قراءة في المسار الأموي: ابوسفيان - الحكم - مروان - الوليدبن عقبه من كتاب الغدير للشيخ الاميني‌

اشارة

‏سرشناسه : خليفات، مروان،‏ ۱۹۷۳ - ‏ م.
Khalifat, Marwan
‏عنوان و نام پديدآور : قراءة في المسار الأموي: ابوسفيان - الحكم - مروان - الوليدبن عقبه من كتاب الغدير للشيخ الاميني/ اعداد مروان خليفات.
‏مشخصات نشر : قم: دائره معارف الفقه الاسلامي طبقا لمذهب اهل البيت(ع)، مركز الغدير للدراسات الاسلاميه‌‏، ۱۴۱۹ق.= ۱۹۹۸م.‏ = ۱۳۷۷.
‏مشخصات ظاهري : ‏۱۷۰ص.
‏شابك : چاپ دوم‏: ‏964-8360-25-1 ؛ ‏۸۰۰۰ريال(چاپ دوم)
‏يادداشت : عربي
‏يادداشت : كتاب حاضر اقتباس بخشي از "الغدير" علامه اميني مي‌باشد.
‏يادداشت : چاپ دوم: ۱۳۸۳.
‏يادداشت : كتابنامه به‌صورت زيرنويس.
‏موضوع : امويان -- تاريخ
‏شناسه افزوده : اميني، عبدالحسين، ‏۱۲۸۱ -‏ ۱۳۴۹ . الغدير في الكتاب و السنه و الادب
‏شناسه افزوده : ‏موسسه دايره‌المعارف فقه اسلامي بر مذهب اهل بيت (ع)‏. مركز الغدير للدراسات الاسلاميه
‏رده بندي كنگره : ‏DS۳۸/۵‏/خ۸ق۴ ۱۳۷۷
‏رده بندي ديويي : ‏۹۵۳/۰۲
‏شماره كتابشناسي ملي : م‌۷۸-۱۸۲۳۹

كلمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم لم تشهد البشرية حدثا تأريخيا هز أعماق الحياة الإنسانية وأحدث نقلة نوعية في مسار التأريخ كحدث الدعوة الإسلامية وبعثة الهادي محمد صلي الله عليه وآله وسلم داعيا إلي الله سبحانه ومنقذا للبشرية من ظلم الطواغيت وحكم الطغاة. ظلم الطواغيت وحكم الطغاة: بزغ نور الإسلام في ربوع مكة يحمل إلي الأرض مبادئ الهدي والعدل والسلام. فاستفاق طواغيتها علي صوت الداعي منذرا بتحطيم تلك البنية الجاهلية البغيضة التي بنوها علي الظلم والكفر، وامتهان كرامة الإنسان، وتكريس الجهل والخرافة والفساد. فتصدوا بكل ما يملكون من قوة ووسائل للمقاومة، لإيقاف الزحف الذي راح يدك معاقلهم، ويحطم كبرياءهم ومصالحهم الآثمة. وكان في طليعة أولئك الطواغيت الوجود الأموي المتمثل بأبرز رموزه في تلك المرحلة (أبو سفيان). لقد كان لهذا الوجود دور خطير في مواجهة الانطلاقة والمسار [ صفحه 6] الإسلامي في مرحلة الدعوة والنبوة، كما واصل دوره هذا في مرحلة الخلافة التي تلت عهد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم. وإنه لمن ضرورات فهم تأريخ الأمة والقوي الفكرية والسياسة والاجتماعية المؤثرة فيها أن يدرس المسار الأموي، وتحلل طبيعة بطريقة علمية ونقد موضوعي علي امتداد مواقفه التي مارسها رجاله وقادته، وأن دراسة وتحليل معالم ذلك المسار وممارساته في مرحلتي الدعوة والخلافة والسلطة تتطلب دراسة المواقف الأموية الآتية: 1 - الوقوف بوجه الدعوة ومحاربة الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم. 2 - السقوط والتواري. 3 - إعادة تنظيم الصفوف. 4 - التسلل إلي السلطة. 5 - شق الصف وتمزيق وحدة الأمة. 6 - محاربة الخلافة الشرعية. 7 - السيطرة علي الدولة والحكم. 8 - العودة إلي محاربة المسار الإسلامي الأصيل المتمثل في علي وآل البيت النبوي عليهم السلام وأتباعهم. 9 - تبديل نظام الحكم. 10 - وضع الأحاديث وتحرف السنة. [ صفحه 7] 11 - إدخال الفساد الأخلاقي والاجتماعي إلي السلطة. ولكي تكون لدي القارئ صورة واضحة عن هذا المسار فلنتناول بشئ من التفصيل تلك المواقف التأريخية: 1 - الوقوف بوجه الدعوة ومحاربة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم: لقد تناول الشيخ الأميني في موسوعته العلمية الكبري (الغدير) الدور المعادي للرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم الذي مثلته أبرز الشخصيات الأموية في مرحلة الدعوة وهم: " أبو سفيان " و " عقبة بن أبي معيط " و " الحكم بن العاص " وستجد في ما سجله من مواقف ووقائع وحوادث لتلك الشخصيات الأموية صورة متكاملة للدور الأموي في مواجهة الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم فقد كان أبو سفيان أحد أبرز ثلاث شخصيات تصدت لمواجهة الدعوة وهم: أبو لهب وأبو جهل، وقد تولي أبو سفيان قيادة الشرك والجاهلية في مكة، بعد موت أبي لهب ومقتل أبي جهل " الحكم بن هشام " في معركة بدر حيث اندحرت قوي الشرك والطاغوت، فكان القائد والمخطط والمعبئ لقوي العدوان بعد ذلك في أحد والأحزاب، والصاد لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عام الحديبية عن البيت الحرام (في السنة السادسة من الهجرة)، كما تولي عمليات التعذيب للمستضعفين من المسلمين، وأحد المخططين لاغتيال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. ويستمر أبو سفيان في حربه وصراعه مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم طوال [ صفحه 8] إحدي وعشرين عاما حتي حقق الله النصر لنبيه بفتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة فاضطر تحت ضغط القوة وعزة الإسلام وتعاظم تياره، إلي إعلان إسلامه بعد إقناع من العباس بن عبد المطلب - عم النبي صلي الله عليه وآله وسلم لحقن دمه. 2 - السقوط والتواري: وبفتح مكة سقطت المقاومة الجاهلية وانهار صرح الشرك، ودحر أبو سفيان ومن معه من قادة الضلال، وطهر البيت الحرام من الأصنام والوثنية، وفتح الرسول المنتصر صلي الله عليه وآله وسلم آفاق العفو الرحمة وأطلق شعاره المعروف " اليوم يوم المرحمة اليوم تحمي الحرمة ". لقد جمع الرسول صلي الله عليه وآله وسلم أولئك الأعداء الذين حاربوه وأخرجوه من دياره، وخططوا لقتله. فخاطبهم بقلبه الكبير، وروحه الهادي، وخلقه العظيم، وهدفه الواسع لاستيعاب البشرية، بقوله: " ما تظنون وما أنتم قائلون. قال سهيل: نظن خيرا ونقول خيرا، أخ كريم وابن عم كريم " [1] . ليفتح أمامهم أبواب التوبة ويهئ لهم الأجواء النفسية للتفاعل مع كلمة التوحيد، ومبادئ الهدي، وليشعرهم بعفو الإسلام وعظيم خلقه. وهكذا طوقهم رسول الله بالفضل والمن، وأطلق سراحهم، فحملوا اسم (الطلقاء) كما حملوا اسما آخر هو: (مسلمة الفتح). وهكذا تواري [ صفحه 9] هذا الوجود خلف الستار. إلا أن تلك الفلول المهزومة لم تتفاعل مع روح الرسالة ولم يتغلغل الإسلام في أعماقها فظلت تختزن الماضي، وتحمل الأحقاد علي الرسول القائد صلي الله عليه وآله وسلم وعلي الطليعة التي حققت الانتصار معه صلي الله عليه وآله وسلم وحطمت كبرياءهم وسيادتهم، لا سيما ابن عمه، زوج ابنته، علي بن أبي طالب كما حملوا العداء ذاته لذريته من بعده. 3 - إعادة تنظيم الصفوف: بعد مرحلة السقوط والتواري عن مسرح الأحداث والابتعاد عن الأضواء والواجهة الاجتماعية الذي فرضه الأمر الواقع علي الخط الأموي والذي استمر إلي ما بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم لعدد من السنين، إذ لم يستطع الوجود الأموي أن يسجل أي حضور في أحداث السقيفة والنزاع علي الخلافة لسقوطه من الاعتبار الاجتماعي آنذاك، عدا محاولة أبي سفيان مع الإمام علي التي حاول فهيا التأليب ودفع الموقف إلي المواجهة المسلحة بين المسلمين يوم قال لعلي عليه السلام: " إني لأري عجاجة لا يطفئها إلا الدم... ثم قال لعلي: " أبسط يدك أبايعك فوالله لئن شئت لأملأنها عليك خيلا ورجالا فأبي عليه السلام " [2] . ثم زجره قائلا: " والله ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت للإسلام شرا، ولا حاجة لنا في نصيحتك " [3] . وكان المسلمون الأولون يشعرون بأن الوجود الأموي سيعمل علي [ صفحه 10] تنظيم صفوفه وإعادة نشاطه من جديد، جاء ذلك التشخيص واضحا في الحوار الذي دار بين أبي بكر والحباب بن المنذر والذي نصه: " أمنا تخاف يا حباب... وكان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قد رأي في منامه أن بني أمية " ينزون علي منبره... وتلك رؤيا صادقة تكشف عن أن الموقف الأموي المواجه لن ينتهي بهزيمة الفتح، بل سيعود إلي المواجهة بعد تنظيم صفوفه. وقد تحقق ذلك، وبدأ الحزب الأموي بتنظيم أوضاعه الداخلية، والبحث عن مراكز السلطة والنفوذ لاستعادة مركزه المفقود بعد الفتح، فاستغل ظروف الصراع علي الخلافة، بعد السقيفة وتألب الكثيرين علي علي عليه السلام ووضع العقاب أمام تسلمه مقاليد الأمور. علي الخصم العقائدي للوجود الأموي، والسيف الذي حطم قوتهم العسكرية، وهو الذي علا كتف رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يوم الفتح فحطم أصنامهم، وطهر البيت الحرام منها. لقد استغلوا تلك الفترة فجمعوا فلولهم ليواصلوا البحث عن أهدافهم، وكانت البداية تنطق من معاوية بن أبي سفيان حين ولاه عمر علي الشام، فهو كما وصفه المؤرخون داهية ومخطط، وبلا تورع عما نهي الله عنه، راح يبني الوجود الأموي في الشام، ويستقطب العناصر الموالية، ويركز وجوده. ثم، أتت الفرصة سانحة لبناء القوة الأموية في خلافة عثمان بن [ صفحه 11] عفان وبشكل لم يسبق لم مثيل. 4 - التسلل إلي السلطة: لقد كان في تسلم معاوية لولاية الشام، وهي من أهم الولايات في الدولة الإسلامية، فرصة كبيرة للحزب الأموي لأن يركز وجوده، ويبث أفكاره وآراءه، وأن يبني له قوة عسكرية وقاعدة وأنصارا تناسب المرحلة الجديدة، فالشام بعيدة عن مركز الخلافة، وحديثة عهد بالإسلام فلم يطلع أهلها علي مرحلة النبوة، ولا علي بناة الإسلام والسابقين من الصحابة، كعلي وأبي ذر وعمار وغيرهم، كما كانت بلدا غنيا مكتفيا بموارده، فاستغل معاوية كل ذلك لتنفيذ المخطط والأهداف. وحين ولي الخلافة عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس استغل الحزب الأموي ذلك، فتسللوا إلي أجهزة الدولة بتعيينه إياهم ولاة وأمراء وقادة جيوش ومتنفذين، ومن خلال ما أعاده لهم من اعتبار، وما آثرهم به من بيت المال علي بقية المسلمين، تحول الأمويون إلي حزب حاكم وطبقة رأسمالية مستغلة مستبدة، بعد أن كانوا فئة منبوذة تحمل راية الحرب ضد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وكان صلي الله عليه وآله يلعن بعض قادتهم ويطرد بعضهم الآخر وينفيه من المدينة، كالحكم بن أبي العاص، كان الرسول يفعل ذلك، ويقول: " لكل أمة آفة، وآفة هذه الأمة بنو أمية ". وسنجد في دراسة العلامة الأميني رضي الله عنه لسياسة عثمان، وإعادته للاعتبار الأموي توثيقا كافيا لإيضاح التسلل الأموي إلي أجهزة [ صفحه 12] الدولة وسيطرتهم علي مقاليد الأمور في تلك الفترة، مما أثار حفيظة الصحابة والتابعين لهم بإحسان، لا سيما طلائعهم التي ساهمت في حمل الدعوة، وقتال المشركين، وفي مقدمتهم بني أمية في بدر وأحد والأحزاب ويوم الفتح. ومما يعكس شدة رفض جيل الصحابة والتابعين للتسلط الأموي هو الثورة علي عثمان وقتله، والمنع من دفنه، وللمزيد من الإيضاح تراجع كتب التاريخ، كتاريخ الطبري واليعقوبي، وتاريخ المدينة والأخبار الطوال للدينوري والكامل لابن الأثير والإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري وغيرها. 5 - شق الصف وتمزيق وحدة الأمة: من الكوارث المأساوية الكبري التي أحدثها الأمويون في الأمة الإسلامية هي تمزيق وحدة المسلمين وشق الصف الإسلامي. فقد تبني الأمويون أمثال مروان بن الحكم ومعاوية بن أبي سفيان تصعيد الموقف في المدينة المنورة بين الخليفة عثمان بن عفان، وبين الصحابة الذي عارضوا سياسة التي اعتمدت الحزب الأموي في السلطة والنفوذ، إضافة إلي الممارسات المالية والقضائية والسلوكية الأخري التي استنكرها الصحابة، وذكرها المؤرخون من مختلف الاتجاهات والمذاهب في كتبهم، فأدي هذا التصعيد إلي الحيلولة دون إصلاح الأوضاع من قبل الذين سعوا في الإصلاح، وفي مقدمتهم الإمام علي عليه السلام حيث طلب من عثمان العدول عن سياسة والتمسك بالكتاب والسنة، والاستجابة لنداءات الاصلاح [ صفحه 13] والتغيير، والتخلي عمن حوله كمروان بن الحكم وسعيد والوليد، والتوقف عن اضطهاد الصحابة كعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود، وغيرهم كما اضطهد أبو ذر الغفاري من قبل. لقد أجج مروان بن الحكم ومعاوية وفئة أخري من الأمويين نار الموقف حتي قتل عثمان، ووقعت الفتنة، فرفعوا شعار الثأر لدم عثمان، ورأي معاوية في ذلك فرصة سانحة للتمرد علي الخلافة الشرعية والانفصال عن الدولة الإسلامية ومحاربة الإمام علي عليه السلام الذي لجأت إليه الأمة، وبايعته بالخلافة بعد مقتل عثمان، ووقف الصحابة من المهاجرين والأنصار يتقدمهم البدريون في ذلك إلي جانبه، واستطاع معاوية أن يعبئ بلاد الشام ضد الخلافة الشرعية لبعدها عن المدينة المنورة مركز الوحي والوعي الإسلامي وعدم تفاعل أهلها مع مرحلة الدعوة، والتعريف علي طلائع الإسلام ورجالاته، وجهلهم بمكانة الإمام علي عليه السلام ودوره الفريد من بين جميع الصحابة في تركيز دعائهم الإسلام والدفاع عنه، فاستطاع معاوية أن يضللهم، ويشوه في نفوسهم صورة الإمام علي الناصعة. لقد أقدم معاوية وهو يقود الحزب الأموي، علي شق المسلمين، وإقامة كيان سياسي للأمويين في الشام. وهكذا استأنف الأمويون الصراع والحرب الدعائية المضللة ضد آل البيت النبوي عليهم السلام تترس معاوية بن أبي سفيان في بلاد [ صفحه 14] الشام، وكرس كل جهوده لتضليل الرأي العام، واعتمد المال والإغراء بالمناصب والإرهاب أسلوبا لمواجهة الإمام علي عليه السلام فكانت صفين المعركة المسلحة سنة (36 ه) التي انتهت بالتحكيم والخداع، وتثبيت معاوية وانشقاق جيش الإمام علي عليه السلام، وتكون فرقة الخوارج التي اغتالت الإمام عليا في ما بعد، وفشلت في قتل معاوية وعمرو بن العاص. وبعد استشهاد الإمام علي عليه السلام تولي الإمام السبط الحسن بن علي عليه السلام الإمامة بعده، فرأي معاوية في استشهاد الإمام علي عليه السلام فرصة للإجهاز علي الخلافة الشرعية، والاستيلاء علي الدولة الإسلامية، فجهز جيشه، وتقدم نحو العراق لمحاربة الإمام الحسن عليه السلام وانتهت هذه المرحلة بصلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية، وتسليم الخلافة له وفق شروط لم يف معاوية بها. 7 - الاستيلاء علي الدولة الإسلامية: استولي معاوية علي السلطة وخلا الجو للحزب الأموي، وهكذا بدأ فصل جديد في تأريخ الأمة وأسست الدولة الأموية سنة (41 ه) وامتدت حتي سنة (132 ه) وولي الخلافة فيها معاوية وابنه يزيد ثم معاوية بن يزيد الذي رفض تسلم الخلافة، ورأي أنها حق لآل البيت عليهم السلام وبتنازله انتهت خلافة آل أبي سفيان لتبدأ خلافة آل مروان أخلاف طريد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم التي استمرت حتي عام (132 ه). 8 - العودة إلي الصراع: وما إن تمكن الأمويون من فرض وجودهم علي الدولة والأمة حتي ألغي معاوية كل شرط اشترطه الإمام [ صفحه 15] الحسن عليه السلام. ومن تلك الشروط عدم ملاحقة أتباع أهل البيت عليهم السلام، وترك سب الإمام علي عليه السلام فقد شن معاوية حربا شعواء علي آل البيت وأتباعهم ومن شايعهم، ومنع التحدث بفضائل علي عليه السلام ومناقبه التي لم يحظ أحد من الصحابة بمثلها، ولم يكتف بذلك، بل أصدر أمرا بسب علي عليه السلام علي المنابر في جميع البلاد الإسلامية، ومن فوق مآذنهم. فمعاوية هو أول من سبب الصحابة علي المنابر والمآذن، وتبعه الأمويون علي ذلك حتي عام (99 ه) في خلافة عمر بن عبد العزيز الذي أوقف السب واستبدله بقوله تعالي: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي). والحديث عن الحرب التي شنها الأمويون ضد آل البيت وأشياعهم حديث مفعم بالدم والأسي والشجون. فبعد حروب معاوية مع الإمام علي عليه السلام وولده الإمام الحسن السبط عليه السلام الذي انتهي بالصلح. وبعدما دس السم الذي أدي إلي استشهاده عليه السلام تتبع معاوية بن أبي سفيان شيعة علي وأتباعه فقتلهم حيثما وجدهم، فقتل حجر بن عدي الذي وصفه الحاكم في المستدرك بقوله: " إنه راهب أصحاب محمد صلي الله عليه وآله وسلم " [4] ، كما قتل: شريك بن شداد الحضرمي، وصيفي بن شداد الشيباني، وعمرو بن الحمق الخزاعي، ورشيد الهجري، وعبد الله بن يحيي الحضرمي، وعبد الرحمن بن حسان العنزي وغيرهم. [ صفحه 16] وجاء بعد معاوية ابنه يزيد ليواصل الحرب علي آل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وأصحاب رسول الله، فكانت فاجعة كربلاء التي أدمت قلوب المسلمين، فقد قتل فيها الحسين بن علي عليه السلام سبط رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وسبعة عشر من أهل بيته وستون رجلا من أصحابه، استشهدوا جميعا في كربلاء يوم العاشر من محرم الحرام عام (61 ه) مما فجر براكين الثورات ضد الحكم الأموي، فثارت المدينة المنورة فقمعها يزيد بن معاوية واستأصل البدرين، فلم يبق بدري واحد بعد تلك الواقعة المروعة، قال ابن قتيبة الدينوري: " وذكروا أنه قتل يوم الحرة من أصحاب النبي صلي الله عليه وآله وسلم ثمانون رجلا، ولم يبق بدري بعد ذلك، ومن قريش والأنصار سبعمئة... " [5] . وحدثت ثورات أخري كثورة التوابين وثورة المختار. وتواصل الارهاب الأموي ضد آل البيت عليهم السلام فقتل هشام بن عبد الملك زيد بن علي ابن السبط الحسين بن علي بن أبي طالب سنة (121 ه) ثم قتل ابنه يحيي. وهكذا تواصل العداء الأموي لآل البيت عليهم السلام حتي سقوط دولتهم سنة (132 ه). 9 - تبديل نظام الحكم: لقد فهم الأمويون أن الدولة والسلطة في الأمة هي ملك لهم، بل وبنوا سياستهم علي أساس استعباد الأمة، فقد [ صفحه 17] فرض يزيد بن معاوية علي المسلمين أن يبايعوه علي أنهم عبيد له [6] ورفض أن يبايعوه علي كتاب الله وسنة ورسوله، وابتدعوا نظرية الوراثة، وحولوا نظام الحكم إلي نظام ملكي وراثي تمتهن فيه الأمة وتسحق إرادتها، سجل السيوطي هذه الحقيقة عن سعيد بن طهمان عن سفينة قال: " قلت لسفينة: إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم، قال: كذبوا بنو الزرقاء بل هم ملوك من أشد الملوك، وأول الملوك معاوية " [7] ولذلك شجب الصحابة والتابعون النظام الأموي هذا ورفضوه، كما شجبه الإمام الحسين بن علي عليه السلام ورفضه بشدة عندما قرر معاوية بن أبي سفيان جعل الحكم وراثيا وفرض يزيد حاكما علي المسلمين، مما دعاه إلي الثورة علي السلطة عندما تسلمها يزيد بعد أبيه وكانت ثورته عام (61 ه). وكان هذا التغيير مصادرة كبري لإرادة الأمة ومخالفة لأصول الشريعة، وفرض الحكام الأمويون عليها الواحد تلو الآخر، فقاومتهم الأمة بالقوة والسلاح حتي سقطت دولتهم عام (132 ه). 10 - إدخال الفساد والانحراف الأخلاقي إلي مؤسسة الخلافة: لقد أجمع المؤرخون والمختصون علي أن الحكام الأمويين هم الذين أدخلوا الخلاعة والمجون والفجور وشرب الخمر وممارسة المحرمات [ صفحه 18] الشاذة إلي مؤسسة الخلافة، حتي أصبحت دار الخلافة مركزا للهو والعبث والفساد، ففقدت الخلافة هيبتها الروحية ومكانتها في النفوس. فكان الخليفة منهم يذكر باللهو والغناء وشرب الخمر والفجور والظلم وجمع الأموال وامتهان الأمة وسلبها حقوقها ومصادرة إرادتها. أخرج الواقدي من طرق أن عبد الله بن حنظلة الغسيل قال: والله ما خرجنا علي يزيد حتي ظننا أن نرمي بالحجارة من السماء، إنه رجل ينكح أمهات الأولاد، والبنات، والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة " [8] . وقال الذهبي: " ولما فعل يزيد بأهل المدينة ما فعل، مع شربه الخمر والتباعه المحرمات اشتد عليه الناس وخرجه عليه غير واحد " [9] . ووصفه عبد الملك بن مروان بالخليفة المأفون بقوله: " ألست بالخليفة المأفون، يعني يزيد " [10] . قالت أم الدرداء لعبد الملك بن مروان مرة " بلغني يا أمير المؤمنين أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة؟ قال: إي والله والدماء قد شربتها " [11] . ووصف الذهبي الوليد بن يزيد بن عبد الملك بقوله: " اشتهر [ صفحه 19] بالخمر والتلوط فخرجوا عليه لذلك... " [12] . وقال ابن الأثير: إن عبد الملك بن مروان أول من نهي عن الأمر بالمعروف، فإنه قال في خطبته بعد قتل ابن الزبير: " ولا يأمرني أحد بتقوي الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه " [13] . من تلك اللقطات والمئات من الممارسات المحرمة التي ارتكبها الحكام الأمويون في قصور الخلافة يتضح لنا الدور الأموي في إسقاط الأخلاقية الإسلامية في مؤسسة الخلافة التي أراد لها الله أن تكون قدوة ومنارا للهدي والإصلاح. 11 - وضع الحديث: وفي هذه المرحلة - مرحلة الحكم الأموي - كثر وضع الحديث: والتشجيع عليه من قبل معاوية وبشكل رسمي، كما كثر دخول الإسرائيليات في الحديث والتفسير والعقائد. ويذكر الباحثون في تاريخ الوضع والوضاع أن الكذب قد بدأ في عصر رسول الله، ولكنه كان عملا فرديا وممارسة من أناس كذابين، أما الوضع بشكله المتبني فقد بدأ عام (41 ه) بدأه معاوية بن أبي سفيان، وأن الوثائق التاريخية التي وردت إلينا تؤكد ذلك، قال أبو جعفر الإسكافي المعتزلي: " إن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين علي رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة [ صفحه 20] منه، وجعل لهم علي ذلك جعلا يرغب في مثله فاختلفوا ما أرضاه، منهم: أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير " [14] . وقال ابن عرفة: " إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم " [15] . إن دراسة الحوادث والوقائع والمواقف التأريخية التي مارسها حكام أمويون تكشف لنا بوضوح حقيقة الصراع الأموي ضد الرسول صلي الله عليه وآله وسلم وامتداده المتمثل في علي وآله عليهم السلام وستري وضوح ذلك من خلال الدراسة التي أجراها الشيخ الأميني في شخصيات أموية شملت أبا سفيان ومعاوية ومروان والحكم بن العاص والوليد بن عقبة وغيرهم من العناصر الأموية. وإذن فلنقرأ ما كتبه العلامة الأميني في ذلك لتتشكل أمامنا معالم الصورة الحقيقية للمسار الأموي. مركز الغدير [ صفحه 23]

ابوسفيان

الهوية الشخصية

أبو سفيان: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي، وهو والد يزيد ومعاوية وغيرهما، له كنية أخري: أبو حنظلة. تزوج من هند بنت عتبة المشهورة في مكة، روي حديثا واحدا.

الولادة

ولد قبل الفيل بعشر سنين وكان تاجرا يجهز التجار بماله وأموال قريش إلي الشام وغيرها من أرض العجم، وكان يخرج أحيانا بنفسه [16] .

مذهب أبي سفيان في الجاهلية

كان أكثر العرب في الجاهلية يعبدون الأصنام ليقربوهم إلي الله زلفي، فرغم عبادتهم للأصنام وغيرها إلا أنهم كانوا يعتقدون بوجود الخالق، أما أبو سفيان فكان له مذهب خاص وهو الزندقة. قال المقريزي فيه: " وكان كهفا للمنافقين، وأنه كان في الجاهلية زنديقا " [17] . [ صفحه 24] والزنديق كما في لسان العرب [18] : " القائل ببقاء الدهر " وقد قالوا ما قال القرآن عنهم (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) [19] ونستطيع أن نقول: هو القائل بأزلية العالم ويسمي ملحدا ودهريا، فهذا هو مذهب أبي سفيان في الجاهلية، وقد تعجب من هذا، ولكن سيزداد عجبك إذا عرفت أن هذا الاعتقاد بقي مسيطرا علي أبي سفيان حتي بعد إسلامه.

معاداة أبي سفيان للنبي

كان أبو سفيان علي رأس المحاربين للنبي والإسلام، ومظاهر عدائه كثيرة، فقد مشي [20] مع جمع من رجال قريش إلي أبي طالب قائلين له: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه، إلخ [21] . وهو أحد المجتمعين بدار الندوة الذين تفرقوا علي رأي أبي جهل من أخذ يؤخذ من كل قبيلة شاب فتي جليد نسيب وسط، ثم يعطي كل منهم سيفا صارما فيعمدوا إلي رسول [ صفحه 25] الله فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه [22] . وقد أنفق علي جيش المشركين في أحد أربعين أوقية ذهبا، وكل أوقية اثنان وأربعون مثقالا، وقاد بنفسه جيش المشركين، وقتل [23] من خيار أصحاب رسول الله سبعين ما بين مهاجرين وأنصاري، منهم أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه. وقاتل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في يوم الخندق أيضا، وكتب إليه: باسمك اللهم أحلف باللات والعزي وساف ونائلة وهبل، لقد سرت إليك أريد استئصالكم، فأراك قد اعتصمت بالخندق، فكرهت لقائي، ولك مني كيوم أحد، وبعث بالكتاب مع أبي سلمة الجشمي، فقرأه للنبي أبي بن كعب رضي الله عنه فكتب إليه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: " قد أتاني كتابك، وقديما غرك - يا أحمق بني غالب وسفيههم - بالله الغرور، وسيحول الله بينك وبين ما تريد، ويجعل لنا العاقبة، وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزي وساف ونائلة وهبل يا سفيه بني غالب ". ولم يزل يحاد الله ورسوله، حتي سار رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لفتح [ صفحه 26] مكة [24] .

