نام كتاب: الاسلام و التناسخ
نويسنده: سيد حسين يوسف مكى عاملى
موضوع: معاد
تاريخ وفات مؤلف: 1397 ق
زبان: عربى
تعداد جلد: 1
ناشر: دار الزهراء
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
التناسخ مسألة قديمة العهد في تاريخ البشر،قدم الموت في حياتهم.
فمنذ مات الناس الأوّلون على هذه الأرض،فكّر أهلهم في مصيرهم بعد الموت،في استمرار وجودهم أو عدمه،طارحين حول هذا المصير افتراضات عديدة،يطمح بعضها إلى أن ميتهم سيعود إليهم بجسم آخر،باسم شخص آخر،يدخل حياتهم باسم مولود جديد يطل على هذا العالم...
و توسّع التفكير في هذا المصير حتى أخذ شكلا منهجيا في فلسفات روحية،و ديانات أرضية غير سماوية،خاصة لدى الشعوب القديمة من فراعنة و فينيقيين و هنود و صينيين،و يونان،و فرس...
فحفلت الديانات البراهمية و البوذية،و الكنفوشية و الزرادشتية بإشارات إلى مبدأ التناسخ بمختلف أشكاله و أنواعه...
ص: 5
و عند ما ظهر الإسلام كان يحمل حلاّ لقضية مصير الإنسان و قيامة و حسابه في الآخرة،و ما يواكب هذا الحساب من الجنة أو النار،غير أن المجتمع الإسلامي قد عرف مذاهب فكرية و فلسفات شتى،و جدت فكرة التناسخ لدى بعضها متسعا و مقاما،بل شهد هذا المجتمع محاولات كثيرة لإيجاد جذور لفكرة التناسخ في الدين الإسلامي نفسه،فهبّ المفكرون المسلمون،على مرور القرون يوضحون موقف الإسلام من هذه القضية و يفندونه،و ظهرت مؤلفات عديدة تناقش موضوع المصير البشري،و مصير المخلوقات عامة و ما يمكن أن يلحقها من تناسخ و تقمص و فسخ و رسخ و مسخ...
و كان من المؤلفات الحديثة«الإسلام و التناسخ،أو إبطال التناسخ»للعلامة المجتهد السيد حسين مكي.
و هذا الكتاب على ضآلة حجمه يجمع في صورة واضحة،مختصرة،و شاملة،آراء كل الفلاسفة و الدهريين،و جميع أصحاب الفرق الإسلامية في موضوع التناسخ،كما أن ميزات الشمول و الاختصار و الوضوح في هذا الكتاب تبرر تحقيقه،و تجعل تقديمه للقراء عملا مفيدا.
ص: 6
و حيث أن هذا الكتاب ما زال مخطوطا،انتهى المؤلف من تأليفه و كتابته بخط يده سنة 1388 ه، و ترك دون طباعة مع العديد من المخطوطات،التي وضعها السيد المكي.و حيث أن النص يحتاج إلى تحقيق مصادره و مراجعه و ضبطها،و إذا أنه لا بد من وضع هذا الكتاب،إن لجهة موضوعه،و طريقة معالجته هذا الموضوع،في إطار مؤلفات المؤلف،و في إطار المؤلفات السابقة و المعاصرة التي عالجت موضوع التناسخ،فإنه لا بد من وضع مقدمة شاملة مفصلة تتعلق بالمؤلف و سيرته و موقعه العلمي،كما تتضمن هذه المقدمة دراسة عن تطور مسألة التناسخ و أنواعه في تاريخ الفكر البشري قبل الإسلام و مع الإسلام.
ثم إننا نجد الحاجة ماسة إلى وصف المخطوط، و تحليل مضامينه و التعليق عليها.و عرض منهج المؤلف في عرض هذه المضامين.
إن هذه الموضوعات التي ستشكل مقدمة التحقيق،تجعل لهذه المقدمة وظيفة الدليل الهادي إلى الكتاب،لأننا نعتقد من الناحية المنهجية أن تحقيق النص لجهة صحة نسبته للمؤلف و سلامة مضمونه كما وضعه المؤلف نفسه،هو الغاية من التحقيق،و لكن
ص: 7
كل نص محقق بحاجة إلى مقدمة تشكل الباب الذي يمكن الدخول منه،لأن البيوت لا تدخل إلاّ من أبوابها،كما أن هذا النص بحاجة إلى فهارس لمفردات مضامينه من آيات قرآنية،و شواهد نبوية،و أسماء أعلام،و أماكن،و مفاهيم،مما ييسر للقارىء أولا و للباحث ثانيا الاستفادة الأكبر من هذا النص.إن منهجية التحقيق التي تقوم على وضع مقدمات النص و فهارسه،تجعل من التحقيق عملا علميا مفيدا.
و إذا كانت هذه هي المنهجية التي سنعتمدها في تحقيق كتاب«الإسلام و التناسخ،أو إبطال التناسخ» فإن الكتاب المحقق سيكون مشتملا على قسمين اثنين متكاملين:
-القسم الأوّل:و يتعلق بتقديم المؤلف و الموضوع و المخطوط،و هذا ما نسميه بمقدمة التحقيق و تشتمل على القضايا التالية:
-خطة التقديم.
-سيرة المؤلف.
-تطور مسألة التناسخ و أنواعه في تاريخ الفكر البشري قبل الإسلام و مع الإسلام.
ص: 8
-كتب ألفت في الموضوع نفسه.
-مخطوطة الكتاب،مضمونها و التعليق عليها،و منهجية المؤلف.
-القسم الثاني:و يتعلق بالكتاب في متنه و هوامشه و فهارسه،و ذلك لجهة:
-عرض متن الكتاب كما ورد بخط المؤلف.
-ضبط المصادر و المراجع في الهوامش.
-وضع فهارس الكتاب:
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث النبوية و الإمامية.
فهرس الأعلام.
فهرس الأماكن و البقاع.
فهرس المفاهيم و المصطلحات.
فهرس المصادر و المراجع.
فهرس المحتوى.
آملين أن نكون بهذا التقسيم قد حققنا مهمتين اثنتين:
ص: 9
أولا: تحقيق هذا الكتاب و تقديمه للقراء،و إخراجه من عالم المخطوطات إلى عالم الطباعة و الانتشار.
ثانيا: تقديم نموذج عملي في التحقيق لطلاب الدراسات العليا في الجامعات و الذين يقومون بتحقيق المخطوطات.
و اللّه المستعان.
محمد كاظم مكي
1991 م
ص: 10
أولا:خطة التقديم.
ثانيا:سيرة المؤلف.
ثالثا:تطور مسألة التناسخ و أنواعه في تاريخ الفكر البشري.
رابعا:كتب ألفت في الموضوع نفسه.
خامسا:مخطوطة الكتاب،مضمونها،و التعليق عليها و منهجية المؤلف.
ص: 11
ص: 12
إن القصد من مقدمات الكتب الموضوعة أو المحققة،كما توحي كلمة تقديم،هي أن تكون المدخل السليم الذي يؤدي إلى الغاية،و الذي يسمح بالإطلالة الكاملة الشاملة و السريعة على المؤلفات،إنها تسهيل الاطلاع على هذه الكتب،و تسهيل معرفة مضمونها،و تسهيل الإفادة الضرورية و الكافية منها، لذلك فالمقدمة تصبح فن التقديم.
مقدمات الكتب وجوهها،فمن يقرأ المقدمات يكون كمن يرى وجوه الناس،يقرأ فيها شخصيات أصحابها،لأن الوجه هو المقدمة،و به تكون الإطلالة،إطلالة الإنسان على الآخرين،حيث يكون مقبولا،بمقدار ما تكون إطلالته محببة،جذابة، معبّرة.
و على هذا الأساس يجب أن تتصف مقدمات الكتب بمواصفات الوجه و خصائصه،و بذلك تتحقق
ص: 13
القيمة المنهجية للمقدمة،و الوظيفة المنهجية للمقدمة.
فالعنوان جزء من المقدمة،و المقدمة تتضمن هدف الكاتب و الباحث و المحقق من تأليفه و بحثه و تحقيقه، و تتضمن خطوات الدراسة و مراحلها،و يمكن أن يلحق بمقدمة التحقيق،بالإضافة إلى عرض الموضوع ما يحيط بالموضوع من دراسات و أبحاث تشكل الإطار اللازم للدراسة.و معروف أنه لا يظهر جمال اللوحات و الصور إلاّ من خلال أطرها.
بالإضافة إلى عرض الموضوع فإن ترجمة شخصية المؤلف صاحب الكتاب موضوع المحقق،و عرض سيرته،تلقى أضواء على البحث و على التحقيق، فالوعاء ينضح بما فيه،و سيرة الشخص ينبوع عطاء، و رمز هذا العطاء.
كما أنه لا بد في مجال دراسة المخطوطات و بعد التعرف إلى شخصية المؤلف من التعرف إلى طبيعة المخطوط،عنوانا،و مضمونا و شكلا،و طريقة بحث، لتكون كل هذه المقدمات في خدمة الموضوع، و بالتالي يصبح المجهول معلوما،و الصعب سهلا، و الغامض واضحا.حقا ليست القيمة في الموضوع، بل في طريقة عرض الموضوع،أي ما نسميه بالتمهيد و بالمقدمة،و هذا ما نسميه بخطة التقديم،و هذا ما
ص: 14
سيجده القارئ متمثلا في عرضنا اللاحق لسيرة المؤلف،و لتطور مسألة التناسخ في تاريخ الفكر البشري،بالإضافة إلى عرض مخطوطة الكتاب بشكلها و منهجها.
ص: 15
ص: 16
ألف:نسبه،نشأته،دراسته.
باء:المؤلف معلما.
جيم:المؤلف في جامعة النجف الأشرف.
دال:المؤلف على طريق الاجتهاد
هاء:المؤلف يمارس الرعاية الدينية في العراق.
ثم في دمشق.
واو:مشاريعه العمرانية و إنجازاته.
زاي:مؤلفاته:
*:المطبوعات:
(أ)في الفقه.
(ب)في العقيدة.
(ج)في الأدعية.
(د)في أصول الفقه.
ص: 17
(ه)في التاريخ.
*:المخطوطات:
(أ)في الفقه.
(ب)في أصول الفقه.
(ج)في العقيدة.
ص: 18
هو الحسين بن محمود بن إبراهيم،بن يوسف بن إبراهيم بن علي......بن مكي......بن عبيد اللّه الأعرج،بن الحسين الأصغر،بن الإمام زين العابدين،بن الإمام الحسين،بن الإمام علي بن أبي طالب...فهو حسيني النسب،و يفصله عن الإمام الحسين(ع)خمسة و ثلاثون جدا،أما مكي فهو جدّه الخامس عشر،و إلى هذا الجد تنسب العائلة.
ولد الحسين المكي سنة 1326 ه1908/ م في بلدته حبوش-قضاء النبطية،في جبل عامل من جنوب لبنان،في بيت تقى و علم،فلقد كان أبوه السيد محمود و جدّه السيد إبراهيم من الأتقياء المهتمين بالشئون الدينية و صلاة الإمامة في المسجد،فيما كان عم والده،السيد حسن يوسف مكي فقيها مجتهدا،و قد
ص: 19
تولى الرعاية الدينية في منطقة النبطية بين سنتي 1309- 1324 ه1891/-1906 م.
و قد أنشأ مدرسة دينية في النبطية سنة 1310 ه/ 1892 م،عرفت بالمدرسة الحميدية،و توقفت هذه المدرسة بعد وفاة السيد حسن يوسف مكي و ذلك سنة 1324 ه1906/ م،و قد دفن في مدينة النبطية.
كما كان عم المؤلف،و المدعو السيّد أحمد بن السيّد إبراهيم مكي عالما و فقيها و أستاذا في المدرسة الحميدية،لمادتي النحو و الصرف حوالي سنة 1318 ه1900/ م و ما بعدها،و قد توفي السيد أحمد في العراق،و دفن في الصحن الحيدري الشريف (1).
درس الحسين في كتّاب بلدته أولا،ثم في مدرستها الرسمية التي كانت تعتمد اللغة الفرنسية إلى جانب العربية،و انتقل بعد ذلك إلى مدينة النبطية حيث أنهى في مدرستها الرسمية دراسة الشهادة الابتدائية و كان6.
ص: 20
المربي المعروف المرحوم الأستاذ عبد اللطيف فياض (1978 م)يدير هذه المدرسة ابتداء من سنة 1920 م.
و بعد إنهائه دراسة المرحلة الابتدائية التحق الحسين بالمدرسة الحميدية الجديدة في النبطية التي استأنفت عملها بعد ترميم بنائها ابتداء من سنة 1342 ه/ 1923 م،بإدارة العلامة الفقيه،و القاضي الشرعي الشيخ محمد رضا الزين(1367 ه1947/ م)، و كانت هذه المدرسة تهيء طلابها للالتحاق بجامعة النجف الأشرف،و قد بقي فيها الحسين المكي حتى سنة 1348 ه1929/ م طالبا في الفرع الخارجي أولا ثم في الفرع الداخلي فيها،و كان يتوق للتوجه إلى النجف و متابعة دراسته،بتشجيع من العلامة المقدس الشيخ عبد الحسين صادق(1365 ه1945/ م) المجتهد و الفقيه المسئول عن الرعاية الدينية آنذاك في مدينة النبطية.
الحلم بالوصول إلى جامعة النجف ظل قائما في نفس الحسين،و بانتظار تحقيق ذلك،كان الحسين يعيش هم المعرفة يسعى إليها،و يعمل على خدمتها، لذلك فقد تقدم بتاريخ 1930/4/3 م بطلب لفتح
ص: 21
مدرسة قرائية دينية،و كان هذا النوع من المدارس منتشرا في لبنان قبل دولة الاستقلال،فأعطي إجازة بفتح مثل هذه المدرسة في بلدة علي النهري-قضاء زحلة في منطقة البقاع اللبنانية،بموجب المرسوم رقم 6537 الصادر بتاريخ 1930/4/28 م و الموقع من قبل رئيس الجمهورية آنذاك السيد شارل دباس،و رئيس الوزراء السيد أوغست أديب،و وزير المعارف و الفنون الجميلة السيد جبران تويني.
و قد بقي الحسين يدير هذه المدرسة و يعلم تلاميذها خلال سنتين دراسيتين،حتى تحقق حلمه في الوصول إلى جامعة النجف،ليشدّ الرحال إليها في نهاية صيف 1350 ه1931/ م.
ذهب إلى النجف برفقة طالب قديم في هذه الجامعة هو المرحوم العلامة الشيخ رضا فرحات (1385 ه1966/ م)و التحق طالبا داخليا في مدرسة ميرزا حسين الخليلي التي ضمته مع رفيقه و صديقه الشيخ محمد تقي الفقيه،العلامة المجتهد،و الفقيه المرجع في لبنان اليوم.
ص: 22
و تابع الحسين متقدما في دراسته على أيدي أساتذة مشهورين في الجامعة النجفية،فدرس أبحاث الكفاية في أصول الفقه على المرحوم الشيخ خضر الدجيلي (1383 ه1964/ م)المرجع الديني المشهور، و تعمق في دراسة الأصول لدى العلامة السيد محمود المرعشي،ثم عند المؤلف الأصولي الشهير الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني(1365 ه/ 1946 م) (1)،و تابع دراسة الفقه و أصول الفقه عند المرجع الشيخ حميد ناجي،حيث أتم عنده إنجاز كتاب المكاسب في معاملات الفقه للشيخ مرتضى الأنصاري(1279 ه1864/ م)واضع أساس علم الأصول الحديث،و مجدد الدراسة في جامعة النجف.
أما الدراسات الفقهية الموسعة و المؤدية لدرجة الاجتهاد فقد باشرها السيد حسين مكي عند المرجع الديني السيد حسين الحمّامي،ثم عند المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم(1390 ه1970/ م)الذي
ص: 23
رعاه و رعى رفاقه الشيخ محمد تقي الفقيه و الشيخ إبراهيم سليمان و الشيخ حسين معتوق(1401 ه/ 1980 م)باهتمام نوعي مميز ابتداء من سنة (1358 ه1939/ م)،و في الوقت نفسه كان المكي يتابع محاضرات المرجع السيّد عبد الهادي الشيرازي (1383 ه1962/ م)و السيد محمود الشاهرودي في أصول الفقه و يتردد على مجالس السيد ملا صدرا الإيراني في الفلسفة الإلهية.
و خلال متابعة الدراسة المعمقة لدى هؤلاء الأساتذة المراجع،كان يعدّ أصول مسودات مؤلفاته التي جاءت في أول الأمر شرحا لمحاضرات هؤلاء الأساتذة و تعليقا عليها في مجال الفقه الجعفري و أصوله.و هذا ما فعله بالتمام حول كتاب«العروة الوثقى»للإمام السيد محسن الحكيم الذي كان موضوع محاضراته على الطلاب المتقدمين في دراستهم الفقهية.
و خلال هذه المرحلة حصل السيد حسين مكي على الإجازات من أساتذته،و كان أولها الإجازة من أستاذه الشيخ خضر الدجيلي إثر إنجازه دراسة«الرسائل للأنصاري».و بعد ذلك بفترة غير طويلة أصبح المكي مجتهدا مطلقا بموجب إجازة من المرجع الأعلى السيد
ص: 24
محسن الحكيم بتاريخ 3 رجب 1373 ه1953/ م و التي جاء فيها:(.......التقي النقي حجة الإسلام،السيد حسين يوسف مكي العاملي.....
قد بذل جهده في تحصيل العلوم الدينية فحضر على جماعة من أعيان الفضلاء المحققين و استفاد من فوائدهم و لم يزل مكبا على الدرس و التدريس و التأليف و التصنيف...مواظبا على الطاعات مجدا في تحصيل الملكات الحميدة حتى حاز ملكتي العدالة و الاجتهاد و قوة استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية........فهو فاضل محقق،و عالم مدقق،و مجتهد مطلق،يرجع إليه في الأمور الحسبية،و فصل الخصومات،و حل المشكلات........و قد أجزت له أن يروي عني جميع ما صحت لي روايته عن مشايخي العظام...
