سرشناسه : بیهقی، احمد بن حسین، ق 458 - 384
عنوان و نام پديدآور : الاسماء و الصفات/ ابی بکر احمد بن الحسین بن علی البیهقی؛ حقق نصوصه و خرج احادیثه عبدالرحمن عمیره .
مشخصات نشر : بیروت : دارالجلیل ، 1417ق. = 1997م. = 1376.
مشخصات ظاهری : 3 ج دریک مجلد(789 ص)
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
یادداشت : کتابنامه
مندرجات : نمایه
موضوع : خدا -- نامها
موضوع : خدا -- صفات
موضوع : خداشناسی
شناسه افزوده : عمیره، عبدالرحمن ، Umayrah, Abd al - Rahman
رده بندی کنگره : BP218/ب9الف5 1376
رده بندی دیویی : 297/42
شماره کتابشناسی ملی :م 81-22105
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
ص: 5
ص: 6
نحمد اللّه تعالى حمد العارفين، و نشكره شكر المؤمنين القانتين تنفيذا لقوله تعالى:
لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ
نعم نشكره على نعمه الظاهرة و الباطنة علينا و على عباده الذين اصطفى، لحمل رسالته و الدعوة لدينه، و بيان كلمة الحق و إظهارها. و نسأله جلت قدرته أن يصلّي و يسلم على جميع أنبيائه و رسله و في مقدمتهم محمد بن عبد اللّه-صلى اللّه عليه و سلم- الذي خصه اللّه تعالى بالصلاة و التسليم قال تعالى:
إِنَّ اَللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى اَلنَّبِيِّ يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً .
اللهم متّعني بجواره، و أسعدني بقربه، و اجعلني من خدم رسالته، اللهم ثبتني على دينك و امنحني رضوانك.
آمنت باللّه ربا و بالاسلام دينا، و بمحمد-صلى اللّه عليه و سلم-نبيا و رسولا. اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري.
و بعد: فيطيب لنا أن نقدم للأمة الاسلامية بعامة و لطلاب علم التوحيد بخاصة كتاب «الأسماء و الصفات» للامام البيهقي. و أسماء اللّه تعالى هي ما ذكره اللّه تعالى في كتابه أو جاء على لسان نبيه صلى اللّه عليه و سلم-و لهذا يقول اللّه تعالى:
وَ لِلّهِ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها .
أما الصفات فهي أيضا واضحة جلية و مع ذلك فقد اختلف فيها المسلمون
ص: 7
اختلافا بينا، و ما كان لهم أن يختلفوا، لأن الاختلاف و التنازع يجب أن يكون بعيدا عن أبناء الأمة الاسلامية، و لكن جاء الاختلاف من اتباعهم سنن من قبلهم، و ما أخذوه من ضلالات أهل الكتاب، و لقد حفظت لنا السنن و الآثار كيف أن اليهود جاءوا للرسول-صلى اللّه عليه و سلم-و قالوا له: يا محمد صف لنا ربك. . . ؟
فنزل قول اللّه تعالى: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ اَلصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ * وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ
و بعد وفاة الرسول-صلى اللّه عليه و سلم-جاء رجل الى الامام مالك و سأله عن قوله تعالى اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى .
كيف يكون الاستواء. . . ؟
فقال الامام الورع: «الاستواء معلوم و الكيف مجهول، و الإيمان به واجب، و السؤال عنه بدعة.»
و لكن المدارس الفكرية التي نشأت في تاريخ المسلمين شرقت و غربت و أخذت من تهويمات الهند، و فلسفة الفرس، و سفسطائية اليونان فانبهمت بهم السبل، و اختلفت المسالك.
و لما جاء الامام البيهقي و وضع كتابه القيّم الذي بين أيدينا فجمع الكثير من الشاردين، و وضع الحق في نصابه و لكن بقيت بقية تهوى التفرق لا التجمع، و الانقسام لا الوئام، فكانت ظلاما و ضلالا، و لكن اللّه سبحانه و تعالى مؤيدا لأتباعه و حافظا لدينا مصداقا لقوله تعالى إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ .
و تشمل هذه المقدمة الآتي:
1-نبذة مختصرة عن نشأة و حياة الامام البيهقي.
2-المؤلفات و المصنفات التي صنفها و الاشارة الى بعض أماكنها، و ما اختصر منها أو شرح.
3-عملنا في هذا الكتاب.
4-دعوة الأمة الاسلامية الى تحكيم العقل و نبذ الخلافات و اتباع الصراط المستقيم، و تنفيذ أوامر اللّه سبحانه و تعالى حاكمين و محكومين. و على اللّه قصد السبيل.
ص: 8
هو أحمد بن الحسين بن علي بن عبد اللّه بن موسى الحافظ أبو بكر البيهقي (1)النيسابوري الخسروجردي (2). ولد في شعبان سنة أربع و ثمانين و ثلاثمائة من الهجرة. و في طفولته كان حاد الذكاء متقد الذهن، حفظ القرآن في سن مبكرة، ثم أخذ يتردد على حلقات العلماء. فسمع الكثير من أبي الحسن محمد بن الحسين، و هو أكبر شيخ له، ثم تردد على حلقة أبي طاهر الزيادي، و أبي عبد اللّه الحاكم صاحب المستدرك، و سمع من أبي عبد الرحمن السلمي، و أبي بكر بن فورك، و أبي زكريا المزكى و خلق من أصحاب الأصم. ثم أتيحت له رحلة إلى مكة المكرمة و فيها سمع من أبي عبد اللّه بن نظيف، ثم قام بسياحة في كثير من بلدان الإسلام، فذهب إلى بغداد، و سمع فيها من هلال الحفار و أبي الحسين بن بشران، ثم انتقل إلى خراسان و العراق و الحجاز، و شيوخه أكثر من مائة شيخ.
و روى عنه جماعة منهم ابنه اسماعيل و حفيده أبو الحسن عبيد اللّه و أبو
ص: 9
عبد اللّه الفراوي، و زاهر بن طاهر، و عبد الجبار بن محمد.
و قد أخذ الفقه عن ناصر العمري، و قرأ علم الكلام على مذهب الأشعري.
و بعد هذا التطواف في البلاد الإسلامية عاد إلى قريته و تولى القضاء فيها.
يقول عنه الغافر: كان على سيرة العلماء، قانعا من الدنيا باليسير، متجملا في زهده و ورعه.
و قال الإمام الذهبي: واحد زمانه، و فرد أقرانه، و حافظ أوانه، ثم قال:
و دائرته في الحديث ليست كبيرة، بل بورك له في مروياته، و حسن تعرفه لحذقه و خبرته بالأبواب و الرجال (1).
و قال إمام الحرمين: ما من شافعي إلا و للشافعي في عنقه منّة إلا البيهقي فإنه له على الشافعي منّة لتصانيفه في نصرته لمذهبه (2).
و قال شيخ القضاة أبو علي ولد البيهقي: «حدثني والدي، قال: حين ابتدأت بتصنيف هذا الكتاب، يعني معرفة «السنن و الآثار» و فرغت من تهذيب أجزاء منه، سمعت الفقيه أبا محمد أحمد بن علي يقول-و هو من صالحي أصحابي و أكثرهم تلاوة و أصدقهم لهجة-يقول: رأيت الشافعي في المنام و في يده أجزاء من هذا الكتاب، و هو يقول: قد كتبت اليوم من كتاب الفقيه أحمد سبعة أجزاء. أو قال: قرأتها.
قال: «و في صباح ذلك اليوم رأى فقيه آخر من إخواني-يعرف بعمر بن محمد في منامه-الشافعي قاعدا على سرير في مسجد الجامع بخسروجرد و هو يقول: استفدت اليوم من كتاب الفقيه أحمد كذا و كذا» (3).
قال شيخ القضاة: «و حدثنا والدي، قال: سمعت الفقيه أبا محمد الحسين ابن أحمد السمرقندي الحافظ، يقول: سمعت الفقيه أبا بكر محمد بن عبد العزيز المروزي الجنوجردي يقول: رأيت في المنام كأن تابوتا علا في السماء يعلوه نور، فقلت: ما هذا؟ فقيل: تصانيف البيهقي» .2.
ص: 10
قيل: و كان البيهقي يصوم الدهر من قبل أن يموت بثلاثين سنة. توفي البيهقي رضي اللّه عنه بنيسابور في العاشر من جمادى الأولى سنة ثمان و خمسين و أربعمائة. و حمل إلى خسروجرد، و هي أكبر بلاد بيهق، فدفن هناك (1).
رحمه اللّه رحمة واسعة بمقدار ما قدم من خير للاسلام و المسلمين.
و إذا كان ذلك كذلك فيطيب لنا أن نلقي بعض الأضواء على مصنفات هذا العالم الجليل.
ألف الإمام البيهقي الكتب و المصنفات الكثيرة حتى يقال بأنه أوحد زمانه، و فارس ميدانه، و أحذق المحدثين، و أحدهم ذهنا، و أسرعهم فهما، و أجودهم قريحة.
و قيل بأن تصانيفه بلغت ألف جزء، من ذلك:
1-السنن الكبرى و الصغرى . يقول الإمام السبكي: فما صنف في علم الحديث مثلهما تهذيبا و ترتيبا و جودة. و اختصر الكبيرة إبراهيم بن علي المعروف بابن عبد الخالق الدمشقي في خمسة مجلدات، و أيضا الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي. و أجاد فيه، و اختصره أيضا الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني.
و صنف الشيخ علاء الدين علي بن عثمان المعروف بابن التركماني الحنفي المتوفى سنة 750 ه. كتابا سماه «الجوهر النقي في الرد على البيهقي» قال في أوله: الحمد للّه رب العالمين و العاقبة للمتقين، ثم قال: هذه فوائد علقتها على السنن الكبيرة للبيهقي أكثرها اعتراضات عليه و مناقشات و مباحثات معه.
2-كتاب «المعرفة» المسمى «معرفة السنن و الآثار» يقول عنه الإمام السبكي:
لا يستغني عنه فقيه شافعي.
ص: 11
3-كتاب «المبسوط» في نصوص الإمام الشافعي.
4- «الأسماء و الصفات» . و قد علق على بعض نصوصه الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي وكيل مشيخة الإسلام بالاستانة.
5-كتاب «الاعتقاد» . و هو كتاب يوضح عقيدة أهل السنة و الجماعة كما جاءت في كتاب اللّه تعالى و سنة الرسول الكريم.
6-كتاب «دلائل النبوة» اختصره سراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن المتوفى سنة 804 ه.
7-كتاب «شعب الإيمان» المسمى الجامع المصنف في شعب الإيمان و هو من الكتب المشهورة، و له مختصرات، منها مختصر شمس الدين القونوي، و مختصر الإمام معين الدين محمد بن حمويه و فيه سبعة و سبعون بابا.
و روى البيهقي فيه أن الإيمان بضع و سبعون شعبة أفضلها لا إله إلا اللّه.
و بهذه الرواية أخذ صاحب المنهاج في تقسيمه ذلك على سبع و سبعين بابا بعد بيان صفة الإيمان.
8-كتاب «مناقب الإمام الشافعي» و كتاب «الدعوات الكبيرة» . يقول عنهما الإمام السبكي: ليس لهما نظير فيما سبق من المصنفات.
9-و أما كتاب «الخلافيات» فلم يسبق إلى نوعه، و لم يصنف مثله و هو طريقة مستقلة حديثية لا يقدر عليها إلا مبرز في الفقه و الحديث.
10-كتاب «مناقب الإمام أحمد» .
11-كتاب «أحكام القرآن للشافعي» .
12-كتاب «الدعوات الصغيرة» .
13-كتاب «البعث و النشور» .
14-كتاب «الزهد الكبير» .
15-كتاب «الآداب» .
16-كتاب «الأسرى» .
17-كتاب «الأربعين» . و هو مشتمل على مائة حديث مرتب على أربعين بابا أوله: الحمد للّه كفاء حقه. . . الخ.
18-كتاب «فضائل الأوقات» .
ص: 12
و لا نستطيع في تلك العجالة أن نحيط بكل ما ألفه هذا العالم الجليل (1)رحمه اللّه رحمة واسعة بمقدار ما قدم من خير للإسلام و المسلمين.1.
ص: 13
إن العمل في تحقيق التراث عمل مرهق و شاق و لا يحس به إلا من زاوله على حسب قواعده، و عايشه معايشة كاملة، هذا إذا كان كتاب التراث يتناول فنّا من الفنون يتصل بعلوم الشريعة أو العلوم الإنسانية و الاجتماعية.
1- إن تحقيق كتب التراث يتطلب من المحقق أن يضع يده على أكثر من نسخة من المخطوطات حتى يتمكّن من المقارنة بينها، و توضيح الفروق بين نسخة و أخرى.
2- إن النسخة المطبوعة كانت بها بعض التحريفات المطبعية التي أدت إلى قلب المعنى و في بعض الأوقات إلى عدم وضوح المطلوب منه و هذا ما عملنا على تصحيحه و أشرنا إلى ذلك بالهامش.
3- بدأنا بتخريج الأحاديث تخريجا كاملا بقدر ما أسعفتنا المراجع التي بين أيدينا، و الدلالة عليها في أماكنها في كتب الصحاح و السنن و الاشارة إليها بأرقامها و أبوابها و كتبها. حتى لا يجد القارئ الذي يرغب في مراجعتها في مظانها أي مشقة أو جهد في الوصول إليها.
4- تتبعنا آيات القرآن الكريم التي وردت في ثنايا الكتاب فصححناها من تحريفات النساخ و تم ترقيمها و الاشارة إلى سورها.
5- ترجمنا لكثير من الأعلام التي جاءت في الكتاب و التي لا ترتبط برباط وثيق برواة الأحاديث
6- أعاننا اللّه تعالى بوضع مجموعة من الفهارس لهذا الكتاب
أ- فهرس آيات القرآن الكريم
ص: 14
ب- فهرس الأحاديث النبوية.
ج- فهرس الأعلام
د- فهرس الموضوعات.
نرجو من اللّه تعالى أن ينفع به جماعة المسلمين و أن يكون في ميزان حسناتنا يوم القيامة إنه سميع الدعاء.
ص: 15
يظهر هذا الكتاب و بشائر السلام تظهر و أعلام الوئام ترفرف و هذا شيء يبشر بالخير. و من يكره السلام. . . ؟
إن الحرب بغيضة في كل صورها و أشكالها. و الحرب تلتهم كل ثروات البلاد، و تقتل الشباب و تحول البلاد الى بلاقع، لهذا نحن ندعو إلى السلام، الى الوئام الى المحبة.
و هذا الكتاب الذي نقدمه للقارئ اليوم هو دعوة لذلك، لأنّه يحوي أسماء اللّه الحسنى و كلها تدعو إلى السلام و إلى الأمن و الأمان، و إلى العدل و المحبة، و إلى القناعة و الرحمة. و السلام يحول الصحراء إلى جنات وارفة الظلال تحمل الخير الوفير، و تساعد في عجلة الانتاج،
فمتى تعي شعوبنا هذه الدروس و تعود الى كتاب ربها تستلهم منه الهداية و الرشاد. . . ؟
متى يا رب إنا لمنتظرون.
المحقق أ. د. عبد الرحمن عميرة.
استاذ العقيدة بجامعة الملك فيصل بالسعودية
ص: 16
بسم اللّه الرحمن الرحيم و به إياه نستعين.
الحمد للّه الذي لا إله إلا هو، له الأسماء الحسنى. و صلى اللّه على سيدنا محمد، النبي الأمي، صاحب الخلق العظيم، و المنزل الأسنى، الفاتح الخاتم، المنزل في تقريبه: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (1)، و على آله و أصحابه، الغرر الكرام، نجوم الهدى، و سلم. و صلاة و تسليما فائضي البركات، عدد خلق اللّه، فرادى و مثنى.
أخبرني شيخنا العارف باللّه، الوارث، الكامل، صفي الدين أحمد بن محمد المدني الأنصاري، قدس سره، إجازة عن شيخه العارف باللّه، أبى المواهب أحمد بن علي بن عبد القدوس العباسي الشناوي، ثم المدني، قدس سره، عن الشيخ محمد بن أحمد الرملي، عن شيخ الإسلام، زين الدين، زكريا بن محمد الأنصاري (2)القاهري، عن الحافظ ابن حجر العسقلاني، عن البرهان، أبي إسحاق، إبراهيم بن أحمد، ابن عبد الواحد، التنوخي، البعلي الأصل، الدمشقي المنشأ، نزيل القاهرة، عن المسند المعمر، أبي نصر، محمد بن العماد، محمد بن أبي النصر، محمد الفارسي الأصل، الدمشقي، ثم المزي، عن جده أبي النصر، محمد بن هبة اللّه بن محمد بن يحيى بن مميل
ص: 17
الشيرازي، عن الحافظ الثقة، أبي القاسم، علي بن الحسن بن هبة اللّه بن عساكر الدمشقي، قال: قرأت على الشيخ أبي الحسن، عبيد اللّه بن أبي عبد اللّه محمد بن أبي بكر، أحمد بن الحسين بن علي البيهقي ببغداد.
قلت له: أخبرك جدك أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي قراءة عليه، فأقر به ح. و أنبأنا الشيخ الإمام أبو عبد اللّه محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد الفراوي، الواعظ، الفقيه قراءة عليه بنيسابور، أنا الشيخ الإمام الحافظ أبو بكر، أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (رحمه اللّه) قراءة عليه في شعبان سنة 449 ه. قال: كتاب أسماء اللّه (جل ثناؤه) و صفاته التي دل كتاب اللّه تعالى على إثباتها، أو دلت عليه سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أو دل عليه إجماع سلف هذه الأمة قبل وقوع الفرقة، و ظهور البدعة.
ص: 18
و السنة، و إجماع الأمة
قال اللّه (جل ثناؤه) : وَ لِلّهِ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها (1).
و قال تعالى: قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى (2).
و قال: اُذْكُرُوا اِسْمَ اَللّهِ عَلَيْهِ (3).
و قال: لَهُ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى (4).
أنا أبو الحسن، علي بن أحمد عبدان الأهوازي، أنا أحمد بن عبيد الصفار، أنا تمام محمد بن غالب، أنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعى، عن حذيفة، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذا أوى إلى فراشه، قال: «اللهم باسمك أحيا. و باسمك أموت» . و إذا أصبح، قال:
«الحمد للّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا، و إليه النشور» . أخرجه أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل الجعفي، البخاري في الجامع الصحيح (5)، عن مسلم بن
ص: 19
إبراهيم. و أخرجه مسلم بن الحجاج القشيري من وجه آخر، عن شعبة بن الحجاج (1)، أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن أبي نصر الدار بردى بمرو، نا أحمد بن محمد بن عيسى القاضي، نا عبد اللّه بن مسلمة، نا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، قال:
سمعت عثمان بن عفان رضي اللّه عنه يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: ما من عبد يقول في صباح كل يوم، و مساء كل ليلة: «بسم اللّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض و لا في السماء، و هو السميع العليم، ثلاث مرات، فيضره شيء (2)» . .
ص: 20
أخبرنا أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران العدل، أخبرنا أبو علي، إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ح.
و عن همام بن منبه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أن للّه تسعة و تسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة» . زاد أحدهما في حديثه عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: «إنه وتر يحب الوتر» . رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق (1). أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ (رحمه اللّه تعالى) ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، نا سفيان، نا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن للّه تسعة و تسعين اسما، مائة غير واحد. من حفظها دخل الجنة. و هو وتر يحب الوتر» . رواه البخاري في الصحيح عن علي بن المديني، و رواه مسلم، عن عمر الناقد، و زهير بن حرب، و ابن أبي عمر، كلهم عن سفيان بن عيينة (2).
ص: 21
أخبرنا أبو عبد اللّه، الحافظ، و أبو عبد اللّه إسحاق بن محمد بن يوسف ابن يعقوب السوسي، و أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، قالوا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، نا محمد بن خالد بن حلي، نا بشر بن شعيب ابن حمزة، عن أبيه، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن للّه تسعة و تسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها، دخل الجنة. إنه وتر يحب الوتر» . رواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة (1).
و أخبرنا أبو أحمد، عبد اللّه بن محمد بن الحسين المهرجاني، العدل، أنا أبو بكر، محمد بن جعفر، أبي موسى المزكي، نا محمد بن إبراهيم العبدي، نا أبو عمران، موسى بن أيوب النصيبي، نا الوليد بن مسلم ح، و أنا أبو نصر، عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، أنا أبو عمرو بن مطر، نا الحسن بن سفيان ح. و حدثنا أبو عبد الرحمن، محمد بن الحسين بن محمد بن موسى السلمي (رحمه اللّه تعالى) ، أنا علي بن الفضيل بن محمد بن عقيل الخزاعي، أنا جعفر بن محمد بن المستفاض الفريابي، قالا: حدثنا صفوان بن صالح، نا الوليد بن مسلم، نا شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن لله تسعة و تسعين اسما، مائة إلا واحدا من أحصاها، دخل الجنة. هو وتر يحب الوتر. هو اللّه الذي لا إله إلا
ص: 22
هو الرحمن. الرحيم. الملك. القدوس. السلام. المؤمن. المهيمن. العزيز.
الجبار. المتكبر. الخالق. البارئ. المصور. الغفار. القهار. الوهاب. الرزاق.
الفتاح. العليم. القابض. الباسط. الخافض. الرافع. المعز. المذل.
السميع. البصير. الحكم. العدل. اللطيف. الخبير. الحليم. العظيم.
الغفور. الشكور. العلي. الكبير. الحفيظ. المقيت. الحسيب. الجليل.
الكريم. الرقيب. المجيب. الواسع. الحكيم. الودود. المجيد. الباعث.
الشهيد. الحق. الوكيل. القوي. المتين. الولي. الحميد. المحصي. المبدئ.
المعيد. المحيي. المميت. الحي. القيوم. الواجد. الماجد. الواحد. الصمد.
القادر. المقتدر. المقدم. المؤخر. الأول. الآخر. الظاهر. الباطن. الوالي.
المتعال. البر. التواب. المنتقم. العفو. الرءوف. مالك الملك. ذو الجلال.
و الإكرام. المقسط. الجامع. الغني. المغني. المانع. الضار. النافع. النور.
الهادي. البديع. الباقي. الوارث. الرشيد. الصبور. الكافي» .
لفظ حديث الفريابي. و في رواية الحسن بن سفيان: الرافع بدل المانع.
و قيل في رواية النصيبي المغيث بدل المقيت (1).ح.
ص: 23
و ليس في قول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «تسعة و تسعون اسما» نفي غيرها. و إنما وقع التخصيص بذكرها، لأنها أشهر الأسماء و أبينها معاني. و فيها ورد الخبر أن من أحصاها دخل الجنة. و في رواية سفيان: «من حفظها» . و ذلك يدل على أن المراد بقوله: «من أحصاها» من عدها.
و قيل: معناه: من أطاقها بحسن المراعاة لها. و المحافظة على حدودها فى معاملة الرب بها.
و قيل: معناه: من عرفها و عقل معانيها، و آمن بها. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه، الحافظ، نا أبو بكر، محمد بن أحمد بن بابويه، نا محمد بن شاذان الجوهري، نا شعيب عن سليمان الواسطي، نا فضيل بن مرزوق، حدثني أبو سلمة الجهني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال عبد اللّه بن مسعود، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ما أصاب مسلما قط هم و لا حزن، فقال: اللهم إني عبدك، و ابن عبدك، و ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. أن تجعل القرآن ربيع قلبي، و جلاء حزني، و ذهاب همي و غمي. إلا أذهب اللّه عنه همه، و أبدله مكان همه فرحا» .
قالوا: يا رسول اللّه. ألا نتعلم هذه الكلمات؟
ص: 24
قال: «بلى، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن» (1).
و أنا الأستاذ أبو منصور، عبد القاهر بن طاهر البغدادي، من أصل كتابه، نا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الجرجاني-إملاء-أنا أبو بكر، محمد ابن عبد السلام البصري بها، نا محمد بن المنهال الضرير، نا عبد الواحد بن زياد بن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من أصابه هم أو حزن، فليقل: اللهم إني عبدك، و ابن عبدك، و ابن أمتك، في قبضتك، ناصيتي بيدك. عدل فيّ قضاؤك، ماض فيّ حكمك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، و نور صدري، و ذهاب همي، و جلاء حزني.
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما قالهن مهموم قط، إلا أذهب اللّه همه، و أبدله بهمه فرحا.
قالوا: يا رسول اللّه: أ فلا نتعلمهن؟ قال: بلى، فتعلموهن و علموهن» (2).
قال الشيخ رضي اللّه عنه: في هذا الحديث دلالة على صحة ما وقعت عليه ترجمة هذا الباب.
و استشهد بعض أصحابنا في ذلك بما أنا أبو نصر، عمر بن عبد العزيز ابن قتادة، و أبو بكر، محمد بن ابراهيم الفارسي، قال: أنا أبو عمرو بن مطر، نا إبراهيم بن علي الهذيلي، نا يحيى بن يحيى، أنا صالح المزي، عنه.
ص: 25
جعفر بن زيد العبدي، عن عائشة أم المؤمنين، أنها قالت: يا رسول اللّه، علمني اسم اللّه الذي إذا دعي به، أجاب. قال لها صلى اللّه عليه و سلم: قومي فتوضئي، و ادخلي المسجد، فصلي ركعتين، ثم ادعي حتى أسمع. ففعلت. فلما جلست للدعاء، قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: اللهم و فقها. فقالت: اللهم إني أسألك بجميع أسمائك الحسنى كلها، ما علمنا منها و ما لم نعلم، و أسألك باسمك العظيم الأعظم، الكبير الأكبر، الذي من دعاك به أجبته، و من سألك به أعطيته.
قال: يقول النبي صلى اللّه عليه و سلم: أصبته أصبته (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمدان-الجلاب بهمزان-حدثنا الأمير أبو الهيثم، خالد بن أحمد-بهمذان-حدثنا أبو أسعد عبد اللّه بن محمد البلخي، حدثنا خالد بن مخلد القطواني ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، و أبو بكر بن عبد اللّه، قالا: حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أحمد بن سفيان النسوي، حدثنا خالد بن مخلد. حدثنا عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، حدثنا أيوب السختياني، و هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: إن للّه تعالى تسعة و تسعين اسما، من أحصاها، دخل الجنة. فذكرها، و عد منها: الإله.
الرب. الحنان. المنان. الباري. الأحد. الكافي. الدائم. المولى. النصير.
المبين. الجميل. الصادق. المحيط. القريب. القديم. الوتر. الفاطر. العلام.
المليك. الأكرم. المدبر. القدير. الشاكر. ذو الطول. ذو المعارج. ذو الفضل.
الكفيل.
تفرد بهذه الرواية عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان. و هو ضعيف الحديث عند أهل النقل. ضعفه يحيى بن معين، و محمد بن اسماعيل البخاري (2). و يحتمل أن يكون التفسير وقع من بعض الرواة. و كذلك في حديث -
ص: 26
الوليد بن مسلم. و لهذا الاحتمال ترك البخاري و مسلم إخراج حديث الوليد في الصحيح. فإن كان محفوظا عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، فكأنه قصد أن من أحصى من أسماء اللّه تعالى تسعة و تسعين اسما، دخل الجنة، سواء أحصاها مما نقلنا في حديث الوليد بن مسلم، أو مما نقلناه في حديث عبد العزيز بن الحصين، أو من سائر ما دل عليه الكتاب و السنة. و اللّه أعلم. و هذه الأسامي كلها في كتاب اللّه تعالى، و في سائر أحاديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نصا أو دلالة. و نحن نشير إلى مواضعها إن شاء اللّه تعالى في جماع أبواب معاني هذه الأسماء، و نضيف إليها ما لم يدخل في جملتها بمشيئة اللّه تعالى، و حسن توفيقه.ه.
ص: 27
ذكر الحاكم، أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن الحليمي فيما يجب اعتقاده، و الإقرار به في الباري (سبحانه و تعالى) عدة أشياء:
أحدها: إثبات الباري (جل جلاله) ، لتقع به مفارقة التعطيل.
و الثاني: إثبات وحدانيته، لتقع به البراءة من الشرك.
و الثالث: إثبات أنه ليس بجوهر، و لا عرض، ليقع به البراءة من التشبيه.
و الرابع: إثبات أن وجود كل ما سواه كان من قبل إبداعه له، و اختراعه إياه، لتقع به البراءة من قول من يقول بالعلة و المعلول.
و الخامس: إثبات أنه مدبر ما أبدع، و مصرفه على ما يشاء، لتقع به البراءة من قول القائلين بالطبائع. أو بتدبير الكواكب، أو تدبير الملائكة.
قال: ثم إن أسماء اللّه تعالى جده التي ورد بها الكتاب و السنة. و أجمع العلماء على تسميته بها، منقسمة بين العقائد الخمس. فيلحق بكل واحدة منهن بعضها. و قد يكون منها ما يلتحق بمعنيين، و يدخل في بابين أو أكثر.
و هذا شرح ذلك و تفصيله.
ص: 28
منها (القديم) (1) : و ذلك مما يؤثر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و قد ذكرناه في رواية عبد العزيز بن الحصين.
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان-ببغداد-نا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا جامع ابن شداد، عن صفوان بن محرز أنه حدثه عمران بن حصين رضي اللّه عنه، قال:
دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فذكر الحديث، ففيه:
«قالوا: جئناك نسألك عن هذا الأمر. قال: كان اللّه تعالى، و لم يكن شيء غيره» . رواه البخاري في الصحيح، عن عمر بن حفص.
قال الحليمي رحمه اللّه تعالى، في معنى القديم: إنه الموجود الذي ليس لوجوده ابتداء. و الموجود الذي لم يزل. و أصل القديم في اللسان: السابق لأن القديم هو القادم. قال اللّه عز و جل فيما أخبر به عن فرعون: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ (2).
ص: 29
فقيل لله (عز و جل) : قديم. بمعنى أنه سابق للموجودات كلها. و لم يجز إذ كان كذلك أن يكون لوجوده ابتداء، لأنه لو كان لوجوده ابتداء، لاقتضى ذلك أن يكون غير له أوجده. و لوجب أن يكون ذلك الغير موجودا قبله، فكان لا يصح حينئذ أن يكون هو سابقا للموجودات فبان أنّا إذا وصفناه بأنه سابق للموجودات، فقد أوجبنا ألا يكون لوجوده ابتداء. فكان القديم في وصفه (جل ثناؤه) عبارة عن هذا المعنى. و باللّه التوفيق.
و منها: (الأول، و الآخر) قال اللّه (جل ثناؤه) : هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ (1).
و قد ذكرناهما في رواية الوليد بن مسلم.
و أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن علي الروذباري بطوس، أنا أبو بكر، محمد بن بكر بن داسة-بالبصرة-حدثنا أبو داود السجستاني، حدثنا موسى ابن إسماعيل، حدثنا وهيب، عن خالد ح.
قال أبو داود: و حدثنا وهب بن بقية، عن خالد نحوه. جميعا عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه كان يقول إذا أوى الى فراشه: «اللهم رب السموات و رب الأرض، رب كل شيء، فالق الحب و النوى، منزل التوراة و الإنجيل و القرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته. أنت الأول، فليس قبلك شيء. و أنت الآخر فليس بعدك شيء. و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء» (2).
زاد وهب في حديثه: «اقض عني الدين، و أغنني من الفقر» . رواه مسلم في الصحيح، عن عبد الحميد بن بيان، عن خالد بن عبد اللّه. .
ص: 30
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا جدي، حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيرى، حدثنا ابن أبي حازم، عن سهيل بن أبي صالح، عن موسى بن عقبه، عن عاصم بن أبي عبيد، عن أم سلمة رضي اللّه عنها، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أنه كان يدعو بهؤلاء الكلمات:
«اللهم أنت الأول، فلا قبلك شيء، و أنت الاخر، فلا شيء بعدك، أعوذ بك من شر كل دابة ناصيتها بيدك. و أعوذ بك من الإثم و الكسل، و من عذاب القبر، و من عذاب النار، و من فتنة الغنى و فتنة الفقر، و أعوذ بك من المأثم و المغرم» (1).
أخبرنا أبو طاهر، محمد بن محمد بن محمد بن محمش الفقيه، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: ذكر سفيان، عن جعفر بن يرقان، عن يزيد ابن الأصم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يسألكم الناس عن كل شيء، حتى يسألوكم: هذا اللّه خلق كل شيء. فمن خلق اللّه (2)؟» .
قال سفيان: قال جعفر: فحدثني رجل آخر، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال جعفر، كان يرفعه: «فإن سألتم، فقولوا: اللّه قبل كل شيء، و خالق كل شيء، و هو كائن بعد كل شيء» .
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا محمد بن حاتم، حدثنا فتح بن عمرو، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن هشام، عن ابن سيرين، قال: كنت عند أبي هريرة رضي اللّه عنه فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «إن رجالا سترفع بهم المسألة، حتى يقولوا: اللّه خلق الخلق، فمن خلقه؟» . قال عبد الرزاق: قاله.
ص: 31
معمر: و زاد فيه رجل آخر، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «فقولوا: اللّه كان قبل كل شيء. و هو خالق كل شيء، و هو كائن بعد كل شيء» .
أخبرنا أبو الحسين بن بشران-ببغداد-أنا أبو علي، الحسين بن صفوان، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا حدثني أحمد بن عبد الأعلى الشيباني، حدثنا أبو عبد الرحمن الكوفي، عن صالح بن حيان، عن محمد بن علي، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم علم عليا، رضي اللّه عنه، دعوة يدعو بها عند ما أهمه، فكان علي رضي اللّه عنه يعلمها ولده:
«يا كائنا قبل كل شيء، و يا مكون كل شيء، و يا كائنا بعد كل شيء، افعل بي كذا و كذا» (1). هذا منقطع.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب بن يوسف، حدثنا محمد بن سنان القزاز، حدثنا محمد بن الحارث مولى بني هاشم، حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال:
كان من دعاء رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الذي كان يقول: «يا كائنا قبل أن يكون شيء، و المكون لكل شيء، و الكائن بعد ما لا يكون شيء، أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات الغافرات الواجبات المنجيات» .
قال الشيخ أحمد: إن صح هذا، فإنما أراد باللحظة: النظرة، و نظره في أمور عباده: رحمته إياهم.
قال الحليمي رحمه اللّه: فالأول: هو الذي لا قبل له. و الآخر: هو الذي لا بعد له. و هذا لأن قبل و بعد نهايتان. فقبل نهاية الموجود من قبل ابتدائه، و بعد غايته من بعد انتهائه. فإذا لم يكن له ابتداء و لا انتهاء. لم يكن للموجود قبل و لا بعد، فكان هو الأول و الآخر.
و منها: (الباقي) : قال اللّه (عز و جل) : وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (2). و قد رويناه في حديث الوليد بن مسلم.7.
ص: 32
قال الحليمي رحمه اللّه: و هذا أيضا من لوازم قوله: «قديم» ، لأنه إذا كان موجودا لا عن أول، و لا بسبب، لم يجز عليه الانقضاء و العدم. فإن كل منقض بعد وجوده فإنما يكون انقضاؤه لانقطاع سبب وجوده. فلما لم يكن لوجود القديم سبب، فيتوهم أن ذلك السبب إن ارتفع عدم، علمنا أنه لا انقضاء له.
قال الشيخ أحمد: و في معنى الباقي: الدائم و هو في رواية عبد العزيز ابن الحصين، قال أبو سليمان الخطابي فيما أخبرت عنه: الدائم: الموجود لم يزل، الموصوف بالبقاء، الذي لا يستولي عليه الفناء. قال: و ليست صفة بقائه و دوامه كبقاء الجنة و النار و دوامهما، و ذلك أن بقاءه أبدي أزلي. و بقاء الجنة و النار أبدي غير أزلي. و صفة الأزل ما لم يزل، و صفة الأبد ما لا يزال، و الجنة و النار مخلوقتان كائنتان بعد أن لم تكونا. فهذا فرق ما بين الأمرين.
و اللّه أعلم.
و منها: (الحق المبين) قال اللّه (جل ثناؤه) : وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلْحَقُّ اَلْمُبِينُ (1).
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو القاسم، سليمان بن أحمد اللخمي الطبراني، حدثنا حفص بن عمر الرقي، حدثنا قبيصة ح.
قال سليمان: و حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن سليمان الأحوال، عن طاوس، عن ابن عباس رضي اللّه عنه قال: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم إذا تهجد من الليل يدعو: «اللهم لك الحمد. أنت رب السموات و الأرض و ما فيهن. و لك الحمد. أنت نور السموات و الأرض و ما فيهن. و لك الحمد. أنت قيم السموات و الأرض و من فيهن. أنت الحق. و قولك حق. و وعدك حق. و لقاؤك حق. و الجنة حق. و النار حق. و الساعة حق. اللهم لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكلت، و إليك أنبت. و بك خاصمت. و إليك حاكمت. فاغفر لي ما قدمت، و ما أخرت، و ما أسررت، و ما أعلنت. أنت إلهي لا5.
ص: 33
إله إلا أنت» . رواه البخاري في الصحيح عن قبيصة. و هما مذكوران في خبر الأسامي. أحدهما في رواية الوليد بن مسلم، و الآخر في رواية عبد العزيز (1).
قال الحليمي رحمه اللّه: الحق ما لا يسع إنكاره، و يلزم إثباته و الاعتراف به.
و وجود الباري عز ذكره أولى ما يجب الاعتراف به-يعني عند ورود أمره بالاعتراف به-و لا يسع جحوده، إذ لا مثبت يتظاهر عليه من الدلائل البينة الباهرة ما تظاهرت على وجود الباري جل ثناؤه.
و قال: و المبين هو الذي لا يخفى و لا ينكتم. و الباري جل ثناؤه ليس بخاف و لا منكتم، لأن له من الأفعال الدالة عليه ما يستحيل معها أن يخفي، فلا يوقف عليه و لا يدري.
و منها: (الظاهر) : قال اللّه جل ثناؤه: هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ وَ اَلظّاهِرُ وَ اَلْباطِنُ (2). و هو في خبر الأسامي و غيره.
و أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقري، أنا الحسن بن محمد، أبو إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، أنا محمد بن أبي بكر، حدثنا الأغلب بن تميم، حدثنا مخلد أبو الهذيل العنبري، عن عبد الرحمن، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: إن عثمان رضي اللّه عنه سأل النبي صلى اللّه عليه و سلم عن تفسير: لَهُ مَقالِيدُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (3).
فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم: «ما سألني عنها أحد قبلك. تفسيرها: لا إله إلا اللّه، و اللّه أكبر، و سبحان اللّه و بحمده، استغفر اللّه، لا حول و لا قوة إلا باللّه، الأول و الآخر، و الظاهر و الباطن، بيده الخير، يحيي و يميت، و هو على كل شيء قدير» (4).ه.
ص: 34
قال: و ذكر الحديث.
قال الحليمي رحمه اللّه في معنى الظاهر: إنه البادي في أفعاله. و هو (جل ثناؤه) بهذه الصفة، فلا يمكن معها أن يحصد وجوده و ينكر ثبوته.
قال أبو سليمان: هو الظاهر بحججه الباهرة، و براهينه النيرة، و شواهد أعلامه الدالة على ثبوت ربوبيته، و صحة وحدانيته. و يكون الظاهر فوق كل شيء بقدرته. و قد يكون الظهور بمعنى العلو. و يكون بمعنى الغلبة.
و منها: (الوارث) و معناه الباقي بعد ذهاب غيره. و ربنا جل ثناؤه بهذه الصفة، لأنه يبقى بعد ذهاب الملاّك الذين أمتعهم في هذه الدنيا بما آتاهم، لأن وجودهم، و وجود الأملاك كان به. و وجوده ليس بغيره. و هذا الاسم مما يؤثر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في خبر الأسامي. و قال اللّه عز و جل: وَ إِنّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ نَحْنُ اَلْوارِثُونَ (1).3.
ص: 35
أولها: الواحد: قال اللّه (جل ثناؤه) قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اَللّهُ اَلْواحِدُ اَلْقَهّارُ (1). و قد ذكرناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، نا أبو محمد، عبد اللّه بن أحمد بن سعد البزاز، الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن ابراهيم البوشنجي، حدثنا يوسف ابن عدي، حدثنا غنام بن علي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا تضور من الليل، قال: «لا إله إلا اللّه الواحد القهار، رب السموات و الأرض، و ما بينهما العزيز الغفار» (2).
قال الحليمي رحمه اللّه في معنى الواحد: إنه يحتمل وجوها:
أحدها: أنه لا قديم سواه، و لا إله سواه. فهو واحد من حيث إنه ليس له شريك، فيجري عليه حكم العدد، و تبطل به وحدانيته.
و الثاني: أنه واحد بمعنى أن ذاته ذات لا يجوز عليه التكثر بغيره.
و الإشارة فيه إلى أنه ليس بجوهر، و لا عرض. لأن الجوهر (3)قد يتكثر
ص: 36
بالانضمام إلى جوهر مثله. فيتركب منها جسم. و قد يتكثر بالعرض الذي يحله. و العرض لا قوام له إلا بغير يحله. و القديم فرد لا يجوز عليه حاجة إلى غيره، و لا يتكثر بغيره. و على هذا لو قيل: إن معنى الواحد أنه القائم بنفسه، لكان ذلك صحيحا و لرجع المعنى إلى أنه ليس بجوهر و لا عرض. و لأن قيام الجوهر بفاعله و مبقيه. و قيام العرض بجوهر يحله.
و الثالث: أن معنى الواحد هو القديم. فإذا قلنا: الواحد فإنما هو الذي لا يمكن أن يكون أكثر من واحد هو القديم، لأن القديم متصف في الأصل بالإطلاق السابق للموجودات. و مهما كان قديما، كان كل واحد منها غير سابق بالإطلاق. لأنه إن سبق غير صاحبه، فليس بسابق صاحبه، و هو موجود كوجوده. فيكون إذا قديما من وجه، غير قديم من وجه، و يكون القديم وصفا لهما معا، و لا يكون وصفا لكل واحد منهما. فثبت أن القديم بالإطلاق لا يكون إلا واحدا. فالواحد إذا هو القديم الذي لا يمكن أن يكون إلا واحدا. و منها الوتر: لأنه إذا لم يكن قديم سواه، لا إله و لا غير إله، لم ينبغي لشيء من الموجودات أن يضم إليه فيعبد معه. فيكون المعبود معه شفعا، لكنه واحد وتر. و قد ذكرناه في رواية عبد العزيز بن الحصين.
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر، محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لله عز و جل تسعة و تسعون اسما، مائة إلا واحدا. من أحصاها، دخل الجنة. و أنه وتر يحب الوتر» (1).
رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق (2).ه.
ص: 37
و منها: (الكافي) : لأنه إذا لم يكن له في الإلهية شريك، صح أن الكفايات كلها واقعة به وحده، فلا ينبغي أن تكون العبادة إلا له. و الرغبة إلا إليه. و الرجاء إلا منه. و قد ورد الكتاب بهذا. قال اللّه (عز و جل) :
أَ لَيْسَ اَللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ (1) . و ذكرناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الصفار-إملاء-حدثنا أبو يحيى، أحمد بن عصام بن عبد المجيد الأصفهاني، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان إذا أوى إلى فراشه، قال: «الحمد لله الذي أطعمنا و سقانا، و كفانا، و أوانا، فكم ممن لا كافي له و لا مؤوي» . أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر، عن حماد بن سلمة (2).
و منها: (العلي) : قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ (3). و ذكرناه في خبر الأسامي.
أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا يحيى ابن أبي طالب، أنا أبو عامر العقدي، أنا أبو حفص عمر بن راشد اليهامي، أنا إياس بن سلمة، عن أبيه، قال: ما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يستفتح دعاء قط إلا استفتح بسبحان ربي الأعلى الوهاب. و رواه أبو معاوية، عن عمر بن راشد، و زاد فيه: العلي الوهاب. و عمر بن راشد ليس بالقوي.
و أخبرنا عمر بن عبد العزيز بن قتادة، أنا العباس بن الفضل بن زكريا النضروي الهروي بها، أنا أحمد بن نجده، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا مسكين5.
ص: 38
ابن ميمون-مؤذن مسجد الرملة-حدثني عروة بن رويم، عن عبد الرحمن بن قرط، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليلة أسرى به، سمع تسبيحا في السموات العلى:
سبحان العلي الأعلى، سبحانه و تعالى.
قال الحليمي في معنى العلي: إنه الذي ليس فوقه فيما يجب له من معالي الجلال أحد، و لا معه ممن يكون العلو مشتركا بينه و بينه. لكنه العلي بالإطلاق.
قال: و (الرفيع) في هذا المعنى. قال اللّه عز و جل: رَفِيعُ اَلدَّرَجاتِ (1).
و معناه: هو الذي لا أرفع قدرا منه. و هو المستحق لدرجات المدح و الثناء. و هي أصنافها و أبوابها، لا مستحق لها غيره.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي، حدثنا عبد اللّه بن محمد القرشي، حدثنا يوسف بن موسى، قال سمعت جريرا، قال: سمعت رجلا يقول: رأيت ابراهيم الصائغ في النوم-قال: و ما عرفته قط-فقلت: بأي شيء نجوت؟ قال: بهذا الدعاء: «اللهم يا عالم الخفيات، رفيع الدرجات، ذا العرش، يلقى الروح على من يشاء من عبادك، غافر الذنب، قابل التوب، شديد العقاب، ذا الطول، لا إله إلا أنت (2)» .م.
ص: 39
أولها: (اللّه) : قال اللّه (جل ثناؤه) : اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد ابن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا أبو النصر، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس رضي اللّه عنه، قال: كنا نهينا أن نسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، عن شيء كان يعجبنا: أن يأتيه الرجل من أهل البادية، فيسأله، و نحن نسمع. فأتاه رجل منهم، فقال: يا محمد، أتانا رسولك، فزعم أنك تزعم أن اللّه أرسلك. قال: صدق. قال: فمن خلق السماء؟ قال: اللّه. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: اللّه. قال: فمن نصب هذه الجبال؟ قال: اللّه. قال:
فمن جعل فيها هذه المنافع؟ قال: اللّه. قال: فبالذي خلق السماء و الأرض، و نصب الجبال، و جعل فيها هذه المنافع آللّه ارسلك؟ قال: نعم. قال: و زعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا و ليلتنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آللّه أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: و زعم رسولك أن علينا صدقة في أموالنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آللّه أمرك بهذا؟ قال: نعم.
قال: و زعم رسولك أن علينا صوم شهر في سنتنا، قال: صدق. قال:
فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: و زعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك، اللّه أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: و الذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن و لا أنقص
ص: 40
منهن. فلما مضى قال صلى اللّه عليه و سلم: لئن صدق، ليدخلن الجنة.» رواه مسلم في الصحيح، عن عمر. و الناقد عن أبي النصر قال البخاري: و رواه موسى بن إسماعيل، و علي بن عبد الحميد، عن سليمان (1).
قال الحليمي في معنى: «اللّه» إنه الإله. و هذا أكبر الأسماء و أجمعها للمعاني. و الأشبه أنه كأسماء الأعلام موضوع غير مشتق. و معناه القديم التام القدرة. فإنه إذا كان سابقا لعامة الموجودات، كان وجودها به. و إذا كان تام القدرة، أوجد المعدوم و صرف ما يوجده على ما يريده. فاختص لذلك باسم الإله. و لهذا لا يجوز أن يسمى بهذا الاسم أحد سواه بوجه من الوجوه.
قال: و من قال: الإله هو المستحق للعبادة، فقد رجع قوله إلى أن الإله اذا كان هو القديم التام القدرة، كان كل موجود سواه صنيعا له. و المصنوع إذا علم صانعه، كان حقا عليه أن يستخذي له بالطاعة و يذل له بالعبودية.
إلا أن هذا المعنى بتفسير هذا الاسم. قلت: و هذا الاستحقاق لا يوجب على تاركه إثما و لا عقابا ما لم يؤمر به. قال اللّه (عز و جل) : وَ ما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً (2).
و المعنى الأول أصحّ قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه فيما أخبرت عنه: اختلف الناس، هل هو اسم موضوع أو مشتق؟ فروى فيه عن الخليل روايتان:
إحداهما: أنه اسم علم ليس بمشتق، فلا يجوز حذف الألف أو اللام منه، كما يجوز من الرحمن الرحيم. و روي عن سيبويه أنه اسم مشتق، فكان في الأصل إله مثل فعال، فأدخل الألف و اللام بدلا من الهمزة. و قال غيره:
أصله في الكلام إله. و هو مشتق من: أله الرجل يأله إليه، إذا فزع إليه من أمر نزل به. فآلهه أي أجاره و آمنه. فسمي إلها كما يسمى الرجل إماما إذا أمّ5.
ص: 41
الناس فأتموا به. ثم إنه لما كان اسما لعظيم لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (1). أرادوا تفخيمه بالتعريف الذي هو الألف و اللام، لأنهم أفردوه بهذا الاسم دون غيره، فقالوا: الإله و استثقلوا الهمزة في كلمة يكثر استعمالهم إياها. و للهمزة في وسط الكلام ضغطة شديدة، فحذفوها فصار الاسم كما نزل به القرآن.
و قال بعضهم: أصله ولاه، فأبدلت الواو همزة، فقيل: إله. كما قالوا وسادة و إسادة، و وشاح و إشاح. و اشتق من الوله، لأن قلوب العباد توله نحوه، كقوله سبحانه: ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ اَلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (2).
و كان القياس أن يقال: مألوه، كما قيل: معبود. إلا أنهم خالفوا به البناء ليكون اسما علما. فقالوا: إله، كما قيل للمكتوب: كتاب.
و للمحسوب: حساب. و قال بعضهم: أصله من أله الرجل يأله، إذا تحير.
و ذلك لأن القلوب تأله عند التفكر في عظمة اللّه سبحانه و تعالى. أي تتحير و تعجز عن بلوغ كنه جلاله.
و حكى بعض أهل اللغة أنه من أله يأله إلاهة، بمعنى عبد يعبد عبادة.
و روي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أنه كان يقرأ: وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ (3).
أي عبادتك.
قال: و التأله: التعبد. فمعنى الإله: المعبود. و قوله الموحدين: «لا إله إلا اللّه» معناه: لا معبود غير اللّه. و «إلا» في الكلمة بمعنى «غير» لا بمعنى الاستثناء. و زعم بعضهم أن الأصل فيه الهاء التي هي الكناية عن الغائب.
و ذلك لأنهم أثبتوه موجودا في فطر عقولهم، فأشاروا إليه بحرف الكناية، ثم زيدت فيه لام الملك. إذ قد علموا أنه خالق الأشياء و مالكها، فصار «له» ثم زيدت الألف و اللام تعظيما و فخموها توكيدا لهذا المعنى. و منهم من أجراه على7.
ص: 42
الأصل بلا تفخيم. فهذه مقالات أصحاب العربية و النحو في هذا الاسم.
و أحب هذه الأقاويل إليّ قول من ذهب إلى أنه اسم علم، و ليس بمشتق كسائر الأسماء المشتقة. و الدليل على أن الألف و اللام من بنية هذا الاسم و لم تدخلا للتعريف دخول حرف النداء عليه، كقولك: يا اللّه.
و حروف النداء لا تجتمع مع الألف و اللام للتعريف. ألا ترى أنك لا تقول:
يا الرحمن، و يا الرحيم. كما تقول: يا اللّه. فدل على أنه من بنية الاسم.
و اللّه أعلم.
و منها: (الحي) : قال اللّه (عز و جل) : هُوَ اَلْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ (1).
و قد ذكرناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران ببغداد، أنا أبو الحسين، علي بن محمد بن أحمد المصري، حدثنا عبد اللّه بن أبي مريم، حدثنا عمر بن أبي سلمة، حدثنا عبد اللّه بن العلاء بن زبر، قال: سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يقول: إن اسم اللّه الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث: البقرة، و آل عمران، و طه. فقال رجل يقال له: عيسى بن موسى، لأبي زبر، و أنا أسمع: يا أبا زبر: سمعت غيلان بن أنس يحدث، قال:
سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يحدث عن أبي أمامة الباهلي رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إن اسم اللّه الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث: البقرة، و آل عمران، و طه.
قال أبو حفص، عمر بن أبي سلمة، فنظرت أنا في هذه السور، فرأيت فيها شيئا ليس في شيء من القرآن، مثل آية الكرسي: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (2). و في آل عمران: الم* اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (3).
و في طه: وَ عَنَتِ اَلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ اَلْقَيُّومِ (4).1.
ص: 43
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو الحسين، علي بن الفضل بن محمد بن عقيل، أنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا خلف بن خليفة عن حفص ابن أخي أنس بن مالك، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كنت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جالسا في الحلقة، و رجل قائم يصلي. فلما ركع و سجد، تشهد و دعا فقال في دعائه: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، المنان، بديع السموات و الأرض، يا ذا الجلال و الإكرام، يا حي، يا قيوم إني أسألك. . .» فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: لقد دعا اللّه باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب. و إذا سئل به أعطى. و رواه أبو داود السجستاني في كتاب السنن، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه الحلبي، عن خلف بن خليفة (1).
قال الحليمي: و إنما يقال ذلك لأن الفعل على سبيل الاختيار لا يوجد إلا من حي. و أفعال اللّه (جل ثناؤه) كلها صادرة عنه باختياره. فإذا أثبتناها له، فقد أثبتنا أنه حي.
قال أبو سليمان: الحي في صفة اللّه سبحانه هو الذي لم يزل موجودا، و بالحياة موصوفا، لم تحدث له الحياة بعد موت، و لا يعترضه الموت بعد الحياة. و سائر الأحياء يعتورهم الموت و العدم في أحد طرفي الحياة، أو فيهما معا كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ (2).
و منها: (العالم) : قال اللّه (عز و جل) : عالِمُ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ (3).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد بن علي المقري، أنا الحسن بن محمد8.
ص: 44
ابن إسحاق، حدثنا يوسف المقري، حدثنا عمرو بن مرزوق، نا شعبة عن يعلى بن عطاء، عن عمرو بن عاصم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، يا رسول اللّه، مرنى بشيء أقوله إذا أصبحت و إذا أمسيت. قال صلى اللّه عليه و سلم: قل: اللهم عالم الغيب و الشهادة، فاطر السموات و الأرض، رب كل شيء و مليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، و شر الشيطان و شركه. قال صلى اللّه عليه و سلم: قل إذا أصبحت و إذا أمسيت، و إذا أخذت مضجعك (1).
قال الحليمي رحمه اللّه في معنى العالم: إنه مدرك الأشياء على ما هي به. و إنما وجب أن يوصف القديم (عز اسمه) بالعالم، لأنه قد ثبت أن ما عداه من الموجودات فعل له، و أنه لا يمكن أن يكون فعل إلا باختيار و إرادة.
و الفعل على هذا الوجه لا يظهر إلا من عالم كما لا يظهر إلا من حي.
و منها: (القادر) : قال اللّه (عز و جل) : أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى (2). و قال: بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن شعبة، حدثنا يزيد بن هارون، أنا يزيد بن عياض، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي اليسع، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذا قرأ:
أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى ، قال: بلى. و إذا قرأ: أَ لَيْسَ اَللّهُ بِأَحْكَمِ اَلْحاكِمِينَ (4). قال: بلى. هكذا رواه يزيد بن عياض، و رواه سفيان ابن عيينة، عن إسماعيل بن أمية، قال: سمعت أعرابيا يقول: سمعت أبا8.
ص: 45
هريرة رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من قرأ: أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى (1)، فليقل: بلى.
أخبرناه أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، قال:
حدثنا عبد اللّه بن محمد الزهري، حدثنا سفيان، فذكره. و قد ذكرنا هذا الاسم في خبر الأسامي.
قال الحليمي (رحمه اللّه) : و هذا على معنى أنه: لا يعجزه شيء، بل يستتب له ما يريد على ما يريد، لأن أفعاله قد ظهرت. و لا يظهر الفعل اختيارا إلا من قادر غير عاجز كما لا يظهر إلا من حي عالم.
و منها: (الحكيم) : قال اللّه (جل و عز) : وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (2)و قال: اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (3). و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو زكريا، يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، قالا: أنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب الشيباني، أنا محمد بن عبد الوهاب، أنا جعفر بن عون، أنا موسى الجهني، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: جاء إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اعرابي، فقال: علمني كلاما أقوله.
قال: قل: لا إله إلا اللّه، وحده لا شريك له، اللّه أكبر كبيرا، و الحمد للّه كثيرا، و سبحان اللّه رب العالمين، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العزيز الحكيم.
قال: هذا لربي، فما لي؟
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قل: «اللهم اغفر لي، و ارحمني، و اهدني،6.
ص: 46
و عافني، و ارزقني» . أخرجه مسلم في الصحيح من وجهين آخرين، عن موسى (1).
قال الحليمي في معنى الحكيم: الذي لا يقول و لا يفعل إلا الصواب.
و إنما ينبغي أن يوصف بذلك، لأن أفعاله سديدة، و صنعه متقن. و لا يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم، كما لا يظهر الفعل على وجه الاختيار إلا من حي عالم قدير.
قال أبو سليمان: الحكيم هو المحكم لخلق الأشياء. صرف عن مفعل إلى فعيل. و معنى الإحكام لخلق الأشياء إنما ينصرف إلى إتقان التدبير فيها، و حسن التقدير لها، إذ ليس كل الخليقة موصوفا بوثاقة البنية، و شدة الأسر، كالبقة و النملة، و ما أشبههما من ضعاف الخلق، إلا أن التدبير فيهما و الدلالة بهما على وجود الصانع و إثباته ليس بدون الدلالة عليه بخلق السماء و الأرض و الجبال، و سائر معاظم الخليقة. و كذلك هذا في قوله (عز و جل) : اَلَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (2)، لم تقع الإشارة به إلى الحسن الرائق في المنظر.
فإن هذا المعنى معدوم في القرد و الخنزير و الدواب، و أشكالها من الحيوان.
و إنما ينصرف المعنى فيه إلى حسن التدبير في إنشاء كل خلق من خلقه على ما أحب أن ينشئه عليه، و إبرازه على الهيئة التي أراد أن يهيئه عليها، كقوله (عز و جل) : وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (3).
و منها: (السيد) : و هذا اسم لم يأت به الكتاب، و لكنه مأثور عن الرسول صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو علي الروذباري، قال: نا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا مسدد، حدثنا بشر بن المفضل، أنا أبو مسلمة، سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة،2.
ص: 47
عن مطرف، و هو ابن عبد اللّه بن الشخير، قال: قال أبي رضي اللّه عنه: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقلنا: أنت سيدنا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: السيد اللّه. قلنا: فأفضلنا فضلا، و أعظمنا طولا! فقال صلى اللّه عليه و سلم: قولوا بقولكم، أو ببعض قولكم، و لا يستجدينكم الشيطان (1).
قال الحليمي: و معناه المحتاج إليه بالإطلاق. فإن سيد الناس إنما هو رأسهم الذي إليه يرجعون، و بأمره يعملون. و عن رأيه يصدرون. و من قوله يستهدون. فإذا كانت الملائكة و الإنس و الجن خلقا للباري (جل ثناؤه) و لم يكن بهم غنية عنه في بدء أمرهم، و هو الوجود، إذ لو لم يوجدهم، لم يوجدوا و لا في الإبقاء بعد الإيجاد، و لا في العوارض العارضة اثنا البقاء، كان حقا له (جل ثناؤه) أن يكون سيدا. و كان حقا عليهم أن يدعوه بهذا الاسم.
و منها: (الجليل) : و ذلك مما ورد به الأثر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في خبر الأسامي، و في الكتاب: ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (2). و معناه: المستحق للأمر و النهي.
فإن جلال الواحد فيما بين الناس إنما يظهر بأن يكون له على غيره أمر نافذ لا يجد من طاعته فيه بدا. فإذا كان من حق الباري (جل ثناؤه) على من أبدعه أن يكون أمره عليه نافذا، و طاعته له لازمة، وجب له اسم الجليل حقا.
و كان لمن عرفه أن يدعوه بهذا الاسم، و بما يجري مجراه، و يؤدي معناه.
قال أبو سليمان: هو من الجلال و العظمة. و معناه منصرف إلى جلال القدر، و عظم الشأن. فهو الجليل الذي يصغر دونه كل جليل، و يتضع معه كل رفيع.
و منها: (البديع) : قال اللّه (جل ثناؤه) : بَدِيعُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (3).
و قد رويناه في خبر الأسامي (4).ط.
ص: 48
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد اللّه بن وهب، قال: أخبرني عياض بن عبد اللّه الفهري عن إبراهيم بن عبيد، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سمع رجلا يقول: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات و الأرض، ذو الجلال و الإكرام، أسألك الجنة، و أعوذ بك من النار» . فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: لقد كاد يدعو اللّه باسمه الذي إذا دعي به أجاب، و إذا سئل به أعطى. تابعه عبد العزيز بن مسلم-مولى آل رفاعة-عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة بن رافع الأنصاري، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه (1).
قال الحليمي في معنى البديع: إنه المبدع. و هو محدث ما لم يكن مثله قط. قال اللّه (عز و جل) : بَدِيعُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (2). أي مبدعهما.
و المبدع من له إبداع. فلما ثبت وجود الإبداع من اللّه (جل و عز) لعامة الجواهر و الأعراض، استحق أن يسمى بديعا أو مبدعا.
و منها: (البارئ) : قال اللّه (عز و جل) : اَلْبارِئُ اَلْمُصَوِّرُ (3). قد رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي رحمه اللّه: و هذا الاسم يحتمل معنيين: أحدهما: الموجد لما كان في معلومه من أصناف الخلائق. و هذا هو الذي يشير إليه قوله (جل و عز) : ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها (4).
و لا شك أن إثبات الإبداع و الاعتراف به للباري (جل و عز) ليس2.
ص: 49
يكون على أنه أبدع بغتة من غير علم سبق له بما هو مبدعه، لكن على أنه كان عالما بما أبدع قبل أن يبدع، فكما وجب له عند الإبداع اسم البديع، وجب له اسم البارئ.
و الآخر: أن المراد بالبارئ قالب الأعيان. أي أنه أبدع الماء و التراب.
و النار، و الهواء، لا من شيء، ثم خلق منها الأجسام المختلفة كما قال (جل و عز) : وَ جَعَلْنا مِنَ اَلْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (1).
و قال: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (2).
و قال: وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ . (3).
و قال: خَلَقَ اَلْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4).
و قال: خَلَقَ اَلْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ* وَ خَلَقَ اَلْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (5).
و قال: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا اَلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا اَلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا اَلْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا اَلْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اَللّهُ أَحْسَنُ اَلْخالِقِينَ (6).
فيكون هذا من قولهم: برأ القواس القوس إذا صنعها من موادها التي كانت لها، فجاءت منها، لا كهيئتها. و الاعتراف للّه (عز و جل) بالإبداع يقتضي الاعتراف له بالبرء، إذ كان المعترف يعلم من نفسه أنه منقول من حال إلى حال، إلى أن صار ممن يقدر على الاعتقاد و الاعتراف. و اللّه أعلم.
و منها: (الذارئ) قال الحليمي: و معناه المنشئ و المنمي. قال اللّه (عز4.
ص: 50
و جل) : جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَ مِنَ اَلْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ (1). أي جعل لكم أزواجا ذكورا و إناثا لينشئكم و يكثركم و ينميكم.
فظهر بذلك أن الذرء ما قلنا. و صار الاعتراف بالإبداع يلزم من الاعتراف بالذرء ما لزم من الاعتراف بالبرء.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة و أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، قالا: أنا أبو عمر بن مطر، حدثنا إبراهيم بن علي، حدثنا يحيى بن يحيى، أنا جعفر بن سليمان، عن أبي التياح، قال: قال رجل لعبد الرحمن بن حنيش: كيف صنع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين كادته الشياطين؟ قال: نعم، تحدرت الشياطين من الجبال و الأودية يريدون رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و فيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فلما رآهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فزع منهم، و جاءه جبريل عليه السلام فقال: قل يا محمد. قال: ما أقول؟ قال: قل: «أعوذ بكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق و برأ و ذرأ، و من شر ما ينزل من السماء، و من شر ما يعرج فيها، و من شر ما ذرأ في الأرض، و ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار. و من شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير، يا رحمن (2)» . قال: فطفئت نار الشياطين، و هزمهم اللّه (عز و جل) .
و منها: (الخالق) : قال اللّه (عز و جل) : هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اَللّهِ (3).
قال الحليمي: و معناه الذي صنف المبدعات، و جعل لكل صنف منها قدرا. فوجد فيها الصغير، و الكبير، و الطويل، و القصير، و الإنسان، و البهيمة، و الدابة، و الطائر، و الحيوان، و الموات. و لا شك في أن الاعتراف3.
ص: 51
بالإبداع يقتضي الاعتراف بالخلق، إذ كان الخلق هيئة الإبداع، فلا يعرى أحدهما عن الآخر. و هو في خبر الأسامي مذكور.
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه. محمد بن عبد اللّه الصفار-إملاء-حدثنا أبو بكر، محمد بن الفرج، حدثنا حجاج بن محمد، قال: أخبرني ابن جريج، قال: أخبرنا إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد اللّه بن رافع-مولى أم سلمة-عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بيدي فقال: «خلق اللّه التربة يوم السبت. و خلق الجبال يوم الأحد. و خلق الشجر يوم الاثنين. و خلق المكروه يوم الثلاثاء. و خلق النور يوم الأربعاء. و بث فيها الدواب يوم الخميس. و خلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل» . رواه مسلم في الصحيح، عن شريح بن يونس، و هارون ابن عبد اللّه، عن حجاج بن محمد (1).
و منها: (الخلاق) : قال اللّه (عز و جل) : بَلى وَ هُوَ اَلْخَلاّقُ اَلْعَلِيمُ (2).
و معناه: الخالق خلقا بعد خلق.
و منها: (الصانع) : و معناه المركب و المهيئ. قال اللّه (عز و جل) : صُنْعَ اَللّهِ اَلَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (3). و قد يكون الصانع الفاعل. فيدخل فيه الاختراع و التركيب معا.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا أبو أحمد، حمزة بن محمد بن العباس، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا القعنبي، حدثنا مروان الغزاوي، عن أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال8.
ص: 52
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) صنع كل صانع و صنعته» (1).
و منها: (الفاطر) : قال اللّه (جل ثناؤه) : اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (2). و ذكرناه في خبر الأسامي في رواية عبد العزيز بن الحصين.
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أحمد بن سلمان، قال: قرئ على يحيى بن جعفر و أنا أسمع، حدثنا يحيى بن السكن، حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء، عن عمرو بن عاصم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن أبا بكر رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه، علمني شيئا أقوله إذا أصبحت، و إذا أمسيت. قال صلى اللّه عليه و سلم:
قل: اللهم فاطر السموات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، رب كل شيء و مليكه، أشهد أن لا إله إلا اللّه، أعوذ بك من شر نفسي، و شر الشيطان و شركه. قله إذا أصبحت و إذا أمسيت، و إذا أخذت مضجعك (3).
قال الحليمي في معنى الفاطر: إنه فاتق المرتتق من السماء و الأرض.
قال اللّه (جل و عز) : أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (4). فقد يكون المعنى: كانت السماء دخانا فسواها، وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها (5). و كانت الأرض غير مدحوة فدحاها، أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها (6). و من قال هذا، قال: أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا معناه:
أولم يعلموا، و قد يكون المعنى ما روي في بعض الآثار: فتقنا السماء بالمطر، و الأرض بالنبات. أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بابويه، حدثنا بشر بن موسى الأسدي. حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا سفيان عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس في قول اللّه (تبارك و تعالى) : أَ وَ لَمْ يَرَ1.
ص: 53
اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (1) ، قال: فتقت السماء بالغيث، و فتقت الأرض بالنبات.
قال الحليمي: و الإقرار بالإبداع يأتي على هذا المعنى، و يقتضيه.
قال أبو سليمان: الفاطر هو الذي فطر الخلق. أي ابتدا خلقهم، كقوله: فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ اَلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ (2).
و من هذا قولهم: فطر ناب البعير. و هو أول ما يطلع.
و أخبرت عن أبي سليمان الخطابي، قال: أخبرني الحسن بن عبد الرحيم، حدثنا عبد اللّه بن زيدان، قال: قال أبو روق عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: لم أكن أعلم معنى فاطر السموات و الأرض، حتى اختصم اعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها. يريد استحدثت حفرها.
و منها: (البادئ) . قال اللّه تعالى: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ (3).
و هو في رواية عبد العزيز بن الحصين.
قال أبو سليمان الخطابي فيما أخبرت عنه: معناه: المبدئ. يقال: بدأ و أبدأ بمعنى واحد. و هو الذي ابتدأ الأشياء مخترعا لها عن غير أصل.
و منها: (المصور) . قال اللّه (جل ثناؤه) : هُوَ اَللّهُ اَلْخالِقُ اَلْبارِئُ اَلْمُصَوِّرُ (4). و رويناه في خبر الأسامي (5).
قال الحليمي: معناه المهيئ لمناظر الأشياء على ما أراده من تشابه أو تخالف. و الاعتراف بالإبداع يقتضي الاعتراف بما هو من لواحقه.
قال الخطابي: المصور: الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة ليتعارفوا بها.ية
ص: 54
و معنى التصوير: التخطيط و التشكيل. و خلق اللّه (عز و جل) الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث خلق يعرف بها و يتميز عن غير بسمتها: جعله علقة، ثم مضغة، ثم جعله صورة. و هو التشكيل الذي يكون به ذا صورة و هيئة فَتَبارَكَ اَللّهُ أَحْسَنُ اَلْخالِقِينَ (1).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا إسماعيل بن الصفار، حدثنا أحمد ابن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني القاسم بن محمد أن عائشة رضي اللّه عنهما أخبرته أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دخل عليها و هي مستترة بقرام (2)فيه صورة تماثيل، ثم قال: إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق اللّه تعالى. رواه مسلم في الصحيح، عن إسحاق ابن ابراهيم. و عبد بن حميد، عن عبد الرزاق. و أخرجه البخاري من وجه آخر، عن الزهري (3).
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد اللّه الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، أنا أبو يعلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن عمارة، عن أبي زرعة قال: دخلت أنا و أبو هريرة رضي اللّه عنه دارا تبنى بالمدينة لسعيد أو لمروان، قال: فتوضأ أبو هريرة رضي اللّه عنه و غسل يديه، حتى بلغ إبطيه، و غسل رجليه حتى بلغ ركبتيه.
فقلت: ما هذا يا أبا هريرة؟ قال: إنه منتهى الحلية. قال: فرأى مصورا يصور في الدار، فقال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال اللّه تعالى: و من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة (4)، و ليخلقوا ذرة. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي خيثمة، و أخرجاه من حديث محمد بن فضيل، عن عمارة ابن القعقاع.لت
ص: 55
و منها (المقتدر) : قال اللّه (عز و جل) : فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (1).
و هو في خبر الأسامي.
قال الحليمي: المقتدر: المظهر قدرته بفعل ما يقدر عليه. و قد كان ذلك من اللّه تعالى فيما أمضاه و إن كان يقدر على أشياء كثيرة لم يفعلها. و لو شاء لفعلها. فاستحق بذلك أن يسمى مقتدرا (2).
و قال أبو سليمان: المقتدر هو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء و لا يحتجز عنه بمنعة و قوة. و وزنه مفتعل من القدرة، إلا أن الاقتدار أبلغ و أعم، لأنه يقتضي الإطلاق. و القدرة قد يدخلها نوع من التضمين بالمقدور عليه (3).
و منها: (الملك) : و المليك في معناه. قال اللّه (عز و جل) : فَتَعالَى اَللّهُ اَلْمَلِكُ اَلْحَقُّ (4)و قال: عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (5).
قال الحليمي: و ذلك مما يقتضيه الإبداع، لأن الإبداع هو إخراج الشيء من العدم إلى الوجود. فلا يتوهم أن يكون أحد أحق بما أبدع منه.
و لا أولى بالتصرف فيه منه. و هذا هو الملك. و أما المليك فهو مستحق السياسة. و ذلك فيما بيننا قد يصغر و يكبر بحسب قدر المسوس، و قدر السائس في نفسه و معانيه.
و أما ملك الباري (عز اسمه) فهو الذي لا يتوهم ملك يدانيه، فضلا عن أن يفوقه، لأنه إنما يسحقه بإبداعه لما يسوسه، و إيجاده إياه بعد أن لم5.
ص: 56
يكن. و لا يخشى أن ينزع منه أو يدفع عنه، فهو الملك حقا. و ملك من سواه مجاز.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو بكر بن عبد اللّه، أنا الحسن بن سفيان، نا حرملة، حدثنا عبد اللّه بن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، حدثني ابن المسيب، أن أبا هريرة رضي اللّه عنه كان يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
يقبض اللّه تعالى الأرض يوم القيامة، و يطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض (1). رواه مسلم في الصحيح، عن حرملة، و رواه البخاري عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب.
أخبرنا أبو علي الروذباري، و أبو الحسين بن الفضل القطان، و أبو عبد اللّه الحسين بن عمر بن برهان، و أبو محمد عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار.
قالوا: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثني محمد بن صالح الواسطي، عن سليمان بن محمد، عن عمر بن نافع، عن أبيه، قال:
قال عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قائما على هذا المنبر- يعني منبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم-و هو يحكي عن ربه (عز و جل) ، فقال: إن اللّه (تبارك و تعالى) إذا كان يوم القيامة، جمع السموات السبع و الأرضين السبع في قبضته، ثم يقول (عز و جل) : أنا اللّه، أنا الرحمن، أنا الملك، أنا القدوس، أنا السلام، أنا المؤمن، أنا المهيمن، أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الذي بدأت الدنيا و لم تك شيئا، أنا الذي أعدتها، أين الملوك، أين الجبابرة (2)؟ و في رواية ابن برهان: «أعيدها» .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا بشر بنت.
ص: 57
موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزنار، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن أخنع الأسماء عند اللّه (عز و جل) رجل تسمى «ملك الأملاك» . قال سفيان: شاهان شاه (1).
قال الحميدي: أخنع: أرذل.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا محمد بن يعقوب. حدثنا محمد بن محمد بن رجاء، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه رواية أخنع اسم عند اللّه تعالى عبد تسمى «ملك الأملاك» ، لا مالك إلا اللّه. رواه (2)البخاري في الصحيح، عن علي بن عبد اللّه، و رواه مسلم عن أحمد ابن حنبل و غيره. كلهم عن سفيان نحو رواية الحميدي. و رواه مسلم أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة.
أخبرنا أبو علي الروذباري، و أبو الحسين بن الفضل القطان، و أبو عبد اللّه بن برهان، و أبو محمد عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار، قالوا: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد الألهاني، عن أبي راشد الحبراني-بضم الحاء-قال: أتيت عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، قلت: حدثنا مما سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فألقى إليّ صحيفة، فقال: هذا ما كتب لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فنظرت فإذا فيها أن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: يا رسول اللّه، علمني ما أقول إذا أصبحت و إذا أمسيت، فقال صلى اللّه عليه و سلم:
يا أبا بكر قل: اللهم فاطر السموات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، لا إله إلا أنت، رب كل شيء و مليكه، أعوذ بك من شر نفسي، و من شر الشيطان و شركه، و أن أقترف على نفسي سوء، أو أجره إلى مسلم (3).ا.
ص: 58
و روى ذلك من وجه آخر، عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما. و رويناه فيما مضى من حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه و قوله في هذه الرواية: «هذا ما كتب لي» يريد ما أمر بكتابته أو أملاه، و قد رويناه في خبر الأسامي مالك الملك.
قال أبو سليمان الخطابي فيما أخبرت عنه: معناه أن الملك بيده يؤتيه من يشاء كقوله تعالى: قُلِ اَللّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ (1). و قد يكون معناه: مالك الملوك، كما يقال: رب الأرباب، و سيد السادات. و قد يحتمل أن يكون معناه: وارث الملك يوم لا يدعي الملك مدّع و لا ينازعه فيه منازع، كقوله (عز و جل) : اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ اَلْحَقُّ لِلرَّحْمنِ (2).
و منها: (الجبار) (3) : قال الحليمي في قول من يجعله من الجبر الذي هو نظير الإكراه لأنه يدخل فيه إحداث الشيء عن عدم. فإنه إذا أراد وجوده، كان و لم يتخلف كونه عن حال إرادته، و لا يمكن فيه غير ذلك، فيكون فعله له كالجبر، إذ الجبر طريق إلى دفع الامتناع عن المراد. فإذا كان ما يريده الباري (جل و عز) لا يمتنع عليه، فذاك في الصورة جبر. و قد قال اللّه (عز و جل) : ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (4).
و قد قيل في معنى الجبار غير هذا. فمن ألحقه بهذا الباب، لم يميزه عن الإبداع، و جعل الاعتراف له بأنه بديع اعترافا له بأنه جبار.
و قال أبو سليمان الخطابي فيما أخبرت عنه: الجبار الذي جبر الخلق على ما أراد من أمره و نهيه. يقال: جبره السلطان و أجبره بالألف. و يقال: هو1.
ص: 59
الذي جبر مفاقر الخلق، و كفاهم أسباب المعاش و الرزق. و يقال: بل الجبار العالي فوق خلقه. ثم قولهم: تجبر النبات إذا علا.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال: إنما يسمى الجبار لأنه يجبر الخلق على ما أراد.
ص: 60
منها: (الأحد) : قال الحليمي: و هو الذي لا شبيه له و لا نظير، كما أن الواحد هو الذي لا شريك له و لا عديد (1). و لهذا سمى اللّه (عز و جل) نفسه بهذا الاسم لما وصف نفسه بأنه لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (2).
فكأن قوله (جل و علا) لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ من تفسير قوله أَحَدٌ و المعنى لم يتفرع عنه شيء، و لم يتفرع هو عن شيء. كما يتفرع الولد عن أبيه و أمه. و يتفرع عنهما الولد، أي فإذا كان كذلك، فما يدعوه المشركون إلها من دونه لا يجوز أن يكون إلها، إذ كانت أمارات الحدوث من التجزي و التناهي قائمة فيه، لازمة له، و الباري تعالى لا يتجزأ و لا يتناهى. فهو إذا غير مشبه إياه و لا مشارك له في صفته.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، أنا شعيب، حدثني أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يعني يقول اللّه (عز و جل) : كذبني ابن آدم، و لم ينبغ له أن يكذبني، و شتمني ابن آدم و لم ينبغ له أن يشتمني. فأما تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني. و ليس أول خلقه بأهون علي من إعادته. و أما شتمه إياي
ص: 61
فقوله: اتخذ اللّه ولدا، و أنا اللّه الأحد الصمد، لم ألد، و لم أولد، و لم يكن لي كفوا أحد. رواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان (1)، حدثنا محمد بن عبد اللّه الحافظ-إملاء-أنا عبد اللّه بن محمد بن يعقوب الحافظ، و أبو جعفر ابن صالح بن هاني، قالا: حدثنا الحسين بن الفضل، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه قال: إن المشركين قالوا: يا محمد انسب لنا ربك. فأنزل اللّه (تبارك و تعالى) : قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ اَلصَّمَدُ (2)
قال: الصمد: الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت. و ليس شيء يموت إلا سيورث. و إن اللّه تبارك و تعالى لا يموت و لا يورث. و لم يكن له كفوا أحد: لم يكن له شبيه و لا عدل.
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (3) . قلت: كذا في هذه الرواية جعل قوله: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ تفسيرا للصمد. و ذلك صحيح على قول من قال: الصمد الذي لا جوف له. و هو قول مجاهد في آخرين. فيكون هذا الاسم ملحقا بهذا الباب.
و من ذهب في تفسيره إلى ما يدل عليه الاشتقاق، ألحقه بالباب الذي يليه.
و منها: (العظيم) : قال اللّه (جل ثناؤه) : وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ (4)، و ذكرناه في خبر الأسامي (5).3.
ص: 62
و أخبرنا أبو بكر بن محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر ابن أحمد الأصفهاني، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا هشام، عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول عند الكرب: «لا إله إلا اللّه العظيم الحليم، لا إله إلا اللّه رب العرش العظيم، لا إله إلا اللّه رب السموات و رب الأرضين، و رب العرش الكريم» . أخرجه البخاري، و مسلم في الصحيح من حديث هشام الدستوائي و غيره (1).
قال الحليمي رحمه اللّه في معنى العظيم: إنه الذي لا يمكن الامتناع عليه بالإطلاق. و لأن عظيم القوم إنما يكون مالك أمورهم الذي لا يقدرون على مقاومته، و مخالفة أمره، إلا أنه و إن كان كذلك ماهيته، فقد يلحقه العجز بآفات تدخل عليه فيما بيده فيوهنه و يضعفه حتى يستطاع مقاومته، بل قهره و إبطاله. و اللّه (تعالى جل ثناؤه) قادر لا يعجزه شيء، و لا يمكن أن يعصى كرها، أو يخالف أمره قهرا، فهو العظيم إذا حقا و صدقا. و كان هذا الاسم لمن دونه مجازا.
قال أبو سليمان الخطابي (رحمه اللّه) : العظيم هو ذو العظمة و الجلال.
و معناه ينصرف إلى عظم الشأن و جلالة القدر، دون العظيم الذي هو من نعوت الأجسام.
و منها: (العزيز) : قال اللّه (جل ثناؤه) : وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (2).
و رويناه في خبر الأسامي، و في حديث عائشة رضي اللّه عنها.
قال الحليمي: و معناه الذي لا يوصل إليه و لا يمكن إدخال مكروه عليه. فإن العزيز في لسان العرب من العزة، و هي الصلابة. فإذا قيل للّه:2.
ص: 63
«العزيز» فإنما يراد به الاعتراف له بالقدم الذي لا يتهيأ معه تغيره عما لم يزل عليه من القدرة و القوة. و ذلك عائد إلى تنزيهه عما يجوز على المصنوعين لاعراضهم بالحدوث في أنفسهم للحوادث أن تصيبهم و تغيرهم.
قال أبو سليمان رحمه اللّه: العزيز هو المنيع الذي لا يغلب (1). و العز قد يكون بمعنى الغلبة. يقال منه عز يعز-بضم العين من يعز (2)-و قد يكون بمعنى الشدة و القوة. يقال منه عز يعز-بفتح العين-. و قد يكون بمعنى نفاسة القدر. يقال منه: عز الشيء يعز-بكسر العين-فيتناول معنى العزيز على هذا أنه لا يعاد له شيء، و أنه لا مثل له. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو الحسن، محمد بن عبد اللّه بن عبدة، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد اللّه، عن عبيد اللّه بن مقسم، عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على منبره: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ (3).
فجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: هكذا يمجد نفسه: أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر. فرجف به صلى اللّه عليه و سلم المنبر حتى قلنا: لتخزن به الأرض.
و منها (المتعالي) : قال اللّه (عز و جل) : اَلْكَبِيرُ اَلْمُتَعالِ (4). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه: المرتفع عن أن يجوز عليه ما يجوز على المحدثين من الأزواج و الأولاد و الجوارح و الأعضاء، و اتخاذ السرير للجلوس عليه، و الاحتجاب بالستور عن أن تنفذ الأبصار إليه، و الانتقال من مكان إلى مكان، و نحو ذلك. فإن إثبات بعض هذه الأشياء يوجب النهاية، و بعضها9.
ص: 64
يوجب الحاجة، و بعضها يوجب التغير و الاستحالة، و شيء من ذلك غير لائق بالقديم و لا جائز عليه (1).
و منها: (الباطن) : قال اللّه (عز و جل) : هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ وَ اَلظّاهِرُ وَ اَلْباطِنُ (2). و رويناه في خبر الأسامي، و غيره (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة بن عبد اللّه، حدثنا محمد بن العلاء، أبو كريب الهمذاني، حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: جاءت فاطمة رضي اللّه عنها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تسأله خادما، فقال صلى اللّه عليه و سلم لها: قولي: «اللهم رب السموات السبع، و رب العرش العظيم، ربنا و رب كل شيء، منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان، فالق الحب و النوى، أعوذ بك من شر كل شيء، أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، و أنت الآخر فليس بعدك شيء، و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين و اغننا من الفقر» . رواه مسلم في الصحيح (4)، عن محمد بن العلاء.
قال الحليمي: الباطن الذي لا يحس. و إنما يدرك بآثاره و أفعاله.
قال الخطابي: و قد يكون معنى الظهور و البطون تجليه لبصائر المتفكرين، .
ص: 65
و احتجابه عن أبصار الناظرين. و قد يكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور و المطلع على ما بطن من الغيوب.
و منها: (الكبير) : قال اللّه (جل ثناؤه) : عالِمُ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ اَلْكَبِيرُ اَلْمُتَعالِ (1).
و قال (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْكَبِيرُ (2). و رويناه في خبر الأسامي.
أخبرنا عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، أنا أبو علي الوفاء، أنا علي ابن عبد العزيز، حدثنا إسحاق بن محمد الفروي، حدثنا إبراهيم بن اسماعيل، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يعلمهم من الأوجاع كلها، و من الحمى: باسم اللّه الكبير، نعوذ باللّه العظيم من شر كل عرق نعار، و شر حر النار (3).
قال الحليمي في معنى الكبير: إنه المصرف عباده على ما يريده منهم من غير أن يروه. و كبير القوم هو الذي يستغني عن التبذل لهم، و لا يحتاج في أن يطاع إلى إظهار نفسه و المشافهة بأمره و نهيه. إلا أن ذلك في صفة اللّه (تعالى جده) إطلاق حقيقة. و فيمن دونه مجاز. لأن من يدعى كبير القوم قد يحتاج مع بعض الناس و في بعض الأمور إلى الاستظهار على المأمور بإبداء نفسه له و مخاطبته كفاحا، لخشية أن لا يطيعه إذا سمع أمره من غيره. و اللّه (سبحانه و تعالى، جل ثناؤه) لا يحتاج إلى شيء، و لا يعجزه شيء.
قال أبو سليمان: الكبير الموصوف بالجلال و كبر الشأن. و صغر دون جلاله كل كبير. و يقال: هو الذي كبر عن شبه المخلوقين. .
ص: 66
و منها: (السلام) : قال اللّه (عز و جل) : هُوَ اَللّهُ اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْمَلِكُ اَلْقُدُّوسُ اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُهَيْمِنُ اَلْعَزِيزُ اَلْجَبّارُ اَلْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اَللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ (1). و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد ابن الفضل العسقلاني، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني أبو عمار، حدثني أبو أسماء الرحبي، حدثني ثوبان-مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم-قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا أراد أن ينصرف من صلاته، استغفر ثلاث مرات، ثم قال: «اللهم أنت السلام و منك السلام، تباركت يا ذا الجلال و الإكرام» .
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الأوزاعي (2).
قال الحليمي في معنى السلام: إنه السالم من المعايب، إذ هي غير جائزة على القديم. فإن جوازها على المصنوعات لأنها أحداث و بدائع، فكما جاز أن يوجدوا بعد أن لم يكونوا موجودين، جاز أن يعدموا بعد ما وجدوا، و جاز أن تتبدل أعراضهم و تتناقص أو تتزايد أجزاؤهم. و القديم لا علة لوجوده. فلا يجوز التغير عليه و لا يمكن أن يعارضه نقص أو شين، أو تكون له صفة تخالف الفضل و الكمال.
و قال الخطابي: و قيل: السلام هو الذي سلم الخلق من ظلمه.
و منها: (الغني) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ اَلْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ (3).
و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثني محمد بن صالح بن هاني، حدثنا محمد8.
ص: 67
ابن إسماعيل بن مهران، حدثنا هارون بن سعيد الأيلي، حدثني خالد بن نزار، حدثنا القاسم بن مبرور، عن يونس بن يزيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في حديث الاستسقاء، قال فيه: «الحمد للّه رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلا اللّه يفعل ما يريد، اللهم أنت اللّه، لا إله إلا أنت الغني، و نحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، و اجعل ما أنزلت لنا قوة و بلاغا إلى حين» (1).