اسلامه

لم يكن إسلام أبي سفيان عن رغبة واختيار، بل عن رهبة واضطرار وهذا ما تثبته لنا قصة إسلامه. فحين توجه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لفتح مكة أتي [25] العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بأبي سفيان إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقد أردفه، وذلك أنه كان صديقه ونديمه في الجاهلية، فلما دخل به علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سأله أن يؤمنه، فلما رآه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال له: " ويلك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ "، فقال: بأبي أنت وأمي ما أوصك وأجملك وأكرمك! والله لقد ظننت أنه لو كان مع الله غيره لقد أغني عني شيئا. فقال: " يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ ". فقال: بأبي أنت وأمي ما أوصك وأجملك وأكرمك، أما هذه ففي النفس منها شئ! فقال له العباس: ويلك اشهد بشهادة الحق قبل أن تضرب عنقك، فشهد وأسلم. فهذا حديث إسلامه كما تري، واختلف في حسن إسلامه فقيل: إنه شهد حنينا مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وكانت الأزلام معه يستقسم بها، وكان [ صفحه 27] كهفا للمنافقين، وإنه كان في الجاهلية زنديقا [26] . أجل، العباس يقول له: " ويلك اشهد بشهادة الحق قبل أن تضرب عنقك، فشهد وأسلم " فقد أسلم تحت التهديد خوفا علي حياته وهو مصداق لقوله تعالي: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا) [27] . فلم يكن إسلامه عن اطمئنان وقناعة. قال ابن عبد البر بعد أن أورد قوله أبي سفيان: ما أدري ما جنة ولا نار، وله أخبار من نحوه هذا رديئة ذكرها أهل الأخبار، ولم أذكرها، وفي بعضها يدل علي أنه لم يكن إسلامه سالما " [28] . وقد قال علقمة فيه [29] . إن أبا سفيان من قبله لم يك مثل العصبة المسلمة لكنه نافق في دينه من خشية القتل علي المرغمة بعدا لصخر مع أشياعه في جاحم النار لدي المضرمة [30] . [ صفحه 28] ولما هم أبو سفيان أن يسلم كتب ابنه معاوية إليه شعرا ينهاه عن ذلك، وقال: يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا خالي وعمي وعم الأم ثالثهم وحنظل الخير قد أهدي لنا الأرقا لا تركنن إلي أمر يكلفنا والراقصات به في مكة الخرقا فالموت أهون من قول العداة: لقد حاد ابن حرب عن العزي إذا فرقا [31] .

ابوسفيان يحب الفتنة

وكان [32] أبو سفيان يوم بويع أبو بكر يثير الفتن، ويقول: إني لأري عجاجة لا يطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم؟ أين المستضعفان؟ أين الأذلان علي وعباس؟ ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش؟ ثم قال لعلي: ابسط يدك أبايعك، فوالله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا. فأبي علي عليه السلام عليه، فتمثل بشعر المتلمس [33] . ولن يقيم علي خسف يراد به إلا الأذلان عير الحي والوتد هذا علي الخسف مربوط برمته وذا يشج فلا يبكي له أحد [ صفحه 29] فزجره علي، وقال: " والله ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت للإسلام شرا، لا حاجة لنا في نصحك [34] وجعل يطوف في أزقة المدينة، ويقول: بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم ولا سيما تيم بن مرة أو عدي فما الأمر إلا فيكم وإليكم وليس لها إلا أبو حسن علي فقال عمر لأبي بكر: إن هذا قد قدم وهو فاعل شرا، وقد كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يستألفه علي الإسلام فدع له ما بيده من الصدقة. ففعل، فرضي أبو سفيان وبايعه [35] .

ابوسفيان في اليرموك

تعامل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مع أبي سفيان بعد أن أعلن إسلامه تعامله مع المؤلفة قلوبهم، فأعطاه من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية فضة وأعطي ابنيه يزيد ومعاوية كل واحد مثله ليتألف قلوبهم علي الإسلام. غير أن أبا سفيان بقي يحمل في نفسه روح التحامل علي الإسلام والكيد له، وقد ظهر ذلك الموقف يوم معركة اليرموك. ففي خبر عبد الله بن الزبير: إنه رآه يوم اليرموك، قال فكانت الروم إذا ظهرت، قل أبو سفيان: إيه بني الأصفر! فإذا كشفهم المسلمون قال أبو سفيان: [ صفحه 30] وبنو الأصفر الملوك ملوك الروم لم يبق منهم مذكور [36] . فحدث به ابن الزبير أباه، فلما فتح الله علي المسلمين، قال الزبير: قاتله الله يأبي إلا نفاقا، أولسنا خيرا من بني الأصفر؟ [37] .

نكران الآخرة

وفي كل موقف يفصح أبو سفيان عما في نفسه من رواسب الجاهلية وعقائدها، ولعل أخطر ما صرح به أبو سفيان بعد إسلامه هو نكرانه لعالم الآخرة، ولما فيها من جزاء، نقرأ ذلك فيما نقله إلينا ابن عبد البر في الإستيعاب من [38] طريق ابن المبارك عن الحسن: أن أبا سفيان دخل علي عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال: صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك ولا أدري ما جنة ولا نار، فصاح به عثمان: قم عني فعل الله بك وفعل. الإستيعاب [39] . وفي تاريخ الطبري [40] : يا بني عبد مناف تلقفوها تلقف الكرة، فما هناك جنة ولا نار. [ صفحه 31] وفي لفظ المسعودي: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلي صبيانكم وراثة. مروج الذهب [41] . أجل عاش أبو سفيان في الجاهلية زنديقا، وعاش في كنف الإسلام قرابة خمسة عشر عاما حتي استلم عثمان الخلافة فأعلن عن عقيدته التي كتمها بصريح العبارة " لا أدري ما جنة ولا نار "! وهذه العبارة عبارة مرتد في الفقه الإسلامي، لأنه أنكر ضروريا من ضروريات الدين، لكن خليفة المسلمين لم يتخذ أي إجراء ضده، بل نراه يغدق عليه من أموال المسلمين!

عطية الخليفة عثمان أباسفيان

الغدير: 8 / 392. أعطي الخليفة عثمان أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال. قال ابن أبي الحديد في الشرح [42] . [ صفحه 32] قال الأميني: لا أري لأبي سفيان المستحق للمنع عن كل خير أي موجب لذلك العطاء الجزل من بيت مال المسلمين، وهو - كما في الإستيعاب لأبي عمر عن طائفة - كان كهفا للمنافقين منذ أسلم، وكان في الجاهلية ينسب إلي الزندقة [43] .

شخصية قلقة

وأخرج [44] ابن عساكر في تاريخه [45] عن أنس: أن أبا سفيان دخل علي عثمان بعدما عمي فقال: هل هنا أحد [46] ؟ فقالوا: لا. فقال: اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية، والملك ملك غاصبية، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية. قال ابن سعد في إسلامه: لما رأي الناس يطؤون عقب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حسده، فقال في نفسه: لو عاودت الجمع لهذا الرجل. فضرب رسول الله في صدره ثم قال: " إذا يخزيك الله " وفي رواية: قال في نفسه: ما أدري لم [47] يغلبنا محمد؟ فضرب في ظهره وقال: " بالله يغلبك ". [ صفحه 33] الإصابة [48] . أبو سفيان شخصية مريضة قلقة تحن إلي الماضي، فتعصبه لبني أمية، كما تري في نص ابن عساكر يهجو النبي صلي الله عليه وآله وسلم [49] ، تراه يخاطب نفسه: " لو عاودت الجمع لهذا الرجل " يريد محاربة النبي من جديد! " ولهذا الرجل " وكأنه ليس نبيا! " ولم يغلبنا محمد " يسميه باسمه دون إضافة رسول الله أو حبيب الله التي اعتاد عليها المسلمون، ولكنها عبارات سادة قريش التي كانوا يلوكونها بين أشداقهم، تلك هي التي يرددها أبو سفيان، فهو أبو سفيان القديم! انطوت نفسه كما يصرح هو علي ما كان يحمله في الماضي!

فضيلة مفتعلة

أخرج [50] ابن عساكر في تأريخه [51] عن ابن عباس مرفوعا - من حديث طويل يذكر فيه فضائل بعض الصحابة: " ومن مثل أبي سفيان؟ لم يزل الدين به مؤيدا قبل أن يسلم وبعدها أسلم، ومن مثل أبي سفيان [ صفحه 34] إذا أقبلت من عند ذي العرش أريد الحساب، فإذا أنا بأبي سفيان معه كأس من ياقوتة حمراء يقول: اشرب يا خليلي، أعار [52] بأبي سفيان، وله الرضا بعد الرضا. قال الأميني: لقد أعرب عن بعض الحقيقة الحافظ ابن عساكر نفسه بقوله: هذا حديث منكر. أي منكر هذا يعد أبا سفيان ممن لم يزل الدين به مؤيدا قبل إسلامه وبعده؟ فكأنه غير رأس المشركين يوم أحد، وغير مجهز جيش الأحزاب والمجلب علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والرافع عقيرته وهو يرتجز بقوله: أعل هبل، أعل هبل. فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: ألا تجيبونه؟ قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: قولوا: " الله أعلي وأجل " فقال أبو سفيان إن لنا العزي ولا عزي لكم، فقال رسول الله: " ألا تجيبونه؟ " فقالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: " قولوا: الله مولانا ولا مولي لكم " [53] . وكأنه ليس من أئمة الكفر الذين نزل فيهم قوله تعالي: " فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) [54] . [ صفحه 35] وكأنه غير من أريد بقوله عز وجل: (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله) [55] . أخرج نزوله فيه ابن مردويه من طريق ابن عباس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ من طريق مجاهد، وهؤلاء، وغيرهم من طريق سعيد بن جبير، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ من طريق الحكم بن عتيبة [56] . وكأنه غير المعني هو وأصحابه بقوله تعالي: " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين) [57] . وكأنه غير من مشي مع جمع من رجال قريش إلي أبي طالب قائلين له: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه. إلخ [58] . [ صفحه 36] وكأنه ليس أحد المجتمعين بدار الندوة الذين تفرقوا علي رأي أبي جهل من أن يؤخذ من كل قبيلة شاب فتي جليد نسيب وسط، ثم يعطي كل منهم سيفا صارما فيعمدوا إلي رسول الله فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه [59] . وكأنه غير من أنفق علي المشركين يوم أحد أربعين أوقية، وكل أوقية اثنان وأربعون مثقالا. وكأنه غير من استأجر ألفين من الأحابيش من بني كنانة ليقاتل بهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سوي من استجاش من العرب [60] . وكأنه غير من لعنه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يوم أحد في صلاة الصبح بعد الركعة الثانية بقوله: " اللهم العن أبا سفيان، وصفوان بن أمية، والحارث بن هشام " [61] وكأنه غير من لعنه رسول الله في سبعة مواطن، لا يتأتي لأي أحد [ صفحه 37] ردها: أولها: يوم لقي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم خارجا من مكة إلي الطائف يدعو ثقيفا إلي الدين، فوقع به وسبه وشتمه، وكذبه وتوعده وهم أن يبطش به، فلعنه الله ورسوله وصرف عنه. الثانية: يوم العير: إذ عرض لها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وهي جائية من الشام، فطردها أبو سفيان وساحل بها، فلم يظفر المسلمون بها ولعنه رسول الله ودعا عليه، فكانت وقعة بدر لأجلها. الثالثة: يوم أحد: حيث وقف تحت الجبل ورسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في أعلاه وهو ينادي: أعل هبل، مرارا، فلعنه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عشر مرات، ولعنه المسلمون. الرابعة: يوم جاء بالأحزاب وغطفان واليهود، فلعنه رسول الله وابتهل. الخامسة: يوم جاء أبو سفيان في قريش فصدوا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله، ذلك يوم الحديبية، فلعن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أبا سفيان، ولعن القادة والأتباع، وقال: " ملعونون كلهم، وليس فيهم من يؤمن "، فقيل: يا رسول الله أفما يرجي الإسلام لأحد منهم فكيف باللعنة؟ فقال: " لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع، وأما القادة فلا يفلح منهم أحد ". السادسة: يوم الجمل الأحمر. [ صفحه 38] السابعة: يوم وقفوا لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في العقبة ليستنفروا ناقته، وكانوا اثني عشر رجلا، منهم أبو سفيان [62] . هذه المواطن السبعة عدها الإمام الحسن السبط - سلام الله عليه [63] . وكأنه غير من عدا علي دور المهاجرين من بني جحش بن رئاب بعدما هاجروا وباعها من عمرو بن علقمة، وقيل فيه: أبلغ أبا سفيان عن أمر عواقبه ندامه دار ابن عمك بعتها تقضي بها عنك الغرامة وحليفكم بالله رب الناس مجتهد القسامة إذهب بها إذهب بها طوقتها طوق الحمامة [64] . وكأنه غير صاحب البائية يوم أحد يقول فيها: أقاتلهم وادعي يالغالب وأدفعهم عني بركن صليب فبكي ولا ترعي مقالة عاذل ولا تسأمي من عبرة ونجيب أباك وإخوانا قد تتابعوا وحق لهم من عبرة بنصيب [ صفحه 39] وسلي الذي قد كان في النفس أنني قتلت من النجار كل نجيب ومن هاشم قرما كريما ومصعبا [65] . وكان لدي الهيجاء غير هيوب ولو أنني لم أشف نفسي منهم لكانت شجا في القلب ذات ندوب فآبوا وقد أودي الجلابيب [66] منهم بهم خدت من معطب وكئيب [67] . أصابهم من لم يكن لدمائهم كفاء ولا في خطة بضريب [68] وكأنه غير من كان يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح قائلا: ذق عقق [69] سيرة ابن هشام [70] . وكأنه غير من داس قبر حمزة برجله وقال: يا أبا عمارة إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسي في يد غلماننا اليوم يتلعبون به. شرح ابن أبي الحديد [71] . وكأنه غير من قال لما رأي الناس يطؤون عقب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [ صفحه 40] وحسده: لو عاودت الجمع لهذا الرجل. فضرب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في صدره ثم قال: إذا يخزيك الله. الإصابة [72] . وكأنه غير من قال لعثمان يوم تسنم عرش الخلافة: صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك، ولا أدري ما جنة ولا نار. وكأنه غير من دخل علي عثمان بعدما عمي وقال: هاهنا أحد؟ فقالوا: لا. فقال: اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية، والملك ملك غاصبية، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية. هذا مجمل حال رجال في العهدين الجاهلي والإسلامي أفبمثله أيد الدين قبل إسلامه وبعد إسلامه؟ أو مثله يتولي سقاية رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يوم المحشر إذا أقبل من عند ذي العرش، وهل مستوي العرش معبأ لمثل أبي سفيان هذا ونظرائه؟ إذن فعلي العرش ومن بفنائه السلام [73] .

قال علي فيه

وإن [74] سألت مولانا أمير المؤمنين عن الرجل فعلي الخبير سقطت، قال في حديث له: " معاوية طليق ابن طليق، حزب من هذه [ صفحه 41] الأحزاب، لم يزل الله عز وجل ولرسوله صلي الله عليه وآله وسلم وللمسلمين عدوا هو وأبوه حتي دخلا في الإسلام كارهين " [75] . وحسبك ما في كتاب له إلي معاوية بن أبي سفيان من قوله: " يا ابن صخر يا بن اللعين " [76] ولعله عليه السلام يوعز بقوله هذا إلي ما رويناه من أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لعنه وابنيه معاوية ويزيد لما رآه راكبا وأحد الولدين يقول والآخر يسوق فقال: " اللهم العن الراكب والقائد والسائق " [77] . ومن كتب له عليه السلام إلي معاوية: " منا النبي، ومنكم المكذب "، قال ابن أبي الحديد في شرحه [78] يعني أبا سفيان بن حرب، كان عدو رسول الله، والمكذب له، والمجلب عليه. وجاء في كتاب أمير المؤمنين إلي محمد بن أبي بكر: " قد قرأت كتاب الفاجر ابن الفاجر معاوية " [79] . وقالوا فيه: [ صفحه 42] ذكر [80] المدائني، عن أبي زكريا العجلاني، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: حج أبو بكر رضي الله عنه ومعه أبو سفيان بن حرب، فكلم أبو بكر أبا سفيان فرفع صوته، فقال أبو قحافة: اخفض صوتك يا أبا بكر عن ابن حرب، فقال أبو بكر: يا أبا قحافة إن الله بني بالإسلام بيوتا كانت غير مبنية، وهدم به بيوتا كانت في الجاهلية مبنية، وبيت أبي سفيان مما هدم. قال المقريزي بعد إيراده هذه الرواية: " فليت شعري بعد هذا بأي وجه يبني بيت أبي سفيان بعد ما هدمه الله تعالي؟! وقال فيه عمرو بن الخطاب مخاطبا رسول الله: أبو سفيان عدوا الله، وقد أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد، فدعني يا رسول الله أضرب عنقه [81] ! وقال فيه أيضا: إن أبا سفيان لقديم الظلم [82] . وقال الإمام الحسن عليه السلام مخاطبا معاوية: " وأنك يا معاوية وأباك من المؤلفة قلوبهم تسرون الكفر، وتظهرون الإسلام وتستمالون [ صفحه 43] بالأموال [83] "! ومن كتاب محمد بن أبي بكر إلي معاوية " وأنت اللعين ابن اللعين ". ويعرفك أبا سفيان قول أبي ذر لمعاوية - لما قال له: يا عدو الله وعدو رسوله - ما أنا بعدو لله ولا لرسوله بل أنت وأبوك عدوان الله ولرسوله، أظهرتهما الإسلام وأبطنتما الكفر [84] .

الوفاة

بعد فتح مكة كان أبو سفيان فيها ثم رحل إلي المدينة وبقي فيها إلي أن مات هناك ودفن بالبقيع، وكانت وفاته سنة إحدي وثلاثين، وعمره ثمان وثمانون سنة، وقيل: توفي سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة أربع وثلاثين، وقيل: كان عمره ثلاثا وتسعين سنة. [ صفحه 47]

الحكم بن أبي العاص

الهوية الشخصية

هو الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي، أبو مروان بن الحكم، بعد في أهل الحجاز، عم عثمان بن عفان [85] لم يصلنا عنه أية رواية. كان الحكم ممن حارب الله ورسوله، ووقف في وجه الدعوة الإسلامية مع بقية زعماء قريش.

تآمر الحكم علي قتل النبي

روي ابن الأثير [86] عن بنت الحكم بن أبي العاص، أنها قالت للحكم: ما رأيت قوما كانوا أسوأ رأيا وأعجز في أمر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم منكم يا بني أمية، فقال: لا تلومينا يا بنية، إني لا أحدثك إلا ما رأيت بعيني هاتين، قلنا: والله ما نزال نسمع قريشا تقول: يصلي هذا الصابئ في مسجدنا فتواعدوا له تأخذوه، فتواعدنا إليه، فلما رأينا سمعنا صوتا ظننا أنه ما بقي بتهامة جبل إلا تفتت علينا فما عقلنا حتي قضي صلاته، ورجع إلي أهله، ثم تواعدنا ليلة أخري، فلما جاء نهضنا إليه فرأيت الصفا والمروة التقتا إحداهما بالأخري، فحالتا بيننا [ صفحه 48] وبينه، فوالله ما نفعنا ذلك ".

نفيه عن المدينة

بعد أن تم الأمر للمسلمين وفتحوا مكة لم يكن أمام الحكم خيار إلا أن يتظاهر بالإسلام، لينجو بنفسه، ومع أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عفا عن الحكم وأمثاله وسماهم الطلقاء، إلا أن الحكم تمادي في غيه وعض اليد التي مدت له كما سيأتيك، وقد سكن المدينة ثم نفاه النبي صلي الله عليه وآله وسلم إلي الطائف [87] .

سبب نفيه عن المدينة

وقال أبو عمر في الإستيعاب [88] : أخرج رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الحكم من المدينة وطرده عنها فنزل الطائف وخرج معه ابنه مروان، واختلف في السبب الموجب لنفي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إياه فقيل: كان يتحيل ويستخفي ويتسمع ما يسره رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلي كبار أصحابه في مشركي قريش وسائر الكفار والمنافقين، فكان يفشي ذلك عنه حتي ظهور ذلك عليه، وكان يحكيه في مشيته وبعض حركاته، إلي أمور غيرها كرهت ذكرها، ذكروا: أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان إذا مشي يتكفأ وكان الحكم يحكيه، فالتفت النبي صلي الله عليه وآله وسلم يوما فرآه يفعل ذلك فقال صلي الله عليه وآله وسلم: " فكذلك فلتكن ". فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ، فعيره عبد الرحمن بن [ صفحه 49] حسان بن ثابت فقال في عبد الرحمن بن الحكم يهجوه: إن اللعين أبوك فارم عظامه إن ترم ترم مخلجا مجنونا يمسي خميص البطن من عمل التقي ويظل من عمل الخبيث بطينا [89] .

تحذير النبي منه و لعنه

كان النبي يحذر المسلمين من الشجرة الأموية الخبيثة الملعونة فحذر فيما حذر من بيت الحكم، روي ابن الأثير بسنده إلي نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: كنا مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم فمر الحكم بن أبي العاص، فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: ويل لأمتي مما في صلب هذا [90] وقال صلي الله عليه وآله وسلم في الحكم: " كأني أنظر إلي بنيه يصعدون منبري وينزلونه " [91] وقد لعنه النبي وما في صلبه كما سنوافيك مؤذنا بخطر هذا البيت وما يجره علي المسلمين من ويلات. [ صفحه 50]

الحكم و ما أدرك ما الحكم

الغدير: 8 / 342. كان خصاء الغنم [92] ، أحد جيران رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بمكة من أولئك الأشداء عليه صلي الله عليه وآله وسلم المبالغين في إيذائه شاكلة أبي لهب كما قاله ابن هشام في سيرته [93] ، وأخرج الطبراني [94] من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كان الحكم يجلس عند النبي صلي الله عليه وآله وسلم فإذا تكلم اختلج، فبصر به البني صلي الله عليه وآله وسلم فقال: " كن [95] كذلك " فما زال يختلج حتي مات. وفي لفظ مالك بن دينار: مر النبي صلي الله عليه وآله وسلم بالحكم فجعل الحكم يغمز النبي صلي الله عليه وآله وسلم بإصبعه فالتفت فرآه فقال: " اللهم اجعل به وزغا " [96] فرجف مكانه وارتعش. وزاد الحلبي: بعد أن مكث شهرا مغشيا عليه [97] . روي البلاذري في الأنساب [98] : إن الحكم بن أبي العاص كان جارا لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في الجاهلية وكان أشد جيرانه أذي له في [ صفحه 51] الإسلام، وكان قدومه المدينة بعد فتح مكة وكان مغموصا عليه في دينه، فكان يمر خلف رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فيغمز به ويحكيه ويخلج بأنفه وفمه، وإذا صلي قام خلفه فأشار بأصابعه، فبقي علي تخليجه وأصابته خبلة، واطلع علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ذات يوم وهو في بعض حجر نسائه فعرفه وخرج إليه بعنزة [99] وقال: " من عذيري من هذا الوزغة اللعين؟ " ثم قال: لا يساكنني ولا ولده فغربهم جميعا إلي الطائف، فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كلم عثمان أبا بكر فيهم وسأله ردهم فأبي ذلك وقال: ما كنت لآوي طرداء رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. ثم لما استخلف عمر كلمه فيهم فقال مثل قول أبي بكر، فلما استخلف عثمان أدخلهم المدينة وقال: قد كنت كلمت رسول الله فيهم وسألته ردهم فوعدني أن يأذن لهم فقبض قبل ذلك. فأنكر المسلمون عليه إدخاله إياهم المدينة. وعن سعيد بن المسيب قال: خطب عثمان فأمر بذبح الحمام وقال: إن الحمام قد كثر في بيوتكم حتي كثر الرمي ونالنا بعضه، فقال الناس: يأمر بذبح الحمام وقد آوي طرداء رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. وذكره مرة أخري بلفظ أخصر من هذا [100] وذكر بيتين لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت في عبد الرحمن بن الحكم السالفين في لفظ أبي عمر فقال: كان يفشي أحاديث رسول الله، فلعنه وسيره إلي الطائف [ صفحه 52] ومعه عثمان الأزرق والحارث وغيرهما من بنيه، وقال: " لا يساكنني " فلم يزالوا طرداء حتي ردهم عثمان، فكان ذلك مما نقم عليه. وفي السيرة الحلبية [101] : اطلع الحكم علي رسول الله من باب بيته وهو عند بعض نسائه بالمدينة، فخرج إليه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بالعنزة، وقيل بمدري [102] في يده وقال: " من عذيري من هذه الوزغة لو أدركته لفقأت عينه "، ولعنه وما ولد، وذكره ابن الأثير مختصرا في أسد الغابة [103] . وأخرج أبو عمر من طريق عبد الله بن عمرو بن العاصي قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: " يدخل عليكم رجل لعين " وكنت قد تركت عمرا يلبس ثيابه ليقبل إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فلم أزل مشفقا أن يكون أول من يدخل، فدخل الحكم بن أبي العاص [104] . وقال ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق [105] : وبسند رجاله رجال الصحيح عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال: " ليدخلن الساعة عليكم رجل لعين ". فوالله ما زلت أتشوف داخلا وخارجا حتي [ صفحه 53] دخل فلان - يعني الحكم - كما صرحت به رواية أحمد [106] . وروي البلاذري في الأنساب [107] ، والحاكم في المستدرك [108] وصححه والواقدي كما في السيرة الحلبية [109] بالإسناد عن عمرو بن مرة قال: استأذن الحكم علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فعرف صوته فقال: " ائذنوا له لعنة الله عليه وعلي من يخرج من صلبه إلا المؤمنين وقليل ما هو، ذوو مكر وخديعة يعطون الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق " [110] . وفي لفظ ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق [111] : ائذنوا له فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وما يخرج من صلبه يشرفون في الدنيا، ويترذلون في الآخرة، ذوو مكر وخديعة إلا الصالحين منهم وقليل ما هم ". وأخرج الحاكم في المستدرك [112] وصححه من طريق عبد الله بن [ صفحه 54] الزبير قال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لعن الحكم وولده. وأخرج الطبراني [113] وابن عساكر والدارقطني في الأفراد من طريق عبد الله بن عمر قال: هجرت الرواح إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فجاء أبو الحسن فقال له رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: " ادن "، فلم يزل يدنيه حتي التقم أذنيه، فبينما النبي صلي الله عليه وآله وسلم يساره إذ رفع رأسه كالفزع قال: فدع [114] بسيفه الباب فقال لعلي: " إذهب فقده كما تقاد الشاة إلي حالبها " فإذا علي يدخل الحكم بن أبي العاص آخذا بأذنه ولها زنمة [115] حتي أوقفه بين يدي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فلعنه نبي الله صلي الله عليه وآله وسلم ثلاثا ثم قال: " أحله ناحية " حتي راح إليه قوم من المهاجرين والأنصار ثم دعا به فلعنه ثم قال: " إن هذا سيخالف كتاب الله وسنة نبيه، وسيخرج من صلبه فتن يبلغ دخانها السماء ". فقال ناس من القوم: هو أقل وأذل من أن يكون هذا منه قال: " بلي وبعضكم يومئذ شيعته ". كنز العمال [116] . وأخرج ابن عساكر [117] من طريق عبد الله بن الزبير، قال وهو علي المنبر: ورب هذا البيت الحرام والبلد الحرام إن الحكم بن أبي العاص وولده ملعونون علي لسان محمد صلي الله عليه وآله وسلم وفي لفظ: إنه قال وهو يطوف [ صفحه 55] بالكعبة: ورب هذه البنية للعن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الحكم وما ولد. كنز العمال [118] . وأخرج ابن عساكر [119] من طريق محمد بن كعب القرظي أنه قال: لعن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الحكم وما ولد، إلا الصالحين وهم قليل. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وعبد بن حميد والنسائي [120] وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الله قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال: إن الله تعالي قد أري لأمير المؤمنين - يعني معاوية - في يزيد رأيا حسنا أن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: أهرقلية؟ إن أبا بكر رضي الله عنه والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته، ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده. فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه: أف لكما؟ فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن رسول الله أباك؟ فسمعت عائشة فقالت: مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا، كذبت والله ما فيه نزلت، نزلت في فلان بن فلان. وفي لفظ آخر عن محمد بن زياد: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر. فقال عبد الرحمن: سنة هرقل وقيصر. فقال [ صفحه 56] مروان: هذا الذي قال الله فيه: (والذي قال لوالديه أف لكما) [121] الآية. فبلغ ذلك عائشة فقالت: كذب مروان، كذب مروان والله ما هو به ولو شئت أن أسمي الذي نزلت فيه لسميته، ولكن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه فمروان فضض من لعنة الله. وفي لفظ: ولكن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبة فأنت فضض من لعنة الله. وفي لفظ الفائق: فأنت فظاظة [122] لعنة الله ولعنة رسوله. راجع مستدرك الحاكم [123] ، تفسير القرطبي [124] ، تفسير الزمخشري [125] ، الفائق له [126] ، تفسير ابن كثير [127] ، تفسير الرازي [128] ، أسد الغابة لابن الأثير [129] ، نهاية ابن الأثير [130] شرح ابن أبي الحديد [131] . [ صفحه 57] تفسير النيسابوري هامش الطبري [132] ، الإجابة للزركشي [133] ، تفسير النسفي هامش الخازن [134] ، الصواعق لابن حجر [135] ، إرشاد الساري للقسطلاني [136] ، لسان العرب [137] ، الدر المنثور [138] ، حياة الحيوان للدميري [139] ، السيرة الحلبية [140] ، تاج العروس [141] ، تفسير الشوكاني [142] ، تفسير الآلوسي [143] ، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية [144] [145] . قال ابن الأثير: " وقد روي في لعنه - أي الحكم - ونفيه أحاديث كثيرة، لا حاجة إلي ذكرها، إلا أن الأمر المقطوع به [ صفحه 58] أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم مع حلمه وإغضائه علي ما يكره ما فعل به ذلك إلا لأمر عظيم " [146] .