و على المؤمنين أن يفزعوا إليه في مهماتهم الدينية، و يعرفوا قدره،و يحفظوا مقامه........» (1).2.
ص: 25
العراق،ثم مسئولا في دمشق:
كان السيد حسين مكي من طلاب الإمام الحكيم الذين بلغوا في الأربعينيات درجة من الاجتهاد تخوله أمر الرعاية الدينية للمؤمنين،بتكليف من المرجع الحكيم، لذا كلف في سنة 1946 م القيام بهذه المهمة في بلدة غمّاس في قضاء أبو صخير من منطقة الديوانية جنوبي العراق،ثم أوفده الإمام الحكيم في السنة التالية إلى مدينة الصويرة مركز قضاء الصويرة في محافظة الكوت في الوسط الشرقي من العراق،و استمر في مهمة رعاية المؤمنين هناك و إرشادهم سنوات عديدة حتى تاريخ انتقاله إلى دمشق نهائيا سنة 1955 م،ليتولى المهمة مكانه ولده العلامة السيّد علي.
لقد بدأ السيد المكي اتصاله بدمشق بناء على طلب المؤمنين و بعد فراغ ديني كبير أحدثته وفاة المرجع الفقيه السيد محسن الأمين سنة 1952 م،ليتحمل المسئولية الدينية و رعاية المؤمنين،و الاهتمام بجيل الشباب،و إعدادهم علميا موسعا ثقافتهم الدينية، عاملا على تأهيل عدد منهم للقيام بالمهام الدينية كصلاة الجماعة،و إعطاء الدروس الفقهية في حلقات طلاب
ص: 26
موسعة أحيانا،و متخصصة أحيانا أخرى،و قد تدرج نفر منهم في دراسات أصولية معمقة،و كونت محاضراته في هذا المجال كتابه المعروف بقواعد استنباط الأحكام في علم أصول الفقه (1)،و قد استمر المؤلف باحثا متوسعا في الدراسة و الفقاهة حتى أعلن تقليده و مرجعيته بناء لطلب نفر من المؤمنين في سوريا و لبنان و ذلك ابتداء من سنة 1391 ه1971/ م.
النشاط الديني في رأي العلامة المكي وجوه مختلفة لمهمة واحدة،و غاية واحدة،تارة يكون ببناء الإنسان المؤمن في تثقيف إيماني متواصل،و أخرى في إقامة مؤسسات دينية تكمل هذا الاهتمام النظري بواسطة إقامة المساجد و إنشاء الحسينيات و المكتبات،و ترميم المقامات،فقد أنشأ مسجد الإمام علي في حي الأمين في دمشق سنة 1389 ه1969/ م،و قد ضم هذا المجمّع الديني إلى جانب المسجد حسينية و مكتبة.
و باشر ترميم مسجد النقطة في حلب،و المعروف بمشهد الإمام الحسين و الذي أقامه سيف الدولة
ص: 27
الحمداني سنة 351 ه962/ م،و بعد توالي العمارات على هذا المشهد في ظل حكام كثر و حكومات متعددة،تهدم في انفجار حوالي سنة 1337 ه1918/ م،إلاّ أن نفرا من أهل الخير.
و منهم الوجيه العراقي،المحسن الحاج عبد الرزاق مرجان قد أسهم ماليا في إعادة هذا البناء و بمباركة من المرجع الإمام السيد محسن الحكيم،و ذلك سنة 1379 ه1968/ م.
و في سنة 1976 م باشر المكي أعمال بناء مسجد و حسينية و مكتبة في جديدة يابوس في سوريا.
و في 11 ذي الحجة 1397 الموافق 21 تشرين الثاني 1977 توفي السيّد حسين مكي في دمشق أثر عملية جراحية، و دفن في مقام السيدة زينب(ع).
ترك المقدس السيد حسين مكي أربعة و أربعين مؤلفا منها 16 كتابا مطبوعا،و 28 كتابا مخطوطا.
* المطبوعات: في الفقه،و العقيدة،و الأدعية، و أصول الفقه،و التاريخ.
(أ)في الفقه:
1-حاشية«الدر الثمين»،و هذا الكتاب كان تعليقا على الرسالة العلمية للمقدس السيد محسن
ص: 28
الأمين،جاءت في 508 صفحات و طبعت سنة 1375 ه1955/ م في دمشق.
2-مختصر منهاج الصالحين،و الأصل هو الرسالة العملية للمقدس السيد محسن الحكيم،في 280 صفحة،طبع في دمشق سنة 1379 ه/ 1959 م.
3-منهاج الصالحين،بطريقة السؤال و الجواب،و هو في مضمونه فتاوى المرجع السيد محسن الحكيم، في 360 صفحة،و طبع سنة 1383 ه1963/ م في دمشق.
4-المتعة في الإسلام،الطبعة الأولى سنة 1381 ه/ 1960 م صدرت عن دار الأندلس في بيروت،و الطبعة الثانية مصورة عن الأولى،و ذلك في سنة 1394 ه1974/ م؛في 160 صفحة،و قد قدّم ولده العلامة السيد علي مكي لهذه الطبعة في مقدمة جديدة.
5-رسالة الجمع بين الصلاتين،طبعت في بيروت سنة 1388 ه1968/ م،في 64 صفحة.
6-حاشية على كتاب العروة الوثقى للسيد محمد كاظم
ص: 29
الطباطبائي اليزدي،وضعت سنة 1391 ه/ 1971 م.
7-مختصر منهاج الناسكين،طبع في دمشق سنة 1392 ه1972/ م.
8-سبيل الرشاد في شرح الإجارة و المضاربة و الشركة و هو من كتاب العروة الوثقى المذكور سابقا،جاء في جزءين و طبع سنة 1394 ه1974/ م؛ الجزء الأول في 300 صفحة و الثاني في 284 صفحة.
9-منهاج الصالحين:القسم الأول في العبادات،و هو الرسالة العملية للمؤلف،و التي طبعها عند إعلان تقليده و مرجعيته و ذلك في سنة 1396 ه/ 1976 م.
(ب)في العقيدة:
1-العصمة،طبع سنة 1378 ه1958/ م في دمشق،و جاء في 82 صفحة.
2-عقيدة الشيعة في الإمام الصادق،صدرت الطبعة الأولى منه في بيروت سنة 1382 ه1963/ م
ص: 30
عن دار الأندلس،في 384 صفحة،ثم صدر في طبعة ثانية عن دار الزهراء-بيروت سنة 1407 ه1987/ م،في مقدمة جديدة وضعها ولد المؤلف العلامة السيد علي مكي في دمشق بتاريخ 1985/9/9.
(ج)في الأدعية:
1-مصباح الداعي،الطبعة الأولى،في دمشق سنة 1375 ه1955/ م في 104 صفحات.
2-مصباح الداعي،الطبعة الثانية في جزءين موسعين،الأول في الأدعية و الأعمال،و جاء في 504 صفحات،و الثاني في الزيارات و آدابها و صفحاته 340؛و قد ظهرت الطبعة الثانية سنة 1395 ه1975/ م.
(د)في أصول الفقه:
1-قواعد استنباط الأحكام.جزءان في مجلد واحد، و تاريخ الطبع هو 1391 ه1972/ م في دمشق،الجزء الأول من 192 صفحة،و الثاني من 176 صفحة.
ص: 31
(ه)في التاريخ:
1-تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب،و جاء في 70 صفحة،تعرض فيها الكاتب لمراحل بناء هذا المشهد،مع الصور و الرسوم،و طبع في بيروت سنة 1388 ه1968/ م.
* المخطوطات:
(أ)في الفقه:
1-كتاب الاجتهاد و التقليد،وضع في 63 صفحة ابتداء من 9 جمادى الثانية 1362 ه1943/ م.
2-مجموعة الكتب الفقهية بمواضيع العبادات التالية:
-الطهارة،في 510 صفحات،وضع سنة 1364 ه.
-الصلاة:في 3 مجلدات وضعت بين سنة 1380 و سنة 1386 في مدينة دمشق،و صفحات هذه المجلدات حوالي 1334 صفحة.
-الصوم:في 250 صفحة و قد تم الفراغ منه سنة 1381 ه.
-الاعتكاف في 41 صفحة،أنهاه في دمشق سنة 1383 ه.
ص: 32
-كتب:الزكاة،الخمس،الحج،التيمم، جرى وضعها سنة 1370 ه في مدينة النجف الأشرف.
3-مجموعة الكتب الفقهية بمواضيع المعاملات التالية:
-النكاح:في 300 صفحة و قد فرغ منه سنة 1378 ه.
-الوصية:في 77 صفحة،وضعت خلال سنة 1380 ه.
-الإجارة في 168 صفحة،و تم وضع الكتاب بين سنتي 1371-1372 ه.
4-مجموعة الكتب الفقهية،بمواضيع المعاملات ذات الطابع المالي:
-كتاب أقرب المسالك في حكم المال المجهول المالك،في 38 صفحة،تم الفراغ منه سنة 1380 ه.
-كتاب الضمان،سنة 1381 ه.
-مبحث الحوالة:في 36 صفحة،و تم الفراغ منه سنة 1382 ه.
ص: 33
-مبحث الكفالة:وضع سنة 1382 ه في 17 صفحة.
-في البيع و شرائطه:في 350 صفحة،أتمه المؤلف في مدينة النجف في شعبان 1379 ه.
5-مجموعة الأبحاث الفقهية المختلفة:
-القاعدة الفقهية:لا ضرر و لا ضرار في 18 صفحة،تم الفراغ منه سنة 1373 ه.
-مبحث في الطلاق:في 23 صفحة،وضعت سنة 1385 ه.
(ب)في أصول الفقه:
-كتاب إسعاف المحاضر في أصول الفقه الجعفري،في 12 صفحة.
-مبحث التعادل و الترجيح في 47 صفحة،وقع الفراغ منها في نهاية سنة 1366 ه.
-غاية المأمول في شرح كفاية الأصول للمحقق الخراساني:في 255 صفحة،و أنجز سنة 1369 ه.
-الأصول العملية:في 180 صفحة،تم وضعها بين 1363 ه و 1374 ه.
ص: 34
-قواعد استنباط الأحكام:الجزء الثالث في 71 صفحة أنجزت سنة 1395 ه1975/ م.
(ج)في العقيدة:
-كتاب الإسلام و التناسخ أو إبطال التناسخ:و هو الكتاب موضوع هذه الدراسة،و قد جاء رسالة في 55 صفحة،و هو الوحيد بين مخطوطات المؤلف في مجال العقيدة.
ص: 35
ص: 36
في تاريخ الفكر البشري
قبل الاسلام،و مع الاسلام
قلنا في مقدمة التحقيق إن مسألة التناسخ قديمة في تاريخ البشر قدم الموت في حياتهم،لقد فكرت فيها بعض الشعوب القديمة،و عالجها عدد من الفلاسفة و المفكرين بشكل منهجي،كما كان للأديان السماوية و الأرضية مواقف من هذه المسألة،و بما أن الكتاب موضوع التحقيق يتناول موقف الإسلام من التناسخ، لذلك فإننا نعرض في هذه الفقرة لتطور مسألة التناسخ في مرحلتين:قبل الإسلام،و مع الإسلام.
ظهرت مسألة التناسخ في تاريخ الشعوب منذ فجر التاريخ،فقد كان المصريون القدماء أول من اعتقد بهذه المقولة،و واكبهم أو تابعهم في ذلك الكنعانيون و الفينيقيون منذ القرنين الخامس و الرابع قبل الميلاد، فالعلاقات بين المصريين و الفينيقيين لم تكن على صعيد التجارة فقط،بل ربما كان التبادل و التآخذ على
ص: 37
صعيد المعتقدات أيضا،و هذا ما ظهر من خلال الاعتقاد بقضية التناسخ،و أخذا بهذا المعتقد فقد كان المصريون يضعون في قبور موتاهم أدوات الزينة، و أدوات الحرب،ليستعملها الإنسان في حياته الثانية بعد الموت،لأن الموت عندهم كان يعني رقدة الجسد في القبر،منتظرا عودة الروح إليه لترتدي مجددا جسدها الفاني،و قد جاء اهتمام الفراعنة بالتحنيط ظاهرة تؤكد هذا الانتظار،كما كان بناء الأهرامات لا يحقق هدفا معماريا فقط بمقدار تحقيقه هدف عقيدتهم بحياة الإنسان بعد الموت (1).
إلاّ أن الاعتقاد بالتناسخ كان حجر الزاوية في الديانة الهندوسية أو البراهمانية،فمن لا يعتقد به يعتبر خارجا عن هذا الديانة،كما شهادة لا إله إلاّ اللّه، محمد رسول اللّه،في الإسلام،كذلك التناسخ في البراهمانية،و يتلخص الاعتقاد بهذه الفكرة بالقول إن نفس الإنسان تنتقل من حياة إلى حياة أخرى أحسن أو أسوأ بحسب مؤهلات الفرد و أعماله (2). -
ص: 38
و تابعت فكرة التناسخ وجودها مع الديانة البوذية التي تأسست في القرن الخامس قبل الميلاد في بلاد الهند،حيث كان الاعتقاد بالتناسخ يقوم على انتقال النفس من جسد إلى جسد آخر أرضي كي تظهر هذه النفس،و تصل إلى درجة النير فانا Nirvana أي الذوبان في الروح الكلية،عندئذ ينقذ الإنسان نفسه من الدوران في حلقة تعاقب الأجيال و الأدوار و ينتقل إلى كوكب آخر،ذلك أن النفس في انتقالها من جسد إلى آخر تكون في حالة محاسبة ذاتها بذاتها،و بتعبير آخر فإن جهنم في نظر البوذية هي ما يعانيه الإنسان من مصاعب و ويلات و آلام لا تفارقه في أدوار حياته،و تظل مرافقة له،حتى يتطهر من رذائل الدنيا و موبقاتها فيصبح أهلا لدخول العالم الفلكي،أي الانتقال إلى كوكب آخر،بعد تسديد ما عليه من حساب في هذه الدنيا (1).
و يبدو أن الهندوس لم يحتكروا فكرة التناسخ التي انتقلت إلى الطرف الآخر من العالم الهند و أوروبي، أي إلى بلاد اليونان.1.
ص: 39
صحيح أن حملة الإسكندر على بلاد الشرق ابتداء من سنة 336 ق.م.كانت ذات هدف سياسي، و لكنها حملت فلسفة اليونان إلى الشرق.هذا الشرق الذي كان منبع الفلسفة و المعتقدات و منها التناسخ،لم يجد أفكار اليونان جديدة عليه،لأنها أفكاره أساسا، لكنها جاءت بثوب علمي جديد،و منهجي منظم، و الواقع أن فلاسفة اليونان عرضوا فكرة التناسخ منذ القرن السادس قبل الميلاد،فقال بها فيثاغورس (572-497 ق.م)حيث اعتقد هو و تلاميذه بانتقال الروح إلى الإنسان و الحيوان و النبات،أي بتناسخ الأرواح،لذلك امتنعوا عن أكل اللحوم و بعض أنواع الحبوب،و يبدو أن فيثاغورس أخذ هذه النظريات عن المصريين بعد زيارته إلى مصر،في حين يعتقد الهنود أنه قد أخذ عنهم.
إلاّ أن النظرية التناسخية في الفلسفة اليونانية تبلورت في المرحلة الأفلاطونية بين 427-347 ق.م حيث قال أفلاطون بأن الأحياء يبعثون من الأموات، و أن النفس التي تولد هي آتية من عالم آخر كانت قد ذهبت إليه إثر موت سابق،و هكذا فالنفس لا تموت بموت الجسد،لذلك فإنه عند ما أعدم سقراط أستاذ
ص: 40
أفلاطون،قال و هو يتناول كأس السم:أنا مسرور لأني سأنتقل إلى مكان آخر (1).أما أرسطو(384-322 ق.
م)تلميذ أفلاطون،فقد كان يقول بأن النفس لا تعرف الفناء لأنها منبثقة عن العقل الفعال.و الواقع أن اهتمام الفلسفة اليونانية بالتناسخ،يظهر تشابها في الأفكار و المعتقدات مع الأفكار و المعتقدات الهندية،و نقاطا مشتركة حتى في التفاصيل،و بشكل خاص ما ورد في الكتاب العاشر من جمهورية أفلاطون (2).
و قبل الميلاد عرف الشرق كما عرف الغرب اليوناني فكرة التناسخ،حيث أن الزرادشتية-و هي الديانة التي انتشرت في فارس قبل الميلاد،ثم ضعفت و انحسرت عن هذه البلاد بعد الفتح الإسلامي-قد قالت باستقلال النفس عن الجسد،و ترددت في معتقداتها أصداء الأفكار البوذية،حيث في مجال الروح و النفس و الجسد،نجد تلاقيا بين البوذية و الفلسفة اليونانية و الزرادشتية،حتى(لكأن الهند و إيران تتكلمان على لسان أفلاطون و بلغة أكثر وضوحا و جلاء هذه اللغة التي تتكرر0.
ص: 41
في الأفلاطونية المحدثة) (1).
و الأفلاطونية المحدثة نسبة إلى أفلوطين(205- 270 م)و قد عاش هذا الفيلسوف في مصر و تثقف في الإسكندرية،و كان يعتقد بالتقمص،أي بأن الإنسان يولد بالتقمص في جسد إنسان و النفس هي آخر الكائنات المعقولة و أول الكائنات المحسوسة و هي الرحالة في العالم الماورائي (2).
للإسلام رأي واضح في الروح و النفس و الخلود و البعث و الحساب يوم القيامة،و قد تأكد في القرآن الكريم الذي أشار إلى الخلود و جنة الخلد،و دار الخلد،و الخلود في النار أو في الجنة بأكثر من ستين آية (3)،كما تكرر في مجال الروح مثل هاتين الآيتين: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي... (4).
ص: 42
و يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ (1)إلى أكثر من خمسين آية عن البعث و الإحياء و يوم القيامة و الحساب (2)و في كتب تفسير القرآن،ما يكفي لتوضيح مدلولات هذه الآيات.
