ عَنْهُمْ مَالِكٌ طَبَقاً مِنَ النَّارِ وَكَلَّمُوا نَبِيَّكُمْ، وَخَبِّرْنِي عَنْ مِنْبَرِ نَبِيِّكُمْ أَيُّ مَوْضِعٍ هُوَ مِنَ الْجَنَّةِ؟
قَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «أَوَّلُ مَا كَلَّمَ اللهُ بِهِ نَبِيَّنَا (عليه السلام) قَوْلُ الله تَعَالَى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾ [البقرة: 285]».
قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ.
قَالَ: «فَقَوْلُ رَسُولِ الله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِالله﴾ [البقرة: 285]».
قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ.
قَالَ: «اتْرُكِ الْأَمْرَ مَسْتُوراً».).
ص: 128
قَالَ: لَتُخْبِرُنِي أَوْ لَسْتَ أَنْتَ هُوَ.
فَقَالَ: «أَمَّا إِذْ أَبَيْتَ فَإِنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لَ-مَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ وَالْحُجُبُ تُرْفَعُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إِلَى مَوْضِعِ جَبْرَئِيلَ نَادَاهُ مَلَكٌ: يَا أَحْمَدُ، قَالَ: لَبَّيْكَ، قَالَ: إِنَّ اللهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: اقْرَأْ عَلَى السَّيِّدِ الْوَلِيِّ مِنَّا السَّلَامَ، فَقَالَ رَسُولُ الله: مَنِ السَّيِّدُ الْوَلِيُّ؟ فَقَالَ المَلَكُ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ».
قَالَ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ، وَالله إِنِّي لَأَجِدُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ أَبِي.
فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): «أَمَّا المَلَكُ الَّذِي زَحَمَ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَمَلَكُ المَوْتِ، جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ جَبَّارٍ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا قَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ عَظِيمٍ، فَغَضِبَ اللهُ، فَزَحَمَ رَسُولَ الله وَلَمْ يَعْرِفْهُ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: يَا مَلَكَ المَوْتِ، هَذَا رَسُولُ الله أَحْمَدُ، حَبِيبُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَلَصِقَ بِهِ وَاعْتَذَرَ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أَتَيْتُ مَلِكاً جَبَّاراً قَدْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ عَظِيمٍ، فَغَضِبْتُ وَلَمْ أَعْرِفْكَ، فَعَذَّرَهُ.
وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ كَشَفَ عَنْهُمْ مَالِكٌ طَبَقاً مِنَ النَّارِ، فَإِنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مَرَّ بِمَالِكٍ وَلَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ خُلِقَ قَطُّ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ: يَا مَالِكُ، هَذَا نَبِيُّ الرَّحْمَةِ مُحَمَّدٌ، فَتَبَسَّمَ فِي وَجْهِهِ وَلَمْ يَتَبَسَّمْ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): مُرْهُ أَنْ يَكْشِفَ طَبَقاً مِنَ النَّارِ، فَكَشَفَ فَإِذَا قَابِيلُ وَنُمْرُودُ وَفِرْعَوْنُ وَهَامَانُ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، اسْأَلْ رَبَّكَ أَنْ يَرُدَّنَا إِلَى دَارِ الدُّنْيَا حَتَّى نَعْمَلَ صَالِحاً، فَغَضِبَ جَبْرَئِيلُ فَقَامَ(1) بِرِيشَةٍ مِنْ رِيشِ جَنَاحِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِمْ طَبَقَ النَّارِ.
وَأَمَّا مِنْبَرُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَإِنَّ مَسْكَنَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهِيَ جَنَّةٌ خَلَقَهَا اللهُ بِيَدِهِ، وَمَعَهُ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ وَصِيًّا، وَفَوْقَهَا قُبَّةٌ يُقَالُ لَهَا: قُبَّةُ الرِّضْوَانِ، وَفَوْقَ قُبَّةِ الرِّضْوَانِ مَنْزِلٌ يُقَالُ لَهُ: الْوَسِيلَةُ، وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ مَنْزِلٌ يُشْبِهُهُ، وَهُوَ مِنْبَرُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».ع.
ص: 129
قَالَ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ، وَالله إِنَّهُ لَفِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ يَتَوَارَثُونَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى صَارَ إِلَيَّ، ثُمَّ أَخْرَجَ كِتَاباً فِيهِ مَا ذَكَرَهُ مَسْطُوراً بِخَطِّ دَاوُدَ، ثُمَّ قَالَ: مُدَّ يَدَكَ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ مُوسَى (عليه السلام)، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ عَالِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَوَصِيُّ رَسُولِ الله.
قَالَ: فَعَلَّمَهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) شَرَائِعَ الدِّينِ(1).
فتأمَّلوا - يا معشر الشيعة - (رحمكم الله) ما نطق به كتاب الله (عزَّ وجلَّ)، وما جاء عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعن أمير المؤمنين والأئمَّة (عليهم السلام) واحد بعد واحد في ذكر الأئمَّة الاثني عشر وفضلهم وعدَّتهم من طُرُق رجال الشيعة الموثَّقين عند الأئمَّة، فانظروا إلى اتِّصال ذلك ووروده متواتراً، فإنَّ تأمُّل ذلك يجلو القلوب من العمى، وينفي الشكَّ ويزيل الارتياب عمَّن أراد الله به الخير، ووفَّقه لسلوك طريق الحقِّ، ولم يجعل لإبليس على نفسه سبيلاً بالإصغاء إلى زخارف المموِّهين وفتنة المفتونين.
وليس بين جميع الشيعة ممَّن حمل العلم ورواه عن الأئمَّة (عليهم السلام) خلاف في أنَّ كتاب سُلَيم بن قيس الهلاليِّ أصل من أكبر كُتُب الأُصول التي رواها أهل العلم من حملة حديث أهل البيت (عليهم السلام) وأقدمها، لأنَّ جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنَّما هو عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذرٍّ ومن جرى مجراهم ممَّن شهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) وسمع منهما، وهو من الأُصول التي ترجع الشيعة إليها ويُعوَّل عليها، وإنَّما أوردنا بعض ما اشتمل عليه الكتاب وغيره من وصف رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الأئمَّة الاثني عشر ودلالته عليهم وتكريره ذكر عدَّتهم، وقوله: «إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ تِسْعَةٌ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ، ظَاهِرُهُمْ بَاطِنُهُمْ، وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ».).
ص: 130
وفي ذلك قطع لكلِّ عذر، وزوال لكلِّ شبهة، ودفع لدعوى كلِّ مبطل، وزخرف كلِّ مبتدع، وضلالة كلِّ مموِّه، ودليل واضح على صحَّة أمر هذه العدَّة من الأئمَّة لا يتهيَّأ لأحد من أهل الدعاوي الباطلة - المنتمين إلى الشيعة وهم منهم براء - أنْ يأتوا على صحَّة دعاويهم وآرائهم بمثله، ولا يجدونه في شيء من كُتُب الأُصول التي ترجع إليها الشيعة، ولا في الروايات الصحيحة، والحمد لله ربِّ العالمين.
* * *
ص: 131
فصل: فيما روي أنَّ الأئمَّة اثنا عشر من طريق العامَّة، وما يدلُّ عليه من القرآن والتوراة (1)
ثمّ إنَّا وجدنا أصحاب الحديث من العامَّة بعد هذا قد رووا في كُتُبها من طُرُق شتَّى ذكر الاثني عشر إماماً، أوردناها في هذا الباب على حسب ما انتهى إلينا منه زيادة في تأكيد الحجَّة على المخالفين والشاكِّين، على أنَّا لا نُعوِّل إلَّا على رواية الخاصَّة، ولعلَّ كلَّ ما تضمَّن هذا الباب من الكتاب أنْ يطرق سمع بعض الناس ممَّن له عقل وتمييز فيعرف الحقَّ ويعمل به.
وَمِنْ ذَلِكَ:
[52/31] مَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَلَّانٍ الدُّهْنِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ(4)، عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ(5)، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَعِيدٍ
ص: 132
الْهَمْدَانِيِّ(1)، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ(2) يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَتَتْهُ قُرَيْشٌ، فَقَالُوا لَهُ: ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟
قَالَ: «ثُمَّ يَكُونُ الْهَرْجُ».
[53/32] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ(3) وَسِمَاكِ اِبْنِ حَرْبٍ(4) وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(5)، كُلُّهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً»، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَأَلْتُ الْقَوْمَ، فَقَالُوا: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[54/33] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ(6)، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُف.
ص: 133
الله بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ(2)، عَنِ الشَّعْبِيِّ(3)، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: ذُكِرَ أَنَّ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «لَا يَزَالُ أَهْلُ هَذَا الدِّينِ يُنْصَرُونَ عَلَى مَنْ نَاوَاهُمْ إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً»، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُومُونَ وَيَقْعُدُونَ، وَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِي أَوْ آخَرَ: أَيَّ شَيْءٍ قَالَ؟
قَالَ: فَقَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[55/34] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مُعِينٍ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ صَالِحٍ(5)، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ).
ص: 134
اِبْنُ سَعْدٍ(1)، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ(2)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ(3)، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ(4)، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ(5)، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرو(6) يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «يَكُونُ خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً».
[56/35] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ(7) وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّالَحِينِيُّ(8)، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ(9)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُه.
ص: 135
الله بْنُ عُثْمَانَ(1)، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ الله بْنُ عَمْرو: يَا أَبَا الطُّفَيْلِ، اُعْدُدْ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ يَكُونُ النَّقْفُ وَالنِّقَافُ.
[57/36] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا المُقَدَّمِيُّ(2)، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مِقْدَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي(3)، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ(4)، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَالِبِيِّ(5)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ ظَاهِراً لَا يَضُرُّهُ مَنْ نَاوَاهُ حَتَّى يَكُونَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[58/37] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ(6)،).
ص: 136
قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ(1)، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ(2)، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ(3)، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَحَدَّثَكُمْ نَبِيُّكُمْ كَمْ يَكُونُ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، فَإِنَّكَ لَأَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا، سَمِعْتُهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «يَكُونُ بَعْدِي عِدَّةُ نُقَبَاءِ مُوسَى (عليه السلام)».
[59/38] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْوَالِبِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ السُّوَائِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا يَضُرُّ هَذَا الدِّينَ مَنْ نَاوَاهُ حَتَّى يَمْضِيَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ»(5).
والروايات بهذا المعنى من طُرُق العامَّة كثيرة(6)، تدلُّ على أنَّ مراد رسول).
ص: 137
الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذكر الاثني عشر وأنَّهم خلفاؤه، وفي قوله في آخر الحديث الأوَّل: «ثمّ الهرج» أدلُّ دليل على ما جاءت به الروايات متَّصلة من وقوع الهرج بعد مضيِّ القائم (عليه السلام) خمسين سنة، وعلى أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يرد بذكره الاثني عشر خليفة إلَّا الأئمَّة الذين هم خلفاؤه، إذ كان قد مضى من عدد الملوك الذين ملكوا بعده منذ كون أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى هذا الوقت أكثر من اثني عشر واثني عشر، فإنَّما معنى قول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الاثني عشر النصُّ على الأئمَّة الاثني عشر الخلفاء الذين هم مع القرآن والقرآن معهم، لا يفارقونه حتَّى يردوا عليه حوضه.
والحمد لله على إظهار حجَّة الحقِّ وإقامته على البراهين النيِّرة حمداً يكافئ نِعَمه، وله الشكر على طيب المولد والهداية إلى نوره بما يستحقُّ من الشكر أبداً حتَّى يرضى.
ويزيد بإذن الله تعالى هذا الباب دلالةً وبرهاناً وتوكيداً تجب به الحجَّة على كلِّ مخالف معاند وشاكٍّ ومتحيِّر بذكر ما ندب إليه في التوراة وغيرها من ذكر الأئمَّة الاثني عشر (عليهم السلام)، ليعلم القارئ لهذا الكتاب أنَّ الحقَّ كلَّما شُرِحَ أضاءت سرجه، وزهرت مصابيحه، وبهر نوره.
ص: 138
فممَّا ثبت في التوراة ممَّا يدلُّ على الأئمَّة الاثني عشر (عليهم السلام) ما ذكره في السِّفر الأوَّل فيها من قصَّة إسماعيل بعد انقضاء قصَّة سارة، وما خاطب الله تعالى به إبراهيم (عليه السلام) في أمرها وولدها قوله (عزَّ وجلَّ): «وقد أجبت دعاءك في إسماعيل، وقد سمعتك ما باركته، وسأُكثِّره جدًّا جدًّا، وسيلد اثني عشر عظيماً أجعلهم أئمَّة كشعب عظيم».
أقرأني عبد الحليم بن الحسين السمري (رحمه الله) ما أملاه عليه رجل من اليهود بأرَّجان(1) يقال له: الحسين بن سليمان من علماء اليهود بها(2) من أسماء الأئمَّة (عليهم السلام) بالعبرانيَّة وعدَّتهم، وقد أثبته على لفظه، وكان فيما قرأه أنَّه يُبعَث من ولد إسماعيل في التوراة أشموعيل يُسمَّى: مامد(3)، يعني محمّداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يكون سيِّداً، ويكون من آله اثنا عشر رجلاً أئمَّة وسادة يُقتدى بهم، وأسماؤهم: (تقوبيت، فيذوا، ذبيرا، مفسورا، مسموعا، دوموه، مثبو، هذار، يثمو، بطور، نوقس، قيدموا)(4).).
ص: 139
وسُئِلَ هذا اليهودي عن هذه الأسماء في أيِّ سورة هي؟ فذكر أنَّها في مشلى سليمان يعني في قصَّة سليمان (عليه السلام)، وقرأ منها أيضاً قوله: «وليشمعيل، سمعتيخا، هنِّيي، برختي، أوتو، وهيفرتي، أوتو، وهيريتي، أتو، بمئد مئد، شنيم، عاسار، نسيئيم، يولد ونتتّيو لغوي غادل».
وقال: تفسير هذا الكلام: أنَّه يخرج من صلب إسماعيل ولد مبارك، عليه صلاتي وعليه رحمتي، يلد من آله اثنا عشر رجلاً يرتفعون ويُبجَّلون(1)، ويرتفع اسم هذا الرجل ويجلُّ ويعلو ذكره.
وقُرِءَ هذا الكلام والتفسير على موسى بن عمران بن زكريَّا اليهودي فصحَّحه، وقال فيه إسحاق بن إبراهيم بن بختويه اليهودي الفسوي مثل ذلك، وقال سليمان بن داود النوبنجاني مثل ذلك.
فما بعد شهادة كتاب الله (عزَّ وجلَّ)، ورواية الشيعة عن نبيِّها وأئمَّتها، ورواية العامَّة من طُرُقها عن رجالها، وشهادة الكُتُب المتقدِّمة وأهلها بصحَّة أمر الأئمَّة الاثني عشر - لمسترشد مرتاد طالب، أو معاند جاحد - من حجَّة تجب، وبرهان يظهر، وحقٍّ يُلزَم. إنَّ في هذا لكفايةً ومقنعاً ومعتبراً ودليلاً وبرهاناً لمن هداه الله إلى نوره، ودلَّه على دينه الذي ارتضاه وأكرم به أولياءه وحرَّمه أعداءه بمعاندتهم من اصطفاه وإيثار كلِّ امرئ هواه وإقامته عقله إماماً وهادياً ومرشداً دون الأئمَّة الهادين الذين ذكرهم الله في كتابه لنبيِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ [الرعد: 7]، في كلِّ زمان إمام يهدي به الله من اتَّبعه واقتدى به دون).
ص: 140
من خالفه وجحده واعتمد على عقله ورأيه وقياسه وأنَّه موكول إليها بإيثاره لها، جعلنا الله بما يرتضيه عاملين، وبحُجَجه معتصمين، ولهم متَّبعين، ولقولهم مسلِّمين، وإليهم رادِّين، ومنهم مستنبطين، وعنهم آخذين، ومعهم محشورين، وفي مداخلهم مدخلين، إنَّه جواد كريم.
[60/39] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيِّ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّوِيلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَيْرٍ(1)، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنِ الْفُضَيْلِ(2)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾، قَالَ: «كُلُّ إِمَامٍ هَادٍ لِلْقَرْنِ الَّذِي هُوَ فِيهِمْ»(3)،(4).
[61/40] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ).
ص: 141
وَمِائَتَيْنِ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ رِبَاطٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾، قَالَ: «رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) المُنْذِرُ، وَعَلِيٌّ الْهَادِي، أَمَا وَالله مَا ذَهَبَتْ مِنَّا، وَمَا زَالَتْ فِينَا إِلَى السَّاعَةِ»(2)،(3).
جعلنا الله لما يرضيه عاملين(4).
* * *خ.
ص: 142
ص: 143
[62/1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ بِمِصْرَ يُقَالُ لَهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ المُقْرِئُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى الله وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: 60](1)، قَالَ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إِمَامٌ وَلَيْسَ بِإِمَامٍ».
[63/2] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ مَرْزُبَانَ الْقُمِّيِّ، عَنْ عِمْرَانَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إِمَامٌ وَلَيْسَ بِإِمَامٍ، وَمَنْ زَعَمَ فِي إِمَامٍ حَقٍّ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِمَامٍ وَهُوَ إِمَامٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيباً».ى.
ص: 144
ص: 145
[64/3] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ المُسْتَرِقِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ الصَّائِغِ، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ: مَنِ ادَّعَى مِنَ الله إِمَامَةً لَيْسَتْ لَهُ، وَمَنْ جَحَدَ إِمَاماً مِنَ الله، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيباً»(1).
[65/4] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ اِبْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله اِبْنُ جَبَلَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ تَمَّامٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنَّ فُلَاناً يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ: اضْمَنْ لِيَ الشَّفَاعَةَ.
فَقَالَ: «أَمِنْ مَوَالِينَا؟».
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: «أَمْرُهُ أَرْفَعُ مِنْ ذَلِكَ».
قَالَ: قُلْتُ: إِنَّهُ رَجُلٌ يُوَالِي عَلِيًّا، وَلَمْ يَعْرِفْ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْأَوْصِيَاءِ.
قَالَ: «ضَالٌّ».
قُلْتُ: أَقَرَّ بِالْأَئِمَّةِ جَمِيعاً وَجَحَدَ الْآخِرَ.
قَالَ: «هُوَ كَمَنْ أَقَرَّ بِعِيسَى وَجَحَدَ بِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أَوْ أَقَرَّ بِمُحَمَّدٍ وَجَحَدَ بِعِيسَى».
نعوذ بالله من جحد حجَّة من حُجَجه.
فليحذر من قرأ هذا الحديث وبلغه هذا الكتاب أنْ يجحد إماماً من الأئمَّة، أو يُهلِك نفسه بالدخول في حال تكون منزلته فيها منزلة من جحد محمّداً أو عيسى (صلَّى الله عليهما) نبوَّتهما.
[66/5] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبَاحٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَبِي المَغْرَا(2)، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ(3)، عَنْ سَوْرَةَ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ).
ص: 146
الْبَاقِرِ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى الله وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: 60]، قَالَ: «مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إِمَامٌ وَلَيْسَ بِإِمَامٍ».
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ عَلَوِيًّا فَاطِمِيًّا؟
قَالَ: «وَإِنْ كَانَ عَلَوِيًّا فَاطِمِيًّا»(1)،(2).
[67/6] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله اِبْنُ جَبَلَةَ، عَنْ عِمْرَانَ(3) بْنِ فطر(4)، عَنْ زَيْدٍ الشَّحَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام): هَلْ كَانَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَعْرِفُ الْأَئِمَّةَ (عليهم السلام)؟
قَالَ: «قَدْ كَانَ نُوحٌ (عليه السلام) يَعْرِفُهُمْ، الشَّاهِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى: 13](5)»، قَالَ: «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ - يَا مَعْشَرَ).
ص: 147
الشِّيعَةِ - مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً».
[68/7] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ اِبْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ المَكْفُوفِ(1)، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «يَنْبَغِي لِمَنِ ادَّعَى هَذَا الْأَمْرَ فِي السِّرِّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ بِبُرْهَانٍ فِي الْعَلَانِيَةِ».
قُلْتُ: وَمَا هَذَا الْبُرْهَانُ الَّذِي يَأْتِي فِي الْعَلَانِيَةِ؟
قَالَ: «يُحِلُّ حَلَالَ الله، وَيُحَرِّمُ حَرَامَ الله، وَيَكُونُ لَهُ ظَاهِرٌ يُصَدِّقُ بَاطِنَهُ»(2).
[69/8] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ المَوْصِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ المَعْرُوفُ بِالرَّزَّازِ الْكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ سَوْرَةَ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهة.
ص: 148
وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: 60]، قَالَ: «مَنْ قَالَ: إِنِّي إِمَامٌ وَلَيْسَ بِإِمَامٍ».
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ عَلَوِيًّا فَاطِمِيًّا؟
قَالَ: «وَإِنْ كَانَ عَلَوِيًّا فَاطِمِيًّا».
قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ وُلْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟
قَالَ: «وَإِنْ كَانَ مِنْ وُلْدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(1)».
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ سَوْرَةَ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، مِثْلَهُ سَوَاءً(2).
[70/9] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عِيسَى الْحُسَيْنِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ رَايَةِ الْقَائِمِ (عليه السلام) صَاحِبُهَا طَاغُوتٌ(3)»(4).).
ص: 149
[71/10] وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، عَنِ ابْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ أَبَانٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ(1)، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرٌ (عليه السلام): «مَنِ ادَّعَى مَقَامَنَا - يَعْنِي الْإِمَامَةَ(2) - فَهُوَ كَافِرٌ - أَوْ قَالَ: مُشْرِكٌ -».
[72/11] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ بِقُمَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عليه السلام) صَاحِبُهَا طَاغُوتٌ».
[73/12] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «كُلُّ رَايَةٍ تُرْفَعُ - أَوْ قَالَ: تَخْرُجُ - قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عليه السلام) صَاحِبُهَا طَاغُوتٌ».
[74/13] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «مَنْ خَرَجَ يَدْعُو النَّاسَ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ(4)، وَمَنِ ادَّعَى الْإِمَامَةَ مِنَ الله وَلَيْسَ بِإِمَامٍ فَهُوَ كَافِرٌ».م.
ص: 150
فماذا يكون الآن - ليت شعري - حال من ادَّعى إمامة إمام ليس من الله ولا منصوصاً عليه، ولا هو من أهل الإمامة، ولا هو موضعاً لها بعد قولهم (عليهم السلام): «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ: مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ إِمَامٌ وَلَيْسَ بِإِمَامٍ، وَمَنْ جَحَدَ إِمَامَةَ إِمَامٍ حَقٍّ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ نَصِيباً»، وبعد إيجابهم على مدَّعي هذه المنزلة والمرتبة وعلى من يدَّعيها له الكفر والشرك؟ نعوذ بالله منهما ومن العمى، ولكنَّ الناس إنَّما أتوا من قلَّة الرواية والدراية عن أهل البيت المطهَّرين الهادين، نسأل الله (عزَّ وجلَّ) الزيادة من فضله، وألَّا يقطع عنَّا موادَّ إحسانه وعلمه، ونقول - كما أدَّب الله (عزَّ وجلَّ) نبيَّه في كتابه -: ربَّنا زدنا علماً، واجعل ما مننت به علينا مستقرًّا ثابتاً، ولا تجعله مستودعاً مستعاراً، برحمتك وطولك.
* * *
ص: 151
ص: 152
ص: 154
[مِنْ ذَلِكَ](1):
[75/1] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدُّهْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَحَدَّثَكُمْ نَبِيُّكُمْ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كَمْ يَكُونُ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ؟
فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَا سَأَلَنِي أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَإِنَّكَ لَأَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «يَكُونُ بَعْدِي عِدَّةُ نُقَبَاءِ مُوسَى (عليه السلام)»(2).
[76/2] وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ(3) وَعَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ الْأَشَجِّ(4) وَأَبِي كُرَيْبٍ(5) وَمَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ(6) وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ(7) وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ
ص: 155
سَعِيدٍ(1)، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ(2)، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: أَحَدَّثَكُمْ نَبِيُّكُمْ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كَمْ يَكُونُ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَمَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَإِنَّكَ لَأَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا، قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي عِدَّةُ نُقَبَاءِ مُوسَى (عليه السلام)»(3).
[77/3] أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ(4)، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، هَلْ سَأَلْتُمْ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كَمْ يَمْلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةَ مِنْ خَلِيفَةٍ بَعْدَهُ؟
فَقَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ قَدِمْتُ الْعِرَاقَ، نَعَمْ سَأَلْنَا رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ: «اثْنَا عَشَرَ عِدَّةُ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
[78/4] وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي أَحْمَدَ(5) وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَىه.
ص: 156
الْقَطَّانِ(1) وَسُفْيَانَ بْنِ وَكِيعٍ(2)، قَالُوا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ(3)، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَمِّهِ قَيْسِ بْنِ عَبْدٍ(4)، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَأَتَى عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابُهُ عِنْدَهُ، فَقَالَ: فِيكُمْ عَبْدُ الله بْنُ مَسْعُودٍ؟ فَأَشَارُوا إِلَيْهِ.
قَالَ لَهُ: عَبْدُ الله قَدْ وَجَدْتَهُ، فَمَا حَاجَتُكَ؟
قَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ إِنْ كُنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَنَبِّئْنَا بِهِ، أَحَدَّثَكُمْ نَبِيُّكُمْ كَمْ يَكُونُ بَعْدَهُ مِنْ خَلِيفَةٍ؟
قَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْ هَذَا أَحَدٌ مُنْذُ قَدِمْتُ الْعِرَاقَ، نَعَمْ، قَالَ: «الْخُلَفَاءُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كَعِدَّةِ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ»(5).
[79/5] وَعَنْ مُسَدِّدِ بْنِ مُسْتَوْرِدٍ(6)، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ).
ص: 157
مُجَالِدٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ المَغْرِبِ وَهُوَ يُعَلِّمُ الْقُرْآنَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَسَأَلْتَ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كَمْ يَكُونُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ خَلِيفَةٍ؟
فَقَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ قَدِمْتُ الْعِرَاقَ، نَعَمْ، وَقَالَ: «خُلَفَاؤُكُمُ اثْنَا عَشَرَ عِدَّةُ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ».
ما روي عن أنس بن مالك (1):
[80/6] مَا رَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ هَاشِمٍ الْبَزَّارُ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ مَوْلَى بَنِي مُجَاشِعٍ(3)، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ(4)، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَنْ يَزَالَ هَذَا الْأَمْرُ قَائِماً إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ قَيِّماً مِنْ قُرَيْشٍ...» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ(5).
ص: 158
وهو ابن أُخت سعد بن أبي وقَّاص، بعد ما في الأصل.
[81/7] عَمْرُو بْنُ خَالِدِ بْنِ فَرُّوخٍ الْحَرَّانِيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مُسْتَقِيماً أَمْرُهَا، ظَاهِرَةً عَلَى عَدُوِّهَا، حَتَّى يَمْضِيَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَتَتْهُ وُفُودُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا لَهُ: ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟
قَالَ: «يَكُونُ الْهَرْجُ».
وَقَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ(2)، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَذَكَرَ مِثْلَهُ.
[82/8] عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ(3)، قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «يَقُومُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيراً».
قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَسْمَعْهُ، فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ، وَسَأَلْتُ أَبِي، وَكَانَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
ص: 159
[83/9] عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ(1)، عَنْ مُهَاجِرِ اِبْنِ مِسْمَارٍ(2)، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ(3)، قَالَ: كَتَبْتُ مَعَ غُلَامِي نَافِعٍ إِلَى جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ عَشِيَّةَ جُمُعَةٍ رُجِمَ الْأَسْلَمِيُّ(4): «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ قَائِماً حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أَوْ يَكُونُ عَلَى النَّاسِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ...» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ(5).
وعَنْ عَبَّادِ بْنِ يَعْقُوبَ(6)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ.).
ص: 160
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ(2)، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ(3)، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ.
[84/10] وَعَنْ غُنْدَرٍ(4)، عَنْ شُعْبَةَ(5)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ(6)، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ مُسْتَقِيماً حَتَّى يَقُومَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً»، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَسَأَلْتُ أَبِي، فَقَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[85/11] وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدٍ(7)، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ اِبْنُ عِلَاقَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ السُّوَائِيُّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقَالَ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيراً»، ثُمَّ أَخْفَى صَوْتَهُ، فَسَأَلْتُ أَبِي، فَقَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».ن.
ص: 161
[86/12] وَعَنْ خَلَفِ بْنِ الْوَلِيدِ اللُّؤْلُؤِيِّ(1)، عَنْ إِسْرَائِيلَ(2)، عَنْ سِمَاكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «يَقُومُ بَعْدَهُ - أَوْ مِنْ بَعْدِهِ - اثْنَا عَشَرَ أَمِيراً»، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ لَمْ أَفْهَمْهَا، فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ: مَا قَالَ؟ فَقَالُوا: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[87/13] وَمِنْ حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ هِشَامٍ الْبَزَّارِ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ السُّوَائِيِّ، قَالَ: خَطَبَ بِنَا رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بِعَرَفَةَ، فَقَالَ: «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ قَوِيًّا عَزِيزاً ظَاهِراً عَلَى مَنْ نَاوَاهُ(4)، لَا يَضُرُّهُ مَنْ فَارَقَهُ أَوْ خَالَفَهُ حَتَّى يَمْلِكَ اثْنَا عَشَرَ».
قَالَ: وَتَكَلَّمَ النَّاسُ، فَلَمْ أَفْهَمْ، فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتِ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «كُلُّهُمْ»، مَا هُوَ؟
قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
وَمِنْ حَدِيثِ النَّفِيليِّ الْحَرَّانِيِّ(5)، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا).
ص: 162
زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مُسْتَقِيماً أَمْرُهَا، ظَاهِرَةً عَلَى عَدُوِّهَا، حَتَّى يَمْضِيَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ أَتَتْهُ وُفُودُ قُرَيْشٍ، فَقَالُوا لَهُ: ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟
قَالَ: «يَكُونُ الْهَرْجُ»(1).
[88/14] وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ وَسِمَاكٍ وَحُصَيْنٍ، كُلُّهُمْ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قَالَ: «يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيراً - غَيْرَ أَنَّ حُصَيْنَ قَالَ: اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً -»، ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَفْهَمْهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي حَدِيثِهِ: فَسَأَلْتُ أَبِي.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ.
فَقَالُوا: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
وَعَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مُسْتَقِيماً أَمْرُهَا، ظَاهِرَةً عَلَى عَدُوِّهَا، حَتَّى يَمْضِيَ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً»(2).
[89/15] وَمِنْ حَدِيثِ مُعَمَّرِ بْنِ سُلَيْمَانَ(3)، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَة.
ص: 163
أَبِي خَالِدٍ(1) يَرْوِي عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَالَ: «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ ظَاهِراً لَا يَضُرُّهُ مَنْ نَاوَاهُ حَتَّى يَمْضِيَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً»، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ قَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[90/16] وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ(2) وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الْإِسْلَامُ عَزِيزاً إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً»، ثُمَّ قَالَ كَلِمَةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ لِأَبِي: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[91/17] وَمِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: خَطَبَ بِنَا رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ عَزِيزاً مَنِيعاً ظَاهِراً [عَلَى](4) مَنْ نَاوَاهُ حَتَّى يَمْلِكَ اثْنَا عَشَرَ كُلُّهُمْ»، ثُمَّ لَغَطَ الْقَوْمُ وَتَكَلَّمُوا، فَلَمْ أَفْهَمْ قَوْلَهُ بَعْدَ: «كُلُّهُمْ»، فَقُلْتُ لِأَبِي: يَا أَبَتَاهْ، مَا قَالَق.
ص: 164
بَعْدَ: «كُلُّهُمْ»؟ قَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[92/18] وَمِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مُوسَى(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ عَمْرٍو(2)، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ اِبْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَنْ تَزَالَ الْأُمَّةُ عَلَى هَذَا مُتَمَسِّكِينَ حَتَّى يَقُومَ اثْنَا عَشَرَ أَمِيراً - أَوِ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً -»، قَالَ: وَخَافَتَ بِكَلِمَةٍ، وَكَانَ أَبِي أَدْنَى مِنِّي، فَلَمَّا خَرَجْتُ قُلْتُ: مَا الَّذِي خَافَتَ بِهِ؟ قَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[93/19] وَمِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «يَقُومُ فِي أُمَّتِي بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ أَمِيراً»، قَالَ: ثُمَّ تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ لَمْ أَسْمَعْهُ، قَالَ: فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ، وَسَأَلْتُ أَبِي، وَكَانَ أَقْرَبَ مِنِّي، فَقَالَ: قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
[94/20] وَعَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ مُهَاجِرِ اِبْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ سَمُرَةَ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ قَائِماً حَتَّى يَكُونَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً مِنْ قُرَيْشٍ...» وَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ.).
ص: 165
ما رواه أبو جحيفة (518):
[95/21] وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ حَمَّادٍ أَبُو عَتَّابٍ الدَّلَّالُ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنُ بْنُ أَبِي جُحَيْفَةَ(3)، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَهُوَ يَخْطُبُ وَعَمِّي جَالِسٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَا يَزَالُ أَمْرُ أُمَّتِي صَالِحاً حَتَّى يَمْضِيَ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ».
رَوَى عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ(4)، عَنْ دَاوُدَ(5)، عَنْ أَبِيهِ(6)، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ(7)، عَنِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) نَحْوُ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ
(518) هو وهب بن عبد الله السوائي، نسبة إلى سواءة بن عامر بن صعصعة، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب (ج 11/ ص 145/ الرقم 281): (يقال له: وهب الخير، قيل: مات النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل أنْ يبلغ الحلم...، وقال أبو نعيم: كان على شرطة عليٍّ، واستعمله على خُمُس المتاع).
ص: 166
فِي صَدْرِ الْبَابِ(1)، رَوَاهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ هَاشِمٍ الْبَزَّارُ، [قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ مَوْلَى بَنِي مُجَاشِعٍ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «لَنْ يَزَالَ هَذَا الدِّيِنُ قَائِماً إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ...» ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ](2).
[96/22] وَمِنْ حَدِيثِ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ(4)، عَنْ هِشَامٍ(5)، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ(6)، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ(7)، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو: لَا جَرَمَ(8) مَكْتُومٌ فِي كِتَابِ الله (عزَّ وجلَّ) اثْنَا عَشَرَ يَمْلِكُونَ النَّاسَ.
ص: 167
[97/23] مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدُّهْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَقُولُ: «يَكُونُ خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً»(1).
[98/24] وَعَنِ ابْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَا الطُّفَيْلِ، اعْدُدْ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، ثُمَّ يَكُونُ النَّقْفُ وَالنِّقَافُ(2).
والروايات في هذا المعنى من طُرُق العامَّة كثيرة تدلُّ على أنَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يذكر الاثني عشر وأنَّهم خلفاؤه.
* * *ع.
ص: 168
ص: 169
ص: 170
[99/1] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الله(1)، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام): «يَا يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الله، مَنْ بَاتَ لَيْلَةً لَا يَعْرِفُ فِيهَا إِمَامَهُ(2) مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
[100/2] حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَشْعَرِيُّ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ(3) وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ(4) وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ(5)، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عليهما السلام) يَقُولُ: «كُلُّ مَنْ دَانَ اللهَ بِعِبَادَةٍ يُجْهِدُ فِيهَا نَفْسَهُ وَلَا إِمَامَ لَهُ مِنَ الله تَعَالَى فَسَعْيُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَهُوَ ضَالٌّ مُتَحَيِّرٌ، وَاللهُ شَانِئٌ لِأَعْمَالِهِ، وَمَثَلُهُ كَمَثَلِ شَاةٍ مِنَ الْأَنْعَامِ ضَلَّتْ عَنْ رَاعِيهَا أَوْ قَطِيعِهَا، فَتَاهَتْ ذَاهِبَةً).
ص: 171
وَجَائِيَةً، وَحَارَتْ يَوْمَهَا، فَلَمَّا جَنَّهَا(1) اللَّيْلُ بَصُرَتْ بِقَطِيعِ غَنَمٍ مَعَ رَاعِيهَا، فَحَنَّتْ إِلَيْهَا وَاغْتَرَّتْ بِهَا، فَبَاتَتْ مَعَهَا فِي رَبَضَتِهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَتْ وَسَاقَ الرَّاعِي قَطِيعَهُ أَنْكَرَتْ رَاعِيَهَا وَقَطِيعَهَا، فَهَجَمَتْ مُتَحَيِّرَةً تَطْلُبُ رَاعِيَهَا وَقَطِيعَهَا، فَبَصُرَتْ بِسَرْحِ غَنَمٍ آخَرَ مَعَ رَاعِيهَا، فَحَنَّتْ إِلَيْهَا وَاغْتَرَّتْ بِهَا، فَصَاحَ بِهَا رَاعِي الْقَطِيعِ(2): أَيَّتُهَا الشَّاةُ الضَّالَّةُ المُتَحَيِّرَةُ، الْحَقِي بِرَاعِيكِ وَقَطِيعِكِ، فَإِنَّكِ تَائِهَةٌ مُتَحَيِّرَةٌ قَدْ ضَلَلْتِ عَنْ رَاعِيكِ وَقَطِيعِكِ، فَهَجَمَتْ ذَعِرَةً مُتَحَيِّرَةً تَائِهَةً لَا رَاعِيَ لَهَا يُرْشِدُهَا إِلَى مَرْعَاهَا، أَوْ يَرُدُّهَا إِلَى مَرْبِضِهَا، فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ إِذَا اغْتَنَمَ الذِّئْبُ ضَيْعَتَهَا(3)، فَأَكَلَهَا.
وَهَكَذَا وَالله - يا بن مُسْلِمٍ - مَنْ أَصْبَحَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَا إِمَامَ لَهُ مِنَ الله (عزَّ وجلَّ) أَصْبَحَ تَائِهاً، مُتَحَيِّراً، ضَالًّا، إِنْ مَاتَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ مَاتَ مِيتَةَ كُفْرٍ وَنِفَاقٍ. وَاعْلَمْ - يَا مُحَمَّدُ - أَنَّ أَئِمَّةَ الْحَقِّ وَأَتْبَاعَهُمْ هُمُ الَّذِينَ عَلَى دِينِ الله، وَأَنَّ أَئِمَّةَ الْجَوْرِ لَمَعْزُولُونَ عَنْ دِينِ الله وَعَنِ الْحَقِّ، فَقَدْ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا، فَأَعْمَالُهُمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا ﴿كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾ [إبراهيم: 18]».
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ وَجَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ جَمِيعاً، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، بِمِثْلِهِ فِي لَفْظِهِ(4)،(5).).
ص: 172
ص: 173
[101/3] وَبِالْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَنْ جَحَدَ إِمَاماً مِنْكُمْ مَا حَالُهُ؟
فَقَالَ: «مَنْ جَحَدَ إِمَاماً مِنَ الله(1) وَبَرِئَ مِنْهُ وَمِنْ دِينِهِ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ عَنِ).
ص: 174
الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ الْإِمَامَ مِنَ الله، وَدِينَهُ مِنْ دِينِ الله، وَمَنْ بَرِئَ مِنْ دِينِ الله فَدَمُهُ مُبَاحٌ فِي تِلْكَ الْحَالِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ أَوْ يَتُوبَ إِلَى الله تَعَالَى مِمَّا قَالَ»(1).
[102/4] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) عَنِ الْأَئِمَّةِ (عليهم السلام).
فَقَالَ: «مَنْ أَنْكَرَ وَاحِداً مِنَ الْأَحْيَاءِ فَقَدْ أَنْكَرَ الْأَمْوَاتَ»(2).
[103/5] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ المُعَلَّى، عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ الشَّيْخَ (عليه السلام)(3) عَنِ الْأَئِمَّةِ (عليهم السلام).
قَالَ: «مَنْ أَنْكَرَ وَاحِداً مِنَ الْأَحْيَاءِ فَقَدْ أَنْكَرَ الْأَمْوَاتَ»(4)،(5).).
ص: 175
[104/6] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ(1) مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مَنْ مَاتَ لَا(2) يَعْرِفُ إِمَامَهُ(3) مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً(4)»(5).
[105/7] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله﴾ [القَصص: 50]، قَالَ: «يَعْنِي مَنِ اتَّخَذَ دِينَهُ).
ص: 176
رَأْيَهُ بِغَيْرِ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى»(1)،(2).
[106/8] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ(3)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «مَنْ أَشْرَكَ مَعَ إِمَامٍ إِمَامَتُهُ مِنْ عِنْدِ الله مَنْ لَيْسَتْ إِمَامَتُهُ مِنَ الله كَانَ مُشْرِكاً»(4)،(5).
[107/9] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): رَجُلٌ قَالَ لِيَ: اعْرِفِ الْآخِرَ(6) مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَلَا يَضُرُّكَ أَلَّا تَعْرِفَ الْأَوَّلَ.ي.
ص: 177
قَالَ: فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ هَذَا، فَإِنِّي أُبْغِضُهُ وَلَا أَعْرِفُهُ، وَهَلْ عُرِفَ الْآخِرُ إِلَّا بِالْأَوَّلِ؟»(1)،(2).
[108/10] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ - يَعْنِي أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) - عَنْ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 28]، قَالَ: فَقَالَ: «هَلْ رَأَيْتَ أَحَداً زَعَمَ أَنَّ اللهَ أَمَرَهُ بِالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ المَحَارِمِ؟».
فَقُلْتُ: لَا.
قَالَ: «فَمَا هَذِهِ الْفَاحِشَةُ الَّتِي يَدَّعُونَ أَنَّ اللهَ أَمَرَهُمْ بِهَا؟».
قُلْتُ: اللهُ أَعْلَمُ، وَوَلِيُّهُ.
قَالَ: «فَإِنَّ هَذَا فِي أَوْلِيَاءِ أَئِمَّةِ الْجَوْرِ، ادَّعَوْا أَنَّ اللهَ أَمَرَهُمْ بِالْاِئتِمَامِ بِقَوْمٍ لَمْ يَأْمُرْهُمُ اللهُ بِالْاِئتِمَامِ بِهِمْ، فَرَدَّ اللهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ قَدْ قَالُوا عَلَيْهِ الْكَذِبَ،).
ص: 178
وَسَمَّى ذَلِكَ مِنْهُمْ فَاحِشَةً»(1)،(2).
[109/11] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْداً صَالِحاً (سَلَامُ الله عَلَيْهِ)(3) عَنْ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [الأعراف: 33]، قَالَ: فَقَالَ: «إِنَّ الْقُرْآنَ لَهُ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ(4)، فَجَمِيعُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا هُوَ فِي).
ص: 179
الظَّاهِرِ، وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْجَوْرِ، وَجَمِيعُ مَا أَحَلَّ اللهُ تَعَالَى فِي الْكِتَابِ فَهُوَ حَلَالٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَالْبَاطِنُ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْحَقِّ(1)»(2)،(3).).
ص: 180
[110/12] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ اِبْنِ عِيسَى، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ الله أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله﴾ [البقرة: 165]، قَالَ: «هُمْ وَالله أَوْلِيَاءُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ اتَّخَذُوهُمْ أَئِمَّةً دُونَ الْإِمَامِ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً، وَلِذَلِكَ قَالَ: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لله جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [البقرة: 165 - 167]».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «هُمْ وَالله يَا جَابِرُ أَئِمَّةُ الظُّلْمِ وَأَشْيَاعُهُمْ(1)»(2)،(3).).
ص: 181
[111/13] وَبِهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ حَبِيبٍ السِّجِسْتَانِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: «قَالَ اللهُ (عزَّ وجلَّ): لَأُعَذِّبَنَّ كُلَّ رَعِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ دَانَتْ بِوَلَايَةِ كُلِّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ الله وَإِنْ كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَعْمَالِهَا بَرَّةً تَقِيَّةً، وَلَأَعْفُوَنَّ عَنْ كُلِّ رَعِيَّةٍ فِي الْإِسْلَامِ دَانَتْ بِوَلَايَةِ كُلِّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ الله وَإِنْ
ص: 182
كَانَتِ الرَّعِيَّةُ فِي أَعْمَالِهَا(1) ظَالِمَةً مُسِيئَةً»(2)،(3).
[112/14] وَبِهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله اِبْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنِّي أُخَالِطُ النَّاسَ فَيَكْثُرُ عَجَبِي مِنْ أَقْوَامٍ لَا يَتَوَلَّوْنَكُمْ وَيَتَوَلَّوْنَ(4) فُلَاناً وَفُلَاناً لَهُمْ أَمَانَةٌ وَصِدْقٌ وَوَفَاءٌ، وَأَقْوَامٍ يَتَوَلَّوْنَكُمْ لَيْسَ لَهُمْ تِلْكَ الْأَمَانَةُ وَلَا الْوَفَاءُ وَلَا الصِّدْقُ.
قَالَ: فَاسْتَوَى أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) جَالِساً، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ كَالمُغْضَبِ(5)، ثُمَّ قَالَ:).
ص: 183
«لَا دِينَ لِمَنْ دَانَ بِوَلَايَةِ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ الله، وَلَا عَتْبَ عَلَى مَنْ دَانَ بِوَلَايَةِ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ الله».
قُلْتُ: لَا دِينَ لِأُولَئِكَ، وَلَا عَتْبَ عَلَى هَؤُلَاءِ؟!
قَالَ: «نَعَمْ، لَا دِينَ لِأُولَئِكَ، وَلَا عَتْبَ عَلَى هَؤُلَاءِ»، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا تَسْمَعُ لِقَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ يَعْنِي مِنْ ظُلُمَاتِ الذُّنُوبِ إِلَى نُورِ التَّوْبَةِ وَالمَغْفِرَةِ، لِوَلَايَتِهِمْ كُلَّ إِمَامٍ عَادِلٍ مِنَ الله، ثُمَّ قَالَ: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾، فَأَيُّ نُورٍ يَكُونُ لِلْكَافِرِ فَيَخْرُجُ مِنْهُ؟ إِنَّمَا عَنَى بِهَذَا أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى نُورِ الْإِسْلَامِ، فَلَمَّا تَوَلَّوْا كُلَّ إِمَامٍ جَائِرٍ لَيْسَ مِنَ الله خَرَجُوا بِوَلَايَتِهِمْ إِيَّاهُمْ مِنْ نُورِ الْإِسْلَامِ إِلَى ظُلُمَاتِ الْكُفْرِ، فَأَوْجَبَ اللهُ لَهُمُ النَّارَ مَعَ الْكُفَّارِ، فَقَالَ: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 257]»(1)،(2).).
ص: 184
[113/15] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يُعَذِّبَ أُمَّةً دَانَتْ بِإِمَامٍ لَيْسَ مِنَ الله وَإِنْ كَانَتْ فِي أَعْمَالِهَا بَرَّةً تَقِيَّةً، وَإِنَّ اللهَ يَسْتَحْيِي أَنْ يُعَذِّبَ أُمَّةً دَانَتْ بِإِمَامٍ مِنَ الله وَإِنْ كَانَتْ فِي أَعْمَالِهَا ظَالِمَةً مُسِيئَةً»(1)،(2).
[114/16] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): رَجُلٌ يَتَوَلَّاكُمْ، وَيَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَيُحَلِّلُ حَلَالَكُمْ، وَيُحَرِّمُ حَرَامَكُمْ، وَيَزْعُمُ أَنَّ الْأَمْرَ فِيكُمْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْكُمْ إِلَى غَيْرِكُمْ، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْقَادَةُ، وَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا: هَذَا، قُلْنَا: هَذَا.
فَقَالَ (عليه السلام): «إِنْ مَاتَ عَلَى هَذَا فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
[115/17] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ سَعْدَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): رَجُلٌ يَتَوَالَى عَلِيًّا، وَيَتَبَرَّأُ مِنْ عَدُوِّهِ، وَيَقُولُ كُلَّ شَيْءٍ يَقُولُ إِلَّا أَنَّهُ).
ص: 185
يَقُولُ: إِنَّهُمْ قَدِ اخْتَلَفُوا بَيْنَهُمْ، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْقَادَةُ، فَلَسْتُ أَدْرِي أَيُّهُمُ الْإِمَامُ، فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ أَخَذْتُ بِقَوْلِهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمْ.
قَالَ: «إِنْ مَاتَ هَذَا عَلَى ذَلِكَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»، ثُمَّ قَالَ: «لِلْقُرْآنِ تَأْوِيلٌ يَجْرِي كَمَا يَجْرِي اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَكَمَا تَجْرِي الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، فَإِذَا جَاءَ تَأْوِيلُ شَيْءٍ مِنْهُ وَقَعَ، فَمِنْهُ مَا قَدْ جَاءَ، وَمِنْهُ مَا لَمْ يَجِئْ»(1).
[116/18] وَأَخْبَرَنَا سَلَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ زَائِدَةَ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «مَنْ دَانَ اللهَ بِغَيْرِ سَمَاعٍ مِنْ عَالِمٍ صَادِقٍ أَلْزَمَهُ اللهُ التَّيْهَ إِلَى الْعَنَاءِ(2)، وَمَنِ ادَّعَى سَمَاعاً مِنْ غَيْرِ الْبَابِ الَّذِي فَتَحَهُ اللهُ لِخَلْقِهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ، وَذَلِكَ الْبَابُ هُوَ الْأَمِينُ المَأْمُونُ عَلَى سِرِّ الله المَكْنُونِ».
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ الله الْحَسَنِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ زَائِدَةَ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «مَنْ دَانَ بِغَيْرِ سَمَاعٍ مِنْ صَادِقٍ...» وَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً(3)،(4).).
ص: 186
[117/19] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيا بن شَيْبَانَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ أَنَّهُ قَالَ: وَصَفْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) رَجُلاً يَتَوَالَى أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، وَيَتَبَرَّأُ مِنْ عَدُوِّهِ، وَيَقُولُ كُلَّ شَيْءٍ يَقُولُ إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: إِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْقَادَةُ، وَلَسْتُ أَدْرِي أَيُّهُمُ الْإِمَامُ، وَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ(1) وَاحِدٍ أَخَذْنَا بِقَوْلِهِ، وَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمْ (رَحِمَهُمُ اللهُ جَمِيعاً).
فَقَالَ: «إِنْ مَاتَ هَذَا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، مِثْلَهُ(2).
فليتأمَّل متأمِّل من ذوي الألباب والعقول والمعتقدين لولاية الأئمَّة من أهل البيت (عليهم السلام) هذا المنقول عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعن أبي جعفر الباقر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، فيمن شكَّ في واحد من الأئمَّة (عليهم السلام)، أو بات ليلة لا يعرف فيها إمامه،).
ص: 187
ونسبتهم إيَّاه إلى الكفر والنفاق والشرك، وأنَّه إنْ مات على ذلك مات ميتة جاهليَّة نعوذ بالله منها، وقولهم: «إنَّ من أنكر واحداً من الأحياء فقد أنكر الأموات».
ولينظر ناظر بمن يأتمُّ، ولا تغويه الأباطيل والزخارف ويميل به الهوى عن طريق الحقِّ، فإنَّ من مال به الهوى هوى وانكسر انكساراً لا انجبار له، وليعلم من يُقلِّد دينه، ومن يكون سفيره بينه وبين خالقه، فإنَّه واحد ومن سواه شياطين مبطلون مغرُّون فاتنون، كما قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً﴾ [الأنعام: 112].
أعاذنا الله وإخواننا من الزيغ عن الحقِّ، والنكوب عن الهدى، والاقتحام في غمرات الضلالة والردى بإحسانه، إنَّه كان بالمؤمنين رحيماً.
* * *
ص: 188
ص: 189
ص: 190
مِنْ ذَلِكَ:
[118/1] مَا رُوِيَ مِنْ كَلَامِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عليه السلام) لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ المَشْهُورِ حَيْثُ قَالَ: أَخَذَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) بِيَدِي وَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَّانِ، فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ(1)، ثُمَّ قَالَ... وَذَكَرَ الْكَلَامَ بِطُولِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ بَلَى وَلَا تَخْلُو الْأَرْضُ مِنْ حُجَّةٍ قَائِمٍ لله بِحُجَّتِهِ، إِمَّا ظَاهِرٍ مَعْلُومٍ، وَإِمَّا خَائِفٍ مَغْمُورٍ، لِئَلَّا تَبْطُلَ حُجَجُ الله وَبَيِّنَاتُهُ...» فِي تَمَامِ الْكَلَامِ(2)،(3).
أليس في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام): «ظاهر معلوم» بيان أنَّه يريد المعلوم الشخص والموضع، وقوله: «وإمَّا خائف مغمور» أنَّه الغائب الشخص، المجهول الموضع؟ والله المستعان.).
ص: 191
[119/2] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ المُفَضَّلِ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَطْوَانِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) يَقُولُ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا بِالْكُوفَةِ طَوِيلَةٍ ذَكَرَهَا:
«اللَّهُمَّ فَلَابُدَّ لَكَ مِنْ حُجَجٍ فِي أَرْضِكَ حُجَّةٍ بَعْدَ حُجَّةٍ عَلَى خَلْقِكَ، يَهْدُونَهُمْ إِلَى دِينِكَ، وَيُعَلِّمُونَهُمْ عِلْمَكَ، لِكَيْلَا يَتَفَرَّقَ أَتْبَاعُ أَوْلِيَائِكَ(1)، ظَاهِرٍ غَيْرِ مُطَاعٍ، أَوْ مُكْتَتِمٍ خَائِفٍ يُتَرَقَّبُ، إِنْ غَابَ عَنِ النَّاسِ شَخْصُهُمْ فِي حَالِ هُدْنَتِهِمْ فِي دَوْلَةِ الْبَاطِلِ، فَلَنْ يَغِيبَ عَنْهُمْ مَبْثُوثُ عِلْمِهِمْ، وَآدَابُهُمْ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ مُثْبَتَةٌ، وهُمْ بِهَا عَامِلُونَ، يَأْنَسُونَ بِمَا يَسْتَوْحِشُ مِنْهُ المُكَذِّبُونَ، وَيَأْبَاهُ المُسْرِفُونَ، بِالله كَلَامٌ يُكَالُ بِلَا ثَمَنٍ(2) لَوْ كَانَ مَنْ يَسْمَعُهُ بِعَقْلِهِ فَيَعْرِفُهُ ويُؤْمِنُ بِهِ ويَتَّبِعُهُ ويَنْهَجُ نَهْجَه، فَيُفْلِحُ بِهِ(3)، ثُمَّ يَقُولُ: فَمَنْ هَذَا؟ وَلِهَذَا يَأْرِزُ الْعِلْمُ(4)، إِذْ لَمْ يُوجَدْ حَمَلَةٌ يَحْفَظُونَهُ وَيُؤَدُّونَهُ كَمَا يَسْمَعُونَهُ مِنَ الْعَالِمِ».
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ: «اللَّهُمَّ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ الْعِلْمَ لَا يَأْرِزُ(5) كُلُّهُ، وَلَا يَنْقَطِعُ مَوَادُّهُ، فَإِنَّكَ لَا تُخْلِي أَرْضَكَ مِنْ حُجَّةٍ عَلَى خَلْقِكَ إِمَّا).