لفت نظر

يوجد هذا الحديث في المصادر جلها لولا كلها باللفظ المذكور، غير أن البخاري أخرجه في تفسير صحيحه [147] في سورة الأحقاف وحذف منه لعن مروان وأبيه وما راقه ذكر ما قاله عبد الرحمن، وهذا دأبه في جل ما يرويه، وإليك لفظه: كان مروان علي الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد ابن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه. فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه [148] ، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: (والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني). فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري. وقال ابن كثير: وكان الحكم مع ذلك كله يدعو الناس إلي الضلال ويمنعهم عن الإسلام. اجتمع حويطب بمروان يوما فسأله مروان عن [ صفحه 59] عمره، فأخبره، فقال له: تأخر إسلامك أيها الشيخ حتي سبقك الأحداث. فقال حويطب: الله المستعان والله لقد هممت بالإسلام غير مرة كل ذلك يعوقني أبوك يقول: تضع شرفك، وتدع دين آبائك لدين محدث، وتصير تابعا؟ فسكت مروان وندم علي ما كان قال له. تاريخ ابن كثير [149] .

الحكم في القرآن

أخرج ابن مردويه عن أبي عثمان النهدي، قال: قال مروان لما بايع الناس ليزيد: سنة أبي بكر وعمر... إلي آخر الحديث المذكور. فسمعت ذلك عائشة فقالت: إنها لم تنزل في عبد الرحمن، ولكن نزل في أبيك: (ولا تطع كل حلاف مهين - هماز مشاء بنميم) [150] . راجع، الدر المنثور [151] ، السيرة الحلبية [152] ، تفسير الشوكاني [153] ، تفسير الآلوسي [154] ، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية [155] وأخرج ابن مردويه عن عائشة أنها قالت لمروان: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول [ صفحه 60] لأبيك وجدك - أبي العاص بن أمية -: " إنكم الشجرة الملعونة في القرآن ". ذكره السيوطي في الدر المنثور [156] ، والحلبي في السيرة [157] والشوكاني في تفسيره [158] ، والآلوسي في تفسيره [159] وفي لفظ القرطبي في تفسيره [160] : قالت عائشة لمروان: لعن الله أباك وأنت في صلبه، فأنت بعض من لعنة الله. ثم قالت: والشجرة الملعونة في القرآن. وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلي بن مرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: " رأيت بني أمية علي منابر الأرض وسيملكونكم فتجدونهم أرباب سوء "، واهتم رسول الله لذلك، فأنزل الله: " (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبير) [161] . وأخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي: " إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أصبح وهو مهموم فقيل: ما لك يا رسول الله؟ فقال: إني أريت في المنام [ صفحه 61] كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا، فقيل: يا رسول الله لا تهتم فإنها دنيا تنالهم، فأنزل الله (وما جعلنا الرؤيا التي) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي [162] وابن عساكر [163] ، عن سعيد بن المسيب قال: رأي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بني أمية علي المنابر فساءه ذلك، فأوحي الله تعالي إليه: إنما هي دنيا أعطوها. فقرت عينه وذلك قوله تعالي (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك). الآية. وأخرج الطبري والقرطبي وغيرهما من طريق سهل بن سعد قال: رأي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بني أمية ينزون علي منبره نزو القردة فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكا حتي مات، وأنزل الله تعالي (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك) الآية. وروي القرطبي والنيسابوري عن ابن عباس: أن الشجرة الملعونة بنو أمية. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو [164] أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال: " رأيت ولد الحكم بن أبي العاص علي المنابر كأنهم القردة " فأنزل الله: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة) يعني الحكم وولده. [ صفحه 62] وفي لفظ: إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم رأي في المنام أن ولد الحكم بن أمية يتداولون منبره كما يتداول الصبيان الكرة فساءه ذلك [165] . وفي لفظ للحاكم والبيهقي في الدلائل [166] وابن عساكر [167] وأبي يعلي من طريق أبي هريرة: " إني أريت في منامي كأن بني الحكم بن العاص ينزون علي منبري كما تنزو القردة " فما رؤي النبي مستجمعا ضاحكا حتي توفي.

مصادره ما رويناه

تفسير الطبري [168] ، تاريخ الطبري [169] ، مستدرك الحاكم [170] ، تاريخ الخطيب [171] ، تفسير النيسابوري هامش الطبري [172] ، تفسير القرطبي [173] ، النزاع والتخاصم للمقريزي [174] ، أسد الغابة [175] من طريق [ صفحه 63] الترمذي [176] ، تطهير الجنان لابن حجر هامش الصواعق [177] فقال: رجاله رجال الصحيح إلا واحدا فثقة، والخصائص [178] الكبري، الدر المنثور [179] ، كنز العمال [180] ، تفسير الخازن [181] ، تفسير الشوكاني [182] ، تفسير الآلوسي [183] فقال الآلوسي: ومعني جعل ذلك فتنة للناس جعله بلاء لهم ومختبرا، وبذلك فسره ابن المسيب، وكان هذا بالنسبة إلي خلفائهم الذين فعلوا ما فعلوا، وعدلوا عن سنن الحق وما عدلوا وما بعده بالنسبة إلي ما عدا خلفاءهم منهم ممن كان عندهم عاملا وللخبائث عاملا، أو ممن كان أعوانهم كيف ما كان، ويحتمل أن يكون المراد: ما جعلنا خلافتهم وما جعلنا أنفسهم إلا فتنة، وفيه من المبالغة في ذمهم ما فيه، وجعل ضمير نخوفهم علي هذا لما كان له أولا أو للشجرة باعتبار أن المراد بها بنو أمية، ولعنهم لما صدر منهم من استباحة الدماء المعصومة، والفروج المحصنة، وأخذ الأموال من غير حلها، ومنع الحقوق عن أهلها، [ صفحه 64] وتبديل الأحكام، والحكم بغير ما أنزل الله تبارك وتعالي علي نبيه عليه الصلاة والسلام، إلي غير ذلك من القبائح العظام والمخازي الجسام التي لا تكاد تنسي ما دامت الليالي والأيام، وجاء لعنهم في القرآن إما علي الخصوص كما زعمته الشيعة، أو علي العموم كما نقول، فقد قال سبحانه وتعالي: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) [184] وقال عز وجل: (فهل عسيتهم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم - أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمي أبصارهم) [185] إلي آيات أخر، ودخولهم في عموم ذلك يكاد يكون دخولا أوليا... إلي آخر كلامه. راجع.

نظرة في كلمتين

الأولي: كلمة القرطبي: قال القرطبي بعد روايته حديث الرؤيا: لا يدخل في هذه الرؤيا عثمان ولا عمر بن عبد العزيز ولا معاوية. لا يهمنا بسط القول حول هذا التخصيص، ولا ننبس بينت شفة في تعميم العموم الوارد في الأحاديث المذكورة وأمثالها الواردة في بني أمية عامة وفي بني أبي العاص جد عثمان خاصة، من قوله صلي الله عليه وآله وسلم في الصحيح من طريق أبي سعيد الخدري: " إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا، وإن أشد قومنا لنا بغضنا بنو أمية وبنو المغيرة [ صفحه 65] وبنو مخزوم " [186] . وقوله صلي الله عليه وآله وسلم من طريق أبي ذر: " إذا بلغت بنو أمية أربعين اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله نحلا [187] ، وكتاب الله دغلا " [188] . وقوله صلي الله عليه وآله وسلم من طريق حمران بن جابر اليمامي: " ويل لبني أمية - ثلاث مرات - أخرجه ابن مندة كما في الإصابة [189] ، وحكاه عن ابن مندة وأبي نعيم السيوطي في الجامع الكبير كما في ترتيبه [190] . وقوله صلي الله عليه وآله وسلم من طريق أبي ذر: " إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دغلا " قال حلام بن جفال [191] : فأنكر علي أبي ذر فشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " إني سمعت رسول الله يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء علي ذي لهجة أصدق من أبي ذر، وأشهد أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قاله ". أخرجه الحاكم من عدة طرق وصححه هو والذهبي كما [ صفحه 66] في المستدرك [192] وأخرجه [193] أحمد، وابن عساكر، وأبو يعلي، والطبراني، والدارقطني من طريق أبي سعيد وأبي ذر وابن عباس ومعاوية وأبي هريرة كما في كنز العمال. وذكر ابن حجر في تطهير الجنان [194] هامش الصواعق بسند حسنه: أن مروان دخل علي معاوية في حاجة وقال: إن مؤنتي عظيمة أصبحت أبا عشرة، وأخا عشرة، وعم عشرة ثم ذهب، فقال معاوية لابن عباس وكان جالسا معه علي سريره: أنشدك بالله يا بن عباس أما تعلم أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: " إذا بلغ بنو أبي الحكم ثلاثين رجلا اتخذوا آيات الله بينهم دولا، وعباد الله خولا، وكتابه دخلا، فإذا بلغوا سبعة وأربعمائة كان هلاكهم أسرع من كذا؟ " قال: اللهم نعم. وقوله صلي الله عليه وآله وسلم بإسناده حسنه ابن حجر في تطهير الجنان هامش الصواعق [195] : " شر العرب بنو أمية، وبنو حنيفة، وثقيف "، وقال: صح، قال الحاكم: علي شرط الشيخين عن أبي برزة رضي الله عنه قال: كان أبغض الأحياء أو الناس إلي رسول الله بنو أمية. [ صفحه 67] وقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: " لكل أمة آفة وآفة هذه الأمة بنو أمية ". كنز العمال [196] . فالحكم في هذه العمومات ولا سيما بعد ملاحظة ما أثبتته السير ومدونات التاريخ وغيرها، وبعد الإحاطة بأحوال الرجال وما ارتكبوه وما ارتكبوا فيه، أنت ووجدانك أيها القارئ الكريم. الثانية: كلمة ابن حجر صاحب الصواعق: قال ابن حجر في الصواعق [197] : قال ابن ظفر: وكان الحكم هذا يرمي بالداء العضال وكذلك أبو جهل، كذا ذكره الدميري في حياة الحيوان [198] . ولعنته صلي الله عليه وآله وسلم للحكم وابنه لا تضرهما لأنه صلي الله عليه وآله وسلم تدارك ذلك بقوله مما بينه في الحديث الآخر: إنه بشر يغضب البشر، وإنه سأل ربه أن من سبه أو لعنه أو دعا عليه أن يكون رحمة وزكاة وكفارة وطهارة. وما نقله الدميري عن ابن ظفر في أبي جهل لا تأويل عليه فيه بخلافه في الحكم فإنه صحابي، وقبيح أي قبيح أن يرمي صحابي بذلك، فليحمل علي أنه إن صح ذلك كان يرمي به قبل الإسلام. انتهي. أنا لا أدري أيعلم ابن حجر ماذا يلوك بين أشداقه؟ أهو مجد فيما يقول أم هازئ؟ أما ما اعتذر به من أن لعنته صلي الله عليه وآله وسلم لا تضر الحكم [ صفحه 68] وابنه. إلي آخره. فقد أخذه مما أخرجه الشيخان في الصحيحين [199] من طريق أبي هريرة، غير أنه حرف منه كلما وزاد فيه أخري وإليك لفظة: قال: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهدا لم تخلفنيه فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك. هذا حط من مقام الرسالة لأجل أموي ساقط، وحسبان أن صاحبها كإنسان عادي يثيره ما يثير غيره فيغضب لما لا ينبغي أن يغضب له، ومخالف للكتاب العزيز من قوله سبحانه: (وما ينطق عن الهوي - إن هو إلا وحي يوحي) [200] . نعم، هو صلي الله عليه وآله وسلم بشر غير أنه كما قال في الذكر الحكيم: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي) فإن كان في الوحي أن يلعن الطريد وما ولد فماذا ينجيه من اللعن؟ إلا أن يحسب ابن حجر أن الوحي أيضا يتبع الشهوات! كبرت كلمة تخرج من أفواههم. وكيف يكون اللعن رحمة وزكاة وطهارة وكفارة وقد أصاب موضعه بأمر من الله سبحانه؟ [ صفحه 69] وما يصنع ابن حجر بالصحيح المتضافر من أن سباب المسلم فسوق [201] ؟ وكيف يسوغ له إيمانه أن يكون رسول الله سبابا أو لعانا أو مؤذيا لأحد أو جالدا لمسلم علي غير حق؟ وكل ذلك من منافيات العصمة والله سبحانه يقول (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) [202] وجاء في الصحيح: إنه صلي الله عليه وآله وسلم لم يكن سبابا ولا فحاشا ولا لعانا، وقد أبي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عن الدعاء علي المشركين، وقال صلي الله عليه وآله وسلم: " إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة " [203] فهو صلي الله عليه وآله وسلم كان يأمل في أولئك المشركين الهداية فلم يلعنهم [ صفحه 70] ولا دعا عليهم، ولما كان لم يرج في الحكم وولده أي خير لعنهم لعنا يبقي عليهم خزي الأبد. نعم، رواية الصحيحين المنافية لعصمة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم اختلقتها يد الهوي علي عهد معاوية تزلفا إليه، وطمعا في رضيخته، وتحببا إلي آل أبي العاص المقربين عنده. ومن أراد الوقوف علي أبسط مما ذكرناه في المقام فليراجع كتاب (أبو هريرة) لسيدنا الآية السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي [204] . هبنا - العياذ بالله - ما شينا ابن حجر في أساطيره في نبي العصمة والقداسة، فما حيلة المغفل فيما نزل من الذكر الحكيم في الحكم وبنيه؟ هل فيه ضمير؟ أم يراه أيضا رحمة وزكاة وكفارة وطهارة. وشتان بين رأي ابن حجر في الحكم وبين ما يأتي من قول أبي بكر لعثمان فيه: عمك إلي النار، وقول عمر لعثمان: ويحك يا عثمان تتكلم في لعين رسول الله وطريده وعدو رسوله؟ وأما ما عالج به داء الحكم فهو يعلم أنه موصوم بما هو أفظع من ذلك، من لعن رسول الله وطرده إياه، وكان الخبيث يهزأ برسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في مشيته حتي أخذته دعوته صلي الله عليه وآله وسلم، وهل تجديد الصحبة وحاله هذه؟ وهل تشمل الصحبة التي هي من أربي الفضائل اللص الذي ساكن الصحابة لاستراق أموالهم وإلقاح الفتن فيهم؟ وهل تشمل المنافقين [ صفحه 71] الذين كانوا في المدينة يومئذ؟ (ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق) [205] فإن طهرت الصحبة أمثال الحكم فهي مطهرة أولئك بطريق أولي لأنه لم يكشف عنهم الغطاء كما كشف عن الحكم علي العهد النبوي وفي دور الشيخين، حتي أراد ابن أخيه أن ينقذه من الفضيحة فزيد ضغث علي إبالة [206] ، ونبشت الدفائن، وذكر ما كاد أن ينسي. ثم هب أن الصحبة مزيحة لعلل النفس والأمراض القلبية فهل هي مزيلة للأدواء، الجسمانية؟ لم نجد في كتب الطب من وصفها بذلك، ولا تعدادها في صف الأودية المفيدة لداء من الأدواء، ولا لذلك الداء العضال الذي زعم ابن حجر أنه منفي عن الحكم لمحض الإسلام والصحبة، وجوز أن يكون قبل اتصاله بالمسلمين، حيا الله هذا الطب الجديد! إن من الممكن جدا أن يكون هذا الداء العضال من علل طرد الرجل من المدينة، فلم يرد صلي الله عليه وآله وسلم أن يكون بين صحابته في عاصمة نبوته مخزي مثله. إذا أنهاك البحث إلي هاهنا وعرفت الحكم ومقداره في أدوار حياته جاهلية وإسلاما، فأقرأ ما جاء به سالم بن وابصة تزلفا إلي معاوية بن مروان بن الحكم من قوله: [ صفحه 72] إذا افتخرت يوما أمية أطرقت قريش وقالوا معدن الفضل والكرم فإن قيل هاتوا خيركم أطبقوا معا علي أن خير الناس كلهم الحكم ألستم بني مروان غيث بلادنا إذا السنة الشهباء سدت علي الكظم سبحانك اللهم ما قيمة بشر خيره الحكم؟ وما شأن جدوب غيثها بنو مروان؟ إن هي إلا أساطير الأولين نسجتها يد الغلو في الفضائل [207] .

و ابن تيمية يدافع أيضا

قال ابن تيمية مدافعا عن الحكم: " أما الحكم فهو من الطلقاء، والطلقاء حسن إسلام أكثرهم، وبعضهم فيه نظر، ومجرد ذنب يعزر عليه لا يوجب أن يكون منافقا في الباطن! " [208] . أجل إن للحكم ذنبا " ومجرد ذنب "!، فإيذاء النبي والاستهزاء به وإفشاء أسراره والطلاح علي داره... كل هذا " مجرد ذنب " عند الشيخ!! وقال: " وغاية النفي المقدر سنة، وهو نفي الزاني والمخنث، وإذا كان كذلك فالنفي كان في آخر الهجرة، فلم تطل مدته في زمن أبي بكر، وعمر، فلما كان عثمان طالت [ صفحه 73] مدته " [209] . " ربما تحدث الشيخ عن أعداد كانت في القرون الغابرة لا نعرفها اليوم، أو عن غيب لا نفهمه! وإلا فمدة خلافة أبي بكر وعمر كانت ثلاث عشرة سنة، مع ما كان في حياة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وربما كان سنة أو أقل أو أكثر، فيكون المجموع نحو أربع عشرة سنة " فلم تطل مدته، فلما كان عثمان طالت مدته " بأعجوبة أو بمعجزة!! " [210] . " وغاية النفي المقدر سنة، وهو نفي الزاني والمخنث "، والحكم لم يكن زانيا ولا مخنثا، فالنبي - في عقيدة ابن تيمية - نفي الحكم بغير حق!

ايادي الخليفة عثمان عند الحكم بن أبي العاص

الغدير: 8 / 341. أعطي عثمان صدقات قضاعة للحكم بن أبي العاص عمه، طريد النبي بعدما قربه وأدناه، وألبسه يوم قدم المدينة وعليه فزر [211] خلق وهوي يسوق تيسا والناس ينظرون إلي سوء حاله وحال من معه، حتي دخل دار الخليفة ثم خرج وعليه جبة خز وطيلسان. تاريخ اليعقوبي [212] . [ صفحه 74] وقال البلاذري في الأنساب [213] رواية عن ابن عباس أنه قال: كان مما أنكروا علي عثمان أنه ولي الحكم بن أبي العاص صدقات قضاعة [214] ، فبلغت ثلاث مائة ألف درهم فوهبها له حين أتاه بها. وقال ابن قتيبة وابن عبد ربه والذهبي: ومما نقم الناس علي عثمان أنه آوي طريد النبي صلي الله عليه وآله وسلم الحكم ولم يؤوه أبو بكر وعمر وأعطاه مائة ألف [215] . وعن عبد الكريم بن يسار قال: رأيت عامل صدقات المسلمين علي سوق المدينة إذا أمسي آتاها عثمان، فقال له: إدفعها إلي الحكم بن أبي العاص، وكان عثمان إذا أجاز أحدا من أهل بيته بجائزة جعلها فرضا من بيت المال، فجعل يدافعه ويقول له: يكون فنعطيك إن شاء الله. فألح عليه فقال: إنما أنت خازن لنا، فإذا أعطيناك فخذ، وإذا سكتنا عنك فاسكت. فقال: كذبت والله ما أنا لك بخازن ولا لأهل بيتك إنما أنا خازن المسلمين، وجاء بالمفاتيح يوم الجمعة وعثمان يخطب فقال: أيها الناس زعم عثمان أني خازن له ولأهل بيته وإنما كنت خازنا للمسلمين وهذه مفاتيح بيت مالكم، ورمي بها فأخذها ودفعها إلي زيد [ صفحه 75] ابن ثابت. تاريخ اليعقوبي [216] .

المسألة

هلم معي نسائل الخليفة في إيواء لعين رسول الله وطريده - الحكم - وبمسمع منه ومرأي نزول القرآن فيه واللعن المتواصل من مصدر النبوة عليه وعلي من تناسل منه عدا المؤمنين، وقليل ما هو، ما هو المبرر لعمله هذا ورده إلي مدينة الرسول؟ وقد طرده صلي الله عليه وآله وسلم وأبناءه منها تنزيها لها من تلكم الأرجاس والأدناس الأموية، قد سأل أبا بكر وبعده عمر أن يرداه، فقال كل منهما: لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم [217] وقال الحلبي في السيرة [218] : كان يقال له: طريد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ولعينه، وقد كان صلي الله عليه وآله وسلم طرده إلي الطائف ومكث به مدة رسول الله ومدة أبي بكر بعد أن سأله عثمان في إدخاله المدينة فأبي، فقال له عثمان: عمي، فقال: عمك إلي النار، هيهات هيهات أن أغير شيئا فعله رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، والله لا رددته أبدا، فلما توفي أبو بكر وولي عمر كلمه عثمان في ذلك فقال له: ويحك يا عثمان تتكلم في لعين رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وطريده وعدو الله وعدو رسوله؟ فلما ولي عثمان رده إلي المدينة فاشتد [ صفحه 76] ذلك علي المهاجرين والأنصار فأنكر ذلك عليه أعيان الصحابة، فكان ذلك من أكبر أسباب القيام عليه. انتهي. ألم تكن للخليفة أسوة في رسول الله؟ والله يقول: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) [219] أو كان قومه وحامته أحب إليه من الله ورسوله؟ وبين يديه الذكر الحكيم: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأمال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين) [220] . ثم ما هو المبرر لتخصيص الرجل بتلك المنحة الجزيلة من حقوق المسلمين وأعطياتهم؟ بعد تأمينه علي أخذ الصدقات المشترط فيه الثقة والأمانة، واللعين لا يكون ثقة ولا أمينا. ثم نسائل الحكم والخليفة علي تقريره لما ارتكبه من حمل صدقات قضاعة إلي دار الخلافة وقد ثبت في السنة أنها تقسط علي فقراء المحل وعليها أتت الأقوال. قال أبو عبيدة في الأموال [221] : والعلماء اليوم مجمعون علي هذه الآثار كلها أن أهل كل بلد من البلدان، أو ماء [ صفحه 77] من المياه أحق بصدقتهم ما دام فيهم من ذوي الحاجة واحد فما فوق ذلك، وإن أتي ذلك علي جميع صدقتها حتي يرجع الساعي ولا شئ معه منها، بذلك جاءت الأحاديث مفسرة. ثم ذكره أحاديث فقال [222] : قال أبو عبيد: فكل هذه الأحاديث تثبت أن كل قوم أولي بصدقتهم حتي يستغنوا عنها، ونري استحقاقهم ذلك دون غيرهم إنما جاءت به السنة لحرمة الجوار وقرب دارهم من دار الأغنياء. انتهي. ألم يكن في قضاعة ذو حاجة فيعطي؟ أو لم يكن في المدينة الطيبة من فقراء المسلمين أحد فيقسم ذلك المال الطائل بينهم بالسوية؟ (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليهما) الآية [223] فتخصيصها للحكم لماذا؟ وهلم معي إلي المسكين صاحب المال تؤخذ منه الصدقات شاء أو أبي وهو يعلم مصب تلكم الأموال ومدرها من أيدي أولئك الجبارة أو الجبارة - نظراء الحكم ومروان والوليد وسعيد - وما يرتكبونه من فجور ومجون، وبعد لم ينقطع من أذنه صدي ما ارتكبه خالد بن الوليد سيف.. مع مالك بن نويرة وحليلته وذويه وما يملكه، وكان يسمع من وحي الكتاب قوله تعالي: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) [224] ، فهل يري المسكين أن هذا الأخذ يطهره ويزكيه؟ لا حكم [ صفحه 78] إلا لله. نعم، يقول المغيرة بن شعبة - زاني ثقيف - إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمرنا أن ندفعها إليهم وعليهم حسابهم [225] ويقول ابن عمر: ادفعوها إليهم وإن شربوا بها الخمر. ويقول: ادفعها إلي الأمراء وإن تمزعوا بها لحوم الكلاب علي موائدهم [226] نحن لا نقيم لأمثال هذه الآراء وزنا، ولا أحسب أن الباحث يقدر لها قيمة. فإنها ولائد ظنون مجردة، وقد جاء في أولئك الأمراء بإسناد صححه الحاكم والذهبي من طريق جابر بن عبد الله قال: قال صلي الله عليه وآله وسلم لكعب ابن عجرة: " أعاذك الله يا كعب من إمارة السفهاء ". قال: وما إمارة السفهاء يا رسول الله؟ قال: " أمراء يكونون بعدي لا يهدون بهديي ولا يستنون بسنتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم علي ظلمهم فأولئك ليسوا مني ولست منهم، ولا يردون علي حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم علي ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون علي حوضي " [227] . فإعطاء الصدقات لأولئك الأمراء من أظهر مصاديق الإعانة علي الإثم والعدوان والله تعالي يقول: (وتعاونوا علي البر والتقوي ولا [ صفحه 79] تعاونوا علي الإثم والعدوان) [228] . ثم إن الصدقات كضرائب مالية في أموال الأغنياء لإعاشة الضعفاء من الأمة. قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: " إن الله عز وجل فرض علي الأغنياء في أموالهم ما يكفي الفقراء، فإن جاعوا أو عروا أو جهدوا فبمنع الأغنياء، وحق علي الله تبارك وتعالي أن يحاسبهم ويعذبهم ". الأموال لأبي عبيد [229] ، المحلي لابن حزم [230] ، وأخرجه الخطيب في تاريخه [231] من طريق علي مرفوعا. وفي لفظ: " إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني، والله سائلهم عن ذلك " نهج البلاغة [232] . هذا هو مجري الصدقات في الشريعة المطهرة، وهو الذي يطهر صاحب المال ويزكيه، ويكتسح عن المجتمع معرة الآراء الفاسدة من الفقراء المقلقة للسلام والمعكرة لصفو الحياة. ثم الخليفة يدعي [233] إن [ صفحه 80] رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وعده رد الحكم بعد أن فاوضه في ذلك، إن كان هذا الوعد صحيحا فلم لم يعلم به أحد غيره؟ ولا عرفه الشيخان وهلا رواه لهما حين كلمهما في رده فجبهاه بما عرفت؟ أو أنهما لم يثقا بتلك الرواية؟ فهذه مشكلة أخري. أو أنهما صدقاه؟ غير أنهما رأيا أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعده أن يرده هو صلي الله عليه وآله وسلم ولم يرده، ولعل المصلحة الواقعية أو الظروف لم تساعده علي إنجاز الوعد حتي قضي نحبه، فمن أين عرف الترخيص له في رده؟ ولو كانت هناك شبهة رخصة لعمل بها الشيخان حين فاوضهما هو في ذلك، لكنهما ما عرفا الشبهة ولا علما تلميحا للرخصة بل رأياه عقدة لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لا تنحل، وفي الملل والنحل للشهرستاني [234] : فما أجابا إلي ذلك ونفاه عمر من مقامه باليمن أربعين فرسخا. انتهي. ومن هنا رأي ابن عبد ربه في العقد [235] وأبو الفدا في تاريخه [236] أن الحكم طريد رسول الله وطريد أبي بكر وعمر أيضا، وكذلك الصحابة كلهم ما عرفوا مساغا لرد الرجل وأبنائه، وإلا لما نقموا به عليه ولعذروه علي ما ارتكبه وفيهم من لا تخفي عليه مواعيد النبي صلي الله عليه وآله وسلم. وللخليفة معذرة أخري، قال ابن عبد ربه في العقد الفريد: لما رد عثمان الحكم طريد النبي صلي الله عليه وآله وسلم وطريد أبي بكر وعمر إلي المدينة تكلم [ صفحه 81] الناس في ذلك، فقال عثمان: ما ينقم الناس مني؟ إني وصلت رحما وقريت عينا. انتهي. ونحن لا نخدش العواطف بتحليل كلمة الخليفة هذه، ولا نفصل القول في مغزاها وإنما نمر به كراما، وأنت إذا عرفت الحكم وما ولد علمت أن ردهم إلي المدينة المشرفة وتوليهم علي الأمور، وتسليطهم علي ناموس الإسلام، واتخاذ الحمي لهم جناية كبيرة الأمة لا تغتفر، ولا تقر بها قط عين [237] . [ صفحه 85]

مروان بن الحكم

الهوية الشخصية

هو مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، يكني أبا عبد الملك، وهو ابن عم عثمان بن عفان بن أبي العاص وكاتبه في خلافته ولم يصلنا عنه حديث [238] .