أما الكلام على التناسخ،فلم يكن المؤلفون المسلمون على غير اطلاع على هذا الموضوع،أو أنهم يجهلون فكرة التطور التاريخي لهذه المسألة،فقد عرض المسعودي(346 ه956/ م)لفكرة التناسخ و أشار إلى أن الهنود القدامى و فلاسفة اليونان و منهم أفلاطون و تلاميذه قد قالوا بهذه الفكرة،و بأن التناسخ هو تنقل الأرواح في أنواع الصور (3).إلاّ أن أبا الفتح الشهرستاني في كتابه الملل و النحل قد أشار إلى أصول فكرة التناسخ و تطورها عند الأمم،حيث ذكر أن الحرنانية و هم جماعة من الصابئة كانوا أول من قال بهذه الفكرة،و التناسخ هو تكرر الأدوار إلى ما لا نهاية،و الثواب و العقاب في هذه الدار،و الأعمال التي نحن فيها هي أجزية على أعمال سلفت منا في الأدوار7.
ص: 43
الماضية،ثم أشار الشهرستاني إلى آراء الهند البراهمة،و البوذية و موقفهم من التناسخ الذي عرفته أمم عديدة،حيث(ما من ملة إلاّ و للتناسخ فيها قدم راسخ) (1).
و قد سبقه البيروني(440 ه1048/ م)في كتابه عن الهند للإشارة إلى رأي الهندوس في التناسخ (2)ناقلا بعض مقاطع من آراء مفكريهم في هذا المجال، و آراء غير الهنود من ماني إلى أفلاطون و بروكليس.
إن هذه المؤلفات التي تكلمت على التناسخ تشير إلى اهتمام الكتاب المسلمين بهذا الموضوع،إلاّ أن الإشارة تجدر إلى وجود خطين اثنين عن المفكرين المسلمين الذين تناولوا موضوع التناسخ،الأول هو خط علماء الكلام المسلمين،و الثاني هو خط الفلاسفة.
أما علماء الكلام فقد وضعوا كتبا عديدة في هذا الموضوع،مناقشين هذه المسألة،مثل مؤلفات بشر بن المعتمر المعتزلي(210 ه825/ م)و الحسن بن4.
ص: 44
موسى النوبختي(من القرن 3 ه9/ م)،الذي وضع كتاب الرد على أصحاب التناسخ (1)،و عبد الجبار الذي وضع كتابا مماثلا في منتصف القرن الرابع الهجري،و عبد القاهر البغدادي(429 ه1037/ م) في كتاب أصول الدين،حيث تكلم على المعاد،إلى ما خصصه ابن حزم(455 ه1063/ م)من صفحات في كتابه الفصل للكلام على التناسخ (2).
أما خط الفلاسفة فقد تمثل بآراء الفارابي (339 ه950/ م)في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة،و ابن سينا(429 ه1037/ م)حيث يشدد الفيلسوفان على العلاقة بين الروح و الجسد فالأرواح تحتاج بالضرورة إلى إعادة لتبقى،كما يقول الأول .أما الثاني فيعتبر أن ارتباط النفس بالجسد طبيعي و بنيوي و ليس بالصدقة،و قد تابع أصحاب ابن سينا الأخذ بأفكاره و وجدوا في فلسفة الإشراق صدى واسعا دائما يؤكد نظريتهم في إبطال التناسخ،كما عند السهروردي (3).ن.
ص: 45
و لقد تابع الكثير من الباحثين فقهاء و علماء كلام و فلاسفة مناقشة فكرة التناسخ في الإسلام و إبطالها، نذكر منهم على سبيل المثال العلامة الحلي(762 ه/ 1371 م)و الملا صدر الدين الشيرازي ممن سيرد ذكرهم،و تعرض آراؤهم في متن نص الكتاب، -موضوع التحقيق-و هوامشه.
قسم الدارسون التناسخ على أقسام و أشكال،فهو نسخ،و مسخ،و فسخ،و رسخ.
أما النسخ: فهو انتقال روح الإنسان إلى جسد آخر،و منه نسخت الآية بالأخرى،و نسخ الآية أزالها، و تناسخ القرون،كما يقول الزمخشري(538 ه/ 1144 م)في كتابه أساس البلاغة،و الرازي(بعد 666 ه/بعد 1268 م)في مختار الصحاح.
أو هو إبطال شيء و إقامة شيء مكانه،و التناسخ تحول من حال إلى حال و منه التناسخية و هذا هو مذهب التناسخية كما عند ابن منظور(711 ه/
ص: 46
1311 م)في لسان العرب و الفيروزآبادي(817 ه/ 1415 م)في قاموسه المحيط (1).
و أما المسخ: فهو تحويل صورة إلى ما هو أقبح منها،و منه شيء مسيخ،و مسخهم اللّه مسخا،أي حوّل صورته و شوه خلقته،و هو انتقال النفس من بدن إنسان إلى بدن حيوان (2).
و أما الفسخ: فهو تفريق الشيء و نقصه،و انتقال الروح الناطقة من بدن الإنسان إلى الحشرات و قيل إلى الأجسام الجمادية كالمعادن (3).
و الرسخ: أخيرا هو انتقال الروح من الجسم إلى8.
ص: 47
النبات و الجماد،أو إلى الجماد نهائيا حيث تترسخ فيه (1).
و هكذا تتدرج مراحل التناسخ من الأعلى إلى الأدنى،من الإنسان إلى الجماد،و التناسخ هو غير التقمص،و هذا المفهوم الأخير يعني أن النفوس البشرية اللطيفة خالدة باقية و الأجسام أقمصة للنفوس، و يقول بالتقمص عدد من المذاهب و الفلسفات في الشرق و في الغرب،و يتميز التقمص عن التناسخ بالمضمون كما بالتسمية بالعربية و بالأجنبية حيث يعني التقمص( La Reincarnation )في حين يعني التناسخ ( La Metampsychose ) (2).8.
ص: 48
تشغل مسألة التناسخ جانبا كبيرا من التراث،إذ بالإضافة إلى الفرق و المدارس العقائدية غير الإسلامية، و الفلسفات القديمة و الحديثة،فإن بعض المسلمين مالوا إلى الأخذ بهذه المسألة،في حين قامت الفرق الإسلامية المختلفة،و المذاهب الفقهية و المدارس الكلامية تدحض هذه الفكرة و تسعى لإبطالها عن طريق الأدلة الشرعية حينا و العقلية حينا آخر،مما خلق نتاجا فكريا واسعا في هذا الموضوع،ففي حين قال الحرنانية و البراهمة و التناسخية و فلاسفة اليونان بهذه المسألة،قامت في أوساط المسلمين فرق تساندهم كالقرامطة و الصيامية و الخابطية،و بعض المعتزلة كأحمد بن أيوب بن مانوس تلميذ النظام،و بعض الكيسانية و غيرها من فرق الشيعة المغالية،و غير الشيعة
ص: 49
كفرق البيانية و الجناحية و الخطّابية و الراوندية و القدرية و غيرهم (1).
و قد تتالت الردود على هذه الفرق،و وضعت المؤلفات في هذه الموضوع،حيث وضع الحسن بن موسى النوبختي كتاب الرد على أصحاب التناسخ (2)إلى جانب الردود المتأخرة و التي حمل كل كتاب منها اسم«إبطال التناسخ»و قد وضع بعض هذه الكتب باللغة الفارسية في حين وضع غالبها باللغة العربية و منها:
-كتاب بطلان النسخ و المسخ،باللغة الفارسية وضعه السيد أبو القاسم ابن الحسين النقوي القمي، اللاهوري،و قد طبع بلاهور-الهند.
-كتاب إبطال التناسخ للشيخ علي الحزين،من أحفاد مرشد الشيخ صفي الدين،جد الصفوية،و الشيخ إبراهيم الزاهدي الجيلاني الذي ولد سنة5.
ص: 50
1103 م1692/ م و توفي في الهند سنة 1181 ه/ 1768 م.
-كتاب إبطال التناسخ لميرزا حسن بن المولى عبد الرزاق اللاهجي المتوفى سنة 1121 ه/ 1710 م،و يوجد ضمن مجموعة في كتب الشيخ جعفر سلطان العلماء بطهران.
-كتاب إبطال التناسخ للشيخ محمد رضا الطهراني النجفي،و هو مطبوع باللغة الفارسية.
-كتاب إبطال التناسخ للمولى محمد علي بن محمد جعفر إمام الجمعة في رشت-إيران،و المتوفى سنة 1320 ه1902/ م،وضع باللغة الفارسية، و طبع مع كتاب المبدأ و المعادلة.
-كتاب إبطال التناسخ،باللغة الأردية،وضعه السيد المعاصر محمد هارون الحسيني الزنجي المقيم بحسين آباد في منطقة البنغال-الهند،و قد توفي سنة 1339 ه1921/ م،و قد طبع الكتاب في لكهنو (1).8.
ص: 51
و هكذا نلاحظ أن فكرة التناسخ-كونها تتعارض مع البعث الجسدي و المعاد و الحساب يوم القيامة،مما يتعارض مع أحد أصول الدين الإسلامي،قد شغلت عددا كثيرا من الباحثين و المؤلفين للرد على مضمونها و دحضها،و كان هؤلاء الباحثون من شتى البلاد الإسلامية و من غير العرب،كالهنود و الإيرانيين مما يعني أن كتاب إبطال التناسخ موضوع هذا التحقيق، و الذي وضعه الإمام السيد حسين يوسف مكي العاملي،لم يكن الأول و لن يكون الكتاب الأخير في هذا المجال،بل هو واحد من الكتب المتأخرة في سلسلة الكتب التي عرفها التراث الإسلامي في هذا الموضوع.
كما أن طريقة عرض الكتاب و منهجه يعبران عن منهجية رجال الدين،و أساتذة جامعة النجف و علمائها حيال هذا الموضوع العقائدي و غيره من العقائد،حيث يكون النقاش من خلال المصادر الدينية،و من خلال اعتماد الموضوعية العلمية،أبرز خصائص العمل العلمي لدى هؤلاء العلماء،و إن اتسم بالحماس كتعبير عن صفاء المعتقد لديهم.
ص: 52
و التعليق عليها،و منهجية المؤلف
وصف المخطوطة:تتألف المخطوطة الوحيدة، و المكتوبة في غالبها بخط يد المؤلف من 56 صفحة ما عدا خمس صفحات(5،6،7،33،34)، كتبت بخط ولده العلامة السيد علي مكي.
و المخطوطة من القطع الصغير،كتبت بخط نسخي جميل واضح،و تحتوي الصفحة الواحدة من المخطوطة على عشرين سطرا كمعدل وسطي،و عدد الكلمات في السطر الواحد يتراوح بين 9-11 كلمة.
تشتمل الدراسة على خمسة عشر عنوانا كبيرا، يندرج تحت بعضها عناوين تفصيلية صغيرة،ما عدا المقدمة و هي من ثلاث صفحات،أما الخاتمة فهي صغيرة و قصيرة،و قد أتت بمثابة استنتاج من ستة أسطر.
ص: 53
تاريخ التأليف: و يلاحظ أن المؤلف قد بدأ كتابة مؤلفه الصغير هذا في 30 شوال من سنة 1387 ه/ 1967 م و كان ذلك في مدينة دمشق.و انتهى منه في 21 ذي الحجة من سنة 1388 ه1968/ م،أي أن مدة التأليف استمرت سنة واحدة و شهرا واحدا و اثنين و عشرين يوما،مما يدل على أن البحث في هذا الموضوع و التأليف فيه لم يكن متواصلا عند السيد المكي،بل كان على تقطع،بسبب انشغالاته الفقهية و التأليفية الأخرى و التدريسية اليومية،و بسبب مهامه كمسئول ديني،و مرجع للطائفة الإسلامية الشيعية في دمشق،إلى مهامه الاجتماعية الكثيرة.
دواعي التأليف: البحث في التناسخ ليس جديدا ليؤلف فيه كتاب جديد،إنما كان هذا الكتاب كما يقول المؤلف استجابة لطلب الجمهور من المؤمنين من بعض أهل العلم،«و قد رغب إلي بعضهم أن أكتب فيه رسالة كشفا عن حقيقته،فرأيت من اللازم أن أجيبه إلى ما طلب».
منهجية البحث و المعالجة: عرض المؤلف آراء القائلين بالتناسخ من فلاسفة و دهريين و غيرهم من فرق و مذاهب بحسب التسلسل التاريخي،ثم قدم بعد ذلك
ص: 54
رأيه معتمدا على الأدلة الإسلامية الإيمانية المعتمدة في التشريع الإسلامي و أولها القرآن و السنة،مستندا إلى تفاسير الطبرسي و الفخر الرازي و الصافي،مشيرا إلى قصور العقل في تفسير كنه الروح و ذلك ليس بسبب العقل نفسه و لكن لكون النفس مخلوقا مجهول الكنه عند العقل فلا بد من الاستعانة بالأنبياء،و من هنا فالمؤلف لا يعتمد طريق الفلاسفة بل يلجأ إلى الإسلام لتفسير حقيقة النفس،و هو كمفكر إسلامي يناقض التناسخ من وجهة نظر الإسلام،و لا يناقش الفلاسفة بالفلسفة بل بالإسلام.
لقد جاء هذا الكتاب جامعا بصورة سريعة و مختصرة كل آراء الفلاسفة و الدهريين،واضعا بين أيدينا معلومات كثيرة عن آراء الفرق الإسلامية و المذاهب الإسلامية، و من هنا أهمية تحقيقه و تقديمه لجمهور القراء.
ص: 55
ص: 56
أولا:صور عن بعض صفحات المخطوط.
ثانيا:متن الكتاب.
ثالثا:فهارس الكتاب:
(أ)فهرس الآيات القرآنية.
(ب)فهرس الأحاديث النبوية و الإمامية.
(ج)فهرس الأعلام.
(د)فهرس الفرق و الجماعات.
(ه)فهرس الأماكن و البقاع.
(و)فهرس المفاهيم و المصطلحات.
(ز)فهرس مصادر التحقيق و مراجعه.
(ح)فهرس مصادر الكتاب و مراجعه.
(ط)فهرس المحتوى.
ص: 57
ص: 58
القسم الثاني
المخطوط
> CS < صورة الغلاف.
ص: 59
> CS < مقدمة الكتاب.
ص: 60
> CS < خاتمة الكتاب.
ص: 61
ص: 62
القسم الثاني
«إبطال التناسخ»
لمؤلفه حسين مكي العاملي 30 شوال سنة 1387 ه
ص: 63
ص: 64
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم الحمد للّه رب العالمين و الصّلاة و السّلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين.
ما أكثر الشذوذ في العالم،فترى الشاذ في ذوقه و سليقته و في أخلاقه و طباعه و أطواره و أحواله،و الشاذ في عقيدته.و الشذوذ قد يكون أحيانا من فساد البيئة و من البعد عن موارد الثقافة الصحيحة و ترك مذاكرة العلماء و الأخذ عنهم ما وعوه و حفظوه من تعاليم الشرائع الحقة،فإن الشرائع السماوية ما جاءت إلاّ لتهذيب النوع الإنساني،و لتصلح له أمور معاشه و معاده و ترشده إلى طرق العقيدة الصحيحة باللّه تعالى و كل ما جاء به الرسل من العقائد،خصوصا الشريعة الإسلامية التي هي الصراط المستقيم لإصلاح كل عقيدة و تهذيب الأخلاق النفسانية.
ص: 65
و من ذلك الشذوذ الاعتقاد بتناسخ الأرواح و انتقالها بعد الموت إلى أبدان أخرى،و قد قال به جماعة ممن كان يتسم بالإسلام جهلا و تقصيرا منهم إذ قالوا، و قبلهم قال به جماعة من الدهريين و الفلاسفة القدامى، و نسب القول به إلى أفلاطون.
و لا غرو إذا وقع الفيلسوف في مثل هذا فإن الفلسفة قد لا تجر صاحبها-في الأكثر-إلى حقيقة بل إلى شكوك و أوهام،و قلّ من ينجو من الفلاسفة من الوقوع في المفاسد أو فساد العقيدة،إذ الفيلسوف الذي لا يتقيد بنواميس شريعة سماوية،و لا يقف عند تلك الشريعة و لا عند العقائد الإسلامية المستفادة من النبي (ص)و من القرآن،لا بد من أن يقع في فساد من العقيدة.
و ترى بعض أهل التناسخ قد استدلوا على دعواهم بآيات من القرآن لا تدل على مدعاهم،و لكنهم أوّلوها على ما يريدون،و سنوقفك على هذه الآيات و على بطلان دعواهم في تفسيرها و شطحاتهم فيه.
و تراهم اعتمدوا في القول بالتناسخ على شبهات و على دليل يصفونه بأنه دليل عقلي،و العقل قاصر عن معرفة حقيقة النفس.
ص: 66
العقل و إن أدرك كثيرا من الحقائق إلاّ إنّه يقف عند ما يتوغل متعمقا في التفكير للكشف عن النفس و الروح و نشأتها و أحوالها في الدنيا و الآخرة،فلا يصل إلى شيء يمكن القطع به،لأن النفس أسمى معنى و شأنا عن أن يدرك العقل وحده حقيقتها و حالاتها مهما كبر و نضج،لأنها مخلوق مجهول الكنه عند العقل فلا يمكنه معرفتها إلاّ بالاستعانة بالأنبياء الذين أمدهم اللّه تعالى شأنه بالعلم و كشف لهم عن الكون و ما فيه من مخلوقات بمقدار ما اقتضت المصلحة كشفه لهم.
النفس الإنسانية ليس لها درجة معينة في الوجود كسائر الموجودات الطبيعية حتى يمكن أن يدعي أحد أنه عرف حقيقتها و أحوالها،بل هي ذات مقامات و درجات متفاوتة و لها نشئات سابقة و لا حقة-من دور الجنين و الصبا إلى الشيخوخة إلى خروجها من البدن، و إلى عالم بقائها في البرزخ،ثم في عالم الخلود- و لها في كل مقام و عالم صورة.