ص: 192
ظَاهِرٍ مُطَاعُ، أَوْ خَائِفٍ مَغْمُورٍ لَيْسَ بِمُطَاعٍ، لِكَيْلَا تَبْطُلَ حُجَّتُكَ وَيَضِلَّ أَوْلِيَاؤُكَ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهُمْ...» ثُمَّ تَمَامُ الْخُطْبَةِ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَغَيْرُهُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ، قَالَ: إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ) تَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَحَفِظَهُ عَنْهُ حِينَ خَطَبَ بِهِ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ: «اللَّهُمَّ...» وذَكَرَ مِثْلَهُ(1)،(2).).
ص: 193
[120/3] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ وَسَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو إِلَّا وَفِيهَا عَالِمٌ(1) كَيْمَا إِنْ(2) زَادَ المُؤْمِنُونَ شَيْئاً رَدَّهُمْ، وَإِنْ نَقَصُوا شَيْئاً أَتَمَّهُ لَهُمْ»(3)،(4).).
ص: 194
[121/4] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ المُسْلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَامِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مَا زَالَتِ الْأَرْضُ إِلَّا وَلله فِيهَا حُجَّةٌ يَعْرِفُ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَيَدْعُو النَّاسَ إِلَى سَبِيلِ الله»(1)،(2).
[122/5] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟
ص: 195
[123/6] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)(1) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَدَعِ الْأَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ، وَلَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يُعْرَفِ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ»(2)،(3).
[124/7] وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «وَالله مَا تَرَكَ اللهُ أَرْضَهُ مُنْذُ قَبَضَ اللهُ آدَمَ إِلَّا وَفِيهَا إِمَامٌ يُهْتَدَى بِهِ إِلَى الله، وَهُوَ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ حُجَّةً لله عَلَى عِبَادِهِ»(4).
[125/8] وَبِهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): أَتَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟).
ص: 196
فَقَالَ: «لَوْ بَقِيَتِ الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ لَسَاخَتْ(1)»(2).
[126/9] وَبِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنِ الرِّضَا (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَتَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟
قَالَ: «لَا».
قُلْتُ: فَإِنَّا نَرْوِي عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهَا لَا تَبْقَى بِغَيْرِ إِمَامٍ إِلَّا أَنْ يَسْخَطَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ - أَوْ قَالَ: عَلَى الْعِبَادِ -.
فَقَالَ: «لَا تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ، وَلَوْ بَقِيَتْ إِذاً لَسَاخَتْ»(3)،(4).
[127/10] مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ).
ص: 197
عِيسَى، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله المُؤْمِنِ، عَنْ أَبِي هَرَاسَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ أَنَّ الْإِمَامَ رُفِعَ مِنَ الْأَرْضِ سَاعَةً لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا، وَمَاجَتْ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ بِأَهْلِهِ(1)»(2)،(3).
[128/11] مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَشَّاءِ، قَالَ: سَأَلْتُ الرِّضَا (عليه السلام): هَلْ تَبْقَى الْأَرْضُ بِغَيْرِ إِمَامٍ؟
قَالَ: «لَا».
قُلْتُ: إِنَّا نَرْوِي أَنَّهَا لَا تَبْقَى إِلَّا أَنْ يَسْخَطَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) عَلَى الْعِبَادِ.
قَالَ: «لَا تَبْقَى إِذاً لَسَاخَتْ»(4).
* * *).
ص: 198
ص: 199
ص: 200
[129/1] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عُمَارَةَ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ الثَّانِي مِنْهُمَا الْحُجَّةَ».
[130/2] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِ وَأَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى جَمِيعاً، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عُمَارَةَ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «لَوْ بَقِيَ فِي الْأَرْضِ اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ(1) عَلَى صَاحِبِهِ».
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، مِثْلَهُ(2).
[131/3] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ كَرَّامٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ).
ص: 201
الله (عليه السلام): «لَوْ كَانَ النَّاسُ رَجُلَيْنِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْإِمَامَ»، وَقَالَ: «إِنَّ آخِرَ مَنْ يَمُوتُ(1) الْإِمَامُ، لِئَلَّا يَحْتَجَّ أَحَدٌ عَلَى الله (عزَّ وجلَّ)(2) أَنَّهُ تَرَكَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ لله عَلَيْهِ»(3).
[132/4] مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْحُجَّةَ - أَوِ الثَّانِي الْحُجَّةَ -»، الشَّكُّ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(4).
[133/5] مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا اثْنَانِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا الْإِمَامَ»(5).
* * *).
ص: 202
ص: 203
ص: 204
[134/1] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ خَارِجَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ فُرَاتِ بْنِ أَحْنَفَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: «زَادَ الْفُرَاتُ عَلَى عَهْدِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، فَرَكِبَ هُوَ وَابْنَاهُ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ (عليهما السلام)، فَمَرَّ بِثَقِيفٍ، فَقَالُوا: قَدْ جَاءَ عَلِيٌّ يَرُدُّ المَاءَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام): أَمَا وَالله، لَأُقْتَلَنَّ أَنَا وَابْنَايَ هَذَانِ، وَلَيَبْعَثَنَّ اللهُ رَجُلاً مِنْ وُلْدِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُطَالِبُ بِدِمَائِنَا، وَلَيَغِيبَنَّ عَنْهُمْ تَمْيِيزاً لِأَهْلِ الضَّلَالَةِ حَتَّى يَقُولَ الْجَاهِلُ: مَا لله فِي آلِ مُحَمَّدٍ مِنْ حَاجَةٍ»(1).
[135/2] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «خَبَرٌ تَدْرِيهِ خَيْرٌ مِنْ عَشْرٍ تَرْوِيهِ، إِنَّ لِكُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً، وَلِكُلِّ صَوَابٍ نُوراً»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّا وَالله لَا نَعُدُّ الرَّجُلَ مِنْ شِيعَتِنَا فَقِيهاً حَتَّى يُلْحَنَ لَهُ(2) فَيَعْرِفَ اللَّحْنَ، إِنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) قَالَ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ فِتَناً مُظْلِمَةً عَمْيَاءَ مُنْكَسِفَةً لَا يَنْجُو مِنْهَا إِلَّا النُّوَمَةُ(3).).
ص: 205
قِيلَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَمَا النُّوَمَةُ؟
قَالَ: «الَّذِي يَعْرِفُ النَّاسَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ لله (عزَّ وجلَّ)، وَلَكِنَّ اللهَ سَيُعْمِي خَلْقَهُ عَنْهَا بِظُلْمِهِمْ وَجَوْرِهِمْ(1) وَإِسْرَافِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَوْ خَلَتِ الْأَرْضُ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنْ حُجَّةٍ لله لَسَاخَتْ بِأَهْلِهَا، وَلَكِنَّ الْحُجَّةَ يَعْرِفُ النَّاسَ وَلَا يَعْرِفُونَهُ، كَمَا كَانَ يُوسُفُ يَعْرِفُ النَّاسَ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ»، ثُمَّ تَلَا: ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ﴾ [يس: 30].
[136/3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّينَوَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ أَوْسٍ، قَالَتْ: حَدَّثَنِي جَدِّي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(2)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو اِبْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ يَوْماً لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: «يَا حُذَيْفَةُ، لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ فَيَطْغَوْا وَيَكْفُرُوا، إِنَّ مِنَ الْعِلْمِ صَعْباً شَدِيداً مَحْمِلُهُ لَوْ حَمَّلْتَهُ الْجِبَالَ عَجَزَتْ عَنْ حَمْلِهِ، إِنَّ عِلْمَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ).
ص: 206
سَيُنْكَرُ وَيُبْطَلُ، وَتُقْتَلُ رُوَاتُهُ، وَيُسَاءُ(1) إِلَى مَنْ يَتْلُوهُ بَغْياً وَحَسَداً لِمَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ عِتْرَةَ الْوَصِيِّ - وَصِيِّ النَّبِيِّ(2) (صلّى الله عليه وآله وسلّم) -.
يَا بْنَ الْيَمَانِ، إِنَّ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تَفَلَ فِي فَمِي وَأَمَرَّ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعْطِ خَلِيفَتِي وَوَصِيِّي، وَقَاضِيَ دَيْنِي، وَمُنْجِزَ وَعْدِي وَأَمَانَتِي، وَوَلِيِّي(3) ونَاصِرِي عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّي، وَمُفَرِّجَ الْكَرْبِ عَنْ وَجْهِي مَا أَعْطَيْتَ آدَمَ مِنَ الْعِلْمِ، وَمَا أَعْطَيْتَ نُوحاً مِنَ الْحِلْمِ، وَإِبْرَاهِيمَ مِنَ الْعِتْرَةِ الطَّيِّبَةِ وَالسَّمَاحَةِ، وَمَا أَعْطَيْتَ أَيُّوبَ مِنَ الصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَمَا أَعْطَيْتَ دَاوُدَ مِنَ الشِدَّةِ عِنْدَ مُنَازَلَةِ الْأَقْرَانِ، وَمَا أَعْطَيْتَ سُلَيْمَانَ مِنَ الْفَهْمِ. اللَّهُمَّ لَا تُخْفِ عَنْ عَلِيٍّ شَيْئاً مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى تَجْعَلَهَا كُلَّهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِثْلَ المَائِدَةِ الصَّغِيرَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ. اللَّهُمَّ أَعْطِهِ جَلَادَةَ مُوسَى، وَاجْعَلْ فِي نَسْلِهِ شَبِيهَ عِيسَى (عليه السلام). اللَّهُمَّ إِنَّكَ خَلِيفَتِي عَلَيْهِ وَعَلَى عِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ الطَّيِّبَةِ المُطَهَّرَةِ الَّتِي أَذْهَبْتَ عَنْهَا الرِّجْسَ وَالنِّجْسَ، وَصَرَفْتَ عَنْهَا مُلَامَسَةَ الشَّيَاطِينِ(4). اللَّهُمَّ إِنْ بَغَتْ قُرَيْشٌ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَتْ غَيْرَهُ عَلَيْهِ، فَاجْعَلْهُ بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِذْ غَابَ عَنْهُ مُوسَى. ثُمَّ قَالَ لِي: يَا عَلِيُّ، كَمْ فِي وُلْدِكَ مِنْ وَلَدٍ فَاضِلٍ يُقْتَلُ وَالنَّاسُ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ لَا يُغَيِّرُونَ! فَقَبُحَتْ أُمَّةٌ تَرَى أَوْلَادَ نَبِيِّهَا يُقْتَلُونَ ظُلْماً وَهُمْ لَا يُغَيِّرُونَ(5)، إِنَّ الْقَاتِلَ وَالْآمِرَ وَالشَّاهِدَ الَّذِي لَا يُغَيِّرُ كُلُّهُمْ فِي الْإِثْمِ وَاللِّعَانِ سَوَاءٌ مُشْتَرِكُونَ.).
ص: 207
يا بن الْيَمَانِ، إِنَّ قُرَيْشاً لَا تَنْشَرِحُ صُدُورُهَا، وَلَا تَرْضَى قُلُوبُهَا، وَلَا تَجْرِي أَلْسِنَتُهَا، بِبَيْعَةِ عَلِيٍّ وَمُوَالاتِهِ إِلَّا عَلَى الْكُرْهِ وَالْعَمَى وَالصَّغَارِ(1).
يا بن الْيَمَانِ، سَتُبَايِعُ قُرَيْشٌ عَلِيًّا، ثُمَّ تَنْكُثُ عَلَيْهِ وَتُحَارِبُهُ وَتُنَاضِلُهُ وَتَرْمِيهِ بِالْعَظَائِمِ، وَبَعْدَ عَلِيٍّ يَلِي الْحَسَنُ وَسَيُنْكَثُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَلِي الْحُسَيْنُ فَتَقْتُلُهُ أُمَّةُ جَدِّهِ، فَلُعِنَتْ أُمَّةٌ تَقْتُلُ ابْنَ بِنْتِ نَبِيِّهَا وَلَا تَعِزُّ مِنْ أُمَّةٍ، وَلُعِنَ الْقَائِدُ لَهَا وَالمُرَتِّبُ لِفَاسِقِهَا.
فَوَ الَّذِي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ، لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ابْنِي فِي ضَلَالٍ وَظُلْمَةٍ وَعَسْفٍ وَجَوْرٍ وَاخْتِلَافٍ فِي الدِّينِ، وَتَغْيِيرٍ وَتَبْدِيلٍ لِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَإِظْهَارِ الْبِدَعِ، وَإِبْطَالِ السُّنَنِ، وَاخْتِلَالٍ وَقِيَاسِ مُشْتَبِهَاتٍ(2)، وَتَرْكِ مُحْكَمَاتٍ حَتَّى تَنْسَلِخَ مِنَ الْإِسْلَامِ وَتَدْخُلَ فِي الْعَمَى وَالتَّلَدُّدِ وَالتَّسَكُّعِ(3).
مَا لَكِ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، لَا هُدِيتِ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، وَمَا لَكِ يَا بَنِي الْعَبَّاسِ، لَكِ الْإِتْعَاسُ، فَمَا فِي بَنِي أُمَيَّةَ(4) إِلَّا ظَالِمٌ، وَلَا فِي بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَّا مُعْتَدٍ مُتَمَرِّدٌ عَلَى الله بِالمَعَاصِي، قَتَّالٌ لِوَلَدِي، هَتَّاكٌ لِسِتْرِي وَحُرْمَتِي، فَلَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ جَبَّارِينَ يَتَكَالَبُونَ عَلَى حَرَامِ الدُّنْيَا، مُنْغَمِسِينَ فِي بِحَارِ الْهَلَكَاتِ وَفِي أَوْدِيَةِ الدِّمَاءِ، حَتَّى إِذَا غَابَ المُتَغَيِّبُ مِنْ وُلْدِي عَنْ عُيُونِ النَّاسِ، وَمَاجَ النَّاسُ بِفَقْدِهِ أَوْ بِقَتْلِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ(5)، أَطْلَعَتِ الْفِتْنَةُ، وَنَزَلَتِ الْبَلِيَّةُ، وَالْتَحَمَتْ(6) الْعَصَبِيَّةُ، وَغَلَا النَّاسُ فِيب.
ص: 208
دِينِهِمْ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ ذَاهِبَةٌ، وَالْإِمَامَةَ بَاطِلَةٌ، وَيَحُجُّ حَجِيجُ النَّاسِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ وَنَوَاصِبِهِ(1) لِلتَّحَسُّسِ وَالتَّجَسُّسِ عَنْ خَلَفِ الْخَلَفِ(2)، فَلَا يُرَى لَهُ أَثَرٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ خَبَرٌ، وَلَا خَلَفٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ سُبَّتْ شِيعَةُ عَلِيٍّ، سَبَّهَا أَعْدَاؤُهَا(3)، وَظَهَرَتْ(4) عَلَيْهَا الْأَشْرَارُ وَالْفُسَّاقُ بِاحْتِجَاجِهَا، حَتَّى إِذَا بَقِيَتِ الْأُمَّةُ حَيَارَى، وَتَدَلَّهَتْ وَأَكْثَرَتْ فِي قَوْلِهَا(5): إِنَّ الْحُجَّةَ هَالِكَةٌ، وَالْإِمَامَةَ بَاطِلَةٌ، فَوَ رَبِّ عَلِيٍّ إِنَّ حُجَّتَهَا عَلَيْهَا قَائِمَةٌ مَاشِيَةٌ فِي طُرُقِهَا(6)، دَاخِلَةٌ فِي دُورِهَا وَقُصُورِهَا، جَوَّالَةٌ فِي شَرْقِ هَذِهِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا، تَسْمَعُ الْكَلَامَ، وَتُسَلِّمَ عَلَى الْجَمَاعَةِ، تَرَى وَلَا تُرَى إِلَى الْوَقْتِ وَالْوَعْدِ، وَنِدَاءِ المُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، أَلَا ذَلِكَ يَوْمٌ فِيهِ سُرُورُ وُلْدِ عَلِيٍّ وَشِيعَتِهِ»(7)،(8).).
ص: 209
وفي هذا الحديث عجائب وشواهد على حقّيَّة ما تعتقده الإماميَّة وتدين به، والحمد لله.
فمن ذلك قول أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): «حَتَّى إِذَا غَابَ المُتَغَيِّبُ مِنْ وُلْدِي عَنْ عُيُونِ النَّاسِ»، أليس هذا موجباً(1) لهذه الغيبة، وشاهداً على صحَّة قول من يعترف بهذا، ويدين بإمامة صاحبها؟
ثمّ قوله (عليه السلام): «وَمَاجَ النَّاسُ بِفَقْدِهِ أَوْ بِقَتْلِهِ أَوْ بِمَوْتِهِ... وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ ذَاهِبَةٌ، وَالْإِمَامَةَ بَاطِلَةٌ»، أليس هذا موافقاً لما عليه كافَّة الناس الآن من تكذيب قول الإماميَّة في وجود صاحب الغيبة؟ وهي محقَّقة في وجوده وإنْ لم ترَه.
وقوله (عليه السلام): «وَيَحُجُّ حَجِيجُ النَّاسِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِلتَّجَسُّسِ»، وقد فعلوا ذلك ولم يروا له أثراً.
وقوله: «فَعِنْدَ ذَلِكَ سُبَّتْ شِيعَةُ عَلِيٍّ، سَبَّهَا أَعْدَاؤُهَا، وَظَهَرَتْ عَلَيْهَا).
ص: 210
الْأَشْرَارُ وَالْفُسَّاقُ بِاحْتِجَاجِهَا»، يعني باحتجاجها عليها في الظاهر، وقولها: فأين إمامكم؟ دلُّونا عليه، وسبّهم لهم ونسبتهم إيَّاهم إلى النقص والعجز والجهل لقولهم بالمفقود العين، وإحالتهم على الغائب الشخص، وهو السبُّ، فهم في الظاهر عند أهل الغفلة والعمى محجوجون(1). وهذا القول من أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الموضع شاهد لهم(2) بالصدق، وعلى مخالفيهم بالجهل والعناد للحقِّ.
ثمّ حلفه (عليه السلام) مع ذلك بربِّه (عزَّ وجلَّ) بقوله: «فَوَ رَبِّ عَلِيٍّ إِنَّ حُجَّتَهَا عَلَيْهَا قَائِمَةٌ مَاشِيَةٌ فِي طُرُقِهَا(3)، دَاخِلَةٌ فِي دُورِهَا وَقُصُورِهَا، جَوَّالَةٌ فِي شَرْقِ هَذِهِ الْأَرْضِ وَغَرْبِهَا، تَسْمَعُ الْكَلَامَ، وَتُسَلِّمَ عَلَى الْجَمَاعَةِ، تَرَى وَلَا تُرَى»، أليس ذلك مزيلاً للشكِّ في أمره (عليه السلام)؟ وموجباً لوجوده ولصحَّة ما ثبت في الحديث الذي هو قبل هذا الحديث من قوله: «إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ لله، وَلَكِنَّ اللهَ سَيُعْمِي خَلْقَهُ عَنْهَا بِظُلْمِهِمْ وَجَوْرِهِمْ(4) وَإِسْرَافِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ»، ثمّ ضرب لهم المثل في يوسف (عليه السلام). إنَّ الإمام (عليه السلام) موجود العين والشخص إلَّا أنَّه في وقته هذا يَرى ولا يُرى، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ وَالْوَعْدِ، وَنِدَاءِ المُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ».
اللَّهُمَّ لك الحمد والشكر على نِعَمك التي لا تُحصى، وعلى أياديك التي لا تُجازى، ونسألك الثبات على ما منحتنا من الهدى برحمتك.
[137/4] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ).
ص: 211
الدِّينَوَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ(1)، قَالَ: حَدَّثْتَنَا عَمِيرَةُ(2) بِنْتُ أَوْسٍ، قَالَتْ: حَدَّثَنِي جَدِّي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ ضَمْرَةَ(3)، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ(4) أَنَّهُ قَالَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حُشِرَ الْخَلْقُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ رُكْبَانٌ، وَصِنْفٌ عَلَى أَقْدَامِهِمْ يَمْشُونَ، وَصِنْفٌ مُكِبُّونَ، وَصِنْفٌ عَلَى وُجُوهِهِمْ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ، وَلَا يُكَلِّمُونَ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ.
فَقِيلَ لَهُ: يَا كَعْبُ، مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ، وَهَذِهِ الْحَالُ حَالُهُمْ؟
فَقَالَ كَعْبٌ: أُولَئِكَ كَانُوا عَلَى الضَّلَالِ وَالْاِرْتِدَادِ وَالنَّكْثِ، فَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ إِذَا لَقُوا اللهَ بِحَرْبِ خَلِيفَتِهِمْ وَوَصِيِّ نَبِيِّهِمْ وَعَالِمِهِمْ وَسَيِّدِهِمْ وَفَاضِلِهِمْ وَحَامِلِ اللِّوَاءِ وَوَلِيِّ الْحَوْضِ وَالمُرْتَجَى وَالرَّجَا دُونَ هَذَا الْعَالَمِ، وَهُوَ الْعَلَمُ الَّذِي لَا يُجْهَلُ(5)، وَالمَحَجَّةُ الَّتِي(6) مَنْ زَالَ عَنْهَا عَطِبَ(7)، وَفِي النَّارِ هَوَى،).
ص: 212
ذَاكَ عَلِيٌّ وَرَبِّ كَعْبٍ، أَعْلَمُهُمْ عِلْماً، وَأَقْدَمُهُمْ سِلْماً(1)، وَأَوْفَرُهُمْ حِلْماً، عَجِبَ كَعْبٌ مِمَّنْ قَدَّمَ عَلَى عَلِيٍّ غَيْرَهُ.
وَمِنْ نَسْلِ عَلِيٍّ الْقَائِمُ(2) المَهْدِيُّ الَّذِي يُبَدِّلُ الْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ، وَبِهِ يَحْتَجُّ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ (عليه السلام) عَلَى نَصَارَى الرُّومِ وَالصِّينِ، إِنَّ الْقَائِمَ المَهْدِيَّ مِنْ نَسْلِ عَلِيٍّ، أَشْبَهُ النَّاسِ بِعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ خَلْقاً وَخُلُقاً وَسَمْتاً(3) وَهَيْبَةً، يُعْطِيهِ اللهُ (جلَّ وعزَّ) مَا أَعْطَى الْأَنْبِيَاءَ وَيَزِيدُهُ وَيُفَضِّلُهُ، إِنَّ الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ (عليه السلام) لَهُ غَيْبَةٌ كَغَيْبَةِ يُوسُفَ، وَرَجْعَةٌ كَرَجْعَةِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ، ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَتِهِ مَعَ طُلُوعِ النَّجْمِ الْأَحْمَرِ، وَخَرَابِ الزَّوْرَاءِ - وَهِيَ الرَّيُّ -، وَخَسْفِ المُزَوَّرَةِ - وَهِيَ بَغْدَادُ -، وَخُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ، وَحَرْبِ وُلْدِ الْعَبَّاسِ مَعَ فِتْيَانٍ أَرْمِينِيَّةٍ وَآذَرْبِيجَانَ، تِلْكَ حَرْبٌ يُقْتَلُ فِيهَا أُلُوفٌ وَأُلُوفٌ، كُلٌّ يَقْبِضُ عَلَى سَيْفٍ مُحَلَّى، تَخْفِقُ عَلَيْهِ رَايَاتٌ سُودٌ، تِلْكَ حَرْبٌ يَشُوبُهَا المَوْتُ الْأَحْمَرُ، وَالطَّاعُونُ الْأَغْبَرُ(4)»(5).
[138/5] وَبِهِ، عَنِ الْحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَمْرِو بْنِ سَعْدٍ(6)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام):و.
ص: 213
«لَا تَقُومُ الْقِيَامَةُ(1) حَتَّى تُفْقَأَ عَيْنُ الدُّنْيَا، وَتَظْهَرَ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ، وَتِلْكَ دُمُوعُ حَمَلَةِ الْعَرْشِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، حَتَّى يَظْهَرَ فِيهِمْ عِصَابَةٌ(2) لَا خَلَاقَ لَهُمْ، يَدْعُونَ لِوَلَدِي وَهُمْ بِرَاءٍ مِنْ وَلَدِي، تِلْكَ عِصَابَةٌ رَدِيئَةٌ لَا خَلَاقَ لَهُمْ، عَلَى الْأَشْرَارِ مُسَلَّطَةٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ مُفَتِّنَةٌ، وَلِلْمُلُوكِ مُبِيرَةٌ(3)، تَظْهَرُ فِي سَوَادِ الْكُوفَةِ، يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ اللَّوْنِ وَالْقَلْبِ، رَثُّ(4) الدِّينِ، لَا خَلَاقَ لَهُ(5)، مُهَجَّنٌ(6) زَنِيمٌ(7) عُتُلٌّ(8)، تَدَاوَلَتْهُ أَيْدِي الْعَوَاهِرِ مِنَ الْأُمَّهَاتِ(9)، مِنْ شَرِّ نَسْلٍ لَا سَقَاهَا اللهُ).
ص: 214
المَطَرَ(1)، فِي سَنَةِ إِظْهَارِ غَيْبَةِ المُتَغَيِّبِ مِنْ وَلَدِي صَاحِبِ الرَّايَةِ الْحَمْرَاءِ وَالْعَلَمِ الْأَخْضَرِ، أَيُّ يَوْمٍ لِلْمُخَيَّبِينَ(2) بَيْنَ الْأَنْبَارِ وَهِيتَ، ذَلِكَ يَوْمٌ فِيهِ صَيْلَمُ(3) الْأَكْرَادِ وَالشُّرَاةِ(4)، وَخَرَابُ دَارِ الْفَرَاعِنَةِ، وَمَسْكَنِ الْجَبَابِرَةِ، وَمَأْوَى الْوُلَاةِ الظَّلَمَةِ، وَأُمِّ الْبِلَادِ، وَأُخْتِ الْعَارِ(5)، تِلْكَ وَرَبِّ عَلِيٍّ يَا عَمْرَو بْنَ سَعْدٍ بَغْدَادُ، أَلَا لَعْنَةُ الله عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ(6) الْخَوَنَةِ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الطَّيِّبِينَ مِنْ وُلْدِي، وَلَا يُرَاقِبُونَ فِيهِمْ ذِمَّتِي، وَلَا يَخَافُونَ اللهَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ بِحُرْمَتِي، إِنَّ لِبَنِي الْعَبَّاسِ يَوْماً كَيَوْمِ الطَّمُوحِ(7)، وَلَهُمْ فِيهِ صَرْخَةٌ كَصَرْخَةِ الْحُبْلَى، الْوَيْلُ لِشِيعَةِ وُلْدِ الْعَبَّاسِ مِنَ الْحَرْبِ الَّتِي سَنَحَ(8) بَيْنَ نَهَاوَنْدَ وَالدِّينَوَرِ، تِلْكَ حَرْبُ صَعَالِيكِ شِيعَةِ عَلِيٍّ، يَقْدُمُهُمْ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ اسْمُهُ عَلَى اسْمِ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مَنْعُوتٌ مَوْصُوفٌ بِاعْتِدَالِ الْخَلْقِ، وَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَنَضَارَةِ اللَّوْنِ، لَهُ فِي صَوْتِهِ ضِجَاجٌ(9)، وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ(10)، وَفِي).
ص: 215
عُنُقِهِ سَطَعٌ(1)، أَفْرَقُ الشَّعْرِ، مُفَلَّجُ الثَّنَايَا(2)، عَلَى فَرَسِهِ كَبَدْرٍ تَمَامٍ إِذَا تَجَلَّى عِنْدَ الظَّلَامِ(3)، يَسِيرُ بِعِصَابَةٍ خَيْرِ عِصَابَةٍ أَوَتْ وَتَقَرَّبَتْ وَدَانَتْ لله بِدِينِ تِلْكَ الْأَبْطَالِ مِنَ الْعَرَبِ الَّذِينَ يَلْحَقُونَ(4) حَرْبَ الْكَرِيهَةِ، وَالدَّبْرَةُ(5) يَوْمَئِذٍ عَلَى الْأَعْدَاءِ، إِنَّ لِلْعَدُوِّ يَوْمَذَاكَ الصَّيْلَمَ وَالْاِسْتِئْصَالَ»(6).
وفي هذين الحديثين من ذكر الغيبة وصاحبها ما فيه كفاية وشفاء للطالب المرتاد، وحجَّة على أهل الجحد والعناد، وفي الحديث الثاني إشارة إلى ذكر عصابة لم تكن تُعرَف فيما تقدَّم، وإنَّما يُبعَث في سنة ستِّين ومائتين ونحوها، وهي كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «سنة إظهار غيبة المتغيِّب»، وهي كما وصفها ونعتها ونعت الظاهر برايتها، وإذا تأمَّل اللبيب الذي له قلب - كما قال الله تعالى: ﴿أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ [ق: 37] - هذا التلويح(7) اكتفى به عن التصريح، نسأل الله الرحيم توفيقاً للصواب برحمته.ً.
ص: 216
[139/6] أَخْبَرَنَا سَلَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليهما السلام): مَا مَعْنَى قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ﴾ [التكوير: 15]؟
فَقَالَ: «يَا أُمَّ هَانِئٍ، إِمَامٌ يَخْنِسُ نَفْسَهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ عَنِ النَّاسِ عِلْمُهُ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، ثُمَّ يَبْدُو كَالشِّهَابِ الْوَاقِدِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، فَإِنْ أَدْرَكْتِ ذَلِكِ الزَّمَانَ قَرَّتْ عَيْنُكِ».
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ شَاذَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الرَّبِيعِ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «يَظْهَرُ كَالشِّهَابِ يَتَوَقَّدُ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، فَإِنْ أَدْرَكْتِ زَمَانَهُ قَرَّتْ عَيْنُكِ»(1).
[140/7] مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الرَّبِيعِ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، قَالَتْ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عليهما السلام) فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ﴾ [التكوير: 15 و16].
فَقَالَ: «الْخُنَّسُ إِمَامٌ يَخْنِسُ نَفْسَهُ فِي زَمَانِهِ عِنْدَ انْقِطَاعٍ مِنْ عِلْمِهِ عِنْدَ النَّاسِ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، ثُمَّ يَبْدُو كَالشِّهَابِ الْوَاقِدِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَإِنْ أَدْرَكْتِهِ(2) قَرَّتْ).
ص: 217
[141/8] مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ مَالِكٍ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنِ الْكَاهِلِيِّ(5)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «تَوَاصَلُوا وَتَبَارُّوا وَتَرَاحَمُوا، فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ وَقْتٌ لَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ لِدِينَارِهِ وَدِرْهَمِهِ مَوْضِعاً»، يعني لا يجد عند ظهور القائم (عليه السلام) موضعاً يصرفه فيه، لاستغناء الناس جميعاً بفضل الله وفضل وليِّه(6).ه.
ص: 218
فَقُلْتُ: وَأَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ؟
فَقَالَ: «عِنْدَ فَقْدِكُمْ إِمَامَكُمْ، فَلَا تَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَطْلُعَ عَلَيْكُمْ كَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ آيَسَ مَا تَكُونُونَ، فَإِيَّاكُمْ وَالشَّكَّ وَالْاِرْتِيَابَ، وَانْفُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الشُّكُوكَ، وَقَدْ حَذَّرْتُكُمْ(1) فَاحْذَرُوا. أَسْأَلُ اللهَ تَوْفِيقَكُمْ وَإِرْشَادَكُمْ».
فلينظر الناظر إلى هذا النهي عن الشكِّ في صحَّة غيبة الغائب (عليه السلام)، وفي صحَّة ظهوره، وإلى قوله بعقب النهي عن الشكِّ فيه: «وقد حذَّرتكم فاحذروا»، يعني من الشكِّ، نعوذ بالله من الشكِّ والارتياب، ومن سلوك جادَّة الطريق الموردة إلى الهلكة، ونسأله الثبات على الهدى وسلوك الطريقة المثلى التي توصلنا إلى كرامته مع المصطفين من خيرته، بمنِّه وقدرته.
[142/9] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِصَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي المُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي مَجْلِسِهِ وَمَعِي غَيْرِي، فَقَالَ لَنَا: «إِيَّاكُمْ وَالتَّنْوِيهَ - يَعْنِي بِاسْمِ الْقَائِمِ (عليه السلام) -».
وَكُنْتُ أَرَاهُ يُرِيدُ غَيْرِي، فَقَالَ لِي: «يَا أَبَا عَبْدِ الله، إِيَّاكُمْ وَالتَّنْوِيهَ، وَالله لَيَغِيبَنَّ سَبْتاً مِنَ الدَّهْرِ، وَلَيَخْمُلَنَّ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ، أَوْ هَلَكَ، بِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟ي.
ص: 219
وَلَتَفِيضَنَّ عَلَيْهِ أَعْيُنُ المُؤْمِنِينَ، وَلَيُكْفَأَنَّ كَتَكَفُّؤِ السَّفِينَةِ فِي أَمْوَاجِ الْبَحْرِ حَتَّى لَا يَنْجُوَ إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ، وَكَتَبَ الْإِيمَانَ فِي قَلْبِهِ، وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُعْرَفُ أَيٌّ مِنْ أَيٍّ».
قَالَ المُفَضَّلُ: فَبَكَيْتُ.
فَقَالَ لِي: «مَا يُبْكِيكَ؟».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَيْفَ لَا أَبْكِي وَأَنْتَ تَقُولُ: «تُرْفَعُ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُعْرَفُ أَيٌّ مِنْ أَيٍّ»؟
قَالَ: فَنَظَرَ إِلَى كَوَّةٍ فِي الْبَيْتِ الَّتِي تَطْلُعُ فِيهَا الشَّمْسُ فِي مَجْلِسِهِ، فَقَالَ: «أَهَذِهِ الشَّمْسُ مُضِيئَةٌ؟».
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: «وَالله لَأَمْرُنَا أَضْوَأُ مِنْهَا».
[143/10] مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدُ الله اِبْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ جَمِيعاً، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ الله بْنُ عَامِرٍ الْقَصَبَانِيُّ جَمِيعاً، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ مُسَاوِرٍ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّيْخَ - يَعْنِي أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) - يَقُولُ: «إِيَّاكُمْ وَالتَّنْوِيهَ، أَمَا وَالله لَيَغِيبَنَّ سَبْتاً مِنْ دَهْرِكُمْ، وَلَيَخْمُلَنَّ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ، هَلَكَ، بِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَلَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ المُؤْمِنِينَ، وَلَيُكْفَأَنَّ تَكَفُّؤَ السَّفِينَةِ فِي أَمْوَاجِ الْبَحْرِ، فَلَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ، وَكَتَبَ فِي قَلْبِهِ الْإِيمَانَ، وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ، وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ».
قَالَ: فَبَكَيْتُ، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ نَصْنَعُ؟
فَقَالَ: «يَا أَبَا عَبْدِ الله - ثُمَّ نَظَرَ إِلَى شَمْسٍ دَاخِلَةٍ فِي الصُّفَةِ -، أَتَرَى هَذِهِ الشَّمْسَ؟».
ص: 220
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: «وَالله لَأَمْرُنَا أَبْيَنُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ».
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسَاوِرٍ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: «وَلَيَغِيبَنَّ سِنِينَ مِنْ دَهْرِكُمْ»(1)،(2).).
ص: 221
أمَا ترون - زادكم الله هدًى - هذا النهي عن التنويه باسم الغائب (عليه السلام) وذكره بقوله (عليه السلام): «إيَّاكم والتنويه»، وإلى قوله: «ليغيبنَّ سبتاً من دهركم، وليخملنَّ حتَّى يقال: مات، هلك، بأيِّ وادٍ سلك؟ ولتفيضنَّ عليه أعين المؤمنين، وليكفأنَّ كتكفُّؤ السفينة في أمواج البحر»؟ يريد (عليه السلام) بذلك ما يعرض للشيعة في أمواج الفتن المضلَّة المهولة، وما يتشعَّب من المذاهب الباطلة المتحيِّرة المتلدِّدة، وما يُرفَع من الرايات المشتبهة يعني للمدَّعين للإمامة من آل أبي طالب والخارجين منهم طلباً للرئاسة في كلِّ زمانٍ، فإنَّه لم يقل: مشتبهة إلَّا ممَّن كان من هذه الشجرة ممَّن يدَّعي ما ليس له من الإمامة ويشتبه على الناس أمره بنسبه، ويظنُّ ضعفاء الشيعة وغيرهم أنَّهم على حقٍّ إذا كانوا من أهل بيت الحقِّ والصدق، وليس كذلك، لأنَّ الله (عزَّ وجلَّ) قصر هذا الأمر - الذي تتلف نفوس ممَّن ليس له ولا هو من أهله ممَّن عصى الله في طلبه من أهل البيت، ونفوس من
ص: 222
يتبعهم على الظنِّ والغرور - على صاحب الحقِّ ومعدن الصدق الذي جعله الله له، لا يشركه فيه أحد، وليس لخلق من العالم ادِّعاؤه دونه، فثبَّت اللهُ المؤمنين مع وقوع الفتن وتشعُّب المذاهب وتكفُّؤ القلوب واختلاف الأقوال وتشتُّت الآراء ونكوب الناكبين عن الصراط المستقيم على نظام الإمامة وحقيقة الأمر وضيائه غير مغترِّين بلمع السراب والبروق الخوالب، ولا مائلين مع الظنون الكواذب حتَّى يُلحِق الله منهم من يلحق بصاحبه (عليه السلام) غير مبدِّل ولا مغيِّر، ويتوفَّى من قضى نحبه منهم قبل ذلك غير شاكٍّ ولا مرتاب، ويُوفِّي كلًّا منهم منزلته ويحلُّه مرتبته في عاجله وآجله، والله (جلَّ اسمه) نسأل الثبات، ونستزيده علماً، فإنَّه أجود المعطين، وأكرم المسؤولين.
* * *
ص: 223
[144/1] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ (رحمه الله)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا فُقِدَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ فَاللهَ اللهَ فِي أَدْيَانِكُمْ، لَا يُزِيلَنَّكُمْ عَنْهَا، فَإِنَّهُ لَابُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْبَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ كَانَ يَقُولُ بِهِ، إِنَّمَا هِيَ مِحْنَةٌ مِنَ الله يَمْتَحِنُ اللهُ بِهَا خَلْقَهُ، وَلَوْ عَلِمَ آبَاؤُكُمْ وَأَجْدَادُكُمْ دِيناً أَصَحَّ مِنْ هَذَا الدِّينِ لَاتَّبَعُوهُ».
قَالَ: قُلْتُ: يَا سَيِّدِي، مَنِ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِ السَّابِعِ؟
فَقَالَ: «يَا بُنَيَّ، عُقُولُكُمْ تَصْغُرُ(1) عَنْ هَذَا، وَأَحْلَامُكُمْ تَضِيقُ عَنْ حَمْلِهِ، وَلَكِنْ إِنْ تَعِيشُوا فَسَوْفَ تُدْرِكُونَهُ»(2)،(3).
ص: 224
ص: 225
[145/2] أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: قَالَ لِي: «يَا أَبَا الْجَارُودِ، إِذَا دَارَ الْفَلَكُ وَقَالُوا: مَاتَ، أَوْ هَلَكَ، وَبِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟ وَقَالَ الطَّالِبُ لَهُ: أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ فَارْتَجُوهُ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَأْتُوهُ وَلَوْ حَبْواً(1) عَلَى الثَّلْجِ»(2).
[146/3] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ (رحمه الله)، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «إِنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ يَقُولُ النَّاسُ: أَنَّى ذَلِكَ وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ؟!».
[147/4] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَلَّابِ،).
ص: 226
قَالَ: ذُكِرَ الْقَائِمُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ لَوْ قَدْ قَامَ لَقَالَ النَّاسُ: أَنَّى يَكُونُ هَذَا وَقَدْ بَلِيَتْ عِظَامُهُ مُذْ كَذَا وَكَذَا؟!»(1).
[148/5] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ الْعَبَّاسِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَلَّامٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْخَشَّابِ(2)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ نُجُومِ السَّمَاءِ، كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا نَجْمٌ مِنْهَا طَلَعَ فَرَمَقْتُمُوهُ بِالْأَعْيُنِ، وَأَشَرْتُمْ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، أَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ فَذَهَبَ بِهِ(3)، ثُمَّ لَبِثْتُمْ فِي ذَلِكَ(4) سَبْتاً مِنْ دَهْرِكُمْ، وَاسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَلَمْ يُدْرَ أَيٌّ مِنْ أَيٍّ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَبْدُو نَجْمُكُمْ، فَاحْمَدُوا اللهَ وَاقْبَلُوهُ».
[149/6] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ وَعَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَعَبْدُ الله بْنُ عَامِرٍ الْقَصَبَانِيُّ جَمِيعاً، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنِ الْخَشَّابِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «إِنَّمَا مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَثَلِ نُجُومِ السَّمَاءِ، كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ حَتَّى إِذَا مَدَدْتُمْ إِلَيْهِ حَوَاجِبَكُمْ، وأَشَرْتُمْ إِلَيْهِ).
ص: 227
بِالْأَصَابِعِ، أَتَاهُ(1) مَلَكُ المَوْتِ فَذَهَبَ بِهِ(2)، ثُمَّ بَقِيتُمْ سَبْتاً مِنْ دَهْرِكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيًّا مِنْ أَيٍّ، فَاسْتَوَى فِي ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَبَيْنَمَا أَنْتُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَطْلَعَ اللهُ عَلَيْكُمْ نَجْمَكُمْ، فَاحْمَدُوهُ وَاقْبَلُوهُ».
[150/7] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّمَا نَحْنُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ كُلَّمَا غَابَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ، حَتَّى إِذَا أَشَرْتُمْ بِأَصَابِعِكُمْ، وَمِلْتُمْ بِحَوَاجِبِكُمْ، غَيَّبَ اللهُ عَنْكُمْ نَجْمَكُمْ، فَاسْتَوَتْ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَلَمْ يُعْرَفْ أَيٌّ مِنْ أَيٍّ، فَإِذَا طَلَعَ نَجْمُكُمْ فَاحْمَدُوا رَبَّكُمْ»(3)،(4).).
ص: 228
[151/8] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِيهِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ وُلْدِي هُوَ الَّذِي يُقَالُ: مَاتَ، أَوْ هَلَكَ، لَا، بَلْ فِي أَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟»(1).
[152/9] وَبِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): مَا عَلَامَةُ الْقَائِمِ؟
قَالَ: «إِذَا اسْتَدَارَ الْفَلَكُ، فَقِيلَ: مَاتَ، أَوْ هَلَكَ، فِي أَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟
قَالَ: «لَا يَظْهَرُ إِلَّا بِالسَّيْفِ».
[153/10] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) الْقَائِمُ، فَقَالَ: «أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَدِرِ الْفَلَكُ حَتَّى يُقَالَ: مَاتَ، أَوْ هَلَكَ، فِي أَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟».
فَقُلْتُ: وَمَا اسْتِدَارَةُ الْفَلَكِ؟
فَقَالَ: «اخْتِلَافُ الشِّيعَةِ بَيْنَهُمْ».).
ص: 229
وهذه الأحاديث دالَّة على ما قد آلت إليه أحوال الطوائف المنتسبة إلى التشيُّع ممَّن خالف الشرذمة المستقيمة على إمامة الخلف بن الحسن بن عليٍّ (عليه السلام)، لأنَّ الجمهور منهم من يقول في الخلف: أين هو؟ وأنَّى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ وله الآن نيِّف وثمانون سنة، فمنهم من يذهب إلى أنَّه ميِّت، ومنهم من يُنكِر ولادته ويجحد وجوده بواحدة(1)، ويستهزئ بالمصدِّق به، ومنهم من يستبعد المدَّة ويستطيل الأمد، ولا يرى أنَّ الله في قدرته، ونافذ سلطانه، وماضى أمره وتدبيره، قادر على أنْ يمدَّ لوليِّه في العمر كأفضل ما مدَّه ويمدُّه لأحد من أهل عصره وغير أهل عصره، ويظهر بعد مضيِّ هذه المدَّة وأكثر منها، فقد رأينا كثيراً من أهل زماننا ممَّن عمَّر مائة سنة وزيادة عليها، وهو تامُّ القوَّة، مجتمع العقل، فكيف يُنكر لحجَّة الله أنْ يُعمّره أكثر من ذلك؟ وأنْ يجعل ذلك من أكبر آياته التي أفرده بها من بين أهله، لأنَّه حجَّته الكبرى التي يُظهِر دينه على كلِّ الأديان ويغسل بها الأرجاس(2) والأدران(3)، كأنَّه لم يقرأ في هذا القرآن قصَّة موسى (عليه السلام) في ولادته، وما جرى على النساء والصبيان بسببه من القتل والذبح حتَّى هلك في ذلك الخلق الكثير تحرُّزاً من واقع قضاء الله، ونافذ أمره، حتَّى كوَّنه الله (عزَّ وجلَّ) على رغم أعدائه، وجعل الطالب له المفني لأمثاله من الأطفال بالقتل والذبح بسببه هو الكافل له والمربِّي، وكان من قصَّته في نشوئه وبلوغه وهربه في ذلك الزمان الطويل ما قد نبَّأنا الله في كتابه حتَّى حضر).
ص: 230
الوقت الذي أذن الله (عزَّ وجلَّ) في ظهوره فظهرت ﴿سُنَّةَ الله الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً﴾ [الفتح: 23].
فاعتبروا يا أُولي الأبصار، واثبتوا أيُّها الشيعة الأخيار، على ما دلَّكم الله عليه وأرشدكم إليه، واشكروه على ما أنعم به عليكم، وأفردكم بالحظوة فيه، فإنَّه أهل الحمد والشكر.
* * *
ص: 231
[154/1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ فُضَيْلٍ الصَّائِغِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا فَقَدَ النَّاسُ الْإِمَامَ مَكَثُوا سِنِيناً لَا يَدْرُونَ أَيًّا مِنْ أَيٍّ، ثُمَّ يُظْهِرُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) لَهُمْ صَاحِبَهُمْ».
[155/2] وَبِهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): يَكُونُ فَتْرَةٌ لَا يَعْرِفُ المُسْلِمُونَ فِيهَا إِمَامَهُمْ؟
فَقَالَ: «يُقَالُ ذَلِكَ».
قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟
قَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَتَمَسَّكُوا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَكُمُ الْآخِرُ»(1).
[156/3] وَبِهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّيْقَلِ، عَنْ أَبِيهِ مَنْصُورٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «إِذَا أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ يَوْماً لَا تَرَى فِيهِ إِمَاماً مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَأَحْبِبْ مَنْ كُنْتَ تُحِبُّ، وَأَبْغِضْ مَنْ كُنْتَ تُبْغِضُ، وَوَالِ مَنْ كُنْتَ تُوَالِي، وَانْتَظِرِ الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً».
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَطَّارِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ،
ص: 232
عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، مِثْلَهُ(1)،(2).
[157/4] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَالْحَسَنُ بْنُ ظَرِيفٍ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الله اِبْنِ سِنَانٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَقَالَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا صِرْتُمْ فِي حَالٍ لَا تَرَوْنَ فِيهَا إِمَامَ هُدًى، ولَا عَلَماً يُرَى، فَلَا يَنْجُو مِنْ تِلْكَ الْحَيْرَةِ إِلَّا مَنْ دَعَا بِدُعَاءِ الْغَرِيقِ(3)».
فَقَالَ أَبِي: هَذَا وَالله الْبَلَاءُ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ - جُعِلْتُ فِدَاكَ - حِينَئِذٍ؟
قَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ - وَلَنْ تُدْرِكَهُ - فَتَمَسَّكُوا بِمَا فِي أَيْدِيكُمْ حَتَّى يَتَّضِحَ لَكُمُ الْأَمْرُ»(4).
[158/5] وَبِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى وَالْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ المُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: إِنَّا نَرْوِي بِأَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ يُفْقَدُ زَمَاناً، فَكَيْفَ نَصْنَعُ عِنْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: «تَمَسَّكُوا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُبَيَّنَ لَكُمْ».
[159/6] مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، بِإِسْنَادِهِ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ).
ص: 233
الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُصِيبُهُمْ فِيهَا سَبْطَةٌ، يَأْرِزُ الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ نَجْمٌ».
قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟
قَالَ: «الْفَتْرَةُ».
قُلْتُ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ؟
فَقَالَ: «كُونُوا عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يُطْلِعَ اللهُ لَكُمْ نَجْمَكُمْ»(1)،(2).
[160/7] وَبِهِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا وَقَعَتِ السَّبْطَةُ بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ، فَيَأْرِزُ الْعِلْمُ فِيهَا كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا، وَاخْتَلَفَتِ الشِّيعَةُ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّى بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَيَتْفُلُ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ؟».
فَقُلْتُ: مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟
قَالَ: «الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ» يَقُولُهُ ثَلَاثاً، وَيُرِيدُ قُرْبَ الْفَرَجِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ (رحمه الله)، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ).
ص: 234
مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ(1)، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا وَقَعَتِ الْبَطْشَةُ(2)؟»، وذَكَرَ مِثْلَهُ بِلَفْظِهِ(3)،(4).
[161/8] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ أَبُو سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَا أَبَانُ، يُصِيبُ الْعَالَمَ سَبْطَةٌ، يَأْرِزُ الْعِلْمُ بَيْنَ المَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا».).
ص: 235
قُلْتُ: فَمَا السَّبْطَةُ؟
قَالَ: «دُونَ الْفَتْرَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ لَهُمْ نَجْمُهُمْ».
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟ وَكَيْفَ يَكُونُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ؟
فَقَالَ لِي: «مَا أَنْتُمْ(1) عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللهُ بِصَاحِبِهَا».
هذه الروايات التي قد جاءت متواترة تشهد بصحَّة الغيبة، وباختفاء العلم، والمراد بالعلم الحجَّة للعالم، وهي مشتملة على أمر الأئمَّة (عليهم السلام) للشيعة بأنْ يكونوا فيها على ما كانوا عليه لا يزالون ولا ينتقلون، بل يثبتون ولا يتحوَّلون، ويكونون متوقِّعين لما وُعِدُوا به، وهم معذورون في أنْ لا يروا حجَّتهم وإمام زمانهم في أيَّام الغيبة، ويُضيَّق عليهم في كلِّ عصر وزمان قبله ألَّا يعرفونه بعينه واسمه ونسبه، ومحظور(2) عليهم الفحص والكشف عن صاحب الغيبة والمطالبة باسمه أو موضعه أو غيابه أو الإشادة بذكره(3)، فضلاً عن المطالبة بمعاينته، وقال لنا: «إيَّاكم والتنويه»، و«كونوا على ما أنتم عليه»، و«إيَّاكم والشكَّ»، فأهل الجهل الذين لا علم لهم بما أتى عن الصادقين (عليهم السلام) من هذه الروايات الواردة للغيبة وصاحبها يطالبون بالإرشاد إلى شخصه والدلالة على موضعه، ويقترحون(4) إظهاره لهم، ويُنكِرون غيبته؛ لأنَّهم بمعزل(5) عن).
ص: 236
العلم، وأهل المعرفة مسلِّمون لما أُمروا به، ممتثلون له، صابرون على ما نُدِبُوا إلى الصبر عليه، وقد أوقفهم العلم والفقه مواقف الرضا عن الله، والتصديق لأولياء الله، والامتثال لأمرهم، والانتهاء عمَّا نهوا عنه، حذرون ما حذَّر الله في كتابه من مخالفة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمَّة (عليهم السلام) الذين هم في وجوب الطاعة بمنزلته لقوله: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، ولقوله: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]، ولقوله: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [المائدة: 92].
وفي قوله في الحديث الرابع من هذا الفصل - حديث عبد الله بن سنان -: «كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى ولا علماً يُرى»، دلالة على ما جرى وشهادة بما حدث من أمر السفراء الذين كانوا بين الإمام (عليه السلام) وبين الشيعة من ارتفاع أعيانهم، وانقطاع نظامهم، لأنَّ السفير بين الإمام في حال غيبته وبين شيعته هو العلم، فلمَّا تمَّت المحنة على الخلق ارتفعت الأعلام ولا تُرى حتَّى يظهر صاحب الحقِّ (عليه السلام)، ووقعت الحيرة التي ذُكِرَت وآذننا بها أولياء الله، وصحَّ أمر الغيبة الثانية التي يأتي شرحها وتأويلها فيما يأتي من الأحاديث بعد هذا الفصل، نسأل الله أنْ يزيدنا بصيرةً وهدًى، ويُوفِّقنا لما يرضيه برحمته.
* * *
ص: 237
[162/1] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنَ الله، وَأَرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُمْ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ الله، فَحُجِبَ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ، وَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ وَيُوقِنُونَ أَنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَّةُ الله وَلَا مِيثَاقُهُ، فَعِنْدَهَا تَوَقَّعُوا الْفَرَجَ صَبَاحاً ومَسَاءً، فَإِنَّ أَشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَبُ الله عَلَى أَعْدَائِهِ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّتَهُ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ، وَقَدْ عَلِمَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ لَا يَرْتَابُونَ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَرْتَابُونَ مَا غَيَّبَ حُجَّتَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ عَنْهُمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى رَأْسِ شِرَارِ النَّاسِ».
[163/2] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ.
قَالَ الْكُلَيْنِيُّ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعِبَادُ مِنَ الله (عزَّ وجلَّ) وَأَرْضَى مَا يَكُونُ عَنْهُمْ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ الله (جَلَّ وَعَزَّ) وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَكَانِهِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَمْ تَبْطُلْ حُجَّةُ الله (جَلَّ ذِكْرُهُ) وَلَا مِيثَاقُهُ، فَعِنْدَهَا فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ صَبَاحاً وَمَسَاءً، فَإِنَّ أَشَدَّ مَا يَكُونُ غَضَبُ الله (عزَّ وجلَّ) عَلَى أَعْدَائِهِ إِذَا افْتَقَدُوا حُجَّةَ الله فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ(1)،
ص: 238
وَقَدْ عَلِمَ اللهُ أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ لَا يَرْتَابُونَ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَرْتَابُونَ مَا غَيَّبَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى رَأْسِ شِرَارِ النَّاسِ»(1)،(2).).
ص: 239
وهذا ثناء الصادق (عليه السلام) على أوليائه في حال الغيبة بقوله: «أرضى ما يكون الله عنهم إذا افتقدوا حجَّة الله وحُجِبَ عنهم وهم مع ذلك يعلمون أنَّه لم تبطل حجَّة الله»، ووصفه أنَّهم لا يرتابون، ولو علم الله أنَّهم يرتابون لم يُغيِّب حجَّته طرفة عين.
والحمد لله الذي جعلنا من الموقنين غير المرتابين ولا الشاكِّين ولا الشاذِّين عن الجادَّة البيضاء إلى البليَّات وطُرُق الضلال المؤدِّية إلى الردى والعمى، حمداً يقضي حقَّه، ويمتري مزيده.
[164/3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ(1) وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ الْجَوَالِيقِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الْكُنَاسِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ فِيهِ).