قال الحليمي في معنى الغنى: إنه الكامل بماله و عنده، فلا يحتاج معه إلى غيره. و ربنا (جل ثناؤه) بهذه الصفة، لأن الحاجة نقص، و المحتاج عاجز عن ما يحتاج إليه، إلى أن يبلغه و يدركه. و للمحتاج إليه فضل بوجود ما ليس عند المحتاج. فالنقص منفي عن القديم بكل حال، و العجز غير جائز عليه.
و لا يمكن أن يكون لأحد عليه فضل، إذ كل شيء سواه خلق له و بدع أبدعه، لا يملك من أمره شيئا. و إنما يكون كما يريد اللّه (عز و جل) و يدبره عليه. فلا يتوهم أن يكون له مع هذا اتساع لفضل عليه.
و منها (السبوح) :
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزان، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا عثمان، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن مطرف، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول في ركوعه: «سبوح قدوس، رب الملائكة و الروح» (2). قال: فذكرت ذلك لهشام الدستوائي، فقال: في ركوعه و سجوده. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة، و هشام، و ابن أبي عروبة. .
ص: 68
قال الحليمي في معنى السبوح: إنه المنزه عن المعايب و الصفات التي تعتور المحدثين من ناحية الحدوث. و التسبيح: التنزيه.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا سفيان، عن عثمان بن موهب، عن موسى بن طلحة، قال: سئل النبي صلى اللّه عليه و سلم عن التسبيح، فقال: تنزيه اللّه تعالى عن السوء. هذا منقطع. و روي من وجه آخر: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا علي بن عبد العزيز، و زياد بن الخليل التستري، و محمد بن أيوب البجلي، و محمد بن شاذان الجوهري، و محمد بن ابراهيم العبدي، قالوا: حدثنا عبيد اللّه بن محمد القرشي التيمي ح.
و حدثنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف-إملاء-و أبو محمد، الحسن بن أحمد بن فراش قراءة عليه بمكة، قالا: حدثنا أبو حفص، عمر بن محمد الجمحي، حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: أنا عبيد اللّه بن محمد العيشي، حدثنا عبد الرحمن بن حماد، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا طلحة بن يحيى بن طلحة، عن أبيه، عن طلحة بن عبيد اللّه رضي اللّه عنه قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن تفسير «سبحان اللّه» فقال: هو تنزيه اللّه (عز و جل) عن كل سوء.
و منها: (القدوس) (1) .
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو علي الرفا، أنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا يونس بن أبي اسحاق، حدثني المنهال بن عمرو، حدثني علي بن عبد اللّه بن العباس، عن أبيه رضي اللّه عنهما، فذكر الحديث في مبيته في بيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال فيه: فتقدم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فنام، حتى سمعت غطيطه (2)، ثم استوى على فراشه، فرفع رأسه إلى السماء، فقال:ه.
ص: 69
«سبحان الملك القدوس» (1)(ثلاث مرات) ، ثم تلا هذه الآيات من آخر سورة آل عمران حتى ختمها (2). و ذكر الحديث.
قال الحليمي: و معناه الممدوح بالفضائل و المحاسن، فالتقديس مضمن في صريح التسبيح. و التسبيح مضمن في صريح التقديس، لأن نفي المذام إثبات للمدائح، كقولنا: «لا شريك له و لا شبيه» ، إثبات أنه واحد أحد.
و كقولنا: «لا يعجزه شيء» ، إثبات أنه قادر قوي. و كقولنا: «إنه لا يظلم أحدا» ، إثبات أنه عدل في حكمه. و إثبات المدائح له نفي للمذام عنه، كقولنا: «إنه عالم» ، نفي للجهل عنه، و كقولنا: «إنه قادر» . نفي للعجز عنه، إلا أن قولنا: هو كذا ظاهره التقديس. و قولنا: ليس بكذا ظاهره التسبيح.
ثم التسبيح موجود في ضمن التقديس، و التقديس موجود في ضمن التسبيح.
و قد جمع اللّه (تبارك و تعالى) بينهما في سورة الإخلاص، فقال (عز اسمه) :
قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ اَلصَّمَدُ (3) . فهذا تقديس، ثم قال: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4). فهذا تسبيح. و الأمران راجعان إلى إفراده و توحيده، و نفي الشريك و التشبيه عنه.
أخبرنا أبو عبد اللّه، الحافظ، أخبرني أبو أحمد الحافظ، أنا عبد اللّه بن سليمان، عن الأشعث، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن سعيد بن أبي هلال، قال: إن أبا الرجال، محمد بن عبد الرحمن حدثه عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، و كانت في حجر عائشة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
إن النبي صلى اللّه عليه و سلم بعث رجلا على سرية، و كان لا يقرأ بأصحابه في صلاتهم- تعني-يختم-إلا ب قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ . فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول اللّه4.
ص: 70
صلى اللّه عليه و سلم. فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن. فأنا أحب أن أقرأها. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: أخبره أن اللّه تبارك و تعالى يحبه (1). رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن أحمد بن صالح. و قال في الحديث كان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم ب قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ . و رواه مسلم عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن عمه (2).
أخبرنا أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثني محمد بعد جهضم، حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن مالك بن أنس، عن عبد الرحمن بن عبد اللّه بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: أخبرني أخي قتادة بن النعمان، قال: قام رجل في زمن النبي صلى اللّه عليه و سلم يقرأ من السحر، فجعل يقرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ. . . السورة كلها، يرددها لا يزيد عليها. فلما أصبحنا، قال رجل: يا رسول اللّه: إن رجلا قام الليلة يقرأ من السحر، فجعل يقرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ . السورة كلها يرددها و لا يزيد عليها، كأن الرجل يتقالها. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: و الذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن.
أخرجه البخاري في الصحيح (3)، فقال: و زاد أبو معمر، عن إسماعيل بن جعفر، أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا الوليد الفقيه يقول: سألت أبا العباس ابن شريح، قلت: ما معنى قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن» ؟ قال: إن القرآن أنزل أثلاثا، ثلث منها أحكام. و ثلث منها وعد و وعيد.
و ثلث منها الأسماء و الصفات. و قد جمع في قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ أحد الأثلاث، و هو الأسماء و الصفات، فقيل: إنها ثلث القرآن.ه.
ص: 71
و منها: (المجيد) : قال اللّه (عز و جل) : ذُو اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدُ (1).
و قال: إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (2). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه: المنيع المحمود، لأن العرب لا تقول لكل محمود مجيد، و لا لكل منيع مجيد. و قد يكون الواحد منيعا غير محمود، كالمتآمر الخليع الجائر، أو اللص المتحصن ببعض القلاع. و قد يكون محمودا غير منيع كأمير السوقة و المصابرين من أهل القبلة. فلما لم يقل لواحد منهما مجيد، علمنا أن المجيد من جمع بينهما و كان منيعا لا يرام، و كان في منعته حسن الخصال، جميل الفعال. و الباري (جل ثناؤه) يجل عن أن يرام أو يوصل إليه، و هو مع ذلك محسن، منعم، مجمل، مفضل، لا يستطيع العبد أن يحصي نعمته و لو استنفد فيه مدته، فاستحق اسم المجيد و ما هو أعلى منه.
قال أبو سليمان الخطابي: المجيد الواسع الكريم. و أصل المجد في كلامهم: السعة. يقال: رجل ماجد إذا كان سخيا واسع العطاء.
و قيل في تفسير قوله تعالى: ق وَ اَلْقُرْآنِ اَلْمَجِيدِ (3). إن معناه:
الكريم. و قيل: الشريف.
و منها: (القريب) : قال اللّه (تبارك و تعالى) : وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ (4).
و قال (جل و علا) : إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ (5). و رويناه في حديث عبد العزيز بن الحصين.
و أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا أبو الحسن، علي بن محمد بن أحمد المصري، حدثنا عبد اللّه بن أبي مريم، حدثنا الفريابي، حدثنا سفيان، عن عاصم0.
ص: 72
ابن سليمان، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال:
كنا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم كلما أشرفنا على واد. هللنا و سبحنا، و ارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم و لا غائبا، إنه معكم سميع قريب. رواه البخاري في الصحيح (1)، عن محمد ابن يوسف الفريابي، و أخرجاه من أوجه أخر. و رواه خالد الحذاء، عن أبي عثمان، و زاد فيه: إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته (2).
قال الحليمي: و معناه أنه لا مسافة بين العبد و بينه، فلا يسمع دعاءه أو يخفى عليه حاله، كيف ما تصرفت به، فإن ذلك يوجب أن يكون له نهاية، و حاشا له من النهاية.
و قال الخطابي: معناه أنه قريب بعلمه من خلقه، قريب ممن يدعوه بالإجابة، كقوله: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ (3).
و منها: (المحيط) : قال اللّه (عز و جل) : أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (4).
و رويناه في خبر عبد العزيز بن الحصين.
قال الحليمي: و معناه أنه الذي لا يقدر على الفرار منه. و هذه الصفة ليست حقا إلاّ للّه (جل ثناؤه) و هي راجعة إلى كمال العلم و القدرة، و انتفاء الغفلة، و العجز عنه.
قال أبو سليمان: هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه، و هو الذي أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (5).ة.
ص: 73
و منها: (الفعال) : قال اللّه (عز و جل) : فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (1).
قال الحليمي: و معناه الفاعل فعلا بعد فعل، كلما أراد، فعل. و ليس كالمخلوق الذي إن قدر على فعل، عجز عن غيره.
و منها: (القدير) : قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2). و رويناه في خبر عبد العزيز.
قال الحليمي: و القدير التام القدرة، لا يلابس قدرته عجز بوجه.
و منها: (الغالب) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ (3).
قال الحليمي: و هو البالغ مراده من خلقه، أحبوا أو كرهوا. و هذا أيضا إشارة إلى كمال القدرة و الحكمة، و أنه لا يقهر و لا يخدع.
و منها: (الطالب) :
قال: و هذا اسم جرت عادة الناس باستعماله في اليمين مع الغالب.
و معناه المتتبع غير المهمل. و ذلك أن اللّه (عز و جل) يمهل و لا يهمل. و هو على الإمهال بالغ أمره، كما قال (جل و علا) في كتابه: وَ لا يَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً (4).
و قال (تبارك و تعالى) : فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (5).
و قال (جل جلاله) : إِنَّ اَللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اَللّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (6).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو النصر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد3.
ص: 74
الدارمي، حدثنا حسين بن عبد الأول الكوفي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا يزيد بن عبد اللّه بن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته (1). ثم قرأ: وَ كَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ اَلْقُرى وَ هِيَ ظالِمَةٌ (2).
رواه البخاري في الصحيح، عن صدقة بن الفضل. و رواه مسلم عن محمد بن عبد اللّه بن نمير. كلاهما عن أبي معاوية (3).
و منها: (الواسع) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (4). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه الكثير مع مقدوراته و معلوماته، و اعتراف له بأنه لا يعجزه شيء، و لا يخفى عليه شيء، و رحمته وسعت كل شيء.
قال أبو سليمان: الواسع: الغني الذي وسع غناه مفاقر عباده، و وسع رزقه جميع خلقه.
و منها: (الجميل) : قال الحليمي: و هذا الاسم في بعض الأخبار عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و معناه: ذو الأسماء الحسنى. لأن القبائح إذ لم تلق به، لم يجز أن يشتق اسمه من أسمائها. و إنما تشتق أسماؤه من صفاته التي كلها مدائح، و أفعاله التي أجمعها حكمة.
و قال الخطابي: الجميل هو المتجمل المحسن. فعيل بمعنى مفعل. و قد يكون الجميل معناه ذو النور و البهجة. و قد روى في الحديث: إن اللّه جميل1.
ص: 75
يحب الجمال» . أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، نا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو بكر، يحيى بن حماد ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن يعقوب حدثنا علي بن الحسين الهلالي، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا شعبة، حدثنا أبان بن تغلب، عن فضيل ابن عمرو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.
و لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان. فقال رجل: يا رسول اللّه، الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
إن اللّه جميل يحب الجمال، الكبر من بطر الحق (1)و غمط الناس (2). رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن مثنى و غيره، عن يحيى بن حماد (3).
و رويناه من وجه آخر عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، و من وجه آخر عن أبي ريحانة، و من وجه آخر عن ثابت بن قيس بن شماس، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
و رويناه في خبر عبد العزيز بن الحصين.
و منها: (الواجد) : و هو في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه: الذي لا يضل عنه شيء، و لا يفوته شيء.
و قيل: هو الغني الذي لا يفتقر. و الواحد الغني. ذكره الخطابي.
و منها: (المحصي) : و هو في خبر الأسامي، و في الكتاب: وَ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (4).
قال الحليمي: و معناه: العالم بمقادير الحوادث، ما يحيط به منها علوم8.
ص: 76
العباد و ما لا يحيط به منها علومهم (1)، كالأنفاس، و الأرزاق، و الطاعات، و المعاصي، و القرب و عدد القطر و الرمل و الحصى و النبات و أصناف الحيوان، و الموات، و عامة الموجودات. و ما يبقى منها، أو يضمحل و يفنى. و هذا راجع إلى نفي العجز الموجود في المخلوقين (2)عن إدراك ما يكثر مقداره، و يتوالى وجوده، و تتفاوت أحواله عنه (عز اسمه) .
و منها: (القوي) : قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (3).
و رويناه في خبر الأسامي.
قال أبو سليمان: القوي قد يكون بمعنى القادر. و من قوي على شيء، فقد قدر عليه. و قد يكون معناه: التام القوة، الذي لا يستولي عليه العجز في حال من الأحوال. و المخلوق و إن وصف بالقوة، فإن قوته متناهية. و عن بعض الأمور قاصرة.
و منها: (المتين) : قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلرَّزّاقُ ذُو اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِينُ (4). و هو في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، أنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إني أنا الرزاق ذو القوة المتين» (5).
قال الحليمي: و هو الذي لا تتناقص قوته فيهن و يفتر إذ كان يحدث ما يحدث في غيره لا في نفسه، و كان التغير لا يجوز عليه.5.
ص: 77
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (تعالى) : «المتين» ، يقول: الشديد.
و منها: (ذي الطول) : قال اللّه (عز و جل) : ذِي اَلطَّوْلِ (1). و رويناه في خبر عبد العزيز بن الحصين.
قال الحليمي: و معناه الكثير الخير، لا يعوزه من أصناف الخيرات شيء، إن أراد أن يكرم به عبده. و ليس كذا طول ذي الطول من عباده قد يحب أن يجود بالشيء فلا يجده.
أخبرنا أبو زكريا، أنا الطرائفي، أنا عثمان، أنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله:
ذِي اَلطَّوْلِ ، يعني: ذا السعة و الغنى.
و منها: (السميع) : قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (2).
و رويناهما في خبر الأسامي (3).
أخبرنا أبو عمرو بن محمد بن عبد اللّه الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني عبد اللّه بن محمد بن ناجيه، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: كنا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في غزاة، فجعلنا لا نصعد شرفا و لا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، فدنا منا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم و لا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا.
إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. ثم قال صلى اللّه عليه و سلم: يا عبد اللّه ابن قيس: ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ قل: لا حول و لا قوة إلا باللّه.1.
ص: 78
كذا في كتابي بصيرا. و قال غيره: قريبا. أخرجاه في الصحيحين من حديث خالد الحذاء (1).
و قال الحليمي رحمه اللّه في معنى السميع: إنه المدرك للأصوات التي يدركها المخلوقون بآذانهم من غير إنه يكون له أذن. و ذلك راجع إلى أن الأصوات لا تخفى عليه، و إن كان غير موصوف بالحس المركب في الأذن، لا كالأصم من الناس لما لم تكن له هذه الحاسة، لم يكن أهلا لإدراك الأصوات.
قال الخطابي: السميع بمعنى السامع، إلا أنه أبلغ في الصفة، و بناء فعيل بناء المبالغة، و هو الذي يسمع السر و النجوى، سواء عنده الجهر و الخفت، و النطق و السكوت.
قال: و قد يكون السماع بمعنى الإجابة و القبول، كقول النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع» (2). أي من دعاء لا يستجاب. و من هذا قول المصلي: «سمع اللّه لمن حمده» ، معناه: قبل اللّه حمد من حمده.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا شعيب بن الليث، حدثنا الليث ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أخيه عباد ابن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: .
ص: 79
«اللهم إني أعوذ بك من الأربع: من علم لا ينفع، و من قلب لا يخشع، و من نفس لا تشبع، و من دعاء لا يسمع» (1). رواه زيد بن أرقم، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: و من دعوة لا يستجاب لها.
و منها: (البصير) : قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (2).
قال الحليمي: و معناه: المدرك للأشخاص و الألوان التي يدركها المخلوقون بأبصارهم من غير أن يكون له جارحة العين. و ذلك راجع إلى أن ما ذكرناه لا يخفى عليه. و إن كان غير موصوف بالحس المركب في العين، لا كالأعمى الذي لما لم تكن له هذه الحاسة، لم يكن أهلا لإدراك شخص و لا لون.
قال الخطابي: البصير هو المبصر، و يقال: العالم بخفيات الأمور (3).
و منها: (العليم) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (4)و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي في معناه: إنه المدرك لما يدركه المخلوقون بعقولهم و حواسهم، و ما لا يستطيعون إدراكه من غير أن يكون موصوفا بعقل أو حس. و ذلك راجع إلى أنه لا يعزب-لا يغيب-عنه شيء. و لا يعجزه إدراك شيء، كما يعجز عن ذلك من لا عقل له أو لا حس له من المخلوقين.
و معنى ذلك أنه لا يشبههم و لا يشبهونه.1.
ص: 80
قال أبو سليمان: العليم هو العالم بالسرائر و الخفيات التي لا يدركها علم الخلق. و جاء على بناء فعيل للمبالغة في وصفه بكمال العلم.
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إبراهيم ابن عبد اللّه، حدثنا الرمادي يعني إبراهيم بن بشار، حدثنا أبو ضمرة المدني، حدثنا أبو مودود، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبان بن عثمان، عن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: من قال حين يصبح: «بسم اللّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الارض و لا في السماء و هو السميع العليم» ثلاث مرات، لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يمسي. و من قالها حين يمسي ثلاث مرات، لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح. رواه أبو داود في السنن عن مضر بن عاصم، عن أبي ضمرة أنس بن عياض (1).
و منها: (العلام) : قال اللّه (عز و جل) : أَنْتَ عَلاّمُ اَلْغُيُوبِ (2). و هو في دعاء الاستخارة. و رويناه في خبر عبد العزيز بن الحصين.
قال الحليمي: و معناه: العالم بأصناف المعلومات على تفاوتها، فهو يعلم الموجود، و يعلم ما هو كائن، و أنه إذا كان، كيف يكون؟ و يعلم ما ليس بكائن، و أنه لو كان، كيف يكون؟
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي، أنا أبو الحسن الطرائفي، أنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ أَخْفى (3). قال: يعلم السر: ما أسر ابن آدم في نفسه. و أخفى: ما خفي7.
ص: 81
على ابن آدم ما هو فاعله قبل أن يعلمه. فإن اللّه تعالى يعلم ذلك كله.
فعلمه فيما مضى من ذلك، و ما بقي علم واحد. و جميع الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة.
و منها: (الخبير) : قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْحَكِيمُ اَلْخَبِيرُ (1). و رويناه في خبر الأسامي (2).
قال الحليمي: و معناه المتحقق لما يعلم، كالمستيقن من العباد، إذ كان الشك غير جائز عليه. فإن الشك ينزع إلى الجهل، و حاشا له من الجهل.
و معنى ذلك أن العبد قد يوصف بعلم الشيء إذا كان ذلك مما يوجبه أكثر رأيه، و لا سبيل له إلى أكثر منه، و إن كان يجيز الخطأ على نفسه فيه. و اللّه (جل ثناؤه) لا يوصف بمثل ذلك، إذ كان العجز غير جائز عليه. و الإنسان إنما يؤتى فيما وصفت من قبل القصور و العجز.
و منها: (الشهيد) : قال اللّه (جل ثناؤه) : إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (3).
و قال (جل و علا) : وَ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً (4). و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، حدثني الليث بن سعد، حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إن رجلا من بني إسرائيل سأل رجلا من بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار. قال: ائتني بالشهود أشهدهم عليك. قال: كَفى بِاللّهِ شَهِيداً . قال: فائتني بكفيل. قال: كفى باللّه كفيلا. قال: صدقت. فدفعها9.
ص: 82
إليه إلى أجل مسمى، قال: و ذكر الحديث. أخرجه البخاري في الصحيح. قال:
و قال الليث بن سعد، فذكره (1).
قال أبو عبد اللّه الحليمي في معنى الشهيد: إنه المطلع على ما لا يعلمه المخلوقون إلا بالشهود. و هو الحضور. و معنى ذلك أنه و إن كان لا يوصف بالحضور الذي هو المجاورة أو المقاربة في المكان، فإن ما يجري و يكون من خلقه لا يخفى عليه كما يخفى على البعيد النائي عن القوم ما يكون منهم.
و ذلك أن النائي إنما يؤتى من قبل قصور آلته و نقص جارحته. و اللّه (تعالى جل ثناؤه) ليس بذي آلة و لا جارحة، فيدخل عليه فيهما ما يدخل على المحتاج إليهما.
و منها: (الحسيب) : قال اللّه (جل ثناؤه) : وَ كَفى بِاللّهِ حَسِيباً (2).
و رويناه في خبر الأسامي (3).
قال الحليمي: و معناه المدرك للأجزاء و المقادير التي يعلم العباد أمثالها بالحساب من غير أن يحسب، لأن الحاسب يدرك الأجزاء شيئا فشيئا. و يعلم الجملة عند انتهاء حسابه. و اللّه تعالى لا يتوقف علمه بشيء على أمر يكون و حال يحدث.
و قد قيل: الحسيب هو الكافي. فعيل بمعنى مفعل. تقول العرب: نزلت بفلان، فأكرمني و أحسبني أي أعطاني ما كفاني حتى قلت: حسبي.6.
ص: 83
قال الحليمي: فأول ذلك:
(المدبر) : و معناه: مصرف الأمور على ما يوجب حسن عواقبها. و اشتقاقه من الدبر. فكان المدبر هو الذي ينظر إلى دبر الأمور، فيدخل فيه على علم به. و اللّه (جل جلاله) عالم بكل ما هو كائن قبل أن يكون. فلا يخفى عليه عواقب الأمور. و هذا الاسم فيما يؤثر عن نبينا صلى اللّه عليه و سلم قد رويناه في حديث عبد العزيز بن الحصين، و في الكتاب: يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ (1).
و منها: (القيوم) : قال اللّه (تعالى) : الم* اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (2). و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثني حفص بن عمر الثني، حدثني أبي عمر بن مرة، قال: سمعت بلال بن يسار بن زيد-مولى النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: سمعت أبي يحدثنيه، عن جدي أنه سمع النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول: من قال: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه» (3)، غفر له، و إن كان فر من الزحف.
ص: 84
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم، حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: «القيوم» يعني القائم على كل شيء.
قال الحليمي في معنى القيوم: إنه القائم على كل شيء من خلقه، يدبره بما يريد (جل و علا) .
و قال الخطابي: القيوم: القائم الدائم بلا زوال. و وزنه فيعول. من القيام. و هو نعت المبالغة في القيام على كل شيء.
و يقال: هو القيم على كل شيء بالرعاية له.
قلت: رأيت في عيون التفسير لاسماعيل الضرير رحمه اللّه في تفسير القيوم، قال: و يقال: إنه الذي لا ينام. و كأنه أخذه من قوله (عز و جل) عقيبه في آية الكرسي: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ (1).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ قال: السنة هو النعاس. و النوم هو النوم.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا المسعودي، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه قال: إن موسى عليه السلام قال له قومه: أ ينام ربنا؟ قال: اتقوا اللّه إن كنتم مؤمنين. فأوحى اللّه (عز و جل) إلى موسى أن خذ قارورتين و املأهما ماء، ففعل فنعس، فنام، فسقطتا من يده، فانكسرتا،5.
ص: 85
فأوحى اللّه (عز و جل) إلى موسى عليه السلام: إني أمسك السموات و الأرض أن تزولا. و لو نمت، لزالتا (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا يحيى بن معين ح.
و أخبرنا أبو جعفر العزائمي، أنا بشر بن أحمد، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن ناجية، حدثنا إسحاق بن إسرائيل، حدثنا هشام بن يوسف، عن أمية بن شبل، قال: أخبرني الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال أبو عبد اللّه: عن أبي هريرة.
و قال العزائمي: عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يحكي عن موسى على المنبر، قال: وقع في نفس موسى عليه السلام: هل ينام اللّه تعالى؟ فبعث اللّه (عز و جل) إليه ملكا فأرقه ثلاثا، ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة، و أمره أن يحتفظ بهما، فجعل ينام، و تكاد يداه أن تلتقيا، ثم يستيقظ، فينحي إحداهما عن الأخرى، حتى نام نومة، فاصطكت يداه، فانكسرتا (2).
و قال العزائمي: فاصطفقت يداه، و انكفأت القارورتان، فضرب له مثلا أن اللّه سبحانه و تعالى لو كان ينام لم تستمسك السموات و الأرض. متن الإسناد الأول أشبه أن يكون هو المحفوظ.
و منها: (الرحمن الرحيم) : قال اللّه (عز و جل) : اَلرَّحْمنُ* عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ* خَلَقَ اَلْإِنْسانَ* عَلَّمَهُ اَلْبَيانَ (3).4.
ص: 86
و قال (جل و علا) : قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمنَ (1).
و قال (تبارك و تعالى) : وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (2).
و قال (جل جلاله) في فاتحة الكتاب: اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ (3).
و قال (تعالى) : تَنْزِيلٌ مِنَ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ (4).
و قال (جلت قدرته) في فواتح السور-غير التوبة-: بِسْمِ اَللّهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ .
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، حدثنا يحيى بن الربيع المكي، حدثنا سفيان، حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: قال اللّه (عز و جل) :
قسمت الصلاة بيني و بين عبدي. فإذا قال: اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . قال: حمدني عبدي. و إذا قال: اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . قال: أثنى عليّ عبدي. و إذا قال: مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ . قال: مجدني عبدي. أو قال:
فوض إليّ عبدي. و إذا قال: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ . قال: هذا بيني و بين عبدي، و لعبدي ما سأل. و إذا قال: اِهْدِنَا اَلصِّراطَ اَلْمُسْتَقِيمَ صِراطَ اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ اَلضّالِّينَ . قال: هذه لك.
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم، عن سفيان (5).
قال الحليمي في معنى الرحمن: إنه المزيح للعلل. و ذلك أنه لما أراد من .
ص: 87
الجن و الإنس أن يعبدوه. يعني لما أراد أن يأمر من شاء منهم بعبادته، عرفهم وجوه العبادات، و بين لهم حدودها و شروطها، و خلق لهم مدارك و مشاعر، و قوى و جوارح، فخاطبهم و كلفهم، و بشرهم و أنذرهم، و أمهلهم، و حملهم دون ما تتسع له بنيتهم. فصارت العلل مزاحة، و حجج العصاة و المقصرين منقطعة.
و قال في معنى الرحيم: إنه المثيب على العمل، فلا يضيع لعامل عملا، و لا يهدر لساع سعيا، و ينيله بفضل رحمته من الثواب أضعاف عمله.
و قال أبو سليمان الخطابي فيما أخبرت عنه: اختلف الناس في تفسير الرحمن، و معناه، و هل هو مشتق من الرحمة أو لا؟ فذهب بعضهم إلى أنه غير مشتق، لأنه لو كان مشتقا من الرحمة، لا تصل بذكر المرحوم، فجاز أن يقال:
اللّه رحمن بعباده، كما يقال: رحيم بعباده. و لأنه لو كان مشتقا من الرحمة، لأنكرته العرب حين سمعوه، إذ كانوا لا ينكرون رحمة ربهم. و قد قال اللّه (عز و جل) : وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اُسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا اَلرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً (1).
و زعم بعضهم أنه اسم عبراني. و ذهب الجمهور من الناس إلى أنه مشتق من الرحمة مبني على المبالغة. و معناه: ذو الرحمة لا نظير له فيها.
و لذلك لا يثني و لا يجمع، كما يثنى الرحيم و يجمع. و بناء فعلان في كلامهم بناء المبالغة. يقال لشديد الامتلاء: ملآن. و لشديد الشبع: شبعان. و الذي يدل على مذهب الاشتقاق في هذا الاسم حديث عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه. يعني ما أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو بكر، محمد ابن الحسين القطان، أنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: إن أبا الرداد الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: قال اللّه (عز و جل) : أنا0.
ص: 88
الرحمن، خلقت الرحم، و شققت لها اسما من اسمي. فمن وصلها وصلته، و من قطعها قطعته (1).
قال الخطابي: فالرحمن ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم و أسباب معايشهم و مصالحهم، و عمت المؤمن و الكافر، و الصالح و الطالح. و أما الرحيم فخاص للمؤمنين، كقوله: وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (2).
قال: و الرحيم وزنه فعيل، بمعنى فاعل، أي راحم. و بناء فعيل أيضا للمبالغة، كعالم و عليم، و قادر و قدير. و كان أبو عبيدة يقول: تقدير هذين الاسمين تقدير ندمان و نديم من المنادمة.
قال أبو سليمان: و جاء في الأثر أنهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، يعني بذلك ما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور الدهان. أخبرنا علي أبو الحسين بن محمد بن هارون النيسابوري، أنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد، أنا يوسف بن بلال، حدثنا محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: الرحمن، و هو الرفيق، الرحيم، و هو العاطف على خلقه بالرزق. و هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر.
و أخبرنا الإمام أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أنا عبد الخالق بن الحسن السقطي، حدثنا عبد اللّه بن ثابت بن يعقوب، قال:
أخبرني أبي عن الهذيل بن حبيب، عن مقاتل بن سليمان، عمن يروي تفسيره عنه من التابعين، قال: الرحمن الرحيم اسمان رقيقان. أحدهما أرق من3.
ص: 89
الآخر. الرحمن يعني المترحم. الرحيم يعني المتعطف بالرحمة على خلقه (1).
قال أبو سليمان: و هذا مشكل، لأن الرقة لا مدخل لها في شيء من صفات اللّه سبحانه. و معنى الرقيق هاهنا: اللطيف. يقال: أحدهما ألطف من الآخر. و معنى اللطف في هذا الغموض دون الصغر الذي هو نعت الأجسام.
و سمعت أبا القاسم، الحسن بن محمد بن حبيب، المفسر يحكي عن الحسين ابن الفضل البجلي، أنه قال: هذا و هم من الراوي، لأن الرقة ليست من صفات اللّه (عز و جل) في شيء. و إنما هما اسمان رفيقان أحدهما أرفق من الآخر. و الرفق من صفات اللّه تعالى.
قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه رفيق يحب الرفق، و يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف (2).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا علي ابن الحسين الهلالي، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد عن يونس، و حميد عن الحسن، عبد اللّه بن مغفل رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه رفيق يحب الرفق، و يعطي عليه ما لا يعطي على العنف (3).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا إسماعيل بن أحمد، أنا محمد بن الحسن ابن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، أنا ابن وهب، أخبرني حياة بن شريح، حدثني ابن الهاد، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة-زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم-قالت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لي: يا عائشة: «إن اللّه رفيق يحب الرفق، و يعطي على الرفق ما لا يعطي7.
ص: 90
على العنف، و ما لا يعطي على ما سواه» . و رواه مسلم في الصحيح (1)، عن حرملة. و قوله: «إن اللّه رفيق» معناه ليس بعجول. و إنما يعجل من يخاف الفوت. فأما من كانت الأشياء في قبضته و ملكه، فليس يعجل فيها.
و أما قوله: «يحب الرفق» ، أي يحب ترك العجلة في الأعمال و الأمور.
سمعت أبا القاسم، الحسن بن محمد بن حبيب المفسر يحكي عن عبد الرحمن بن يحيى أنه قال: الرحمن خاص في التسمية، عام في الفعل.
و الرحيم عام في التسمية، خاص في الفعل.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو زكريا العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا وكيع و يحيى بن آدم، قالا: حدثنا إسرائيل عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (2). قال: لم يسم أحد الرحمن غيره.
و منها: (الحليم) : قال اللّه (عز و جل) : وَ إِنَّ اَللّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (3).
و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الحميد، حدثنا أبو أسامة، عن أسامة، عن محمد بن كعب، عن عبد اللّه بن شداد، عن عبد اللّه بن جعفر، قال: علمني علي رضي اللّه عنه كلمات علمهن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إياه، يقولهن في9.
ص: 91
الكرب، و الشيء يصيبه: «لا إله إلا اللّه الحليم الكريم. سبحان اللّه و تبارك اللّه رب العرش العظيم. و الحمد للّه رب العالمين» (1).
قال الحليمي في معنى الحليم: إنه الذي لا يحبس إنعامه و أفضاله عن عباده، لأجل ذنوبهم. و لكنه يرزق العاصي كما يرزق المطيع، و يبقيه و هو منهمك في معاصيه كما يبقي البر التقي. و قد يقيه الآفات و البلايا، و هو غافل لا يذكره، فضلا عن أن يدعوه، كما يقيها الناسك الذي يسأله، و ربما شغلته العبادة عن المسألة.
قال أبو سليمان: هو ذو الصفح و الأناة الذي لا يستفزه غضب، و لا يستخفه جهل جاهل، لا عصيان عاص. و لا يستحق الصافح مع العجز اسم الحليم. إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة، المتأني الذي لا يعجل بالعقوبة.
و منها: (الكريم) : قال اللّه (جل ثناؤه) : ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ اَلْكَرِيمِ (2).
و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا أبو أسامة الكلبي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا فضيل بن عياض، عن الصنعاني، محمد بن ثور، عن معمر، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز اسمه) كريم يحب مكارم الأخلاق.
و يبغض سفسافها (3).ا.
ص: 92
و أخبرنا أبو محمد بن يوسف، أنا أبو سعيد، حدثنا الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أبي حازم، عن طلحة بن كريز الخزاعي، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى كريم يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها» . هذا منقطع. و كذا رواه سفيان الثوري عن أبي حازم (1).
قال الحليمي في معنى الكريم: إنه النفاع من قولهم: «شاة كريمة» إذا كانت غريرة اللبن، تدر على الحالب، و لا تقلص بأخلافها، و لا تحبس لبنها، و لا شك في كثرة المنافع التي من اللّه (عز و جل) بها على عباده ابتداء منه و تفضلا، فهو باسم الكريم أحق.
قال أبو سليمان: من كرم اللّه (سبحانه و تعالى) أنه يبتدئ بالنعمة من غير استحقاق، و يتبرع بالإحسان من غير استثابة، و يغفر الذنب، و يعفو عن المسيء.
و يقول الداعي في دعائه: يا كريم العفو.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، قال: قرئ على ابن أبي الفضل أحمد بن محمد السلمي الهروي، حدثكم محمد بن عبد الرحمن الشامي، حدثنا خالد بن الهياج، عن أبيه، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: جاء جبريل عليه الصلاة و السلام إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في أحسن صورة، رآه ضاحكا مستبشرا، لم ير مثل ذلك، فقال: السلام عليك يا محمد. قال: و عليك السلام يا جبريل. قال:
يا محمد إن اللّه تعالى أرسلني إليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك. و إن اللّه تعالى أكرمك. قال: فما هي يا جبريل؟ قال: كلمات من كنوز عرشه. قال: قل: «يا من أظهر الجميل و ستر القبيح، يا من لم يؤاخذ بالجريرة، و لم يهتك الستر، يا عظيم العفو، يا حسن التجاوز، يا واسع المغفرة، و يا باسط اليدين بالرحمة، يا منتهى كل شكوى، و يا صاحب كل نجوى، يا كريم الصفح، و يا عظيم المن، و يا مبدئ النعم قبل استحقاقها، يا رباه و يا سيداه، و يا أملاه، و يا غاية رغبتاه، أسألك بك أن لا تشوي خلقي بالنار. ثم ذكر الحديث في ثواب هؤلاء الكلمات (2).ر.
ص: 93
و قد رويناه من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و هو دعاء حسن. و في صحته عن النبي صلى اللّه عليه و سلم نظر.
قال أبو سليمان: و قيل: إن من كرم عفوه أن العبد إذا تاب عن السيئة، محاها عنه، و كتب له مكانها حسنة. قلت: و من كتاب اللّه تعالى: إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اَللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً (1).
و قد ثبت عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في الأخبار عن كرم عفو اللّه ما هو أبلغ من ذلك. و هو فيما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، حدثنا عبد اللّه بن نمير، عن الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، و آخر أهل النار خروجا منها، رجل يؤتى به فيقال: أعرضوا عليه صغار ذنوبه، يعني: و ارفعوا عنه كبارها. فيعرض عليه صغار ذنوبه، فيقال: عملت يوم كذا كذا كذا و كذا. و عملت يوم كذا و كذا كذا و كذا. فيقول: نعم. لا يستطيع أن ينكر. و هو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه. قال: فيقال: فإن لك مكان كل سيئة حسنة. قال:
فيقول: رب، قد عملت أشياء ما أراها هاهنا. قال: فلقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ضحك حتى بدت نواجذه (2). رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن عبد اللّه بن نمير عن أبيه.
و منها: (الأكرم) : قال اللّه (عز و جل) : وَ رَبُّكَ اَلْأَكْرَمُ (3). و رويناه في خبر الأسامي، عن عبد العزيز بن الحصين.
قال أبو سليمان: هو أكرم الأكرمين، لا يوازيه كريم، و لا يعادله فيه نظير. و قد يكون الأكرم بمعنى الكريم كما جاء الأعز بمعنى العزيز.3.
ص: 94
و منها: (الصبور) : و ذلك مما ورد في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه الذي لا يعاجل بالعقوبة. و هذه صفة ربنا (جل ثناؤه) لأنه يملي و يمهل و ينظر و لا يعجل.
و منها: (العفو) : قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (1).
و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا مرو بن العنقزي، عن سفيان، عن الجريري، عن ابن بريدة، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: قلت: يا رسول اللّه، إن أنا وافقت ليلة القدر، ما أقول؟ قال:
قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. أو: اعف عنا (2).
قال الحليمي في معنى العفو: إنه الواضع عن عباده تبعات خطاياهم و آثامهم، فلا يستوفيها منهم. و ذلك إذا تابوا و استغفروا، أو تركوا لوجهه أعظم مما فعلوا، ليكفر عنهم ما فعلوا بما تركوا، أو بشفاعة من يشفع لهم، أو يجعل ذلك كرامة لذي حرمة لهم به و جزاء.
قال أبو سليمان: العفو وزنه فعول، من العفو، و هو بناء المبالغة، و العفو: الصفح عن الذنب.
و قيل: إن العفو مأخوذ من عفت الريح الأثر إذا درسته، فكأن العافي عن الذنب يمحوه بصفحه عنه.
و منها: (الغافر) : قال اللّه (جل ثناؤه) : غافِرِ اَلذَّنْبِ وَ قابِلِ اَلتَّوْبِ (3).3.
ص: 95
قال الحليمي: و هو الذي يستر على المذنب و لا يؤاخذه به فيشهره و يفضحه.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«و الذي نفسي بيده لو لم تذنبوا، لذهب اللّه بكم، و لجاء اللّه بقوم يذنبون، فيستغفرون اللّه تعالى، فيغفر لهم» . رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق (1). و أخرجه أيضا من حديث أبي أيوب الأنصاري سماعا من النبي صلى اللّه عليه و سلم (2).
و منها: (الغفار) : قال اللّه (جل ثناؤه) : أَلا هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْغَفّارُ (3).
و رويناه في خبر الأسامي و في حديث عائشة رضي اللّه عنها.
قال الحليمي: و هو المبالغ في الستر، فلا يشهر الذنب، لا في الدنيا و لا في الآخرة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا محمد بن أيوب، أنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن صفوان بن محرز، قال: بينا أنا أمشي مع ابن عمر آخذ بيده، إذ عرض له رجل، فقال: كيف سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في النجوى يوم القيامة. قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن اللّه (عز و جل) يدني منه المؤمن، فيضع عليه كنفه و يستره من الناس، فيقول: أ تعرف ذنب كذا، أ تعرف ذنب كذا، أ تعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم. أي رب. فيقول: أ تعرف ذنب كذا، أ تعرف ذنب كذا،5.
ص: 96
فيقول: نعم أي رب. حتى إذا قرره بذنوبه، و رأى في نفسه أنه قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، و أنا أغفرها لك اليوم.
قال: فيعطي كتاب حسناته. قال: و أما الكفار و المنافقون، وَ يَقُولُ اَلْأَشْهادُ هؤُلاءِ اَلَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلظّالِمِينَ (1).
رواه البخاري في الصحيح، عن موسى بن اسماعيل. و أخرجه هو و مسلم من وجه آخر عن قتادة (2). و قوله في الحديث: «يدني منه المؤمن» يريد به يقربه من كراماته. و قوله: فيضع عليه كنفه يريد به عطفه و رأفته و رعايته.
و اللّه أعلم.
و منها: (الغفور) : قال اللّه (جل ثناؤه) : أَنِّي أَنَا اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ (3).
و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا أحمد ابن إبراهيم بن ملحان، حدثنا يحيى، هو ابن بكير، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عبد اللّه بن عمرو، عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنهم أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا و لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك. و ارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. رواه البخاري و مسلم في الصحيح (4)عن قتيبة و غيره، عن الليث بن سعد. .
ص: 97
قال الحليمي: و هو الذي يكثر منه الستر على المذنبين من عباده، و يزيد عفوه على مؤاخذته.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا محمد بن غالب، و محمد بن أيوب، و يوسف بن يعقوب، قال ابن أيوب: أنا، و قالا:
حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا همام بن يحيى، قال: سمعت إسحاق بن عبد اللّه ابن أبي طلحة يقول: سمعت عبد الرحمن بن أبي عمرة يقول: سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن عبدا أصاب ذنبا، فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبا فاغفر لي، فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، و يأخذ به، فغفر له. ثم مكث ما شاء اللّه، ثم أصاب ذنبا آخر. و ربما قال: ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: يا رب إني أذنبت ذنبا آخر فاغفر لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به، فغفر له:
ثم مكث ما شاء اللّه، ثم أصاب ذنبا آخر. و ربما قال: ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبا آخر، فاغفر لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به. فقال ربه: غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء. رواه مسلم في الصحيح، عن عبد بن حميد، عن أبي الوليد، و أخرجه البخاري من وجه آخر عن همام (1).
و منها: (الرءوف) : قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (2).
و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه: المساهل عباده، لأنه لم يحملهم-يعني من7.
ص: 98
العبادات-ما لا يطيقون. يعني بزمانة أو علة أو ضعف. بل حملهم أقل مما يطيقونه بدرجات كثيرة. و مع ذلك غلظ فرائضه في حال شدة القوة، و خففها في حال الضعف و نقصان القوة. و أخذ المقيم بما لم يأخذ به المسافر، و الصحيح بما لم يأخذ به المريض. و هذا كله رأفة و رحمة.
قال الخطابي: و قد تكون الرحمة في الكراهة للمصلحة، و لا تكاد الرأفة تكون في الكراهة.
و منها: (الصمد) : قال اللّه (عز و جل) : قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ اَلصَّمَدُ (1). و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الصمد بن علي بن مكرم البزاز ببغداد، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا أبو معمر، عبد اللّه بن عمر، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا حسين المعلم، عن عبد اللّه بن بريدة، عن حنظلة ابن علي، أن محجن بن الأذرع حدثه، قال: دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم المسجد.
فإذا هو برجل قد صلى صلاته، و هو يتشهد و يقول: اللهم إني أسألك يا اللّه الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم. قال: فقال: قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له.
رواه أبو داود في السنن عن أبي معمر (2).
قال الحليمي: معناه المصمود بالحوائج. أي المقصود بها. و قد يقال ذلك على معنى أنه المستحق لأن يقصد بها، ثم لا يبطل هذا الاستحقاق و لا تزول هذه الصفة بذهاب من يذهب عن الحق، و يضل السبيل، لأنه إذا كان هو الخالق و المدبر لما خلق، لا خالق غيره، و لا مدبر سواه. فالذهاب عن قصده بالحاجة، و هي بالحقيقة واقعة إليه. و لا قاضي لها غيره جهل و حمق.
و الجهل باللّه (تعالى جده) كفر.ب.
ص: 99
أخبرنا أبو زكريا بن إسحاق المزكي، أنا أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله:
«الصمد» (1)، قال: السيد الذي كمل في سؤدده، و الشريف الذي كمل في شرفه. و العظيم الذي قد كمل في عظمته، و الحليم الذي قد كمل في حلمه و الغني الذي قد كمل في غناه، و الجبار الذي قد كمل في جبروته. و العالم الذي قد كمل في علمه، و الحكيم الذي قد كمل في حكمه. و هو الذي قد كمل في أنواع الشرف و السؤدد. و هو اللّه (عز و جل) هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفو، و ليس كمثله شيء، فسبحان اللّه الواحد القهار.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن إسحاق الصغاني، حدثنا يعلى بن عبيدة، حدثنا الأعمش، عن شقيق، في قوله (عز و جل) : «الصمد» ، قال: هو السيد إذا انتهى سؤدده (2).
و أخبرنا أبو عبد اللّه، حدثنا أبو العباس، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أبو نعيم، حدثنا سلمة بن سابور، عن عطية، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:
الصمد الذي لا جوف له. و روينا هذا القول عن سعيد بن المسيب، و سعيد ابن جبير، و مجاهد، و الحسن، و السدي، و الضحاك، و غيرهم. و روي عن عبد اللّه بن بريدة، عن أبيه يشك راويه في رفعه.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و محمد بن موسى بن الفضل، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب في قول اللّه (عز و جل) : اَللّهُ اَلصَّمَدُ قال: لو5.
ص: 100
سكت عنها، لتبخص لها رجال، فقالوا: ما الصمد؟ فأخبرهم أن الصمد الذي لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد.
و روينا عن عكرمة في تفسير الصمد قريبا من هذا.
و أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، حدثنا محمد، حدثنا عثمان ابن عثمان، أنا شعبة، عن أبي رجاء، أن الحسن قال: الصمد الذي لا يخرج منه شيء.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، أنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، قال: أخبرت أنه الذي لا يأكل و لا يشرب.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، و محمد بن موسى، قالا: حدثنا أبو العباس: هو الأصم. حدثنا الصغاني، حدثنا أبو سليمان الأشعث، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، قال: الصمد: الباقي بعد خلقه.
و قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: الصمد: السيد الذي يصمد إليه في الأمور، و يقصد إليه في الحوائج و النوازل. و أصل الصمد: القصد. يقال للرجل: اصمد صمد فلان: أي اقصد قصده. و أصح ما قيل فيه ما يشهد له معنى الاشتقاق.
و منها: (الحميد) : قال اللّه (جل ثناؤه) : إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ (1). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: هو المستحق لأن يحمد، لأنه (جل ثناؤه) بدأ فأوجد، ثم جمع بين النعمتين الجليلتين: الحياة، و العقل. و والى بعد منحه، و تابع آلاءه و مننه، حتى فاتت العد، و إن استفرغ فيها الجهد، فمن ذا الذي يستحق الحمد سواه، بل له الحمد كله، لا لغيره، كما أن المن منه لا من غيره.
قال الخطابي: هو المحمود الذي استحق الحمد بفعاله. و هو فعيل بمعنى6.
ص: 101
مفعول. و هو الذي يحمد في السراء و الضراء، و في الشدة و الرخاء، لأنه حكيم، لا يجري في أفعاله الغلط، و لا يعترضه الخطأ، فهو محمود على كل حال.
و منها: (القاضي: قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ (1).
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، حدثنا أبو الحسن، محمد بن الحسن بن الحسين ابن منصور التاجر، أنا أبو بكر، محمد بن يحيى بن سليمان، حدثنا عاصم بن علي بن عاصم، حدثنا قيس بن الربيع، عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما، قال: بعثني العباس رضي اللّه عنه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأتيته ممسيا، و هو في بيت خالتي ميمونة، قال: فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلي من الليل. فلما صلى الركعتين قبل الفجر، قال:
«اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، و تجمع بها شملي، و تلم بها شعثي (2)، و ترد بها ألفتي (3)، و تصلح بها ديني، و تحفظ بها غائبي، و ترفع بها شاهدي، و تزكي بها عملي، و تبيض بها وجهي، و تلهمني بها رشدي، و تعصمني بها من كل سوء. اللهم اعطني إيمانا صادقا، و يقينا ليس بعده كفر، و رحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة. اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء و نزل الشهداء، و عيش السعداء، و مرافقة الأنبياء، و النصر على الأعداء. اللهم إني أنزل بك حاجتي. و إن قصر رأيي و ضعف عملي و افتقرت إلى رحمتك، فأسألك يا قاضي الأمور، و يا شافي الصدور، كما تجير بين البحور أن تجيرني من عذاب السعير، و من دعوة الثبور، و من فتنة القبور.
اللهم ما قصر عنه رأيي، و ضعف عنه عملي، و لن تبلغه نيتي «أو أمنيتي» -شك عاصم-من خير وعدته أحدا من عبادك، أو خير أنت معطيه أحدا من خلقك، فإني أرغب إليه فيه و أسألك يا رب العالمين. اللهم اجعلنا هادينه.
ص: 102
مهديين غير ضالين و لا مضلين، حربا لأعدائك، سلما لأوليائك، نحب بحبك الناس، و نعادي بعداوتك من خالفك من خلقك. اللهم هذا الدعاء و عليك الإجابة. و هذا الجهد و عليك التكلان. و لا حول و لا قوة إلا باللّه.
اللهم ذا الحبل الشديد، و الأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، و الجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، و الركع السجود الموفين بالعهود، إنك رحيم ودود. و أنت تفعل ما تريد. سبحان الذي يعطف بالعز و قال به، سبحان الذي لبس المجد و تكرم به، سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له. سبحان ذي الفضل و النعم، سبحان ذي القدرة و الكرم. سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه. اللهم اجعل لي نورا في قلبي، و نورا في قبري، و نورا في سمعي، و نورا في بصري، و نورا في شعري و نورا في بشري. و نورا في لحمي، و نورا في دمي، و نورا في عظامي، و نورا من بين يدي، و نورا من خلفي، و نورا عن يميني، و نورا عن شمالي، و نورا من فوقي، و نورا من تحتي.
اللهم زدني نورا، و أعطني نورا، و اجعل لي نورا» (1). هذا الحديث يشتمل على عدد أسماء اللّه تعالى و صفات له منها القاضي.
قال الحليمي: و معناه الملزم حكمه. و بيان ذلك أن الحاكم من العباد لا يقول إلا ما يقوله المفتي، غير أن الفتيا لما كانت لا تلزم لزوم الحكم، و الحكم يلزم، سمي الحاكم قاضيا، و لم يسم المفتي قاضيا. فعلمنا أن القاضي هو الملزم، و حكم اللّه (تعالى جده) كله لازم. فهو إذا قاض و حكمه قضاء.
و منها: (القاهر) : قال اللّه تعالى: وَ هُوَ اَلْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ (2).
قال الحليمي: و معناه: أنه يدبر خلقه بما يريد، فيقع في ذلك ما يشق8.
ص: 103
و يثقل، و يغم و يحزن، و يكون منه سلب الحياة أو بعض الجوارح، فلا يستطيع أحد رد تدبيره و الخروج من تقديره.
و منها: (القهار) : قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْواحِدُ اَلْقَهّارُ (1).
و رويناه في خبر الأسامي. و في حديث عائشة رضي اللّه عنها.
قال الحليمي: الذي يقهر و لا يقهر بحال (2).
قال الخطابي: هو الذي قهر الجبابرة من عتاة خلقه بالعقوبة، و قهر الخلق كلهم بالموت (3).
و منها: (الفتاح) : قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْفَتّاحُ اَلْعَلِيمُ (4).
و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و هو الحاكم. أي يفتح ما انغلق بين عباده، و يميز الحق من الباطل، و يعلي المحق، و يخزي المبطل. و قد يكون ذلك منه في الدنيا و الآخرة.
قال الخطابي: و يكون معنى الفتاح أيضا: الذي يفتح أبواب الرزق و الرحمة لعباده، و يفتح المنغلق عليهم من أمورهم و أسبابهم، و يفتح قلوبهم، و عيون بصائرهم ليبصروا الحق، و يكون الفاتح أيضا بمعنى الناصر، كقوله (سبحانه و تعالى) : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ اَلْفَتْحُ (5).
قال أهل التفسير: معناه: إن تستنصروا، فقد جاءكم النصر.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن9.
ص: 104
طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (تبارك و تعالى) اَلْفَتّاحُ اَلْعَلِيمُ يقول: القاضي (1).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، أنا مسعر، عن قتادة، عمن أخبره، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: ما كنت أدري ما قوله: «افتح بيننا» حتى سمعت بنت ذي يزن، أو ابنة ذي يزن تقول: تعال أفاتحك: أقاضيك (2).
و منها: (الكاشف) : قال الحليمي: و لا يدعى بهذا الاسم إلا مضافا إلى شيء، فيقال: يا كاشف الضر، أو كاشف الكرب. و معناه: الفارج و المجلي.
يكشف الكرب، و يجلي القلب، و يفرج الهم، و يزيح الضر و الغم.
قلت: قال اللّه تعالى: وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اَللّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ (3).
و روي في حديث دعاء المديون: «اللهم فارج الهم، كاشف الغم» (4).
و منها: (اللطيف) : قال اللّه تعالى: وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ (5). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و هو الذي يريد بعباده الخير و اليسر. و يفيض لهم أسباب الصلاح و البر.4.
ص: 105
قلت: أراد عباده المؤمنين خاصة عند من لا يرى ما يعطيه اللّه (عز و جل) الكفار في الدنيا نعمة. و أراد المؤمنين خاصة في أسباب الدين، و أراد المؤمنين و الكافرين عامة في أسباب الدنيا عند من يراها نعمة في الجملة.
و قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: اللطيف هو البر بعباده، الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون، و يسبب لهم مصالحهم من حيث لا يحتسبون، كقوله تعالى: اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ (1).
قال: و حكى أبو عمر عن أبي العباس، عن ابن الأعرابي أنه قال:
اللطيف الذي يوصل إليك إربك في رفق. و من هذا قولهم: لطف اللّه بك.
أي أوصل إليك ما تحب في رفق. قال: و يقال: هو الذي لطف عن أن يدرك بالكيفية.
و منها: (المؤمن) : قال اللّه (عز و جل) : اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ (2). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه: المصدق، لأنه إذا وعد صدق وعده. و يحتمل المؤمن عباده بما عرفهم من عدله و رحمته من أن يظلمهم و يجور عليهم.
قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: أصل الإيمان في اللغة التصديق.
فالمؤمن المصدق. و يحتمل ذلك وجوها: أحدها: أنه يصدق عباده وعده، و يفي بما ضمنه لهم من رزق في الدنيا، و ثواب على أعمالهم الحسنة في الآخرة. و الآخر: أنه يصدق ظنون عباده المؤمنين، و لا يخيب آمالهم، كقول النبي صلى اللّه عليه و سلم فيما يحكيه عن ربه (عز و جل) : أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء (3). .
ص: 106
و قيل: بل المؤمن: الموحد نفسه، لقوله: شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ (1).
و قيل: بل المؤمن: الذي آمن عباده المؤمنين من عذابه في القيامة.
و قيل: هو الذي آمن خلقه من ظلمه.
و قد دخل أكثر هذه الوجوه في ما قاله الحليمي إلا أن هذا أبين.
و منها: (المهيمن) : قال اللّه (عز و جل) : اَلْمُهَيْمِنُ (2). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه لا ينقص المطيعين يوم الحساب من طاعتهم شيئا فلا يثيبهم عليه، لأن الثواب لا يعجزه، و لا هو مستكره عليه، فيضطر إلى كتمان بعض الأعمال أو جحدها. و ليس ببخيل فيحمله استكثار الثواب إذا كثرت الأعمال على كتمان بعضها، و لا يلحقه نقص بما يثيب، فيحبس بعضه، لأنه ليس منتفعا بملكه حتى إذا نفع غيره به، زال انتفاعه بنفسه، و كما لا ينقص المطيع من حسناته شيئا لا يزيد العصاة على ما اجترحوه من السيئات شيئا فيزيدهم عقابا على ما استحقوه، لأن واحدا من الكذب و الظلم غير جائز عليه. و قد سمى عقوبة أهل النار جزاء، فما لم يقابل منها ذنبا، لم يكن جزاء، و لم يكن وفاقا، فدل ذلك على أنه لا يفعله.
قلت: و هذا الذي ذكره شرح قول أهل التفسير في المهيمن إنه الأمين (3).
قال أبو سليمان: و أصله مؤيمن، فقلبت الهمزة هاء لأن الهاء أخف من الهمزة. و هو على وزن مسيطر و مبيطر.8.
ص: 107
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا أبو عامر، عن سفيان، عن ابن إسحاق، عن التميمي، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ ، قال: مؤتمنا عليه.
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، حدثنا أبو الحسن الطرائفي، نا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ اَلْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ اَلْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ (1).
قال: المهيمن: الأمين. قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم، حدثنا ورقاء، عن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله تعالى:
مُهَيْمِناً عَلَيْهِ ، قال: بمعنى مؤتمنا على الكتب، و بإسناده عن مجاهد، قال:
المهيمن: الشاهد على ما قبله من الكتب.
قال أبو سليمان: فاللّه (عز و جل) المهيمن. أي الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول و فعل، كقوله تعالى: وَ ما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَ ما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَ لا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاّ كُنّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ (2).
قال: و قيل: المهيمن: الرقيب على الشيء و الحافظ له.
قال: و قال بعض أهل اللغة: الهيمنة القيام على الشيء و الرعاية له، و أنشد:
ألا إن خير الناس بعد نبيه مهيمنة التأليه في العرف و النكر
يريد القائم على الناس بعده بالرعاية لهم.1.
ص: 108
و منها: (الباسط القابض) : قال اللّه (عز و جل) : اَللّهُ يَبْسُطُ اَلرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ (1).
و قال اللّه (تبارك و تعالى) : وَ اَللّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ (2). و رويناهما في خبر الأسامي.
قال الحليمي في معنى الباسط: إنه الناشر فضله على عباده، يرزق و يوسع، و يجود، و يفضل، و يمكن، و يخول، و يعطي أكثر مما يحتاج إليه.
و قال في معنى القابض: يطوي بره و معروفه عمن يريد و يضيق و يقتر أو يحرم فيفقر.
قال أبو سليمان: و قيل: القابض، و هو الذي يقبض الأرواح بالموت الذي كتبه على العباد.
قالا: و لا ينبغي أن يدعى ربنا (جل جلاله) باسم القابض حتى يقال معه الباسط.
أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد هو ابن سلمة، عن قتادة و ثابت و حميد، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: غلى السعر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقالوا: يا رسول اللّه، قد غلى السعر فسعر لنا. قال صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه تعالى هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر. إني لأرجو أن ألقى ربي و ليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم و لا مال (3).
و منها: (الجواد) : قال الحليمي: و معناه: الكثير العطايا. حدثنا أبو .
ص: 109
الحسن العلوي، أنا أبو حامد، هو ابن الشرقي، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن الأعمش، عن موسى ابن المسيب، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر رضي اللّه عنه. عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: يقول اللّه (عز و جل) : . . . فذكر الحديث.
قال فيه: و لو أن أولكم و آخركم، و حيكم و ميتكم، و رطبكم و يابسكم سألوني حتى تنتهي مسألة كل واحد منهم فأعطيتهم ما سألوني ما نقص ذلك مما عندي كمغرز إبرة لو غمسها أحدكم في البحر. و ذلك أني جواد، ماجد، واجد. عطائي كلام.
و عذابي كلام. إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون (1).
و منها: (المنان) : قال الحليمي: و هو العظيم المواهب. فإنه أعطى الحياة و العقل و المنطق، و صور فأحسن الصور، و أنعم فأجزل و أسنى النعم، و أكثر العطايا و المنح.
قال: و قوله الحق: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللّهِ لا تُحْصُوها (2).
قال أبو سليمان: و لمن العطاء لمن لا يستتيبه.
قلت: و قد رويناه في رواية عبد العزيز بن الحصين، و في حديث أنس ابن مالك رضي اللّه عنه.
و منها: (المقيت) : قال اللّه (عز و جل) : وَ كانَ اَللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (3). و هو في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و عندنا أنه الممد، و أصله من القوت الذي هو مدد البنية. و معناه أنه دبر الحيوانات بأن جبلها على أن يحلل منها على ممر الأوقات شيئا بعد شيء، و يعوض مما يتحلل غيره، فهو يمدها في كل وقت بما جعله5.
ص: 110
قواما لها إلى أن يريد إبطال شيء منها، فيحبس عنه ما جعله مادة لبقائه فيهلك.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: وَ كانَ اَللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (1).
يقول: حفيظا. و روي عن ابن عباس أنه قال: مقيتا يعني مقتدرا.
و منها: (الرازق) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (2).
و قال تعالى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اَللّهُ يَرْزُقُها وَ إِيّاكُمْ (3).
قال الحليمي: و معناه المفيض على عباده ما لم يجعل لأبدانهم قواما إلا به. و المنعم عليهم بإيصال حاجتهم من ذلك إليهم، لئلا ينغص عليهم لذة الحياة بتأخره عنهم، و لا يفقدوها أصلا لفقدهم إياه.
و منها: (الرزاق) : قال اللّه تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلرَّزّاقُ ذُو اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِينُ (4). و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الزاهد الأصبهاني، حدثنا أحمد بن مهران الأصبهاني، حدثنا عبد اللّه بن موسى، أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إني أنا الرزاق ذو القوة المتين.
قال الحليمي: و هو الرزاق رزقا بعد رزق، و المكثر الموسع له.8.
ص: 111
قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: الرزاق هو المتكفل بالرزق و القائم على كل نفس بما يقيمها من قوتها.
قال: و كل ما وصل منه إليه من مباح و غير مباح، فهو رزق اللّه، على معنى أنه قد جعله له قوتا و معاشا. قال اللّه (عز و جل) : وَ اَلنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ* رِزْقاً لِلْعِبادِ (1).
و قال: وَ فِي اَلسَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (2).
إلا أن الشيء إذا كان مأذونا له في تناوله، فهو حلال حكما. و ما كان منه غير مأذون له فيه، فهو حرام حكما. و جميع ذلك رزق على ما بيناه.
و منها: (الجبار) : في قول من جعل ذلك من جبر الكسر. أي المصلح لأحوال عباده، و الجابر لها (3)، و المخرج لهم مما يسوؤهم إلى ما يسرهم. و مما يضرهم إلى ما ينفعهم.
و منها: (الكفيل) : قال اللّه (عز و جل) : وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اَللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً (4).
و رويناه في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في الرجل الذي أسلف، قال: كفى باللّه كفيلا. و رويناه في خبر عبد العزيز بن الحصين.
قال الحليمي: و معناه المتقبل للكفايات، و ليس ذلك بعقد و كفالة، ككفالة الواحد من الناس. و إنما هو على معنى أنه لما خلق المحتاج و ألزمه1.
ص: 112
الحاجة، و قدر له البقاء الذي لا يكون إلا مع إزالة العلة و إقامة الكفاية، لم يخله من إيصال ما علق بقاؤه به إليه، و إدراره في الأوقات و الأحوال عليه.
و قد فعل ذلك ربنا (جل ثناؤه) إذ ليس في وسع مرتزق أن يرزق نفسه. و إنما اللّه (جل ثناؤه) يرزق الجماعة من الناس و الدواب و الأجنة في بطون أمهاتها، و الطير التي تغدو خماصا و تروح بطانا، و الهوام و الحشرات و السباع في الفلوات.
و منها: (الغياث) : قال النبي صلى اللّه عليه و سلم في خبر الاستسقاء: «اللهم أغثنا اللهم أغثنا» (1). و رويناه في خبر الأسامي المغيث بدل المقيت في إحدى الروايتين.
قال الحليمي: الغياث هو المغيث. و أكثر ما يقال: غياث المستغيثين.
و معناه المدرك عباده في الشدائد إذا دعوه و مريحهم و مخلصهم.
و منها: (المجيب) : قال اللّه (عز و جل) : قَرِيبٌ مُجِيبٌ (2). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و أكثر ما يدعى بهذا الاسم مع القريب، فيقال: القريب المجيب، أو يقال: مجيب الدعاء، و مجيب دعوة المضطرين. و معناه الذي ينيل سائله ما يريد، لا يقدر على ذلك غيره.
و منها: (الوالي) : قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْوَلِيُّ اَلْحَمِيدُ (3).
و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: الولي هو الوالي. و معناه مالك التدبير. و لهذا يقال للقيم على اليتيم: ولي اليتيم. و للأمير: الوالي.8.
ص: 113
قال أبو سليمان: و الولي أيضا الناصر ينصر عباده المؤمنين. قال اللّه (عز و جل) : اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ (1).
و قال (جل و علا) ذلِكَ بِأَنَّ اَللّهَ مَوْلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ أَنَّ اَلْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ (2). المعنى: لا ناصر لهم.
و منها: (الوالى) : و هو في خبر الأسامي.
قال أبو سليمان: الوالي هو المالك للأشياء و المتولي لها، و المتصرف فيها، يصرفها كيف يشاء، ينفذ فيها أمره، و يجري عليها حكمه. و قد يكون الوالي بمعنى المنعم عودا على بدء.
و منها: (المولى) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اِعْتَصِمُوا بِاللّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ اَلْمَوْلى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ (3). و ذكرناه في رواية عبد العزيز بن الحصين.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر الأصبهاني، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي اللّه عنه، قال: استعمل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على رماة الناس يوم أحد عبد اللّه بن جبير، و كانوا خمسين رجلا، و قال لهم: «كونوا مكانكم لا تبرحوا، و إن رأيتم الطير تخطفنا» . قال البراء رضي اللّه عنه: فأنا و اللّه رأيت النساء باديات خلاخيلهن، قد استرخت ثيابهن يصعدن الجبل-يعني حين انهزم الكفار-قال: فلما كان من الأمر ما كان و الناس يغيرون مضوا، فقال عبد اللّه ابن جبير أميرهم: كيف تصنعون بقول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ فمضوا. فكان الذي كان. فلما كان الليل، جاء أبو سفيان بن حرب فقال: أ فيكم محمد؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لا تجيبوه.
ثم قال: أ فيكم محمد؟ فلم يجيبوه. ثم قال: أ فيكم محمد؟ الثالثة. فلم يجيبوه. فقال: أ فيكم ابن أبي قحافة؟ فلم يجيبوه. قالها ثلاثا.8.
ص: 114
ثم قال: أ فيكم ابن الخطاب؟ قالها ثلاثا. فلم يجيبوه. فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه، فقال: كذبت يا عدو اللّه، ها هو ذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أبو بكر، و أنا أحياء. و لك منا يوم سوء.
فقال: يوم بيوم بدر، و الحرب سجال. و قال: أعل هبل. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أجيبوه.
قالوا: يا رسول اللّه، و ما نقول؟
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قولوا: اللّه أعلى و أجل.
فقال: لنا العزى و لا عزى لكم.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أجيبوه.
فقالوا: يا رسول اللّه و ما نقول؟
قال صلى اللّه عليه و سلم: قولوا: اللّه مولانا و لا مولى لكم.
ثم قال أبو سفيان: إنكم سترون في القوم مثلة لم آمر بها. ثم قال: و لم تسؤني. أخرجه البخاري في الصحيح، عن عمرو بن خالد، عن زهير بن معاوية (1).
قال الحليمي في معنى المولى: إنه المأمول منه النصر و المعونة، لأنه هو المالك، و لا مفزع للملوك إلا مالكه.
و منها: (الحافظ) : قال الحليمي: و معناه: الصائن عبده عن أسباب الهلكة في أمور دينه و دنياه.
قال: و جاء في القرآن: فَاللّهُ خَيْرٌ حافِظاً (2).
و قد قرئ: «خير حفظا» . و جاء بِما حَفِظَ اَللّهُ (3)و من حفظ، فهو4.
ص: 115
حافظ. و قال (جل و علا) : إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ (1).
أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، أنا عبد اللّه بن إسحاق أبو محمد، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور أبو سعيد، حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد اللّه بن عمر، حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: إذا آوى أحدكم إلى فراشه، فلينزع داخلة إزاره، فلينفض بها فراشه، ثم ليتوسد يمينه و يقول: «باسمك ربي وضعت جنبي و بك أرفعه. اللهم إن أمسكتها فارحمها. و إن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» . أخرجه البخاري في الصحيح من حديث مالك عن سعيد، ثم قال:
و تابعه يحيى (2).
و منها: (الحفيظ) : قال اللّه (عز و جل) : وَ رَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (3). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه الموثوق منه بترك التضييع.
و قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: الحفيظ هو الحافظ. فعيل بمعنى فاعل، كالقدير و العليم (4)يحفظ السموات و الأرض و ما فيهما، لتبقى مدة بقائها، فلا تزول، و لا تدثر. قال اللّه (عز و جل) : وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما (5).
و قال (جل و علا) : وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (6)أي حفظناها حفظا. و هو الذي يحفظ عباده عن المهالك و المعاطب، و يقيهم مصارع الشر.7.
ص: 116
قال اللّه (عز و جل) : لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اَللّهِ (1).
أي بأمره. و يحفظ على الخلق أعمالهم، و يحصي عليهم أقوالهم، و يعلم نياتهم و ما تكن صدورهم. فلا تغيب عنه غائبة، و لا تخفى عليه خافية، و يحفظ أولياءه فيعصمهم عن مواقعة الذنوب، و يحرسهم عن مكايد الشيطان، ليسلموا من شره و فتنته.
و منها: (الناصر) : قال اللّه (عز و جل) : إِنْ يَنْصُرْكُمُ اَللّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ (2).
قال الحليمي: و هو الميسر للغلبة.
و منها: (النصير) : قال اللّه (عز و جل) : فَنِعْمَ اَلْمَوْلى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ (3).
و هو في خبر الأسامي رواية عبد العزيز بن الحصين: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور الدهان، حدثنا أبو حامد بن بلال البزاز، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا أبو قتيبة، حدثنا المثنى ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي الوراق، حدثنا عمرو بن العباس، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها. فإن اللّه تعالى يقول: وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ لِذِكْرِي (4).
و كان صلى اللّه عليه و سلم إذا غزا قال: «اللهم أنت عضدي، و أنت نصيري و بك4.
ص: 117
أقاتل» (1). لفظ حديث عبد الرحمن. و في رواية أبي قتيبة، قال: فكان النبي صلى اللّه عليه و سلم إذا غزا قال: «أنت عضدي، و أنت ناصري، و بك أقاتل» .
قال الحليمي في معنى النصير: إنه الموثوق منه بأن لا يسلم وليه و لا يخذله.
و منها: (الشاكر و الشكور) : قال اللّه (عز و جل) : وَ كانَ اَللّهُ شاكِراً عَلِيماً (2).
و قال: إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (3).
و روينا لفظ الشاكر في حديث عبد العزيز بن الحصين.
و روينا لفظ الشكور في رواية الوليد بن مسلم.
قال الحليمي: الشاكر معناه المادح لمن يطيعه و المثني عليه، و المثيب له بطاعته فضلا من نعمته.
قال: و الشكور و هو الذي يدوم شكره، و يعم كل مطيع و كل صغير من الطاعة، أو كبير. و ذكره أبو سليمان فيما أخبرت عنه بمعناه، فقال: الشكور هو الذي يشكر اليسير من الطاعة، فيثيب عليه الكثير من الثواب، و يعطي الجزيل من النعمة، فيرضى باليسير من الشكر.
قال: و قد يحتمل أن يكون معنى الثناء على اللّه (عز و جل) بالشكور ترغيب الخلق في الطاعة قلّت أو كثرت لئلا يستقلوا القليل من العمل، فلا يتركوا اليسير من جملته إذا أعوزهم الكثير منه.4.
ص: 118
و منها: (البر) قال اللّه (عز و جل) : إِنَّهُ هُوَ اَلْبَرُّ اَلرَّحِيمُ (1). و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و معناه الرفيق بعباده، يريد بهم اليسر، و لا يريد بهم العسر، و يعفو عن كثير من سيئاتهم، و لا يؤاخذهم بجميع جناياتهم، و يجزيهم بالحسنة عشر أمثالها، و لا يجزيهم بالسيئة إلا مثلها. و يكتب لهم ألهم بالحسنة و لا يكتب عليهم ألهم بالسيئة. و الولد البر بأبيه هو الرفيق به، المتحري لمحابه، المتوقي لمكارهه.
قال أبو سليمان: البر هو العطوف على عباده، المحسن إليهم، عم بره جميع خلقه، فلم يبخل عليهم برزقه.
و هو البر بأوليائه إذ خصهم بولايته و اصطفاهم لعبادته.
و هو البر بالمحسن في مضاعفة الثواب له. و البر بالمسيء في الصفح و التجاوز عنه.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: «هو البر» ، يقول: اللطيف.
حدثنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي ببغداد-إملاء- أنا أبو القاسم، عبد اللّه بن إبراهيم بن بابويه المزكي ح.
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر، محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السليمي، حدثنا عبد الرزاق، أنا عمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال اللّه (عز و جل) : «إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة، فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعملها. فإذا عملها، فأنا أكتبها له بعشر أمثالها. و إذا تحدث بأن يعمل8.
ص: 119
سيئة، فأنا أغفرها ما لم يعملها. فإذا عملها، فأنا أكتبها له بمثلها» . رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق (1).
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا أحسن أحدكم إسلامه، فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. و كل سيئة يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى اللّه (عز و جل) (2). قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
قالت الملائكة: يا رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة-و هو أبصر به- فقال: ارقبوه، فإن عملها، فاكتبوها له بمثلها. و إن تركها فاكتبوها له حسنة، إنه تركها من جرائي (3). رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثني أبو جعفر، محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، حدثنا يحيى بن يحيى. أنا جعفر بن سليمان ح.
و أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري، أنا جدي يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن الجعد أبي عثمان، عن أبي رجاء العطاردي، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فيما يروي عن ربه (عز و جل) : إن ربكم رحيم. من همّ بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة. و إن عملها، كتبت عشر أمثالها، إلىه.
ص: 120
سبعمائة، إلى أضعاف كثيرة. و من همّ بسيئة فلم يعملها، كتبت له حسنة. فإن عملها، كتبت له واحدة أو محاها اللّه (عز و جل) . و لا يهلك على اللّه إلا هالك (1).
رواه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى.
قال الحليمي: و قد قيل: إن البر في صفات اللّه (تعالى) هو الصادق من قولهم: بر في يمينه. و أبرها إذا صدق فيها أو صدقها.
و منها: فالق الحب و النوى: قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ فالِقُ اَلْحَبِّ وَ اَلنَّوى (2).
قال الحليمي: يصونهما في الأرض عن العفن و الفساد، و يهيئهما للنشور و النمو، ثم يشقهما للإنبات. و يخرج من الحب الزرع، و من النوى الشجر، لا يقدر على ذلك غيره. و قد روينا هذا الاسم في حديث سهل بن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
و منها: (المتكبر) : قال اللّه (جل ثناؤه) : اَلْعَزِيزُ اَلْجَبّارُ اَلْمُتَكَبِّرُ (3).
و رويناه في خبر الأسامي و غيره.
قال الحليمي: هو المكلم عباده وحيا، و على ألسنة الرسل. يعني في الدنيا، قال اللّه تعالى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ (4).
و قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: المتكبر هو المتعالي عن صفات الخلق.
و يقال: هو الذي يتكبر على عتاة خلقه إذا نازعوه العظمة، فيقصمهم. و التاء في المتكبر تاء التفرد، و التخصيص بالكبر، لا تاء التعاطي و التكلف. و الكبر1.
ص: 121
لا يليق بأحد من المخلوقين. و إنما سمة العبيد و الخشوع (1)و التذلل. و قد روى:
الكبرياء رداء اللّه تعالى. فمن نازعه رداءه، قصمه (2).
و قيل: إن المتكبر من الكبرياء الذي هو عظمة اللّه تعالى، لا من الكبر الذي هو مذموم عند الخلق.
أخبرنا أبو أحمد، عبد اللّه بن محمد بن الحسن المهرجاني، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا يحيى بن يحيى بن يحيى، حدثنا سهل بن بكار، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة و علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فيما يحكي عن ربه (عز و جل) ، قال:
الكبرياء ردائي، فمن نازعني ردائي، قصمته.
قوله: «الكبرياء ردائي» يريد صفتي. يقال: فلان شعاره الزهد و رداؤه الورع، أي نعته و صفته.
و منها: (الرب) : قال اللّه (عز و جل) : اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الحسن بن منصور، حدثنا هارون بن يوسف، حدثنا بن أبي عمر، حدثنا عبد العزيز الدراوردي ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو منصور محمد بن القاسم العتكي، حدثنا إسماعيل بن قتيبة، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا محمد بن إدريس الشافعي المطلبي رضي اللّه عنه حدثنا عبد العزيز الدراوردي، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: ذاق طعم الإيمان من رضي باللّه ربا و بالإسلام دينا، و بمحمد صلى اللّه عليه و سلم نبيّا (4). رواه مسلم في الصحيح، عن ابن أبي عمر و غيره.ن-
ص: 122
قال الحليمي في معنى الرب: هو المبلغ كل ما أبدع حد كماله الذي قدره له، فهو يسل النطفة من الصلب، ثم يجعلها علقة، ثم العلقة مضغة، ثم يخلق المضغة عظاما، ثم يكسو العظم لحما، ثم يخلق في البدن الروح، و يخرجه خلقا آخر. و هو صغير ضعيف، فلا يزال ينميه و ينشيه حتى يجعله رجلا، و يكون في بدء أمره شابا، ثم يجعله كهلا، ثم شيخا. و هكذا كل شيء خلقه. فهو القائم عليه و المبلغ إياه الحد الذي وضعه له، و جعله نهاية و مقدارا له.
و قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: روى عن غير واحد من أهل التفسير في قوله (جل و علا) : اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (1). إن معنى الرب السيد.
و هذا يستقيم إذا جعلنا العالمين معناه المميزون دون الجماد، لأنه لا يصح أن يقال: سيد الشجر و الجبال و نحوها كما يقال: سيد الناس، و من هذا قوله:
اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ اَلنِّسْوَةِ اَللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ (2) . أي إلى سيدك.
و قيل: إن الرب المالك. و على هذا تستقيم الإضافة إلى العموم.
و ذهب كثير منهم إلى أن سم العالم يقع على جميع المكونات. و احتجوا بقوله سبحانه و تعالى: قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ اَلْعالَمِينَ* قالَ رَبُّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (3).
و منها: (المبدئ المعيد) : و قد رويناهما في خبر الأسامي.
قال أبو سليمان: المبدئ الذي أبدأ الإنسان. أي أبدأه مخترعا، فأوجده عن عدم. يقال: بدأ و أبدأ و ابتدأ بمعنى واحد. و المعيد الذي يعيد الخلق بعد4.
ص: 123
الحياة إلى الممات، ثم يعيدهم بعد الموت إلى الحياة، كقوله (عز و جل) :
وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (1) .
و كقوله (جل و علا) : هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ (2).
و منها: (المحيى المميت) : و قد رويناهما في خبر الأسامي.
قال الحليمي في معنى المحيى: إنه جاعل الخلق حيّا بإحداث الحياة فيه. و قال في معنى المميت: إنه جاعل الخلق ميتا بسلب الحياة و إحداث الموت فيه. و في القرآن: قُلِ اَللّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ (3).
و قال تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (4).
و قال (جل و علا) : أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ (5). قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه في معنى المحيي: هو الذي يحيي النطفة الميتة، فيخرج منها النسمة الحية، و يحيي الأجسام البالية بإعادة الأرواح إليها عند البعث، و يحيي القلوب بنور المعرفة، و يحيي الأرض بعد موتها بإنزال الغيث و إنبات الرزق.
و قال في معنى المميت: هو الذي يميت الأحياء، و يوهن بالموت قوة الأصحاء الأقوياء. يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6).
تمدح سبحانه بالإماتة كما تمدح بالإحياء، ليعلم أن مصدر الخير و الشر و النفع و الضر من قبله، و أنه لا شريك له في الملك. استأثر بالبقاء، و كتب على خلقه الفناء.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد اللّه بن أحمد2.
ص: 124
ابن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، قال: سمعت عبد اللّه بن الحرث يحدث عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه، قال: اللهم أنت خلقت نفسي و أنت توفّاها، لك محياها و مماتها. إن أحييتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. و إن أمتها فاغفر لها. اللهم إني أسألك العافية. فقال له رجل: أسمعت هذا من عمر رضي اللّه عنه قال: من خير من عمر، رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. رواه مسلم في الصحيح (1)، عن أبي بكر بن نافع و غيره، عن محمد بن جعفر، حدثنا أبو بكر، محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر الأصبهاني، حدثنا يونس بن حبيب. حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا وهيب بن خالد، حدثنا جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهم في قصة حج النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال فيه فرقى على الصفا حتى بدا له البيت و كبر ثلاثا و قال: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيى و يميت بيده الخير و هو على كل شيء قدير. و كذلك رواه حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد في إحدى الروايتين عنه ذكر فيه يحيى و يميت.
و منها: (الضار النافع) (2) : قال الحليمي في معنى الضار: إنه الناقص عبده مما جعل له إليه الحاجة. و قال في معنى النافع: إنه الساد للخلة أو الزائد على ما إليه الحاجة. و قد يجوز أن يدعى اللّه (جل ثناؤه) باسم النافع وحده، و لا يجوز أن يدعى بالضار وحده، حتى يجمع بين الاسمين كما قلت في الباسط و القابض. و هذان الاسمان قد ذكرناهما في خبر الأسامي.
قال أبو سليمان: و في اجتماع هذين الاسمين وصف للّه تعالى بالقدرة على نفع من يشاء و ضر من يشاء. و ذلك أن من لم يكن على النفع و الضر قادرا، لم يكن مرجوا و لا مخوفا.ت.
ص: 125
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عباس بن عبد اللّه الترقفي، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا نافع بن يزيد و ابن لهيعة، و كهمس بن الحسن، و همام، عن قيس بن الحجاج، عن حنش، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: كنت رديف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يا غلام، أو يا بني، ألا أعلمك كلمات ينفعك اللّه بهن، قلت: بلى. قال: احفظ اللّه يحفظك. احفظ اللّه تجده أمامك. تعرف إلى اللّه في الرخاء يعرفك في الشدة. إذا سألت فاسأل اللّه (تعالى) . و إذا استعنت فاستعن باللّه (عز و جل) ، قد جف القلم بما هو كائن. فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه اللّه لك، لم يقدروا عليه. و إن أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه اللّه عليك، لم يقدروا عليه. و اعمل للّه بالشكر في اليقين. و اعلم أن الصبر على ما تكره خير كثير، و أن النصر مع الصبر، و أن الفرج مع الكرب، و أن مع العسر يسرا (1).
و منها: (الوهّاب) : قال اللّه (عز و جل) فيما يقوله الراسخون في العلم: وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ (2).
و قال (جل و علا) : اَلْعَزِيزِ اَلْوَهّابِ (3).
و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، عن عبد اللّه بن وليد، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة رضي اللّه عنهما، قالت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان إذا استيقظ من الليل، قال: لا إله إلا أنت سبحانك.9.
ص: 126
اللهم إني أستغفرك لذنبي و أسألك برحمتك. اللهم زدني علما و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (1).
قال الحليمي في معنى الوهاب: إنه المتفضل بالعطايا، المنعم بها، لا عن استحقاق عليه.
و قال أبو سليمان: لا يستحق أن يسمى وهابا إلا من تصرفت مواهبه في أنواع العطايا، فكثرت نوافله و دامت. و المخلوقون إنما يملكون أن يهبوا مالا و نوالا في حال دون حال. و لا يملكون أن يهبوا شفاء لسقيم، و لا ولدا لعقيم، و لا هدى لضال، و لا عافية لذي بلاء. و اللّه الوهاب (سبحانه) يملك جميع ذلك. وسع الخلق جوده و رحمته. فدامت مواهبه، و اتصلت مننه و عوائده.
و منها: (المعطي و المانع) : أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ، و أبو صادق محمد بن أحمد العطار، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن ابن علي بن عفان، حدثنا أسباط بن محمد، عن عبد الملك بن عمير، عن رواد، عن المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول في دبر صلاته: «لا إله إلا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت، و لا ينفع ذا الجد منك الجد» . أخرجاه في الصحيح عن حديث عبد الملك بن عمير و غيره (2).
قال الحليمي: فالمعطي هو الممكن من نعمه. و المانع هو الحائل دون نعمه. قال: و لا يدعى اللّه (عز و جل) باسم المانع حتى يقال عمه: المعطي.
كما قلت في الضار و النافع.ه.
ص: 127
قال أبو سليمان: فهو يملك المنع و العطاء. و ليس منعه بخلا منه، لكن منعه حكمة و عطاؤه جود و رحمة.
و قيل: المانع هو الناصر. أي الذي يمنع أولياءه. أي يحوطهم و ينصرهم على عدوهم. و يقال: في منعة قومه. أي في جماعة تمنعه و تحوطه.
قلت: و على هذا المعنى يجوز أن يدعى به دون اسم المعطي. و قد ذكرنا في خبر الأسامي المانع دون اسم المعطي. و بعضهم قال: الدافع بدل المانع.
و ذلك يؤكد هذا المعنى في المانع. و اللّه أعلم.
و منها: (الخافض و الرافع) : و هذان الاسمان قد ذكرناها في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و لا ينبغي أن يفرد الخافض عن الرافع في الدعاء.
فالخافض هو الواضع من الأقدار. و الرافع المعلي للأقدار.
أخبرنا أبو إسحاق سهل بن سهل المهراني، حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق الضبعي، حدثنا أحمد بن عثمان النسوي، حدثنا هشام: هو ابن عمار، حدثنا الوزير بن صبيح، حدثنا يونس بن ميسرة بن حلبس، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء رضي اللّه عنهما، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في قول اللّه (تبارك و تعالى) : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (1). قال: من شأنه أن يغفر ذنبا، و يفرج كربا، و يرفع قوما، و يضع آخرين (2).
و منها: (الرقيب) : قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (3).
و رويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي: و هو الذي لا يغفل عما خلق، فيلحقه نقص أو يدخل عليه خلل من قبل غفلته عنه.1.
ص: 128
و قال الزجاج: الرقيب الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء. و منه قول اللّه (سبحانه و تعالى) : ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (1).
و منها: (التواب) : قال اللّه (عز و جل) : وَ أَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلتَّوّابُ اَلرَّحِيمُ (2). و رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا مالك بن مغول، قال:
سمعت محمد بن سوقة يذكر عن نافع، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال: إن كنا لنعد لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في مجلس يقول: «رب اغفر لي و تب علي إنك أنت التواب الرحيم» مائة مرة.
قال الحليمي: و هو المعيد إلى عبده فضل رحمته إذا هو رجع إلى طاعته و ندم على معصيته. فلا يحبط ما قدم من خير و لا يمنعه ما وعد المطيعين من الإحسان.
قال أبو سليمان: التواب هو الذي يتوب على عباده، فيقبل توبتهم كلما تكررت التوبة، تكرر القبول. و هو يكون لازما و يكون متعدّيا بحرف. يقال:
تاب اللّه على العبد بمعنى وفقه للتوبة، فتاب العبد، كقوله: ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا (3).
و معنى التوبة عود العبد إلى الطاعة بعد المعصية.
و منها: (الديان) : قال الحليمي: أخذ من مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ (4)، و هو الحاسب و المجازي، و لا يضيع عملا، و لكنه يجزي بالخير خيرا و بالشر شرا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن أحمد المحبوبي3.