و إذا كان هذا شأنها يتعذر علينا فهم حقيقتها، و القوم-أي الفلاسفة-لم يدركوا إلاّ ما هو من لوازم وجود النفس من جهة البدن و عوارضه من الإدراك و التحريك-مثلا-الذي يشترك به جميع الحيوانات،
ص: 67
و ما أدركوه من تجوهر النفس و بقائها بعد انقطاع تصرفها في البدن و خروجها منه،و غير ذلك مما أدركوه ليس موجبا لفهم حقيقتها،و إذا نظرت في أقوالهم في مباحث النفس عرفت أنهم يهيمون في أودية الشبهات و الظنون،و يخطّئ كل واحد منهم الآخر في دعاواه، و ينتقض أدلته و براهينه عليها،و هذا يوضح أنهم لم يتمكنوا من الوقوف على حقيقة النفس و أفاعيلها، و تفصيل أحوالها على الحقيقة في كل أدوار نشأتها و خروجها من البدن،و ما بعد الخروج و كيفية سريان قوتها في آلات البدن و حواسه و أعضائه.
فمعرفة حقائق الأشياء(و منها النفس)جميعها أو بعضها لا يكون إلاّ بتعليم إلهي و كشف منه تعالى عن حقائقها من طريق رسله و أنبيائه(ع).
و إذا كان الأمر كذلك في معرفة حقائق الأشياء، و إذا كنا لا نعرف النفس و احوالها على الحقيقة في جميع أدوار نشأتها،فكيف يمكن الحكم جزما بأنها تنتقل بعد الموت إلى جسم آخر على سبيل التناسخ، و هل هذا إلاّ جزاف من القول؟.
التناسخ بحث قديم تعرض له الفلاسفة و المتكلمون من الشيعة و السنة،و أبطلوه،و لا نرى للبحث فيه من
ص: 68
جديد أهمية،و لكن عدة أسئلة وردت إليّ حوله،من المؤمنين و من بعض أهل العلم و قد رغب إليّ بعضهم أن أكتب فيه رسالة كشفا عن حقيقته،فرأيت من اللازم أن أجيبه إلى ما طلب،و أرجو أن لا يكون في زماننا هذا من يرى القول به،و إن كان،فعسى أن يكون ذلك لشبهة عرضت له لا تؤدي إلى العقيدة بإنكار المعاد،نعوذ باللّه من ذلك،ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إلى طريق الحق،و وفقنا في جميع الأحوال إلى ما تحب و ترضى.آخر شوال سنة 1387 ه.
حرره في دمشق
حسين مكي العاملي
ص: 69
ص: 70
و الدهرية و غيرهم:
هو انتقال النفس من بدنها الذي كانت فيه إلى بدن آخر من نوع البدن الذي كانت فيه و من غير نوعه، و هكذا تبقى تنتقل من بدن إلى آخر و تترد في الأجسام ما دام الدهر،كلما انتهى دور البدن تنتقل إلى دور آخر فتحل في بدن إلى ما لا نهاية له.و العقاب و الثواب يكونان في دار الدنيا التي يكون فيها أدوار انتقال النفس إلى بدن آخر،لا في دار الأخرى،فالقائلون بالتناسخ على هذا النحو ينكرون المعاد و البعث و الجنة و النار، و ستطلع على ذلك كله موضحا فيما سننقله من أقوالهم في التناسخ.
ص: 71
قال به الحرنانية (1)و هم طائفة من الصابئة قال الشهرستاني في كتابه الملل و النحل (2):و إنما نشأ التناسخ و الحلول من هؤلاء القوم«أي الحرنانية»فإن التناسخ هو أن تتكرر الأكوار (3)و الأدوار إلى ما لا نهاية،و يحدث في كل دور مثل ما حدث في الأول،و الثواب و العقاب في هذه الدار لا في دار أخرى لا عمل فيها،و الأعمال التي نحن فيها إنما هي جزية على أعمال سلفت منا في الأدوار الماضية،فالراحة،و السرور،و الفرح، و الدعة التي نجدها هي مرتّبة على أعمال البر التي سلفت منا في الأدوار الماضية،و الغم و الحزن و الضنك و الكلفة التي نجدها هي مرتّبة على أعمال الفجور التي سبقت.
و قال البراهمة (4)بالتناسخ و هم من الهند،قال:
ص: 72
الشهرستاني فيما نقله عنهم:فأما تناسخية الهند فأشد اعتقادا لذلك«أي للتناسخ»لما عاينوا من طير يظهر في وقت معلوم فيقع على شجرة معلومة فيبيض و يفرّخ،ثم إذا تم نوعه بفراخه حك بمنقاره و مخالبه فتبرق منه نار تلتهب فيحترق الطير،و يسيل منه دهن يجتمع في أصل الشجرة في مغارة،ثم إذا حال الحول و حان وقت ظهوره انخلق من هذا الدهن مثله طير فيطير و يقع على الشجرة،و هو أبدا كذلك،قالوا:فما مثل الدنيا و أهلها في الأدوار و الأكوار إلاّ كذلك.
و قال به شرذمة قليلة من الحكماء المعروفين بالتناسخية و هم أقل الحكماء تحصيلا و أسخفهم رأيا حيث ذهبوا إلى امتناع تجرد شيء من النفوس بعد المفارقة للبدن المخصوص لأنها جرمية دائمة التردد في أبدان الحيوانات و غيرها،فالتناسخ عندهم انتقال النفوس الإنسانية من أبدانهم إلى أبدان الحيوانات المناسبة لها في الأخلاق و الأعمال من غير خلاص،أي أن النفوس تتردد منتقلة من بدن إلى بدن آخر مغاير له5.
ص: 73
ترددا لا نهاية له دائم الأدوار.كما تقدم نقله عن الحرنانية (1)من الصابئة.
أقول: هذا القول يلزم فيه القول بإنكار المعاد- و العياذ باللّه-و يلزم منه أيضا أن تكون النفس جسما و ليست جوهرا مجردا و هو باطل لأنها جوهر مجرد كما حقق في محله،و مع ذلك هو قول باطل،لأن انتقال الصور و الأجسام المنطبعة و الحالّة في الأجسام ممتنع لفسادها بفساد ما كانت فيه فلا يمكن عودها إلى جسم آخر.
و قال به يوزاسف التناسخي الذي قيل إنه هو الذي شرّع دين الصابئة لطهمورث الملك.و قال به قبله حكماء بابل و فارس (2).
و قال به جماعة من الصيامية،و هم قوم كانوا يمسكون عن طيبات الرزق و توجهوا في عبادتهم إلى النيران تعظيما لها و أمسكوا عن النكاح و الذبائح (3).3.
ص: 74
و قال به جماعة آخرون ذكرهم ابن حزم في كتاب (الفصل في الملل و النحل) (1).
قال:افترق القائلون بالتناسخ على فرقتين،ذهبت الأولى إلى أن الأرواح تنتقل بعد مفارقتها الأجسام إلى أجساد أخرى و إن لم تكن من نوع الأجساد التي فارقت،و هذا قول أحمد بن خابط،و أحمد بن نانوس تلميذه،و أبي مسلم الخراساني،و محمد بن زكريا الرازي الطبيب،صرح بذلك في كتابه الموسوم بالعلم الإلهي و هو قول القرامطة (2).ه-
ص: 75
قال:و ذهب هؤلاء إلى أن التناسخ إنما هو على سبيل العقاب،قالوا:فالفاسق السيئ الأعمال تنتقل روحه إلى أجساد البهائم الخبيثة المرتطمة في الأقذار، و المسخّرة المؤلمة،الممتهنة بالذبح.و ذهبت الفرقة الثانية و هم من الدهرية إلى أن الأرواح تنتقل إلى أجساد من نوعها،و لا يجوز أن تنتقل إلى غير النوع التي أوجب طبعها الإشراف عليه و تعلقها بها،فالنفس تردد في الأجساد أبدا.)-
ص: 76
و قال الشهرستاني في كتابه«الملل و النحل» (1):إن القول بالتناسخ من بدع الخابطية أصحاب أحمد بن خابط (2)،و قال به رئيسهم أحمد بن خابط،و شيخ المعتزلة أحمد بن أيوب بن مانوس تلميذ النظام،و ذكر الشهرستاني«في الملل و النحل»في تعريفه للتناسخ كلاما يشبه ما ذكره عن الحرنانية في تعريفه،مع تفاصيل أخرى،فراجع كلامهم المحكي عنهم في كتابه الملل و النحل ج 1 ص 253 (3).
و نسب القول بالتناسخ إلى طائفة من الكيسانية،نسبه إليهم ابن حزم في كتابه«الفصل في الملل و النحل» (4)،2.
ص: 77
و نسب القول به إلى السيد الحميري الشاعر ثم لعنه (1)ثم استرسل(أي ابن حزم)في نسبة أمور إلى الشيعة هم منها براء فراجع كتابه فيما كتبه ثم انظر هل يمكن مع إشاعة هذه الأقاويل الباطلة و تلقينها للعوام أن تصلح حال المسلمين؟،راجع كتابه ج 4 من ص 179- 188،تر الكثير من الافتراءات على الشيعة.
و نسب القول بالتناسخ إلى عبد اللّه بن الخرب الكندي نسبه إليه الكوفي نسبه إليه ابن حزم في كتاب الفصل (2)..
ص: 78
و نسب القول به إلى محمد بن نصير النميري، نسبه إليه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (1).
و نسب القول به إلى بيان بن سمعان التميمي، نسبه إليه ابن حزم في كتابه«الفصل» (2)و قال:إن فرقة قالت بنبوة بيان بن سمعان،و صلبه و أحرقه خالد بن عبد اللّه القسري.و قال الشهرستاني في«كتابه الملل و النحل»ما ملخصه:و يقول بالتناسخ بيان بن سمعان النهدي القائل بألوهية أمير المؤمنين علي(ع)قال فيما حكاه عنه:حل في علي جزء إلهي و اتحد بجسده، فيه كان يعلم الغيب إذ أخبر عن الملاحم و صح الخبر، و به كان يحارب الكفار،إلى أن قال:ثم ادعى بيان أنه قد انتقل إليه الجزء الإلهي بنوع من التناسخ،و قد دعا(أي بيان)محمد بن علي بن الحسين(ع)إلى نفسه،و توعده و هدده في كتاب أرسله إليه مع عمر بن أبي عفيف،يقول فيه مخاطبا الإمام الباقر(ع):«أسلم تسلم،و يرتقي من سلم فإنك لا تدري حيث يجعل اللّه النبوة،فأمر الباقر(ع)5.
ص: 79
الرسول الذي جاء بالكتاب من(بيان)أن يأكل القرطاس الذي جاء به فأكله فمات في الحال» (1).
فبيان هذا ادعى لنفسه النبوة كما يظهر من كلام الشهرستاني الذي نقلناه و من كتاب فرق الشيعة للنوبختي،و كان يدعي أنه هو المعنيّ بقوله تعالى:
هذا بَيانٌ لِلنّاسِ (2) .
و هذا ما يظهر موقف بيان و ادعاءه الباطل و زيغه عن الحق و فساد عقيدته.و يوجد في هذا الزمان من يقول بالتناسخ أو ينسب إليه ذلك فقد حكي عن فئة أنهم يقولون:«إن المرأة تؤول إلى المسوخية،و تتقمص رجلا عن طريق التناسخ إذا أفنت حياتها بالبر و التقوى فتعيش جيلا في شخصية الرجل جزاء لبرها في الجيل الأسبق،ثم تعود إلى ثوب المرأة ثم إلى المسوخية و الهلاك،و إنهم ينتهون بأنفسهم إلى عالم الخلود و الصفاء الروحاني،فيمسون كواكب و أنجما،و من عداهم له الخزي و العار و يكن من عالم البهائم و الحشرات».8.
ص: 80
و قد رأيت في كتاب الهفت الشريف (1)ما يؤكد هذه الدعوى و هي قولهم بالتناسخ-إن صحت نسبة الكتاب المذكور إليهم-،و المسخ و الرسخ و النسخ، فراجع منه ص 47 باب معرفة الأكوار و الأدوار،و صفحه 89،و باب معرفة تراكيب المسوخية و تراكيب الناسوتية ص 146 و 147،و باب معرفة قلّة المؤمنين ص 162 و 169،و باب معرفة فعل الصفات بالأولياء ص 143 و 144 و 145،و يكثر عندهم القول بالتناسخ و لكن بطريق المسخ،فأكثروا في هذه الأبواب التي أشرنا إليها من ذكر المسخ و المسوخية.ت.
ص: 81
المصيبة الكبرى أنهم يروون هذه الأقاويل في هذه الأبواب عن الإمام الصادق(ع)مع أن الإمام الصادق (ع)يرى أن القائل بالتناسخ كافر،و إليك رواية عنه (ع)تصرح بكفر أهل التناسخ،فتعال معي لنقرأ ما وصف به الإمام الصادق أهل التناسخ:
روى هشام بن الحكم (1)أن زنديقا سأل الإمام الصادق(ع)عن التناسخ فقال له:أخبرني عن تناسخ الأرواح من أي شيء قالوا ذلك و بأي حجة قاموا على مذاهبهم؟.
قال الصادق:«إن أصحاب التناسخ قد خلّفوا وراءهم منهاج الدين و زينوا لأنفسهم الضلالات، و أمزجوا أنفسهم في الشهوات،و زعموا أن السماء خاوية ما فيها ما يوصف،و أن مدبر هذا العالم في صورة المخلوقين بحجة من روى أن اللّه عزّ و جلّ خلق آدم على صورته،و أنه لا جنة و لا نار،و لا بعث و لا نشور،و القيامة عندهم خروج الروح من قلبه و ولوجه
ص: 82
في قالب آخر،فإن كان محسنا في القالب الأول أعيد في قالب أفضل منه حسنا في أعلى درجة من الدنيا، و إن كان مسيئا أو غير عارف صار في بعض الدواب المتعبة في الدنيا أو في هوام مشوبة الخلقة،و ليس عليهم صوم (1)و لا صلاة و لا شيء من العبادة أكثر من معرفة ما تجب عليهم معرفته،و كل شيء من شهوات الدنيا مباح لهم من فروج النساء و غير ذلك من الأخوات و البنات و الخالات و ذوات البعولة،و كذلك الميتة و الخمر و الدم،فاستقبح مقالتهم كل الفرق،و لعنهم كل الأمم،فلما سئلوا الحجة زاغوا و حاروا،فكذب مقالتهم التوراة،و لعنهم الفرقان (2)،و زعموا مع ذلك أن إلههم ينتقل من قالب إلى قالب،و أن الأرواح الأزلية هي في آدم،ثم هلم جرا تجري إلى يومنا هذار.
ص: 83
في واحد بعد آخر،فإذا كان الخالق على صورة المخلوق فبم يستدل على أن أحدهما خالق صاحبه؟، و قالوا:إن الملائكة من ولد آدم،كل من صار في أعلى درجة من دينهم خرج من منزلة الامتحان و التصفية فهو ملك،فطورا تخالهم نصارى في أشياء،و طورا دهرية يقولون إن الأشياء على غير الحقيقة،فقد كان يجب عليهم أن لا يأكلوا شيئا من اللحمان لأن الدواب كلها عندهم من ولد آدم حوّلوا من صورهم فلا يجوز أكل لحم القربات».
فإذا تأملت في هذه الرواية علمت أن الإمام الصادق(ع)يرى أن القائل بالتناسخ كافر لأنه و أمثاله تركوا الدين و زينوا لأنفسهم الضلالات و لأنهم قالوا بأنه لا جنة و لا نار و لا بعث و لا نشور،و أن القيامة عندهم على ما وصفه في كلامه(ع) و لأنهم يقولون إن اللّه تعالى له صورة كصورة المخلوقين و هذا موجب للكفر أيضا،و لأنهم يرون أن إلههم ينتقل في الأجسام كما هي مقالة أهل العقائد القائلين بحلول إلههم في المخلوق،و طورا تراهم كالدهرية لأنهم يرون أن الطبيعة ليست إلها،و أن الأشياء خلقت على غير الحقيقة أي بالإهمال من دون أن يكون لها صانع راعى
ص: 84
الحكمة في خلقها،و سيأتي في فصل أدلة بطلان التناسخ نقل روايات صريحة بأن القائل بالتناسخ كافر.
و قوله(ع)في آخر الرواية:أن لا يأكلوا اللحمان إلخ يشير إلى ما ذكره أولا من مقالة التناسخيين من أن المسيء يصير في بعض الدواب المتعبة أي يصير حيوانا فهو ابن آدم فكيف يأكلون لحمه؟.
هذا ما صرّح به الإمام الصادق(ع)من العقيدة بأهل التناسخ فكيف يمكن أن تصح الروايات التي نسبوها إلى المفضل بن عمرو و أنه رواها عن الإمام الصادق(ع)،فكل ما نسب من الرواية إلى المفضل عن الإمام الصادق-في كتاب الهفت-مكذوب لا حجة له،أضف إلى ذلك ما حواه كتاب(الهفت)من المتناقضات و الحشو و ركاكة التعبير التي لا تصدر من الإمام الفصيح البليغ،و ما ورد فيه من التعبير بالنسخ و المسخ و الرسخ و الفسخ مما هو من أقسام التناسخ عند بعض الفلاسفة كما سنذكره في أقسامه،و التعبير بالأدوار و الأكوار-كما في الباب الثالث،و الباب السابع و العشرين من كتاب الهفت-مما هو من تعبير الفلاسفة (غير المسلمين)القائلين بالتناسخ،كل ذلك يشهد بأن هذا الكتاب قد أخذ الكثير منه من مقالات بعض
ص: 85
الفلاسفة القائلين بالتناسخ و غيرهم،و لا سيما و أنه قد ورد في هذا الكتاب من العبائر الدالة على أن اللّه تعالى جسم-و العياذ باللّه،راجع الباب الأول منه-و ما فيه من تفسير الآيات القرآنية على غير وجهها،فإن ذلك كله يقضي بعدم صحة نسبة ما فيه من الروايات إلى الإمام الصادق(ع)،لبراءته مما قيل فيه من القول بالتجسيم،فإنه لديه(ع)موجب للكفر.