ص: 240
شَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ(1)، ابْنُ أَمَةٍ سَوْدَاءَ(2)، يُصْلِحُ اللهُ لَهُ أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ»(3).
[165/4] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله الصَّادِقَ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ فِي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ لَشَبَهاً مِنْ يُوسُفَ(4)».
فَقُلْتُ: فَكَأَنَّكَ تُخْبِرُنَا بِغَيْبَةٍ أَوْ حَيْرَةٍ؟!
فَقَالَ: «مَا يُنْكِرُ هَذَا الْخَلْقُ المَلْعُونُ أَشْبَاهُ الْخَنَازِيرِ مِنْ ذَلِكَ؟ إِنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ كَانُوا عُقَلَاءَ أَلِبَّاءَ أَسْبَاطاً أَوْلَادَ أَنْبِيَاءَ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَكَلَّمُوهُ وَخَاطَبُوهُ وَتَاجَرُوهُ وَرَاوَدُوهُ وَكَانُوا إِخْوَتَهُ وَهُوَ أَخُوهُمْ لَمْ يَعْرِفُوهُ حَتَّى عَرَّفَهُمْ نَفْسَهُ، وَقَالَ لَهُمْ: ﴿أَنَا يُوسُفُ﴾، فَعَرَفُوهُ حِينَئِذٍ، فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ المُتَحَيِّرَةُ أَنْ يَكُونَ اللهُ (جلَّ وعزَّ) يُرِيدُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ أَنْ يَسْتُرَ حُجَّتَهُ عَنْهُمْ؟ لَقَدْ كَانَ يُوسُفُ إِلَيْهِ مُلْكُ مِصْرَ، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً، فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْلِمَهُ بِمَكَانِهِ لَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَالله لَقَدْ سَارَ يَعْقُوبُ وَوُلْدُهُ عِنْدَ الْبِشَارَةِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ مِنْ بَدْوِهِمْ إِلَى مِصْرَ(5)، فَمَا تُنْكِرُ هَذِهِ الْأُمَّةُ أَنْ يَكُونَ اللهُ يَفْعَلُ بِحُجَّتِهِ مَا فَعَلَ بِيُوسُفَ، وَأَنْ يَكُونَ صَاحِبُكُمُ المَظْلُومُ المَجْحُودُ حَقَّهُ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمْ، وَيَمْشِي فِي أَسْوَاقِهِمْ، وَيَطَأُ فُرُشَهُمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ حَتَّى يَأْذَنَ اللهُ لَهُ أَنْة.
ص: 241
يُعَرِّفَهُمْ نَفْسَهُ كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ حِينَ قَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: ﴿أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ﴾ [يوسف: 90]؟».
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ...، وَذَكَرَ نَحْوَهُ، أَوْ مِثْلَهُ(1)،(2).).
ص: 242
[166/5] وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «فِي صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ سُنَةٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْبِيَاءَ: سُنَّةٌ مِنْ مُوسَى(1)، وَسُنَّةٌ مِنْ عِيسَى، وَسُنَّةٌ مِنْ يُوسُفَ، وَسُنَّةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ)».
فَقُلْتُ: مَا سُنَّةُ مُوسَى؟
قَالَ: «خَائِفٌ يَتَرَقَّبُ».
قُلْتُ: وَمَا سُنَّةُ عِيسَى؟
فَقَالَ: «يُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي عِيسَى».
قُلْتُ: فَمَا سُنَّةُ يُوسُفَ؟
قَالَ: «السِّجْنُ وَالْغَيْبَةُ».
قُلْتُ: وَمَا سُنَّةُ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
قَالَ: «إِذَا قَامَ سَارَ بِسِيرَةِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إِلَّا أَنَّهُ يُبَيِّنُ آثَارَ مُحَمَّدٍ، وَيَضَعُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ هَرْجاً هَرْجاً(2) حَتَّى يُرْضِي اللهَ».
قُلْتُ: فَكَيْفَ يَعْلَمُ رِضَا الله؟
قَالَ: «يُلْقِي اللهُ فِي قَلْبِهِ الرَّحْمَةَ»(3).).
ص: 243
فاعتبروا يا أُولي الأبصار - الناظرة بنور الهدى، والقلوب السليمة من العمى، المشرقة بالإيمان والضياء - بهذا القول - قول الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) - في الغيبة، وما في القائم (عليه السلام) من سُنَن(1) الأنبياء (عليهم السلام) من الاستتار والخوف، وأنَّه ابن أَمَة سوداء يُصلِح الله له أمره في ليلة، وتأمَّلوه حسناً فإنَّه يسقط معه الأباطيل والأضاليل التي ابتدعها المبتدعون الذين لم يذقهم الله حلاوة الإيمان والعلم، وجعلهم بنجوة منه وبمعزل عنه، وليحمد هذه الطائفة القليلة النزرة(2) اللهَ حقَّ حمده على ما منَّ به عليها من الثبات على نظام الإمامة وترك الشذوذ عنها كما شذَّ الأكثر ممَّن كان يعتقدها، وطار يميناً وشمالاً وأمكن الشيطان منه ومن قياده وزمامه، يُدخِله في كلِّ لون، ويُخرِجه من آخر حتَّى يورده كلَّ غيٍّ، ويصدَّه عن كلِّ رشدٍ، ويُكرِّه إليه الإيمان، ويُزيِّن له الضلال، ويُجلِّي في صدره قول كلِّ من قال بعقله، وعمل على قياسه، ويوحش عنده الحقَّ(3)، واعتقاد طاعة من فرض الله طاعته، كما قال (جلَّ وعزَّ) في محكم كتابه حكايةً لقول إبليس (لعنه الله): ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [ص: 82 و83]، وقوله تعالى أيضاً: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ﴾ [النساء: 119]، وقوله: ﴿لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ(4)﴾ [الأعراف: 16].
أليس أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في خطبته: «أَنَا حَبْلُ الله المَتِينُ، وَأَنَا الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ، وَأَنَا الْحُجَّةُ لله عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ، بَعْدَ رَسُولِهِ الصَّادِقِ الْأَمِينِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(5)»؟).
ص: 244
ثمّ قال (عزَّ وجلَّ) حكايةً لما ظنَّه إبليس: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: 20].
فاستيقظوا (رحمكم الله) من سِنَة الغفلة، وانتبهوا من رقدة(1) الهوى، ولا يذهبنَّ عنكم ما يقوله الصادقون (عليهم السلام) صفحاً باستماعكم إيَّاه بغير أُذُن واعية وقلوب مفكِّرة وألباب معتبرة متدبِّرة لما قالوا، أحسن الله إرشادكم، وحال بين إبليس (لعنه الله) وبينكم حتَّى لا تدخلوا في جملة أهل الاستثناء من الله بقوله (جلَّ وعزَّ): ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: 42]، وتدخلوا في أهل الاستثناء من إبليس (لعنه الله) بقوله: ﴿لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: 39 و40]، والحمد لله ربِّ العالمين.
[167/6] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ (رحمه الله)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ(2)، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى(3)، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِلْقَائِمِ (عليه السلام) غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ».
فَقُلْتُ: وَلِ-مَ؟
قَالَ: «يَخَافُ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ -».
ثُمَّ قَالَ: «يَا زُرَارَةُ، وَهُوَ المُنْتَظَرُ، وَهُوَ الَّذِي يُشَكُّ فِي وِلَادَتِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَاتَ أَبُوهُ بِلَا خَلَفٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: حَمْلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: غَائِبٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ أَبِيهِ بِسِنِينَ(4)، وَهُوَ المُنْتَظَرُ غَيْرَ أَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يَمْتَحِنَ قُلُوبَ الشِّيعَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْتَابُ المُبْطِلُونَ، يَا زُرَارَةُ».).
ص: 245
قَالَ زُرَارَةُ: قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الزَّمَانَ أَيَّ شَيْءٍ أَعْمَلُ؟
قَالَ: «يَا زُرَارَةُ، مَتَى أَدْرَكْتَ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ: اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي نَفْسَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ نَبِيَّكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي رَسُولَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي حُجَّتَكَ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْنِي حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْ دِينِي».
ثُمَّ قَالَ: «يَا زُرَارَةُ، لَابُدَّ مِنْ قَتْلِ غُلَامٍ بِالمَدِينَةِ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَوَلَيْسَ الَّذِي يَقْتُلُهُ جَيْشُ السُّفْيَانِيِّ؟
قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ جَيْشُ بَنِي فُلَانٍ، يَخْرُجُ حَتَّى يَدْخُلَ المَدِينَةَ وَلَا يَدْرِي النَّاسُ فِي أَيِّ شَيْءٍ دَخَلَ(1)، فَيَأْخُذُ الْغُلَامَ فَيَقْتُلُهُ، فَإِذَا قَتَلَهُ بَغْياً وَعُدْوَاناً وَظُلْماً لَمْ يُمْهِلُهُمُ اللهُ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُتَوَقَّعُ الْفَرَجُ».
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ (رحمه الله): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُوسَى الْخَشَّابِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ...، وَذَكَرَ مِثْلَهُ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ خَالِدِ بْنِ نَجِيحٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام)...، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ وَالدُّعَاءَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ: سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مُنْذُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ سَنَةً(2)،(3)،(4).).
ص: 246
[168/7] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَطَاءٍ المَكِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): إِنَّ شِيعَتَكَ بِالْعِرَاقِ كَثِيرَةٌ، وَوَالله مَا فِي أَهْلِ بَيْتِكَ مِثْلُكَ، فَكَيْفَ لَا تَخْرُجُ؟
فَقَالَ: «يَا عَبْدَ الله بْنَ عَطَاءٍ، قَدْ أَخَذْتَ تَفْرُشُ أُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى، إِي وَالله مَا أَنَا بِصَاحِبِكُمْ».
قُلْتُ: فَمَنْ صَاحِبُنَا؟
ص: 247
فَقَالَ: «اُنْظُرُوا مَنْ غُيِّبَتْ عَنِ النَّاسِ وِلَادَتُهُ فَذَلِكَ صَاحِبُكُمْ، إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا أَحَدٌ يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، وَيُمْضَغُ بِالْأَلْسُنِ إِلَّا مَاتَ غَيْظاً أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ(1)».
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ هِلَالٍ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَطَاءٍ المَكِّيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، وذَكَرَ مِثْلَهُ بِلَفْظِهِ(2).
[169/8] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيُّ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ اِبْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَطَاءٍ المَكِّيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ حَاجًّا مِنْ وَاسِطٍ، فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام)، فَسَأَلَنِي عَنِ النَّاسِ وَالْأَسْعَارِ، فَقُلْتُ: تَرَكْتُ النَّاسَ مَادِّينَ أَعْنَاقَهُمْ إِلَيْكَ، لَوْ خَرَجْتَ لَاتَّبَعَكَ الْخَلْقُ.
فَقَالَ: «يا بن عَطَاءٍ، قَدْ أَخَذْتَ تَفْرُشُ أُذُنَيْكَ لِلنَّوْكَى، لَا وَالله مَا أَنَا).
ص: 248
بِصَاحِبِكُمْ، وَلَا يُشَارُ إِلَى رَجُلٍ مِنَّا بِالْأَصَابِعِ، وَيُمَطُّ إِلَيْهِ بِالْحَوَاجِبِ(1) إِلَّا مَاتَ قَتِيلاً أَوْ حَتْفَ أَنْفِهِ».
قُلْتُ: وَمَا حَتْفُ أَنْفِهِ؟
قَالَ: «يَمُوتُ بِغَيْظِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لِوِلَادَتِهِ».
قُلْتُ: وَمَنْ لَا يُؤْبَهُ لِوِلَادَتِهِ؟
فَقَالَ: «اُنْظُرْ مَنْ لَا يَدْرِي النَّاسُ أَنَّهُ وُلِدَ أَمْ لَا، فَذَاكَ صَاحِبُكُمْ».
[170/9] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام): إِنَّا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ، وَأَنْ يَسُوقَهُ اللهُ إِلَيْكَ عَفْواً(2) بِغَيْرِ سَيْفٍ، فَقَدْ بُويِعَ لَكَ، وَقَدْ ضُرِبَتِ الدَّرَاهِمُ بِاسْمِكَ.
فَقَالَ: «مَا مِنَّا أَحَدٌ اخْتَلَفَتِ الْكُتُبُ إِلَيْهِ، وَأُشِيرَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، وَسُئِلَ عَنِ المَسَائِلِ، وَحُمِلَتْ إِلَيْهِ الْأَمْوَالُ إِلَّا اغْتِيلَ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الْأَمْرِ غُلَاماً مِنَّا خَفِيَّ المَوْلِدِ وَالمَنْشَإِ، غَيْرَ خَفِيٍّ فِي نَسَبِهِ(3)»(4)،(5).).
ص: 249
[171/10] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام): أَخْبِرْنِي عَنِ الْقَائِمِ (عليه السلام).
فَقَالَ: «وَالله مَا هُوَ أَنَا، وَلَا الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ، وَلَا تُعْرَفُ وِلَادَتُهُ(1)».
قُلْتُ: بِمَا يَسِيرُ؟
قَالَ: «بِمَا سَارَ بِهِ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، هَدَرَ مَا قَبْلَهُ وَاسْتَقْبَلَ»(2).
[172/11] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ صَالِحِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَمَانٍ التَّمَّارِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً المُتَمَسِّكُ فِيهَا بِدِينِهِ كَالْخَارِطِ لِشَوْكِ الْقَتَادِ بِيَدِهِ»، [ثُمَّ أَوْمَى أَبُو عَبْدِ الله بِيَدِهِ هكَذَا، قَالَ: «فَأَيُّكُمْ يُمْسِكُ شَوْكَ الْقَتَادِ بِيَدِهِ؟](3).
قَالَ: ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً، فَلْيَتَّقِ اللهَ عَبْدٌ(4) وَلْيَتَمَسَّكْ بِدِينِهِ».
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ).
ص: 250
جَمِيعاً، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ يَمَانٍ التَّمَّارِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَقَالَ: «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً...» وَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً(1)،(2).
فمن صاحب هذه الغيبة غير الإمام المنتظَر (عليه السلام)؟ ومن الذي يشكُّ جمهور الناس في ولادته إلَّا القليل، وفي سنِّه؟ ومن الذي لا يأبه له كثير من الخلق ولا يُصدِّقون بأمره، ولا يؤمنون بوجوده إلَّا هو؟ أوَليس الذي قد شبَّه الأئمَّة الصادقون (عليهم السلام) الثابتَ على أمره والمقيمَ على ولادته - عند غيبته مع تفرُّق الناس عنه ويأسهم منه، واستهزائهم بالمعتقد لإمامته، ونسبتهم إيَّاهم إلى العجز وهم الجازمون المحقِّقون المستهزؤون غداً بأعدائهم - بخارط(3) شوك القتاد بيده والصابر على شدَّته؟ وهي هذه الشرذمة المنفردة عن هذا الخلق الكثير المدَّعين للتشيُّع الذين تفرَّقت بهم الأهواء وضاقت قلوبهم عن احتمال الحقِّر.
ص: 251
والصبر على مرارته، واستوحشوا من التصديق بوجود الإمام مع فقدان شخصه وطول غيبته التي صدَّقها ودان بها وأقام عليها من عمل على قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «لَا تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ الْهُدَى لِقِلَّةِ مَنْ يَسْلُكُهُ»(1)، واستهان وأقلَّ الحفل بما يسمعه من جُهَّل(2) الصمِّ البكم العمي، المبعدين عن العلم، فالله نسأل تثبيتاً على الحقِّ، وقوَّةً في التمسُّك به بإحسانه.
* * *ه.
ص: 252
[173/1] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) يَقُولُ: «لِلْقَائِمِ غَيْبَتَانِ، إِحْدَاهُمَا طَوِيلَةٌ، وَالْأُخْرَى قَصِيرَةٌ(1)، فَالْأُولَى يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا خَاصَّةٌ مِنْ شِيعَتِهِ، وَالْأُخْرَى لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا إِلَّا خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينِهِ».
[174/2] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «لِلْقَائِمِ غَيْبَتَانِ، إِحْدَاهُمَا قَصِيرَةٌ، وَالْأُخْرَى طَوِيلَةٌ، الْغَيْبَةُ الْأُولَى لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا إِلَّا خَاصَّةُ شِيعَتِهِ، وَالْأُخْرَى لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِهِ فِيهَا إِلَّا خَاصَّةُ مَوَالِيهِ فِي دِينِهِ(2)»(3)،(4).
ص: 253
[175/3] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَجْرَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ(1)، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَتَيْنِ»، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لَا يَقُومُ الْقَائِمُ وَلِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ».
[176/4] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ اِبْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «يَقُومُ الْقَائِمُ (عليه السلام) وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ عَقْدٌ وَلَا عَهْدٌ وَلَا بَيْعَةٌ»(2)،(3).).
ص: 254
[177/5] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ المُسْتَنِيرِ(1)، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ الْجُعْفِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الصَّادِقِ (عليه السلام)، قَالَ: «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا تَطُولُ حَتَّى يَقُولَ بَعْضُهُمْ: مَاتَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: قُتِلَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: ذَهَبَ، فَلَا يَبْقَى عَلَى أَمْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ، لَا يَطَّلِعُ عَلَى مَوْضِعِهِ أَحَدٌ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ إِلَّا المَوْلَى الَّذِي يَلِي أَمْرَهُ»(2).
ولو لم يكن يُروى في الغيبة إلَّا هذا الحديث لكان فيه كفاية لمن تأمَّله.
[178/6] وَبِهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ جَنَاحٍ، عَنْ حَازِمِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَقُلْتُ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، إِنَّ أَبَوَيَّ هَلَكَا وَلَمْ يَحُجَّا، وَإِنَّ اللهَ قَدْ رَزَقَ وَأَحْسَنَ، فَمَا تَقُولُ فِي الْحَجِّ عَنْهُمَا؟
فَقَالَ: «افْعَلْ فَإِنَّهُ يُبَرِّدُ لَهُمَا»، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا حَازِمُ، إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَتَيْنِ يَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ، فَمَنْ جَاءَكَ يَقُولُ: إِنَّهُ نَفَضَ يَدَهُ مِنْ تُرَابِ قَبْرِهِ(3) فَلَا تُصَدِّقْهُ».
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ السَّائِقِ(4)، عَنْ حَازِمِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي).
ص: 255
عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنَّ أَبِي هَلَكَ، وَهُوَ رَجُلٌ أَعْجَمِيٌّ، وَقَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ وَأَتَصَدَّقَ، فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ؟
فَقَالَ: «افْعَلْ فَإِنَّهُ يَصِلُ إِلَيْهِ»، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا حَازِمُ، إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَتَيْنِ...» وَذَكَرَ مِثْلَ مَا ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ سَوَاءً(1).
[179/7] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ الْخَارِقِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «لِقَائِمِ آلِ مُحَمَّدٍ غَيْبَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَطْوَلُ مِنَ الْأُخْرَى».
فَقَالَ: «نَعَمْ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَخْتَلِفَ سَيْفُ بَنِي فُلَانٍ، وَتَضِيقَ الْحَلْقَةُ، وَيَظْهَرَ السُّفْيَانِيُّ، وَيَشْتَدَّ الْبَلَاءُ، وَيَشْمَلَ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ يَلْجَئُونَ فِيهِ إِلَى حَرَمِ الله وَحَرَمِ رَسُولِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(2).
[180/8] عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الثَّقَفِيِّ، عَنِ الْبَاقِرِ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «إِنَّ لِلْقَائِمِ غَيْبَتَيْنِ، يُقَالُ لَهُ فِي إِحْدَاهُمَا: هَلَكَ، وَلَا يُدْرَى فِي أَيِّ وَادٍ سَلَكَ».
[181/9] مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ).
ص: 256
كَثِيرٍ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَتَيْنِ، يَرْجِعُ فِي إِحْدَاهُمَا إِلَى أَهْلِهِ(1)، وَالْأُخْرَى يُقَالُ: هَلَكَ، فِي أَيِّ وَادٍ سَلَكَ؟».
قُلْتُ: كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟
قَالَ: «إِنِ ادَّعَى مُدَّعٍ فَاسْأَلُوهُ عَنْ تِلْكَ الْعَظَائِمِ الَّتِي يُجِيبُ فِيهَا مِثْلُهُ(2)»(3)،(4).
هذه الأحاديث التي يُذكَر فيها أنَّ للقائم (عليه السلام) غيبتين أحاديث قد صحَّت عندنا بحمد الله، وأوضح الله قول الأئمَّة (عليهم السلام)، وأظهر برهان صدقهم فيها، فأمَّا الغيبة الأُولى فهي الغيبة التي كانت السفراء فيها بين الإمام (عليه السلام) وبين الخلق قياماً منصوبين ظاهرين موجودي الأشخاص والأعيان، يخرج على أيديهم غوامض العلم(5)، وعويص الحكم، والأجوبة عن كلِّ ما كان يسأل عنه منه.
ص: 257
المعضلات والمشكلات، وهي الغيبة القصيرة التي انقضت أيَّامها وتصرَّمت مدَّتها(1).
والغيبة الثانية هي التي ارتفع فيها أشخاص السفراء والوسائط للأمر الذي يريده الله تعالى، والتدبير الذي يمضيه في الخلق، ولوقوع التمحيص والامتحان والبلبلة والغربلة والتصفية على من يدَّعي هذا الأمر، كما قال الله (عزَّ وجلَّ): ﴿مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾ [آل عمران: 179]، وهذا زمان ذلك قد حضر، جعلنا الله فيه من الثابتين على الحقِّ، وممَّن لا يخرج في غربال الفتنة، فهذا معنى قولنا(2): (له غيبتان)، ونحن في الأخيرة، نسأل الله أنْ يُقرِّب فرج أوليائه منها، ويجعلنا في حيِّز خيرته، وجملة التابعين لصفوته، ومن خيار من ارتضاه وانتجبه لنصرة وليِّه وخليفته، فإنَّه وليُّ الإحسان، جواد منَّان(3).
[182/10] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ [بْنِ حَازِمٍ]، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ(4)، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ غَيْبَةً يَقُولُ فِيهَا: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: 21]».).
ص: 258
[183/11] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَنْمَاطِيُّ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ﴾».
[184/12] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ اِبْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ - يَعْنِي أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) -: «قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (عليهما السلام): إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (عليه السلام) قَالَ: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾»(1).
هذه الأحاديث مصداق قوله: «إنَّ فيه سُنَّة من موسى، وإنَّه خائف يترقَّب».
[185/13] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ المُثَنَّى الْعَطَّارُ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَفْتَقِدُ النَّاسُ إِمَاماً، يَشْهَدُ المَوَاسِمَ، يَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنَهُ».
[186/14] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ المُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اِبْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «يَفْقِدُ النَّاسُ إِمَامَهُمْ، يَشْهَدُي.
ص: 259
المَوَاسِمَ فَيَرَاهُمُ وَلَا يَرَوْنَهُ»(1)،(2).
[187/15] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ وَيَحْيَى بْنِ المُثَنَّى، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِلْقَائِمِ غَيْبَتَيْنِ، يَرْجِعُ فِي إِحْدَاهُمَا، وَفِي الْأُخْرَى لَا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ، يَشْهَدُ المَوَاسِمَ، يَرَى النَّاسَ وَلَا يَرَوْنَهُ».
[188/16] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ المُثَنَّى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لِلْقَائِمِ غَيْبَتَانِ، يَشْهَدُ فِي إِحْدَاهُمَا المَوَاسِمَ، يَرَى النَّاسَ وَلَا يَرَوْنَهُ فِيهِ(3)»(4)،(5).).
ص: 260
[189/17] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ (رحمه الله)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليهما السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: 30]؟
قَالَ: «إِذَا فَقَدْتُمْ إِمَامَكُمْ فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ جَدِيدٍ؟».
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ الْآدَمِيِّ، عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليهما السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا تَأْوِيلُ هَذِهِ الْآيَةِ، مِثْلَهُ بِلَفْظِهِ، إِلَّا أَنَّهُ
ص: 261
قَالَ: «إِذَا غَابَ عَنْكُمْ إِمَامُكُمْ مَنْ يَأْتِيكُمْ بِإِمَامٍ جَدِيدٍ؟»(1)،(2).
[190/18] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ الْعَبَّاسِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ صَفْوَانَ اِبْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِلْقَائِمِ (عليه السلام) غَيْبَةً، وَيَجْحَدُهُ أَهْلُهُ(3)».
قُلْتُ: وَلِ-مَ ذَلِكَ؟
قَالَ: «يَخَافُ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ -».
[191/19] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ(4)، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِلْقَائِمِ (عليه السلام) غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ».).
ص: 262
قُلْتُ: وَلِ-مَ؟
قَالَ: «يَخَافُ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، يَعْنِي الْقَتْلَ(1) -».
[192/20] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ).
ص: 263
أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِلْغُلَامِ(1) غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ، وَهُوَ المَطْلُوبُ تُرَاثُهُ». قُلْتُ: وَلِ-مَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «يَخَافُ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، يَعْنِي الْقَتْلَ -».
[193/21] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بْنُ أَحْمَدَ بْنِ المُسْتَوْرِدِ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ الله أَبُو جَعْفَرٍ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَراً (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِلْقَائِمِ (عليه السلام) غَيْبَةً قَبْلَ أَنْ يَقُومَ». قُلْتُ: وَلِ-مَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «إِنَّهُ يَخَافُ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى بَطْنِهِ، يَعْنِي الْقَتْلَ -».
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ(2)، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ...، وَذَكَرَ مِثْلَهُ(3).
[194/22] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مِيثَمٍ(4)، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى(5)، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ حُصَيْنٍ).
ص: 264
الثَّعْلَبِيِّ(1)، عَنْ أَبِيهِ(2)، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام) فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَبِرَتْ سِنِّي، وَدَقَّ عَظْمِي، فَلَسْتُ أَدْرِي يُقْضَى لِي لِقَاؤُكَ أَمْ لَا، فَاعْهَدْ إِلَيَّ عَهْداً، وَأَخْبِرْنِي مَتَى الْفَرَجُ؟
فَقَالَ: «إِنَّ الشَّرِيدَ الطَّرِيدَ الْفَرِيدَ الْوَحِيدَ، المُفْرِدَ مِنْ أَهْلِهِ، المَوْتُورَ بِوَالِدِهِ، المُكَنَّى بِعَمِّهِ، هُوَ صَاحِبُ الرَّايَاتِ، وَاسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ».
فَقُلْتُ: أَعِدْ عَلَيَّ.
فَدَعَا بِكِتَابٍ أَدِيمٍ أَوْ صَحِيفَةٍ، فَكَتَبَ لِي فِيهَا(3).
[195/23] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ صَبَّاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمٌ الْأَشَلُّ، عَنْ حُصَيْنٍ التَّغْلِبِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام)... وَذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ، إِلَّا أَنَّهُ).
ص: 265
قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ أَبُو جَعْفَرٍ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ كَلَامِهِ، فَقَالَ: «أَحَفِظْتَ أَمْ أَكْتُبُهَا لَكَ؟».
فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ.
فَدَعَا بِكُرَاعٍ مِنْ أَدِيمٍ أَوْ صَحِيفَةٍ فَكَتَبَهَا لِي، ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيَّ، وَأَخْرَجَهَا حُصَيْنٌ إِلَيْنَا، فَقَرَأَهَا عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ: هَذَا كِتَابُ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام).
[196/24] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ هُوَ الطَّرِيدُ الشَّرِيدُ(1)، المَوْتُورُ بِأَبِيهِ، المُكَنَّى بِعَمِّهِ، المُفْرَدُ مِنْ أَهْلِهِ، اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ».
[197/25] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ اِبْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام).
وَعَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ سَالِمٍ المَكِّيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: قَالَ لِي عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ(2): «إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُونَ وَتَرْجُونَ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى يَرَى الَّذِي يُحِبُّ، وَلَوْ صَارَ أَنْ يَأْكُلَ الْأَغْصَانَ أَغْصَانَ الشَّجَرِ».
فأيُّ أمر أوضح؟ وأيُّ طريق أفسح من الطريقة التي دلَّ عليها الأئمَّة (عليهم السلام) في هذه الغيبة ونهجوها لشيعتهم حتَّى يسلكوها مسلِّمين غير معارضين ولا مقترحين ولا شاكِّين؟ وهل يجوز أنْ يقع مع هذا البيان الواقع في أمر الغيبة شكٌّ؟
وأبين من هذا في وضوح الحقِّ لصاحب الغيبة وشيعته ما:ي.
ص: 266
[198/26] حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْقَيْسِيُّ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ الْمِيثَمِيِّ(1)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَوَالَتْ ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ: مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ، كَانَ رَابِعُهُمْ قَائِمَهُمْ(2)»(3).
[199/27] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ الْبَلْخِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّكُمْ سَتُبْتَلَوْنَ بِمَا هُوَ أَشَدُّ وَأَكْبَرُ، تُبْتَلَوْنَ بِالْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالرَّضِيعِ، حَتَّى يُقَالَ: غَابَ، وَمَاتَ، وَيَقُولُونَ: لَا إِمَامَ، وَقَدْ غَابَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَغَابَ وَغَابَ(4)، وَهَا أَنَا ذَا أَمُوتُ حَتْفَ أَنْفِي».
[200/28] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ وَعَبْدُ الله اِبْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ).
ص: 267
الزَّرَّادُ، قَالَ: قَالَ لِيَ الرِّضَا (عليه السلام): «إِنَّهُ - يَا حَسَنُ - سَيَكُونُ فِتْنَةٌ صَمَّاءُ(1) صَيْلَمٌ يَذْهَبُ فِيهَا كُلُّ وَلِيجَةٍ(2) وَبِطَانَةٍ(3) - وَفِي رِوَايَةٍ: يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ وَلِيجَةٍ وَبِطَانَةٍ -، وَذَلِكَ عِنْدَ فِقْدَانِ الشِّيعَةِ الثَّالِثَ مِنْ وُلْدِي، يَحْزَنُ لِفَقْدِهِ أَهْلُ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، كَمْ مِنْ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ مُتَأَسِّفٍ مُتَلَهِّفٍ حَيْرَانَ حَزِينٍ لِفَقْدِهِ(4)»، ثُمَّ أَطْرَقَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: «بِأَبِي وَأُمِّي، سَمِيُّ جَدِّي، وَشَبِيهِي وَشَبِيهُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّورِ، يَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاعِ ضِيَاءِ الْقُدْسِ، كَأَنِّي بِهِ آيَسَ مَا كَانُوا قَدْ نُودُوا نِدَاءً يَسْمَعُهُ مَنْ بِالْبُعْدِ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ بِالْقُرْبِ، يَكُونُ رَحْمَةً عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرِينَ».
فَقُلْتُ: بِأَبِي وأُمِّي أَنْتَ، وَمَا ذَلِكَ النِّدَاءُ؟
قَالَ: «ثَلَاثَةُ أَصْوَاتٍ فِي رَجَبٍ: أَوَّلُهَا: ﴿أَلَا لَعْنَةُ الله عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 18]، وَالثَّانِي: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ﴾ [النجم: 57] يَا مَعْشَرَ المُؤْمِنِينَ، وَالثَّالِثُ: يَرَوْنَ يَداً بَارِزاً(5) مَعَ قَرْنِ الشَّمْسِ، يُنَادِي: أَلَا إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ فُلَاناً عَلَى هَلَاكِ الظَّالِمِينَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَأْتِي المُؤْمِنِينَ الْفَرَجُ، وَيَشْفِي اللهُ صُدُورَهُمْ، وَيُذْهِبْ).
ص: 268
غَيْظَ قُلُوبِهِمْ»(1).
[201/29] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ المَدِينِيُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ طَالَ هَذَا الْأَمْرُ عَلَيْنَا حَتَّى ضَاقَتْ قُلُوبُنَا وَمِتْنَا كَمَداً(3).
فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ آيَسَ مَا يَكُونُ مِنْهُ وَأَشَدَّهُ غَمّاً، يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِ الْقَائِمِ وَاسْمِ أَبِيهِ».
فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا اسْمُهُ؟
فَقَالَ: «اسْمُهُ اسْمُ نَبِيٍّ، وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ وَصِيٍّ(4)».
[202/30] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التَّيْمُلِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ.
وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ بُزُرْجَ(5)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَكُونُ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ).
ص: 269
غَيْبَةٌ فِي بَعْضِ هَذِهِ الشِّعَابِ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةِ ذِي طُوًى(1) -، حَتَّى إِذَا كَانَ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَتَى المَوْلَى الَّذِي كَانَ مَعَهُ حَتَّى يَلْقَى بَعْضَ أَصْحَابِهِ، فَيَقُولُ: كَمْ أَنْتُمْ هَاهُنَا؟ فَيَقُولُونَ: نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، فَيَقُولُ: كَيْفَ أَنْتُمْ لَوْ رَأَيْتُمْ صَاحِبَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَالله لَوْ نَاوَى بِنَا الْجِبَالُ لَنَاوَيْنَاهَا مَعَهُ، ثُمَّ يَأْتِيهِمْ مِنَ الْقَابِلَةِ وَيَقُولُ: أَشِيرُوا إِلَى رُؤَسَائِكُمْ أَوْ خِيَارِكُمْ عَشَرَةً، فَيُشِيرُونَ لَهُ إِلَيْهِمْ، فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ حَتَّى يَلْقَوْا صَاحِبَهُمْ، وَيَعِدُهُمُ اللَّيْلَةَ الَّتِي تَلِيهَا».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «وَالله لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَقَدْ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَرِ، فَيَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي الله فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالله. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي آدَمَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِآدَمَ. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي نُوحٍ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِنُوحٍ. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي مُوسَى فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِمُوسَى. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي عِيسَى فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى. أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي مُحَمَّدٍ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم). أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يُحَاجُّنِي فِي كِتَابِ الله فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِكِتَابِ الله، ثُمَّ يَنْتَهِي إِلَى المَقَامِ فَيُصَلِّي عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ وَيَنْشُدُ اللهَ حَقَّهُ».
ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «وَهُوَ وَالله المُضْطَرُّ الَّذِي يَقُولُ اللهُ فِيهِ: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرضِ﴾ [النمل: 62]، فِيهِ نَزَلَتْ وَلَهُ»(2).
[203/31] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ،).
ص: 270
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «لَا يَزَالُونَ وَلَا تَزَالُ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَا يَدْرُونَ خُلِقَ أَمْ لَمْ يُخْلَقْ».
[204/32] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ.
وَقَدْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، قَالَا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، قَالَ: «لَا تَزَالُونَ تَمُدُّونَ أَعْنَاقَكُمْ إِلَى الرَّجُلِ مِنَّا، تَقُولُونَ: هُوَ هَذَا، فَيَذْهَبُ اللهُ بِهِ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَا تَدْرُونَ وُلِدَ أَمْ لَمْ يُولَدْ، خُلِقَ أَمْ لَمْ يُخْلَقْ».
[205/33] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام)(1) يَقُولُ: «لَا يَزَالُ وَلَا تَزَالُونَ تَمُدُّونَ أَعْيُنَكُمْ إِلَى رَجُلٍ، تَقُولُونَ: هُوَ هَذَا، إِلَّا ذَهَبَ، حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ مَنْ لَا تَدْرُونَ خُلِقَ بَعْدُ أَمْ لَمْ يُخْلَقْ».
[206/34] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ(2)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَزَالُونَ وَلَا تَزَالُ حَتَّى يَبْعَثَ اللهُ لِهَذَا الْأَمْرِ مَنْ لَا تَدْرُونَ خُلِقَ أَمْ لَمْ يُخْلَقْ».
أليس في هذه الأحاديث - يا معشر الشيعة ممَّن وهب الله تعالى له التمييز وشافي التأمُّل والتدبُّر لكلام الأئمَّة (عليهم السلام) - بيان ظاهر، ونور زاهر؟ هل يوجد أحد من الأئمَّة الماضين (عليهم السلام) يُشَكُّ في ولادته، واختُلِفَ في عدمه ووجوده، ودانت طائفة من الأُمَّة به في غيبته، ووقعت الفتن في الدِّين في أيَّامه، وتحيَّر منً.
ص: 271
تحيَّر في أمره، وصرَّح أبو عبد الله (عليه السلام) بالدلالة عليه بقوله: «إذا توالت ثلاثة أسماء: محمّد وعليٌّ والحسن، كان رابعهم قائمهم»، إلَّا هذا الإمام (عليه السلام) الذي جُعِلَ كمال الدِّين به وعلى يديه، وتمحيص الخلق وامتحانهم وتمييزهم بغيبته، وتحصيل الخاصِّ الخالص الصافي منهم على ولايته(1) بالإقامة على نظام أمره والإقرار بإمامته، وإدانة الله بأنَّه حقٌّ، وأنٌّه كائن، وأنَّ أرضه لا تخلو منه وإنْ غاب شخصه، تصديقاً وإيماناً وإيقاناً بكلِّ ما قاله رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين والأئمَّة (عليهم السلام) وبشَّروا به من قيامه بعد غيبته بالسيف عند اليأس منه؟
فليتبيَّن متبيِّن ما قاله كلُّ واحدٍ من الأئمَّة (عليهم السلام) فيه، فإنَّه يعينه على الازدياد في البيان، ويلوح منه البرهان، جعلنا الله وإخواننا جميعاً أبداً من أهل الإجابة والإقرار، ولا جعلنا من أهل الجحود والإنكار، وزادنا بصيرةً ويقيناً وثباتاً على الحقِّ وتمسُّكاً به، فإنَّه الموفِّق المسدِّد المؤيِّد(2).
[207/35] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ أَصْغَرُنَا سِنًّا، وَأَخْمَلُنَا شَخْصاً».
قُلْتُ: مَتَى يَكُونُ ذَاكَ؟
قَالَ: «إِذَا سَارَتِ الرُّكْبَانُ بِبَيْعَةِ الْغُلَامِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرْفَعُ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ لِوَاءً، فَانْتَظِرُوا الْفَرَجَ»(3)،(4).).
ص: 272
ولا يُعرَف فيمن مضى من الأئمَّة الصادقين (عليهم السلام أجمعين) ولا في غيرهم ممَّن ادُّعيت لهم الإمامة الدعاوي الباطلة من أُوتم به في صغر سنٍّ إلَّا هذا الإمام (صلَّى الله عليه) الذي حباه الله الإمامة والعلم كما أُوتي عيسى بن مريم ويحيى بن زكريَّا الكتاب والنبوَّة والعلم والحكم صبيًّا.
والدليل على ذلك قول أبي عبد الله (عليه السلام): فيه شبه(1) من أربعة أنبياء: أحدهم عيسى بن مريم (عليه السلام)، لأنَّه أُوتي الحكم صبيًّا والنبوَّة والعلم، وأُوتي هذا (عليه السلام) الإمامة. وفي قولهم (عليهم السلام): «هذا الأمر في أصغرنا سنًّا وأخملنا ذكراً(2)» دليل عليه وشاهد بأنَّه هو، لأنَّه ليس في الأئمَّة الطاهرين (عليهم السلام) ولا في غير الأئمَّة ممَّن ادُّعي له الدعاوي الباطلة من أُفضي(3) إليه الأمر بالإمامة في سنِّه، لأنَّ جميع من أُفضيت إليه الإمامة من أئمَّة الحقِّ وممَّن ادُّعيت له أكبر سنًّا منه، فالحمد لله الذي يحقُّ الحقَّ بكلماته، ويقطع دابر الكافرين(4).
[208/36] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ(5)، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِة.
ص: 273
عَلِيٍّ الرِّضَا (عليهما السلام): مَنِ الْخَلَفُ بَعْدَكَ؟
فَقَالَ: «ابْنِي عَلِيٌّ، وَابنا عليٍّ»، ثُمَّ أَطْرَقَ مَلِيًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ حَيْرَةٌ».
قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَإِلَى أَيْنَ؟
فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: «لَا أَيْنَ(1) - حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثاً -»، فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «إِلَى المَدِينَةِ».
فَقُلْتُ: أَيُّ المُدُنِ؟
فَقَالَ: «مَدِينَتُنَا هَذِهِ، وَهَلْ مَدِينَةٌ غَيْرُهَا؟».
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ أَنَّهُ حَضَرَ أُمَيَّةَّ بْنَ عَلِيٍّ الْقَيْسِيَّ وَهُوَ يَسْأَلُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَهُ بِهَذَا الْجَوَابِ.
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ(2)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ الْقَيْسِيِّ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ(3).
[209/37] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ الْآدَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَظِيمِ اِبْنُ عَبْدِ الله الْحَسَنِيُّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عليه السلام) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «إِذَا مَاتَ ابْنِي عَلِيٌّ بَدَا سِرَاجٌ بَعْدَهُ، ثُمَّ خَفِيَ، فَوَيْلٌ لِلْمُرْتَابِ، وَطُوبَى لِلْغَرِيبِ).
ص: 274
الْفَارِّ بِدِينِهِ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْدَاثٌ تَشِيبُ فِيهَا النَّوَاصِي، وَيَسِيرُ الصُّمُّ الصِّلَابُ(1)».
أيُّ حيرة أعظم من هذه الحيرة التي أخرجت من هذا الأمر الخلق الكثير والجمَّ الغفير، ولم يبقَ عليه ممَّن كان فيه إلَّا النزر اليسير؟ وذلك لشكِّ الناس، وضعف يقينهم، وقلَّة ثباتهم على صعوبة ما ابتُلِيَ به المخلصون، الصابرون، والثابتون، والراسخون في علم آل محمّد (عليهم السلام)، الراوون لأحاديثهم هذه، العالمون بمرادهم فيها، الدارُّون(2) لما أشاروا إليه في معانيها، الذين أنعم الله عليهم بالثبات، وأكرمهم باليقين، والحمد لله ربِّ العالمين.
[210/38] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ(3)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْخَزَّازِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ؟
فَقَالَ: «لَا».
فَقُلْتُ: فَوَلَدُكَ؟
فَقَالَ: «لَا».
فَقُلْتُ: فَوَلَدُ وَلَدِكَ؟ا.
ص: 275
فَقَالَ: «لَا».
قُلْتُ: فَوَلَدُ وَلَدِ وَلَدِكَ؟
قَالَ: «لَا».
قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ؟
قَالَ: «الَّذِي يَمْلَأُهَا عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً لَعَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ يَأْتِي(1) كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بُعِثَ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ»(2)،(3).
[211/39] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الثَّالِثِ (عليه السلام)(4) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رُفِعَ عَلَمُكُمْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ فَتَوَقَّعُوا الْفَرَجَ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِكُمْ»(5)،(6).).
ص: 276
[212/40] مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ [المدَّثِّر: 8]، قَالَ: «إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً، فَإِذَا أَرَادَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نَكْتَةً، فَظَهَرَ فَقَامَ بِأَمْرِ الله (عزَّ وجلَّ)»(1)،(2).
[213/41] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَابُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مِنْ غَيْبَةٍ، وَلَابُدَّ لَهُ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ عُزْلَةٍ، وَنِعْمَ المَنْزِلُ طَيْبَةُ، وَمَا بِثَلَاثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ»(3)،(4).).
ص: 277
[214/42] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ رِجَالِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنْ بَلَغَكُمْ عَنْ صَاحِبِكُمْ غَيْبَةٌ فَلَا تُنْكِرُوهَا».
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، مِثْلَهُ(1)،(2).).
ص: 278
[215/43] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ المَسْعُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ قَدْ قَامَ الْقَائِمُ لَأَنْكَرَهُ النَّاسُ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابًّا مُوفَقاً لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا مَنْ قَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرِّ الْأَوَّلِ»(1)،(2).
وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ قَالَ (عليه السلام): «وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْبَلِيَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمْ صَاحِبُهُمْ شَابًّا وَهُمْ يَحْسَبُونَهُ شَيْخاً كَبِيراً».
[216/44] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ طَرْخَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ اِبْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِي يُعَمَّرُ عُمُرَ الْخَلِيلِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ يُدْرَى بِهِ، ثُمَّ يَغِيبُ غَيْبَةً فِي الدَّهْرِ، وَيَظْهَرُ فِي صُورَةِ شَابٍّ مُوفَقٍ ابْنِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً، حَتَّى تَرْجِعَ عَنْهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(3)،(4).).
ص: 279
إنَّ في قول أبي عبد الله (عليه السلام) هذا لمعتبراً ومزدجراً عن العمى والشكِّ والارتياب، وتنبيهاً للساهي الغافل، ودلالةً للمتلدِّد الحيران، أليس فيما قد ذُكِرَ وأُبين من مقدار العمر والحال التي يظهر القائم (عليه السلام) عليها عند ظهوره بصورة الفتى والشابِّ ما فيه كفاية لأُولي الألباب؟ وما ينبغي لعاقل ذي بصيرة أنْ يطول عليه الأمد، وأنْ يستعجل أمر الله قبل أوانه وحضور أيَّامه بلا تغيير، ولذكر الوقت الذي ذُكِرَ أنَّه يظهر فيه مع انقضائه، فإنَّ قولهم (عليهم السلام) الذي يُروى عنهم في الوقت إنَّما هو على جهة التسكين للشيعة والتقريب للأمر عليها، إذ كانوا قد قالوا: «إنَّا لا نُوقِّت»، و«من روى لكم عنَّا توقيتاً فلا تُصدِّقوه، ولا تهابوا أنْ تُكذِّبوه، ولا تعملوا عليه»، وإنَّما شأن المؤمنين أنْ يدينوا الله بالتسليم لكلِّ ما يأتي عن الأئمَّة (عليهم السلام)، وكانوا أعلم بما قالوا، لأنَّ من سلَّم لأمرهم وتيقَّن أنَّه الحقُّ سعد به، وسلم له دينه، ومن عارض وشكَّ وناقض واقترح على الله
ص: 280
تعالى واختار مُنِعَ اقتراحه، وعُدِمَ اختياره، ولم يُعْطَ مراده وهواه، ولم يرَ ما يُحِبُّه(1)، وحصل على الحيرة والضلال والشكِّ والتبلُّد(2) والتلدُّد والتنقُّل من مذهب إلى مذهب، ومن مقالة إلى أُخرى(3)، وكان عاقبة أمره خسراً.
وإنَّ إماماً هذه منزلته من الله (عزَّ وجلَّ)، وبه ينتقم لنفسه ودينه وأوليائه، وينجز لرسوله ما وعده من إظهار دينه على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون حتَّى لا يكون في الأرض كلِّها إلَّا دينه الخالص به وعلى يديه، لحقيق(4) بأنْ لا يدَّعي أحد من أهل الجهل محلَّه ومنزلته، وألَّا يغوي أحد من الناس نفسه بادِّعاء هذه المنزلة لسواه، ولا يُهلِكها بالائتمام بغيره، فإنَّه إنَّما يوردها للهلكة ويصليها النار، نعوذ بالله منها، ونسأله الإجارة من عذابها برحمته.
[217/45] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ(5)، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ لِأَحَدٍ»(6).
[218/46] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ).
ص: 281
أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَقُومُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِي عُنُقِهِ عَقْدٌ وَلَا عَهْدٌ وَلَا بَيْعَةٌ»(1).
* * *).
ص: 282
وممَّا يُؤكِّد أمر الغيبة ويشهد بحقِّيَّتها وكونها، وبحال الحيرة التي تكون للناس فيها، وأنَّها فتنة لابدَّ من كونها، ولن ينجو منها إلَّا الثابت على شدَّتها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فيها، وهو ما:
[219/1] حَدَّثَنَا بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ مُزَاحِمٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ (عليه السلام) يَقُولُ: «لَا تَنْفَكُّ هَذِهِ الشِّيعَةُ حَتَّى تَكُونَ بِمَنْزِلَةِ المَعْزِ، لَا يَدْرِي الْخَابِسُ عَلَى أَيِّهَا يَضَعُ يَدَهُ، فَلَيْسَ لَهُمْ شُرَفٌ يُشْرِفُونَهُ، وَلَا سِنَادٌ يَسْتَنِدُونَ إِلَيْهِ فِي أُمُورِهِمْ(1)»(2).
ص: 283
[220/2] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَدْرٍ، عَنْ عُلَيْمٍ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ (رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى) أَنَّهُ قَالَ: لَا يَنْفَكُّ المُؤْمِنُونَ حَتَّى يَكُونُوا كَمَوَاتِ المَعْزِ(1)، لَا يَدْرِي الْخَابِسُ عَلَى أَيِّهَا يَضَعُ يَدَهُ، لَيْسَ فِيهِمْ شُرَفٌ يُشْرِفُونَهُ، وَلَا سِنَادٌ يُسْنِدُونَ إِلَيْهِ أَمْرَهُمْ.
[221/3] وَبِهِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ عَبْدِ الله الشَّاعِرِ - يَعْنِي ابْنَ عُقْبَةَ(2) -، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا (عليه السلام) يَقُولُ: «كَأَنِّي بِكُمْ تَجُولُونَ جَوَلَانَ الْإِبِلِ، تَبْتَغُونَ مَرْعًى وَلَا تَجِدُونَهَا، يَا مَعْشَرَ الشِّيعَةِ»(3).
[222/4] وَبِهِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ المُثَنَّى الْعَطَّارِ، عَنْ عَبْدِ الله اِبْنِ بُكَيْرٍ.
وَرَوَاهُ الْحَكَمُ(4)، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كَيْفَ بِكُمْ إِذَا صَعِدْتُمْ فَلَمْ تَجِدُوا أَحَداً، وَرَجَعْتُمْ فَلَمْ تَجِدُوا أَحَداً؟».
[223/5] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ).
ص: 284
الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «لَا تَزَالُونَ تَنْتَظِرُونَ حَتَّى تَكُونُوا كَالمَعْزِ المَهُولَةِ الَّتِي لَا يُبَالِي الْجَازِرُ أَيْنَ يَضَعُ يَدَهُ مِنْهَا، لَيْسَ لَكُمْ شُرَفٌ تُشْرِفُونَهُ، وَلَا سَنَدٌ تُسْنِدُونَ إِلَيْهِ أُمُورَكُمْ»(1).
هل هذه الأحاديث (رحمكم الله) إلَّا دالَّة على غيبة صاحب الحقِّ؟ وهو الشرف الذي يشرفه الشيعة، ثمّ على غيبة السبب(2) الذي كان منصوباً له (عليه السلام) بينه وبين شيعته، وهو السناد الذي كانوا يسندون إليه أُمورهم فيرفعها إلى إمامهم في حال غيبته (عليه السلام)، والذي هو شرفهم، فصاروا عند رفعه كموات المعز، وقد كان لهم في الوسائط بلاغ وهدى ومسكة للرماق(3) حتَّى أجرى الله تدبيره وأمضى مقاديره برفع الأسباب مع غيبة الإمام في هذا الزمان الذي نحن فيه لتمحُّص من يُمحَّص، وهلكة من يهلك، ونجاة من ينجو بالثبات على الحقِّ، ونفي الريب والشكِّ، والإيقان بما ورد عن الأئمَّة (عليهم السلام) من أنَّه لابدَّ من كون هذه الغمَّة، ثمّ انكشافها عند مشيئة الله، لا عند مشيئة خلقه واقتراحهم، جعلنا الله وإيَّاكم - يا معشر الشيعة المؤمنين، المتمسِّكين بحبله، المنتمين إلى أمره - ممَّن ينجو من فتنة الغيبة التي يهلك فيها من اختار لنفسه، ولم يرضَ باختيار ربِّه، واستعجل تدبير الله سبحانه ولم يصبر كما أُمِرَ، وأعاذنا الله وإيَّاكم من الضلالة بعد الهدى، إنَّه وليٌّ قدير.).
ص: 285
هذا آخر ما حضرني من الروايات في الغيبة، وهو يسير من كثير ممَّا رواه الناس وحملوه، والله وليُّ التوفيق.
* * *
ص: 286
باب (11): ما روي فيما أُمِرَ به الشيعة من الصبر والكفِّ والانتظار للفرج(1)، وترك الاستعجال بأمر الله وتدبيره
ص: 287
ص: 288
[224/1] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «إِنَّهُ قَالَ لِي أَبِي (عليه السلام): لَابُدَّ لِنَارٍ مِنْ آذَرْبِيجَانَ لَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أَحْلَاسَ(1) بُيُوتِكُمْ، وأَلْبِدُوا مَا أَلْبَدْنَا(2)، فَإِذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرِّكُنَا فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً(3)، وَالله لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ»، وَقَالَ: «وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ».
[225/2] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُمَارَةَ الْكِنَانِيِّ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ (عليه السلام): أَوْصِنِي.
فَقَالَ: «أُوصِيكَ بِتَقْوَى الله، وَأَنْ تَلْزَمَ بَيْتَكَ وَتَقْعُدَ فِي دَهْمَاءِ هَؤُلَاءِ النَّاسِ، وَإِيَّاكَ وَالْخَوَارِجَ مِنَّا فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ ولَا إِلَى شَيْءٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ لِبَنِي أُمَيَّةَ مُلْكاً).
ص: 289
لَا يَسْتَطِيعُ النَّاسُ أَنْ تَرْدَعَهُ(1)، وَأَنَّ لِأَهْلِ الْحَقِّ دَوْلَةً إِذَا جَاءَتْ وَلَّاهَا اللهُ لِمَنْ يَشَاءَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَمَنْ أَدْرَكَهَا مِنْكُمْ كَانَ عِنْدَنَا فِي السَّنَامِ الْأَعْلَى(2)، وَإِنْ قَبَضَهُ اللهُ قَبْلَ ذَلِكَ خَارَ لَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا تَقُومُ عِصَابَةٌ تَدْفَعُ ضَيْماً(3) أَوْ تُعِزُّ دِيناً إِلَّا صَرَعَتْهُمُ(4) المَنِيَّةُ(5) وَالْبَلِيَّةُ حَتَّى تَقُومَ عِصَابَةٌ شَهِدُوا بَدْراً مَعَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لَا يُوَارَى قَتِيلُهُمْ، وَلَا يُرْفَعُ صَرِيعُهُمْ(6)، وَلَا يُدَاوَى جَرِيحُهُمْ».
قُلْتُ: مَنْ هُمْ؟
قَالَ: «المَلَائِكَةُ».
[226/3] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ).
ص: 290
عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «لَيْسَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ أَحَدٌ يَدْفَعُ ضَيْماً وَلَا يَدْعُو إِلَى حَقٍّ إِلَّا صَرَعَتْهُ الْبَلِيَّةُ، حَتَّى تَقُومَ عِصَابَةٌ شَهِدَتْ بَدْراً لَا يُوَارَى قَتِيلُهَا، وَلَا يُدَاوَى جَرِيحُهَا».
قُلْتُ: مَنْ عَنَى أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) بِذَلِكَ؟
قَالَ: المَلَائِكَةَ.