ص: 129
-بمرو-حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أنا همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: بلغني حديث عن رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سمعه من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في القصاص لم أسمعه، فابتعت بعيرا فشددت عليه رحلي، ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت مصر، فأتيت عبد اللّه بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب. فقال: ابن عبد اللّه؟ قلت: نعم. فأتاه، فأخبره. فقام يطأ ثوبه حتى خرج إليّ فاعتنقني و اعتنقته. فقلت له حديث بلغني عنك سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم أسمعه في القصاص، فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه. فقال عبد اللّه رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: يحشر اللّه تعالى العباد-أو قال: الناس- عراة بهما. قال: قلنا: ما بهما؟ قال: ليس معهم شيء. ثم يناديهم. فذكر كلمة أراد بها نداء يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، و لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار عنده مظلمة حتى أقصه منه، حتى اللطمة، قال: قلنا: كيف؟ و إنما نأتي اللّه غرلا بهما؟ قال: بالحسنات و السيئات. قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم (1).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا، إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «البر لا يبلى، و الإثم لا ينسى، و الديان لا يموت، فكن كما شئت، كما تدين تدان» (2)هذا مرسل.
و منها: (الوفي) : قال الحليمي: أي الموفي من قوله (عز و جل) : فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ (3). و قوله: أُوفِ بِعَهْدِكُمْ (4).0.
ص: 130
و معناه: لا يعجزه جزاء الحسنين، و لا يمنعه مانع من بلوغ تمامه، و لا تلجئه ضرورة إلى النقص من مقداره.
و منها: (الودود) : قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلْوَدُودُ (1).
و رويناه في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في الدعاء بعد ركعتي الفجر «إنك رحيم ودود» (2).
قال الحليمي: قد قيل: هو الواد لأهل طاعته. أي الراضي عنهم بأعمالهم، و المحسن إليهم لأجلها، و المادح لهم بها.
قال أبو سليمان: و قد يكون معناه أن يوددهم إلى خلقه، كقوله تعالى:
إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمنُ وُدًّا (3) .
قال الحليمي: و قد قيل: هو المودود لكثرة إحسانه، أي المستحق لأن يود فيعبد و يحمد.
قال أبو سليمان: فهو فعول في محل مفعول، كما قيل: رجل هيوب، بمعنى مهيب. و فرس ركوب بمعنى مركوب.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان الدارمي، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قوله: الودود، يقول: الرحيم. و قال في موضع آخر: من تفسير الودود: الحبيب.
و منها: (العدل) (4) : و هو في خبر الأسامي مذكور. قال الحليمي: و معناه:
لا يحكم إلا بالحق، و لا يقول إلا الحق، و لا يفعل إلا الحق.ن-
ص: 131
و منها: (الحكم) : و هو في خبر الأسامي مذكور و في كتاب اللّه (عز و جل) : حَتّى يَحْكُمَ اَللّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ اَلْحاكِمِينَ (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن شريح بن هانئ، قال: حدثني أبي هانئ بن يزيد أنه وفد إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فسمعه النبي صلى اللّه عليه و سلم يكنونه بأبي الحكم، فقال: إن اللّه (تعالى) هو الحكم، لم تكنى بأبي الحكم؟ قال: إن قومي إذا اختلفوا حكمت بينهم. فرضي الفريقان. قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: هل لك ولد؟ قال: شريح، و عبد اللّه و مسلم بنو هانئ. قال: فمن أكبرهم؟ قال: شريح. قال: أنت أبو شريح. فدعا له و لولده.
قال الحليمي: و هو الذي إليه الحكم. و أصل الحكم منع الفساد.
و شرائع اللّه تعالى كلها استصلاح للعباد. قال أبو سليمان: و قيل للحاكم:
«حاكم» لمنعه الناس عن التظالم، و ردعه إياهم. يقال: حكمت الرجل عن الفساد إذا منعته منه. و كذلك أحكمت-بالألف-و من هذا قيل: حكمة اللجام. و ذلك لمنعها الدابة من التمرد و الذهاب في غير جهة القصد.
و منها: (المقسط) : و هو في خبر الأسامي مذكور.
قال الحليمي: و هو المنيل عباده القسط من نفسه، و هو العدل. و قد يكون الجاعل لكل منهم قسطا من خيره.
أخبرنا أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أبو7.
ص: 132
اليمان، قال: أخبرني شعيب، عن الزهري، قال: يعقوب. و حدثنا حجاج، هو ابن أبي منيع، حدثنا جدي، عن الزهري، حدثني أبو إدريس عائذ اللّه بن عبد اللّه الخولاني، أنه أخبره يزيد بن عميرة صاحب معاذ، أن معاذا رضي اللّه عنه كان يقول كلما جلس لذكر اللّه: «حكم عدل» .
و قال أبو اليمان في رواية: «اللّه حكم قسط تبارك اسمه، هلك المرتابون» . و ذكر الحديث.
و منها: (الصادق) (1) : و هو في خبر عبد العزيز بن الحصين مذكور. و في كتاب اللّه (عز و جل) : وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اَللّهِ قِيلاً (2).
و قوله: اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ (3).
قال الحليمي: خاطب اللّه تعالى عباده، و أخبرهم بما يرضيه عنهم و يسخطه عليهم، و بما لهم من الثواب عنده، إذا أرضوه، و العقاب لديه إذا أسخطوه، فصدقهم و لم يعزرهم، و لم يلبس عليهم.
و منها: (النور) : قال اللّه (عز و جل) : اَللّهُ نُورُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (4).
و رويناه في خبر الأسامي و غيره.
قال الحليمي: و هو الهادي، لا يعلم العباد إلا ما علمهم، و لا يدركون إلا ما يسر لهم إدراكه، فالحواس و العقل فطرته، و خلقه، و عطيته.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان الدارمي، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قوله: اَللّهُ نُورُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (5).5.
ص: 133
يقول اللّه (سبحانه و تعالى) هادي أهل السموات و الأرض: «مثل نوره» مثل هداه في قلب المؤمن كما يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار. فإذا مسته النار، ازداد ضوءا على ضوء. كذلك يكون قلب المؤمن يعمل الهدى قبل أن يأتيه العلم. فإذا أتاه العلم، ازداد هدى على هدى، و نورا على نور.
و قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: و لا يجوز أن يتوهم أن اللّه (سبحانه و تعالى) نور من الأنوار. فإن النور تضاده الظلمة و تعاقبه فتزيله، و تعالى اللّه أن يكون له ضد أو ند.
و منها: (الرشيد) : قال الحليمي: و هو المرشد. و هذا مما يؤثر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم يعني في خبر الأسامي. و معناه: الدال على المصالح و الداعي إليها. و هذا من قوله (عز و جل) : وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً (1).
فإن مهيئ الرشد مرشد. و قال تعالى: وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً (2).
فكان ذلك دليلا على أن من هداه، فهو وليه و مرشده.
و منها: (الهادي) : قال اللّه (عز و جل) : وَ إِنَّ اَللّهَ لَهادِ اَلَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (3)، و هو في خبر الأسامي مذكور.
قال الحليمي: و هو الدال على سبيل النجاة و المبين لها، لئلا يزيغ العبد و يضل، فيقع فيما يرديه و يهلكه.
قال أبو سليمان فيما أخبرت عنه: هو الذي من بهداه على من أراد من عباده، فخصه بهدايته و أكرمه بنور توحيده. كقوله تعالى: وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (4).5.
ص: 134
و هو الذي هدى سائر الخلق من الحيوان إلى مصالحها، و ألهمها كيف تطلب الرزق، و كيف تتقي المضار و المهالك، كقوله (عز و جل) اَلَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو القاسم، سليمان ابن أحمد الطبراني، حدثنا عبيد بن غنام، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع ح.
قال: و أخبرنا أبو القاسم، حدثنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا حبان بن موسى، حدثنا ابن المبارك، جميعا عن سفيان، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي اللّه عنه قال: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم في خطبته يحمد اللّه (تعالى) و يثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: «من يهده اللّه فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له. أصدق الحديث كتاب اللّه تعالى. و أحسن الهدى هدى محمد. و شر الأمور محدثاتها. و كل محدثة بدعة. و كل بدعة ضلالة. و كل ضلالة في النار» (2). ثم يقول صلى اللّه عليه و سلم: «بعثت أنا و الساعة كهاتين» (3).
و كان صلى اللّه عليه و سلم إذا ذكر الساعة احمرت وجنتاه، و علا صوته، و اشتد غضبه، كأنه نذير جيش صبحتكم أمستكم. ثم يقول صلى اللّه عليه و سلم: «من ترك مالا فلأهله.
و من ترك دينا أو ضياعا فإليّ و عليّ، و أنا ولي المؤمنين» . رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة (4).ه.
ص: 135
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا قراد أبو نوح، حدثنا عكرمة بن عمار ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا ابن المثنى، حدثنا عمر بن موسى، حدثنا عكرمة، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، قال: سألت عائشة رضي اللّه عنها: بأي شيء كان نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل كان يفتتح صلاته ب «اللهم رب جبريل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السموات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (1)» . لفظ حديث الروذباري. و في رواية قراد، قال: إذا قام، كبر، يقول، و الباقي بمعناه. رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن المثنى و غيره.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (2).
و قوله: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى اَلْهُدى (3).
و قوله: وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً (4).
و قوله: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (5).1.
ص: 136
و قوله: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّ بِإِذْنِ اَللّهِ (1).
و قوله: وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها (2).
و قوله: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً (3).
و قوله: إِنّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً (4).
و قوله: مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا (5).
و قوله: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ اَلْمَوْتى (6).
و قوله: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (7).
و قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ (8).
و نحو هذا من القرآن.
قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يحرص أن يؤمن جميع الناس و يبايعوه على الهدى. فأخبره اللّه تعالى أنه لا يؤمن إلا من سبقت له من اللّه السعادة في الذكر الأول. و لا يضل إلا من سبقت له من اللّه الشقاوة في الذكر الأول.
ثم قال لنبيه صلى اللّه عليه و سلم: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ* إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلسَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (9).
و قال (عز و جل) ما يَفْتَحِ اَللّهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَ ما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ (10).2.
ص: 137
و قوله: لَيْسَ لَكَ مِنَ اَلْأَمْرِ شَيْءٌ (1).
و قوله: وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ اَلْمَلائِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ اَلْمَوْتى وَ حَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً (2).
يعني معانيه. وَ ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا و هم أهل الشقاء ثم قال: إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ ، و هم أهل السعادة الذين سبق لهم في علمه أن يدخلوا في الإيمان. و بهذا الإسناد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى (3).
يقول: خلق اللّه لكل شيء روحه، ثم هداه لمنكحه، و مطعمه، و مشربه، و مسكنه، و مولده.
و منها: (الحنان) : قال الحليمي: و هو الواسع الرحمة. و قد يكون المبالغ في إكرام أهل طاعته إذا وافوا دار القرار، لأن من حن من الناس إلى غيره، أكرمه عند لقائه، و كلف به عند قدومه.
قلت: و هو في خبر عبد العزيز بن الحصين مذكور.
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو عثمان، عمرو بن عبد اللّه البصري، حدثنا أبو أحمد بن محمد بن عبد الوهاب، حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل، حدثنا سلام ابن مسكين حدثنا أبو ظلال، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إن رجلا في النار ينادي ألف سنة. يا حنان يا منان. فيقول اللّه (عز و جل) لجبريل عليه السلام: اذهب فأتني بعبدي هذا، فذهب جبريل عليه السلام فوجد أهل النار منكبين يبكون. قال: فرجع فأخبر ربه، قال: اذهب إليه فائتني به، فإنه في مكان كذا و كذا. قال: فذهب فجاء به. قال: يا عبدي كيف وجدت مكانك و مقيلك؟ قال: يا رب شر مكان و شر مقيل.0.
ص: 138
قال: ردوا عبدي. قال: ما كنت أرجو أن تعيدني إليها بعد إذ أخرجتني منها.
قال اللّه تعالى لملائكته: دعوا عبدي (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو بكر، محمد بن عبد اللّه الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا (2).
قال: التعطف بالرحمة.
قال أبو سليمان الخطابي فيما أخبرت عنه: الحنان معناه ذو الرحمة و العطف. و الحنان مخفف الرحمة.
قلت: و في كتاب الغريبين، عن أبي عبيد الهروي، قال: قال ابن الأعرابي: الحنان من صفات اللّه الرحيم. و الحنان مخفف العطف و الرحمة و الرزق و البركة.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو عمر، محمد بن عبد الواحد الزاهد غلام ثعلبة-أو ثعلب-في كتاب ياقوتة السراط الذي يروي أكثره عن ثعلب، عن ابن الأعرابي في قوله (عز و جل) : لَقَدْ مَنَّ اَللّهُ أي تفضل اللّه عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ (3)المصدقين. و المنان المتفضل. و الحنان الرحيم. و قال في قوله تعالى: وَ حَناناً مِنْ لَدُنّا (4)، أخبرنا ثعلب عن ابن الأعرابي، عن المفضل، قال: الحنان الرحمة، و الحنان الرزق، و الحنان البركة، و الحنان الهيبة.
و منها: (الجامع) : و هو في خبر الأسامي مذكور، و في القرآن: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ اَلنّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ (5).9.
ص: 139
قال الحليمي: و معناه الضام لأشتات الدارسين من الأموات. و ذلك يوم القيامة، و ذكره أبو سليمان بمعناه، قال: و يقال: الجامع الذي جمع الفضائل، و حوى المكارم و المآثر.
و منها: (الباعث) : و هو في خبر الأسامي مذكور. و في القرآن: وَ أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ (1).
و قال الحليمي: يبعث من في القبور أحياء، ليحاسبهم و يجزيهم بأعمالهم.
قال أبو سليمان: يبعث الخلق بعد الموت. أي يحييهم، فيحشرهم للحساب لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (2).
قال: و يقال: هو الذي يبعث عباده عند السقطة، و يبعثهم بعد الصرعة.
و منها: المقدم و المؤخر: و هما في خبر الأسامي مذكوران.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الملك بن الصباح، حدثنا شعبة، عن أبي اسحاق، عن ابن أبي موسى، عن أبيه، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يدعو بهذا الدعاء: «اللهم اغفر لي خطيئتي و جهلي، و إسرافي في أمري، و ما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي خطاياي و عمدي و جهلي و جدي و هزلي، و كل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت، و ما أسررت، و ما أعلنت، أنت المقدم و أنت المؤخر، و أنت على كل شيء قدير» .
رواه البخاري و مسلم في الصحيح عن محمد بن بشار (3).0.
ص: 140
قال الحليمي: المقدم هو المعطي لعوالي الرتب و المؤخر هو الدافع عن عوالي الرتب.
و قال أبو سليمان: هو المنزل للأشياء منازلها. يقدم ما شاء منها، و يؤخر ما شاء. قدّم المقادير قبل أن يخلق الخلق، و قدّم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده. و رفع الخلق بعضهم فوق بعض درجات. و قدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين. و أخر من شاء عن مراتبهم، و ثبطهم عنها، و أخر الشيء عن حين توقعه لعلمه بما في عواقبه من الحكمة، لا مقدم لما أخر و لا مؤخر لما قدم.
قال: و الجمع بين هذين الاسمين أحسن من التفرقة.
أخبرنا أبو علي الروذباري و أبو عبد اللّه الحسين بن عمر بن برهان، و أبو الحسين بن الفضل القطان، و غيرهم، قالوا: أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن علية، عن يزيد، يعني الرشك عن مطرف بن عبد اللّه بن الشخير، عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه قال: قال رجل: يا رسول اللّه. اعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال صلى اللّه عليه و سلم: نعم. قال:
ففيم يعمل العاملون؟ قال صلى اللّه عليه و سلم: اعملوا فكل ميسر لما خلق له (1). أو كما قال.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن حموية حدثنا جعفر بن محمد، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا يزيد الرشك. قال: سمعت مطرف بن عبد اللّه بن الشخير يحدث عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه، قال: قال رجل: يا رسول اللّه: أ يعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم. قال: فلم يعمل العاملون؟ قال: كل يعمل لما خلق له، أو لما يسر له. رواه البخاري في .
ص: 141
الصحيح، عن آدم بن أبي إياس. و رواه مسلم عن أبي نمير، عن ابن علية (1).
و منها: (المعز المذل) : و قد رويناهما في خبر الأسامي، و في كتاب اللّه (عز و جل) : وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ (2).
قال الحليمي: المعز هو الميسر أسباب المنعة. و المذل هو المعرض للهوان و الضعة. و لا ينبغي أن يدعى اللّه (جل ثناؤه) بالمؤخر إلا مع المقدم، و لا بالمذل إلا مع المعز. و لا بالميت إلا مع المحيي، كما قلنا في المانع و المعطي و القابض و الباسط.
قال أبو سليمان: أعز بالطاعة أولياءه، و أظهرهم على أعدائهم في الدنيا، و أحلهم دار الكرامة في العقبى، و أذل أهل الكفر في الدنيا بأن ضربهم بالرق و بالجزية و الصغار. و في الآخرة بالعقوبة و الخلود في النار.
و منها: (الوكيل) (3) : و في كتاب اللّه (عز و جل) : وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً (4). وَ قالُوا حَسْبُنَا اَللّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ (5). و قد رويناه في خبر الأسامي.
و أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا أبو علي، إسماعيل بن محمد ابن الصفار، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا أبو بكر بن عياش. عن أبي حصين، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، قال: كان آخر كلام إبراهيم (عليه السلام) حين ألقي في النار: حسبنا اللّه و نعم الوكيل.
قال: و قال نبيكم صلى اللّه عليه و سلم مثلها: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا و قالوا حسبنا اللّه و نعم الوكيل) .3.
ص: 142
رواه البخاري في الصحيح، عن أحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش (1).
قال الحليمي: الوكيل هو الموكول و المفوض إليه علما بأن الخلق و الأمر له، لا يملك أحد من دونه شيئا.
و أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا محمد بن الجهم-صاحب الفراء-قال: قال الفراء: قوله أَلاّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (2). يقال: ربا، و يقال: كافيا.
قال أبو سليمان: و يقال: معناه أنه الكفيل بأرزاق العباد، و القائم عليهم بمصالحهم. و حقيقته أنه يستقل بالأمر الموكول إليه. و من هذا قول المسلمين: حَسْبُنَا اَللّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ أي نعم الكفيل بأمورنا و القائم بها.
و أما قوله في قصة موسى و شعيب (عليهما السلام) : وَ اَللّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (3)فقد أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن، حدثنا إبراهيم بن الحسن، حدثنا آدم، حدثنا ورقاء، عن عبد اللّه بن المبارك، عن ابن جريج، قال: يعني شهيدا.
و منها: (سريع الحساب) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ سَرِيعُ اَلْحِسابِ (4).
أخبرنا أبو نصر، محمد بن علي الفقيه، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب الشيباني، حدثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، سمعت عبد اللّه بن أبي أوفى، قال: دعا رسول اللّه9.
ص: 143
صلى اللّه عليه و سلم على الأحزاب و قال: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب. اللهم اهزمهم و زلزلهم» . أخرجاه في الصحيح (1)من حديث إسماعيل بن أبي خالد.
قال الحليمي: فقيل: معناه: لا يشغله حساب أحد عن حساب غيره، فيطول الأمر في محاسبة الخلق عليه. و قد قيل: معناه أنه يحاسب الخلق يوم القيامة في وقت قريب، لو تولى المخلوقون مثل ذلك الأمر في مثله، لما قدروا عليه، و لاحتاجوا إلى سنين لا يحصيها إلا اللّه تعالى.
و منها: ذو الفضل: قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ (2).
قال الحليمي: و هو المنعم بما لا يلزمه.
قلت: و قد روى في تسمية المنعم المفضل حديث منقطع.
أخبرنا أبو الحسين، محمد بن علي بن حشيش المقرئ بالكوفة، أنا أبو إسحاق بن أبي العزائم، أنا أحمد بن حازم، أنا جعفر بن عون، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، حدثنا شيخ لنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان إذا جاءه شيء يكرهه، قال: الحمد للّه على كل حال. و إذا جاءه شيء يعجبه، قال: الحمد للّه المنعم المفضل الذي بنعمته تتم الصالحات.
و منها: (ذو انتقام) : قال اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ عَزِيزٌ ذُو اِنْتِقامٍ (3).4.
ص: 144
و قال: يَوْمَ نَبْطِشُ اَلْبَطْشَةَ اَلْكُبْرى إِنّا مُنْتَقِمُونَ (1). و رويناه في خبر الأسامي المنتقم.
قال الحليمي: هو المبلغ بالعقاب قدر الاستحقاق.
و منها: (المغني) : و هو في خبر الأسامي مذكور.
قال أبو سليمان: هو الذي جبر مفاقر الخلق، و ساق إليهم أرزاقهم، فأغناهم عما سواه، كقوله (عز و جل) : وَ أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى (2). و يكون المغني الكافي، من الغناء ممدودا مفتوح الغين.
قال الحليمي: و منها ما جاء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: لا تقولوا:
«الطبيب» و لكن قولوا: «الرفيق» فإن الطبيب هو اللّه (3).
قال: و معنى هذا أن المعالج للمريض من الآدميين، و إن كان حاذقا متقدما في صناعته، فإنه قد لا يحيط علما بنفس الداء، و لئن عرفه و ميزه. فلا يعرف مقداره، و لا مقدار ما استولى عليه من بدن العليل و قوته. و لا يقدم على معالجته إلا متطببا عاملا بالأغلب من رأيه و فهمه، لأن منزلته في علم الدواء كمنزلته التي ذكرتها في علم الداء، فهو لذلك ربما يصيب و ربما يخطئ، و ربما يزيد فيغلو. و ربما ينقص فيكبو. فاسم الرفيق إذا أولى به من اسم الطبيب، لأنه يرفق بالعليل، فيحميه ما يخشى أن لا يحتمله بدنه، و يطعمه و يسقيه ما يرى أنه أرفق به. فأما الطبيب، فهو العالم بحقيقة الداء و الدواء القادر على الصحة و الشفاء. و ليس بهذه الصفة إلا الخالق البارئ و المصور. فلا ينبغي أن يسمى بهذا الاسم أحد سواه. فأما صفة تسمية اللّه (جل ثناؤه) فهي أن يذكر ذلك في حال الاستشفاء، مثل أن يقال: «اللهم إنك أنت المصح و الممرض و المداوي و الطبيب» ، و نحو ذلك. فأما أن يقال: «يا طبيب» .
ص: 145
كما يقال: «يا رحيم» أو «يا حليم» أو «يا كريم» ، فإن ذلك مفارقة لآداب الدعاء. و اللّه أعلم.
قلت: و في مثل هذه الحالة ورد تسميته به في الآثار.
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو محمد، عبد اللّه ابن محمد بن اسحاق الفاكهي بمكة، أنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، حدثنا العلاء ابن عبد الجبار، أنا نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي اللّه عنها، أنها كانت تمسح صدر النبي صلى اللّه عليه و سلم و تقول: «اكشف الباس رب الناس، أنت الطبيب و أنت الشافي» (1). فيقول النبي صلى اللّه عليه و سلم: «ألحقني بالرفيق الأعلى» (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر، محمد بن المؤمل، حدثنا ابن الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا عبد الملك بن أبجر، عن إياد بن لقيط، عن أبي رمثة رضي اللّه عنه قال: أتيت النبي صلى اللّه عليه و سلم مع أبي، فرأى التي بظهره، فقال: يا رسول اللّه، ألا أعالجها، فإني طبيب. قال صلى اللّه عليه و سلم: أنت رفيق، و اللّه الطبيب. قال: من هذا معك؟ قال:
قلت: ابني أشهد به. قال صلى اللّه عليه و سلم: أما أنه لا يجني عليك و لا تجني عليه.
قال الحليمي: و منها ما جاء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: «اللهم اشف أنت الشافي» . أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا إسماعيل بن قتيبة، حدثنا يحيى بن يحيى، أنا هشيم، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان إذا دخل على مريض، وضع يده حيث يشتكي، ثم يقول: «أذهب البأس،5.
ص: 146
رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك. شفاء لا يغادر سقما» .
قالت رضي اللّه عنها: فلما مرض النبي صلى اللّه عليه و سلم وضعت يدي عليه، و ذهبت أقول ذلك، فدفعني و قال: «اللهم الرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى» . رواه مسلم في الصحيح (1)، عن يحيى بن يحيى. و أخرجه البخاري من وجه آخر، عن الأعمش.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي، إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا محمد بن إسحاق أبو بكر، حدثنا محمد بن سابق، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن إبراهيم بن يزيد، عن مسروق و عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة رضي اللّه عنهما، قالت: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذ أتي بمريض، قال: «أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما» . أخرجه البخاري في الصحيح، فقال: و قال إبراهيم بن طهمان.
قال الحليمي: قد يجوز أن يقال في الدعاء: يا شافي يا كافي، لأن اللّه (عز و جل) يشفي الصدور من الشبه و الشكوك، و من الحسد و الغلول، و الأبدان من الأمراض و الآفات، و لا يقدر على ذلك غيره. و لا يدعى بهذا الاسم سواه. و معنى الشفاء: رفع ما يؤذي أو يؤلم عن البدن. قال: و منها ما جاء عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «إن اللّه حيي كريم» . أخبرناه أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا جعفر، يعني ابن ميمون-صاحب الأنماط-حدثنا أبو عثمان، عن سلمان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن ربكم (عز و جل) حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (2).
كذا رواه الأنماطي.ه.
ص: 147
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، و حميد، و سعيد الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان أنه قال: أجد في التوراة: إن اللّه حيى كريم، يستحي أن يرد يدين خائبتين سئل بهما خيرا.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، حدثنا أبو العباس، حدثنا محمد، أنا أسود بن عامر، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن صفوان ابن يعلى بن أمية، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) حيى ستير. فإذا أراد-يعني أحدكم-أن يغتسل، فليتوار بشيء.
قال الحليمي: و معناه أنه يكره أن يرد العبد إذا دعاه فسأله ما لا يمتنع في الحكمة إعطاؤه إياه، و إجابته إليه، فهو لا يفعل ذلك إلا أنه لا يخاف من فعله ذمّا، كما يخافه الناس، فيكرهون لذلك فعل أمور و ترك أمور. فإن الخوف غير جائز عليه.
قلت: و قوله «ستير» يعني أنه ساتر يستر على عباده كثيرا و لا يفضحهم في المشاهد. كذلك يحب من عباده الستر على أنفسهم، و اجتناب ما يشينهم.
و اللّه أعلم.3.
ص: 148
قال الشيخ عبد اللّه الحليمي: و للّه (جل ثناؤه) أسماء سوى ما ذكرنا تدخل في أبواب مختلفة:
منها: (ذو العرش) : قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلْوَدُودُ* ذُو اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدُ (1).
قال الحليمي: معناه: الملك الذي يقصد الصافون حول العرش تعظيمه و عبادته. فهذا قد يتبع إثبات الباري (جل ثناؤه) على معنى أن للعباد ملكا و ربا يستحق عليهم أن يعبدوه. يعني إذا أمرهم به. و قد يتبع التوحيد على معنى أن المعبود واحد، و الملك واحد. و ليس العرش إلا لواحد. و قد يتبع إثبات الإبداع و الاختراع له، لأنه لا يثبت العرش إلا من ينسب الاختراع إليه. و قد يتبع إثبات التدبير له على معنى أنه هو الذي رتب الخلائق، و دبر الأمور، فعلا بالعرش عن كل شيء، و جعله مصدرا لقضاياه و أقداره، و رتب له حملة من ملائكته، و آخرين منهم يصفون حوله و يعبدونه.
و منها (ذو الجلال و الإكرام) : قال اللّه (عز و جل) وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (2). و رويناه في خبر الأسامي و غيره.
و أخبرنا أبو الحسن، محمد بن أبي المعروف المهرجاني بها، أنا أبو سهل، بشر بن أحمد، أنا أبو جعفر، أحمد بن الحسين الحذاء، حدثنا علي بن عبد اللّه
ص: 149
المديني، حدثنا بشر بن المفضل، حدثنا الجريري، عن أبي الورد بن ثمامة، عن اللجلاج، قال: حدثني معاذ بن جبل رضي اللّه عنه، قال: أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم على رجل يقول: يا ذا الجلال و الإكرام. قال: قد استجيب لك فسل (1).
قال الحليمي: و معناه المستحق لأن يهاب لسلطانه، و يثني عليه بما يليق بعلو شأنه. و هذا قد يدخل في باب الإثبات على معنى أن للخلق ربا يستحق عليهم الإجلال و الإكرام. و يدخل في باب التوحيد على معنى أن هذا الحق ليس إلا لمستحق واحد.
قال أبو سليمان الخطابي: الجلال مصدر الجليل. يقال: جليل من الجلالة و الجلال. و الإكرام مصدر أكرم يكرم إكراما. و المعنى أن اللّه (عز و جل) يستحق أن يجل و يكرم، فلا يجحد و لا يكفر به. و قد يحتمل المعنى أنه يكرم أهل ولايته و يرفع درجاتهم بالتوفيق لطاعته في الدنيا، و يجلهم بأن يتقبل أعمالهم، و يرفع في الجنان درجاتهم. و قد يحتمل أن يكون أحد الأمرين، و هو الجلال مضافا إلى اللّه (تعالى) بمعنى الصفة له و الآخر مضافا إلى العبد بمعنى الفعل منه، كقول (سبحانه و تعالى) هُوَ أَهْلُ اَلتَّقْوى وَ أَهْلُ اَلْمَغْفِرَةِ (2).
فانصرف أحد الأمرين إلى اللّه (سبحانه و تعالى) ، و هو المغفرة، و الآخر إلى العباد، و هو أهل التقوى. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (3)، يقول: ذو العظمة و الكبرياء.
قال الحليمي: و منها: (الفرد) : لأن معناه المنفرد بالقدم و الإبداع و التدبير.7.
ص: 150
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد اللّه الحربي ببغداد، أنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن أبي الدنيا، حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي، حدثنا أبو بكر بن عياش، حدثنا الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: حدثني جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قرأ:
وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي، فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ. . . (1)
الآية. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اللهم إنك أمرت بالدعاء و تكفلت بالإجابة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك. أشهد أنك فرد أحد صمد لم تلد و لم تولد، و لم يكن لك كفوا أحد. و أشهد أن وعدك حق، و لقاءك حق، و الجنة حق، و النار حق، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أنك تبعث من في القبور (2).
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد ابن يوسف السلمي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني محمد بن طلحة، عن رجل، قال: إن عيسى ابن مريم عليه السلام كان إذا أراد أن يحيى الموتى، صلى ركعتين يقرأ في الأولى: تبارك الذي بيده الملك.
و في الثانية تنزيل السجدة. فإذا فرغ، مدح اللّه تعالى، فأثنى عليه، ثم دعا بسبعة أسماء: «يا قديم، يا خفي، يا دائم، يا فرد، يا وتر، يا أحد، يا صمد» . ليس هذا بالقوي. و كذلك ما قبله. و اللّه أعلم.
و منها: (ذو المعارج) : قال الحليمي: و هو الذي يعرج إليه بالأرواح و الأعمال. و هذا أيضا يدخل في باب الإثبات و التوحيد و الإبداع و التدبير.
و باللّه التوفيق. و في كتاب اللّه تعالى: مِنَ اَللّهِ ذِي اَلْمَعارِجِ (3).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو نصر، أحمد بن سهل الفقيه3.
ص: 151
ببخارى، حدثنا قيس بن أنيف البخاري، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا محمد بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: أتيته فسألته عن حجة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فذكر الحديث، قال فيه: ثم أهل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالتوحيد: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك (1)» . و أهل الناس. قال: و لبى الناس:
«لبيك ذا المعارج، و لبيك ذا الفواضل» فلم يعب على أحد منهم شيئا.9.
ص: 152
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال في قوله تعالى: «كهيعص» ، و «طه» ، و «طس» ، و «طسم» ، و «يس» ، و «ص» ، و «حم عسق» ، و «ق» ، و نحو ذلك، قسم أقسمه اللّه تعالى، و هي من أسماء اللّه (عز و جل) .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا عبد الرحمن بن الحسين القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ورقاء، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى:
«كهيعص» .
قال: كاف من كريم. و هاء من هادي، و ياء من حكيم، و عين من عليم، و ص من صادق.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، أنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا خالد بن عبد اللّه، عن حصين بن عبد الرحمن، عن إسماعيل بن راشد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: «كهيعص» ، قال: كبير، هاد، يمين، عزيز، صادق.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني محمد بن إسحاق الصفار حدثنا أحمد بن نصر، حدثنا عمرو بن طلحة القناد، أنا شريك، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن
ص: 153
جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : «كهيعص» ، قال: كاف، هاد، أمين، عزيز، صادق.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا شريك، عن عطاء، عن أبي الضحى، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: «المص» ، قال: أنا اللّه أفضل. «المر» . قال: أنا اللّه أرى.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو أحمد، محمد بن إسحاق، حدثنا الصفار، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر اللباد، حدثنا عمرو بن طلحة القناد، حدثنا أسباط بن نصر، عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، عن أبي مالك، و عن أبي صالح، عن ابن عباس، و عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه و عن ناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم الم ذلِكَ اَلْكِتابُ . أما «الم» فهو حرف اشتق من حروف هجاء أسماء اللّه (عز و جل) .
و أخبرنا أبو الحسين بن بشران، حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا محمد بن سليمان، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن السديّ، قال: فواتح السور من أسماء اللّه (عز و جل) .
ص: 154
التقوى و دعوة الحق: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ
قال أبو عبد اللّه الحليمي: ضمن اللّه (جل ثناؤه) المعاني التي ذكرناها في أسماء اللّه (تعالى جده) كلمة واحدة، و هي: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ . و أمر المأمورين بالإيمان أن يعتقدوها و يقولوها، فقال (عز و جل) : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ (1). و قال فيما ذم به مستكبري العرب: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَ يَقُولُونَ أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (2).
و المعنى أنهم كانوا إذا قيل لهم: قولوا: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ ، استكبروا و لم يقولوها، بل قالوا مكانها: أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (3).
و وصف اللّه تبارك و تعالى نفسه في هذه الكلمة في غير موضع من كتابه فقال: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (4).
و قال: هُوَ اَلْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ (5).
و أضاف هذه الكلمة في بعض الآيات إلى إبراهيم الخليل صلوات اللّه و سلامه عليه، فقال بعد أن أخبر عنه أنه قال لأبيه و قومه: إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا
ص: 155
تَعْبُدُونَ* إِلاَّ اَلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ* وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (1) فقيل: الكلمة لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ . و مجاز قوله: إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ لا إله. و مجاز قوله: إِلاَّ اَلَّذِي فَطَرَنِي إلا اللّه. فيحتمل أن يكون أولاده المؤمنون أخذوا هذه الكلمة عنه، فكانوا يقولون: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ . ثم أن اللّه (تعالى جل ثناؤه) جددها بعد دروسها للنبي صلى اللّه عليه و سلم إذ بعثه لأنه كان من ذرية إبراهيم (عليه الصلاة و السلام) ، و ورثه من هذه الكلمة ما ورثه من البيت، و المقام، و زمزم، و الصفا، و المروة، و عرفة، و المشعر، و منى، و الكلمات التي ابتلاه بها فأتمها، و القربان، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ . فإذا قالوها، فقد عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها» (2).
و أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو القاسم، سليمان ابن أبي أحمد الطبراني، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا الفريابي ح.
قال سليمان: و حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، قالا: حدثنا سفيان عن ابن أبي الزبير، عن جابر رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ ، فإذا قالوا: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ ، عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها، و حسابهم على اللّه (عز و جل) . ثم قرأ صلى اللّه عليه و سلم: إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ* إِلاّ مَنْ تَوَلّى وَ كَفَرَ (3).
أخرجه مسلم بن الحجاج في الصحيح من حديث وكيع، و عبد الرحمن ابن مهدي، عن سفيان الثوري (4).ة-
ص: 156
قال أبو عبد اللّه الحليمي، و في هذا بيان أن هذه الكلمة يكفي الانسلاخ بها من جميع أصناف الكفر باللّه (جل ثناؤه) . و إذا تأملناها، وجدناها بالحقيقة كذلك، لأن من قال: لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ ، فقد أثبت اللّه تعالى، و نفى غيره، فخرج بإثبات ما أثبت من التعطيل، و بما ضم إليه من نفي غيره عن التشريك، و أثبت باسم الإله الإبداع و التدبير معا، إذ كانت الإلهية لا تصير مثبتة له (جل ثناؤه) بإضافة الموجودات إليه على معنى أنه سبب لوجودها، دون أن يكون فعلا له و صنعا، و يكون لوجودها بإرادته و اختياره تعلق. و لا بإضافة فعل يكون منه فيها سوى الإبداع إليه مثل التركيب و النظم و التأليف، فإن الأبوين قد يكونان سببا للولد على بعض الوجوه. ثم لا يستحق واحد منهما اسم الإله. و النجار و الصائغ، و من يجري مجراهما كل واحد منهم يركب و يهيئ و لا يستحق اسم الإله، فعلم بهذا أن اسم الإله لا يجب إلا لكل مبدع. و إذا وقع الاعتراف بالإبداع، فقد وقع بالتدبير، لأن الإيجاد تدبير، و لأن تدبير الموجود إنما يكون بإتقانه، أو بإحداث أغراض فيه، أو إعدامه بعد إيجاده. و كل ذلك إذا كان فهو إبداع و إحداث.
و في ذلك ما يبين أنه لا معنى لفصل التدبير عن الإبداع و تميزه عنه. و أن الاعتراف بالإبداع ينتظم جميع وجوهه، و عامة ما يدخل في بابه. هذا هو الأصل الجاري على سنن النظر، ما لم يناقض قول مناقض، فيسلم أمرا و يجحد مثله، أو يعطي أصلا، و يمنع فرعه. فأما التشبيه فإن هذه الكلمة أيضا تأتي على نفيه، لأن اسم الإله إذا ثبت، فكل وصف يعود عليه بالإبطال، وجب أن يكون منفيا بثبوته. و التشبيه من هذه الجملة، لأنه إذا كان له من خلقه شبيه، وجب أن يجوز عليه من ذلك الوجه ما يجوز على شبيهه. و إذا جاز ذلك عليه، لم يستحق اسم الإله كما لا يستحقه خلقه الذي شبه به. فتبين بهذا أن اسم الإله و التشبيه لا يجتمعان، كما أن اسم الإله و نفي الإبداع عنه لا يأتلفان. و باللّه التوفيق.ه.
ص: 157
أخبرنا أبو الحسين، علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران العدل، و أبو محمد عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد، قالا: أنا أبو علي، إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنا عمر، عن الزهري، أخبرني ابن المسيب، عن أبيه، قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، دخل عليه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فوجد عنده أبا جهل بن هشام، و عبد اللّه بن أبي أمية، فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم: أي عم، قل: «لا إله إلا اللّه» كلمة أحاج لك بها عند اللّه (عز و جل) . قال: فقال له أبو جهل، و عبد اللّه ابن أبي أمية: أي أبا طالب، أ ترغب عن ملة عبد المطلب؟ فكان آخر شيء كلمه به أن قال: على ملة عبد المطلب.
قال: فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «لأستغفرن لك ما لم أنه عنك» . قال: فنزلت:
ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ إلى وَ ما كانَ اِسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ (1).
قال: فلما مات و هو كافر، قال: و نزلت: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ. . . (2)الآية.
رواه البخاري و مسلم في الصحيح من حديث عبد الرزاق (3).
حدثنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنا حاجب بن أحمد بن سليمان الطوسي، حدثنا عبد الرحيم بن منير، حدثنا جرير، أنا مطرف، عن الشعبي، عن أبي طلحة بن عبيد اللّه، قال: رأى عمر رضي اللّه عنه طلحة حزينا فقال: ما لك يا أبا فلان؟ قال: فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا نفس اللّه عنه كربته، و أشرق لونه،1.
ص: 158
و رأى ما يسره» . و ما منعني أن أسأله عنها إلا القدرة عليه، حتى مات، فقال عمر رضي اللّه عنه: إني لأعلمها. قال فما هي؟ قال: لا نعلم كلمة هي أعظم من كلمة أمر بها عمه: «لا إله إلا اللّه» (1). قال: فهي و اللّه هي.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا محمد بن خليل، الأصبهاني، حدثنا موسى ابن إسحاق القاضي، حدثنا منجاب بن الحارث، حدثنا علي بن مسهر، عن مطرف ابن طريف الحارثي، عن الشعبي، عن يحيى بن طلحة بن عبيد اللّه، عن أبيه، قال: إن عمر رضي اللّه عنه رآه كئيبا فقال له: مالك، لعله ساءتك امرأة ابن عمك؟ قال: لا-و أثنى على أبي بكر رضي اللّه عنه-و لكني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا فرج اللّه عنه كربته و أشرق لونه» فما منعني أن أسأله عنها إلا القدرة عليه، حتى مات. فقال عمر رضي اللّه عنه: إني لأعرفها. فقال له طلحة: و ما هي؟ فقال له عمر رضي اللّه عنه: هل تعلم كلمة هي أعظم من كلمة أمر بها عمه: «لا إله إلا اللّه» . فقال طلحة رضي اللّه عنه:
هي و اللّه هي.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا معلى بن منصور، حدثنا إسماعيل بن علية، عن خالد، حدثني الوليد بن مسلم، عن حمران، عن عثمان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من مات و هو يعلم أن «لا إله إلا اللّه» ، دخل الجنة» . رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل بن علية (2).
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، حدثنا عبد اللّه بن جعفره.
ص: 159
الأصفهاني، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت و الأعمش، و عبد العزيز بن رفيع، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يا أبا ذر بشر الناس أنه من قال: «لا إله إلا اللّه» ، دخل الجنة» .
أشار البخاري إلى هذه الرواية من حديث النضر بن شميل، عن شعبة، و أخرجا معناه من أوجه (1).
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنا عبد اللّه بن أبي جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان ح.
و أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن أبي المعروف الفقيه المهرجاني. أنا أبو عمرو، إسماعيل بن نجيد، أنا أبو مسلم، حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر، عن صالح بن أبي عريب، عن كثير بن مرة، عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه قال: قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من كان آخر كلامه: «لا إله إلا اللّه» ، دخل الجنة» .
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن عبيد اللّه بن عدي بن الخيار، عن المقداد بن الأسود رضي اللّه عنه، قال: قلت: يا رسول اللّه، أ رأيت إن اختلفت أنا و رجل من المشركين بضربتين، فقطع يدي، فلما علوته بالسيف، قال: «لا إله إلا اللّه» . أضربه أم أدعه؟ قال صلى اللّه عليه و سلم بل دعه. قال: قلت: قطع يدي. قال: إن ضربته بعد أن قالها، فهو مثلك قبل أن تقتله، و أنت مثله قبل أن يقولها. قلت: يريد به في إباحة الدم. رواه مسلم في الصحيح، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق (2).ر-
ص: 160
أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري، حدثنا جدي يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي، حدثنا الليث، عن ابن عجلان، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، عن الصنابحي، عن عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه أنه قال: دخلت عليه و هو في الموت فبكيت، فقال: مهلا، لم تبكي، فو اللّه لئن استشهدت لأشهدن لك، و لئن استطعت لأنفعنك. ثم قال: و اللّه ما من حديث سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لكم فيه خير إلا حدثتكموه إلا حديثا واحدا، و سوف أحدثكموه اليوم، و قد أحيط بنفسي، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: من شهد أن لا إله إلا اللّه و أن محمدا رسول اللّه، حرم اللّه عليه النار. و رواه مسلم في الصحيح عن قتيبة (1).
أخبرنا أبو القاسم، عبد الخالق بن علي المؤذن، أنا أبو بكر بن حنب، حدثنا عبد اللّه بن روح، حدثنا عثمان بن عمر بن فارس، أنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك يحدث عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: من شهد أن لا إله إلا اللّه و أن محمدا رسول اللّه، دخل الجنة، و روينا معناه، عن عبد اللّه بن مسعود، و أبي هريرة، و غيرهما رضي اللّه عنهم عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو الحسين، محمد بن الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، أنا ابن عثمان، يعني عبدان، حدثنا عبد اللّه، يعني ابن المبارك، أنا معمر، عن الزهري أنه حدثه، قال: أخبرني محمود بن الربيع، زعم أنه عقل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و عقل مجة مجهاه.
ص: 161
من دلو كانت في دارهم. قال: سمعت عتبان بن مالك الأنصاري، ثم أحد بني سالم رضي اللّه عنه، قال: كنت أصلي لقومي بني سالم، فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقلت له: إني قد أنكرت بصري، و أن السيول تحول بيني و بين مسجد قومي فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكانا أتخذه مسجدا. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:
أفعل إن شاء اللّه. قال: فغدا عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أبو بكر رضي اللّه عنه معه بعد ما اشتد النهار، فاستأذن النبي صلى اللّه عليه و سلم، فأذنت له. فلم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلي في بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فصففنا خلفه، ثم سلم، و سلمنا حين سلم، فحبسناه على خزيرة (1)صنع له، فسمع به أهل الدار و هم يدعون قراهم الزور، فثابوا (2)حتى امتلأ البيت، فقال رجل: فأين مالك بن الدخشم؟ فقال رجل منا: ذاك رجل منافق، لا يحب اللّه و رسوله. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: لا تقولوه، يقول: «لا إله إلا اللّه» ، يبتغي بذلك وجه اللّه. قال: أما نحن فنرى وجهه و حديثه إلى المنافقين. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم أيضا لا تقولوه، يقول: «لا إله إلا اللّه» ، يبتغي بذلك وجه اللّه. قال: بلى، أرى يا رسول اللّه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لن يوافي عبد يوم القيامة و هو يقول: «لا إله إلا اللّه» ، يبتغي بذلك وجه اللّه (عز و جل) إلا حرم اللّه عليه النار.
قال محمود: فحدثت قوما فيهم أبو أيوب-صاحب النبي صلى اللّه عليه و سلم-في غزوته التي توفي فيها مع يزيد بن معاوية، فأنكر عليّ و قال: ما أظن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال ما قلت قط. فكبر ذلك عليّ، فجعلت للّه عليّ إن سلمني حتى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالك إن وجدته حيّا، فأهللت من إيليا بحج أو عمرة، حتى قدمت المدينة، فأتيت بني سالم. فإذا عتبان بن مالك شيخ كبير قد ذهب بصره، و هو إمام قومه، فلما سلم من صلاته، جئته فسلمت عليه و أخبرته من أنا، فحدثني به كما حدثني أول مرة.ة.
ص: 162
و حدثنا أبو محمد بن يوسف، أنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، حدثني محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك رضي اللّه عنه، قال: أتيت النبي صلى اللّه عليه و سلم، فذكر الحديث بمعناه.
و حديث ابن المبارك أتم، إلا أنه زاد: قال الزهري: ثم نزلت بعد ذلك فرائض و أمور نرى الأمر انتهى إليها، فمن استطاع أن لا يغتر، فلا يغتر. رواه البخاري في الصحيح، عن عبدان. و رواه مسلم عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقري بن الحمامي ببغداد، أنا أحمد بن سلمان النجاد، حدثنا الحسن بن سلام، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن أنس، عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك رضي اللّه عنه-و كان أعمى-قال: يا رسول اللّه، قال: فخط في داري خطا حتى أتخذه مصلى و مسجدا، فاجتمع إليه قومه، و تغيب مالك بن الدخشم، فوقعوا فيه، و قالوا: يا رسول اللّه، إنه منافق. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أ ليس يشهد أن لا إله إلا اللّه، و أني رسول اللّه؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه، إنما يقولها تعوذا. قال: صلى اللّه عليه و سلم: فوالذي نفسي بيده لا يقولها عبد صادقا إلا حرمت عليه النار.
قال أنس رضي اللّه عنه: فلقيت عتبان رضي اللّه عنه فسألته، فحدثني. أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر، عن حماد بن سلمة (2): حدثنا أبو بكر، أحمد بن الحسن القاضي-إملاء-أنا أبو سهل، أحمد بن محمد بن زياد النحوي، حدثنا الحسن بن مكرم البزاز، حدثنا علي بن عاصم، أنا سهيل بن أبي صالح، عن عبد اللّه بن دينار عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: .
ص: 163
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: الإيمان بضع و ستون، أو بضع و سبعون. أعلاها شهادة أن لا إله إلا اللّه، و أدناها إماطة الأذى عن الطريق. و الحياء شعبة من الإيمان. أخرجه مسلم في الصحيح، من حديث جرير، عن سهيل بن أبي صالح (1)، حدثنا أبو سعيد، عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد-إملاء-و أبو الحسن، محمد بن أبي المعروف المهرجاني بها، قالا: أنا أبو عمرو، إسماعيل ابن نجيد السلمي، أنا أبو مسلم، إبراهيم بن عبد اللّه البصري، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبيد اللّه بن أبي زياد، حدثنا شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد رضي اللّه عنهما، قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اسم اللّه الأعظم في هاتين الآيتين: الم* اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (2). وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ (3). أخرجه أبو داود في كتاب السنن (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو النصر، محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أصبغ بن الفرج المصري، أنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، قال: إن دراجا أبا السمح حدثهم عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: قال موسى عليه السلام: يا رب، علمني شيئا أذكرك به و أدعوك به. قال: يا موسى قل: لا إله إلا اللّه. قال: يا رب كل عبادك يقول هذا قال: قل: لا إله إلا اللّه. قال: لا إله إلا أنت يا رب، إنما أريد شيئا تخصني به. قال: يا موسى، لو أن السموات السبع و عامرهن غيري و الأرضين السبع في كفة، و لا إله إلا اللّه في كفة، مالت بهم لا إله إلا اللّه (5).ن-
ص: 164
أخبرنا أبو طاهر، محمد بن محمد بن محمش الفقيه، أنا أبو بكر، محمد ابن الحسين القطان، حدثنا أبو الأزهر، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال:
سمعت المصعب بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم أعرابي، ثم دعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقعد، فقال: إن نوحا (عليه الصلاة و السلام) حضرته الوفاة، فقال لابنيه:
إني قاص عليكما الوصية. أوصيكما باثنتين و أنهاكما عن اثنتين: أنهاكما عن الشرك و الكبر. و آمركما بلا إله إلا اللّه فإن السموات و الأرض و ما فيهن لو وضعت في كفة ميزان، و وضعت لا إله إلا اللّه في الكفة الأخرى، كانت أرجح منهن. و إن السموات و الأرض لو كانت حلقة فوضعت لا إله إلا اللّه عليها لقصمتها. و آمركما بسبحان اللّه و بحمده، فإنها صلاح كل شيء، و بها يرزق كل شيء (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، حدثنا إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن الأغر، عن أبي هريرة و أبي سعيد رضي اللّه عنهما أنهما شهدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إذا قال العبد «لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر» ، صدقه ربه. قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا وحدي. و إذا قال: وحده لا شريك له، صدقه ربه، قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، لا شريك لي.
و إذا قال: لا إله إلا اللّه. له الملك له الحمد، قال: صدق عبدي، لا إله إلا أنا، لي الملك و لي الحمد. و إذا قال: لا إله إلا اللّه و لا حول و لا قوة إلا باللّه، قال: صدق عبدي، و لا حول و لا قوة إلا بي.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا عمر بن أبي زائدة ح.ا.
ص: 165
و أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب-و اللفظ له-حدثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، حدثنا أبو أيوب، سليمان بن عبيد الغيلاني، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا عمر بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: من قال: «لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كل شيء قدير» عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل.
قال: و حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا عمر بن أبي زائدة، حدثنا عبد اللّه بن أبي السفر، عن الشعبي، عن ربيع بن خيثم بمثل ذلك، فقلت للربيع: ممن سمعته؟ فقال: من ابن أبي ليلى، فأتيت ابن أبي ليلى، فقلت: ممن سمعته؟ فقال: من أبي أيوب الأنصاري، يحدثه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. قال أبو عبد اللّه:
و قد ذكر الصاغاني عن روح الإسنادين جميعا، و قال في حديثه: «كان كمن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل» . رواه مسلم في الصحيح، عن أبي أيوب، سليمان بن عبد اللّه. و رواه البخاري، عن عبد اللّه بن محمد، عن أبي عامر العقدي (1).
أخبرنا أبو جعفر، كامل بن أحمد المستملي، و أبو نصر عمر بن عبد العزيز، قالا: أنا أبو العباس، محمد بن إسحاق الضبعي، حدثنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا ابن أبي أويس، حدثني خالي مالك بن أنس ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا محمد ابن إسماعيل، حدثنا القعنبي عن مالك ح.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة و أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي، قالا: أنا أبو عمرو بن مطر، حدثنا إبراهيم بن علي الذهلي، حدثنا يحيى بن يحيى، قال:
قرأت على مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال:
إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «من قال: «لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، لهه.
ص: 166
الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير» ، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، و كتبت له مائة حسنة، و محيت عنه مائة سيئة، و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، و لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك. و من قال: سبحان اللّه و بحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه و إن كانت مثل زبد البحر» . رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
و رواه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق-ببغداد-أنا أحمد بن سلمان، حدثنا هلال بن العلاء، حدثنا عيسى بن يونس، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن الأغر، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من قال، لا إله إلا اللّه، أنجاه يوما من الدهر أصابه قبلها ما أصابه» .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس-هو الأصم-حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن حصين، عن محمد بن جحاده، عن الحسن رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من قال: لا إله إلا اللّه، طاشت ما في صحيفته من السيئات حتى يعود إلى مثلها» هكذا جاء مرسلا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا أبو أمية، حدثنا الحسين بن محمد، أنا جرير بن حازم، عن محمد ابن أبي بكر، عن رجل، عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال له حين بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي أهل الكتاب فيسألونك عن مفاتيح الجنة، فقل:
شهادة أن لا إله إلا اللّه (2).اش
ص: 167
أخبرنا أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبيد اللّه الحربي-ببغداد-أنا أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن أبي الدنيا، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا موسى بن إبراهيم الأنصاري، حدثنا طلحة بن خراش، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أفضل الدعاء: لا إله إلا اللّه. و أفضل الذكر: الحمد للّه» (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس السياري، و أبو أحمد الصيرفي-بمرو -حدثنا إبراهيم بن هلال، حدثنا علي بن الحسين بن شقيق، قال: سمعت أبي يقول: أنا الحسين بن واقد، حدثنا الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: من قال: لا إله إلا اللّه، فليقل على أثرها: الحمد للّه رب العالمين، يريد قوله: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي، حدثنا إسحاق بن يحيى الكلبي، حدثنا الزهري حدثني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رضي اللّه عنه أخبره عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: أنزل اللّه تعالى في كتابه فذكر قوما استكبروا، فقال: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (3).
و قال تعالى: إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اَللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها (4). و هي لا إله إلا اللّه. محمد رسول اللّه.6.
ص: 168
استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في قضية المدة.
أخبرنا أبو الحسين، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا عباس الأسفاطي، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، قال: إن أبا هريرة رضي اللّه عنه أخبره أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللّه. فمن قال: لا إله إلا اللّه، فقد عصم مني نفسه و ماله حتى يلقى اللّه تعالى (1).
و أنزل اللّه (عز و جل) يذكر قوما استكبروا: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (2).
و أنزل اللّه (عز و جل) : إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اَللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها (3).
و هي: لا إله إلا اللّه، محمد رسول اللّه. استكبر عنها المشركون يوم الحديبية حين دعاهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على طول المدة.
حدثنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا علي بن عتبة الشيباني-بالكوفة-حدثنا إبراهيم بن إسحاق القاضي، حدثنا يعلى بن عبيد، حدثنا سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن عباية بن ربعي عن علي رضي اللّه عنه في قوله تعالى:
وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى (4) .
قال: لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، حدثنا أحمد بن6.
ص: 169
نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا سفيان، عن شيخ يقال له يزيد أبو خالد مؤذن لأهل مكة، سمعت عليّا الأزدي يقول: سمعت ابن عمر رضي اللّه عنهما و سمع الناس يقولون: لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر بين مكة و منى، فقال: هي هي. قلت: ما؟ قال: قوله تعالى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها (1)، لا إله إلا اللّه.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى (2). قال: شهادة أن لا إله إلا اللّه. و هي رأس كل تقوى. و روينا ذلك عن مجاهد و سعيد بن جبير، و روي ذلك مرفوعا إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو بكر بن فورك، حدثنا أبو بكر، أحمد بن محمود بن خرزاد الأهوازي بها، قال: قرئ على الحضرمي و أنا حاضر: حدثكم الحسن بن قزعة، قال: و حدثنا عبد اللّه بن ناجية، حدثنا الحسن بن قزعة البصري-مولى بني هاشم-حدثنا سفيان بن حبيب، حدثنا شعبة، عن ثوير، عن أبيه، عن الطفيل بن أبي، عن أبيه رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في قوله: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى ، قال: لا إله إلا اللّه.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن داود البزاز البغداد بها.
أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير الشيباني، عن الأعمش، عن إبراهيم التميمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، قال: قلت: يا رسول اللّه، علمني عملا يقربني من الجنة، و يباعدني من6.
ص: 170
النار. قال صلى اللّه عليه و سلم: إذا عملت سيئة، فأتبعها حسنة. قال: قلت: من الحسنات لا إله إلا اللّه؟ قال: نعم، هي أحسن الحسنات. كذا وجدته بهذا الإسناد (1).
و قد أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن أشياخه، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، قال: قلت: يا رسول اللّه أوصني.
قال صلى اللّه عليه و سلم: اتق اللّه. و إذ عملت سيئة فاتبعها حسنة تمحها: قال: قلت: يا رسول اللّه: أ من الحسنات لا إله إلا اللّه؟ قال صلى اللّه عليه و سلم من أفضل الحسنات.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا محمد ابن إسحاق، حدثنا معاوية عن زائدة ح.
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا علي بن الحسن الهلالي، حدثنا طلق بن غنام، حدثنا زائدة عن الحسن بن عبيد اللّه، عن جامع بن شداد أنه سمع الأسود بن هلال يحدث عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أنه قال في هذه الآية: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (2).
قال: الحسنة لا إله إلا اللّه.
أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف، أنا أبو بكر، محمد بن الحسين القطان، حدثنا إبراهيم بن الحارث البغدادي، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لَهُ دَعْوَةُ اَلْحَقِّ (3)، قال: لا إله إلا اللّه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو نصر، محمد بن أحمد بن عمر، حدثنا أبو بكر، محمد بن النضر الجارودي، حدثنا عبد اللّه بن مهران الطبسي، حدثنا حفص ابن عمر العدني، حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما4.
ص: 171
في قول اللّه (عز و جل) : اِتَّقُوا اَللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (1). قول: لا إله إلا اللّه. و قوله (عز و جل) : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى (2). قال: من قال: لا إله إلا اللّه و قوله (جل و علا) : وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ* اَلَّذِينَ لا يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ (3)، الذين لا يقولون: لا إله إلا اللّه. و قول موسى عليه السلام لفرعون: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى (4)، إلى أن تقول: لا إله إلا اللّه. و قوله: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى (5)، قال: شهادة أن لا إله إلا اللّه. و قوله: إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا (6)، على شهادة لا إله إلا اللّه. و قوله تعالى: إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (7)،
قال: لا إله إلا اللّه. و قوله (جل و علا) : قُولُوا حِطَّةٌ (8)، قال: لا إله إلا اللّه. و قول لوط عليه السلام لقومه: أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (9)، قال: أ ليس منكم رجل يقول: لا إله إلا اللّه. و قوله: رَبِّ اِرْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً (10)، أقول: لا إله إلا اللّه. و قوله (عز و جل) : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا اَلْحُسْنى (11)، الذين قالوا: لا إله إلا اللّه. الحسنى: الجنة. و زيادة: النظر إلى وجه اللّه (تبارك و تعالى) .
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ6.
ص: 172
لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ (1) . يقول: تأمرونهم أن يشهدوا أن لا إله إلا اللّه.
و الإقرار بما أنزل اللّه، و تقاتلونهم عليه، و لا إله إلا اللّه أعظم المعروف، و تنهونهم عن المنكر. و المنكر هو التكذيب، و هو أنكر المنكر. و في قوله:
وَ كَلِمَةُ اَللّهِ هِيَ اَلْعُلْيا (2) ، قال: هي لا إله إلا اللّه اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلسُّفْلى (3)و هي الشرك باللّه. و في قوله: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا اَلْحُسْنى وَ زِيادَةٌ (4)يقول: للذين شهدوا أن لا إله إلا اللّه الجنة. و في قوله: لَهُ دَعْوَةُ اَلْحَقِّ (5)، يقول: شهادة أن لا إله إلا اللّه. و في قوله: إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسانِ (6)، يقول: شهادة أن لا إله إلا اللّه. و في قوله: إِلاّ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ اَلرَّحْمنِ عَهْداً (7)، قال: العهد: شهادة أن لا إله إلا اللّه. و يبرأ من الحول و القوة، و لا يرجو إلا اللّه. و في قوله: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى (8)، يقول: الذين ارتضاهم بشهادة أن لا إله إلا اللّه. و في قوله:
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها (9) ، يقول: من جاء بلا إله إلا اللّه، فمنها وصل إليه الخير. وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ و هو الشرك، فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي اَلنّارِ (10).
و في قوله: وَ اَلَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ (11)، يقول: جاء بلا إله إلا اللّه.
وَ صَدَّقَ بِهِ يعني برسوله، أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ (12). يقول: اتقوا الشرك.
و في قوله: إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً (13)، يقول: إلا من أذن له8.
ص: 173
الرب بشهادة أن لا إله إلا اللّه و هي منتهى الصواب. و في قوله: مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً ، شهادة أن لا إله إلا اللّه. كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ، و هو المؤمن. أَصْلُها ثابِتٌ ، يقول: لا إله إلا اللّه ثابت في قلب المؤمن. وَ فَرْعُها فِي اَلسَّماءِ (1)، يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء. ثم قال: وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ يقول: الشرك. كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ، يعني الكافر. اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ اَلْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (2)، يقول: الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر، و لا برهان. و لا يقبل اللّه مع الشرك عملا.
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، حدثنا أبو جعفر، محمد بن يحيى ابن عمر بن علي بن حرب، حدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو داود، حدثنا سفيان، عن حميد، عن مجاهد في قوله (عز و جل) : وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً (3)، قال: لا إله إلا اللّه.
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا الحسن بن عباس الرازي، حدثنا محمد بن أبان، حدثنا عبد الملك بن عبد الرحمن الصغاني، عن محمد بن سعيد بن رمانة، عن أبيه، قال: قال رجل لوهب بن منبه: أ ليس مفتاح الجنة لا إله إلا اللّه؟ قال: بلى يا ابن أخي. و لكن ليس من مفتاح إلا و له أسنان، فمن جاء بأسنانه، فتح له.
و من لا، لم يفتح له.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قال: حدثنا أبو العباس، هو الأصم، حدثنا محمد بن عبيد اللّه بن المناري، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان عن قتادة في قوله: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ (4)، شهادة أن لا إله إلا اللّه. و التوحيد لا يزال في ذرية من يقولها من بعده، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، قال: يتوبون أو يذكرون.8.
ص: 174
و في إثبات أسمائه إثبات صفاته، لأنه إذا ثبت كونه موجودا، فوصف بأنه حي، فقد وصف بزيادة صفة على الذات هي الحياة. فإذا وصف بأنه قادر، فقد وصف بزيادة صفة هي القدرة. و إذا وصف بأنه عالم، فقد وصف بزيادة صفة هي العلم. كما إذا وصف بأنه خالق، فقد وصف بزيادة صفة هي الخلق. و إذا وصف بأنه رازق، فقد وصف بزيادة صفة هي الرزق. و إذا وصف بأنه محيي، فقد وصف بزيادة صفة هي الإحياء، إذ لو لا هذه المعاني لاقتصر في أسمائه على ما ينبئ عن وجود الذات فقط.
ثم صفات اللّه (عز اسمه) قسمان:
أحدهما: صفات ذاته . و هي ما استحقه فيما لم يزل و لا يزال.
و الآخر: صفات فعله . و هى ما استحقه فيما لا يزال دون الأزل. فلا يجوز وصفه إلا بما دل عليه كتاب اللّه (تعالى) ، أو سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أو أجمع عليه سلف هذه الأمة. ثم منه ما اقترنت به دلالة العقل، كالحياة، و القدرة، و العلم، و الإرادة، و السمع، و البصر، و الكلام. و نحو ذلك من صفات ذاته. و كالخلق، و الرزق، و الإحياء، و الإماتة، و العفو، و العقوبة، و نحو ذلك من صفات فعله. و منه ما طريق إثباته ورود خبر الصادق به فقط، كالوجه، و اليدين، و العين في صفات ذاته. و كالاستواء على العرش، و الإتيان و المجيء و النزول، و نحو ذلك من صفات فعله. فثبتت هذه الصفات لورود الخبر بها على وجه لا يوجب التشبيه. و نعتقد في صفات ذاته أنها لم تزل
ص: 175
موجودة بذاته، و لا تزال موجودة به. و لا نقول فيها إنها هو و لا غيره. و لا هو هي و لا غيرها.
و للّه تعالى أسماء و صفات يستحقها بذاته، إلا أنها زيادة صفة على الذات، كوصفنا إياه بأنه إله، عزيز، مجيد، جليل، عظيم، ملك، جبار، متكبر شيء قديم. و الاسم و المسمى فيها واحد.
و نعتقد في صفات فعله أنها بائنة عنه (سبحانه) . و لا يحتاج في فعله إلى مباشرة إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (1).
و نحن نشير في إثبات صفات اللّه (تعالى ذكره) إلى موضعه من كتاب اللّه (عز و جل) و سنة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و إجماع سلف هذه الأمة على طريق الاختصار ليكون عونا لمن يتكلم في علم الأصول من أهل السنة و الجماعة و لم يتبحر في معرفة السنن و ما يقبل منها، و ما يرد من جهة الإسناد. و اللّه يوفقنا لما قصدناه، و يعيننا على طلب سبيل النجاة بفضله و رحمته.2.
ص: 176
قال اللّه (عز و جل) : اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (1).
و قال (جل و علا) : الم* اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (2).
و قال (جل جلاله) : هُوَ اَلْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ (3).
و قال تبارك و تعالى: وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَلْحَيِّ اَلَّذِي لا يَمُوتُ (4).
و قال (جلت عظمته) : وَ عَنَتِ اَلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ اَلْقَيُّومِ (5).
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن النضر الجارودي، حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثني أبي، حدثنا حسين المعلم ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، قال: أخبرني أبو أحمد الحسين بن علي، حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أبو يحيى، حدثنا أبو معمر، حدثنا حسين، حدثني عبد اللّه ابن بريدة، حدثني يحيى بن يعمر، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول: «اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت، و إليك أنبت، و بك خاصمت، أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي
ص: 177
الذي لا يموت، و الجن و الإنس يموتون» (1). رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر. و رواه مسلم عن حجاج بن الشاعر، عن أبي معمر.
أخبرنا أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، أنا محمد بن عبد اللّه بن عمرويه الصفار، حدثنا ابن أبي خيثمة، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حفص بن عمر الشني-و كان ثقة-حدثني أبو عمر ابن مرة، قال: سمعت بلال بن يسار بن زيد-مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم-قال:
سمعت أبي يحدثني عن جدي أنه سمع النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول: من قال: أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي، القيوم، غفر له و إن كان فر من الزحف.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد بن علي المقري، أنا الحسن بن محمد ابن إسحاق الأسفراييني، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن أسماء، أنا مهدي بن ميمون، حدثنا عمرو بن دينار، قال: سمعت سالم بن عبد اللّه يذكر عن أبيه، عن عمر رضي اللّه عنه: قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: من مر بسوق من هذه الأسواق، فقال: لا إله إلا اللّه، وحده لا شريك له، له الملك، و له الحمد، يحيي و يميت، و هو حي لا يموت، بيده الخير، و هو على كل شيء قدير. كتب اللّه تعالى له ألف ألف حسنة، و محى عنه ألف ألف سيئة، و بنى له بيتا في الجنة، تابعه أزهر بن سنان، عن محمد بن واسع، عن سالم بن عبد اللّه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو يعلى، حمزة بن عبد العزيز الصيدلاني، قالا: أنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا الحسن بن الصباح و غيره، قالوا: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني عثمان بن .
ص: 178
موهب، قال: سمعت أنس بن مالك رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لفاطمة رضي اللّه عنها: ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به، أن تقولي إذا أصبحت و إذا أمسيت: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين (1)» .
أخبرنا أبو عبد اللّه، الحافظ، أنا أبو عبد اللّه الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو معاوية، عن عبيد اللّه بن الوليد، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من قال حين يأوي إلى فراشه: «أستغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحي القيوم و أتوب إليه» ، كفر اللّه ذنوبه و إن كانت مثل زبد البحر.
و قد مضى بإسناد آخر أصح من هذا. و رويناه بإسناد آخر في الدعوات.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان إذا نزل به كرب، قال: يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث.
و قد قيل عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه و هذا مع إرساله أصح.
أخبرنا أبو الحسين بن بشراب-ببغداد-أنا أبو علي الحسين بن صفوان، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا القاسم بن هاشم، حدثنا الخطاب بن عثمان، حدثنا ابن أبي فديك، حدثني سعد بن سعيد، حدثني أبو بكر، إسماعيل ابن أبي فديك، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل (عليه السلام) فقال: يا محمد، قل: «توكلت على الحي الذي لا يموت» .
ص: 179
و اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي اَلْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ اَلذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً (1). هكذا جاء منقطعا.
و أخبرنا أبو الحسين، أنا أبو علي، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني هارون بن سفيان، حدثني عبيد اللّه بن محمد القرشي، عن نعيم بن مورع، عن جويبر، عن الضحاك، قال: دعا موسى (عليه السلام) حين توجه إلى فرعون، و دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم حنين، و دعا لكل مكروب: كنت و تكون و أنت حي لا تموت، تنام العيون، و تنكدر النجوم، و أنت حي قيوم، لا تأخذك سنة و لا نوم، يا حي يا قيوم.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا علي بن الفضل بن محمد بن عقيل الخزاعي، أنا جعفر بن محمد المستفاض الفريابي، حدثنا محمد بن عبد الأعلاء، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: كان من دعاء النبي صلى اللّه عليه و سلم: يا حي يا قيوم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن أحمد بن إسحاق الفقيه، إملاء، أنا محمد بن أيوب، أنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا فليح بن سليمان، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، و سعيد بن المسيب، و علقمة بن وقاص الليثي، و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن عائشة-زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم- حين قال لها أهل الإفك (2)ما قالوا، فبرأها اللّه (عز و جل) منه، و ذكر الحديث بطوله، قال فيه: قالت: فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في يومه، فاستعذر من عبد اللّه بن أبي سلول. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي، فو اللّه فو اللّه ثلاث مرات ما علمت على أهلي إلا خيرا، و قد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، و ما كان يدخل على أهلي إلا معي. فقام سعد بن معاذ رضي اللّه عنه فقال: يا رسول اللّه، أنا و اللّه أعذرك منه، إن كان من1.
ص: 180
الأوس ضربنا عنقه، و إن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا ففعلنا فيه أمرك. فقام سعد بن عبادة رضي اللّه عنه-و كان سيد الخزرج، و كان قيل ذلك رجلا صالحا و لكن احتملته الحمية-فقال: كذبت، لعمر اللّه لا تقتله و لا تقدر على ذلك. فقام أسيد بن الحضير رضي اللّه عنه فقال: كذبت، لعمر اللّه لنقتلنه و إنك منافق تجادل عن المنافقين. . . و ذكر الحديث. رواه البخاري و مسلم في الصحيح، عن أبي الربيع الزهراني (1)، و فيه أن سعد بن عبادة، و أسيد بن حضير رضي اللّه عنهما أقسما بحياة اللّه تعالى و ببقائه حيث قالا: «لعمر اللّه» بين يدي النبي صلى اللّه عليه و سلم. .
ص: 181
قال اللّه (عز و جل) : وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ (1).
يقول: لا يعلمون شيئا من علمه إلا بما شاء أن يعلمهم إياه، فيعلموه بتعليمه.
و قال (جل و علا) : قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَ اُدْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اَللّهِ وَ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (2).
و قال (جل جلاله) : لكِنِ اَللّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ (3).
و ذلك حين قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لا نجد أحدا يشهد أنك رسول اللّه. فأنزل اللّه (عز و جل) : لكِنِ اَللّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ اَلْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً (4).
و قال تبارك و تعالى: إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ اَلسّاعَةِ وَ ما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَ لا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ (5).
ص: 182
و قال تعالى: فَلَنَسْئَلَنَّ اَلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ اَلْمُرْسَلِينَ* فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما كُنّا غائِبِينَ (1).
و قال (جلت عظمته) : إِنَّما إِلهُكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (2).
و قال (جلت قدرته) فيما يقوله حملة العرش: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً (3).
و قال (جلت قدرته) : اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ اَلْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اَللّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (4). أي علمه قد أحاط بالمعلومات كلها. و قال (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّاعَةِ (5).
و قال تعالى: إِنَّمَا اَلْعِلْمُ عِنْدَ اَللّهِ (6).
و كان الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني يقول: من أسامي صفات الذات ما هو للعلم، منها: العليم، و معناه تعميم جميع المعلومات. و منها: الخبير، و يختص بأن يعلم ما يكون قبل أن يكون. و منها: الحكيم، و يختص بأن يعلم دقائق الأوصاف. و منها: الشهيد، و يختص بأن يعلم الغائب و الحاضر. و معناه أنه لا يغيب عن شيء. و منها: الحافظ، و يختص بأنه لا ينسى ما علم. و منها:
المحصي، و يختص بأنه لا تشغله الكثرة عن العلم مثل ضوء النور و اشتداد الريح، و تساقط الأوراق، فيعلم عند ذلك عدد أجزاء الحركات في كل ورقة.
و كيف لا يعلم و هو الذي يخلق. و قد قال (جل و علا) : أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ (7).4.
ص: 183
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا بشر بن موسى، حدثني الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس رضي اللّه عنهما: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر. فقال ابن عباس رضي اللّه عنهما: كذب عدو اللّه.
حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: قام موسى (عليه السلام) خطيبا في بني إسرائيل، فسأل: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. فعتب اللّه عليه، إذ لم يرد العلم إليه، فقال: إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى (عليه السلام) : أي رب، فكيف لي به؟ قال: تأخذ حوتا فتجعله في مكتل، ثم تنطلق، فحيث فقدت الحوت، فهو ثم. فأخذ حوتا فجعله في مكتل، ثم انطلق و انطلق معه به، فتاه يوشع بن نون، حتى إذا انتهى إلى الصخرة، وضعا رءوسهما، فناما، فاضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه، فسقط في البحر، فاتخذ سبيله في البحر سربا، و أمسك اللّه تعالى عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق. فلما استيقظ موسى، نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما و ليلتهما، حتى إذا كان من الغد، قال موسى لفتاه: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (1).
قال: و لم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره اللّه تعالى به، فقال له فتاه: أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى اَلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ اَلْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ اَلشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَ اِتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي اَلْبَحْرِ عَجَباً (2). قال: فكان للحوت سربا و لموسى و لفتاه عجبا.
قال موسى: ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (3).
قال: رجعا يقصان آثارهما، حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى -أي مغطى-بثوب، فسلم عليه موسى، فقال الخضر عليه السلام: و أنى4.
ص: 184
بأرضك السلام. قال: أنا موسى. قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. قال الخضر عليه السلام: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (1)، يا موسى إني على علم من علم اللّه (عز و جل) ، علمنيه لا تعلمه، و أنت على علم من علم اللّه، علمكه اللّه لا أعلمه. فقال له موسى:
سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (2) .
قال الخضر: فَإِنِ اِتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (3).
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت سفينة، فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر، فحملوهم بغير نول. فلما ركبا السفينة، لم يفجأ موسى إلا و الخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم. فقال موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (4).
قال الخضر: أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (5). قال له موسى:
لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَ لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (6) .
قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: كانت الأولى من موسى نسيانا. قال: و جاء عصفور، فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر عليه السلام: ما نقص علمي و علمك من علم اللّه تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر. ثم خرجا من السفينة، فبينما هما يمشيان على الساحل، إذ أبصرا غلاما يلعب مع الصبيان، فأخذ الخضر برأسه، فاقتلعه بيده، فقتله، فقال له موسى: أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً3.
ص: 185
نُكْراً* قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (1) . قال: و هذه أشد من الأولى. قال: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (2). قال: فَانْطَلَقا حَتّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اِسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ (3).
قال: مائلا. فقال الخضر عليه السلام بيده هكذا فأقامه، فقال موسى:
قوم أتيناهم، لم يطعمونا، و لم يضيفونا، لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً* قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً (4).
قال: فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما.
قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس رضي اللّه عنهما يقرأ: وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً (5).
و كان يقول: و أما الغلام فكان كافرا، و كان أبواه مؤمنين. رواه البخاري في الصحيح، عن الحميدي. و رواه مسلم، عن عمرو الناقض و إسحاق بن راهويه و غيرهما عن سفيان بن عيينة (6).
أخبرنا أبو عمرو، محمد بن عبد اللّه الأديب، أنا أبو بكر، أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي في معنى قول الخضر عليه السلام: ما نقص علمي و علمك من علم اللّه تعالى إلا مثل ما نقص هذا العصفور من البحر. هذا له وجهان: -ه.
ص: 186
أحدهما: أن نقر العصفور ليس بناقص للبحر، فكذلك علمنا لا ينقص من علمه شيئا. و هذا كما قيل:
و لا عيب فينا غير أن سيوفنا بهن فلول من قراع الكتائب
أي ليس فينا عيب. و على هذا قول اللّه (عز و جل) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاّ سَلاماً (1). أي لا يسمعون فيها لغوا البتة.
و الآخر: أن قدر ما أخذناه جميعا من العلم إذا اعتبر بعلم اللّه (عز و جل) الذي أحاط بكل شيء لا يبلغ من علم معلوماته في المقدار إلا كما يبلغ أخذ هذا العصفور من البحر. فهو جزء يسير فيما لا يدرك قدره، فكذلك القدر الذي علمناه اللّه تعالى في النسبة إلى ما يعلمه (عز و جل) كهذا القدر اليسير من هذا البحر. و اللّه ولي التوفيق.
قلت: و قد رواه حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير مبينا، إلا أنه وقفه على ابن عباس رضي اللّه عنهما. أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا إسماعيل بن الخليل، أنا علي بن مسهر، أنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: بينما موسى يخاطب الخضر، و الخضر يقول: أ لست نبي بني إسرائيل، فقد أوتيت من العلم ما تكتفي به، و موسى يقول له: إني قد أمرت باتباعك. و الخضر يقول: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (2).
قال: فبينا هو يخاطبه، إذ جاء عصفور، فوقع على شاطئ البحر، فنقر منه نقرة، ثم طار فذهب، فقال الخضر لموسى: يا موسى، هل رأيت الطير أصاب من البحر؟ قال: نعم. قال: ما أصبت أنا و أنت من العلم في علم اللّه (عز و جل) إلا بمنزلة ما أصاب هذا الطير من هذا البحر.7.
ص: 187
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد اللّه بن محمد الكعبي، حدثنا محمد بن أيوب، حدثنا القعنبي ح.
و أخبرنا أبو الحسين، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا القعنبي، عن عبد الرحمن بن أبي الموال، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمر كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول لنا: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، و أستقدرك بقدرتك و أسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر و لا أقدر، و تعلم و لا أعلم، و أنت علام الغيوب. اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر-يسميه بعينه الذي يريد-خيرا لي في ديني و معاشي و معادي و عاقبة أمري فاقدره لي، و يسره لي، و بارك لي فيه. اللهم و إن كنت تعلمه شرا لي -مثل الأول-فاصرفه عني، و اصرفني عنه، و اقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به، أو قال: في عاجل أمري و آجله. رواه البخاري في الصحيح، عن قتيبة بن سعيد و غيره، عن عبد الرحمن بن أبي الموال (1).
و أخبرنا أبو يعلى، حمزة بن عبد العزيز الصيدلاني، أنا أبو الفضل، عبدوس بن الحسين السمسار، حدثنا أبو حاتم، محمد بن إدريس الرازي، حدثنا محمد بن عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثني أبي، حدثني ابن أبي ليلى، عن فضيل بن عمرو، عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه كان إذا استخار اللّه (عز و جل) في امر يريد أن يصنعه يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، و أستقدرك بقدرتك، .
ص: 188
و أسألك من فضلك، فإنك تقدر و لا أقدر، و تعلم و لا أعلم، و أنت علام الغيوب. اللهم إن كان هذا خيرا لي في ديني، و خيرا لي في معيشتي، و خيرا لي فيما ينبغي فيه الخير، فخر لي في عاقبته، و يسر لي، ثم بارك لي فيه، و إن كان غير ذلك خيرا، فاقض لي الخير حيث كان و رضني بقضائك.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو عمرو بن مطر، حدثنا أبو بكر، أحمد ابن داود السمناني، حدثنا الحسن بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، حدثنا عمران بن محمد، عن أبيه، عن فضيل بن عمرو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعلمنا الاستخارة إذا أراد أحدنا أمرا أن يقول: . . . فذكر الحديث بنحوه، إلا أنه قال: و خيرا لي في عاقبتي، فيسره لي. و زاد في آخره: يا أرحم الراحمين.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا حمزة بن العباس العقبي، حدثنا عبد الكريم ابن الهيثم الديرعاقولي، حدثنا عباس بن الفضل، حدثنا يحيى بن اليمان، عن مسعر، عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال:
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعلمنا الاستخارة، يقول: إذا هم أحدكم بأمر، فليقل:
اللهم إني أستخيرك بعلمك، و أستقدرك بقدرتك. . . ثم ذكر الحديث مختصرا.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، أنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا الربيع، حدثنا حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، قال: صلى بنا عمار بن ياسر يوما صلاة فأوجز فيها، فقال بعض القوم: لقد خففت، أو كلمة نحوها، فقال: لقد دعوت بدعوات سمعتهن من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فلما انطلق عمار، اتبعه رجل و هو أبي-فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به، فقال: اللهم بعلمك الغيب، و قدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. اللهم أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة، و أسألك كلمة الحق في الغضب و الرضا، و أسألك القصد في الفقر و الغنى، و أسألك نعيما لا يبيد، و قرة عين لا تنقطع، و أسألك الرضا بعد القضاء، و أسألك برد
ص: 189
العيش بعد الموت، و أسألك لذة النظر إلى وجهك، و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، و لا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، و اجعلنا هداة مهتدين (1).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران-ببغداد-أنا أبو بكر، أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا أبو بكر بن يحيى بن جعفر بن الزبرقان-قراءة عليه-حدثنا علي بن عاصم، أنا عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رجل: لا إله إلا اللّه عدد ما أحصى علمه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
لقد رأيت الملائكة يلقى بعضها بعضا، أيهم يسبق إليها، فيكتبها، فقالت الملائكة: يا رب كيف نكتبها؟ قال: فقال (عز و جل) : اكتبوها كما قال عبدي.
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، و أبو عبد اللّه، إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، قالا: أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا العباس ابن الوليد، يعني بن مزيد، قال: أخبرني أبي، قال: سمعت الأوزاعي يقول: حدثني ربيعة بن يزيد، و يحيى بن أبي عمرو الشيباني، قالا: حدثنا عبد اللّه بن فيروز الديلمي، قال: دخلت على عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، فذكر حديثا، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن اللّه تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور يومئذ شيء، اهتدى. و من أخطأه، ضل. فلذلك أقول: جف القلم على علم اللّه. قلت: يريد بقوله: من نوره. أي من نور خلقه. قال اللّه تعالى: وَ جَعَلَ اَلظُّلُماتِ وَ اَلنُّورَ (2).م.
ص: 190
أخبرنا أبو محمد، عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بابويه المزكي، أنا أبو بكر، محمد بن المؤمل بن الحسين بن عيسى. حدثنا الفضل، يعني ابن محمد ابن المسيب الشعراني، حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي حلبس، يزيد، عن ميسرة أنه قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء رضي اللّه عنه يقول: سمعت أبا القاسم صلى اللّه عليه و سلم ما سمعته يكنيه قبلها و لا بعدها، يقول: إن اللّه (عز و جل) قال: يا عيسى ابن مريم إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون، حمدوا و شكروا. و إن أصابهم ما يكرهون، احتسبوا و صبروا، و لا حلم و لا علم. قال: يا رب، و كيف يكون هذا لهم و لا حلم و لا علم. قال: أعطيهم من حلمي و علمي.
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا الهيثم بن خارجة، أنا الحسن بن يحيى الخشني، عن صدقة الدمشقي، عن هشام الكتاني، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، عن جبريل عليه الصلاة و السلام، عن ربه (تبارك و تعالى) . . . فذكر الحديث، قال فيه: و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلا الغنى. و لو أفقرته، أفسده ذلك. و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الفقر، و لو بسطت له، أفسده ذلك. و إن من عبادي من يريد الباب من العبادة فأكفه عنه لئلا يدخله العجب، فيفسده ذلك. و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الصحة، و لو أسقمته، لأفسده ذلك. أظنه قال: و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا القسم و لو صححته، لأفسده ذلك. إني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم، إني بهم عليم خبير (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا عمر بن حفص ابن عمر، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا قيس بن الربيع، عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: بعثني العباس رضي اللّه عنه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فأتيته ممسيا و هو في بيت خالتي ميمونة رضي اللّه عنهما فقامة.
ص: 191
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلي من الليل. فلما صلى الركعتين قبل الفجر، قال: سبحان ذي القدرة و الكرم. سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه. قال: و ذكر الحديث.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق، حدثنا حبان بن هلال، حدثنا خالد الواسطي، حدثنا مطرف، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ (1).
قال: علمه. و قال غيره، عن جعفر، عن سعيد بن جبير من قوله.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: وَ أَضَلَّهُ اَللّهُ عَلى عِلْمٍ (2)، يقول: أضله اللّه في سابق علمه. و قال: في قوله تعالى: يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ أَخْفى (3).
يعلم ما أسر ابن آدم في نفسه، و ما خفي على ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه. فاللّه تعالى يعلم ذلك كله. و علمه فيما مضى من ذلك، و ما بقي علم واحد.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، أنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن الجهضم، حدثنا يحيى بن زياد الفراء، في قوله (عز و جل) : وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ (4)، أي حجة يضلهم به إلا أنا سلطناه عليهم، لنعلم من يؤمن بالآخرة. قال: فإن قال قائل: إن اللّه خبرهم بتسليط إبليس و بغير تسليطه. قلت: مثل هذا في القرآن كثير. قال اللّه (عز و جل) : وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ اَلْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ اَلصّابِرِينَ (5).1.
ص: 192
و هو يعلم المجاهدين و الصابرين بغير ابتلاء، ففيه وجهان:
أحدهما: أن العرب تشترط للجاهل إذا كلمته شبه هذا شرطا تسنده إلى أنفسها، و هي عالمة، و مخرج الكلام كأنه لمن لا يعلم من ذلك أن يقول القائل: النار تحرق الحطب. فيقول الجاهل، بل الحطب يحرق النار. فيقول العالم: سنأتي بحطب و نار لنعلم أيهما يأكل صاحبه، أو قال: أيهما يحرق صاحبه، و هو عالم، فهذا وجه بين. و الوجه الآخر: أن يقول: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ اَلْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ (1).
معناه: حتى نعلم عندكم، فكأن الفعل لهم في الأصل. و مثله مما يدلك عليه قوله: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (2).
عندكم يا كفرة. و لم يقل: عندكم. و ذلك معناه. و مثله: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْكَرِيمُ (3).
أي عند نفسك، إذ كنت تقوله في دنياك. و مثله: قال اللّه لعيسى:
أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ (4) .