ولادة مروان بن الحكم

هناك اختلاف كبير حول تاريخ ولادة مروان فقد قيل: ولد سنة اثنتين من الهجرة، وقال مالك: ولد يوم أحد، وقيل: ولد يوم الخندق، وقيل: بمكة وقيل بالطائف [239] . ولم ير النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأنه خرج إلي الطائف طفلا لا يعقل لما نفي النبي صلي الله عليه وآله وسلم أباه الحكم،... وكان مع أبيه بالطائف حتي استخلف عثمان، واستكتب عثمان مروان وضمه إليه [240] . ويبدو أن الصحيح في ولادة مروان هو ولادته بعد فتح مكة لثبوت الرواية التي تقول " كان لا يولد لأحد بالمدينة [ صفحه 86] ولد إلا أتي به إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فدعا له فأدخل عليه مروان... " وسيوافيك الحديث. فمروان ولد في المدينة وأبوه وأمه لم يهاجرا بل بقيا علي شركهما، بعد فتح مكة سكنا المدينة فولد مروان هناك والله أعلم.

النبي يلعن مروان صغيرا

أخرج الحاكم في المستدرك [241] من طريق عبد الرحمن ابن عوف وصححه أنه قال: كان لا يولد لأحد بالمدينة ولد إلا أتي به إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم عند ولادته فقال: هو الوزغ ابن الوزغ، الملعون ابن الملعون. وذكره الدميري في حياة الحيوان [242] ، وابن حجر في الصواعق [243] ، والحلبي في السيرة [244] ولعل معاوية أشار إليه بقوله لمروان: يا بن الوزغ لست هناك. فيما ذكر ابن أبي الحديد [245] . [ صفحه 87]

العودة من الطائف

بقي مروان مع أبيه في المنفي قرابة أربعة عشر عاما، وعاد مع أبيه بعد أن ردهما عثمان خلافا لفعل النبي والشيخين. فعينه عثمان كاتبا في خلافته وزوجه ابنته أم أبان، فماذا كان بعد ذلك؟

ايادي الخليفة عثمان عند مروان

أعطي عثمان مروان بن الحكم بن أبي العاص ابن عمه وصهره من ابنته أم أبان خمس غنائم إفريقية وهو خمسمائة ألف دينار، وفي ذلك يقول عبد الرحمن بن حنبل الجمحي الكندي مخاطبا الخليفة: أحلف بالله رب الأنام ما ترك الله أمرا سدي ولكن خلقت لنا فتنة لكي نبتلي بك أو تبتلي فإن الأمينين قد بينا منار الطريق عليه الهدي فما أخذا درهما غيلة وما جعلا درهما في الهوي دعوت اللعين فأدنيته خلافا لسنة من قد مضي وأعطيت مروان خمس العباد فهيهات شأوك ممن سعي هكذا رواه ابن قتيبة في المعارف [246] ، وأبو الفداء في تاريخه [247] . [ صفحه 88] وذكر البلاذري الأبيات في الأنساب [248] ونسبها إلي أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي الخزرجي الذي منع أن يدفن عثمان بالبقيع، وإليك لفظها: أقسم بالله رب العباد ما ترك الله خلقا سدي دعوت اللعين فأدنيته خلافا لسنة من قد مضي قال: يعني الحكم والد مروان. وأعطيت مروان خمس العباد ظلما لهم وحميت الحمي ومال أتاك به الأشعري من الفئ أنهيته من تري فأما الأمينان إذ بينا منار الطريق عليه الصوي فلم يأخذا درهما غيلة ولم يصرفا درهما في هوي وذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد [249] ونسبها إلي عبد الرحمن، وروي البلاذري من طريق عبد الله بن الزبير أنه قال: أغزانا عثمان سنة سبع وعشرين إفريقية فأصاب عبد الله بن سعد بن أبي سرح غنائم جليلة فأعطي عثمان مروان بن الحكم خمس الغنائم، وفي رواية أبي مخنف: فابتاع الخمس بمائتي ألف دينار فكلم عثمان فوهبها له فأنكر الناس ذلك علي عثمان [250] . [ صفحه 89] وفي رواية الواقدي كما ذكره ابن كثير: صالحه بطريقها علي ألفي ألف دينار وعشرين ألف دينار، فأطلقها كلها عثمان في يوم واحد لآل الحكم ويقال: لآل مروان [251] . وفي رواية الطبري عن الواقدي، عن أسامة بن زيد، عن ابن كعب قال: لما وجه عثمان عبد الله بن سعد إلي إفريقية كان الذي صالحهم عليه بطريق إفريقية جرجير ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين إلف دينار، فبعث ملك الروم رسولا وأمره أن يأخذ منهم ثلاثمائة قنطار كما أخذ منهم عبد الله بن سعد. إلي أن قال: كان الذي صالحهم عليه عبد الله بن سعد ثلاثمائة قنطار ذهب، فأمر بها عثمان لآل الحكم. قلت: أو لمروان؟ قال: لا أدري. تاريخ الطبري [252] . وقال ابن الأثير في الكامل [253] : وحمل خمس إفريقية إلي المدينة فاشتراه مروان بن الحكم بخمسمائة ألف دينار فوضعها عنه عثمان، وكان هذا مما أخذ عليه، وهذا أحسن ما قيل في خمس إفريقية، فإن بعض الناس يقول: أعطي عثمان خمس إفريقية عبد الله بن سعد. وبعضهم يقول: أعطاه مروان بن الحكم، وظهر بهذا أنه أعطي عبد الله خمس الغزوة الأولي، وأعطي مروان خمس الغزوة الثانية التي افتتحت [ صفحه 90] فيها جميع إفريقية. والله أعلم. وروي البلاذري وابن سعد: أن عثمان كتب لمروان بخمس مصر وأعطي أقرباءه المال، وتأول في ذلك الصلة التي أمر الله بها، واتخذ الأموال واستسلف من بيت المال وقال: إن أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما، وإني أخذته فقسمته في أقربائي. فأنكر الناس عليه ذلك [254] . وأخرج البلاذري في الأنساب [255] من طريق الواقدي عن أم بكر بنت المسور قالت: لما بني مروان داره بالمدينة دعا الناس إلي طعامه وكان المسور فيمن دعا، فقال مروان وهو يحدثهم: والله ما أنفقت في داري هذه من مال المسلمين درهما فما فوقه. فقال المسور: لو أكلت طعامك وسكت لكان خيرا لك، لقد غزوت معنا إفريقية وإنك لأقلنا مالا ورقيقا وأعوانا وأخفنا ثقلا، فأعطاك ابن عفان خمس إفريقية وعملت علي الصدقات فأخذت أموال المسلمين، فشكاه مروان إلي عروة وقال: يغلظ لي وأنا له مكرم متق. وقال ابن أبي الحديد في الشرح [256] : أمر - عثمان - لمروان بمائة ألف من بيت المال وقد زوجه ابنته أم أبان، فجاء زيد بن أرقم صاحب بيت المال بالمفاتيح فوضعها بين يدي عثمان وبكي، فقال عثمان: [ صفحه 91] أتبكي أن وصلت رحمي؟ قال: لا. ولكن أبكي لأني أظنك أنك أخذت هذا المال عوضا عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، ولو [257] أعطيت مروان مائة درهم لكان كثيرا. فقال ألق المفاتيح يا بن أرقم فإنا سنجد غيرك، وأتاه أبو موسي بأموال من العراق جليلة، فقسمها كلها في بني أمية. وقال الحلبي في السيرة [258] : وكان من جملة ما انتقم به علي عثمان أنه أعطي ابن عمه مروان بن الحكم مائة ألف وخمسين أوقية [259] .

اقطاع الخليفة عثمان فدك لمروان

المصدر السابق: 8 / 334. عد ابن قتيبة في المعارف [260] ، وأبو الفداء في تاريخه [261] مما نقم الناس علي عثمان إقطاعه فدك لمروان وهي صدقة رسول الله، فقال أبو الفداء: وأقطع مروان بن الحكم فدك وهي صدقة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم التي طلبتها فاطمة ميراثا، فروي أبو بكر عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، ولم تزل فدك في يد مروان وبنيه إلي أن تولي عمر بن عبد العزيز فانتزعها من أهله وردها صدقة. [ صفحه 92] وأخرج البيهقي في السنن الكبري [262] من طريق المغيرة حديثا في فدك وفيه: أنها أقطعها مروان لما مضي عمر لسبيله. فقال: قال الشيخ: إنما أقطع مروان فدكا في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه وكأنه تأول في ذلك ما روي عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا أطعم الله نبيا طعمة فهي للذي يقوم من بعده، وكان مستغنيا عنها بماله فجعلها لأقربائه ووصل بها رحمهم، وذهب آخرون إلي أن المراد بذلك التولية وقطع جريان الإرث فيه، ثم تصرف في مصالح المسلمين كما كان أبو بكر وعمر يفعلان. وفي العقد الفريد [263] في عد ما نقم الناس علي عثمان: أنه أقطع فدك مروان وهي صدقة لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وافتتح إفريقية وأخذ خمسها فوهبه لمروان. وقال ابن أبي الحديد في شرحه [264] : وأقطع عثمان مروان فدك، وقد كانت فاطمة عليها السلام طلبتها بعد وفاة أبيها صلوات الله عليه تارة بالميراث وتارة بالنحلة فدفعت عنها. قال الأميني: أنا لا أعرف كنه هذا الإقطاع وحقيقة هذا العمل فإن فدك إن كانت فيئا للمسلمين - كما ادعاه أبو بكر - فما وجه تخصيصها بمروان؟ وإن كانت ميراثا لآل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كما احتجت له الصديقة [ صفحه 93] الطاهرة في خطبتها، واحتج له أئمة الهدي من العترة الطاهرة وفي مقدمهم سيدهم أمير المؤمنين عليه وعليهم السلام، فليس مروان منهم، ولا كان للخليفة فيها رفع ووضع. وإن كانت نحلة من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لبضعته الطاهرة فاطمة المعصومة - صلوات الله عليها - كما ادعته وشهد لها أمير المؤمنين وابناها الإمامان السبطان وأم أيمن المشهود لها بالجنة فردت شهادتهم بما لا يرضي الله ولا رسوله، وإذا ردت شهادة أهل آية التطهير فبأي شئ يعتمد؟ وعلي أي حجة يعول؟ إن دام هذا ولم يحدث به غير لم يبك ميت ولم يفرح بمولود فإن كانت فدك نحلة فأي مساس بها لمروان؟ وأي سلطة عليها لعثمان؟ حتي يقطعها لأحد. ولقد تضاربت أعمال الخلفاء الثلاثة في أمر فدك فانتزعها أبو بكر من أهل البيت، وردها عمر إليهم، وأقطعها عثمان لمروان، ثم كان فيها ما كان في أدوار المستحوذين علي الأمر منذ عهد معاوية وهلم جرا فكانت تؤخذ وتعطي، ويفعلون بها ما يفعلون بقضاء من الشهوات، كما فصلناه [265] ، ولم يعمل برواية أبي بكر [266] في عصر من العصور، فإن صانعه الملأ الحضور علي سماع ما رواه عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وحابوه وجاملوه، فقد أبطله من جاء بعده بأعمالهم وتقلباتهم فيها بأنحاء مختلفة. [ صفحه 94] بل إن أبا بكر نفسه أراد أن يبطل روايته بإعطاء الصك للزهراء فاطمة، غير أن ابن الخطاب منعه وخرق الكتاب كما جاء في السيرة الحلبية، وبذلك كله تعرف قيمة تلك الرواية ومقدار العمل عليها وقيمة هذا الإقطاع.

مروان و ما مروان

مر علينا ما صح من لعن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي أبيه وعلي من يخرج من صلبه. وأسلفنا ما صح من قول عائشة لمروان: لعن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أباك فأنت فضض من لعنة الله. وأخرج ابن النجيب من طريق جبير بن مطعم قال: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فمر الحكم بن أبي العاص فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: " ويل لأمتي مما في صلب هذا " [267] . وفي شرح ابن أبي الحديد [268] نقلا عن الإستيعاب [269] : نظر علي عليه السلام يوما إلي مروان فقال له: " ويل لك وويل لأمته محمد منك ومن بيتك إذا شاب صدغاك ". وفي لفظ ابن الأثير: " ويلك وويل أمة محمد منك ومن بنيك ". أسد الغابة [270] ورواه ابن عساكر بلفظ آخر كما في [ صفحه 95] كنز العمال [271] . وقال مولانا أمير المؤمنين يوم قال له الحسنان السبطان: ". يبايعك مروان يا أمير المؤمنين ": " أولم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته، إنها كف يهودية لو بايعني بيده لغدر بسبته، أما إن له إمرة كلعقة الكلب أنفه، وهو أبو الأكبش الأربعة [272] وستلقي الأمة منه ومن ولده يوما أحمر ". نهج البلاغة [273] . قال ابن أبي الحديد في الشرح [274] : قد روي هذا الخبر من طرق كثيرة ورويت فيه زيادة لم يذكرها صاحب نهج البلاغة وهي قوله عليه السلام في مروان: " يحمل راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه وإن له إمرة " إلي آخره. هذه الزيادة أخذها ابن أبي الحديد من ابن سعد ذكرها في طبقته [275] طبع ليدن قال: قال علي بن أبي طالب يوما ونظر إليه: " ليحملن راية ضلالة بعد ما يشيب صدغاه، وله إمرة كلحسة الكلب [ صفحه 96] أنفه ". انتهي. وهذا الحديث كما تري غير ما في نهج البلاغة وليس كما حسبه ابن أبي الحديد زيادة فيه، ولا توجد تلك الزيادة في رواية السبط أيضا في تذكرته [276] والله العالم. قال البلاذري في الأنساب [277] : كان مروان يلقب خيط باطل [278] لدقته وطوله شبه الخيط الأبيض الذي يري في الشمس، فقال الشاعر - ويقال: إنه عبد الرحمن بن الحكم أخوه -: لعمرك ما أدري وإني لسائل حليلة مضروب القفا كيف يصنع [279] . لحي الله قوما أمروا خيط باطل علي الناس يعطي ما يشاء ويمنع [280] وذكر البلاذري في الأنساب [281] في مقتل عمرو بن سعيد الأشدق الذي قتله عبد الملك بن مروان ليحيي بن سعيد أخي الأشدق قوله: [ صفحه 97] غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل ومثلكم يبني البيوت علي الغدر وذكر بن أبي الحديد في شرحه [282] لعبد الرحمن بن الحكم في أخيه قوله: وهبت نصيبي منك يا مرو [283] كله لعمرو ومروان الطويل وخالد ورب ابن أم زائد غير ناقص وأنت ابن أم ناقص غير زائد ومن شعر مالك بن الريب - المترجم في الشعر والشعراء لابن قتيبة [284] - يهجو مروان قوله: لعمرك ما مروان يقضي أمورنا ولكنما تقضي لنا بنت جعفر [285] . فيا ليتها كانت علينا أميرة وليتك يا مروان أمسيت ذا حر [286] .

ابن الحكم والتلاعب بالدين

إن الذي يستشفه المنقب من سيرة مروان وأعماله أنه ما كان يقيم لنواميس الدين الحنيف وزنا، وإنما كان يلحظها كسياسات زمنية [ صفحه 98] فلا يبالي بإبطال شئ منها، أو تبديله إلي آخر حسب ما تقتضيه ظروفه وتستدعيه أحواله، وإليك من شواهد ذلك عظائم، وعليها فقس ما لم نذكره: المورد الأول: إتمام الصلاة في السفر: أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده [287] من طريق عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لما قدم علينا معاوية حاجا، قدمنا معه مكة قال: فصلي بنا الظهر ركعتين ثم انصرف إلي دار الندوة، قال: وكان عثمان حين أتم الصلاة فإذا قدم مكة صلي بها الظهر والعصر والعشاء الآخرة أربعا أربعا، فإذا خرج إلي مني وعرفات قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمني أتم الصلاة حتي يخرج من مكة، فلما صلي بنا الظهر ركعتين نهض إليه مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان فقالا له: ما عاب أحد ابن عمك بأقبح ما عبته به. فقال لهما: وما ذاك؟ قال: فقالا له: ألم تعلم أنه أتم الصلاة بمكة؟ قال: فقال لهما: ويحكما وهل كان غير ما صنعت؟ قد صليتهما مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. قالا: فإن ابن عمك قد أتمها وإن خلافك إياه له عيب. قال: فخرج معاوية إلي العصر فصلاها بنا أربعا. وذكرها الهيثمي في مجمع الزوائد [288] نقلا عن أحمد والطبراني [ صفحه 99] فقال: رجال أحمد موثقون. فإذا كان لعب مروان وخليفة وقته معاوية بالصلاة التي هي عماد الدين إلي درجة يقدم فيها التحفظ علي عثمان في عمله الشاذ عن الكتاب والسنة علي العمل بسنة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حتي أخضع معاوية لما ارتأه من الرأي الشائن في صلاة العصر، فماذا يكون عبثهما بالدين فيما هو دون الصلاة من الأحكام؟ وإن تعجب فعجب أنه يعد مخالفة عثمان في رأيه الخاص له عيبا عليه يغير لأجله الحكم الديني الثابت، ولا يعد مخالفة رسول الله وما جاء به محظورة تترك لأجلها الأباطيل والأحداث! ومن العجيب أيضا أن ينهي معاوية عن مخالفة عثمان، ولا ينهي من خالف رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم عن مخالفة. أهؤلاء من خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله؟ وأعجب من كل ذلك حسبان أولئك العابثين بدين الله عدولا وهذه سيرتهم ومبلغهم من الدين الحنيف. المورد الثاني: تغييره السنة في صلاة العيد: أخرج البخاري [289] من طريق أبي سعيد الخدري قال: خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحي أو فطر، فلما أتينا المصلي إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني، فارتفع [ صفحه 100] فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله. فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم. فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة. وفي لفظ الشافعي: يا أبا سعيد ترك الذي تعلم.

هذا مروان

الغدير: 8 / 376. فهلم معي إلي الخليفة نستحفيه الخبر عن هذا الوزغ اللعين في صلب أبيه وبعد مولده بماذا استباح إيواءه وتأمينه علي الصدقات والطمأنينة إليه في المشورة في الصالح العام؟ ولم استكتبه وضمه إليه فاستولي عليه؟ [290] ونصب عينيه ما لهج به النبي الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم، وما ناء به هو من المخاريق والمخزيات، ومن واجب الخليفة تقديم الصلحاء من المؤمنين وإكبارهم شكرا لأعمالهم لا الاحتفال بأهل المجانة والخلاعة كمروان الذي يجب الإنكار والتقطيب تجاه عمله الشائن، وقد جاء عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: " من رأي منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان "، وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: " أدني الإنكار أن تلقي أهل المعاصي بوجوه مكفهرة ". [ صفحه 101] وهب أن الخيفة تأول وأخطأ لكنه ما هذا التبسط إليه بكله؟ وتقريبه وهو ممن يجب إقصاؤه، وإيواؤه وهو ممن يستحق الطرد، وتأمينه وهو أهل بأن يتهم، ومنحه أجزل المنح من مال المسلمين ومن الواجب منعه، وتسليطه علي أعطيات المسلمين ومن المحتم قطع يده عنها؟ أنا لا أعرف شيئا من معاذير الخيفة في هذه المسائل - لعل لها عذرا وأنت تلومها - لكن المسلمين في يومه ما عذروه وهم الواقفون علي الأمر من كثب، والمستشفون للحقائق الممعنون فيها، وكيف يعذره المسلمين ونصب أعينهم قوله عز من قائل: (وأعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامي والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله) [291] ؟ أليس إعطاء الخمس لمروان اللعين خروجا عن حكم القرآن؟ أليس عثمان هو الذي فاوض بنفسه ومعه جبير بن مطعم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أن يجعل لقومه نصيبا من الخمس فلم يجعل ونص علي أن بني عبد شمس وبني نوفل لا نصيب لهم منه؟ قال جبير بن مطعم: لما قسم رسول الله سهم ذي القربي بين بني هاشم وبني المطلب [292] أتيته أنا وعثمان فقلت: يا رسول الله هؤلاء بنو [ صفحه 102] هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم، أرأيت بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا؟ وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال: " إنهم لم يفارقوني - أو: لم يفارقونا - في جاهلية ولا إسلام وإنما هم بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد " وشبك بين أصابعه، ولم يقسم رسول الله لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا كما قسم لبني هاشم وبني المطلب [293] . ومن العزيز علي الله ورسوله أن يعطي سهم ذوي قربي الرسول صلي الله عليه وآله وسلم لطريده ولعينه، وقد منعه النبي صلي الله عليه وآله وسلم وقومه من الخمس، فما عذر الخليفة في تزحزحه عن حكم الكتاب والسنة، وتفضيل رحمه أبناء الشجرة الملعونة في القرآن علي قربي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الذين أوجب الله مودتهم في الذكر الحكيم؟ أنا لا أدري. والله من ورائهم حسيب [294] . أخرج أئمة الصحاح من طريق أبي سعيد الخدري قال: أخرج مروان المنبر يوم العيد، فبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقام رجل فقال: يا مروان خالفت السنة، أخرجت المنبر يوم عيد، ولم يكن يخرج به، [ صفحه 103] وبدأت بالخطبة قبل الصلاة، ولم يكن يبدأ بها. فقال مروان: ذاك شئ قد ترك. فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضي ما عليه، سمعت رسول الله يقول: " من رأي منكرا فاستطاع أن يغيره بيده فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ". وفي لفظ الشافعي في كتاب الأم [295] من طريق عياض بن عبد الله قال: إن أبا سعيد الخدري قال: أرسل إلي مروان وإلي رجل قد سماه، فمشي بنا حتي أتي المصلي، فذهب ليصعد فجبذته [296] إلي فقال: يا أبا سعيد ترك الذي تعلم. قال أبو سعيد: فهتفت ثلاث مرات، فقلت: والله لا تأتون إلا شرا منه. وفي لفظ البخاري في صحيحه: خرجت مع مروان - وهو أمير المدينة - في أضحي أو فطر، فلما أتينا المصلي إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله. فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم. فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة [297] . [ صفحه 104] وفي لفظ: قال أبو سعيد: قلت: أين الابتداء بالصلاة؟ فقال: لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، قلت: كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم. ثلاث مرات. قال ابن حزم في المحلي [298] : أحدث بنو أمية تقديم الخطبة قبل الصلاة واعتلوا بأن الناس كانوا إذا صلوا تركوهم، ولم يشهدوا الخطبة، وذلك لأنهم كانوا يلعنون علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان المسلمون يفرون وحق لهم، فكيف وليس الجلوس واجبا؟ وقال ملك العلماء في بدائع الصنائع [299] : وإنما أحدث بنو أمية الخطبة قبل الصلاة لأنهم كانوا يتكلمون في خطبتهم بما لا يحل، وكان الناس لا يجلسون بعد الصلاة لسماعها فأحدثوها قبل الصلاة ليسمعها الناس، وبمثل هذا قال السرخسي في المبسوط [300] . وقال السندي في شرح سنن ابن ماجة [301] : قيل: سبب ذلك أنهم كانوا يسبون في الخطبة من لا يحل سبه، فتفرق الناس عند الخطبة إذا كانت متأخرة لئلا يسمعوا ذلك فقدم الخطبة ليسمعهم. [ صفحه 105] وقال الشوكاني في نيل الأوطار [302] : قد ثبت في صحيح مسلم [303] من رواية طارق بن شهاب عن أبي سعيد قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، وقيل: أول من فعل ذلك معاوية، حكاه القاضي عياض. وأخرجه الشافعي [304] عن ابن عباس بلفظ: حتي قدم معاوية فقدم الخطبة. ورواه عبد الرزاق [305] فهل رأيت مروان كيف يغير السنة؟ وكيف يفوه ملء فمه بما لا يسوغ لمسلم أن يتكلم به؟ كأن ذلك مفوض إليه، وكأن تركها المنبعث عن التجري علي الله ورسوله يكون مبيحا لإدامة الترك، لماذا ذهب ما كان يعلمه أبو سعيد من السنة؟ ولماذا ترك؟ نعم، كان لمروان في المقام ملحوظتان: الأولي أثر ابن عمه عثمان، والآخر أنه كان يقع في الخطبة في مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ويسبه فتتفرق عنه الناس لذلك، فقدمها علي الصلاة لئلا يجفلوا فيسمعوا العظائم ويصيخوا إلي ما يلفظ به من كبائر وموبقات. ويستظهر من كلام لعبد الله بن الزبير: كل سنن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قد غيرت حتي الصلاة [306] إن تسرب التغيير ولعب الأهواء بالسنن لم يكن مقصورا علي الخطبة قبل الصلاة فحسب، وإنما تطرق ذلك إلي كثير من [ صفحه 106] الأحكام كما يجده الباحث السابر أغوار السير والحديث [307] . قال الأميني: إن الثابت في السنة الشريفة أن الخطبة في العيدين تكون بعد الصلاة، قال الترمذي في الصحيح [308] : والعمل علي هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلي الله عليه وآله وسلم وغيرهم أن صلاة العيدين قبل الخطبة ويقال: إن أول من خطب قبل الصلاة مروان بن الحكم. انتهي. وإليك جملة مما ورد فيها: (1) عن ابن عباس قال: أشهد علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أنه صلي يوم فطر أو أضحي قبل الخطبة ثم خطب. صحيح البخاري [309] ، صحيح مسلم [310] ، سنن أبي داود [311] ، سنن ابن ماجة [312] ، سنن النسائي [313] ، سنن البيهقي [314] . (2) عن عبد الله بن عمر قال: كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم ثم أبو بكر ثم عمر يصلون العيد قبل الخطبة، وفي لفظ الشافعي: إن النبي وأبا بكر وعمر [ صفحه 107] كانوا يصلون في العيدين قبل الخطبة، وفي لفظ للبخاري: إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يصلي في الأضحي والفطر ثم يخطب بعد الصلاة. صحيح البخاري [315] ، صحيح مسلم [316] ، موطأ مالك [317] ، مسند أحمد [318] ، كتاب الأم للشافعي [319] ، سنن ابن ماجة [320] ، سنن البيهقي [321] ، سنن الترمذي [322] ، سنن النسائي [323] ، المحلي لابن حزم [324] ، بدائع الصنائع [325] . (3) عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف علي رجليه. انتهي. سنن ابن ماجة [326] ، المدونة الكبري لمالك [327] ، سنن البيهقي [328] . [ صفحه 108] 4 - عن عبد الله بن السائب، قال: حضرت العيد مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فصلي بنا العيد ثم قال: " قد قضينا الصلاة فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب ". سنن ابن ماجة [329] ، سنن أبي داود [330] ، سنن النسائي [331] ، سنن البيهقي [332] ، المحلي [333] . 5 - عن جابر بن عبد الله قال: إن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قال يوم الفطر فصلي فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب الناس. صحيح البخاري [334] ، صحيح مسلم [335] ، سنن أبي داود [336] ، سنن النسائي [337] ، سنن البيهقي [338] . 6 - عن ابن عباس وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك: أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يصلي قبل الخطبة. المدونة الكبري [339] . [ صفحه 109] 7 - عن البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يوم النحر بعد الصلاة. صحيح البخاري [340] ، سنن النسائي [341] . 8 - عن أبي عبيد مولي ابن أزهر قال: شهدت العيد مع علي بن أبي طالب وعثمان محصور، فجاء فصلي ثم انصرف فخطب. موطأ مالك [342] ، كتاب الأم للشافعي [343] ذكر من طريق مالك شطرا منه. هذه الأحاديث تكشف عن استمرار رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي هذه السنة المرتبة ولم يعز إليه غيرها قط، وعلي ذلك مضي الشيخان ومولانا أمير المؤمنين علي عليه السلام وعثمان نفسه ردحا من أيامه،

موقف مروان في حصار عثمان

بعد أن قرب عثمان عشيرته وأغدق عليهم الأموال وولاهم المناصب في الدولة والمدن الإسلامية... ثار المسلمون ضده وحاصروه وطلبوا منه ترك الخلافة أو التوبة وسنوافيك بالقصة لتري خبث ابن الحكم. [ صفحه 110] أخرج [344] الطبري من طريق علي بن عمر عن أبيه، قال: إن عليا جاء عثمان بعد انصراف المصريين، فقال له: " تكلم كلاما يسمعه الناس منك، ويشهدون عليه ويشهد الله علي ما في قلبك من النزوع والإنابة، فإن البلاد قد تمخضت عليك، فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة فتقول: يا علي اركب إليهم، ولا أقدر أن أركب إليهم ولا أسمع عذرا، ويقدم ركب آخرون من البصرة فتقول: يا علي اركب إليهم، فإن لم أفعل رأيتي قد قطعت رحمك واستخففت بحقك ". قال: فخرج عثمان وخطب الخطبة التي نزع فهيا وأعطي الناس من نفسه التوبة، فقام فحمد الله وأثني عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، أيها الناس فوالله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله، وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه، ولكني منتني نفسي وكذبتني، وضل عني رشدي، ولقد سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: " من زل فليتب [345] ومن أخطأ فليتب ولا يتمادي في الهلكة، إن من تمادي في الجور كان أبعد من الطريق "، فأنا أول من اتعظ، أستغفر الله مما فعلت، وأتوب إليه، فمثلي نزع وتاب، فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم، فوالله لئن ردني إلي الحق عبد لأستنن بسنة العبد، ولأذلن ذل العبد، ولأكونن كالمرقوق، إن ملك صبر، وإن عتق شكر، وما من الله مذهب إلا إليه، فلا [ صفحه 111] يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إلي، لئن أبت يميني لتتابعني شمالي. قال: فرق الناس له يومئذ، وبكي من بكي منهم، وقام إليه سعيد بن زيد فقال: يا أمير المؤمنين ليس بواصل لك من ليس معك، الله الله في نفسك، فأتمم علي ما قلت. فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيدا [346] ونفرا من بني أمية ولم يكونوا شهدوا الخطبة، فلما جلس قال مروان: يا أمير المؤمنين: أتكلم أم أصمت؟ فقالت نائلة ابنة الفرافصة امرأة عثمان الكلبية: لا بل اصمت فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه، إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها. فأقبل عليها مروان فقال: ما أنت وذاك؟ فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضأ. فقالت له: مهلا يا مروان عن ذكر الآباء، تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه، وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه، أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه. قال: فأعرض عنها مروان، ثم قال: يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت؟ قال: بل تكلم. فقال مروان: بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممنع منيع فكنت أول من رضي بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين، وخلف السيل الزبي، وحين أعطي الخطة الذليلة الذليل، والله لإقامة علي خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوف عليها، وإنك إن شئت تقربت [ صفحه 112] بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة، وقد اجتمع إليك علي الباب مثل الجبال من الناس. فقال عثمان: فاخرج إليهم فكلمهم فإني أستحي أن أكلمهم. قال: فخرج مروان إلي الباب والناس يركب بعضهم بعضا فقال: ما شأنكم قد اجتمعتم؟ كأنكم قد جئتم لنهب، شاهت الوجوه، كل إنسان آخذ بأذن صاحبه ألا من أريد [347] ؟ جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا اخرجوا عنا، أما والله لئن رمتمونا ليمرن عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم، ارجعوا إلي منازلكم، فإنا والله ما نحن مغلوبين علي ما في أيدينا، قال: فرجع الناس وخرج بعضهم حتي أتي عليا فأخبره الخبر، فجاء علي عليه السلام مغضبا حتي دخل علي عثمان فقال: " أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك [348] عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به؟ والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك، وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك، أذهبت شرفك، وغلبت علي أمرك ". فلما خرج علي دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته، فقالت: أتكلم أو أسكت؟ فقال: تكلمي، فقال: قد سمعت قول علي لك وأنه [ صفحه 113] ليس يعاودك، وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء، قال: فما أصنع؟ قالت: تتقي الله وحده لا شريك له وتتبع سنة صاحبيك من قبلك، فإنك متي أطعت مروان قتلك، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة، وإنما تركك الناس لمكان مروان، فأرسل إلي علي فاستصلحه فإن له قرابة منك وهو لا يعصي. قال: فأرسل عثمان إلي علي فأبي أن يأتيه، وقال: " قد أعلمته أني لست بعائد ". فبلغ مروان مقالة نائلة فيه، فجاء إلي عثمان فجلس بين يديه، فقال: أتكلم أو أسكت؟ فقال: تكلم. فقال: إن بنت الفرافصة، فقال عثمان: لا تذكرنها بحرف فأسوء لك وجهك فهي والله أنصح لي منك، فكف مروان [349] .