[227/4] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِذَا هَلَكَ الْخَاطِبُ(1)، وَزَاغَ صَاحِبُ الْعَصْرِ، وَبَقِيَتْ قُلُوبٌ تَتَقَلَّبُ مِنْ مُخْصِبٍ وَمُجْدِبٍ، هَلَكَ المُتَمَنُّونَ، وَاضْمَحَلَّ المُضْمَحِلُّونَ، وَبَقِيَ المُؤْمِنُونَ، وَقَلِيلٌ مَا يَكُونُونَ، ثَلَاثُمِائَةٍ أَوْ يَزِيدُونَ، تُجَاهِدُ(2) مَعَهُمْ عِصَابَةٌ جَاهَدَتْ مَعَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ تُقْتَلْ وَلَمْ تَمُتْ».
معنى قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «وَزَاغَ صَاحِبُ الْعَصْرِ» أراد صاحب هذا الزمان الغائب الزائغ عن أبصار هذا الخلق لتدبير الله الواقع. ثمّ قال: «وَبَقِيَتْ).
ص: 291
قُلُوبٌ تَتَقَلَّبُ مِنْ مُخْصِبٍ وَمُجْدِبٍ» وهي قلوب الشيعة المتقلِّبة عند هذه الغيبة(1) والحيرة، فمن ثابت منها على الحقِّ مخصب، ومن عادل عنها إلى الضلال وزخرف المقال مجدب. ثمّ قال: «هَلَكَ المُتَمَنُّونَ» ذمًّا لهم، وهم الذين يستعجلون أمر الله ولا يُسلِّمون له، ويستطيلون الأمد فيهلكون قبل أنْ يروا فرجاً، ويُبقي الله من يشاء أنْ يُبقيه من أهل الصبر والتسليم حتَّى يلحقه بمرتبته، وهم المؤمنون، وهم المخلصون القليلون الذين ذكر (عليه السلام) أنَّهم «ثَلَاثُمِائَةٍ أَوْ يَزِيدُونَ» ممَّن يُؤهِّله الله بقوَّة إيمانه وصحَّة يقينه لنصرة وليِّه (عليه السلام) وجهاد عدوِّه، وهم - كما جاءت الرواية(2) - عُمَّاله وحُكَّامه في الأرض عند استقرار الدار به ووضع الحرب أوزارها. ثمّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «تُجَاهِدُ مَعَهُمْ عِصَابَةٌ جَاهَدَتْ(3) مَعَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَوْمَ بَدْرٍ لَمْ تُقْتَلْ وَلَمْ تَمُتْ» يريد أنَّ الله (عزَّ وجلَّ) يُؤيِّد أصحاب القائم (عليه السلام) هؤلاء الثلاثمائة والنيِّف الخُلَّص بملائكة بدر، وهم أعدادهم، جعلنا الله ممَّن يُؤهِّله لنصرة دينه مع وليِّه (عليه السلام)، وفعل بنا في ذلك ما هو أهله.
[228/5] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ سَيْفٍ التَّمَّارِ، عَنْ أَبِي المُرْهِفِ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «هَلَكَتِ المَحَاضِيرُ».خ.
ص: 292
قَالَ: قُلْتُ: وَمَا المَحَاضِيرُ؟
قَالَ: «المُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا المُقَرِّبُونَ، وَثَبَتَ الْحِصْنُ عَلَى أَوْتَادِهَا، كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ الْغَبَرَةَ عَلَى مَنْ أَثَارَهَا(1)، وَإِنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَكُمْ بِجَائِحَةٍ(2) إِلَّا أَتَاهُمُ اللهُ بِشَاغِلٍ إِلَّا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمْ(3)»(4).
[229/6] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ زَكَرِيا بن شَيْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ كُلَيْبٍ المَسْعُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبَانٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، وَذَلِكَ حِينَ ظَهَرَتِ الرَّايَاتُ السُّودُ بِخُرَاسَانَ، فَقُلْنَا: مَا تَرَى؟
فَقَالَ: «اجْلِسُوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونَا قَدِ اجْتَمَعْنَا عَلَى رَجُلٍ فَانْهَدُوا(5) إِلَيْنَا بِالسِّلَاحِ».).
ص: 293
[230/7] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ، وَالْزَمُوا بُيُوتَكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُصِيبُكُمْ أَمْرٌ تُخَصُّونَ بِهِ أَبَداً، وَيُصِيبُ الْعَامَّةَ(1)، وَلَا تَزَالُ الزَّيْدِيَّةُ وِقَاءً لَكُمْ أَبَداً»(2)،(3).
[231/8] وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) يَوْماً وَعِنْدَهُ مِهْزَمٌ الْأَسَدِيُّ، فَقَالَ: جَعَلَنِيَ اللهُ فِدَاكَ، مَتَى هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَهُ فَقَدْ طَالَ عَلَيْنَا؟
فَقَالَ: «يَا مِهْزَمُ، كَذَبَ المُتَمَنُّونَ، وَهَلَكَ المُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا المُسَلِّمُونَ، وَإِلَيْنَا يَصِيرُونَ»(5).).
ص: 294
[232/9] عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿أَتَى أَمْرُ الله فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: 1]، قَالَ: «هُوَ أَمْرُنَا، أَمَرَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) أَنْ لَا تَسْتَعْجِلَ بِهِ حَتَّى يُؤَيِّدَهُ اللهُ بِثَلَاثَةِ أَجْنَادٍ: المَلَائِكَةِ، وَالمُؤْمِنِينَ، وَالرُّعْبِ. وَخُرُوجُهُ (عليه السلام) كَخُرُوجِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ [الأنفال: 5]»(1).
[233/10] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ صَالِحِ اِبْنِ مِيثَمٍ وَيَحْيَى بْنِ سَابِقٍ(2) جَمِيعاً، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «هَلَكَ أَصْحَابُ المَحَاضِيرِ، وَنَجَا المُقَرِّبُونَ، وَثَبَتَ الْحِصْنُ عَلَى أَوْتَادِهَا(3)، إِنَّ بَعْدَ الْغَمِّ فَتْحاً عَجِيباً»(4)،(5).).
ص: 295
[234/11] وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ اِبْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ اِبْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ ضُرَيْسٍ الْكُنَاسِيِّ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام): «لَوَدِدْتُ أَنِّي تُرِكْتُ فَكَلَّمْتُ النَّاسَ ثَلَاثاً، ثُمَّ قَضَى اللهُ فِيَّ مَا أَحَبَّ، وَلَكِنْ عَزْمَةٌ مِنَ الله أَنْ نَصْبِرَ»، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ [ص: 88]، ثُمَّ تَلَا أَيْضاً قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [آل عمران: 186]»(1)،(2).
[235/12] عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام) أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ بَعَثَ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾ [آل عمران: 200]، فَغَضِبَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) وَقَالَ لِلسَّائِلِ: «وَدِدْتُ أَنَّ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا وَاجَهَنِي بِهِ»، ثُمَّ قَالَ: «نَزَلَتْ فِي أَبِي وَفِينَا، وَلَمْ يَكُنِ الرِّبَاطُ الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ بَعْدُ، وَسَيَكُونُ ذَلِكَ ذُرِّيَّةً مِنْ نَسْلِنَا المُرَابِطُ»، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا إِنَّ فِي صُلْبِهِ - يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ - وَدِيعَةً ذُرِئَتْ لِنَارِ جَهَنَّمَ، سَيُخْرِجُونَ أَقْوَاماً مِنْ دِينِ الله أَفْوَاجاً، وَسَتُصْبَغُ الْأَرْضُ بِدِمَاءِ فِرَاخٍ مِنْ).
ص: 296
فِرَاخِ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام)، تَنْهَضُ تِلْكَ الْفِرَاخُ فِي غَيْرِ وَقْتٍ، وَتَطْلُبُ غَيْرَ مُدْرَكٍ، وَيُرَابِطُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَصْبِرُونَ وَيُصَابِرُونَ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ، وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ»(1).
[236/13] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ اِبْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا﴾، فَقَالَ: «اصْبِرُوا عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، وَصَابِرُوا عَدُوَّكُمْ، وَرَابِطُوا إِمَامَكُمُ المُنْتَظَرَ»(2).
[237/14] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُثَنَّى الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَيْدٍ(3)، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليهما السلام)، قَالَ: «مَثَلُ خُرُوجِ الْقَائِمِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ كَخُرُوجِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَمَثَلُ مَنْ خَرَجَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ مَثَلُ فَرْخٍ طَارَ فَوَقَعَ مِنْ وَكْرِهِ فَتَلَاعَبَتْ بِهِ الصِّبْيَانُ(4)»(5).
[238/15] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ(6)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أُكَيْلٍ النُّمَيْرِيِّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ سَيَابَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِل.
ص: 297
مُنْتَظِراً كَانَ كَمَنْ هُوَ فِي الْفُسْطَاطِ الَّذِي لِلْقَائِمِ (عليه السلام)(1)»(2).
[239/16] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ اِبْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا لَا يَقْبَلُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) مِنَ الْعِبَادِ عَمَلًا إِلَّا بِهِ؟».
فَقُلْتُ: بَلَى.
فَقَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَالْإِقْرَارُ بِمَا أَمَرَ اللهُ، وَالْوَلَايَةُ لَنَا، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ أَعْدَائِنَا - يَعْنِي الْأَئِمَّةَ خَاصَّةً -، وَالتَّسْلِيمَ لَهُمْ، وَالْوَرَعُ، وَالْاِجْتِهَادُ، وَالطُّمَأْنِينَةُ، والْاِنْتِظَارُ لِلْقَائِمِ (عليه السلام)»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ لَنَا دَوْلَةً يَجِيءُ اللهُ بِهَا إِذَا شَاءَ»، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ فَلْيَنْتَظِرْ، وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَعِ وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ، فَإِنْ مَاتَ وَقَامَ الْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَدْرَكَهُ، فَجِدُّوا وَانْتَظِرُوا(3)، هَنِيئاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ المَرْحُومَةُ»(4).
[240/17] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ مُنَخَّلِ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «اسْكُنُوا مَا سَكَنَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ - أَيْ لَا تَخْرُجُوا عَلَى أَحَدٍ -، فَإِنَّ أَمْرَكُمْ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ، أَلَا).
ص: 298
إِنَّهَا آيَةٌ مِنَ الله (عزَّ وجلَّ) لَيْسَتْ مِنَ النَّاسِ(1)، أَلَا إِنَّهَا أَضْوَأُ مِنَ الشَّمْسِ لَا تَخْفَى عَلَى بَرٍّ وَلَا فَاجِرٍ، أَتَعْرِفُونَ الصُّبْحَ؟ فَإِنَّهَا كَالصُّبْحِ لَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ».
اُنظروا (رحمكم الله) إلى هذا التأديب من الأئمَّة (عليهم السلام)، وإلى أمرهم ورسمهم في الصبر والكفِّ والانتظار للفرج، وذكرهم هلاك المحاضير والمستعجلين، وكذب المتمنِّين، ووصفهم نجاة المسلِّمين، ومدحهم للصابرين الثابتين، وتشبيههم إيَّاهم(2) على الثبات بثبات الحصن على أوتادها، فتأدَّبوا (رحمكم الله) بتأديبهم، وامتثلوا أمرهم، وسلِّموا لقولهم، ولا تجاوزوا رسمهم، ولا تكونوا ممَّن أرداه الهوى والعجلة، ومال به الحرص عن الهدى والمحجَّة البيضاء.
وفَّقنا الله وإيَّاكم لما فيه السلامة من الفتنة، وثبَّتنا وإيَّاكم على حسن البصيرة، وأسلكنا وإيَّاكم الطريق المستقيمة الموصلة إلى رضوانه، المكسبة سكنى جنانه، مع خيرته وخلصائه، بمنِّه وإحسانه.
* * *).
ص: 299
ص: 300
باب (12): ما يلحق (1) الشيعة من التمحيص والتفرُّق والتشتُّت عند الغيبة حتَّى لا يبقى على حقيقة الأمر إلّا الأقلّ الذي وصفه الأئمَّة (عليهم السلام)
ص: 301
ص: 302
[241/1] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَ-مَّا بُويِعَ لِأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) بَعْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَخَطَبَ خُطْبَةً ذَكَرَهَا، يَقُولُ فِيهَا: أَلَا إِنَّ بَلِيَّتَكُمْ قَدْ عَادَتْ كَهَيْأَتِهَا يَوْمَ بَعَثَ اللهُ نَبِيَّهُ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَتُبَلْبَلُنَّ بَلْبَلَةً، وَلَتُغَرْبَلُنَّ غَرْبَلَةً حَتَّى يَعُودَ أَسْفَلُكُمْ أَعْلَاكُمْ، وَأَعْلَاكُمْ أَسْفَلَكُمْ، وَلَيَسْبِقَنَّ سَابِقُونَ كَانُوا قَصَّرُوا، وَلَيُقَصِّرَنَّ سَبَّاقُونَ كَانُوا سَبَقُوا، وَالله مَا كَتَمْتُ وَسْمَةً، وَلَا كَذَبْتُ كَذِبَةً، وَلَقَدْ نُبِّئْتُ بِهَذَا المَقَامِ وَهَذَا الْيَوْمِ»(1)،(2).).
ص: 303
[242/2] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِدَّةٌ مِنْ
ص: 304
أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) يَقُولُ: ﴿الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت: 1 و2]، ثُمَّ قَالَ لِي: «مَا الْفِتْنَةُ؟».
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، الَّذِي عِنْدَنَا أَنَّ الْفِتْنَةَ فِي الدِّينِ(1).
فَقَالَ: «يُفْتَنُونَ كَمَا يُفْتَنُ الذَّهَبُ»، ثُمَّ قَالَ: «يُخْلَصُونَ كَمَا يُخْلَصُ الذَّهَبُ»(2)،(3).
[243/3] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يُونُسَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، رَفَعَهُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليهما السلام)، قَالَ: قَالَ: «إِنَّ حَدِيثَكُمْ هَذَا لَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ قُلُوبُ الرِّجَالِ، فَانْبِذُوهُ إِلَيْهِمْ نَبْذاً، فَمَنْ أَقَرَّ بِهِ فَزِيدُوهُ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَذَرُوهُ، إِنَّهُ لَابُدَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِتْنَةٌ يَسْقُطُ فِيهَا كُلُّ بِطَانَةٍ ووَلِيجَةٍ حَتَّى يَسْقُطَ فِيهَا مَنْ يَشُقُّ الشَّعْرَةَ بِشَعْرَتَيْنِ).
ص: 305
حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا نَحْنُ وَشِيعَتُنَا»(1)،(2).
[244/4] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي وَالله أُحِبُّكَ وَأُحِبُّ مَنْ يُحِبُّكَ، يَا سَيِّدِي مَا أَكْثَرَ شِيعَتُكُمْ.
فَقَالَ لَهُ: «اُذْكُرْهُمْ».
فَقَالَ: كَثِيرٌ.
فَقَالَ: «تُحْصِيهِمْ؟».
فَقَالَ: هُمْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «أَمَا لَوْ كَمُلَتِ الْعِدَّةُ المَوْصُوفَةُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ كَانَ الَّذِي تُرِيدُونَ، وَلَكِنْ شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَعْدُو صَوْتُهُ سَمْعَهُ، وَلَا شَحْنَاؤُهُ).
ص: 306
بَدَنَهُ، وَلَا يَمْدَحُ بِنَا مُعْلِناً(1)، وَلَا يُخَاصِمُ بِنَا قَالِياً(2)، وَلَا يُجَالِسُ لَنَا عَائِباً، وَلَا يُحْدِّثُ لَنَا ثَالِباً، وَلَا يُحِبُّ لَنَا مُبْغِضاً، وَلَا يُبْغِضُ لَنَا مُحِبًّا».
فَقُلْتُ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَذِهِ الشِّيعَةِ المُخْتَلِفَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّهُمْ يَتَشَيَّعُونَ؟
فَقَالَ: «فِيهِمُ التَّمْيِيزُ، وَفِيهِمُ التَّمْحِيصُ، وَفِيهِمُ التَّبْدِيلُ، يَأْتِي عَلَيْهِمْ سِنُونَ تُفْنِيهِمْ، وَسَيْفٌ يَقْتُلُهُمْ، وَاخْتِلَافٌ يُبَدِّدُهُمْ(3)، إِنَّمَا شِيعَتُنَا مَنْ لَا يَهِرُّ هَرِيرَ الْكَلْبِ، وَلَا يَطْمَعُ طَمَعَ الْغُرَابِ، وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ بِكَفِّهِ وَإِنْ مَاتَ جُوعاً».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَأَيْنَ أَطْلُبُ هَؤُلَاءِ المَوْصُوفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ؟
فَقَالَ: «اُطْلُبْهُمْ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ، أُولَئِكَ الْخَفِيضُ عَيْشُهُمُ، المُنْتَقِلَةُ دَارُهُمْ، الَّذِينَ إِنْ شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا، وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا، وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا، وَإِنْ خَطَبُوا لَمْ يُزَوَّجُوا، وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا، أُولَئِكَ الَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ يَتَوَاسَوْنَ، وَفِي قُبُورِهِمْ يَتَزَاوَرُونَ، وَلَا تَخْتَلِفُ أَهْوَاؤُهُمْ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ بِهِمُ الْبُلْدَانُ».
[245/5] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيُّ، عَنْ عَلِيِّ اِبْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِهْزَمٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ مِهْزَمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) بِمِثْلِهِ، إِلَّا أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: «وَإِنْ رَأَوْا مُؤْمِناً أَكْرَمُوهُ، وَإِنْ رَأَوْا مُنَافِقاً هَجَرُوهُ، وَعِنْدَ المَوْتِ لَا يَجْزَعُونَ، وَفِي قُبُورِهِمْ يَتَزَاوَرُونَ...» ثُمَّ تَمَامَ الْحَدِيثِ(4)،(5)..
ص: 307
ص: 308
ص: 309
[246/6] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الْجُعْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ اِبْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مَعَ الْقَائِمِ (عليه السلام) مِنَ الْعَرَبِ شَيْءٌ يَسِيرٌ».
فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ.
قَالَ: «لَابُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا، وَسَيَخْرُجُ مِنَ الْغِرْبَالِ خَلْقٌ كَثِيرٌ».
[247/7] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ،
ص: 310
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادِ، عَنْ أَبِي المَغْرَا، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «وَيْلٌ لِطُغَاةِ الْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كَمْ مَعَ الْقَائِمِ مِنَ الْعَرَبِ؟
قَالَ: «شَيْءٌ يَسِيرٌ».
فَقُلْتُ: وَالله إِنَّ مَنْ يَصِفُ هَذَا الْأَمْرَ مِنْهُمْ لَكَثِيرٌ.
فَقَالَ: «لَابُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ يُمَحَّصُوا وَيُمَيَّزُوا وَيُغَرْبَلُوا، وَيَخْرُجُ مِنَ الْغِرْبَالِ خَلْقٌ كَثِيرٌ».
وَحَدَّثَنَا بِذَلِكَ أَيْضاً بِلَفْظِهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَالْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْأَنْبَارِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ(1)، عَنْ أَبِي المَغْرَا، عَنِ ابْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام)...، وَذَكَرَ مِثْلَهُ(2)،(3).).
ص: 311
[248/8] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ الْعَبَّاسِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(1)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ(2)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام) يَقُولُ: «وَالله لَتُمَيَّزُنَّ، وَالله لَتُمَحَّصُنَّ، وَالله لَتُغَرْبَلُنَّ كَمَا يُغَرْبَلُ الزُّؤَانُ(3) مِنَ الْقَمْحِ»(4).
[249/9] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ مِسْكِينٍ الرِّحَّالِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المُغِيرَةِ، عَنْ عَمِيرَةَ بِنْتِ نُفَيْلٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ(5) (عليهما السلام) يَقُولُ: «لَا يَكُونُ الْأَمْرُ الَّذِي تَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَبْرَأَ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، وَيَتْفُلُ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَيَشْهَدَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْكُفْرِ، وَيَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً».
فَقُلْتُ لَهُ: مَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنْ خَيْرٍ؟
فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عليه السلام): «الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ، يَقُومُ قَائِمُنَا وَيَدْفَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ»(6).).
ص: 312
[250/10] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْأَمْرُ حَتَّى يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يَلْعَنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَحَتَّى يُسَمِّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ».
[251/11] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا الْحَسَنِ(1)، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «يَا مَالِكَ بْنَ ضَمْرَةَ، كَيْفَ أَنْتَ إِذَا اخْتَلَفَتِ الشِّيعَةُ هَكَذَا - وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ وَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ -؟».
فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَا عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ؟
قَالَ: «الْخَيْرُ كُلُّهُ عِنْدَ ذَلِكَ، يَا مَالِكُ عِنْدَ ذَلِكَ يَقُومُ قَائِمُنَا فَيُقَدِّمُ سَبْعِينَ رَجُلًا يَكْذِبُونَ عَلَى الله وَعَلَى رَسُولِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَيَقْتُلُهُمْ، ثُمَّ يَجْمَعُهُمُ اللهُ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ»(2).
[252/12] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَتُمَحَّصُنَّ يَا شِيعَةَ آلِ مُحَمَّدٍ تَمْحِيصَ الْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ، وَإِنَّ صَاحِبَ الْعَيْنِ يَدْرِي مَتَى(3) يَقَعَ الْكُحْلُ فِي عَيْنِهِ،خ.
ص: 313
وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَخْرُجُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ يُصْبِحُ الرَّجُلُ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ أَمْرِنَا وَيُمْسِي وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا، وَيُمْسِي عَلَى شَرِيعَةٍ مِنْ أَمْرِنَا وَيُصْبِحُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا»(1)،(2).
[253/13] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ رَجُلٍ(3)، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ مُحَمَّدٍ المُسْلِيِّ - مِنْ بَنِي مُسْلِيَةٍ(4) -، عَنْ مِهْزَمِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ الْأَسَدِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «وَالله لَتُكْسَرُنَّ تَكَسُّرَ الزُّجَاجِ، وَإِنَّ الزُّجَاجَ لَيُعَادُ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ، وَالله لَتُكْسَرُنَّ تَكَسُّرَ الْفَخَّارِ، وَإِنَّ الْفَخَّارَ لَيَتَكَسَّرُ فَلَا يَعُودُ كَمَا كَانَ، وَوَالله لَتُغَرْبَلُنَّ، وَوَالله لَتُمَيَّزُنَّ، وَوَالله لَتُمَحَّصُنَّ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا الْأَقَلُّ - وَصَعَّرَ كَفَّهُ(5) -»(6).
فتبيَّنوا - يا معشر الشيعة - هذه الأحاديث المرويَّة عن أمير المؤمنين (عليه السلام)).
ص: 314
ومن بعده من الأئمَّة (عليهم السلام)، واحذروا ما حذَّروكم، وتأمَّلوا ما جاء عنهم تأمُّلاً شافياً، وفكِّروا فيها فكراً تنعمونه، فلم يكن في التحذير شيء أبلغ من قولهم: «إنَّ الرجل يصبح على شريعة من أمرنا ويمسي وقد خرج منها، ويمسي على شريعة من أمرنا ويصبح وقد خرج منها»، أليس هذا دليل على الخروج من نظام الإمامة وترك ما كان يعتقد منها إلى تبيان الطريق(1)؟
وفي قوله (عليه السلام): «والله لتكسرنَّ تكسُّر الزجاج وإنَّ الزجاج ليُعاد فيعود كما كان، والله لتكسرنَّ تكسُّر الفخَّار فإنَّ الفخَّار ليتكسَّر فلا يعود كما كان»، فضرب ذلك مثلاً لمن يكون على مذهب الإماميَّة فيعدل عنه إلى غيره بالفتنة التي تعرض له، ثمّ تلحقه السعادة بنظرة من الله فتُبيِّن له ظلمة ما دخل فيه وصفاء ما خرج منه، فيبادر قبل موته بالتوبة والرجوع إلى الحقِّ فيتوب الله عليه ويعيده إلى حاله في الهدى كالزجاج الذي يُعاد بعد تكسُّره فيعود كما كان، ولمن يكون على هذا الأمر فيخرج عنه، ويتمُّ على الشقاء بأنْ يُدرِكه الموت وهو على ما هو عليه غير تائب منه، ولا عائد إلى الحقِّ، فيكون مثله كمثل الفخَّار الذي يُكسَر فلا يُعاد إلى حاله، لأنَّه لا توبة له بعد الموت ولا في ساعته، نسأل الله الثبات على ما منَّ به علينا، وأنْ يزيد في إحسانه إلينا فإنَّما نحن له ومنه.
[254/14] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى(2)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ(3)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِلَالٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَاتَ أَبِي عَلَى هَذَا الْأَمْرِ، وقَدْ بَلَغْتُ مِنَ السِّنِينَ مَا قَدْ تَرَى، أَمُوتُ وَلَا تُخْبِرُنِي بِشَيْءٍ؟).
ص: 315
فَقَالَ: «يَا أَبَا إِسْحَاقَ، أَنْتَ تَعْجَلُ؟».
فَقُلْتُ: إِي وَالله أَعْجَلُ، وَمَا لِي لَا أَعْجَلُ وَقَدْ كَبِرَ سِنِّي وَبَلَغْتُ أَنَا مِنَ السِّنِّ مَا قَدْ تَرَى؟
فَقَالَ: «أَمَا وَالله يَا أَبَا إِسْحَاقَ مَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى تُمَيَّزُوا وَتُمَحَّصُوا، وَحَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا الْأَقَلُّ - ثُمَّ صَعَّرَ كَفَّهُ -».
[255/15] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام): «وَالله لَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْيُنَكُمْ حَتَّى تُمَحَّصُوا وَتُمَيَّزُوا، وَحَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا الْأَنْدَرُ فَالْأَنْدَرُ».
[256/16] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الله المُحَمَّدِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الصَّيْقَلُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)(1) وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَحَدَّثُ وَهُوَ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ مُقْبِلٌ إِذِ الْتَفَتَ إِلَيْنَا وَقَالَ: «فِي أَيِّ شَيْءٍ أَنْتُمْ؟ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَا يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ حَتَّى تُمَحَّصُوا، هَيْهَاتَ وَلَا يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ حَتَّى تُمَيَّزُوا، وَلَا يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ حَتَّى تُغَرْبَلُوا، وَلَا يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ إِلَّا بَعْدَ إِيَاسٍ، وَلَا يَكُونُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ حَتَّى يَشْقَى مَنْ شَقِيَ وَيَسْعَدَ مَنْ سَعِدَ(2)».
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَعَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ).
ص: 316
اِبْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ الصَّيْقَلِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَالْحَارِثُ بْنُ المُغِيرَةِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا جُلُوساً عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَسْمَعُ كَلَامَنَا(1)، قَالَ...، وَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: «لَا وَالله مَا يَكُونُ مَا تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْيُنَكُمْ - بِيَمِينٍ(2) -»(3)،(4).
[257/17] وَأَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هُوذَةَ بْنِ أَبِي هَرَاسَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ صَبَّاحٍ المُزَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كُونُوا كَالنَّحْلِ فِي الطَّيْرِ، لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الطَّيْرِ إِلَّا وَهُوَ يَسْتَضْعِفُهَا، وَلَوْ عَلِمَتِ الطَّيْرُ مَا فِي أَجْوَافِهَا مِنَ الْبَرَكَةِ لَمْ تَفْعَلْ بِهَا ذَلِكَ، خَالِطُوا النَّاسَ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَأَبْدَانِكُمْ، وَزَايِلُوهُمْ بِقُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَتْفُلَ بَعْضُكُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ، وَحَتَّى يُسَمِّيَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً كَذَّابِينَ، وَحَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ - أَوْ قَالَ: مِنْ شِيعَتِي - إِلَّا كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ، وَالْمِلْحِ فِي الطَّعَامِ، وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلاً، وهُوَ مَثَلُ رَجُلٍ كَانَ لَهُ طَعَامٌ فَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ بَيْتاً وَتَرَكَهُ فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ أَصَابَهُ السُّوسُ، فَأَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ إِلَى الْبَيْتِ فَتَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ).
ص: 317
عَادَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ أَصَابَتْهُ طَائِفَةٌ مِنَ السُّوسِ، فَأَخْرَجَهُ وَنَقَّاهُ وَطَيَّبَهُ وَأَعَادَهُ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَتْ مِنْهُ رِزْمَةٌ كَرِزْمَةِ الْأَنْدَرِ لَا يَضُرُّهُ السُّوسُ شَيْئاً، وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ تُمَيَّزُونَ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا عِصَابَةٌ لَا تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ شَيْئاً».
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي كَهْمَسٍ وَغَيْرِهِ، وَرَفَعَ الْحَدِيثَ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، وَذَكَرَ مِثْلَهُ.
وقد ذُكِرَ هذا الحديث في صدر هذا الكتاب(1).
[258/18] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عِيسَى الْحَسَنِيُّ(2)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (عليهما السلام): «إِنَّمَا مَثَلُ شِيعَتِنَا مَثَلُ أَنْدَرٍ - يَعْنِي بَيْدَراً فِيهِ طَعَامٌ(3) - فَأَصَابَهُ آكِلٌ فَنُقِّيَ، ثُمَّ أَصَابَهُ آكِلٌ فَنُقِّيَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُ مَا لَا يَضُرُّهُ الْآكِلُ، وَكَذَلِكَ شِيعَتُنَا يُمَيَّزُونَ وَيُمَحَّصُونَ حَتَّى تَبْقَى مِنْهُمْ عِصَابَةٌ لَا تَضُرُّهَا الْفِتْنَةُ».
[259/19] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ اِبْنُ عَبْدِ الله المُحَمَّدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيفُ بْنُ سَابِقٍ التَّفْلِيسِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ التَّفْلِيسِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «المُؤْمِنُونَ يُبْتَلَوْنَ ثُمَّ يُمَيِّزُهُمُ اللهُ عِنْدَهُ، إِنَّ اللهَ لَمْ يُؤْمِنِ المُؤْمِنِينَ مِنْ بَلَاءِ الدُّنْيَا وَمَرَائِرِهَا، وَلَكِنْ آمَنَهُمْ فِيهَا مِنَ الْعَمَى وَالشَّقَاءِ فِي الْآخِرَةِ»، ثُمَّ قَالَ: «كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهم السلام) يَضَعُ قَتْلَاهُ بَعْضَهُمْ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ يَقُولُ: قَتْلَانَا قَتْلَى النَّبِيِّينَ(4)».ِ.
ص: 318
[260/20] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ قَدْ قَامَ الْقَائِمُ (عليه السلام) لَأَنْكَرَهُ النَّاسُ، لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَابًّا مُوفَقاً، لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ إِلَّا مُؤْمِنٌ قَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَهُ فِي الذَّرِّ الْأَوَّلِ»(1).
وفي هذا الحديث عبرة لمعتبر، وذكرى لمتذكِّر متبصِّر، وهو قوله: «يخرج إليهم شابًّا موفَقاً، لا يثبت عليه إلَّا مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الذرِّ الأوَّل»، فهل يدلُّ هذا إلَّا على أنَّ الناس يبعدون هذه المدَّة من العمر، ويستطيلون المدى في ظهوره، ويُنكِرون تأخُّره، ويأيسون منه؟ فيطيرون يميناً وشمالاً كما قالوا (عليهم السلام)، تتفرَّق بهم المذاهب، وتتشعَّب لهم طُرُق الفتن، ويغترُّون بلمع السراب من كلام المفتونين، فإذا ظهر لهم بعد السنين التي يوجب مثلها فيمن بلغه الشيخوخة والكبر، وحنو الظهر، وضعف القوى، شابًّا موفَقاً أنكره من كان في قلبه مرض، وثبت عليه من سبقت له من الله الحسنى بما وفَّقه عليه، وقدَّمه إليه من العلم بحاله، وأوصله إلى هذه الروايات من قول الصادقين (عليهم السلام) فصدَّقها وعمل بها، وتقدَّم علمه بما يأتي من أمر الله وتدبيره فارتقبه غير شاكٍّ ولا مرتاب ولا متحيِّر ولا مغترٍّ بزخارف إبليس وأشياعه.
والحمد لله الذي جعلنا ممَّن أحسن إليه، وأنعم عليه، وأوصله من العلم إلى ما لا يوصل إليه غيره، إيجاباً للمنَّة، واختصاصاً بالموهبة، حمداً يكون لنِعَمه كفاء، ولحقِّه أداء.
* * *ع.
ص: 319
ص: 320
ص: 322
[261/1] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مُوسَى بْنِ هَارُونَ بْنِ عِيسَى المَعْبَدِيِّ(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ(3)، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام)، قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، نَبِّئْنَا بِمَهْدِيِّكُمْ هَذَا.
فَقَالَ: إِذَا دَرَجَ الدَّارِجُونَ، وَقَلَّ المُؤْمِنُونَ، وَذَهَبَ المُجْلِبُونَ، فَهُنَاكَ هُنَاكَ.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مِمَّنِ الرَّجُلُ؟
فَقَالَ: «مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، مِنْ ذِرْوَةِ طَوْدِ الْعَرَبِ، وَبَحْرِ مَغِيضِهَا إِذَا وَرَدَتْ، وَمَخْفِرِ أَهْلِهَا إِذَا أُتِيَتْ، وَمَعْدِنِ صَفْوَتِهَا إِذَا اكْتَدَرَتْ، لَا يَجْبُنُ إِذَا المَنَايَا هَلَعَتْ(4)، ولَا يَخُورُ إِذَا المَنُونُ اكْتَنَعَتْ، وَلَا يَنْكُلُ إِذَا الْكُمَاةُ اصْطَرَعَتْ، مُشَمِّرٌ مُغْلَوْلِبٌ، ظَفِرٌ ضِرْغَامَةٌ، حَصِدٌ مُخْدِشٌ ذِكْرٌ، سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ الله، رَأْسٌ، قُثَمُ، نَشُؤَ رَأْسُهُ فِي بَاذِخِ السُّؤْدَدِ، وَعَارِزٌ مَجْدَهُ فِي أَكْرَمِ المَحْتِدِ، فَلَا يَصْرِفَنَّكَ عَنْ بَيْعَتِهِ صَارِفٌ).
ص: 323
عَارِضٌ، يَنُوصُ إِلَى الْفِتْنَةِ كُلَّ مَنَاصٍ، إِنْ قَالَ فَشَرُّ قَائِلٍ، وَإِنْ سَكَتَ فَذُو دَعَائِرَ».
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صِفَةِ المَهْدِيِّ (عليه السلام) فَقَالَ: «أَوْسَعُكُمْ كَهْفاً، وَأَكْثَرُكُمْ عِلْماً، وَأَوْصَلُكُمْ رَحِماً، اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ بَعْثَهُ خُرُوجاً مِنَ الْغُمَّةِ، وَاجْمَعْ بِهِ شَمْلَ الْأُمَّةِ، فَإِنْ خَارَ اللهُ لَكَ فَاعْزِمْ، وَلَا تَنْثَنِ عَنْهُ إِنْ وُفِّقْتَ لَهُ، وَلَا تَجُوزَنَّ عَنْهُ(1) إِنْ هُدِيتَ إِلَيْهِ، هَاهْ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ شَوْقاً إِلَى رُؤْيَتِهِ -»(2).).
ص: 324
[262/2] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ظُهَيْرٍ(1)، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: نَظَرَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ (عليه السلام) إِلَى الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فَقَالَ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ كَمَا سَمَّاهُ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سَيِّداً، وَسَيُخْرِجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْمِ نَبِيِّكُمْ يُشْبِهُهُ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، يَخْرُجُ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنَ النَّاسِ، وَإِمَاتَةٍ لِلْحَقِّ، وَإِظْهَارٍ لِلْجَوْرِ، وَالله لَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَضُرِبَتْ عُنُقُهُ(2)، يَفْرَحُ بِخُرُوجِهِ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَسُكَّانُهَا، وَهُوَ رَجُلٌ أَجْلَى الْجَبِينِ، أَقْنَى الْأَنْفِ، ضَخْمُ الْبَطْنِ، أَزْيَلُ الْفَخِذَيْنِ، بِفَخِذِهِ الْيُمْنَى شَامَةٌ، أَفْلَجُ الثَّنَايَا، وَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً»(3)،(4).).
ص: 325
[263/3] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنِّي قَدْ دَخَلْتُ المَدِينَةَ وَفِي حَقْوَيَّ هِمْيَانٌ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ، وَقَدْ أَعْطَيْتُ اللهَ عَهْداً أَنَّنِي أُنْفِقُهَا بِبَابِكَ دِينَاراً دِينَاراً، أَوْ تُجِيبَنِي فِيمَا أَسْأَلُكَ عَنْهُ.
فَقَالَ: «يَا حُمْرَانُ، سَلْ تُجَبْ، وَلَا تُنْفِقَنَّ دَنَانِيرَكَ».
فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ بِقَرَابَتِكَ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنْتَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ وَالْقَائِمُ بِهِ؟
قَالَ: «لَا».
قُلْتُ: فَمَنْ هُوَ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟
فَقَالَ: «ذَاكَ المُشْرَبُ حُمْرَةً(1)، الْغَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، المُشْرِفُ الْحَاجِبَيْنِ، الْعَرِيضُ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، بِرَأْسِهِ حَزَازٌ، وَبِوَجْهِهِ أَثَرٌ، رَحِمَ اللهُ مُوسَى»(2).).
ص: 326
[364/4] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ حُجْرِ بْنِ زَائِدَةَ(1)، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام)، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ الْقَائِمُ؟
فَقَالَ: «قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَإِنَّي المُطَالِبُ بِالدَّمِ، وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ».
ثُمَّ أَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «قَدْ عَرَفْتُ حَيْثُ تَذْهَبُ، صَاحِبُكَ المُبْدَحُ الْبَطْنُ(2)، ثُمَّ الْحَزَازُ بِرَأْسِهِ، ابْنُ الْأَرْوَاعِ(3)، رَحِمَ اللهُ فُلَاناً».
[265/5] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي وُهَيْبُ بْنُ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَوْ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) - الشَّكُّ مِنِ ابْنِ عِصَامٍ -: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، بِالْقَائِمِ عَلَامَتَانِ: شَامَةٌ فِي رَأْسِهِ(4)، وَدَاءُ).
ص: 327
الْحَزَازِ بِرَأْسِهِ، وَشَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ، تَحْتَ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَرَقَةٌ مِثْلُ وَرَقَةِ الْآسِ(1)».
[266/6] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ، [رَفَعَهُ](2) عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ مَوْلَانَا الرِّضَا (عليه السلام) بِمَرْوَ، فَاجْتَمَعْنَا وَأَصْحَابَنَا فِي الْجَامِعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي بَدْءِ مَقْدَمِنَا، فَأَدَارُوا أَمْرَ الْإِمَامَةِ، وَذَكَرُوا كَثْرَةَ الْاِخْتِلَافِ فِيهَا(3)، فَدَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي الرِّضَا (عليه السلام) فَأَعْلَمْتُهُ خَوْضَ النَّاسِ فِي ذَلِكَ، فَتَبَسَّمَ (عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ: «يَا عَبْدَ الْعَزِيزِ، جَهِلَ الْقَوْمُ وَخُدِعُوا عَنْ آرَائِهِمْ، إِنَّ اللهَ (تَبَارَكَ اسْمُهُ) لَمْ يَقْبِضْ رَسُولَهُ(4) (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حَتَّى أَكْمَلَ لَهُ الدِّينَ، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فِيهِ تَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ(5) بَيَّنَ فِيهِ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ، وَالْحُدُودَ وَالْأَحْكَامَ، وَجَمِيعَ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ كَمَلاً، فَقَالَ (عزَّ وجلَّ): ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: 38]، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ آخِرُ عُمُرِهِ: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً﴾ [المائدة: 3]، وَأَمْرُ الْإِمَامَةِ مِنْ تَمَامِ الدِّينِ، لَمْ يَمْضِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حَتَّى بَيَّنَ لِأُمَّتِهِ مَعَالِمَ دِينِهِمْ، وَأَوْضَحَ لَهُمْ سَبِيلَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ عَلَى قَوْلِ الْحَقِّ(6)،).
ص: 328
وَأَقَامَ لَهُمْ عَلِيًّا (عليه السلام) عَلَماً وَإِمَاماً، وَمَا تَرَكَ شَيْئاً يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْأُمَّةُ إِلَّا بَيَّنَهُ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللهَ لَمْ يُكْمِلْ دِينَهُ فَقَدْ رَدَّ كِتَابَ الله وَهُوَ كَافِرٌ بِهِ.
هَلْ يَعْرِفُونَ قَدْرَ الْإِمَامَةِ وَمَحَلَّهَا مِنَ الْأُمَّةِ فَيَجُوزُ فِيهَا اخْتِيَارُهُمْ؟ إِنَّ الْإِمَامَةَ أَجَلُّ قَدْراً، وَأَعْظَمُ شَأْناً، وَأَعْلَى مَكَاناً، وَأَمْنَعُ جَانِباً، وَأَبْعَدُ غَوْراً مِنْ أَنْ يَبْلُغَهَا النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ، أَوْ يَنَالُوهَا بِآرَائِهِمْ، أَوْ يُقِيمُوا إِمَاماً بِاخْتِيَارِهِمْ، إِنَّ الْإِمَامَةَ مَنْزِلَةٌ خَصَّ اللهُ بِهَا إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ (عليه السلام) بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَالْخُلَّةِ مَرْتَبَةً ثَالِثَةً وَفَضِيلَةً شَرَّفَهُ بِهَا وَأَشَادَ بِهَا ذِكْرَهُ، فَقَالَ (عزَّ وجلَّ): ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً﴾، فَقَالَ الْخَلِيلُ سُرُوراً بِهَا: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 124]، فَأَبْطَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِمَامَةَ كُلِّ ظَالِمٍ [إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ](1)، وَصَارَتْ فِي الصَّفْوَةِ، ثُمَّ أَكْرَمَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) بِأَنْ جَعَلَهَا فِي ذُرِّيَّتِهِ أَهْلِ الصَّفْوَةِ وَالطَّهَارَةِ، فَقَالَ: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ [الأنبياء: 72 و73]، فَلَمْ تَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ يَرِثُهَا بَعْضٌ عَنْ بَعْضٍ قَرْناً فَقَرْناً حَتَّى وَرِثَهَا النَّبِيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(2)، فَقَالَ (عزَّ وجلَّ): ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 68]، فَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً، فَقَلَّدَهَا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عَلِيًّا (عليه السلام) بِأَمْرِ الله (عَزَّ اسْمُهُ) عَلَى رَسْمِ مَا فَرَضَهُ اللهُ، فَصَارَتْ فِي ذُرِّيَّتِهِ الْأَصْفِيَاءِ الَّذِينَ آتَاهُمُ اللهُ الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ بِقَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ الله إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ﴾ [الروم: 56]، فَهِيَ فِي وُلْدِ عَلِيٍّ (عليه السلام) خَاصَّةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، إِذْ لَا نَبِيَّ بَعْدَ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَمِنْ أَيْنَ يَخْتَارُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ الْإِمَامَ؟).
ص: 329
إِنَّ الْإِمَامَةَ هِيَ مَنْزِلَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِرْثُ الْأَوْصِيَاءِ، إِنَّ الْإِمَامَةَ خِلَافَةُ الله، وَخِلَافَةُ الرَّسُولِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَمَقَامُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، وَمِيرَاثُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (عليهما السلام)، إِنَّ الْإِمَامَةَ زِمَامُ الدِّينِ، وَنِظَامُ أُمُورِ المُسْلِمِينَ، وَصَلَاحُ الدُّنْيَا، وَعِزُّ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ الْإِمَامَةَ هِيَ أُسُّ الْإِسْلَامِ النَّامِي، وَفَرْعُهُ السَّامِي، بِالْإِمَامِ [تَمَامُ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَالْجِهَادِ، وَتَوْفِيرُ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ، وَ](1) إِمْضَاءُ الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ، وَمَنْعُ الثُّغُورِ وَالْأَطْرَافِ.
الْإِمَامُ يُحِلُّ حَلَالَ الله، وَيُحَرِّمُ حَرَامَ الله، وَيُقِيمُ حُدُودَ الله، وَيَذُبُّ عَنْ دِينِ الله، وَيَدْعُو إِلَى سَبِيلِ رَبِّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَالْحُجَّةِ الْبَالِغَةِ.
الْإِمَامُ الشَّمْسُ الطَّالِعَةُ المُجَلِّلَةُ بِنُورِهَا لِلْعَالَمِ، وَهِيَ فِي الْأُفُقِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهَا الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارُ.
الْإِمَامُ الْبَدْرُ المُنِيرُ(2)، وَالسِّرَاجُ الزَّاهِرُ، وَالنُّورُ السَّاطِعُ، وَالنَّجْمُ الْهَادِي فِي غَيَاهِبِ الدُّجَى، وَأَجْوَازِ الْبُلْدَانِ وَالْقِفَارِ، وَلُجَجِ الْبِحَارِ.
الْإِمَامُ المَاءُ الْعَذْبُ عَلَى الظَّمَاءِ، وَالنُّورُ الدَّالُّ عَلَى الْهُدَى، وَالمُنْجِي مِنَ الرَّدَى.
الْإِمَامُ النَّارُ عَلَى الْيَفَاعِ، الْحَارُّ لِمَنِ اصْطَلَى بِهِ(3)، وَالدَّلِيلُ فِي المَهَالِكِ، مَنْ فَارَقَهُ فَهَالِكٌ.
الْإِمَامُ السَّحَابُ المَاطِرُ، وَالْغَيْثُ الْهَاطِلُ، وَالشَّمْسُ المُضِيئَةُ، وَالسَّمَاءُ الظَّلِيلَةُ، وَالْأَرْضُ الْبَسِيطَةُ، وَالْعَيْنُ الْغَزِيرَةُ، وَالْغَدِيرُ وَالرَّوْضَةُ.
الْإِمَامُ الْأَنِيسُ الرَّفِيقُ، وَالْوَالِدُ الشَّفِيقُ، وَالْأَخُ الشَّقِيقُ، وَالْأُمُّ الْبَرَّةُ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ، وَمَفْزَعُ الْعِبَادِ فِي الدَّاهِيَةِ النَّآدِ.ف.
ص: 330
الْإِمَامُ أَمِينُ الله فِي خَلْقِهِ، وَحُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَخَلِيفَتُهُ فِي بِلَادِهِ، وَالدَّاعِي إِلَى الله، وَالذَّابُّ عَنْ حُرَمِ الله.
الْإِمَامُ المُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ، وَالمُبَرَّأُ عَنِ الْعُيُوبِ، المَخْصُوصُ بِالْعِلْمِ، المَوْسُومُ بِالْحِلْمِ، نِظَامُ الدِّينِ، وَعِزُّ المُسْلِمِينَ، وَغَيْظُ المُنَافِقِينَ، وَبَوَارُ الْكَافِرِينَ.
الْإِمَامُ وَاحِدُ دَهْرِهِ، لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ، وَلَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ، وَلَا يُوجَدُ مِنْهُ بَدَلٌ، وَلَا لَهُ مِثْلٌ وَلَا نَظِيرٌ، مَخْصُوصٌ بِالْفَضْلِ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُ لَهُ وَلَا اكْتِسَابٍ، بَلِ اخْتِصَاصٌ مِنَ المُفْضِلِ الْوَهَّابِ.
فَمَنْ ذَا الَّذِي يَبْلُغُ مَعْرِفَةَ الْإِمَامِ أَوْ يُمْكِنُهُ اخْتِيَارُهُ؟ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ، ضَلَّتِ الْعُقُولُ، وَتَاهَتِ الْحُلُومُ، وَحَارَتِ الْأَلْبَابُ، وَخَسَأَتِ الْعُيُونُ، وتَصَاغَرَتِ الْعُظَمَاءُ، وَتَحَيَّرَتِ الْحُكَمَاءُ، وَتَقَاصَرَتِ الْحُلَمَاءُ، وَحَصِرَتِ الْخُطَبَاءُ، وَجَهِلَتِ الْأَلِبَّاءُ، وَكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ، وَعَجَزَتِ الْأُدَبَاءُ، وَعَيِيَتِ الْبُلَغَاءُ، عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ، أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ، فَأَقَرَّتْ بِالْعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ، وَكَيْفَ يُوصَفُ بِكُلِّهِ، أَوْ يُنْعَتُ بِكُنْهِهِ، أَوْ يُفْهَمُ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ، أَوْ يُوجَدُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيُغْنِي غِنَاهُ، لَا كَيْفَ وَأَنَّى وَهُوَ بِحَيْثُ النَّجْمُ مِنْ يَدِ المُتَنَاوِلِينَ وَوَصْفِ الْوَاصِفِينَ، فَأَيْنَ الْاِخْتِيَارُ مِنْ هَذَا؟ وَأَيْنَ الْعُقُولُ عَنْ هَذَا؟ وَأَيْنَ يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا؟
أَتَظُنُّونَ أَنَّ ذَلِكَ يُوجَدُ فِي غَيْرِ آلِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ كَذَبَتْهُمْ وَالله أَنْفُسُهُمْ وَمَنَّتْهُمُ الْأَبَاطِيلُ، فَارْتَقَوْا مُرْتَقًى صَعْباً دَحْضاً تَزِلُّ عَنْهُ إِلَى الْحَضِيضِ أَقْدَامُهُمْ، رَامُوا إِقَامَةَ الْإِمَامِ بِعُقُولٍ حَائِرَةٍ بَائِرَةٍ نَاقِصَةٍ، وَآرَاءٍ مُضِلَّةٍ، فَلَمْ يَزْدَادُوا مِنْهُ إِلَّا بُعْداً، لَقَدْ رَامُوا صَعْباً، وَقَالُوا إِفْكاً، وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً، وَوَقَعُوا فِي الْحَيْرَةِ إِذْ تَرَكُوا الْإِمَامَ عَنْ بَصِيرَةٍ، ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ [العنكبوت: 38].
رَغِبُوا عَنِ اخْتِيَارِ الله وَاخْتِيَارِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَأَهْلِ بَيْتِهِ إِلَى اخْتِيَارِهِمْ،
ص: 331
وَالْقُرْآنُ يُنَادِيهِمْ: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ الله وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [القَصص: 68]، وَيَقُولُ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ...﴾ الْآيَةَ [الأحزاب: 36]، وَقَالَ: ﴿مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ [القلم: 36 - 41]، وَقَالَ: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمّد: 24]، أَمْ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ(1)، أَمْ ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنفال: 21 - 23]، أَمْ ﴿قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾ [البقرة: 93]، بَلْ هُوَ ﴿فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21].
فَكَيْفَ لَهُمْ بِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ؟ وَالْإِمَامُ عَالِمٌ لَا يَجْهَلُ، وَرَاعٍ(2) لَا يَنْكُلُ، مَعْدِنُ الْقُدْسِ وَالطَّهَارَةِ وَالنُّسُكِ وَالزَّهَادَةِ وَالْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ، مَخْصُوصٌ بِدَعْوَةِ الرَّسُولِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَنَسْلِ المُطَهَّرَةِ الْبَتُولِ، لَا مَغْمَزَ فِيهِ فِي نَسَبٍ، وَلَا يُدَانِيهِ ذُو حَسَبٍ فِي الْبَيْتِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالذِّرْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ، وَالْعِتْرَةِ مِنَ الرَّسُولِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والرِّضَا مِنَ الله (عزَّ وجلَّ)، شَرَفُ الْأَشْرَافِ، وَالْفَرْعُ عَنْ عَبْدِ مَنَافٍ، نَامِي الْعِلْمِ، كَامِلُ الْحِلْمِ، مُضْطَلِعٌ بِالْإِمَامَةِ، عَالِمٌ بِالسِّيَاسَةِ، مَفْرُوضُ الطَّاعَةِ، قَائِمٌ بِأَمْرِ الله (عزَّ وجلَّ)، نَاصِحٌ لِعِبَادِ الله، حَافِظٌ لِدِينِ(3) الله.).
ص: 332
إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالْأَئِمَّةَ (صلوات الله عليهم) يُوَفِّقُهُمُ اللهُ وَيُؤْتِيهِمْ مِنْ مَخْزُونِ عِلْمِهِ وَحِكَمِهِ مَا لَا يُؤْتِيهِ غَيْرَهُمْ، فَيَكُونُ عِلْمُهُمْ فَوْقَ عِلْمِ أَهْلِ كُلِّ الزَّمَانِ(1) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس: 35]، وَقَوْلِهِ: ﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾ [البقرة: 269]، وَقَوْلِهِ فِي طَالُوتَ: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 247]، وَقَالَ لِنَبِيِّهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ﴿وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيماً﴾ [النساء: 113]، وَقَالَ فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ وَعِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ (صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ): ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً﴾ [النساء: 54 و55].
وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اخْتَارَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) لِأُمُورِ عِبَادِهِ شَرَحَ صَدْرَهُ لِذَلِكَ، وَأَوْدَعَ قَلْبَهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ، وَأَلْهَمَهُ الْعِلْمَ إِلْهَاماً، فَلَمْ يَعْيَ بَعْدَهُ بِجَوَابٍ، وَلَا يُحَيَّرُ مَعَهُ(2) عَنْ صَوَابٍ(3)، فَهُوَ مَعْصُومٌ مُؤَيَّدٌ، مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ، قَدْ أَمِنَ مِنَ الْخَطَايَا وَالزَّلَلِ وَالْعِثَارِ(4)، يَخُصُّهُ اللهُ بِذَلِكَ لِيَكُونَ حُجَّتَهُ عَلَى عِبَادِهِ، وَشَاهِدَهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَ﴿ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ [الحديد: 21].
فَهَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَيَخْتَارُونَهُ، أَوْ يَكُونُ مُخْتَارُهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ).
ص: 333
فَيُقَدِّمُونَهُ؟ تَعَدَّوْا - وَبَيْتِ الله - الْحَقَّ، وَنَبَذُوا كِتابَ الله وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، وَفِي كِتَابِ الله الْهُدَى وَالشِّفَاءُ، فَنَبَذُوهُ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، فَذَمَّهُمُ اللهُ تَعَالَى وَمَقَتَهُمْ وَأَتْعَسَهُمْ، فَقَالَ (جَلَّ وَعَزَّ): ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ الله إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [القَصص: 50]، وَقَالَ: ﴿فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ [محمّد: 8]، وَقَالَ: ﴿كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ [غافر: 35]»(1)،(2).).