و قد ورد عنهم أن أفلاطون في جدولهم النوراني بمنزلة محمد المصطفى(ص)،و أرجو أن لا يكون الآن من يعتقد بهذه العقيدة،و أن يتنبه الناس و يتبصروا و يفكروا في طريق الصواب فإنه واضح لمن تدبر،و أن يفكروا في قبح تنزيل أفلاطون منزلة النبي الأعظم(ص) الذي هو أفضل جميع مخلوقات اللّه تعالى في كل النواحي و أني لمثل أفلاطون أن يضاهي من هو دون النبي(ص)أ ليس هذا التشبيه و التنزيل من الكفر؟ و كيف غفل عنه القائل بهذه المقالة إن كان مسلما.
في تفسير قوله تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ (1):
ذهب القائلون بالتناسخ إلى أن الأرواح البشرية إن كانت سعيدة مطيعة للّه تعالى موصوفة بالمعارف الحقة و بالأخلاق الطاهرة فإنها بعد موتها تنتقل إلى أبدان الملوك و ربما قالوا:إنها تنتقل إلى مخالطة عالم الملائكة،و أما إن كانت شقية جاهلة عاصية فإنها تنتقل إلى أبدان الحيوانات،و كلما كانت تلك الأرواح أكثر شقاوة و استحقاقا للعذاب نقلت إلى حيوان أخس و أكثر شقاوة،و احتجوا على صحة قولهم بهذه الآية،يعني التي أشرنا إليها و سننقلها في جملة أدلتهم الآتي ذكرها،و نتكلم فيما يدفع استدلالهم بها.
و قال الفخر الرازي فيما نقله عنه في(مجمع البحرين في مادة نسخ):«إن المسلمين يقولون بحدوث الأرواح وردها في الأبدان لا في هذا العالم، و التناسخية يقولون بقدمها وردها في هذا العالم، و ينكرون الآخرة و الجنة و النار و إنما كفروا من هذا الإنكار» (2).ن.
ص: 87
بل يكفرون لأجل هذا و لقولهم بقدم النفوس،لأنه لا قديم سوى اللّه تعالى شأنه كما برهن عليه في كتب التوحيد و الكلام.
و قال في(مجمع البحرين)في مادة روح:
«التناسخ الذي أطبق المسلمون على بطلانه هو تعلق الأرواح بعد خراب أجسامها بأجسام أخرى في هذا العالم مترددة في الأجسام العنصرية».
ص: 88
ذكر كتاب البحار أقساما للتناسخ حكاها عن بعض الفلاسفة و ذكرها أيضا الفيلسوف الشيعي الكبير محمد بن إبراهيم المعروف بملاّ حسن،أو صدر الدين الشيرازي،و ذكرها أيضا الحكيم الفيلسوف الشيخ هادي السبزواري في منظومته،قال في البحار (1)مع تصرف منّا في عبارته:و أن التناسخ أربعة أقسام هي:
ص: 89
النسخ: و هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر إنساني.
المسخ: و هو انتقالها من بدن إلى بدن حيوان آخر من البهائم و غيرها كما قال به بعض التناسخية.
الفسخ: و هو انتقالها إلى نبات كما قال به بعض التناسخية.
الرسخ: و هو انتقالها إلى جماد كما قال به بعض التناسخية،و بعض الفلاسفة يرى انتقالها إلى جرم سماوي.
ثم تنقسم هذه الأقسام إلى قسمين تناسخ اتصالي كانتقال النفس على سبيل الاتصال في مادة واحدة، كما في ترقي الإنسان من الجماد إلى النفس النباتية، ثم إلى الحيوانية ثم إلى الإنسانية.
و إلى تناسخ انفصالي و هو رأي التناسخية،أعني انتقال النفس بعد مفارقتها البدن إلى بدن آخر ينفصل عن الأول.
ثم إن هذه و تلك الأقسام الأربعة قسمت من حيث الصعود و النزول إلى قسمين:تناسخ صعودي و تناسخ نزولي.
ص: 90
فالصعودي: هو انتقال النفس من بدن إنساني إلى بدن إنساني منفصل عن البدن الأوّل على سبيل الترقي و الصعود بأن تترقى فتنتقل إلى بدن ملك من الملوك أو إلى غيرهم من السعداء و الكاملين،أو إلى ملك من الملائكة،أو تنتقل من النفس النباتية إلى الحيوانية كالدود،ثم إلى أعلى مرتبة حيوانية،ثم إلى رتبة الإنسانية (1).
و النزولي: أن تنتقل من بدن الإنسان إلى جسم غير إنساني،فتنتقل إلى جسم نباتي،أو تنتقل من بدن الإنسان إلى جماد كما نسب إلى إخوان الصفا (2)ا.
ص: 91
أو تنتقل إلى بدن حيواني كالبهائم و غيرها كما في الناقصين من الناس و الأشقياء على طبقاتهم.
و هذا النوع الأخير من التناسخ النزولي ينسب إلى (يوزاسف)و من قبله من حكماء بابل و فارس (1)و تظهر نسبته إلى غيرهم من ملاحظة ما ذكرناه آنفا من أقوال القائلين بالتناسخ،و قد تقدم نقل كلام ابن حزم في تفصيل الفرق بين القائلين بالتناسخ،و أن بعض الدهريين يقول بأن النفس تنتقل من بدنها الإنساني إلى بدن آخر من نوعها.
إنك إذا تأملت هذا الصعود و النزول في تقسيم التناسخ ترى العجب و الخرافات التي يربأ كل إنسان عاقل أن يعتقد بها.و لا بأس بأن ننقل لك رأي (يوزاسف)التناسخي القائل بالأكوار و الأدوار،و من قبله من حكماء بابل و فارس-الذين تبعهم على رأيهم كثير ممن يقول بالتناسخ-في التناسخ النزولي موضحين لك هذا الرأي ببيان واضح ليمكنك فهمه و تقف على محله من السقوط و السخافة و تتنبه و أنت تطالع إلى سخافة القول بالتناسخ و تسامي العقل الصحيح عن أن0.
ص: 92
يقرّه،قال ما حاصله (1):«إن أول منزل-الذي تحل فيه لأن يوزاسف يقول بأن الروح جسم حالّة و منطبعة في البدن-هو البدن الإنساني،و يسمونه باب الأبواب لحياة جميع الأبدان الحيوانية و النباتية،يعني أن البدن الإنساني تنتقل منه النفس إلى جميع الحيوانات الأرضية،فحياة جميع هذه الحيوانات تكون بانتقال النفوس الإنسانية إليها،فلا حيوان عندهم غير الإنسان،فبحسب ما يكون له من الأخلاق الذميمة يكون له أبدان حيوانية مناسبة لذلك الخلق،فنفسه تنتقل إلى أبدان حيوان يناسب خلقه،و اختلاف الحيوانات في الحقائق إنما هو لاختلاف الناس في الأخلاق المحمودة و المذمومة،فنفسية الخنزير مثلا إنما هي خلق ذميم للإنسان،فانتقلت نفسه(أي الإنسان) إلى الخنزير لأن الخلق الذميم الذي كان في الإنسانن.
ص: 93
انتقل منه إلى نفس الإنسان الموصوفة بالخلق الذميم إلى حيوان يناسب خلقه رداءة و رذالة و خباثة،فخلق الحرص و الشره يناسب الخنزير و النملة لاشتراكهما في خلق الحرص،و ان اختلفا فيه شدة و ضعفا،و خلق السرقة يناسب الفأرة و هكذا انتهى ملخصا و موضحا».
و على رأي هؤلاء لا يكون في الإنسان من هو سعيد و كامل إلاّ القليل جدا،بل غالب أفراده تكون في شقاء تنتقل نفوسهم إلى أبدان حيوانات تناسب حقائقها أخلاقهم الذميمة،و يكون التناسخ عندهم في الأغلب نزوليا من النفس الإنسانية إلى النفس الحيوانية و أبدان البهائم الشرسة و الهيئات الظلمانية،و الحيوانات الصامتة التي تنتقل نفس الإنسان إلى أبدانها هي عندهم الجحيم و عالم العناصر،و الذي يكون سعيدا و كاملا و ترتقي نفسه إلى الملكوت الأعلى قليل جدا عندهم.
و يلزم أيضا على رأيهم أن يتصل وقت فساد البدن الذي كانت فيه بوقت وجود البدن الحيواني الصامت، ففي آن خروج الروح من البدن يوجد ذلك البدن الحيواني المناسب لخلق النفس و تنتقل إليه من الإنسان بلا تعطيل،فالإنسان بموته يحل في بدن كلب أو خنزير أو فأرة أو حمار أو بغل،أو نملة أو نمر أو أسد و هكذا
ص: 94
إلى آخر ما يترتب على قولهم من الخرافات التي لا يقبلها العقل فضلا عن الشرائع المقدسة،و دعاواهم هذه باطلة فتكون دعوى التناسخ باطلة كما سنوقفك على أدلة بطلانها.
و من الذي أطلع على هذا الانتقال و التولد الحيواني،و من الذي عرف هذا التولد؟و من الذي رأى نفس الإنسان يخرج إلى هذا الوجود حيوانا كلبا أو خنزيرا أو غيرهما؟على قولهم هذا تخرج النفس من بدن الإنسان و تدخل فورا إلى ما في بطن أم الحمار من حمل ثم يولد فورا حمارا أو يبقى في بطنها حمارا حتى يأتي موعد ولادتها فيخرج حمارا له نفس حمار و نفس إنسان،لأنه على مقتضى دعواهم كان قبل ولوج نفس الإنسان فيه ذا نفس حمارية أو تغلب النفس الحمارية النفس الإنسانية فيكون حمارا محضا،و هكذا إلى آخر ما يلزم قولهم من الخرافات و البدع و الأفكار السخيفة.
و من العجب كيف صار أهل هذا القول فلاسفة، و كيف نسج على منوالهم بعض من يتسم بسمة الإسلام،و انخدع بأقوالهم من تبعهم عليها غفلة أو قصورا أو تقصيرا عن النظر في أن العقل البشري الذي هو أعظم هبة من اللّه للإنسان،و لا يقبل ذلك إلاّ من
ص: 95
عاش في عزلة و لم تشرق عليه أنوار العقل الصحيح، و الشرائع السماوية المقدسة و لم تقومه التعاليم الإسلامية الصحيحة،و لا تعاليم غيرها من الشرائع السابقة عليها.
فظهر من جميع ما أسلفنا ذكره و تلوناه من أقوال أهل التناسخ و أقسامه أن النتيجة المترتبة عليها، و المقصودة منها هو إنكار البعث و المعاد،و أن الثواب و العقاب يكون في دار الدنيا،و أبدان الحيوانات التي تنتقل إليها نفس الإنسان هي الجحيم و النار التي يعذب فيها،و أبدان الملوك و السعداء هي النعيم،و إذا ترقت نفوس الملوك و السعداء إلى نفوس الملائكة كانت ملائكة و عقلا،فيزداد عدد الملائكة على هذا إلى ما شاء اللّه،و يزداد عدد السعداء،و تكثر المسوخ،و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه،و نحمده تعالى على أن وهب لنا عقولا تسامت عن الوقوع في مثل هذه البدع و الخرافات،و الأوهام و الأفكار المردودة.
إن ما سمي من أقسام التناسخ تناسخا اتصاليا ليس
ص: 96
داخلا في التناسخ الباطل لأنه دور ينمو في جسم الإنسان،و تكامل في نفسه،و انتقال من القوة إلى الفعل،و من الضعف إلى القوة،و من النطفة و العلقة إلى الجنين فإلى الطفولة و الصبا،فإلى الشباب، فالشيخوخة،فالهرم،و في كل هذه المراحل يكون للنفس شأن و تحول من الضعف إلى القوة،إلى درجات الكمال و الصفاء.
و إن ما سمي من أقسامه فسخا و رسخا ليس هو من أقسامه الباطلة أيضا،لأن النفس جوهر مجرد لا ينتقل إلى جماد،إذ هو جسم،و النفس ليست جسما قائما بذاته،و لا قائما في جسم بنحو الانطباع و الحلول، و إلاّ جاز عليها الانقسام و التجزئة،و كانت ذات وضع و حيّز،و لا تنتقل إلى نبات،لأنها لا تنزل من الفعل إلى القوة (1)كما سيأتي بيانه في دليل إبطال التناسخ الانفصالي نزوليا كان أم صعوديا،كما أنها لا تنتقل إلى جرم فلكي لأن جوهريتها المجردة تنافي ذلك.ى.
ص: 97
ليس المسخ من التناسخ أصلا فضلا عن أن يكون من أقسامه الباطلة،و يتضح هذا بالبحث عن حقيقة المسخ.
و هو-كما جاء في مجمع البحرين في مادة مسخ- تحويل صورة إلى ما هو أقبح منها يقال:«مسخه اللّه قردا».
و نص على هذا المعنى بعض المحققين،و صرّح به في البحار في الفائدة الثالثة في أحوال النفس، فالمسخ فيه ليس إلاّ تغيير صورة الممسوخ و هيئته،و لا تتغير نوعيته الإنسانية،و لا تنتقل روح الممسوخ إلى بدن آخر،بل يبقى إنسانا على صورة قرد مثلا،ثم يموت إنسانا.
و تغير صورة الشخص إلى صورة أقبح مع بقائه حيا ليس نسخا،إذ النسخ كما ذكرناه أن يموت الشخص، ثم تنتقل نفسه بعد الموت إلى بدن إنسان أو حيوان آخر.
و لا يوجد مسوخ اليوم،بل وجد المسخ في بعض الأمم السابقة،و الذي يمسخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام،و إليك جملة من الروايات الدالة على ما ذكرناه.
ص: 98
روي في البحار (1)عن أبي جعفر الباقر(ع):أن الفرقة المعتزلة عن أهل السبت لما دخلوا قريتهم بعد مسخهم عرفت القردة أنسابها من الإنس و لم يعرف الإنس أنسابها من القردة،فقال القوم للقردة(أي الممسوخين):«أ لم ننهكم».
و قال في البحار:و في تفسير العسكري (ع):«مسخهم اللّه قردة و بقي باب المدينة مغلقا لا يخرج منهم أحد،و لا يدخل إليهم أحد،و تسامع بذلك أهل القرى،فقصدوهم و تسنموا حيطان البلد، فاطلعوا عليهم،فإذا كلهم رجالهم و نساؤهم قردة يموج بعضهم في بعض،يعرف هؤلاء الناظرون معارفهم و قراباتهم و خطؤهم،يقول المطلع أنت فلان،أنت فلان؟فتدمع و يومي برأسه أي نعم».
و هاتان الروايتان تدلان على أن المسخ لا يبدل إلا صورة الإنسان مع بقائه إنسانا حيا،و أنه ذلك الإنسان الذي كان قبل المسخ و أين هذا من التناسخ؟.
و روى الصدوق رحمة اللّه في علل الشرائع (2)خ.
ص: 99
بإسناده عن عبد اللّه بن الفضل قال قلت لأبي عبد اللّه (ع):قول اللّه عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (1)قال (ع):«إن أولئك مسخوا ثلاثة أيام،ثم ماتوا و لم يتناسلوا،و إن القردة اليوم مثل أولئك و كذلك الخنزير و سائر المسوخ ما وجد منها اليوم من شيء فهو مثله، لا يحل أن يؤكل لحمه الحديث».
و روى في عيون أخبار الرضا(ع)بإسناده عن علي بن محمد بن الجهم قال:سمعت المأمون يسأل الرضا علي بن موسى(ع)،عما يرويه الناس من أمر الزهرة،و إنها كانت امرأة فتن بها هاروت و ماروت،ة.
ص: 100
و ما يروونه من أمر سهيل أنه كان عشّارا باليمن،فقال (ع):«كذبوا في قولهم،إنهما كوكبان،و إنهما إنما كانتا دابتين من دواب الأرض فغلط الناس،و ظنوا أنهما كوكبان،و ما كان اللّه عز و جلّ ليمسخ أعداءه أنوارا مضيئة ثم يبقيها ما بقيت السماوات و الأرض،و أن المسوخ لم تبق أكثر من ثلاثة أيام حتى ماتت،و ما تناسل منها شيء،و ما على وجه الأرض مسخ،و إن التي وقع عليها المسوخية مثل القرد و الخنزير و أشباهها،إنما هي مثل ما مسخ اللّه على صورها قوما غضب اللّه عليهم و لعنهم بإنكارهم توحيد اللّه و تكذيبهم رسله،و أما هاروت و ماروت فكانا ملكين علّما الناس السحر ليحترزوا عن سحر السحرة و يبطلوا به كيدهم، و ما علما أحدا من ذلك شيئا الاّ قالا له:«إنما نحن فتنة فلا تكفر»فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز منه،و جعلوا يفرقون بما تعلموه بين المرء و زوجه،قال اللّه عزّ و جلّ: وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ يعني بعلمه» (1).
و هاتان الروايتان أيضا تدلان على ما ذكرناه،2.
ص: 101
و الإجماع منعقد من المسلمين (1)على أنه لا شيء من البهائم،و القردة،و الخنازير،من ولد آدم،و ما يمسخ على صورتها لا يكون حيوانا،بل هو إنسان تغيرت صورته كما ذكرنا،و الرواية المذكورة تنفي أن يكون على وجه الأرض مسخ اليوم،فمن يدعي أن العصاة و الأشقياء يمسخون قردة أو غيرها من الحيوانات تكون دعواه خرافة باطلة لا يؤيدها أي دليل.خ.
ص: 102
قد اتضح مما ذكرناه من أقوال التناسخيين،و ما نقلناه من دعاواهم أن منهم من ينتحل الإسلام،و منهم دهريون من فلاسفة قدماء،و صابئة،و براهمة،و قد ذكر من دوّن أقوالهم و أبطلها،أدلة من آيات استدل بها منتحلو الإسلام منهم،و براهين عقلية،و سنذكرها و نتبع كل دليل بالرد عليه.
استدلوا بآيات المسخ،و تقدم قريبا الكلام عليها، و منع صحة التعلق بها على مدعاهم فراجع ما أشرنا إليه في تحقيق أن المسخ ليس نسخا.
و استدلوا بآيات كما نقل ذلك عنهم ابن حزم في الفصل ص 92 ج 1،و كما ورد في البحار ج 14، مبحث أحوال النفس،و في الأسفار ج 4.