صورة أخري من التوبة

من طريق أبي عون، قال: سمعت عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم، قال: قبح الله مروان، خرج عثمان إلي الناس فأعطاهم الرضا، وبكي علي المنبر وبكي الناس حتي نظرت إلي لحية عثمان مخضلة من الدموع وهو يقول: اللهم إني أتوب إليك، اللهم إني أتوب إليك، اللهم إني أتوب إليك، والله لئن ردني الحق إلي أن أكون عبدا قنا لأرضين به، إذا دخلت منزلي فادخلوا علي، فوالله لا [ صفحه 114] أحتجب منك ولأعطينكم [الرضا] [350] ولأزيدنكم علي الرضا، ولأنحين مروان وذويه. قال: فلما دخل أمر بالباب ففتح، ودخل بيته ودخل عليه مروان، فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتي فتله عن رأيه، وأزاله عما كان يريد [351] . واستمرت المفاوضات بين عثمان والثوار المسلمين، وعقد علي بن أبي طالب عليه السلام صلحا بين الثوار والخليفة وافق عليه الطرفان ومما جاء فيه: " يرد - عثمان - كل مظلمة ويعزل كل عامل كرهوه " [352] . ولكن ما حدث بعد هذا؟! أخرج [353] البلاذري [354] من طريق أبي مخنف قال: لما شخص [ صفحه 115] المصريون بعد الكتاب الذي كتبه عثمان فصاروا بأيلة [355] أو بمنزل قبلها رأوا راكبا خلفهم يريد مصر فقالوا له: من أنت؟ فقال: رسول أمير المؤمنين إلي عبد الله بن سعد، وأنا غلام أمير المؤمنين. وكان أسود، فقال بعضهم لبعض: لو أنزلناه وفتشناه ألا يكون صاحبه قد كتب فينا بشئ، ففعلوا فلم يجدوا معه شيئا، فقال: بعضهم لبعض: خلو سبيله، فقال كنانة بن بشر: أما والله دون أن أنظر في إداوته فلا. فقالوا: سبحان الله أيكون كتاب في ماء؟ فقال: إن للناس حيلا. ثم حل الإداوة فإذا فيها قارورة مختومة، أو قال: مضمومة في جوف القارورة كتاب في أنبوب من رصاص فأخرجه فقرئ فإذا فيه: أما بعد: فإذا قدم عليك عمرو بن بديل فاضرب عنقه، واقطع يدي ابن عديس وكنانة وعروة، ثم دعهم يتشحطون في دمائهم حتي يموتوا، ثم أوثقهم علي جذوع النخل. فيقال: إن مروان كتب الكتاب بغير علم عثمان، فلما عرفوا ما في الكتاب، قالوا: عثمان محل. ثم رجعوا عودهم علي بدئهم حتي دخلوا [ صفحه 116] المدينة فلقوا عليا بالكتاب وكان خاتمه من رصاص، فدخل به علي علي عثمان فحلف بالله ما هو كتابه ولا يعرفه وقال: أما الخط فخط كاتبي، وأما الخاتم فعلي خاتمي، قال علي: " فمن تتهم؟ " قال: أتهمك وأتهم كاتبي. فخرج علي مغضبا وهو يقول: " بل هو أمرك ". قال أبو مخنف: وكان خاتم عثمان بدءا عند حمران بن أبان ثم أخذه مروان حين شخص حمران إلي البصرة فكان معه. وفي رواية أن المصريين - وكان معهم محمد بن أبي بكر - حين سألوا الغلام عن أمره فقال لهم مرة: أنا غلام أمير المؤمنين، وقال أخري: أنا غلام مروان وجهني إلي عامل مصر برسالة... ثم فك الكتاب بمحضر منهم فإذا فيه: إذا أتاك محمد بن أبي بكر وفلان وفلان فاحتل لقتلهم وأبطل كتاب محمد وقر علي عملك حتي يأتيك رأيي... ". ورجع الثوار إلي المدينة ودخل علي وطلحة والزبير وسعد علي عثمان فأنكر عثمان الكتاب. تقول الرواية: " وعرفوا أن الخط خط مروان فسألوه أن يدفع إليهم مروان فأبي، وكان مروان عنده في الدار، فخرج أصحاب محمد صلي الله عليه وآله وسلم من عنده غضابا وعلموا أنه لا يحلف بباطل، إلا أن قوما قالوا: لن يبرأ عثمان في قلوبنا إلا أن يدفع إلينا مروان حتي نحثه عن الأمر ونعرف حال الكتاب، وكيف يؤمر بقتل رجال من أصحاب رسول الله بغير حق... " [356] . [ صفحه 117] قد مر عليك موقف مروان في حصار الخليفة، فكلما أعلن الخليفة توبته أمام الملأ وبكي وندم علي ما كان فعل دخل عليه مروان فلم يزل يفتله في الذروة والغارب حتي فتله عن رأيه وأزاله عما كان يريد، ولا نبالغ إذا قلنا إن ابن الحكم كان ساعيا في قتل الخليفة. قال الأميني [357] : إن الطريد ابن الطريد، أو قل عن لسان النبي الأمين: " الوزغ ابن الوزغ، اللعين ابن اللعين "، مروان بن الحكم كان يؤثر في نفسيات الخليفة حتي يحوله كما قال مولانا أمير المؤمنين عن دينه وعقله، ويجعله مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به. فلم يزل به حتي أربكه عند منتقض العهود ومنتكث المواثيق، فأورده مورد الهلكة. وعجيب من الخليفة أن يتأثر بتسويلات الرجل وهو يعلم محله من الدين وموقفه من الإيمان، ومبوأه من الصدق والأمانة، وهو يعلم أنه هو وزبانيته هم الذين جروا عليه الويلات وأركبوه النهابير، وأنهم سيوردونه ثم لا يصدرونه، يعلم ذلك كله وهو بين الناب والمخلب وفي منصرم الحياة، ومع ذلك كله لا يزال مقيما علي هاتيك الوساوس المروانية، فيا للعجب. وأعجب من ذلك أنه مع هذا التأثر يتخذ نصح الناصحين له كمولانا أمير المؤمنين عليه السلام وكثير من الصحابة العدول بأعتاب الناس [ صفحه 118] ورفض تمويهات مروان الموبقة له ظهريا فلا يعير لهم بعد تمام الحجة وقطع سبل المعاذير أذنا واعية، وهو يعلم أنهم لا يعدون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدعونه إلي ما فيه نجاته ونجاح الأمة [358] .

مروان بعد مقتل عثمان

بعد مقتل الخليفة عثمان قرر ابن الحكم المطالبة بدمه، ولم يرضه أن تكون الخلافة بيد آل أبي طالب لذلك كان من أول المحرضين عليهم، فانضم إلي جيش عائشة ضد الإمام علي عليه السلام.

في الجمل يقتل طلحة

كان طلحة بن عبيد الله من الثائرين ضد عثمان لذلك أخذ ابن الحكم ثأره منه يوم الجمل. روي [359] البلاذري بإسناده من طريق ابن سيرين أنه قال: لم يكن من أصحاب النبي صلي الله عليه وآله وسلم أشد علي عثمان من طلحة. وذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد [360] . [ صفحه 119] أخرج ابن سعد وابن عساكر، قال: كان طلحة يقول يوم الجمل: إنا داهنا في أمر عثمان، فلا نجد [اليوم] [361] شيئا أمثل من أن نبذل دماءنا فيه، اللهم خذ لعثمان مني اليوم حتي ترضي [362] . أخرج ابن عساكر، قال: كان مروان بن الحكم في الجيش - يوم الجمل - فقال: لا أطلب بثاري بعد اليوم، فهو الذي رمي طلحة فقتله، ثم قال لأبان بن عثمان: قد كفيتك بعض قتلة أبيك، وكان السهم قد وقع في عين ركبته، فكانوا إذا أمسكوها انتفخت وإذا أرسلوها انبعثت، فقال: دعوها فإنها سهم أرسله الله [363] . قال أبو عمر في الإستيعاب [364] : لا يختلف العلماء الثقات في أن مروان قتل طلحة يومئذ وكان في حزبه. وأخرج أبو عمر [365] من طريق ابن أبي سبرة قال: نظر مروان إلي طلحة يوم الجمل فقال: لا أطلب بثاري بعد اليوم. فرماه بسهم فقتله. وأخرج [366] من طريق يحيي بن سعيد عن عمه أنه قال: رمي [ صفحه 120] مروان طلحة بسهم، ثم التفت إلي أبان بن عثمان، فقال: قد كفينا بعض قتلة أبيك. وأخرج [367] من طريق قيس نقلا عن ابن أبي شيبة أن مروان قتل طلحة، ومن طريق وكيع وأحمد بن زهير، بإسنادهما عن قيس بن أبي حازم حديث: لا أطلب بثاري بعد اليوم. وزاد في أسد الغابة [368] ما مر من قول مروان لأبان. وقال ابن حجر في الإصابة [369] : روي ابن عساكر [370] من طرق [371] متعددة: أن مروان بن الحكم هو الذي رماه فقتله، منها: وأخرجه أبو القاسم البغوي بسند صحيح عن الجارود بن أبي سبرة، قال: لما كان يوم الجمل نظر مروان إلي طلحة فقال: لا أطلب ثاري بعد اليوم، فنزع له بسهم فقتله. وأخرج يعقوب بن سفيان، بسند صحيح عن قيس بن أبي [ صفحه 121] حازم، أن مروان بن الحكم رأي طلحة في الخيل، فقال: هذا أعان علي عثمان، فرماه بسهم في ركبته، فما زال الدم يسيح حتي مات. وأخرجه الحاكم في المستدرك [372] . أخرجه عبد الحميد بن صالح عن قيس، وأخرجه الطبراني [373] من طريق يحيي بن سليمان الجعفي عن وكيع بهذا السند، قال: رأيت مروان بن الحكم حين رمي طلحة يومئذ بسهم فوقع في عين ركبته، فما زال الدم يسيح إلي أن مات. وأخرج الحاكم في المستدرك [374] من طريق عكراش قال: كنا نقاتل عليا مع طلحة ومعنا مروان، قال: فانهزمنا، فقال مروان: لا أدرك بثاري بعد اليوم من طلحة. فرماه بسهم فقتله. وقال محب الدين الطبري في الرياض [375] : المشهور أن مروان بن الحكم هو الذي قتله، رماه بسهم وقال: لا أطلب بثاري بعد اليوم. وذلك أن طلحة زعموا أنه كان ممن حاصر عثمان واشتد عليه. وأخرج البلاذري في الأنساب [376] ، في حديث عن روح بن زنباع: أنه قال: رمي مروان طلحة فاستقاد منه لعثمان. [ صفحه 122] يوجد حديث قتل مروان بن الحكم طلحة بن عبيد الله أخذا بثار عثمان في مروج الذهب [377] ، العقد الفريد [378] ، مستدرك الحاكم [379] ، الكامل لابن الأثير [380] ، صفة الصفوة لابن الجوزي [381] ، أسد الغابة [382] ، دول الإسلام للذهبي [383] ، تاريخ ابن كثير [384] ، تذكرة السبط [385] ، مرآة الجنان لليافعي [386] ، تهذيب التهذيب [387] ، تاريخ ابن شحنة هامش الكامل [388] . أخرج ابن سعد [389] بالإسناد عن شيخ من كلب، قال: سمعت عبد الملك بن مروان يقول: لولا أن أمير المؤمنين مروان أخبرني أنه قتل طلحة ما تركت أحدا من ولد طلحة إلا قتلته بعثمان. [ صفحه 123] أخرج الحميدي في النوادر من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن أبي مروان، قال: دخل موسي بن طلحة علي الوليد، فقال له الوليد: ما دخلت علي قط إلا هممت بقتلك لولا أن أبي أخبرني أن مروان قتل طلحة. تهذيب التهذيب [390] . أخرج الطبري في حديث: فقام طلحة والزبير خطيبين - يعني بالبصرة - فقالا: يا أهل البصرة توبة بحوبة، إنما أردنا أن يستعتب أمير المؤمنين عثمان ولم نرد قتله، فغلب سفهاء الناس الحلماء حتي قتلوه، فقال الناس لطلحة: يا أبا محمد قد كانت كتبك تأتينا بغير هذا. تاريخ الطبري [391] . ذكر المسعودي في حديث وقعة الجمل: ثم نادي علي رضي الله عنه طلحة حين رجع الزبير: " يا أبا محمد ما الذي أخرجك؟ " قال: الطب بدم عثمان. قال علي: " قتل الله أولانا بدم عثمان " [392] .

عداء مروان لآل البيت

قد مر علينا كيف كان الحكم والد مروان يستهزئ بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم ويؤذيه، ويبدو أن الأبن اكتسب الخبث والرذيلة [ صفحه 124] من والده أثناء إقامته في الطائف، فلما عاد إلي المدينة كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم بجوار ربه فنظر في بقيته فلم يجد إلا آل بيته، وعلي رأسهم الإمام علي والحسن والحسين عليهم السلام، فكن لهم كل العداء، وأخذ يكيل لهم الشتائم والسباب ولا يفتأ عن سب الإمام علي في كل جمعة وعلي كل منبر وكان [393] كما قال أسامة بن زيد: " فاحشا متفحشا " [394] . الحجر الأساسي في ذلك هو عثمان جرأ الوزغ اللعين علي أمير المؤمنين يوم قال له: أقد مروان من نفسك. قال عليه السلام: " مم ذا؟ " قال: من شتمه وجذب راحلته. وقال له: لم لا يشتمك؟ كأنك خير منه! وعلاه معاوية بكل ما عنده من حول وطول، لكن مروان تبعه شر متابعة، ولم يأل جهدا في تثبيت ذلك كلما أقلته صهوة المنبر، أو وقف علي منصة خطابة، ولم يزل مجدا في ذلك، وحاضا عليه حتي عاد مطردا بعد كل جمعة وجماعة في أي حاضرة يتولي أمرها، وبين عماله يوم تولي خلافة هي كلعة الكلب أنفه تسعة أشهر كما وصفها مولانا أمير المؤمنين، ولم تكن هذه السيرة السيئة إلا لسياسة وقتية، وقد أعرب عما في سريرته بقوله، فيما أخرجه الدارقطني من طريقه عنه، قال: ما كان أحد أدفع عن عثمان من علي. فقيل له: ما لكم تسبونه علي [ صفحه 125] المنابر؟ قال: إنه لا يستقيم لنا الأمر إلا بذلك [395] . قال ابن حجر في تطهير الجنان [396] هامش الصواعق وبسند رجاله ثقات: إن مروان لما ولي المدينة كان يسب عليا علي المنبر كل جمعة، ثم ولي بعده سعيد بن العاص فكان لا يسب، ثم أعيد مروان فعاد للسب، وكان الحسن يعلم ذلك فيسكت ولا يدخل المسجد إلا عند الإقامة، فلم يرض بذلك مروان حتي أرسل للحسن في بيته بالسب البليغ لأبيه وله، ومنه: ما وجدت مثلك إلا مثل البغلة يقال لها: من أبوك؟ فتقول: أبي الفرس. [397] فقال للرسول: " إرجع إليه فقل له: والله لا أمحو عنك شيئا مما قلت بأني أسبك، ولكن موعدي وموعدك الله، فإن كنت كاذبا فالله أشد نقمة، قد أكرم جدي أن يكون مثلي مثل البغلة ". إلي آخره. ولم يختلف من المسلمين اثنان في أن سب الإمام ولعنه من الموبقات، وإذا صح ما قاله ابن معين [398] كما حكاه عنه ابن حجر في تهذيب التهذيب [399] من أن كل من شتم عثمان أو طلحة أو أحدا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم دجال لا يكتب عنه وعليه لعنة الله والملائكة [ صفحه 126] والناس أجمعين. انتهي. فما قيمة مروان عندئذ؟ ونحن مهما تنازلنا فإنا لا نتنازل عن أن مولانا أمير المؤمنين كأحد الصحابة الذين يشملهم حكم كل من سبهم ولعنهم، فكيف ونحن نري أنه عليه السلام سيد الصحابة علي الإطلاق، وسيد الأوصياء، وسيد من مضي ومن غبر عدا ابن عمه صلي الله عليه وآله وسلم وهو نفس النبي الأقدس بنص الذكر الحكيم، فلعنه وسبه لعنه وسبه وقد قال صلي الله عليه وآله وسلم: " من سب علينا فقد سبني ومن سبني فقد سب الله " [400] . روي الهيثمي في مجمع الزوائد [401] من طريق أبي يحيي قال: كنت بين الحسن والحسين ومروان يتسابان فجعل الحسن يسكت الحسين، فقال مروان: أهل بيت ملعونون. فغضب الحسن وقال: " قلت أهل بيت ملعونون، فوالله لقد لعنك الله وأنت في صلب أبيك " أخرجه الطبراني [402] وذكره السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه [403] نقلا عن ابن سعد وأبي يعلي [404] وابن عساكر [405] . [ صفحه 127] وكان مروان يتربص الدوائر علي آل بيت العصمة والقداسة، ويغتنم الفرص في إيذائهم. قال ابن عساكر في تاريخه [406] : أبي مروان أن يدفن الحسن في حجرة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقال: ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله وقد دفن عثمان بالبقيع. ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية بذلك، فلم يزل عدوا لبني هاشم حتي مات. انتهي [407] . أي خليفة هذا يجلب رضاه بإيذاء عترة رسول الله؟ ومن أولي بالدفن في الحجرة الشريفة من السبط الحسن الزكي؟ وبأي كتاب وبأية سنة وبأي حق ثابت كان لعثمان أن يدفن فيها؟ ومن جراء ذلك الضغن الدفين علي بني هاشم، كان ابن الحكم يحث ابن عمر علي الخلافة والقتال دونها. أخرج أبو عمر من طريق الماجشون وغيره: أن مروان دخل في نفر علي عبد الله بن عمر بعدما قتل عثمان فعرضوا عليه أن يبايعوا له قال: وكيف لي بالناس؟ قال: تقاتلهم ونقاتلهم معك. فقال: والله لو اجتمع علي أهل الأرض إلا فدك ما قاتلتهم، قال: فخرجوا من عنده ومروان يقول: والملك بعد أبي ليلي لمن غلبا [408] . [ صفحه 128] لماذا ترك الوزغ سنة الانتخاب الدستوري في الخلافة بعد انتهاء الدور إلي سيد العترة؟ وما الذي سوغ له ذلك الخلاف؟ وحض ابن عمر علي الأمر، وتحريضه علي القتال دونه، بعد إجماع الأمة وبيعتهم مولانا أمير المؤمنين؟ نعم: لم يكن من اليوم الأول هناك انتخاب صحيح قط، ورأي حر لأهل الحل والعقد، أني كان ثم أني؟ والملك بعد أبي الزهراء لمن غلبا [409] .

ابن الحكم يلتحق بمعاوية

بعد اشتراك ابن الحكم في موقعة الجمل وقتله لطلحة التحق بركب معاوية بن أبي سفيان وشارك في معركة صفين ضد الإمام علي عليه السلام، بعد ذلك ولاه معاوية علي المدينة، واستمرت ولايته عليها تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر [410] ثم عزله، وكان ابن الحكم ينتظر تحقق نبؤة النبي صلي الله عليه وآله وسلم فيه وفي ولده في استيلائهم علي الخلافة إذا بلغوا أربعين رجلا [411] .

مروان يوطد بيعة يزيد

عمل مروان علي تثبيت ودعم خلافة يزيد، يزيد المعروف بفسقه وفجوره ومجونه. [ صفحه 129] كتب [412] معاوية إلي مروان بن الحكم: إني قد كبرت سني، ودق عظمي، وخشيت الاختلاف علي الأمة بعدي، وقد رأيت أن أتخير لهم من يقوم بعدي، وكرهت أن أقطع أمرا دون مشورة من عندك، فأعرض ذلك عليهم وأعلمني بالذي يردون عليك. فقام مروان في الناس فأخبرهم به، فقال الناس: أصاب ووفق، وقد أجبنا أن يتخير لنا فلا يألوا. فكتب مروان إلي معاوية بذلك فأعاد إليه الجواب بذكر يزيد. فقام مروان فيهم وقال: إن أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يأل وقد استخلف ابنه يزيد بعده. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال: كذبت والله يا مروان وكذب معاوية، ما الخيار أردتما لأمة محمد، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كما مات هرقل قام هرقل. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه (والذي قال لوالديه أف لكما). الآية، فسمعت عائشة مقالته من وراء الحجاب وقالت: يا مروان يا مروان، فأنصت الناس، وأقبل مروان بوجهه فقالت: أنت القائل لعبد الرحمن أنه نزل فيه القرآن؟ كذبت والله ما هو به ولكنه فلان بن فلان، ولكنك أنت فضض من لعنة نبي الله [413] . وتمت بيعة يزيد ولم تطل مدة خلافته فمات دون أن [ صفحه 130] يعهد إلي أحد، وبعد موت معاوية بن يزيد - الذي رفض الخلافة وأنكر علي آبائه اغتصابهم الخلافة - بويع مروان بن الحكم في الشام بالخلافة وتم الأمر له.

من آراء ابن الحكم

عن داود بن أبي صالح قال [414] : أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه - جبهته - علي القبر، فأخذ مروان برقبته ثم قال: هل تدري ما تصنع؟ فأقبل عليه فإذا أبو أيوب الأنصاري، فقال: نعم إني لم آت الحجر، إنما جئت رسول صلي الله عليه وآله وسلم، ولم آت الحجر، سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: " لا تبكوا علي الدين إذا وليه أهله، ولكن ابكوا علي الدين إذا وليه غير أهله ". أخرجه [415] : الحاكم في المستدرك وصححه هو والذهبي في تلخيصه، ورواه أبو الحسين يحيي بن الحسن الحسيني في أخبار المدينة، بإسناد آخر عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، كما في شفاء السقام للسبكي [416] . وذكره السيد نور الدين السمهودي في وفاء الوفاء [417] نقلا عن إمام الحنابلة أحمد، قال: رأيته بخط الحافظ أبي الفتح المراغي المدني، [ صفحه 131] وأخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد [418] نقلا عن أحمد. قال الأميني: إن هذا الحديث يعطينا خبرا بأن المنع عن التوسل بالقبور الطاهرة إنما هو من بدع الأمويين وضلالتهم منذ عهد الصحابة، ولم تسمع أذن الدنيا قط صحابيا ينكر ذلك غير وليد بيت أمية مروان الغاشم، نعم، الثور يحمي أنفه بروقه [419] ، نعم، بعلة الورشان يأكل رطب المشان [420] ، نعم، لبني أمية عامة ولمروان خاصة ضغينة علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم منذ يوم لم يبق صلي الله عليه وآله وسلم في الأسرة الأموية حرمة إلا هتكها، ولا ناموسا إلا مزقه، ولا ركنا إلا أباده، وذلك بوقيعته صلي الله عليه وآله وسلم فيهم وهو (وما ينطق عن الهوي - إن هو إلا وحي يوحي - علمه شديد القوي) [421] . فحقيق علي مروان أن يري الأمة الإسلامية أنه يحامي عن التوحيد وقد رام أن يخذلها عن نبيها ويصغره عندها، وكيف يروقه نبي كان هذا هتافه فيه وفي أبيه وجده وأصله وشجرته؟ تلك الشجرة الملعونة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار. فلا يحق لمسلم أن يحذو حذو تلك الأمة الملعونة ويقول بقولهم ويتخذ برأيهم، ويتبع أثر أولئك الرجال الذين اتخذوا دين الله دخلا، [ صفحه 132] وعباد الله خولا، وكتاب الله حولا [422] . أجل، لقد ساء ابن الحكم التفاف المسلمين حول النبي ميتا، كيف لا؟ وهو الذي حطم كبرياء بني أمية، وهو الذي نفي أباه ولعنه ومن في صلبه، فالعداء للنبي هو الذي دفع مروان إلي موقفه هذا، ويبدو لي سبب آخر وهو أن التبرك والالتفاف حول القبر الشريف يذكر المسلمين نبيهم وأحاديثه التي لعنت ولاة أمثال مروان، والتي تدعو للقيام علي الظلمة وعدم إطاعتهم، وهذا ما يريد ابن الحكم وبنو أمية أن يمحوه من ذاكرة المسلمين.

دعوي باطلة

زعم ابن الأثير أن الإمام عليا بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام روي عن ابن الحكم، فقد جاء في أسد غابته: " روي عنه - أي مروان - علي بن الحسين " [423] . وكذا أرسل ابن حجر هذه العبارة في إصابته [424] لكنه لم يصب الحق فيها فمروان هذا لم يسمع من البني شيئا [425] إذا [ صفحه 133] إنه غادر المدينة طفلا إلي الطائف مع والده وعاد في خلافة عثمان، أجل كيف يروي الإمام عليه السلام عن مروان هذا وعنده والده ريحانة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة الحسين عليه السلام؟ فمن كان يستضيء، بالشمس لا يتركها لظلام دامس، وكيف يروي عنه وقد كان يسب جده عليا في كل جمعة وكان ينال من آل البيت ويشتمهم؟ وما هذه العلاقة التي جمعت الإمام بابن الحكم؟ فشتان بين الثري والثريا وهيهات أن يجتمع النور والظلام. قال المقريزي في ابن الحكم: " وكان رجلا لا فقه له، ولا يعرف بالزهد، ولا برواية الآثار، ولا بصحبة ولا ببعد همة " [426] . وقد كان الإمام علي بن الحسين سيد علماء عصره، قال فيه الزهري: " ما رأيت قرشيا أفضل من علي بن الحسين " [في أيامه] [427] وقال أيضا: " ما رأيت أحدا كان أفقه منه. وقال ابن وهب عن مالك: لم يكن في أهل بيت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مثل علي بن الحسين " [428] . [ صفحه 134] وقال له نافع بن جبير: " إنك سيد الناس وأفضلهم " [429] وقال فيه الشافعي: " هو أفقه أهل المدينة " [430] . فمن كان أفقه أهل المدينة وأفضلهم فكيف يروي عن ابن الحكم؟!