ص: 334
ص: 335
ص: 336
[267/7] وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) فِي خُطْبَةٍ لَهُ يَذْكُرُ فِيهَا حَالَ الْأَئِمَّةِ (عليهم السلام) وَصِفَاتِهِمْ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْضَحَ بِأَئِمَّةِ
ص: 337
الْهُدَى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عَنْ دِينِهِ، وَأَبْلَجَ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ مِنْهَاجِهِ، وَفَتَحَ لَهُمْ عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِهِ، فَمَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَاجِبَ حَقِّ إِمَامِهِ وَجَدَ طَعْمَ حَلَاوَةِ إِيمَانِهِ، وَعَلِمَ فَضْلَ طَلَاوَةِ إِسْلَامِهِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى نَصَبَ الْإِمَامَ عَلَماً لِخَلْقِهِ، وَجَعَلَهُ حُجَّةً عَلَى أَهْلِ طَاعَتِهِ، أَلْبَسَهُ اللهُ تَاجَ الْوَقَارِ، وَغَشَّاهُ مِنْ نُورِ الْجَبَّارِ، يَمُدُّ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ، لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ مَوَادُّهُ، وَلَا يُنَالُ مَا عِنْدَ الله إِلَّا بِجِهَةِ أَسْبَابِهِ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ الْأَعْمَالَ لِلْعِبَادِ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ، فَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ مُشْكِلَاتِ الدُّجَى، وَمُعَمَّيَاتِ السُّنَنِ، وَمُشْتَبِهَاتِ الْفِتَنِ(1)، فَلَمْ يَزَلِ اللهُ تَعَالَى يَخْتَارُهُمْ لِخَلْقِهِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام)، مِنْ عَقِبِ كُلِّ إِمَامٍ، فَيَصْطَفِيهِمْ كَذَلِكَ وَيَجْتَبِيهِمْ، وَيَرْضَى بِهِمْ لِخَلْقِهِ، وَيَرْتَضِيهِمْ لِنَفْسِهِ، كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ إِمَامٌ نَصَبَ (عزَّ وجلَّ) لِخَلْقِهِ إِمَاماً عَلَماً بَيِّناً، وَهَادِياً مُنِيراً، وَإِمَاماً قَيِّماً، وَحُجَّةً عَالِماً، أَئِمَّةً مِنَ الله يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ، حُجَجُ الله [وَدُعَاتُهُ](2) وَرُعَاتُهُ عَلَى خَلْقِهِ، يَدِينُ بِهُدَاهُمُ الْعِبَادُ، وتَسْتَهِلُّ بِنُورِهِمُ الْبِلَادُ، وَيَنْمُو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلَادُ، جَعَلَهُمُ اللهُ حَيَاةً لِلْأَنَامِ، وَمَصَابِيحَ لِلظَّلَامِ، وَمَفَاتِيحَ لِلْكَلَامِ، وَدَعَائِمَ لِلْإِسْلَامِ، جَرَتْ بِذَلِكَ فِيهِمْ مَقَادِيرُ الله عَلَى مَحْتُومِهَا.
فَالْإِمَامُ هُوَ المُنْتَجَبُ المُرْتَضَى، وَالْهَادِي المُجْتَبَى، وَالْقَائِمُ المُرْتَجَى، اصْطَفَاهُ اللهُ بِذَلِكَ، وَاصْطَنَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ فِي الذَّرِّ حِينَ ذَرَأَهُ، وَفِي الْبَرِيَّةِ حِينَ بَرَأَهُ، ظِلًّا قَبْلَ خَلْقِهِ، نَسَمَةً عَنْ يَمِينِ عَرْشِهِ، مَحْبُوًّا بِالْحِكْمَةِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ، اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ، وَانْتَجَبَهُ لِطُهْرِهِ، بَقِيَّةً مِنْ آدَمَ، وَخِيَرَةً مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ، وَمُصْطَفًى مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَسُلَالَةً مِنْ إِسْمَاعِيلَ، وَصَفْوَةً مِنْ عِتْرَةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لَمْ يَزَلْ مَرْعِيًّا بِعَيْنِ الله،خ.
ص: 338
يَحْفَظُهُ بِمَلَائِكَتِهِ، مَدْفُوعاً عَنْهُ وُقُوبُ الْغَوَاسِقِ، وَنُفُوثُ كُلِّ فَاسِقٍ، مَصْرُوفاً عَنْهُ قَوَارِفُ السُّوءِ، مُبَرَّأً مِنَ الْعَاهَاتِ، مَحْجُوباً عَنِ الْآفَاتِ، مَعْصُوماً مِنَ الزَّلَّاتِ، مَصُوناً مِنَ الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا، مَعْرُوفاً بِالْحِلْمِ وَالْبِرِّ فِي يَفَاعِهِ، مَنْسُوباً إِلَى الْعَفَافِ وَالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ عِنْدَ انْتِهَائِهِ، مُسْنَداً إِلَيْهِ أَمْرُ وَالِدِهِ، صَامِتاً عَنِ المَنْطِقِ فِي حَيَاتِهِ، فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ وَالِدِهِ وَانْتَهَتْ بِهِ مَقَادِيرُ الله إِلَى مَشِيَّتِهِ وَجَاءَتِ الْإِرَادَةُ مِنْ عِنْدِ الله فِيهِ إِلَى مَحَبَّتِهِ(1) وَبَلَغَ مُنْتَهَى مُدَّةِ وَالِدِهِ (عليه السلام) فَمَضَى، صَارَ أَمْرُ الله إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَقَلَّدَهُ اللهُ دِينَهُ، وَجَعَلَهُ الْحُجَّةَ عَلَى عِبَادِهِ، وَقَيِّمَهُ فِي بِلَادِهِ، وَأَيَّدَهُ بِرُوحِهِ، وَأَعْطَاهُ عِلْمَهُ، وَاسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ، وَانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أَمْرِهِ، وَأَنْبَأَهُ فَصْلَ(2) بَيَانِ عِلْمِهِ، وَنَصَبَهُ عَلَماً لِخَلْقِهِ، وَجَعَلَهُ حُجَّةً عَلَى أَهْلِ عَالَمِهِ، وَضِيَاءً لِأَهْلِ دِينِهِ، وَالْقَيِّمَ عَلَى عِبَادِهِ، رَضِيَ اللهُ بِهِ إِمَاماً لَهُمْ، اسْتَحْفَظَهُ عِلْمَهُ، وَاسْتَخْبَأَهُ حِكْمَتَهُ، [وَاسْتَرْعَاهُ لِدِينِهِ](3)، وَأَحْيَا بِهِ مَنَاهِجَ سَبِيلِهِ، وَفَرَائِضَهُ وَحُدُودَهُ، فَقَامَ بِالْعَدْلِ عِنْدَ تَحَيُّرِ أَهْلِ الْجَهْلِ، وَتَحْيِيرِ أَهْلِ الْجَدَلِ، بِالنُّورِ السَّاطِعِ، وَالشِّفَاءِ الْبَالِغِ(4)، بِالْحَقِّ الْأَبْلَجِ، وَالْبَيَانِ اللَّائِحِ مِنْ كُلِّ مَخْرَجٍ، عَلَى طَرِيقِ المَنْهَجِ، الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ الصَّادِقُونَ مِنْ آبَائِهِ (عليهم السلام)، فَلَيْسَ يَجْهَلُ حَقَّ هَذَا الْعَالِمِ إِلَّا شَقِيٌّ، وَلَا يَجْحَدُهُ إِلَّا غَوِيٌّ، وَلَا يَدَعُهُ إِلَّا جَرِيٌّ عَلَى الله»(5)،(6).).
ص: 339
ص: 340
[كونه (عليه السلام)] (1) ابن سبيَّة، ابن خيرة الإماء:
[268/8] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ قَيْسِ بْنِ رُمَّانَةَ الْأَشْعَرِيُّ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ
ص: 341
مَحْبُوبٍ الزَّرَّادُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ يَزِيدَ الْكُنَاسِيِّ(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عليهما السلام) يَقُولُ: «إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ يُوسُفَ(2)، ابْنُ أَمَةٍ سَوْدَاءَ، يُصْلِحُ اللهُ (عزَّ وجلَّ) لَهُ أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ»(3).
يريد بالشَّبَه من يوسف (عليه السلام) غيبته(4).
[269/9] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَكَمُ أَخُو مُشْمَعِلٍّ الْأَسَدِيُّ(5)، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ الْقَصِيرُ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): قَوْلُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «بِأَبِي ابْنُ خِيَرَةِ(6) الْإِمَاءِ»، أَهِيَ فَاطِمَةُ (عليها السلام)؟
فَقَالَ: «إِنَّ فَاطِمَةَ (عليها السلام) خِيَرَةُ الْحَرَائِرِ، ذَاكَ المُبْدَحُ بَطْنُهُ، المُشْرَبُ حُمْرَةً، رَحِمَ اللهُ فُلَاناً».
[270/10] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَقَالَ لِي: «مَا وَرَاءَكَ؟».).
ص: 342
فَقُلْتُ: سُرُورٌ مِنْ عَمِّكَ زَيْدٍ، خَرَجَ يَزْعُمُ أَنَّهُ ابْنُ سَبِيَّةٍ(1)، وَهُوَ(2) قَائِمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَنَّهُ ابْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ.
فَقَالَ: «كَذَبَ(3) لَيْسَ هُوَ كَمَا قَالَ، إِنْ خَرَجَ قُتِلَ»(4).
[271/11] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ جُمْهُورٍ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «بِأَبِي ابْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ - يَعْنِي الْقَائِمَ مِنْ وُلْدِهِ (عليه السلام) -، يَسُومُهُمْ خَسْفاً، وَيَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ(5)، وَلَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا السَّيْفَ هَرْجاً(6)، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَتَمَنَّى فَجَرَةُ قُرَيْشٍ لَوْ أَنَّ لَهَا مُفَادَاةً مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لِيُغْفَرَ لَهَا، لَا نَكُفُّ عَنْهُمْ حَتَّى يَرْضَى اللهُ»(7).
[272/12] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِت.
ص: 343
التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مِنَ الْكُوفَةِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ المَدِينَةَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي: «هَلْ صَاحَبَكَ أَحَدٌ؟».
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: «أَكُنْتُمْ تَتَكَلَّمُونَ؟».
قُلْتُ: نَعَمْ، صَحِبَنِي رَجُلٌ مِنَ المُغِيرِيَّةِ(1).
قَالَ: «فَمَا كَانَ يَقُولُ؟».
قُلْتُ: كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ الْحَسَنِ هُوَ الْقَائِمُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اسْمَهُ اسْمُ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَاسْمَ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقُلْتُ لَهُ فِي الْجَوَابِ: إِنْ كُنْتَ تَأْخُذُ بِالْأَسْمَاءِ فَهُوَ ذَا فِي وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ عَلِيٍّ، فَقَالَ لِي: إِنَّ هَذَا ابْنُ أَمَةٍ - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ عَلِيٍّ -، وَهَذَا ابْنُ مَهِيرَةٍ(2) - يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ -.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «فَمَا رَدَدْتَ عَلَيْهِ؟».
فَقُلْتُ: مَا كَانَ عِنْدِي شَيْءٌ أَرُدُّ عَلَيْهِ.
فَقَالَ: «أَوَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهُ ابْنُ سَبِيَّةٍ(3) - يَعْنِي الْقَائِمَ (عليه السلام) -؟».ن.
ص: 344
[273/13] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ اِبْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ عَطَاءٍ المَكِّيُّ، عَنْ شَيْخٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ - يَعْنِي أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) -، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْ سِيرَةِ المَهْدِيِّ، كَيْفَ سِيرَتُهُ؟
فَقَالَ: «يَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ كَمَا هَدَمَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَيَسْتَأْنِفُ الْإِسْلَامَ جَدِيداً».
[274/14] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: صَالِحٌ مِنَ الصَّالِحِينَ سَمِّهِ لِي - أُرِيدُ الْقَائِمَ (عليه السلام) -.
فَقَالَ: «اسْمُهُ اسْمِي».
ص: 345
قُلْتُ: أَيَسِيرُ بِسِيرَةِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
قَالَ: «هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ يَا زُرَارَةُ، مَا يَسِيرُ بِسِيرَتِهِ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لِ-مَ؟
قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سَارَ فِي أُمَّتِهِ بِالمَنِّ(1)، كَانَ يَتَأَلَّفُ النَّاسَ، وَالْقَائِمُ يَسِيرُ بِالْقَتْلِ، بِذَاكَ أُمِرَ فِي الْكِتَابِ الَّذِي مَعَهُ أَنْ يَسِيرَ بِالْقَتْلِ وَلَا يَسْتَتِيبَ أَحَداً(2)، وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُ(3)».
[275/15] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ عَلِيًّا (عليه السلام) قَالَ: كَانَ لِي أَنْ أَقْتُلَ المُوَلِّيَ(4) وأُجْهِزَ عَلَى الْجَرِيحِ(5)، وَلَكِنِّي تَرَكْتُ ذَلِكَ لِلْعَاقِبَةِ مِنْ أَصْحَابِي، إِنْ جُرِحُوا لَمْ يُقْتَلُوا، وَالْقَائِمُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ المُوَلِّيَ وَيُجْهِزَ عَلَى الْجَرِيحِ».
[276/16] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ اِبْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ هَارُونَ(6)).
ص: 346
بَيَّاعِ الْأَنْمَاطِ(1)، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) جَالِساً، فَسَأَلَهُ المُعَلَّى بْنُ خُنَيْسٍ: أَيَسِيرُ الْقَائِمُ إِذَا قَامَ بِخِلَافِ سِيرَةِ عَلِيٍّ (عليه السلام)؟
فَقَالَ: «نَعَمْ، وَذَاكَ أَنَّ عَلِيًّا سَارَ بِالمَنِّ وَالْكَفِّ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ شِيعَتَهُ سَيُظْهَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَنَّ الْقَائِمَ إِذَا قَامَ سَارَ فِيهِمْ بِالسَّيْفِ وَالسَّبْيِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ شِيعَتَهُ لَمْ يُظْهَرْ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً»(2)،(3).
[277/17] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام)، فَقُلْتُ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (عليه السلام) بِأَيِّ سِيرَةٍ يَسِيرُ فِي النَّاسِ؟
فَقَالَ: «يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَيَسْتَأْنِفُ الْإِسْلَامَ جَدِيداً».
[278/18] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي».
ص: 347
نَصْرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا يَصْنَعُ الْقَائِمُ إِذَا خَرَجَ لَأَحَبَّ أَكْثَرُهُمْ أَلَّا يَرَوْهُ، مِمَّا يَقْتُلُ مِنَ النَّاسِ، أَمَا إِنَّهُ لَا يَبْدَأُ إِلَّا بِقُرَيْشٍ، فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا إِلَّا السَّيْفَ، وَلَا يُعْطِيهَا إِلَّا السَّيْفَ، حَتَّى يَقُولَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: لَيْسَ هَذَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَلَوْ كَانَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ لَرَحِمَ».
[279/19] وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «يَقُومُ الْقَائِمُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ(1)، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، لَيْسَ شَأْنُهُ إِلَّا السَّيْفَ، وَلَا يَسْتَتِيبُ أَحَداً، وَلَا يَأْخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لَائِمٍ».
[280/20] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِخُرُوجِ الْقَائِمِ، فَوَالله مَا لِبَاسُهُ إِلَّا الْغَلِيظُ، وَلَا طَعَامُهُ إِلَّا الْجَشِبُ(2)، وَمَا هُوَ إِلَّا السَّيْفُ، وَالمَوْتُ تَحْتَ ظِلِّ السَّيْفِ(3)»(4).
[281/21] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ).
ص: 348
اِبْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرَبِ وَقُرَيْشٍ إِلَّا السَّيْفُ، مَا يَأْخُذُ مِنْهَا إِلَّا السَّيْفَ، وَمَا يَسْتَعْجِلُونَ بِخُرُوجِ الْقَائِمِ؟ وَالله مَا لِبَاسُهُ إِلَّا الْغَلِيظُ، وَمَا طَعَامُهُ إِلَّا الشَّعِيرُ الْجَشِبُ، وَمَا هُوَ إِلَّا السَّيْفُ، وَالمَوْتُ تَحْتَ ظِلِّ السَّيْفِ».
[282/22] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيا بن شَيْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحَنَّاطِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام) يَقُولُ: «لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام) لَنَصَرَهُ اللهُ بِالمَلَائِكَةِ المُسَوِّمِينَ وَالمُرْدِفِينَ وَالمُنْزَلِينَ وَالْكَرُوبِيِّينَ، يَكُونُ جَبْرَئِيلُ أَمَامَهُ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِسْرَافِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، وَالرُّعْبُ يَسِيرُ مَسِيرَةَ شَهْرٍ أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، وَالمَلَائِكَةُ المُقَرَّبُونَ حِذَاهُ، أَوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَعَلِيٌّ (عليه السلام) الثَّانِي(1)،ا.
ص: 349
وَمَعَهُ سَيْفٌ مُخْتَرَطٌ(1)، يَفْتَحُ اللهُ لَهُ الرُّومَ وَالدَّيْلَمَ(2) وَالسِّنْدَ وَالْهِنْدَ وَكَابُلَ شَاهٍ(3) وَالْخَزَرَ.
يَا أَبَا حَمْزَةَ، لَا يَقُومُ الْقَائِمُ (عليه السلام) إِلَّا عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ، وَزَلَازِلَ وَفِتْنَةٍ وَبَلَاءٍ يُصِيبُ النَّاسَ، وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَيْفٍ قَاطِعٍ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَاخْتِلَافٍ شَدِيدٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَتَشَتُّتٍ فِي دِينِهِمْ، وَتَغَيُّرٍ مِنْ حَالِهِمْ، حَتَّى يَتَمَنَّى المُتَمَنِّي المَوْتَ صَبَاحاً وَمَسَاءً مِنْ عِظَمِ مَا يَرَى مِنْ كَلَبِ النَّاسِ وَأَكْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، وَخُرُوجُهُ إِذَا خَرَجَ عِنْدَ الْإِيَاسِ وَالْقُنُوطِ، فَيَا طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَهُ وَكَانَ مِنْ أَنْصَارِهِ، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ خَالَفَهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَكَانَ مِنْ أَعْدَائِهِ».
ثُمَّ قَالَ: «يَقُومُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَسُنَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، لَيْسَ شَأْنُهُ إِلَّا الْقَتْلَ، وَلَا يَسْتَتِيبُ أَحَداً(4)، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لَائِمٍ».
[283/23] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي المُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ شَرِيكٍ الْعَامِرِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ لِيَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليهما السلام): «يَا بِشْرُ، مَا بَقَاءُ قُرَيْشٍ إِذَا قَدَّمَ).
ص: 350
الْقَائِمُ المَهْدِيُّ مِنْهُمْ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ صَبْراً(1)، ثُمَّ قَدَّمَ خَمْسَمِائَةٍ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ صَبْراً، ثُمَّ خَمْسَمِائَةٍ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ صَبْراً».
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، أَيُبْلَغُونَ ذَلِكَ؟
فَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (عليهما السلام): «إِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ».
قَالَ: فَقَالَ لِي بَشِيرُ بْنُ غَالِبٍ أَخُو بِشْرِ بْنِ غَالِبٍ: أَشْهَدُ أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام) عَدَّ عَلَى أَخِي سِتَّ عَدَّاتٍ - أَوْ قَالَ: سِتَّ عَدَدَاتٍ(2)، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ -.
[284/24] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ زُرَارَةَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ المُغِيرَةِ وَذَرِيحٍ المُحَارِبِيِّ، قَالَا: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «مَا بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْعَرَبِ إِلَّا الذَّبْحُ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ -».
[285/25] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحَلَبِيِّ(3)، عَنْ سَدِيرٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ كَانَ قَدْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ نَذْراً فِي جَارِيَةٍ وَجَاءَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ، قَالَ: فَلَقِيتُ الْحَجَبَةَ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِخَبَرِهَا، وَجَعَلْتُ لَا أَذْكُرُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَمْرَهَا إِلَّا قَالَ لِي: جِئْنِي بِهَا وَقَدْ وَفَى اللهُ نَذْرَكَ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ وَحْشَةٌ شَدِيدَةٌ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ لِي: تَأْخُذُ عَنِّي؟ف.
ص: 351
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: اُنْظُرِ الرَّجُلَ الَّذِي يَجْلِسُ بِحِذَاءِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ، وَهُوَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليهم السلام)، فَأْتِهِ فَأَخْبِرْهُ بِهَذَا الْأَمْرِ فَانْظُرْ مَا يَقُولُ لَكَ فَاعْمَلْ بِهِ.
قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللهُ، إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ وَمَعِي جَارِيَةٌ جَعَلْتُهَا عَلَيَّ نَذْراً لِبَيْتِ الله فِي يَمِينٍ كَانَتْ عَلَيَّ، وَقَدْ أَتَيْتُ بِهَا، وَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلْحَجَبَةِ، وَأَقْبَلْتُ لَا أَلْقَى مِنْهُمْ أَحَداً إِلَّا قَالَ: جِئْنِي بِهَا وَقَدْ وَفَى اللهُ نَذْرَكَ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ وَحْشَةٌ شَدِيدَةٌ.
فَقَالَ: «يَا عَبْدَ الله، إِنَّ الْبَيْتَ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ، فَبِعْ جَارِيَتَكَ وَاسْتَقْصِ وَانْظُرْ أَهْلَ بِلَادِكَ مِمَّنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَمَنْ عَجَزَ مِنْهُمْ عَنْ نَفَقَتِهِ فَأَعْطِهِ حَتَّى يَقْوَى عَلَى الْعَوْدِ إِلَى بِلَادِهِمْ».
فَفَعَلْتُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ لَا أَلْقَى أَحَداً مِنَ الْحَجَبَةِ إِلَّا قَالَ: مَا فَعَلْتَ بِالْجَارِيَةِ؟ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِالَّذِي قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام)، فَيَقُولُونَ: هُوَ كَذَّابٌ جَاهِلٌ، لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ، فَذَكَرْتُ مَقَالَتَهُمْ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام).
فَقَالَ: «قَدْ بَلَّغْتَنِي، تُبَلِّغُ عَنِّي؟».
فَقُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَ: «قُلْ لَهُمْ: قَالَ لَكُمْ أَبُو جَعْفَرٍ: كَيْفَ بِكُمْ لَوْ قَدْ قُطِعَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلُكُمْ وَعُلِّقَتْ فِي الْكَعْبَةِ؟ ثُمَّ يُقَالُ لَكُمْ: نَادُوا: نَحْنُ سُرَّاقُ الْكَعْبَةِ»، فَلَمَّا ذَهَبْتُ لِأَقُومَ قَالَ: «إِنَّنِي لَسْتُ أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ رَجُلٌ مِنِّي».
[286/26] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ
ص: 352
اِبْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، فَقَالَ لَهُ: عَافَاكَ اللهُ، اقْبِضْ مِنِّي هَذِهِ الْخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهَا زَكَاةُ مَالِي.
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «خُذْهَا أَنْتَ فَضَعْهَا فِي جِيرَانِكَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَالمَسَاكِينِ مِنْ إِخْوَانِكَ المُؤْمِنِينَ(1)»، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا قَامَ قَائِمُ أَهْلِ الْبَيْتِ قَسَمَ بِالسَّوِيَّةِ، وَعَدَلَ فِي الرَّعِيَّةِ، فَمَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ المَهْدِيُّ مَهْدِيًّا لِأَنَّهُ يُهْدَى إِلَى أَمْرٍ خَفِيٍّ، وَيَسْتَخْرِجُ التَّوْرَاةَ وَسَائِرَ كُتُبِ الله (عزَّ وجلَّ) مِنْ غَارٍ بِأَنْطَاكِيَةَ(2)، وَيَحْكُمُ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْرَاةِ بِالتَّوْرَاةِ(3)، وَبَيْنَ أَهْلِ الْإِنْجِيلِ بِالْإِنْجِيلِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الزَّبُورِ بِالزَّبُورِ، وَبَيْنِ أَهْلِ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ، وَتُجْمَعُ إِلَيْهِ أَمْوَالُ الدُّنْيَا مِنْ بَطْنِ الْأَرْضِ وَظَهْرِهَا، فَيَقُولُ لِلنَّاسِ: تَعَالَوْا إِلَى مَا قَطَعْتُمْ فِيهِ الْأَرْحَامَ، وَسَفَكْتُمْ فِيهِ الدِّمَاءَ الْحَرَامَ، وَرَكِبْتُمْ فِيهِ مَا حَرَّمَ اللهُ (عزَّ وجلَّ)، فَيُعْطِي شَيْئاً لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ، وَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً وَنُوراً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَشَرًّا»(4).).
ص: 353
[287/27] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «عَصَا مُوسَى قَضِيبُ آسٍ مِنْ غَرْسِ الْجَنَّةِ، أَتَاهُ بِهَا جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) لَ-مَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ، وَهِيَ وَتَابُوتُ آدَمَ فِي بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، وَلَنْ يَبْلَيَا وَلَنْ يَتَغَيَّرَا حَتَّى يُخْرِجَهُمَا الْقَائِمُ (عليه السلام) إِذَا قَامَ».
[288/28] أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجَارُودِ زِيَادُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ (عليهما السلام): «إِذَا ظَهَرَ الْقَائِمُ (عليه السلام) ظَهَرَ بِرَايَةِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَخَاتَمِ سُلَيْمَانَ، وَحَجَرِ مُوسَى وَعَصَاهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ مُنَادِيَهُ فَيُنَادِي: أَلَا لَا يَحْمِلَنَّ رَجُلٌ مِنْكُمْ طَعَاماً وَلَا شَرَاباً وَلَا عَلَفاً، فَيَقُولُ أَصْحَابُهُ: إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَنَا وَيَقْتُلَ دَوَابَّنَا مِنَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَيَسِيرُ وَيَسِيرُونَ مَعَهُ، فَأَوَّلُ مَنْزِلٍ يَنْزِلُهُ يَضْرِبُ الْحَجَرَ فَيَنْبُعُ مِنْهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ وَعَلَفٌ، فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَدَوَابَّهُمْ حَتَّى يَنْزِلُوا النَّجَفَ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ».
[289/29] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُمْهُورِ الْعَمِّيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُمْهُورِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ مِنْ مَكَّةَ يُنَادِي مُنَادِيهِ: أَلَا لَا يَحْمِلَنَّ أَحَدٌ طَعَاماً وَلَا شَرَاباً، وَيَحْمِلُ مَعَهُ حَجَرَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَهُوَ وِقْرُ بَعِيرٍ، فَلَا يَنْزِلُ مَنْزِلاً إِلَّا نَبَعَتْ مِنْهُ عُيُونٌ، فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ،
ص: 354
وَمَنْ كَانَ ظَمْآنَ رَوِيَ، وَرَوِيَتْ دَوَابُّهُمْ، حَتَّى يَنْزِلُوا النَّجَفَ مِنْ ظَهْرِ الْكُوفَةِ»(1)،(2).
[290/30] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كَأَنَّنِي بِدِينِكُمْ هَذَا لَا يَزَالُ مُتَخَضْخِضاً(3)، يَفْحَصُ بِدَمِهِ(4)، ثُمَّ لَا يَرُدُّهُ عَلَيْكُمْ إِلَّا رَجُلٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، فَيُعْطِيكُمْ فِي السَّنَةِ عَطَاءَيْنِ، وَيَرْزُقُكُمْ فِي الشَّهْرِ رِزْقَيْنِ، وَتُؤْتَوْنَ الْحِكْمَةَ فِي زَمَانِهِ، حَتَّى إِنَّ المَرْأَةَ لَتَقْضِي فِي بَيْتِهَا بِكِتَابِ الله تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(5).ة.
ص: 355
[291/31] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَطَائِنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ المُفَضَّلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ بَيْتاً يُقَالُ لَهُ: بَيْتُ الْحَمْدِ، فِيهِ سِرَاجٌ يَزْهَرُ مُنْذُ يَوْمَ وُلِدَ إِلَى يَوْمٍ يَقُومُ بِالسَّيْفِ، لَا يُطْفَأُ»(1).
[292/32] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ(2)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «بَيْنَا الرَّجُلُ عَلَى رَأْسِ الْقَائِمِ يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ(3) إِذْ قَالَ: أَدِيرُوهُ، فَيُدِيرُونَهُ إِلَى قُدَّامِهِ، فَيَأْمُرُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَلَا يَبْقَى فِي الْخَافِقَيْنِ شَيْءٌ إِلَّا خَافَهُ».
[293/33] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ هِشَامِ اِبْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «بَيْنَا الرَّجُلُ عَلَى رَأْسِ الْقَائِمِ يَأْمُرُ وَيَنْهَى إِذْ أَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَلَا يَبْقَى بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ شَيْءٌ إِلَّا خَافَهُ».
[294/34] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ(4) وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ،
ص: 356
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ بُزُرْجَ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَشَلِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «نَظَرَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فِي السِّفْرِ الْأَوَّلِ إِلَى مَا يُعْطَى قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ مِنَ التَّمْكِينِ وَالْفَضْلِ، فَقَالَ مُوسَى: رَبِّ اجْعَلْنِي قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ ذَاكَ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَحْمَدَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي السِّفْرِ الثَّانِي فَوَجَدَ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ مِثْلَهُ، فَقِيلَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي السِّفْرِ الثَّالِثِ فَرَأَى مِثْلَهُ، فَقَالَ مِثْلَهُ، فَقِيلَ لَهُ مِثْلُهُ(1)».
[295/35] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي مَعْنَى قَوْلِهِ (عزَّ وجلَّ): ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ [النور: 55]، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِ وَأَصْحَابِهِ»(2).
[296/36] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ،
ص: 357
قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ(1)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى(2): ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ [هود: 8]، قَالَ: «الْعَذَابُ خُرُوجُ الْقَائِمِ (عليه السلام)، وَالْأُمَّةُ المَعْدُودَةُ عِدَّةُ أَهْلِ بَدْرٍ وَأَصْحَابُهُ(3)».
[397/37] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: 148]، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِ (عليه السلام) وَأَصْحَابِهِ، يَجْتَمِعُونَ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ».
[398/38] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ المَسْعُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَجْرَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ(4)، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحجّ: 39]، قَالَ: «هِيَ فِي الْقَائِمِ (عليه السلام) وَأَصْحَابِهِ»(5).ي.
ص: 358
[299/39] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾ [الرحمن: 41]، قَالَ: «اللهُ يَعْرِفُهُمْ، وَلَكِنْ نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِ يَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فَيَخْبِطُهُمْ بِالسَّيْفِ هُوَ وَأَصْحَابُهُ خَبْطاً(1)».
[300/40] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ المُكَارِي، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ المُغِيرَةِ النَّصْرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): بِأَيِّ شَيْءٍ يُعْرَفُ الْإِمَامُ؟
قَالَ: «بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ».
قُلْتُ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ؟
قَالَ: «وَتَعْرِفُهُ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ(2)، وَبِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ، وَيَكُونُ عِنْدَهُ سِلَاحُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».
قُلْتُ: أَيَكُونُ إِلَّا وَصِيا بن وَصِيٍّ؟
قَالَ: «لَا يَكُونُ إِلَّا وَصِيًّا وَابْنَ وَصِيٍّ»(3).
[301/41] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ
ص: 359
جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): إِذَا مَضَى الْإِمَامُ الْقَائِمُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يُعْرَفُ مَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُ؟
قَالَ: «بِالْهُدَى، وَالْإِطْرَاقِ، وَإِقْرَارِ آلِ مُحَمَّدٍ لَهُ بِالْفَضْلِ، وَلَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ بَيْنَ صَدَفَيْهَا إِلَّا أَجَابَ(1)»(2)،(3).
في صفة قميصه (عليه السلام) (4):
[302/42] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيُّ، عَنْ عَمِّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا أُرِيكَ قَمِيصَ الْقَائِمِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ؟».
فَقُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: فَدَعَا بِقِمَطْرٍ(5) فَفَتَحَهُ وَأَخْرَجَ مِنْهُ قَمِيصَ كَرَابِيسَ فَنَشَرَهُ، فَإِذَا فِي
ص: 360
كُمِّهِ الْأَيْسَرِ دَمٌ، فَقَالَ: «هَذَا قَمِيصُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الَّذِي عَلَيْهِ يَوْمَ ضُرِبَتْ رَبَاعِيَتُهُ(1)، وَفِيهِ يَقُومُ الْقَائِمُ».
فَقَبَّلْتُ الدَّمَ وَوَضَعْتُهُ عَلَى وَجْهِي، ثُمَّ طَوَاهُ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) وَرَفَعَهُ.
في صفة جنوده وخيله (عليه السلام) (2):
[303/43] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿أَتَى أَمْرُ الله فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: 1]، فَقَالَ: «هُوَ أَمْرُنَا، أَمَرَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) أَلَّا تَسْتَعْجِلَ بِهِ حَتَّى يُؤَيِّدَهُ اللهُ بِثَلَاثَةِ أَجْنَادٍ: المَلَائِكَةِ، وَالمُؤْمِنِينَ، وَالرُّعْبِ، وخُرُوجُهُ كَخُرُوجِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَذَلِكَ قَوْلُهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ﴾ [الأنفال: 5]»(3).
[304/44] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (صلوات الله عليه) نَزَلَتْ مَلَائِكَةُ بَدْرٍ، وَهُمْ خَمْسَةُ آلَافٍ(4)، ثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ شُهْبٍ(5)، وَثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ
ص: 361
بُلْقٍ(1)، وَثُلُثٌ عَلَى خُيُولٍ حُوٍّ».
قُلْتُ: وَمَا الْحُوُّ؟
قَالَ: «هِيَ الْحُمْرُ»(2).
[305/45] وَبِهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَمَّادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: إِذَا قَامَ الْقَائِمُ نَزَلَتْ سُيُوفُ الْقِتَالِ، عَلَى كُلِّ سَيْفٍ اسْمُ الرَّجُلِ وَاسْمُ أَبِيهِ».
فتأمَّلوا يا من وهب الله له بصيرةً وعقلاً، ومنحه تمييزاً ولُبًّا، هذا الذي قد جاء من الروايات في صفة القائم لله بالحقِّ، وسيرته، وما خصَّه الله (عزَّ وجلَّ) به من الفضل، وما يُؤيِّده الله به من الملائكة، وما يلزمه نفسه (عليه السلام) من خشونة الملبس، وجشوبة المطعم، وإتعاب النفس والبدن في طاعة الله تبارك وتعالى، والجهاد في سبيله، ومحو(3) الظلم والجور والطغيان، وبسط الإنصاف والعدل والإحسان، وصفة من معه من أصحابه الذين جاءت الروايات بعدَّتهم، وأنَّهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وأنَّهم حُكَّام الأرض وعُمَّاله عليها، وبهم يفتح شرق الأرض وغربها مع من يُؤيِّده الله به من الملائكة، فانظروا إلى هذه المنزلة العظيمة، والمرتبة الشريفة التي خصَّه الله (عزَّ وجلَّ) بها ممَّا لم يُعطِه أحداً من الأئمَّة (عليهم السلام) قبله، فجعل تمام دينه وكماله وظهوره على الأديان كلِّها، وإبادة المشركين، وإنجاز الوعد الذي وعد الله تعالى رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وإظهاره على الدِّين كلِّه ولو كره المشركون على يده،).
ص: 362
وحتَّى إنَّ أبا عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام) يقول فيه وفي نفسه ما قال، وهو ما رواه:
[306/46] عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ(1)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ الصَّفَّارِ(2)، قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): هَلْ وُلِدَ الْقَائِمُ (عليه السلام)؟
فَقَالَ: «لَا، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَخَدَمْتُهُ(3) أَيَّامَ حَيَاتِي».
فتأمَّلوا بعد هذا ما يدَّعيه المبطلون، وتفتخر به الطائفة البائنة(4) المبتدعة من أنَّ الذي هذا وصفه وهذه حاله ومنزلته من الله (عزَّ وجلَّ) هو صاحبهم(5) ومنم.
ص: 363
الذي يدَّعون له فإنَّه بحيث هو في أربعمائة ألف عنان(1)، وأنَّ في داره أربعة آلاف خادم رومي وصقالبي(2)، وانظروا هل سمعتم أو رأيتم أو بلغكم عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعن الأئمَّة الطاهرين (عليهم السلام) أنَّ القائم بالحقِّ هذه صفته التي يوصفونه بها(3)؟ وأنَّه يظهر ويقوم بعد ظهوره بحيث هو في هذه السنين الطويلة(4) وهو في هذه العدَّة العظيمة يناقفه(5) أبو يزيد الأُموي(6)، فمرَّة يظهر عليه ويهزمه، ومرَّة يظهر هو على أبي يزيد، ويقيم بعد ظهوره وقوَّته وانتشار أمره بالمغرب، والدنيا على ما هي عليه(7).
فإنَّكم تعلمون بعقولكم إذا سلمت من الدخل، وتمييزكم إذا صفا من الهوى، أنَّ الله قد أبعد من هذه حاله عن أنْ يكون القائم لله بحقِّه، والناصر لدينه، والخليفة في أرضه، والمجدِّد لشريعة نبيِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، نعوذ بالله من العمىن.
ص: 364
والبكم والحيرة والصمم، فإنَّ هذه لصفة مباينة لصفة خليفة الرحمن، الظاهر على جميع الأديان، والمنصور على الإنس والجانِّ، المخصوص بالعلم والبيان، وحفظ علوم القرآن والفرقان، ومعرفة التنزيل والتأويل، والمحكم والمتشابه، والخاصِّ والعامِّ، والظاهر والباطن، وسائر معاني القرآن الكريم وتفاسيره وتصاريفه، ودقائق علومه، وغوامض أسراره، وعظام أسماء الله التي فيه، ومن يقول جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) ما قال فيه: «إنِّي لو أدركته لخدمته أيَّام حياتي».
والحمد لله ربِّ العالمين، المستحقِّ لغاية الحمد ونهاية الشكر على جميل الولاية، ونور الهداية، وأسأله المزيد من مِنَنه، بطَوْله(1) وكرمه.
* * *).
ص: 365
ص: 366
ص: 367
ص: 368
[307/1] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام): «بَيْنَا رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذَاتَ يَوْمٍ فِي الْبَقِيعِ حَتَّى أَقْبَلَ عَلِيٌّ (عليه السلام) فَسَأَلَ عَنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقِيلَ: إِنَّهُ بِالْبَقِيعِ، فَأَتَاهُ عَلِيٌّ (عليه السلام)، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): اجْلِسْ، فَأَجْلَسَهُ عَنْ يَمِينِهِ.
ثُمَّ جَاءَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَسَأَلَ عَنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ بِالْبَقِيعِ، فَأَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَجْلَسَهُ عَنْ يَسَارِهِ.
ثُمَّ جَاءَ الْعَبَّاسُ، فَسَأَلَ عَنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَقِيلَ لَهُ: هُوَ بِالْبَقِيعِ، فَأَتَاهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَأَجْلَسَهُ أَمَامَهُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَى عَلِيٍّ (عليه السلام) فَقَالَ: أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ أَلَا أُخْبِرُكَ؟ يَا عَلِيُّ.
فَقَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ الله.
فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) عِنْدِي آنِفاً، وَأَخْبَرَنِي أَنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً مِنْ ذُرِّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَصَابَنَا خَيْرٌ قَطُّ مِنَ الله إِلَّا عَلَى يَدَيْكَ.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِلَى جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا جَعْفَرُ، أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ أَلَا أُخْبِرُكَ؟
ص: 369
قَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ الله.
فَقَالَ: كَانَ جَبْرَئِيلُ عِنْدِي آنِفاً، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ الَّذِي يَدْفَعُهَا(1) إِلَى الْقَائِمِ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، أَتَدْرِي مَنْ هُوَ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ: ذَاكَ الَّذِي وَجْهُهُ كَالدِّينَارِ(2)، وَأَسْنَانُهُ كَالْمِنْشَارِ، وَسَيْفُهُ كَحَرِيقِ النَّارِ، يَدْخُلُ الْجُنْدَ(3) ذَلِيلاً، وَيَخْرُجُ مِنْهُ عَزِيزاً، يَكْتَنِفُهُ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ.
ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْعَبَّاسِ، فَقَالَ: يَا عَمَّ النَّبِيِّ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَا أَخْبَرَنِي بِهِ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام)؟
فَقَالَ: بَلَى، يَا رَسُولَ الله.
قَالَ: قَالَ لِي جَبْرَئِيلُ: وَيْلٌ لِذُرِّيَّتِكَ مِنْ وُلْدِ الْعَبَّاسِ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَفَلَا أَجْتَنِبُ النِّسَاءَ؟
فَقَالَ لَهُ: قَدْ فَرَغَ اللهُ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ».
[308/2] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ المُسْتَنِيرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ(4)، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لِأَبِي: «يَا عَبَّاسُ، وَيْلٌ لِذُرِّيَّتِي(5) مِنْ وُلْدِكَ، وَوَيْلٌ لِوُلْدِكَ مِنْ وَلَدِي».).
ص: 370
فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَفَلَا أَجْتَنِبُ النِّسَاءَ - أَوْ قَالَ: أَفَلَا أَجُبُّ نَفْسِي(1) -؟
قَالَ: «إِنَّ عِلْمَ الله (عزَّ وجلَّ) قَدْ مَضَى وَالْأُمُورُ بِيَدِهِ، وَإِنَّ الْأَمْرَ سَيَكُونُ فِي وُلْدِي»(2).
[309/3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ اِبْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ المَعْرُوفُ بِابْنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، عَنْ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَأْتِيكُمْ بَعْدَ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ أُمَرَاءُ كَفَرَةٌ، وَأُمَنَاءُ خَوَنَةٌ، وَعُرَفَاءُ فَسَقَةٌ، فَتَكْثُرُ التُّجَّارُ، وَتَقِلُّ الْأَرْبَاحُ، وَيَفْشُو الرِّبَا، وَيَكْثُرُ أَوْلَادُ الزِّنَا، وَتَغْمُرُ(3) السِّفَاحُ(4)، وَتَتَنَاكَرُ المَعَارِفُ، وَتُعَظَّمُ الْأَهِلَّةُ(5)، وَتَكْتَفِي النِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَالرِّجَالُ بِالرِّجَالِ».
فَحَدَّثَ رَجُلٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ حِينَ تَحَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَكَيْفَ نَصْنَعُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟
فَقَالَ: «الْهَرَبَ الْهَرَبَ، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ عَدْلُ الله مَبْسُوطاً عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا لَمْب.
ص: 371
يَمِلْ قُرَّاؤُهُمْ إِلَى أُمَرَائِهِمْ، وَمَا لَمْ يَزَلْ أَبْرَارُهُمْ يَنْهَى فُجَّارَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ثُمَّ اسْتَنْفَرُوا فَقَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ اللهُ فِي عَرْشِهِ: كَذَبْتُمْ لَسْتُمْ بِهَا صَادِقِينَ(1)»(2).
[310/4] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ فِي مَنْزِلِهِ بِبَغْدَادَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ اِبْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجَرِيرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ(3)، عَنْ أَبِي صَادِقٍ(4)، عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسِ يُسْرٌ لَا عُسْرَ فِيهِ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمُ التُّرْكُ وَالدَّيْلَمُ وَالسِّنْدُ وَالْهِنْدُ وَالْبَرْبَرُ وَالطَّيْلَسَانُ(5) لَنْ يُزِيلُوهُ، وَلَا يَزَالُونَ فِي غَضَارَةٍ(6) مِنْ مُلْكِهِمْ حَتَّى يَشِذَّ عَنْهُمْ مَوَالِيهِمْ وَأَصْحَابُ أَلْوِيَتِهِمْ(7)، وَيُسَلِّطُ اللهُ عَلَيْهِمْ عِلْجاً يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ مُلْكُهُمْ، لَا يَمُرُّ بِمَدِينَةٍ إِلَّا فَتَحَهَا، وَلَا تُرْفَعُ لَهُ رَايَةٌ إِلَّا هَدَّهَا،).
ص: 372
وَلَا نِعْمَةٌ إِلَّا أَزَالَهَا، الْوَيْلُ لِمَنْ نَاوَاهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَظْفَرَ وَيَدْفَعَ بِظَفَرِهِ إِلَى رَجُلٍ مِنْ عِتْرَتِي، يَقُولُ بِالْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ».
قال أبو عليٍّ(1): يقول أهل اللغة: العلج: الكافر، والعلج: الجافي في الخلقة، والعلج: اللئيم، والعلج: الجَلِد الشديد في أمره.
وَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) لِرَجُلَيْنِ كَانَا عِنْدَهُ: «إِنَّكُمَا تُعَالِجَانِ عَنْ دِينِكُمَا»، وَكَانَا مِنَ الْعَرَبِ(2)،(3).
[311/5] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ قُدَّامَ قِيَامِ الْقَائِمِ عَلَامَاتٍ بَلْوَى مِنَ الله تَعَالَى لِعِبَادِهِ المُؤْمِنِينَ».
قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟).
ص: 373
قَالَ: «ذَلِكَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 155]»، قَالَ: «﴿لَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ يَعْنِي المُؤْمِنِينَ، ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ﴾ مِنْ مُلُوكِ بَنِي فُلَانٍ فِي آخِرِ سُلْطَانِهِمْ، ﴿وَالْجُوعِ﴾ بِغَلَاءِ أَسْعَارِهِمْ، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ﴾ فَسَادِ التِّجَارَاتِ وَقِلَّةِ الْفَضْلِ فِيهَا، ﴿وَالْأَنْفُسِ﴾»، قَالَ: «مَوْتٌ ذَرِيعٌ(1)، ﴿وَالثَّمَرَاتِ﴾ قِلَّةِ رَيْعٍ مَا يُزْرَعُ وَقِلَّةِ بَرَكَةِ الثِّمَارِ، ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ عِنْدَ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الْقَائِمِ (عليه السلام)».
ثُمَّ قَالَ (عليه السلام) لِي: «يَا مُحَمَّدُ، هَذَا تَأْوِيلُهُ، إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) يَقُولُ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ [آل عمران: 7]»(2).
[312/6] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ اِبْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجُعْفِيُّ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ قُدَّامَ الْقَائِمِ سَنَةٌ(3) يَجُوعُ فِيهَا النَّاسُ، وَيُصِيبُهُمْ خَوْفٌ شَدِيدٌ مِنَ الْقَتْلِ، وَنَقْصٌ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الله لَبَيِّنٌ»، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾».
[313/7] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَلِيِّ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ).
ص: 374
جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام) عَنْ قَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ...﴾ الْآيَةَ.
فَقَالَ: «يَا جَابِرُ، ذَلِكَ خَاصٌّ وَعَامٌّ، فَأَمَّا الْخَاصُّ مِنَ الْجُوعِ فَبِالْكُوفَةِ، وَيَخُصُّ اللهُ بِهِ أَعْدَاءَ آلِ مُحَمَّدٍ فَيُهْلِكُهُمْ(1)، وأَمَّا الْعَامُّ فَبِالشَّامِ يُصِيبُهُمْ خَوْفٌ وَجُوعٌ مَا أَصَابَهُمْ مِثْلُهُ قَطُّ. وَأَمَّا الْجُوعُ فَقَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عليه السلام)، وَأَمَّا الْخَوْفُ فَبَعْدَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عليه السلام)»(2).
[314/8] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَعْلَبَةُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ يَحْيَى(3)، عَنْ دَاوُدَ الدِّجَاجِيِّ(4)، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام)، قَالَ: «سُئِلَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ﴾ [مريم: 37]، فَقَالَ: انْتَظِرُوا الْفَرَجَ مِنْ ثَلَاثٍ.
فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، وَمَا هُنَّ؟
فَقَالَ: اخْتِلَافُ أَهْلِ الشَّامِ بَيْنَهُمْ، وَالرَّايَاتُ السُّودُ مِنْ خُرَاسَانَ، وَالْفَزْعَةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ.
فَقِيلَ: وَمَا الْفَزْعَةُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؟
فَقَالَ: أَوَمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الله (عزَّ وجلَّ) فِي الْقُرْآنِ: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ).
ص: 375
السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: 4]؟ هِيَ آيَةٌ تُخْرِجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرِهَا(1)، وَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُفْزِعُ الْيَقْظَانَ»(2).
[315/9] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ خَالِدٍ التَّمِيمِيُّ(3)، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لِلْقَائِمِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ: ظُهُورُ السُّفْيَانِيِّ، وَالْيَمَانِيِّ، وَالصَّيْحَةُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ، وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ»(4).
[316/10] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الله(5)، عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «الْعَامُ الَّذِي فِيهِ الصَّيْحَةُ قَبْلَهُ الْآيَةُ فِي رَجَبٍ».
قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: «وَجْهٌ يَطْلُعُ فِي الْقَمَرِ، وَيَدٌ بَارِزَةٌ(6)».).
ص: 376
[317/11] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «النِّدَاءُ مِنَ المَحْتُومِ، وَالسُّفْيَانِيُّ مِنَ المَحْتُومِ، وَالْيَمَانِيُّ مِنَ المَحْتُومِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ مِنَ المَحْتُومِ، وَكَفٌّ يَطْلُعُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ المَحْتُومِ»، قَالَ: «وَفَزْعَةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُفْزِعُ الْيَقْظَانَ، وَتُخْرِجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرِهَا».
[318/12] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ(1)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «قَبْلَ هَذَا الْأَمْرِ السُّفْيَانِيُّ، وَالْيَمَانِيُّ، وَالمَرْوَانِيُّ، وَشُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ، فَكَيْفَ يَقُولُ هَذَا هَذَا(2)؟!»(3).
[319/13] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ).
ص: 377
اِبْنُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجُعْفِيُّ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ نَاراً مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ شِبْهَ الْهُرْدِيِّ الْعَظِيمِ(1) تَطْلُعُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةً فَتَوَقَّعُوا فَرَجَ آلِ مُحَمَّدٍ (عليهم السلام)،(2) إِنْ شَاءَ اللهُ (عزَّ وجلَّ)، إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ».
ثُمَّ قَالَ: «الصَّيْحَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لِأَنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله، وَالصَّيْحَةُ فِيهِ هِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ (عليه السلام) إِلَى هَذَا الْخَلْقِ».
ثُمَّ قَالَ: «يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِ الْقَائِمِ (عليه السلام)، فَيَسْمَعُ مَنْ بِالمَشْرِقِ وَمَنْ بِالمَغْرِبِ، لَا يَبْقَى رَاقِدٌ إِلَّا اسْتَيْقَظَ، وَلَا قَائِمٌ إِلَّا قَعَدَ، وَلَا قَاعِدٌ إِلَّا قَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ فَزِعاً مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ، فَرَحِمَ اللهُ مَنِ اعْتَبَرَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ فَأَجَابَ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْأَوَّلَ هُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوحِ الْأَمِينِ (عليه السلام)».
ثُمَّ قَالَ (عليه السلام): «يَكُونُ الصَّوْتُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، فَلَا تَشُكُّوا فِي ذَلِكَ، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَفِي آخِرِ النَّهَارِ صَوْتُ المَلْعُونِ إِبْلِيسَ اللَّعِينِ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ فُلَاناً قُتِلَ مَظْلُوماً(3)، لِيُشَكِّكَ النَّاسَ).
ص: 378
وَيَفْتِنَهُمْ، فَكَمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ شَاكٍّ مُتَحَيِّرٍ قَدْ هَوَى فِي النَّارِ، فَإِذَا سَمِعْتُمُ الصَّوْتَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَا تَشُكُّوا فِيهِ أَنَّهُ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ، وَعَلَامَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُنَادِي بِاسْمِ الْقَائِمِ وَاسْمِ أَبِيهِ (عليهما السلام) حَتَّى تَسْمَعَهُ الْعَذْرَاءُ فِي خِدْرِهَا فَتُحَرِّضُ أَبَاهَا وَأَخَاهَا عَلَى الْخُرُوجِ».
وَقَالَ: «لَابُدَّ مِنْ هَذَيْنِ الصَّوْتَيْنِ قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ (عليه السلام): صَوْتٍ مِنَ السَّمَاءِ، وَهُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ بِاسْمِ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ وَاسْمِ أَبِيهِ، وَالصَّوْتِ الثَّانِي مِنَ الْأَرْضِ(1)، وَهُوَ صَوْتُ إِبْلِيسَ اللَّعِينِ يُنَادِي بِاسْمِ فُلَانٍ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً، يُرِيدُ بِذَلِكَ الْفِتْنَةَ، فَاتَّبِعُوا الصَّوْتَ الْأَوَّلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْأَخِيرَ أَنْ تُفْتَنُوا بِهِ».
وَقَالَ (عليه السلام): «لَا يَقُومُ الْقَائِمُ (عليه السلام) إِلَّا عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّاسِ، وَزَلَازِلَ وَفِتْنَةٍ، وَبَلَاءٍ يُصِيبُ النَّاسَ، وَطَاعُونٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَيْفٍ قَاطِعٍ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَاخْتِلَافٍ شَدِيدٍ فِي النَّاسِ، وَتَشَتُّتٍ فِي دِينِهِمْ، وَتَغَيُّرٍ مِنْ حَالِهِمْ، حَتَّى يَتَمَنَّى المُتَمَنِّي المَوْتَ صَبَاحاً وَمَسَاءً مِنْ عِظَمِ مَا يَرَى مِنْ كَلَبِ النَّاسِ(2)، وَأَكْلِ بَعْضِهِمْ بَعْضاً، فَخُرُوجُهُ (عليه السلام) إِذَا خَرَجَ عِنْدَ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ مِنْ أَنْ يَرَوْا فَرَجاً، فَيَا طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَهُ وَكَانَ مِنْ أَنْصَارِهِ، وَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لِمَنْ نَاوَاهُ وَخَالَفَهُ، وَخَالَفَ أَمْرَهُ، وَكَانَ مِنْ أَعْدَائِهِ».
وَقَالَ (عليه السلام): «إِذَا خَرَجَ يَقُومُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَسُنَّةٍ جَدِيدَةٍ، وَقَضَاءٍ جَدِيدٍ عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ، وَلَيْسَ شَأْنُهُ إِلَّا الْقَتْلَ، لَا يَسْتَبْقِي أَحَداً، وَلَا تَأْخُذُهُ فِي الله لَوْمَةُ لَائِمٍ(3)».م.
ص: 379
ثُمَّ قَالَ (عليه السلام): «إِذَا اخْتَلَفَ بَنُو فُلَانٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا الْفَرَجَ، وَلَيْسَ فَرَجُكُمْ إِلَّا فِي اخْتِلَافِ بَنِي فُلَانٍ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا فَتَوَقَّعُوا الصَّيْحَةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَخُرُوجَ الْقَائِمِ (عليه السلام)، إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ، وَلَنْ يَخْرُجَ الْقَائِمُ وَلَا تَرَوْنَ مَا تُحِبُّونَ حَتَّى يَخْتَلِفَ بَنُو فُلَانٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ(1) طَمَعَ النَّاسُ فِيهِمْ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ، وَخَرَجَ السُّفْيَانِيُّ».
وَقَالَ: «لَابُدَّ لِبَنِي فُلَانٍ مِنْ أَنْ يَمْلِكُوا، فَإِذَا مَلَكُوا ثُمَّ اخْتَلَفُوا تَفَرَّقَ مُلْكُهُمْ، وَتَشَتَّتَ أَمْرُهُمْ، حَتَّى يَخْرُجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ المَشْرِقِ، وَهَذَا مِنَ المَغْرِبِ، يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرَسَيْ رِهَانٍ(2)، هَذَا مِنْ هُنَا، وَهَذَا مِنْ هُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلَاكُ بَنِي فُلَانٍ عَلَى أَيْدِيهِمَا، أَمَا إِنَّهُمْ لَا يُبْقُونَ مِنْهُمْ أَحَداً».