1- منها قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (1).
ص: 103
1- منها قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (1).
و الجواب: إن هذه الآية واردة في مقام بيان ابتداء خلق الإنسان و إبداعه و تركيبه على أحسن صورة و أعدلها حتى لا يشبهه شيء من الحيوانات،كما يدل عليه قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (2)و اللّه تعالى قادر على أن يخلقه و يركبه على غير هذه الصورة التي ركّبه عليها،و لكن خلقه على أحسن تقويم، فاستحق على الإنسان الشكر و الطاعة و لكنه لم يشكر، بل خالف و عصى،و ليس في هذه الآية تعرض لانتقال الروح بعد الموت إلى جسم آخر أصلا.
2- قوله تعالى: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَ مِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ (3).
و الجواب: الذرأ هو الخلق،أي يذرؤكم في هذا التدبير بأن جعل لكم من الذكور و الإناث للتناسل و التوالد،و جعل لكم من الأنعام أزواجا للتناسل لتنتفعوا بها في معاشكم،فالآية بمعزل عن الذي يدعيه التناسخيون فالتشبث بها لمدعاهم من الغباوة و الجهل.1.
ص: 104
3- قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ* ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (1).
يريدون من التسافل ما يدعونه في التناسخ من انتقال نفس الإنسان بعد الموت إلى جسم حيوان.
و الجواب: إن الرد إلى أسفل سافلين يحتمل فيه أمران لا غير.
«الأول»: التسافل إلى أرذل العمر و الخرف و الهرم،و نقصان العقل،فبعد أن كان على أحسن تقويم في الشكل و الصورة،و كمال النفس و العقل و اعتدال الجوارح و جميع ما خلقه اللّه فيه،و كان قويا في سمعه و بصره و عقله،يعود ضعيفا في قواه،في بصره و سمعه و عقله،فيهرم،و يخرف،و يعجز عن القيام،و ينسى ما كان علمه،و هذا المعنى محكي عن ابن عباس و غيره،و يشير إليه قوله تعالى: وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً (2).
و يشير إليه صدر الآية لأنه خلقه على أحسن تقويم0.
ص: 105
ثم رده إلى عكس ما كان عليه.
«الثاني»: الرد إلى النار لأن جهنم بعضها أسفل من بعض،كما رواه الفخر الرازي في تفسيره عن علي عليه الصلاة و السلام،فالكافر بعد أن خلقه اللّه تعالى في أحسن خلقة مع العقل،و الحرية،و التكليف، عصى و كفر فاستحق الرد إلى النار إلى أسفل درك، و يؤيد هذا الاحتمال استثناء الذين آمنوا،فإنهم لا يدخلون النار إذا عملوا الصالحات،و يؤيده قوله تعالى: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (1)،أي فما يحملك أيها الإنسان بعد هذه الحجج على أن تكذب بيوم الجزاء و الحساب في الآخرة،أ لم تعلم أن القادر على خلقك في أحسن تقويم قادر على أن يبعثك و يعيدك للحساب و الجزاء؟أو يكون الخطاب للنبي(ص)،أي فمن يكذبك أيها الرسول(ص)بالدين الذي هو الإسلام بعد هذه الحجج،و على كلا الاحتمالين تكون الآية الشريفة بعيدة عما يدعيه أهل التناسخ،فمن قلّة التدبر في معناه أن يتمسكوا بها على مدعاهم.
4- قوله تعالى: وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ7.
ص: 106
مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (1) .
قال في مجمع البيان:استدلت جماعة من أهل التناسخ بهذه الآية على أن البهائم و الطيور مكلفة لقوله تعالى: أَمْثالُكُمْ ،و هذا باطل لأنا قد بيّنا أنها من أي وجه تكون أمثالنا،و لو وجب حمل ذلك على العموم لوجب أن تكون أمثالنا في كونها على صورنا و هيئاتنا،و خلقنا،و أخلاقنا،و كيف يصح تكليف البهائم و هي غير عاقلة و التكليف لا يصح إلاّ مع كمال العقل.
و نحو هذا الكلام ذكر الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (2)،فإنه قال:إن أهل التناسخ يقولون إن الروح البشرية إذا كانت شقية جاهلة عاصية تنتقل إلى أبدان الحيوانات،و استدلوا على صحة قولهم بهذه الآية لأن لفظ المماثلة يقتضي حصول المساواة في جميع الصفات الذاتية.
و الجواب: أنه لا يمكن إرادة العموم من المماثلة،لما ذكره في(مجمع البيان)من عدم كونها1.
ص: 107
مثلنا لأن التكليف مشروط بالعقل،و لا عقل لغير الإنسان،و إذا لم تكن إرادة العموم يبقى المراد من المماثلة مجملا،و المتيقن منه أنها مثلنا في أن اللّه تعالى خلقها،و مثلنا في أنها تحشر يوم القيامة كما يدل عليه قوله تعالى: وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (1)ليعوض اللّه تعالى عما لحقها من الآلام ما تستحق من العوض، و مثلنا في الاقتصاص منها،كما رواه أبو ذر(رض)عن النبي(ص)قال:بينا أنا عند رسول اللّه(ص)إذ نطحت عنزان فقال(ص):«أ تدرون فيما انتطحا، فقالوا لا ندري،قال(ص):«لكن اللّه يدري و سيقضي بينهما» (2).
و لما ورد من اللّه يقتص يوم القيامة من القرناء للجماء.
و إن هذا من العدل الإلهي الذي لا يحرم منه أي مخلوق.
و هي مثلنا في حاجتها إلى الغذاء و ما يكون به حياتها،و في غير ذلك لا تماثلنا.ة.
ص: 108
فمن السخافة أن يقال إنها مكلفة مثلنا،أو أن يقال إنها تدل على التناسخ،إذ ليس فيها أدنى إشعار بذلك فضلا عن أن الدلالة عليه،و لو صح قولهم بالتناسخ لكان مقتضى ما يدعونه من المماثلة أن يجري التناسخ في الحيوانات فإذا مات حيوان تنتقل روحه إلى بدن آخر من حمار أو قرد أو غيرهما،و كل ذلك باطل، لا يدعمه دليل من عقل أو نقل و سيأتي بيان أن التناسخ غير ممكن عقلا و نقلا.
5- قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (1).
وجه الاستدلال: أن الخلود في العذاب حدد بدوام السماوات و الأرض بدعوى أن المقصود دوامها في الدنيا،فالعذاب التناسخي يكون في الدنيا،و على قولهم،لا يكون ثواب و عقاب في الآخرة،و هذا هو إنكار الجنّة و النار و المعاد،نعوذ باللّه من هذا و نبرأ إلى اللّه تعالى من هذه الدعوى و مدعيها.
و أجيب عنه:7.
ص: 109
أولا: بأن المراد هو سماء الآخرة و أرضها،و هما لا يفنيان إذا أعيدا بعد الإفناء.
و ثانيا: بأن المراد ما دامت الآخرة،و هي دائمة،و أجيب بغيرهما،كما في مجمع البيان، و الصحيح هو الجواب بأن النار في هذه الآية و الجنة في الآية التي بعدها يراد بها نار الدنيا و جنتها،و هما العذاب و النعيم في البرزخ الذي يدوم بعد الموت إلى يوم يبعثون،فيبقى الشقي في عذاب القبر ما دامت السماوات و الأرض،إلاّ ما شاء ربك أن يرفع عنه العذاب،و يبقى أهل الطاعة في نعيم غير مقطوع عن نعيم الآخرة.
و يدل على أن المراد بها النار في الدنيا و الجنان فيها قبل يوم القيامة قوله تعالى: اَلنّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (1).
فقوله تعالى:و يوم تقوم الساعة يشير إلى ما ذكرنا و أنه عذاب القيامة،و ما قبله عذاب في نار الدنيا و جنتها و هو في البرزخ.6.
ص: 110
و يدل عليه ما رواه في مجمع البيان:«في تفسير هذه الآية.آية العرض»عن الصادق قال(ع):«ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة لأن في نار القيامة لا يكون غدو و عشي،ثم قال(ع):إن كانوا يعذبون في النار غدوا و عشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء،لا، و لكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة،أ لم تسمع قوله عز و جلّ: وَ يَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (1)».
و قال في الصافي (2)في رواية عن الصادق(ع)أنه قال:«قال الجاهل بعلم التفسير إن هذا الاستثناء (3)من اللّه تعالى إنما هو لمن دخل الجنة و النار،و ذلك أن الفريقين يخرجان منهما فيبقيان و ليس فيهما أحد، و كذبوا،قال(ع):و اللّه تبارك و تعالى ليس يخرج أهل الجنة،و لا كل أهل النار منهما أبدا،كيف يكون ذلكك.
ص: 111
و قد قال اللّه تعالى.في كتابه: ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (1)ليس فيه استثناء.
و المتحصل: هو أن الآية لا تدل على ما يدعيه التناسخي من كون العذاب و الثواب في الدنيا،و إنه لا عذاب في الآخرة و لا جنة و لا نار فيها،كما ادعاه باطلا.
6- قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (2).
و معنى تجديدها أن يردها إلى الحالة التي كانت عليها غير محترقة،كما إذا انكسر الخاتم فاتخذ منه خاتم آخر،يقال هذا غير الخاتم الأول و إن كان أصلها،فالجلد واحد و التغير في أحواله،و اختار هذا جماعة كما في(مجمع البيان)و يشهد له ما روى في6.
ص: 112
(الاحتجاج) (1)عن حفص بن غياث قال:شهدت المسجد الحرام و ابن أبي العوجاء (2)يسأل أبا عبد اللّه الصادق(ع)عن قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ ما ذنب الغير؟قال(ع):«ويحك هي هي و هي غيرها،قال فمثل ذلك شيء من أمر الدنيا،قال:نعم أ رأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردها في ملبنها فهي هي و هي غيرها»فالآية لا تدل على مدّعى التناسخي،و قد استدلوا بآيات أخرى ذكرها في(البحار)و(الأسفار)في أحوال النفس و في40
ص: 113
مبحث التناسخ الذي تقدّمت الإشارة إليه في كلامهما و في محله من هذين الكتابين،و كلها لا تدل على مدعى أهل التناسخ،لذا تركنا التعرض لها و لم نأت على ذكرها.
7 -«استدلال أهل التناسخ بالعقل»:
توجه أهل التناسخ إلى العقل معتمدين عليه فخانهم و لم يسعفهم فيما ادعوه فكانت دعواهم و هما لا يعرّج عليه العقل الصحيح و مما استدلوا به أن قالوا:
إن النفس لا تتناهى،و العالم لا يتناهى لأمد، فالنفس منتقلة أبدا،و ليس انتقالها إلى نوعها بأولى من انتقالها إلى غير نوعها (1)و للدهرية دليل آخر:إن العالم لا يتناهى فوجب أن تتردد النفس في الأجساد من نوعها الذي أوجب لها طبعها الأشراف عليه (2).
و الجواب: إنّا نمنع عدم تناهي كل من النفس و العالم و ما فيه فلا تصح النتيجة،و سيأتي في أدلةه.
ص: 114
بطلان التناسخ عقلا عدم إمكان انتقال النفس إلى بدن آخر غير بدنها الذي فارقته،و لهم أدلة أخرى ذكرها المجلسي في(البحار)ج 14 في أحوال النفس و التناسخ لا تستأهل الذكر،و لهم شبهات مردودة ذكرها صاحب كتاب(الأسفار)ج 4 ص 103 إلى ص 107.
ص: 115
ص: 116
المسلمين»
اتفق المسلمون على بطلان التناسخ و ادعى الإجماع على ذلك المجلسي في البحار (1)،و ابن حزم في الفصل (2)و غيرهما.
بل بطلانه ضروري عند عامة المسلمين من شيعة و سنة،إذ يستلزم القول إنكار المعاد و الجنة و النار، و العقل و النقل يقتضيان بطلان التناسخ.
و بطلانه عقلا -بمعنى عدم إمكانه عقلا-نوضحه من عدة وجوه:
«الوجه الأول»: ما اعتمده جملة كثيرة من الفلاسفة و المتكلمين الذين تعرضوا للبحث في بطلان التناسخ،و هو:
ص: 117
إن النفس حادثة أفاض عليها الوجود،ذو الفيض و الجود و هو اللّه تعالى القديم و لا قديم سواه،و حدوثها و إفاضة الوجود عليها مشروط بحدوث استعداد في البدن يقتضي حدوثها في وقت حدوث ذلك الاستعداد ليتخصص إيجاد النفس له(أي للبدن)في ذلك الوقت،و لو لم يكن الشرط(و هو الاستعداد المذكور) حاصلا لم يكن حدوث النفس في الآن أولى من حدوثها في آن قبله أو بعده،فلا بد من حدوثها في الوقت الخاص من حدوث استعداد فيه يقتضي حدوثها له،فإذا حصل ذلك الاستعداد القابل لتعلق النفس فيه حدثت النفس من قبل المبدأ الفياض تعالى شأنه.
و هكذا كل بدن لا بد من حدوث استعداد خاص فيه لتحدث له نفس بخصوصه تتعلق به تعلق التدبير و التصرف،فإذا حدث الاستعداد حدثت النفس لأن جوده تعالى عام و المبدأ فياض.
و إنما قلنا تحدث للبدن لدى حصول الاستعداد فيه،نفس خاصة به دون غيره،لأنه لو لم يكن في البدن خصوصية تقتضي تعلق نفس خاصة به لزم الترجيح بلا مرجح،و كان لكل نفس أن تتعلق بكل بدن في ابتداء خلقها و إحداثها في البدن،و الترجيح بلا
ص: 118
مرجح و التخصيص بلا مخصص محال على الحكيم تعالى شأنه.
فلا بد أن يكون للبدن الخاص المفارق للآخر بحسب استعداده لقبول النفس،نفس خاصة به لتناسب بينهما،و لذا نرى أن كل بدن له نفس خاصة به،و لا تكون نفسي لبدن غيري و لا نفس غيري لبدني،و تلك قسمة و تخصيص يعلم أسبابه و خصوصياته بارئ النفوس و جاعلها في الأبدان تعالى شأنه و جلّت عظمته.
إذا تمهد هذا قلنا:
لا يمكن أن تتعلق النفس بعد مفارقتها البدن ببدن آخر،لأن له بحسب استعداده نفسا تتعلق به دون غيره،فلو انتقلت إليه نفس أخرى لكان فيه أيضا استعداد آخر خاص لها،و هو تناقض (1)،و يلزم اجتماع نفسين للبدن الواحد و هو باطل بالضرورة فإن كل واحد منا يرى ذاته ذاتا واحدة و ليست ذاتين،و يرى أن له نفسا واحدة،لا نفسين،فلا يمكن تعلق النفوسض.
ص: 119
الكثيرة ببدن واحد،و لا تعلق نفس واحدة ببدنين فالتناسخ باطل.
«الوجه الثاني»:
إن النفس إذا فارقت البدن كان آن مفارقة البدن غير آن اتصالها بالبدن الثاني،و بين كل آنين زمان فيلزم كونها بين البدنين معطلة عن التدبير و التصرف في البدن و التعطيل محال (1).
«الوجه الثالث»:
هو الذي اعتمده الفيلسوف صدر المتألهين (2)و بناه على الحركة الجوهرية و مقدمات أخرى و نحن نذكرها موضّحة ثم نذكر النتيجة المترتبة عليها و هي بطلان التناسخ فنقول:
1- إن بين البدن و النفس تعلق ذاتي و تلازم في الوجود لأنها في أصل وجودها،و في تكاملها محتاجة إلى البدن،و البدن في وجوده و تكامله محتاج إليها، لأن الناقص من حيث هو ناقص مفتقر يستحيل وجوده بدون مقوّمه و صورته فوجوده بوجود صورته النوعية،ي.
ص: 120
و هي النفس،فبينهما تلازم في الوجود و تعلق ذاتي، و هو احتياج ذات كل منهما إلى الآخر في وجوده.
2- التركيب بين النفس و البدن اتحادي بحيث يكون البدن هو النفس من حيث اتحادهما في الوجود، فالنفس صورة نوعية للبدن متحد معها وجودا،و تحصل و تقوم بها،فهي علة لوجوده و تحصله،و البدن مادة لها متعلقة به.
و مقتضى هذا الاتحاد في الوجود أن تكون التحولات و الحركات الذاتية التي تحصل لها حاصلة لكل منهما في آن حصولها للآخر،فلا يكون للنفس حركة ذاتية جوهرية (1)و لا تحول ذاتي إلاّ و يكون للبدن.-
ص: 121
مثلها في آن حصوله للنفس كما سيأتي بيانه في المقدمة الثالثة.ه-
ص: 122
3- إن النفس و البدن في أول حدوثهما لهما القوة و الاستعداد للترقي و التطور إلى مراتب الكمال و الفعلية، فالنفس لها تحولات و ارتفاع من القوة إلى الفعل بإزاءة-
ص: 123
تحولات البدن و خروجه من القوة إلى الفعل،فلها في كل وقت تحولات و شئون ذاتية بإزاء تحولات البدن، من سن الصبا و الطفولة و الشباب و الشيخوخة،و الهرم، و غيرها،و يسير كل منهما في تحولاته الذاتية مع الآخر في ارتفاعه و تحوله جنبا لجنب،فما يحصل لنفس من رتبة من القوة يكون للبدن بإزائها و في وقت حصولها رتبة للبدن بالقوة،و ما يحصل لها من رتبة تحول و ترق بالفعل يحصل مثلها في نفس الوقت درجة ترق و تحول للبدن بالفعل.
فمراتب القوة و الفعل للنفس يقابلها في وقته.
ص: 124
حصولها لها مراتب القوة و الفعل للبدن فهما في هذه المراتب متكافئان.
و هذا التكافؤ بين هذه المراتب هو نتيجة كون التركيب بينهما اتحاديا،أي كون الاتحاد بينهما في الوجود،إذ مقتضى هذا الاتحاد أن يسيرا في هذا الترقي و التحول جنبا لجنب،لا يتخلف أحدهما في مراتب ترقيه و تحولاته من القوة إلى الفعل عن الآخر في مراتب ترقيه.