موت مروان بن الحكم

هلك ابن الحكم في شهر رمضان سنة خمس وستين [431] ، وهو معدود فيمن قتلته النساء، فقد تزوج أم خالد بن يزيد ليضع من خالد، وقال يوما لخالد: يا ابن الرطبة! فقال له خالد: " أنت مؤتمن خائن " وشكي خالد ذلك يوما إلي أمه، فقال: لا تعلمه أنك ذكرته لي، فلما دخل إليها مروان قامت إليه مع جواريها، فغمته حتي مات [432] . قال المسعودي: " فمنهم من رأي أنها وضعت علي نفسه وسادة، وقعدت فوقها مع جواريها حتي مات، ومنهم من يري أنها أعدت له لبنا مسموما " [433] . وهكذا رحل عن الدنيا بعد عمر ملئ بالشقاوة والشيطنة، وتسلم ابنه عبد الملك الخلافة من بعده. [ صفحه 137]

الوليد بن عقبة و من ولده

الهوية الشخصية

الوليد بن عقبة بن أبي معيط، واسم أبي معيط: أبان بن أبي عمرو، واسم أبي عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، وقد قيل: إن ذكوان كان عبدا لأمية فاستلحقه، والأول أكثر، أمه أروي بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس أم عثمان بن عفان، فالوليد أخو عثمان لأمه [434] ، وكان الوليد يكني أبا وهب.

الوليد و من ولده

الغدير: 8 / 383. أما أبوه عقبة بن أبي معيط فكان أشد الناس علي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في إيذائه من جيرانه، أخرج ابن سعد بالإسناد من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: " كنت بين شر جارين بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط، إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها علي بابي، حتي أنهم ليأتون ببعض ما يطرحون من الأذي فيطرحونه علي بابي " [435] . وقال ابن سعد في الطبقات [436] : كان أهل العداوة والمناواة [ صفحه 138] لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وأصحابه الذين يطلبون الخصومة والجدل أبو جهل، أبو لهب، إلي أن عد عقبة بن أبي معيط، والحكم بن أبي العاص فقال: وذلك أنهم كانوا جيرانه، والذي كان تنتهي عداوة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إليهم: أبو جهل، وأبو لهب، وعقبة بن أبي معيط. وقال ابن هشام في سيرته [437] : كان النفر الذين يؤذون رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في بيته أبو لهب، والحكم بن أبي العاص بن أمية، وعقبة بن أبي معيط. وقال [438] : كان أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط متصافيين حسنا ما بينهما، فكان عقبة قد جلس إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وسمع منه فبلغ ذلك أبيا فأتي عقبة فقال له: ألم يبلغني أنك جالست محمدا وسمعت منه؟ ثم قال: وجهي من وجهك حرام أن أكلمك، واستغلظ له من اليمين إن أنت جلست إليه أو سمعت منه أو لم تأته فتتفل في وجهه. ففعل ذلك عدو الله عقبة بن أبي معيط لعنه الله، فأنزل الله تعالي فيهما: (ويوم يعض الظالم علي يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا - يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا - لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا) [439] وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم [ صفحه 139] في الدلائل بإسناده صححه السيوطي من [440] طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن عقبة [441] بن أبي معيط كان يجلس مع النبي بمكة لا يؤذيه، وكان له خليل [442] غائب عنه بالشام، فقالت قريش: صبا عقبة. وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته: ما فعل محمد مما كان عليه؟ فقالت: أشد مما كان أمرا، فقال: ما فعل خليلي عقبة؟ فقالت: صبا. فبات بليلة سوء. فلما أصبح أتاه عقبة فحياه فلم يرد عليه التحية، فقال: ما لك لا ترد علي تحتي؟ فقال: كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت؟ قال: أو قد فعلتها قريش؟ قال: نعم، قال: فما يبرئ صدورهم إن أنا فعلته؟ قال: تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم، ففعل، فلم يرد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علي أن مسح وجهه من البزاق، ثم التفت إليه فقال: " إن وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا ". فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبي أن يخرج، فقال له أصحابه: أخرج معنا، قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا، فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك فلو [ صفحه 140] كانت الهزيمة طرت عليه. فخرج معهم، فلما هزم الله المشركين وحمل [443] به جمله في جدود من الأرض فأخذه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أسيرا في سبعين من قريش وقدم إليه عقبة فقال، أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال: " نعم، بما بزقت في وجهي ". وفي لفظ الطبري: " بكفرك وفجورك وعتوك علي الله ورسوله ". فأمر عليا فضرب عنقه فأنزل الله فيه: (ويوم يعض الظالم علي يديه). إلي قوله تعالي: (وكان الشيطان للإنسان خذولا). وقال الضحاك: لما بزق عقبة في وجه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم رجع بزاقه علي وجهه لعنه الله تعالي، ولم يصل حيث أراد فأحرق خديه وبقي أثر ذلك فيهما حتي ذهب إلي النار. وفي لفظ: كان عقبة يكثر مجالسة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، واتخذ ضيافة فدعا إليها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فأبي أن يأكل من طعامه حتي ينطق بالشهادتين ففعل، وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال: صبأت يا عقبة، قال: لا ولكن آلي أن لا يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحييت منه فشهدت له، والشهادة ليست في نفسي، فقال: وجهي من وجهك حرام إن لقيت محمدا فلم تطأ قفاه وتبزق وجهه وتلطم عينه. فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك، فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم: " لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف " الحديث. [ صفحه 141] وقال الطبري في تفسيره: قال بعضهم عني بالظالم عقبة بن أبي معيط لأنه ارتد بعد إسلامه طلبا منه لرضا أبي بن خلف وقالوا: فلان هو أبي. وروي عن ابن عباس أنه قال: كان أبي بن خلف يحضر النبي صلي الله عليه وآله وسلم فزجره عقبة بن أبي معيط فنزل (ويوم يعض الظالم علي يديه) إلي آخره. قال: الظالم: عقبة وفلان: أبي. وروي مثله عن الشعبي وقتادة وعثمان ومجاهد. أخرج نزول الآيات الكريمة (ويوم يعض الظالم) إلي قوله: (خذولا). في عقبة، وأن الظالم هو: ابن مردويه، وأبو نعيم في الدلائل [444] ، وابن المنذر، وعبد الرزاق في المصنف [445] ، وابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم والفريابي، وعبد بن حميد، وسعيد بن منصور، وابن جرير. راجع: تفسير الطبري [446] ، تفسير البيضاوي [447] ، تفسير القرطبي [448] ، تفسير الزمخشري [449] ، تفسير ابن كثير [450] ، تفسير [ صفحه 142] النيسابوري هامش الطبري [451] ، تفسير الرازي [452] ، تفسير ابن جزي الكلبي [453] ، إمتاع المقريزي [454] ، الدر المنثور للسيوطي [455] ، تفسير الخازن [456] ، تفسير النسفي هامش الخازن [457] ، تفسير الشوكاني [458] ، تفسير الآلوسي [459] .

ولادة الوليد

ولادة الوليد موضع خلاف بين المؤرخين، فمنهم من يقول إنه ولد قبل الفتح ومنهم من يقول إنه ولد بعد الفتح. عن الوليد - نفسه - قال: لما افتتح رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مكة، جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم، فيمسح علي رؤوسهم ويدعو لهم بالبركة، فأتي بي إليه وأنا مخلق فلم يمسني من أجل الخلوق [460] . [ صفحه 143] وهذه الرواية غير صحيحة، فإذا كان عام الفتح مخلقا فكيف بعثه النبي لجمع الصدقات من بني المصطلق [461] ؟ فولادة الوليد إذا كانت قبل فتح مكة، وهذا ما يذهب إليه ابن عبد البر في استيعابه [462] .

اسلامه

أسلم الوليد يوم فتح مكة مع من أسلموا، أسلم هو وأخوه خالد بن عقبة، قال ابن عبد البر: " أظنه لما أسلم كان قد ناهز الاحتلام " [463] وروي الوليد حديثين [464] ، أحدهما الرواية السابقة عن ولادته.

الوليد في القرآن

نزل في الوليد عدة آيات قرآنية منها قوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين) [465] . وسبب نزول هذه الآية: " أن رسول الله بعث الوليد بن عقبة إلي بني المصطلق فعاد فأخبر عنهم أنهم ارتدوا ومنعوا [ صفحه 144] الصدقة وكانوا خرجوا يتلقونه وعليهم السلاح، فظن أنهم خرجوا يقاتلونه فرجع فبعث إليهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم خالد بن الوليد فأخبره بأنهم علي الإسلام فنزلت هذه الآية " [466] قال ابن عبد البر: " لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن أنها نزلت فيه - أي الوليد - " [467] . وقال ابن كثير: " ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة " [468] . وقد أكد الله فسق الوليد في آية أخري وهي قوله تعالي: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون - أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوي نزلا بما كانوا يعملون - وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) [469] . أخرج [470] الطبري في تفسيره [471] بإسناده عن عطاء بن يسار، قال: [ صفحه 145] كان بين الوليد وعلي كلام، فقال الوليد: أنا أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأرد منك للكتيبة. فقال علي: " أسكت فإنك فاسق ". فأنزل الله فيهما: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا) الآية. وفي الأغاني [472] ، وتفسير الخازن [473] : كان بين علي والوليد تنازع وكلام في شئ فقال الوليد لعلي: أسكت فإنك صبي وأنا شيخ، والله إني أبسط منك لسانا، وأحد منك سنانا، وأشجع منك جنانا، وأملأ منك حشوا في الكتيبة. فقال له علي: " أسكت فإنك فاسق ". فأنزل الله هذه الآية. وأخرج الواحدي بإسناده من طريق ابن عباس في أسباب النزول [474] ، ومحب الدين الطبري في الرياض [475] عن ابن عباس وقتادة من طريق الحافظين السلفي والواحدي، وفي ذخائر العقبي [476] ، والخوارزمي في المناقب [477] ، والكنجي في الكفاية [478] ، والنيسابوري في تفسيره [479] ، وابن كثير في تفسيره قال: ذكر عطاء بن يسار والسدي [ صفحه 146] وغيرهما: أنها نزلت في علي بن أبي طالب وعقبة - فيه تصحيف لا يخفي - ورواه جمال الدين الزرندي في نظم درر السمطين [480] . وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج [481] وحكي عن شيخه: إنه من المعلوم الذي لا ريب فيه لاشتهار الخبر به، وإطباق الناس عليه. وأخرجه السيوطي في الدر المنثور [482] وقال: أخرج أبو الفرج في الأغاني، والواحدي، وابن عدي، وابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر [483] ، من طريق عن ابن أبي حاتم عن السدي عليه السلام مثله، وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن أبي ليلي عليه السلام. وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس، وذكره الحلبي في السيرة [484] . وفي هذه الحادثة يقول حسان بن ثابت: أنزل الله والكتاب عزيز في علي وفي الوليد قرانا فتبوا الوليد من ذاك فسقا وعلي مبوأ إيمانا [ صفحه 147] ليس من كان مؤمنا عرف الله كمن كان فاسقا خوانا فعلي يلقي لدي الله عزا ووليد يلقي هناك هوانا سوف يجزي الوليد خزيا ونارا وعلي لا شك يجزي جنانا ذكر هذه الأبيات أبو المظفر سبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته [485] ، والكنجي الشافعي، في كفايته [486] ، وابن طلحة الشافعي، في مطالب السؤول [487] وقال: فشت هذه الأبيات من قول حسان، وتناقلها سمع عن سمع ولسان عن لسان ورواها له ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة [488] وفيه بعد البيت الثالث: سوف يدعي الوليد بعد قليل وعلي إلي الحساب عيانا فعلي يجزي بذاك جنانا ووليد يجزي بذلك هوانا [489] . [ صفحه 148] رب جد لعقبة بن أبان لابس في بلادنا تبانا [490] وذكرها له نقلا عن شرح النهج الأستاذ أحمد زكي صفوت في جمهرة الخطب [491] . وبعد نزول الآية السابقة صار الوليد لا يعرف إلا بالوليد الفاسق [492] .

الاستهانة بقول الرسول

كان الوليد يستهين بأوامر الرسول ويعصيه علنا حتي دعا عليه نبي الله. عن علي عليه السلام: أن امرأة الوليد بن عقبة جاءت إلي النبي صلي الله عليه وآله وسلم تشتكي إليه الوليد، وقالت: إنه يضربها، فقال لها: ارجعي إليه وقولي له: إن رسول الله قد أجارني، فانطلقت، فمكث ساعة، ثم رجعت فقالت: إنه ما أقلع عني، فقطع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم هدبة من ثوبه وقال: اذهبي بها إليه وقولي له: إن رسول الله قد أجارني، فانطلقت فمكثت ساعة ثم رجعت [ صفحه 149] فقالت: ما زادني إلا ضربا، فرفع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يده ثم قال: اللهم عليك بالوليد مرتين أو ثلاثا [493] .

من للصبية

لما أخذ عقبة والد الوليد ليضرب عنقه قال: من للصبية يا محمد؟ فقال: " النار، اضربوا عنقه ". فبين النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن أبناء عقبة في النار، وقد كان الوليد في بدر صبيا.

بغض الوليد لآل البيت

جاء في شرح النهج: " أن الوليد بن عقبة بن أبي معيط كان يبغض عليا ويشتمه... وكان الوليد مذموما معيبا عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يهمله ويعرض عنه، وكان الوليد يبغض رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ويشنؤه وأبوه عقبة بن أبي معيط هو العدو الأزرق بمكة، والذي كان يؤذي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في نفسه وأهله، وأخباره في ذلك مشهورة، فلما ظفر به يوم بدر ضرب عنقه، وورث ابنه الوليد الشنآن والبغض لمحمد صلي الله عليه وآله وسلم وأهله، فلم يزل عليهما إلي أن مات... [ صفحه 150] عن مغيرة الضبي قال: مر ناس بالحسن بن علي عليه السلام، وهم يريدون عيادة الوليد بن عقبة، وهو في علة له شديدة، فأتاه الحسن عليه السلام معهم عائذا، فقال للحسن: أتوب إلي الله تعالي مما كان بيني وبين جميع الناس، إلا ما كان بيني وبين أبيك، فإني لا أتوب منه [494] . وقال الوليد لعقيل بن أبي طالب في مجلس معاوية "... وإن أخاك - يقصد عليا - لأشد هذه الأمة عذابا " [495] !! إن من أسباب بغض الوليد لعلي هو ضربه إياه الحد في ولاية عثمان وقتله أباه. أجل بقي علي بغض علي عليه السلام، والنبي يقول: " يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق " [496] .

امارة الكوفة

قلنا إن عثمان قرب بني أمية وخاصة أقرباءه، وأغدق عليهم الأموال، وقسم عليهم الولايات الإسلامية، وكان نصيب الوليد الكوفة، حيث عزل عثمان سعد بن أبي وقاص وولي مكانه الوليد. [ صفحه 151] ولما قدم الوليد بن عقبة أميرا علي الكوفة أتاه ابن مسعود، فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت أميرا، فقال ابن مسعود: ما أدري أصلحت بعدنا أم فسد الناس [497] ؟! وكانت ولاية الوليد علي الكوفة سنة خمس وعشرين للهجرة، وكان فيها ما كان مما سنذكر بعضه.

هبة الخليفة عثمان للوليد من مال المسلمين

الغدير: 8 / 383. أعطي الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية أخا الخليفة من أمه ما استقرض عبد الله بن مسعود من بين مال المسلمين ووهبه له. قال البلاذري في الأنساب [498] : لما قدم الوليد الكوفة ألفي ابن مسعود علي بيت المال فاستقرضه مالا وقد كانت الولاة تفعل ذلك ثم ترد ما تأخذ، فأقرضه عبد الله ما سأله، ثم إنه اقتضاه إياه، فكتب الوليد في ذلك إلي عثمان، فكتب عثمان إلي عبد الله بن مسعود: إنما أنت خازن لنا فلا تعرض للوليد فيما أخذ من المال. فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال: كنت أظن أني خازن للمسلمين، فأما إذا كنت خازنا لكم فلا حاجة لي في ذلك، وأقام بالكوفة بعد إلقائه مفاتيح بيت المال. وعن عبد الله بن سنان قال: خرج علينا ابن مسعود، ونحن في [ صفحه 152] المسجد، وكان علي بيت مال الكوفة، وفي الكوفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط فقال: يا أهل الكوفة فقدت من بيت مالكم الليلة مائة ألف لم يأتني بها كتاب أمير المؤمنين، ولم يكتب لي بها براءة، قال: فكتب الوليد بن عقبة إلي عثمان في ذلك فنزعه عن بيت المال. العقد الفريد [499] .

الوليد في الكوفة

كانت للوليد أعمال في الكوفة جعلت الناس ينقمون عليه، فحينما قدم الكوفة قدم عليه أبو زبيد - نديمه النصراني - فأنزله دار عقيل بن أبي طالب علي باب المسجد، وهي التي تعرف بدار القبطي، فكان مما احتج به عليه أهل الكوفة أن أبا زبيد كان يخرج إليه من داره وهو نصراني يخترق المسجد فيجعله طريقا. وكان أبو زبيد هذا يسمر عند الوليد ويشرب معه، وقد اقتطع الوليد الحمي - وهي ما بين القصور الحمر من الشام، إلي القصور الحمر من الحيرة والتي كانت بيد مري بن أوس اقتطعها منه وأعطاها لأبي زبيد [500] . وقد اختص الوليد ساحرا يهوديا كان يفن الناس، وكان [ صفحه 153] يريه كتيبتين تقتتلان فتحمل إحداهما علي الأخري فتهزمها، ثم يقول له: أيسرك أن أريك المنهزمة تغلب الغالبة فتهزمها؟ فيقول: نعم، فجاء جندب الأزدي مشتملا علي سيفه، فقال: أفرجوا لي، فأفرجوا فضربه حتي قتله، فحبسه الوليد قليلا ثم تركه. وروي أن جندبا لما قتل الساحر حبسه الوليد، فقال له دينار بن دينار: فيما حبست هذا وقد قتل من أعلن بالسحر في دين محمد صلي الله عليه وآله وسلم؟ ثم مضي إليه فأخرجه من الحبس، فأرسل الوليد إلي دينار بن دينار فقتله [501] .

امام الصلاة سكران

أخرج [502] البلاذري في الأنساب [503] من طريق محمد بن سعد، بالإسناد عن أبي إسحاق الهمداني: أن الوليد بن عقبة شرب فسكر فصلي بالناس الغداة ركعتين [504] ثم التفت فقال: أزيدكم؟ فقالوا: لا قد قضينا صلاتنا، ثم دخل عليه بعد ذلك أبو زينب وجندب بن زهير [ صفحه 154] الأزدي وهو سكران فانتزعا خاتمه من يده وهو لا يشعر سكرا. قال أبو إسحاق: وأخبرني مسروق أنه حين صلي لم يرم حتي قاء فخرج في أمره إلي عثمان أربعة نفر: أبو زينب، وجندب بن زهير، وأبو حبيبة الغفاري، والصعب بن جثامة، فأخبروا عثمان خبره، فقال عبد الرحمن بن عوف: ما له؟ أجن؟ قالوا: لا ولكنه سكر. قال: فأوعدهم عثمان وتهددهم، وقال لجندب: أنت رأيت أخي [505] يشرب الخمر؟ قال. معاذ الله، ولكني أشهد أني رأيته سكران يقلسها من جوفه، وأني أخذت خاتمه من يده وهو سكران لا يعقل. قال أبو إسحاق: فأتي الشهود عائشة فأخبروها بما جري بينهم وبين عثمان، وأن عثمان زبرهم، فنادت عائشة: أن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود. وقال الواقدي: وقد يقال: إن عثمان ضرب بعض الشهود أسواطا، فأتوا عليا فشكوا ذلك إليه. فأتي عثمان فقال: " عطلت الحدود وضربت قوما شهدوا علي أخيك فقلبت الحكم، وقد قال عمر: لا تحمل بني أمية وآل أبي معيط خاصة علي رقاب الناس " قال: فما تري؟ قال: " أري أن تعزله ولا توليه شيئا من أمور المسلمين، وأن تسأل عن الشهود فإن لم يكونوا أهل ظنة ولا عداوة أقمت علي صاحبك [ صفحه 155] الحد ". قال: ويقال: إن عائشة أغلظت لعثمان وأغلظ لها، وقال: وما أنت وهذا؟ إنما أمرت أن تقري في بيتك. فقال قوم مثل قوله: وقال آخرون: ومن أولي بذلك منها، فاضطربوا بالنعال، وكان ذلك أول قتال بين المسلمين بعد البني صلي الله عليه وآله وسلم. وأخرج من عدة طرق: أن طلحة والزبير أتيا عثمان فقالا له: قد نهيناك عن تولية الوليد شيئا من أمور المسلمين فأبيت وقد شهد عليه بشرب الخمر والسكر فاعزله، وقال له علي: " اعزله وحده إذا شهد الشهود عليه في وجهه ". فولي عثمان سعيد بن العاص الكوفة وأمره بإشخاص الوليد، فلما قدم سعيد الكوفة غسل المنبر ودار الإمامة وأشخص الوليد، فلما شهد عليه في وجهه وأراد عثمان أن يحده ألبسه جبة حبر وأدخله بيتا، فجعل إذا بعث إليه رجلا من قريش ليضربه قال له الوليد: أنشدك الله أن تقطع رحمي وتغضب أمير المؤمنين عليك. فيكف. فلما رأي ذلك علي بن أبي طالب أخذ السوط ودخل عليه ومعه ابنه الحسن، فقال له الوليد مثل تلك المقالة، فقال له الحسن: صدق يا أبت، فقال علي: ما أنا إذا بمؤمن. وجلده بسوط له شعبتان، وفي لفظ: فقال علي للحسن ابنه: قم يا بني فاجلده، فقال عثمان: يكفيك ذلك بعض من تري، فأخذ علي السوط ومشي إليه فجعل يضربه والوليد يسبه، وفي لفظ الأغاني: فقال له الوليد نشدتك بالله وبالقرابة، فقال له علي: " أسكت أبا وهب فإنما هلكت بنو إسرائيل بتعطيلهم [ صفحه 156] الحدود " فضربه وقال: " لتدعوني قريش بعد هذا جلادها ". قالوا: وسئل عثمان أن يحلق وقيل له: إن عمر حلق مثله، فقال: قد كان فعل ذلك ثم تركه. وقال أبو مخنف وغيره: خرج الوليد بن عقبة لصلاة الصبح وهو يميل فصلي ركعتين ثم التفت إلي الناس فقال: أزيدكم؟ فقال له عتاب بن علائق أحد بني عوافة بن سعد وكان شريفا: لا زادك الله مزيد الخير، ثم تناول حفنة من حصي فضرب بها وجه الوليد وحصبه الناس وقالوا: والله ما العجب إلا ممن ولاك، وكان عمر بن الخطاب فرض لعتاب هذا مع الأشراف في ألفين وخمسمائة. وذكر بعضهم: أن القئ غلب علي الوليد في مكانه، وقال يزيد بن قيس الأرحبي، ومعقل بن قيس الرياحي: لقد أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمة محمد صلي الله عليه وآله وسلم. وفي الوليد يقول الحطيئة جرول بن أوس بن مالك العبسي: شهد الحطيئة يوم يلقي ربه أن الوليد أحق بالعذر نادي وقد نفدت [506] صلاتهم أأزيدكم؟ ثملا وما يدري ليزيدهم خيرا ولو قبلوا منه لزادهم علي عشر فأبوا أبا وهب ولو فعلوا لقرنت بين الشفع والوتر حبسوا عنانك إذ جريت ولو خلو عنانك لم تزل تجري [507] . [ صفحه 157] وذكر أبو الفرج في الأغاني [508] ، وأبو عمر في الإستيعاب [509] بعد هذه الأبيات للحطيئة أيضا قوله: تكلم في الصلاة وزاد فيها علانية وجاهر بالنفاق ومج الخمر في سنن المصلي ونادي والجميع إلي افتراق أزيدكم علي أن تحمدوني فما لكم وما لي من خلاق ثم قال أبو عمر: وخبر صلاته بهم وهو سكران وقوله: أزيدكم؟ بعد أن صلي الصبح أربعا مشهور من رواية الثقات من نقل أهل الحديث وأهل الأخبار. وهكذا جاء في مسند أحمد [510] ، سنن البيهقي [511] ، تاريخ اليعقوبي [512] وقال: تهوع في المحراب، كامل ابن الأثير [513] ، أسد الغابة [514] وقال: قوله لهم: أزيدكم؟ بعد أن صلي الصبح أربعا مشهور من رواية الثقات من أهل الحديث. ثم ذكر حديث الطبري [515] في تعصب [ صفحه 158] القوم علي الوليد وقول عثمان له: يا أخي اصبر فإن الله يؤجرك ويبوء القوم بإثمك. فقال: قال أبو عمر [516] : والصحيح عند أهل الحديث أنه شرب الخمر وتقيأها، وصلي الصبح أربعا. تاريخ أبي الفداء [517] ، الإصابة [518] وقال: قصة صلاته بالناس الصبح أربعا وهو سكران مشهورة مخرجة، تاريخ الخلفاء للسيوطي [519] ، السيرة الحلبية [520] وقال: صلي بأهل الكوفة أربع ركعات وصار يقول في ركوعه وسجوده: إشرب واسقني. ثم قاء في المحراب ثم سلم وقال: هل أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود رضي الله عنه: لا زادك الله خيرا ولا من بعثك إلينا، وأخذ فردة خفه وضرب به وجه الوليد وحصبه الناس، فدخل القصر والحصباء تأخذه وهو مترنح. إلخ. وحكي أبو الفرج في الأغاني [521] عن أبي عبيد والكلبي والأصمعي: أن الوليد بن عقبة كان زانيا شريب خمر فشرب الخمر، بالكوفة وقام ليصلي بهم الصبح في المسجد الجامع، فصلي بهم أربع ركعات ثم التفت إليهم وقال لهم: أزيدكم؟ وتقيأ في المحراب وقرأ بهم [ صفحه 159] في الصلاة وهو رافع صوته: علق القلب الربابا بعد ما شابت وشابا وذكره نقلا عن عمر بن شبة [522] ، وروي من طريق المدائني عن الزهري أنه قال [523] : خرج رهط من أهل الكوفة إلي عثمان في أمر الوليد فقال: أكلما غضب رجل منكم علي أميره رماه بالباطل؟ لئن أصبحت لكم لأنكلن بكم، فاستجاروا بعائشة وأصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا وكلاما فيه بعض الغلظة، فقال: أما يجد مراق أهل العراق وفساقهم ملجأ إلا بيت عائشة. فسمعت فرفعت نعل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقالت: تركت سنة رسول الله صاحب هذا النعل. فتسامع الناس فجاءوا حتي ملأوا المسجد فمن قائل: أحسنت، ومن قائل: ما للنساء ولهذا؟ حتي تحاصبوا وتضاربوا بالنعال، ودخل رهط من أصحاب رسول الله علي عثمان فقالوا له: إتق الله لا تعطل الحد واعزل أخاك عنهم، فعزله عنهم. وأخرج من طريق مطر الوراق قال: قدم رجل المدينة فقال لعثمان: إني صليت الغداة خلف الوليد بن عقبة فالتفت إلينا فقال: أزيدكم؟ إني أجد اليوم نشاطا، وأنا أشم منه رائحة الخمر. فضرب عثمان الرجل، فقال الناس: عطلت الحدود، وضربت الشهود. [ صفحه 160] وروي ابن عبد ربه قصة الصلاة في العقد الفريد [524] وفيه: صلي بهم الصبح ثلاث ركعات وهو سكران. الخ. وجاء في صحيح البخاري [525] في مناقب عثمان في حديث: قد أكثر الناس فيه. قال ابن حجر في فتح الباري [526] في شرح الجملة المذكورة: ووقع في رواية معمر: وكان أكثر الناس فيما فعل به، أي من تركه إقامة الحد عليه - علي الوليد: وإنكارهم عليه عزل سعد بن أبي وقاص [527] . قال ابن عبد البر: " أخباره - الوليد - في شرب الخمر ومنادمته أبا زبيد الطائي مشهورة كثيرة ". وقال: " وله أخبار فيها نكارة وشناعة تقطع علي سوء حاله كذلك [528] ". قال الأميني [529] : الوليد هو هذا الذي تسمع حديثه، تراه يشرب الخمر، ويقئ في محرابه، ويزيد في الصلاة من سورة السكر، وينتزع خاتمه من يده فلا يشعر به من شدة الثمل، وقد عرفه الله تعالي قبل يومه [ صفحه 161] هذا بقوله عز من قائل (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) [530] ويقولها (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) [531] . فهل من الممكن أن يحوز مثله حنكة الولاية عن إمام المسلمين؟ فيحتنك النفوس ويستحوذ علي الأموال، ويستولي علي النواميس والأعراض، وتؤخذ منه الأحكام وتلقي إليه أزمة البسط والقبض في حاضرة المسلمين، ويؤمهم علي الجمعة والجماعة؟ هل هذا شئ يكون في الشريعة؟ أعزب عني واسأل الخليفة الذي ولاه وزبر الشهود عليه وتوعدهم أو ضربهم بسوطه. وهب أن الولاية سبقت منه لكن الحد الذي ثبت موجبه وليم علي تعطيله ما وجه إرجائه إلي حين إدخال الرجل في البيت مجللا بجبة حبر وقاية له عن ألم السياط؟ ثم من دخل عليه ليحده دافعه المحدود بغضب الخليفة وقطع رحمه، فهل كان الخليفة يعلم بنسبة الغضب إليه علي إقامة حد الله وإيثار رحمه علي حكم الشريعة؟ فيغض الطرف عنه رضا منه بما يقول، أولا يبلغه؟ وهو خلاف سياق الحديث الذي ينم عن اطلاعه علي كل ما هنالك، وكان يتعلل عن إقامة الحد بكل تلكم الأحوال، حتي أنه منع السبط المجتبي الحسن عليه السلام لما علم أنه لا يجنح إلي الباطل بالرقة عليه [ صفحه 162] وأحب أن يجلده زبانيته الذين يتحرون مرضاته، لكن غلب أمر الله ونفذ حكمه بمولانا أمير المؤمنين الذي باشر الحد بنفسه والظالم يسبه وهو سلام الله عليه لا تأخذه في الله لومة لائم، أو أمر - سلام الله عليه - عبد الله ابن جعفر فجلده وهو عليه السلام يعد كما في الصحيح لمسلم [532] والأغاني [533] وغيرهما. وهل الحد يعطل بعد ثبوت ما يوجبه، حتي يقع عليه الحجاج، ويحتدم الحوار فيعود الجدال جلادا، وتتحول المكالمة ملاكمة، وتعلو النعال والأحذية، ويشكل أول قتال بين المسلمين بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وعقيرة أم المؤمنين مرتفعة: إن عثمان عطل الحدود وتوعد الشهود. ويوبخه علي ذلك سيد العترة - صلوات الله عليه - بقوله: " عطلت الحدود وضربت قوما شهدوا علي أخيك " وهل بعد هذه كلها يستأهل مثل هذا الفاسق المهتوك بلسان الكاب العزيز أن يبعث علي الأموال؟ كما فعله عثمان وبعث الرجل بعد إقامة الحد عليه علي صدقات كلب وبلقين [534] ، وهل آصرة الإخاء تستبيح ذلك كله؟ ليست ذمتي رهينة بالجواب عن هذه الأسئلة وإنما علي سرد القصة مشفوعة بالتعليل والتحليل، وأما الجواب فعلي عهدة أنصار [ صفحه 163] الخليفة، أو أن المحكم فيه هو القارئ الكريم [535] .