ثُمَّ قَالَ (عليه السلام): «خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ وَالْيَمَانِيِّ وَالْخُرَاسَانِيِّ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، نِظَامٌ كَنِظَامِ الْخَرَزِ(3) يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً، فَيَكُونُ الْبَأْسُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَيْلٌ لِمَنْ نَاوَاهُمْ، وَلَيْسَ فِي الرَّايَاتِ رَايَةٌ أَهْدَى مِنْ رَايَةِ الْيَمَانِيِّ، هِيَ رَايَةُ هُدًى، لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى صَاحِبِكُمْ، فَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ حَرُمَ بَيْعَ السِّلَاحِ عَلَى).
ص: 380
النَّاسِ وَكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِذَا خَرَجَ الْيَمَانِيُّ فَانْهَضْ إِلَيْهِ فَإِنَّ رَايَتَهُ رَايَةُ هُدًى، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَلْتَوِيَ عَلَيْهِ(1)، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ».
ثُمَّ قَالَ لِي: «إِنَّ ذَهَابَ مُلْكِ بَنِي فُلَانٍ كَقِصَعِ الْفَخَّارِ، وَكَرَجُلٍ(2) كَانَتْ فِي يَدِهِ فَخَّارَةٌ، وَهُوَ يَمْشِي إِذْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ وَهُوَ سَاهٍ عَنْهَا فَانْكَسَرَتْ، فَقَالَ حِينَ سَقَطَتْ: هَاهْ - شِبْهَ الْفَزَعِ -، فَذَهَابُ مُلْكِهِمْ هَكَذَا أَغْفَلَ مَا كَانُوا عَنْ ذَهَابِهِ. وَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ: إِنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ ذِكْرُهُ) قَدَّرَ فِيمَا قَدَّرَ وَقَضَى وَحَتَمَ بِأَنَّهُ كَائِنٌ لَابُدَّ مِنْهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بَنِي أُمَيَّةَ بِالسَّيْفِ جَهْرَةً، وَأَنَّهُ يَأْخُذُ بَنِي فُلَانٍ بَغْتَةً(3)».
وَقَالَ (عليه السلام): «لَابُدَّ مِنْ رَحًى تَطْحَنُ، فَإِذَا قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا وَثَبَتَتْ عَلَى سَاقِهَا بَعَثَ اللهُ عَلَيْهَا عَبْداً عَنِيفاً(4) خَامِلاً أَصْلُهُ(5)، يَكُونُ النَّصْرُ مَعَهُ، أَصْحَابُهُ الطَّوِيلَةُ شُعُورُهُمْ، أَصْحَابُ السِّبَالِ(6)، سُودٌ ثِيَابُهُمْ، أَصْحَابُ رَايَاتٍ سُودٍ، وَيْلٌ).
ص: 381
لِمَنْ نَاوَاهُمْ، يَقْتُلُونَهُمْ هَرْجاً، وَالله لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى أَفْعَالِهِمْ وَمَا يَلْقَى الْفُجَّارُ مِنْهُمْ وَالْأَعْرَابُ الْجُفَاةُ، يُسَلِّطُهُمُ اللهُ عَلَيْهِمْ بِلَا رَحْمَةٍ، فَيَقْتُلُونَهُمْ هَرْجاً عَلَى مَدِينَتِهِمْ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ الْبَرِّيَّةِ وَالْبَحْرِيَّةِ، جَزَاءً بِمَا عَمِلُوا، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فُصِّلت: 46]».
[320/14] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) وَقَدْ سَأَلْتُهُ عَنِ الْقَائِمِ (عليه السلام)، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَا يَكُونُ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ يَسْمَعُ أَهْلُ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، حَتَّى تَسْمَعَهُ الْفَتَاةُ فِي خِدْرِهَا».
[321/15] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا لَهُ: السُّفْيَانِيُّ مِنَ المَحْتُومِ؟
فَقَالَ: «نَعَمْ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ مِنَ المَحْتُومِ، وَالْقَائِمُ مِنَ المَحْتُومِ، وَخَسْفُ الْبَيْدَاءِ مِنَ المَحْتُومِ، وَكَفٌّ تَطْلُعُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ المَحْتُومِ، وَالنِّدَاءُ مِنَ السَّمَاءِ مِنَ المَحْتُومِ».
فَقُلْتُ: وَأَيَّ شَيْءٍ يَكُونُ النِّدَاءُ؟
فَقَالَ: «مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْمِ الْقَائِمِ وَاسْمِ أَبِيهِ (عليهما السلام)».
[322/16] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ المُخْتَارِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «أَمْسِكْ بِيَدِكَ هَلَاكَ الْفُلَانِيِّ(1) [- اسْمُا.
ص: 382
رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ -](1)، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَجَيْشُ الْخَسْفِ، وَالصَّوْتُ».
قُلْتُ: وَمَا الصَّوْتُ، أَهُوَ المُنَادِي؟
فَقَالَ: «نَعَمْ، وَبِهِ يُعْرَفُ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ»، ثُمَّ قَالَ: «الْفَرَجُ كُلُّهُ هَلَاكُ الْفُلَانِيِّ(2) مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ».
[323/17] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ المُخْتَارِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اِبْنِ سَيَابَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِيثَمٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عليه السلام) وَأَنَا خَامِسُ خَمْسَةٍ، وَأَصْغَرُ الْقَوْمِ سِنًّا، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «حَدَّثَنِي أَخِي رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي خَاتَمُ أَلْفِ نَبِيٍّ، وَإِنَّكَ خَاتَمُ أَلْفِ وَصِيٍّ، وَكُلِّفْتُ مَا لَمْ يُكَلَّفُوا(3)».
فَقُلْتُ: مَا أَنْصَفَكَ الْقَوْمُ، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ: «لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ بِكَ المَذَاهِبُ، يا بن أَخِي، وَالله إِنِّي لَأَعْلَمُ أَلْفَ كَلِمَةٍ لَا يَعْلَمُهَا غَيْرِي وَغَيْرُ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَإِنَّهُمْ لَيَقْرَءُونَ مِنْهَا آيَةً فِي كِتَابِ الله (عزَّ وجلَّ)، وَهِيَ: ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾ [النمل: 82]، وَمَا يَتَدَبَّرُونَهَا حَقَّ تَدَبُّرِهَا، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِآخِرِ مُلْكِ بَنِي فُلَانٍ؟».
قُلْنَا: بَلَى، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ.).
ص: 383
قَالَ: «قَتْلُ نَفْسٍ حَرَامٍ، فِي يَوْمٍ حَرَامٍ، فِي بَلَدٍ حَرَامٍ، عَنْ قَوْمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا لَهُمْ مُلْكٌ بَعْدَهُ غَيْرُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً».
قُلْنَا: هَلْ قَبْلَ هَذَا أَوْ بَعْدَهُ مِنْ شَيْءٍ؟
فَقَالَ: «صَيْحَةٌ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، تُفْزِعُ الْيَقْظَانَ، وَتُوقِظُ النَّائِمَ، وَتُخْرِجُ الْفَتَاةَ مِنْ خِدْرِهَا»(1).
[324/18] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله يَحْيَى اِبْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ يُوسُفُ بْنُ كُلَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «لَابُدَّ أَنْ يَمْلِكَ بَنُو الْعَبَّاسِ، فَإِذَا مَلَكُوا وَاخْتَلَفُوا وَتَشَتَّتَ أَمْرُهُمْ خَرَجَ عَلَيْهِمُ الْخُرَاسَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ، هَذَا مِنَ المَشْرِقِ، وَهَذَا مِنَ المَغْرِبِ، يَسْتَبِقَانِ إِلَى الْكُوفَةِ كَفَرَسَيْ رِهَانٍ، هَذَا مِنْ هَاهُنَا، وَهَذَا مِنْ هَاهُنَا، حَتَّى يَكُونَ هَلَاكُهُمْ عَلَى أَيْدِيهِمَا، أَمَا إِنَّهُمَا لَا يُبْقُونَ مِنْهُمْ أَحَداً أَبَداً».
[325/19] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ(2)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَسَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ هَمْدَانَ يَقُولُ لَهُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الْعَامَّةَ يُعَيِّرُونَّا(3)، وَيَقُولُونَ لَنَا: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ.).
ص: 384
وَكَانَ مُتَّكِئاً، فَغَضِبَ وَجَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «لَا تَرْوُوهُ عَنِّي، وَارْوُوهُ عَنْ أَبِي، وَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ، أَشْهَدُ أَنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبِي (عليه السلام) يَقُولُ: وَالله إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الله (عزَّ وجلَّ) لَبَيِّنٌ حَيْثُ يَقُولُ: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: 4]، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ إِلَّا خَضَعَ وَذَلَّتْ رَقَبَتُهُ لَهَا، فَيُؤْمِنُ أَهْلُ الْأَرْضِ إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) وَشِيعَتِهِ».
قَالَ: «فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَعِدَ إِبْلِيسُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى يَتَوَارَى عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، ثُمَّ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَشِيعَتِهِ، فَإِنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً، فَاطْلُبُوا بِدَمِهِ».
قَالَ: «فَيُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ عَلَى الْحَقِّ، وَهُوَ النِّدَاءُ الْأَوَّلُ، وَيَرْتَابُ يَوْمَئِذٍ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ، وَالمَرَضُ وَالله عَدَاوَتُنَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَتَبَرَّءُونَ مِنَّا وَيَتَنَاوَلُونَّا(1)، فَيَقُولُونَ: إِنَّ المُنَادِيَ الْأَوَّلَ سِحْرٌ مِنْ سِحْرِ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ»، ثُمَّ تَلَا أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) قَوْلَ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: 2](2).
قَالَ(3): وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، مِثْلَهُ سَوَاءً بِلَفْظِهِ(4).).
ص: 385
[326/20] قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ اِبْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) وَقَدْ سَأَلَهُ عُمَارَةُ الْهَمْدَانِيُّ، فَقَالَ لَهُ: أَصْلَحَكَ اللهُ، إِنَّ نَاساً(1) يُعَيِّرُونَّا وَيَقُولُونَ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّهُ سَيَكُونُ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ.
فَقَالَ لَهُ: «لَا تَرْوِ عَنِّي وارْوِهِ عَنْ أَبِي، كَانَ أَبِي يَقُولُ: هُوَ فِي كِتَابِ الله، ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: 4]، فَيُؤْمِنُ أَهْلُ الْأَرْضِ جَمِيعاً لِلصَّوْتِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَعِدَ إِبْلِيسُ اللَّعِينُ حَتَّى يَتَوَارَى مِنَ الْأَرْضِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ عُثْمَانَ قُتِلَ مَظْلُوماً فَاطْلُبُوا بِدَمِهِ، فَيَرْجِعُ مَنْ أَرَادَ اللهُ (عزَّ وجلَّ) بِهِ سُوءاً، وَيَقُولُونَ: هَذَا سِحْرُ الشِّيعَةِ، وَحَتَّى يَتَنَاوَلُونَا وَيَقُولُونَ: هُوَ مِنْ سِحْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ﴾ [القمر: 2]».
[327/21] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَبَلَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا مِنْ عَلَامَةٍ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْأَمْرِ؟
فَقَالَ: «بَلَى».
قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: «هَلَاكُ الْعَبَّاسِيِّ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ، وَالْخَسْفُ بِالْبَيْدَاءِ، وَالصَّوْتُ مِنَ السَّمَاءِ».).
ص: 386
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخَافُ أَنْ يَطُولَ هَذَا الْأَمْرُ.
فَقَالَ: «لَا، إِنَّمَا هُوَ كَنِظَامِ الْخَرَزِ يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضاً».
[328/22] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: «يَقُومُ الْقَائِمُ (عليه السلام) فِي وَتْرٍ مِنَ السِّنِينَ، تِسْعٍ، وَاحِدَةٍ، ثَلَاثٍ، خَمْسٍ».
وَقَالَ: «إِذَا اخْتَلَفَتْ بَنُو أُمَيَّةَ وَذَهَبَ مُلْكُهُمْ، ثُمَّ يَمْلِكُ بَنُو الْعَبَّاسِ، فَلَا يَزَالُونَ فِي عُنْفُوَانٍ مِنَ المُلْكِ وَغَضَارَةٍ مِنَ الْعَيْشِ حَتَّى يَخْتَلِفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفُوا ذَهَبَ مُلْكُهُمْ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ المَشْرِقِ وَأَهْلُ المَغْرِبِ. نَعَمْ، وَأَهْلُ الْقِبْلَةِ(1)، وَيَلْقَى النَّاسَ جُهْداً شَدِيداً مِمَّا يَمُرُّ بِهِمْ مِنَ الْخَوْفِ، فَلَا يَزَالُونَ بِتِلْكَ الْحَالِ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَإِذَا نَادَى فَالنَّفِيرَ النَّفِيرَ(2)، فَوَالله لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ يُبَايِعُ النَّاسَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ، وَكِتَابٍ جَدِيدٍ، وَسُلْطَانٍ جَدِيدٍ مِنَ السَّمَاءِ(3)، أَمَا إِنَّهُ لَا يُرَدُّ لَه رَايَةٌ أَبَداً حَتَّى يَمُوتَ»(4).
[329/23] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى(5)، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ).
ص: 387
مَوْلَى مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ الْبَجَلِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «أَمَا إِنَّ النِّدَاءَ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِ الْقَائِمِ فِي كِتَابِ الله لَبَيِّنٌ».
فَقُلْتُ: فَأَيْنَ هُوَ أَصْلَحَكَ اللهُ؟
فَقَالَ: «فِي ﴿طسم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ قَوْلِهِ: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾ [الشعراء: 4]»، قَالَ: «إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ أَصْبَحُوا وَكَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ(1)».
[330/24] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ اِبْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا صَعِدَ الْعَبَّاسِيُّ أَعْوَادَ مِنْبَرِ مَرْوَانَ أُدْرِجَ مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسِ».
وَقَالَ (عليه السلام): «قَالَ لِي أَبِي - يَعْنِي الْبَاقِرَ (عليه السلام) -: لَابُدَّ لِنَارٍ مِنْ آذَرْبِيجَانَ لَا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ، وَأَلْبِدُوا مَا أَلْبَدْنَا، فَإِذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرِّكُنَا فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً، وَالله لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ»، قَالَ: «وَوَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ».
[331/25] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يُنَادَى).
ص: 388
بِاسْمِ الْقَائِمِ، فَيُؤْتَى وَهُوَ خَلْفَ المَقَامِ، فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ نُودِيَ بِاسْمِكَ، فَمَا تَنْتَظِرُ؟ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِيَدِهِ فَيُبَايَعُ».
قَالَ: قَالَ لِي زُرَارَةُ: الْحَمْدُ لله، قَدْ كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّ الْقَائِمَ (عليه السلام) يُبَايَعُ مُسْتَكْرَهاً فَلَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ وَجْهَ اسْتِكْرَاهِهِ، فَعَلِمْنَا أَنَّهُ اسْتِكْرَاهٌ لَا إِثْمَ فِيهِ.
[332/26] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مِنَ المَحْتُومِ الَّذِي لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبْلِ قِيَامِ الْقَائِمِ: خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ، وَالمُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ».
[333/27] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ نَاجِيَةَ الْقَطَّانِ(1) أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ المُنَادِيَ يُنَادِي: إِنَّ المَهْدِيَّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، فَيُنَادِي الشَّيْطَانُ: إِنَّ فُلَاناً وَشِيعَتَهُ عَلَى الْحَقِّ - يَعْنِي رَجُلاً مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ -».
[334/28] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبَاحٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: إِنَّ فُلَاناً هُوَ الْأَمِيرُ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ عَلِيًّا وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ».
قُلْتُ: فَمَنْ يُقَاتِلُ المَهْدِيَّ بَعْدَ هَذَا(2)؟).
ص: 389
فَقَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يُنَادِي: إِنَّ فُلَاناً وَشِيعَتَهُ هُمُ الْفَائِزُونَ - لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ(1) -».
قُلْتُ: فَمَنْ يَعْرِفُ الصَّادِقَ مِنَ الْكَاذِبِ؟
قَالَ: «يَعْرِفُهُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْوُونَ حَدِيثَنَا، وَيَقُولُونَ: إِنَّهُ يَكُونُ، قَبْلَ أَنْ يَكُونَ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ هُمُ المُحِقُّونَ الصَّادِقُونَ»(2).
[335/29] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ المُثَنَّى(3)، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): عَجِبْتُ أَصْلَحَكَ اللهُ، وَإِنِّي لَأَعْجَبُ مِنَ الْقَائِمِ كَيْفَ يُقَاتَلُ مَعَ مَا يَرَوْنَ مِنَ الْعَجَائِبِ، مِنْ خَسْفِ الْبَيْدَاءِ بِالْجَيْشِ، وَمِنَ النِّدَاءِ الَّذِي يَكُونُ مِنَ السَّمَاءِ؟
فَقَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَدَعُهُمْ حَتَّى يُنَادِيَ كَمَا نَادَى بِرَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَوْمَ الْعَقَبَةِ(4)».
[336/30] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ،).
ص: 390
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنَّ الْجَرِيرِيَّ(2) أَخَا إِسْحَاقَ يَقُولُ لَنَا: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: هُمَا نِدَاءَانِ، فَأَيُّهُمَا الصَّادِقُ مِنَ الْكَاذِبِ؟
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «قُولُوا لَهُ: إِنَّ الَّذِي أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ - وَأَنْتَ تُنْكِرُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ - هُوَ الصَّادِقُ(3)».
[337/31] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «هُمَا صَيْحَتَانِ: صَيْحَةٌ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَصَيْحَةٌ فِي آخِرِ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ».
قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟
قَالَ: فَقَالَ: «وَاحِدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ، وَوَاحِدَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ».
فَقُلْتُ: وَكَيْفَ تُعْرَفُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ؟
فَقَالَ: «يَعْرِفُهَا مَنْ كَانَ سَمِعَ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ(4)».
[338/32] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِل.
ص: 391
مَسْلَمَةَ الْجَرِيرِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنَّ النَّاسَ يُوَبِّخُونَّا وَيَقُولُونَ: مِنْ أَيْنَ يُعْرَفُ المُحِقُّ مِنَ المُبْطِلِ إِذَا كَانَتَا؟
فَقَالَ: «مَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟».
قُلْتُ: فَمَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً.
قَالَ: فَقَالَ: «قُولُوا لَهُمْ: يُصَدِّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ مُؤْمِناً يُؤْمِنُ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ»، قَالَ: «إِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) يَقُولُ: ﴿أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ [يونس: 35]»(1)،(2).
[339/33] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي).
ص: 392
رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ بَيَّاعُ السَّابِرِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْخَزَّازُ جَمِيعاً، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ(1)، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّهُ يُنَادِي بِاسْمِ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَلَا إِنَّ الْأَمْرَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَفِيمَ الْقِتَالُ؟».
[340/34] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ اِبْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «لَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي تَمُدُّونَ إِلَيْهِ أَعْنَاقَكُمْ حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: أَلَا إِنَّ فُلَاناً صَاحِبُ الْأَمْرِ، فَعَلَامَ الْقِتَالُ؟».
[341/35] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «يَشْمَلُ النَّاسَ مَوْتٌ وَقَتْلٌ حَتَّى يَلْجَأَ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى الْحَرَمِ، فَيُنَادِي مُنَادٍ صَادِقٌ مِنْ شِدَّةِ الْقِتَالِ(2): فِيمَ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ؟! صَاحِبُكُمْ فُلَانٌ».
[342/36] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «السُّفْيَانِيُّ وَالْقَائِمُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ».).
ص: 393
[343/37] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ الْجُعْفِيُّ أَبُو الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «بَيْنَا النَّاسُ وُقُوفٌ بِعَرَفَاتٍ إِذْ أَتَاهُمْ رَاكِبٌ عَلَى نَاقَةٍ ذِعْلِبَةٍ يُخْبِرُهُمْ بِمَوْتِ خَلِيفَةٍ يَكُونُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَرَجُ آلِ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَفَرَجُ النَّاسِ جَمِيعاً».
وَقَالَ (عليه السلام): «إِذَا رَأَيْتُمْ عَلَامَةً فِي السَّمَاءِ نَاراً عَظِيمَةً مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ تَطْلُعُ لَيَالِيَ، فَعِنْدَهَا فَرَجُ النَّاسِ، وَهِيَ قُدَّامَ الْقَائِمِ (عليه السلام) بِقَلِيلٍ».
[344/38] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ الْوَرَّاقِ الْجُرْجَانِيِّ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: سَأَلَ ابْنُ الْكَوَّاءِ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) عَنِ الْغَضَبِ.
فَقَالَ: «هَيْهَاتَ الْغَضَبُ هَيْهَاتَ، مَوْتَاتٌ بَيْنَهُنَّ مَوْتَاتٌ، وَرَاكِبُ الذِّعْلِبَةِ، وَمَا رَاكِبُ الذِّعْلِبَةِ، مُخْتَلِطٌ جَوْفُهَا بِوَضِينِهَا، يُخْبِرُهُمْ بِخَبَرٍ فَيَقْتُلُونَهُ، ثُمَّ الْغَضَبُ عِنْدَ ذَلِكَ»(2)،(3).).
ص: 394
[345/39] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَسْلَمَ المَكِّيِّ(1)، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: يُقْتَلُ خَلِيفَةٌ مَا لَهُ فِي السَّمَاءِ عَاذِرٌ، وَلَا فِي الْأَرْضِ نَاصِرٌ، وَيُخْلَعُ خَلِيفَةٌ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَرْضِ شَيْءٌ، وَيُسْتَخْلَفُ ابْنُ السَّبِيَّةِ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: يا بن أُخْتِي، لَيْتَنِي أَنَا وَأَنْتَ مِنْ كُورِهِ(2).
قَالَ: قُلْتُ: وَلِ-مَ تَتَمَنَّى - يَا خَالِ - ذَلِكَ؟
قَالَ: لِأَنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَنِي أَنَّ المُلْكَ يَرْجِعُ فِي أَهْلِ النُّبُوَّةِ.
[346/40] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ (عليه السلام) عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ [فُصِّلت: 53]، فَقَالَ: «يُرِيهِمْ فِي أَنْفُسِهِمُ المَسْخَ، وَيُرِيهِمْ فِية.
ص: 395
الْآفَاقِ انْتِقَاصَ الْآفَاقِ عَلَيْهِمْ، فَيَرَوْنَ قُدْرَةَ الله فِي أَنْفُسِهِمْ وَفِي الْآفَاقِ، وَقَوْلِهِ: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ خُرُوجَ الْقَائِمِ، هُوَ الْحَقُّ مِنَ الله (عزَّ وجلَّ)، يَرَاهُ هَذَا الْخَلْقُ لَابُدَّ مِنْهُ»(1)،(2).
[347/41] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ المُخْتَارِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ [فُصِّلت: 16]، وَفِي الْآخِرَةِ، مَا هُوَ عَذَابُ خِزْيِ الدُّنْيَا؟
فَقَالَ: «وَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى - يَا أَبَا بَصِيرٍ - مِنْ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَحِجَالِهِ وَعَلَى إِخْوَانِهِ وَسْطَ عِيَالِهِ إِذْ شَقَّ أَهْلُهُ الْجُيُوبَ عَلَيْهِ وَصَرَخُوا، فَيَقُولُ النَّاسُ: مَا هَذَا؟ فَيُقَالُ: مُسِخَ فُلَانٌ السَّاعَةَ؟».
فَقُلْتُ: قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عليه السلام) أَوْ بَعْدَهُ؟
قَالَ: «لَا، بَلْ قَبْلَهُ».
[348/42] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ الْوَرَّاقِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ السَّرَّاجِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟
قَالَ: «إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ، وَوَهَى سُلْطَانُهُمْ، وَطَمِعَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ).
ص: 396
يَطْمَعُ، وَخَلَعَتِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا، وَرَفَعَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ صِيصِيَتَهُ، وَظَهَرَ السُّفْيَانِيُّ، وَأَقْبَلَ الْيَمَانِيُّ، وَتَحَرَّكَ الْحَسَنِيُّ، خَرَجَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ بِتُرَاثِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».
قُلْتُ: وَمَا تُرَاثُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
فَقَالَ: «سَيْفُهُ، وَدِرْعُهُ، وَعِمَامَتُهُ، وَبُرْدُهُ، وَرَايَتُهُ، وَقَضِيبُهُ، وَفَرَسُهُ، وَلَأْمَتُهُ، وَسَرْجُهُ».
[349/43] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اِبْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): مَتَى فَرَجُ شِيعَتِكُمْ؟
فَقَالَ: «إِذَا اخْتَلَفَ وُلْدُ الْعَبَّاسِ، وَوَهَى سُلْطَانُهُمْ...» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى ذِكْرِ اللَّأْمَةِ وَالسَّرْجِ، وَزَادَ فِيهِ: «حَتَّى يَنْزِلَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَيُخْرِجَ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ، وَيَلْبَسَ الدِّرْعَ، وَيَنْشُرَ الرَّايَةَ وَالْبُرْدَةَ، وَيَعْتَمَّ بِالْعِمَامَةِ، ويَتَنَاوَلَ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ، وَيَسْتَأْذِنَ اللهَ فِي ظُهُورِهِ، فَيَطَّلِعُ عَلَى ذَلِكَ بَعْضُ مَوَالِيهِ، فَيَأْتِي الْحَسَنِيُّ فَيُخْبِرُهُ الْخَبَرَ، فَيَبْتَدِرُهُ الْحَسَنِيُّ إِلَى الْخُرُوجِ، فَيَثِبُ عَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ فَيَقْتُلُونَهُ، وَيَبْعَثُونَ بِرَأْسِهِ إِلَى الشَّامِيِّ، فَيَظْهَرُ عِنْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ، فَيُبَايِعُهُ النَّاسُ وَيَتَّبِعُونَهُ، وَيَبْعَثُ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّامِيُّ جَيْشاً إِلَى المَدِينَةِ، فَيُهْلِكُهُمُ اللهُ دُونَهَا، وَيَهْرُبُ مِنَ المَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ مَنْ كَانَ بِالمَدِينَةِ مِنْ وُلْدِ عَلِيٍّ (عليه السلام) إِلَى مَكَّةَ، فَيَلْحَقُونَ بِصَاحِبِ الْأَمْرِ، وَيُقْبِلُ صَاحِبُ الْأَمْرِ نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَيَبْعَثُ جَيْشاً إِلَى المَدِينَةِ، فَيَأْمُرُ أَهْلَهَا، فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهَا»(1)،(2).).
ص: 397
ص: 398
[350/44] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الرِّضَا (عليه السلام) يَقُولُ: «قَبْلَ هَذَا الْأَمْرِ بَيُوحٌ».
فَلَمْ أَدْرِ مَا الْبَيُوحُ، فَحَجَجْتُ، فَسَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: هَذَا يَوْمٌ بَيُوحٌ.
فَقُلْتُ لَهُ: مَا الْبَيُوحُ؟
فَقَالَ: الشَّدِيدُ الْحَرُّ(1).
[351/45] أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ وَمُحَمَّدٍ ابْنَيِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ بَدْرِ اِبْنِ الْخَلِيلِ الْأَسَدِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليهما السلام)، فَذَكَرَ آيَتَيْنِ تَكُونَانِ قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ (عليه السلام) لَمْ تَكُونَا مُنْذُ أَهْبَطَ اللهُ آدَمَ (صلوات الله عليه) أَبَداً، وَذَلِكَ أَنَّ الشَّمْسَ تَنْكَسِفُ فِي النِّصْفِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالْقَمَرَ فِي آخِرِهِ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يا بن رَسُولِ الله، لَا بَلِ الشَّمْسُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ وَالْقَمَرُ فِي النِّصْفِ.
فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «إِنِّي لَأَعْلَمُ بِالَّذِي أَقُولُ، إِنَّهُمَا آيَتَانِ لَمْ تَكُونَا مُنْذُ هَبَطَ آدَمُ (عليه السلام)»(2)،(3).).
ص: 399
[352/46] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ النَّاشِرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَيْمَنَ، عَنْ وَرْدٍ(1) - أَخِي الْكُمَيْتِ -، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْأَمْرِ انْكِسَافَ الْقَمَرِ لِخَمْسٍ تَبْقَى، وَالشَّمْسِ لِخَمْسَ عَشْرَةَ، وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَعِنْدَهُ يَسْقُطُ حِسَابُ المُنَجِّمِينَ»(2).
[353/47] وَ...(3)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِخ.
ص: 400
الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «عَلَامَةُ خُرُوجِ المَهْدِيِّ كُسُوفُ الشَّمْسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْهُ».
[354/48] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ [المعارج: 1]، قَالَ: «تَأْوِيلُهَا فِيمَا يَأْتِي، عَذَابٌ يَقَعُ فِي الثُّوَيَّةِ(1) - يَعْنِي نَاراً - حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْكُنَاسَةِ - كُنَاسَةِ بَنِي أَسَدٍ(2) -، حَتَّى تَمُرَّ بِثَقِيفٍ، لَا تَدَعُ وَتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقَتْهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ (عليه السلام)».
[355/49] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «كَيْفَ تَقْرَءُونَ هَذِهِ السُّورَةَ؟».
قُلْتُ: وَأَيَّةُ سُورَةٍ؟
قَالَ: «سُورَةُ ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾»، فَقَالَ: «لَيْسَ هُوَ ﴿سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾ إِنَّمَا هُوَ (سَالَ سَيْلٌ)، وَهِيَ نَارٌ تَقَعُ فِي الثُّوَيَّةِ، ثُمَّ تَمْضِي إِلَى كُنَاسَةِ بَنِي أَسَدٍ، ثُمَّ تَمْضِي إِلَى ثَقِيفٍ، فَلَا تَدَعُ وَتْراً لآِلِ مُحَمَّدٍ إِلَّا أَحْرَقَتْهُ(3)».».
ص: 401
[356/50] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَخِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ(1)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَامٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كَأَنِّي بِقَوْمٍ قَدْ خَرَجُوا بِالمَشْرِقِ يَطْلُبُونَ الْحَقَّ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، ثُمَّ يَطْلُبُونَهُ فَلَا يُعْطَوْنَهُ، فَإِذَا رَأَوْا ذَلِكَ وَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَيُعْطَوْنَ مَا سَأَلُوهُ، فَلَا يَقْبَلُونَهُ حَتَّى يَقُومُوا، وَلَا يَدْفَعُونَهَا إِلَّا إِلَى صَاحِبِكُمْ، قَتْلَاهُمْ شُهَدَاءُ، أَمَا إِنِّي لَوْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ لَاسْتَبْقَيْتُ نَفْسِي لِصَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ».
[357/51] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زِيَادٍ الْقَنْدِيِّ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ، قَالَ: مَا دَخَلْنَا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) قَطُّ إِلَّا قَالَ: «خُرَاسَانَ خُرَاسَانَ، سِجِسْتَانَ سِجِسْتَانَ»، كَأَنَّهُ يُبَشِّرُنَا بِذَلِكَ.
[358/52] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ(2)، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِذَا ظَهَرَتْ بَيْعَةُ الصَّبِيِّ قَامَ كُلُّ ذِي صِيصِيَةٍ بِصِيصِيَتِهِ».
[359/53] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ،).
ص: 402
قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «مَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى لَا يَبْقَى صِنْفٌ مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَقَدْ وُلُّوا عَلَى النَّاسِ(1)، حَتَّى لَا يَقُولَ قَائِلٌ: إِنَّا لَوْ وُلِّينَا لَعَدَلْنَا، ثُمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ».
[360/54] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): النِّدَاءُ حَقٌّ؟
قَالَ: «إِي وَالله حَتَّى يَسْمَعَهُ كُلُّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِمْ».
وَقَالَ (عليه السلام): «لَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ حَتَّى يَذْهَبَ تِسْعَةُ أَعْشَارِ النَّاسِ(2)».
[361/55] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُبَيْدِ الله بْنِ الْعَلَاءِ(3)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) حَدَّثَ عَنْ أَشْيَاءَ تَكُونُ بَعْدَهُ إِلَى قِيَامِ الْقَائِمِ.
فَقَالَ الْحُسَيْنُ: «يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَتَى يُطَهِّرُ اللهُ الْأَرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ؟».
فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «لَا يُطَهِّرُ اللهُ الْأَرْضَ مِنَ الظَّالِمِينَ حَتَّى يُسْفَكَ الدَّمُ الْحَرَامُ...»، ثُمَّ ذَكَرَ أَمْرَ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بِخُرَاسَانَ، وَغَلَبَ عَلَى أَرْضِ كُوفَانَ(4) وَمُلْتَانَ(5)، وَجَازَ جَزِيرَةَ).
ص: 403
بَنِي كَاوَانَ(1)، وَقَامَ مِنَّا قَائِمٌ بِجِيلَانَ، وَأَجَابَتْهُ الْآبُرُ(2) وَالدَّيْلَمَانُ(3)، وَظَهَرَتْ لِوَلَدِي رَايَاتُ التُّرْكِ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي الْأَقْطَارِ وَالْجَنَبَاتِ(4)، وَكَانُوا بَيْنَ هَنَاتٍ وَهَنَاتٍ(5)، إِذَا خَرِبَتِ الْبَصْرَةُ، وَقَامَ أَمِيرُ الْإِمْرَةِ بِمِصْرَ».
فَحَكَى (عليه السلام) حِكَايَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا جُهِّزَتِ الْأُلُوفُ، وَصُفَّتِ الصُّفُوفُ، وُقُتِلَ الْكَبْشُ الْخَرُوفَ(6)، هُنَاكَ يَقُومُ الْآخِرُ، وَيَثُورُ الثَّائِرُ، وَيَهْلِكُ الْكَافِرُ، ثُمَّ يَقُومُ الْقَائِمُ المَأْمُولُ، وَالْإِمَامُ المَجْهُولُ، لَهُ الشَّرَفُ وَالْفَضْلُ، وَهُوَ مِنْ وُلْدِكَ يَا حُسَيْنُ، لَا ابْنَ مِثْلُهُ(7)، يَظْهَرُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ فِي دَرِيسَيْنِ(8) بَالِيَيْنِ(9)، يَظْهَرُ عَلَى الثَّقَلَيْنِ، وَلَا يَتْرُكُ فِي الْأَرْضِ دَمَيْنِ(10)، طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ، وَلَحِقَ أَوَانَهُ، وَشَهِدَ أَيَّامَهُ».ر.
ص: 404
[362/56] مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ الْفَزَارِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ(1)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «إِذَا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَهْبَطَ الرَّبُّ تَعَالَى مَلَكاً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَإِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ جَلَسَ ذَلِكَ المَلَكُ عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ الْبَيْتِ المَعْمُورِ(2)، وَنَصَبَ لِمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (عليهم السلام) مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، فيَصْعَدُونَ عَلَيْهَا، وَتُجْمَعُ لَهُمُ المَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ وَالمُؤْمِنُونَ، وَتُفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ قَالَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يَا رَبِّ، مِيعَادَكَ الَّذِي وَعَدْتَ بِهِ فِي كِتَابِكَ، وَهُوَ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً﴾ [النور: 55]، ثُمَّ يَقُولُ المَلَائِكَةُ وَالنَّبِيُّونَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَخِرُّ مُحَمَّدٌ وَعَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سُجَّداً، ثُمَّ يَقُولُونَ: يَا رَبِّ، اغْضَبْ فَإِنَّهُ قَدْ).
ص: 405
هُتِكَ حَرِيمُكَ، وَقُتِلَ أَصْفِيَاؤُكَ(1)، وَأُذِلَّ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، فَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ، وَذَلِكَ يَوْمٌ مَعْلُومٌ».
[363/57] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ المُخْتَارِ، عَنْ خَالِدٍ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا هُدِمَ حَائِطُ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ مِنْ مُؤَخَّرِهِ مِمَّا يَلِي دَارَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ زَوَالُ مُلْكِ بَنِي فُلَانٍ، أَمَا إِنَّ هَادِمَهُ لَا يَبْنِيهِ»(2).
[364/58] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَقُومُ الْقَائِمُ حَتَّى يَقُومَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً كُلُّهُمْ يُجْمِعُ عَلَى قَوْلِ أَنَّهُمْ قَدْ رَأَوْهُ، فَيُكَذِّبُهُمْ».
[365/59] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيُّ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ(3)، عَنْ مُعَاذِ بْنِ مَطَرٍ(4)، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ - وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا مِسْمَعاً أَبَا سَيَّارٍ -، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «قَبْلَ قِيَامِ الْقَائِمِ تَحَرَّكَ حَرْبُ قَيْسٍ(5)».).
ص: 406
[366/60] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) السُّفْيَانِيُّ، فَقَالَ: أَنَّى يَخْرُجُ ذَلِكَ وَلَ-مَّا يَخْرُجْ كَاسِرُ عَيْنَيْهِ بِصَنْعَاءَ(1)؟».
[367/61] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَعْلَمِ الْأَزْدِيِّ(2)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «بَيْنَ يَدَيِ الْقَائِمِ مَوْتٌ أَحْمَرُ، وَمَوْتٌ أَبْيَضُ، وَجَرَادٌ فِي حِينِهِ، وَجَرَادٌ فِي غَيْرِ حِينِهِ، أَحْمَرُ كَالدَّمِ، فَأَمَّا المَوْتُ الْأَحْمَرُ فَبِالسَّيْفِ، وَأَمَّا المَوْتُ الْأَبْيَضُ فَالطَّاعُونُ(3)»(4).
[368/62] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ اِبْنِ يَزِيدَ بَيَّاعُ السَّابِرِيِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ خَالِدٍ الْخَزَّازُ جَمِيعاً، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ اِبْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْبِلَادِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ الْقَائِمِ سِنِينَ خَدَّاعَةً، يُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُقَرَّبُ فِيهَا المَاحِلُ».).
ص: 407
وَفِي حَدِيثٍ: «وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ».
فَقُلْتُ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ وَمَا المَاحِلُ؟
قَالَ: «أَوَمَا تَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ؟ قَوْلَهُ: ﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ [الرعد: 13]»، قَالَ: «يُرِيدُ المَكْرَ».
فَقُلْتُ: وَمَا المَاحِلُ(1)؟
قَالَ: «يُرِيدُ المَكَّارَ»(2)،(3).
[369/63] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ المَنْصُورِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ لله مَائِدَةً - وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: مَأْدُبَةً(4) - بِقِرْقِيسِيَاءَ، يَطَّلِعُ مُطَّلِعٌ مِنَ السَّمَاءِ فَيُنَادِي: يَا طَيْرَ السَّمَاءِ، وَيَا سِبَاعَ الْأَرْضِ، هَلُمُّوا إِلَى الشِّبَعِ مِنْ لُحُومِ الْجَبَّارِينَ».
[370/64] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ).
ص: 408
اِبْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) وَقَالَ: «يُنَادَى بِاسْمِ الْقَائِمِ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ، قُمْ».
[371/65] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اِبْنِ الْحَسَنِ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَا جَابِرُ، لَا يَظْهَرُ الْقَائِمُ حَتَّى يَشْمَلَ النَّاسَ بِالشَّامِ فِتْنَةٌ يَطْلُبُونَ المَخْرَجَ مِنْهَا فَلَا يَجِدُونَهُ، وَيَكُونُ قَتْلٌ بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالْحِيرَةِ، قَتْلَاهُمْ عَلَى سَوَاءٍ(1)، وَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ».
[372/66] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ الْأَرْبَعَةِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «تَوَقَّعُوا الصَّوْتَ يَأْتِيكُمْ بَغْتَةً مِنْ قِبَلِ دِمَشْقَ فِيهِ لَكُمْ فَرَجٌ عَظِيمٌ».
[373/67] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ هَؤُلَاءِ الرِّجَالِ الْأَرْبَعَةِ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ.
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ.
قَالَ(2): وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله المَوْصِلِيُّ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ أَحْمَدَ بْنِ).
ص: 409
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَاشِرٍ(1)، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ (عليهما السلام): «يَا جَابِرُ، الْزَمِ الْأَرْضَ وَلَا تُحَرِّكْ يَداً وَلَا رِجْلاً حَتَّى تَرَى عَلَامَاتٍ أَذْكُرُهَا لَكَ إِنْ أَدْرَكْتَهَا:
أَوَّلُهَا اخْتِلَافُ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَمَا أَرَاكَ تُدْرِكُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ حَدِّثْ بِهِ مَنْ بَعْدِي عَنِّي، وَمُنَادٍ يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَيَجِيئُكُمُ الصَّوْتُ مِنْ نَاحِيَةِ دِمَشْقَ بِالْفَتْحِ، وَتُخْسَفُ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الشَّامِ تُسَمَّى الْجَابِيَةَ(2)، وَتَسْقُطُ طَائِفَةٌ مِنْ مَسْجِدِ دِمَشْقَ الْأَيْمَنِ، وَمَارِقَةٌ(3) تَمْرُقُ مِنْ نَاحِيَةِ التُّرْكِ، وَيَعْقُبُهَا هَرْجُ الرُّومِ، وَسَيُقْبِلُ إِخْوَانُ التُّرْكِ حَتَّى يَنْزِلُوا الْجَزِيرَةَ، وَسَيُقْبِلُ مَارِقَةُ الرُّومِ حَتَّى يَنْزِلُوا الرَّمْلَةَ، فَتِلْكَ السَّنَةُ - يَا جَابِرُ - فِيهَا اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِي كُلِّ أَرْضٍ مِنْ نَاحِيَةِ المَغْرِبِ، فَأَوَّلُ أَرْضٍ تَخْرَبُ أَرْضُ الشَّامِ(4)، ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ عِنْدَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثِ رَايَاتٍ: رَايَةِ الْأَصْهَبِ، وَرَايَةِ الْأَبْقَعِ، وَرَايَةِ السُّفْيَانِيِّ، فَيَلْتَقِي السُّفْيَانِيُّ بِالْأَبْقَعِ، فَيَقْتَتِلُونَ فَيَقْتُلُهُ السُّفْيَانِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، ثُمَّ يَقْتُلُ الْأَصْهَبَ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ هِمَّةٌ إِلَّا الْإِقْبَالَ نَحْوَ الْعِرَاقِ، وَيَمُرُّ جَيْشُهُ بِقِرْقِيسِيَاءَ(5)، فَيَقْتَتِلُونَ بِهَا، فَيُقْتَلُ بِهَا مِنَ الْجَبَّارِينَ مِائَةُ أَلْفٍ، وَيَبْعَثُ).
ص: 410
السُّفْيَانِيُّ جَيْشاً إِلَى الْكُوفَةِ، وَعِدَّتُهُمْ سَبْعُونَ أَلْفاً، فَيُصِيبُونَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَتْلاً وَصُلْباً وَسَبْياً، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَتْ رَايَاتٌ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ(1)، وَتَطْوِي المَنَازِلَ طَيًّا حَثِيثاً، وَمَعَهُمْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ، ثُمَّ يَخْرُجُ رَجُلٌ مِنْ مَوَالِي أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي ضُعَفَاءَ، فَيَقْتُلُهُ(2) أَمِيرُ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْكُوفَةِ، وَيَبْعَثُ السُّفْيَانِيُّ بَعْثاً إِلَى المَدِينَةِ، فَيَنْفَرُ المَهْدِيُّ مِنْهَا إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْلُغُ أَمِيرَ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ أَنَّ المَهْدِيَّ قَدْ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَيَبْعَثُ جَيْشاً عَلَى أَثَرِهِ، فَلَا يُدْرِكُهُ حَتَّى يَدْخُلَ مَكَّةَ خائِفاً يَتَرَقَّبُ عَلَى سُنَّةِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (عليه السلام)».
قَالَ: «فَيَنْزِلُ أَمِيرُ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ الْبَيْدَاءَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا بَيْدَاءُ، أَبِيدِي الْقَوْمَ(3)، فَيَخْسِفُ بِهِمْ، فَلَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ إِلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، يُحَوِّلُ اللهُ وُجُوهَهُمْ إِلَى أَقْفِيَتِهِمْ، وَهُمْ مِنْ كَلْبٍ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلَى أَدْبَارِهَا...﴾ الْآيَةَ [النساء: 47]».
قَالَ: «وَالْقَائِمُ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، قَدْ أَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ مُسْتَجِيراً بِهِ، فَيُنَادِي: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَسْتَنْصِرُ اللهَ، فَمَنْ أَجَابَنَا مِنَ النَّاسِ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَنَحْنُ أَوْلَى النَّاسِ بِالله وَبِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَمَنْ حَاجَّنِي فِي آدَمَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِآدَمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي نُوحٍ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِنُوحٍ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي إِبْرَاهِيمَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي مُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِمُحَمَّدٍ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَمَنْ حَاجَّنِي فِي النَّبِيِّينَ فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالنَّبِيِّينَ، أَلَيْسَ اللهُ يَقُولُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى).
ص: 411
الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران: 33 و34]؟ فَأَنَا بَقِيَّةٌ مِنْ آدَمَ، وَذَخِيرَةٌ مِنْ نُوحٍ، وَمُصْطَفًى مِنْ إِبْرَاهِيمَ، وَصَفْوَةٌ مِنْ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ). أَلَا فَمَنْ حَاجَّنِي فِي كِتَابِ الله فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِكِتَابِ الله، أَلَا وَمَنْ حَاجَّنِي فِي سُنَّةِ رَسُولِ الله فَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِسُنَّةِ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَأَنْشُدُ اللهَ مَنْ سَمِعَ كَلَامِي الْيَوْمَ لَ-مَّا بَلَّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ الْغَائِبَ، وَأَسْأَلُكُمْ بِحَقِّ الله وَحَقِّ رَسُولِهِ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَبِحَقِّي، فَإِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقَّ الْقُرْبَى مِنْ رَسُولِ الله، إِلَّا أَعَنْتُمُونَا(1) وَمَنَعْتُمُونَا مِمَّنْ يَظْلِمُنَا، فَقَدْ أُخِفْنَا وَظُلِمْنَا وَطُرِدْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا وَبُغِيَ عَلَيْنَا وَدُفِعْنَا عَنْ حَقِّنَا وَافْتَرَى أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَيْنَا(2)، فَاللهَ اللهَ فِينَا لَا تَخْذُلُونَا وَانْصُرُونَا يَنْصُرْكُمُ اللهُ تَعَالَى».
قَالَ: «فَيَجْمَعُ اللهُ عَلَيْهِ أَصْحَابَهُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، وَيَجْمَعُهُمُ اللهُ لَهُ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ قَزَعاً كَقَزَعِ الْخَرِيفِ(3)، وَهِيَ - يَا جَابِرُ - الْآيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [البقرة: 148]، فَيُبَايِعُونَهُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، وَمَعَهُ عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قَدْ تَوَارَثَتْهُ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ. وَالْقَائِمُ - يَا جَابِرُ - رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ، يُصْلِحُ اللهُ لَهُ أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ، فَمَا أَشْكَلَ عَلَى النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ - يَا جَابِرُ -، فَلَا يُشْكِلَنَّ عَلَيْهِمْ وِلَادَتُهُ مِنْ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَوِرَاثَتُهُ الْعُلَمَاءُ عَالِماً بَعْدَ عَالِمٍ،).
ص: 412
فَإِنْ أَشْكَلَ هَذَا كُلُّهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ إِذَا نُودِيَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ»(1).
[374/68] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَقُومُ الْقَائِمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ»(2).
هذه العلامات التي ذكرها الأئمَّة (عليهم السلام) مع كثرتها واتِّصال الروايات بها وتواترها واتِّفاقها موجبة ألَّا يظهر القائم (عليه السلام) إلَّا بعد مجيئها وكونها، إذ كانوا قد أخبروا أنْ لابدَّ منها، وهم الصادقون، حتَّى إنَّه قيل لهم: نرجو أنْ يكون ما نُؤمِّل من أمر القائم (عليه السلام) ولا يكون قبله السفياني، فقالوا: «بلى، والله إنَّه لمن المحتوم الذي لابدَّ منه».
ثمّ حقَّقوا كون العلامات الخمس التي أعظم الدلائل والبراهين على ظهور الحقِّ بعدها، كما أبطلوا أمر التوقيت، وقالوا: «من روى لكم عنَّا توقيتاً فلا تهابوا أنْ تُكذِّبوه كائنا من كان، فإنَّا لا نُوقِّت»، وهذا من أعدل الشواهد على بطلان أمر كلِّ من ادَّعى أو ادُّعي له مرتبة القائم ومنزلته، وظهر قبل مجيء هذه العلامات، لاسيّما وأحواله كلُّها شاهدة ببطلان دعوى من يُدَّعى له.
ونسأل الله أنْ لا يجعلنا ممَّن يطلب الدنيا بالزخارف في الدِّين، والتمويه على ضعفاء المرتدِّين، ولا يسلبنا ما منحنا به من نور الهدى وضيائه، وجمال الحقِّ وبهائه، بمنِّه وطَوْله.
* * *).
ص: 413
ص: 414
ص: 415
ص: 416
[375/1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ اِبْنُ عَامِرِ بْنِ رَبَاحٍ الثَّقَفِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّالِ.
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ بَشِيرِ بْنِ أَبِي أَرَاكَةَ النَّبَّالِ.
وَلَفْظُ الْحَدِيثِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: لَ-مَّا قَدِمْتُ المَدِينَةَ انْتَهَيْتُ إِلَى مَنْزِلِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، فَإِذَا أَنَا بِبَغْلَتِهِ مُسْرَجَةً بِالْبَابِ، فَجَلَسْتُ حِيَالَ الدَّارِ، فَخَرَجَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَنَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ(1) وَأَقْبَلَ نَحْوِي، فَقَالَ: «مِمَّنِ الرَّجُلُ؟».
فَقُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ.
قَالَ: «مِنْ أَيِّهَا؟».
قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ.
فَقَالَ: «مَنْ صَحِبَكَ فِي هَذَا الطَّرِيقِ؟».
قُلْتُ: قَوْمٌ مِنَ المُحْدِثَةِ.
فَقَالَ: «وَمَا المُحْدِثَةُ؟».
قُلْتُ: المُرْجِئَةُ(2).ي.
ص: 417
فَقَالَ: «وَيْحَ هَذِهِ المُرْجِئَةِ، إِلَى مَنْ يَلْجَئُونَ غَداً إِذَا قَامَ قَائِمُنَا؟».
قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَوْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ كُنَّا نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي الْعَدْلِ سَوَاءٌ.
فَقَالَ: «مَنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ أَسَرَّ نِفَاقاً فَلَا يُبْعِدُ اللهُ غَيْرَهُ، وَمَنْ أَظْهَرَ شَيْئاً أَهْرَقَ اللهُ دَمَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «يَذْبَحُهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا يَذْبَحُ الْقَصَّابُ شَاتَهُ - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ -».
قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ اسْتَقَامَتْ لَهُ الْأُمُورُ، فَلَا يُهَرِيقُ مِحْجَمَةَ دَمٍ.
فَقَالَ: «كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى نَمْسَحَ وَأَنْتُمُ الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ(1) - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى جَبْهَتِهِ -»(2)،(3).).
ص: 418
[376/2] وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي(1) عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّوِيلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ الْوَاسِطِيِّ، عَنْ بَشِيرٍ النَّبَّالِ، قَالَ: قَدِمْتُ المَدِينَةَ...، وَذَكَرَ مِثْلَ الْحَدِيثِ المُتَقَدِّمِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَ-مَّا قَدِمْتُ المَدِينَةَ قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ المَهْدِيَّ لَوْ قَامَ لَاسْتَقَامَتْ لَهُ الْأُمُورُ عَفْواً، وَلَا يُهَرِيقُ مِحْجَمَةَ دَمٍ.
فَقَالَ: «كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوِ اسْتَقَامَتْ لِأَحَدٍ عَفْواً لَاسْتَقَامَتْ لِرَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حِينَ أُدْمِيَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، كَلَّا والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى نَمْسَحَ نَحْنُ وَأَنْتُمُ الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ - ثُمَّ مَسَحَ جَبْهَتَهُ -».
[377/3] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ(2)، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ الْعَبَّاسِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) وَقَدْ ذَكَرَ الْقَائِمَ (عليه السلام)، فَقُلْتُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ فِي سُهُولَةٍ.
فَقَالَ: «لَا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى تَمْسَحُوا الْعَلَقَ وَالْعَرَقَ».
[378/4] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ).
ص: 419
جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ رِبَاطٍ(1)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ أَهْلَ الْحَقِّ لَمْ يَزَالُوا مُنْذُ كَانُوا فِي شِدَّةٍ، أَمَا إِنَّ ذَاكَ إِلَى مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ وَعَافِيَةٍ طَوِيلَةٍ».
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ ابْنُ عُقْدَةَ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ الْكِنْدِيُّ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ يُونُسَ اِبْنِ رِبَاطٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ...، وَذَكَرَ مِثْلَهُ(3)،(4).
[379/5] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(5)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُي.
ص: 420
بِقُمَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنْ مُعَمَّرِ بْنِ خَلَّادٍ، قَالَ: ذُكِرَ الْقَائِمُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام)، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الْيَوْمَ أَرْخَى بَالاً مِنْكُمْ يَوْمَئِذٍ».
قَالُوا: وَكَيْفَ؟
قَالَ: «لَوْ قَدْ خَرَجَ قَائِمُنَا (عليه السلام) لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْعَلَقُ وَالْعَرَقُ، وَالنَّوْمُ عَلَى السُّرُوجِ، وَمَا لِبَاسُ الْقَائِمِ (عليه السلام) إِلَّا الْغَلِيظُ، وَمَا طَعَامُهُ إِلَّا الْجَشِبُ».
[380/6] أَخْبَرَنَا سَلَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الصَّفَّارُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «سَأَلَ نُوحٌ (عليه السلام) رَبَّهُ أَنْ يُنْزِلَ عَلَى قَوْمِهِ الْعَذَابَ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنْ يَغْرِسَ نَوَاةً مِنَ النَّخْلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ فَأَثْمَرَتْ وَأَكَلَ مِنْهَا، أَهْلَكَ قَوْمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ. فَغَرَسَ نُوحٌ النَّوَاةَ وَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا بَلَغَتِ النَّخْلَةُ وَأَثْمَرَتْ وَاجْتَنَى نُوحٌ مِنْهَا وَأَكَلَ وَأَطْعَمَ أَصْحَابَهُ، قَالُوا لَهُ: يَا نَبِيَّ الله، الْوَعْدَ الَّذِي وَعَدْتَنَا. فَدَعَا نُوحٌ رَبَّهُ، وَسَأَلَ الْوَعْدَ الَّذِي وَعَدَهُ. فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْغَرْسَ ثَانِيَةً حَتَّى إِذَا بَلَغَ النَّخْلُ وَأَثْمَرَ وَأَكَلَ مِنْهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابَ، فَأَخَبَرَ نُوحٌ (عليه السلام) أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ، فَصَارُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ ارْتَدَّتْ، وَفِرْقَةٌ نَافَقَتْ، وَفِرْقَةٌ ثَبَتَتْ مَعَ نُوحٍ. فَفَعَلَ نُوحٌ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ النَّخْلَةُ وَأَثْمَرَتْ وَأَكَلَ مِنْهَا نُوحٌ وَأَطْعَمَ أَصْحَابَهُ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ الله، الْوَعْدَ الَّذِي وَعَدْتَنَا. فَدَعَا نُوحٌ رَبَّهُ، فَأَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَغْرِسَ الْغَرْسَةَ الثَّالِثَةَ، فَإِذَا بَلَغَ وَأَثْمَرَ أَهْلَكَ قَوْمَهُ، فَأَخْبَرَ أَصْحَابَهُ، فَافْتَرَقَ الْفِرْقَتَانِ ثَلَاثَ فِرَقٍ(1): فِرْقَةٌ ارْتَدَّتْ، وَفِرْقَةٌ نَافَقَتْ، وَفِرْقَةٌ ثَبَتَتْ مَعَهُ. حَتَّى فَعَلَ نُوحٌ ذَلِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ، وَفَعَلَ اللهُ ذَلِكَ بِأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يَبْقَوْنَ مَعَهُ، فَيَفْتَرِقُونَ كُلُّ فِرْقَةٍ ثَلَاثَ فِرَقٍ عَلَى).