و هو يعلم ما يقول و ما يجيبه. فرد عليه عيسى. و عيسى يعلم أن اللّه لا يحتاج إلى إجابته. فكما صلح أن يسأل عما يعلم، و يلتمس من عبده و نبيه الجواب. فكذلك يشترط ما يعلم من فعل نفسه، حتى كأنه عند الجاهل لا يعلم.
و حكى المزني عن الشافعي رضي اللّه عنه في قوله تعالى: وَ ما جَعَلْنَا اَلْقِبْلَةَ اَلَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ اَلرَّسُولَ (5).
يقول: إلا لنعلم أن قد علمتم من يتبع الرسول. و علم اللّه تعالى كان3.
ص: 193
قبل اتباعهم و بعده سواء. و قال غيره: إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ اَلرَّسُولَ (1)بوقوع الإتباع منه كما علمناه قبل ذلك أنه يتبعه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، أنا أبو نعيم، حدثنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (2)، قال: يكون هذا أعلم من هذا، و يكون هذا أعلم من هذا، و اللّه فوق كل عالم.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو محمد، عبد اللّه بن محمد الرازي، أنا إبراهيم بن زهير الحلواني، حدثنا مكي بن إبراهيم، أنا خالد الحذاء، عن عكرمة في قوله (عز و جل) : وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ،
قال: ذلك اللّه (عز و جل) . و من الناس، فمنهم من هو أعلم. و ذكر الأستاذ أبو نصر البغدادي رحمه اللّه أنا لا نقول: «إن اللّه ذو علم» على التنكير. و إنما نقول: إنه ذو العلم على التعريف، كما نقول: «إنه ذو الجلال و الإكرام» على التعريف. و لا نقول: «ذو جلال و إكرام» على التنكير.
أخبرنا أبو الفتح، هلال بن محمد بن جعفر ببغداد، أنا الحسين بن يحيى بن عياش، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض، حدثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ أَخْفى (3)، قال: يعلم السر في نفسك، و يعلم ما تعمل غدا.
أخبرنا أبو القاسم الحربي-ببغداد-حدثنا أحمد بن سلمان، حدثنا محمد بن عثمان العبسي، حدثنا عمي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن داود بن أبي هند، قال: إن عزيرا سأل ربه عن القدر، فقال: سألتني عن علمي، عقوبتك أن لا أسميك في الأنبياء.7.
ص: 194
قال اللّه (جل ثناؤه) : قُلْ هُوَ اَلْقادِرُ (1).
و قال (عز و جل) : بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (2).
و قال (تبارك و تعالى) : وَ إِنّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ (3).
و كان الأستاذ أبو إسحاق رحمه اللّه يقول: من أسامي صفات الذات ما يعود إلى القدرة:
منها: القاهر . و معناه الغالب.
و منها: القهار ، و معناه الذي لا يقصد إلا و يغلب.
و منها: القوي ، و معناه المتمكن من كل مراد.
و منها: المقتدر ، و معناه الذي لا يرده شيء عن المراد.
و منها: القادر ، و معناه إثبات القدرة.
و منها: ذو القوة المتين ، و معناه نفي النهاية في القدرة، و تعميم المقدورات.
ص: 195
و روى في بعض الأخبار: الغلاب، و معناه يكره على ما يريد، و لا يكره على ما يراد.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا أحمد بن عثمان النسوي، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموال، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول:
إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، و أستقدرك بقدرتك، و أسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر و لا أقدر و تعلم و لا أعلم، و أنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني و دنياي و معاشي و عاقبة أمري-أو قال: في عاجل أمري و آجله-فأقدره لي، و يسره لي، ثم بارك لي فيه. و إن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري-أو قال: في عاجل أمري و آجله-فاصرفه عني، و اصرفني عنه، و عجل لي الخير حيث كان، ثم أرضني به. رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة بن سعيد (1).
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو الحسن، محمد بن الحسن السراج، حدثنا مطير، حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى، عن فضيل ابن عمرو، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعلمنا الاستخارة إذا أراد أحدنا الأمر أن يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك و أستقدرك بقدرتك و أسألك من فضلك فإنك تقدر و لا أقدر، و تعلم و لا أعلم، و أنت علام الغيوب.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي الوراق، حدثنا عبد اللّه بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، حدثني يزيد-و هو ابن الهاد-عن عبد اللّه بن أبي سلمة رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يعلم أصحابه الاستخارة كما يعلمهما.
ص: 196
القرآن، يقول: إذا أراد أحدكم الشيء، فليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك و أستقدرك بقدرتك. . . و ذكر الحديث بمعنى حديث جابر. و هو مرسل. و بهذا الإسناد قال: حدثني يزيد-و هو ابن الهاد-أن مصعب بن شرحبيل أخبره عن أبي هريرة، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه هذا الحديث سواء. و روي من وجه آخر، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، و من وجه آخر عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا إسماعيل بن أحمد-هو الخلالي-أنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى-أنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أخبرني نافع بن جبير بن مطعم، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي، أنه شكا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ضع يدك على الذي يألم من جسدك و قل: بسم اللّه (ثلاثا) ، و قل سبع مرات: أعوذ باللّه و قدرته من شر ما أجد و أحاذر. رواه مسلم في الصحيح، عن حرملة (1).
أخبرنا أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، أنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا عطاء بن السائب، عن أبيه، قال: صلينا مع عمار بن ياسر رضي اللّه عنه صلاة، فخفف فيها. فلما انصرف، انصرف معه رجل، و هو أبي، فسأله، فقال: إني دعوت بدعوات سمعتهن من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اللهم إني أسألك بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. و أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة. و أسألك كلمة الحق في الرضا و الغضب، و أسألك القصد في الفقرح.
ص: 197
و الغنى، و أسألك برد العيس بعد الموت، و أسألك لذة النظر إلى وجهك، و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، و لا فتنة مضلة. اللهم زينا بزينة الإيمان، و اجعلنا هداة مهتدين (1).
أخبرنا عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، حدثنا أبو الحسن، محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور، أنا محمد بن يحيى بن سليمان، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا قيس بن الربيع، عن ابن أبي ليلى، عن داود بن علي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما، قال: بعثني العباس رضي اللّه عنه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأتيت ممسيا و هو في بيت خالتي ميمونة رضي اللّه عنها، قال: فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يصلي من الليل. فلما صلى الركعتين قبل الفجر، قال: . . . فذكر الحديث بطوله، قال فيه: سبحان ذي القدرة و الكرم.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن معاوية النيسابوري، حدثنا محمد بن مسلم بن وارة حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن موسى بن المسيب، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) يقول: يا ابن آدم كلكم مذنب إلا من عافيته، فاستغفروني أغفر لكم. و من علم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني، غفرت له بقدرتي و لا أبالي. و كلكم ضال إلا من هديته، فاسألوني الهدى أهدكم.
و كلكم فقير إلا من أغنيته، فاسألوني أغنكم. فلو أن أولكم و آخركم، و رطبكم و يابسكم، و حيكم و ميتكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألني كل سائل ما بلغت أمنيته فأعطيته، لم ينقص ملكي إلا كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر، فغرز فيه إبرة ثم نزعها، ذلك بأني جواد، ماجد، أفعل ما أشاء، عطائي كلام، و عذابي كلام. و إنما قولي لشيء إذا أردت، أن أقوله.
ص: 198
له: كن فيكون (1). هذا حديث محفوظ من حديث شهر بن حوشب رضي اللّه عنه.
و لذكر القدرة فيه شاهد من حديث آخر. أخبرناه أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنا عبد اللّه بن محمد بن الحسن النصرآبادي، حدثنا أحمد بن الأزهر، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثني أبي عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: قال اللّه (عز و جل) : من علم منكم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب، غفرت له و لا أبالي ما لم يشرك بي شيئا.
أخبرنا أبو أحمد، الحسين بن علوسا الأسدآبادي بها، حدثنا أبو محمد، عبد اللّه بن إبراهيم بن ماسي، حدثنا أبو شعيب، عبد اللّه بن الحسن الحراني، حدثني يحيى بن عبد اللّه بن الضحاك الحراني، حدثنا أيوب بن نهيك الحلبي الزهري، قال: سمعت مجاهدا، قال: سمعت ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال:
سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول: من قال: الحمد للّه الذي تواضع كل شيء لعظمته. و الحمد للّه الذي ذل كل شيء لعزته، و الحمد للّه الذي خضع كل شيء لملكه، و الحمد للّه الذي استسلم كل شيء لقدرته، فقالها يطلب بها ما عنده، كتب اللّه تعالى له أربعة آلاف ملك يستغفرون له إلى يوم القيامة.
و رواه أبو بكر بن إسحاق الضبعي، عن أبي شعيب، فقال في الحديث: كتب اللّه (تعالى) له بها ألف حسنة. و رفع له بها ألف درجة. تفرد به يحيى بن عبد اللّه، و ليس بالقوي، و له شاهدان موقوفان.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا أبو الحسن، طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا أبي، أخبرني السرى، عن بكر بن خنيس، عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه،ر.
ص: 199
قال: من قال: الحمد للّه الذي تواضع كل شيء لعظمته، و الحمد للّه الذي ذل كل شيء لعزته، و الحمد للّه الذي استسلم كل شيء لقدرته، و الحمد للّه الذي خضع كل شيء لملكه، كتب اللّه (تعالى) له بها ثمانين ألف حسنة، و محا عنه بها ثمانين ألف سيئة، و رفع له بها ثمانين ألف درجة.
و أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا هشام ابن علي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد اللّه بن حسان، حدثتني المدنيتان- صفية بنت عليبة، و رحيبة بنت عليبة-أن قيلة كانت إذا أخذت حظها من المضجع، قال: بسم اللّه، و أتوكل على اللّه، و وضعت جنبي لربي، و استغفرت لذنبي. فتقول هذا مرارا، ثم تقرأ من سورة البقرة عشر آيات، ثم تقرأ آية الكرسي و تقول: أعوذ باللّه، و بكلماته التامات اللاتي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما ينزل من السماء، و من شر ما يعرج فيها، و شر ما ينزل في الأرض، و شر ما يخرج منها، و من شر طارق الليل إلا طارقا يطرق بخير. آمنت باللّه و اعتصمت باللّه، الحمد للّه الذي استسلم لقدرته كل شيء، و الحمد للّه الذي ذل لعزته كل شيء، و الحمد للّه الذي تواضع لعظمته كل شيء، و الحمد للّه الذي خشع لملكه كل شيء. اللهم إني أسألك بمعاقد العز من عرشك، و منتهى الرحمة من كتابك، و بجدك الأعلى و اسمك الأكبر، و كلماتك التامات اللاتي لا يجاوزهن بر و لا فاجر أن تنظر إلينا نظرة مرحومة، لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته. و لا فقرا إلا جبرته، و لا عدوا إلا أهلكته، و لا دينا إلا قضيته، و لا عريانا إلا كسوته، و لا أمرا لنا فيه صلاح من الدنيا و الآخرة إلا أعطيتناه يا رحمن، آمنت باللّه، و اعتصمت به. ثم تقول: سبحان اللّه (ثلاثا و ثلاثين) ، ثم تقول: اللّه أكبر (ثلاثا و ثلاثين) ، ثم تحمد اللّه (أربعا و ثلاثين) ، ثم تقول لها: يا بنتي إن هذه رأس المائة، و إني حدثت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن ابنته أتته تستخدمه، فقال صلى اللّه عليه و سلم: ألا أدلك على خير من الخادم؟ فقالت: بلى. فأمرها بهذه المائة (1).ه.
ص: 200
قال اللّه (عز و جل) : أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً (1).
و قال (تبارك و تعالى) : إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلرَّزّاقُ ذُو اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِينُ (2).
و في قراءة عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه: إني أنا الرزاق ذو القوة المتين.
أخبرنا أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبيد اللّه الحربي، أنا أبو بكر محمد ابن عبد اللّه الشافعي، حدثنا إبراهيم بن دنوقا، حدثنا عبد اللّه بن صالح العجلي، حدثنا إسرائيل بن يونس ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا نصر بن علي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن ابن يزيد، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: أقرأني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إني أنا الرزاق ذو القوة المتين. قلت: و قال اللّه (عز و جل) : وَ اَلسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ (3). يعني بقوة.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: بِأَيْدٍ ، قال: يقول: بقوة.
ص: 201
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي، حدثنا آدم بن أبي أياس، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله (عز و جل) : وَ اَلسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ ، قال: يعني بقوة.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم، حدثنا خالد الحذاء، عن رجل، عن أبي العالية، عن عائشة رضي اللّه عنهما قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في سجوده بالليل مرارا: سجد وجهي للذي خلقه و شق سمعه و بصره بحوله و قوته (1). .
ص: 202
قال اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (1).
و قال (جل و علا) : وَ كانَ اَللّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً (2).
و قال (تعالى) : وَ لا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ اَلْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (3).
و قال (جل جلاله) : أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ اَلْعِزَّةَ فَإِنَّ اَلْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (4).
و قال (جلت عظمته) خبرا عن إبليس: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (5).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو الحسن، علي بن محمد بن سختويه، أنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا حماد بن يزيد، حدثنا معبد بن هلال العنزي، قال: انطلقنا إلى أنس بن مالك رضي اللّه عنه فذكر الحديث بطوله في دخولهم عليه و سؤالهم إياه حديث الشفاعة، ثم دخولهم على الحسن بن أبي الحسن البصري، قال الحسن: لقد حدثني منذ عشرين سنة.
و لقد ترك شيئا ما ندري أنسي أو كره أن يحدثكم فتتكلوا.
ص: 203
قلنا: و ما هو؟ قال: حدثنا كما حدثكم، قال: يعني النبي صلى اللّه عليه و سلم ثم أقوم في الرابعة، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: ارفع رأسك و قل يسمع لك، وسل تعط، و اشفع تشفع، فأقول: ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا اللّه. فيقال: ليس ذلك. أو ليس ذلك إليك، و عزتي و كبريائي و عظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا اللّه. رواه البخاري في الصحيح، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد. و رواه مسلم عن سعيد بن منصور (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو أحمد الحافظ، أنا أبو العباس، محمد ابن إسحاق، حدثني أبو يحيى، محمد بن عبد الرحيم، أنا أبو معمر البصري، حدثنا عبد الوارث، عن حسين، حدثني عبد اللّه بن بريدة، حدثني يحيى بن يعمر، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يقول: اللهم لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكلت، و إليك أنبت، و بك خاصمت، أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، و الجن و الإنس يموتون (2). رواه البخاري في الصحيح، عن أبي معمر، و رواه مسلم، عن حجاج بن الشاعر، عن أبي معمر.
أخبرنا أبو علي، الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر، محمد بن بكر، حدثنا أبو داود، حدثنا عبد اللّه القعنبي، عن مالك، عن يزيد بن خصيفة، قال: إن عمرو بن عبد اللّه بن كعب السلمي أخبره أن نافع بن جبير أخبره عن عثمان بن أبي العاص رضي اللّه عنه أنه أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال عثمان: و بي9.
ص: 204
وجع قد كاد يهلكني، قال: فقال لي النبي صلى اللّه عليه و سلم: امسحه بيمينك سبع مرات، و قل: أعوذ بعزة اللّه و قدرته من شر ما أجد. قال: ففعلت ذلك، فأذهب اللّه ما كان بي. فلم أزل آمر به أهلي و غيرهم.
و أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف، أنا أبو بكر، محمد بن الحسين القطان، أنا إبراهيم بن الحارث البغدادي، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زهير ابن محمد، عن يزيد بن خصيفة، عن عمرو بن عبد اللّه، عن نافع بن جبير ابن مطعم، عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي اللّه عنه قال: قدمت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و بي وجع قد كاد أن يبطلني، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اجعل يدك اليمنى عليه، ثم قل: بسم اللّه، أعوذ بعزة اللّه و قدرته من شر ما أجد (1)(سبع مرات) : ففعلت ذلك، فشفاني اللّه (عز و جل) .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثني أبو بكر، أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثني عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: بينا أيوب (عليه السلام) يغتسل عريانا، خر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، أ لم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى، و عزتك. و لكن لا غنى لي عن بركتك. رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق بن نصر، عن عبد الرزاق (2).
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار-ببغداد-أنا الحسين ابن يحيى بن عياش القطان، حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا زهير بن محمد، عن سهل بن أبي صالح، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل يخالف اللّه تعالى وجهه عن النار قبل الجنة. و مثل .
ص: 205
له شجرة ذات ظل، فقال: أي رب، قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها. قال اللّه (عز و جل) له: هل عسيت إن فعلت أن تسأل غيره؟ قال: لا و عزتك. فيقدمه اللّه تعالى إليها، و مثل له شجرة ذات ظل و ثمر. فقال: أي رب، قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها و آكل من ثمرها. قال اللّه: هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره؟ قال: لا و عزتك. فيقدمه اللّه إليها، فيمثل له شجرة أخرى ذات ظل و ثمر و ماء، فيقول: أي رب، قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها و آكل من ثمرها. و أشرب من مائها. فيقول اللّه (عز و جل) : هل عسيت إن فعلت أن تسألني غيره؟ فيقول: لا و عزتك، لا أسألنك غيره. فيقدمه اللّه تعالى إليها، فيبرز له باب الجنة، فيقول: أي رب، قدمني إلى الجنة، فأكون بحافتي الجنة، فأنظر إليها، فيقدمه اللّه (عز و جل) إليها فيرى أهل الجنة و ما فيها، فيقول: أي رب، أدخلني الجنة، فيدخله اللّه (عز و جل) الجنة، فإذا دخل الجنة، قال: هذا لي. فيقول اللّه (عز و جل) : تمن، فيذكره اللّه (عز و جل) . سل من كذا و كذا. حتى إذا انقطعت به الأماني، قال اللّه (عز و جل) : هو لك و عشرة أمثاله. قال: ثم يدخل الجنة، فيدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان له: الحمد للّه الذي أحياك لنا و أحيانا لك. قال: فيقول: ما أعطى أحد مثل ما أعطيت.
قال: و أدنى أهل النار عذابا من ينعل نعلين يعني من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو بكر بن عبد اللّه أنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، و يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قالا: حدثنا يحيى بن أبي بكر بإسناده، و معناه، رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بنه.
ص: 206
أبي شيبة، و أخرجاه من حديث عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة و أبي سعيد رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو الحسين، علي بن محمد المقري، أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحاق الأسفراييني، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا أبو الربيع، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: دعا اللّه (عز و جل) جبريل (عليه الصلاة و السلام) فأرسله إلى الجنة، فقال: أنظر إليها، و ما أعددت لأهلها. فرجع فقال: و عزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها. فحفت بالمكاره. فقال: ارجع إليها فانظر إليها، فرجع فقال: و عزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد. ثم أرسله إلى النار، فقال: اذهب إلى النار، فانظر إليها و ما أعددت لأهلها. فرجع و قال: و عزتك لا يدخلها أحد يسمع بها. فحفت بالشهوات. فقال: عد إليها فانظر إليها. فرجع فقال: و عزتك، لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها.
أخبرنا أبو الحسين، محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، أنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا محمد بن الحسين الحسيني، حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، حدثنا أبو إسحاق، عن أبي مسلم الأغر أنه حدثه عن أبي سعيد و أبي هريرة رضي اللّه عنهما قالا: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يقول اللّه (عز و جل) : العز إزاري، و الكبرياء ردائي. فمن نازعني فيهما، عذبته (1)، رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن يوسف، عن عمر بن حفص. و قال: إزاره: رداؤه. قلت: و إنما أراد بهذا أنهما صفتان له. يقال: اتزر فلان بالصلاح، و ارتدى بالورع، على معنى أنه اتصف بهما. و اللّه أعلم.
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إبراهيم بن إسحاق، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير حدثنا سعد الطائي، عن أبي مدله أنه سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه يحدث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، و الصائم حين يفطر، و دعوة المظلوم تحمل على الغمام، و يفتح لها أبواب السماء.ا.
ص: 207
و يقول الرب (عز و جل) : و عزتي لأنصرنك و لو بعد حين (1).
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد، حدثنا جعفر بن محمد، حدثنا قتيبة، حدثنا ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إن الشيطان قال: و عزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم. يعني في أجسادهم. قال الرب (عز و جل) و عزتي و جلالي، و ارتفاع مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروني (2).
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو علي الرفا، أنا علي بن عبد العزيز، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا يزيد بن قتيبة الجرشي، حدثنا الفضل بن الأغر الكلابي، عن أبيه، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم خرج على أصحابه يوما فقال لهم: هل تدرون ما يقول ربكم (عز و جل) ؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم. قالها ثلاثا. قال: قال (عز و جل) : و عزتي لا يصليها عبد لوقتها إلا أدخلته الجنة. و من صلى لغير وقتها إن شئت رحمته، و إن شئت عذبته.
أخبرنا الشريف، أبو الفتح، أنا عبد الرحمن بن سريح، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا شيبان، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، حدثني مولى ابن مسعود، قال: دخل أبو مسعود على حذيفة رضي اللّه عنهما، فقال: اعهد إليّ.
فقال له: أ لم يأتك اليقين؟ قال: بلى و عزة ربي. قال: فاعلم أن الضلالة حق. الضلالة أن تعرف ما كنت تنكر، و أن تنكر ما كنت تعرف. و إياك و التلون، فإن دين اللّه واحد. قلت: العزة إن كانت بمعنى الشدة و هي القوة، فمعناها يرجع إلى صفة القدرة. و كذلك إن كانت بمعنى الغلبة فمعناها يعود إلى القدرة. و إن كانت بمعنى نفاسة القدر، فإنها ترجع إلى استحقاق الذات تلك العزة.ء.
ص: 208
و هذه صفات يستحقها بذاته. قال اللّه (عز و جل) : وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (1).
و قال (جل و علا) : تَبارَكَ اِسْمُ رَبِّكَ ذِي اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (2).
و قال (جل جلاله) : وَ لَهُ اَلْكِبْرِياءُ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (3).
و قال تعالى: اَلْعَزِيزُ اَلْجَبّارُ اَلْمُتَكَبِّرُ (4).
و قال (جلت عظمته) : وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ (5).
و قال (جلت قدرته) : فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ اَلْعَظِيمِ (6).
و قال (تبارك و تعالى) : إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (7).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا الحسن بن
ص: 209
الفضل البجلي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا معبد بن هلال العنزي، عن الحسن البصري، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في حديث الشفاعة، قال: ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، و قل يسمع لك، و اشفع تشفع.
فأقول: يا رب، فيمن قال: لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر. فيقول: و عزتي و جلالي و عظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا اللّه. رواه البخاري في الصحيح، عن سليمان بن حرب. و رواه مسلم عن سعيد بن منصور، عن حماد، إلا أنه قال في الحديث: و عزتي و كبريائي و عظمتي. . . كما سبق ذكره (1).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل-ببغداد-أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا محمد بن عبد الملك بن مروان، حدثنا يزيد بن هارون، أنا عاصم، عن أبي الوليد، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: ما كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يجلس بعد الصلاة إلا قدر ما يقول: اللهم أنت السلام و منك السلام، تباركت يا ذا الجلال و الإكرام. أخرجه مسلم في الصحيح، من وجه آخر، عن عاصم الأحول، و خالد الحذاء. و أخرجه أيضا من حديث ثوبان رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم (2).
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو القاسم، سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا الفريابي ح.
قال سليمان: و حدثنا حفص بن عمرو، حدثنا قبيصة، أنا سفيان، عن سعيد الجريري، عن أبي الورد، عن ثمامة، عن اللجلاج، عن معاذ بن جبل رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه مر برجل و هو يقول: اللهم إني أسألك الصبر. فقال: .
ص: 210
سألت اللّه البلاء، فاسأله العافية. و مر برجل و هو يقول: يا ذا الجلال و الإكرام.
فقال: قد استجيب لك. و مر برجل يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة، فقال:
أ تدري ما تمام النعمة؟ فقال: دعوة دعوت بها أرجو بها الخير. قال: فإن تمام النعمة الفوز بالنجاة من النار و دخول الجنة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني أبو علي، أحمد بن إبراهيم الموصلي، حدثنا خلف بن خليفة، عن حفص بن أخي أنس، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: كنا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في حلقة، و رجل قائم يصلي. فلما ركع و سجد، تشهد و دعا، فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات و الأرض، يا ذا الجلال و الإكرام، يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم لقد دعا اللّه باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب. و إذا سئل به أعطى (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا مسدد حدثنا معتمر، قال: سمعت داود الطفاوي يحدث عن أبي مسلم البجلي، عن زيد بن أرقم رضي اللّه عنه، قال: سمعت نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في دبر صلاة الغداة، أو في دبر الصلاة: اللهم ربنا و رب كل شيء، أنا شهيد أنك أنت الرب، وحدك لا شريك لك. اللهم ربنا و رب كل شيء، أنا شهيد أن محمدا عبدك و رسولك. اللهم ربنا و رب كل شيء، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة. اللهم ربنا و رب كل شيء، اجعلني مخلصا لك، و أهلي في كل ساعة في الدنيا و الآخرة، ذا الجلال و الإكرام، اسمع و استجب. اللّه أكبر الأكبر، اللّه نور السموات و الأرض، اللّه أكبر الأكبر، حسبي اللّه و نعم الوكيل. اللّه أكبر الأكبر.
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن أبي المعروف الفقيه، حدثنا أبو سهل، بشر .
ص: 211
ابن أحمد، حدثنا داود بن الحسين البيهقي، حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي الحباب، سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي.
رواه مسلم في الصحيح، عن قتيبة بن سعيد (1).
أخبرنا أبو صادق العطار، و محمد بن موسى بن الفضل، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد اللّه بن وهب، أنا سليمان بن بلال، حدثني عمرو، عن محصن بن علي النهري، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: إذا سأل أحدكم ربه مسألة، فتعرف الاستجابة، فليقل: الحمد للّه الذي بعزته و جلاله تتم الصالحات. و من أبطأ عنه من ذلك شيء، فليقل: الحمد للّه على كل حال.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي عيسى الطحان، حدثني عون بن عبد اللّه، عن أخيه، أو عن أبيه، عن النعمان بن بشير رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إن الذين يذكرون من جلال اللّه و تهليله و تكبيره و تسبيحه ينعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل، يذكرن بصاحبهن، فما يحب أحدكم أن يكون له عند اللّه تعالى مذكر يذكر به.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، حدثني معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن عاصم ابن حميد، عن عوف بن مالك الأشجعي رضي اللّه عنه، قال: قمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، و لا يمر بآية عذاب إلاه.
ص: 212
وقف فتعوذ. قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت و الملكوت و الكبرياء و العظمة، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك.
ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، و علي بن الجعد، قالا: حدثنا شعبة ح.
و أخبرنا أبو الحسن المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، أنا عمرو بن مرزوق، أنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة-مولى الأنصار-عن رجل من بني عبس، عن حذيفة رضي اللّه عنه أنه رأى النبي صلى اللّه عليه و سلم يصلي من الليل، فكان يقول: اللّه أكبر (ثلاثا) ، سبحان ذي الملكوت و الجبروت و الكبرياء و العظمة. . . و ذكر الحديث، لفظ حديث الروذباري. و في رواية المقري أنه صلى مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعني صلاة الليل. فلما كبر، قال: اللّه أكبر ذو الملكوت و الجبروت و الكبرياء و العظمة (1).
أخبرنا أبو سعيد، محمد بن موسى، أنا أبو عبيد اللّه محمد بن عبد اللّه الصفار، أنا أحمد بن محمد بن عيسى البرتي القاضي، حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبادة ابن مسلم، حدثني جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم رضي اللّه عنه أنه كان جالسا مع ابن عمر رضي اللّه عنهما فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في دعائه حين يمسي و حين يصبح، لم يدعه حتى فارق الدنيا، أو حتى مات: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا و الآخرة. اللهم إني أسألك العفو و العافية في ديني و أهلي و مالي. اللهم استر عوراتي، و آمن روعاتي. اللهم احفظني من بين يدي و من خلفي، و عن يميني و عن شمالي، و من فوقي. أعوذ بعزتك أن أغتال من تحتي (2).ت-
ص: 213
قال جبير: و هو الخسف. قال عبادة: فلا أدري قول النبي صلى اللّه عليه و سلم هذا أو قول جبير.
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الصفار، حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي-ببغداد-حدثنا سهل بن بكار، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، و علي بن يزيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فيما يحكى عن ربه (عز و جل) ، قال: الكبرياء ردائي، و العظمة إزاري. فمن نازعني منهما شيئا، قصمته.
و أخبرنا الشيخ أبو بكر بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا حماد بن سلام، عن عطاء بن السائب، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: يقول اللّه (عز و جل) :
العظمة إزاري، و الكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدة منهما، قذفته في جهنم (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر، حدثنا عمر بن حفص، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن أبي إسحاق، عن أبي مسلم الأغر، عن أبي هريرة، و أبي سعيد رضي اللّه عنهما، قالا: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
يقول اللّه (عز و جل) : العز إزاري، و الكبرياء ردائي. فمن نازعني شيئا منهما، عذبته. رواه مسلم في الصحيح، عن أحمد بن يوسف، عن عمر بن حفص بن غياث (2).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا أبو الربيع، حدثنا هيثم، أنا هشام بن حسان، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا رفع رأسه .
ص: 214
من الركوع، قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض و ملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء و المجد. اللهم لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت، و لا ينفع ذا الجد منك الجد (1). رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن هيثم.ه.
ص: 215
و كلتاهما عبارتان عن معنى واحد. و كان الأستاد أبو إسحاق (رحمه اللّه) يقول: من أسامي صفات الذات ما يعود إلى الإرادة منها: الرحمن. و هو المريد لرزق كل حي في دار البلوى و الامتحان.
و منها: الرحيم . و ذلك المريد لإنعام أهل الجنة.
و منها: الغفار . و هو المريد لإزالة العقوبة بعد الاستحقاق.
و منها: الودود . و هو المريد للإحسان إلى أهل الولاية.
و منها: العفو . و هو المريد لتسهيل الأمور على أهل المعرفة.
و منها: الرءوف ، و هو المريد للتخفيف عن العباد.
و منها: الصبور . و هو المريد لتأخير العقوبة.
و منها: الحليم . و هو المريد لإسقاط العقوبة في الأصل على المعصية.
و منها: الكريم . و هو المريد لتكثير الخيرات عند المحتاج.
و منها: البر و هو المريد لإعزاز أهل الولاية.
و من أصحابنا من ذهب إلى أن هذه الأسامي من صفات الفعل.
و معناها الفاعل لهذه الأشياء.
ص: 216
قول اللّه (عز و جل) : وَ نُقِرُّ فِي اَلْأَرْحامِ ما نَشاءُ (1).
و قوله تعالى: يَزِيدُ فِي اَلْخَلْقِ ما يَشاءُ (2).
و قوله (جل و علا) : فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (3).
و قوله (جلت عظمته) : يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ اَلذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (4).
و قوله (تبارك و تعالى) : اَللّهُ يَبْسُطُ اَلرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ لَهُ (5).
و قوله تعالى: يَهْدِي اَللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ (6).
و قوله (عز و جل) : وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ (7).
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن مهران، حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي الزبير المكي، قال: إن عامر
ص: 217
ابن وائلة حدثه أنه سمع عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه يقول: الشقي من كتب في بطن أمه، و السعيد من وعظ بغيره. فأتاه رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري، فحدثه بذلك من قول ابن مسعود رضي اللّه عنه، قال: و كيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال الرجل: أتعجب من ذلك، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إذا مر بالنطفة ثنتان و أربعون ليلة، بعث اللّه تعالى إليها ملكا، فصورها، و خلق سمعها و بصرها، و جلدها، و لحمها، و عظامها.
ثم قال: يا رب، أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، و يكتب الملك. ثم يقول: يا رب أجله. فيقول ربك ما شاء. و يكتب الملك، فيقول: يا رب رزقه. فيقضي ربك ما شاء. و يكتب الملك. ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على أمر و لا ينقص. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي الطاهر، و رواه ابن جريج، عن أبي الزبير، و زاد فيه: فقال يا رب، شقي أم سعيد؟ فيقضي ربك ما يشاء، و يكتب الملك (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج بن منهال، و أبو النعمان، قالا: حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عبيد اللّه ابن أبي بكر، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه تعالى و كل بالرحم ملكا يقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة. فإذا أراد اللّه (عز و جل) أن يقضي خلقها، قال: أي رب، أ ذكر أم أنثى؟ أ شقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه. رواه البخاري في الصحيح، عن أبي النعمان. و رواه مسلم، عن أبي كامل، عن حماد (2).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران-ببغداد-أنا أبو جعفر، محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا أبو اسماعيل الباجيل، محمد بن باجيل السلمي، حدثنا أبو صالح، .
ص: 218
عبد اللّه بن صالح، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، حدثه أن أبا الوداك جبر بن نوف أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الغرل، فقال: ما من كل الماء يكون الولد. و إذا أراد اللّه تعالى خلق شيء، لم يمنعه شيء. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن وهب، عن معاوية بن صالح.
ص: 219
باب قول اللّه (عز و جل) : وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (1).
و قوله (جل و علا) : وَ ما يَذْكُرُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (2).
و قوله (جلت عظمته) : وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ مَا اِقْتَتَلَ اَلَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ (3).
و قوله (جلت قدرته) : وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ مَا اِقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اَللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (4).
و قوله تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ (5).
و قوله: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ ما فَعَلُوهُ (6).
و قوله (تبارك و تعالى) : قُلْ لَوْ شاءَ اَللّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَ لا أَدْراكُمْ بِهِ (7).
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن الحسين العلوي، حدثنا أبو بكر، محمد بن الحسين القطان، حدثنا أبو الأزهر، أحمد بن الأزهر، حدثنا أبو أسامة، عن يزيد بن عبد اللّه بن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى رضي اللّه عنه، قال: قال
ص: 220
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اشفعوا إلى فلتؤجروا، و ليقض اللّه على لسان نبيه ما شاء.
رواه البخاري في الصحيح عن أبي كريب، عن أبي أسامة. و أخرجه مسلم من وجه آخر عن يزيد، و قال فيه: ما أحب. و معناه ما أراد (1).
أخبرنا أبو علي، الحسين بن محمد الروذباري، أنا أحمد القاسم بن أبي صالح الهمذاني، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي، عن سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، قال: إن الحسين بن علي أخبره عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم طرقه و فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رضي اللّه عنها، فقال لهم:
ألا تصلون. قال علي رضي اللّه عنه فقلت: يا رسول اللّه: إن أنفسنا بيد اللّه تعالى، فإذا شاء أن يبعثنا، بعثنا. فانصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين قلت له ذلك، و لم يرجع إلى شيئا و هو مدبر، يضرب فخذه و يقول: وَ كانَ اَلْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (2). رواه البخاري في الصحيح، عن إسماعيل بن أبي أويس.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا علي بن عبد العزيز، حدثنا شجاع بن مخلد، حدثنا هشيم، عن حصين، عن عبد اللّه بن أبي قتادة، عن أبيه في حديث الميضأة، قال: فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (تعالى) قبض أرواحكم حين شاء، وردها حين شاء. فقضوا حوائجهم، فتوضئوا إلى أن ابيضت يعني الشمس، ثم قام فصلى. رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن سلام، عن هشيم (3).بي
ص: 221
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا أبو مسلم، عثمان بن عمر الضبي، لفظ أبي مسلم، قالا: حدثنا عمرو بن مرزوق، أنا المسعودي، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، عن عبد اللّه، هو ابن مسعود رضي اللّه عنه، قال: لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الحديبية، نزل منزلا، فعرس فيه، فقال: من يحرسنا؟ فقال عبد اللّه: أنا أنا، فقال:
أنت؟ (مرتين أو ثلاثا) يعني إنك تنام. ثم قال صلى اللّه عليه و سلم: أنت لها. فحرست. فلما كان في وجه الصبح أدركني ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فنمت، فلم نستيقظ إلا بحر الشمس على ظهورنا. فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فصنع كما كان يصنع، ثم صلى الصبح، ثم قال: إن اللّه تعالى لو شاء لم تناموا عنها، و لكن أراد أن تكون لمن بعدكم، فهكذا. أي لمن نام أو نسي (1).
أخبرنا أبو القاسم، عبد الواحد بن محمد بن إسحاق بن النجار المقري بالكوفة، أنا أبو جعفر، محمد بن علي بن دحيم الشيباني، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا عمرو بن حماد، عن أسباط، عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في سفر، فقال القوم: عرس بنا. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من يوقظنا؟ فقلت: أنا أحرسكم فأوقظكم. فنمت و ناموا، فما استيقظنا إلا بحر الشمس في رءوسنا. و كان النبي صلى اللّه عليه و سلم من آخرنا، فقام فتوضأ، و القوم، فصلى ركعتين، ثم صلى الفجر.
و زعم عبد اللّه بن العلاء بن خباب، عن أبيه، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال حين استيقظ: لو شاء اللّه، أيقظنا. و لكنه أراد أن يكون لمن بعدكم.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن .
ص: 222
إسحاق، أنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعى بن حراش، عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: رأى رجل من المسلمين في النوم أنه لقي رجلا من أهل الكتاب، فقال: نعم القوم أنتم، لو لا أنكم تشركون، تقولون: ما شاء اللّه و محمد.
فذكر ذلك للنبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال: إني كنت لأكرهها لكم، قولوا: ما شاء اللّه، ثم شاء فلان (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا علي بن ممشاد العدل-إملاء-حدثنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جندل بن والق، حدثنا عبيد اللّه بن عمرو بن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن الطفيل بن عبد اللّه. و كان أخا عائشة رضي اللّه عنها لأمها أنه رأى فيما يرى النائم أنه لقي رهطا من النصارى فقال: نعم القوم أنتم لو لا أنكم تزعمون أن المسيح ابن اللّه. قال: أنتم القوم لو لا تقولون: ما شاء اللّه و شاء محمد. ثم لقي رهطا من اليهود فقال:
أنتم القوم لو لا أنكم تزعمون أن عزيرا ابن اللّه. قال: و أنتم قوم تقولون: ما شاء اللّه و شاء محمد. قال: فأتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقصها عليه، فقال صلى اللّه عليه و سلم: حدثت بها أحدا بعد؟ فقال: نعم، فحمد اللّه تعالى، و أثنى عليه، ثم قال: إن أخاكم قد رأى ما بلغكم، فلا تقولوها، و لكن قولوا: ما شاء اللّه وحده لا شريك له. تابعه شعبة، و حماد بن سلمة، عن عبد الملك بن عمير هكذا.
و في رواية شعبة: و لكن قولوا: ما شاء اللّه، ثم شاء محمد. و قيل عن عبد الملك، عن جابر بن سمرة. قال البخاري: حديث شعبة أصح من حديث ابن عيينة. (2).
أخبرنا أبو محمد بن يوسف، و أبو زكريا بن أبي إسحاق، قالا: أنا أبو عبد اللّه بن يعقوب، أنا محمد بن عبد الوهاب، أنا جعفر بن عون ح.ا.
ص: 223
و أخبرنا أبو علي، الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان-ببغداد-أنا حمزة بن محمد بن العباس، حدثنا عباس بن محمد الدوري، حدثنا جعفر بن عون، أنا الأجلح، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس (رضي اللّه عنهما) ، قال:
جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يكلمه في بعض الأمر، فقال الرجل لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما شاء اللّه و شئت. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أ جعلتني للّه عدلا؟ بل شاء اللّه وحده (1).
أخبرنا أبو علي، الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبة، عن منصور، عن عبد اللّه بن يسار، عن حذيفة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: لا تقولوا: ما شاء اللّه و شاء فلان. و لكن قولوا: ما شاء اللّه، ثم شاء فلان.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعي رضي اللّه عنه: المشيئة إرادة اللّه تعالى. قال اللّه (عز و جل) : وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (2). فاعلم اللّه تعالى خلقه أن المشيئة له دون خلقه، و أن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء اللّه. فيقال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ما شاء اللّه ثم شئت. و لا يقال: ما شاء اللّه و شئت.
قال: و يقال مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ (3)فإن اللّه تعالى تعبد العباد بأن فرض طاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. فإذا أطيع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقد أطيع اللّه (تعالى) بطاعة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا العباس بن الوليد بن مزيد، قال: أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعي، قال: أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم يهودي، فسأله عن المشيئة، فقال: المشيئة للّه (تعالى) . قال: فإني أشاء3.
ص: 224
أن أقوم. قال: قد شاء اللّه أن تقوم. قال: فإني أشاء أن أقعد. قال: فقد شاء اللّه أن تقعد. قال: فإني أشاء أن أقطع هذه النخلة. قال: فقد شاء اللّه أن تقطعها. قال فإني أشاء أن أتركها. قال: فقد شاء اللّه أن تتركها. قال:
فأتاه جبريل عليه الصلاة و السلام فقال: لقنت حجتك، كما لقنها إبراهيم عليه السلام. قال: و نزل القرآن، فقال: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اَللّهِ وَ لِيُخْزِيَ اَلْفاسِقِينَ (1).
قلت: هذا و إن كان مرسلا فما قبله من الموصولات في معناه يؤكده.
و باللّه التوفيق و العصمة.5.
ص: 225
ص: 226
الأسماء و الصّفات للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي
المتوفّى سنة 458 ه
رحمه اللّه تعالى
الجزء الثاني
حقّق نصوصه و خرّج أحاديثه
الدّكتور عبد الرّحمن عميرة
دار الجيل بيروت
ص: 227
ص: 228
قول اللّه (عز و جل) : ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (1).
و قوله تعالى: وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها (2).
و قوله (جل و علا) : وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى اَلْهُدى (3).
و قوله (تبارك و تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً (4).
و قوله (جلت عظمته) : وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ اَلنّاسَ أُمَّةً واحِدَةً (5).
و قوله (جل و علا) : فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (6).
و قوله (جلت عظمته) : وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7).
و قوله (عز و جل) : مَنْ يَشَأِ اَللّهُ يُضْلِلْهُ وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (8).
ص: 229
و قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اَللّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ (1).
و قوله (جل جلاله) : كَذلِكَ يُضِلُّ اَللّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ (2).
و قوله (تبارك و تعالى) : لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَ اَللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (3).
و قوله (جلت قدرته) : وَ اَللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ اَلسَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (4).
و قوله (جل و علا) : إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اَللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ (5).
و قوله (جل جلاله) : وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ اَلظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ (6).
و قوله تعالى: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ اَلظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (7).
و قوله (عز و جل) : وَ يُعَذِّبَ اَلْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ (8).
و قوله فيما قال (تبارك و تعالى) : رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيّايَ (9).5.
ص: 230
و قوله تعالى: إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ (1).
و قوله (جلت قدرته) : ذلِكَ هُدَى اَللّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (2).
و قوله (جل جلاله) : اَللّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ (3).
و قوله (جلت عظمته) : يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ (4).
و قوله (تبارك و تعالى) : وَ اَللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ (5).
و قوله (جل و علا) : وَ لكِنَّ اَللّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ (6).
و قوله (تعالى) : يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ (7).
و قوله (عز و جل) : إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ (8).
و قوله (جل جلاله) : وَ اَللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ (9).
و قوله (جلت عظمته) : يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ (10).
و قوله (تعالى) : ذلِكَ فَضْلُ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ (11).4.
ص: 231
و قوله (جل و علا) : إِنَّ اَلْفَضْلَ بِيَدِ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ (1).
و قوله (تبارك و تعالى) : يُلْقِي اَلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (2).
و قوله (جل جلاله) : وَ لكِنَّ اَللّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (3).
و قوله تعالى: فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ (4).
و قوله (عز و جل) : فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ (5).
و قوله (جل و علا) : فَيَبْسُطُهُ فِي اَلسَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ (6).
و قوله (جلت عظمته) : فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ (7).
و قوله (تعالى) : وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ (8).
و قوله (جل و علا) : وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ (9).
و قوله (جل و علا) : وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ (10).
و قوله (تعالى) : وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَأَعْنَتَكُمْ (11).
و قوله (جلت عظمته) : يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ (12).9.
ص: 232
و قوله (عز و جل) : قُلِ اَللّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ (1).
و قوله (عز و جل) : فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ (2).
و قوله تعالى: يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ (3).
و قوله (تبارك و تعالى) : وَ عَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ (4).
و قوله (جل جلاله) : وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ (5).
و قوله (جل و علا) : يُؤْتِي اَلْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ (6).
و قوله (عز و جل) : إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ (7).
و قوله (جلت عظمته) : مَنْ كانَ يُرِيدُ اَلْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ (8).
و قوله تعالى: وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ (9).
و قوله (جلت قدرته) : إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ اَلرِّيحَ (10).
و قوله (تعالى) : وَ إِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (11).8.
ص: 233
و قوله (عز و جل) : إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ (1).
و قوله (جل و علا) : وَ نُفِخَ فِي اَلصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اَللّهُ (2).
و قوله (جلت عظمته) : ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (3).
و قوله (جل جلاله) : وَ هُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (4).
و قوله (تبارك و تعالى) : إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (5).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو الحسن، علي بن أحمد بن قرقوب التمار بهمدان، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فوجد عنده أبا جهل، و عبد اللّه بن أبي أمية بن المغيرة. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم لأبي طالب: أي عم، قل: لا إله إلا اللّه كلمة أحاج لك بها عند اللّه. فقال أبو جهل، و عبد اللّه بن أبي أمية: أ ترغب عن ملة عبد المطلب! فلم يزل النبي صلى اللّه عليه و سلم يعرضها عليه و يعيد أنه بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم هو على ملة عبد المطلب. و أبى أن يقول:
لا إله إلا اللّه. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: أما و اللّه لأستغفرن لك ما لم أنه عنك.
فأنزل اللّه (عز و جل) : ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ اَلْجَحِيمِ (6).3.
ص: 234
فأنزل اللّه (تعالى) في أبي طالب على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اَللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ (1).
رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان، و أخرجاه من حديث معمر و غيره عن الزهري (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو طاهر الفقيه، و أبو زكريا بن أبي إسحاق، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالوا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، حدثنا المقري، حدثنا حياة، أنا أبو هانى أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: إنه سمع عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما يقول: إنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين اصبعين من أصابع الرحمن (جل جلاله) كقلب واحد، يصرفها كيف يشاء. ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اللهم يا مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك. رواه مسلم في الصحيح، عن زهير بن حرب، و ابن نمير، عن عبد اللّه بن يزيد المقري (3).
و أخبرنا أبو عبد اللّه، و أبو طاهر، و أبو زكريا، و أبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أنا محمد، حدثنا بشر بن بكر، عن ابن جابر، قال: سمعت بشر بن عبيد اللّه، قال: سمعت أبا إدريس الخولاني، يقول: سمعت النواس بن سمعان الكلابي، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، و إن شاء أزاغه.
و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا علىه.
ص: 235
دينك. و الميزان بيد الرحمن يرفع أقواما و يضع آخرين إلى يوم القيامة.
أخبرنا أبو بكر، محمد بن الحسن بن فورك الإمام، أنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا ابن سعد، عن الزهري ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الصفار-إملاء-حدثنا أبو جعفر، أحمد بن مهدي بن رستم-صاحب أبي عبيد- حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرني شعيب عن الزهري، قال: أخبرني سالم بن عبد اللّه أن عبد اللّه بن عمر (رضي اللّه عنهما) قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو قائم على المنبر يقول: ألا إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. أعطى أهل التوراة التوراة، فعملوا بها، حتى انتصف النهار، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا، و أعطى أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا به حتى صلاة العصر، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطا قيراطا.
ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غروب الشمس، فأعطيتم قيراطين قيراطين. فقال أهل التوراة و الإنجيل: ربنا هؤلاء أقل عملا و أكثر أجرا.
فقال: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ فقالوا: لا. فقال: فضلي أوتيه من أشاء. لفظ حديث شعيب. رواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان، عن عبد العزيز الأوسي، عن إبراهيم بن سعد (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا خلف بن عمرو العكبري، حدثنا معافا بن سليمان، حدثنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي بن أسامة العامري، و هو ابن ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: مثل المؤمن مثل خامة الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها. فإذا سكنت اعتدلت. قال: و كذلك المؤمن يكفأ بالبلاء. و مثل الكافر كمثل الأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها اللّه إذا شاء. رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن سنان، عن فليح (2).ن-
ص: 236
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال و هو في قبة يوم بدر:
اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم. فأخذ أبو بكر رضي اللّه عنه بيده، فقال:
حسبك يا رسول اللّه، فقد ألححت على ربك. يعني في الدعاء. فخرج صلى اللّه عليه و سلم و هو يقول: سَيُهْزَمُ اَلْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ اَلدُّبُرَ* بَلِ اَلسّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَ اَلسّاعَةُ أَدْهى وَ أَمَرُّ (1). رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن عبد اللّه بن حوشب، عن عبد الوهاب الثقفي.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن جعفر القطيعي، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا داود بن أبي الفرات، حدثنا عبد اللّه ابن بريدة، عن يحيى بن معمر، عن عائشة رضي اللّه عنه أنها قالت: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن الطاعون، فأخبرني رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه كان عذابا يبعثه اللّه على من يشاء، فجعله رحمة للمؤمنين. فليس من رجل يقع به الطاعون فيمكث في بيته صابرا محتسبا، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب اللّه له، إلا كان له مثل أجر الشهيد. أخرجه البخاري في الصحيح من وجه آخر، عن داود (2).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، و محمد بن موسى بن الفضل، قالا: أنا أبو محمد، أحمد بن عبد اللّه المزني، أنا علي بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، و سعيد بن المسيب، قالا: إن أبا هريرة رضي اللّه عنه قال: استب رجل من .
ص: 237
المسلمين و رجل من اليهود، فقال المسلم: و الذي اصطفى محمدا على العالمين -في قسم يقسم به-و قال اليهودي: و الذي اصطفى موسى على العالمين.
فرفع المسلم عند ذلك يده، فلطم اليهودي. فذهب اليهودي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فأخبره بالذي كان من أمره و أمر المسلم، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لا تخيروني على موسى، فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدري أ كان فيمن صعق فأفاق قبلي، أم كان ممن استثنى اللّه (عز و جل) . رواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان. و رواه مسلم عن عبد اللّه بن عبد الرحمن و أبي بكر بن إسحاق، عن ابن اليمان (1).
حدثنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي-إملاء-أنا أبو القاسم، عبد اللّه بن إبراهيم بن بابويه المزكي، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثناه أبو هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال اللّه تعالى: لا يقل ابن آدم: يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهر، أرسل الليل و النهار، فإذا شئت قبضتهما (2).
قال الشافعي رضي اللّه عنه في رواية حرملة: تأويله-و اللّه أعلم-أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر و تسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هدم أو تلف أو غير ذلك، فيقولون: إنما يهلكنا الدهر. و هو الليل و النهار، فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر و أبادهم الدهر، فيجعلون الليل و النهار اللذان يفعلان ذلك، فيذمون الدهر بأنه الذي يفنينا و يفعل بنا. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لا تسبوا الدهر على أنه يفنيكم، و الذي يفعل بكم هذه الأشياء، فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء، فإنماه.
ص: 238
تسبون اللّه (تبارك و تعالى) . فإن اللّه (عز و جل) فاعل هذه الأشياء.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران-ببغداد-أنا أبو الحسن، علي بن محمد المصري، حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا جدي سعيد بن أبي مريم، أخبرني يحيى بن أيوب، حدثنا عيسى بن موسى بن إياس بن البكير، قال: إن صفوان بن سليم حدثه عن أنس ابن مالك رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: اطلبوا الخير دهركم كله، و تعرضوا لنفحات رحمة اللّه (تعالى) فإن للّه (عز و جل) نفحات من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده، و سلوا اللّه (عز و جل) أن يستر عوراتكم، و يؤمن روعاتكم (1).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ (2).
يبدل اللّه ما يشاء من القرآن فينسخه، و يثبت ما يشاء، و لا يبدله.
وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتابِ .
يقول: جملة ذلك عنده في أم الكتاب الناسخ و المنسوخ، و ما يبدل، و ما يثبت، كل ذلك في كتاب.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ (3). يقول أضللناهم عن الهدى، فكيف يهتدون! و قال مرة:
أعميناهم عن الهدى.6.
ص: 239
قول اللّه (عز و جل) : يُرِيدُ اَللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ (1).
و قوله: وَ اَللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ (2).
و قوله: وَ أَنَّ اَللّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (3).
و قوله: إِنَّ اَللّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (4).
و قوله: يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ (5).
و قوله: يُرِيدُ اَللّهُ بِكُمُ اَلْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ اَلْعُسْرَ (6).
و قوله: ما يُرِيدُ اَللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (7).
و قوله: فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي اَلسَّماءِ (8).
ص: 240
و قوله: وَ مَنْ يُرِدِ اَللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اَللّهِ شَيْئاً أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ (1).
و قوله: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اَللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ اَلْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً (2).
و قوله: وَ إِذا أَرادَ اَللّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ (3).
و قوله: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها (4).
و قوله خبرا عن الجن: وَ أَنّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي اَلْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (5).
و قوله: مَنْ كانَ يُرِيدُ اَلْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ (6).
و قوله: فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ يَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ (7).
و قوله: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (8).
و قوله: فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ (9).
و قوله: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي اَلدُّنْيا (10).5.
ص: 241
و قوله: إِنْ كانَ اَللّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ (1).
و قوله: قُلْ مَنْ ذَا اَلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اَللّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً (2).
و قوله: قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اَللّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ (3).
و قوله: وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا اَلْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ: يا قَوْمِ . . إلى قوله:
إِنْ يُرِدْنِ اَلرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَ لا يُنْقِذُونِ (4) .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا إسماعيل بن أحمد، أنا محمد بن الحسن ابن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، أنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعت معاوية ابن أبي سفيان، و هو خطيب يقول: إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: من يرد اللّه به خيرا يفقهه في الدين. و إنما أنا قاسم، و يعطي اللّه. رواه مسلم في الصحيح، عن حرملة، و رواه البخاري، عن سعيد بن عفير و غيره عن ابن وهب (5).
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان، عن الزهري، سمع عروة يحدثه عن كرز بن علقمة الخزاعي، قال: سأل رجل النبي صلى اللّه عليه و سلم: هل .
ص: 242
للإسلام منتهى؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أيما أهل بيت من العرب و العجم أراد اللّه بهم خيرا، أدخل عليهم الإسلام. فقال: ثم ما ذا؟ قال: ثم يقع الغنى كأنها الظلل. قال الرجل: كلا و اللّه إن شاء اللّه! قال: بلى، و الذي نفسي بيده لتعودن فيها أساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض.
قال الزهري: أساود صبا: الحية السوداء إذا أراد أن ينهش ارتفع هكذا ثم انصب.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن مكرم، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا مالك، عن ابن أبي صعصعة، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من يرد اللّه به خيرا يصب منه. رواه البخاري في الصحيح، عن عبد اللّه بن يوسف، عن مالك.
أخبرنا أبو القاسم، علي بن محمد بن علي الأيادي المالكي-ببغداد- بانتخاب أبي القاسم الطبري، قال: أنا أبو بكر، أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي، حدثنا عبيد بن عبد الواحد، حدثنا ابن أبي مريم، أنا محمد بن جعفر، قال: أخبرني حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا أراد اللّه بعبد خيرا، استعمله. قال: و كيف يستعمله يا رسول اللّه؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت (1).
حدثنا الإمام أبو الطيب، سهل بن محمد بن سليمان، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم، حدثنا أبو أمية، محمد بن إبراهيمس.
ص: 243
الطرسوسي، حدثنا يحيى بن عبد اللّه بن يحيى بن أبي كثير، حدثنا عبد اللّه بن يحيى ابن أبي كثير، عن أبيه، عن جبير بن نضير، عن عمرو بن الحمق كعلم قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا أراد اللّه بعبد خيرا عمله. قالوا: و كيف يعمله؟ قال: يهديه لعمل صالح حتى يقبضه عليه. تابعه عبد الرحمن بن جبير بن نضير، عن أبيه.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا موسى بن عامر، حدثنا الوليد ح.
و أخبرنا أبو سعيد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبدوس، حدثنا موسى بن أيوب النصيبي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنه قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا أراد اللّه بالأمير خيرا، جعل له وزير صدق.
إن نسي، ذكره. و إن ذكر، أعانه. و إذا أراد به غير ذلك، جعل له وزير سوء. إن نسي، لم يذكره. و إن ذكر، لم يعنه (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة ح.
و أخبرنا أبو الحسين، علي بن عبد اللّه بن إبراهيم الهاشمي-ببغداد-حدثنا أبو جعفر، محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا أحمد بن ملاعب بن حيان، حدثنا عفان ابن مسلم، عن حماد بن سلمة، أنا يونس عن الحسن بن عبد اللّه بن مغفل، قال: إن رجلا لقي امرأة كانت بغيا في الجاهلية، قال: فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها، فقالت المرأة: مه، إن اللّه تعالى قد ذهب بالشرك و جاء بالإسلام، فولى الرجل، فأصاب وجهه الحائط، فأتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فأخبره فقال:
أنت عبد أراد اللّه بك خيرا، إن اللّه (عز و جل) إذا أراد بعبد خيرا، عجل لهه.
ص: 244
عقوبة ذنبه. و إذا أراد بعبد شرا، أمسك عليه بذنبه حتى يوافي يوم القيامة كأنه عير.
أخبرنا أبو القاسم، زيد بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي هاشم العلوي بالكوفة، أنا أبو جعفر، محمد بن علي بن دحيم، حدثنا محمد بن الحسين ابن أبي حسين، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إذا أراد اللّه بعبده الخير، عجل له العقوبة في الدنيا. و إذا أراد بعبده الشر، أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة (1).
أخبرنا أبو القاسم الحربي-ببغداد-حدثنا أبو سعيد، أحمد بن محمد بن أبي عثمان النيسابوري، حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني، حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا أبو أسامة، حدثنا يزيد بن عبد اللّه، عن أبي بردة، عن أبي موسى رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه تعالى إذا أراد رحمة أمة من عباده، قبض نبيها قبلها، فجعله لها سلفا و فرطا. و إذا أراد هلاك أمة، عذبها و نبيها حي، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه و عصوا أمره. أخرجه مسلم في الصحيح فقال: حدثت عن أبي أسامة رضي اللّه عنه (2).
أخبرنا الأستاذ أبو بكر، محمد بن الحسين بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي أيوب، عن أبي المليح الهذلي، عن أبي عزة الهذلي، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه تبارك و تعالى إذا أراد قبض عبد بأرض، جعل له بها حاجة.م.
ص: 245
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، سمعت بكر بن محمد الصيرفي يقول: سمعت إسماعيل بن إسحاق يقول: سمعت علي بن المديني يقول: أبو عزة اسمه يسار بن عبد هذلي، له صحبة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو الحسين بن علي الحافظ، أنا محمد بن الحسن ابن قتيبة، حدثنا حرملة بن يحيى، أنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أخبرني حمزة بن عبد اللّه بن عمر، قال: إن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إذا أراد اللّه بقوم عذابا، أصاب من كان فيهم، ثم بعثهم على أعمالهم. رواه مسلم في الصحيح، عن حرملة بن يحيى.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، أنا أبو حاتم الرازي، حدثنا أبو ثوبة، حدثنا حفص بن ميسرة، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنه، قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا أراد اللّه بأهل بيت خيرا، أدخل عليهم الرفق في المعاش.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو طاهر المحمدآبادي، حدثنا أبو عمران، موسى بن هارون بن عبد اللّه-ببغداد-حدثنا إبراهيم بن محمد بن عباس بن عثمان الشافعي، حدثنا أبو غرازة، محمد، يعني ابن عبد الرحمن التيمي، قال: أخبرني أبي، عن القاسم عن عائشة رضي اللّه عنه، قالت: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: الرفق يمن، و الخرق شؤم. و إذا أراد اللّه بأهل بيت خيرا، أدخل عليهم الرفق. إن الرفق لم يكن في شيء، إلا زانه، و الخرق لم يكن في شيء قط إلا شانه. و إن الحياء من الإيمان. و إن الإيمان في الجنة. و لو كان الحياء رجلا، لكان صالحا. و إن الفحش من الفجور. و إن الفجور في النار. و لو كان الفحش رجلا يمشي في الناس، لكان رجلا سوء (1).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بنك.
ص: 246
أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: وَ مَنْ يُرِدِ اَللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اَللّهِ شَيْئاً (1). يقول: من يرد اللّه ضلالته، فلن يغني عنه من اللّه شيئا. و بإسناده عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ (2).
يعني الكفار الذين لم يرد اللّه أن يطهر قلوبهم، فيقولون: لا إله إلا اللّه. ثم قال وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ اَلْكُفْرَ (3). و هم عباده الصالحون، الذين قال: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ (4).
فألزمهم شهادة أن لا إله إلا اللّه، و حببها إليهم.
و بإسناده عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها (5).
يقول: سلطنا أشرارها، فعصوا فيها. و إذا فعلوا ذلك، أهلكناهم بالعذاب، و هو قوله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها (6).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد العوفي، قال: حدثني أبي، سعد بن محمد بن الحسن بن عطية، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية، حدثني أبي، عن جدي عطية بن سعد، عن عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً (7).
يقول: من يرد اللّه أن يضله، يضيق عليه حتى يجعل الإسلام عليه5.
ص: 247
ضيّقا، و الإسلام واسع. و ذلك حيث يقول: وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي اَلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (1).
يقول: ليس في الإسلام من ضيق.
أخبرنا أبو بكر، أحمد بن الحسن القاضي، و أبو سعيد، محمد بن موسى ابن الفضل، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا أبو الجواب، حدثنا سفيان الثوري، عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر المدائني أنه سئل عن قول اللّه (عز و جل) : فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ (2).
قال: نور يقذف به في الجوف، فينشرح له الصدر و ينفسح. قيل له:
هل لذلك إمارة يعرف بها؟ قال: نعم، إنابة إلى دار الخلود، و التجافي عن دار الغرور، و استعداد للموت قبل مجيء الموت (3).
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، حدثنا أبو منصور النضروي، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا سفيان، عن خالد بن أبي كريمة، من عبد اللّه بن المسور-و كان من ولد جعفر بن أبي طالب-قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ (4)، فقالوا: فهل لذلك علم يعرف به؟ قال: نعم، إذا دخل النور القلب، انفسح و انشرح. قالوا: فهل لذلك علم يعرف به؟ قال: نعم، الإنابة إلى دار الخلود، و التجافي عن دار الغرور، و الاستعداد للموت قبل نزول الموت. هذا منقطع.
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنا عبد اللّه بن محمد بن الحسن الشرقي، حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، حدثنا عبد الرحمن بن5.
ص: 248
مهدي، حدثنا عمر بن ذر، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه يقول: لو أراد اللّه تعالى أن لا يعصى، لم يخلق إبليس. و قد تبين ذلك في آية من كتاب اللّه (عز و جل) و فصلها، علمها من علمها، و جهلها من جهلها: ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ* إِلاّ مَنْ هُوَ صالِ اَلْجَحِيمِ (1).
و قد روي في هذا خبر مرفوع.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر، أحمد بن إسحاق الفقيه، أنا محمد بن أيوب، أنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا عباد، حدثنا إسماعيل بن عبد السلام، عن زيد بن عبد الرحمن، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي اللّه عنه، قال: قال صلى اللّه عليه و سلم: لو أراد اللّه أن لا يعصى ما خلق إبليس.
و حدثنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني-إملاء-أنا أبو عمرو ابن مطر، حدثنا أبو خليفة، أنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا عباد بن عباد، عن عمر ابن ذر، قال: سمعت عمر بن عبد العزيز يقول: لو أراد اللّه أن لا يعصى ما خلق إبليس.
و حدثني مقاتل بن حبان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لأبي بكر رضي اللّه عنه: يا أبا بكر، لو أراد اللّه أن لا يعصى، ما خلق إبليس.3.
ص: 249
قول اللّه (عز و جل) : وَ لِلّهِ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ (1).
و قوله تعالى: إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ (2).
و قوله (جل و علا) : إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو النضر، محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا سفيان، قال الزهري:
حدثناه. قال: أخبرني أبو إدريس الخولاني، عن عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه قال: كنا عند النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: تبايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئا، و لا تزنوا، و لا تسرقوا. الآية. فمن و في منكم، فأجره على اللّه تعالى. و من أصاب من ذلك شيئا فعوقب به، فهو كفارة. و من أصاب من ذلك شيئا فستره اللّه، فهو إلى اللّه تعالى، إن شاء عذبه، و إن شاء غفر له. رواه البخاري في الصحيح، عن علي بن عبد اللّه. و رواه مسلم عن يحيى بن يحيى، و غيره عن سفيان.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة
ص: 250
رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: احتجت الجنة و النار، فقالت النار: يدخلني المتكبرون، و يدخلني الجبارون. و قالت الجنة: يدخلني الضعفاء، و يدخلني المساكين. فقال اللّه (عز و جل) للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء. و قال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء. و لكل واحدة منكما ملؤها. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي عمر، عن سفيان. و أخرجه البخاري من وجه آخر (1). .
ص: 251
قول اللّه (عز و جل) : اَللّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (1).
و قوله (جل جلاله) : وَ يَفْعَلُ اَللّهُ ما يَشاءُ (2).
و قوله: إِنَّ اَللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (3).
و قوله: فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (4).
و قوله: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (5).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر، محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت. و: ارحمني إن شئت. أو: ارزقني إن شئت. ليعزم مسألته. إنه يفعل ما يشاء، لا مكره له. رواه البخاري في الصحيح، عن يحيى، عن عبد الرزاق. و أخرجه مسلم من وجه آخر (6).
ص: 252
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر، أحمد بن سليمان الموصلي، حدثنا علي بن حرب الموصلي، حدثنا عبد اللّه بن إدريس ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر، حدثنا الحسن ابن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد اللّه بن إدريس، عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيى بن حيان، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: المؤمن القوي خير و أحب إلى اللّه تعالى من المؤمن الضعيف. و في كل خير. احرص على ما ينفعك، و استعن باللّه، و لا تعجز.
و إن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا و كذا. قل: قدر اللّه و ما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبا جعفر الثقفي يقول: حدثني شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، عن ربه (عز و جل) ، قال: يقول: يا عبادي: كلكم مذنب إلا من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم بقدرتي. من علم منكم أني ذو مقدرة على المغفرة فاستغفرني، غفرت له و لا أبالي. و كلكم ضال إلا من هديت، فسلوني الهدى أهدكم.
و كلكم فقير إلا من أغنيت، فسلوني أرزقكم. يا عبادي: لو أن أولكم و آخركم، و رطبكم و يابسكم و حيكم و ميتكم اجتمعوا على أتقى قلب عبد من عبادي لم يزد ذلك في ملكي جناح بعوضة. و لو اجتمعوا على أشقى قلب عبد من عبادي، لم ينقص ذلك من ملكي جناح بعوضة. و لو أن أولكم و آخركم4.
ص: 253
و رطبكم و يابسكم و حيكم و ميتكم اجتمعوا فسأل كل سائل منهم ما سأل، لم ينقص ذلك مما عندي شيئا، كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر فغمس فيه إبرة، ثم انتزعها. ذلك بأني جواد ماجد أفعل ما أشاء، عطائي كلام، و عذابي كلام. و إذا أردت شيئا، فإنما أقول له: كن فيكون (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا عبد العزيز بن عبيد اللّه الأويسي، حدثنا سليمان بن بلال، عن عيسى بن يزيد، عن محمد بن أبي جعفر، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه انصرف ليلة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فسمعته يكثر في الوتر، يقول: اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي، و تجمع بها أمري، و تلم بها شعثي، و ترفع بها شاهدي، و تحفظ بها غائبي، و تبيض بها وجهي، و تزكي بها عملي، و تلهمني بها رشدي، و تعصمني بها من كل سوء. اللهم إني أسألك رحمة من عندك أنال بها شرف كرامتك في الدنيا و الآخرة. اللهم ذا الأمر الرشيد، و الحبل الشديد:
أسألك الأمن يوم الوعيد، و الجنة يوم الخلود، مع المقربين الشهود، إنك رحيم ودود، فعال لما تريد. و رويناه من حديث داود بن علي بن عبد اللّه بن عباس، عن أبيه، عن جده رضي اللّه عنهم.
أخبرنا أبو القاسم الحربي-ببغداد-حدثنا أحمد بن سلمان، حدثنا محمد بن عبد اللّه بن سليمان، حدثنا عباس النرسي، حدثنا جعفر بن سليمان، عن الجريري، عن أبي نضرة، قال: ينتهي القرآن كله إلى: إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (2).
و رواه معتمر بن سليمان، قال: قال أبي: حدثنا أبو نضرة، عن جابر، أو أبي سعيد، أو بعض أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال في هذه الآية: إنها قاضية على القرآن كله إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (3).7.
ص: 254
قال المعتمر: قال أبي: يعني على كل وعيد في القرآن.
أخبرنا الأستاذ الإمام أبو عثمان، أنا أبو سعيد الرازي، حدثنا محمد بن أيوب، أنا عبيد اللّه بن معاذ، حدثنا معتمر، فذكره. و إنما أراد-و اللّه أعلم-أنه فعّال لما يريد. فإن أراد أن يعفو عن المسيء، ما أوعد على أسامة فعل. غير أنه قد قيده في آية أخرى. بما دون الشرك، فقال: إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ (1).
و هو فيما دون الشرك على كل وعيد في القرآن. و اللّه أعلم.8.
ص: 255
قال اللّه (عز و جل) : وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اَللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ (1).
و قال لنبيه صلى اللّه عليه و سلم: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اَللّهُ (2).
و قال (تبارك و تعالى) سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى* إِلاّ ما شاءَ اَللّهُ (3).
أخبرنا أبو يعلى، حمزة بن عبد العزيز الصيدلاني، أنا أبو جعفر، محمد ابن أحمد الرازي، حدثنا أبو زرعة، عبيد اللّه بن عبد الكريم الرازي، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا عمر بن يونس، عن عيسى بن عون بن حفص بن فرافصة، عن عبد الملك بن زرارة الأنصاري، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما أنعم اللّه على عبد من نعمة من أهل، أو مال، أو ولد، فيقول: ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه، فيرى فيه آفة دون الموت.
و أخبرنا أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبيد اللّه الحربي-ببغداد-أنا أبو بكر، أحمد بن سلمان الفقيه، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن أبي الدنيا القرشي، حدثنا الحسن بن الصباح، حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عيسى بن عون الحنفي، فذكر بإسناده نحوه.
ص: 256
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو النضر الفقيه، حدثنا علي بن محمد ابن عيسى، حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال:
أخبرني سعيد بن المسيب، و عطاء بن يزيد الليثي، أن أبا هريرة رضي اللّه عنه أخبرهما أن الناس قالوا للنبي صلى اللّه عليه و سلم: يا رسول اللّه: هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فذكر حديث الرؤية، و ذكر من يوثق بعلمه، و من يخردل. قال: ثم ينجو، حتى إذا أراد اللّه رحمة من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن أخرجوا من كان يعبد اللّه تعالى، فيخرجونهم و يعرفونهم بأثر السجود. و ذكر الحديث في الرجل الذي يبقى بين الجنة و النار، يقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني ريحها، و أحرقني ذكاؤها. فيقول اللّه (عز و جل) : فهل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا و عزتك. فيعطي ربه ما يشاء من عهد و ميثاق. فيصرف اللّه تعالى وجهه عن النار. فإذا أقبل بوجهه على الجنة، فرأى بهجتها، فيسكت ما شاء اللّه أن يسكت. ثم قال: يا رب:
قدمني عند باب الجنة. . . و ذكر الحديث. أخرجاه في الصحيح (1).
أخبرنا أبو محمد بن يوسف، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا هشام بن أبي عبد اللّه، عن قتادة، عن أنس رضي اللّه عنه قال: إن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فذكر حديث الشفاعة. و فيه قال: فإذا رأيت ربي، وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني. ثم يقال لي: ارفع يا محمد، قل يسمع، و سل تعط، و اشفع تشفع. . . ثم ذكر الحديث، و أعاد ذكر السجود. و قوله: فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني مرتين آخرتين، أخرجاه في الصحيح (2).ث.
ص: 257
و أخرجا حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في رواية: بينا أنا نائم، رأيتني على قليب، فنزعت ما شاء اللّه أن أنزع. و هذه لفظة جارية على لسان المصطفى صلى اللّه عليه و سلم، ثم على ألسنة الصحابة رضي اللّه عنه فمن بعدهم إلى يومنا هذا. و باللّه التوفيق.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، قال: قال أبو داود:
حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا عبد اللّه بن وهب، قال: أخبرني عمرو أن سالم الضراء حدثه أن عبد الحميد مولى بني هاشم حدثه أن أمه حدثته، و كانت تخدم بعض بنات النبي صلى اللّه عليه و سلم أن ابنة النبي صلى اللّه عليه و سلم حدثتها أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يعلمها فيقول: قولي حين تصبحين: سبحان اللّه و بحمده، لا قوة إلا باللّه، ما شاء اللّه كان، و ما لم يشأ لم يكن، أعلم أن اللّه على كل شيء قدير، و أن اللّه قد أحاط بكل شيء علما. و أنه من قالها حين يصبح، حفظ حتى يمسي.
و من قالها حين يمسي، حفظ حتى يصبح (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن إبراهيم الخسروجردي، من أصل سماعه، أنا أبو حامد، أحمد بن محمد بن الحسن الخسروجردي، حدثنا داود بن الحسين الخسروجردي، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي الدرداء، عن زيد بن ثابت رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دعاه و أمره أن يتعاهده و يتعاهد به أهله كل يوم، قال حين يصبح: لبيك اللهم لبيك، لبيك و سعديك، و الخير في يديك، و منك و بك و إليك. اللهم ما قلت من قول، أو حلفت من حلف، أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يدي ذلك كله. ما شئت كان، و ما لم تشأ لا يكون. لا حول و لا قوة إلا بك، إنك على كل شيء قدير. اللهم ما صليته.
ص: 258
من صلاة فعلى من صليت. و ما لعنت من لعن، فعلى من لعنت، أنت وليي في الدنيا و الآخرة. توفني مسلما و ألحقني بالصالحين، أسألك اللهم الرضا بعد القضاء، و برد العيش بعد الموت، و لذة النظر إلى وجهك، و شوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة، و لا فتنة مضلة أعوذ بك أن أظلم أو أظلم، أو أعتدي أو يعتدى عليّ، أو أكسب خطيئة أو ذنبا لا تغفره. اللهم فاطر السموات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، ذا الجلال و الإكرام، فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا و أشهدك، و كفى باللّه شهيدا أني أشهد أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، لك الملك و لك الحمد، و أنت على كل شيء قدير.
و أشهد أن محمدا عبدك و رسولك، و أشهد أن وعدك حق، و لقاؤك حق، و الساعة آتية لا ريب فيها، و أنك تبعث من في القبور، و أشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى وهن و عورة و ذنب و خطيئة، و إني لا أثق إلا برحمتك، فاغفر لي ذنبي كله، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، و تب عليّ، إنك أنت التواب الرحيم. تابعه بقية بن الوليد، عن أبي بكر في المشيئة، و له شاهد من وجه آخر، عن أبي الدرداء في المشيئة.
أخبرنا أبو يعلى الصيدلاني، أنا أبو عمرو، محمد بن محمد بن عبدوس الأنماطي، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو خالد، هدبة بن خالد، أنا الأغلب ابن تميم، حدثنا الحجاج بن فرافصة، عن طلق، قال: جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي اللّه عنه فقال: يا أبا الدرداء أ احترق بيتك؟ قال: ما احترق، ثم جاء آخر فقال مثل ذلك. فقال: ما احترق. ثم جاء آخر فقال مثل ذلك. فقال: ما احترق. ثم جاء آخر فقال: يا أبا الدرداء، انبعثت النار حتى انتهت إلى بيتك طفئت. قال: قد علمت أن اللّه (عز و جل) لم يكن ليفعل. قال: يا أبا الدرداء، ما ندري أي كلامك أعجب، قولك: ما احترق. أو قولك: قد علمت أن اللّه لم يكن ليفعل ذلك. قال:
ذاك كلمات سمعتهن من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من قالهن حين يصبح، لم تصبه مصيبة حتى يمسي: «اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، عليك توكلت، و أنت رب العرش الكريم. ما شاء اللّه كان، و ما لم يشأ لم يكن، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم. أعلم أن اللّه على كل شيء قدير، و أن اللّه قد أحاط بكل شيء علما. اللهم
ص: 259
إني أعوذ بك من شر نفسي، و من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم (1)» .
و روى بعض ألفاظ الأول عن أبي ذر رضي اللّه عنه من قوله. أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن داسة، قال: قال أبو داود: حدثنا ابن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا المسعودي، حدثنا القاسم، قال: كان أبو ذر رضي اللّه عنه يقول: من قال حين يصبح:
اللهم ما حلفت من حلف، أو قلت من قول، أو نذرت من نذر فمشيئتك بين يدي ذلك كله، ما شئت كان، و ما لم تشأ لم يكن. اللهم اغفره و تجاوز لي عنه. اللهم فمن صليت عليه فعليه صلاتي، و من لعنت، فعليه لعنتي كان في استثناء يومه ذلك.
أخبرنا أبو زكريا، يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، قال: بلغنا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه كان يقول إذا خطب: كل ما هو آت قريب، لا بعد لما هو آت. لا يعجل اللّه لعجلة أحد، و لا يخفف لأمر الناس. ما شاء اللّه، لا ما شاء الناس. يريد الناس أمرا، و يريد اللّه أمرا. و ما شاء اللّه كان، و لو كره الناس. لا مبعد لما قرب اللّه، و لا مقرب لما أبعد اللّه. و لا يكون شيء إلا بإذن اللّه (2).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران-ببغداد-أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن جعفر بن برقان، قال:
قال ابن مسعود رضي اللّه عنه: . . . فذكره من قوله موقوفا مرسلا. فكأنه أخذه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.ظ.
ص: 260
قول اللّه (عز و جل) : وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (1).
و قوله: لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرامَ إِنْ شاءَ اَللّهُ (2).
و قوله خبرا عن نوح عليه السلام إذ قال لقومه: إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اَللّهُ إِنْ شاءَ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (3).
و قوله خبرا عن الخليل عليه الصلاة و السلام، إذ قال لقومه: وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً (4).
و قوله خبرا عن الذبيح عليه السلام إذ قال للخليل عليه الصلاة و السلام: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ مِنَ اَلصّابِرِينَ (5).
و قوله خبرا عن يوسف عليه السلام إذ قال لإخوته: اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اَللّهُ آمِنِينَ (6).
و قوله خبرا عن شعيب عليه السلام إذ قال لموسى عليه الصلاة و السلام: وَ ما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ مِنَ اَلصّالِحِينَ (7).
ص: 261
و قال لقومه: وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ رَبُّنا (1).
و قوله خبرا عن الكليم إذ قال للخضر عليهما الصلاة و السلام:
سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ صابِراً (2) .
و قال خبرا عن قوم موسى عليه السلام: إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَ إِنّا إِنْ شاءَ اَللّهُ لَمُهْتَدُونَ (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو محمد، أحمد بن عبد اللّه المزني، أنا علي بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرني شعيب، عن الزهري، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لكل نبي دعوة. و أريد إن شاء اللّه أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة. رواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان. و أخرجه مسلم من وجهين آخرين، عن الزهري (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني، حدثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرا رضي اللّه عنه يقول: أخبرتني أم مبشر أنها سمعت النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول عند حفصة رضي اللّه عنه: لا يدخل النار إن شاء اللّه تعالى أحد من أصحاب الشجرة الذين بايعوني تحتها، قالت: بلى يا رسول اللّه. فانتهرها.
فقالت حفصة رضي اللّه عنه: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها (5).
فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: و قد قال اللّه تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ نَذَرُ1.
ص: 262
اَلظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (1) . رواه مسلم في الصحيح، عن هارون بن عبد اللّه، عن حجاج بن محمد (2).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، حدثنا محمد بن حياة الأسفراييني، سنة ثمان و خمسين و مائتين، أنا أبو اليمان الحكم بن نافع، أنا شعيب، أنا أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إني لأطمع أن يكون حوضي إن شاء اللّه (تعالى) أوسع ما بين أيلة إلى دمشق، و أن فيه من الأباريق لأكثر من عدد الكواكب.
أخبرنا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي، أنا أبو بكر (3)، أحمد بن سلمان الفقيه، قال: قرئ على يحيى بن جعفر و أنا أسمع، أنا أبو أحمد الزبيري، حدثنا سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعلمهم إذا دخل المقابر، فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين و المسلمين، إنا إن شاء اللّه بكم لاحقون. نسأل اللّه لنا و لكم العافية (4). رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، و غيره عن الزبيري. و أخرجه أيضا من حديث عائشة، و أبي هريرة رضي اللّه عنهما، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم (5).ث.
ص: 263
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر الرزاز، حدثنا سعدان بن نضر، حدثنا يزيد بن هارون، أنا شعبة، عن قتادة، عن أنس رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «المدينة يأتيها الدجال، فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يدخلها الدجال و لا الطاعون إن شاء اللّه تعالى» . رواه البخاري في الصحيح، عن إسحاق بن منصور، و يحيى بن موسى، عن يزيد بن هارون (1).
حدثنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني-إملاء-أنا أبو سعيد، أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي العباس، عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعني بالطائف ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن أبي العباس الشاعر الأعمى، عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما قال:
لما حاصر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئا، قال: إنا قافلون إن شاء اللّه. فثقل عليهم، و قالوا: نذهب و لم نفتحه! فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اغدوا على القتال. فأصابهم جراح. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إنا قافلون غدا إن شاء اللّه تعالى. فأعجبهم ذلك. قال: فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم (2).
قال علي: حدثنا بهذا الحديث سفيان غير مرة عن عمرو، عن أبي العباس، عن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما، و لم يقل عبد اللّه بن عمر. و رواه .
ص: 264
البخاري في الصحيح عن علي بن عبد اللّه هكذا. و رواه مسلم عن أبي بكر ابن أبي شيبة و زهير بن حرب و ابن نمير. و رواه البخاري عن عبد اللّه بن محمد، كلهم عن ابن عيينة، فقالوا كما قال الزعفراني، و هو في نسختي لكتاب مسلم كما قال علي بن المديني. و علي بن المديني أحفظهم. و قد تابعه الحميدي على ما قال. و اللّه أعلم.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو محمد، أحمد بن عبد اللّه المزني، أنا علي بن محمد بن عيسى، حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين أراد قدوم مكة: «منزلنا غدا إن شاء اللّه تعالى بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر» . رواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، حدثنا إسحاق بن عمر بن سليط، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، قال: قال أنس رضي اللّه عنه: كنت بين المدينة و مكة مع عمر ابن الخطاب رضي اللّه عنه ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا عمران بن موسى الجرجاني، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت، عن أنس رضي اللّه عنه قال: كنا مع عمر رضي اللّه عنه بين مكة و المدينة، فتراءينا الهلال، و كنت رجلا حديد البصر. و ليس أحد يزعم أنه رآه غيري.
قال: فجعلت أقول لعمر رضي اللّه عنه: أ ما تراه! فجعل لا يراه. قال: يقول عمر رضي اللّه عنه: سأراه و أنا على فراشي مستلق، ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فقال: إن .
ص: 265
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يرينا مصارع أهل بدر بالأمس، يقول: هذا مصرع فلان غدا إن شاء اللّه تعالى. قال عمر رضي اللّه عنه: فوالذي بعثه بالحق ما أخطئوا الحدود التي حد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. قال: فجعل في بئر بعضهم على بعض، فانطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى انتهى إليهم فقال: يا فلان بن فلان، و يا فلان بن فلان: هل وجدتم ما وعدكم اللّه و رسوله حقا؟ فإني وجدت ما وعدني اللّه حقا. قال عمر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه، كيف تكلم أجسادا لا أرواح فيها! قال صلى اللّه عليه و سلم: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علينا شيئا (1). لفظ حديث شيبان. و في رواية إسحاق أن النبي صلى اللّه عليه و سلم ليرينا مصارع أهل بدر بالأمس، يقول: هذا مصرع فلان غدا إن شاء اللّه تعالى. و هذا مصرع فلان إن شاء اللّه تعالى. و ذكر الباقي بمعناه. رواه مسلم في الصحيح، عن إسحاق بن عمر بن سليط، و شيبان بن فروخ.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا إبراهيم بن الحارث، حدثنا يحيى ابن أبي بكير، حدثنا سليمان بن المغيرة، قال: حدثني ثابت البناني، عن عبد اللّه بن رباح، عن أبي قتادة رضي اللّه عنه قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: إنكم ستسيرون عشيتكم و ليلتكم، ثم تأتون الماء غدا إن شاء اللّه تعالى. قال: فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد في المسير. و ذكر الحديث بطوله. أخرجه مسلم في الصحيح، عن حديث سليمان بن المغيرة.
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دخل على أعرابي يعوده، فقال: لا بأس .
ص: 266
عليك، طهور إن شاء اللّه تعالى. فقال الأعرابي: طهور! كلا بل حمى تفور، على شيخ كبير، كيما تزيره القبور. قال: فنعم إذا. رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن عبد اللّه، عن عبد الوهاب الثقفي (1).
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي-إملاء-أنا أبو حامد الشرقي، حدثنا محمد بن عقيل، حدثنا حفص، عن عبد اللّه، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، قال: أخبرني أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال سليمان بن داود عليهما الصلاة و السلام:
لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، كل واحدة تأتي بفارس يقاتل في سبيل اللّه، فقال صاحبه: قل: إن شاء اللّه. فلم يفعل-لم يقل إن شاء اللّه-فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهم إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. و أيم الذي نفس محمد بيده لو قال: إن شاء اللّه، لجاهدوا في سبيل اللّه أجمعون (2).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني عبد اللّه بن محمد بن عبد الرحمن، حدثنا سعيد بن عبد اللّه الحدثاني، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد. . . فذكره بإسناده نحوه، إلا أنه قال: تسعين امرأة. و قال في آخره: لجاهدوا في سبيل اللّه فرسانا أجمعون. رواه مسلم في الصحيح، عن سويد ابن سعيد. و أخرجاه من وجه آخر عن أبي الزناد (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو النضر، محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس أنه سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: قالث.
ص: 267
سليمان عليه السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كلهن تلد غلاما يقاتل في سبيل اللّه (عز و جل) . فقال له صاحبه-يعني الملك-قل إن شاء اللّه.
فنسي. فأطاف بهن فلم تأت امرأة بولد إلا واحدة بشق غلام. قال أبو هريرة رضي اللّه عنه: يرونه لو قال: إن شاء اللّه، لم يحنث، و كان دركا له في حاجته.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر، حدثنا عبد اللّه بن محمد، حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: قال سليمان بن داود عليهما الصلاة و السلام. . . فذكره. قال: و حدثنا سفيان عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مثله أو نحوه. رواه البخاري في الصحيح، عن علي بن المديني بالإسنادين. و رواه مسلم عن ابن أبي عمر (1).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، و عبيد اللّه بن عبد اللّه السجستاني، قالا: حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من حلف فقال: إن شاء اللّه، فإن شاء مضى، و إن شاء رجع غير حانث» .
أخبرنا أبو نضر بن قتادة، أنا علي الرفا، أنا علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عون، أنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «و اللّه لأغزون قريشا و اللّه لأغزون قريشا. فقال في الثالثة: إن شاء اللّه» .
أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان-ببغداد-أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا عبد اللّه بن يوسف، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا محمد بن المهاجر، عن الضحاك المعافري، عن سليمان بن عيسى، عن كريب-مولى ابن عباس-قال: حدثني أسامة بن زيد رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال لأصحابه:ن.
ص: 268
ألا هل مشمر للجنة؟ إن الجنة لا خطر لها. هي و رب الكعبة نور تلألأ، و ريحانة تهتز، و قصر مشيد، و نهر مطرد، و فاكهة كثيرة نضجة، و زوجة حسناء جميلة في حبرة. و نعمة في مقام أبدا في حبرة و نعمة و نضرة في دار عالية بهية سليمة. قالوا:
نحن المشمرون لها يا رسول اللّه. قال: قولوا: إن شاء اللّه. قال: ثم ذكر الجهاد و حض عليه.
أخبرنا أبو أحمد، عبد اللّه بن محمد بن الحسن المهرجاني، أنا أبو بكر، محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا ابن بكير، حدثنا مالك عن سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: إن رجلا من أسلم قال: ما نمت هذه الليلة. فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من أي شيء؟ قال: لدغتني عقرب. فقال صلى اللّه عليه و سلم: أما أنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق، لم يضرك إن شاء اللّه. تابعه القعنبي، عن مالك موصولا (1).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، حدثنا مسدد، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: بلغني عن الحسن في قول اللّه (عز و جل) : وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ (2)، قال إذا لم تقل: إن شاء اللّه.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا إسماعيل بن إسحاق، حدثنا مسدد، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعت أبي يحدث عن محمد، عن رجل من أهل الكوفة كان يقرأ القرآن، و كان يجلس إليه يحيى بن عباد، قالا: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلاّ أَنْ يَشاءَ4.
ص: 269
اَللّهُ وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَ قُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً (1) .
قال: إذا نسي الإنسان أن يقول: «إن شاء اللّه» ، فتوبته من ذلك أن يقول: عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً .4.
ص: 270
ما جاء عن السلف رضي اللّه عنهم في إثبات المشيئة
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر، أحمد بن إسحاق الفقيه، أنا أبو مسلم، حدثنا عبد اللّه بن رجاء، أنا مصعب بن سوار، عن أبي يحيى القتات، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: لما بعث اللّه تعالى موسى عليه الصلاة و السلام، و كلمه، و أنزل عليه التوراة، فقال: اللهم إنك رب عظيم، لو شئت أن تطاع لأطعت. و لو شئت أن لا تعصى ما عصيت.
و أنت تحب أن تطاع، و أنت في ذلك تعصي، فكيف هذا يا رب؟ فأوحى اللّه تعالى إليه: إني لا أسأل عما أفعل و هم يسألون. فانتهى موسى.
أخبرنا أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبيد اللّه الحربي-ببغداد-حدثنا أحمد ابن سلمان، حدثنا جعفر بن محمد الخراساني، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن نوف، قال: قال عزير فيما يناجي: يا رب، تخلق خلقا فتضل من تشاء، و تهدي من تشاء. قيل له: يا عزير أعرض عن هذا. قال: فعاد. فقال: يا رب، تخلق خلقا فتضل من تشاء و تهدي من تشاء. قيل له: يا عزير أعرض عن هذا. وَ كانَ اَلْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (1).
قال: فقال: يا عزير، لتعرضن عن هذا، أو لأمحونك من النبوة، إني لا أسأل عما أفعل و هم يسألون.
ص: 271
أخبرنا أبو نضر بن قتادة، أنا أبو العباس الضبعي، حدثنا الحسن بن علي ابن زياد، حدثنا ابن أبي أويس، حدثني مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان لا يؤتى أبدا بطعام و لا بشراب، حتى الدواء، فيطعمه أو يشربه حتى يقول: الحمد للّه الذي هدانا و أطعمنا و سقانا و أنعمنا. اللّه أكبر، اللهم ألفتنا نعمتك بكل شر فأصبحنا و أمسينا منها بكل خير، نسألك تمامها و نشكرها، لا خير إلا خيرك. و لا إله غيرك، إله الصالحين، و رب العالمين، الحمد للّه الذي لا إله إلا هو، ما شاء اللّه لا قوة إلا باللّه. اللهم بارك لنا فيما رزقتنا، و قنا عذاب النار.
و أخبر أبو نضر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، أنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معاوية، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، أنه كان إذا رأى من ماله شيئا يعجبه، أو دخل حائطا من حيطانه، قال: ما شاء اللّه، لا قوة إلا باللّه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا الحسن بن علي ابن زياد، أنا سعد بن سلمان، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال:
الخلق أدق شأنا من أن يعصوا اللّه تعالى إلا بما أراد.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرنا أبو بكر، أنا بشر بن موسى، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا عمر بن ذر، قال: دخلنا على عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه فقال: لو أراد اللّه تعالى أن لا يعصى ما خلق إبليس.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، حدثنا محمد بن يزيد، يعني السلمي، حدثنا المؤمل بن إسماعيل البصري، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا أبو سنان، قال: سمعت وهب بن منبه يقول: كنت اقول بالقدر، حتى قرأت بضعا و سبعين كتابا من كتب الأنبياء في كلها: «من جعل شيئا من المشيئة إلى نفسه، فقد كفر» . فتركت قولي.
و أخبرنا أبو محمد بن يوسف الأصبهاني، أنا عبد الرحمن بن يحيى الزهري القاضي، حدثنا أبو يحيى بن أبي ميسرة، حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم
ص: 272
الصاغاني، حدثنا عبد الصمد بن معقل، قال: سمعت وهب بن منبه يقول:
قرأت للّه (عز و جل) سبعين كتابا كلها نزل من السماء، في كل كتاب منها:
«من أضاف إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر» .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: حدثني حمزة بن علي العطار، حدثنا الربيع بن سليمان، قال: سئل الإمام المطلبي الشافعي رضوان اللّه عليه عن القدر، فأنشأ يقول:
ما شئت كان و إن لم أشأ و ما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى و المسن
على ذا مننت، و هذا خذلت و هذا أعنت و ذا لم تعن
فمنهم شقي و منهم سعيد و منهم قبيح و منهم حسن
ص: 273
ما جاء في قول اللّه (عز و جل) : يُرِيدُ اَللّهُ بِكُمُ اَلْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ اَلْعُسْرَ (1).
و قوله تعالى: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ (2).
و قوله: سَيَقُولُ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ (3).
و قوله: وَ قالُوا لَوْ شاءَ اَلرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ (4).
و قوله: وَ مَا اَللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (5).
و قوله: وَ مَا اَللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (6).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : يُرِيدُ اَللّهُ بِكُمُ اَلْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ اَلْعُسْرَ (7)، قال: اليسر: الإفطار في السفر.
و العسر: الصيام في السفر.
ص: 274
و عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ (1).
يقول: من شاء اللّه له الإيمان، آمن. و من شاء اللّه له الكفر، كفر.
و هو قوله تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ (2).
و عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: سَيَقُولُ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكْنا (3)، قال: كذب الذين من قبلهم. ثم قال: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكُوا (4).
و قال: فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (5).
يقول اللّه (عز و جل) : لو شئت لجمعتهم على الهدى أجمعين.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله (تعالى) : سَيَقُولُ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ (6).
قال: هذا قول قريش كقولهم: أَنَّ اَللّهَ حَرَّمَ هذا (7)، يعنون البحيرة، و السائبة، و الوصيلة، و الحامي.
و عن مجاهد في قوله تعالى: لَوْ شاءَ اَلرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ (8).
يعنون بذلك الأوثان، لأنهم عبدوا الأوثان. يقول اللّه: ما لَهُمْ بِذلِكَ0.
ص: 275
مِنْ عِلْمٍ (1) . يعني الأوثان، لأنهم لا يعلمون. و قوله: إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ (2)، يقول: لما يعلموا قدرة اللّه (تبارك و تعالى) على ذلك.
أخبرنا الإمام أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أنا عبد الخالق ابن الحسن، حدثنا عبد اللّه بن ثابت، قال: أخبرني أبي، عن الهذيلي، عن مقاتل، عن من أخذ تفسيره من التابعين في قوله (عز و جل) : سَيَقُولُ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا مع اللّه الآلهة، يعني مشركي العرب: لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا (أشرك) آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ (3)، من الحرث و الأنعام. و لكن اللّه تعالى أمر بتحريمه كذلك. يعني هكذا كذب الذين من قبلهم من الأمم الخالية رسلهم، كما كذب كفار مكة محمدا صلى اللّه عليه و سلم حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا (4)، يعني عذابنا. قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ (5)، يعني من بيان فَتُخْرِجُوهُ لَنا .
يقول: تبينوه لنا بتحريمه من اللّه (عز و جل) ، لقول اللّه (عز و جل) :
إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ (6) ، الكذب، قل لهم يا محمد: فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ على الخلق، فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (7)، لدينه. قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ اَلَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اَللّهَ حَرَّمَ هذا ، الحرث و الأنعام. فَإِنْ شَهِدُوا أن اللّه حرمه، فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ (8).
قال: و قالوا: لَوْ شاءَ اَلرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ (9). يعنون الملائكة. يقول اللّه تعالى: ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ (10)، بأن اللّه لو شاء لمنعهم من عبادة0.
ص: 276
الملائكة. إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ ، يقول: ما يقولون إلا الكذب إن الملائكة بنات اللّه. و قال: في قوله تعالى: وَ مَا اَللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (1). فيعذب على غير ذنب. و في قوله: وَ مَا اَللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (2)، يعذب على غير ذنب. قلت: يعني لا يريد أن يظلمهم، فيعذبهم على غير ذنب عند من لا يعرف كمال ربوبيته. و أن له أن يفعل ما يشاء في مملكته و لا يكون ذلك منه ظلما.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو زكريا العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن عبد اللّه بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، رضي اللّه عنهما أنه سمع رجلا يقول: الشر ليس بقدر. فقال ابن عباس رضي اللّه عنهما: بيننا و بين أهل القدر:
سَيَقُولُ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا. . . (3) حتى بلغ:
فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (4) .
قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: العجز و الكيس من القدر.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن علي بن عبد الحميد الصاغاني-بمكة-حدثنا إسحاق بن إبراهيم الديري، حدثنا عبد الرزاق. . .
فذكره بإسناده مثله. و ذكر قول ابن عباس في آخره بهذا الإسناد في موضع آخر مفصلا مما قبله.9.
ص: 277
ما جاء في إثبات صفة السمع
قال اللّه (تبارك و تعالى) : فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (1).
و قال: إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ (2).
و قال: وَ أَنَّ اَللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (3).
و قال: سَمِيعٌ عَلِيمٌ (4).
و قال: لَقَدْ سَمِعَ اَللّهُ قَوْلَ اَلَّذِينَ قالُوا. . . (5).
و قال: قَدْ سَمِعَ اَللّهُ قَوْلَ اَلَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اَللّهِ وَ اَللّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما (6).
و قال: إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَ أَرى (7).
و قال: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى (8).
ص: 278
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي عثمان، عن أبي موسى رضي اللّه عنهما، قال: كنا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في مسير، فكنا إذا علونا، كبرنا. و إذا هبطنا، سبحنا. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أيها الناس، أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم و لا غائبا، و لكنكم تدعون سميعا قريبا (1).
و أتى عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنا أقول في نفسي: لا حول و لا قوة إلا باللّه.
قال: يا عبد اللّه بن قيس، قل: «لا حول و لا قوة إلا باللّه» ، فإنها من كنوز الجنة. و قال: يا عبد اللّه بن قيس، ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة، قل:
لا حول و لا قوة إلا باللّه. رواه البخاري في الصحيح، عن سليمان بن حرب. و رواه مسلم، عن خلف بن هشام و أبي الربيع، عن حماد (2).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد ابن النضر بن عبد الوهاب، حدثنا العباس بن الوليد المرسي، حدثنا حماد بن زيد. . . فذكره بإسناده نحوه، إلا أنه قال: فإنكم لا تدعون أصم و لا غائبا، تدعون سميعا بصيرا قريبا.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب- إملاء-حدثنا حسين بن محمد، و محمد بن إسماعيل، قالا: حدثنا أبو الطاهر، أنا عبد اللّه بن وهب ح. .
ص: 279
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا أحمد بن صالح المصري، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، حدثني عروة بن الزبير، أن عائشة -زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم رضي اللّه عنها-حدثته أنها قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يا رسول اللّه، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال صلى اللّه عليه و سلم: لقد لقيت من قومك شدة، و أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، يوم عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت و أنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا و أنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه الصلاة و السلام، فناداني، فقال: إن اللّه قد سمع قول قومك لك، و ما ردوا عليك، و قد بعث اللّه تعالى إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. قال: فناداني ملك الجبال، فسلم عليّ، ثم قال: يا محمد، إن اللّه تعالى قد سمع قول قومك، و أنا ملك الجبال، و قد بعثني إليك لتأمرني من أمرك بما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين.
فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: بل أرجو أن يخرج اللّه من أصلابهم من يعبد اللّه، لا يشرك به شيئا. رواه البخاري في الصحيح، عن عبد اللّه بن يوسف، عن ابن وهب. و رواه مسلم عن أبي الطاهر و غيره (1).
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نضر، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن تميم ابن سلمة، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: الحمد للّه الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة تشكو إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول. فأنزل اللّه (عز و جل) : قَدْ سَمِعَ اَللّهُ قَوْلَ اَلَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها (2).1.
ص: 280
أخرجه البخاري في الصحيح، فقال: و قال الأعمش: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن اسحاق، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا منصور، عن مجاهد، عن أبي معمر، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: اجتمع عند البيت ثلاثة نفر، قرشيان و ثقفي. أو ثقفيان و قرشي قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم. قال أحدهم: أ ترون أن اللّه يسمع ما نقول؟ فقال الآخر: يسمع إذا جهرنا، و لا يسمع إن أخفينا. و قال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا، فإنه يسمع إذ أخفينا. قال: فأنزل اللّه (عز و جل) : وَ ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اَللّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمّا تَعْمَلُونَ (1).
قال الحميدي: و كان سفيان أولا يقول في هذا الحديث: حدثنا منصور، أو ابن نجيح، أو حميد الأعرج، أحدهم أو اثنان منهم، ثم ثبت على منصور في هذا الحديث. رواه البخاري في الصحيح، عن الحميدي.
و رواه مسلم عن ابن أبي عمر، عن سفيان.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني، حدثنا عبد اللّه بن صالح، حدثني يحيى بن أيوب، عن عبد اللّه بن سليمان، عن دراج أنه قال: حدثني أبو الهيثم، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، قال: إن أحدهما حدثه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: إذا كان يوم حار، ألقى اللّه (تعالى) سمعه و بصره إلى أهل السماء و أهل الأرض.
فإذا قال العبد: لا إله إلا اللّه، ما أشد حر هذا اليوم، اللهم أجرني من حر جهنم. قال اللّه (عز و جل) لجهنم: إن عبدا من عبادي استجارني منك.
و إني أشهدك أني قد أجرته. فإذا كان يوم شديد البرد، ألقى اللّه (تعالى) سمعه و بصره إلى أهل السماء و الأرض. فإذا قال العبد: لا إله إلا اللّه، ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم. قال اللّه (عز و جل) لجهنم: إن عبدا من عبيدي استجارني عن زمهريرك، و إني أشهدك أني قد أجرته. فقالوا: و ما زمهرير جهنم؟ قال: بيت يلقى فيه الكافر، فينهز من2.
ص: 281
شدة بردها بعضه من بعض. و كذلك رواه عبد اللّه بن وهب، عن يحيى بن أيوب.
أخبرنا الإمام أبو الفتح العمري، أنا عبد الرحمن بن شريح، أنا عبد اللّه ابن محمد البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أنا شريك، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض، قال: سألت ابن عمر، أو سئل ابن عمر رضي اللّه عنهما و أنا أسمع عن الخمر، فقال: لا و سمع اللّه (عز و جل) ، لا يحل بيعها و لا ابتياعها، فحلف بسمع اللّه (عز و جل) .
ص: 282
ما جاء في إثبات صفة البصر و الرؤية
و كلتاهما عبارتان عن معنى واحد. قال اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (1).
و قال: «و كان اللّه خبيرا بصيرا» (2).
و قال: إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (3).
و قال: وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (4).
و قال: فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ (5).
و قال: أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اَللّهَ يَرى (6).
و قال: إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَ أَرى (7).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن جعفر، حدثنا عبد اللّه عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، أبو
ص: 283
محمد، حدثنا خالد، يعني الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في غزاة، فجعلنا لا نصعد شرفا، أو لا نعلو شرفا، و لا نهبط في واد إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير. قال:
فدنا منا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم، فإنكم ما تدعون أصم و لا غائبا، إنما تدعون سميعا بصيرا. إن الذين تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. يا عبد اللّه بن قيس: ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة، «لا حول و لا قوة إلا باللّه» . أخرجاه في الصحيح من حديث خالد.
و قال بعضهم عن عبد الوهاب: سميعا قريبا. و رواه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الوهاب و كأنه قالهما جميعا. و ذلك بين في رواية النرسي، عن حماد، عن أيوب، عن أبي عثمان.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب الحافظ، حدثنا هشام بن صديق، حدثنا عبد اللّه بن يزيد المقري ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا علي ابن نصر، و محمد بن يونس النسائي، و هذا لفظه، قالا: حدثنا عبد اللّه بن يزيد المقري، حدثنا حرملة بن عمران، حدثني أبو يونس، سليم بن جبير-مولى أبي هريرة-قال: سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يقرأ هذه الآية: إِنَّ اَللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا اَلْأَماناتِ إِلى أَهْلِها. . . إلى قوله إِنَّ اَللّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (1).
يضع إبهامه على أذنه، و التي تليها على عينه. قال أبو هريرة رضي اللّه عنه:
رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرؤها، و يضع اصبعيه. قلت: و المراد بالإشارة المروية في هذا الخبر تحقيق الوصف للّه (عز و جل) بالسمع و البصر. فأشار إلى محلي السمع و البصر منا لإثبات صفة السمع و البصر للّه تعالى، كما يقال: قبض فلان على مال فلان، و يشار باليد على معنى أنه حاز ماله. و أفاد هذا الخبر أنه سميع بصير، له سمع و بصر، لا على معنى أنه عليم، إذ لو كان بمعنى العلم، لأشار في تحقيقه إلى القلب، لأنه محل العلوم منا. و ليس في الخبر إثبات الجارحة. تعالى اللّه عن شبه المخلوقين علوا كبيرا.8.
ص: 284
أخبرنا أبو عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار السكري-ببغداد-أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عباس بن عبد اللّه الترقفي، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) لا ينام، و لا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط و يرفعه. يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، و عمل النهار قبل الليل. و حجابه النار، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره» (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا محمد بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا جرير، عن الأعمش بهذا الإسناد، قال: قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأربع كلمات. . . ثم ذكر مثل حديث سفيان، إلا أنه قال:
حجابه النور. رواه مسلم في الصحيح، عن إسحاق بن إبراهيم. و الحجاب المذكور في هذا الخبر و غيره يرجع إلى الخلق، لأنهم هم المحجوبون عنه بحجاب خلقه فيهم. قال اللّه تعالى في الكفار: كَلاّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (2).
و قوله: لو كشفها: يعني لو رفع الحجاب عن أعينهم، و لم يثبتهم لرؤيته، لاحترقوا، و ما استطاعوا لها.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا أبو الحسن الكارزي، أنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال: يقال في السبحة إنها جلال وجه اللّه. و منها قيل: «سبحان اللّه» ، إنما هو تعظيم له و تنزيه.
و أخبرنا أبو القاسم، عبد الرحمن بن عبيد اللّه الحربي-ببغداد-حدثنا محمد ابن عبد اللّه بن إبراهيم الشافعي، حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي السلمي، حدثنان.
ص: 285
الفضل بن دكين، حدثنا المسعودي، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى رضي اللّه عنه، قال: قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بأربع، فقال: إن اللّه لا ينام، و لا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط و يرفعه، و يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، و عمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفها، لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره. ثم قرأ أبو عبيدة رضي اللّه عنه: نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي اَلنّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اَللّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (1).
و في هذا تأكيد لقول أبي عبيدة رضي اللّه عنه: إن سبحات من التسبيح الذي هو التعظيم و التنزيه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن عبيد اللّه بن المنادي، حدثنا يونس بن محمد المؤدب، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في حديث الأيمان، قال: يا محمد ما الإحسان؟ قال: أن تعبد اللّه كأنك تراه. فإنك إن لا تكن تراه، فإنه يراك. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث يونس بن محمد (2).م.
ص: 286
و ما يستدل به على أن القرآن
كلام اللّه (عز و جل) غير محدث
و لا مخلوق و لا حادث
ما جاء في إثبات صفة الكلام
قال اللّه (جل ثناؤه) : قُلْ لَوْ كانَ اَلْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ اَلْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (1).
و قال (عز و جل) : وَ لَوْ أَنَّ ما فِي اَلْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ اَلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اَللّهِ (2).
و قال (تبارك و تعالى) : وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللّهِ (3).
و لم يقل: حتى يرى خلق اللّه. و قال: يَسْمَعُونَ كَلامَ اَللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ (4).
ص: 287
و قال: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اَللّهِ (1).
و قال: وَ اُتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ (2).
و قال: لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اَللّهِ (3).
و قال: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ (4).
و قال: وَ يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُحِقَّ اَلْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ اَلْكافِرِينَ (5).
و قال: وَ يُحِقُّ اَللّهُ اَلْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُجْرِمُونَ (6).
و قال: وَ لكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ اَلْعَذابِ عَلَى اَلْكافِرِينَ (7).
و قال: إِنَّ اَلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ* وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا اَلْعَذابَ اَلْأَلِيمَ (8).
و قال: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ اَلْجِنَّةِ وَ اَلنّاسِ أَجْمَعِينَ (9).
و قال: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ اَلْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا (10).
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا ابن سعيد الدارمي، حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: تكفل اللّه (عز و جل) لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا7.
ص: 288
الجهاد في سبيله، و تصديق كلماته، أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة. رواه البخاري في الصحيح، عن إسماعيل بن أبي أويس و غيره، عن مالك (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني دعلج بن أحمد السجزي، حدثنا جعفر ابن محمد الترك، و محمد بن عمرو الجرشي، و إبراهيم بن علي، قالوا: حدثنا يحيى ابن يحيى، أنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: تكفل اللّه تعالى لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا جهاد في سبيل اللّه، و تصديق كلمته بأن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة.
رواه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى (2).
حدثنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو سعيد، أحمد بن محمد بن زياد البصري-بمكة-حدثنا سعدان بن نضر المخرمي، حدثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن شقيق، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه، قال:
أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم رجل فقال: يا رسول اللّه، الرجل يقاتل شجاعة، و يقاتل حمية، و يقاتل رياء. فأي ذلك في سبيل اللّه؟ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من قاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا، فهو في سبيل اللّه. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة و غيره (3)، عن أبي معاوية. و أخرجه البخاري من وجه آخر، عن الأعمش. .
ص: 289
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف، و هو الأخرم، حدثنا أبي، حدثنا عمرو بن زرارة، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: أتينا جابر بن عبد اللّه، فذكر الحديث بطوله في حج النبي صلى اللّه عليه و سلم. و قال فيه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: فاتقوا اللّه في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة اللّه، و استحللتم فروجهن بكلمة اللّه تعالى. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة و غيره، عن حاتم.
أخبرنا أبو علي، الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا داود بن أمية، حدثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن عبد الرحمن- مولى آل طلحة-عن كريب، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من عند جويرية رضي اللّه عنه، و كان اسمها برة، فحول اسمها. فخرج و هي في مصلاها، فرجع و هي في مصلاها. فقال صلى اللّه عليه و سلم: لم تزالي في مصلاك هذا! قالت: نعم. قال صلى اللّه عليه و سلم: قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت لوزنتهن: سبحان اللّه و بحمده عدد خلقه، و رضاء نفسه، وزنة عرشه، و مداد كلماته. رواه مسلم في الصحيح، عن ابن أبي عمر، غيره عن سفيان بن عيينة (1). قلت: و كلمات اللّه تعالى لا تنتهي إلى أمر، و لا تحصر بعد. و قد نفى اللّه تعالى عنها النفاد كما نفى عن ذاته الهلاك. و المراد بالخبر ضرب المثل دلالة على الوفور و الكثرة. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو الحسين، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو بكر، محمد بن محمويه العسكري، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شيبان، عن منصور ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا .
ص: 290
عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يعوذ الحسن و الحسين رضي اللّه عنهما: أعيذكما بكلمات اللّه التامة من كل شيطان و هامة و من كل عين لامة. ثم يقول صلى اللّه عليه و سلم: كان أبوكم يعوذ بهما إسماعيل و إسحاق عليهما السلام. لفظ حديث جرير. و في حديث شيبان: كان أبوكم إبراهيم (عليه الصلاة و السلام) . و الباقي سواء. رواه البخاري في الصحيح، عن عثمان بن أبي شيبة (1).
أخبرنا أبو بكر، أحمد بن الحسن القاضي في آخرين، قالوا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا بحر بن نصر، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب و أبيه الحارث بن يعقوب، حدثاه عن يعقوب بن عبد اللّه بن الأشج، عن بشر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص، عن خولة بنت حكيم رضي اللّه عنه أنها سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إذا نزل أحدكم منزلا، فليقل: أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق. فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه.
قال يعقوب بن عبد اللّه، عن القعقاع بن حكيم، عن ذكوان أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال:
يا رسول اللّه، ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة. يعني اليوم. قال صلى اللّه عليه و سلم:
أما إنك لو قلت إن أمسيت: «أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق» ، لم تضرك. رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن معروف و غيره عن ابن وهب (2).ه.
ص: 291
أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، أنا بشر بن أحمد الأسفراييني، حدثنا داود بن الحسين البيهقي، حدثنا عيسى بن حماد، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الحارث بن يعقوب، قال: إن يعقوب بن عبد اللّه حدثه أنه سمع بشر بن سعيد يقول: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: سمعت خولة بنت حكيم السلمية رضي اللّه عنه تقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: من نزل منزلا ثم قال: «أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق» ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك. رواه مسلم في الصحيح، عن قتيبة، و محمد بن رمح عن الليث بن سعد (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد اللّه بن يعقوب، حدثنا أحمد بن سهل، و محمد بن إسماعيل قالا: أنا عيسى بن حماد، أنا الليث بن سعد، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن جعفر بن ربيعة، عن يعقوب بن عبد اللّه، أنه ذكر له أن أبا صالح-مولى غطفان أخبره أنه سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: قال رجل:
يا رسول اللّه، لدغتني عقرب. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لو أنك قلت حين أمسيت: «أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق» . لم يضرك. رواه مسلم في الصحيح، عن عيسى بن حماد (2).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو بكر، أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد العوفي، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن أخي، ابن شهاب، عن عمه، قال: حدثني طارق بن مخاش، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه أتى بلديغ، فقال: لو قال: «أعوذ بكلمات اللّه التامة من شر ما خلق» لم يلدغ و لم يضره.
أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري، أنا جدي، يحيى بن منصور القاضي،ه.
ص: 292
حدثنا أبو علي، محمد بن عمر، أنا القعنبي، حدثنا سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، قال: إن الوليد بن الوليد شكا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم الأرق -حديث النفس بالليل-فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا أويت إلى فراشك فقل: «أعوذ بكلمات اللّه التامات من غضبه و عقابه، و من شر عباده، و من همزات الشياطين، و أن يحضرون» ، فإنه لم يضرك. و حري أن لا يقربك. هذا مرسل. و شاهده الحديث الموصول الذي أخبره أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يزيد بن هارون، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي اللّه عنهما، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع: «بسم اللّه، أعوذ بكلمات اللّه التامات من غضبه و عقابه، و شر عباده، و من همزات الشياطين، و أن يحضرون» . فكان عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما يعلمهما من بلغ من ولده. و من لم يبلغ، كتبها و علقها عليه. قلت:
فاستعاذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و أمر أن يستعاذ في هذه الأخبار بكلمات اللّه تعالى كما أمره اللّه تعالى (جل ثناه) أن يستعيذ به، فقال: «و قل رب أعوذ بك من همزات الشياطين و أعوذ بك رب أن يحضرون» (1).
و قال (عز و جل) : فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ (2). و لا يصح أن يستعيذ بمخلوق من مخلوق. فدل أنه استعاذ بصفة من صفات ذاته، و أمر أن يستعاذ بصفة من صفات ذاته، و هي غير مخلوقة، كما أمره اللّه تعالى أن يستعيذ بذاته. و ذاته غير مخلوق.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا العباس بن عبد العظيم، حدثنا الأحوص بن جواب، حدثنا عمار بن رزيق، عن أبي اسحاق، عن الحارث و أبي ميسرة، عن علي رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم8.
ص: 293
أنه كان يقول عند مضجعه: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم و كلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته. اللهم أنت تكشف المغرم و المأثم. اللهم لا ينهزم جندك، و لا يخلف وعدك، و لا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك و بحمدك.
قلت: فاستعاذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في هذا الخبر بكلمات اللّه، كما استعاذ بوجهه الكريم، فكما أن وجهه الذي استعاذ به غير مخلوق، فكذلك كلماته التي استعاذ بها غير مخلوقة. و كلمات اللّه (تعالى) واحد. و إنما جاء بلفظ الجمع على معنى التعظيم و التفخيم، كقوله: إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ (1).
و قال: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ اَلْقادِرُونَ (2).
و إنما سماها تامة لأنه لا يجوز أن يكون في كلامه عيب، أو نقص، كما يكون ذلك في كلام الآدميين. و بلغني عن أحمد بن حنبل رضي اللّه عنه أنه كان يستدل بذلك على أن القرآن غير مخلوق. قال: و ذلك لأنه ما من مخلوق إلا و فيه نقص. قلت: و أما الذي روى عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، و بمعافاتك من عقوبتك، و بك منك» ، فلا يخالف ما قلنا. و ذلك لأن الرضا عند أبي الحسن الأشعري رضي اللّه عنه يرجع إلى الإرادة، و هو إرادة إكرام المؤمنين. و كذلك الرحمة ترجع إلى الإرادة. و هو إرادة الإنعام و الإكرام. و الإرادة من صفات الذات. فاستعاذته في هذا الخبر أيضا وقعت بصفة الذات كما وقعت في قوله «بك» بالذات. و باللّه التوفيق.
و وجدت في كلام أبي سليمان الخطابي (رحمه اللّه) في هذا الحديث أنه استعاذ باللّه تعالى و سأله أن يجيره برضاه من سخطه. و بما فاته من عقوبته.
قلت: في هذا أيضا وقعت بغير مخلوق، ليجعله من أهل رضاه و معافاته، دون سخطه و عقابه.3.
ص: 294
أخبرنا أبو علي، الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان-ببغداد-أنا حمزة بن محمد بن العباس، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا محمد بن كثير العبدي ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن كثير، أنا إسرائيل، حدثنا عثمان بن المغيرة، عن سالم، يعني ابن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يعرض نفسه على الناس بالموقف، فقال: ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي (عز و جل) (1). لفظ حديث أبي داود. و في رواية الدوري قال: لما أمر النبي صلى اللّه عليه و سلم أن يبلغ الرسالة، جعل يقول: يا قوم، لم تؤذونني أن أبلغ كلام ربي. يعني القرآن.
أخبرنا أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الفقيه، أنا عبد اللّه ابن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني، أبو الشيخ، أنا أبو يعلى، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا يعقوب القمي، حدثنا جعفر، عن سعيد بن جبير، قال:
خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غازيا، فلقي العدو، فأخرج المسلمون رجلا من المشركين، و أشرعوا فيه الأسنة، فقال الرجل: ارفعوا عني سلاحكم، و أسمعوني كلام اللّه تعالى. هذا مرسل حسن. .
ص: 295
ما جاء في إثبات صفة القول
و هو و الكلام عبارتان عن معنى واحد. قال اللّه (عز و جل) : وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَ لكِنْ حَقَّ اَلْقَوْلُ مِنِّي. . . (1).
و قال تعالى: لَقَدْ حَقَّ اَلْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (2).
و قال (جل و علا) : ما يُبَدَّلُ اَلْقَوْلُ لَدَيَّ. . . (3).
و قال (جل جلاله) : وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اَللّهِ قِيلاً. . . (4).
و قال (تبارك و تعالى) : وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اَللّهِ حَدِيثاً. . . (5).
و قال (تعالى) : سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (6).
و قال (عز و جل) : قَوْلُهُ اَلْحَقُّ (7).
و قال (جل و علا) : فَالْحَقُّ وَ اَلْحَقَّ أَقُولُ (8). فأثبت اللّه (جل ثناؤه) لنفسه صفة القول في هذه الآيات.
ص: 296
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار السكري-ببغداد-أنا أبو علي، إسماعيل بن محمد الصفار، أنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، قال: أخبرني سليمان الأحول، عن طاوس أنه سمع ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا تهجد من الليل، قال: «اللهم لك الحمد، أنت نور السموات و الأرض، و لك الحمد، أنت قيم السموات و الأرض و من فيهن، أنت الحق، و وعدك الحق، و قولك الحق، و لقاؤك الحق، و الجنة حق، و النار حق، و النبيون حق. اللهم لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكلت، و إليك أنبت، و بك خاصمت، و إليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت و ما أخرت، و ما أسررت و ما أعلنت.
أنت إلهي، لا إله إلا أنت» . رواه البخاري في الصحيح، عن محمود. و رواه مسلم عن محمد بن رافع، كلاهما عن عبد الرزاق (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، حدثنا عبد اللّه بن شيرويه، حدثنا محمد بن المثني، حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا خطب، احمرت عيناه، و علا صوته، و اشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم و مساكم. و يقول: بعثت أنا و الساعة كهاتين.
و يفرق بين اصبعيه، السبابة و الوسطى، و يقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب اللّه، و خير الهدى هدى محمد، و شر الأمور محدثاتها، و كل بدعة ضلالة. ثم يقول: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه. من ترك مالا فلأهله. و من ترك دينا أو ضياعا فإليّ و عليّ. رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى (2).ه-
ص: 297
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو عبد اللّه الشيباني، أنا محمد بن عبد الوهاب، أنا جعفر بن عون، أنا إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: إنما هما اثنتان: الهدى و الكلام. فأصدق الحديث كلام اللّه، و أحسن الهدى هدى محمد صلى اللّه عليه و سلم، و شر الأمور محدثاتها. و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار. و هذا من قول ابن مسعود رضي اللّه عنه. و الظاهر أنه أخذه من النبي صلى اللّه عليه و سلم.
حدثنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا عبد اللّه بن وهب بن مسلم القرشي، حدثنا سليمان بن هلال، حدثنا شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر، قال: سمعت أنس بن مالك رضي اللّه عنه يحدثنا عن ليلة أسري برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: فأوحى اللّه (تعالى) ما شاء، فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كل يوم و ليلة. فذكر مروره على موسى، و أمره إياه بمسألة التخفيف، و ذكر مراجعته في ذلك، حتى صار إلى خمس صلوات، و أنه قال: يا رب، إن أمتي ضعاف أجسادهم و قلوبهم و أسماعهم و أبصارهم، فخفف عنا. فقال: إني لا يبدل القول لدي، هي ما كتبت عليك في أم الكتاب، و لك بكل حسنة عشر أمثالها، هي خمسون في أم الكتاب، و هي خمس عليك. أخرجاه في الصحيح (1).1.
ص: 298
ما جاء في إثبات صفة التكليم و التكلم
و القول سوى ما مضى
قال اللّه (جل ثناؤه) : وَ كَلَّمَ اَللّهُ مُوسى تَكْلِيماً (1)فوصف نفسه بالتكليم، و وكده بالتكرار، فقال: تكليما. و قال (تعالى) : وَ لَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ (2).
و قال (جل و علا) : تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اَللّهُ (3).
و ذكر في غير آية من كتابه ما كلم به موسى (عليه السلام) فقال: يا مُوسى* إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ اَلْمُقَدَّسِ طُوىً* وَ أَنَا اِخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى* إِنَّنِي أَنَا اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ لِذِكْرِي. . . (4)إلى قوله: وَ اِصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (5).
و قال: يا مُوسى إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى اَلنّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ اَلشّاكِرِينَ (6).
ص: 299
فهذا كلام سمعه موسى (عليه السلام) بإسماع الحق إياه بلا ترجمان بينه و بينه، دله بذلك على ربوبيته، دعاه إلى وحدانيته، و أمره بعبادته، و إقامة الصلاة لذكره، و أخبر أنه اصطنعه لنفسه، و اصطفاه برسالاته، و بكلامه، أنه مبعوث إلى الخلق بأمره.
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، حدثنا أبو سعيد، أحمد ابن محمد بن زياد البصري-بمكة-حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا سفيان ابن عيينة، عن عمرو-هو ابن دينار-عن طاوس، سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: احتج آدم و موسى (عليهما السلام) فقال موسى:
يا آدم أنت أبونا خيبتنا و أخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: يا موسى، اصطفاك اللّه (تعالى) بكلامه، و خط لك التوراة، أ تلومني على أمر قدره عليّ قبل أن يخلقني! قال: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى. رواه البخاري في الصحيح عن علي. و رواه مسلم عن محمد بن حاتم و غيره، كلهم عن سفيان (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا أحمد بن إبراهيم -هو ابن ملحان-ح.
و أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا ابن ملحان، حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب أنه قال:
أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: احتج آدم و موسى عليهما الصلاة و السلام، فقال له موسى:
أنت آدم الذي أخرجت ذريتك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك اللّه (تعالى) برسالاته و بكلامه، تلومني على أمر قد قدر عليّ قبل أن4.
ص: 300
أخلق، فحج آدم موسى. رواه البخاري في الصحيح، عن يحيى بن بكير.
و أخرجه مسلم من وجه آخر، عن الزهري (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني عبيد اللّه بن محمد الكعبي، حدثنا محمد ابن أيوب، أنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: يجمع المؤمنون يومئذ، فيهتمون لذلك اليوم، و يقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم و يقولون له:
يا آدم، أنت أبو الناس، خلقك اللّه بيده، و أسجد لك ملائكته، و علمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول لهم: لست هناكم، و يذكر لهم خطيئته التي أصاب، و لكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه اللّه إلى الأرض، فيأتون نوحا، فيقول لهم: لست هناكم، و يذكر لهم خطيئته التي أصاب، و لكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم، فيقول لهم: لست هناكم، و يذكر لهم خطاياه التي أصاب، و لكن ائتوا موسى عبدا آتاه اللّه التوراة، و كلمه تكليما، فيأتون موسى، فيقول لهم: لست هناكم، و يذكر لهم خطيئته التي أصاب، و لكن ائتوا عيسى رسول اللّه و كلمته و روحه، فيأتون عيسى، فيقول له: لست هناكم، و لكن ائتوا محمدا عبدا غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
فيأتونني، فأنطلق معهم، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي. فإذا رأيت ربي، وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني، ثم يقول لي: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، و اشفع تشفع. فأحمد ربي بمحامد علمنيها، و أحد لهم حدا، فأدخلهم الجنة، ثم أرجع الثانية، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيت ربي، وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني، ثم يقول: يا محمد ارفع رأسك، سل تعط، و اشفع تشفع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أحد لهم حدا ثانيا، فأدخلهم الجنة، ثمه.
ص: 301
أرجع الثالثة، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي. فإذا رأيت ربي، وقعت له ساجدا، فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني، ثم يقول لي: يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، و اشفع تشفع، فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أحد لهم حدا ثالثا، فأدخلهم الجنة، حتى أرجع، فأقول (1). . .
عن معاذ بن هشام، عن أبيه: و في هذا أن موسى عليه السلام مخصوص بأن اللّه تعالى (جل ثناؤه) كلمه تكليما. و لو كان إنما سمعه من مخلوق، لم يكن له خاصية.
و قوله في عيسى عليه السلام: إنه رسول اللّه، و كلمته فإنما يريد به أنه بكلمة اللّه تعالى صار مكونا من غير أب، أو أنه رسول اللّه، و عن كلمته يتكلم. و الأول أشبه بالتخصيص. و قد بين اللّه (تعالى) ذلك بقوله (عز و جل) : إِنَّمَا اَلْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اَللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ (2)، يعني-و اللّه أعلم-أوحى كلمته إلى مريم، فصار عيسى مخلوقا بكلمته من غير أب. ثم بين الكلمة التي أوحى إلى مريم، فصار عيسى مخلوقا، فقال:
إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اَللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (3) . فأخبر أن عيسى إنما صار مكونا بكلمة «كن» ، كما صار آدم بشرا بكلمة «كن» . و باللّه التوفيق.
أخبرنا أبو علي الروذباري في آخرين قالوا: أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة، عن حميد الأعرج، عن عبد اللّه بن الحارث، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوم كلم اللّه (عز و جل) موسى عليه السلام كانت عليه جبة صوف9.
ص: 302
و سراويل صوف، و كساه صوف، و كمة (قلنسوة) صوف، و نعلاه من جلد حمار غير ذكي.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو القاسم، عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله (عز و جل) : تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اَللّهُ (1)، قال: كلم موسى (عليه السلام) ، و أرسل محمدا صلى اللّه عليه و سلم إلى الناس كافة.3.
ص: 303
قول اللّه (عز و جل) : وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ (1).
قال بعض أهل التفسير: فالوحي الأول ما أرى اللّه (سبحانه و تعالى) الأنبياء عليهم الصلاة و السلام في منامهم، كما أمر إبراهيم عليه السلام في منامه بذبح ابنه، فقال فيما أخبر عن إبراهيم (عليه السلام) : إِنِّي أَرى فِي اَلْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ اِفْعَلْ ما تُؤْمَرُ (2).
قال الإمام المطلبي الشافعي رضي اللّه عنه: قال غير واحد من أهل التفسير:
رؤيا الأنبياء وحي، لقول ابن إبراهيم الذي أمر بذبحه: اِفْعَلْ ما تُؤْمَرُ .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أحمد بن محمد بن عبدوس، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا سفيان، قال: قال عمرو، هو ابن دينار: سمعت عبيد بن عمير يقول: رؤيا الأنبياء وحي، و قرأ: إِنِّي أَرى فِي اَلْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ .
رواه البخاري في الصحيح، عن علي بن المديني (3). و رويناه في ذلك عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. و أما الكلام من وراء حجاب، فهو كما كلم موسى
ص: 304
عليه السلام من وراء حجاب. و الحجاب المذكور في هذا الموضع و غيره يرجع إلى الخلق دون الخالق.
أخبرنا أبو علي، الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني هشام بن سعد، عن يزيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن موسى عليه السلام قال: يا رب، أرنا الذي أخرجنا و نفسه من الجنة. فأراه اللّه (عز و جل) آدم عليه السلام فقال: أنت أبونا آدم؟ فقال له آدم: نعم. قال: أنت الذي نفخ اللّه فيك من روحه، و علمك الأسماء كلها، و أمر الملائكة فسجدوا لك؟ قال: نعم. قال: فما حملك على أن أخرجتنا و نفسك من الجنة؟ قال له آدم: و من أنت؟ قال: أنا موسى. قال:
أنت موسى نبي إسرائيل الذي كلمك اللّه من وراء حجاب، لم يجعل اللّه بينك و بينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم. قال: فما وجدت أن ذلك كان في كتاب اللّه (عز و جل) قبل أن أخلق؟ قال: نعم. قال: فبم تلومني في شيء سبق من اللّه (عز و جل) فيه القضاء قبلي. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عند ذلك:
فحج آدم موسى، فحج آدم موسى (1).
و أما الكلام بالرسالة ، فهو إرساله الروح الأمين بالرسالة إلى من شاء من عباده. قال اللّه (عز و جل) : وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ اَلْمُنْذِرِينَ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا هلال بن العلاء الرقي، حدثنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا المعتمر بن سليمان، حدثنا سعيد بن عبيد اللّه الثقفي، أنا بكر بن عبد اللّه المزني، و زياد بن جبير، عن جبير بن حية. . . فذكر الحديث الطويل في بعث النعمان بن مقرن إلى أهل الأهواز، و أنهم سألوا أن يخرج إليهم4.
ص: 305
رجلا، فأخرج المغيرة بن شعبة، فقال ترجمان القوم: ما أنتم؟ فقال المغيرة:
نحن ناس من العرب كنا في شقاء شديد، و بلاء طويل، نمص الجلد و النوى من الجوع. و نلبس الوبر و الشعر، و نعبد الشجر و الحجر. فبينا نحن كذلك، إذ بعث رب السموات و رب الأرض إلينا نبيا من أنفسنا نعرف أباه و أمه، فأمرنا نبينا رسول ربنا صلى اللّه عليه و سلم أن نقاتلكم حتى تعبدوا اللّه وحده، أو تؤدوا الجزية. و أخبرنا نبينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن رسالة ربنا أنه من قتل منا، صار إلى جنة و نعيم لم ير مثله قط. و من بقي منا ملك رقابكم. رواه البخاري في الصحيح، عن فضل بن يعقوب، عن عبد اللّه بن جعفر (1).
أخبرنا أبو نصر، عمر بن عبد العزيز بن قتادة، أنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن زكريا الأديب، حدثنا الحسين بن محمد بن زياد القباني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، و عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، و عن عروة بن الزبير و صلب الحديث عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة-زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم-أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لما فتن أصحابه بمكة، أشار عليهم أن يلحقوا بأرض الحبشة، فذكر الحديث و قال فيه: فقال جعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه للنجاشي: بعث اللّه (عز و جل) إلينا رسولا نعرف نسبه و صدقه و عفافه، فدعا إلى أن نعبد اللّه وحده لا نشرك به شيئا، و نخلع من يعبد قومه و غيرهم من دونه. و أمرنا بالمعروف، و نهانا عن المنكر، و أمرنا بإقامة الصلاة، و الصيام، و الصدقة، و صلة الرحم، و كل ماه.
ص: 306
نعرف من الأخلاق الحسنة، و تلا علينا تنزيلا لا يشبهه شيء غيره، فصدقناه و آمنا به، و عرفنا أن ما جاء به هو الحق من عند اللّه. . . و ذكر الحديث.
قلت: و قد كان لنبينا صلى اللّه عليه و سلم جميع هذه الأنواع.
أما الرسالة فقد كان جبريل عليه الصلاة و السلام يأتيه بها من عند اللّه (عز و جل) .
و أما الرؤيا في المنام فقد قال اللّه (عز و جل) : لَقَدْ صَدَقَ اَللّهُ رَسُولَهُ اَلرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرامَ إِنْ شاءَ اَللّهُ آمِنِينَ (1).
و ذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرى و هو بالحديبية أنه يدخل مكة هو و أصحابه آمنين، محلقين رءوسهم و مقصرين. فقال له أصحابه حين نحر بالحديبية: أين رؤياك يا رسول اللّه؟ فأنزل اللّه (تبارك و تعالى) : لَقَدْ صَدَقَ اَللّهُ رَسُولَهُ اَلرُّؤْيا بِالْحَقِّ. . . إلى قوله تعالى: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (2)، يعني النحر بالحديبية. ثم رجعوا ففتحوا خيبر، ثم اعتمر بعد ذلك، فكان تصديق رؤياه صلى اللّه عليه و سلم في السنة المقبلة.
أخبرنا بذلك أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. . .
فذكره.
و روينا عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم. و كان صلى اللّه عليه و سلم لا يرى رؤية إلا جاءت مثل فلق الصبح (3). تريد ضياء الصبح إذا انفلق.1.
ص: 307
و أما التكليم فقد قال اللّه (عز و جل) : فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى (1).
ثم كان فيما أوحى إليه ليلة المعراج خمسين صلاة. فلم يزل يسأل ربه التخفيف لأمته حتى صار إلى خمس صلوات. و قال له ربه (تبارك و تعالى) :
«إني لا يبدل القول لدي، هي كما كتبت عليك في أم الكتاب، و لك بكل حسنة عشر أمثالها. هي خمسون في أم الكتاب، و هي خمس عليك» . و قد مضى الحديث فيه، و اختلف الصحابة رضي اللّه عنهم في رؤيته ربه (عز و جل) ، فذهبت عائشة رضي اللّه عنها إلى أنه صلى اللّه عليه و سلم لم يره ليلة المعراج. و ذهب ابن عباس رضي اللّه عنهما إلى أنه صلى اللّه عليه و سلم رآه ليلة المعراج. و نحن نذكر الأخبار في ذلك إن شاء اللّه تعالى في مسألة الرؤية. و قد ذهب الزهري رحمه اللّه في تقسيم الوحي إلى زيادة بيان. و ذلك فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا أبو الحسن المحمودي، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن علي الحافظ، حدثنا أبو موسى، محمد بن المثنى، حدثنا حجاج بن منهل، حدثنا عبد اللّه بن عمر، عن يونس بن يزيد، سمعت الزهري حين سئل عن قول اللّه (عز و جل) : وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ. . . (2)الآية.
قال: نزلت هذه الآية تعم من أوحى اللّه إليه من النبيين. قال:
فالكلام كلام اللّه تعالى الذي كلم به موسى من وراء حجاب. و الوحي ما يوحي اللّه به إلى النبي من أنبيائه، فيثبت اللّه تعالى ما أراد من وحيه في قلب النبي، فيتكلم به النبي صلى اللّه عليه و سلم و يبينه، و هو كلام اللّه و وحيه. و منه ما يكون بين اللّه و رسله لا يكلم به أحد من الأنبياء أحدا من الناس، و لكنه سر غيب بين اللّه و رسله. و منه ما يتكلم به الأنبياء و لا يكتبونه لأحد، و لا يأمرون بكتابته، و لكنهم يحدثون به الناس حديثا، و يبينون لهم أن اللّه (تعالى) أمرهم أن يبينوه للناس و يبلغوهم. و من الوحي ما يرسل اللّه به من يشاء، فيوحون به وحيا في1.
ص: 308
قلوب من يشاء من رسله. و قد بين اللّه (عز و جل) لنا في كتابه أنه يرسل جبريل عليه السلام إلى محمد صلى اللّه عليه و سلم، قال اللّه (عز و جل) في كتابه: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اَللّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (1).
و ذكر أنه الروح الأمين، فقال: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ. . . (2)الآية. فذهب في الوحي الأول إلى أنه ما يوحي اللّه به إلى النبي، فيثبت ما أراد من وحيه في قلبه، فيتكلم به النبي.
و هذا يجمع حال اليقظة و النوم. و ذهب فيما يوحي اللّه (تعالى) إلى النبي بإرسال الملك إليه إلى أنه يكون على نوعين:
أحدهما: أن يأتيه الملك فيكلمه بأمر اللّه تكليما. و الآخر: أن يأتيه فيلقي في روعه ما أمره اللّه (عز و جل) و كل ذلك بين في الأخبار.
أخبرنا أبو بكر، أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي الحافظ-ببغداد- حدثنا أبو العباس، محمد بن أحمد النيسابوري، حدثنا منجاب بن الحارث، حدثنا علي ابن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: إن الحارث بن هشام سأل النبي صلى اللّه عليه و سلم: كيف يأتيك الوحي؟ قال: كل ذلك يأتي الملك أحيانا في مثل صلصلة الجرس، فيفصم عني و قد وعيت عنه. قال: و هو أشده علي. و يتمثل لي الملك أحيانا رجلا، فيكلمني و أعي ما يقول. رواه البخاري في الصحيح، عن فروة بن أبي المغراء عن علي بن مسهر. و أخرجه مسلم من وجهين آخرين عن هشام بن عروة (3).7.
ص: 309
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو في آخرين، قالوا: ثا أبو العباس، محمد ابن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو-مولى المطلب-عن المطلب بن حنطب رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: ما تركت شيئا مما أمركم اللّه به إلا و قد أمرتكم به، و لا تركت شيئا مما نهاكم اللّه عنه إلا و قد نهيتكم عنه، و إن الروح الأمين قد ألقى في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها، فأجملوا في الطلب.
و قال بعضهم عن أبي العباس: قد نفث في روعي. و قد رويناه في كتاب المدخل و غيره من حديث ابن مسعود مرسلا و متصلا، ثم ذهب الزهري في الوحي إلى أن منه ما كان سرا، فلم يحدث به النبي أحدا. و منه ما لم يكن سرا فحدث به الناس، غير أنه لم يكن مأمورا بكتبه قرآنا، فلم يكتب فيما كتب من القرآن.
قلت: و منه ما كان مأمورا بكتبه قرآنا، فكتب فيما كتب من القرآن.
أخبرنا أبو عمرو، محمد بن عبد اللّه الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني الحسن بن سفيان، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (1)، قال: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يعالج من التنزيل شدة، و كان يحرك شفتيه. فقال لي ابن عباس رضي اللّه عنهما: أنا أحركهما لك كما كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يحركهما. قال سعيد: و أنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما. فحرك شفتيه، فأنزل اللّه (عز و جل) : لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ (2).
قال: جمعه في صدرك، ثم تقرؤه. فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (3).8.
ص: 310
قال: فاستمع له و أنصت. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا (1)، أن تقرأه. قال: فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا أتاه جبريل عليه السلام استمع. فإذا انطلق جبريل عليه السلام قرأه النبي صلى اللّه عليه و سلم كما أقرأه. رواه البخاري و مسلم في الصحيح عن قتيبة (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن سهل البخاري، حدثنا علي بن الحسن بن عبدة، حدثنا يحيى بن جعفر البيكندي، حدثنا وكيع ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن سلمة، و جعفر بن محمد، و اللفظ له، قالا: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عيسى بن يونس، قالا: حدثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه ابن مسعود رضي اللّه عنه قال: كنت أمشي في حرث بالمدينة مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو يتوكأ على عسيب، فمر بنفر من يهود، فقال بعضهم لبعض: لو سألتموه.
و قال بعضهم: لا تسألوه فيسمعكم ما تكرهون. فقاموا إليه، فقالوا: يا أبا القاسم، أخبرنا عن الروح. فقام ساعة ينتظر الوحي. فعرفت أنه يوحى إليه، فتأخرت عنه حتى صعد الوحي، ثم قال: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ اَلْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً (3).
زاد وكيع في روايته، قال: فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم: لا تسألوه. و لم يذكر قوله: فيسمعكم ما تكرهون. رواه البخاري في الصحيح، عن يحيى بن جعفر، عن وكيع، و عن محمد بن عبيد، عن عيسى. و رواه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى، و عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع.
أخبرنا أبو عمرو الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، أخبرني الحسن بن5.
ص: 311
سفيان، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا محمد بن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: أتى جبريل عليه السلام فقال: يا رسول اللّه، هذه خديجة أتتك بإناء فيه إدام و طعام أو شراب، فإذا هي أتتك، فاقرأ عليها من ربها السلام، و بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه و لا نصب.
رواه البخاري في الصحيح، عن أبي خيثمة، زهير بن حرب، و رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل (1). .
ص: 312
ما جاء في إسماع الرب (عز و جل) بعض ملائكته
كلامه الذي لم يزل به موصوفا، و لا يزال به
موصوفا، و تنزيل الملك به إلى من أرسله
إليه، و ما يكون في أهل السموات من الفزع عند
ذلك
قال اللّه تعالى: حَتّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا اَلْحَقَّ وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْكَبِيرُ (1).
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، قال: سمعت عكرمة يقول: سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إذا قضى اللّه الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان. فإذا فزع عن قلوبهم، قالوا: ما ذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: اَلْحَقَّ وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْكَبِيرُ (2).
ص: 313
فيسمعها مسترق السمع. و مسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض.
وصف سفيان أصابعه بعضها فوق بعض. قال: فيسمع الكلمة، فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن. فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها، و ربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذب معها مائة كذبة. فيقال: أ ليس قد قال لنا يوم كذا و كذا: «كذا و كذا» ، للكلمة التي سمعت من السماء. فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء. لفظ حديث الحميدي، و قصر سعدان بإسناده: أو سقط عليه.
و رواه البخاري في الصحيح، عن الحميدي، و علي بن المديني (1).
قال البخاري في الترجمة: و قال مسروق عن ابن مسعود رضي اللّه عنه: إذا تكلم اللّه بالوحي. . . فذكر ما أخبرنا أبو علي الروذباري و أبو الحسين بن بشران، قالا: أنا اسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: إن اللّه (عز و جل) إذا تكلم بالوحي، سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا، فيصعقون، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام. فإذا جاءهم جبريل، فزع عن قلوبهم. قال: فيقولون: يا جبريل ما ذا قال ربك؟ قال: فيقول: الحق. قال: فينادون: الحق الحق (2).
و أخبرنا أبو الفتح، هلال بن محمد بن جعفر الحفار ببغداد، أنا الحسين ابن يحيى بن عياش القطان، حدثنا علي بن أشكاب، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) إذا تكلم بالوحي فذكره بمثله مرفوعا، إلا أنه قال: فإذا قال ربكم. و كذلك رواه أبو داود السجستاني في كتابه.
ص: 314
السنن، عن جماعة، عن أبي معاوية مرفوعا، أخبرناه أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي و علي بن الحسين بن إبراهيم، و علي بن مسلم، قالوا: أنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
إذا تكلم اللّه بالوحي. . . فذكر بمثله، إلا أنه قال: فيقولون: يا جبريل: ما ذا قال ربك؟ فيقول: الحق. قال: فيقولون: الحق الحق. و رواه شعبة عن الأعمش موقوفا. و قيل عنه أيضا: مرفوعا. و روي من وجهين آخرين مرفوعا.
أخبرنا أبو علي، الحسين بن محمد الروذباري، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا نعيم بن حماد المروزي، حدثنا الوليد ابن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي زكريا، عن رجاء بن حياة، عن النواس بن سمعان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إذا أراد اللّه (عز و جل) أن يوحي بأمره، تكلمه بالوحي. فإذا تكلم، أخذت السموات رجفة-أو قال: رعدة-شديدة خوفا من اللّه (عز و جل) . فإذا سمع بذلك أهل السموات صعقوا و خروا للّه سجدا. فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه الصلاة و السلام فيكلمه اللّه تعالى من وحيه بما أراد، فيمضي جبريل عليه السلام على الملائكة، كلما مر بسماء يسأله ملائكتها: ما ذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق و هو العلي الكبير. قال:
فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل، فينتهي جبريل بالوحي حيث أمره اللّه (عز و جل) من السماء و الأرض.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو عبد اللّه، إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا العباس بن الوليد ابن مزيد، أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما، قالا: حدثني رجل من الأنصار أنهم بيناهم جلوس. . . ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو عبد اللّه، إسحاق، قالا: حدثنا أبو
ص: 315
العباس، حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا الأوزاعي، عن الزهري، قال: أخبرني علي بن الحسين-أراه عن ابن عباس رضي اللّه عنهم-قال:
أخبرني رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الأنصار، قال: بينا هم جلوس مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: رمى بنجم فاستنار. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمى بمثل هذا؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم، كنا نقول: ولد الليلة رجل عظيم، مات الليلة رجل عظيم. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: فإنها لا ترمى لموت أحد و لا لحياته، و لكن ربنا (تبارك و تعالى) إذا قضى أمرا، سبحه حملة العرش، ثم سبحه أهل السماء الذي يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل السماء الدنيا. ثم يقول الذي يلون حملة العرش لحملة العرش: ما ذا قال ربكم؟ فيخبرونهم، فيستخبر أهل السموات بعضهم بعضا، حتى يبلغ الخبر هذه السماء، فتخطف الجن السمع، فيلقونه إلى أوليائهم. فما جاءوا به على وجهه فهو حق. و لكنهم يحرفون فيه و يزيدون فيه، أخرجه مسلم في الصحيح (1). من حديث صالح بن كيسان و الأوزاعي، و يونس بن يزيد، و معقل بن عبيد اللّه الجزري، عن ابن شهاب، عن الزهري. و زاد يونس في روايته، قال: و قال اللّه (عز و جلّ) : حَتّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا اَلْحَقَّ (2).
و قال و لكنهم يرقون فيه، يعني يزيدون.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبدوس العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا القعنبي فيما قرأ على مالك، قال:
و حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين رضي اللّه عنها، قالت: إن الحارث بن هشام سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم،3.
ص: 316
فقال: يا رسول اللّه، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يأتيني أحيانا في مثل صلصلة الجرس، و هو أشده عليّ، فيفصم عني و قد وعيت ما قال الملك، و أحيانا يتمثل لي الملك رجلا، فيعلمني.
قال القعنبي: فيكلمني، فأعي ما أقول.
قالت عائشة رضي اللّه عنها: و لقد رأيته صلى اللّه عليه و سلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم و إن جبينه ليتفصد عرقا. رواه البخاري في الصحيح، عن عبد اللّه بن يوسف، عن مالك. و أخرجه مسلم من وجه آخر، عن هشام ابن عروة. و الصلصلة صوت الحديد إذا حرك (1).
قال أبو سلمان الخطابي (رحمه اللّه) : يريد-و اللّه أعلم-أنه صوت متدارك، يسمعه و لا يتبينه عند أول ما يقرع سمعه، حتى يتفهم و يستثبت فيتلقنه حينئذ و يعيه. و لذلك قال: و هو أشده عليّ. و قوله: «فيفصم عني» ، معناه: يقلع عني و ينجلي ما يتغشاني منه.
و قوله: «فزع عن قلوبهم» . أي ذهب الفزع عن قلوبهم.ه.
ص: 317
إسماع الرب (جل ثناؤه) كلامه من شاء
من ملائكته و رسله و عباده
قال اللّه (عز و جل) : وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً (1).
و قال: (جل و علا) : وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَ اِسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ اَلْكافِرِينَ* وَ قُلْنا يا آدَمُ اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ اَلْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ اَلشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ اَلظّالِمِينَ (2).
و قال تعالى: تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اَللّهُ (3).
و ذكر في غير موضع من كتابه ما كلم به ملائكته و رسله و عباده. و تلاوة جميعه في هذا الموضع مما يطول به الكتاب. و كل ذلك ورد بلفظ الكلام، أو القول، أو الأمر، أو النداء. و لم يطلق اسم الخلق على شيء منه.
أخبرنا أبو بكر بن أحمد بن علي بن محمد الحافظ، أنا أبو بكر بن المقري، أنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثهم، قال: حدثنا محمد-يعني
ص: 318
ابن المتوكل-حدثنا المعتمر، حدثنا أبي، عن أبي عثمان، عن سلمان، رفعه، قال:
لما خلق اللّه (تعالى) آدم، قال: يا آدم واحدة لي، و واحدة لك، و واحدة بيني و بينك، فأما التي لي: فتعبدني و لا تشرك بي شيئا. و أما التي لك: فما عملت من شيء، جزيتك به. و إن أغفر، فأنا الغفور الرحيم. و أما التي بيني و بينك فمنك المسألة و الدعاء، و عليّ الإجابة و العطاء.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو الحسين، علي بن الفضل الخزاعي، أخبرني جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا عبد اللّه بن معاذ، أنا المعتمر بن سليمان، قال: قال أبي: حدثنا أبو عثمان، عن سلمان، قال: لما خلق آدم عليه الصلاة و السلام. . . فذكره موقوفا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثني إبراهيم بن إسماعيل القارئ حدثنا عثمان ابن سعيد الدارمي، حدثنا أبو توبة، الربيع بن نافع الحلبي، حدثنا معاوية بن سلام، حدثني زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني أبو أمامة أن رجلا قال: يا رسول اللّه، أ نبي كان آدم؟ قال: نعم، معلم، مكلم. قال:
كم بينه و بين نوح؟ قال: عشرة قرون. قال: كم كان بين نوح و إبراهيم؟ قال: عشرة قرون. قال: يا رسول اللّه، كم كانت الرسل؟ قال: ثلاثمائة و خمسة عشر جما غفيرا (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري، حدثنا وهب بن جرير بن حازم حدثنا أبي، عن كلثوم ابن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال:
أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام فأخرج من صلبه ذرية ذراها، فنثرهم نثرا بين يديه كالذر، ثم كلمهم، فقال: «أ لست بربكم؟ قالوا: بلى. شهدنا،ه.
ص: 319
أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. أو تقولوا: إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ اَلْمُبْطِلُونَ (1).
أخبرنا أبو محمد السكري-ببغداد-أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: بينما أيوب يغتسل عريانا، خر عليه رجل جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه. قال: فناداه ربه: أ لم أك أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى، يا رب، و لكن لا غنى بي عن بركتك. أو قال: عن فضلك. رواه البخاري في الصحيح، عن عبد اللّه بن محمد بن عبد الرزاق (2).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: الملائكة يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل، و ملائكة بالنهار، و يجتمعون في صلاة الفجر و صلاة العصر، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم-و هو أعلم بهم-كيف تركتم عبادي؟ قالوا: تركناهم و هم يصلون، و أتيناهم و هم يصلون. رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، و أخرجه البخاري من وجه آخر، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي0.
ص: 320
صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن للّه ملائكة، فضلا عن كتاب الناس، سياحين في الأرض، فإذا وجدوا قوما يذكرون اللّه (تعالى) ، تنادوا: هلموا إلى بغيتكم. قال: فيخرجون حتى يحفون بهم إلى السماء الدنيا. قال:
فيقول اللّه (عز و جل) : إيش تركتم عبادي يصنعون؟ قال: فيقولون: تركناهم يحمدونك، و يسبحونك، و يمجدونك. قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون:
لا. قال: فيقول: كيف لو رأوني؟ قال: فيقولون: لو رأوك، لكانوا أشد تمجيدا و أشد ذكرا. قال: فيقول: فأيش يطلبون؟ قال: يطلبون الجنة. قال: فيقول: هل رأوها؟ قال: فيقولون: لا. قال: فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: فيقولون: لو رأوها كانوا أشد عليها حرصا، و أشد لها طلبا. قال: فيقول: من أي شيء يتعوذون؟ قال: فيقولون: يتعوذون من النار. قال: فيقول: و هل رأوها؟ قال: فيقولون: لا.
قال: فيقول: فكيف لو رأوها؟ قال: فيقولون: لو رأوها، كانوا أشد منها تعوذا، و أشد منها هربا. قال: فيقول: فإني أشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: فيقولون:
فإن فيهم فلانا الخطاء لم يردهم، إنما جاء في حاجة. قال: فيقول: فهم القوم لا يشقى جليسهم. أخرجه البخاري في الصحيح من حديث جرير، عن الأعمش.
و أخرجه مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح، عن أبيه (1).
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف، أنا أبو سعيد، أحمد بن محمد بن زياد البصري، حدثنا الحسن بن محمد الصباح الزعفراني، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: قال اللّه (عز و جل) : إذا هم عبدي بحسنة، فاكتبوها- يعني حسنة-فإن عملها، فاكتبوها بعشر أمثالها. فإن هم بسيئة فلا تكتبوها.
فإن عملها فاكتبوها مثلها. فإن تركها، فاكتبوها حسنة. رواه مسلم في .
ص: 321
الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة و غيره، عن سفيان بن عيينة (1).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد ابن سلمة، حدثنا قتيبة بن سعيد، و أحمد بن عبدة، قال قتيبة: حدثنا. و قال ابن عبدة: أنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إذا أحب اللّه عبدا، نادى جبريل عليه الصلاة و السلام: قد أحببت فلانا فأحبه. قال:
فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض. فذلك قوله (عز و جل) : إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمنُ وُدًّا (2).
و إذا أبغض عبدا، نادى جبريل عليه السلام: قد أبغضت فلانا.
فينادي في أهل السماء، ثم ينزل له البغضاء في أهل الأرض. رواه مسلم في الصحيح، عن قتيبة، و أخرجه البخاري من حديث عبد اللّه بن دينار، عن أبي صالح.6.
ص: 322
رواية النبي صلى اللّه عليه و سلم قول اللّه (عز و جل)
في الوعد، و الوعيد، و الترغيب، و الترهيب
سوى ما في الكتاب
قال اللّه (عز و جل) : وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى* إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ اَلْقُوى (1).
و قال (جل و علا) : وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ (2).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، و أبو يعلى المهلبي، قالا: أنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (تعالى) قال: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر. قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال اللّه (عز و جل) : و أنا عند ظن عبدي بي (3).
قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال اللّه (عز و جل) كذبني عبدي، و لم
ص: 323
يكن له ذلك، و شتمني عبدي، و لم يكن له ذلك. أما تكذيبه إياي أن يقول:
لن يعيدنا كما بدأنا. و أما شتمه إياي، يقول: اتخذ اللّه ولدا. و أنا الصمد، لم ألد و لم أولد، و لم يكن لي كفوا أحد. قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (تعالى) قال: أنفق عليك.
قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) قال: «إذا تلقاني عبدي بشبر، تلقيته بذراع. و إذا تلقاني بذراع، تلقيته بباع. و إذا تلقاني بباع، جئته أو أتيته بأسرع» (1).
أخرج البخاري الحديث الأول من حديث عبد اللّه بن المبارك، عن معمر، و أخرج الحديث الثالث عن إسحاق، عن عبد الرزاق، و أخرج مسلم الحديثين الأخيرين، عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، حدثنا محمد بن حياة الأسفراييني، حدثنا أبو اليمان، أنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قال اللّه (عز و جل) : أنا عند ظن عبدي بي، و أنا معه حيث يذكرني. رواه البخاري في الصحيح، عن أبي اليمان. و أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل-ببغداد-أنا أبو جعفر، محمد بن عمرو الرزاز، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يقول اللّه (عز و جل) : أنا عند ظن عبدي بي، و أنا معه حين يذكرني.
فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي. و إن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم. و إن اقترب إليّ شبرا، اقتربت إليه ذراعا. و إن اقترب إليّ ذراعا، اقتربت إليه باعا. و إن أتاني يمشي، أتيته أهرول. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي معاوية. و رواه البخاري من وجه آخر عن الأعمش (2).9-
ص: 324
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الحسين، علي بن عبد الرحمن بن ماني الدهقان-بالكوفة-حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه العبسي، حدثنا وكيع. . . ح.
و أنا أبو عمرو، أنا الحسن بن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يقول اللّه (عز و جل) : «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها أو أزيد. و من جاء بالسيئة بجزاء سيئة مثلها أو أغفر. و من تقرب مني شبرا، تقربت منه ذراعا. و من تقرب مني ذراعا، تقربت منه باعا. و من أتاني يمشي، أتيته هرولة. و من لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئا، لقيته بمثلها مغفرة» . رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة (1).
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه قوله: «إذا تقرب العبد إليّ شبرا، تقربت إليه ذراعا» هذا مثل، و معناه حسن القبول و مضاعفة الثواب على قدر العمل الذي يتقرب به العبد إلى ربه حتى يكون ذلك ممثلا بفعل من أقبل نحو صاحبه قدر شبر، فاستقبله صاحبه ذراعا، و كمن مشى إليه، فهرول إليه صاحبه قبولا له و زيادة في إكرامه. و قد يكون معناه التوفيق له و التيسير للعمل الذي يقربه منه. و اللّه أعلم.
حدثنا أبو محمد بن يوسف-إملاء-أنا أبو سعيد، أحمد بن محمد بن زياد البصري-بمكة-أنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأعرابي مسلم، أنه شهد على أبي هريرة و أبي سعيد رضي اللّه عنهما أنهما شهدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: ما جلس قوم يذكرون اللّه (تعالى) ، إلا حفت بهم الملائكة، و غشيتهم الرحمة، و ذكرهم اللّه فيمن عنده. رواه مسلم في الصحيح، عن زهير بن حرب، عن ابنه.
ص: 325
مهدي (1). و لهذا و أمثاله قلنا: إن اسم الشكور يرجع إلى إثبات صفة الكلام.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يونس بن أبي اسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول: «أنظروا إلى عبادي، جاءوني شعثا غبرا» (2).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو محمد، حاجب ابن الطوسي، حدثنا محمد ابن حماد الأبيوردي، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن آدم بن سليمان-مولى خالد ابن خالد-قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:
لما نزلت: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اَللّهُ (3).
قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخله من شيء. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:
قولوا: قد سمعنا و أطعنا و سلمنا. قال: فألقى اللّه (عز و جل) الإيمان في قلوبهم، فأنزل اللّه (عز و جل) : آمَنَ اَلرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ. . . (4)إلى قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اَللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اِكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا .
قال: قد فعلت. رَبَّنا وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا قال: قد فعلت. وَ اُعْفُ عَنّا وَ اِغْفِرْ لَنا وَ اِرْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى اَلْقَوْمِ اَلْكافِرِينَ (5). قال: قد فعلت. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر ابن أبي شيبة، و غيره عن وكيع (6).ن-
ص: 326
أخبرنا أبو عبد الرحمن، محمد بن الحسين السلمي، و أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن قتادة، قالا: أنا أبو عمر بن نجيد، حدثنا محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا ابن بكير، حدثنا مالك بن أنس، عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا السائب-مولى هشام بن زهرة-يقول: سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج غير تمام. فقلت: يا أبا هريرة: إني أكون أحيانا وراء الإمام. قال: فغمز ذراعي و قال: يا فارسي، اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: قال اللّه (عز و جل) : «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين، فنصفها لي، و نصفها لعبدي، و لعبدي ما سأل» .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اقرءوا: يقول العبد: اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ .
يقول اللّه تعالى: حمدني عبدي. يقول العبد: اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . يقول اللّه (تعالى) : أثنى عليّ عبدي. يقول العبد: مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ . يقول اللّه (تعالى) : مجدني عبدي. يقول العبد: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ . فهذه الآية بيني و بين عبدي، و لعبدي ما سأل. يقول العبد: اِهْدِنَا اَلصِّراطَ اَلْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ*غَيْرِ اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ اَلضّالِّينَ . .
فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل. رواه مسلم في الصحيح، عن قتيبة بن سعيد، عن مالك (1).
أخبرنا أبو القاسم، عبد الخالق بن علي المؤذن، أنا أبو بكر، محمد بن أحمد بن حبيب، حدثنا أبو بكر، محمد بن أحمد بن العوام، حدثنا يزيد بن هارون، أنا همام بن يحيى. . . ح.
و أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو قتيبة، سلام بن الفضل الآدمي-بمكة-حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، حدثنا أبو الوليد. . . ح.
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا علي بن ممشاد، حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الصمد، و أبو الوليد، قالا: حدثنا همام، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبيث.
ص: 327
طلحة، حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة، قال: سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن رجلا أصاب ذنبا فقال: رب إني أصبت ذنبا. و ربما قال: أذنبت ذنبا، فاغفره لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به، قد غفرت لعبدي. قال: ثم مكث ما شاء اللّه، ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: رب إني أذنبت ذنبا. و ربما قال: أصبت ذنبا، فاغفره لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، و يأخذ به، فقد غفرت لعبدي. ثم مكث ما شاء اللّه، ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: رب إني أذنبت ذنبا. و ربما قال: أصبت ذنبا، فاغفره لي. فقال ربه تبارك و تعالى:
علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، و يأخذ به، قد غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء. لفظ حديث أبي الوليد. رواه مسلم في الصحيح، عن عبد بن حميد، عن أبي الوليد. و أخرجه البخاري من وجه آخر، عن همام (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يحدث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فيما يروي عن ربكم (تبارك و تعالى) أنه قال: لكل عمل كفارة، و الصوم لي و أنا أجزي به.
و لخلوف فم الصائم أطيب عند اللّه من ريح المسك. رواه البخاري في الصحيح، عن آدم بن أبي إياس (2).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، و أبو سعيد بن أبي عمرو في آخرين، قالوا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي، أنبأنا مالك. . . ح. .
ص: 328
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا القعنبي، عن مالك، عن صالح بن كيسان، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه، عن زيد بن خالد الجهني رضي اللّه عنه أنه قال: صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صلاة الصبح في الحديبية في أثر سماء كانت من الليل. فلما انصرف، أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ما ذا قال ربكم؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم. قال صلى اللّه عليه و سلم: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي و كافر. فأما من قال: «مطرنا بفضل اللّه و رحمته» ، فذلك مؤمن بي، كافر بالكوكب. و أما من قال: «مطرنا بنوء كذا و كذا» ، فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب. رواه البخاري في الصحيح، عن القعنبي، و أخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن مالك (1).
حدثنا الفقيه أبو الطيب، سهل بن محمد بن سليمان-إملاء-حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنا أبي، و شعيب بن الليث، قالا: أنا الليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو-مولى المطلب-عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن اللّه (سبحانه و تعالى) يقول: أنا أغنى الشركاء عن الشرك. فمن عمل عملا أشرك فيه غيري، فأنا منه بريء، و هو من الذي عمله. تابعه العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه. و من ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ في الأمالي، حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الحافظ -بهمذان-حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا أبو مسهر، عبد الأعلى بن مسهر،1.
ص: 329
حدثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، عن جبريل عليه الصلاة و السلام، عن اللّه (تبارك و تعالى) أنه قال: يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، و جعلته محرما بينكم، فلا تظالموا. يا عبادي: إنكم الذين تخطئون بالليل و النهار، و أنا الذي أغفر الذنوب و لا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي: كلكم جائع إلا من أطعمت، فاستطعموني أطعمكم.
يا عبادي: كلكم عار إلا من كسوت فاستكسوني أكسكم. يا عبادي: لو أن أولكم و آخركم و إنسكم و جنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم، لم يزد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي: لو أن أولكم و آخركم، و إنسكم و جنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم، لم ينقص ذلك من ملكي شيئا. يا عبادي:
لو أن أولكم و آخركم، و إنسكم و جنكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان منكم ما سأل، لم ينقص ذلك من ملكي شيئا إلا كما ينقص البحر أن يغمس فيه المخيط غمسة واحدة. يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم. فمن وجد خيرا، فليحمد اللّه (عز و جل) . و من وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه (1).
قال سعيد بن عبد العزيز: و كان أبو إدريس إذا حدث بهذا الحديث، جثا على ركبتيه إعظاما له. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن إسحاق الصاغاني، عن أبي مسهر.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو محمد بن زياد العدل، حدثنا محمد بن إسحاق-هو ابن خزيمة-حدثنا يونس بن عبد الأعلى، أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، قال: إن بكر بن سوادة حدثه عنم.
ص: 330
عبد الرحمن بن جبير، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تلا قول اللّه (عز و جل) في إبراهيم عليه الصلاة و السلام:
رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ اَلنّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي. . . (1) الآية.
و قول عيسى ابن مريم عليهما الصلاة و السلام: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (2).
فرفع يديه و قال: اللهم أمتي أمتي، و بكى.
قال (عز و جل) : يا جبريل: اذهب إلى محمد-و ربك أعلم-فسله:
ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة و السلام فسأله، فأخبره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بما قال-و هو أعلم-فقال اللّه (تبارك و تعالى) : يا جبريل: اذهب إلى محمد و قل: إنا سنرضيك في أمتك و لا نسوؤك. رواه مسلم في الصحيح (3)عن يونس بن عبد الأعلى.
أخبرنا أبو نصر، محمد بن علي بن مقاتل الهاشمي-قدم علينا نيسابور حاجا-قال: حدثنا أبو عمرو، محمد بن محمد بن جابر، حدثنا أبو عمرو، أحمد بن نصر الخفاف، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا جرير. . . ح.
و أخبرنا أبو محمد، الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس-بمكة-أنا أبو حفص، عمر بن محمد بن أحمد الجمحي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما، قال: جاء رجل إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: يا رسول اللّه: أي البقاع خير؟ فقال صلى اللّه عليه و سلم: لا أدري. فقال:
أي البقاع شر؟ فقال صلى اللّه عليه و سلم: لا أدري. فأتاه جبريل عليه الصلاة و السلام،ه.
ص: 331
فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم: يا جبريل: أي البقاع خير؟ قال: لا أدري. قال: أي البقاع شر؟ قال: لا أدري. قال: سل ربك. قال: فانتفض جبريل انتفاضة كاد يصعق منها محمد صلى اللّه عليه و سلم، فقال: ما أسأله عن شر. فقال اللّه (عز و جل) :
سألك محمد: أي البقاع خير؟ فقلت: لا أدري. و سألك: أي البقاع شر؟ فقلت: لا أدري. فأخبره أن خير البقاع المساجد. و أن شر البقاع الأسواق.
لفظ حديث الطالقاني.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو جعفر، محمد بن علي بن رحيم الشيباني-بالكوفة-حدثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، أنا يعلى بن عبيد الطنافسي، و الفضل بن دكين، قالا: حدثنا عمر بن ذر، عن أبيه. . . ح.
و أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بابويه المزكي، أنا أبو الحسن، محمد بن محمد بن الحسن الكارزي، حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، الفضل بن دكين، حدثنا عمر بن ذر، قال: سمعت أبي يحدث عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لجبريل عليه الصلاة و السلام: ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا، فقال: وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ. . . (1)الآية. رواه البخاري في الصحيح، عن فضل بن دكين (2). .
ص: 332
قول اللّه (عز و جل) : لِمَنِ اَلْمُلْكُ اَلْيَوْمَ لِلّهِ اَلْواحِدِ اَلْقَهّارِ (1)
أخبرنا أبو الحسين بن بشران-ببغداد-أنا أبو الحسن، علي بن أحمد المصري، حدثنا روح بن الفرج، حدثنا سعيد بن عفير، حدثني الليث بن سعد، حدثني بن مسافر، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: يقبض اللّه (عز و جل) الأرض، و يطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟ أخرجه البخاري في الصحيح، عن سعيد بن عفير (2).
ص: 333
قول اللّه (عز و جل) : يَوْمَ يَجْمَعُ اَللّهُ اَلرُّسُلَ فَيَقُولُ: ما ذا أُجِبْتُمْ (1).
و قوله (تعالى) : وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ اَلْمُرْسَلِينَ (2).
و قوله (جل و علا) : وَ إِذْ قالَ اَللّهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اَللّهِ (3).
و قوله (تبارك و تعالى) : فَلَنَسْئَلَنَّ اَلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ اَلْمُرْسَلِينَ* فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما كُنّا غائِبِينَ (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن محمد بن أحمد بابويه، حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، حدثنا عثمان. حدثنا عبد الواحد، حدثنا سليمان الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
يجيء نوح و أمته يوم القيامة، فيقول اللّه لنوح: هل بلغت؟ فيقول: نعم يا رب. فيقول لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ (5)، قال: من يشهد لك؟ قال: محمد و أمته. قال: فنجيء، فنشهد أنه قد بلغ. قال: فذلك قول اللّه (عز و جل) : وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى اَلنّاسِ وَ يَكُونَ اَلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً (6).
ص: 334
و الوسط: العدل. رواه البخاري في الصحيح، عن موسى بن إسماعيل، عن عبد الواحد بن زياد.
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن الحسين العلوي، أنا أبو حامد، أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن سماك بن حرب، عن مري بن قطري، عن عدي بن حاتم أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: وقى أحدكم وجهه النار و لو بشق تمرة. فإن لم يجد، فبكلمة طيبة، فإن أحدكم إذا لقي اللّه (عز و جل) يوم القيامة يقول له: أ لم أجعل لك سمعا و بصرا؟ فيقول: بلى. فيقول: أ لم أجعل لك مالا و ولدا؟ فيقول: بلى. فيقول: فما ذا قدمت لنفسك؟ قال:
فينظر شمالا و يمينا، فلا يرى شيئا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق-إملاء-أنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في حديث الرؤية، قال فيه: فيلقى العبد فيقول: أي فل (1): أ لم أكرمك و أسودك (2)و أزوجك، و أسخر لك الخيل و الإبل، و أذرك ترأس (3)و تربع (4)؟ قال: فيقول: بلى أي رب. قال: فيقول:
أ فظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثاني، فيقول: أي قل: . . . فذكر مثل ما قال للأول: ثم يلقى الثالث، فيقول: آمنت بك و بكتابك، و برسولك، و صليت و صمت و تصدقت، و يثني بخير ما استطاع. قال: فيقول: فهاهنا إذا. قال: ثم يقال: ألا نبعث شاهدنا عليك. فيفكر في نفسه: من الذي يشهد عليّ؟ فيختم على فيه، و يقال لفخذه: انطقي. فينطق فخذه و لحمه و عظامه بعمله، ما كان ذلكا.
ص: 335
ليعتذر من نفسه. و ذلك المنافق. . . و ذكر الحديث. رواه مسلم في الصحيح، عن ابن أبي عمر، عن سفيان (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو عبد الرحمن السلمي، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن اسحاق الصاغاني، حدثني أبو بكر ابن أبي النصر، أنا أبو النصر، عن الأشجعي، عن سفيان، عن عبيد المكتب، عن فضيل بن عمرو، عن الشعبي، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فضحك، فقال: هل تدرون مما أضحك؟ قال: قلنا: اللّه و رسوله أعلم. قال: من مخاطبة العبد ربه. يقول: يا رب، أ لم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى. قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال: فيقول: فكفى بنفسك عليك شهيدا، و بالكرام الكاتبين شهودا. قال: فيختم على فيه، و يقال لأركانه: انطقي. قال: تنطق بأعماله. قال: ثم يخلى بينه و بين الكلام. قال: فيقول: بعدا و سحقا فعنكن كنت أناضل (2). رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي النصر.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد يعني ابن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني، قال: سمعت أنس بن مالك رضي اللّه عنه يحدث أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: يقول اللّه (عز و جل) لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقول له: قد أردت منك ما هو أهون من هذا و أنت في صلب آدم أن لا تشرك بي، فأبيته.
ص: 336
إلا أن تشرك. رواه البخاري و مسلم في الصحيح، عن محمد بن بشار (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، أنا الحكم بن موسى، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن عدي بن حاتم، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما منكم من أحد إلا سيكلمه اللّه (عز و جل) ليس بينه و بينه ترجمان. فينظر أيمن منه، فلا يرى إلا ما قدم من عمله، و ينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم. و ينظر بين يديه، فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه. فاتقوا النار و لو بشق تمرة (2).
قال عيسى: قال الأعمش: حدثني عمرو بن مرة، عن خيثمة بمثله، و زاد فيه: و لو بكلمة طيبة. رواه البخاري و مسلم في الصحيح. كلاهما عن علي بن حجر، عن عيسى.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، أنا الضحاك بن مخلد أبو عاصم، أنا سعدان بن بشر، حدثنا أبو المجاهد الطائي، حدثنا محل بن خليفة، عن عدي بن حاتم، قال: كنت عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فجاءه رجلان أحدهما يشكو العيلة، و الآخر يشكو قطع السبيل. فقال صلى اللّه عليه و سلم: لا يأتي عليك إلا قليل حتى تخرج المرأة من الحيرة إلى مكة بغير خفير، و لا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته فلا يجد من .
ص: 337
يقبلها منه. ثم ليفيضن المال، ثم ليقفن أحدكم بين يدي اللّه (عز و جل) ليس بينه و بين اللّه حجاب يحجبه، و لا ترجمان فيترجم له. فيقول: أ لم أوتك مالا؟ فيقول: بلى. فيقول: أ لم أرسل إليك رسولا؟ فيقول: بلى. فينظر عن يمينه، فلا يرى إلا النار، و ينظر عن يساره، فلا يرى إلا النار. فليتق أحدكم النار و لو بشق تمرة. فإن لم يجد، فبكلمة طيبة. رواه البخاري عن عبد اللّه بن محمد (1).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، حدثنا أبو بكر، محمد بن عمر بن حفص الزاهد، حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه العبسي، أنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يقول اللّه تعالى يوم القيامة: يا آدم قم فابعث بعث النار. قال: فيقول: لبيك و سعديك، و الخير في يديك، و ما بعث النار؟
قال: فيقول: من كل ألف تسعمائة و تسعة و تسعين. قال: فحينئذ يشيب المولود، وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى اَلنّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اَللّهِ شَدِيدٌ (2).