بين الوليد والإمام الحسن

الغدير: 8 / 388. قال الإمام الحسن عليه السلام للوليد في مجلس معاوية: " وأما أنت يا وليد فوالله ما ألومك علي بغض علي وقد جلدك ثمانين في الخمر وقتل أباك بين يدي رسول الله صبرا، وأنت الذي سماه الله الفاسق، وسمي عليا المؤمن حيث تفاخرتما فقلت له: أسكت يا علي فأنا أشجع منك جنانا، وأطول منك لسانا، فقال لك علي: أسكت يا وليد فأنا مؤمن، وأنت فاسق. فأنزل الله تعالي في موافقته قوله: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون). ثم أنزل فيك علي موافقة قوله أيضا: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) ويحك يا وليد مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر [536] فيك وفيه: أنزل الله والكتاب عزيز في علي وفي الوليد قرآنا فتبوأ الوليد إذ ذاك فسقا وعلي مبوأ إيمانا ليس من كان مؤمنا عمرك الله كمه كان فاسقا خوانا سوف يدعي الوليد بعد قليل وعلي إلي الحساب عيانا فعلي يجزي بذلك جنانا ووليد يجزي بذلك هوانا [ صفحه 164] رب جد لعقبة بن أبان [537] . لابس في بلادنا تبانا وما أنت وقريش؟ إنما أنت علج من أهل صفورية، وأقسم بالله لأنت أكبر في الميلاد وأسن ممن تدعي إليه ". شرح ابن أبي الحديد [538] : قال الأميني: وإن شئت فسل الخليفة عثمان عن تأهيله إياه للولاية علي صدقات بني تغلب ثم للإمارة علي الكوفة، وائتمانه علي أحكام الدين وأعراض المسلمين، وتهذيب الناس ودعوتهم إلي الدين الحنيف وإسقاط ما عليه من الدين لبيت مال المسلمين وإبراء ذمته عما عليه من مال الفقراء هل في الشريعة الطاهرة تسليط مثل الرجل علي ذلك كله؟ أنا لا أعرف لذلك جوابا، ولعلك تجد عند الخليفة ما يبرر عمله، أو تجد عند ابن حجر بعد اعترافه بصحة ما قلناه، وأنه جاء من طريق الثقات جوابا منحوتا لا نعرف المحصل منه. قال في تهذيب التهذيب [539] : قد ثبتت صحبته وله ذنوب أمرها إلي الله تعالي والصواب السكوت. انتهي. أما نحن فلا نري السكوت صوابا بعد أن لم يسكت عنه الذكر الحكيم وسماه فاسقا في موضعين، (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا [ صفحه 165] يستوون)، ومهم سكتنا عن أمر بينه وبين الله سبحانه فليس من السائغ أن نسكت عن ترتيب آثار العدالة عليه والرواية عنه وهو فاسق في القرآن، متهتك بالجرائم علي رؤوس الأشهاد، متعد حدود الله (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) [540] . لقد كانت حادثة شرب الوليد الخمر والقئ في المحراب سنة تسع وعشرين وبعدها عزل عن الكوفة وتولي إمارتها سعيد بن العاص، وقد سكن الوليد المدينة ثم نزل الكوفة وبني بها دارا.

مع معاوية

بعد مقتل عثمان، كان الوليد من المطالبين بدمه، وكان يتهم عليا في ذلك، وقيل إنه شهد صفين مع معاوية، وكان يحرض معاوية ضد علي في كتبه وأشعاره، من ذلك أن عليا عليه السلام أرسل جريرا يأمر معاوية بأن يدخل في الطاعة، ويأخذ البيعة علي أهل الشام. فبلغ ذلك الوليد فكتب إلي معاوية من أبيات: أتاك كتاب من علي بخطة هي الفصل فاختر سلمه أو تحاربه فإن كنت تنوي أن تجيب كتابه فقبح ممليه وقبح كاتبه وكتب إليه أيضا من أبيات: [ صفحه 166] وإنك والكتاب إلي علي كدابغة وقد حلم الأديم [541] . وكان علي عليه السلام إذا صلي الغداة يقنت فيلعن الوليد ومعاوية [542] .

موت الوليد

هلك الوليد في خلافة معاوية، وكان قد نزل الرقة، واستقر بها فمات هناك... ومات أبو زبيد - نديمه النصراني - هناك فدفنا جميعا في موضع واحد، فقال في ذلك أشجع السلمي وقد مر بقبريهما: مررت علي عظام أبي زبيد وقد لاحت ببلقعة صلود فكان له الوليد نديم صدق فنادم قبره قبر الوليد وما أدري بمن تبدوا المنايا بحمزة أم بأشجع أم يزيد قراءة في مسار الأموي - مروان خليفات - ص 166 قيل: هم إخوته، وقيل: ندماؤه [543] .

پاورقي

[1] تاريخ اليعقوبي: 2 / 60.
[2] الكامل في التاريخ: 2 / 326.
[3] الكامل في التاريخ: 2 / 326.
[4] المستدرك علي الصحيحين: 3 / 468.
[5] الإمامة والسياسة: 1 / 185.
[6] الإمامة والسياسة: 1 / 185.
[7] تاريخ الخلفاء: 195.
[8] تاريخ الخلفاء: 195.
[9] المصدر السابق: 204. [
[10] الصدر السابق: 204.
[11] الكامل في التاريخ: 3 / 522.
[12] الكامل في التاريخ: 3 / 233.
[13] المصدر السابق.
[14] شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد: 1 / 12 - 16.
[15] المصدر السابق: 1 / 358.
[16] أسد الغابة: 6 / 148.
[17] كتاب النزاع والتخاصم: 54.
[18] لسان العرب: 6 / 91.
[19] الجاثية: 24.
[20] الغدير: 3 / 355 - 356، 10 / 114.
[21] سيرة ابن هشام: 1 / 283، 2 / 58. (المؤلف).
[22] سيرة ابن هشام: 2 / 126. (المؤلف).
[23] هذا كلام المقريزي في " النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم " ص 52 و 53 نقله الأميني رحمه الله عنه.
[24] انتهي نص الغدير: 3 / 356.
[25] الغدير: 3 / 356 والكلام منقول عن " النزاع والتخاصم ".
[26] انتهي نص الغدير ونص " النزاع والتخاصم " 3 / 356 وراجع: الإستيعاب بهامش الإصابة: 4 / 86.
[27] غافر: 84.
[28] الإستيعاب بهامش الإصابة: 4 / 87 - 88.
[29] الغدير: 3 / 355.
[30] كتاب نصر بن مزاحم في حرب صفين: ص 195. (المؤلف).
[31] تذكرة الخواص: ص 200 - 201، شرح نهج البلاغة: 6 / 288 خطبة 83، جمهرة خطب العرب: 2 / 22 رقم 18، الغدير: 10 / 237.
[32] الغدير 3 / 357.
[33] هو جرير بن عبد المسيح من بني ضبيعة، توجد ترجمته في الشعر والشعراء لابن قتيبة ص 99 ومعجم الشعراء (المؤلف).
[34] الكامل لابن الأثير: 2 / 11 حوادث سنة 11 ه (المؤلف).
[35] العقد الفريد: 4 / 85، الغدير: 3 / 357.
[36] هذا البيت من جملة أبيات النعمان بن امرئ القيس. (المؤلف).
[37] الغدير: 3 / 356، وخبر عبد الله بن الزبير نقله صاحب الغدير عن " كتاب النزاع والتخاصم " 54.
[38] الغدير: 8 / 392.
[39] الإستيعاب: القسم الرابع / 1678 - 1679 رقم 3005.
[40] تاريخ الأمم والملوك: 10 / 58 حوادث سنة 284 ه.
[41] مروج الذهب: 2 / 360، وراجع " كتاب النزاع والتخاصم " ص 56، وهنا انتهي نص الغدير: 8 / 392.
[42] شرح النهج: 1 / 199، خطبة 3.
[43] الغدير: 8 / 392.
[44] المصدر السابق.
[45] تاريخ مدينة دمشق: 23 / 471 رقم 2849، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 67.
[46] في المصدر: هاهنا أحد؟.
[47] في الإصابة: بم.
[48] الإصابة: 2 / 179، انتهي نص الغدير: 8 / 393، مستدرك الحاكم: 3 / 488 ح 6065.
[49] مستدرك الحاكم: 3 / 488 ح 6065.
[50] الغدير: 8 / 113.
[51] تاريخ مدينة دمشق: 23 / 464 رقم 9482، وفي تهذيب تاريخ دمشق: 6 / 407.
[52] كذا في المصدر.
[53] سيرة ابن هشام: 3 / 99، تاريخ ابن عساكر: 23 / 444 رقم 2849، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 53 - 54، عيون الأثر: 1 / 424، تفسير القرطبي: 4 / 151. (المؤلف).
[54] تفسير الطبري: مج 6 / ج 10 / 87، تاريخ ابن عساكر: 23 / 438 رقم 849 وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 51، تفسير ابن جزي: 2 / 71، تفسير السيوطي 4 / 136، تفسير الخازن: 2 / 208، تفسير الآلوسي: 10 / 59. والآية رقم 12 سورة التوبة. (المؤلف).
[55] سورة الأنفال: 36.
[56] تفسير الطبري: مج 6 / ج 9 / 244، تاريخ ابن عساكر: 23 / 438 رقم 849، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 51، الكشاف: 2 / 219، تفسير الرازي: 15 / 160، تفسير ابن كثير: 2 / 308، تفسير الخازن: 2 / 184، تفسير الشوكاني: 2 / 307، تفسير الآلوسي: 9 / 204. (المؤلف).
[57] تفسير النسفي هامش تفسير الخازن: 2 / 103، تفسير الآلوسي: 9 / 206. والآية 38 سورة الأنفال. (المؤلف).
[58] سيرة ابن هشام: 1 / 283، 2 / 58. (المؤلف).
[59] سيرة ابن هشام: 2 / 126. (المؤلف).
[60] تفسير الطبري: مج 6 / ج 9 / 244، الكشاف: 2 / 219، تفسير الرازي: 15 / 160، تفسير الخازن: 2 / 184، تفسير الآلوسي: 9 / 204. (المؤلف).
[61] تفسير الطبري: مج 3 / ج 4 / 88، وأخرجه الترمذي في جامعه 5 / 212 ح 3004 كما في نيل الأوطار للشوكاني: 2 / 389، نصب الراية للزيلعي: 2 / 129، وأخرجه البخاري في المغازي: 4 / 1493 ح 3842، وفي التفسير 4 / 1661 ح 4283 بلفظ: فلانا وفلانا ولم يسم أحدا تحفظا علي كرامة أبي سفيان وشاكلته. (المؤلف).
[62] شرح ابن أبي الحديد: 6 / 290 - 291 خطبة 83. (المؤلف).
[63] راجع: تذكرة الخواص: ص 200 - 201، شرح نهج البلاغة 6 / 290 - 291 خطبه 83، جمهرة خطب العرب: 2 / 22 رقم 18.
[64] سيرة ابن هشام: 2 / 145. المؤلف).
[65] عني به سيدنا حمزة بن عبد المطلب. (المؤلف).
[66] الجلابيب جمع جلباب: الإزار الخشن، كان الكفار من أهل مكة يسمون من أسلم مع النبي صلي الله عليه وآله وسلم الجلابيب. (المؤلف).
[67] الخدب: الطعن النافذ إلي الجوف. المعطب: الذي يسيل دمه.
[68] الخطة: الخصلة الرفيعة. الضريب: الشبيه. راجع سيرة ابن هشام: 3 / 80. (المؤلف).
[69] عقق، إي يا عقق، يريد: يا عاق. (المؤلف).
[70] السيرة النبوية: 3 / 99.
[71] شرح نهج البلاغة: 16 / 136 كتاب 32.
[72] الإصابة: 2 / 179.
[73] الغدير: 10 / 119.
[74] الغدير: 3 / 357، نقلا عن " كتاب النزاع والتخاصم " ص 55.
[75] تاريخ الطبري 5 / 8 حوادث سنة 37 ه (المؤلف).
[76] شرح ابن أبي الحديد: 15 / 82 كتاب 10 و 16 / 135 كتاب 32. (المؤلف).
[77] تاريخ الأمم والملوك: 10 / 58 سنة 284 ه، كتاب صفين. طبعة مصر ص 217 وراجع الغدير: 3 / 252. (المؤلف).
[78] شرح نهج البلاغة: 15 / 196 كتاب 28.
[79] الغدير: 10 / 118.
[80] الغدير: 8 / 393 و 10 / 188.
[81] تاريخ مدينة دمشق: 23 / 449 رقم 2849، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 43.
[82] الإصابة: 2 / 180.
[83] شرح نهج البلاغة: 6 / 288 - 289.
[84] أنظر الغدير: 8 / 446 - 447، 10 / 119.
[85] راجع: أسد الغابة: 2 / 37، الإصابة: 1 / 345.
[86] أسد الغابة: 2 / 37.
[87] الإصابة: 1 / 345.
[88] الغدير: 8 / 344.
[89] الإستيعاب القسم الأول 359 - 360 رقم 529، أسد الغابة: 2 / 37 و 38 رقم 1217، الغدير: 8 / 344.
[90] السيرة الحلبية: 1 / 317، كنز العمال: 6 / 40 ح 31066، أسد الغابة: 2 / 37، الإصابة: 1 / 346.
[91] الإصابة: 1 / 345.
[92] حياة الحيوان للدميري: 1 / 276. (المؤلف).
[93] السيرة النبوية: 2 / 57.
[94] المعجم الكبير: 3 / 214 ح 3167.
[95] كذا في الإصابة، وفي المعجم الكبير: أنت.
[96] الوزغ: الارتعاش والرعدة. (المؤلف).
[97] الإصابة: 1 / 345، 346 رقم 1781، السيرة الحلبية: 1 / 317، الفائق للزمخشري: 4 / 57 - 58، تاج العروس: 6 / 35. (المؤلف).
[98] أنساب الأشراف: 5 / 27 (المؤلف).
[99] العنزة: عصا قدر نصف الرمح أو أكثر، فيها سنان مثل سنان الرمح. [
[100] أنساب الأشراف: 5 / 125. (المؤلف).
[101] السيرة الحلبية: 1 / 317.
[102] المدري كالمسلة يفرق به شعر الرأس.
[103] أسد الغابة: 2 / 37 و 38 رقم 1217.
[104] الإستيعاب: القسم الأول / 360 رقم 529. (المؤلف).
[105] تطهير الجنان: 63.
[106] مسند أحمد: 2 / 347 ح 6484.
[107] أنساب الأشراف: 5 / 126.
[108] المستدرك علي الصحيحين: 4 / 528 ح 8484.
[109] السيرة الحلبية: 1 / 317.
[110] وذكره الدميري في حياة الحيوان: 2 / 422، وابن حجر في الصواعق: ص 181، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه: كنز العمال: 11 / 357 ح 31729 نقلا عن أبي يعلي، والطبراني، والحاكم والبيهقي، وابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق: 24 / 191 ترجمة مروان بن الحكم. (المؤلف).
[111] تطهير الجنان: ص 64.
[112] المستدرك علي الصحيحين: 4 / 528 - 529 ح 8485.
[113] المعجم الكبير: 12 / 336 ح 13602.
[114] الدع: الطرد والدفع.
[115] زنمة: هي شئ يقطع من أذن الشاة ويترك معلقا بها.
[116] كنز العمال: 11 / 165 ح 31060، ص 359 ح 3174.
[117] مختصر تاريخ دمشق: 24 / 191.
[118] كنز العمال: 11 / 357 ح 31732 و 31733.
[119] المصدر السابق: 11 / 361 ح 31746.
[120] السنن الكبري: 6 / 458 ح 11491.
[121] الأحقاف: 17.
[122] قال الزمخشري: افتظظت الكرش إذا اعتصرت ماءها، كأنه عصارة قذرة من اللعنة. (المؤلف).
[123] المستدرك علي الصحيحين: 4 / 528 ح 8483.
[124] الجامع لأحكام القرآن: 16 / 131.
[125] الكشاف: 4 / 304.
[126] الفائق في غريب الحديث: 4 / 102.
[127] تفسير ابن كثير: 4 / 195.
[128] التفسير الكبير: 28 / 23.
[129] أسد الغابة: 2 / 38 رقم 1217.
[130] النهاية في غريب الحديث والأثر: 3 / 454.
[131] شرح نهج البلاغة: 6 / 150 خطبة 72.
[132] تفسير غرائب القرآن للنيسابوري: 6 / 121.
[133] الإجابة: ص 129 - 130 باب 2 فصل 8.
[134] تفسير النسفي: 4 / 143 - 144.
[135] الصواعق المحرقة: ص 181.
[136] إرشاد الساري: 11 / 69.
[137] لسان العرب: 10 / 279.
[138] الدر المنثور: 7 / 444.
[139] حياة الحيوان: 2 / 422.
[140] السيرة الحلبية: 1 / 317.
[141] تاج العروس: 5 / 69.
[142] فتح القدير: 5 / 21.
[143] تفسير الآلوسي: 26 / 20.
[144] السيرة النبوية لزيني دحلان: 1 / 117.
[145] الغدير: 8 / 348.
[146] أسد الغابة 2 / 35 - 36.
[147] صحيح البخاري: 4 / 1827 ح 4550.
[148] كلمة (عليه) غير موجودة في المصدر. والصحيح - ظاهرا - ذكرها لحاجة السياق إليها.
[149] البداية والنهاية: 8 / 76 حوادث سنة 53 ه.
[150] سورة القلم: 10، 11.
[151] الدر المنثور: 7 / 444، 8 / 246.
[152] السيرة الحلبية: 1 / 317.
[153] فتح القدير: 5 / 270.
[154] تفسير الآلوسي: 29 / 28.
[155] السيرة النبوية: 1 / 117.
[156] الدر المنثور: 5 / 309، 310.
[157] السيرة الحلبية: 1 / 317.
[158] فتح القدير: 3 / 240.
[159] روح المعاني: 15 / 107.
[160] الجامع لأحكام القرآن: 10 / 185.
[161] الإسراء: 60.
[162] دلائل النبوة: 6 / 509.
[163] مختصر تاريخ دمشق: 24 / 191.
[164] وفي بعض المصادر: ابن عمر. (المؤلف).
[165] كما في تفسير الخازن: 3 / 169.
[166] دلائل النبوة: 6 / 511.
[167] مختصر تاريخ دمشق: 24 / 190.
[168] جامع البيان: مج 9 / ج 15 / 112 - 113.
[169] تاريخ الأمم والملوك: 10 / 58 حوادث سنة 284 ه.
[170] المستدرك علي الصحيحين: 4 / 527 ح 8481.
[171] تاريخ بغداد: 8 / 28.
[172] تفسير غرائب القرآن للنيسابوري: 4 / 361 - 362، 2 / 362.
[173] الجامع لأحكام القرآن: 10 / 183 - 185.
[174] النزاع والتخاصم: ص 79.
[175] أسد الغابة: 2 / 14 رقم 1165.
[176] سنن الترمذي: 5 / 414 ح 3350.
[177] تطهير الجنان: ص 65.
[178] الخصائص الكبري للسيوطي: 2 / 200.
[179] الدر المنثور: 5 / 309.
[180] كنز العمال: 11 / 358 ح 31736 - 31737.
[181] تفسير الخازن: 3 / 169.
[182] فتح القدير: 3 / 240.
[183] روح المعاني: 15 / 107.
[184] الأحزاب: 57.
[185] سورة محمد: 22، 23.
[186] مستدرك الحاكم: 4 / 534 ح 8500. وصححه. (المؤلف).
[187] في كنز العمال: دخلا.
[188] مستدرك الحاكم: 4 / 526 ح 8476، وأخرجه ابن عساكر كما في كنز العمال: 11 / 165 ح 31058. (المؤلف).
[189] الإصابة: 1 / 353.
[190] كنز العمال: 11 / 165 ح 31059، ص 363 ح 31750.
[191] في المستدرك: حلام بن جذل. وفي شرح النهج: 8 / 257: جلام بن جندل.
[192] المستدرك علي الصحيحين: 4 / 527 ح 8478، وكذا في التلخيص.
[193] مسند أحمد: 3 / 498 ح 11349، و 2 / 347 ح 6483، مختصر تاريخ دمشق: 24 / 183، 28 / 290، مسند أبي يعلي: 2 / 383 ح 1152، المعجم الكبير: 12 / 182 ح 12982، كنز العمال: 11 / 165 ح 31055، ص 359 ح 31738.
[194] تطهير الجنان: ص 64. وفيه: دغلا، بدلا من: دخلا.
[195] تطهير الجنان: ص 63.
[196] كنز العمال: 11 / 364 ح 31755.
[197] الصواعق المحرقة: 181.
[198] حياة الحيوان: 2 / 422.
[199] صحيح البخاري: 5 / 2339 ح 6000 كتاب الدعوات، صحيح مسلم: 5 / 170 ح 91 كتاب البر والصلة وبزيادة: يوم القيامة، في ذيل الحديث. (المؤلف).
[200] النجم: 3 - 4.
[201] أخرجه أحمد في المسند: 2 / 24 ح 4250، والبخاري في الصحيح: 5 / 2247 ح 5697، والترمذي في السنن: 5 / 22 ح 2635، والنسائي في السنن الكبري: 2 / 313 - 314 ح 3567 - 3578، وابن ماجة في السنن: 2 / 1299 ح 3939 وغيرهم من طريق ابن مسعود. وابن ماجة في السنن 2 / 1299 - 1300 ح 3940 من طريق أبي هريرة، 3941 من طريق جابر وسعد بن أبي وقاص، والطبراني في المعجم الأوسط: 1 / 413 ح 738، والكبير: 17 / 39 ح 80 عن عبد الله بن المغفل وعمرو بن النعمان. وصححه غير واحد من الحفاظ، كالهيثمي في مجمع الزوائد: 8 / 73، والسيوطي في الدر المنثور: 1 / 530، والمناوي في فيض القدير: 4 / 84 ح 4633. (المؤلف).
[202] الأحزاب: 58.
[203] أخرجه البخاري: 9 / 522 / 2243 ح 5684، ومسلم في صحيحه: 2 / 5393 / 168 ح 87. (المؤلف).
[204] أبو هريرة: ص 35 - 45.
[205] التوبة: 101.
[206] الإبالة: الحزمة من الحطب.. الضغث: القبضة من الحشيش. ومعني المثل: بلية علي أخري. أنظر مجمع الأمثال: 2 / 260.
[207] الغدير: 8 / 359.
[208] منهاج السنة: 3 / 197.
[209] منهاج السنة: 3 / 196.
[210] ابن تيمية - حياته - عقائده، الأستاذ صائب عبد الحميد ص 284.
[211] من فزر الثوب: انشق وتقطع وبلي. (المؤلف).
[212] تاريخ اليعقوبي: 2 / 164.
[213] أنساب الأشراف: 5 / 28.
[214] أبو حي باليمن. (المؤلف).
[215] المعارف لابن قتيبة: ص 194، العقد الفريد: 4 / 103، محاضرات الراغب: مج 2 / ج 4 / 476، مرآة الجنان لليافعي: 1 / 85 نقلا عن الذهبي في تاريخ الإسلام: ص 365 - 366 حوادث سنة 31 ه (المؤلف).
[216] تاريخ اليعقوبي: 2 / 168.
[217] الأنساب للبلاذري: 5 / 27، الرياض النضرة: 3 / 80، أسد الغابة: 2 / 38. رقم 1217، السيرة الحلبية: 1 / 317، الإصابة: 1 / 345 رقم 1781. (المؤلف).
[218] السيرة الحلبية: 2 / 76 - 77.
[219] الأحزاب: 21.
[220] التوبة: 24.
[221] الأموال: ص 709 ح 1911.
[222] الأموال: ص 711 ح 1916.
[223] التوبة: 60.
[224] التوبة: 103.
[225] سنن البيهقي: 4 / 115. (المؤلف).
[226] سنن البيهقي: 4 / 115، الأموال لأبي عبيد: ص 681 ح 1799. (المؤلف).
[227] مستدرك الحاكم: 4 / 468 ح 8302 وكذا في التلخيص. (المؤلف).
[228] المائدة: 2.
[229] الأموال: ص 709 ح 1910.
[230] المحلي: 6 / 158.
[231] تاريخ بغداد 5 / 308.
[232] نهج البلاغة: ص 533 رقم 328.
[233] الأنساب للبلاذري: 5 / 27، الرياض النضرة: 3 / 80، مرآة الجنان لليافعي: 1 / 85، الصواعق: ص 113، السيرة الحلبية: 2 / 77. (المؤلف).
[234] الملل والنحل: 1 / 32.
[235] العقد الفريد: 4 / 18.
[236] تاريخ أبي الفداء: 1 / 168. (المؤلف).
[237] الغدير: 8 / 364.
[238] أسد الغابة: 5 / 144، الإصابة: 3 / 477.
[239] راجع: أسد الغابة: 5 / 144.
[240] نفس المصدر.
[241] الغدير: 8 / 367، المستدرك علي الصحيحين: 4 / 526 ح 8477.
[242] حياة الحيوان: 2 / 422.
[243] الصواعق المحرقة: ص 181.
[244] السيرة الحلبية: 1 / 317.
[245] شرح نهج البلاغة: 6 / 155 خطبة 72.
[246] المعارف: ص 195.
[247] تاريخ أبي الفداء: 1 / 168.
[248] أنساب الأشراف: 5 / 38.
[249] العقد الفريد: 4 / 103.
[250] أنساب الأشراف: 5 / 27، 28. (المؤلف).
[251] تاريخ ابن كثير: 7 / 170 حوادث سنة 27 ه. لا يخفي علي القارئ تحريف ابن كثير رواية الواقدي، والصحيح ما ذكره الطبري عنه، (المؤلف).
[252] تاريخ الأمم والملوك: 4 / 256 حوادث سنة 27 ه.
[253] الكامل في التاريخ: 2 / 237 حوادث سنة 27 ه.
[254] طبقات ابن سعد: 3 / 44 طبع ليدن 3 / 64، الأنساب للبلاذري: 5 / 25. (المؤلف).
[255] أنساب الأشراف: 5 / 28.
[256] شرح نهج البلاغة: 1 / 199 خطبة 3.
[257] في المصدر: والله لو.
[258] السيرة الحلبية: 2 / 78.
[259] الغدير 8 / 367.
[260] المعارف: ص 194 - 195.
[261] تاريخ أبي الفداء: 1 / 168.
[262] السنن الكبري: 6 / 301.
[263] العقد الفريد: 4 / 103.
[264] شرح نهج البلاغة: 1 / 198 - 199 خطبة 3.
[265] راجع الغدير: 7 / 195 - 197.
[266] حديث " نحن معاشر الأنبياء لا نورث... " الذي رواه أبو بكر عندما طالبته فاطمة عليها السلام بفدك.
[267] أسد الغابة: 2 / 37 رقم 1217، الإصابة: 1 / 346 رقم 1781، السيرة الحلبية: 1 / 317، كنز العمال: 11 / 167 ح 31066. (المؤلف).
[268] شرح نهج البلاغة: 6 / 150 خطبة 72.
[269] الإستيعاب: القسم الثالث / 1388 رقم 2370.
[270] أسد الغابة: 5 / 145 رقم 4841.
[271] كنز العمال: 11 / 167 ح 31067.
[272] هو بنو عبد الملك: الوليد، سليمان، يزيد، هشام. كذا فسره الناس وعند ابن أبي الحديد 6 / 147 - 148 خطبة 72 هم أولاد مروان: عبد الملك، بشر، محمد، عبد العزيز. (المؤلف).
[273] نهج البلاغة: ص 102 رقم 73.
[274] شرح نهج البلاغة: 6 / 148، خطبة 72.
[275] الطبقات الكبري: 5 / 43.
[276] تذكرة الخواص: ص 78.
[277] أنساب الأشراف: 5 / 126.
[278] أنظر ثمار القلوب: ص 76 رقم 103.
[279] أشار بقوله: مضروب القفا إلي ما وقع يوم الدار، فإن مروان ضرب يوم ذاك علي قفاه. (المؤلف).
[280] ورواهما وما قبلهما ابن الأثير في أسد الغابة: 5 / 145 رقم 4841. (المؤلف).
[281] أنساب الأشراف: 5 / 144.
[282] شرح نهج البلاغة: 6 / 151 خطبة 72.
[283] هو مرخم مروان.
[284] الشعر والشعراء: ص 221.
[285] بنت جعفر هي الهاشمية الشهيرة بأم أبيها بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب زوجة عبد الملك بن مروان. ثم طلقها فتزوجها علي بن عبد الله بن عباس. (المؤلف).
[286] الغدير: 8 / 370.
[287] مسند أحمد 5 / 58 ح 16415.
[288] مجمع الزوائد: 2 / 156.
[289] صحيح البخاري: 1 / 326 ح 913.
[290] كما ذكره أبو عمر في الإستيعاب القسم الثالث / 137 رقم 2370، وابن الأثير في أسد الغابة: 5 / 144 - 145 رقم 4841. (المؤلف).
[291] الأنفال: 41.
[292] المطلب أخو هاشم لأب وأم، وأمهما عاتكة بنت مرة. (المؤلف).
[293] صحيح البخاري: 3 / 1143 ح 2971، الأموال: ص 415 ح 843، 844، سنن البيهقي: 6 / 340، 342، سنن أبي داود: 3 / 145 - 146 ح 2978 - 2980، مسد أحمد: 5 / 36 ح 16299، المحلي: 7 / 328 المسألة 949. (المؤلف).
[294] الغدير: 8 / 377.
[295] كتاب الأمم: 1 / 235.
[296] جبذ: جذب. (المؤلف).
[297] راجع صحيح البخاري: 1 / 326 ح 913، صحيح مسلم: 2 / 286. ح 9 كتاب صلاة العيدين، سنن أبي داود: 1 / 296 ح 1140، سنن ابن ماجة: 1 / 406 ح 1275، سنن البيهقي: 3 / 297، مسند أحمد: 3 / 381 ح 10689، ص 397 ح 10766، ص 452 ح 111000، ص 456 ح 11122، ص 518، ح 11466، بدائع الصنائع: 1 / 276. (المؤلف).
[298] المحلي: 5 / 86.
[299] بدائع الصنائع: 1 / 276.
[300] المبسوط: 2 / 37.
[301] شرح سنن ابن ماجة: 1 / 386.
[302] نيل الأوطار: 3 / 335.
[303] صحيح مسلم: 1 / 100 ح 78 الإيمان.
[304] أخرجه في كتاب الأم: 1 / 235 من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، ولعل حديث ابن عباس مذكور في غير هذا الموضع. (المؤلف).
[305] المصنف: 3 / 284 ح 5646.
[306] الأم للشافعي: 1 / 208.
[307] الغدير: 8 / 373.
[308] سنن الترمذي: 2 / 411 ح 531.
[309] صحيح البخاري: 2 / 525 ح 1381.
[310] صحيح مسلم: 2 / 283 ح 2 كتاب صلاة العيدين.
[311] سنن أبي داود: 1 / 927 ح 2411.
[312] سنن ابن ماجة: 1 / 406 ح 1273.
[313] السنن الكبري 1 / 454 ح 1766.
[314] سنن البيهقي: 3 / 296.
[315] صحيح البخاري: 1 / 326 ح 914، ص 327 ح 920.
[316] صحيح مسلم: 2 / 286 ح 8 كتاب صلاة العيدين.
[317] موطأ مالك: 1 / 178.
[318] مسند أحمد: 2 / 126 ح 4943.
[319] كتاب الأم: 1 / 235.
[320] سنن ابن ماجة: 1 / 407 ح 1276.
[321] سنن البيهقي: 3 / 296.
[322] سنن الترمذي: 2 / 411 ح 531.
[323] السنن الكبري: 1 / 545 ح 1767.
[324] المحلي: 5 / 85.
[325] بدائع الصنائع: 1 / 276.
[326] سنن ابن ماجة: 1 / 409 ح 1288.
[327] المدونة الكبري: 1 / 169.
[328] سنن البيهقي: 3 / 297.
[329] سنن ابن ماجة: 1 / 410 ح 1290.
[330] سنن أبي داود: 1 / 300 ح 1155.
[331] السنن الكبري: 1 / 548 ح 1779.
[332] سنن البيهقي: 3 / 301.
[333] المحلي: 5 / 86.
[334] صحيح البخاري: 1 / 332 ح 935.
[335] صحيح مسلم: 2 / 284 ح 3 كتاب صلاة العيدين.
[336] سنن أبي داود: 1 / 297 ح 1141.
[337] السنن الكبري: 1 / 545 ح 1765.
[338] سنن البيهقي: 2 / 296، 698.
[339] المدونة الكبري: 1 / 169.
[340] صحيح البخاري: 1 / 334 ح 940.
[341] السنن الكبري: 1 / 547 ح 177 ط.
[342] موطأ مالك: 1 / 178.
[343] كتاب الأم: 1 / 192.
[344] الغدير: 9 / 232.
[345] كذا في تاريخ الطبري، والصحيح: فلينب كما ذكره البلاذري في الأنساب: 6 / 177.
[346] هو سعيد بن العاص. (المؤلف).
[347] كذا في تاريخ الطبري، وفي الكامل: شاهت الوجوه إلي من أريد. (المؤلف).
[348] في لفظ البلاذري: إلا بإفساد دينك، وخديعتك عن عقلك. وفي لفظ ابن كثير: إلا بتحويلك عن دينك وعقلك، وإن مثلك مثل جمل الظعينة سار حيث يسار به. (المؤلف).
[349] الأنساب للبلاذري: 6 / 177 و 179، تاريخ الطبري: 4 / 360 حوادث سنة 35 ه، الكامل لابن الأثير: 2 / 285 حوادث سنة 35 ه، تاريخ ابن كثير: 7 / 193 حوادث سنة 35 ه، شرح ابن أبي الحديد: 2 / 146 - 147 خطبة 30، تاريخ ابن خلدون: 2 / 597 - 598. (المؤلف).
[350] الزيادة من المصدر.
[351] تاريخ الطبري: 4 / 364 حوادث سنة 35 ه الكامل لابن الأثير: 2 / 286 حوادث سنة 35 ه (المؤلف).
[352] راجع التفاصيل في الغدير: 9 / 236 - 238 نقلا عن: تاريخ الطبري: 4 / 369. حوادث سنة 35 ه الكامل لابن الأثير: 288 / 2 - 289 حوادث سنة 35 ه شرح ابن أبي الحديد: 2 / 149 خطبة: 30. (المؤلف).
[353] الغدير: 9 /: / 239.
[354] راجع: الأنساب: 5 / 26 - 69، 95، الإمامة والسياسة: 1 / 39، المعارف لابن قتيبة: ص 194، العقد الفريد: 4 / 106 تاريخ الطبري: 4 / 372 حوادث سنة 35 ه، الرياض النضرة: 3 / 56، الكامل لابن الأثير: 2 / 287 حوادث سنة 35 ه، شرح ابن أبي الحديد: 2 / 151 خطبة 30، تاريخ ابن خلدون: 2 / 598، تاريخ ابن كثير: 7 / 194 - 211 حوادث سنة 35 ه، حياة الحيوان للدميري: 1 / 77، الصواعق المحرقة: ص 117، تاريخ الخلفاء للسيوطي: 148 و 151، السيرة الحلبية: 2 / 75 و 77 و 78، تاريخ الخميس: 259 / 2، واللفظ للبلاذري والطبري. (المؤلف).
[355] أيله بالفتح: مدينة علي ساحل بحر القلزم مما يلي الشام، وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام. معجم البلدان: 1 / 292. (المؤلف).
[356] راجع القصة في الغدير: 9 / 241 - 243.
[357] الغدير: 9 / 252.
[358] انتهي نص الغدير.
[359] الغدير: 9 / 129.
[360] أنساب الأشراف: 6 / 201، العقد الفريد: 4 / 113.
[361] ما بين المعقوفين إضافة من المصادر الثلاثة.
[362] الطبقات الكبري: 3 / 222، تاريخ مدينة دمشق: 25 / 109 رقم 2983، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 204، تذكرة الخواص: ص 77.
[363] تاريخ مدينة دمشق: 25 / 112 - 113 رقم 2983، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 207.
[364] الإستيعاب: القسم الثاني / 766 رقم 1280.
[365] الإستيعاب: القسم الثاني / 768 رقم 1280.
[366] المصدر السابق.
[367] الإستيعاب: القاسم الثاني / 768 رقم 1280.
[368] أسد الغابة: 3 / 88 رقم 2625.
[369] الإصابة: 2 / 230.
[370] تاريخ مدينة دمشق: 25 / 112 رقم 2983، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 207.
[371] حذفتها يد الطبع الأمينة علي ودائع العلم حيا الله الأمانة. لقد لعبت يد الشيخ عبد القادر بن بدران بتاريخ ابن عساكر لما هذبه ورتبه علي زعمه فأخرجه عما هو عليه، وجعله مسيخا مشوها بإدخال آرائه الساقطة فيه، وأسقط منه أحاديث كثيرة متنا وإسنادا مما لا يروقه، (المؤلف).
[372] المستدرك علي الصحيحين: 3 / 418 ح 5591.
[373] المعجم الكبير: 1 / 113 ح 201.
[374] المستدرك علي الصحيحين: 3 / 417 ح 5589.
[375] الرياض النضرة: 4 / 230.
[376] أنساب الأشراف: 6 / 267.
[377] مروج الذهب: 2 / 382.
[378] العقد الفريد: 4 / 128.
[379] المستدرك علي الصحيحين: 3 / 418 ح 5593.
[380] الكامل في التاريخ: 2 / 338 حوادث سنة 36 ه.
[381] صفة الصفوة: 1 / 341 رقم 6.
[382] أسد الغابة: 3 / 88 رقم 2625.
[383] دول الإسلام: ص 23.
[384] البداية والنهاية: 7 / 269 سنة 36 ه.
[385] تذكرة الخواص: ص 77.
[386] مرآة الجنان: 2 / 97.
[387] تهذيب التهذيب: 5 / 20.
[388] تاريخ ابن شحنة: 1 / 217.
[389] الطبقات الكبري: 3 / 223.
[390] تهذيب التهذيب: 5 / 20.
[391] تاريخ الأمم والملوك: 4 / 469 حوادث سنة 36 ه.
[392] لقد استحاب الله تعالي دعاء الإمام عليه السلام، فقتل طلحة في أسرع وقت. (المؤلف).
[393] الغدير: 8 / 373.
[394] الإستيعاب في ترجمة أسامة: القسم الأول / 77 رقم 21. (المؤلف).
[395] الصواعق لابن حجر: ص 55. (المؤلف).
[396] تطهير الجنان ص 63.
[397] كذا في المصدر.
[398] التاريخ: 2 / 66.
[399] تهذيب التهذيب: 1 / 447.
[400] مستدرك الحاكم: 3 / 131 ح 4616، مسند أحمد: 7 / 455 ح 26208. (المؤلف).
[401] مجمع الزوائد: 10 / 72.
[402] المعجم الكبير: 3 / 85 ح 472.
[403] كنز العمال: 11 / 357 ح 31730.
[404] مسند أبي يعلي: 12 / 135 ح 6764.
[405] مختصر تاريخ دمشق: 24 / 181.
[406] تاريخ مدينة دمشق: 13 / 287، وفي مختصر تاريخ دمشق: 7 / 41.
[407] الغدير: 375 / 8.
[408] الإستيعاب: القسم الثالث / 952 رقم 1612 ترجمة عبد الله بن عمر. (المؤلف).
[409] الغدير: 8 / 375.
[410] أسد الغابة: 5 / 145.
[411] راجع شرح النهج: 6 / 154، الأغاني: 13 / 259.
[412] الغدير: 10 / 332.
[413] انتهي نص الغدير: 10 / 332.
[414] الغدير: 5 / 206.
[415] المستدرك علي الصحيحين: 4 / 560 ح 8571، وكذا في تلخيصه.
[416] شفاء السقام: ص 152.
[417] وفاء الوفا: 4 / 1359 و 1404.
[418] مجمع الزوائد: 4 / 2.
[419] روق الثور: قرنه.
[420] مثل يضرب لمن يظهر شيئا، والمراد منه شئ آخر. الورشان: طائر أخف من الحمام. المشان: نوع من التمر. لسان العرب: 15 / 271.
[421] النجم: 3 - 5.
[422] الغدير: 5 / 208.
[423] أسد الغابة: 5 / 145.
[424] الإصابة: 3 / 477.
[425] وإذا نقبت في كتب الحديث فإنك لن تجد له رواية، فأين ذهبت أحاديثه التي دعت الإمام عليا بن الحسين عليه السلام لأن يأخذ عنه؟!.
[426] النزاع والتخاصم: 47.
[427] تهذيب التهذيب: 7 / 268 -.
[428] نفس المصدر.
[429] صفوة الصفوة لابن الجوزي: 2 / 93.
[430] راجع كتاب وركبت السفينة: ص 543 - 548.
[431] الإصابة: 3 / 478.
[432] أسد الغابة: 5 / 145.
[433] المعارف لابن قتيبة: 354، شرح النهج: 6 / 165.
[434] أسد الغابة: 5 / 451.
[435] طبقات ابن سعد: 1 / 201. (المؤلف).
[436] المصدر السابق: 1 / 200 - 201.
[437] السيرة النبوية: 2 / 57.
[438] المصدر السابق: 1 / 387.
[439] الفرقان: 27 - 29.
[440] دلائل النبوة: 2 / 606 - 607 ح 401.
[441] وقع في الدر المنثور 6 / 250 الاشتباه في اسم الرجل فجعله أبا معيط، وتبعه علي علاته من حكاه عنه كالشوكاني في تفسيره: 4 / 74. وغيره. (المؤلف).
[442] هو أبو بن خلف كما سمعت، وفي غير واحد من المصادر: أمية بن خلف: (المؤلف).
[443] في الدر المنثور: وحل به جمله في جدد من الأرض.
[444] دلائل النبوة: 2 / 606 ح 401.
[445] المصنف: 5 / 357 ح 9731.
[446] جامع البيان: مج 11 / ج 9 / 7 - 8.
[447] تفسير البيضاوي: 2 / 139 - 140.
[448] الجامع لأحكام القرآن: 13 / 19.
[449] الكشاف: 3 / 276.
[450] تفسير ابن كثير: 3 / 317.
[451] تفسير غرائب القرآن: 5 / 234.
[452] التفسير الكبير: 24 / 75.
[453] تفسير الكلبي: 24 / 77.
[454] إمتاع الأسماع: ص 61، 90.
[455] الدر المنثور: 6 / 250 - 253.
[456] تفسير الخازن: 3 / 347.
[457] تفسير النسفي: 3 / 164.
[458] فتح القدير: 4 / 74.
[459] تفسير الآلوسي: 19 / 11، وهنا انتهي نص الغدير.
[460] الإصابة: 5 / 415، سنن أبي داود كتاب الترجل باب في الخلوق للرجال.
[461] ستأتي القصة قريبا.
[462] الإستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 633.
[463] المصدر السابق.
[464] أسماء الصحابة الرواة، ابن حزم، تحقيق سيد كسروي حسن ص: 291.
[465] الحجرات: 6.
[466] تفسير ابن كثير: 4 / 208.
[467] الإستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 633.
[468] تفسير ابن كثير: 4 / 208.
[469] السجدة: 18 - 20.
[470] الغدير: 2 / 83.
[471] جامع البيان: مج 11 / ج 21 / 107.
[472] الأغاني: 5 / 153.
[473] تفسير الخازن: 3 / 447.
[474] أسباب النزول: ص 235.
[475] الرياض النضرة: 3 / 156.
[476] ذخائر العقبي: 88.
[477] المناقب: ص 279 ح 271.
[478] كفاية الطالب: ص 140 باب 31.
[479] غرائب القرآن: مج 10 / ج 21 / 72.
[480] نظم درر السمطين: ص 92.
[481] شرح نهج البلاغة: 4 / 80 خطبة 56، 6 / 292 خطبة 83.
[482] الدر المنثور: 6 / 553.
[483] تاريخ مدينة دمشق: 17 / 876، وفي مختصر تاريخ دمشق: 26 / 340.
[484] السيرة الحلبية: 2 / 76.
[485] تذكرة الخواص: 202.
[486] كفاية الطالب: ص 141 باب 31.
[487] مطالب السؤول: ص 20.
[488] شرح نهج البلاغة: 6 / 293 خطبة 83.
[489] في التذكرة: (هناك) بدل بذلك، في الموضعين. (المؤلف).
[490] أبان: هو أبو معيط جد الوليد. والتبان: سراويل صغيرة مقدار شبر يستر العورة فقط، كان يخص بالملاحين. (المؤلف).
[491] جمهرة خطب العرب: 2 / 29 رقم 18، انتهي نص الغدير: 2 / 82.
[492] شرح النهج: 4 / 8.
[493] الأغاني: 4 / 183، شرح النهج: 17 / 240.
[494] شرح النهج: 4 / 80 - 82.
[495] المصدر السابق: 4 / 93.
[496] صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب.
[497] الإستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 633، وراجع: الأغاني: 4 / 176، شرح النهج: 17 / 229.
[498] أنساب الأشراف: 5 / 30.
[499] العقد الفريد: 4 / 19، انتهي نص الغدير: 8 / 383.
[500] راجع: الأغاني: 4 / 182، شرح النهج: 17 / 236.
[501] راجع: الأغاني: 4 / 183، شرح النهج: 17 / 240.
[502] الغدير: 8 / 174.
[503] أنساب الأشراف: 5 / 33.
[504] هكذا في الأنساب وصحيح مسلم: 3 / 539 ح 38 كتاب الحدود، وأما بقية المصادر فكلها مطبقة علي أربع ركعات وستوافيك إن شاء الله تعالي. (المؤلف).
[505] كان الوليد أخاه لأمه، أمهما أروي بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. (المؤلف).
[506] في الأغاني: 5 / 138، 140: تمت. بدل نفدت. (المؤلف).
[507] وفي الأغاني: 5 / 140، حول هذه الأبيان رواية لا تخلو عن فائدة. (المؤلف).
[508] الأغاني: 5 / 139.
[509] الإستيعاب: القسم الرابع / 1555 رقم 2721.
[510] مسند أحمد: 1 / 233 ح 1234.
[511] سنن البيهقي: 8 / 318.
[512] تاريخ اليعقوبي: 2 / 165.
[513] الكامل في التاريخ: 2 / 246 حوادث سنة 30 ه.
[514] أسد الغابة: 5 / 452 رقم 5468.
[515] أخرجه في تاريخه: 4 / 273، من طريق مجمع علي بطلانه عن كذاب عن مجهول عن وضاع متهم بالزندقة وهم: السري عن شعيب عن سيف بن عمر. (المؤلف).
[516] الإستيعاب: القسم الرابع / 1556 رقم 2721.
[517] تاريخ أبي الفداء: 1 / 176.
[518] الإصابة: 3 / 638.
[519] تاريخ الخلفاء: ص 144.
[520] السيرة الحلبية: 2 / 284.
[521] الأغاني: 5 / 139.
[522] الأغاني: 5 / 141.
[523] المصدر السابق: 5 / 143.
[524] العقد الفريد: 4 / 119.
[525] صحيح البخاري: 3 / 1351 ح 3493.
[526] فتح الباري: 7 / 56.
[527] انتهي نص الغدير: 8 / 179.
[528] الإستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 633.
[529] الغدير: 8 / 180.
[530] السجدة: 18.
[531] الحجرات: 6.
[532] راجع الجزء الثاني من صحيح مسلم: صفحة 3 / 539 ح 38 كتاب الحدود. (المؤلف).
[533] الأغاني: 5 / 142.
[534] تاريخ اليعقوبي: 2 / 165. (المؤلف).
[535] انتهي نص الغدير: 8 / 181.
[536] هو حسان بن ثابت. وقد مرت الأبيات.
[537] أبان اسم أبي معيط جد الوليد. (المؤلف).
[538] شرح نهج البلاغة: 6 / 292 - 293 خطبة 83.
[539] تهذيب التهذيب: 11 / 127.
[540] البقرة: 229، انتهي نص الغدير: 8 / 389.
[541] الإصابة: 3 / 638.
[542] تاريخ الطبري: 5 / 71.
[543] راجع الإستيعاب بهامش الإصابة: 3 / 636، الأغاني: 4 / 185، شرح النهج: 17 / 243.