و إنما كان لهما هذا الترقي من القوة (1)إلى الفعل لأن كلا منهما متحرك بالحركة الجوهرية الاستكمالية، و الجوهر في حركته الذاتية ينتقل من القوة إلى الفعل متدرجا إلى آخر مراتب كماله المتوقعة.
4 -إن النفس بعد خروجها من البدن تكون قد بلغت مرحلة الفعلية أي بلغت آخر مراحل استكمالها،ع.
ص: 125
و ليس لها-و هي في البدن-وجود كامل متوقع، و يستحيل بعد أن بلغت هذا الحد من الفعلية و التكامل أن تعود إلى بدن هو في مرتبه القوة-و هو كونه جنينا بعد النطفة و العلقة و المضغة-كما استحال أن يعود البدن بعد بلوغه إلى تمام الخلقة و آخر مراحل التكامل في الوجود،نطفة أو علقة أو مضغة أو جنينا،إذ يلزم من هذا القول أن يكون وجود الشيء وجودا بالقوة و بالفعل،و هو ممتنع لعدم التكافؤ في الوجود و قد تقدّم في المقدمة الثانية أن التركيب بين البدن و النفس اتحادي و التركيب المذكور يستحيل أن يكون بين أمرين أحدهما له وجود بالقوة، و الآخر له وجود بالفعل،لما عرفت من عدم التكافؤ، و إلاّ يلزم التناقض و قد أوضحنا في المقدمة الثالثة التلازم بين مراتب الترقي في الوجود لكل من البدن و النفس،و حيث استحال التركيب المذكور بين ما له الوجود بالقوة و الوجود بالفعل ينتج أن التناسخ مستحيل عقلا فكيف بجوز لعاقل أن يلتزم به.
«الوجه الرابع»:
إن القول بالتناسخ يناقض القول بأن للأشياء غايات
ص: 126
تتوجه بذاتها نحوها و تفصيل ذلك هو (1):
إن الموجودات الطبيعية النامية المتحركة،و كذلك النفوس،لها غايات ذاتية زمانية تتوجه إليها بذاتها و بحسب غرائزها،و تسير نحوها طالبة لها،و تلك الغايات هي الكمال في الوجود و القوة فيه،فتخرج بحركتها نحوها من النقص إلى الكمال،و من الضعف إلى الشدة،و من الاستعداد إلى الفعلية،شيئا فشيئا إلى أن تحصل الغاية المذكورة لها.
فالنفس ما دامت في البدن يقوى وجودها حتى تصير مستغنية عن المتعلّق-أي البدن،فعودها بعد فساد البدن مادية الذات-كما يقوله أهل التناسخ من أن النفس بعد فساد البدن تصير مادية أي نفسا حيوانية غير مجردة ذاتا و فعلا-و هبوطها من القوة و الشدة في الوجود إلى الضعف فيه-كما هي الحال في كل نفس فإنها في أول الفطرة تحدث في البدن ضعيفة الوجود،ثم تترقى إلى مراحل الفعلية في الوجود التام و الآراء و الملكات و الأخلاق-،إن عودها إلى ما ذكر يناقض القول بأنر.
ص: 127
للأشياء غايات ذاتية تتوجه إليها بحسب ذاتها و طبعها و غرائزها،و التناقض ممتنع،فالقول بالتناسخ المزعوم يقتضي عود النفس من القوة في الوجود-الذي هو الغاية لها-إلى النقص و الضعف فيه،و هذا العود ممتنع فالتناسخ ممتنع.
و أما الحركة الرجوعية التي تعرض للطبائع قسرا و بغير اختيار فهي:
أولا: دائمية و لا أكثرية.
ثانيا: ليست هي حركة ذاتية تنبعث عن ذات المتحرك و طبعه،بل هي عرضية تعرض على الطبيعة من جهة القسر و الإجبار،و محل بحثنا هو الحركة الذاتية،و هي تكون-كما ذكرنا-من الضعف في الوجود إلى القوي منه.
ثالثا نقول:إن الحركة الوجودية الاستكمالية التي نصدر من ذات النفس إلى غايتها،أو من ذات الموجودات الطبيعية إلى غاياتها لا يصادمها-ما دام الموضوع و المتعلّق للنفس-قسر قاسر و لا إجبار،بل تصادمها العوارض التي تقتضي الهلاك و العدم،و عند ذلك يفنى الجسم و لا يبقى للشيء حركة استكمال في الوجود غير
ص: 128
ما حصل في مدة وجود الجسم و المتعلق،ففناء الجسم يقتضي وقوف التوجه إلى الاستكمال في الوجود و لا يقتضي الانحطاط و النزول عما كان عليه،فلا يتراجع من الوجود القوي إلى الضعيف الذي يكون في أول الفطرة.
و النفس بعد خروجها من البدن تبقى على وجودها القوي،و تصير مستقلة في الوجود مستغنية عن البدن المادي العنصري،تتنعم-إن كانت سعيدة-بنتائج الأعمال الحسنة و الأخلاق الشريفة،و إن كانت شقية تتعذب بسبب ما صدر عنها من المعاصي و قبائح الأفعال.
«الوجه الخامس»:
ما رواه في البحار (1)عن الصادق(ع):أنه سئل عن التناسخ،قال(ع):«فمن نسخ الأول».
هذه الرواية تشير إلى ما يقوله أهل التناسخ من أن النفوس أزلية قديمة و متناهية،و الأبدان غير متناهية العدد،فلو لم تتعلق كل نفس إلاّ ببدن واحد لزمي.
ص: 129
توزيع ما يتناهى على ما لا يتناهى و هو محال بالضرورة (1).
فهم يقولون:إن النفوس قديمة و ليس لها صانع- و العياذ باللّه تعالى من هذه المقالة-و يرتبون على القول بذلك و القول بعدم تناهي الأبدان،القول بالتناسخ، و الرواية الشريفة تشير إلى بطلان قولهم و بطلان مقدماته و بيان ذلك:
إن النفوس حادثة ليست قديمة،و لها صانع هو اللّه تعالى،و عدم تناهي الأبدان دعوى باطلة لا يدعمها دليل،بل الدليل قائم على بطلانها (2).ا.
ص: 130
و إذ تبطل دعوى أزلية النفوس،و دعوى لا تناهي الأبدان المترتبة في الوجود لا بد من القول بحدوثها من مبدأ معين،فكل جسد تختص به نفس واحدة بحسب خصوصيته و استعداده،كما أوضحناه في الدليل الأول الذي أقمناه على بطلان التناسخ.
هذا ما سنح في البال و ساعد عليه التوفيق من إقامة الدليل على بطلان التناسخ عقلا،و قد توسع في البحث عن بطلانه غيرنا،كالفيلسوف الإلهي الكبير صدر المتألهين في كتاب الأسفار،و العلامة الشيرازي في شرح حكمة الإشراق،و للقائلين بالتناسخ شبهات لا قيمة لها،قد أشرنا إلى رد بعضها في طي الأبحاث السابقة،و أتى على ردها و تزييفها صدر المتألهين في كتاب(الأسفار)في أواخر بحثه في بطلان التناسخ فلتراجع.
و ما ذكرنا من الأدلة على بطلان التناسخ بعضه شامل لكل من التناسخ النزولي و الصعودي،و بعضها و هو الوجه الرابع يختص بالنزولي.و نخص الصعودي أيضا عنها بالبحث عن بطلانه بالخصوص فنقول:
إن الحيوان الصامت لا يمكن أن يترقى إلى درجة الإنسانية كما لا يمكن للإنسان الشقي أن يترقى إلى
ص: 131
درجة الإنسان الكامل المقرّب،و لا إلى درجة الملائكة إذ ليس للحيوان الصامت قوى عقلية بها يترقى و يحصل على الكمال،فليس كمال الحيوان إلاّ بقوتي الغضب و الشهوة اللتين لا تتركان طريقا له إلى الكمال العقلي، و ليس للحيوان نفس مجردة بها يعقل و يترقى.
و الشقي لشقاوته و غلبة قوة الشهوة و الداعي إلى الانتقام ينحط عن درجة الكمال الإنساني،فكيف يترقى-و هو في هذا الانحطاط-عن درجته المنحطة إلى درجة الكاملين المقربين،كيف و ليس فيه استعداد لهذا الكمال حتى يترقى إلى هذه الدرجة،فإن كل تطور و تقدم إلى الكمال تابع لوجود استعداد و قابلية يدفعان بالشخص إلى الكمال بواسطة السعي في التكميل و أما الفاقد لهما فلا يترقى.
ص: 132
البرزخ و لا في الآخرة»
قد يتوهم أن التناسخ الذي أبطلناه،يكون في البرزخ و الآخرة و في المعاد الجسماني و لذا قيل:ما من مذهب إلاّ و للتناسخ فيه قدم راسخ،و قد انكر القائلون بالتناسخ المعاد،كما أنكر بعض الناس المعاد الجسماني لأنه يلزم منه التناسخ الباطل.
و كل ذلك توهم باطل لا يثبت أمام البحث و الدليل،فإن الأدلة من الآيات و غيرها قائمة على ثبوت المعاد الجسماني (1)،و لا يلزم منه التناسخ،لأن التناسخ كما ذكرنا سابقا هو انتقال النفس بعد خروجها من بدنها إلى بدن آخر،و النفس إذا رجعت إلى الجسم في البرزخ أو في الآخرة لا تعود إلى بدن آخر، بل إلى بدنها الذي خرجت منه بالموت،فلها بعد
ص: 133
الموت رجوعان،رجوع في حال السؤال في القبر فإنها تعود إلى بعض كما دلت عليه الروايات،و رجوع إليه يوم القيامة،و لها تعلق مثالي بالجسم في عالم البرزخ و في جميع هذه الأحوال الثلاثة لا يلزم التناسخ الباطل،لعدم رجوع النفس إلى جسم عنصري آخر حتى تلزم محاذير بطلان التناسخ التي أوضحناها في الوجوه الأربعة الدالة على بطلان التناسخ و على عدم إمكانه عقلا.
أما في البرزخ فإن الأحاديث الواردة عن أهل البيت (ع)تدل على أن النفس تتعلق بجسم مثالي يشبه أجسام الملائكة،فالأجسام التي تتعلق بها النفوس في البرزخ أجسام و قوالب مثالية،و أشباح تماثل الجسم الذي كانت تتعلق به في الدنيا (1).
و أما في الآخرة فالذي ذكره المحققون من فلاسفة الإسلام و متكلميهم هو أن اللّه يعيد الأبدان الأولية العنصرية بما لها الأجزاء الأصلية فيؤلفها بدنا على شكله الذي كانت عليه في الدنيا (2)،و تدل الآياتي.
ص: 134
على رجوعها إلى بدنها الذي كان لها في الدنيا.
و قال العلامة المحقق الشيخ بهاء الدين العاملي رحمه اللّه:قد يتوهم أن القول بتعلق الأرواح بعد مفارقتها الأبدان العنصرية بأشباح أخر كما دلت عليه الأحاديث قول بالتناسخ،و هذا توهم سخيف لأن التناسخ الذي أطبق المسلمون على بطلانه هو تعلق الأرواح بعد خراب أجسادها بأجسام أخر،في هذا العالم، إما عنصرية،كما يزعم بعضهم و يقسمه إلى النسخ و المسخ و الفسخ و الرسخ،أو فلكية ابتداء إلى أن قال:«و أما القول بتعلقها في عالم آخر بأبدان مثالية مدة البرزخ إلى أن تقوم قيامتها الكبرى فتعود إلى أبدانها الأولية بإذن مبدعها أما بجميع أجزائها المتشتتة أو بإيجادها من كتم العدم كما أنشأها أول مرّة،فليس من التناسخ في شيء» (1).
و قد يرجع إلى كلامهم هذا ما ذكره الفيلسوف صدر المتألهين في(الأسفار) (2)قال ما حاصله:«إن النفس تعود إلى البدن الدنيوي لا من حيث المادة بل من حيث الصورة لأن وجود كل شيء بصورته لا بمادته التيي.
ص: 135
يعرض عليها التبدل و التحول و الزوال في كل حين، فالعبرة في حشر بدن الإنسان بقاؤه بعينه،من حيث صورته و ذاته مع مادة مبهمة».
ص: 136
لقد ظهر أن ما يقال من أنه ما من مذهب إلاّ و للتناسخ فيه قدم راسخ دعوى باطلة كبطلان دعوى أنه يلزم من القول بالمعاد الجسماني القول بالتناسخ الباطل،لان الروح في المعاد تعود إلى بدنها الأول لا إلى بدن آخر،فلا يلزم من القول بالمعاد التناسخ الباطل،و ليس في البرزخ و لا في الآخرة تناسخ.
و أما التناسخ في الدنيا فقد أقمنا الأدلة على بطلانه عقلا و قد ادعى العلامة المجلسي أن بطلانه من الضرورة في الدين،كما تبيّن إجماع المسلمين على بطلانه (1)،فهو باطل للضرورة و الإجماع و لأنه مخالف للقرآن لاستلزامه إنكار المعاد الجسماني و الجنة و النار، و لأنه مبني على قدم النفوس عند بعض الفلاسفة
ص: 137
القائلين به،و القول بقدمها كفر إذ لا قديم سوى اللّه تعالى و للأحاديث الشريفة الدالة على كفر القائل:
(منها):ما تقدم ذكره من رواية هشام بن الحكم عن الصادق(ع)المتقدم ذكرها في بحث نقل الأقوال في التناسخ.
(و منها):رواية الحسن بن جهم عن الرضا(ع) قال:قال المأمون للرضا(ع):ما تقول يا أبا الحسن في القائلين بالتناسخ؟فقال الرضا(ع):«من قال بالتناسخ فهو كافر باللّه العظيم يكذب بالجنة و النار».
(و منها):ما رواه الحسين بن خالد عن الرضا(ع) أيضا قال:قال أبو الحسن الرضا(ع):من قال بالتناسخ فهو كافر (1).
فتحصل أن التناسخ باطل و القول به مستلزم لكفر القائل به و خروجه عن ملّة الإسلام،و قانا اللّه و جميع المسلمين من ذلك و عصمنا من الخطأ و الزلل إنه ولي التوفيق لما يحب و يرضى.د.
ص: 138
وقع الفراغ من تسويد هذه الصحائف ضحى يوم الأربعاء الحادي و العشرين من شهر ذي الحجة سنة 1388 ه في دمشق على يد المؤلف الفقير إليه تعالى حسين مكي العاملي عامله اللّه و جميع المؤمنين بلطفه الخفي.
ص: 139
ص: 140
القسم الثاني
(أ)فهرس الآيات القرآنية.
(ب)فهرس الأحاديث النبوية و الإمامية.
(ج)فهرس الأعلام.
(د)فهرس الفرق و الجماعات.
(ه)فهرس الأماكن و البقاع.
(و)فهرس المفاهيم و المصطلحات.
(ز)فهرس مصادر التحقيق و مراجعه.
(ح)فهرس مصادر الكتاب و مراجعه.
(ط)فهرس المحتوى.
ص: 141
ص: 142
مرتبة حسب تسلسل السور و حسب
ورودها في كل سورة
الصفحة\الآية\رقمها\السورة\رقم\السورة
80\ هذا بَيانٌ لِلنّاسِ.. .\138\آل عمران\3
100\ وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ .\65\البقرة\2
101\ ...وَ ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ... .\102\البقرة\2
103\ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ* اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ .\6-8\الانفطار\82
104\ ...جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَ مِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ... .\11\الشورى\42
105\ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ* ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ .\4-5\التين\95
ص: 143
الصفحة\الآية\رقمها\السورة\رقم\السورة
105\ ...وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً... .\5\الحج\22
105\ ...وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ .\70\النحل\16
105\ فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ .\7\التين\95
87،\ وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ 106 بِجَناحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ،ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ .\38\الأنعام\6
108\ وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ .\5\التكوير\81
109\ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ .\106-107\هود\11
110\ اَلنّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا،وَ يَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ .\46\غافر\40
112\ ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً .\3\الكهف\18
112،\ ...كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ،بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً .\56\النساء\4
ص: 144
مرتبة حسب تسلسل ورودها
الصفحة\نص الحديث\مصدره
82-84\«إن أصحاب التناسخ قد خلفوا وراءهم منهاج الدين و زينوا لأنفسهم الضلالات».
(الإمام جعفر الصادق).\-الطبرسي:الاحتجاج ص 188.
99\«إن الفرقة المعتزلة عن أهل السبت لما دخلوا قريتهم بعد مسخهم عرفت القردة أنسابها من الإنس،و لم يعرف الإنس أنسابها من القردة،فقال القوم للقردة:أ لم ننهكم.
(عن الإمام الباقر).\-المجلسي:البحار،المجلد 14 في باب السماء و العالم،الفائدة الثالثة في أحوال النفس،مبحث التناسخ و المسخ.
101\كذبوا في قولهم،إنهما كوكبان..
(نشأة الزهرة و سهيل).\-الصدوق عيون أخبار الرضا، ج 1.
ص: 145
الصفحة\نص الحديث\مصدره
108\كما رواه أبو ذر عن النبي(ص)قال:
بينا كنا عند رسول اللّه(ص)إذ نطحت عنزان فقال(ص):«أ تدرون فيما انتطحا؟فقالوا لا ندري،قال (ص):لكن اللّه يدري و سيقضي بينهما».\-مجمع البيان للطبرسي في تفسير الآية: وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ .
111\«ذلك في الدنيا قبل القيامة،لأن في نار القيامة لا يكون غدوّ و عشيّ...إن كانوا يعذبون في النار غدوّا و عشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء،لا،و لكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة».
(الإمام الصادق).\-المجلسي،البحار،المجلد 3 ص 132 في أحوال البرزخ.
111\«و اللّه تبارك و تعالى ليس يخرج أهل الجنة منها أبدا،كيف يكون ذلك و قد قال اللّه تعالى في كتابه: ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً ».
(الإمام الصادق).\-تفسير القرآن للصافي،في تفسير الآية: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا.. .
(الآية 106 من سورة هود).