قال: فيقولون: و أينا ذلك الواحد؟
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: تسعمائة و تسعة و تسعون من يأجوج و مأجوج، و منكم واحد.
قال: فقال الناس: اللّه أكبر.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: و اللّه إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة. و اللّه إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، و اللّه إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة.
قال: فكبر الناس.2.
ص: 338
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، أو الشعرة السوداء في الثور الأبيض. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن شيبة، عن وكيع. و أخرجه البخاري من وجه آخر، عن الأعمش (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق-إملاء-أنا أبو المثنى، و محمد بن أيوب، و الحديث لأبي المثنى، حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن قتادة عن صفوان بن محرز، قال: إن رجلا سأل ابن عمر رضي اللّه عنهما: كيف سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في النجوى؟ قال: يدنو أحدكم من ربه، حتى يضع كتفه عليه، فيقول: عملت كذا و كذا. فيقول: نعم. فيقرره. ثم يقول: قد سترت عليك في الدنيا، و أنا أغفرها لك اليوم. قال: ثم يعطي كتاب حسناته-أو ينشر كتاب حسناته-و هو قوله هاؤُمُ اِقْرَؤُا كِتابِيَهْ (2).
و أما الكافر و المنافق، فينادون: هؤلاء الذين كذبوا على اللّه و رسوله.
أَلا لَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلظّالِمِينَ (3) .
رواه البخاري في الصحيح عن مسدد. و أخرجه مسلم من وجهين آخرين عن قتادة (4).
أخبرنا أبو القاسم، عبد الخالق بن علي، المؤذن، أنا أبو بكر، محمد بن أحمد بن حنب البغدادي، حدثنا يحيى بن أبي طالب، أنا زيد بن الحباب، حدثنا حماد بن سلمة. . . ح.3.
ص: 339
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس-هو الأصم-حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني، أنا حسن بن موسى الأشيب، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: يقول اللّه (عز و جل) : يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني.
فيقول: يا رب، كيف أعودك و أنت رب العالمين؟ فيقول: أ ما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده. أ ما علمت أنك لو عدته، لوجدتني عنده.
فيقول: يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني.
فيقول: أي رب، و كيف أسقيك و أنت رب العالمين؟
فيقول: (تبارك و تعالى) : أ ما علمت أن عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه. أ ما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي.
قال: و يقول (عز و جل) : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني.
فيقول: أي رب، و كيف أطعمك و أنت رب العالمين؟ فيقول: أ ما علمت أن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما إنك لو أطعمته، لوجدت ذلك عندي. لفظ حديث الأشيب. و في رواية زيد بن الحباب: فلو عدته لوجدت ذلك عندي. و بمعناه قال في باقي الحديث.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث بهز بن أسد، عن حماد (1). و فيه أن ذلك يقوله يوم القيامة. و في استفسار هذا العبد ما أشكل عليه دليل على إباحة سؤال من لا يعلم من يعلم، حتى يقف على المشكل من الألفاظ إذا أمكن الوصول إلى معرفته. و فيه دليل على أن اللفظ قد يرد مطلقا، و المراد به غير ما يدل عليه ظاهره. فإنه أطلق المرض و الاستسقاء و الاستطعام على نفسه. و المراد به ولي من أوليائه. و هو كما قال اللّه (عز و جل) : إِنَّما جَزاءُ اَلَّذِينَ يُحارِبُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ (2).3.
ص: 340
و قوله: إِنَّ اَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ (1).
و قوله: إِنْ تَنْصُرُوا اَللّهَ يَنْصُرْكُمْ (2).
و المراد بجميع ذلك أولياؤه. و قوله: «لوجدتني عنده» ، أي وجدت رحمتي و ثوابي عنده. و مثله قوله (عز و جل) : وَ وَجَدَ اَللّهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ (3).
أي وجد حسابه و عقابه.9.
ص: 341
قول اللّه (عز و جل) : اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ* يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (1).
و قوله تعالى: إِنَّ أَصْحابَ اَلْجَنَّةِ اَلْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ* هُمْ وَ أَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى اَلْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ* لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَ لَهُمْ ما يَدَّعُونَ* سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد اللّه بن وهب، حدثنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة. فيقولون: لبيك ربنا و سعديك، و الخير في يديك.
فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ربنا و ما لنا لا نرضى و قد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك.
فيقول: ألا أعطكم أفضل من ذلك؟ قال: فيقولون: يا رب، و أي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا. رواه
ص: 342
البخاري في الصحيح، عن يحيى بن سليمان. و رواه مسلم عن هارون بن سعيد الأيلي، جميعا عن ابن وهب (1).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو طاهر، عن محمدآبادي، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا عبيد اللّه-هو ابن موسى-حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: آخر أهل الجنة دخولا الجنة، و آخر أهل النار خروجا من النار رجل يخرج حبوا، فيقول له ربه: ادخل الجنة. فيقول: أرى الجنة ملأى. فيقول له ذلك ثلاث مرات، كل ذلك يعيد: الجنة ملأى. فيقول: إن لك مثل الدنيا عشر مرات.
رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن خالد، عن عبيد اللّه، و أخرجه مسلم من وجه آخر عن منصور (2).ث.
ص: 343
قول اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اَللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اَللّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (1).
و قال (جل و علا) : إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اَللّهُ مِنَ اَلْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ اَلنّارَ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اَللّهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (2).
حدثنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي-إملاء-أنا أبو نصر، محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، حدثنا محمود بن آدم المروزي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه-أراه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم-قال: ثلاثة لا يكلمهم اللّه (تعالى) و لا ينظر إليهم، و لهم عذاب أليم، رجل حلف على يمين على مال مسلم فاقتطعه. و رجل حلف على يمين بعد صلاة العصر أنه أعطى سلعته أكثر مما أعطى و هو كاذب. و رجل منع فضل ماء، فإن اللّه (سبحانه) يقول: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك. رواه البخاري في الصحيح، عن عبد اللّه بن محمد. و رواه مسلم، عن عمرو الناقد، كلاهما عن ابن عيينة (3).
ص: 344
أخبرنا أبو القاسم، زيد بن أبي هاشم العلوي-بالكوفة-و أبو عبد اللّه الحافظ، قالا: أنا أبو جعفر بن دحيم، حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه، أنا وكيع، عن الأعمش. . . ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد ابن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ثلاثة لا يكلمهم اللّه و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: رجل بايع رجلا سلعة بعد العصر، فحلف له باللّه لأخذها بكذا و كذا.
فصدقه، فأخذها و هو على غير ذلك. و رجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا. فإن أعطاه منها، و في. و إن لم يعطه منها، لم يف له. و رجل على فضل ماء بالفلاة، فيمنعه من ابن السبيل. لفظ حديث أبي معاوية. رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع و أبي معاوية (1).
و أخبرنا أبو القاسم، زيد بن أبي هاشم العلوي، و أبو عبد اللّه الحافظ، قالا: أنا أبو جعفر بن دحيم، حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه، أنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة و لا يزكيهم: شيخ زان، و ملك كذاب، و عابد مستكبر. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا جعفر ابن محمد بن شاكر، حدثنا عفان، حدثنا شعبة. . . ح.
و أخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر العنبري، حدثنا جدي أبو محمد، يحيى بن منصور القاضي، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بنه.
ص: 345
جعفر، حدثنا شعبة، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة بن عمرو، عن خرشة ابن الحر، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: ثلاثة لا يكلمهم اللّه (تعالى) يوم القيامة، و لا ينظر إليهم و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم. قال:
فقرأها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: خابوا و خسروا، خابوا و خسروا، خابوا و خسروا. قيل: من هم يا رسول اللّه؟ قال: المسبل إزاره، و المنفق سلعته بالحلف الكاذب، و المنان عطاءه. لفظ حديث محمد بن جعفر غندر. رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن بشار و غيره (1). و أخرجه أيضا من حديث سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحر. و جميع هذه الأخبار صحيحة. و هذه أقاويل متفرقة يجمع بعضهن إلى بعض. و ليس في تنصيصه على الثلاثة نفي غيرهن. و يجوز أن يقول: ثلاثة لا يكلمهم. ثم يقول: و ثلاثة آخرون لا يكلمهم. فلا يكون الثاني مخالفا للأول. و في ذلك دلالة على أنه إذا لم يسمعهم كلامه عقوبة لهم يسمعه أهل رحمته كرامة لهم إذا شاء. و إنما لا يسمع كلامه أهل عقوبته بما يسمعه أهل رحمته. و قد يسمع كلامه في قول بعض أهل العلم أهل عقوبته بما يزيدهم حسرة و عقوبة. قال اللّه (عز و جل) : أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا اَلشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَ أَنِ اُعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (2). إلى سائر ما ورد في معنى هذه الآية في كتاب اللّه (عز و جل) : إلى أن يقولوا: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ (3)، فيجيبهم اللّه (عز و جل) : اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ (4).
فبعد ذلك لا يسمع كلامه. و ذلك حين وجب عليهم الخلود. أعاذنا اللّه من ذلك بفضله و رحمته.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو الفضل، الحسن بن يعقوب العدل،8.
ص: 346
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، أنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، قال: إن أهل النار لينادون مالكا: يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ (1).
قال: فيذرهم أربعين عاما لا يجيبهم، ثم يجيبهم: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (2).
قال الحسن بن يعقوب في روايته: هانت دعوتهم و اللّه على مالك و رب مالك. قالوا: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنّا قَوْماً ضالِّينَ* رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ* قالَ اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ (3).
و في رواية الأصم: ثم ينادون ربهم فينذرهم مثل الدنيا لا يجيبهم، ثم يجيبهم: اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ . قال: فما نبس القوم بكلمة، ما كان إلا الزفير و الشهيق.
قال قتادة: شبه أصواتهم بأصوات الحمير، أوله زفير و آخره شهيق.
قال الشيخ: هذا موقوف. و ظاهره أن اللّه (تعالى) يجيبهم بقوله:
اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ .
و ظاهر الكتاب أيضا يدل على أن اللّه (تعالى) يجيبهم بذلك، و إن كان يحتمل غير ذلك.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن كامل القاضي، أنا محمد بن سعد العوفي، حدثني أبي، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية بن8.
ص: 347
سعد، حدثني أبي، عن جدي عطية، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ ، هذا قول الرحمن (عز و جل) حين انقطع كلامهم منه.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور، العباس ابن الفضل النضروي، حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب، قال: لأهل النار خمس دعوات، يجيبهم اللّه (عز و جل) في أربعة. فإذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها أبدا. يقولون:
رَبَّنا أَمَتَّنَا اِثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اِثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (1) .
فيجيبهم اللّه (تعالى) : ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اَللّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْكَبِيرِ (2).
ثم يقولون: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنّا مُوقِنُونَ (3).
فيجيبهم اللّه (تعالى) : فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنّا نَسِيناكُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ اَلْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (4).
ثم يقولون: رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ اَلرُّسُلَ (5).
فيجيبهم اللّه (تعالى) : أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (6).4.
ص: 348
فيقولون: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ اَلَّذِي كُنّا نَعْمَلُ (1).
فيجيبهم اللّه (تعالى) : أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ اَلنَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (2).
ثم يقولون: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنّا قَوْماً ضالِّينَ* رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ (3).
فيجيبهم اللّه (تعالى) : اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ (4).
فلا يتكلمون بعدها أبدا.8.
ص: 349
قول اللّه (عز و جل) : إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ يُغْشِي اَللَّيْلَ اَلنَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ وَ اَلنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ (1).
فأخبر بأن الخلق صار مكونا مسخرا بأمره، ثم فصل الأمر من الخلق فقال: أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ تَبارَكَ اَللّهُ رَبُّ اَلْعالَمِينَ (2).
قال سفيان بن عيينة: بين اللّه (تعالى) الخلق من الأمر فقال: أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ (3).
و قال: اَلرَّحْمنُ* عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ* خَلَقَ اَلْإِنْسانَ* عَلَّمَهُ اَلْبَيانَ (4).
فلم يجمع القرآن مع الإنسان في الخلق، بل أوقع اسم الخلق على الإنسان، و التعليم على القرآن. و قوله (جل و علا) : إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (5). فوكد القول بالتكرار، و وكد المعنى بإنما.
و أخبر أنه إذا أراد خلق شيء، قال له: «كن» . و لو كان قوله مخلوقا، لتعلق بقول آخر، و كذلك حكم ذلك القول حتى يتعلق بما لا يتناهى. و ذلك يوجب استحالة وجود القول. و ذلك محال. فوجب أن يكون القول أمرا أزليا
ص: 350
متعلقا بالمكون فيما لا يزال. فلا يكون لا يزال إلا و هو كائن على مقتضى تعلق الأمر به. و هذا كما أن الأمر من جهة صاحب الشرع متعلق الآن بصلاة غد، و غد غير موجود متعلق بمن لم يخلق من المكلفين إلى يوم القيامة، و بعد لم يوجد بعضهم إلا أن تعلقه بها و بهم على الشرط الذي يصح فيما بعد. كذلك قوله في التكوين. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا جرير، عن سهيل، قال: كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام أن يضطجع على شقه الأيمن، ثم يقول: اللهم رب السموات و رب الأرض رب العرش العظيم، ربنا و رب كل شيء، فالق الحب و النوى، منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، و أنت الآخر فليس بعدك شيء، و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين و أغننا من الفقر. و كان يروي ذلك عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، رواه مسلم في الصحيح (1)عن زهير بن حرب، عن جرير رضي اللّه عنه. فهو ذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فصل بين المخلوق و غير المخلوق، فأضاف المخلوق إلى خالقه بلفظ يدل على الخلق. و أضاف التوراة و الإنجيل و الفرقان إلى اللّه تعالى بلفظ لا يدل على الخلق، و لم يجمع بين المذكورين في الذكر. و باللّه التوفيق.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلاد، حدثنا أحمد بن حفص، قال: حدثني إبراهيم بن طهمان، عن الأعمش، عن موسى بن المسيب، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: يقول اللّه (عز و جل) : . . . فذكر الحديث إلى أن قال:ي.
ص: 351
«عطائي كلام و عذابي كلام. إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له: كن فيكون» (1).
و أما قوله (عز و جل) : وَ كانَ أَمْرُ اَللّهِ مَفْعُولاً (2)فإنما أراد-و اللّه أعلم-ما قضى اللّه (سبحانه و تعالى) في أمر زيد و امرأته و تزويج النبي صلى اللّه عليه و سلم بها، و جواز التزوج بحلائل الأدعياء، و كان قضاء مقضيا، و هو كقوله:
وَ كانَ أَمْرُ اَللّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (3) .
و الأمر في القرآن ينصرف وجهه إلى ثلاثة عشر وجها:
منها: الأمر بمعنى الدين فذلك قوله تعالى: حَتّى جاءَ اَلْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اَللّهِ (4).
يعني دين اللّه الإسلام، و له نظائر.
و منها: الأمر بمعنى القول . فذلك قوله تعالى: فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا (5).
يعني قولنا. و قوله (عز و جل) : فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ (6).
يعني قولهم.
و منها: الأمر بمعنى العذاب . فذلك قوله: لَمّا قُضِيَ اَلْأَمْرُ (7).
يعني: لما وجب العذاب بأهل النار. و له نظائر.2.
ص: 352
و منها: الأمر يعني عيسى عليه السلام . فذلك قوله: إِذا قَضى أَمْراً (1).
يعني عيسى. و كان في علمه أن يكون من غير أب، فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (2).
و منها: أمر اللّه تعالى يعني القتل ببدد . فذلك قوله تعالى: فَإِذا جاءَ أَمْرُ اَللّهِ (3).
يعني القتل ببدد. و قوله تعالى: لِيَقْضِيَ اَللّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً (4).
يعني قتل كفار مكة.
و منها: أمر يعني فتح مكة . و ذلك قوله: فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ (5).
يعني فتح مكة.
و منها: أمر يعني قتل قريظة و جلاء النضير ، فذلك قوله تعالى: فَاعْفُوا وَ اِصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ (6).
و منها: أمر يعني القيامة ، فذلك قوله: أَتى أَمْرُ اَللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ (7).
يعني القيامة.
و منها: الأمر يعني القضاء فذلك قوله تعالى في الرعد: يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ (8).2.
ص: 353
يعني القضاء. و له نظائر.
و منها: الأمر يعني الوحي . فذلك قوله: يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ مِنَ اَلسَّماءِ إِلَى اَلْأَرْضِ (1).
يقول: يتنزل الأمر بينهن، يعني الوحي.
و منها: الأمر يعني أمر الخلق . فذلك قوله: أَلا إِلَى اَللّهِ تَصِيرُ اَلْأُمُورُ (2).
يعني أمور الخلائق.
و منها: الأمر يعني النصر . فذلك قوله: يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ اَلْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ (3).
يعنون النصر. قُلْ إِنَّ اَلْأَمْرَ كُلَّهُ لِلّهِ (4).
يعني النصر.
و منها: الأمر يعني الذنب . فذلك قوله تعالى: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها (5).
يعني جزاء ذنبها. و له نظائر.
أخبرنا بمعنى ذلك أبو الحسن بن أبي علي السقا، أنا أبو يحيى، عثمان ابن محمد بن مسعود، أخبرني إسحاق بن إبراهيم الجلاب، حدثنا محمد بن هانئ، حدثنا الحسين بن ميمون، حدثنا الهذيل، عن مقاتل. . . فذكره. ففي كل موضع يستدل بسياق الكلام على معنى الأمر فقوله: أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ (6).4.
ص: 354
يدل على أن الأمر غير الخلق، حيث فصل بينهما، فإنما أراد به كلاما يخلق به الخلق، أو إرادة يقضي بها بينهم و يدبر أمرهم. و اللّه أعلم.
قال القتيبي: هذا كله و إن اختلف فأصله واحد، و يكنى عن كل شيء بالأمر لأن كل شيء يكون فإنما يكون بأمر اللّه (عز و جل) ، فسميت الأشياء أمورا لأن الأمر سببها. يقول اللّه (عز و جل) : أَلا إِلَى اَللّهِ تَصِيرُ اَلْأُمُورُ (1).3.
ص: 355
قول اللّه (عز و جل) : لِلّهِ اَلْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ (1)
. و هذا كله و إن كان نزوله على سبب خاص، فظاهره يدل على أن أمره قبل كل شيء سواه. و يبقى بعد كل شيء سواه. و ما هذا صفته لا يكون إلا قديما.
و قوله تعالى: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ (2).
و قوله (عز و جل) : لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اَللّهِ سَبَقَ (3).
و قوله (جل و علا) : وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا اَلْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ اَلْمَنْصُورُونَ* وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ اَلْغالِبُونَ (4). و السبق على الإطلاق يقتضي سبق كل شيء سواه.
و قوله تعالى: حم* وَ اَلْكِتابِ اَلْمُبِينِ* إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (5).
يعني-و اللّه أعلم-أنا سميناه-يريد كلامه-قرآنا عربيا، و أفهمناكموه بلغة العرب لعلكم تعقلون، و هو كقوله: وَ جَعَلُوا اَلْمَلائِكَةَ اَلَّذِينَ هُمْ عِبادُ اَلرَّحْمنِ إِناثاً (6). أي سموهم. و قوله: أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ (7).
ص: 356
أي سموا له شركاء. ثم إن اللّه تعالى نفى عن كلامه الحدث بقوله:
وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ اَلْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (1) .
فأخبر أنه كان موجودا مكتوبا قبل الحاجة إليه في أم الكتاب. و قوله (عز و جل) : بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ* فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (2).
فأخبر أن القرآن كان في اللوح المحفوظ، يريد مكتوبا فيه. و ذلك قبل الحاجة إليه. و فيه ما فيه من الأمر و النهي، و الوعد و الوعيد، و الخبر و الاستخبار. و إذا ثبت أنه كان موجودا قبل الحاجة إليه، ثبت أنه لم يزل كان. و قوله تعالى: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اِسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ يَلْعَبُونَ (3).
يريد به ذكر القرآن لهم، و تلاوته عليهم، و علمهم به، فكل ذلك محدث، و المذكور المتلو المعلوم غير محدث، كما أن ذكر العبد للّه (عز و جل) محدث، و المذكور غير محدث، و قوله تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ (4).
يريد به-و اللّه أعلم-أنا أسمعناه الملك و أفهمناه إياه، و أنزلناه بما سمع، فيكون الملك منتقلا به من علو إلى سفل و قوله (تبارك و تعالى) : إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ (5).
يريد به حفظ رسومه و تلاوته. و قوله: وَ أَنْزَلْنَا اَلْحَدِيدَ (6)، و الحديد جسم لا يستحيل عليه الإنزال. و يجوز أن يكون ابتداء خلقه وقع في علو، ثم نقل إلى سفل. فأما الإنزال بمعنى الخلق فغير معقول. و أما النسخ، و الإنشاء و النسيان، و الإذهاب، و الترك، و التبعيض فكل ذلك راجع إلى التلاوة، أو الحكم المأمور به. و باللّه التوفيق.5.
ص: 357
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها (1).
يقول: ما نبدل من آية أو نتركها، أي لا نبدلها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها .
يقول: خير لكم في المنفعة، و أرفق بكم.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسين القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن عبيد بن عمير الليثي في قوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها ، يقول:
أو نتركها نرفعها من عندهم، فنأتي بمثلها، أو بخير منها، و عن ابن أبي نجيح، عن أصحاب ابن مسعود رضي اللّه عنه في قوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ، أي نثبت خطها، و نبدل حكمها، أَوْ نُنْسِها أي نرجئها عندنا، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها .
قلت: و في هذا بيان لما قلنا. و المخايرة لا تقع في عين الكلام، و إنما هي في الرفق و المنفعة، كما أشار إليه ابن عباس رضي اللّه عنهما. و كذلك المفاضلة إنما تقع في القراءة على ما جاء من وعد الثواب و الأجر في قراءة السورة و الآيات. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد بن علي الأسفراييني بن السقا، أنا أبو يحيى، عثمان بن محمد بن مسعود، أخبرني إسحاق بن إبراهيم الجلاب، حدثنا محمد بن هانئ، حدثنا الحسين بن ميمون، حدثنا الهذيل، عن مقاتل، قال:
تفسير تَجْعَلُوا على وجهين:
فوجه منهما: تَجْعَلُوا لِلّهِ يعني وصفوا اللّه. فذلك قوله (عز و جل) في6.
ص: 358
سورة الأنعام: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ (1)، يعني وصفوا للّه شركاء، و كقوله في الزخرف: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً (2)، يعني وصفوا له، و كقوله في سورة النحل: وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ اَلْبَناتِ (3)، يعني و يصفون للّه البنات، و كقوله في الزخرف: وَ جَعَلُوا اَلْمَلائِكَةَ اَلَّذِينَ هُمْ عِبادُ اَلرَّحْمنِ إِناثاً (4)، يعني:
وصفوا الملائكة إناثا، فزعموا أنهم بنات الرحمن (تبارك و تعالى) .
و الوجه الثاني: وَ جَعَلُوا يعني قد فعلوا بالفعل. فذلك قوله (عز و جل) في الأنعام: وَ جَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ اَلْحَرْثِ وَ اَلْأَنْعامِ نَصِيباً (5)، يعني قد فعلوا ذلك. و قوله في سورة يونس: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اَللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ (6)، يعني الحرث و الأنعام. فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالاً (7).
و قوله: ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها (8)، يعني خلق. قلت: و أما قوله (عز و جل) : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ* وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (9).
و قوله: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي اَلْعَرْشِ مَكِينٍ (10).
فقد قال في آية أخرى: فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللّهِ (11)فأثبت أن القرآن كلامه، و لا يجوز أن يكون كلامه و كلام جبريل عليه السلام، فثبت أن معنى قوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (12)، أي تلقاه عن رسول كريم، أو9.
ص: 359
قول سمعه من رسول كريم، أو نزل به عليه رسول كريم.
أخبرنا أبو عمرو، محمد بن عبد اللّه الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، حدثنا القاسم-يعني ابن زكريا-حدثنا أبو كريب، و يعقوب و المخزومي، قالوا: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن جامع بن شداد، عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: اقبلوا البشرى يا بني تميم. قالوا: قد بشرتنا فأعطنا. فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن، قالوا. قد بشرتنا، فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «كان اللّه قبل كل شيء، و كان عرشه على الماء، و كتب في الذكر كل شيء» (1). و أتاني آت فقال: يا عمران، انحلت ناقتك من عقالها. فقمت، فإذا السراب منقطع بيني و بينها، فلا أدري ما كان بعد ذاك. أخرجه البخاري في الصحيح من وجه آخر عن الأعمش، و زاد فيه: «ثم خلق السموات و الأرض» . و لعله سقط من كتابي «و القرآن مما كتب في الذكر» لقوله: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ* فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (2).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس. محمد بن يعقوب حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني، حدثنا غسان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، أنا الأشعث ابن عبد الرحمن، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن النعمان بن بشير رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه (تبارك و تعالى) كتب كتابا قبل أن يخلق السموات و الأرض بألفي عام، و أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، و لا تقرءان في دار فيقر بها شيطان ثلاث ليال.
أخبرنا أبو سهل، أحمد بن محمد بن إبراهيم المهراني، و أبو النصر بن قتادة، قالا: أنا محمد بن إسحاق بن أيوب الصبغي، حدثنا الحسن بن علي بن2.
ص: 360
زياد السري، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا إبراهيم بن مهاجر بن سمار، حدثني عمر بن حفص بن ذكران عن مولى الحرقة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه تعالى قرأ طه و يس قبل أن يخلق آدم عليه السلام بألف عام. فلما سمع الملائكة القرآن، قالوا: طوبى لأمة ينزل هذا عليها، و طوبى لجوف يحمل هذا، و طوبى لألسن تكلم بهذا (1).
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنا أبو الحسن السراج، حدثنا مطين، حدثنا إبراهيم ابن المنذر. . . فذكره بإسناده نحوه إلا أنه قال عن مولى الحرقة-يعني عبد الرحمن بن يعقوب-و قال في متنه: «بألف عام» و لم يذكر قوله: «طوبى لجوف يحمل هذا» . تفرد به إبراهيم بن مهاجر. قوله: «قرأ طه و يس» يريد به تكلم و أفهمهما ملائكته. و في ذلك-إن ثبت-دليل على وجود كلامه قبل وقوع الحاجة إليه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه بن يعقوب، و أبو الفضل بن إبراهيم قالا: حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا أنس ابن عياض، قال: حدثني الحارث بن أبي ذباب، عن يزيد بن هرمز و عن عبد الرحمن الأعرج، قالا: سمعنا أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
احتج آدم و موسى (عليهما الصلاة و السلام) عند ربهما، فحج آدم موسى. فقال موسى: أنت الذي خلقك اللّه بيده، و نفخ فيك من روحه، و أسجد لك ملائكته، و أسكنك جنته، ثم أهبطت الناس بخطيئتك إلى الأرض. قال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك اللّه تعالى برسالاته و كلامه، و أعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء، و قربك اللّه نجيا، فبكم وجدت اللّه كتب التوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما. قال آدم: فهل وجدت فيها وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (2)؟ قال: نعم. قال: أ فتلومني أن أعمل عملا كتب اللّه عليّ عمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ . قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: فحج آدم موسى.ة.
ص: 361
رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن موسى الأنصاري (1).
و الاختلاف في هذه التواريخ غير راجع إلى شيء واحد، و إنما هو على حسب ما كان يظهر لملائكته و رسله، و في كل ذلك دلالة على قدم الكلام.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمر، قالا: أنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي الوراق، حدثنا عبد اللّه بن رجاء، أنا عمران-هو ابن داور القطان-عن قتادة، عن أبي المليح، عن واثلة بن الأسقع رضي اللّه عنه، قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «نزلت صحف إبراهيم عليه الصلاة و السلام أول ليلة من رمضان. و أنزلت التوراة لست مضين من رمضان. و أنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، و أنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، و القرآن لأربع و عشرين خلت من رمضان» . خالفه عبيد اللّه بن أبي حميد، و ليس بالقوي. فرواه عن أبي المليح، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما من قوله، و رواه إبراهيم بن طهمان عن قتادة، من قوله، لم يجاور به إلا أنه قال: «لاثنتي عشرة» و كذلك وجده جرير بن حازم في كتاب أبي قلادة دون ذكر صحف إبراهيم.
قلت: و إنما أراد-و اللّه أعلم-نزول الملك بالقرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا موسى بن إسحاق القاضي، حدثنا أبو بكر و عثمان ابنا أبي شيبة، حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ (2).
قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى سماء الدنيا، فكان1.
ص: 362
بمواقع النجوم، و كان اللّه (عز و جل) ينزله على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعضه في أثر بعض، قال: وَ قالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ اَلْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الصفار، حدثنا أبو طاهر، محمد بن عبد اللّه بن الزبير الأصفهاني، حدثنا الحسين بن حفص، حدثنا سفيان عن الأعمش، عن حسان بن حريث، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: فصل القرآن من الذكر، فوضع في بيت العزة في سماء الدنيا، فجعل جبريل عليه الصلاة و السلام ينزله على النبي صلى اللّه عليه و سلم يرتله ترتيلا.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد، أنا أبو جعفر الرزاز، حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي، أنا يزيد بن هارون، أنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، وَ لا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً (2)، وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى اَلنّاسِ عَلى مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (3).
و أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا علي بن عيسى الحيري، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا محمد بن المثني، حدثني عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا داود بن أبي هند، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال:
أنزل اللّه تعالى القرآن إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، و كان اللّه (تبارك و تعالى) إذا أراد أن يوحي في الأرض منه شيئا، أوحاه، أو يحدث منه شيئا أحدثه.
قلت: هذا يدل على أن الإحداث المذكور في قوله (عز و جل) : ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ (4)إنما هو في إعلامهم إياه بإنزال الملك المؤدي له على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ليقرأه عليه.2.
ص: 363
و أخبرنا أبو الحسن المقرئ، أنا أبو عمرو الصفار، حدثنا أبو عوانة، حدثنا أبو الحسن الميموني، قال: خرج إليّ يوما أبو عبد اللّه أحمد بن محمد بن حنبل فقال: أدخل، فدخلت منزله، فقلت: أخبرني عما كنت فيه مع القوم، بأي شيء كانوا يحتجون عليك؟ قال: بأشياء من القرآن يتأولونها و يفسرونها، هم احتجوا بقوله: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ (1).
قال: قلت: قد يحتمل أن يكون تنزيله إلينا هو المحدث، لا الذكر نفسه هو المحدث.
قلت: و الذي يدل على صحة تأويل أحمد بن حنبل (رحمه اللّه) ما حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد اللّه-هو ابن مسعود-رضي اللّه عنه، قال: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فسلمت عليه، فلم يرد عليّ، فأخذني ما قدم و ما حدث. فقلت: يا رسول اللّه، أحدث فيّ شيء؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) يحدث لنبيه من أمره ما شاء، و إن مما أحدث ألا تكلموا في الصلاة (2).
في هذا بيان واضح لما قدمنا ذكره حيث قال: يحدث لنبيه. و باللّه التوفيق.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن محمد بن أبي المجالد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: سأله عطية بن الأسود، فقال: إنه قد وقع في قلبي الشك في قول اللّه تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ (3).
و قوله: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ (4).1.
ص: 364
و قوله: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ (1).
و قد أنزل في شوال، و ذي القعدة، و ذي الحجة، و المحرم، و شهر ربيع الأول. فقال ابن عباس رضي اللّه عنهما: إنه أنزل في رمضان، و في ليلة القدر، و في ليلة مباركة جملة واحدة، ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجوم: رسلا في الشهور و الأيام.
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الحافظ، أخبرني محمد بن المؤمل ابن الحسن بن عيسى، حدثنا الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا عبد اللّه بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر الجهني رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تلا: إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ* لا يَأْتِيهِ اَلْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (2).
و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إنكم لن ترجعوا إلى اللّه تعالى بشيء أحب إليه من شيء خرج منه» ، يعني القرآن.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، أنا أبو محمد، عبد اللّه بن محمد بن زياد العدل، حدثنا جدي أحمد بن إبراهيم بن عبد اللّه، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثني أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن زيد بن أرطاة، عن جبير بن نفير، عن أبي ذر الغفاري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إنكم لا ترجعون إلى اللّه بشيء أفضل مما خرج منه. يعني القرآن (3).
قال أبو عبد اللّه: هذا حديث صحيح الإسناد. قلت: و يحتمل أن يكون جبير بن نفير رواه عنهما جميعا. و رواه غيره عن أحمد بن حنبل، دونه.
ص: 365
ذكر أبي ذر رضي اللّه عنه في إسناده. و قوله: «خرج منه» ، يريد أنه وجد منه بأن تكلم به و أنزله على نبيه صلى اللّه عليه و سلم، و أفهمه عباده، و ليس ذلك الخروج ككلامنا.
فإنه (عز و جل) صمد، لا جوف له، تعالى اللّه عن شبه المخلوقين علوا كبيرا. و إنما كلامه صفة له أزلية موجوده بذاته، لم يزل كان موصوفا به، و لا يزال موصوفا به. فما أفهمه رسله و علمهم إياه، ثم تلوه علينا و تلونا، و استعملنا موجبه و مقتضاه، فهو الذي أشار إليه الرسول صلى اللّه عليه و سلم فيما روينا عنه.
و باللّه التوفيق.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمدآبادي، حدثنا حامد بن محمود، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، قال: سمعت الجراح الكندي يحدث عن علقمة بن مرتد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان ابن عفان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «خياركم من تعلم القرآن و علمه» (1).
قال أبو عبد الرحمن: فذاك الذي أجلسني هذا المجلس. و كان يقرئ القرآن.
قال: و فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الرب على خلقه. و ذلك بأنه منه.
كذا رواه حامد بن محمود، و رواه يحيى بن أبي طالب، عن إسحاق بن سليمان، فجعل آخر الخبر من قول أبي عبد الرحمن مبينا. و تابعه على ذلك غيره. و رواه الحماني، عن إسحاق بن سليمان مبينا في رفع آخر الخبر إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، حدثنا أحمد بن عبيد الصفار حدثنا عباسح.
ص: 366
ابن الفضل، حدثنا الحماني، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، حدثنا الجراح، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه (عز و جل) على خلقه. و ذاك أنه منه» (1).
تابعه يعلى بن المنهال، عن إسحاق في رفعه. و يقال إن الحماني منه أخذ ذلك، و اللّه أعلم.
و الجراح هو ابن الضحاك الكندي قاضي الري. و كان كوفيا.
أخبرنا أبو عمرو، حدثنا أبو بكر الإسماعيلي، حدثنا الحضرمي، حدثنا يعلى بن المنهال السكوني، حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي، عن الجراح بن الضحاك الكندي، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن، عن عثمان رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «خيركم من تعلم القرآن و علمه، و فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه على خلقه، و ذاك أنه منه» (2).
قال الحضرمي: سمعه يحيى الحماني من يعلى بن المنهال هذا.
و أخبرنا أبو الحسن بن بشران، و أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد قالا: أنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللّه بن زياد، حدثنا محمد بن بشر بن مطر، حدثنا الحسن بن حماد الوراق، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمذاني، عن عمرو بن القيس، عن عطية، عن أبي سعيد رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : من شغله قراءة القرآن عن ذكري و مسألتي أعطيته أفضل ثواب السائلين. و فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه على خلقه» . لفظ حديثهما سواء، إلا أن القطان قال في روايته: محمد بن بشر أخو خطاب. .
ص: 367
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا أبو أسامة الكلبي، حدثنا شهاب بن عباد، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد المشعاري، قال أبو أسامة المشغار فخذ من همذان، فذكره بإسناده، إلا أنه قال: «أفضل ما أعطى السائلين» . و قال: «و فضل كلام اللّه» ، و لم يقل: عن ذكري. قلت: الحكم بن بشير، و محمد بن مروان، عن عمرو بن قيس.
و روى من وجه آخر عن أبي هريرة رضي اللّه عنه مرفوعا.
أخبرناه أبو سعيد، أحمد بن محمد الماليني، أنا أبو أحمد، ابن عدي الحافظ، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا شيبان، حدثنا عمر الأبح، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الأشعث الأعمى، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه (عز و جل) على خلقه» (1). تفرد به عمر الأبح، و ليس بالقوي. و روي عن يونس بن واقد البصري، عن سعيد دون ذكر الأشعث في إسناده. و رواه عبد الوهاب بن عطاء، و محمد بن سواء، عن سعيد عن الأشعث دون ذكر قتادة فيه.
قال أبو عبد اللّه الحافظ: قال الشيخ أبو بكر، أحمد بن إسحاق: فأخبر النبي صلى اللّه عليه و سلم أن فضل كلام اللّه على سائر الكلام كفضله على خلقه. و كان فضله لم يزل، فكذاك فضل كلامه لم يزل.
قلت: و نقل إلينا عن أبي الدرداء رضي اللّه عنه مرفوعا: «القرآن كلام اللّه غير مخلوق» . و روى ذلك أيضا عن معاذ بن جبل و عبد اللّه بن مسعود، و جابر ابن عبد اللّه رضي اللّه عنهم مرفوعا. و لا يصح شيء من ذلك أسانيده مظلمة لا ينبغي أن يحتج بشيء منها، و لا أن يستشهد بشيء منها. و فيما ذكرناه كفاية، و باللّه التوفيق.ه.
ص: 368
ما روي عن الصحابة و التابعين و أئمة المسلمين رضي
اللّه عنهم في أن القرآن كلام اللّه غير مخلوق.
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، أنا أبو معمر الهذلي، عن شريح بن النعمان، حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن نيار بن مكرم، قال: إن أبا بكر رضي اللّه عنه قاول قوما من أهل مكة على أن الروم تغلب فارس، فغلبت الروم فارس، فقرأها عليهم، فقالوا: كلامك هذا أم كلام صاحبك؟ قال: ليس بكلامي و لا كلام صاحبي، و لكنه كلام اللّه (عز و جل) . تابعه محمد بن يحيى الذهلي، عن شريح بن النعمان، إلا أنه قال: فقال رؤساء مشركي مكة: يا ابن أبي قحافة، هذا مما أتى به صاحبك؟ قال: لا، و لكنه كلام اللّه و قوله. و هذا إسناد صحيح.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه بن يعقوب، حدثنا أحمد بن سلمة، و محمد بن النضر الجارودي، قالا: حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، و عروة بن الزبير، و علقمة بن وقاص، و عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود من حديث عائشة رضي اللّه عنهما زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها اللّه (عز و جل) . و كلهم حدثني بطائفة من حديثها، و بعضهم كان أوعى لحديثها من بعض. و قد وعيت عن كل منهم الحديث الذي حدثني، و بعض حديثهم يصدق بعضا، ذكروا أن عائشة رضي اللّه عنها قالت: . . . فذكر حديث الإفك بطوله، و فيه قالت: أنا و اللّه حينئذ أعلم أني بريئة، و أن اللّه
ص: 369
يبرئني، و لكن و اللّه ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، و لشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم اللّه فيّ بأمر يتلى، و لكني كنت أرجو أن يرى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في النوم رؤيا يسرني اللّه (تعالى) بها. قالت: فو اللّه ما رام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من مجلسه و لا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل اللّه على نبيه صلى اللّه عليه و سلم، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء (1)عند الوحي، حتى إنه ليتحدر (2)منه مثل الجمان (3)من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي أنزل عليه. قالت: فلما سرّي عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: أبشري يا عائشة، أما اللّه فقد برأك. فقالت لي أمي: قومي إليه. قلت: و اللّه لا أقوم و لا أحمد إلا اللّه الذي أنزل براءتي.
قالت: فأنزل اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَلَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ. . . (4)عشر آيات. رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع، و أخرجاه من أوجه عن الزهري (5).
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، أنا إبراهيم بن موسى، أنا ابن أبي زائدة، عن مجالد عن عامر-يعني الشعبي- عن عامر بن شهر، قال: كنت عند النجاشي، فقرأ ابن له آية من الإنجيل فضحكت، فقال: أ تضحك من كلام اللّه (عز و جل) ؟
أخبرنا أحمد بن علي بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار أنا الأسفاطي-يعني العباس بن الفضل-حدثنا أبو الوليد، حدثنا جرير، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن فروة بن نوفل، قال: قال لي خباب بن الأرت- و أقبلت معه من المسجد إلى منزله-فقال لي: إن استطعت أن تقرب إلى اللّه (تعالى) فإنك لن تقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه. هذا إسناد صحيح.ه.
ص: 370
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو صادق، محمد بن أبي الفوارس، قالا:
حدثنا أبو العباس-هو الأصم-حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا ابن نمير، حدثنا سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن عابس، قال: حدثني أناس، عن عبد اللّه ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه كان يقول في خطبته: إن أصدق الحديث كلام اللّه (عز و جل) . . . و ذكر الحديث.
و أخبرنا أبو بكر بن الحارث، أنا أبو محمد بن حيان، حدثنا محمد بن الحسين الطبركي، حدثنا محمد بن مهران الجمال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال، عن عبد اللّه-هو ابن مسعود- رضي اللّه عنه قال: إن أحسن الكلام كلام اللّه (عز و جل) ، و أحسن الهدى هدى محمد صلى اللّه عليه و سلم.
و أخبرنا أبو الحسن المقري، أنا أبو عمرو الصفار، حدثنا أبو عوانة، حدثنا يوسف ابن مسلم، حدثنا ابن أكتم، حدثنا أحمد بن بشير، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال: إن القرآن كلام اللّه (تعالى) ، فمن كذب على القرآن، فإنما يكذب على اللّه (عز و جل) .
أخبرنا الإمام أبو عثمان، أنا أبو طاهر بن خزيمة، حدثنا محمد بن حمدون ابن خالد بن يزيد، حدثنا أبو هارون-إسماعيل بن محمد-حدثنا أبو صالح، حدثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ (1).
قال: غير مخلوق.
قال الأستاذ أبو عثمان: و روي عن حرملة بن يحيى، عن عبد اللّه بن وهب، عن معاوية بن صالح.
قلت: و أبو هارون هذا هو إسماعيل بن محمد بن يوسف بن يعقوب، الجبريني الشامي، يروى عن أبي صالح، عبد اللّه بن صالح كاتب الليث.8.
ص: 371
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان، حدثنا محمد بن العباس، حدثنا إسحاق بن حاتم العلاف، حدثنا علي بن عاصم عن عمران بن حدير، عن عكرمة، قال: حمل ابن عباس رضي اللّه عنهما جنازة. فلما وضع الميت في قبره، قال له رجل: «اللهم رب القرآن اغفر له» . فقال له ابن عباس رضي اللّه عنهما: «مه لا تقل مثل هذا، منه بدأ و منه يعود» . تابعه أحمد بن منصور الرمادي، عن علي بن عاصم. و قال في متنه: صلى ابن عباس رضي اللّه عنهما على جنازة، فقال رجل من القوم: «اللهم رب القرآن العظيم اغفر له» ، فقال له ابن عباس رضي اللّه عنهما: «ثكلتك أمك، إن القرآن منه» .
و هو فيما أجازني أبو عبد اللّه الحافظ روايته عنه أن أبا بكر بن إسحاق الفقيه أخبرهم، قال: أنا حمويه بن يونس بن هارون، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا علي بن عاصم. . . فذكره. و روى في ذلك عن عمر و عثمان و علي رضي اللّه عنهم.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني.
حدثنا الحسن بن هارون بن سليمان، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن ليث بن أبي سليم، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزهراء -عبد اللّه بن هانئ-قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: «القرآن كلام اللّه» (1). و رواه يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن مجاهد، قال: قال عمر رضي اللّه عنه: القرآن كلام اللّه.
قال أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا يحيى الحماني، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن يحيى بن سلمة ابن كهيل. . . فذكره.
و أخبرنا أبو الحسن-علي بن محمد المقري-أنا أبو عمر، و أحمد بن محمد بن عيسى الصفار الضرير، حدثنا أبو عوانة الأسفراييني، حدثنا عثمان بن].
ص: 372
خرزاد، حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثني ابن وهب، أنا يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: قال عمر رضي اللّه عنه: القرآن كلام اللّه.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان، حدثنا محمد بن عباس بن أيوب، حدثنا أبو عمر بن أيوب الصريفيني حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا إسرائيل أبو موسى، قال: سمعت الحسن يقول: قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي اللّه عنه: «لو أن قلوبنا طهرت ما شبعنا من كلام ربنا. و إني لأكره أن يأتي عليّ يوم لا أنظر في المصحف» و ما مات عثمان رضي اللّه عنه حتى خرق مصحفه من كثرة ما كان يديم النظر فيه.
و أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا محمد بن حيان، أنا عبد الرحمن ابن محمد بن إدريس، حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي البصري، حدثنا المعلى بن الوليد بن عبد العزيز القعقاع العبسي، حدثنا عتبة بن السكن الفزاري، حدثنا الفرح بن يزيد الكلاعي، قال: قالوا لعلي رضي اللّه عنه: «حكّمت كافرا و منافقا» .
فقال: «ما حكّمت مخلوقا، ما حكّمت إلا القرآن» .
هذه الحكاية عن علي رضي اللّه عنه شائعة فيما بين أهل العلم، و لا أراها شاعت إلا عن أصل. و اللّه أعلم. و قد رواها عبد الرحمن بن أبي حاتم بإسناده هذا.
أخبرنا أبو سعيد الماليني، أنبأنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، حدثنا أحمد ابن حفص السعدي، حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي، عن الأزور بن غالب، عن سليمان التيمي، عن أنس رضي اللّه عنه أنه قال: القرآن كلام اللّه، و ليس كلام اللّه بمخلوق.
قال أبو أحمد: هذا الحديث و إن كان موقوفا على أنس رضي اللّه عنه فهو منكر، لأنه لا يعرف للصحابة رضي اللّه عنهم الخوض في القرآن.
قلت: إنما أراد به أنه لم يقع في الصدر الأول و لا الثاني من يزعم أن القرآن مخلوق حتى يحتاج إلى إنكاره، فلا يثبت عنهم شيء بهذا اللفظ الذي روينا عن أنس رضي اللّه عنه، و روي أيضا مثله و أبين منه عن عمر، و علي.
ص: 373
و عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنهم. لكن قد ثبت عنهم إضافة القرآن إلى اللّه (تعالى) و تمجيده بأنه كلام اللّه (تعالى) كما روينا عن أبي بكر و عائشة و خباب ابن الأرت و ابن مسعود و النجاشي و غيرهم. و اللّه أعلم.
و أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا عبيد ابن شريك، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا بقية بن الوليد، عن أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، قال: «ما تكلم العباد بكلام أحب إلى اللّه (تعالى) من كلامه. و ما أناب العباد إلى اللّه (عز و جل) بكلام أحب إليه من كلامه» . يعني القرآن.
قال: و حدثنا عبيد، حدثنا عبد الوهاب، حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مثله.
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد، حدثنا سعيد بن عامر، حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع، قال: خطب الحجاج فقال: إن ابن الزبير يبدل كلام اللّه (تعالى) .
قال: فقال ابن عمر رضي اللّه عنهما: كذب الحجاج أن ابن الزبير لا يبدل كلام اللّه (تعالى) ، و لا يستطيع ذلك.
أنبأني أبو عبد اللّه الحافظ إجازة، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا العباس بن الفضل، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن الحسن، قال: «فضل القرآن على الكلام كفضل اللّه على عباده» .
و أخبرنا أبو الحسن المقري، أنا أبو عمرو الصفار، حدثنا أبو عوانة الأسفراييني، حدثني عثمان بن خرزاد، حدثنا أبو معاوية الغلابي، حدثنا صالح المري، قال: سمعت الحسن يقول: القرآن كلام اللّه (تعالى) إلى القوة و الصفاء، و أعمال بني آدم إلى الضعف و التقصير.
أخبرنا أبو منصور، عبد القاهر بن طاهر بن محمد الفقيه، حدثنا أبو أحمد الحافظ النيسابوري، أنا أبو عروبة السلمي، حدثنا سلمة بن شبيب، حدثنا الحكم
ص: 374
ابن محمد، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت مشيختنا منذ سبعين سنة يقولون ح.
قال أبو أحمد الحافظ: و أخبرنا أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس و اللفظ له-حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، حدثنا الحكم بن محمد أبو مروان الطبري، حدثناه، سمع ابن عيينة، قال: أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة منهم عمرو بن دينار يقولون: القرآن كلام اللّه ليس بمخلوق. كذا قاله البخاري، عن الحكم بن محمد، و رواه غير الحكم عن سفيان بن عيينة نحو رواية سلمة بن شبيب، عن الحكم بن محمد.
أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو محمد الحسن بن حكيم بن محمد بن حكيم بن إبراهيم بن ميمون الصائغ، حدثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن راهويه القاضي بمرو، قال: سئل أبي و أنا أسمع عن القرآن و ما حدث فيه من القول بالمخلوق، فقال: القرآن كلام اللّه و علمه و وحيه ليس بمخلوق. و لقد ذكر سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة. . . فذكر معنى هذه الحكاية، و زاد: «فإنه منه خرج و إليه يعود» .
قال أبي: و قد أدرك عمرو بن دينار أجلة أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من البدريين و المهاجرين و الأنصار مثل جابر بن عبد اللّه، و أبي سعيد الخدري، و عبد اللّه بن عمرو، و عبد اللّه بن عباس، و عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهم، و أجلة التابعين (رحمة اللّه عليهم) و على هذا مضى صدر هذه الأمة، لم يختلفوا في ذلك.
قلت: قوله: «منه خرج» فمعناه منه سمع، و بتعليمه تعلم، و بتفهيمه فهم.
و قوله: «و إليه يعود» فمعناه إليه تعود تلاوتنا لكلامه و قيامنا بحقه، كما قال: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ (1)على معنى القبول له و الإثابة عليه. و قيل:
معناه: هو الذي تكلم به، و هو الذي أمر بما فيه، و نهى عما حظر فيه. «و إليه0.
ص: 375
يعود» هو الذي يسألك عما أمرك به و نهاك عنه، و رواه أيضا صالح بن الهيثم أبو شعيب الواسطي عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار على اللفظ الأول.
أخبرنا أبو القاسم، نذير بن الحسين بن جناح المحاربي بالكوفة، أنا أبو الطيب، محمد بن الحسين بن جعفر التميلي، أنا أبو محمد بن زيدان البجلي، حدثنا هارون بن حاتم البزاز، حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن أبي ذئب، عن الزهري، قال: سألت علي بن الحسين رضي اللّه عنهما عن القرآن فقال:
كتاب اللّه و كلامه.
و فيما أجازني أبو عبد اللّه الحافظ روايته عنه قال: أنا الشيخ أبو بكر بن إسحاق، أخبرنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا عباس العنبري، حدثنا رويم بن يزيد المقري، حدثنا عبد اللّه بن عياش الخزاز، عن يونس ابن بكير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: سئل علي بن الحسين رضي اللّه عنهما عن القرآن، فقال: ليس بخالق و لا مخلوق، و هو كلام الخالق.
و رواه أيضا محمد بن نصر المروزي، عن عباس بن عبد العظيم العنبري.
و روى عن جعفر، و هو عنه صحيح أيضا، أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو عثمان، سعيد بن محمد بن محمد بن عبدان، و أبو عبد الرحمن السلمي، قالوا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا حسنون البناء الكوفي، حدثنا عمر ابن إبراهيم بن خالد، حدثنا قيس بن الربيع، قال: سألت جعفر بن محمد، عن القرآن فقال: كلام اللّه تعالى. قلت: فمخلوق؟ قال: لا. قلت: فما تقول فيمن زعم أنه مخلوق؟ قال: يقتل و لا يستتاب.
و أخبرنا أبو الحسن المقرى، أنا أبو عمرو الصفار، حدثنا أبو عوانة، حدثنا أبو زرعة الرازي، حدثنا سويد بن سعيد عن معاوية بن عمار، قال: سئل جعفر بن محمد الصادق عن القرآن خالق أو مخلوق؟ قال: ليس بخالق و لا مخلوق و لكنه كلام اللّه (تعالى) .
ص: 376
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد، حدثنا أحمد ابن عثمان الآدمي، حدثنا ابن أبي العوام، حدثنا موسى بن داود الضبي، عن معبد، أبي عبد الرحمن، عن معاوية بن عمار، قال: سمعت جعفر بن محمد رضي اللّه عنهما فقلت: إنهم يسألوننا عن القرآن أ مخلوق هو؟ قال: ليس بخالق و لا مخلوق، و لكنه كلام اللّه (تعالى) . تابعه سعدان بن نصر، عن موسى بن داود.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو الحسن، أحمد بن محمد بن عبدوس، قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت عليا-يعني ابن المديني-يقول في حديث جعفر بن محمد: ليس القرآن بخالق و لا مخلوق، و لكنه كلام اللّه (تعالى) .
قال علي: لا أعلم أنه تكلم بهذا الكلام في زمان أقدم من هذا.
قال علي: هو كفر.
قال: أبو سعيد: يعني من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر.
أخبرنا أبو الفرج، الحسن بن علي بن أحمد التميمي الرازي بنيسابور، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد بن كيسان القزويني بها، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، أبو العباس، حدثنا إبراهيم بن موسى، أبو عياش، صاحب الثوري، حدثنا عباس بن إبراهيم، حدثنا محمد بن مهدي الكوفي، حدثنا حيان بن سدير، عن أبيه، قال لجعفر بن محمد رضي اللّه عنهما: يا ابن رسول اللّه ما تقول في القرآن، خالق أم مخلوق؟ قال: أقول فيه ما يقول أبي وجدي، ليس بخالق و لا مخلوق، و لكنه كلام اللّه (عز و جل) .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو بكر، أحمد بن الحسن، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا أبو أمية الطرسوسي، حدثنا يحيى بن خلق المقري، قال: كنت عند مالك بن أنس، فجاءه رجل فقال: ما تقول فيمن يقول: القرآن مخلوق؟ فقال: هو عندي كافر فاقتلوه.
و قال يحيى بن خلف: و سألت الليث بن سعد، و ابن لهيعة عمن قال:
القرآن مخلوق؟ فقال: هو كافر. و رواه أبو بكر، محمد بن دلويه بن منصور،
ص: 377
عن يحيى بن خلف المروزي، فزاد فيه، قال: ثم لقيت ابن عيينة، و أبا بكر ابن عياش، و هشيما، و علي بن عاصم، و حفص بن غياث، و عبد السلام الملاي، و حسين الجعفي، و يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، و عبد اللّه بن إدريس، و أبا أسامة، و عبدة بن سليمان، و وكيع بن الجراح، و ابن المبارك، و الفزاري، و الوليد بن مسلم، فذكروا ما ذكر مالك بن أنس رضي اللّه عنه، و عن أبيه.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان، حدثنا أبو همام البكراوي، قال: «سمعت أبا مصعب يقول: سمعت مالك بن أنس رضي اللّه عنه يقول: القرآن كلام اللّه ليس بمخلوق. و روى عن ابن أبي أويس، عن مالك رضي اللّه عنه، أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا زكريا، يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت عمران بن موسى الجرجاني بنيسابور يقول: سمعت سويد ابن سعيد يقول: سمعت مالك بن أنس، و حماد بن زيد، و سفيان بن عيينة، و الفضيل بن عياض، و شريك بن عبد اللّه، و يحيى بن سليم، و مسلم بن خالد، و هشام بن سليمان المخزومي، و جرير بن عبد الحميد، و علي بن مسهر، و عبدة، و عبد اللّه بن إدريس، و حفص بن غياث، و وكيعا، و محمد بن فضيل، و عبد الرحيم ابن سليمان، و عبد العزيز بن أبي حازم، و الدراوردي، و إسماعيل بن جعفر، و حاتم ابن إسماعيل، و عبد اللّه بن يزيد المقري، و جميع من حملت عنهم العلم يقولون:
الإيمان قول و عمل، و يزيد و ينقص، و القرآن كلام اللّه تعالى، و صفة ذاته، غير مخلوق. من قال: «إنه مخلوق» ، فهو كافر باللّه العظيم. و أفضل أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أبو بكر و عمر و عثمان و علي رضي اللّه عنهم.
قال عمران: و بذلك أقول، و به أدين اللّه (عز و جل) ، و ما رأيت محمديا قط إلا و هو يقوله.
أخبرنا أبو عبد اللّه بن محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد، أخبرنا أحمد ابن سلمان، أنا عبد اللّه بن أحمد، و حدثني محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن غيلان، حدثنا محمد بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، قال: القرآن كلام اللّه (عز و جل) ليس بخالق و لا مخلوق.
ص: 378
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا أبو عمرو، أحمد بن محمد ابن عيسى الصفار الضرير، حدثنا، أبو عوانة، حدثني أيوب بن إسحاق، حدثنا أحمد بن سيبويه، حدثنا أبو الوزير، محمد بن أعين، وصى ابن المبارك، قال:
قلت لابن المبارك، قال: النضر بن محمد المروزي يقول: من قال: إن هذا مخلوق إِنَّنِي أَنَا اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي (1).
فهو كافر.
قال ابن المبارك: صدق النضر عافاه اللّه، ما كان اللّه ليأمر موسى (عليه السلام) بعبادة مخلوق.
أخبرنا أبو عبد اللّه، محمد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد، أنا أحمد ابن سلمان، حدثنا عبد اللّه بن أحمد، حدثني أبي، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: من زعم أن اللّه تعالى لم يكلم موسى بن عمران يستتاب. فإن تاب، و إلا ضربت عنقه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن علي الوراق، حدثنا عمرو بن العباس، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول. . . و ذكر الجهمية (2)فقال: أرى أن يعرضوا على السيف.
قال: و سمعت عبد الرحمن بن مهدي، و قيل له: إن الجهمية يقولون:
إن القرآن مخلوق. فقال: إن الجهمية لم يريدوا ذا، و إنما أرادوا أن ينفوا أن يكون الرحمن على العرش استوى. و أرادوا أن ينفوا أن يكون اللّه (تعالى) كلم موسى. و قال اللّه (تعالى) : وَ كَلَّمَ اَللّهُ مُوسى تَكْلِيماً (3).4.
ص: 379
و أرادوا أن ينفوا أن يكون القرآن كلام اللّه (تعالى) أرى أن يستتابوا.
فإن تابوا، و إلا ضربت أعناقهم.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا حسين بن علي بن الأسود، قال: سمعت وكيعا يقول: القرآن كلام اللّه تعالى، ليس بمخلوق، فمن زعم أنه مخلوق فقد كفر باللّه العظيم. و في رواية محمد بن نصر المروزي، عن ابن أبي هشام الرفاعي، عن وكيع، قال: من زعم أن القرآن مخلوق، فقد زعم أن القرآن محدث. و من زعم أن القرآن محدث فقد كفر.
أخبرنا أبو عبد الرحمن، محمد بن الحسين السلمي، حدثنا أبو الحسن، محمد بن محمود المروزي، حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن علي الحافظ، حدثنا أبو موسى، محمد بن المثنى، قال: سألت عبد اللّه بن داود، فقلت: يا أبا عبد الرحمن ما تقول في القرآن؟ قال: هو كلام اللّه (عز و جل) . قال: و سألت أبا الوليد، فقال: هو كلام اللّه (تعالى) .
قال أبو موسى: و حدثني سعيد بن نوح، أبو حفص، قال: حدثني محمد بن نوح، حدثنا إسحاق بن حكيم، قال: قلت لعبد اللّه بن إدريس الأودي: قوم عندنا يقولون: القرآن مخلوق، ما تقول في قبول شهادتهم؟ فقال: لا هذه من المقاتل، لا يقال لهذه المقالة بدعة، هذه من المقاتل.
قال إسحاق: و سألت أبا بكر بن عياش عن شهادة من قال: القرآن مخلوق. فقال: ما لي و لك، قد أدرت في صماخي (1)شيئا لم أسمع به قط، لا تجالس هؤلاء و لا تكلمهم و لا تناكحهم.
و قال إسحاق: و سألت حفص بن غياث، فقال: أما هؤلاء فلا أرى الصلاة خلفهم، و لا قبول شهادتهم.ه.
ص: 380
قال إسحاق: و سألت وكيع بن الجراح، فقال: يا أبا يعقوب، من قال: «القرآن مخلوق» ، فهو كافر.
قال أبو موسى: كتب إلى أحمد بن سنان الواسطي، قال: حدثني شاذ ابن يحيى، قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: من زعم أن كلام اللّه (تعالى) مخلوق، فهو و الذي لا إله إلا هو عندي زنديق.
قال: و كتب إلى أحمد بن سنان، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: القرآن كله كلام اللّه.
قال أبو موسى: بلغني عن مسلم بن أبي مسلم الجرمي، قال: سمعت سفيان بن عيينة، و سأله رجل عن القرآن، فقال ابن عيينة: ألا سمعت قوله: أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ (1).
الخلق الخلق، و الأمر الأمر.
أخبرنا أبو سعد، عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، أنا إسماعيل بن أحمد الجرجاني، حدثنا عبد الملك بن محمد الفقيه، حدثنا سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الكوفي، قال: سمعت كادح بن رحمة يقول: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: من قال: القرآن مخلوق، فهو زنديق. قال: سمعت سليمان يقول: سمعت الحارث بن إدريس يقول: سمعت محمد بن الحسن الفقيه يقول: من قال: «القرآن مخلوق» فلا تصل خلفه، و قرأت في كتاب أبي عبد اللّه، محمد بن يوسف بن إبراهيم الدقاق روايته عن القاسم بن أبي صالح الهمذاني، عن محمد بن أبي أيوب الرازي، قال: سمعت محمد بن سابق يقول: سألت أبا يوسف، فقلت: أ كان أبو حنيفة يقول: القرآن مخلوق؟
قال: معاذ اللّه، و لا أنا أقوله. فقلت: أ كان يرى رأي جهم (2)؟ فقال:
معاذ اللّه، و لا أنا أقوله، رواته ثقات.ي-
ص: 381
و أنبأني أبو عبد اللّه الحافظ، إجازة، أنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد اللّه الدشتكي، قال:
سمعت أبي يقول: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: كلمت أبا حنيفة (رحمه اللّه تعالى) ، سنة جرادء في أن القرآن مخلوق أم لا؟ فاتفق رأيه و رأيي على أن من قال: القرآن مخلوق فهو كافر. قال عبد اللّه: رواة هذا كلهم ثقات.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد اللّه بن محمد الفقيه، أنا أبو جعفر الأصبهاني، أنا أبو يحيى الساجي-إجازة-قال: سمعت أبا شعيب المصري يقول: سمعت محمد بن إدريس الشافعي رضي اللّه عنه يقول: «القرآن كلام اللّه غير مخلوق» .
و أخبرنا أبو عبد اللّه، قال: أخبرني أبو أحمد بن أبي الحسن، أنا عبد الرحمن-يعني ابن محمد بن إدريس الرازي-قال: في كتابي، عن الربيع بن سليمان، قال: حضرت الشافعي رضي اللّه عنه، و حدثني أبو شعيب إلا أني أعلم أنه حضر عبد اللّه بن عبد الحكم، و يوسف بن عمرو بن يزيد، و حفص الفرد. و كان الشافعي رضي اللّه عنه يسميه المنفرد. فسأل حفص عبد اللّه بن عبد الحكم، فقال: ما تقول في القرآن؟ فأبى أن يجيبه فسأل يوسف بن عمرو، فلم يجيبه، و كلاهما أشار إلى الشافعي رضي اللّه عنه، فسأل الشافعي، فاحتج الشافعي، و طالت المناظرة، و غلب الشافعي بالحجة عليه بأن القرآن كلام اللّه غير مخلوق. و كفر حفص (1)الفرد.3.
ص: 382
قال الربيع: فلقيت حفصا الفرد، فقال: أراد الشافعي قتلي.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، قال: سمعت عبد اللّه بن محمد بن علي ابن زياد يقول: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت الربيع يقول: لما كلم الشافعي رضي اللّه عنه حفص الفرد، فقال حفص: القرآن مخلوق.
فقال له الشافعي: كفرت باللّه العظيم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو الفضل بن أبي نصر العدل، حدثني حمك بن عمرو العدل، حدثنا محمد بن عبد اللّه بن فورش، عن علي بن سهل الرملي أنه قال: سألت الشافعي عن القرآن، فقال: كلام اللّه تعالى، منزل غير مخلوق. قلت: فمن قال بالمخلوق فما هو عندك. قال لي: كافر.
قال: و قال: الشافعي رضي اللّه عنه: ما لقيت أحدا منهم-يعني من أساتذته-إلا قال: من قال في القرآن أنه مخلوق، فهو كافر.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا أحمد الحسين بن علي يقول: سمعت أبا بكر بن إسحاق يقول: سمعت الربيع يقول: سمعت البويطي (1)يقول: من قال: القرآن مخلوق، فهو كافر. قال اللّه (عز و جل) :
إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (2) .
فأخبر اللّه (عز و جل) أنه يخلق الخلق بكن. فمن زعم أن «كن» مخلوق، فقد زعم أن اللّه تعالى يخلق الخلق بخلق.0.
ص: 383
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت الشيخ أبا محمد المزني يقول:
سمعت يوسف بن موسى المروزي يقول: سمعت أبا إبراهيم المزني يقول:
القرآن كلام اللّه غير مخلوق. و من قال: «إن القرآن مخلوق» ، فهو كافر.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت الزبير بن عبد الواحد الأسترآبادي يقول: سمعت سعيد بن أحمد القضاعي يقول: سمعت المزني يقول: القرآن كلام اللّه غير مخلوق، و من قال مخلوق فهو كافر.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ، يقول: سمعت أبا سليمان، داود بن الحسين البيهقي يقول: سمعت محمود بن غيلان، يقول: سمعت يحيى بن يحيى يقول: من قال: القرآن مخلوق فهو كافر باللّه العظيم، و عصى ربه و بانت منه امرأته.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو صادق بن أبي الفوارس، و أبو حامد، أحمد بن محمد بن موسى النيسابوري قالوا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، قال: سمعت محمد بن إسحاق الصاغاني يقول: سمعت أبا عبيد القاسم بن سلام يقول: من قال: «القرآن مخلوق» ، فقد افترى على اللّه (تبارك و تعالى) ، و قال عليه ما لم تقله اليهود و لا النصارى.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا جعفر، محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت محمد بن علي المشيخاني يقول: سمعت محمد ابن إسماعيل البخاري يقول: القرآن كلام اللّه تعالى ليس بمخلوق، عليه أدركنا علماء الحجاز أهل مكة و المدينة، و أهل الكوفة و البصرة، و أهل الشام و مصر، و علماء أهل خراسان.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر، محمد بن أبي الهيثم الدهقان ببخارى، حدثنا محمد بن يوسف الفريري، قال: سمعت محمد بن إسماعيل الجعفي-يعني البخاري-(رحمه اللّه) يقول: نظرت في كلام اليهود و النصارى و المجوس فما رأيت قوما أضل في كفرهم من الجهمية. و إني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم.
ص: 384
قال: و قال عبد الرحمن بن عفان، سمعت سفيان بن عيينة في السنة التي ضرب فيها المريسي (1)، قال: ويحكم القرآن كلام اللّه، قد صحبت الناس و أدركتهم، هذا عمرو بن دينار، و هذا ابن المنكدر، حتى ذكر منصورا و الأعمش و مسعر بن كدام. قال ابن عيينة. فما نعرف القرآن إلا كلام اللّه (عز و جل) . و من قال غير هذا فعليه لعنة اللّه، لا تجالسوهم و لا تسمعوا كلامهم.
قال: و قال عبد الرحمن بن مهدي: لو رأيت رجلا على الجسر و بيدي سيف، يقول: القرآن مخلوق، لضربت عنقه.
قال أبو عبد اللّه البخاري: و ما أبالي، صليت خلف الجهمي و الرافضي أم صليت خلف اليهود و النصارى لا يسلم عليهم، و لا يعادون، و لا يناكحون، و لا يشهدون، و لا تؤكل ذبائحهم.
قال البخاري: و حدثني أبو جعفر، محمد بن عبد اللّه، قال: حدثني محمد بن قدامة الدلال الأنصاري، قال: سمعت وكيعا يقول: لا تستخفوا بقولهم: «القرآن مخلوق» فإنه من شر قولهم. و إنما يذهبون إلى التعطيل.
قلت: و قد روينا نحو هذا عن جماعة آخرين من فقهاء الأمصار و علمائهم رضي اللّه عنهم، و لم يصح عندنا خلاف هذا القول عن أحد من الناس في زمان الصحابة و التابعين رضي اللّه عنهم أجمعين.
و أول من خالف الجماعة في ذلك الجعد بن درهم، فأنكره عليه خالد0.
ص: 385
ابن عبد اللّه القسري (1)و قتله، و ذلك فيما أخبرنا أبو نصر، عمر بن عبد العزيز ابن عثمان بن قتادة من أصل سماعه، أنا أبو الحسن، محمد بن عبد اللّه بن إبراهيم بن عبدة، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا أبو رجا، قتيبة بن سعيد، حدثنا القاسم بن محمد، قال: هو بغدادي ثقة، حدثنا عبد الرحمن ابن حبيب بن أبي حبيب، عن أبيه، عن جده، قال: شهدت خالد بن عبد اللّه القسري-و قد خطبهم في يوم أضحى بواسط-فقال: ارجعوا أيها الناس، فضحوا، تقبل اللّه منكم. فإني مضح بالجعد بن درهم، فإنه زعم أن اللّه (تعالى) لم يتخذ إبراهيم خليلا، و لم يكلم موسى تكليما، سبحانه و تعالى عما يقول الجعد بن درهم علوا كبيرا. قال: ثم نزل فذبحه.
قال أبو رجاء: و كان الجهم يأخذ هذا الكلام من الجعد بن درهم.
رواه البخاري في كتاب التاريخ، عن قتيبة، عن القاسم بن محمد، عن عبد الرحمن بن حبيب بن أبي حبيب، عن أبيه، عن جده هكذا.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا عبد الرحمن، محمد ابن إبراهيم بن جحش يقول: سمعت أبا بكر، محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: سمعت علي بن المديني يقول: اختصم مسلم و يهودي إلى بعض قضاتهم بالبصرة، فصارت اليمين على المسلم، فقال اليهودي: حلفه. فقال المخاصم إليه: احلف باللّه الذي لا إله إلا هو. فقال اليهودي: أنت تزعم أن القرآن مخلوق، و اللّه في القرآن يعني ذكره، حلفه بالخالق لا بالمخلوق. قال: فتحير القاضي و قال: قوما حتى أنظر في أمركما.5.
ص: 386
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعي رضي اللّه عنه: من حلف باللّه أو باسم من أسماء اللّه (تعالى) فحنث فعليه الكفارة. فإن قال: «و حق اللّه، و عظمة اللّه، و جلال اللّه، و قدرة اللّه» ، يريد بهذا كله اليمين أو لا نية له، فهي يمين. و فيما حكى الشافعي عن مالك أو قال: و عزة اللّه، أو: و قدرة اللّه، أو: و كبرياء اللّه، إن عليه في ذلك كله كفارة مثل ما عليه في قوله: و اللّه.
قال الشافعي رضي اللّه عنه: و من حلف بشيء غير اللّه (تعالى) مثل أن يقول الرجل: و الكعبة، و أبي، و كذا، و كذا، ما كان فحنث، فلا كفارة عليه. زاد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الحنظلي في هذه الحكاية، عن الربيع، عن الشافعي رضي اللّه عنه: لأن هذا مخلوق، و ذلك غير مخلوق.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد، محمد بن موسى، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا عبد الملك بن عبد الحميد الميموني، حدثنا سليم ابن منصور بن عمار في مجلس روح بن عبادة، قال: كتب بشر المريسي إلى أبيه منصور بن عمار (1): أخبرني القرآن خالق أو مخلوق؟ قال: فكتب إليه: عافانا اللّه و إياك من كل الفتنة، و جعلنا و إياك من أهل السنة و الجماعة، فإنه إن يفعل فأعظم به من نعمة، و إلا فهي الهلكة، و ليست لأحد على اللّه (تعالى) بعد المرسلين حجة، نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة يشارك فيها السائل و المجيب تعاطي السائل ما ليس له، و تكلف المجيب ما ليس عليه، و ما أعرف خالقا إلا اللّه، و ما دون اللّه فمخلوق. و القرآن كلام اللّه (عز و جل) فانته بنفسك و بالمختلفين فيه معك إلى أسمائه التي سماه اللّه (تعالى) بها تكن من المهتدين، و لا تسم القرآن باسم من عندك، فتكون من الضالين، جعلنا اللّه و إياك من الذين يخشون ربهم بالغيب، و هم من الساعة مشفقون.
و أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني، حدثنا إبراهيم بن محمد القطان، حدثنا الحسن بن الصباح، قال: حدثت أن بشراي.
ص: 387
لقي منصور بن عمار، فقال له: أخبرني عن كلام اللّه (تعالى) ، أ هو اللّه أم غير اللّه، أم دون اللّه؟ فقال: إن كلام اللّه تعالى لا ينبغي أن يقال: هو اللّه.
و لا يقال: هو غير اللّه، و لا هو دون اللّه، و لكنه كلامه و قوله: وَ ما كانَ هذَا اَلْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اَللّهِ (1)أي لم يقله أحد إلا اللّه. فرضينا حيث رضي لنفسه، و اخترنا له من حيث اختار لنفسه، فقلنا: كلام اللّه (تعالى) ليس بخالق و لا مخلوق. فمن سمى القرآن بالاسم الذي سماه اللّه به، كان من المهتدين. و من سماه باسم من عنده، كان من الضالين. فانه عن هذا، وَ ذَرُوا اَلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (2)فإن تأبى، كنت من الذين يَسْمَعُونَ كَلامَ اَللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ (3).
قال أحمد-هو البيهقي رضي اللّه عنه-: قد روينا عن جماعة من علمائنا (رحمهم اللّه تعالى) أنهم أطلقوا القول بتكفير من قال بخلق القرآن و حكيناه أيضا عن الشافعي (رحمنا اللّه و إياه) ، و رويناه في كتاب القدر عن جماعة منهم أنهم كانوا لا يرون الصلاة خلف القدري، و لا يجيزون شهادته، و حكينا عن الشافعي في كتاب الشهادات ما دل على قبول شهادة أهل الأهواء ما لم تبلغ بهم العصبية مبلغ العداوة، فحينئذ ترد بالعداوة. و حكينا عنه في كتاب الصلاة أنه قال: و أكره إمامة الفاسق، و المظهر للبدع، و من صلى خلف واحد منهم، أجزأته صلاته، و لم تكن عليه إعادة إذا أقام الصلاة.
و قد اختلف علماؤنا في تكفير أهل الأهواء، منهم من كفرهم على تفصيل ذكره في أهوائهم، و من قال بهذا، زعم أن قول الشافعي في الصلاة و الشهادات ورد في مبتدع لا يخرج ببدعته و هواه عن الإسلام، و منهم من لا يكفرهم، و زعم أن قول الشافعي في تكفير من قال بخلق القرآن أراد به كفرا5.
ص: 388
دون كفر كقول اللّه (عز و جل) : وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اَللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْكافِرُونَ (1).
و من قال بهذا، جرى في قبول شهادتهم و جواز الصلاة خلفهم مع الكراهية على ما قال الشافعي (رحمه اللّه) في أهل الأهواء أو المظهر للبدع.
و كان أبو سليمان الخطابي (رحمه اللّه تعالى) لا يكفر أهل الأهواء الذين تأولوا فأخطئوا، و يجيز شهادتهم ما لم يبلغ من الخوارج و الروافض في مذهبه أن يكفر الصحابة، و من القدرية أن يكفر من خالفه من المسلمين و لا يرى أحكام قضاتهم جائزة، و رأى السيف، و استباح الدم. فمن بلغ منهم هذا المبلغ فلا شهادة له، و ليس هو من الجملة التي أجاز الفقهاء شهادتهم.
قال: و كانت المعتزلة (2)في الزمان الأول على خلاف هذه الأهواء، و إنما أحدثها بعضهم في الزمان المتأخر.
قال أحمد رضي اللّه عنه: و في كلام الشافعي في شهادة أهل الأهواء إشارة إلى بعض هذا. و اللّه أعلم. و من ابتلى بالصلاة خلفهم، فالذي أختار له ما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و محمد بن موسى، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، قال: سمعت عبد اللّه بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول -و املاه عليّ املاء-قال: اكتب: و أما من قال ذاك القول، لم تصل خلفه الجمعة و لا غيرها، إلا أنّا لا ندع إتيانها. فإن صلى رجل، أعاد الصلاة- يعني خلف من قال: القرآن مخلوق-قلت: و من فعل هذا الذي اختاره أحمد ابن حنبل من إتيان الجمعة و الجماعات سواها، ثم أعاد ما صلى خلفهم، خرج من اختلاف العلماء في ذلك و أخذ بالوثيقة، و تخلص من الوقيعة. و باللّه التوفيق و العصمة.ا.
ص: 389
الفرق بين التلاوة و المتلو
قال اللّه (جل ثناؤه) : وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا اَلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (1).
و قال (تعالى) : وَ اَلطُّورِ* وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (2).
و قال (جل و علا) : بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ (3).
و قال (تعالى) : وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللّهِ (4).
و قال (عز و جل) : قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اِسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ اَلْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى اَلرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (5).
فالقرآن الذي نتلوه كلام اللّه (تعالى) ، و هو متلو بألسنتنا على الحقيقة، مكتوب في مصاحفنا، محفوظ في صدورنا، مسموع بأسماعنا، غير حال في شيء منها، إذ هو من صفات ذاته غير بائن منه. و هو كما أن الباري (عز و جل) معلوم بقلوبنا، مذكور بألسنتنا، مكتوب في كتبنا، معبود في مساجدنا،
ص: 390
مسموع بأسماعنا، غير حال في شيء منها. و أما قراءتنا و كتابتنا و حفظنا فهي من اكتسابنا، و إكسابنا مخلوق لا شك فيه. قال اللّه (عز و جل) : وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (1)و سمى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تلاوة القرآن فعلا.
أخبرنا أبو عمرو، محمد بن عبد اللّه الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، أنا أبو بكر الفريابي، حدثنا إسحاق و عثمان، قال إسحاق: أنا، و قال عثمان: حدثنا جرير، عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه اللّه القرآن، فهو يتلوه آناء الليل و النهار، فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا، لفعلت كما يفعل.
و رجل آتاه اللّه مالا، فهو ينفقه في حقه، فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا، عملت مثل ما يعمل» . رواه البخاري في الصحيح، عن عثمان بن أبي شيبة و قتيبة بن سعيد (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن محمد بن أبي الهيثم المطوعي ببخارى، حدثنا محمد بن يوسف الفربري قال: سمعت أبا عبد اللّه، محمد بن إسماعيل البخاري يقول: أما أفعال العباد مخلوقة، فقد حدثنا علي بن عبد اللّه، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا أبو مالك، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة رضي اللّه عنه قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى يصنع كل صانع و صنعته» (3)و تلا بعضهم عند ذلك: وَ اَللّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ (4).
قال أبو عبد اللّه البخاري: و سمعت عبيد اللّه بن سعيد يقول: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما زلت أسمع أصحابنا يقولون: أفعال العباد مخلوقة.6.
ص: 391
قال البخاري: حركاتهم و أصواتهم و إكسابهم و كتابتهم مخلوقة. فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور في المكتوب، الموعى في القلوب، فهو كلام اللّه (تعالى) ليس بخلق. قال اللّه (عز و جل) : بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ (1).
قال البخاري: و قال إسحاق بن إبراهيم: فأما الأوعية فمن يشك في خلقها؟ قال اللّه (عز و جل) : وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ* فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (2).
و قال (تعالى) : بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ* فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (3).
فذكر أنه يحفظ و يسطر. قال: وَ ما يَسْطُرُونَ (4).
قال محمد بن إسماعيل: حدثنا روح بن عبد المؤمن، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا سعيد، عن قتادة: وَ اَلطُّورِ* وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ .
قال: المسطور: المكتوب. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ ، و هو الكتاب.
قال محمد بن إسماعيل: حدثنا آدم، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ صحف مكتوبة. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ في صحف.
و قرأت في كتاب محمد بن نصر، عن أحمد بن عمر، عن عبدان، عن ابن المبارك، قال: الورق و المداد مخلوق. فأما القرآن فليس بخالق و لا مخلوق، و لكنه كلام اللّه (عز و جل) . و فيما أجازني محمد بن عبد اللّه روايته عنه أن أبا بكر بن إسحاق الفقيه أخبرهم، أنا محمد بن الفضل بن موسى، حدثنا شيبان، حدثنا يحيى بن كثير، عن جرير، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله (عز و جل) : وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا اَلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (5).7.
ص: 392
قال: لو لا أن يسره على لسان الآدميين، ما استطاع أحد أن يتكلم بكلام اللّه (عز و جل) .
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله (تعالى) : وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا اَلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ (1).
قال: هونا قراءته. و في قوله: وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ (2)، يعني صحفا مكتوبة. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)، يعني في صحف.
و قال: في قوله (عز و جل) : وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللّهِ (4)، يقول: إنسان يأتي فيستمع ما نقول، و يسمع ما أنزل اللّه، فهو آمن حتى يسمع كلام اللّه، و حتى يبلغ مأمنه من حيث جاء.
أخبرنا علي بن احمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: انطلق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، و قد حيل بين الشياطين و بين خبر السماء، و أرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حيل بيننا و بين خبر السماء، و أرسلت علينا الشهب. قالوا: ما حال بينكم و بين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض و مغاربها، و انظروا ما هذا الذي حال بينكم و بين خبر السماء. فانطلقوا يضربون مشارق الأرض و مغاربها، يبتغون ما هذا الذي حال بينهم و بين خبر السماء، فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو بنخلة-واد قرب مكة- عامدا إلى سوق عكاظ، و هو يصلي بأصحابه صلاة الفجر. فلما سمعوا6.
ص: 393
القرآن، استمعوا له، فقالوا: هذا و اللّه الذي حال بينكم و بين خبر السماء.
فهناك حين رجعوا إلى قومهم قالوا: يا قومنا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً* يَهْدِي إِلَى اَلرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (1). فأنزل اللّه (تعالى) على نبيه صلى اللّه عليه و سلم. قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اِسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ اَلْجِنِّ. . . (2).
و إنما أوحى اللّه (تعالى) إليه صلى اللّه عليه و سلم قول الجن. رواه البخاري في الصحيح عن مسدد. و رواه مسلم عن شيبان، عن أبي عوانة (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا أبو مسلم، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: نزلت هذه الآية و النبي صلى اللّه عليه و سلم متوار بمكة، فكان إذا صلى رفع صوته، فإذا سمع ذلك المشركون، سبوا القرآن، و من نزل به و من جاء به، فقال اللّه (عز و جل) لنبيه صلى اللّه عليه و سلم: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها أسمع أصحابك وَ اِبْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (4).
أسمعهم بالقرآن حتى يأخذوا عنك. رواه البخاري في الصحيح (5)عن حجاج بن منهال، و رواه مسلم عن محمد بن الصباح، و الناقد عن هشيم بن بشير، و في هذا دلالة على أن القرآن مسموع بأسماعنا.
و أخبرنا أبو الحسن المقري، أنا أبو عمرو الصفار، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عثمان بن خرزاد، قال: سمعت الوليد بن عتبة يقول، سمعت ابن عيينة يقول: أو ليس من نعم اللّه عليكم أن جعلكم أن تستطيعوا أن تسمعواه.
ص: 394
كلامه. و رويناه في الحديث الثابت عن عائشة رضي اللّه عنها أنها قالت: و اللّه ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى، و لشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم اللّه فيّ بأمر يتلى (1).
و في ذلك دلالة على أن كلام اللّه تعالى متلو بألسنتنا. و في هذا المعنى أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: أخبرني إسماعيل بن محمد بن فضل بن محمد الشعراني، حدثنا جدي، حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: ما أذن اللّه لشيء ما أذن -أي استمع-يعني لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به. رواه البخاري في الصحيح، عن إبراهيم بن حمزة. و أخرجه مسلم من وجه آخر (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، قالا: أنا القاضي أبو بكر، أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة-ببغداد-حدثنا محمد بن سعد، يعني العوفي، حدثنا روح. حدثنا شعبة، عن سليمان الأعمش، قال:
سمعت ذكوان يحدث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه اللّه القرآن، فهو يتلوه آناء الليل و آناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، و رجل آتاه اللّه مالا، فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: يا ليتني أوتيتث.
ص: 395
مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل. رواه البخاري في الصحيح، عن علي بن إبراهيم، عن روح (1).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر، محمد بن جعفر المزكي، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن إبراهيم العبدي، حدثنا أبو خالد-هدبة بن خالد-حدثنا همام بن يحيى، حدثنا قتادة، عن أنس بن مالك، عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنهما، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب و ريحها طيب، و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب و لا ريح لها، و مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب، و طعمها مر، و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر و لا ريح لها. رواه البخاري و مسلم في الصحيح، عن هدبة بن خالد (2).
أخبرنا، أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن محمويه العسكري حدثنا جعفر ابن محمد القلانسي، حدثنا آدم، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة، قال: سمعت زرارة بن أوفى يحدث عن سعد بن هشام، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: مثل الذي يقرأ القرآن و هو له حافظ مثل السفرة الكرام البررة. و مثل الذي يقرأه و يتعاهده، و هو عليه شديد، فله أجران. رواه البخاري في الصحيح، عن آدم. و فيه دلالة على أن القرآن مقروء بألسنتنا، محفوظ في صدورنا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو جعفر، محمد بن محمد بن عبد اللّه .
ص: 396
البغدادي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح السهمي، حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا خالد بن يزيد، عن ثعلبة بن يزيد، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه، غير أنه لا يوحي إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يحد مع من حد، و لا يجهل مع من جهل و في جوفه كلام اللّه (عز و جل) .
قلت: و معنى هذا: و في جوفه حفظ كلام اللّه (عز و جل) . و في ذلك إن ثبت مع الثابت قبله-دلالة على أن كلام اللّه (عز و جل) محفوظ في صدورنا كما قال اللّه (عز و جل) : بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ (1).
و في هذا المعنى ما أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد ابن عبيد الصفار، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا أبو عبد الرحمن المقري، حدثنا ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار.
أخبرنا أبو الحسن المقري الأسفراييني، أنا أبو عمرو الصفار، حدثنا أبو عوانة، قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم بن هانئ يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول في حديث عقبة بن عامر رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: لو كان القرآن في إهاب، يعني في جلد في قلب رجل يرجى لمن القرآن في قلبه محفوظ، أن لا تمسه النار.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا علي، الحسن بن أحمد بن موسى يقول: سمعت أبا عبد اللّه البوشنجي يقول في معنى قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار» ، قال: معناه أن من حمل القرآن و قرأه، لم تمسه النار.9.
ص: 397
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا أبو عبد الرحمن المروزي، حدثنا ابن المبارك، أنا يونس بن يزيد، عن الزهري، قال:
حدثني السائب بن يزيد أن شريح الحضرمي ذكر عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال:
ذاك رجل لا يتوسد القرآن.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن محمد الخطيب-بمرو-حدثنا عبد اللّه بن يحيى القاضي السرخسي، حدثنا محمد بن مضر، حدثنا منصور بن خالد، قال: سمعت ابن المبارك يقول: لا أقول القرآن خالق و لا مخلوق، و لكنه كلام اللّه (تعالى) ليس منه ببائن. قلت: هذا هو مذهب السلف و الخلف من أصحاب الحديث أن القرآن كلام اللّه (عز و جل) . و هو صفة من صفات ذاته ليست ببائنة منه. و إذا كان هذا أصل مذهبهم في القرآن، فكيف يتوهم عليه خلاف ما ذكرنا في تلاوتنا و كتابتنا و حفظنا. إلا أنهم في ذلك على طريقتين: -منهم من فصل بين التلاوة و المتلو كما فصلنا. و منهم من أحب ترك الكلام فيه مع إنكار قول من زعم أن لفظي بالقرآن غير مخلوق.