ص: 421
ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَاشِرَةِ جَاءَ إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْخَاصَّةِ المُؤْمِنِينَ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ الله، فَعَلْتَ بِنَا مَا وَعَدْتَ، أَوْ لَمْ تَفْعَلْ فَأَنْتَ صَادِقٌ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ لَا نَشُكُّ فِيكَ، وَلَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِنَا(1)».
قَالَ: «فَعِنْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَهْلَكَهُمُ اللهُ لِقَوْلِ نُوحٍ، وَأَدْخَلَ الْخَاصَّ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ، فَنَجَّاهُمُ اللهُ تَعَالَى، وَنَجَّى نُوحاً مَعَهُمْ بَعْدَ مَا صَفَوْا وَهُذِّبُوا وَذَهَبَ الْكَدَرُ مِنْهُمْ(2)»(3).
[381/7] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ(4)، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) بِالطَّوَافِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ لِي: «يَا مُفَضَّلُ، مَا لِي أَرَاكَ مَهْمُوماً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ؟».
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، نَظَرِي إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ وَمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ هَذَا المُلْكِ وَالسُّلْطَانِ وَالْجَبَرُوتِ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمْ لَكُنَّا فِيهِ مَعَكُمْ.خ.
ص: 422
فَقَالَ: «يَا مُفَضَّلُ، أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا سِيَاسَةُ اللَّيْلِ، وَسَبَاحَةُ النَّهَارِ(1)، وَأَكْلُ الْجَشِبِ، وَلُبْسُ الْخَشِنِ، شِبْهَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام)، وَإِلَّا فَالنَّارُ(2)، فَزُوِيَ ذَلِكَ عَنَّا، فَصِرْنَا نَأْكُلُ وَنَشْرَبُ، وَهَلْ رَأَيْتَ ظُلَامَةً جَعَلَهَا اللهُ نِعْمَةً مِثْلَ هَذَا؟!»(3).
[382/8] أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ(4)، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) فِي بَيْتِهِ وَالْبَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ، فَلَا يُسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَجَابَ فِيهِ، فَبَكَيْتُ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، فَقَالَ: «مَا يُبْكِيكَ - يَا عَمْرُو -؟».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَكَيْفَ لَا أَبْكِي؟ وَهَلْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلُكَ؟ وَالْبَابُ مُغْلَقٌ عَلَيْكَ، وَالسِّتْرُ لمُرْخًى عَلَيْكَ.ا.
ص: 423
فَقَالَ: «لَا تَبْكِ يَا عَمْرُو، نَأْكُلُ أَكْثَرَ الطَّيِّبِ، وَنَلْبَسُ اللَّيِّنَ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي تَقُولُ لَمْ يَكُنْ إِلَّا أَكْلُ الْجَشِبِ، وَلُبْسُ الْخَشِنِ، مِثْلَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام)، وَإِلَّا فَمُعَالَجَةُ الْأَغْلَالِ فِي النَّارِ(1)».
* * *ر.
ص: 424
ص: 425
ص: 426
[383/1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: مَا لِهَذَا الْأَمْرِ أَمَدٌ يُنْتَهَى إِلَيْهِ وَيُرِيحُ أَبْدَانَنَا(1)؟
قَالَ: «بَلَى، ولَكِنَّكُمْ أَذَعْتُمْ فَأَخَّرَهُ اللهُ»(2).
[384/2] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْخَثْعَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الضُّرَيْسُ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، قَالَ: لَ-مَّا مَضَى عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليهما السلام) دَخَلْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، قَدْ عَرَفْتَ انْقِطَاعِي إِلَى أَبِيكَ وَأُنْسِي بِهِ وَوَحْشَتِي مِنَ النَّاسِ.).
ص: 427
قَالَ: «صَدَقْتَ - يَا أَبَا خَالِدٍ -، فَتُرِيدُ مَا ذَا؟».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَقَدْ وَصَفَ لِي أَبُوكَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ بِصِفَةٍ لَوْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ لَأَخَذْتُ بِيَدِهِ.
قَالَ: «فَتُرِيدُ مَا ذَا، يَا أَبَا خَالِدٍ؟».
قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ تُسَمِّيَهُ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ بِاسْمِهِ.
فَقَالَ: «سَأَلْتَنِي وَالله - يَا أَبَا خَالِدٍ - عَنْ سُؤَالٍ مُجْهِدٍ، وَلَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ أَمْرٍ مَا كُنْتُ مُحَدِّثاً بِهِ أَحَداً، وَلَوْ كُنْتُ مُحَدِّثاً بِهِ أَحَداً لَحَدَّثْتُكَ، وَلَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ أَمْرٍ لَوْ أَنَّ بَنِي فَاطِمَةَ عَرَفُوهُ حَرَصُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعُوهُ بَضْعَةً بَضْعَةً(1)»(2).
[385/3] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَبَّاسِيِّ(3)، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «يَا مُحَمَّدُ، مَنْ أَخْبَرَكَ عَنَّا تَوْقِيتاً فَلَا تَهَابَنَّ أَنْ تُكَذِّبَهُ، فَإِنَّا لَا نُوَقِّتُ لِأَحَدٍ وَقْتاً»(4).
[386/4] أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُر.
ص: 428
حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله اِبْنُ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «أَبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُخْلِفَ وَقْتَ المُوَقِّتِينَ»(1)،(2).
[387/5] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَلَانِسِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّا لَا نُوَقِّتُ هَذَا الْأَمْرَ».
[388/6] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ جَبَلَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَتَى خُرُوجُ الْقَائِمِ (عليه السلام)؟
فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نُوَقِّتُ، وَقَد قَالَ مُحَمَّدٌ (صلّى الله عليه وآله وسلّم): كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ. يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّ قُدَّامَ هَذَا الْأَمْرِ خَمْسَ عَلَامَاتٍ: أُولَاهُنَّ النِّدَاءُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَخُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ، وَخُرُوجُ الْخُرَاسَانِيِّ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الزَّكِيَّةِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ(3)».
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ قُدَّامَ ذَلِكَ الطَّاعُونَانِ: الطَّاعُونُ الْأَبْيَضُ، وَالطَّاعُونُ الْأَحْمَرُ».).
ص: 429
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، وَأَيُّ شَيْءٍ هُمَا؟
فَقَالَ: «أَمَّا الطَّاعُونُ الْأَبْيَضُ فَالمَوْتُ الْجَارِفُ(1)، وَأَمَّا الطَّاعُونُ الْأَحْمَرُ فَالسَّيْفُ، وَلَا يَخْرُجُ الْقَائِمُ حَتَّى يُنَادَى بِاسْمِهِ مِنْ(2) جَوْفِ السَّمَاءِ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ».
قُلْتُ: بِمَ يُنَادَى؟
قَالَ: «بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ، أَلَا إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوهُ، فَلَا يَبْقَى شَيْءٌ خَلَقَ الله فِيهِ الرُّوحَ إِلَّا يَسْمَعُ الصَّيْحَةَ، فَتُوقِظُ النَّائِمَ وَيَخْرُجُ إِلَى صَحْنِ دَارِهِ، وَتُخْرِجُ الْعَذْرَاءَ مِنْ خِدْرِهَا، وَيَخْرُجُ الْقَائِمُ مِمَّا يَسْمَعُ، وَهِيَ صَيْحَةُ جَبْرَئِيلَ (عليه السلام)».
[389/7] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اِبْنِ الْقَاسِمِ(3)، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ(4)، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَرَاسَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَزَوَّرِ(5)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ:ي.
ص: 430
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ (رضي الله عنه) يَقُولُ: إِنَّ قَبْلَ رَايَاتِنَا رَايَةً لِآلِ جَعْفَرٍ، وَأُخْرَى لِآلِ مِرْدَاسٍ، فَأَمَّا رَايَةُ آلِ جَعْفَرٍ فَلَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَلَا إِلَى شَيْءٍ.
فَغَضِبْتُ - وَكُنْتُ أَقْرَبَ النَّاسِ إِلَيْهِ -، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ قَبْلَ رَايَاتِكُمْ رَايَاتٍ؟
قَالَ: إِي وَالله إِنَّ لِبَنِي مِرْدَاسٍ(1) مُلْكاً مُوَطَّداً لَا يَعْرِفُونَ فِي سُلْطَانِهِمْ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ، سُلْطَانُهُمْ عُسْرٌ لَيْسَ فِيهِ يُسْرٌ، يُدْنُونَ فِيهِ الْبَعِيدَ، وَيُقْصُونَ فِيهِ الْقَرِيبَ، حَتَّى إِذَا أَمِنُوا مَكْرَ الله وَعِقَابَهُ(2) صِيحَ بِهِمْ صَيْحَةً، لَمْ يَبْقَ لَهُمْ رَاعٍ يَجْمَعُهُمْ، وَلَا دَاعٍ يُسْمِعُهُمْ، وَلَا جَمَاعَةٌ(3) يَجْتَمِعُونَ إِلَيْهَا، وَقَدْ ضَرَبَهُمُ اللهُ مَثَلاً فِي كِتَابِهِ(4): ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً...﴾ الْآيَةَ [يونس: 24]، ثُمَّ حَلَفَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالله أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ.
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، لَقَدْ حَدَّثْتَنِي عَنْ هَؤُلَاءِ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ، فَمَتَى يَهْلِكُونَ؟).
ص: 431
فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ خَالَفَ عِلْمُهُ وَقْتَ المُوَقِّتِينَ، إِنَّ مُوسَى (عليه السلام) وَعَدَ قَوْمَهُ ثَلَاثِينَ يَوْماً، وَكَانَ فِي عِلْمِ الله (عزَّ وجلَّ) زِيَادَةُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لَمْ يُخْبِرْ بِهَا مُوسَى، فَكَفَرَ قَوْمُهُ وَاتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ لَ-مَّا جَازَ عَنْهُمُ الْوَقْتُ، وَإِنَّ يُونُسَ وَعَدَ قَوْمَهُ الْعَذَابَ، وَكَانَ فِي عِلْمِ الله أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، وَلَكِنْ إِذَا رَأَيْتَ الْحَاجَةَ قَدْ ظَهَرَتْ، وَقَالَ الرَّجُلُ: بِتُّ اللَّيْلَةَ بِغَيْرِ عَشَاءٍ، وَحَتَّى يَلْقَاكَ الرَّجُلُ بِوَجْهٍ، ثُمَّ يَلْقَاكَ بِوَجْهٍ آخَرَ.
قُلْتُ: هَذِهِ الْحَاجَةُ قَدْ عَرَفْتُهَا، فَمَا الْأُخْرَى؟ وَأَيُّ شَيْءٍ هِيَ؟
قَالَ: يَلْقَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ، فَإِذَا جِئْتَ تَسْتَقْرِضُهُ قَرْضاً لَقِيَكَ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ تَقَعُ الصَّيْحَةُ مِنْ قَرِيبٍ.
[390/8] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسِ بْنِ رُمَّانَةَ الْأَشْعَرِيُّ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، قَالُوا جَمِيعاً: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ الزَّرَّادُ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «قَدْ كَانَ لِهَذَا الْأَمْرِ(1) وَقْتٌ، وَكَانَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ(2)، فَحَدَّثْتُمْ بِهِ وَأَذَعْتُمُوهُ، فَأَخَّرَهُ اللهُ (عزَّ وجلَّ)».
[391/9] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «يَا أَبَا إِسْحَاقَ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ قَدْ أُخِّرَ مَرَّتَيْنِ(3)».ي.
ص: 432
[392/10] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «يَا ثَابِتُ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ كَانَ وَقَّتَ هَذَا الْأَمْرَ فِي سَنَةِ السَّبْعِينَ(1)، فَلَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عليه السلام) اشْتَدَّ غَضَبُ الله(2)، فَأَخَّرَهُ إِلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ، فَحَدَّثْنَاكُمْ بِذَلِكَ، فَأَذَعْتُمْ وَكَشَفْتُمْ قِنَاعَ السِّتْرِ، فَلَمْ يَجْعَلِ اللهُ لِهَذَا الْأَمْرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقْتاً عِنْدَنَا، وَ﴿يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39]».
قَالَ أَبُو حَمْزَةَ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ أَبَا عَبْدِ الله الصَّادِقَ (عليه السلام)، فَقَالَ: «قَدْ كَانَ ذَلِكَ»(3)،(4).).
ص: 433
[393/11] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِهْزَمٌ، فَقَالَ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي نَنْتَظِرُهُ مَتَى هُوَ؟
فَقَالَ: «يَا مِهْزَمُ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، وَهَلَكَ المُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا المُسَلِّمُونَ»(1)،(2).
[394/12] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ شُيُوخِهِ، عَنْ أَحْمَدَ اِبْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْقَائِمِ (عليه السلام).).
ص: 434
فَقَالَ: «كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نُوَقِّتُ»، ثُمَّ قَالَ: «أَبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُخْلِفَ وَقْتَ المُوَقِّتِينَ»(1)،(2).
[395/13] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْخَزَّازِ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: لِهَذَا الْأَمْرِ وَقْتٌ؟
فَقَالَ: «كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، كَذَبَ الْوَقَّاتُونَ، إِنَّ مُوسَى (عليه السلام) لَ-مَّا خَرَجَ وَافِداً إِلَى رَبِّهِ وَاعَدَهُمْ ثَلَاثِينَ يَوْماً، فَلَمَّا زَادَهُ اللهُ عَلَى الثَّلَاثِينَ عَشْراً قَالَ قَوْمُهُ: قَدْ أَخْلَفَنَا مُوسَى، فَصَنَعُوا مَا صَنَعُوا، فَإِذَا(3) حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ، وَإِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ فَجَاءَ عَلَى خِلَافِ مَا حَدَّثْنَاكُمْ بِهِ فَقُولُوا: صَدَقَ اللهُ، تُؤْجَرُوا مَرَّتَيْنِ»(4)،(5).).
ص: 435
[396/14] وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَأَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ، عَنِ السَّيَّارِيِّ(1)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، عَنْ أَخِيهِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ (عليهما السلام): «يَا عَلِيُّ، الشِّيعَةُ تُرَبَّى بِالْأَمَانِيِّ مُنْذُ مِائَتَيْ سَنَةٍ».
قال: وقال يقطين لابنه عليِّ بن يقطين: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن - يعني أمر بني العبَّاس(2) -؟
فقال له عليٌّ: إنَّ الذي قيل لكم ولنا كان من مخرج واحد، غير أنَّ أمركم حضر وقته فأعطيتم محضه فكان كما قيل لكم، وإنَّ أمرنا لم يحضر فعُلِّلنا بالأماني، فلو قيل لنا: إنَّ هذا الأمر لا يكون إلَّا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب، ولرجع عامَّة الناس عن الإيمان إلى الإسلام(3)، ولكن قالوا: ما أسرعه،).
ص: 436
[397/15] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْأَنْبَارِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِ مِهْزَمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: ذَكَرْنَا عِنْدَهُ مُلُوكَ آلِ فُلَانٍ، فَقَالَ: «إِنَّمَا هَلَكَ النَّاسُ مِنِ اسْتِعْجَالِهِمْ لِهَذَا الْأَمْرِ، إِنَّ اللهَ لَا يَعْجَلُ لِعَجَلَةِ الْعِبَادِ، إِنَّ لِهَذَا الْأَمْرِ غَايَةً يُنْتَهَى إِلَيْهَا، فَلَوْ قَدْ بَلَغُوهَا لَمْ يَسْتَقْدِمُوا سَاعَةً وَلَمْ يَسْتَأْخِرُوا»(1)،(2).).
ص: 438
ص: 439
ص: 440
[398/1] أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ اسْتَقْبَلَ مِنْ جَهْلِ النَّاسِ أَشَدَّ مِمَّا اسْتَقْبَلَهُ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مِنْ جُهَّالِ الْجَاهِلِيَّةِ».
قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَاكَ؟
قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَتَى النَّاسَ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ وَالصُّخُورَ وَالْعِيدَانَ(1) وَالْخُشُبَ المَنْحُوتَةَ، وَإِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ أَتَى النَّاسَ وَكُلُّهُمْ يَتَأَوَّلُ عَلَيْهِ كِتَابَ الله، يَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِهِ»، ثُمَّ قَالَ: «أَمَا وَالله لَيَدْخُلَنَّ عَلَيْهِمْ عَدْلُهُ جَوْفَ بُيُوتِهِمْ كَمَا يَدْخُلُ الْحَرُّ وَالْقُرُّ(2)».
[399/2] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ المُخْتَارِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ لَوْ قَدْ ظَهَرَ لَقِيَ مِنَ النَّاسِ مِثْلَ مَا لَقِيَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وَأَكْثَرَ».
[400/3] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ).
ص: 441
اِبْنِ أَبِي حَمْزَةَ(1)، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنَّ الْقَائِمَ (عليه السلام) يَلْقَى فِي حَرْبِهِ مَا لَمْ يَلْقَ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لِأَنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَتَاهُمْ وَهُمْ يَعْبُدُونَ حِجَارَةً مَنْقُورَةً(2) وَخُشُباً مَنْحُوتَةً، وَإِنَّ الْقَائِمَ يَخْرُجُونَ عَلَيْهِ فَيَتَأَوَّلُونَ عَلَيْهِ كِتَابَ الله وَيُقَاتِلُونَهُ عَلَيْهِ».
[401/4] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى الْعَلَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ الْأَعْشَى، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) يَقُولُ: «إِذَا ظَهَرَتْ رَايَةُ الْحَقِّ لَعَنَهَا أَهْلُ المَشْرِقِ وَأَهْلُ المَغْرِبِ، أَتَدْرِي لِ-مَ ذَاكَ؟».
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: «لِلَّذِي يَلْقَى النَّاسُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ».
[402/5] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ قُتَيْبَةَ الْأَعْشَى، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا رُفِعَتْ رَايَةُ الْحَقِّ لَعَنَهَا أَهْلُ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ».
قُلْتُ لَهُ: مِمَّ ذَلِكَ؟
قَالَ: «مِمَّا يَلْقَوْنَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ».
[403/6] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى وَأَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّب.
ص: 442
الْأَعْلَمِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ وَابْنِ أُذَيْنَةَ الْعَبْدِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ جَمِيعاً، عَنْ يَعْقُوبَ السَّرَّاجِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَدِينَةً وَطَائِفَةً يُحَارِبُ الْقَائِمُ أَهْلَهَا وَيُحَارِبُونَهُ: أَهْلُ مَكَّةَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ، وَأَهْلُ الشَّامِ، وَبَنُو أُمَيَّةَ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَأَهْلُ دَسْتُ مِيسَانَ(1)، وَالْأَكْرَادُ، وَالْأَعْرَابُ، وَضَبَّةُ، وَغَنِيٌّ، وَبَاهِلَةُ، وَأَزْدٌ(2)، وَأَهْلُ الرَّيِّ».
* * *).
ص: 443
ص: 444
ص: 445
ص: 446
[404/1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ اِبْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسِ بْنِ رُمَّانَةَ مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَعْلَبَةُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «السُّفْيَانِيُّ مِنَ المَحْتُومِ، وَخُرُوجُهُ فِي رَجَبٍ، وَمِنْ أَوَّلِ خُرُوجِهِ إِلَى آخِرِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْراً، سِتَّةُ أَشْهُرٍ يُقَاتِلُ فِيهَا، فَإِذَا مَلَكَ الْكُوَرَ الْخَمْسَ مَلَكَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا يَوْماً».
[405/2] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ اِبْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ جَبَلَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «مِنَ الْأَمْرِ مَحْتُومٌ، وَمِنْهُ مَا لَيْسَ بِمَحْتُومٍ، وَمِنَ المَحْتُومِ خُرُوجُ السُّفْيَانِيِّ فِي رَجَبٍ»(1).
[406/3] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) يَقُولُ: «اتَّقُوا اللهَ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِالْوَرَعِ وَالْاِجْتِهَادِ فِي طَاعَةِ الله، فَإِنَّ أَشَدَّ مَا يَكُونُ أَحَدُكُمْ اغْتِبَاطاً بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدِّينِ لَوْ قَدْ صَارَ فِي حَدِّ الْآخِرَةِ وَانْقَطَعَتِ الدُّنْيَا عَنْهُ، فَإِذَا صَارَ فِي ذَلِكَ الْحَدِّ عَرَفَ أَنَّهُ قَدِ اسْتَقْبَلَت.
ص: 447
النَّعِيمَ وَالْكَرَامَةَ مِنَ الله وَالْبُشْرَى بِالْجَنَّةِ، وَأَمِنَ مِمَّا كَانَ يَخَافُ، وَأَيْقَنَ أَنَّ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّ مَنْ خَالَفَ دِينَهُ عَلَى بَاطِلٍ، وَأَنَّهُ هَالِكٌ، فَأَبْشِرُوا ثُمَّ أَبْشِرُوا بِالَّذِي تُرِيدُونَه، أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ أَعْدَاءَكُمْ يَقْتَتِلُونَ فِي مَعَاصِي الله، وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً عَلَى الدُّنْيَا دُونَكُمْ، وَأَنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ آمِنُونَ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُمْ؟ وَكَفَى بِالسُّفْيَانِيِّ نَقِمَةً لَكُمْ(1) مِنْ عَدُوِّكُمْ، وَهُوَ مِنَ الْعَلَامَاتِ لَكُمْ، مَعَ أَنَّ الْفَاسِقَ لَوْ قَدْ خَرَجَ لَمَكَثْتُمْ شَهْراً أَوْ شَهْرَيْنِ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكُمْ بَأْسٌ حَتَّى يَقْتُلَ خَلْقاً كَثِيراً دُونَكُمْ».
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِالْعِيَالِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ؟
قَالَ: «يَتَغَيَّبُ الرَّجُلُ(2) مِنْكُمْ عَنْهُ، فَإِنَّ حَنَقَهُ(3) وَشَرَهَهُ(4) إِنَّمَا هِيَ عَلَى شِيعَتِنَا، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ بَأْسٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى».
قِيلَ: فَإِلَى أَيْنَ يَخْرُجُ(5) الرِّجَالِ وَيَهْرُبُونَ مِنْهُ؟
فَقَالَ: «مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ أَنْ يَخْرُجَ، يَخْرُجْ إِلَى المَدِينَةِ أَوْ إِلَى مَكَّةَ أَوْ إِلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ»، ثُمَّ قَالَ: «مَا تَصْنَعُونَ بِالمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ جَيْشُ الْفَاسِقِ إِلَيْهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمَكَّةَ فَإِنَّهَا مَجْمَعُكُمْ، وَإِنَّمَا فِتْنَتُهُ حَمْلُ امْرَأَةٍ: تِسْعَةُ أَشْهُرٍ(6)، وَلَا يَجُوزُهَا إِنْ شَاءَ اللهُ»(7).ه.
ص: 448
[407/4] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ اِبْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، فَجَرَى ذِكْرُ الْقَائِمِ (عليه السلام)، فَقُلْتُ لَهُ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ عَاجِلاً وَلَا يَكُونَ سُفْيَانِيٌّ.
فَقَالَ: «لَا وَالله إِنَّهُ لَمِنَ المَحْتُومِ الَّذِي لَابُدَّ مِنْهُ».
[408/5] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْأَصَمِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليهما السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ [الأنعام: 2]، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا أَجَلَانِ: أَجَلٌ مَحْتُومٌ، وَأَجَلٌ مَوْقُوفٌ».
فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ: مَا المَحْتُومُ؟
قَالَ: «الَّذِي لله فِيهِ المَشِيئَةُ».
قَالَ حُمْرَانُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ أَجَلُ السُّفْيَانِيِّ مِنَ المَوْقُوفِ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «لَا وَالله إِنَّهُ لَمِنَ المَحْتُومِ»(1)،(2).).
ص: 449
[409/6] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَزْدِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الطَّوِيلُ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام)، قَالَ: «إِنَّ مِنَ الْأُمُورِ أُمُوراً مَوْقُوفَةً وَأُمُوراً مَحْتُومَةً، وَإِنَّ السُّفْيَانِيَّ مِنَ المَحْتُومِ الَّذِي لَابُدَّ مِنْهُ».
[410/7] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَّادٌ الصَّائِغُ(1)، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «السُّفْيَانِيُّ لَابُدَّ مِنْهُ، وَلَا يَخْرُجُ إِلَّا فِي رَجَبٍ».
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الله، إِذَا خَرَجَ فَمَا حَالُنَا؟
قَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَإِلَيْنَا(2)»(3).).
ص: 450
[411/8] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ(1)، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْبَاقِرَ (عليه السلام) عَنِ السُّفْيَانِيِّ، فَقَالَ: «وَأَنَّى لَكُمْ بِالسُّفْيَانِيِّ حَتَّى يَخْرُجَ قَبْلَهُ الشَّيْصَبَانِيُّ(2)، يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ كُوفَانَ، يَنْبُعُ كَمَا يَنْبُعُ المَاءُ، فَيَقْتُلُ وَفْدَكُمْ، فَتَوَقَّعُوا بَعْدَ ذَلِكَ السُّفْيَانِيَّ، وَخُرُوجَ الْقَائِمِ (عليه السلام)».
[412/9] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَسَارٍ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: رَافَقْتُ(3) أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ (عليهما السلام) بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، فَقَالَ لِي يَوْماً: «يَا عَلِيُّ، لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ خَرَجُوا عَلَى بَنِي الْعَبَّاسِ لَسُقِيَتِ الْأَرْضُ بِدِمَائِهِمْ حَتَّى يَخْرُجَ السُّفْيَانِيُّ».
قُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، أَمْرُهُ مِنَ المَحْتُومِ؟
قَالَ: «نَعَمْ»، ثُمَّ أَطْرَقَ هُنَيْئَةً(4)، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: «مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسًِ.
ص: 451
مَكْرٌ وَخِدَاعٌ، يَذْهَبُ حَتَّى يُقَالَ: لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، ثُمَّ يَتَجَدَّدُ حَتَّى يُقَالَ: مَا مَرَّ بِهِ(1) شَيْءٌ».
[413/10] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الله الْخَالَنْجِيُ(2)، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الرِّضَا (عليه السلام)، فَجَرَى ذِكْرُ السُّفْيَانِيِّ، وَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ أَمْرَهُ مِنَ المَحْتُومِ.
فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): هَلْ يَبْدُو لله فِي المَحْتُومِ؟
قَالَ: «نَعَمْ».
قُلْنَا لَهُ: فَنَخَافُ أَنْ يَبْدُوَ لله فِي الْقَائِمِ.
فَقَالَ: «إِنَّ الْقَائِمَ مِنَ الْمِيعَادِ، وَ﴿اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [آل عمران: 9]»(3).
[414/11] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْقُرَشِيِّ،).
ص: 452
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْجَهْمِ(1)، قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا (عليه السلام): أَصْلَحَكَ اللهُ، إِنَّهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ السُّفْيَانِيَّ يَقُومُ وَقَدْ ذَهَبَ سُلْطَانُ بَنِي الْعَبَّاسِ(2).
فَقَالَ: «كَذَبُوا، إِنَّهُ لَيَقُومُ وَإِنَّ سُلْطَانَهُمْ لَقَائِمٌ».
[415/12] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ (عليه السلام): «إِنَّ لِوُلْدِ الْعَبَّاسِ وَالمَرْوَانِيِّ لَوَقْعَةً بِقِرْقِيسَاءَ يَشِيبُ فِيهَا الْغُلَامُ الْحَزَوَّرُ(3)، وَيَرْفَعُ اللهُ عَنْهُمُ النَّصْرَ، وَيُوحِي إِلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَسِبَاعِ الْأَرْضِ: اشْبَعِي مِنْ لُحُومِ الْجَبَّارِينَ، ثُمَّ يَخْرُجُ السُّفْيَانِيُ».
[416/13] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبَاحٍ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْأَقْرَعُ(4)، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا اسْتَوْلَى السُّفْيَانِيُّ عَلَى).
ص: 453
الْكُوَرِ الْخَمْسِ فَعُدُّوا لَهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ»، وَزَعَمَ هِشَامٌ أَنَّ الْكُوَرَ الْخَمْسَ: دِمَشْقُ، وَفِلَسْطِينُ، وَالْأُرْدُنُّ، وَحِمْصٌ، وَحَلَبُ(1).
[417/14] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ، عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «المَهْدِيُّ أَقْبَلُ(2)، جَعْدٌ، بِخَدِّهِ خَالٌ، يَكُونُ مَبْدَؤُهُ(3) مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ، فَيَمْلِكُ قَدْرَ حَمْلِ امْرَأَةٍ: تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، يَخْرُجُ بِالشَّامِ فَيَنْقَادُ لَهُ أَهْلُ الشَّامِ إِلَّا طَوَائِفُ مِنَ المُقِيمِينَ عَلَى الْحَقِّ، يَعْصِمُهُمُ اللهُ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُ، وَيَأْتِي المَدِينَةَ بِجَيْشٍ جَرَّارٍ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى بَيْدَاءِ المَدِينَةِ خَسَفَ اللهُ بِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ) فِي كِتَابِهِ: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ﴾ [سبأ: 51]».ه.
ص: 454
[418/15] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «الْيَمَانِيُّ وَالسُّفْيَانِيُّ كَفَرَسَيْ رِهَانٍ(1)»(2).
[419/16] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ المَعْرُوفُ بِأَبِي جَعْفَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ اِبْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)(3) أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): إِذَا اخْتَلَفَ الرُّمْحَانِ بِالشَّامِ لَمْ تَنْجَلِ إِلَّا عَنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ الله.
قِيلَ: وَمَا هِيَ، يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ(4)؟
قَالَ: رَجْفَةٌ تَكُونُ بِالشَّامِ يَهْلِكُ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ يَجْعَلُهَا اللهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَذَاباً عَلَى الْكَافِرِينَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْظُرُوا إِلَى أَصْحَابِ الْبَرَاذِينِ الشُّهْبِ المَحْذُوفَةِ(5) وَالرَّايَاتِ الصُّفْرِ تُقْبِلُ مِنَ المَغْرِبِ حَتَّى تَحُلَّ بِالشَّامِ، وَذَلِكَ).
ص: 455
عِنْدَ الْجَزَعِ الْأَكْبَرِ وَالمَوْتِ الْأَحْمَرِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْظُرُوا خَسْفَ قَرْيَةٍ مِنْ دِمَشْقَ يُقَالُ لَهَا: حَرَسْتَا(1)، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ خَرَجَ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ مِنَ الْوَادِي الْيَابِسِ حَتَّى يَسْتَوِيَ عَلَى مِنْبَرِ دِمَشْقَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَانْتَظِرُوا خُرُوجَ المَهْدِيِّ (عليه السلام)»(2).
[420/17] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ وَهْبٍ(3)، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِذَا خَرَجَ السُّفْيَانِيُّ يَبْعَثُ جَيْشاً إِلَيْنَا وَجَيْشاً إِلَيْكُمْ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأْتُونَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ»(4).
[421/18] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْخَزَّازِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، قَالَ: «السُّفْيَانِيُّ أَحْمَرُ أَشْقَرُ أَزْرَقُ، لَمْ يَعْبُدِ اللهَ قَطُّ، وَلَمْ يَرَ مَكَّةَ وَلَا المَدِينَةَ قَطُّ، يَقُولُ: يَا رَبِّ ثَارِي وَالنَّارَ، يَا رَبِّ ثَارِي وَالنَّارَ(5)»(6).
* * *).
ص: 456
ص: 457
ص: 458
[422/1] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي المَغْرَاءِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «لَ-مَّا الْتَقَى أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ نَشَرَ الرَّايَةَ - رَايَةَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) -، فَزَلْزَلَتْ أَقْدَامُهُمْ، فَمَا اصْفَرَّتِ الشَّمْسُ حَتَّى قَالُوا: آمِنَّا يا بن أَبِي طَالِبٍ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ: لَا تَقْتُلُوا الْأَسْرَى، وَلَا تُجْهِزُوا الْجَرْحَى(1)، وَلَا تَتْبَعُوا مُوَلِّياً، وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَلَ-مَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ سَأَلُوهُ نَشْرَ الرَّايَةِ، فَأَبَى عَلَيْهِمْ، فَتَحَمَّلُوا عَلَيْهِ بِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (عليهما السلام) وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ (رضي الله عنه)، فَقَالَ لِلْحَسَنِ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ لِلْقَوْمِ مُدَّةً يَبْلُغُونَهَا، وَإِنَّ هَذِهِ رَايَةٌ لَا يَنْشُرُهَا بَعْدِي إِلَّا الْقَائِمُ (صلوات الله عليه)».
[423/2] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله يَحْيَى اِبْنُ زَكَرِيَّا بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «لَا يَخْرُجُ الْقَائِمُ (عليه السلام) حَتَّى يَكُونَ تَكْمِلَةُ الْحَلْقَةِ(2)».
قُلْتُ: وَكَمْ تَكْمِلَةُ الْحَلْقَةِ؟
قَالَ: «عَشَرَةُ آلَافٍ، جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، ثُمَّ يَهُزُّ الرَّايَةَ وَيَسِيرُ بِهَا، فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ فِي المَشْرِقِ وَلَا فِي المَغْرِبِ إِلَّا لَعَنَهَا، وَهِيَ رَايَةُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ يَوْمَ بَدْرٍ».).
ص: 459
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا هِيَ وَالله قُطْنٌ وَلَا كَتَّانٌ وَلَا قَزٌّ وَلَا حَرِيرٌ».
قُلْتُ: فَمِنْ أَيِّ شَيْءٍ هِيَ؟
قَالَ: «مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، نَشَرَهَا رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ لَفَّهَا وَدَفَعَهَا إِلَى عَلِيٍّ (عليه السلام)، فَلَمْ تَزَلْ عِنْدَ عَلِيٍّ (عليه السلام) حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْبَصْرَةِ نَشَرَهَا أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَفَّهَا، وَهِيَ عِنْدَنَا هُنَاكَ لَا يَنْشُرُهَا أَحَدٌ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ (عليه السلام)، فَإِذَا هُوَ قَامَ نَشَرَهَا، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ فِي المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ إِلَّا لَعَنَهَا، وَيَسِيرُ الرُّعْبُ قُدَّامَهَا شَهْراً، وَوَرَاءَهَا شَهْراً(1)، وَعَنْ يَمِينِهَا شَهْراً، وَعَنْ يَسَارِهَا شَهْراً».
ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ يَخْرُجُ مَوْتُوراً غَضْبَانَ أَسِفاً لِغَضَبِ الله عَلَى هَذَا الْخَلْقِ، يَكُونُ عَلَيْهِ قَمِيصُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الَّذِي عَلَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَعِمَامَتُهُ السَّحَابُ، وَدِرْعُهُ دِرْعُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) السَّابِغَةُ(2)، وَسَيْفُهُ سَيْفُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ذُو الْفَقَارِ، يُجَرِّدُ السَّيْفَ عَلَى عَاتِقِهِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ يَقْتُلُ هَرْجاً، فَأَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِبَنِي شَيْبَةَ(3) فَيَقْطَعُ أَيْدِيَهُمْ وَيُعَلِّقُهَا فِي الْكَعْبَةِ، وَيُنَادِي مُنَادِيهِ: هَؤُلَاءِ سُرَّاقُ الله، ثُمَّ يَتَنَاوَلُ قُرَيْشاً، فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا إِلَّا السَّيْفَ، وَلَا يُعْطِيهَا إِلَّا السَّيْفَ، وَلَا يَخْرُجُ الْقَائِمُ (عليه السلام) حَتَّى يُقْرَأَ كِتَابَانِ: كِتَابٌ بِالْبَصْرَةِ، وَكِتَابٌ بِالْكُوفَةِ، بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عَلِيٍّ (عليه السلام)»(4).
[424/3] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ).
ص: 460
اِبْنُ سِنَانٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «يَا ثَابِتُ، كَأَنِّي بِقَائِمِ أَهْلِ بَيْتِي قَدْ أَشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ هَذَا - وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ -، فَإِذَا هُوَ أَشْرَفَ عَلَى نَجَفِكُمْ نَشَرَ رَايَةَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَإِذَا هُوَ نَشَرَهَا انْحَطَّتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ بَدْرٍ».
قُلْتُ: وَمَا رَايَةُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
قَالَ: «عَمُودُهَا مِنْ عُمُدِ عَرْشِ الله وَرَحْمَتِهِ، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْرِ الله، لَا يَهْوِي بِهَا إِلَى شَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكَهُ اللهُ».
قُلْتُ: فَمَخْبُوَّةٌ عِنْدَكُمْ حَتَّى يَقُومَ الْقَائِمُ (عليه السلام) فَيَجِدَهَا أَمْ يُؤْتَى بِهَا؟
قَالَ: «لَا، بَلْ يُؤْتَى بِهَا(1)».
قُلْتُ: مَنْ يَأْتِيهِ بِهَا؟
قَالَ: «جَبْرَئِيلُ (عليه السلام)»(2).
[425/4] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الْقَائِمِ عَلَى نَجَفِ الْكُوفَةِ عَلَيْهِ خَوْخَةٌ(3) مِنْ إِسْتَبْرَقٍ،ن.
ص: 461
وَيَلْبَسُ دِرْعَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فَإِذَا لَبِسَهَا انْتَفَضَتْ بِهِ حَتَّى تَسْتَدِيرَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَرْكَبُ فَرَساً لَهُ أَدْهَمَ(1) أَبْلَقَ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ(2) بَيِّنٌ، مَعَهُ رَايَةُ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».
قُلْتُ: مَخْبُوَّةٌ أَوْ يُؤْتَى بِهَا(3)؟
قَالَ: «بَلْ يَأْتِيهِ بِهَا جَبْرَئِيلُ، عَمُودُهَا مِنْ عُمُدِ عَرْشِ الله، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْرِ الله، لَا يَهْوِي بِهَا إِلَى شَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكَهُ اللهُ، يَهْبِطُ بِهَا تِسْعَةُ آلَافِ مَلَكٍ وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً».
فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، كُلُّ هَؤُلَاءِ مَعَهُ؟
قَالَ: «نَعَمْ، هُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى لَ-مَّا فُلِقَ لَهُ الْبَحْرُ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى لَ-مَّا رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَأَرْبَعَةُ آلَافٍ مُسَوِّمِينَ كَانُوا مَعَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً كَانُوا مَعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَمَعَهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافٍ صَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ يَسْتَأْذِنُونَ فِي الْقِتَالِ(4) مَعَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام)، فَهَبَطُوا إِلَى الْأَرْضِ وَقَدْ قُتِلَ، فَهُمْ).
ص: 462
عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ(1) يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ خُرُوجَ الْقَائِمِ (عليه السلام)»(2).
[426/5] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْقَاسِمِ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «كَأَنِّي بِالْقَائِمِ(3) فَإِذَا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِ النَّجَفِ لَبِسَ دِرْعَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الْأَبْيَضَ، فَيَنْتَفِضُ هُوَ بِهَا فَيَسْتَدِيرُهَا عَلَيْهِ، فَيَغْشَاهَا بِخَدَاعَةٍ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ(4)، وَيَرْكَبُ فَرَساً لَهُ أَدْهَمَ أَبْلَقَ، بَيْنَ عَيْنَيْهِ شِمْرَاخٌ، فَيَنْتَفِضُ بِهِ انْتِفَاضَةً لَا يَبْقَى أَهْلُ بَلَدٍ إِلَّا وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُ مَعَهُمْ فِي بَلَدِهِمْ، وَيَنْشُرُ رَايَةَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، عَمُودُهَا مِنْ عُمُدِ عَرْشِ الله(5)، وَسَائِرُهَا مِنْ نَصْرِ الله، مَا يَهْوِي بِهَا إِلَى شَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكَهُ اللهُ».
قُلْتُ: أَمَخْبُوٌّ هِيَ أَمْ يُؤْتَى بِهَا؟
قَالَ: «بَلْ يَأْتِي بِهَا جَبْرَئِيلُ (عليه السلام)، فَإِذَا هَزَّهَا لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ إِلَّا صَارَ قَلْبُهُ أَشَدَّ مِنْ زُبَرِ الْحَدِيدِ، وَأُعْطِيَ قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً، وَلَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ مَيِّتٌ إِلَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْفَرْحَةُ فِي قَبْرِهِ، وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَزَاوَرُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَيَتَبَاشَرُونَ بِقِيَامِ الْقَائِمِ (عليه السلام)، وَيَنْحَطُّ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ أَلْفاً وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً».).
ص: 463
قَالَ: فَقُلْتُ: كُلُّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مَعَ أَحَدٍ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ؟
قَالَ: «نَعَمْ، وَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْرَاهِيمَ حَيْثُ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ مُوسَى حِينَ فُلِقَ الْبَحْرُ، وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى حِينَ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ، وَأَرْبَعَةُ آلَافٍ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مُرْدِفِينَ، وَثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ مَلَكاً كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ، وَأَرْبَعَةُ آلَافٍ هَبَطُوا يُرِيدُونَ الْقِتَالَ مَعَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ(1)، فَرَجَعُوا فِي الْاِسْتِيمَارِ، فَهَبَطُوا وَقَدْ قُتِلَ الْحُسَيْنُ (عليه السلام)، فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ يَبْكُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَرَئِيسُهُمْ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ: مَنْصُورٌ، فَلَا يَزُورُهُ زَائِرٌ إِلَّا اسْتَقْبَلُوهُ، وَلَا يُوَدِّعُهُ مُوَدِّعٌ إِلَّا شَيَّعُوهُ، وَلَا مَرِيضٌ إِلَّا عَادُوهُ، وَلَا يَمُوتُ مَيِّتٌ إِلَّا صَلَّوْا عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرُوا لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَنْتَظِرُونَ قِيَامَ الْقَائِمِ (عليه السلام)».
فصلَّى الله على من هذه منزلته ومرتبته ومحلُّه من الله (عزَّ وجلَّ)، وأبعد الله من ادَّعى ذلك لغيره ممَّن لا يستحقُّه ولا يكون هو أهلاً له ولا مرضيًّا له، وأكرمنا بموالاته، وجعلنا من أنصاره وأشياعه، برحمته ومنِّه.
* * *).
ص: 464
ص: 465
ص: 466
[427/1] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ غَالِبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ المُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى المُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام) وَمَعَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ السَّوْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا يَكْذِبُ عَلَى الله وَعَلَى رَسُولِهِ وَيَسْتَشْهِدُكَ.
فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «لَقَدْ أَعْرَضَ وَأَطْوَلَ(1)، يَقُولُ مَا ذَا؟».
فَقَالَ: يَذْكُرُ جَيْشَ الْغَضَبِ.
فَقَالَ: «خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ، أُولَئِكَ قَوْمٌ يَأْتُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَزَعٌ كَقَزَعِ الْخَرِيفِ، وَالرَّجُلُ وَالرِّجْلَانِ وَالثَّلَاثَةُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ حَتَّى يَبْلُغَ تِسْعَةً، أَمَا وَالله إِنِّي لَأَعْرِفُ أَمِيرَهُمْ وَاسْمَهُ وَمُنَاخَ رِكَابِهِمْ»، ثُمَّ نَهَضَ وَهُوَ يَقُولُ: «بَاقِراً بَاقِراً بَاقِراً»، ثُمَّ قَالَ: «ذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّتِي يَبْقُرُ الْحَدِيثَ بَقْراً».
[428/2] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ المَسْعُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ بِقُمَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ(2)، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الله).
ص: 467
الْأَشْعَرِيِّ(1)، عَنْ عُتَيْبَةَ بْنِ سَعْدَانَ بْنِ يَزِيدَ(2)، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ (عليه السلام) فِي حَاجَةٍ لِي، فَجَاءَ ابْنُ الْكَوَّاءِ وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، فَاسْتَأْذَنَا عَلَيْهِ.
فَقَالَ لِي عَلِيٌّ (عليه السلام): «إِنْ شِئْتَ فَأْذَنْ لَهُمَا، فَإِنَّكَ أَنْتَ بَدَأْتَ بِالْحَاجَةِ».
قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَأْذَنْ لَهُمَا، فَلَمَّا دَخَلَا قَالَ: «مَا حَمَلَكُمَا عَلَى أَنْ خَرَجْتُمَا عَلَيَّ بِحَرُورَاءَ؟».
قَالَا: أَحْبَبْنَا أَنْ نَكُونَ مِنْ [جَيْشِ] الْغَضَبِ(3).
قَالَ: «وَيْحَكُمَا وهَلْ فِي وِلَايَتِي غَضَبٌ؟ أَوَيَكُونُ الْغَضَبُ حَتَّى يَكُونَ مِنَ الْبَلَاءِ كَذَا وَكَذَا؟ ثُمَّ يَجْتَمِعُونَ قَزَعاً كَقَزَعِ الْخَرِيفِ مِنَ الْقَبَائِلِ، مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْاِثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ وَالسِّتَّةِ وَالسَّبْعَةِ وَالثَّمَانِيَةِ وَالتِّسْعَةِ وَالْعَشَرَةِ».
[429/3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «إِذَا أُذِنَ الْإِمَامُ دَعَا اللهَ بِاسْمِهِ الْعِبْرَانِيِّ، فَأُتِيحَتْ لَهُ صَحَابَتُهُ(4) الثَّلَاثُمِائَةِ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ قَزَعٌ).
ص: 468
كَقَزَعِ الْخَرِيفِ، فَهُمْ أَصْحَابُ الْأَلْوِيَةِ، مِنْهُمْ مَنْ يُفْقَدُ مِنْ فِرَاشِهِ(1) لَيْلاً فَيُصْبِحُ بِمَكَّةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرَى يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً يُعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَحِلْيَتِهِ وَنَسَبِهِ».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أَيُّهُمْ أَعْظَمُ إِيمَاناً؟
قَالَ: «الَّذِي يَسِيرُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً، وَهُمُ المَفْقُودُونَ، وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: 148]»(2).
[430/4] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ ضُرَيْسٍ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكَابُلِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ - أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «الْفُقَدَاءُ قَوْمٌ يُفْقَدُونَ مِنْ فُرُشِهِمْ فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾، وَهُمْ أَصْحَابُ الْقَائِمِ (عليه السلام)»(3).
[431/5] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ بِنَهَاوَنْدَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله اِبْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبَانِ اِبْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) فِي مَسْجِدٍ بِمَكَّةَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، فَقَالَ: «يَا أَبَانُ، سَيَأْتِي اللهُ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِي مَسْجِدِكُمْ هَذَا(4)، يَعْلَمُ أَهْلُ مَكَّةَ(5) أَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ آبَاؤُهُمْ وَلَا أَجْدَادُهُمْ بَعْدُ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ، مَكْتُوبٌ عَلَى).
ص: 469
كُلِّ سَيْفٍ اسْمُ الرَّجُلِ وَاسْمُ أَبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ مُنَادِياً فَيُنَادِي: هَذَا المَهْدِيُّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ، لَا يَسْأَلُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً»(1).
[432/6] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ الْكَاتِبِ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُ بِسُرَّ مَنْ رَأَى(2)، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ(3)، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ الطَّائِيِّ(4)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ﴾ [النمل: 62]، قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْقَائِمِ (عليه السلام)، وَكَانَ جَبْرَئِيلُ (عليه السلام) عَلَى الْمِيزَابِ فِي صُورَةِ طَيْرٍ أَبْيَضَ، فَيَكُونُ أَوَّلَ خَلْقِ الله مُبَايَعَةً لَهُ، أَعْنِي جَبْرَئِيلَ، وَيُبَايِعُهُ النَّاسُ الثَّلَاثُمِائَةِ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَمَنْ كَانَ ابْتُلِيَ بِالمَسِيرِ وَافَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَمَنْ [لَمْ يُبْتَلَ بِالمَسِيرِ](5) فُقِدَ مِنْ فِرَاشِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ (عليه السلام): المَفْقُودُونَ مِنْ فُرُشِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: 148]»، قَالَ: «الْخَيْرَاتُ الْوَلَايَةُ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ»(6).).
ص: 470
[433/7] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «سَيَبْعَثُ اللهُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً إِلَى مَسْجِدٍ بِمَكَّةَ، يَعْلَمُ أَهْلُ مَكَّةَ أَنَّهُمْ لَمْ يُولَدُوا مِنْ آبَائِهِمْ وَلَا أَجْدَادِهِمْ، عَلَيْهِمْ سُيُوفٌ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا أَلْفُ كَلِمَةٍ، كُلُّ كَلِمَةٍ مِفْتَاحُ أَلْفِ كَلِمَةٍ، وَيَبْعَثُ اللهُ الرِّيحَ مِنْ كُلِّ وَادٍ تَقُولُ: هَذَا المَهْدِيُّ يَحْكُمُ بِحُكْمِ دَاوُدَ، وَلَا يُرِيدُ بَيِّنَةً».
[434/8] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ أَبُو سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، قَالَ: «أَصْحَابُ الْقَائِمِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً أَوْلَادُ الْعَجَمِ، بَعْضُهُمْ يُحْمَلُ فِي السَّحَابِ نَهَاراً، يُعْرَفُ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ، وَبَعْضُهُمْ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَيُوَافِيهِ فِي مَكَّةَ(1) عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ».
[435/9] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام): «أَنَّ الْقَائِمَ يَهْبِطُ مِنْ ثَنِيَّةِ ذِي طُوًى فِي عِدَّةِ أَهْلِ بَدْرٍ - ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً - حَتَّى يُسْنِدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، وَيَهُزُّ الرَّايَةَ الْغَالِبَةَ».
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليهما السلام).
فَقَالَ: «كِتَابٌ مَنْشُورٌ(2)».).
ص: 471
[436/10] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْمِقْدَامِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيَانَ(1)، عَنْ أَبِي تَحْيَى حُكَيْمِ بْنِ سَعْدٍ(2)، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا (عليه السلام) يَقُولُ: «إِنَّ أَصْحَابَ الْقَائِمِ شَبَابٌ لَا كُهُولَ فِيهِمْ إِلَّا كَالْكُحْلِ فِي الْعَيْنِ، أَوْ كَالْمِلْحِ فِي الزَّادِ، وَأَقَلُّ الزَّادِ الْمِلْحُ»(3).
[437/11] أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام): «بَيْنَا شَبَابُ الشِّيعَةِ عَلَى ظُهُورِ سُطُوحِهِمْ نِيَامٌ إِذْ تَوَافَوْا إِلَى صَاحِبِهِمْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ».
[438/12] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ اِبْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ هَارُونَ الْعِجْلِيِّ، قَالَ: قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ(4): «إِنَّ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ مَحْفُوظَةٌ لَهُ أَصْحَابُهُ لَوْ ذَهَبَ النَّاسُ جَمِيعاً أَتَى اللهُ لَهُ بِأَصْحَابِهِ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ﴾ [الأنعام: 89]، وهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللهُ فِيهِمْ: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 54]».خ.
ص: 472
[439/13] حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَسَّانَ الرَّازِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْكُوفِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ اِبْنُ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَ طَالُوتَ ابْتُلُوا بِالنَّهَرِ الَّذِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ﴾ [البقرة: 249]، وَإِنَّ أَصْحَابَ الْقَائِمِ (عليه السلام) يُبْتَلَوْنَ بِمِثْلِ ذَلِكَ»(1).
* * *).
ص: 473
ص: 474
ص: 475
ص: 476
[440/1] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ(1)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ (عليه السلام) خَرَجَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ مَنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ، وَدَخَلَ فِيهِ شِبْهُ عَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ(2)».
[441/2] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ المُفَضَّلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ(3)، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ أَذْهَبَ اللهُ عَنْ كُلِّ مُؤْمِنٍ الْعَاهَةَ، وَرَدَّ إِلَيْهِ قُوَّتَهُ»(4).ت.
ص: 477
[442/3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ وَمُحَمَّدٌ ابْنَا عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَبَّاحٍ المُزَنِيِّ(1)، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ(2)، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ(3)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى شِيعَتِنَا بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ قَدْ ضَرَبُوا الْفَسَاطِيطَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ(4)، أَمَا إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ كَسَرَهُ وَسَوَّى قِبْلَتَهُ».
[443/4] [أَخْبَرَنَا] عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَجَّالُ(5)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ(6)، عَنْ أَبِي عَبْدِ).
ص: 478
الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كَأَنِّي بِشِيعَةِ عَلِيٍّ فِي أَيْدِيهِمُ المَثَانِي يُعَلِّمُونَ النَّاسَ المُسْتَأْنَفَ».
[444/5] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ صَبَّاحٍ المُزَنِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ حَصِيرَةَ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيًّا (عليه السلام) يَقُولُ: «كَأَنِّي بِالْعَجَمِ فَسَاطِيطُهُمْ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ».
قُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَوَلَيْسَ هُوَ كَمَا أُنْزِلَ؟
فَقَالَ: «لَا، مُحِيَ مِنْهُ سَبْعُونَ(1) مِنْ قُرَيْشٍ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَمَا تُرِكَ أَبُو لَهَبٍ إِلَّا إِزْرَاءً عَلَى رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لِأَنَّهُ عَمُّهُ».
[445/6] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَمَّنْ رَوَاهُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ لَوْ ضَرَبَ أَصْحَابُ الْقَائِمِ (عليه السلام) الْفَسَاطِيطَ فِي مَسْجِدِ كُوفَانَ، ثُمَّ يُخْرَجُ إِلَيْهِمُ الْمِثَالَ المُسْتَأْنَفَ، أَمْرٌ جَدِيدٌ، عَلَى الْعَرَبِ شَدِيدٌ؟».
[446/7] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ الْكِنَانِيِّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ وَقَالَ: قَدْ عَقَّنِي وَلَدِي وَجَفَانِي إِخْوَانِي.).