113\«ويحك هي هي و هي غيرها.(عن الإمام الصادق)في تفسيره الآية:
كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ .\-الطبرسي:مجمع البيان.
ص: 146
الصفحة\نص الحديث\مصدره
129\سئل الصادق عن التناسخ،قال(ع):
«فمن نسخ الأول».\-المجلسي،البحار،ج 2 ص 319.
138\من قال بالتناسخ فهو كافر باللّه العظيم يكذب بالجنة و النار..\-المجلسي،البحار،ج 2 (الإمام الرضا).\ص 319.
-الحر العاملي،الوسائل باب 6.
ص: 147
ص: 148
الإسكندر المقدوني،40.
إبراهيم الجيلاني،50.
إبراهيم سليمان(الشيخ)،24.
إبراهيم يوسف مكي،19.
ابن أبي الحديد،79.
ابن أبي العوجاء،113.
ابن حزم،45،77،78،92،103،114، 115.
ابن الحسين النقوي القمي،اللاهوري،50.
ابن سينا،45.
ابن عباس،100.
ابن منظور،46،47.
أبو جعفر محمد بن سليمان،113.
أبو الحسن البصري،113.
أبو ذر الغفاري،108.
أبو طاهر القرمطي،77.
ص: 149
أبو مسلم الخراساني،75.
أحمد بن إبراهيم مكي،20.
أحمد بن أيوب بن مانوس،49،77.
أحمد بن خابط،75،77.
أحمد رضا،47.
إخوان الصفا،91.
آدم،83،84،102.
أرسطو،41.
إسماعيل بن جعفر الصادق،75.
أفلاطون،40،41،43،44،66،86، 130.
أفلوطين،42.
أوغست أديب،22.
الباقر(الإمام)،79،99.
بريكليس،44.
بشر بن المعتمر المعتزلي،44.
بهاء الدين العاملي،135.
بيان بن سمعان التميمي،79.
بيان بن سمعان النهدي،79.
جبران تويني،22.
الحر العاملي،138.
ص: 150
الحسن بن موسى النوبختي،45،50،80.
حسن اللاهجي(الميرزا)51.
حسن يوسف مكي(السيد)،19،20.
حسين الحمامي(السيّد)،23.
حسين يوسف مكي(السيّد)،6،7،19،23، 24،25،52.
الحسين(الإمام)،19،27،32،81.
الحسين بن خالد،138.
حسين الخليلي(الميرزا)،22.
حسين معتوق(الشيخ)،24.
الحلّي(العلامة)،46،130.
حمدان قرمط،76.
حفص بن غياث،113.
حميد ناجي،23.
خالد بن عبد اللّه القسري،79.
خضر الدجيلي،23،24.
الرازي،محمد بن زكريا الطبيب،75.
الرضا(الإمام)،100،138.
رضا فرحات(الشيخ)،22.
الزمخشري،46،47.
زين العابدين(الإمام)،19.
ص: 151
سقراط،40.
سليمان بن الحسين،76.
السهروردي،45.
السيد الحميري،78.
سيف الدولة الحمداني،27.
شارل دباس،22.
الشهرستاني(أبو الفتح)،43،44،73،77.
الصادق(الإمام جعفر)،30،81،82،84،85، 100،111،113،129.
الصدوق(الشيخ)،99.
صفي الدين الصفوي،50.
الطبرسي،82.
طهمورث الملك،74،93.
عبد الحسين صادق،21.
عبد الرزاق مرجان،28.
عبد القاهر البغدادي،45.
عبد اللطيف فياض،21.
عبد اللّه بن الخرب الكندي،78.
عبد اللّه بن الفضل،100.
عبد الهادي الشيرازي،24.
العسكري(الإمام الحسن)،99.
ص: 152
علي بن أبي طالب،27،79،81.
علي حسين مكي(السيد)،26،29،31،53.
علي الحزين،50.
علي بن محمد بن الجهم،100،101.
عمر بن أبي عفيف،79.
الفارابي،45.
الفخر الرازي،55،86،87.
الفاضل المقداد،130.
فيثاغورس،40.
الفيروزآبادي،47.
الكوفي،78.
المأمون،75،100.
ماروت،100،101.
ماني،44.
المجلسي،115،137.
محسن الأمين(السيد)،26،27،29.
محسن الحكيم،23،24،25،26،28،29.
محمد رسول اللّه،38،65،86،106،108.
محمد بن إبراهيم(ملاّ صدر الشيرازي)، 46،74،89،131.
محمد تقي الفقيه(الشيخ)،22،24.
ص: 153
محمد بن الحسين(ذيذان)،75،76.
محمد رضا الزين،21.
محمد رضا الطهراني النجفي،51.
محمد بن علي بن الحسين،79.
محمد علي الكاظمي الخراساني،23.
محمد كاظم اليزدي،30.
محمد كاظم مكي،3،10،20،25.
محمد بن نصير النمري،79.
محمد هارون الحسيني الزنجي،51.
محمود الشاهرودي،24.
محمود المرعشي،23.
محمود إبراهيم مكي،19.
مرتضى الأنصاري(الشيخ)،23.
المسعودي(علي بن الحسين)،43.
المعتصم،75.
المفضل بن عمرو،85.
الملاّ هادي السبزواري،89.
المهدي المنتظر،81.
النظّام،49.
هاروت،100،101.
هشام بن الحكم،82،130،138.
يوزاسف التناسخي،74،92،93.
ص: 154
إخوان الصفا،91.
الإسماعيلية،76.
الأشاعرة،76.
أهل البيت،78.
الباطنية،75.
البراهمة(البراهمانية)،5،38،44،45،49، 72.
البوذية،5،39،41،44.
البيانية،50.
التناسخية،46،49.
الجناحية،50.
الحرنانية،43،49،72،74،77.
الخابطية،49،77.
الخطابية،50.
الدهرية،71،76،84،114.
الدهريون،54،66،92.
ص: 155
الرافضة،113.
الراوندية،50.
الزرادشتية،5،41.
الشيعة،49،68،78،117.
الصابئة،43،72،73،93.
الصيامية،49،74.
الصينيون،5.
الفرس،5،41.
الفراعنة،5،38.
الفينيقيون،5،37.
القدرية،50.
القرامطة،49،75،76.
الكنعانيون،37.
الكنفوشية،5.
الكيسانية،49،77،78.
المباركية،75.
المصريون،37،38،40.
المعتزلة،49،76.
النصارى،84.
الهندوسية،38،39،44.
ص: 156
الهنود،5،40،43،44،52.
اليهود،100.
اليونان،5،39،40،43،49.
ص: 157
ص: 158
أبو صخير،26.
الأحساء،76،77.
الإسكندرية،42.
إيران،41،51،87.
بابل،92.
البحرين،76.
البقاع،22.
البنغال،51.
بيروت،29،30،31،32،76.
جبل عامل،19.
جديدة يابوس،28.
حبوش،19.
حرّان،72.
حسين آباد،51.
حلب،27،32.
حي الأمين،27.
ص: 159
دمشق،23،26،27،29،30،31،32، 54،69.
الديوانية،26.
زحلة،22.
زمزم،76.
سوريا،27،28.
الصويرة،26.
صيدا،25.
العراق،17،20،26،75.
علي النهري،22.
غماس،26.
فارس،92.
القطيف،76،77.
الكعبة،77.
الكوت،26.
لبنان،19،22،26.
لكهنو،51.
المدرسة الحميدية،20،21.
مسجد الإمام علي،27.
مسجد النقطة-حلب،27.
مصر،42،77.
ص: 160
النبطية،19،20،21.
النجف،17،21،22،23،33،34،52.
الهند،41،50،51،72.
اليمن،101.
ص: 161
ص: 162
الاتحاد في الوجود،121،123.
الإجماع،102،117،134.
الآخرة،67،109،133.
الأدوار،43،73،85،92.
أعراض الجوهر،122.
الأعراض الذاتية،123.
الأكوار،72،73،85،92.
الأفلاطونية المحدثة،42.
البدن الدنيوي،135.
البرزخ،67،110،111،133،134،135.
التقمص،6،48.
التناسخ،6،7،8،11،66،68،85، 98،99..
التناسخ الانفصالي،90،97.
التناسخ الاتصالي،90،96.
التناسخ الصعودي،90،91،131.
ص: 163
التناسخ النزولي،90،91،92،129.
الجوهر المتحرك،121.
الحادث،118.
حدوث الأجسام،118،128.
حدوث النفس،118.
الحركة الجوهرية،121،122،123.
الحركة الذاتية الجوهرية،121.
الحركة الرجوعية،128.
الحركة الفلكية،130.
الحركة الوجودية،126.
الحلول،84،97.
الرسخ،6،46،47،81،85،90،97، 135.
الروح،39،42،43.
العنصرية،88،13،135.
الفرقان،83.
الفسخ،46،47،85،90،97،135.
الفعل،97،119،124،125.
الفعلية،125.
الفلكية(النفوس)،93.
القوة،97،121،123،124،125،126.
ص: 164
المادة،135.
المتعلق،128،129.
المسخ،6،46،47،81،85،98،99، 102،135.
المعاد الجسماني،74.
المقولات،121.
الناسوتية،81.
النسخ،46،81،85،90،102،135.
النفس،97،115.
النفس الإنسانية،73،95.
النفس النباتية،91.
النفس الناطقة،123.
الهيولي،122.
ص: 165
ص: 166
-القرآن الكريم.
-ابن منظور:أبو الفضل،جمال الدين.محمد بن مكرم بن علي(711 ه1311/ م).لسان العرب،دار صادر-دار بيروت،بيروت،1956.
-ابن النديم:أبو الفرج،محمد بن أبي يعقوب، إسحاق المعروف بالورّاق(385ه995/ م).كتاب الفهرست،تحقيق رضا تجدد المازندراني، طهران،1391ه1971/ م.
-الباشا:محمد خليل.التقمص و أسرار الحياة و الموت،في ضوء النص و العلم و الاختبار،دار النهار للنشر،بيروت،1982.
-بركات:محمد فارس.المرشد إلى آيات القرآن الكريم،ط 3،دمشق،1388ه1968/ م.
-البغدادي:أبو منصور،عبد القاهر(429 ه/ 1038 م).الفرق بين الفرق،تحقيق محمد محي
ص: 167
الدين عبد الحميد،دار المعرفة،بيروت،لاط، لات.
-البيروني:أبو الريحان،محمد بن أحمد(440 ه/ 1048 م).ما للهند من مقالة،طبعة أدوار سخاو، لندن،1887 م.
-الرازي:محمد بن أبي بكر(بعد 666 ه/ 1286 م).مختار الصحاح،ترتيب محمود خاطر، دار المعارف،القاهرة،1977 م.
-الزمخشري:جار اللّه،أبو القاسم،محمد بن عمر (538 ه1143/ م).أساس البلاغة،دار صادر- بيروت،1399 ه1979/ م.
-الشهرستاني:أبو الفتح،محمد بن عبد الكريم (548 ه1153/ م).الملل و النحل،تحقيق محمد سعيد كيلاني،ط 2،دار المعرفة-بيروت، 1395 ه1975/ م.
-طليع:أمين.التقمص،سلسلة زدني علما،رقم 168؛منشورات عويدات-بيروت-باريس، 1980 م.
الطهراني:آغا بزرك.الذريعة إلى تصانيف الشيعة، دار الأضواء-بيروت،1403 ه1983/ م.
ص: 168
-الظاهر:عبد المحسن.الدلالة العاملية.مخطوطة تاريخ 1384 ه1964/ م.الجزء 3.
- الفيروزآبادي:أبو طاهر،محمد بن يعقوب (816 ه1414/ م).القاموس المحيط.دار الجيل-بيروت،لات.
مكي العاملي،حسين يوسف.قواعد استنباط الأحكام،دمشق،1391 ه1972/ م.
-مكي:محمد كاظم.الحركة الفكرية و الأدبية في جبال عامل،ط 2،دار الأندلس-بيروت، 1982 م.
-حجة الإسلام،ط 1،المطبعة العصرية-صيدا، 1979 م.
-مجلة الثقافة الإسلامية:دمشق،1406 ه/ 1986 م.العدد 7.
- Gug Monnot:La transmisration et L'Im mor - talite.Institut Domimicain du Caire,Librairie du Lidan,Beyrouth,1980,Melanges 14.
ص: 169
-الكاشاني:ملا محسن الفيضي.تفسير الصافي.
-المجلسي:محمد باقر بن محمد تقي(1111 ه/ 1699 م).بحار الأنوار،طبعة إيران الحجرية، المجلدات،2،3،14.
-المفضل الجعفي:كتاب الهفت الشريف من فضائل جعفر الصادق.تقديم و تحقيق مصطفى غالب،دار الأندلس-بيروت،1964.
-النوبختي:أبو محمد الحسن بن موسى(أواخر القرن 3 ه9/ م).فرق الشيعة،ط 2،دار الأضواء- بيروت،1404 ه1984/ م.
ص: 170
ابن الأثير:عز الدين،علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري(637 ه1239/ م).
الكامل في التاريخ،دار صادر-دار بيروت، بيروت،1385 ه1965/ م.
ابن أبي الحديد:عز الدين،أبو حامد،عبد الحميد المدائني المعتزلي(656 ه1258/ م).شرح نهج البلاغة،دار الفكر-بيروت.
ابن حزم:علي بن أحمد(455 ه1063/ م).
الفصل في الملل و النحل،ط 1،المطبعة الأدبية، مصر،1317 ه،و مطبعة التمدن مصر 1321 ه، ج 1-4.
الآملي:محمد تقي.تعليقة على شرح المنظومة للسبزواري،و هي المجلد الثاني من درر الفوائد، مركز نشر الكتاب،طهران 1378 جابخانة مصطفوي.
ص: 171
الأمين العاملي:السيد محسن.أعيان الشيعة،ط 2، دمشق 1366 ه1947/ م.
البغدادي:أبو منصور،عبد القاهر(429 ه/ 1038 م).الفرق بين الفرق،دار المعرفة- بيروت،لاط،لات.
الحر العاملي:محمد بن الحسن بن علي(1104 ه/ 1692 م).وسائل الشيعة،المكتبة الإسلامية، طهران 1379 ه.
العلامة الحلّي:جمال الدين،أبو منصور،الحسن بن يوسف بن المطهّر(726 ه1326/)،كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد.منشورات مكتبة المصطفوي.قم.
الرازي:الفخر(606 ه1210/ م)،مفاتيح الغيب (تفسير).ط 1،المطبعة الشرقية بمصر 1308 ه، -رسائل إخوان الصفا،المطبعة العصرية في مصر، 1347 ه.
السبزواري:الحاج ملا هادي(1289 ه/ 1872 م).
-اللئالي المنتظمة في علم المنطق و الميزان (أرجوزة)الجزء الأول.
ص: 172
-غرر الفوائد في فن الحكمة.و هي الجزء الثاني من الأرجوزة.طبعة حجرية،1367 ه.
الشهرستاني:محمد بن عبد الكريم(548 ه/ 1153 م).الملل و النحل،طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر.
الشيرازي:محمد بن إبراهيم،ملاّ صدر الدين (1050 ه1640/ م).الأسفار الأربعة طبع حجري،إيران.
الصدوق:الحكمة المتعالية في المسائل الربوبية، و المسمى بالأسفار الأربعة،طبعة إيران الحجرية.
-عيون أخبار الرضا،دار العلم-قم 1377 ه..
الطبرسي:أبو علي،أمين الدين،الفضل بن الحسن بن الفضل(548 ه1153/ م).
-الاحتجاج،النجف،1350 ه.
-مجمع البيان في تفسير القرآن،طبعة النجف.
الطريحي:الشيخ فخر الدين(1085 ه1674/ م) مجمع البحرين،مطبعة الآداب-النجف، 1378 ه.
القديحي البحراني:أنوار البدرين.النجف الأشرف، 1380 ه.
ص: 173
القمي:عباس.سفينة البحار و مدينة الحكم و الآثار.
دار المرتضى-بيروت-الغبيري.
ص: 174
الموضوع الصفحة
بين يدي التحقيق 5
القسم الأول:مقدمة التحقيق11
أولا:خطة التقديم 13
ثانيا:سيرة المؤلف 17
ثالثا:تطور مسألة التناسخ و أنواعه في تاريخ الفكر البشري 37
رابعا:كتب ألفت في الموضوع نفسه 49
خامسا:مخطوطة الكتاب،مضمونها و التعليق عليها،و منهجية المؤلف 53
القسم الثاني:كتاب الاسلام و التناسخ،أو إبطال التناسخ و فهارسه57
أولا:صور عن بعض صفحات المخطوط 59
ثانيا:متن الكتاب 62
فاتحة الكتاب و دواعي تأليفه 65
ص: 175
الموضوع الصفحة
أولا:التناسخ و القائلون به 71
1-تعريف التناسخ 71
2-القائلون بالتناسخ 72
3-ما نسب للإمام الصادق في وصف التناسخ 82
4-موقف الفخر الرازي من التناسخ 86
ثانيا:أقسام التناسخ و أنواعه 89
1-أقسام التناسخ 89
2-نتيجة الأقوال التناسخية و أقسام التناسخ 96
3-بعض أقسام التناسخ 96
4-المسخ ليس من التناسخ 98
ثالثا:أدلة القائلين بالتناسخ وردها 103
الآيات القرآنية و الدليل العقلي 114
رابعا:بطلان التناسخ لدى عامة المسلمين 117
الوجه الأول 117
الوجه الثاني 120
الوجه الثالث 120
الوجه الرابع 126
الوجه الخامس 129
ص: 176
خامسا:التناسخ الباطل لا يكون في البرزخ و لا في الآخرة 133
الخاتمة 137
ثالثا:فهارس الكتاب141
-فهرس الآيات القرآنية 143
-فهرس الأحاديث النبوية و الإمامية 145
-فهرس الأعلام 149
-فهرس الفرق و الجماعات 155
-فهرس الأماكن و البقاع 159
-فهرس المفاهيم و المصطلحات 163
-فهرس مصادر التحقيق و مراجعه 167
-فهرس مصادر الكتاب و مراجعه 171
-فهرس المحتوى 175
ص: 177