و بصحة ذلك أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، قال: سمعت أبا بكر، محمد بن إسحاق يقول: سمعت أبا محمد فوران يقول: جاءني ابن شداد برقعة فيها سائل، و فيها أن لفظي بالقرآن غير مخلوق. فدفعتها إلى أبي بكر المروزي. فقلت له:
اذهب بها إلى عبد اللّه و أخبره أن ابن شداد هاهنا، و هذه الرقعة قد جاء بها، فما كرهت منها أو أنكرته، فاضرب عليه، فجاءني بالرقعة و قد ضرب على موضع: «لفظي بالقرآن غير مخلوق» . و كتب: القرآن حيث يصرف غير مخلوق. قلت: أبو عبد اللّه هذا هو أحمد بن حنبل رضي اللّه عنه.
و أخبرنا أبو عبد اللّه و أبو سعيد، قالا: حدثنا أبو العباس، قال: سمعت محمدا يقول: سمعت أبا محمد فوران يقول: جاءني صالح بن أحمد و أبو بكر المروزي عندي، فدعاني إلى أبي عبد اللّه و قال لي: إنه قد بلغ أبي أن أبا طالب قد حكى عنه أنه يقول: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فقوموا إليه.
فقمت و اتبعني صالح و أبو بكر، فدار صالح من باب، فدخلنا على أبي
ص: 398
عبد اللّه، و وافانا صالح من بابه، فإذا أبو عبد اللّه غضبان، شديد الغضب، يتبين الغضب في وجهه، فقال لأبي بكر: اذهب جئني بأبي طالب، فجاء أبو طالب و جعلت أسكن أبا عبد اللّه قبل مجيء أبي طالب و أقول له حرمة، فقعد بين يديه و هو يوعد متغير الوجه، فقال له أبو عبد اللّه: حكيت عني أني قلت:
لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ قال: إنما حكيت عن نفسي، فقال له: لا تحك:
هذا عنك و لا عني، فما سمعت عالما يقول هذا. و قال له: القرآن كلام اللّه غير مخلوق حيث يصرف، فقلت لأبي طالب و أبو عبد اللّه يسمع: إن كنت حكيت هذا لأحد فاذهب حتى تخبره أن أبا عبد اللّه قد نهى عن هذا.
قال الشيخ: فهاتان الحكايتان تصرحان بأن أبا عبد اللّه أحمد بن حنبل رضي اللّه عنه بريء مما خالف مذهب المحققين من أصحابنا إلا أنه كان يستحب قلة الكلام في ذلك، و ترك الخوض فيه مع إنكار ما خالف مذهب الجماعة. و في مثل ذلك أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: قرأت بخط أبي عمرو المستملي، سمعت أبا عثمان، سعيد بن اسكاب الشاشي يقول: سألت إسحاق بن راهويه بنيسابور عن اللفظ بالقرآن، فقال: لا ينبغي أن يناظر في هذا، القرآن كلام اللّه (تعالى) غير مخلوق، سمعت أبا عمرو، محمد بن عبد اللّه البسطامي يقول: سمعت أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي يقول: سمعت عبد اللّه بن محمد بن ناجية يقول: سمعت عبد اللّه ابن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: من قال: «لفظي بالقرآن مخلوق» يريد به القرآن، فهو كافر. قلت: هذا تقييد حفظه عنه ابنه عبد اللّه، و هو قوله: «يريد به القرآن» ، فقد غفل عنه غيره ممن حكى عنه في اللفظ خلاف ما حكينا، حتى نسب إليه ما تبرأ منه فيما ذكرنا.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت محمد بن يوسف المؤذن الدقاق، قال: سمعت أبا حامد بن الشرفي يقول: حضرت مجلس محمد بن يحيى، يعني الذهلي، فقال: ألا من قال: «لفظي بالقرآن مخلوق» فلا يحضر مجلسنا فقام مسلم بن الحجاج من المجلس. قلت: و لمحمد بن يحيى مع محمد ابن إسماعيل البخاري (رحمهما اللّه تعالى) في ذلك قصة طويلة. فإن البخاري كان يفرق بين التلاوة و المتلو. و محمد بن يحيى كان ينكر التفصيل، و مسلم بن
ص: 399
الحجاج (رحمه اللّه) كان يوافق البخاري في التفصيل، ثم تكلم محمد بن أسلم الطوسي في ذلك بعبارة رديئة، فقال-فيما بلغني عنه-: الصوت من المصوت كلام اللّه. و أخذه عنه فيما بلغني-محمد بن إسحاق بن خزيمة (رحمه اللّه) و عندي أن مقصود من قال ذلك منهم نفى الخلق عن المتلو من القرآن، إلا أنه لم يحسن العبارة عما كان في ضميره من ذلك، فتكلم بما هو خطأ في العبارة. و اللّه أعلم.
و قد أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا عبد اللّه محمد بن العباس الضبي يقول: سمعت أبا الفضل البطائني و نحن بالري يقول-و كان أبو الفضل يحجب بين يدى أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة إذا ركب قال: خرج أبو بكر محمد بن إسحاق يوما قرب العصر من منزله، فتبعته، و أنا لا أدري أين مقصده إلى أن بلغ باب معمر، فدخل دار أبي عبد الرحمن، ثم خرج و هو منقسم القلب: فلما بلغ المربعة الصغيرة، و قرب من خان مكي، وقف و قال لمنصور الصيدلاني: تعال: فعدا إليه منصور. فلما وقف بين يديه، قال له: ما صنعتك؟ قال: أنا عطار. قال: تحسن صنعة الأساكفة؟ قال: لا؟ قال: تحسن صنعة النجارين؟ قال: لا. فقال لنا: إذا كان العطار لا يحسن غير ما هو فيه فما تنكرون على فقيه راوي حديث أنه لا يحسن الكلام؟ و قد قال لي مؤدبي-يعني المزني (رحمه اللّه) -غير مرة: كان الشافعي رضي اللّه عنه ينهانا عن الكلام. قلت: أبو عبد الرحمن هذا كان معتزليا، ألقى في سمع الشيخ شيئا من بدعته، و صور له من أصحابه، يريد أبا علي، محمد بن عبد الوهاب الثقفي، و أبا بكر، أحمد بن إسحاق الضبعي، و أبا محمد، يحيى بن منصور القاضي، و أبا بكر بن أبي عثمان الخيري (رحمهم اللّه أجمعين) أنهم يزعمون أن اللّه (تعالى) لا يتكلم بعد ما تكلم في الأزل، حتى خرج عليهم و طالت خصومتهم، و تكلم بما يوهم القول بحدوث الكلام، مع اعتقاده قدمه. ثم إن أبا بكر، أحمد بن إسحاق الفقيه أملى اعتقاده و اعتقاد رفقائه على أبي بكر بن أبي عثمان، و عرضه على محمد بن إسحاق بن خزيمة.
فاستصوبه محمد بن إسحاق و ارتضاه، و اعترف فيما حكينا عنه بأنه إنما أتى ذلك من حيث أنه لم يحسن الكلام، و كان فيما أملى من اعتقادهم فيما أخبرنا
ص: 400
أبو عبد اللّه الحافظ، عن نسخة ذلك الكتاب: «من زعم أن اللّه (تعالى، جل ذكره) لم يتكلم إلا مرة، و لا يتكلم إلا ما تكلم به، ثم انقضى كلامه، كفر باللّه، بل لم يزل اللّه متكلما، و لا يزال متكلما، لا مثل لكلامه، لأنه صفة من صفات ذاته، نفى اللّه (تعالى) المثل عن كلامه، كما نفى المثل عن نفسه، و نفى النفاد عن كلامه، كما نفى الهلاك عن نفسه، فقال (عز و جل) : كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ (1).
و قال تعالى: قُلْ لَوْ كانَ اَلْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ اَلْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي (2).
فكلام اللّه (عز و جل) غير بائن عن اللّه، ليس هو دونه و لا غيره، و لا هو هو، بل هو صفة من صفات ذاته، كعلمه الذي هو صفة من صفات ذاته، لم يزل ربنا عالما، و لا يزال عالما، و لم يزل يتكلم، و لا يزال يتكلم، فهو الموصوف بالصفات العلى، لم يزل بجميع صفاته التي هي صفات ذاته واحدا، و لا يزال، وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ (3). و كان فيما كتب: القرآن كلام اللّه (تعالى) و صفة من صفات ذاته، ليس شيء من كلامه خلقا و لا مخلوقا، و لا فعلا و لا مفعولا، و لا محدثا، و لا حدثا، و لا أحداثا.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت أبا الحسن علي بن أحمد الزاهد البوشنجي يقول: دخلت على عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي بالري، فأخبرته بما جرى بنيسابور بين أبي بكر بن خزيمة و بين أصحابه، فقال: ما لأبي بكر و الكلام؟ إنما الأولى بنا و به أن لا نتكلم فيما لم نتعلمه، فخرجت من عنده حتى دخلت على أبي العباس القلانسي، فقال: كأن بعض القدرية من المتكلمين وقع إلى محمد بن إسحاق، فوقع لكلامه عنده قبول، ثم خرجت إلى بغداد فلم أدع بها فقيها و لا متكلما إلا عرضت عليه تلك4.
ص: 401
المسائل، فما منهم أحد إلا و هو يتابع أبا العباس القلانسي على مقالته، و يغتم لأبي بكر، محمد بن إسحاق فيما أظهره.
قلت: القصة فيه طويلة، و قد رجع محمد بن إسحاق إلى طريقة السلف، و تلهف على ما قال. و اللّه أعلم.
ص: 402
قول اللّه (عز و جل) : قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اَللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ (1).
و قوله: لِتُنْذِرَ أُمَّ اَلْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها (2).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان بن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قوله (تعالى) : وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ (3).
يعني أهل مكة. وَ مَنْ بَلَغَ يعني من بلغه القرآن من الناس، فهو له نذير. و قوله: لِتُنْذِرَ أُمَّ اَلْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها (4)، يعني بأم القرى: مكة، و من حولها من القرى إلى المشرق و المغرب.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله (تعالى) : وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ (5)، يعني:
و من أسلم من العجم و غيرهم.
ص: 403
قلت: و قد يكون أعجميا لا يعرف العربية. فإذا بلغه معناه بلسانه فهو له نذير.
و أخبرنا أبو عمرو الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي، حدثنا القاسم بن زكريا، حدثنا أبو موسى، محمد بن المثني، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا علي-يعني ابن المبارك-عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنهما، قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، فيفسرونها بالعربية لأهل الإسلام. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب و لا تكذبوهم، و قولوا آمنا باللّه و ما أنزل إلينا و ما أنزل إليكم، و إلهنا و إلهكم واحد، و نحن له مسلمون» . رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن بشار، عن عثمان بن عمر (1).
قلت: و في هذا دليل على أنهم إن صدقوا فيما فسروا من كتابهم بالعربية، كان ذلك مما أنزل إليهم على معنى العبارة عما أنزل إليهم، و كلام اللّه (تعالى) واحد لا يختلف باختلاف العبارات، فبأي لسان قرئ، كان قد قرئ كلام اللّه (تعالى) ، إلا أنه إنما يسمى توراة، إذا قرئ بالعبرانية. و إنما يسمى إنجيلا إذا قرئ بالسريانية. و إنما يسمى قرآنا إذا قرئ بالعربية على اللغات السبع التي أذن صاحب الشرع في قراءته عليهن لنزوله على لسان جبريل (عليه الصلاة و السلام) على تلك اللغات دون غيرهن. و لما في نظمه من الإعجاز. قال اللّه (عز و جل) : وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ* عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ اَلْمُنْذِرِينَ* بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (2).
و قال (جل و علا) : وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا (3).7.
ص: 404
و قال (تعالى) : وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ اَلْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها (1).
و قال (تبارك و تعالى) : وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ اَلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (2).
و قال (جل و علا) : قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا اَلْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (3).
أخبرنا أبو بكر، محمد بن الحسين بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان عند إضاءة بني غفار، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: إن اللّه (عز و جل) يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرف. قال: أسأل اللّه معافاته و مغفرته، و إن أمتي لا تطيق ذلك. ثم أتاه الثانية فقال: إن اللّه تعالى يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على حرفين. قال: أسأل اللّه (تعالى) معافاته و مغفرته، و إن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاءه الثالثة فقال: إن اللّه (تعالى) يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف. فقال: أسأل اللّه (عز و جل) معافاته و مغفرته، و إن أمتي لا تطيق ذلك. ثم جاءه الرابعة فقال: إن اللّه (تعالى) يأمرك أن تقرأ أمتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرءوا عليه، فقد أصابوا. أخرجه مسلم في الصحيح من حديث شعبة (4). و أخرجا حديث عمر و هشام بن حكيم بن حزام رضي اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر (5).ه.
ص: 405
و في ذلك دلالة على قصر قراءته على هذه اللغات السبع من لغات العرب شرعا. و من بلغه معناه فأسلم كان عليه أن يتعلم منه ما تجزئ به الصلاة، و على جماعتهم أن يتعلموا جميعا حتى يقوم بتعلمه من فيه الكفاية.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو طاهر الفقيه، و أبو زكريا بن أبي إسحاق، و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالوا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، أنا الشافعي، محمد بن إدريس، حدثنا إسماعيل بن قسطنطين قال: قرأت على شبل، و أخبر الشبل أنه قرأ على عبد اللّه بن كثير، و أخبر عبد اللّه بن كثير أنه قرأ على مجاهد، و أخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس، و أخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي، قال ابن عباس: و قرأ ابي على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
قال محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال الشافعي: و قرأت على إسماعيل بن قسطنطين، و كان يقول: القرآن اسم و ليس بمهموز، و لم يؤخذ من «قرأت» . و لو أخذ من «قرأت» كان كل ما قرئ قرآنا، و لكنه اسم للقرآن مثل التوراة و الإنجيل، و كان يقول: وَ إِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ (1)تهمز قرأت و لا تهمز القرآن.
قلت: و ذهب بعضهم إلى أنه مشتق من القراءة. يقال: قرأت قراءة و قرآنا، كما يقال: سبحت تسبيحا و سبحانا، و غفرت مغفرة و غفرانا.
قال اللّه (عز و جل) : وَ قُرْآنَ اَلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ اَلْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (2).
و إنما أراد صلاة الفجر التي يقع فيها القراءة، فسماها قرآنا، يريد به قراءة. ثم كثر استعماله في كلام اللّه (عز و جل) فصار مطلقه له. و قد يسمى سائر ما أنزل اللّه (عز و جل) على سائر رسله قرآنا.
حدثنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنا أبو حامد،8.
ص: 406
أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزاز، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «خفف على داود (عليه الصلاة و السلام) القرآن، فكان يأمر بدابته تسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج، و كان لا يأكل إلا من عمل يده» .
أخرجه البخاري في الصحيح (1)، فقال: و قال موسى بن عقبة. . . فذكره.
قلت: الكلام هو نطق نفس المتكلم بدليل ما روينا عن أمير المؤمنين، عمر رضي اللّه عنه في حديث السقيفة، فذهب عمر يتكلم؛ فأسكته أبو بكر رضي اللّه عنهما، فكان عمر يقول: و اللّه ما أردت بذاك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني، و في رواية أخرى. و كنت زورت مقالة أعجبتني، فسمى تزوير الكلام في نفسه كلاما قبل التلفظ به، ثم إن كان المتكلم ذا مخارج، سمع كلامه ذا حروف و اصوات، و إن كان المتكلم غير ذي مخارج سمع كلامه غير ذي حروف و أصوات. و الباري (جل ثناؤه) ليس بذي مخارج، و كلامه ليس بحرف و لا صوت، فإذا فهمناه، ثم تلوناه تلوناه بحروف و أصوات.
و قد أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا يزيد بن هارون، أنا همام بن يحيى، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن أنيس رضي اللّه عنهم، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في حديث المظالم، قال: «يحشر اللّه (تعالى) العباد-أو قال: -الناس عراة غرلا بهما، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد، كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان» (2). و هذا حديث تفرد به القاسم ابن عبد الواحد، عن ابن عقيل، و القاسم بن عبد الواحد بن أيمن المكي لمث.
ص: 407
يحتج بهما الشيخان أبو عبد اللّه البخاري و أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، و لم يخرجا هذا الحديث في الصحيح بإسناده، و إنما أشار البخاري إليه في ترجمة الباب. و اختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، و لم يثبت صفة الصوت في كلام اللّه (عز و جل) ، أو في حديث صحيح عن النبي صلى اللّه عليه و سلم غير حديثه، و ليس بنا ضرورة إلى إثباته. و قد يجوز أن يكون الصوت فيه إن كان ثابتا راجعا إلى غيره كما روينا عن عبد اللّه ابن مسعود موقوفا و مرفوعا: «إذا تكلم اللّه بالوحي، سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا» (1).
و في حديث أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: «إذا قضى اللّه الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان» (2). ففي هذين الحديثين الصحيحين دلالة على أنهم يسمعون عند الوحي صوتا، لكن للسماء و لأجنحة الملائكة، تعالى اللّه عن شبه المخلوقين علوا كبيرا.
و أما الحديث الذي ذكره البخاري، عن عمر بن حفص، عن أبيه، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يقول اللّه: يا آدم، فيقول: لبيك و سعديك، فينادي بصوت: إن اللّه (تبارك و تعالى) يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار» (3).
فهذا لفظ تفرد به حفص بن غياث، و خالفه وكيع و جرير و غيرهما من أصحاب الأعمش، فلم يذكروا فيه لفظ الصوت. و قد سئل أحمد بن حنبل، عن حفص، فقال: كان يخلط في حديثه، ثم إن كان حفظه، ففيه ما دل على .
ص: 408
أن هذا القول لآدم لا يكون على لسان ملك يناديه بصوت: إن اللّه (تبارك و تعالى) يأمرك. فيكون قوله: فينادي بصوت. يعني-و اللّه أعلم-يناديه ملك بصوت. و هذا ظاهر في الخبر، و باللّه التوفيق.
و أما الحديث الذي أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يحيى بن عبد الجبار، ببغداد، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا سعدان بن نصر، نا علي بن عاصم ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو بكر، أحمد بن الحسن القاضي، قالا:
نا أبو العباس، محمد بن يعقوب، نا يحيى بن أبي طالب، أنا علي بن عاصم، أنا الفضل بن عيسى، نا محمد بن المنكدر، نا جابر بن عبد اللّه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: لما كلم اللّه موسى يوم الطور، كلمه بغير الكلام الذي كلمه به يوم ناداه، قال له موسى: يا رب هذا كلامك الذي كلمتني به يوم ناديتني؟ قال: يا موسى، لا، إنما كلمتك بقوة عشرة آلاف لسان. ولي قوة الألسنة كلها، و أنا أقوى من ذلك. فلما رجع موسى إلى بني إسرائيل، قالوا:
يا موسى صف لنا كلام الرحمن. قال: سبحان اللّه، و من يطيق؟ قالوا:
فشبهه لنا. قال: أ لم تروا إلى أصوات الصواعق حين تقبل في أحلى حلاوة سمعتموه، فإنه قريب منه و ليس به.
قال علي بن عاصم: فحدثت بهذا الحديث في مجلس الزهري عن رجل، عن كعب، قال: لما كلم اللّه موسى يوم الطور، كلمه بغير الكلام الذي كلمه به يوم ناداه، فقال له موسى: يا رب، هذا الذي كلمتني به يوم ناديتني؟ قال: يا موسى، إنما كلمتك بما تطيق به، بل أخفها لك، و لو كلمتك بأشد من هذا، لمت.
لفظ حديث يحيى بن أبي طالب. فهذا حديث ضعيف، الفضل بن عيسى الرقاشي ضعيف الحديث. جرحه أحمد بن حنبل، و محمد بن إسماعيل البخاري (رحمهما اللّه) . و حديث كعب منقطع.
و قد روي من وجه آخر موصولا، أخبرناه أبو محمد السكري، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور، نا عبد الرزاق، أنا معمر،
ص: 409
عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن جرير بن جابر الخثعمي، عن كعب، قال: إن اللّه (عز و جل) لما كلم موسى، كلمه بالألسنة كلها، سوى كلامه. قال له موسى: أي رب، هذا كلامك؟ قال: لا، لو كلمتك بكلامي، لم تستقم له. قال: أي رب، فهل من خلقك شيء يشبه كلامك؟ قال: لا، و أشد خلقي شبها بكلامي أشد ما تسمعون من هذه الصواعق. رواه ابن أخي الزهري عنه، عن أبي بكر، فقال عن جرير بن جابر الخثعمي، و قال البخاري، و قال يونس و ابن أخي الزهري، و الزبيدي جرو (1).
و قال شعيب جرز بن جابر، و هو رجل مجهول. ثم يحتمل أنه أراد ما سمع للسماوات و الأرض من الأصوات عند إسماع الرب (جل ذكره) إياه كلامه، كما روينا عن أهل السموات أنهم يسمعون عند نزول الوحي للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا.
و كما روينا في الحديث الصحيح، عن أبي هريرة عن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: إذا قضى اللّه الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان (2). و كما روينا عن نبينا صلى اللّه عليه و سلم أنه كان يأتيه الوحي أحيانا في مثل صلصلة الجرس. و كل ذلك مضاف إلى غير اللّه (سبحانه و تعالى) . كذلك الصوت المذكور في هذا الحديث إن كان صحيحا، و لا أراه يصح إلا و هو مضاف إلى غير اللّه (سبحانه و تعالى) ،
و أما قول كعب الأحبار فإنه يحدث عن التوراة التي أخبر اللّه (تعالى) عن أهلها أنهم حرفوها و بدلوها. فليس من قوله ما يلزمنا توجيهه إذا لم يوافق أصول الدين و اللّه أعلم.ل.
ص: 410
سوى ما مضى في الأبواب قبلها، و ما لا يجوز،
و تأويل ما يحتاج فيه إلى التأويل، و حكاية قول الأئمة
فيه
قول اللّه (تعالى) : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (1)
، قال أهل النظر: معناه: ليس كهو شيء. و نظيره قوله (عز و جل) : فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ (2).
أي بالذي آمنتم به. و يذكر عن ابن عباس أنه قرأها: بالذي آمنتم به.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، نا أبو عيينة، أحمد بن الفرج، نا بقية، نا شعبة، حدثني أبو حمزة، عن ابن عباس، قال: لا تقولوا: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ .
فإن اللّه ليس له مثل، و لكن قولوا: بالذي آمنتم به.
تابعه علي بن نصر الجهضمي، عن شعبة. و قال أهل النظر: يقول القائل: مثلي لا يقابل بمثل هذا الكلام. و مثلي لا يعاب عليه. يريد نفسه.
قالوا: و يحتمل أن يكون الكاف فيه زيادة، كما يقول في الكلام: كلمني
ص: 411
فلان بلسان كمثل السنان. و لهذه الجارية بنان كمثل العندم. و معناه: مثل العندم. العندم دم الأخوين.
و قد قيل: العرب إذا أرادت التأكيد في إثبات المشبه، كررت حرف التشبيه، فقالت: هذا كهكذا. قال الشاعر: و صاليات ككما يؤثفين.
يعني هكذا. و كما جمعت بين اسم التشبيه، و حروف التشبيه، فقالت:
هذا كمثل هذا. فلما أراد اللّه (سبحانه) أن ينفي التشبيه على آكد ما يكون من النفي، جمع في قراءتنا بين حروف التشبيه، و اسم التشبيه، حتى يكون النفي مؤكدا على المبالغة.
أخبرنا أبو علي الروذباري، نا أبو سعيد، جعفر بن محمد بن أحمد بن يحيى الجوهري-بالبصرة-نا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزاز، نا سعيد ابن يحيى بن سعيد الأموي ح.
و أخبرنا منصور بن عبد الوهاب الشالنجي، أنا أبو عمرو بن حمدان، أنا عمران بن موسى، نا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، حدثني أبي، نا خالد بن سعيد، عن عامر، عن جابر بن عبد اللّه، قال: سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن زيد بن عمرو، فقالوا: يا رسول اللّه، كان يستقبل البيت، و يقول:
اللهم إلهي، إله إبراهيم، و ديني دين إبراهيم، و يصلي و يسجد. قال: فقال:
ذاك أمة واحدة. يحشر بينه و بين عيسى ابن مريم. قال: فقالوا: يا رسول اللّه، أ فرأيت ورقة بن نوفل، فإنه كان يستقبل البيت و يقول: اللهم ديني دين زيد، و إلهي إله زيد. و قد كان يمتدحه:
رشدت و أنعمت ابن عمرو و إنما تجنبت تنورا من النار حاميا
فربك رب ليس رب كمثله و تركك جنان الجبال كما هي
قال: رأيته في بطنان الجنة، عليه حلة من سندس (1).ت.
ص: 412
قال: و سئل عن خديجة، فقال: رأيتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب، لا لغو فيها و لا نصب (1).
لفظ حديث عمران. و في رواية ابن عبد الخالق: و دينك دين ليس دين كمثله.
قال الشيخ: و قد كان تنصر زيد و آمن بعيسى ابن مريم (عليه السلام) قبل بعثة محمد صلى اللّه عليه و سلم فيما زعم بعض أهل العلم. و أراد بقوله: ديني دين إبراهيم في خلع الأنداد و اللّه أعلم.
قال الشيخ: و الذي روي عن ابن عباس من نهيه عن القراءة العامة لقوله: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ (2)شيء ذهب إليه للمبالغة في نفي التشبيه عن اللّه (عز و جل) . و القراءة العامة أولى. و معناها ما ذكرناه.
و قيل: معناه: فإن آمنوا بمثل إيمانكم من الإقرار و التصديق، فقد اهتدوا.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، نا أبو العباس الأصم، نا يحيى بن أبي طالب، أنا يزيد بن هارون، أنا ديلم بن غزوان، عن ثابت البناني، عن أنس، قال: أرسل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رجلا من أصحابه إلى رأس من رءوس المشركين يدعوه إلى اللّه (عز و جل) ، فقال له المشرك: هذا الإله الذي تدعو إليه ما هو؟ من ذهب هو أم من فضة؟ قال: فتعاظم مقالة المشرك في صدر رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فانتهى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: يا رسول اللّه:
و اللّه لقد بعثتني إلى رجل سمعت منه مقالة له ليتكادني أن أقولها. قال له:7.
ص: 413
ارجع إليه، فقال له مثل ذلك. فرجع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: و اللّه يا رسول اللّه ما زادني على ما قال لي. قال: ارجع إليه، فرجع إليه، فقال له مثل ذلك. قال: فأنزل اللّه (عز و جل) عليه صاعقة من السماء، فأهلكته.
و رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا يدري فانتهى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) قد أهلك صاحبك بعدك. فأنزل اللّه (عز و جل) :
وَ يُرْسِلُ اَلصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اَللّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ اَلْمِحالِ (1) .
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا مخلد بن أبي عاصم، نا محمد بن موسى-يعني الحرشي-نا عبيد اللّه بن عيسى، نا داود-يعني ابن أبي هند-عن عكرمة، عن ابن عباس أن اليهود جاءت النبي صلى اللّه عليه و سلم منهم كعب بن الأشرف، و حيي بن أخطب، فقالوا: يا محمد، صف لنا ربك الذي بعثك. فأنزل اللّه (عز و جل) : قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ اَلصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ فيخرج منه، وَ لَمْ يُولَدْ فيخرج من شيء، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (2)و لا شبه. فقال: هذه صفة ربي (عز و جل و تقدس علوا كبيرا) (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس، محمد بن يعقوب، نا محمد ابن إسحاق الصاغاني، نا أحمد بن منيع، نا أبو سعيد، محمد بن ميسر الصاغاني، نا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب، قال: قال المشركون للنبي صلى اللّه عليه و سلم: انسب لنا ربك. فأنزل اللّه (عز و جل) : قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ اَلصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، و ليس شيء يموت إلا سيورث، و اللّه (عز و جل) لا يموت و لا يورث.
وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، .
ص: 414
قال: لم يكن له شبه و لا عدل. و ليس كمثله شيء (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه، نا أبو العباس، نا محمد بن إسحاق، نا شريح بن يونس، نا إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر، قال: جاء إعرابي إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم، فقال: انسب لنا ربك. فأنزل اللّه: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ* اَللّهُ اَلصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ* وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، نا حسن ابن سفيان، نا حرملة، أنا عبد اللّه بن وهب، قال: و أنا محمد بن يعقوب، نا أحمد بن سهل بن بحر، نا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، نا عمي، نا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال أن أبا الرجال، محمد بن عبد الرحمن حدثه عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن-و كانت في حجر عائشة-عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعث رجلا على سرية، فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بقول هو اللّه أحد. فلما رجعوا، ذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال: سلوه لأي شيء يصنع هذا؟ فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اخبروه أن اللّه (عز و جل) يحبه.
رواه مسلم في الصحيح، عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب. و أخرجه البخاري، عن محمد، عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب (3).
أخبرنا زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، نا عثمان بن سعيد، نا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله (عز و جل) : وَ لِلّهِ اَلْمَثَلُ اَلْأَعْلى (4)،0.
ص: 415
قال: يقول: ليس كمثله شيء. و في قوله: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (1).
يقول: هل تعلم للرب مثلا أو شبها.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس-هو الأصم-نا محمد بن إسحاق، نا الحسن بن موسى، نا أبو هلال، محمد بن سليم، نا رجل أن ابن رواحة البصري سأل الحسن فقال: يا أبا سعيد هل تصف لنا ربك؟ قال: نعم، أصفه بغير مثال.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، أنا أبو الحسن الطرائفي، نا عثمان بن سعيد، نا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (2).
يعني به الشمس، و القمر، و النجوم، لما رأى كوكبا، قال: هذا ربي، حتى غاب. فلما غاب، قال: لا أُحِبُّ اَلْآفِلِينَ (3)فَلَمّا رَأَى اَلْقَمَرَ بازِغاً، قالَ: هذا رَبِّي (4).
حتى غاب، فلما غاب، قال: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ اَلْقَوْمِ اَلضّالِّينَ (5).
فَلَمّا رَأَى اَلشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ (6) .
حتى غاب قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ (7).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن، نا آدم، نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: الملكوت الآيات.8.
ص: 416
قال أبو سليمان الخطابي (رحمه اللّه) : كل وقت و زمان أو حال و مقام حكم الامتحان فيها قائم، فللاجتهاد و الاستدلال فيها مدخل. و قد قال إبراهيم عليه السلام حين رأى الكوكب: هذا ربي. ثم تبين فساد هذا القول لما رأى القمر أكبر جرما و أبهر نورا. فلما رأى الشمس و هي أعلا في منظر العين و أجلاها للبصر، و أكثرها ضياء و شعاعا، قال: هذا ربي، هذا أكبر. فلما رأى أفولها و زوالها، و تبين له كونها محل الحوادث و التغيرات، تبرأ منها كلها، و انقطع عنها إلى رب هو خالقها و منشئها، و لا تعترضه الآفات، و لا تحله الأعراض و التغيرات.
ص: 417
قول اللّه (عز و جل) : قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اَللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، نا إبراهيم بن الحسين، نا آدم بن أبي إياس، نا ورقاء، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً ، قال: أمر محمدا صلى اللّه عليه و سلم أن يسأل قريشا أي شيء أكبر شهادة؟ ثم أمره أن يخبرهم فيقول: اَللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ (2).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن أحمد بن عبدان، نا أحمد بن عبيد الصفار، نا إبراهيم بن إسحاق السراج، نا يحيى بن يحيى، نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، نا إسرائيل عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن أشعر بيت تكلمت به العرب كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل.
رواه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى، و أخرجاه من حديث الثوري و شعبة، عن عبد الملك بن عمير (3).
ص: 418
ما ذكر في الذات
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، نا محمد ابن إسماعيل بن مهران، نا أبو الطاهر، أنا ابن وهب، حدثني جرير بن حازم، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: لم يكذب إبراهيم قط إلا ثلاث كذبات، ثنتين في ذات اللّه، قوله: إِنِّي سَقِيمٌ (1)، و قوله: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا (2)، و واحدة في شأن سارة: إنك أختي. . .
و ذكر الحديث. رواه البخاري في الصحيح، عن سعيد بن تليد، عن ابن وهب، و رواه مسلم عن أبي الطاهر (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو محمد، عبد اللّه بن محمد بن زياد، نا محمد بن عمروية، نا محمد بن يحيى، نا أبو اليمان، أنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عمرو بن أبي سفيان، أن أبا هريرة قال: بعث رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) عشرة منهم خبيب الأنصاري، فأخبرني عبيد اللّه بن عياض أن ابنة
ص: 419
الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا-تعني لقتله-استعار منها موسى يستحد بها. فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه، قال خبيب:
و لست أبالي حين أقتل مسلما على أي شق كان في اللّه مصرعي
و ذلك في ذات الإله و إن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله ابن الحارث، فأخبر النبي صلى اللّه عليه و سلم أصحابه خبرهم يوم أصيبوا.
رواه البخاري في الصحيح (1)، عن أبي اليمان، و كذلك قاله معمر عن الزهري مدرجا في الإسناد الأول، و ذلك في ذات الإله.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس-هو الأصم-نا محمد بن إسحاق، أنا عاصم بن علي، نا أبي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: تفكروا في كل شيء و لا تفكروا في ذات اللّه.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد ابن منصور، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الدرداء، قال: لا تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات اللّه، ثم تقبل على نفسك فتكون لها أشد مقتا منك للناس.ه.
ص: 420
ما ذكر في النفس
قال اللّه (عز و جل) : وَ يُحَذِّرُكُمُ اَللّهُ نَفْسَهُ (1).
و قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ اَلرَّحْمَةَ (2).
و قال: وَ اِصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (3).
و قال فيما أخبر به عن عيسى (عليه السلام) أنه قال: إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ اَلْغُيُوبِ (4).
أخبرنا أبو بكر، أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي-ببغداد-أنا أبو العباس، محمد بن أحمد-يعني بن حمدان النيسابوري-نا محمد بن أيوب، نا أبو عمر، حفص بن عمر، نا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي وائل، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: لا أحد أغير من اللّه، و لذلك حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و لا شيء أحب إليه المدح من اللّه. و لذلك مدح نفسه.
قال: قلت: سمعته من عبد اللّه؟ قال: نعم. قلت: و رفعه؟ قال:
نعم.
ص: 421
رواه البخاري في الصحيح عن حفص بن عمر، و أخرجه مسلم من وجه آخر عن شعبة (1).
و أخبرنا أبو الحسين بن بشران-ببغداد-أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود، قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: ما أحد أحب إليه المدح من اللّه، و من أجل ذلك مدح نفسه، و ما أحد أغير من اللّه و من أجل ذلك حرم الفواحش.
تابعه عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه بن يعقوب، نا محمد بن شاذان، نا علي بن خشرم، أنا أبو ضمرة، عن الحارث، عن عبد الرحمن، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لما قضى اللّه الخلق، كتب في كتاب يكتبه على نفسه و هو مرفوع فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي. رواه مسلم في الصحيح عن علي بن خشرم (2). و أخرجه البخاري من حديث أبي صالح. عن أبي هريرة.
حدثنا الإمام أبو الطيب، سهل بن محمد بن سليمان (رحمه اللّه) أنا أبو عمرو، إسماعيل بن نجيد السلمي، نا إبراهيم بن عبد اللّه البصري، نا أبو عاصم النبيل، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول اللّه .
ص: 422
صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه سبحانه لما خلق الخلق، كتب بيده على نفسه: رحمتي سبقت غضبي (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر، أحمد بن سليمان الفقيه، نا إسماعيل بن أبي إسحاق القاضي، أنا حجاج بن منهال، عن مهدي بن ميمون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال:
التقى آدم و موسى، فقال موسى لآدم: أنت الذي أشقيت الناس، و أخرجتهم من الجنة؟ قال: فقال آدم لموسى: أنت موسى الذي اصطفاك اللّه برسالته و اصطفاك لنفسه، و أنزل عليك التوراة؟ قال: نعم. قال: فهل وجدته كتب عليّ قبل أن يخلقني؟ قال: نعم. قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى. رواه البخاري في الصحيح عن الصلت بن محمد، عن مهدي (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا الحسن بن علي بن عفان العامري، نا عبد اللّه بن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يقول اللّه (عز و جل) : أنا عند ظن عبدي بي، و أنا معه حين يذكرني. فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، و إن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منه، و إن تقرب إليّ شبرا، تقربت إليه ذراعا، و إن تقرب إليّ ذراعا، تقربت منه باعا، و إن أتاني يمشي أتيته هرولة. أخرجاه في الصحيح من أوجه، عن الأعمش (3).
و أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد ابن منصور، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة، عن أنس، قال: قال .
ص: 423
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ابن آدم أذكرني في نفسك، أذكرك في نفسي. فإن ذكرتني في ملأ، ذكرتك في ملأ من الملائكة. أو قال: ملأ خير منه.
ثم ذكر ما بعده بمعنى ما تقدم. زاد قال قتادة: و اللّه أسرع بالمغفرة.
حدثنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو سعيد، أحمد بن محمد بن زياد البصري-بمكة-نا العباس بن عبد اللّه الترقفي، نا أبو مسهر، عبد الأعلى بن مسهر، نا سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر الغفاري، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن اللّه (عز و جل) ، قال: إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا. . . و ذكر الحديث بطوله. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر الصاغاني، عن أبي مسهر (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو الفضل بن إبراهيم، نا أحمد بن سلمة، نا إسحاق بن إبراهيم، نا محمد بن بشر العبدي، نا مسعر، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي رشدين، عن ابن عباس، عن جويرية، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مر بها حين صلى الغداة-أو بعد ما صلى الغداة-و هي تذكر اللّه، ثم مر بها بعد ما ارتفع النهار، أو بعد ما انتصف النهار، و هي كذلك، فقال لها: لقد قلت منذ وقفت عليك كلمات ثلاث مرات هي أكثر أو أرجح أو أوزن مما كنت فيه منذ الغداة: سبحان اللّه عدد خلقه، سبحان اللّه رضا نفسه، سبحان اللّه زنة عرشه، سبحان اللّه مداد كلماته. رواه مسلم في الصحيح، عن إسحاق بن إبراهيم و غيره (2). .
ص: 424
أخبرنا أبو سهل، محمد بن نصرويه المروزي، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب، نا أبو يعقوب، إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي، نا الحسن، يعني بن موسى الأشيب، نا حماد بن سلمة، نا إسحاق بن عبد اللّه ابن أبي طلحة، عن عبيد اللّه بن مقسم، عن ابن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قرأ مرة على منبره: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ (1).
فجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: كذا يمجد نفسه: أنا الجبار، أنا العزيز المتكبر. فرجف به المنبر حتى قلنا: ليخرن به الأرض.
قال الشيخ: و معنى قول من قال: اللّه سبحانه و تعالى أنه نفس أنه موجود ثابت غير منتف و لا معدوم. و كل موجود نفس، و كل معدوم ليس بنفس.
و النفس في كلام العرب على وجوه:
فمنها نفس منفوسة، مجسمة، مروحة.
و منها مجسمة غير مروحة . تعالى اللّه عن هذين علوا كبيرا.
و منها نفس بمعنى إثبات الذات ، كما تقول في الكلام: هذا نفس الأمر.
تريد إثبات الأمر، لا أن له نفسا منفوسة، أو جسما مروحا، فعلى هذا المعنى يقال في اللّه سبحانه: إنه نفس، لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا. و قد قيل في قوله (عز و جل) : تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ (2).
أي تعلم ما أكنه و أسره، و لا علم لي بما تستره عني و تغيبه. و مثل هذا قول النبي صلى اللّه عليه و سلم فيما رويناه عنه: فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي. أي حيث لا يعلم به أحد، . و لا يطلع عليه. و أما الاقتراب و الإتيان المذكوران في الخبر، فإنما يعني بهما إخبارا عن سرعة الإجابة و المغفرة كما رويناه عن قتادة.6.
ص: 425
و أما الغيرة المذكورة في حديث ابن مسعود، فإنما يعني بها الزجر.
قوله: «لا أحد أغير من اللّه تعالى» ، يعني لا أحد أزجر من اللّه (تعالى) . و اللّه غيور على معنى أنه زجور، يزجر عن المعاصي، و لا يحب دنيء الأفعال.
و قد روى ذلك الحديث عبد اللّه بن مسعود، و أبو هريرة، و عائشة بنت أبي بكر، و أسماء بنت أبي بكر، فقال بعضهم: لا أحد أغير من اللّه.
و قال بعضهم: لا شيء أغير من اللّه. و رواه عبد الملك بن عمير، عن وراد، عن المغيرة بن شعبة على لفظ لم يتابع عليه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، نا أحمد ابن النضر، عن عبد الوهاب، نا أبو كامل، نا أبو عوانة، عن عبد الملك بن عمير، عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة، عن المغيرة، قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت مع امرأتي رجلا لضربته بالسيف غير مصفح. قال: فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: أ تعجبون من غيرة سعد! لعلها: فو اللّه لأنا أغير منه، و اللّه أغير مني. و من أجل غيرة اللّه حرم الفواحش ما ظهر منها و ما بطن، و لا شخص أغير من اللّه، و لا شخص أحب إليه العذر من اللّه. من أجل ذلك بعث المرسلين مبشرين و منذرين. و لا شخص أحب إليه المرح من اللّه. من أجل ذلك وعد الجنة. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي كامل، و عبيد اللّه القواريري. و كذلك رواه جماعة عن أبي عوانة. و رواه البخاري عن موسى بن إسماعيل عن أبي عوانة دون ذكر الشخص فيه (1). ثم قال: و قال عبيد اللّه بن عمرو عن عبد الملك: لا شخص أغير من اللّه.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، عبد اللّه بن الحسن، نا الحارث بن أبي أسامة، نا زكريا بن عدي، نا عبيد اللّه بن عمرو، عن عبد الملك بن عمير، عن وراد، عن المغيرة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم نحوه.
و أخرجه مسلم من حديث زائدة، عن عبد الملك بن عمير.ا.
ص: 426
قال أبو سليمان الخطابي (رحمه اللّه) فيما بلغني عنه: إطلاق الشخص في صفة اللّه (سبحانه) غير جائز. و ذلك لأن الشخص لا يكون إلا جسما مؤلفا.
و إنما سمى شخصا ما كان له شخوص و ارتفاع. و مثل هذا النعت منفي عن اللّه (سبحانه و تعالى) . و خليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة، و أن تكون تصحيفا من الراوي، و الشيء و الشخص في الشطر الأول من الاسم سواء.
فمن لم ينعم الاستماع، لم يأمن الوهم.
قال: و ليس كل الرواة يراعون لفظ الحديث حتى لا يتعدوه، بل كثير منهم يحدث على المعنى. و ليس كلهم بفقيه.
و قد قال بعض السلف في كلام له: «نعم المرء ربنا لو أطعناه ما عصانا» . و لفظ المرء إنما يطلق في الذكور من الآدميين. يقول القائل: المرء بأصغريه. و المرء مخبوء تحت لسانه. و نحو ذلك من كلامهم. و قائل هذه الكلمة لم يقصد به المعنى الذي لا يليق بصفات اللّه (سبحانه) ، و لكنه أرسل الكلام على بديهة الطبع من غير تأمل، و لا تنزيل له على المعنى الأخص به.
و حري أن يكون لفظ الشخص إنما جرى من الراوي على هذا السبيل، إن لم يكن ذلك غلطا من قبل التصحيف. قال الشيخ: و لو ثبتت هذه اللفظة، لم يكن فيها ما يوجب أن يكون اللّه (سبحانه) شخصا. فإنما قصد إثبات صفة الغيرة للّه (تعالى) و المبالغة فيه. و إن أحدا من الأشخاص لا يبلغ تمامها، و إن كان غيورا. فهي من الأشخاص جبلة جبلهم اللّه (تعالى) عليها. فيكون كل شخص فيها بمقدار ما جبله اللّه (تعالى) عليه منها. و هي من اللّه على طريق الزجر عما يغار عليه.
و قد زجر عن الفواحش كلها ما ظهر منها و ما بطن. و حرمها، فهو أغير من غيره فيها. و اللّه أعلم.
و قد أخبرنا أبو عمرو، محمد بن عبد اللّه الأديب، أنا أبو بكر الإسماعيلي رحمه اللّه، قال: قوله: «لا شخص أغير من اللّه» ليس فيه إيجاب أن اللّه شخص. و هذا كما روى: ما خلق اللّه شيئا أعظم من آية الكرسي. فليس فيه إثبات خلق آية الكرسي، و ليس فيه إلا أن لا خلق في العظم كآية
ص: 427
الكرسي، لا أن آية الكرسي مخلوقة. و هكذا يقول الناس: ما في الناس رجل يشبهها. و هو يذكر امرأة في خلقها أو فضلها. لا أن الممدوح به رجل.
قال الشيخ: هذا الأثر الذي أستشهد به إنما يروى عن ابن مسعود.
و اختلف عليه في لفظه. و روى عنه كما أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي نا أحمد بن نجدة، نا سعيد بن منصور، نا حماد بن زيد، نا عاصم بن بهدلة، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال: سمعت عبد اللّه بن مسعود يقول: ما من سماء و لا أرض، و لا سهل و لا جبل أعظم من آية الكرسي.
قال شتير: و أنا قد سمعته.
قال الشيخ: فهذه الرواية أوضح للاستشهاد بها فيما نحن فيه، و أبعد من أن تكون آية الكرسي داخلة في جملة ما ذكر.
و أما الأثر الذي استشهد به الخطابي رضي اللّه عنه فقد روينا عن عبد اللّه بن مسعود أنه كره قول قائله و ذلك فيما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا محمد بن إسحاق الصاغاني، نا جعفر بن عون، أنا الأعمش، عن أبي وائلة، قال: بينما عبد اللّه يمدح ربه، إذ قال معضد: نعم المرء هو. قال: فقال عبد اللّه: إني لأجله ليس كمثله شيء.
ص: 428
ما ذكر في الصورة
الصورة هي التركيب ، و المصور المركب. و المصور هو المركب. قال اللّه (عز و جل) : يا أَيُّهَا اَلْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ اَلْكَرِيمِ* اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ* فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (1).
و لا يجوز أن يكون الباري (تعالى) مصورا، و لا أن يكون له صورة، لأن الصورة مختلفة، و الهيئات متضادة. و لا يجوز اتصافه بجميعها لتضادها.
و لا يجوز اختصاصه ببعضها إلا بمخصص، لجواز جميعها على من جاز عليه بعضها. فإذا اختص ببعضها، اقتضى مخصصا خصصه به. و ذلك يوجب أن يكون مخلوقا، و هو محال، فاستحال أن يكون مصورا، و هو الخالق البارئ المصور.
و معنى هذا فيما كتب إلى الأستاذ أبو منصور، محمد بن الحسن بن أيوب الأصولي (رحمه اللّه) الذي كان يحثني على تصنيف هذا الكتاب لما في الأحاديث المخرجة فيه من العون على ما كان فيه من نصرة السنة، و قمع البدعة، و لم يقدر في أيام حياته لاشتغالي بتخريج الأحاديث في الفقهيات على مبسوط أبي عبد اللّه، محمد بن إدريس الشافعي رحمه اللّه الذي أخرجته على ترتيب مختصر أبي إبراهيم المزني (رحمه اللّه) . و لكل أجل كتاب.
فأما الحديث الذي أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو بكر، محمد بن
ص: 429
الحسن القطان، نا أحمد بن يوسف السلمي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
و أخبرنا أبو الحسن بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: خلق اللّه آدم على صورته، طوله ستون ذراعا. فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر-و هم نفر من الملائكة جلوس-فاستمع ما يجيبونك، فإنها تحيتك و تحية ذريتك. قال:
فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: و عليك السلام و رحمة اللّه. فزادوه:
و رحمة اللّه. فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن. فهذا حديث مخرج في الصحيحين (1).
و قد قال أبو سليمان الخطابي (رحمه اللّه) : قوله: «خلق اللّه آدم على صورته» الهاء وقعت كناية بين اسمين ظاهرين. فلم تصلح أن تصرف إلى اللّه (عز و جل) لقيام الدليل على أنه ليس بذي صورة سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (2).
فكان مرجعها إلى آدم عليه السلام. فالمعنى أن ذرية آدم إنما خلقوا أطوارا كانوا في مبدأ الخلقة نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم صاروا صورا أجنة إلى أن تتم مدة الحمل. فيولدون أطفالا، و ينشئون صغارا إلى أن يكبروا، فتطول أجسامهم. يقول: إن آدم لم يكن خلقه على هذه الصفة، لكنه أول ما تناولته الخلقة، وجد خلقا تاما، طوله ستون ذراعا.
قال الشيخ: فذكر الأستاذ أبو منصور (رحمه اللّه) معناه، و ذكر من فوائده أن الحية لما أخرجت من الجنة، شوهت خلقتها، و سلبت قوائمها. فالنبي صلى اللّه عليه و سلم1.
ص: 430
أراد أن يبين أن آدم كان مخلوقا على صورته التي كان عليها بعد الخروج من الجنة، لم تشوه صورته، و لم تغير خلقته.
و أما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، عن المثنى ابن سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«إذا قاتل أحدكم، فليجتنب الوجه، فإن اللّه خلق آدم على صورته» . فهذا حديث رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن حاتم، عن عبد الرحمن بن مهدي. و روي أيضا في حديث الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو بكر بن إسحاق، أنا بشر بن موسى، نا الحميدي، نا سفيان، نا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «إذا ضرب أحدكم، فليجتنب الوجه، فإن اللّه خلق آدم على صورته» (2).
قال: و إنما أراد-و اللّه أعلم-فإن اللّه خلق آدم على صورة هذا المضروب. و هكذا المراد. و اللّه أعلم بما أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، نا يوسف بن يعقوب القاضي، نا محمد بن أبي بكر، نا يحيى بن سعيد، عن ابن عجلان، قال: حدثني سعيد ابن أبي سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: «إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، و لا يقل: قبح اللّه وجهك و وجه من أشبه وجهك، فإن اللّه خلق آدم على صورته.
قال: و ذهب بعض أهل النظر إلى أن الصور كلها للّه (تعالى) على معنى الملك و الفعل، ثم ورد التخصيص في بعضها بالإضافة تشريفا و تكريما، كما .
ص: 431
يقال: ناقة اللّه، و بيت اللّه، و مسجد اللّه. و عبر بعضهم بأنه (سبحانه) ابتدأ صورة آدم لا على مثال سبق، ثم اخترع من بعده على مثاله، فخص بالإضافة. و اللّه أعلم.
و على هذا حملوا ما في الحديث الذي أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو عمرو بن مطر، أنا محمود بن محمد الواسطي، نا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقبحوا الوجه، فإن اللّه خلق آدم على صورة الرحمن» . و يحتمل أن يكون لفظ الخبر في الأصل كما روينا في حديث أبي هريرة، فأداه بعض الرواة على ما وقع في قلبه من معناه.
و أما الحديث الذي أنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو النضر، محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، نا علي بن محمد بن عيسى، نا أبو اليمان، أنا شعيب، و ابن أبي حمزة، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، و عطاء بن يزيد الليثي، أن أبا هريرة أخبرهما أن الناس قالوا للنبي صلى اللّه عليه و سلم: يا رسول اللّه، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول اللّه. قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول اللّه. قال: فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة، فيقال: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فمنعهم من يتبع الشمس، و منهم من يتبع القمر، و منهم من يتبع الطواغيت (1)، و تبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم اللّه (تبارك و تعالى) في غير صورته التي يعرفون، فيقول أنا ربكم، فيقولون: نعوذ باللّه منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا. فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم اللّه في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم.ع.
ص: 432
فيقولون: أنت ربنا، و يدعوهم، و يضرب الصراط بين ظهري جهنم (1)، فأكون أول من يجيز بأمتي من الرسل، و لا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل، و دعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم. و في جهنم كلاليب (2)مثل شوك السعدان، هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول اللّه. قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا اللّه (عز و جل) تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم من يوثق بعمله، و منهم من يخردل، ثم ينجو، حتى إذا أراد رحمة من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن أخرجوا من كان يعبد اللّه، فيخرجونهم، و يعرفونهم بأثر السجود. و حرم اللّه على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتحشوا (3)، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة (4)في حميل السيل. ثم يفرغ اللّه من القضاء بين العباد، و يبقى رجل بين الجنة و النار، فهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة، مقبل بوجهه إلى النار، يقول: يا رب اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قشبني (5)ريحها، و أحرقني ذكاؤها. فيقول اللّه (عز و جل) : فهل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا و عزتك. فيعطي ربه ما شاء من عهد و ميثاق. فيصرف اللّه وجهه عن النار. فإذا أقبل بوجهه على الجنة، فرأى بهجتها، فيسكت ما شاء اللّه أن يسكت. ثم قال: يا رب قدمني عند باب الجنة. فيقول اللّه له: أ ليس قد أعطيت العهود و المواثيق ألا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب لا أكون أشقى خلقك. فيقول: هل عسيت إنا.
ص: 433
أعطيت ذلك ألا تسأل غيره؟ فيقول: لا و عزتك، لا أسألك غير ذلك.
فيعطي ربه ما شاء من عهد و ميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة. فإذا بلغ بابها، انفقهت له، فرأى زهرتها، و ما فيها من النضرة و السرور. فيسكت ما شاء اللّه أن يسكت، ثم يقول: يا رب أدخلني الجنة. فيقول: يا ابن آدم ما أغدرك! ! أو ليس قد أعطيت العهود و المواثيق ألا تسأل غير الذي أعطيت؟ فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك. فيضحك اللّه (تبارك و تعالى) منه، ثم يأذن له في دخول الجنة. فيقول له: تمن. فيتمنى حتى إذا انقطع به، قال اللّه (تبارك و تعالى) : من كذا و كذا فسل. يذكره ربه، حتى إذا انتهت به الأماني، قال اللّه (تبارك و تعالى) : لك ذلك و مثله معه (1).
قال أبو سعيد الخدري لأبي هريرة: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد قال: لك ذلك و عشرة أمثاله.
قال أبو هريرة: لم أحفظ من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلا قوله: لك ذلك و مثله معه.
قال أبو سعيد: أشهد أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «ذلك و عشرة أمثاله» . فهذا حديث قد رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان دون ذكر الصورة. ثم أخرجه من حديث معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد.
و فيه ذكر الصورة، و أخرجه أيضا من حديث إبراهيم بن سعد، عن الزهري. و رواه مسلم بن الحجاج، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الدارمي، عن أبي اليمان نحو حديث إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد. و فيه ذكر الصورة. و أخرجاه من حديث عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، إلا أن في حديثه «في أدنى صورة من التي رأوه فيها» (2). و قد تكلما.
ص: 434
الشيخ أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه في تفسير هذا الحديث و تأويله بما فيه الكفاية، فقال: قوله: «هل تمارون» من المرية و هي الشك في الشيء و الاختلاف فيه. و أصله «تتمارون» فأسقط إحدى التاءين.
و أما قوله: «فيأتيهم اللّه» إلى تمام الفصل، فإن هذا موضع يحتاج الكلام فيه إلى تأويل و تخريج. و ليس ذلك من أجل أننا ننكر رؤية اللّه (سبحانه) ، بل نثبتها. و لا من أجل أنّا ندفع ما جاء في الكتاب، و في أخبار رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من ذلك المجيء و الإتيان، غير أنّا لا نكيف ذلك و لا جعله حركة و انتقالا كمجيء الأشخاص و إتيانها، فإن غير ذلك من نعوت الحدث، و تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. و يجب أن تعلم أن الرؤية التي هي ثواب للأولياء و كرامة لهم في الجنة غير هذه الرؤية المذكورة في مقامهم يوم القيامة.
و احتج بحديث صهيب في الرؤية بعد دخولهم الجنة. و إنما تعريضهم لهذه الرؤية امتحان من اللّه (عز و جل) لهم يقع بها التميز بين من عبد اللّه و بين من عبد الشمس و القمر و الطواغيت. فيتبع كل من الفريقين معبوده. و ليس ننكر أن يكون الامتحان، إذ ذاك يعد قائما، و حكمه على الخلق جاريا حتى يفرغ من الحساب، و يقع الجزاء بما يستحقونه من الثواب و العقاب. ثم ينقطع إذا حقت الحقائق و استقرت أمور العباد قرارها. ألا ترى قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى اَلسُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ (1).
فامتحنوا هناك بالسجود. و جاء في الحديث أن المؤمنين يسجدون، و تبقى ظهور المنافقين طبقا واحدا.
قال: و تخريج معنى إتيان اللّه في هذا إياهم أنه يشهدهم رؤيته ليثبتوه، فتكون معرفتهم له في الآخرة عيانا، كما كان اعترافهم برؤيته في الدنيا علما و استدلالا. و يكون طروء الرؤية بعد أن لم يكن بمنزلة إتيان الآتي من حيث لم يكونوا شاهدون فيه.
قيل: و يشبه أن يكون-و اللّه أعلم-إنما حجبهم عن تحقيق الرؤية في2.
ص: 435
الكرة الأولى حتى قالوا: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا من أجل من معهم من المنافقين الذين لا يستحقون الرؤية، و هم عن ربهم محجوبون. فلما تميزوا عنهم، ارتفع الحجاب فقالوا عند ما رأوه: أنت ربنا. و قد يحتمل أن يكون ذلك قول المنافقين دون المؤمنين.
قال: و أما ذكر الصورة في هذه القصة، فإني الذي يجب علينا و على كل مسلم أن يعلمه أن ربنا ليس بذي صورة و لا هيئة. فإن الصورة تقتضي الكيفية، و هي عن اللّه و عن صفاته منفية. و قد يتأول معناها على وجهين: -
أحدهما: أن تكون الصورة بمعنى الصفة، كقول القائل: «صورة هذا الأمر كذا و كذا» ، يريد صفته، فتوضع الصورة موضع الصفة.
و الوجه الآخر: أن المذكور من المعبودات في أول الحديث إنما هي صور و أجسام كالشمس و القمر و الطواغيت و نحوهما. ثم لما عطف عليها ذكر اللّه (سبحانه) خرج الكلام فيه على وضع من المطابقة، فقيل: يأتيهم اللّه في صورة كذا، إذا كانت المذكورات قبله صورا و أجساما. و قد يحمل آخر الكلام على أوله في اللفظ و يعطف بأحد الاسمين على الآخر. و المعنيان متباينان و هو كثير في كلامهم، كالعمرين و الأسودين و العصرين. و مثله في الكلام كثير. و مما يؤكد التأويل الأول-و هو «أن معنى الصورة الصفة» -قوله من رواية عطاء بن يسار عن أبي سعيد: «فيأتيهم اللّه في أدنى صورة من التي رأوه فيها، و هم لم يكونوا رأوه قط قبل ذلك» ، فعلمت أن المعنى في ذلك الصفة التي عرفوه بها. و قد تكون الرؤية بمعنى العلم، كقوله: وَ أَرِنا مَناسِكَنا (1).
أي علمنا.
قال أبو سليمان: و من الواجب في هذا الباب أن نعلم أن مثل هذه الألفاظ التي تستشنعها النفوس إنما خرجت على سعة مجال كلام العرب و مصارف لغاتها، و أن مذهب كثير من الصحابة و أكثر الرواة من أهل النقل8.
ص: 436
الاجتهاد في أداء المعنى دون مراعاة أعيان الألفاظ، و كل منهم يرويه على حسب معرفته و مقدار فهمه و عادة البيان من لغته. و على أهل العلم أن يلزموا أحسن الظن بهم، و أن يحسنوا التأني لمعرفة معاني ما رووه. و أن ينزلوا كل شيء منه منزلة مثله فيما تقتضيه أحكام الدين و معانيها. على أنك لا تجد بحمد اللّه و منّه شيئا صحت به الرواية عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلا و له تأويل يحتمله وجه الكلام، و معنى لا يستحيل في عقل أو معرفة.
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا إبراهيم ابن عبد اللّه، نا أبو الوليد و سليمان بن حرب، قالا: حدثنا شعبة، حدثني عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا البختري يحدث عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، و كرم وجهه أنه قال: إذا حدثتم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حديثا فظنوا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أهيأه و أهداه.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو الحسن المصري، نا عبد اللّه بن محمد بن أبي مريم، نا نعيم بن حماد، نا سفيان بن عيينة، سمع مسعر بن كدام، عن عمرو بن مرة، عن عبد اللّه بن سلمة، عن علي و محمد بن عجلان، عن عون بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن مسعود أنهما قالا: إذا حدثتم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فظنوا به الذي هو أهيأ و أهدى و أتقى.
قال الشيخ: و أما الضحك المذكور في الخبر فقد روى الفربري، عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه اللّه أنه قال: معنى الضحك فيه الرحمة.
و نحن نبسط الكلام فيه إن شاء اللّه عند ذكر صفات الفعل. و أما الصورة المذكورة فيما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد، محمد بن موسى، قالا: نا أبو العباس، محمد بن يعقوب، أنا العباس بن الوليد بن مزيد البيروتي، أخبرني أبي، نا ابن جابر، قال و نا الأوزاعي أيضا. نا خالد بن اللجلاج، قال: سمعت عبد الرحمن بن عائش الحضرمي يقول: صلى بنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ذات غداة فقال له قائل: ما رأيتك أصفر وجها منك الغداة. فقال: ما لي و قد تبدى لي ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قال: قلت: أنت أعلم أي رب.
ص: 437
قال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قلت: أنت أعلم أي رب.
فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثدييّ، فعلمت ما في السماء و الأرض، و تلا هذه الآية: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ اَلْمُوقِنِينَ (1).
قال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد (2)؟
قلت: في الكفارات رب.
قال: و ما هن؟ قلت: المشي على الأقدام إلى الجماعات، و الجلوس في المساجد خلاف الصلوات، و إبلاغ الوضوء ما أمكنه في المكاره.
قال: من يفعل يعش بخير و يمت بخير، و يكن من خطيئته كيوم ولدته أمه. و من الدرجات إطعام الطعام، و بذل السلام، و أن تقوم بالليل و الناس نيام، سل تعطه.
قلت: «اللهم إني أسألك الطيبات، و ترك المنكرات، و حب المساكين، و أن تتوب علي، و إذا أردت فتنة بقوم فتوفني غير مفتون» . فتعلموهن، فوالذي نفسي بيده إنهن لحق (3).ه.
ص: 438
فهذا حديث مختلف في إسناده، فروى هكذا، و رواه زهير بن محمد، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن خالد بن اللجلاج، عن عبد الرحمن بن عائش، عن رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و رواه جهضم بن عبد اللّه، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن عبد الرحمن ابن عائش الحضرمي، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم. و رواه موسى بن خلف العمي، عن يحيى، عن زيد، عن جده ممطور، و هو أبو سلام، عن ابن السكسكي، عن مالك بن يخامر. و قيل فيه غير ذلك. و رواه أيوب عن أبي قلابة عن ابن عباس، و قال فيه أحسبه يعني المنام. و رواه قتادة يعني عن أبي قلابة، عن خالد بن اللجلاج، عن ابن عباس.
أخبرنا أبو بكر، محمد بن إبراهيم الفارسي، أنا أبو إسحاق، إبراهيم ابن عبد اللّه الأصبهاني، نا أبو أحمد، محمد بن سليمان بن فارس، نا محمد ابن إسماعيل البخاري، قال: عبد الرحمن بن عائش الحضرمي له حديث واحد إلا أنهم يضطربون فيه، و هو حديث الرؤية.
قال الشيخ: و قد روي من وجه آخر، و كلها ضعيف. و أحسن طريق فيه رواية جهضم بن عبد اللّه، ثم رواية موسى بن خلف، و فيهما ما دل على أن ذلك كان في النوم. ثم تأويله عند أهل النظر على وجهين: -
أحدهما: أن يكون معناه: و أنا في أحسن صورة. كأنه زاده كمالا و حسنا و جمالا عند رؤيته. و إنما التغير وقع بعده لشدة الوحي و ثقله.
و الثاني: أنه بمعنى الصفة، و معناه أنه تلقاه بالإكرام و الإجمال، فوصفه بالجمال. و قد يقال في صفات اللّه (تعالى) إنه جميل، و معناه أنه مجمل في أفعاله. و أما قوله: «فوضع كفه بين كتفي» فكذا في روايتنا. و في رواية بعضهم يده. و تأويله عند أهل النظر إكرام اللّه إياه و إنعامه عليه، حتى وجد برد النعمة-يعني روحها-و أثرها في قلبه، فعلم ما في السماء و الأرض. و قد يكون المراد باليد الصفة، و يكون المراد بالوضع تعلق تلك الصفة بما وجد من
ص: 439
زيادة العلم، كتعلق اليد التي هي صفة لخلق آدم عليه السلام تعلق الصفة بمقتضاها لا على معنى المباشرة. و إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (1).
لا تجوز عليه و لا على صفاته التي هي من صفات ذاته مماسة أو مباشرة، تعالى اللّه (عز اسمه) عن شبه المخلوقين علوا كبيرا.
و في ثبوت هذا الحديث نظر. و اللّه أعلم.2.
ص: 440
الأسماء و الصّفات للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي المتوفّى سنة 458 ه رحمه اللّه تعالى
الجزء الثالث حقّق نصوصه و خرّج أحاديثه الدّكتور عبد الرّحمن عميرة
دار الجيل بيروت
ص: 441
ص: 442
ما جاء في إثبات الوجه صفة لا من حيث الصورة
لورود خبر الصادق به
قال اللّه (عز و جل) : وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (1).
و قال: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ (2).
و قال: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اَللّهِ (3).
و قال: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اَللّهِ (4).
و قال: وَ اَلَّذِينَ صَبَرُوا اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ (5).
و قال: إِلاَّ اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ اَلْأَعْلى (6).
و قال: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ (7).
أخبرنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو سعيد الأعرابي، نا سعدان بن نصر، نا سفيان عن عمرو، سمع جابر بن عبد اللّه يقول: لما
ص: 443
نزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قُلْ هُوَ اَلْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ (1).
قال: أعوذ بوجهك. أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ (2)،
قال: أعوذ بوجهك. أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (3).
قال: هاتان أهون و أيسر.
رواه البخاري في الصحيح، عن علي، عن سفيان بن عيينة (4).
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن الحسين بن داود العلوي أنا عبد اللّه بن محمد بن الحسن بن الشرقي، نا محمد بن يحيى، نا عبد الرحمن بن مهدي، نا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد اللّه، قال: لما نزلت:
قُلْ هُوَ اَلْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ (5) ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أعوذ بوجهك.
أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ (6) ، قال: أعوذ بوجهك. أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ (7). قال: هذا أهون. أو: هذا أيسر.
رواه البخاري في الصحيح، عن أبي النعمان و قتيبة، عن حماد بن زيد (8).ث.
ص: 444
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق الأسفراييني، نا يوسف بن يعقوب القاضي، نا نصر بن علي، نا عبد العزيز بن عبد الصمد، نا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: جنتان من فضة، آنيتهما و ما فيهما.
و جنتان من ذهب، آنيتهما و ما فيهما. و ما بين القوم و بين أن ينظروا إلى ربهم (عز و جل) إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن. رواه مسلم في الصحيح، عن نصر بن علي الجهضمي.
و أخرجه البخاري، عن علي بن المديني و غيره، عن عبد العزيز بن عبد الصمد (1).
قال الشيخ: قوله: «رداء الكبرياء» يريد به صفة الكبرياء، فهو بكبريائه و عظمته لا يريد أن يراه أحد من خلقه بعد رؤية يوم القيامة، حتى يأذن لهم بدخول جنة عدن. فإذا دخولها، أراد أن يروه، فيروه، و هم في جنة عدن.
و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد الرزاز ببغداد، أنا أبو بكر، محمد بن عبد اللّه الشافعي، نا إبراهيم بن الهيثم، نا القعنبي. نا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك، قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: قد حرم اللّه على النار أن تأكل من قال: «لا إله إلا اللّه» يبتغي به وجه اللّه.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
حدثنا أبو بكر، محمد بن الحسن بن فورك (2)رحمه اللّه أنا عبد اللّه بنن-
ص: 445
جعفر، نا يونس بن حبيب، نا أبو داود، نا إبراهيم بن سعد، و عبد العزيز ابن أبي سلمة و غيرهما، عن الزهري، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال:
مرضت مرضا شديدا أشفيت منه، فدخل عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقلت: يا رسول اللّه، أخلف دون هجرتي؟ قال: «إنك لن تخلف بعدي، فتعمل عملا تبتغي به وجه اللّه، إلا ازددت به رفعة و درجة. و لعلك إن تخلف حتى ينتفع بك قوم و يضربك آخرون. اللهم امض لأصحابي هجرتهم و لا تروهم على أعقابهم» . لكن البائس، سعد بن خولة كان يرثي له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أن مات بمكة.
رواه البخاري في الصحيح، عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم و عبد العزيز. و رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن إبراهيم (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، نا محمد ابن إسحاق الصاغاني، نا حسن بن موسى الأشيب، نا حماد، عن عثمان البتي، عن نعيم بن أبي هند، عن حذيفة، قال: أسندت النبي صلى اللّه عليه و سلم إلى صدري فقال: من قال: «لا إله إلا اللّه» ابتغاء وجه اللّه، ختم له بها، دخل الجنة. و من صلى صلاة ابتغاء وجه اللّه، ختم له بها، دخل الجنة. و من .
ص: 446
صام يوما ابتغاء وجه اللّه، ختم له بها، دخل الجنة. و من تصدق بصدقة ابتغاء وجه اللّه، ختم له بها، دخل الجنة.
و قد قيل عن نعيم، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة حدثنا أبو القاسم، عبد الرحمن بن محمد السراج، أنا أبو محمد، يحيى بن منصور القاضي، نا محمد بن أيوب بن يحيى، أنا أبو عمر الحوضي، نا الحسن بن أبي جعفر، نا محمد بن جحادة، عن نعيم بن أبي هند، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: يا حذيفة، من ختم له بشهادة أن لا إله إلا اللّه صادقا، دخل الجنة. يا حذيفة، من ختم له بصوم يبتغي به وجه اللّه، دخل الجنة، يا حذيفة من ختم له عند الموت بإطعام مسكين يبتغي به وجه اللّه، دخل الجنة.
قال: و الأخبار في مثل هذا كثيرة. و في بعض ما ذكرنا كفاية. و باللّه التوفيق.
حدثنا أبو محمد، عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني-إملاء-أنا أبو بكر، محمد بن الحسين القطان، نا علي بن الحسن الهلالي. نا عبيد اللّه بن موسى، أنا إسرائيل، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص، قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و نحن ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك. و لا يجترءون علينا. و كنت أنا و عبد اللّه بن مسعود، أظنه قال: و بلال و رجل من هذيل، و رجلان قد نسيت اسمهما-فوقع في نفس النبي صلى اللّه عليه و سلم ما شاء اللّه و حدث به نفسه، فأنزل اللّه (عز و جل) : وَ لا تَطْرُدِ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ. . . (1)الآية.
وَ كَذلِكَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنَّ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا. . . (2) الآية.3.
ص: 447
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث إسرائيل، إلا أنه قال: و رجلان نسيت اسميهما (1).
أخبرنا أبو الحسن، محمد بن الحسين العلوي، أنا أبو بكر، محمد بن أحمد بن دلويه الدقاق، حدثنا أحمد بن الأزهر بن منيع، حدثنا مروان بن محمد، حدثنا معاوية بن سلام، حدثني أخي زيد بن سلام أنه سمع جده أبو سلام يقول:
حدثني الحارث الأشعري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) أوحى إلى يحيى بن زكريا عليه السلام فقام، فحمد اللّه تعالى و أثنى عليه، ثم قال: إن اللّه تعالى أمركم بالصلاة، فإن العبد إذا قام يصلي استقبله اللّه تعالى بوجهه، فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد هو الذي يصرف وجهه عنه.
و روى في مثل هذا عن حذيفة بن اليمان و عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهم من قولهم.
أخبرنا أبو الحسن العلوي، أما أبو حامد، أحمد بن محمد بن يحيى بن بلاد البزاز، حدثنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، حدثني أبي، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن الأعمش بن أبي وائل أنه قال: كنا في بيت حذيفة بن اليمان رضي اللّه عنه فقام شبث بن ربعي، فصلى، فتفل بين يديه. قال: فقال له حذيفة رضي اللّه عنه: لا تتفل بين يديك، و لا عن يمينك، فإن عن يمينك كاتب الحسنات، فإن الرجل إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم قام فصلى، أقبل اللّه (تعالى) بوجهه يناجيه، فلا يصرفه عنه حتى ينصرف أو يحدث حدث سوء.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني حدثنا يحيى بن أبي بكير، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد ابن عبد اللّه بن أبي يعقوب، حدثني ابن أبي نعيم، عن عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما أنهه.
ص: 448
رأى رجلا يصلي يلتفت في صلاته، فقال ابن عمر رضي اللّه عنهما: إن اللّه (عز و جل) مقبل على عبده بوجهه ما أقبل إليه. فإذا التفت، انصرف عنه.
قلت: ليس في صفات ذات اللّه (عز و جل) إقبال و لا إعراض و لا صرف، و إنما ذلك في صفات فعله. و كأن الرحمة التي للوجه تعلق بها تعلق الصفة بمقتضاها، تأتيه من قبل وجه المصلي. فعبر عن إقبال تلك الرحمة، و صرفها بإقبال الوجه، و صرفه لتعلق الوجه الذي هو صفة بها. و اللّه أعلم.
و الذي يبين صحة هذا التأويل ما أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أخبرنا أبو حامد بن بلال، حدثنا يحيى بن الربيع المكي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي الأحوص، عن أبي ذر رضي اللّه عنه يبلغ به النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال:
إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه، فلا يمس الحصى (1).
قلت: و شائع في كلام الناس: الأمير مقبل على فلان. و هم يريدون به إقباله عليه بالإحسان. و معرض عن فلان، و هم يريدون به ترك إحسانه إليه، و صرف إنعامه عنه. و اللّه أعلم.
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أبو بكر بن العسكري، حدثنا محمد ابن الوليد بن إبان العقيلي بحلب. حدثنا عفان، حدثنا حماد بن زيد، أنبأنيه عطاء ابن السائب، عن أبيه، عن عمار بن ياسر رضي اللّه عنه، قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يقول في دعائه: و ارزقني لذة النظر إلى وجهك (2).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري أن الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا يحيى بن حبيب، حدثنا خالد بن الحارث، عن سعيد، عن قتادة، عن ابن أبي نهيك، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم. . . ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا2.
ص: 449
محمد بن إسحاق، حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا البرساني، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي سفيان، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: من استعاذ باللّه، فأعيذوه. و من سألكم بوجه اللّه، فأعطوه (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن عبد اللّه الصفار، حدثنا إبراهيم بن محمد بن خلف، المعروف بابن أبي حمزة، حدثني أحمد بن عمرو العصفري البصري، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، حدثني سليمان ابن معاذ التميمي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: لا ينبغي لأحد أن يسأل بوجه اللّه شيئا إلا الجنة.
أخرجه أبو داود في كتاب السنن عن أبي العباس العصفري (2).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس، هو الأصم، حدثنا الصاغاني، حدثنا حجاج بن محمد، قال:
قال ابن جريج: قال عطاء: بلغنا أنه يكره أن يسأل اللّه تعالى شيئا من الدنيا بوجهه.
قال: و قال ابن جريج: أخبرني ابن طاوس، عن أبيه أنه كان يكره أن يسأل الإنسان بوجه اللّه.
قال: و قال ابن جريج: عن عمرو بن دينار، قال: بلغنا ذلك. قال: و قال ابن جريج: أخبرني عبد الكريم بن مالك، قال: إن رجلا جاء إلى عمر بن عبد العزيز، فرفع إليه حاجته، ثم قال: أسألك بوجه اللّه تعالى. فقال عمرو رضي اللّه عنه:ه.
ص: 450
قد سألت بوجهه. فلم يسأل شيئا إلا أعطاه إياه. ثم قال عمر رضي اللّه عنه: ويحك ألا سألت بوجهه الجنة.
أخبرنا أو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو القاسم، عبد اللّه بن موسى بن رامك الشيباني النيسابوري-من أصل كتابه-حدثنا أبو جعفر، أحمد بن علي الخزاز، حدثنا داود بن مهران الدباغ. حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت رجلا من أهل الشام يقال له العباس، يحدث عن ابن مسعود رضي اللّه عنه يخبر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: لما كان ليلة الجن، أقبل عفريت من الجن في يده شعلة من النار، فجعل النبي صلى اللّه عليه و سلم يقرأ القرآن، فلا يزداد إلا قربا. فقال له جبريل عليه الصلاة و السلام: ألا أعلمك كلمات تقولهن ينكب منها لفيه و تطفأ شعلته، قل: أعوذ بوجه اللّه الكريم و بكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما ينزل من السماء. و من شر ما يعرج فيها، و من شر ما ذرأ في الأرض، و من شر ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار، و من شر طوارق الليل، و من شر كل طارق إلا طارق يطرق بخير يا رحمن. فقالها، فانكب لفيه، و طفئت شعلته. أخرجه مالك بن أنس في الموطأ عن يحيى بن سعيد، إلا أنّه أرسله (1).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه الصفار، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني يعقوب بن عبيد، أنا هشام بن عمار، حدثنا حماد-يعني ابن عبد الرحمن الكلبي-حدثنا أبو إسحاق الهمذاني، عن أبيه، قال: كتب لي علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: أمرني به رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إذا أخذت مضجعك، فقل: أعوذ بوجهك الكريم و كلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت تكشف المغرم و المأثم، اللهم لا يهزم جندك و لا يخلف وعدك، و لا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك و بحمدك.
و قد روينا هذا في باب الكلام من حديث عمار بن رزيق، عن أبيه.
ص: 451
إسحاق، عن الحارث و أبي ميسرة، عن علي رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و هو إسناد صحيح. و أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل من الثقات، و من دونه كلهم ثقات.
و كأن أبا إسحاق سمعه منهما و من أبيه إن كان حماد بن عبد الرحمن حفظه.
و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي من أصله و أبو بكر، محمد بن محمد بن أحمد بن رجاء، قالا: حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا إبراهيم بن بكر المروزي، حدثنا قبيصة بن عقبة أبو عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن صهيب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في قوله (عز و جل) : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا اَلْحُسْنى وَ زِيادَةٌ (1).
قال: النظر إلى وجه ربنا (عز و جل) .
أخبرنا أبو علي، الحسين بن محمد الروذباري، أنا الحسين بن الحسن ابن أيوب الطوسي، حدثنا أبو خالد، يزيد بن محمد العقيلي بمكة، حدثنا عبد اللّه بن رجاء، أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد، عن أبي بكر، يعني الصديق رضي اللّه عنه، و عن مسلم، عن حذيفة رضي اللّه عنه في قول اللّه (عز و جل) : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا اَلْحُسْنى وَ زِيادَةٌ .
قالا: النظر إلى وجه ربهم. قلت: الآثار في معنى هذا عن الصحابة و التابعين رضي اللّه عنهم أجمعين كثيرة. و هي في باب الرؤية مذكورة بإذن اللّه عز و جل.
أخبرنا أبو محمد، الحسن بن علي المؤمل، حدثنا أبو عثمان، عمرو بن عبد اللّه البصري، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أنا جعفر بن عون، أنا عبد الرحمن بن عبد اللّه، هو المسعودي، عن عبد اللّه بن المخارق، عن المخارق بن سليم، قال: قال عبد اللّه، هو ابن مسعود رضي اللّه عنه: إذا حدثناكم بحديث، أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب اللّه (عز و جل) : إن العبد المسلم إذا قال:6.
ص: 452
«الحمد للّه و سبحان اللّه، و لا إله إلا و اللّه، و اللّه أكبر، و تبارك اللّه» أخذها ملك فجعلها تحت جناحه، ثم صعد بها فلا يمر بها على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن، حتى يجيء بها وجه الرحمن. قال: ثم قرأ عبد اللّه: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ (1).
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، أننا عثمان ابن عمر الضبي، حدثنا ابن كثير، حدثنا سفيان بن سعيد، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن خباب رضي اللّه عنه، قال: هاجرنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و نحن نبتغي وجه اللّه تعالى، فوجب أجرنا على اللّه (عز و جل) ، فمنا من ذهب لم يأكل من أجره شيئا، كان منهم مصعب بن عمير رضي اللّه عنه قتل يوم أحد، و لم يكن له إلا نمرة (2)كنا إذا غطينا بها رأسه، خرجت رجلاه، و إذا غطينا رجله، خرجت رأسه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: غطوا بها رأسه و اجعلوا على رجليه من الإذخر. و منا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها (3). رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن كثير. و أخرجه مسلم من أوجه أخر عن الأعمش (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا محمد ابن عبد اللّه بن المنادى، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، عن الأعمش ح.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو عمرو بن أبي جعفر، حدثنا عبد اللّه ابن محمد، حدثنا بشر بن خالد، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سليمان، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنه كان يضرب غلاما له فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم: أما و اللّه للّه أقدر عليك منك عليه. فقال: يا نبي اللّه، فإني أعتقته لوجه اللّه. و في رواية وهب، قال: فاني أعتقه لوجه اللّه. رواه مسلم في الصحيح عن بشر بن خالد. و أخرجه أيضا من حديثه.
ص: 453
أبي معاوية، عن سليمان الأعمش. و فيه: فقلت: يا رسول اللّه، هو حر لوجه اللّه (1).
و أما قوله، (عز و جل) : وَ لِلّهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّهِ (2).
فقد حكى المزني، عن الشافعي رضي اللّه عنه أنه قال في هذه الآية، يعني و اللّه أعلم: فثم الوجه الذي وجهكم اللّه إليه.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو بكر القاضي، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا أبو أسامة، عن النضر، عن مجاهد في قوله (عز و جل) : فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّهِ ، قال:
قبلة اللّه. فأينما كنت في شرق أو غرب فلا توجهن إلا إليها. و أما نور الوجه، فقد احتج بعضهم في ذلك بما أخبر الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن ابن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة و المسعودي، عن عمرو بن مرة أنه سمع أبا عبيدة يحدث عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) لا ينام و لا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط و يرفعه، يرفع إليه عمل الليل بالنهار، و عمل النهار بالليل. زاد المسعودي: و حجابه النور، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره. ثم قرأ أبو عبيدة: بُورِكَ مَنْ فِي اَلنّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اَللّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (3).
أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن شعبة. و أخرجه بطوله من8.
ص: 454
حديث الأعمش، عن عمرو بن مرة دون قراءة أبي عبيدة (1).
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، أنا أبو الحسن الكازروني، أنا علي بن عبد العزيز، قال: قال أبو عبيد في هذا الحديث يقال للسبحة إنها جلال وجهه و نوره. و منه قيل: سبحان اللّه، إنما هو تعظيم له و تنزيه. قلت: إذا كان قوله «سبحات» من التسبيح و التسبيح تنزيه اللّه تعالى عن كل سوء، فليس فيه إثبات النور للوجه، و إنما فيه أنه لو كشف الحجاب الذي على أعين الناس و لم يثبتهم لرؤيته، لاحترقوا و اللّه أعلم.
و فيه عبارة أخرى، و هي أنه لو كشف عنهم الحجاب، لأفنى جلاله و هيبته و قهره ما أدركه بصره. يعني كل ما أوجده من العرش إلى الثرى، فلا نهاية لبصره.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل-ببغداد-أنا دعلج بن أحمد بن دعلج، حدثنا أبو عبد اللّه البوشنجي، عن سليمان بن عبد الرحمن، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح و عكرمة-مولى ابن عباس- عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه بينما هو جالس عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذ جاءه علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه فقال: بأبي أنت و أمي يا رسول اللّه، تفلت هذا القرآن من صدري، فذكر الحديث بطوله، و ذكر فيما علمه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في دعاء حفظ القرآن: أسألك يا اللّه يا رحمن بجلالك، و نور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني و ارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني.
اللهم بديع السموات و الأرض ذا الجلال و الإكرام، و العزة التي لا ترام أسألك يا اللّه يا رحمن بجلالك و نور وجهك أن تنور بكتابك بصري، و أن تطلق به لساني، و أن تفرج به عن قلبي و أن تشرح به صدري، و أن تستعمل به بدني، فإنه لا يعينني على الحق غيرك، و لا يؤتيه إلا أنت، و لا قوة إلا باللّه العلي .
ص: 455
العظيم. و ذكر الحديث. و هذا حديث تفرد به أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي بهذا اللفظ. فإن كان محفوظا فيه، فإنهم كانوا يقولون ذلك، و يريدون به نفي النقص عنه لا غير. ثم قد حكى أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه عن ابن الأنباري عن ثعلب في قول اللّه (عز و جل) : اَللّهُ نُورُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (1)يعني أنه حق أهل السموات و الأرض. و هذا نظير قول العرب إذا سمعوا قول القائل حقا كلامك هذا عليه نور. أي هو حق. فيحتمل أن يكون قوله إن كان ثابتا أسألك بجلالك و نور وجهك. أي و حق وجهك. و الحق هو المتحقق كونه و وجوده.
و كان الأستاذ أبو إسحاق (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم) يقول في معنى النور: إنه الذي لا يخفى على أوليائه بالدليل. و يصح رؤيته بالأبصار، و يظهر لكل ذي لب بالعقل، فيكون قوله: أسألك بجلالك و نور وجهك راجعا في النور إلى أحد هذه المعاني. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس (هو الأصم) حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا الزبير أبو عبد السلام، عن أيوب بن عبد اللّه بن محرز، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: إن ربكم ليس عنده ليل و لا نهار. و نور السموات و الأرض من نور وجهه. هذا موقوف و راويه غير معروف.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو عبد اللّه (محمد بن يعقوب) حدثنا بن عبد اللّه، أنا جعفر بن عون، أنا مسدد، عن عمرو بن مرة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: علمني كلمات أقولهن عند المساء، قال: قل: أعوذ بوجهك الكريم، و باسمك العظيم و بكلماتك التامة من شر السامة و العامة، و من شر ما خلقت أي رب، و من شر ما أنت آخذ بناصيته، و من شر هذه الليلة، و من شر ما بعدها، و شر الدنيا و أهلها.
أخبرنا أبو أحمد (عبد اللّه بن محمد بن الحسن المهرجاني العدل) أنا أبو5.
ص: 456
بكر، محمد بن جعفر المزكي، حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا ابن بكير، حدثنا مالك، عن سمى (مولى أبي بكر بن عبد الرحمن) عن القعقاع بن حكيم، قال: إن كعب الأحبار قال: لو لا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا.
فقيل له: ما هي؟ فقال: أعوذ بوجه اللّه العظيم الذي ليس كمثله شيء أعظم منه، و بكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر، و بأسماء اللّه الحسنى كلها ما علمت منها و ما لم أعلم من شر ما خلق و ذرأ و برأ.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا محمد ابن إسحاق الصاغاني، حدثنا شريح بن يونس، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن حميد بن هلال، قال: قال رجل: رحم اللّه رجلا أتى على هذه الآية: وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ (1).
فيسأل اللّه تبارك و تعالى بذاك الوجه الباقي الجميل. قلت: الجميل في أسماء اللّه تعالى قد ذكرناه. و هو عند أهل النظر بمعنى المجمل المحسن.
قال أبو سليمان: و قد يكون الجميل معناه ذو النور. قلت: ثم يكون ذلك أيضا من صفات الفعل. قال اللّه (عز و جل) : وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اَللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (2). و قال تعالى: يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ (3).
و قد يجوز أن يستعمل النور في صفات الذات بمعنى أنه لا يخفى على أوليائه بالدليل. و هذا أشبه بمعنى الجميل في هذا الموضع. و اللّه أعلم.6.
ص: 457
ما جاء في إثبات العين
صفة لا من حيث الحدقة. قال اللّه (عز و جل) : وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (1).
و قال تعالى: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا (2).
تبارك و تعالى. و قال: وَ اِصْنَعِ اَلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا (3).