ص: 479
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «أَوَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لِلْحَقِّ دَوْلَةً، وَلِلْبَاطِلِ دَوْلَةً(1)؟ كِلَاهُمَا ذَلِيلٌ فِي دَوْلَةِ صَاحِبِهِ، فَمَنْ أَصَابَتْهُ رَفَاهِيَةُ الْبَاطِلِ اقْتُصَّ مِنْهُ فِي دَوْلَةِ الْحَقِّ(2)»(3).
[447/8] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ (عليهم السلام)، قَالَ: «إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بَعَثَ فِي أَقَالِيمِ الْأَرْضِ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ رَجُلاً، يَقُولُ: عَهْدُكَ فِي كَفِّكَ(4)، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ أَمْرٌ لَا تَفْهَمُهُ(5) وَلَا تَعْرِفُ الْقَضَاءَ فِيهِ فَانْظُرْ إِلَى كَفِّكَ وَاعْمَلْ بِمَا فِيهَا».
قَالَ: «وَيَبْعَثُ جُنْداً إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَإِذَا بَلَغُوا الْخَلِيجَ كَتَبُوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ).
ص: 480
شَيْئاً وَمَشَوْا عَلَى المَاءِ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الرُّومُ يَمْشُونَ عَلَى المَاءِ قَالُوا: هَؤُلَاءِ أَصْحَابُهُ يَمْشُونَ عَلَى المَاءِ، فَكَيْفَ هُوَ؟ فَعِنْدَ ذَلِك يَفْتَحُونَ لَهُمْ أَبْوَابَ المَدِينَةِ، فَيَدْخُلُونَهَا، فَيَحْكُمُونَ فِيهَا مَا يُرِيدُونَ(1)»(2).
[448/9] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) يَقُولُ: «لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يُنَادِيَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ: يَا أَهْلَ الْحَقِّ اجْتَمِعُوا، فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يُنَادِي مَرَّةً أُخْرَى: يَا أَهْلَ الْبَاطِلِ اجْتَمِعُوا، فَيَصِيرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ».
قُلْتُ: فَيَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ أَنْ يَدْخُلُوا فِي هَؤُلَاءِ؟
قَالَ: لَا وَالله، وذَلِكَ قَوْلُ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ [آل عمران: 179]».
[449/10] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ اِبْنِ يَعْقُوبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَوُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «لَيُعِدَّنَّ أَحَدُكُمْ لِخُرُوجِ الْقَائِمِ وَلَوْ سَهْماً، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نِيَّتِهِ رَجَوْتُ لِأَنْ يُنْسِئَ فِي عُمُرِهِ(3) حَتَّى يُدْرِكَهُ فَيَكُونَ مِنْ أَعْوَانِهِ وَأَنْصَارِهِ».
* * *).
ص: 481
ص: 482
ص: 483
ص: 484
[450/1] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخَوَايَ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ ابْنَا الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ وَعَنْ جُمَيْعٍ الْكُنَاسِيِّ(1) جَمِيعاً، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ كَامِلٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ دَعَا النَّاسَ إِلَى أَمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وَإِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ(2)، فَطُوبَى(3) لِلْغُرَبَاءِ».
[451/2] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ اِبْنُ سِنَانٍ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «الْإِسْلَامُ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».).
ص: 485
فَقُلْتُ: اشْرَحْ لِي هَذَا، أَصْلَحَكَ اللهُ.
فَقَالَ: «مِمَّا يَسْتَأْنِفُ الدَّاعِي مِنَّا دُعَاءً جَدِيداً كَمَا دَعَا رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ المُخْتَارِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، مِثْلَهُ(1).
[452/3] وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): إِنَّا نَصِفُ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ بِالصِّفَةِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ(2) مِنَ النَّاسِ.
فَقَالَ: «لَا وَالله، لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَداً حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَحْتَجُّ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ، وَيَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ».
[453/4] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ اِبْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو الْجَلَّابِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليهما السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».
[454/5] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عِيسَى الْحَسَنِيُّ(3)، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ شُعَيْبٍ الْحَدَّادِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ:).
ص: 486
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السلام): «إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ(1)، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ».
فَقَالَ: «يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (عليه السلام) اسْتَأْنَفَ دُعَاءً جَدِيداً كَمَا دَعَا رَسُولُ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)».
قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ وَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ، وَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ إِمَامِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أُوَالِي وَلِيَّكَ، وَأُعَادِي عَدُوَّكَ، وَأَنَّكَ وَلِيُّ الله.
فَقَالَ: «رَحِمَكَ اللهُ».
* * *ا.
ص: 487
ص: 488
ص: 489
ص: 490
[455/1] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام) أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: «الْأَمْرُ فِي أَصْغَرِنَا سِنًّا، وَأَخْمَلِنَا ذِكْراً».
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الرَّازِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ (عليه السلام)، مِثْلَهُ(1).
[456/2] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي السَّفَاتِجِ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحَدِهِمَا - لِأَبِي عَبْدِ الله أَوْ لِأَبِي جَعْفَرٍ - (عليهما السلام): أَيَكُونُ أَنْ يُفْضِيَ هَذَا الْأَمْرُ(2) إِلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ؟
قَالَ: «سَيَكُونُ ذَلِكَ».
قُلْتُ: فَمَا يَصْنَعُ؟
قَالَ: «يُوَرِّثُهُ عِلْماً وَكُتُباً، وَلَا يَكِلُهُ إِلَى نَفْسِهِ»(3).
[457/3] حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ).
ص: 491
الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْخَطَّابِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام): «لَا يَكُونُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَّا فِي أَخْمَلِنَا ذِكْراً، وَأَحْدَثِنَا سِنًّا».
[458/4] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَابُنْدَاذَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ صَبَّاحٍ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ هَذَا سَيُفْضِي إِلَى مَنْ يَكُونُ لَهُ الْحَمْلُ»(1).
اُنظروا (رحمكم الله) - يا معشر المؤمنين(2) - إلى ما جاء عن الصادقين (عليهم السلام) في ذكر سنِّ القائم (عليه السلام)، وقولهم: إنَّه وقت إفضاء أمر الإمامة إليه أصغر الأئمَّة سنًّا وأحدثهم، وإنَّ أحداً ممَّن قبله لم يفضَ إليه الأمر في مثل سنِّه. وإلى قولهم: «وأخملنا ذكراً» يشيرون بخمول ذكره إلى غيبة شخصه واستتاره.
وإذا جاءت الروايات متَّصلة متواترة بمثل هذه الأشياء قبل كونها، وبحدوث هذه الحوادث قبل حدوثها، ثمّ حقَّقها العيان والوجود، فوجب أنْ تزول الشكوك عمَّن فتح الله قلبه ونوَّره وهداه، وأضاء له بصره.
والحمد لله الذي يختصُّ برحمته من يشاء من عباده بتسليمهم لأمره وأمر أوليائه، وإيقانهم بحقيقة كلِّ ما قاله، واثقاً بحقّيَّة كلِّ ما يقوله الأئمَّة (عليهم السلام) من غير شكٍّ فيه ولا ارتياب، إذ كان الله (عزَّ وجلَّ) قد رفع منزلة حُجَجه (عليهم السلام)، وخفض منزلة مَنْ دونهم أنْ يكونوا أغياراً عليهم، وجعل الجزاء على التسليم لقولهم).
ص: 492
والردِّ إليهم الهدى(1) والثواب، وعلى الشكِّ والارتياب فيه العمى وأليم العذاب، وإيَّاه نسأل الثواب على ما منَّ به، والمزيد فيما أولاه، وحسن البصيرة فيما هدى إليه، فإنَّما نحن به وله.
* * *).
ص: 493
ص: 494
ص: 495
ص: 496
[459/1] حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنُ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الله جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الله المُحَمَّدِيُّ مِنْ كِتَابِهِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ(1) وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ الصَّيْرَفِيِّ، قَالَ: وَصَفَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَمَّارٍ أَخِي لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) دِينَهُ وَاعْتِقَادَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله، وَأَنَّكُمْ... وَوَصَفَهُمْ - يَعْنِي الْأَئِمَّةَ - وَاحِداً وَاحِداً حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، ثُمَّ قَالَ: وَإِسْمَاعِيلُ مِنْ بَعْدِكَ.
قَالَ: «أَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَلَا».
[460/2] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَجِيحٍ الْمِسْمَعِيُّ، عَنِ الْفَيْضِ بْنِ المُخْتَارِ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا تَقُولُ فِي أَرْضٍ أَتَقَبَّلُهَا مِنَ السُّلْطَانِ ثُمَّ أُؤَاجِرُهَا مِنْ أَكَرَتِي عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللهُ مِنْهَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ لِي مِنْ ذَلِكَ النِّصْفُ أَوِ الثُّلُثُ وَأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ، هَلْ يَصْلُحُ ذَلِكَ؟
قَالَ: «لَا بَأْسَ بِهِ».
فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ: يَا أَبَتَاهْ، لَمْ تَحْفَظْ.
قَالَ: «أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ أُعَامِلُ أَكَرَتِي؟ يَا بُنَيَّ، أَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَثِيراً مَا أَقُولُ لَكَ: أَلْزَمْنِي فَلَا تَفْعَلُ؟».).
ص: 497
فَقَامَ إِسْمَاعِيلُ وَخَرَجَ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَمَا عَلَى إِسْمَاعِيلَ أَنْ لَا يَلْزَمَكَ إِذْ كُنْتَ مَتَى مَضَيْتَ أُفْضِيَتِ الْأَشْيَاءُ إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِكَ كَمَا أُفْضِيَتِ الْأَشْيَاءُ إِلَيْكَ مِنْ بَعْدِ أَبِيكَ.
فَقَالَ: «يَا فَيْضُ، إِنَّ إِسْمَاعِيلَ لَيْسَ مِنِّي كَأَنَا مِنْ أَبِي».
قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَقَدْ كُنْتُ لَا أَشُكُّ فِي أَنَّ الرِّحَالَ تُحَطُّ إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِكَ، فَإِنْ كَانَ مَا نَخَافُ - وَإِنَّا نَسْأَلُ اللهَ مِنْ ذَلِكَ الْعَافِيَةَ - فَإِلَى مَنْ؟
فَأَمْسَكَ عَنِّي، فَقَبَّلْتُ رُكْبَتَهُ، وَقُلْتُ: ارْحَمْ شَيْبَتِي، فَإِنَّمَا هِيَ النَّارُ(1)، إِنِّي وَالله لَوْ طَمِعْتُ(2) أَنْ أَمُوتَ قَبْلَكَ مَا بَالَيْتُ، وَلَكِنِّي أَخَافُ أَنْ أَبْقَى بَعْدَكَ.
فَقَالَ لِي: «مَكَانَكَ».
ثُمَّ قَامَ إِلَى سِتْرٍ فِي الْبَيْتِ فَرَفَعَهُ وَدَخَلَ، فَمَكَثَ قَلِيلاً ثُمَّ صَاحَ بِي: «يَا فَيْضُ، اُدْخُلْ».
فَدَخَلْتُ فَإِذَا هُوَ بِمَسْجِدِهِ قَدْ صَلَّى وَانْحَرَفَ عَنِ الْقِبْلَةِ، فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام) وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ فِي يَدِهِ دِرَّةٌ، فَأَقْعَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَقَالَ لَهُ: «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، مَا هَذِهِ الْمِخْفَقَةُ(3) الَّتِي بِيَدِكَ؟».
فَقَالَ: «مَرَرْتُ بِعَلِيٍّ أَخِي وَهِيَ فِي يَدِهِ وَهُوَ يَضْرِبُ بِهَا بَهِيمَةً، فَانْتَزَعْتُهَا مِنْ يَدِهِ».
فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «يَا فَيْضُ، إِنَّ رَسُولَ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أُفْضِيَتْ إِلَيْهِ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، فَائْتَمَنَ عَلَيْهَا عَلِيًّا، ثُمَّ ائْتَمَنَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ الْحَسَنَ، ثُمَّ ائْتَمَنَ عَلَيْهَا الْحَسَنُ الْحُسَيْنَ أَخَاهُ، وَائْتَمَنَ الْحُسَيْنُ عَلَيْهَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ).
ص: 498
ائْتَمَنَ عَلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ، وَائْتَمَنَنِي عَلَيْهَا أَبِي، فَكَانَتْ عِنْدِي، وَقَدِ ائْتَمَنْتُ ابْنِي هَذَا عَلَيْهَا عَلَى حَدَاثَتِهِ، وَهِيَ عِنْدَهُ».
فَعَرَفْتُ مَا أَرَادَ، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، زِدْنِي.
فَقَالَ: «يَا فَيْضُ، إِنَّ أَبِي كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ لَا تُرَدَّ لَهُ دَعْوَةٌ أَجْلَسَنِي عَنْ يَمِينِهِ وَدَعَا، فَأَمَّنْتُ، فَلَا تُرَدُّ لَهُ دَعْوَةٌ، وَكَذَلِكَ أَصْنَعُ - بِابْنِي هَذَا -، وَقَدْ ذُكِرْتَ أَمْسِ بِالمَوْقِفِ، فَذَكَرْتُكَ بِخَيْرٍ».
قَالَ فَيْضٌ: فَبَكَيْتُ سُرُوراً، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي، زِدْنِي.
فَقَالَ: «إِنَّ أَبِي كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً وَأَنَا مَعَهُ فَنَعَسَ وَكَانَ هُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَدْنَيْتُ رَاحِلَتِي مِنْ رَاحِلَتِهِ فَوَسَّدْتُهُ ذِرَاعِي الْمِيلَ وَالْمِيلَيْنِ حَتَّى يَقْضِيَ وَطَرَهُ(1) مِنَ النَّوْمِ، وَكَذَلِكَ يَصْنَعُ بِي وَلَدِي هَذَا».
فَقُلْتُ لَهُ: زِدْنِي، جُعِلْتُ فِدَاكَ.
فَقَالَ: «يَا فَيْضٌ، إِنِّي لَأَجِدُ بِابْنِي هَذَا مَا كَانَ يَعْقُوبُ يَجِدُهُ بِيُوسُفَ».
فَقُلْتُ: سَيِّدِي، زِدْنِي.
فَقَالَ: «هُوَ صَاحِبُكَ الَّذِي سَأَلْتَ عَنْهُ، قُمْ فَأَقِرَّ لَهُ بِحَقِّهِ».
فَقُمْتُ حَتَّى قَبَّلْتُ يَدَهُ وَرَأْسَهُ، وَدَعَوْتُ اللهَ لَهُ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «أَمَا إِنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لِي فِي المَرَّةِ الْأُولَى مِنْكَ».
فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، أُخْبِرُ بِهِ عَنْكَ؟
قَالَ: «نَعَمْ، أَهْلَكَ وَوُلْدَكَ وَرُفَقَاءَكَ».
وَكَانَ مَعِي أَهْلِي وَوُلْدِي، وَكَانَ مَعِي يُونُسَ بْنُ ظَبْيَانَ مِنْ رُفَقَائِي، فَلَمَّا أَخْبَرْتُهُمْ حَمِدُوا اللهَ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ يُونُسُ: لَا وَالله حَتَّى أَسْمَعَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكَانَتْ).
ص: 499
بِهِ عَجَلَةٌ، فَخَرَجَ، فَأَتْبَعْتُهُ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى الْبَابِ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ - وَقَدْ سَبَقَنَا يُونُسُ -: «الْأَمْرُ كَمَا قَالَ لَكَ فَيْضٌ، اُسْكُتْ وَاقْبَلْ».
فَقَالَ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.
ثُمَّ دَخَلْتُ، فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام) حِينَ دَخَلْتُ: «يَا فَيْضُ، زرقه زرقه(1)».
قُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ.
[461/3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ اِبْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَازِمٍ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ دُرُسْتَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ الْجَلِيلِ كَلَامٌ فِي قِدَمٍ، فَقَالَ لِي: إِنَّ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) أَوْصَى إِلَى إِسْمَاعِيلَ.
قَالَ: فَقُلْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): إِنَّ عَبْدَ الْجَلِيلِ حَدَّثَنِي بِأَنَّكَ أَوْصَيْتَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثِ سِنِينَ.
فَقَالَ: «يَا وَلِيدُ، لَا وَالله، فَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ فَإِلَى فُلَانٍ - يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام)، وَسَمَّاهُ -».
[462/4] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَبَاحٍ الزُّهْرِيُّ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو الْخَثْعَمِيِّ، عَنْ جَمَاعَةَ الصَّائِغِ(2)،).
ص: 500
قَالَ: سَمِعْتُ المُفَضَّلَ بْنَ عُمَرَ يَسْأَلُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام): هَلْ يَفْرِضُ اللهُ طَاعَةَ عَبْدٍ ثُمَّ يَكْتُمُهُ خَبَرَ السَّمَاءِ(1)؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «اللهُ أَجَلُّ وَأَكْرَمُ وَأَرْأَفُ بِعِبَادِهِ وَأَرْحَمُ مِنْ أَنْ يَفْرِضَ طَاعَةَ عَبْدٍ ثُمَّ يَكْتُمَهُ خَبَرَ السَّمَاءِ صَبَاحاً وَمَسَاءً».
قَالَ: ثُمَّ طَلَعَ أَبُو الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام)، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى صَاحِبِ كِتَابِ عَلِيٍّ؟».
فَقَالَ لَهُ المُفَضَّلُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَسُرُّنِي إِذاً أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ؟
فَقَالَ: «هُوَ هَذَا صَاحِبُ كِتَابِ عَلِيٍّ، الْكِتَابِ المَكْنُونِ الَّذِي قَالَ اللهُ (عزَّ وجلَّ): ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: 79]»(2).
[463/5] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَسَأَلْتُهُ عَنْ صَاحِبِ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ.).
ص: 501
قَالَ لِي: «هُوَ صَاحِبُ الْبَهْمَةِ(1)»، وَكَانَ مُوسَى (عليه السلام) فِي نَاحِيَةِ الدَّارِ صَبِيًّا، وَمَعَهُ عَنَاقٌ(2) مَكِّيَّةٌ، وَهُوَ يَقُولُ لَهَا: «اسْجُدِي لله الَّذِي خَلَقَكِ»(3).
[464/6] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، فَرَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى (عليه السلام)، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُ سِنِينَ، وَمَعَهُ عَنَاقٌ مِنْ هَذِهِ المَكِّيَّةِ، وَهُوَ آخِذٌ بِخِطَامٍ عَلَيْهَا، وَهُوَ يَقُولُ لَهَا: «اسْجُدِي لله الَّذِي خَلَقَكِ»، فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
فَقَالَ لَهُ غُلَامٌ صَغِيرٌ: يَا سَيِّدِي، قُلْ لَهَا: تَمُوتُ.
فَقَالَ لَهُ مُوسَى (عليه السلام): «وَيْحَكَ، أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ؟ اللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ».
[465/7] وَمِنْ مَشْهُورِ كَلَامِ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) عِنْدَ وقُوُفِهِ عَلَى قَبْرِ إِسْمَاعِيلَ: «غَلَبَنِي الْحُزْنُ لَكَ عَلَى الْحُزْنِ عَلَيْكَ، اللَّهُمَّ إِنِّي وَهَبْتُ لِإِسْمَاعِيلَ جَمِيعَ مَا قَصَّرَ عَنْهُ مِمَّا افْتَرَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّي، فَهَبْ لِي جَمِيعَ مَا قَصَّرَ عَنْهُ فِيمَا افْتَرَضْتَ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّكَ».
[466/8] وَرُوِيَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) وَعَنْ يَمِينِهِ سَيِّدُ وُلْدِهِ مُوسَى (عليه السلام) وَقُدَّامَهُ مَرْقَدٌ مُغَطًّى، فَقَالَ لِي: «يَا زُرَارَةُ، جِئْنِي بِدَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ، وَحُمْرَانَ، وَأَبِي بَصِيرٍ».
وَدَخَلَ عَلَيْهِ المُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ، فَخَرَجْتُ، فَأَحْضَرْتُهُ مَنْ أَمَرَنِي بِإِحْضَارِهِ،).
ص: 502
وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَدْخُلُونَ وَاحِداً أَثَرَ وَاحِدٍ حَتَّى صِرْنَا فِي الْبَيْتِ ثَلَاثِينَ رَجُلاً، فَلَمَّا حَشَدَ المَجْلِسُ(1) قَالَ: «يَا دَاوُدُ، اكْشِفْ لِي عَنْ وَجْهِ إِسْمَاعِيلَ».
فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «يَا دَاوُدُ، أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ؟».
قَالَ دَاوُدُ: يَا مَوْلَايَ، هُوَ مَيِّتٌ.
فَجَعَلَ يَعْرِضُ ذَلِكَ عَلَى رَجُلٍ رَجُلٍ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ مَنْ فِي المَجْلِسِ وَانْتَهَى عَلَيْهِمْ بِأَسْرِهِمْ، كُلٌّ يَقُولُ: هُوَ مَيِّتٌ، يَا مَوْلَايَ.
فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ».
ثُمَّ أَمَرَ بِغُسْلِهِ وَحَنُوطِهِ وَإِدْرَاجِهِ فِي أَثْوَابِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَالَ لِلْمُفَضَّلِ: «يَا مُفَضَّلُ، احْسِرْ عَنْ وَجْهِهِ».
فَحَسَرَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ؟».
فَقَالَ: مَيِّتٌ.
قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ».
ثُمَّ حُمِلَ إِلَى قَبْرِهِ، فَلَمَّا وُضِعَ فِي لَحْدِهِ قَالَ: «يَا مُفَضَّلُ، اكْشِفْ عَنْ وَجْهِهِ»، وَقَالَ لِلْجَمَاعَةِ: «أَحَيٌّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ؟».
قُلْنَا لَهُ: مَيِّتٌ.
فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، وَاشْهَدُوا فَإِنَّهُ سَيَرْتَابُ المُبْطِلُونَ، يُرِيدُونَ إِطْفَاءَ نُورِ الله بِأَفْوَاهِهِمْ - ثُمَّ أَوْمَأَ إِلَى مُوسَى (عليه السلام) - وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ».
ثُمَّ حَثَوْنَا عَلَيْهِ التُّرَابَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْنَا الْقَوْلَ، فَقَالَ: «المَيِّتُ المُحَنَّطُ المُكَفَّنُ المَدْفُونُ فِي هَذَا اللَّحَدِ مَنْ هُوَ؟».
قُلْنَا: إِسْمَاعِيلُ.س.
ص: 503
قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ»، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ مُوسَى (عليه السلام) وَقَالَ: «هُوَ حَقٌّ، وَالْحَقُّ مِنْهُ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها»(1).
ووجدت هذا الحديث عند بعض إخواننا، فذكر أنَّه نسخه من أبي المرجي ابن محمّد الغمر التغلبي، وذكر أنَّه حدَّثه به المعروف بأبي سهل، يرويه عن أبي الفرج ورَّاق بندار القمِّي، عن بندار، عن محمّد بن صدقة(2) ومحمّد بن عمرو، عن زرارة.
وأنَّ أبا المرجي ذكر أنَّه عرض هذا الحديث على بعض إخوانه، فقال: إنَّه حدَّثه به الحسن بن المنذر، بإسناد له عن زرارة، وزاد فيه أنَّ أبا عبد الله (عليه السلام) قال: «وَالله لَيَظْهَرَنَّ عَلَيْكُمْ صَاحِبُكُمْ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ لأَحَدٍ بَيْعَةٌ»، وقال: «فَلَا يَظْهَرُ صَاحِبُكُمْ حَتَّى يَشُكَّ فِيهِ أَهْلُ اَلْيَقِينِ، ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾ [ص: 67 و68]».
[467/9] حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْجَمَّالِ، قَالَ: سَأَلَ مَنْصُورُ بْنُ حَازِمٍ وَأَبُو أَيُّوبَ الْخَزَّازُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) وَأَنَا حَاضِرٌ مَعَهُمَا، فَقَالَا: جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ، إِنَّ الْأَنْفُسَ يُغْدَى عَلَيْهَا وَيُرَاحُ، فَمَنْ لَنَا بَعْدَكَ؟
فَقَالَ: «إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَهَذَا - فَضَرَبَ يَدَهُ إِلَى الْعَبْدِ الصَّالِحِ مُوسَى (عليه السلام)، وَهُوَ غُلَامٌ خُمَاسِيٌّ بِثَوْبَيْنِ أَبْيَضَيْنِ -»، وقَالَ: «هَذَا»، وَكَانَ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ).
ص: 504
ص: 506
ص: 507
ص: 508
[468/1] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ (رحمه الله)، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، عَنْ حَرِيزٍ، عَنْ زُرَارَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «اعْرِفْ إِمَامَكَ، فَإِنَّكَ إِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الْأَمْرُ أَوْ تَأَخَّرَ»(1)،(2).
[469/2] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ اِبْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله (عزَّ وجلَّ): ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: 71]».
فَقَالَ: «يَا فُضَيْلُ، اعْرِفْ إِمَامَكَ، فَإِنَّكَ إِذَا عَرَفْتَ إِمَامَكَ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الْأَمْرُ أَوْ تَأَخَّرَ، وَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ صَاحِبُ هَذَا الْأَمْرِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ كَانَ قَاعِداً فِي عَسْكَرِهِ، لَا، بَلْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَعَدَ تَحْتَ لِوَائِهِ».
قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: «بِمَنْزِلَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)»(3)،(4).).
ص: 509
[470/3] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، رَفَعَهُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام): جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَتَى الْفَرَجُ؟
ص: 510
فَقَالَ: «يَا أَبَا بَصِيرٍ، وَأَنْتَ مِمَّنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا؟ مَنْ عَرَفَ هَذَا الْأَمْرَ فَقَدْ فُرِّجَ عَنْهُ بِانْتِظَارِهِ(1)»(2)،(3).
[471/4] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ السِّنْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: سَأَلَ أَبُو بَصِيرٍ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) وَأَنَا أَسْمَعُ، فَقَالَ: تَرَانِي أُدْرِكُ الْقَائِمَ (عليه السلام)؟
فَقَالَ: «يَا أَبَا بَصِيرٍ، أَلَسْتَ تَعْرِفُ إِمَامَكَ؟».
فَقَالَ: بَلَى(4) وَالله، وَأَنْتَ هُوَ - وَتَنَاوَلَ يَدَهُ -.
فَقَالَ: «وَالله مَا تُبَالِي - يَا أَبَا بَصِيرٍ - أَلَّا تَكُونَ مُحْتَبِياً بِسَيْفِكَ فِي ظِلِّ رِوَاقِ الْقَائِمِ (عليه السلام)»(5)،(6).).
ص: 511
[472/5] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ: «مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ فَمِيتَتُهُ مِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارِفٌ لِإِمَامِهِ لَمْ يَضُرّهُ تَقَدَّمَ هَذَا الْأَمْرُ أَوْ تَأَخَّرَ، وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ عَارِفٌ لِإِمَامِهِ كَانَ كَمَنْ هُوَ قَائِمٌ مَعَ الْقَائِمِ فِي فُسْطَاطِهِ(1)»(2)،(3).
[473/6] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) يَقُولُ: «اعْرِفِ الْعَلَامَةَ(4)، فَإِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا).
ص: 512
الْأَمْرُ أَوْ تَأَخَّرَ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ [الإسراء: 71]، فَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ كَانَ كَمَنْ هُوَ فِي فُسْطَاطِ المُنْتَظَرِ (عليه السلام)»(1)،(2).
[474/7] حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ زَكَرِيا بن شَيْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «اعْرِفْ إِمَامَكَ، فَإِذَا عَرَفْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ تَقَدَّمَ هَذَا الْأَمْرُ أَمْ تَأَخَّرَ، فَإِنَّ اللهَ (عزَّ وجلَّ) يَقُولُ: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾، فَمَنْ عَرَفَ إِمَامَهُ كَانَ كَمَنْ هُوَ فِي فُسْطَاطِ الْقَائِمِ (عليه السلام)».
* * *).
ص: 513
ص: 514
ص: 515
ص: 516
[475/1] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ التَّيْمُلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ(1)، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: «يَمْلِكُ الْقَائِمُ (عليه السلام) تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَشْهُراً».
[476/2] أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ أَحْمَدُ بْنُ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ إِسْحَاقَ النَّهَاوَنْدِيُّ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الله اِبْنُ حَمَّادٍ الْأَنْصَارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الله بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ(2)، قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): «مُلْكُ الْقَائِمِ مِنَّا تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَشْهُراً».
[477/3] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ ابْنِ عُقْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُفَضَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسِ بْنِ رُمَّانَةَ الْأَشْعَرِيُّ وَسَعْدَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ الزَّيَّاتُ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَوَانِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السلام) يَقُولُ: «وَالله لَيَمْلِكَنَّ رَجُلٌ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ ثَلَاثَمِائَةِ سَنَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيَزْدَادُ تِسْعاً».ء.
ص: 517
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَتَى يَكُونُ ذَلِكَ؟
قَالَ: «بَعْدَ مَوْتِ الْقَائِمِ (عليه السلام)».
قُلْتُ لَهُ: وَكَمْ يَقُومُ الْقَائِمُ (عليه السلام) فِي عَالَمِهِ حَتَّى يَمُوتَ؟
فَقَالَ: «تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ قِيَامِهِ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ(1)»(2).
[478/4] أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْبَنْدَنِيجِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ مُوسَى الْعَلَوِيِّ، عَنْ بَعْضِ رِجَالِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ إِسْحَاقَ(3)، عَنْ أَحْمَدَ اِبْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي شُعْبَةَ الْحَلَبِيِّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام)، قَالَ: «إِنَّ الْقَائِمَ (عليه السلام) يَمْلِكُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَشْهُراً».
* * *خ.
ص: 518
وإذ قد أتينا على الغرض الذي قصدنا له، وانتهينا إلى ما أردنا منه(1) - وفيه كفاية وبلاغ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد -، فإنَّا نحمد الله على إنعامه علينا، ونشكره على إحسانه إلينا، بما هو أهله من الحمد، ومستحقُّه من الشكر، ونسأله أنْ يُصلِّي على محمّد وآله(2) المنتجبين الأخيار الطاهرين، وأنْ يُثبِّتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويزيدنا هدًى وعلماً وبصيرةً وفهماً، ولا يزغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأنْ يهب لنا من لدنه رحمةً، إنَّه كريم وهَّاب(3).
والحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمّد وآله الطاهرين، وسلَّم تسليماً كثيراً مباركاً زاكياً نامياً طيِّباً، برحمتك يا أرحم الراحمين.
* * *).
ص: 519
ص: 520
1 - القرآن الكريم.
2 - إثبات الوصيَّة للإمام عليِّ بن أبي طالب: عليُّ بن الحسين بن عليٍّ الهذلي المسعودي/ ط 3/ 1426ه-/ أنصاريان/ قم.
3 - الاحتجاج: أحمد بن عليٍّ الطبرسي/ تعليق وملاحظات: السيِّد محمّد باقر الخرسان/ 1386ه-/ دار النعمان/ النجف الأشرف.
4 - الاختصاص: الشيخ المفيد/ تحقيق: عليّ أكبر الغفاري والسيِّد محمود الزرندي/ ط 2/ 1414ه-/ دار المفيد للطباعة والنشر/ بيروت.
5 - اختيار معرفة الرجال (رجال الكشِّي): الشيخ الطوسي/ تحقيق: السيِّد مهدي الرجائي/ 1404ه-/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث.
6 - الإرشاد: الشيخ المفيد/ تحقيق: مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام)/ ط 2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.
7 - إرشاد القلوب: الحسن بن محمّد الديلمي/ ط 2/ 1415ه-/ مطبعة أمير/ انتشارات الشريف الرضي/ قم.
8 - الاستبصار: الشيخ الطوسي/ تحقيق: حسن الخرسان/ ط 4/ 1363ش/ مطبعة خورشيد/ دار الكُتُب الإسلاميَّة/ طهران.
9 - الاستنصار في النصِّ على الأئمَّة الأطهار: أبو الفتح محمّد بن عليِّ بن عثمان الكراجكي/ ط 2/ 1405ه-/ دار الأضواء/ بيروت.
10 - الاعتقادات في دين الإماميَّة: الشيخ الصدوق/ تحقيق: عصام عبد السيِّد/ ط 2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.
ص: 521
11 - الأمالي: الشيخ الصدوق/ ط 1/ 1417ه-/ مركز الطباعة والنشر في مؤسَّسة البعثة/ قم.
12 - الأمالي: الشيخ الطوسي/ تحقيق: مؤسَّسة البعثة/ ط 1/ 1414ه-/ دار الثقافة/ قم.
13 - الإمامة والتبصرة: ابن بابويه/ ط 1/ 1404ه-/ مدرسة الإمام الهادي (عليه السلام)/ قم.
14 - الأنساب: السمعاني/ تقديم وتعليق: عبد الله عمر البارودي/ ط 1/ 1408ه-/ دار الجنان للطباعة والنشر والتوزيع/ بيروت.
15 - بحار الأنوار الجامعة لدُرَر أخبار الأئمَّة الأطهار: العلَّامة المجلسي/ تحقيق: يحيى العابدي الزنجاني وعبد الرحيم الربَّاني الشيرازي/ ط 2/ 1403ه-/ مؤسَّسة الوفاء/ بيروت.
16 - البداية والنهاية: ابن كثير/ تحقيق وتدقيق وتعليق: عليّ شيري/ ط 1/ 1408ه-/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
17 - بشارة المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لشيعة المرتضى (عليه السلام): محمّد بن أبي القاسم الطبري/ تحقيق: جواد القيُّومي الأصفهاني/ ط 1/ 1420ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
18 - بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمّد (عليهم السلام): محمّد بن الحسن ابن فرُّوخ (الصفَّار)/ تصحيح وتعليق وتقديم: الحاج ميرزا حسن كوجه باغي/ 1404ه-/ منشورات الأعلمي/ طهران.
19 - تاج العروس: مرتضى الزبيدي/ تحقيق: عليّ شيري/ 1414ه-/ دار الفكر/ بيروت.
20 - تاريخ بغداد أو مدينة السلام: الخطيب البغدادي/ دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا/ ط 1/ 1417ه-/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
ص: 522
21 - تاريخ اليعقوبي: أحمد بن أبي يعقوب الكاتب العبَّاسي المعروف باليعقوبي/ دار صادر/ بيروت.
22 - تُحَف العقول عن آل الرسول: ابن شعبة الحرَّاني/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ ط 2/ 1404ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
23 - تصحيح اعتقادات الإماميَّة: الشيخ المفيد/ تحقيق: حسين دركاهي/ ط 2/ 1414ه-/ دار المفيد/ بيروت.
24 - تفسير العيَّاشي: محمّد بن مسعود العيَّاشي/ تحقيق: السيِّد هاشم الرسولي المحلَّاتي/ المكتبة العلميَّة الإسلاميَّة/ طهران.
25 - تفسير القمِّي: عليُّ بن إبراهيم القمِّي/ تصحيح وتعليق وتقديم: السيِّد طيِّب الموسوي الجزائري/ ط 3/ 1404ه-/ مؤسَّسة دار الكتاب/ قم.
26 - تقريب التهذيب: ابن حجر العسقلاني/ دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا/ ط 2/ 1415ه-/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
27 - تقريب المعارف: أبو الصلاح الحلبي/ تحقيق: فارس الحسُّون/ ط 1417ه-.
28 - تهذيب الأحكام: الشيخ الطوسي/ تحقيق وتعليق: السيِّد حسن الموسوي الخرسان/ ط 3/ 1364ه-/ دار الكتب الإسلاميَّة/ طهران.
29 - تهذيب التهذيب: ابن حجر العسقلاني/ ط 1/ 1404ه-/ دار الفكر/ بيروت.
30 - التوحيد: الشيخ الصدوق/ تحقيق وتصحيح: هاشم حسيني طهراني/ ط 1/ جماعة المدرِّسين في الحوزة العلميَّة/ قم.
31 - الثقات: محمّد بن حبَّان بن أحمد أبي حاتم التميمي البستي/ ط 1/ 1393ه-/ مؤسَّسة الكُتُب الثقافيَّة.
ص: 523
32 - ثواب الأعمال: الشيخ الصدوق/ تحقيق: محمّد مهدي الخرسان/ ط 2/ 1368ش/ مطبعة أمير/ منشورات الشريف الرضي/ قم.
33 - جامع الرواة وإزاحة الشبهات عن الطُّرُق والأسناد: محمّد عليّ الأردبيلي.
34 - الجرح والتعديل: عبد الرحمن بن أبي حاتم التميمي الحنظلي الرازي/ ط 1/ 1371ه-/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
35 - الخرائج والجرائح: قطب الدِّين الراوندي/ بإشراف: السيِّد محمّد باقر الموحِّد الأبطحي/ ط 1/ 1409ه-/ مؤسَّسة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)/ قم.
36 - خزانة الأدب ولبُّ لباب لسان العرب: عبد القادر بن عمر البغدادي/ تحقيق وتصحيح: محمّد نبيل طريفي/ ط 1/ 1418ه-/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
37 - الخصال: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ 1362ش/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
38 - خصائص الأئمَّة (عليهم السلام): الشريف الرضي/ تحقيق: محمّد هادي الأميني/ 1406ه-/ مجمع البحوث الإسلاميَّة/ الآستانة الرضويَّة المقدَّسة/ مشهد.
39 - خلاصة الأقوال: العلاَّمة الحلِّي/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسَّسة نشر الفقاهة.
40 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال: أحمد بن عبد الله الخزرجي الأنصاري اليمني/ قدَّم له واعتنى بنشره: عبد الفتَّاح أبو غدة/ ط 4/ 1411ه-/ مكتبة المطبوعات الإسلاميَّة بحلب/ دار البشائر الإسلاميَّة.
41 - دعائم الإسلام وذكر الحلال والحرام: القاضي النعمان المغربي/ تحقيق: آصف بن عليّ أصغر فيضي/ 1383ه-/ دار المعارف/ القاهرة.
ص: 524
42 - دلائل الإمامة: محمّد بن جرير الطبري الشيعي/ ط 1/ 1413ه-/ مؤسَّسة البعثة/ قم.
43 - رجال ابن الغضائري: ابن الغضائري/ تحقيق: السيِّد محمّد رضا الجلالي/ ط 1/ 1422ه-/ دار الحديث.
44 - رجال الطوسي (الأبواب): الشيخ الطوسي/ ط 1/ 1415ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي.
45 - رجال النجاشي (فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة): أبو العبَّاس أحمد ابن عليّ بن أحمد بن العبَّاس النجاشي الأسدي الكوفي/ ط 5/ 1416ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
46 - روضة الواعظين: محمّد بن الفتَّال النيسابوري/ تقديم: السيِّد محمّد مهدي السيِّد حسن الخرسان/ منشورات الشريف الرضي/ قم.
47 - سُنَن أبي داود: أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني/ تحقيق وتعليق: سعيد محمّد اللحَّام/ ط 1/ 1410ه-/ دار الفكر/ بيروت.
48 - السيرة النبويَّة: ابن هشام الحميري/ تحقيق وضبط وتعليق: محمّد محيي الدِّين عبد الحميد/ 1383ه-/ مكتبة محمّد عليّ صبيح وأولاده/ مصر.
49 - شرح أُصول الكافي: صدر المتألِّهين/ تحقيق وتصحيح: محمّد خواجوي/ ط 1/ 1383ش/ مؤسسه مطالعات وتحقيقات فرهنگي/ طهران.
50 - شرح أُصول الكافي: مولى محمّد صالح المازندراني/ تعليق: الميرزا أبو الحسن الشعراني/ ضبط وتصحيح: السيِّد عليّ عاشور/ ط 1/ 1421ه-/ دار إحياء التراث العربي/ بيروت.
51 - شرح الأخبار في فضائل الأئمَّة الأطهار: القاضي النعمان المغربي/ تحقيق: السيِّد محمّد الحسيني الجلالي/ ط 2/ 1414ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
ص: 525
52 - شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد المعتزلي/ تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم/ ط 1/ 1378ه-/ دار إحياء الكُتُب العربيَّة/ بيروت.
53 - شرح نهج البلاغة: ابن ميثم البحراني/ ط 1/ 1362ش/ مركز النشر مكتب الإعلام الإسلامي/ إيران/ قم.
54 - الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربيَّة): إسماعيل بن حمَّاد الجوهري/ تحقيق: أحمد عبد الغفور العطَّار/ ط 4/ 1407ه-/ دار العلم للملايين/ بيروت.
55 - صحيح البخاري: محمّد بن إسماعيل البخاري الجعفي/ ط 2/ 1410ه-/ أوقاف مصر.
56 - صحيح مسلم: مسلم بن الحجَّاج بن مسلم القشيري النيسابوري/ دار الفكر/ بيروت.
57 - الطبقات الكبرى: محمّد بن سعد/ دار صادر/ بيروت.
58 - العسل المصفَّى من تهذيب زين الفتى: أحمد بن محمّد بن عليٍّ العاصمي/ هذَّبه وعلَّق عليه: الشيخ محمّد باقر المحمودي/ ط 1/ 1418ه-/ مجمع إحياء الثقافة الإسلاميَّة/ قم.
59 - عقد الدُّرَر: يوسف بن يحيى المقدسي/ انتشارات نصائح.
60 - العقد الفريد: أحمد بن محمّد بن عبد ربِّه الأندلسي/ تحقيق وتصحيح: مفيد محمّد قميحة/ ط 1/ 1404ه-/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
61 - علل الشرائع: الشيخ الصدوق/ تقديم: السيِّد محمّد صادق بحر العلوم/ 1385ه-/ منشورات المكتبة الحيدريَّة ومطبعتها/ النجف الأشرف.
62 - العين: الخليل الفراهيدي/ ط 2/ 1409ه-/ مؤسَّسة دار الهجرة.
63 - عيون أخبار الرضا (عليه السلام): الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق وتقديم: الشيخ حسين الأعلمي/ 1404ه-/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
ص: 526
64 - الغارات: إبراهيم بن محمّد الثقفي الكوفي/ تحقيق: السيِّد جلال الدِّين الحسيني الأرموي المحدِّث.
65 - الغيبة: الشيخ الطوسي/ تحقيق: عبد الله الطهراني وعليّ أحمد ناصح/ ط 1/ 1411ه-/ مطبعة بهمن/ مؤسَّسة المعارف الإسلاميَّة/ قم.
66 - فضائل الشيعة:الشيخ الصدوق/ كانون انتشارات عابدي/ طهران.
67 - فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام): ابن عقدة الكوفي/ تحقيق وتصحيح: عبد الرزَّاق محمّد حسين حرز الدِّين/ ط 1/ 1424ه-/ دليل ما/ قم.
68 - الفضائل: شاذان بن جبرئيل القمِّي (ابن شاذان)/ 1381ه-/ منشورات المطبعة الحيدريَّة ومكتبتها/ النجف الأشرف.
69 - الفهرست: الشيخ الطوسي/ تحقيق: جواد القيُّومي/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي.
70 - القاموس المحيط: مجد الدِّين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي.
71 - قرب الإسناد: أبو العبَّاس عبد الله بن جعفر الحميري القمِّي/ ط 1/ 1413ه-/ مؤسَّسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث/ قم.
72 - الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستَّة: محمّد بن أحمد الذهبي الدمشقي/ مقابلة وتقديم وتعليق: محمّد عوامة/ تخريج النصوص: أحمد محمّد نمر الخطيب/ ط 1/ 1413ه-/ دار القبلة للثقافة الإسلاميَّة، مؤسَّسة علوم القرآن/ جدَّة.
73 - الكافي: الشيخ الكليني/ تحقيق: عليّ أكبر الغفاري/ ط 5/ 1363ش/ مطبعة حيدري/ دار الكُتُب الإسلاميَّة/ طهران.
74 - كامل الزيارات: جعفر بن محمّد بن قولويه/ تحقيق: الشيخ جواد القيُّومي/ ط 1/ 1417ه-/ مؤسَّسة نشر الفقاهة.
ص: 527
75 - الكامل في ضعفاء الرجال: عبد الله بن عدي/ تحقيق: يحيى مختار غزاوي/ ط 3/ 1409ه-/ دار الفكر/ بيروت.
76 - كتاب سُلَيم: سُلَيم بن قيس الهلالي الكوفي/ تحقيق: محمّد باقر الأنصاري الزنجاني/ ط 1/ 1422ه-/ دليل ما.
77 - كفاية الأثر في النصِّ على الأئمَّة الاثني عشر: أبو القاسم عليُّ بن محمّد الخزَّاز القمّي الرازي/ تحقيق: السيِّد عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري الخوئي/ 1401ه-/ انتشارات بيدار.
78 - كمال الدِّين وتمام النعمة: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ 1405ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
79 - كنز الفوائد: أبو الفتح محمّد بن عليٍّ الكراجكي/ ط 2/ 1369ش/ مكتبة المصطفوي/ قم.
80 - اللباب في تهذيب الأنساب: عزُّ الدِّين ابن الأثير الجزري/ دار صادر/ بيروت.
81 - لسان العرب: أبو الفضل جمال الدِّين محمّد بن مكرم الإفريقي المصري (ابن منظور)/ 1405ه-/ نشر أدب الحوزة/ قم.
82 - متشابه القرآن ومختلفه: ابن شهرآشوب/ ط 1/ 1369ه-/ دار البيدار/ قم.
83 - مجمع البيان في تفسير القرآن: أمين الإسلام أبو عليٍّ الفضل بن الحسن الطبرسي/ قدَّم له: السيِّد محسن الأمين العاملي/ ط 1/ 1415ه-/ مؤسَّسة الأعلمي/ بيروت.
84 - المحاسن: أحمد بن محمّد بن خالد البرقي/ تصحيح وتعليق: السيِّد جلال الدِّين الحسيني المحدِّث/ 1370ه-/ دار الكُتُب الإسلاميَّة/ طهران.
ص: 528
85 - مختصر بصائر الدرجات: الحسن بن سليمان الحلِّي/ ط 1/ 1370ه-/ منشورات المطبعة الحيدريَّة/ النجف الأشرف.
86 - مرآة العقول في شرح أخبار الرسول: العلَّامة المجلسي/ ط 2/ 1404ه-/ قدَّم له: السيِّد مرتضى العسكري/ إخراج ومقابلة وتصحيح: السيِّد هاشم الرسولي/ دار الكُتُب الإسلاميَّة.
87 - مراصد الاطِّلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: عبد المؤمن البغدادي/ تحقيق وتصحيح: عليّ محمّد بجاوي/ ط 1/ 1412ه-/ دار الجيل/ بيروت.
88 - المستدرك على الصحيحين: أبو عبد الله الحاكم النيسابوري/ إشراف: يوسف عبد الرحمن المرعشلي.
89 - المسترشد في إمامة أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام): محمّد بن جرير الطبري الشيعي/ تحقيق: الشيخ أحمد المحمودي/ ط 1/ 1415ه-/ مؤسَّسة الثقافة الإسلاميَّة لكوشانبور.
90 - مسند أحمد: أحمد بن حنبل/ تحقيق عدَّة محقِّقين/ ط 1/ 1416ه-/ مؤسَّسة الرسالة/ بيروت.
91 - المعارف: أبو محمّد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري/ تحقيق: ثروت عكاشة/ ط 2/ 1969م/ دار المعارف/ مصر.
92 - معاني الأخبار: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ 1379ه-/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
93 - المعجم الكبير: سليمان بن أحمد الطبراني/ تحقيق وتخريج: حمدي عبد المجيد السلفي/ ط 2/ دار إحياء التراث العربي.
94 - معرفة الثقات: أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي/ ط 1/ 1405ه-/ مكتبة الدار/ المدينة المنوَّرة.
ص: 529
95 - مقاتل الطالبيِّين: أبو الفرج الأصفهاني/ تقديم وإشراف: كاظم المظفَّر/ ط 2/ 1385ه-/ منشورات المكتبة الحيدريَّة ومطبعتها/ النجف الأشرف.
96 - مقتضب الأثر: ابن عيَّاش الجوهري/ مطبعة العلميَّة/ مكتبة الطباطبائي/ قم.
97 - من لا يحضره الفقيه: الشيخ الصدوق/ تصحيح وتعليق: عليّ أكبر الغفاري/ ط 2/ مؤسَّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرِّسين بقم المشرَّفة.
98 - مناقب آل أبي طالب: ابن شهرآشوب/ 1376ه-/ المكتبة الحيدريَّة/ النجف الأشرف.
99 - مناقب الإمام أمير المؤمنين: محمّد بن سليمان الكوفي/ ت المحمودي/ط1/1412ه-/مط النهضة/مجمع إحياء الثقافة الإسلاميّة/قم.
100 - المنتظم في تاريخ الأُمَم والملوك: عبد الرحمن بن عليِّ بن محمّد ابن الجوزي/ دراسة وتحقيق: محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا/ راجعه وصحَّحه: نعيم زرزور/ ط 1/ 1412ه-/ دار الكُتُب العلميَّة/ بيروت.
101 - النهاية في غريب الحديث والأثر: مجد الدِّين ابن الأثير/ تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمّد الطناحي/ ط 4/ 1364ش/ مؤسَّسة إسماعيليان/ قم.
102 - نهج البلاغة: خُطَب أمير المؤمنين (عليه السلام)/ ما اختاره وجمعه: الشريف الرضي/ تحقيق: الدكتور صبحي صالح/ ط 1/ 1387ه-، وبشرح محمّد عبدة/ ط 1/ 1412ه-/ دار الذخائر/ قم.
103 - الهداية الكبرى: الحسين بن حمدان الخصيبي/ ط 4/ 1411ه-/ مؤسَّسة البلاغ/ بيروت.
* * *
ص: 530
مقدَّمة المركز..................3
كتاب الغيبة في سطور..................6
مميِّزات الكتاب..................7
عملنا في الكتاب..................7
مقدّمة المؤلِّف..................11
باب (1): ما روي في صون سرِّ آل محمّد (عليهم السلام) عمَّن ليس من أهله، والنهي عن إذاعته لهم واطِّلاعهم..................31
باب (2): في ذكر حبل الله الذي أمرنا بالاعتصام به وترك التفرُّق عنه بقوله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا﴾..................41
باب (3): ما جاء في الإمامة والوصيَّة، وأنَّهما من الله (عزَّ وجلَّ) وباختياره، وأمانة يُؤدِّيها الإمام إلى الإمام بعده..................59
باب (4): ما روي في أنَّ الأئمَّة اثنا عشر إماماً، وأنَّهم من الله وباختياره..................71
فصل: فيما روي أنَّ الأئمَّة اثنا عشر من طريق العامَّة، وما يدلُّ عليه من القرآن والتوراة..................132
باب (5): ما روي فيمن ادَّعى الإمامة ومن زعم أنَّه إمام وليس بإمام، وأنَّ كلَّ راية تُرفَع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت..................143
باب (6): الحديث المروي عن طُرُق العامَّة..................153
ما روي عن عبد الله بن مسعود..................155
ص: 531
ما روي عن أنس بن مالك..................158
ما رواه جابر بن سمرة السُّوائي..................159
ما رواه أبو جحيفة..................166
ما روي عن سمرة بن جندب..................166
ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص..................167
باب (7): ما روي فيمن شكَّ في واحد من الأئمَّة (صلَّى الله عليهم)، أو بات ليلة لا يعرف فيها إمامه، أو دان الله (عزَّ وجلَّ) بغير إمام منه..................169
باب (8): ما روي في أنَّ الله لا يخلي أرضه بغير حجَّة..................189
باب (9): ما روي في أنَّه لو لم يبقَ في الأرض إلَّا اثنان لكان أحدهما الحجَّة..................199
باب (10): ما روي في غيبة الإمام المنتظر الثاني عشر (عليه السلام)، وذكر مولانا أمير المؤمنين والأئمَّة (عليهم السلام) بعده وإنذارهم بها..................203
فصل: [روايات متفرِّقة في الغيبة]..................224
فصل: [روايات في ذكر الغيبة والفترة والحيرة]..................232
فصل: [روايات في شَبَه الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) بالأنبياء (عليهم السلام)]..................238
فصل: [روايات في أنَّ للإمام (عجَّل الله فرجه) غيبتين]..................253
فصل: [روايات في ذكر الحيرة بعد غيبة الإمام (عجَّل الله فرجه)]..................283
باب (11): ما روي فيما أُمِرَ به الشيعة من الصبر والكفِّ والانتظار للفرج، وترك الاستعجال بأمر الله وتدبيره..................287
باب (12): ما يلحق الشيعة من التمحيص والتفرُّق والتشتُّت عند الغيبة حتَّى لا يبقى على حقيقة الأمر إلَّا الأقلّ الذي وصفه الأئمَّة (عليهم السلام)..................301
باب (13): ما روي في صفته وسيرته وفعله، وما نزل من القرآن فيه (عليه السلام)..................321
[كونه (عليه السلام)] ابن سبيَّة، ابن خيرة الإماء..................341
ص: 532
سيرته (عليه السلام)..................345
حكمه (عليه السلام)..................352
آياته وفعله (عليه السلام)..................354
فضله (صلوات الله عليه)..................356
ما نزل فيه (عليه السلام) من القرآن..................357
ما يُعرَف به (عليه السلام)..................359
في صفة قميصه (عليه السلام)..................360
في صفة جنوده وخيله (عليه السلام)..................361
باب (14): ما جاء في العلامات التي تكون قبل قيام القائم (عليه السلام)، ويدلُّ على أنَّ ظهوره يكون بعدها كما قالت الأئمَّة (عليهم السلام)..................367
باب (15): ما جاء في الشدَّة التي تكون قبل ظهور صاحب الحقِّ (عليه السلام)..................415
باب (16): ما جاء في المنع عن التوقيت والتسمية لصاحب الأمر (عليه السلام)..................425
باب (17): ما جاء فيما يلقى القائم (عليه السلام) ويستقبل من جاهليَّة الناس، وما يلقاه الناس قبل قيامه من أهل بيته..................439
باب (18): ما جاء في ذكر السفياني، وأنَّ أمره من المحتوم، وأنَّه قبل قيام القائم (عليه السلام)..................445
باب (19): ما جاء في ذكر راية رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأنَّه لا ينشرها بعد يوم الجمل إلَّا القائم (عليه السلام)..................457
باب (20): ما جاء في ذكر جيش الغضب، وهم أصحاب القائم (عليه السلام)، وعدَّتهم وصفتهم، وما يبتلون به ويقاتلون..................465
باب (21): ما جاء في ذكر أحوال الشيعة عند خروج القائم (عليه السلام) وقبله وبعده..................475
ص: 533
باب (22): ما روي أنَّ القائم (عليه السلام) يستأنف دعاءً جديداً، وأنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ..................483
باب (23): ما جاء في ذكر سنِّ الإمام القائم (عليه السلام)، وما جاءت به الرواية حين يُفضى إليه أمر الإمامة..................489
باب (24): في ذكر إسماعيل بن أبي عبد الله (عليه السلام)، والدلالة على أخيه موسى بن جعفر (عليهما السلام)..................495
باب (25): ما جاء في أنَّ من عرف إمامه لم يضرّه تقدَّم هذا الأمر أو تأخَّر..................507
باب (26): ما روي في مدَّة ملك القائم (عليه السلام) بعد قيامه..................515
المصادر والمراجع..................521
ص: 534