تعريف مرکز القائمیة باصفهان للتحریات الکمبیوتریة

جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ في سَبيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (التوبة/41).
قالَ الإمامُ علیّ ُبنُ موسَی الرِّضا – علـَیهِ السَّلامُ: رَحِمَ اللّهُ عَبْداً أحْيَا أمْرَنَا... َ يَتَعَلَّمُ عُلُومَنَا وَ يُعَلِّمُهَا النَّاسَ؛ فَإِنَّ النَّاسَ لَوْ عَلِمُوا مَحَاسِنَ كَلَامِنَا لَاتَّبَعُونَا... (بَــنـادِرُ البـِحـار – فی تلخیص بحـار الأنوار، للعلاّمة فیض الاسلام، ص 159؛ عُیونُ أخبارِ الرِّضا(ع)، الشـَّیخ الصَّدوق، الباب28، ج1/ ص307).
مؤسّس مُجتمَع "القائمیّة" الثـَّقافیّ بأصبَهانَ – إیرانَ: الشهید آیة الله "الشمس آباذی" – رَحِمَهُ اللهُ – کان أحداً من جَهابـِذة هذه المدینة، الذی قدِ اشتهَرَ بشَعَفِهِ بأهل بَیت النبیّ (صلواتُ اللهِ علـَیهـِم) و لاسیَّما بحضرة الإمام علیّ بن موسَی الرِّضا (علیه السّلام) و بـِساحة صاحِب الزّمان (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرجَهُ الشَّریفَ)؛ و لهذا أسّس مع نظره و درایته، فی سَنـَةِ 1340 الهجریّة الشمسیّة (=1380 الهجریّة القمریّة)، مؤسَّسة ًو طریقة ًلم یـَنطـَفِئ مِصباحُها، بل تـُتـَّبَع بأقوَی و أحسَنِ مَوقِفٍ کلَّ یومٍ.
مرکز "القائمیّة" للتحرِّی الحاسوبیّ – بأصبَهانَ، إیرانَ – قد ابتدَأَ أنشِطتَهُ من سَنـَةِ 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریّة القمریّة) تحتَ عنایة سماحة آیة الله الحاجّ السیّد حسن الإمامیّ – دامَ عِزّهُ – و مع مساعَدَةِ جمع ٍمن خِرّیجی الحوزات العلمیّة و طلاب الجوامع، باللیل و النهار، فی مجالاتٍ شتـَّی: دینیّة، ثقافیّة و علمیّة...
الأهداف: الدّفاع عن ساحة الشیعة و تبسیط ثـَقافة الثـَّقـَلـَین (کتاب الله و اهل البیت علیهـِمُ السَّلامُ) و معارفهما، تعزیز دوافع الشـَّباب و عموم الناس إلی التـَّحَرِّی الأدَقّ للمسائل الدّینیّة، تخلیف المطالب النـّافعة – مکانَ البَلاتیثِ المبتذلة أو الرّدیئة – فی المحامیل (=الهواتف المنقولة) و الحواسیب (=الأجهزة الکمبیوتریّة)، تمهید أرضیّةٍ واسعةٍ جامعةٍ ثـَقافیّةٍ علی أساس معارف القرآن و أهل البیت –علیهم السّلام – بباعث نشر المعارف، خدمات للمحققین و الطـّلاّب، توسعة ثقافة القراءة و إغناء أوقات فراغة هُواةِ برامِج العلوم الإسلامیّة، إنالة المنابع اللازمة لتسهیل رفع الإبهام و الشـّـُبُهات المنتشرة فی الجامعة، و...
- مِنها العَدالة الاجتماعیّة: التی یُمکِن نشرها و بثـّها بالأجهزة الحدیثة متصاعدة ً، علی أنـّه یُمکِن تسریعُ إبراز المَرافِق و التسهیلاتِ – فی آکناف البلد - و نشرِ الثـَّقافةِ الاسلامیّة و الإیرانیّة – فی أنحاء العالـَم - مِن جـِهةٍ اُخرَی.
- من الأنشطة الواسعة للمرکز:
الف) طبع و نشر عشراتِ عنوانِ کتبٍ، کتیبة، نشرة شهریّة، مع إقامة مسابقات القِراءة
ب) إنتاجُ مئات أجهزةٍ تحقیقیّة و مکتبیة، قابلة للتشغیل فی الحاسوب و المحمول
ج) إنتاج المَعارض ثـّـُلاثیّةِ الأبعاد، المنظر الشامل (= بانوراما)، الرّسوم المتحرّکة و... الأماکن الدینیّة، السیاحیّة و...
د) إبداع الموقع الانترنتی "القائمیّة" www.Ghaemiyeh.com و عدّة مَواقِعَ اُخـَرَ
ه) إنتاج المُنتـَجات العرضیّة، الخـَطابات و... للعرض فی القنوات القمریّة
و) الإطلاق و الدَّعم العلمیّ لنظام إجابة الأسئلة الشرعیّة، الاخلاقیّة و الاعتقادیّة (الهاتف: 00983112350524)
ز) ترسیم النظام التلقائیّ و الیدویّ للبلوتوث، ویب کشک، و الرّسائل القصیرة SMS
ح) التعاون الفخریّ مع عشراتِ مراکزَ طبیعیّة و اعتباریّة، منها بیوت الآیات العِظام، الحوزات العلمیّة، الجوامع، الأماکن الدینیّة کمسجد جَمکرانَ و...
ط) إقامة المؤتمَرات، و تنفیذ مشروع "ما قبلَ المدرسة" الخاصّ بالأطفال و الأحداث المُشارِکین فی الجلسة
ی) إقامة دورات تعلیمیّة عمومیّة و دورات تربیة المربّـِی (حضوراً و افتراضاً) طیلة السَّنـَة
المکتب الرّئیسیّ: إیران/أصبهان/ شارع"مسجد سیّد"/ ما بینَ شارع"پنج رَمَضان" ومُفترَق"وفائی"/بنایة"القائمیّة"
تاریخ التأسیس: 1385 الهجریّة الشمسیّة (=1427 الهجریة القمریّة)
رقم التسجیل: 2373
الهویّة الوطنیّة: 10860152026
الموقع: www.ghaemiyeh.com
البرید الالکترونی: Info@ghaemiyeh.com
المَتجَر الانترنتی: www.eslamshop.com
الهاتف: 25-2357023- (0098311)
الفاکس: 2357022 (0311)
مکتب طهرانَ 88318722 (021)
التـِّجاریّة و المَبیعات 09132000109
امور المستخدمین 2333045(0311)
ملاحَظة هامّة:
المیزانیّة الحالیّة لهذا المرکز، شـَعبیّة، تبرّعیّة، غیر حکومیّة، و غیر ربحیّة، اقتـُنِیَت باهتمام جمع من الخیّرین؛ لکنـَّها لا تـُوافِی الحجمَ المتزاید و المتـَّسِعَ للامور الدّینیّة و العلمیّة الحالیّة و مشاریع التوسعة الثـَّقافیّة؛ لهذا فقد ترجَّی هذا المرکزُ صاحِبَ هذا البیتِ (المُسمَّی بالقائمیّة) و مع ذلک، یرجو مِن جانب سماحة بقیّة الله الأعظم (عَجَّلَ اللهُ تعالی فرَجَهُ الشَّریفَ) أن یُوفـِّقَ الکلَّ توفیقاً متزائداً لِإعانتهم - فی حدّ التـّمکـّن لکلّ احدٍ منهم – إیّانا فی هذا الأمر العظیم؛ إن شاءَ اللهُ تعالی؛ و اللهُ ولیّ التوفیق.