و قال تبارك و تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا . (4).
أخبرنا أبو نصر (عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة) ، أنا أبو الحسن، علي بن الفضل بن محمد بن عقيل، حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن أسماء، حدثنا عمر (جويرية بن أسماء) عن نافع، قال:
إن عبد اللّه بن عمر أخبره أن المسيخ ذكر بين ظهراني الناس، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه ليس بأعور، إلا أن المسيخ الدجال أعور عين اليمنى، كأن عينه عتبة طافية. رواه البخاري في الصحيح، عن موسى بن إسماعيل، عن جويرية. و قال في متنه: فقال: إن اللّه لا يخفى عليكم، إن اللّه ليس بأعور.
و أشار بيده إلى عينه (5).
ص: 458
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، نا العباس بن الفضل الأسفاطي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال: سمعت أنسا رضي اللّه عنه يحدث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «ما بعث نبي إلا و قد أنذر أمته الأعور الكذاب. ألا إنه أعور و إن ربكم ليس بأعور و بين عينيه مكتوب كافر» (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر (أحمد بن سليمان النجاد) ، حدثنا جعفر ابن أبي عثمان الطيالسي، حدثنا أبو عمر الحوضي، حدثنا شعبة عن قتادة، عن أنس رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: ما بعث نبي إلا قد أنذر الدجال. ألا و إنه أعور. و إن ربكم ليس بأعور. و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، فذكره، و زاد: و إن بين عينيه مكتوب: ك ا ف ر. رواه البخاري في الصحيح عن أبي عمر. و رواه مسلم عن محمد بن المثنى (2).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس (محمد بن يعقوب) أنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: وَ اِصْنَعِ اَلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا (3).
قال: بعين اللّه تبارك و تعالى.
قلت: و من أصحابنا من حمل العين المذكورة في الكتاب على الرؤية، و قال: قوله: وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (4)معناه: بمرأى مني.
و قوله: وَ اِصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا (5)أي بمرأى منا.8.
ص: 459
و كذلك قوله: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا (1).
و قد يكون ذلك من صفات الذات، و تكون صفة واحدة، و الجمع فيها على معنى التعظيم، كقوله: ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اَللّهِ (2)و منهم من حملها على الحفظ و الكلاءة، و زعم أنها من صفات الفعل. و الجمع فيها شائع. و اللّه أعلم.
و من قال بأحد هذين، زعم أن المراد بالخبر نفى نقص العور عن اللّه سبحانه و تعالى، و أنّه لا يجوز عليه ما يجوز على المخلوقين من الآفات و النقائص. و الذي يدل عليه ظاهر الكتاب و السنة من إثبات العين له صفة لا من حيث الحدقة أولى. و باللّه التوفيق.
و أخبرنا أبو عبد الرحمن (محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبوب الدهان) حدثنا أبو العباس، أحمد بن هارون الفقيه، حدثنا أبو يحيى (زكريا بن يحيى البزاز) ، حدثنا أبو عبد اللّه (محمد بن الموفق) ، حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: ما وصف اللّه تبارك و تعالى بنفسه في كتابه، فقراءته تفسيره ليس لأحد أن يفسره بالعربية و لا بالفارسية.7.
ص: 460
ما جاء في إثبات اليدين
صفتين لا من حيث الجارحة لورود الخبر الصادق به. قال اللّه (عز و جل) : يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (1).
و قال تعالى: وَ قالَتِ اَلْيَهُودُ يَدُ اَللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ (2).
أخبرنا أبو محمد (عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني) ، أنا أبو سعيد بن الاعرابي، حدثنا الحسن بن محمد الصباح الزعفراني، حدثنا روح بن عبادة، حدثنا هشام بن أبي عبد اللّه، عن قتادة، عن أنس رضي اللّه عنه قال: إن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «يجمع المؤمنون يوم القيامة فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو الناس، خلقك اللّه بيده، و أسجد لك ملائكته، و علمك أسماء كل شيء، اشفع لنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا. . .» و ذكر الحديث بطوله. أخرجه البخاري و مسلم في الصحيح من حديث هشام الدستوائي (3).
ص: 461
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه السعدي، أنا محمد بن عبيد الطنافسي، حدثنا أبو حيان التيمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: أتي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يوما بلحم، فدفع إليه الذراع-و كانت تعجبه-فنهس منها نهسة، ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، و هل تدرون لم ذاك؟ قال: فذكر حديث الشفاعة و فيه: «فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك اللّه تعالى بيده، و نفخ فيك من روحه-أظنه قال: -و علمك أسماء كل شيء، اشفع لنا إلى ربك» . رواه البخاري في الصحيح، عن إسحاق بن نصر، عن محمد بن عبيد. و أخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي حيان (1).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، حدثنا أحمد بن الأحجم، حدثنا النضر بن شميل، أنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: احتج آدم و موسى، فقال موسى: أنت الذي خلقك اللّه بيده، و نفخ فيك من روحه، و أمر الملائكة فسجدوا لك، و أسكنك الجنة، ثم أخرجتنا منها. فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك اللّه برسالاته، و قربك نجيا، و كلمك تكليما، و أنزل عليك التوراة، فبكم تجد في التوراة أنه كتب عليّ العمل الذي عملته قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين سنة. قال آدم: كيف تلومني على عمل كتبه اللّه عليّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة! قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
فحج آدم موسى (2).
و كذلك رواه يزيد بن هرمز، و عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ذكرا فيه قول موسى لآدم عليهما السلام: «أنت الذي خلقك اللّه بيده» . و من ذلك .
ص: 462
الوجه أخرجه مسلم في الصحيح، و قد مضى ذكره. و ذكره أيضا أبو صالح عن أبي هريرة و أبي سعيد رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، عن طاوس، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: احتج آدم و موسى عليهما السلام فقال موسى لآدم: يا آدم أنت أبونا، خيبتنا و أخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى، اصطفاك اللّه بكلامه، و خط لك في الألواح بيده، أ تلومني على أمر قضاه اللّه عليّ قبل أن يخلقني بأربعين عاما! فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى.
قال: و حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مثله. رواه البخاري في الصحيح، عن علي بن عبد اللّه، عن سفيان. و رواه مسلم عن عمرو الناقد عن سفيان بالإسناد الأول، و عن ابن أبي عمر، عن سفيان بالإسناد الثاني، قال ابن أبي عمر في الإسناد الثاني:
«و كتب لك التوراة بيده» . و ليس بين هذين الإسنادين و بين ما مضى اختلاف، إلا أن هذين الإسنادين حفظ فيهما كتابة التوراة بيده، و لم يحفظ ذلك في الحديث الأول، و حفظ في الحديث الأول قول موسى لآدم: «خلقك اللّه بيده» و لم يحفظ في هذين و جميع ذلك ثابت عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، حدثنا أبو زرعة، عبيد اللّه بن عبد الكريم الرازي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد ربه بن صالح القرشي، حدثنا عروة بن رويم، عن الأنصاري، قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: لما خلق اللّه تعالى آدم و ذريته، قالت الملائكة: يا رب خلقتهم يأكلون و يشربون و ينكحون و يركبون، فاجعل لهم الدنيا و لنا الآخرة، فقال اللّه تبارك و تعالى: لا أجعل من خلقته بيدي، و نفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فيكون (1).
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا جنيد بن حكيم، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا عبد ربه بن صالح، قال: سمعت عروة بن رويمم.
ص: 463
اللخمي يحدث عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: . . . .
فذكر نحوه، إلا أنه قال: و يركبون الخيل. و لم يذكر قوله: و نفخت فيه من روحي.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن محمد الصيدلاني، و إبراهيم بن أبي طالب، قالا: حدثنا بشر بن الحكم، حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا مطرف، و ابن أبجر أنهما سمعا الشعبي يقول: سمعت المغيرة بن شعبة يخبر الناس على المنبر، قال سفيان: رفعه أحدهما. أراه قال: ابن أبجر. قال: سأل موسى ربه (عز و جل) : ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال؛ هو رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي ربي، و كيف أدخل و قد نزل الناس منازلهم و قد أخذوا أخاذاتهم! فيقال له: أ ترضى أن يكون لك مثل ما كان يكون لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب. فيقال: مثل هذا و مثله و مثله و مثله. . .
حتى عقد خمسا، فيقول: رضيت. فيقول: لك هذا و عشرة أمثالك، فيقول: رب رضيت. فيقال: لك هذا و ما اشتهت نفسك و لذت عينك.
قال: يا رب أخبرني بأعلاهم منزلة. قال: أولئك الذين أردت، و سوف أخبرك، غرست كرامتهم بيدي، و ختمت عليها، فلم تر عين، و لم تسمع أذن، و لم يخطر على قلب. و مصداقه في كتاب اللّه (عز و جل) : فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (1). رواه مسلم في الصحيح عن بشر بن الحكم (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عباس (محمد بن يعقوب) حدثنا العباسه.
ص: 464
ابن محمد الدوري، حدثنا علي بن عاصم، أنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم خلق اللّه تعالى (جنة عدن و غرس أشجارها بيده) ، فقال لها: تكلمي. فقالت: قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ (1).
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، حدثنا أبو بكر (محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى) حدثنا الفضل بن محمد الشعراني، حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أبي عن عون بن عبد اللّه بن الحارث الهاشمي-من بني نوفل-عن أخيه عبد اللّه ابن الحارث، عن أبيه رضي اللّه عنه قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) خلق ثلاثة أشياء بيده: خلق آدم بيده، و كتب التوراة بيده، و غرس الفردوس بيده. ثم قال: و عزتي لا يسكنها مدمن خمر و لا ديوث. فقالوا: يا رسول اللّه، قد عرفنا مدمن خمر، فما الديوث؟ قال صلى اللّه عليه و سلم: الذي ييسر لأهله السوء» (2). هذا هذا مرسل، و فيه إن ثبت دلالة على أن الكتب هاهنا بمعنى الخلق، و إنما أراد خلق رسوم التوراة، و هي حروفها. و أما المكتوب فهو كلام اللّه (عز و جل) صفة من صفات ذاته، غير بائن منه.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا محمد بن ربح السماك، حدثنا يزيد بن هارون، أنا سفيان بن سعيد، عن عبيد المكتب، عن مجاهد، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال: خلق اللّه (تبارك و تعالى) أربعة أشياء بيده: العرش، و جنات عدن، و آدم، و القلم. و احتجب من الخلق بأربعة:
بنار و ظلمة، و نور و ظلمة هذا موقوف. و الحجاب يرجع إلى الخلق لا إلى الخالق.
أخبرنا محمد بن محمد بن محمش الفقيه، أنا أبو حامد (أحمد بن محمد ابن يحيى البزاز) ، حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا صفوان بن عيسى عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «كتب ربكمم.
ص: 465
(تبارك و تعالى) على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي تسبق-أو قال:
سبقت-غضبي» (1).
قلت: و قد قال بعض أهل النظر في معنى اليد في غير هذه المواضع إنها قد تكون بمعنى القوة. قال اللّه عز و جل: وَ اُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا اَلْأَيْدِ (2).
أي: ذا القوة. و قد يكون بمعنى الملك و القدرة. قال اللّه (عز و جل) : قُلْ إِنَّ اَلْفَضْلَ بِيَدِ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ (3).
و قد يكون بمعنى النعمة. تقول العرب: كم يد لي عند فلان. أي: كم من نعمة لي قد أسديتها إليه. و قد يكون بمعنى الصلة. قال اللّه تعالى: مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً (4). أي مما عملنا نحن: و قال (جل و علا) : أَوْ يَعْفُوَا اَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ اَلنِّكاحِ (5)أي الذي له عقدة النكاح.
و قد يكون بمعنى الجارحة. قال اللّه (تعالى) : وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ (6).
فأما قوله (عز و جل) : يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ (7).
فلا يجوز أن يحمل على الجارحة، لأن الباري (جل جلاله) واحد لا يجوز عليه التبعيض و لا على القوة و الملك و النعمة و الصلة؛ لأن الاشتراك يقع5.
ص: 466
حينئذ بين وليه آدم و عدوه إبليس، فيبطل ما ذكر من تفضيله عليه لبطلان معنى التخصيص، فلم يبق إلا أن يحملا على صفتين تعلقتا بخلق آدم تشريفا له دون خلق إبليس تعلق القدرة بالمقدور، لا من طريق المباشرة و لا من حيث المماسة، و كذلك تعلقت بما روينا في الأخبار من خط التوراة و غرس الكرامة لأهل الجنة، و غير ذلك تعلق الصفة بمقتضاها. و قد روينا ذكر اليد في أخبار أخر، إلا أن سياقها يدل على أن المراد بها الملك و القدرة و الرحمة و النعمة، أو جرى ذكرها صلة في الكلام. فأما فيما قدمنا ذكره فإنه يوجب التفضيل. و التفضيل إنما يحصل بالتخصيص. فلم يجز حملها فيه على غير الصفة. و كذلك في كل موضع جرى ذكرها على طريق التخصيص. فإنه يقتضي تعلق الصفة التي تسمى بالسمع يدا بالكائن فيما خص بذكر ما فيه تعلق الصفة بمقتضاها، ثم لا يكون في ذلك بطلان موضع تفضيل آدم عليه السلام على إبليس، لأن التخصيص إذا وجد له في معنى دون إبليس، لم يضر مشاركة غيره إياه في ذلك المعنى بعد أن لم يشاركه فيه إبليس. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، حدثنا ابن بكير، حدثني الليث عن خالد، يعني ابن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن ابن يسار-يعني عطاء- عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة. قال: فأتى رجل من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: بلى. قال: تكون الأرض خبزة واحدة (1). كما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. قال: فنظر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إلينا، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا أخبرك بادامهم؟ قال:ج.
ص: 467
ادامهم بالام (1)و نون (2). قال: و ما هذا؟ قال: ثور و نون يأكل من زيادة كبديهما سبعون ألفا، رواه البخاري في الصحيح، عن يحيى بن بكير.
و أخرجه مسلم من وجه آخر عن الليث (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو بكر بن إسحاق، أنا بشر بن موسى، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، «قال اللّه (عز و جل) : يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر و أنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل و النهار» . رواه البخاري في الصحيح عن الحميدي (4).
أخبرنا أبو الحسن، علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا يوسف الماجشون، حدثني أبي عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد اللّه بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: . . . فذكر دعاء الاستفتاح، و فيه قال: لبيك و سعديك، و الخير كله في يديك. رواه مسلم في الصحيح، عن محمد بن أبي بكر (5).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثناه أبو هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «و الذي نفس محمد بيده لو لا أن أشق على المؤمنين ماث.
ص: 468
قعدت خلف سرية تغزو في سبيل اللّه تعالى، و لكن لا أجد سعة فأحملهم، و لا يجدون سعة فيتبعوني، و لا تطيب أنفسهم أن يعقدوا بعدي» .
قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: و الذي نفس محمد بيده لقد هممت أن آمر فتياني أن يستعدوا لي حزما من حطب، ثم آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق بيوتا على من فيها (1).
قال: و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: و الذي نفس محمد في يده ليأتين على أحدكم يوم لا يراني، ثم لأن يراني أحب إليه من مثل أهله و ماله معهم. رواهن مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق. و الأحاديث في أمثال ذلك كثيرة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر الأصبهاني، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة أنه سمع أبا عبيدة يحدث عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«إن اللّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، و بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها» . رواه مسلم في الصحيح عن بندار عن أبي داود (2).
و أخبرنا أبو محمد (عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بابويه المزكى) أنا محمد بن الحسين بن الحسن القطان، حدثنا قطن بن إبراهيم النيسابوري، حدثنا حفص بن عبد اللّه، حدثني إبراهيم بن طهمان، عن إبراهيم بن مسلم العبدي الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: الأيدي ثلاث: يد اللّه هي العليا، و يد المعطي التي تليها، و يد السائل السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف عن السؤال ما استطعت (3). .
ص: 469
و كذلك رواه علي بن عاصم، عن إبراهيم الهجري، و خالفهما جعفر بن عون فرواه عن إبراهيم موقوفا على عبد اللّه. و رواه أبو الزعراء، عن أبي الأحوص، عن أبيه مالك بن نضلة مرفوعا. فإن صح، فانما أراد-و اللّه أعلم-تعظيم أمر الصدقة، و هو كقوله: يَدُ اَللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ (1)أراد تعظيم أمر البيعة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو إسحاق (إبراهيم بن محمد بن يحيى) حدثنا محمد بن المسيب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا المعتمر بن سليمان، حدثني أبو سفيان المديني، عن عبد اللّه بن دينار، عن ابن عمر رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لا يجمع اللّه هذه الأمة على الضلالة أبدا، و يد اللّه على الجماعة، فمن شذ، شذ في النار» (2).
أبو سفيان المديني يقال: إنه سليمان بن سفيان. و اختلف في كنيته، و ليس بمعروف. و روي من وجه آخر.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو الوليد (حسان بن محمد الفقيه) ، حدثنا محمد بن سليمان بن خالد، حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا عبد الرزاق، أنا إبراهيم بن ميمون، أخبرني عبد اللّه بن طاوس، أنه سمع أباه يحدث أنه سمع ابن عباس رضي اللّه عنهما يحدث أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا يجمع اللّه أمتي-أو قال: هذه الأمة-على الضلالة أبدا، و يد اللّه على الجماعة» . تفرد به إبراهيم بن ميمون العدني.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي، حدثنا أبو العباس (محمد بن يعقوب) ، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، أنا يحيى بن إسحاق السالحيني، أنا ابن لهيعة، عن عبيد اللّه بن أبي جعفر، عن عمرو بن الأسود، عن أبي أيوب رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يد اللّه مع القاضي حين يقضي، و يد اللّه مع القاسم حينم.
ص: 470
يقسم» (1). تفرد به ابن لهيعة. فإن صح فإنما أراد-و اللّه أعلم-أنه معه بالتأييد و النصرة. و كذلك هو مع الجماعة بالتأييد و النصرة.م.
ص: 471
ما ذكر في اليمين و الكف
قال اللّه (عز و جل) : وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (1).
و قال: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ اَلْأَقاوِيلِ* لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ* ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ اَلْوَتِينَ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر (محمد بن أحمد بن بابويه) ، حدثنا أبو بكر (محمد بن شاذان الجوهري) ، حدثنا محمد بن مقاتل، أنا عبد اللّه-يعني ابن المبارك-أخبرني يونس عن الزهري، حدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «يقبض اللّه (تبارك و تعالى) الأرض يوم القيامة، و يطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟» رواه البخاري في الصحيح، عن محمد بن مقاتل، و أخرجاه من حديث ابن وهب عن يونس، و رواه شعيب بن أبي حمزة في آخرين عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه و كأنه سمعه منهما جميعا (3).
ص: 472
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، حدثنا أبو داود، حدثنا ابن أبي شيبة، و محمد بن العلاء، أن أبا أسامة أخبرهم، عن عمر بن حمزة، قال: قال سالم: أخبرني عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«يطوي اللّه عز و جل السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرضين يأخذهن، قال ابن العلاء بيده الأخرى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون» ؟
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق-إملاء-حدثنا إبراهيم ابن إسحاق الحربي و موسى بن إسحاق الأنصاري، قالا: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة. . . فذكره باسناده نحوه إلا أنه قال: ثم يطوي الأرضين بشماله. رواه مسلم في الصحيح، عن أبي بكر بن أبي شيبة هكذا. و ذكر الشمال فيه تفرد به عمر بن حمزة عن سالم. و قد روى هذا الحديث نافع و عبيد اللّه بن مقسم، عن ابن عمر، لم يذكرا فيه الشمال. و رواه أبو هريرة رضي اللّه عنه و غيره عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فلم يذكر فيه أحد منهم الشمال. و روي ذكر الشمال في حديث آخر في غير هذه القصة، إلا أنه ضعيف بمرة تفرد بأحدهما جعفر ابن الزبير، و بالآخر يزيد الرقاشي، و هما متروكان. و كيف يصح ذلك؟ و صحيح عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه سمى كلتي يديه يمينا. و كأن من قال ذلك أرسله من لفظه على ما وقع له أو على عادة العرب في ذكر الشمال في مقابلة اليمين.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال البزاز، حدثنا يحيى بن الربيع المكي، حدثنا سفيان-أراه عن عمرو بن دينار-عن عمرو بن أوس، عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «المقسطون عند اللّه يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن، و كلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم و أهليهم و ما ولوا» (1). رواه مسلم في الصحيح، عن زهير بن حرب و غيره عن سفيان (2).ا.
ص: 473
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس (محمد بن يعقوب) ، حدثنا بكار بن قتيبة القاضي بمصر، حدثنا صفوان بن عيسى القاضي، حدثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لما خلق اللّه آدم و نفخ فيه الروح، عطس، فقال: الحمد للّه.
فحمد اللّه (عز و جل) باذن اللّه (تبارك و تعالى) ، فقال له ربه: رحمك ربك يا آدم.
و قال له: يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة-إلى ملأ منهم جلوس-فقل: السلام عليكم. فذهب، فقالوا: و عليك السلام و رحمة اللّه و بركاته. ثم رجع إلى ربه فقال: هذه تحيتك و تحية بنيك و بنيهم. فقال اللّه (تبارك و تعالى) له-و يداه مقبوضتان-: اختر أيهما شئت. فقال: اخترت يمين ربي، و كلتا يدي ربي يمين مباركة. ثم بسطها فإذا فيها آدم و ذريته. . .» . و ذكر الحديث (1).
قوله: «ثم رجع إلى ربه» يعني إلى مساءلة ربه، أو إلى مقام نفسه الذي يسمعه خطابه، و آدم في ذلك المقام.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إسرائيل عن أبي يحيى، عن مجاهد قال:
وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ (2) قال: و كلتا يدي الرحمن يمين، قال: قلت:
فأين الناس يومئذ؟ قال: على جسر جهنم.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه، محمد بن يعقوب الشيباني، حدثنا حامد بن أبي حامد المقري حدثنا إسحاق بن سليمان، قال: سمعت مالك بن أنس يذكر ح.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو بكر بن أبي نصر، حدثنا أحمد بن موسى بن عيسى القاضي، حدثنا عبد اللّه بن مسلمة فيما قرأ على مالك، عن زيد ابن أبي أنيسة، قال: إن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب7.
ص: 474
أخبره عن مسلم بن يسار الجهني، قال: إن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه سئل عن هذه الآية: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى. . . الآية (1).
فقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و سئل عنها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: خلق اللّه (تعالى) آدم عليه (الصلاة و السلام) ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة و بعمل أهل الجنة يعملون. ثم مسح ظهره، و استخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار، و بعمل أهل النار يعملون. فقال رجل: يا رسول اللّه، ففيم العمل؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (تعالى) إذا خلق الرجل للجنة، استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله به الجنة. و إذا خلق الرجل للنار، استعمله بعمل أهل النار، فيدخله به النار. في هذا إرسال مسلم بن يسار لم يدرك عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه.
أخبرنا أبو نصر، عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة، أنا أبو الحسن، محمد بن أحمد بن زكريا الأديب، حدثنا أبو علي (الحسين بن محمد بن زياد القباني) ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا بقية بن الوليد، حدثني الزبيدي (محمد بن الوليد) عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن أبي قتادة النصري، عن أبيه، عن هشام بن حكيم، قال: إن رجلا قال: يا رسول اللّه، أ يبتدأ الأعمال أم قد قضى القضاء؟ فقال: إن اللّه (عز و جل) لما أخرج ذرية آدم من ظهره أشهدهم على أنفسهم ح.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة-إملاء-أنا أبو عمرو بن مطر، أنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان، حدثنا هشام بن خالد، حدثنا بقية، حدثني محمد بن الوليد الزبيدي، حدثني راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن أبي قتادة النصري، عن هشام بن حكيم، قال: إن رجلا أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: يا رسول اللّه أ يبتدأ الأعمال، أو قد قضى القضاء؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (تعالى)2.
ص: 475
أخذ ذرية بني آدم من ظهورهم و أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بسهم في كفيه فقال: هؤلاء للجنة، و هؤلاء للنار. فاهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، و أهل النار ميسرون لعمل أهل النار (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس-هو الأصم-حدثنا الصاغاني، حدثنا أبو صالح، حدثنا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن أبي أسيد، عن أبي فراس -مولى عبد اللّه بن عمرو-عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما أنه قال: لما خلق اللّه (عز و جل) آدم نفضه نفض المزود، فخر منه مثل النغف، فقبض قبضتين، فقال لما في اليمين: في الجنة.
و قال لما في الأخرى: في النار. هذا موقوف.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر القطان، حدثنا أبو الأزهر حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي. . . ح.
و حدثنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الصمد بن علي بن مكرم-ببغداد- حدثنا جعفر بن محمد الصائغ، حدثنا الحسين بن محمد المروذي، حدثنا جرير بن حازم، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: أخذ اللّه (تبارك و تعالى) الميثاق من ظهر آدم عليه السلام بنعمان-يعني بعرفة-فلما أخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، نثرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، فقال: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ اَلْقِيامَةِ. . . (2)إلى قوله: بِما فَعَلَ اَلْمُبْطِلُونَ (3).
أخبرنا أبو طاهر (الحسين بن علي بن سلمة الهمداني) بها، أنا أحمد بن3.
ص: 476
جعفر (هو القطيعي) حدثنا بشر بن موسى، حدثنا هوذة بن خليفة، حدثنا عوف، عن قسامة بن زهير، قال: سمعت الأشعري يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه (عز و جل) خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرضين، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فمنهم الأحمر و الأبيض، و الأسود، و بين ذلك، و السهل، و الحزن، و الخبيث، و الطيب (1).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا محمد ابن عبد الملك، حدثنا يزيد بن هارون، أنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، أو سلمان رضي اللّه عنه، قال: إن اللّه تبارك و تعالى خمر طينة آدم عليه السلام أربعين يوما، أو أربعين ليلة. شك يزيد ثم ضرب بيده، فما كان من طيب، خرج بيمينه، و ما كان من خبيث خرج بيده الأخرى، ثم خلطه، فمن ثم يخرج الحي من الميت، و يخرج الميت من الحي.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن مسعود، أو سلمان رضي اللّه عنهما، قال: أبي و لا أراه إلا سلمان.
قال: خمر اللّه (تبارك و تعالى) طينة آدم عليه السلام أربعين ليلة و أربعين يوما، ثم ضرب بيده، فخرج كل طيب بيمينه، و كل خبيث بيده الأخرى، ثم خلط بينهما، فمن ثم يخرج الحي من الميت و الميت من الحي. هذا موقوف.
و رواه غيرهما عن سليمان التيمي، فقال عن سلمان من غير شك. و معلوم أن سلمان كان قد أخذ أمثال هذا من أهل الكتاب حتى أسلم بعد. و روى ذلك من وجه آخر ضعيف عن التيمي مرفوعا، و ليس بشيء. ثم تأويله مذكور في آخر الباب، و سنروي فيما بعد إن شاء اللّه عن ابن مسعود، و ابن عباس رضي اللّه عنهما أن اللّه (عز و جل) أمر ملك الموت عليه السلام بذلك، فأخذ من وجه الأرض و خلط.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرنا يعقوب بن أحمد الخسروجردي، حدثنا داود بن الحسين الخسروجردي، حدثنا عيسى بن حماد، حدثنا الليث. . . ح.ا.
ص: 477
أخبرنا أبو عبد اللّه، أنا أبو عبد اللّه الشيباني، حدثنا أبو عمرو المستملي، و إبراهيم ابن محمد الصيدلاني، و أحمد بن سلمة، و محمد بن شاذان، قالوا: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن سعيد بن يسار أنه سمع أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: ما تصدق أحد بصدقة من طيب، و لا يقبل اللّه إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، و إن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله. رواه مسلم في الصحيح، عن قتيبة بن سعيد، و أخرجه البخاري من حديث عبد اللّه (1)بن دينار عن سعيد بن يسار، إلا أنه لم يذكر لفظ الكف في حديثه.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، حدثنا أحمد بن يوسف السلمى، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: يمين اللّه ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل و النهار، أ رأيتم ما أنفق منذ خلق السموات و الأرض، فانه لم يغض مما في يمينه. قال: و عرشه على الماء، و بيده الأخرى القبض، يرفع و يخفض.
رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد اللّه. و رواه مسلم (2)عن محمد بن رافع، كلاهما عن عبد الرزاق. و أخرجه البخاري من حديث شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج و قال: «يد اللّه ملأى» . و قال: «و بيده الميزان يخفض و يرفع» .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو بكر بن الحسن قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا زكريا بن يحيى بن أسد، حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبيح.
ص: 478
هريرة رضي اللّه عنه يبلغ به النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: ابن آدم أنفق أنفق عليك. و قال: يمين اللّه ملأى سحاء لا يغيضها شيء الليل و النهار. أخرجه مسلم من حديث ابن عيينة (1).
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن قتادة، عن النضر بن أنس عن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن اللّه عز و جل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف. فقال أبو بكر: زدنا يا رسول اللّه. قال: و هكذا، و جمع يديه.
قال: زدنا يا رسول اللّه. قال: و هكذا. فقال عمر رضي اللّه عنه: حسبك. فقال أبو بكر رضي اللّه عنه: دعني يا عمر و ما عليك أن يدخلنا الجنة كلنا؟ فقال عمر رضي اللّه عنه: إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحدة. فقال صلى اللّه عليه و سلم: صدق عمر. و رواه خلف بن هشام عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس، أو عن النضر بن أنس، عن أنس رضي اللّه عنه بالشك (2).
أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا خلف، حدثنا عبد الرزاق. . . فذكره. و رواه معاذ بن هشام عن أبيه، عن قتادة بن مرة، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه، و مرة عن أبي بكر بن أنس، عن أبي بكر بن عمير عن أبي عمير، و قال: فقال عمر رضي اللّه عنه: إن اللّه تبارك و تعالى إن شاء أدخل الناس الجنة جملة واحدة. و قال: في ابتدائه: «فقال عمير» بدل أبو بكر.
و أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن الفضل بن نظيف بمكة و قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمود الشمعي-إملاء-حدثنا خلف بن عمرو العكبري، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا أمامة رضي اللّه عنه يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا مع كل واحد سبعين ألفا، و ثلاث حثيات من حثياتا.
ص: 479
ربي» (1). تابعه بقية عن محمد بن زياد عن رجل من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أو عن أبي أمامة رضي اللّه عنه بالشك. و روى غيرهما عنه بلا شك و فيه ضعف.
قلت: أما المتقدمون من هذه الأمة فإنهم لم يفسروا ما كتبنا من الآيتين و الأخبار في هذا الباب مع اعتقادهم بأجمعهم أن اللّه تبارك و تعالى واحد لا يجوز عليه التبعيض.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبيد اللّه المنادى، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا شيبان النحوي عن قتادة قوله: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ (2). لم يفسرها قتادة.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: سمعت أبا عبد اللّه محمد بن إبراهيم ابن حمش، سمعت أبا العباس الأزهري، سمعت سعيد بن يعقوب الطالقاني، سمعت سفيان بن عيينة يقول: كل ما وصف اللّه تعالى من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته و السكوت عليه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، قال: سمعت خلف بن محمد البخاري، سمعت محمد بن هارون الكرابيسي يقول: سمعت أبا عبد اللّه محمد بن أبي حفص، قال: قال الشيخ يعني أباه قال: أفلح بن محمد. قلت لعبد اللّه بن المبارك: يا أبا عبد الرحمن إني أكره الصفة-عنى صفة الرب تبارك و تعالى- فقال له عبد اللّه: أنا أشد الناس كراهة لذلك، و لكن إذا نطق الكتاب بشيء جسرنا عليه، و إذا جاءت الأحاديث المستفيضة الظاهرة تكلمنا به. قلت:
و إنما أراد-و اللّه أعلم-الأوصاف الخبرية، ثم تكلمهم بها على نحو ما ورد به7.
ص: 480
الخبر لا يجاوزونه. و ذهب بعض أهل النظر منهم إلى أن اليمين يراد به اليد، و الكف عبارة عن اليد، و اليد للّه تعالى صفة بلا جارحة. فكل موضوع ذكرت فيه من كتاب و سنة صحيحة فالمراد بذكرها تعلقها بالكائن المذكور معها من الطي و الأخذ، و القبض و البسط، و المسح، و القبول، و الإنفاق، و غير ذلك تعلق الصفة الذاتية بمقتضاها من غير مباشرة و لا مماسة، و ليس في ذلك تشبيه بحال. و ذهب آخرون إلى أن القبضة في غير هذا الموضع قد يكون بالجارحة، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. و قد يكون بمعنى الملك و القدرة. يقال: ما فلان إلا في قبضتي. يعني ما فلان إلا في قدرتي. و الناس يقولون الأشياء في قبضة اللّه، يريدون في ملكه و قدرته. و قد يكون بمعنى إفناء الشيء و إذهابه. يقال: فلان قبضه اللّه بمعنى أنه أفناه و أذهبه من دار الدنيا فقوله جل ثناؤه: وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ (1)يحتمل أن يكون المراد به: و الأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة بقدرته على إفنائها. و قوله:
وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ (2) ليس يريد به طيا بعلاج و انتصاب. و إنما المراد به الفناء و الذهاب. يقال: قد انطوى عنا ما كنا فيه و جاءنا غيره.
و انطوى عنا دهر بمعنى المضي و الذهاب. و قوله: بِيَمِينِهِ يحتمل أن يكون إخبارا عن الملك و القدرة كقوله: مِمّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ (3)يريد به الملك.
و قد قيل قوله: مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ يريد به ذاهبات بقسمه. أي: أقسم ليفنيها. و قوله: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (4)أي بالقوة و القدرة. أي: أخذنا قدرته و قوته.
و قال ابن عرفة: أي لأخذنا بيمينه. فمعناه التصرف. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ اَلْوَتِينَ (5)أي عرقا في القلب. و قيل: هو حبل القلب، إذا انقطع مات صاحبه.6.
ص: 481
أخبرنا أبو العباس سعيد بن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا محمد ابن الجهم، قال: قال الفراء: اليمين القوة و القدرة. قال الشاعر.
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين.
و قال في قوله: لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (1)بالقدرة و القوة. و قال في قوله:
كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ اَلْيَمِينِ (2) يقول: كنتم تأتوننا من قبل الدين. أي: تأتوننا تخدعوننا بأقوى الوجوه. قالوا: و اليمين المذكور في الأخبار التي ذكرناها محمول في بعضها على القوة و القدرة. و هو ما في الأخبار التي وردت على وفق الآية، و في بعضها على حسن القبول، لأن في عرف الناس أن أيمانهم تكون مرصدة لما عز من الأمور، و شمائلهم لما هان منها. و العرب تقول: فلان عندنا باليمين. أي: بالمحل الجليل. و منه قول الشاعر:
أقول لناقتي إذا بلغتني لقد أصبحت عندي باليمين
أي: بالمحل الجليل. و أما قوله: كلتا يديه يمين، فإنه أراد بذلك التمام و الكمال. و كانت العرب تحب التيامن، و تكره التياسر لما في التياسر من النقصان و في التيامن من التمام. و قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: ليس فيما يضاف إلى اللّه عز و جل من صفة اليدين شمال لأن الشمال محل النقص و الضعف. و قد روي: كلتا يديه يمين (3). و ليس معنى اليد عندنا الجارحة، إنما هو صفة جاء بها التوقيف، فنحن نطلقها على ما جاءت و لا نكيفها، و ننتهي إلى حيث انتهى بنا الكتاب و الأخبار المأثورة الصحيحة، و هو مذهب أهل السنة و الجماعة.
قلت: و أما قوله: في كف الرحمن معناه عند أهل النظر في ملكه و سلطانه. و منه قول عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه إن صح فيما أخبرنا أبو نصر بنه.
ص: 482
قتادة، أنا أبو العباس محمد بن إسحاق الصبغي، نا الحسن بن علي بن زياد، نا إسماعيل بن أبي أويس، حدثني محمد بن عتبة الخزاز، عن حماد بن عمرو الأسدي، عن حماد بن ثلج عن ابن مسعود، قال: كان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كثيرا ما يخطب كان يقول على المنبر:
خفض عليك فان الأمور بكف الإله مقاديرها
فليس يأتيك منهيها و لا قاصر عنك مأمورها
قال أهل النظر قوله: «بكف الإله» أي في ملك الإله و قدرته. و قد تكون الكف في مثل ما ورد في الخبر المرفوع بمعنى النعمة، و اللّه أعلم.
و قوله: «يمين اللّه ملأى» يريد كثرة نعمائه.
قال أبو سليمان رحمه اللّه: و قوله: «لا يغيضها نفقة» يريد لا ينقصها.
و أصله من غاض الماء إذا ذهب في الأرض. و منه قولهم هذا غيض من فيض. أي: قليل من كثير.
و قوله: «سحاء» ، السح: السيلان يريد كأنّها لامتلائها تسيل بالعطاء أبد. و السح و الصب مثل في هذا. و قوله: «بيده الميزان يخفض و يرفع» (1)فالميزان هاهنا أيضا مثل. و إنما هو قسمته بالعدل بين الخلق يخفض من يشاء أن يضعه، و يرفع من يشاء أن يرفعه، و يوسع الرزق على من يشاء، و يقتر على من يشاء كما يصنعه الوزان عند الوزن، يرفع مرة و يخفض أخرى.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنا الحسن بن علي بن زياد ح.
قال: و حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد الفقيه ببخارى، أنا صالح بن محمد بن حبيب الحافظ، قالا: نا سعيد بن سليمان الواسطي، نا عبد اللّه بن .
ص: 483
المؤمل، سمعت عطاء يحدث عن عبد اللّه بن عمرو أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
يأتي الركن يوم القيامة أعظم من أبي قبيس، له لسان و شفتان يتكلم عمن استلمه بالنية، و هو يمين اللّه التي يصافح بها خلقه.
قال أهل النظر: اليمين هاهنا عبارة عن النعمة. و قيل: إنه تمثيل. فإن الملك إذا صافح رجلا، قبل الرجل يده. و في إسناد الحديث ضعف.
ص: 484
ما ذكر في الأصابع
أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، أنا أبو سعيد بن الأعرابي، نا سعدان بن نصر، نا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم رجل من أهل الكتاب فقال: يا أبا القاسم، أبلغك أن اللّه عز و جل يحمل السموات على اصبع، و الأرضين على اصبع، و الشجر على اصبع، و الثرى على اصبع، و الخلائق على اصبع؟ فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى بدت نواجذه، و أنزل اللّه جل ثناؤه. وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ (1). رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، و أبو الفضل الحسن بن يعقوب، و أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم قالوا:
نا السرى بن خزيمة، نا عمر بن حفص بن غياث، نا أبي، نا الأعمش، قال: سمعت إبراهيم يقول: سمعت علقمة يقول: قال عبد اللّه: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فذكره بنحوه لم يقل: أبلغك. زاد: ثم يقول: أنا الملك، أنا الملك. قال: فرأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ رواه البخاري و مسلم في
ص: 485
الصحيح جميعا عن عمر بن حفص بن غياث. و كذلك رواه أبو عوانة، و عيسى بن يونس و غيرهما عن الأعمش، و رواه جرير بن عبد الحميد عن الأعمش، و زاد فيه: فلقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ضحك حتى بدت نواجذه تصديقا له تعجبا لما قال (1).
أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو بكر بن عبد اللّه، أنا الحسن بن سفيان، نا عثمان بن أبي شيبة، نا جرير عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه، قال: جاء حبر من اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: إذا كان يوم القيامة، جعل اللّه السموات على اصبع، فذكره و ليس في حديثه:
و الخلائق على اصبع. و لكن في حديثه: و الجبال على اصبع. و زاد ما ذكرنا.
رواه مسلم في الصحيح عن عثمان بن أبي شيبة (2).
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران العدل ببغداد، انا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، نا محمد بن عبيد اللّه بن يزيد، نا يونس ابن محمد، نا شيبان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن عبيدة السلماني، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: جاء حبر إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: يا محمد، أو: يا رسول اللّه إن اللّه جعل السموات على اصبع، و الأرضين على اصبع، و الجبال و الشجر على اصبع، و الماء و الثرى على اصبع، و سائر الخلق على اصبع، فيهزهن فيقول: أنا الملك؟ قال: فضحك النبي صلى اللّه عليه و سلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر. ثم قال: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ. . . إلى آخر الآية (3). رواه البخاري في الصحيح عن آدم عن شيبان (4).ب-
ص: 486
و أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، نا أبو سهل بن زياد القطان، نا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، نا سليمان بن داود أبو الربيع، نا عمار بن محمد و جرير بن عبد الحميد عن منصور فذكره باسناده نحوه، إلا انه قال: جاء حبر من اليهود، فقال: يضع السموات يوم القيامة على اصبع. و قال تعجبا له: تصديقا له. رواه البخاري و مسلم في الصحيح عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير. و كذلك رواه فضيل بن عياض عن منصور. و رواه الثوري عن منصور و سليمان الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة.
عن عبد اللّه لم يقل: تصديقا له (1).
و أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه اللّه، أنا أبو حامد بن الشرقي، نا أبو الأزهر السليطي، نا أحمد بن الفضل الغنوى، نا اسباط بن نصر عن منصور، عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن علقمة، عن عبد اللّه بن مسعود، قال: كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حين جاءه حبر من أحبار اليهود، فجلس إليه فقال له النبي صلى اللّه عليه و سلم: حدثنا قال: إن اللّه عز و جل إذا كان يوم القيامة جعل السموات على اصبع و الأرضين على اصبع، و الجبال على اصبع، و الماء و الشجر على اصبع، و جميع الخلائق على اصبع، ثم يهزهن يقول: أنا الملك. فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى بدت نواجذه تصديقا لما قال، ثم قرأ هذه الآية: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ (2)إلى قوله: سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (3). قرأها كلها.
و كذلك رواه ابن أبي الحنين الكوفي عن الغنوي (4).ي.
ص: 487
قال الشيخ رضي اللّه عنه: أما المتقدمون من أصحابنا فإنهم لم يشتغلوا بتأويل هذا الحديث، و ما جرى مجراه، و إنما فهموا منه و من أمثاله ما سيق لأجله من إظهار قدرة اللّه تعالى و عظم شأنه. و أما المتأخرون منهم فإنهم تكلموا في تأويله بما يحتمله فذهب أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه إلى أن الأصل في هذا و ما أشبهه في إثبات الصفات أنه لا يجوز ذلك إلا أن يكون بكتاب ناطق أو خبر مقطوع بصحته، فإن لم يكونا فبما يثبت من أخبار الأحاديث المستندة إلى أصل في الكتاب أو في السنة المقطوع بصحتها، أو بموافقة معانيها. و ما كان بخلاف ذلك فالتوقف عن إطلاق الاسم به هو الواجب. و يتأوّل حينئذ على ما يليق على ما يليق بمعاني الأصول المتفق عليها من أقاويل أهل الدين و العلم مع نفي التشبيه فيه. هذا هو الأصل الذي نبني عليه الكلام و نعتمده في هذا الباب. و ذكر الأصابع لم يوجد في شيء من الكتاب و لا من السنة التي شرطها في الثبوت ما وصفناه. و ليس معنى اليد في الصفات بمعنى الجارحة حتى يتوهم بثبوتها ثبوت الأصابع، بل هو توقيف شرعي أطلقنا الاسم فيه على ما جاء به الكتاب من غير تكييف و لا تشبيه، فخرج بذلك عن أن يكون له أصل في الكتاب أو السنة أو أن يكون على شيء من معانيها. و قد روى هذا الحديث غير واحد من أصحاب عبد اللّه من غير طريق عبيدة، فلم يذكر فيه قوله:
«تصديقا لقول الحبر» .
قال الشيخ: قد روينا متابعة علقمة إياه في ذلك في بعض الروايات عنه.
قال أبو سليمان: و اليهود مشبهة، و فيما يدعونه منزلا في التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ليس القول بها من مذاهب المسلمين، و قد ثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم و لا تكذبوهم و قولوا آمنا بما أنزل اللّه من كتاب» (1). و النبي صلى اللّه عليه و سلم أولى الخلق بأن2.
ص: 488
يكون قد استعمله مع هذا الحبر. و الدليل على صحة ذلك أنه لم ينطق فيه بحرف تصديقا له أو تكذيبا، إنما ظهر منه في ذلك الضحك المخيل للرضا مرة، و التعجب و الإنكار أخرى. ثم تلا الآية، و الآية محتملة للوجهين معا، و ليس فيها للإصبع ذكر. و قول من قال من الرواة: «تصديقا لقول الحبر» ظن و حسبان. و الأمر فيه ضعيف إذ كان لا تمحض شهادته لأحد الوجهين، و ربما استدل المستدل بحمرة اللون على الخجل، و بصفرته على الوجل، و ذلك غالب مجرى العادة في مثله، ثم لا يخلو ذلك من ارتياب و شك في صدق الشهادة منهما بذلك لجواز أن تكون الحمرة لهياج دم و زيادة مقدار له في البدن، و أن تكون الصفرة لهياج مواد و ثوران خلط، و نحو ذلك، فالاستدلال بالتبسم و الضحك في مثل هذا الأمر الجسيم قدره، الجليل خطره غير سائغ مع تكافؤ وجهي الدلالة المتعارضين فيه. و لو صح الخبر من طريق الرواية كان ظاهر اللفظ منه متأولا على نوع من المجاز أو ضرب من التمثيل قد جرت به عادة الكلام بين الناس في عرف تخاطبهم، فيكون المعنى في ذلك على تأويل قوله عز و جل وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ (1)، أي: قدرته على طيها و سهولة الأمر في جمعها، و قلة اعتياصها عليه بمنزلة من جمع شيئا في كفه، فاستخف حمله، فلم يشتمل بجميع كفه عليه، لكنه يقله ببعض أصابعه، فقد يقول الإنسان في الأمر الشاق إذا أضيف إلى الرجل القوي المستقل بعيبه إنه ليأتي عليه باصبع واحدة، أو انه يعمله بخنصره، أو أنه يكفيه بصغرى أصابعه، أو ما أشبه ذلك من الكلام الذي يراد به الاستظهار في القدرة عليه و الاستهانة به كقول الشاعر:
الرمح لا أملأ كفي به و اللبد لا أتبع تزاوله
يريد أنه لا يتكلّف، أي يجمع كفه، فيشتمل بها كلها على الرمح، لكن يطعن به خلسا بأطراف أصابعه.7.
ص: 489
قال أبو سليمان: و يؤكد ما ذهبنا إليه حديث أبي هريرة يعني ما أخبرنا علي ابن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا عبيد بن شريك، نا ابن عفير، نا الليث عن ابن مسافر عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال:
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: يقبض اللّه الأرض، و يطوي السماء بيمينه ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟
رواه البخاري في الصحيح عن سعيد بن عفير (1).
قال أبو سليمان رحمه اللّه: و هذا قول النبي صلى اللّه عليه و سلم، و لفظه جاء على وفاق الآية من قوله عز و جل: وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ (2)ليس فيه ذكر الأصابع، و تقسيم الخليقة على أعدادها، فدل أن ذلك من تخليط اليهود و تحريفهم، و أن ضحك النبي صلى اللّه عليه و سلم إنما كان على معنى التعجب منه، و النكير له. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو بكر القاضي قالا: نا أبو العباس هو الأصم، نا الحسن بن علي بن عفان، نا الحسن، يعني ابن عطية، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: إن اليهود و النصارى وصفوا الرب عز و جل فأنزل اللّه عز و جل على نبيه صلى اللّه عليه و سلم: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (3)ثم بين للناس عظمته فقال: وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ (4). فجعل وصفهم ذلك شركا. هذا الأثر عن ابن عباس إن صح يؤكد ما قاله أبو سليمان رحمه اللّه.7.
ص: 490
و قال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري رحمه اللّه: إنّا لا ننكر هذا الحديث و لا نبطله لصحة سنده، و لكن ليس فيه أن يجعل ذلك على اصبع نفسه، و إنما فيه أن يجعل ذلك على اصبع، فيحتمل أنه أراد اصبعا من أصابع خلقه.
قال: و إذا لم يكن ذلك في الخبر لم يجب أن يجعل للّه اصبعا.
و أما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو بكر بن إسحاق، و عبد اللّه بن محمد الكعبي، قالا: نا محمد بن أيوب، أنا سعيد بن منصور، نا يعقوب بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبو حازم، عن عبيد اللّه بن مقسم أنه نظر إلى عبد اللّه بن عمر كيف يحكي رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال: يأخذ اللّه سماواته و أراضيه بيديه فيقول: أنا اللّه-و يقبض أصابعه و يبسطها-أنا الملك. حتى نظرت إلى المنبر بتحرك من أسفل شيء منه حتى إني لأقول: أ ساقط هو برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم؟ (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه، أنا عبد اللّه بن محمد الكعبي، نا محمد بن أيوب، نا سعيد بن منصور، نا عبد العزيز بن أبي حازم، حدثني أبي، عن عبيد اللّه بن مقسم، عن عبد اللّه بن عمر قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم على المنبر و هو يقول:
«يأخذ الجبار سماواته و أرضيه بيده. . .» ، قال: ثم ذكره بنحوه. فقد رواه مسلم في الصحيح عن سعيد بن منصور بالإسنادين جميعا هكذا (2). و يحتمل أن يكون النبي صلى اللّه عليه و سلم يقبض أصابعه و يبسطها. ثم تأويله ما تقدم، و اللّه أعلم.
و أما الحديث الذي أخبرنا أبو طاهر الفقيه، نا علي بن ممشاد العدل، نا الحارث بن أبي أسامة، نا أبو عبد الرحمن المقري، نا حياة، قال: أخبرني أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن يقول: إنه سمع عبد اللّه بن عمرو بن العاص يقول إنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين اصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفها حيث يشاء. ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اللهم مصرف القلوبا.
ص: 491
صرف قلوبنا إلى طاعتك. رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب و غيره عن أبي عبد الرحمن المقري (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس-هو الأصم-أنا العباس بن الوليد البيروتي، نا محمد بن شعيب بن شابور، نا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن بشر بن عبد اللّه عن أبي إدريس الخولاني عن النواس بن سمعان الكلابي، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «الميزان بيد الرحمن، يرفع أقواما، و يضع آخرين، و قلب ابن آدم بين اصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، و إن شاء أزاغه» (2). و كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» (3). فقد قرأت بخط أبي حاتم أحمد بن محمد الخطيب رحمه اللّه في تأويل هذا الخبر، قيل: معناه تحت قدرته و ملكه. و فائدة تخصيصها بالذكر أن اللّه تعالى جعل القلوب محلا للخواطر و الإيرادات و العزوم و النيات، و هي مقدمات الأفعال، ثم جعل سائر الجوارح تابعة لها في الحركات و السكنات. و دل بذلك على أن أفعالنا مقدورة للّه تعالى مخلوقة، لا يقع شيء دون إرادته، و مثل لأصحابه قدرته القديمة بأوضح ما يعقلون من أنفسهم، لأن المرء لا يكون أقدر على شيء منه على ما بين اصبعيه، و يحتمل أنها بين نعمتي النفع و الدفع، أو بين أثريه في الفضل و العدل، يؤيده أن في بعض هذه الأخبار: «إذا شاء أزاغه، و إذا شاء أقامه» . و يوضحه قوله في سياق الخبر: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي» . و إنما ثنى لفظ الاصبعين و القدرة واحدة لأنه جرى على المعهود حتى لفظ المثل، و زاد عليه غيره في تأكيد التأويل الأول بقولهم: ما فلان إلا في يدي، و ما فلان إلا في كفي، و ما فلان إلا في خنصري، يحوي فلانا. و كيف يحويه و هو بعض من جسده؟ و قد يكون فلان أشد بطشا و أعظم منه جسما.ي)
ص: 492
ما ذكر في الساعد و الذراع
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه الصفار، نا أحمد بن مهدي ابن رستم، نا روح بن عبادة، نا شعبة ح.
أخبرنا أبو عبد اللّه، نا علي بن ممشاد العدل، نا أبو المثنى و محمد بن أيوب، قالا: نا أبو الوليد الطيالسي، نا شعبة، عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه قال: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنا قشف الهيئة فقال: هل لك من مال؟ قلت: نعم. قال: من أي المال؟ قلت: من كل من الإبل و الخيل و الرقيق و الغنم. قال: فإذا آتاك اللّه مالا فلير عليك. قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: هل تنتج إبل قومك صحاحا آذانها فتعمد إلى موسى فتقطع آذانها و تقول: هي بحر، و تشقها أو تشق جلودها و تقول: هي حرم فتحرمها عليك و على أهلك؟ قال: قلت: نعم. قال: فكل ما آتاك اللّه لك حل، و ساعد اللّه أشد من ساعدك، و موسى اللّه أحد من موساك (1). تابعه أبو الزرعاء عن أبي الأحوص، و أبوه مالك بن نضلة الجشمي ليس له راو غير ابنه أبي الأحوص.
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، نا أحمد بن عبيد الترسي، نا عبيد اللّه بن موسى، نا شيبان عن الأعمش، عن أبي صالح
ص: 493
عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: إن غلظ جلد الكافر اثنان و أربعون ذراعا بذراع الجبار، و ضرسه مثل أحد (1).
قال بعض أهل النظر في قوله: «ساعد اللّه أشد من ساعدك» معناه أمره أنفذ من أمرك، و قدرته أتم من قدرتك، كقولهم: جمعت هذا المال بقوة ساعدي. يعني به رأيه و تدبيره و قدرته. فإنما عبر عنه بالساعد للتمثيل لأنه محل القوة، يوضح ذلك قوله: «و موساه أحد من موساك» . يعني قطعه أسرع من قطعك. فعبر عن القطع بالموسى لما كان سببا على مذهب العرب في تسمية الشيء باسم ما يجاروه، و يقرب منه، و يتعلق به، كما سمت البصر عينا و السمع أذنا.
و قال: في قوله: «بذراع الجبار» إن الجبار هاهنا لم يعن به القديم، و إنما عنى به رجلا جبارا كان يوصف بطول الذراع و عظم الجسم، ألا ترى إلى قوله: كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ (2)و قوله: وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّارٍ (3)، و قوله:
«بذراع الجبار» ، أي: بذراع ذلك الجبار الموصوف بطول الذراع و عظم الجسد، و يحتمل أن يكون ذلك ذراعا طويلا يذرع به يعرف بذراع الجبار على معنى التعظيم و التهويل، لا أن له ذراعا كذراع الأيدي المخلوقة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا محمد بن إسحاق الصاغاني، نا سعيد بن أبي مريم، نا نافع بن يزيد، حدثني يحيى بن أيوب أن ابن جريج حدثه عن رجل عن عروة بن الزبير أنه سأل عبد اللّه بن عمرو بن العاص: أي الخلق أعظم؟ قال: الملائكة. قال: من ما ذا خلقت؟ قال: من نور الذراعين و الصدر. قال: فبسط ذراعين فقال: كونوا ألفي ألفين. قال ابن أيوب فقلت لابن جريج ما ألفا ألفين؟ قال: ما لا تحصى5.
ص: 494
كثرته، هذا موقوف على عبد اللّه بن عمرو راويه رجل غير مسمى، فهو منقطع. و قد بلغني أن ابن عيينة رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد اللّه بن عمرو. فإن صح ذلك فعبد اللّه بن عمرو قد كان ينظر في كتب الأوائل، فما لا يرفعه إلى النبي عليه السلام يحتمل أن يكون مما رآه فيما وقع بيده من تلك الكتب، ثم لا ينكر أن يكون الصدر و الذراعان من أسماء بعض مخلوقاته. و قد وجد في النجوم ما سمى ذراعين. و في الحديث الثابت عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «خلقت الملائكة من نور» (1)هكذا مطلقا. .
ص: 495
ما ذكر في الساق
قال اللّه عز و جل: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى اَلسُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ* خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ. . . (1)الآية.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الضبي، أنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، نا أحمد بن إبراهيم، نا يحيى بن بكير، نا الليث عن خالد-يعني ابن زيد-عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: قلنا يا رسول اللّه أ ترى ربنا تعالى ذكره؟ قال:
هل تضارون في رؤية الشمس إذا كان صحوا؟ قلنا: لا. قال: فتضارون في رؤية القمر إذا كان صحوا؟ قلنا: لا. قال: فانكم لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤيتهما، ثم ينادي مناد: ليذهب كل قوم مع من كانوا يعبدون (2). . . فذكر الحديث و فيه: فيقول: هل بينكم و بينه آية تعرفونها، فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن و يبقى من كان يسجد رياء و سمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا.
قال: و ذكر الحديث. رواه البخاري في الصحيح عن ابن بكير. و رواه عن آدم بن أبي إياس عن الليث مختصرا. و قال في هذا الحديث: يكشف ربنا عن
ص: 496
ساقه. رواه مسلم عن عيسى بن حماد عن الليث. كما رواه بن بكير. و روى ذلك أيضا عن عبد اللّه بن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: هذا الحديث مما تهيب القول فيه شيوخنا، فأجروه على ظاهر لفظه، و لم يكشفوا عن باطن معناه على نحو مذهبهم في التوقف عن تفسير كل ما لا يحيط العلم بكنهه من هذا الباب.
و قد تأوله بعضهم على معنى قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ (1)، فروي عن ابن عباس أنه قال: عن شدة و كرب.
قال أبو سليمان: فيحتمل أن يكون معنى قوله: يوم يكشف ربنا عن ساقه. أي: عن قدرته التي تنكشف عن الشدة و المعرة. و ذكر الأثر الذي حدثناه أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، نا الحسين ابن محمد القباني، نا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، نا عبد اللّه بن المبارك أنا أسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سئل عن قوله تبارك و تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ، قال: إذا خفى عليكم شيء من القرآن فابتغوه من الشعر، فإنه ديوان العرب، أ ما سمعتم قول الشاعر:
اصبر عقاق إنه شر باق قد سن قومك ضرب الأعناق
و قامت الحرب بنا على ساق (2).
قال ابن عباس: هذا يوم كرب و شدة، تابعة أبو كريب عن ابن المبارك.
و قال أبو سليمان، و قال غيره من أهل التفسير و التأويل في قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ (3)، أي: عن الأمر الشديد، و انشدوا:
قد شمرت عن ساقها فشدوا وجدت الحرب بكم فجدوا
(4)ت.
ص: 497
و قال بعض الأعراب و كان يطرد الطير عن الزرع في سنة جدب:
عجبت من نفسي و من إشفاقها و من طرادى الطير عن أرزاقها
في سنة قد كشفت عن ساقها (1).
قال الشيخ رضي اللّه عنه: هذا و ما روينا عن ابن عباس في المعنى يتقاربان.
و قد روي عن ابن عباس بهذا اللفظ. و روي بمعناه.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكى، أنا أبو الحسن الطرائفي، نا عثمان بن سعيد، نا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز و جل: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ (2)، قال:
هو الأمر الشديد المقطع من الهول يوم القيامة.
و أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، نا أبو العباس الأصم، نا محمد بن الجهم، نا يحيى بن زياد الفراء، حدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس أنه قرأ: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ، يريد القيامة و الساعة لشدتها.
قال الفراء: أنشدني بعض العرب لجد طرفة:
كشفت لهم عن ساقها و بدا من الشر الصراح
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن كامل القاضي، أنا أبو جعفر محمد بن سعد بن الحسين بن عطية، حدثني أبي، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية، حدثني أبي عن جدي عطية بن سعد عن ابن عباس في قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى اَلسُّجُودِ. . . يقول: حين يكشف الأمر، و تبدو الأعمال، و كشفه دخول الآخرة، و كشف الأمر عنه.2.
ص: 498
أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، نا أحمد بن نجدة، نا سعيد بن منصور، نا خالد بن عبد اللّه عن مغيرة عن إبراهيم، قال: قال ابن مسعود: يكشف عن ساقه فيسجد كل مؤمن، و يقسو ظهر الكافر، فيصير عظما واحدا.
و عن إبراهيم قال: قال ابن عباس: يكشف عن أمر شديد، يقال: قد قامت الحرب على ساق.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: نا أبو العباس-هو الأصم-نا أبو بكر يحيى بن أبي طالب، أنا حماد بن مسعدة، أنا عمر بن أبي زائدة، قال: سمعت عكرمة سئل عن قوله سبحانه يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ، قال: إذا اشتد الأمر في الحرب، قيل: كشفت الحرب عن ساق. قال: فأخبرهم عن شدة ذلك.
قال أبو سليمان رحمه اللّه: فإنما جاء ذكر الكشف عن الساق على معنى الشدة، فيحتمل-و اللّه أعلم-أن يكون معنى الحديث أنه يبرز من أمر القيامة و شدتها ما ترتفع معه سواتر الامتحان، فيستر عند ذلك أهل اليقين و الإخلاص، فيؤذن لهم في السجود، و ينكشف الغطاء عن أهل النفاق، فتعود ظهورهم طبقا لا يستطيعون السجود. قال: و قد تأوله بعض الناس فقال: لا ننكر أن يكون اللّه سبحانه قد يكشف لهم عن ساق لبعض المخلوقين من ملائكته أو غيرهم. فيجعل ذلك سببا لبيان ما شاء من حكمه في أهل الإيمان و أهل النفاق.
قال أبو سليمان رحمه اللّه: و فيه وجه آخر لم أسمعه من قدوة. و قد يحتمله معنى اللغة. سمعت أبا عمر يذكر عن أبي العباس أحمد بن يحيى النحوي فيما عد من المعاني المختلفة الواقعة تحت هذا الاسم، قال: و الساق:
النفس.
قال: و منه قول علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه حين راجعه أصحابه عن قتل الخوارج فقال: و اللّه لأقاتلنهم و لو تلفت ساقي، يريد نفسه.
ص: 499
قال أبو سليمان: فقد يحتمل على هذا أن يكون المراد به التجلي لهم، و كشف الحجب، حتى إذا رأوه سجدوا له.
قال: و لست أقطع به القول و لا أراه واجبا فيما أذهب إليه من ذلك.
و أسأل اللّه أن يعصمنا من القول بما لا علم لنا به.
قال الشيخ، و قد أخبرنا أبو الحسن بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد، نا محمد بن غالب، نا محمد بن الحسين الحسني، نا الوليد بن مسلم، نا روح ابن جناح عن مولى عمر بن عبد العزيز عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في قوله تعالى يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ (1)، قال: عن نور عظيم يخرون له سجدا. تفرد به روح بن جناح. و هو شامي يأتي بأحاديث منكرة لا يتابع عليها. و اللّه أعلم. و موالي عمر بن عبد العزيز فيهم كثرة.2.
ص: 500
ما ذكر في القدم و الرجل
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو محمد عبد اللّه بن إسحاق، أنا إبراهيم بن الهيثم البلدي ح.
و حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ غير مرة، نا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي، أنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي قالا: أنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، نا شيبان بن عبد الرحمن عن قتادة عن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول: قط قط. و عزتك، و يزوي بعضها إلى بعض، و لا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ اللّه خلقا فيسكنه فضول الجنة» . رواه البخاري في الصحيح عن آدم. و أخرجه مسلم من وجه آخر عن شيبان، و قد رواه سليمان التيمي عن قتادة، و قالا في الروايتين عنه:
«حتى يضع اللّه عليها قدمه» (1).
و رواه سعيد بن أبي عروبة، و أبان بن يزيد العطار عن قتادة، و قال:
في الحديث «رب العالمين» . و رواه شعبة عن قتادة، كما أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، قال: أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، نا عبد اللّه بن
ص: 501
أحمد بن حنبل، نا عبيد اللّه، نا حرمي بن عمارة، نا شعبة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يلقي في النار و تقول هل من مزيد حتى يضع قدمه أو رجله عليه فتقول قط قط» . رواه البخاري في الصحيح عن عبد اللّه ابن أبي الأسود، عن حرمي بن عمارة (1).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان، نا أحمد ابن يوسف السلمي، نا عبد الرزاق، أنا معمر عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: تحاجت الجنة و النار فقالت النار: أوترت بالمتكبرين و المتجبرين. و قالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس و سقطهم و غرهم! قال اللّه عز و جل للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي. و قال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي. و لكل واحدة منكما ملؤها. فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع اللّه فيها رجله فتقول: قط قط قط. فهنالك تمتلئ، و يزوي بعضها إلى بعض، و لا يظلم اللّه من خلقه أحدا. و أما الجنة فإن اللّه عز و جل ينشئ لها خلقا. رواه البخاري في الصحيح عن عبد اللّه بن محمد. و رواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق، و رواه أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و قال في الحديث: «حتى يضع الرب قدمه فيها» . و رواه عوف عن محمد عن أبي هريرة يرفعه. و قال: «فيضع الرب قدمه عليها» . و رواه الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و قال في الحديث: «فأما النار فلا تمتلئ فيضع قدمه عليها فتقول: قط قط. فهنالك تمتلئ، و يزوي بعضها إلى بعض (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو الفضل بن إبراهيم، نا أحمد بن سلمة، نا محمد بن رافع، نا شبابة بن سوار، حدثني ورقاء عن أبي الزناد .
ص: 502
عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فذكر الحديث بنحو من حديث همام بن منبه إلا أنه قال: «و سقطهم و عجزهم» . و انتهى حديثه عند قوله:
«و يزوي بعضها إلى بعض» . رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع، و بمعناه رواه أبو صالح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه و سلم من غير إضافة، فقال: «حتى يضع فيها قدما» (1).
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: فيشبه أن يكون من ذكر القدم و الرجل، أو ترك الإضافة. إنما تركها تهيبا لها و طلبا للسلامة من خطأ التأويل فيها، و كان أبو عبيد و هو أحد أئمة أهل العلم يقول: نحن نروي هذه الأحاديث و لا نريغ لها المعاني.
قال أبو سليمان: و نحن أحرى بأن لا نتقدم فيما تأخر عنه من هو أكثر علما و أقدم زمانا و سنا. و لكن الزمان الذي نحن فيه قد صار أهله حزبين منكر لما يروى من نوع هذه الأحاديث رأسا، و مكذب به أصلا. و في ذلك تكذيب العلماء الذين رووا هذه الأحاديث و هم أئمة الدين و نقلة السنن.
و الواسطة بيننا و بين رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و الطائفة الأخرى مسلمة للرواية فيها ذاهبة في تحقيق الظاهر منها مذهبا يكاد يفضي بهم إلى القول بالتشبيه. و نحن نرغب عن الأمرين معا، و لا نرضى بواحد منهما مذهبا، فيحق علينا أن نطلب لما يرد من هذه الأحاديث إذا صحت من طريق النقل و السند تأويلا يخرج على معاني أصول الدين و مذاهب العلماء، و لا نبطل الرواية فيها أصلا إذا كان طرقها مرضية و نقلتها عدولا.
قال أبو سليمان: و ذكر القدم هاهنا يحتمل أن يكون المراد به من قدمهم اللّه للنار من أهلها، فيقع بهم استيفاء عدد أهل النار، و كل شيء قدمته فهو قدم، كما قيل لما هدمته. هدم. و لما قبضته: قبض. و من هذا قوله عز و جل:
أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ (2) . أي ما قدموه من الأعمال الصالحة. و قد2.
ص: 503
روى معنى هذا عن الحسن. و يؤيده قوله في الحديث: «و أما الجنة فإن اللّه ينشئ لها خلقا» فاتفق المعنيان أن كل واحدة من الجنة و النار تمد بزيادة عدد يستوفي بها عدة أهلها، فتمتلئ عند ذلك.
قال الشيخ أحمد: و فيما كتب إلى أبو نصر من كتاب أبي الحسن بن مهدي الطبري حكاية عن النضر بن شميل أن معنى قوله: «حتى يضع الجبار قدمه» أي من سبق في علمه أنه من أهل النار.
قال أبو سليمان: قد تأول بعضهم الرجل على نحو هذا.
قال: و المراد به استيفاء عدد الجماعة الذين استوجبوا دخول النار.
قال: و العرب تسمي جماعة الجراد رجلا، كما سموا جماعة الظباء سربا، و جماعة النعام خيطا، و جماعة الحمير عانة.
قال: و هذا و إن كان اسما خاصا لجماعة الجراد، فقد يستعار لجماعة الناس على سبيل التشبيه. و الكلام المستعار و المنقول من موضعه كثير. و الأمر فيه عند أهل اللغة مشهور.
قال أبو سليمان رحمه اللّه: و فيه وجه آخر، و هو أن هذه الأسماء مثال يراد بها إثبات معان لا حظ لظاهر الأسماء فيها من طريق الحقيقة. و إنما أريد بوضع الرجل عليها نوع من الزجر لها و التسكين من غربها، كما يقول القائل للشيء يريد محوه و إبطاله: جعلته تحت رجلي، و وضعته تحت قدمي. و خطب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عام الفتح فقال: «ألا إن كل دم و مأثرة في الجاهلية فهو تحت قدمي هاتين إلا سقاية الحاج، و سدانة البيت» (1). يريد محو تلك المآثر و إبطالها، و ما أكثر ما تضرب العرب الأمثال في كلامها بأسماء الأعضاء، و هي لا تريد أعيانها، كما تقول في الرجل يسبق منه القول أو الفعل ثم يقدم عليه «قد سقط في يده» ، أي ندم. و كقوله: «رغم أنف الرجل» . إذا ذل، «و علا .
ص: 504
كعبه» إذا جل. و «جعلت كلام فلان دبر أذني» ، و «جعلت يا هذا حاجتي بظهر» و نحوها من ألفاظهم الدائرة في كلامهم. و كقول امرئ القيس في وصف طول الليل:
فقلت له لما تمطى بصلبه و أردف إعجازا و ناء بكلكل
(1) و ليس هنالك صلب، و لا عجز، و لا كلكل. و إنما هي أمثال ضربها لما أراد من بيان طول الليل، و استقصاء الوصف له، فقطع الليل تقطيع ذي أعضاء من الحيوان. و قد تمطى عند إقباله و امتد (. . . . . .) بدوام ركوده و طول ساعاته. و قد تستعمل الرجل أيضا في القصد للشيء و الطلب له على سبيل جد و إلحاح. يقال: قام فلان في هذا الأمر على رجل، و قام على ساق إذا جد في الطلب، و بالغ في السعي. و هذا الباب كثير التصرف. فإن قيل:
فهلا تأولت اليد و الوجه على هذا النوع من التأويل، و جعلت الأسماء فيها أمثالا كذلك؟ قيل: إن هذه الصفات مذكورة في كتاب اللّه عز و جل بأسمائها، و هي صفات مدح. و الأصل أن كل صفة جاء بها الكتاب أو صحت بأخبار التواتر أو رويت من طريق الآحاد و كان لها أصل في الكتاب، أو خرجت على بعض معانيه، فإنا نقول بها و نجريها على ظاهرها من غير تكييف و ما لم يكن له في الكتاب ذكر و لا في التواتر أصل، و لا له بمعاني الكتاب تعلق، و كان مجيئه من طريق الآحاد، و أفضى بنا القول إذا أجريناه على ظاهره إلى التشبيه، فإنا نتأوله على معنى يحتمله الكلام و يزول معه معنى التشبيه. و هذا هو الفرق بين ما جاء من ذكر القدم و الرجل و الساق، و بين اليد و الوجه و العين، و باللّه العصمة، و نسأله التوفيق لصواب القول، و نعوذ باللّه من الخطأ و الزلل فيه، إنه رءوف رحيم.ثل
ص: 505
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا محمد بن إسحاق الصاغاني، نا عمرو بن طلحة، نا أسباط بن نصر عن السدي، عن أبي مالك، و عن أبي صالح، عن ابن عباس، و عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود و ناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم أن النبي صلى اللّه عليه و سلم تلا: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ (1)إلى قوله: وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ (2).
أما قوله: اَلْقَيُّومُ فهو القائم. و أما سِنَةٌ فهو ريح النوم التي تأخذ في الوجه فينعس الإنسان. و أما ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فالدنيا. و أما ما خَلْفَهُمْ فالآخرة. و أما لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ يقول: لا يعلمون شيئا من علمه إلا بما شاء هو يعلمهم. و أما وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فإن السموات و الأرض في جوف الكرسي، و الكرسي بين يدي العرش و هو موضع قدميه. و أما لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما فلا يثقل عليه. كذا في هذه الرواية موضع قدميه (3).
و قد أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو عمرو بن نجيد السلمي، أنا أبو مسلم الكجّيّ، نا أبو عاصم عن سفيان عن عمار الزهري عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ ، قال: موضع القدمين. قال: و لا يقدر قدر عرشه. كذا قال: موضع القدمين من غير إضافة. و قاله أيضا أبو موسى الأشعري من غير إضافة، و كأنه أصح.
و تأويله عند أهل النظر مقدار الكرسي من العرش كمقدار كرسي يكون عند سرير قد وضع لقدمي القاعد على السرير، فيكون السرير أعظم قدرا من الكرسي الموضوع دونه موضعا للقدمين. هذا هو المقصود من الخبر عند بعض أهل النظر. و اللّه أعلم. و الخبر موقوف لا يصح رفعه إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم. و أما3.
ص: 506
المتقدمون من أصحابنا فإنهم لم يفسروا أمثال هذه، و لم يشتغلوا بتأويلها مع اعتقادهم أن اللّه تعالى واحد غير متبعض و لا ذي جارحة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب قال:
سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: شهدت زكريا ابن علي سأل وكيعا فقال: يا أبا سفيان هذه الأحاديث يعني مثل الكرسي موضع القدمين و نحو هذا. . . فقال وكيع: أدركنا إسماعيل بن أبي خالد و سفيان و مسعرا يحدثون بهذه الأحاديث و لا يفسرون شيئا.
و أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنا أبو محمد بن حيان الأصبهاني فيما أجاز له جده عن العباس بن محمد، قال: سمعت أبا عبيد يقول هذه الأحاديث التي يقول فيها: «ضحك ربنا قنوط عباده» (1)و قرب غيره، «و إن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك قدمه فيها» (2)، «و الكرسي موضع القدمين» .
و هذه الأحاديث في الرواية هي عندنا حق حملها الثقات بعضهم عن بعض. غير أنا إذا سئلنا عن تفسيرها لا نفسرها. و ما أدركنا أحدا يفسرها.
و أما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا محمد بن إسحاق الصاغاني، نا إبراهيم بن المنذر الحزامي، نا محمد بن فليح عن أبيه عن سعيد بن الحارث عن عبيد بن حنين قال: بينما أنا جالس في المسجد إذ جاء قتادة بن النعمان فجلس فتحدث فثاب إليه أناس ثم قال: انطلق بنا إلى أبي سعيد الخدري فإني قد أخبرت أنه قد اشتكى فانطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد الخدري فوجدناه مستلقيا واضعا رجله اليمنى على اليسرى فسلمنا و جلسنا فرفع قتادة يده إلى رجل أبي سعيد الخدري فقرصها قرصة شديدة فقال أبو سعيد: سبحان اللّه يا ابن أمث.
ص: 507
أوجعتني. قال: ذاك أردت. إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه عز و جل لما قضى خلقه استلقى ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى، ثم قال: لا ينبغي لأحد من خلقي أن يفعل هذا.
قال أبو سعيد: لا جرم لا أفعله أبدا. فهذا حديث منكر. و لم أكتبه إلا من هذا الوجه. و فليح بن سليمان مع كونه من شرط البخاري و مسلم فلم يخرجا حديثه هذا في الصحيح. و هو عند بعض الحفاظ غير محتج به.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا العباس ابن محمد، قال: سمعت يحيى بن معين يقول: فليح بن سليمان لا يحتج بحديثه.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو عبد الرحمن السلمي، و أبو بكر أحمد ابن محمد الأشناني قالوا: أنا أبو الحسن الطرائفي، نا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: فليح ضعيف.
قال الشيخ أحمد: و بلغني عن أبي عبد الرحمن النسائي أنه قال: فليح ابن سليمان ليس بالقوي.
قال الشيخ: فإذا كان فليح بن سليمان المدني مختلفا في جواز الاحتجاج به عند الحفاظ لم يثبت بروايته مثل هذا الأمر العظيم. و فيه علة أخرى و هي أن قتادة بن النعمان مات في خلافة عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه و صلى عليه عمر. و عبيد بن حنين مات سنة خمس و مائة و له خمس و سبعون سنة في قول الواقدي و ابن بكبر، فتكون روايته عن قتادة منقطعة.
و قال الراوي: و انطلقنا حتى دخلنا على أبي سعيد لا يرجع إلى عبيد بن حنين و إنما يرجع إلى من أرسل عنه، و نحن لا نعرفه فلا نقبل المراسيل في الأحكام. فكيف في هذا الأمر العظيم؟ ثم إن صح طريقه يحتمل أن يكون النبي صلى اللّه عليه و سلم حدث به عن بعض أهل الكتاب عن طريق الإنكار فلم يفهم عنه قتادة بن النعمان إنكاره.
أخبرنا أبو جعفر الغرابي، أنا أبو العباس الصبغي، نا الحسن بن علي
ص: 508
ابن زياد، نا أبي أويس، حدثني بن أبي الزناد عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن عروة بن الزبير أن الزبير بن العوام سمع رجلا يحدث حديثا عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فاستمع الزبير له حتى إذا قضى الرجل حديثه، قال له الزبير: أنت سمعت هذا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قد لعمري سمعت هذا من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أنا يومئذ حاضر، و لكن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ابتدأ هذا الحديث فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حدثه إياه فجئت أنت يومئذ بعد أن قضى صدر الحديث و ذكر الرجل الذي من أهل الكتاب فظننت أنه من حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
قال الشيخ: و لهذا الوجه من الاحتمال ترك أهل النظر من أصحابنا الاحتجاج بأخبار الآحاد في صفات اللّه تعالى إذا لم يكن لما انفرد منها أصل في الكتاب أو الإجماع و اشتغلوا بتأويله، و ما نقل في هذا الخبر إنما يفعله في الشاهد من الفارغين من أعمالهم من مسه لغوب (1)، أو أصابه نصب مما فعل ليستريح بالاستلقاء و وضع إحدى رجليه على الأخرى. و قد كذب اللّه تعالى اليهود حين وصفوه بالاستراحة بعد خلق السموات و الأرض و ما بينهما فقال:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ* فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ (2) .
حدثنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي بالكوفة، نا الحسين بن حميد بن الربيع، نا هناد بن السري، نا أبو بكر بن عياش عن أبي سعيد عن عكرمة عن ابن عباس أن اليهود أتت النبي صلى اللّه عليه و سلم فسألت عن خلق السموات و الأرض فقال: خلق الأرض يوم الأحد و الاثنين، و خلق الجبال يوم الثلاثاء و ما فيهن من المنافع و خلق يوم الأربعاء الشجر و الماء و المدائن و العمران و الخراب، فهذه أربعة، فقال عز من قائل:
أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اَلْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ اَلْعالَمِينَ* وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ9.
ص: 509
أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ (1) . و خلق يوم الخميس السماء، و خلق يوم الجمعة النجوم و الشمس و القمر و الملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه، فخلق في أول ساعة من هذه الثلاث من الساعات الآجال حين يموت من مات، و في الثانية ألقى الآفة على كل شيء مما ينتفع به الناس. و في الثالثة آدم و أسكنه الجنة، و أمر إبليس بالسجود له، و أخرجه منها في آخر ساعة، ثم قالت اليهود: ثم ما ذا يا محمد؟ قال: ثم استوى على العرش. قالوا: قد أصبت لو أتممت.
قالوا: ثم استراح. قال: فغضب النبي صلى اللّه عليه و سلم غضبا شديدا فنزلت: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ* فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، نا إبراهيم بن الحسن، نا آدم، نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ، قال: اللغوب: النصب. تقول اليهود: إنه أعيى بعد خلقهما.
قال الشيخ رضي اللّه عنه: و أما النهي عن وضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى، فقد رواه أبو الزبير عن جابر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم دون هذه القصة، و حمله أهل العلم على ما يخشى من انكشاف العورة و هي الفخذ إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى مستلقيا. و الإزار ضيق. و هو جائز عند الجميع إذا لم يخش ذلك.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي، قالا: أنا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا بحر بن نصر نا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، قال: حدثني عباد بن تميم عن عمه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يستلقي في المسجد و إحدى رجليه على الأخرى.
و زاد أبو زكريا في روايته، قال: و زعم عباد أن عمر بن الخطاب و عثمان9.
ص: 510
ابن عفان كانا يفعلان. رواه مسلم في الصحيح عن أبي طاهر، و حرملة عن ابن وهب (1).
و أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، نا أبو داود القعنبي، نا مالك عن ابن شهاب ح.
و أخبرنا أبو علي أنا أبو محمد عبد اللّه بن عمر بن شوذب الواسطي بها، نا أحمد بن سنان، نا يزيد بن هارون، أنا إبراهيم بن سعد، أخبرني ابن شهاب، عن عباد بن تميم عن عمه-و هو عبد اللّه بن زيد-أنه رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى. لفظ حديث مالك. زاد إبراهيم في روايته: و أنه فعل ذلك أبو بكر و عمر و عثمان. رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي، عن مالك، عن أحمد بن يونس، عن إبراهيم بن سعد. و رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك (2).
و أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، أنا أبو داود، نا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان رضي اللّه عنهما كانا يفعلان ذلك.
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، نا أبو العباس الأصم نا بحر بن نصر، نا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، قال: حدثني عمر بن عبد العزيز أن محمد بن نوفل أخبره أنه رأى أسامة بن زيد في مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مضطجعا و إحدى رجليه على الأخرى.ه.
ص: 511
قال الشيخ: و قال بعض أهل النظر في حديث قتادة بن النعمان: معناه لما خلق ما أراد خلقه، ترك إدامة مثله، و لو شاء لأدام. هذا مثل جار في من فرغ مما قصده فلان استلقى على ظهره و إن لم يكن اضطجع. و يحتمل أن يكون استلقى بمعنى ألقى، فيكون معناه أنه ألقى بعض السموات فوق بعض. وَ أَلْقى فِي اَلْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ (1)و تكون السين بمثابته في استدعى و استبرى. و أما تأويل قوله: «ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى» أي رفع قوما على قوم، فجعل بعضهم سادة و بعضهم عبيدا. و الرجل جماعة، أو جعلهم صنفين في الشقاوة أو السعادة أو الغنى و الفقر، أو الصحة و السقم. يؤيده حديث الزهري عن عباد بن تميم المازني عن عبد اللّه بن زيد أنه رأى النبي صلى اللّه عليه و سلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى (2).
و كان أبو بكر، و عمر، و عثمان رضي اللّه عنهم يفعلون ذلك.
و أما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو العباس محمد بن يعقوب، نا أحمد بن عبد الجبار، نا يونس بن بكير عن ابن اسحاق، قال:
حدثني يعقوب بن عتبة عن عكرمة، عن ابن عباس أنشد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من قول أمية بن الصلت:
رجل و ثور تحت رجل يمينه و النسر للأخرى و ليث مرصد
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «صدق» و أنشد قوله: - و الشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صدق: - تأبى فما تبدو لنا في رسلها إلا معذبة و إلا تجلد
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم صدق. فهذا حديث يتفرد به محمد بن إسحاق بن5.
ص: 512
يسار بإسناده هذا. و إنما أريد به ما جاء في حديث آخر عن ابن عباس أن الكرسي يحمله أربع من الملائكة، ملك في صورة رجل، و ملك في صورة أسد، و ملك في صورة ثور، و ملك في صورة نسر. فكأنه-إن صح-بين أن الملك الذي في صورة رجل، و الملك الذي في صورة ثور يحملان من الكرسي موضع الرجل اليمنى، و الملك الذي في صورة النسر و الذي في صورة الأسد و هو الليث يحملان من الكرسي موضع الرجل الأخرى أن لو كان الذي عليه ذا رجلين.
ص: 513
ما جاء في تفسير قوله عز و جل: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّهِ (1).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه، أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي، حدثنا إبراهيم ابن الحسين الكسائي، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عز و جل: أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب اللّه» . يعني ما ضيعت من أمر اللّه.
ص: 514
ما جاء في تفسير الروح، و قوله عز و جل: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (1).
و قول اللّه عز و جل: إِنَّمَا اَلْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اَللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ (2). و قوله: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الصفار، نا أحمد بن محمد بن نصر اللباد، نا عمرو بن حماد بن طلحة، نا أسباط بن نصر عن السدي، عن أبي مالك، و عن أبي صالح، عن ابن عباس، و عن مرة الهمداني عن ابن مسعود في قصة خلق آدم عليه السلام، قال: فبعث جبريل عليه السلام إلى الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت الأرض: إني أعوذ باللّه منك أن تنقص مني أو تشينني، فرجع و لم يأخذه، و قال: رب إنها عاذت بك فأعذتها. فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها.
فرجع فقال كما قال جبريل، فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال: و أنا أعوذ باللّه أن أرجع و لم أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأرض و خلط فلم يأخذ من مكان واحد، و أخذ من تربة حمراء و بيضاء و سوداء. فلذلك خرج بنو آدم
ص: 515
مختلفين، و لذلك سمى آدم لأنه أخذ من أديم الأرض، فصعد به قبل التراب حتى عاد طينا لاذبا. -اللاذب هو الذي يلزق بعضه ببعض-ثم ترك حتى أنتن فذلك حيث يقول: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (1)قال: منتن. ثم قال للملائكة: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (2). فخلقه اللّه بيده لئلا يتكبر إبليس عنه ليقول: أ تتكبر عما عملت بيدي، و لم أتكبر أنا عنه، فخلقه بشرا، فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه، و كان أشدهم فزعا منه إبليس، يمر به فيضربه، فيصوت الجسد كما يصوت الفخار تكون له صلصلة، فذلك حين يقول: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ (3).
و يقول: لأمر ما خلقت، و دخل من فمه فخرج من دبره. فقال للملائكة: لا ترهبوا من هذا فإنه أجوف، و لئن سلطت عليه لأهلكنه، فلما بلغ الحين الذي أريد أن ينفخ فيه الروح، قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له. فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه، عطس. فقالت له الملائكة:
قل: الحمد للّه. فقال: الحمد للّه. فقال اللّه له: رحمك ربك. فلما دخل الروح في عينيه، نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أن يبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول:
خُلِقَ اَلْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ (4) . فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ اَلسّاجِدِينَ (5). . . و ذكر القصة. و بهذا الإسناد في قصة مريم و ابنها قالوا: خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها. فلما طهرت إذا هي برجل معها، و هو قوله عز و جل: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (6). و هو جبريل عليه السلام، ففزعت منه و قالت:7.
ص: 516
إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا* قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا. . . (1) الآية. فخرجت و عليها جلبابها فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها و كان مشقوقا من قدامها، فدخلت النفخة صدرها، فحملت، فأتتها أختها امرأة زكريا ليلة لتزورها، فلما فتحت لها الباب التزمتها، فقالت امرأة زكريا: يا مريم أشعرت أني حبلى؟ قالت مريم: أشعرت أيضا أني حبلى؟ قالت امرأة زكريا: فإني وجدت ما في بطني يسجد للذي في بطنك. فذلك قوله عز و جل: مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اَللّهِ. . (2). و ذكر القصة.
قال الشيخ رضي اللّه عنه: فالروح الذي منه نفخ في آدم عليه السلام كان خلقا من خلق اللّه تعالى جعل اللّه عز و جل حياة الأجسام به. و إنما أضافه إلى نفسه على طريق الخلق و الملك، لا أنه جزء منه، و هو كقوله عز و جل:
وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ (3) أي من خلقه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري، أنا الحسن بن محمد بن إسحاق، نا يوسف بن يعقوب، نا محمد بن أبي بكر، نا وكيع، نا الأعمش عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه قال: كنت أمشي مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في حرث بالمدينة و هو متوكئ على عسيب، فمر بقوم من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. و قال بعضهم: لا تسألوه. فسألوه، فقالوا: يا محمد ما الروح؟ فوقف. قال عبد اللّه: فظننت أنه يوحى إليه. فقرأ:
وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي. . . (4) الآية. فقال بعضهم: قد قلنا لكم: لا تسألوه. أخرجاه في الصحيح من حديث وكيع و غيره (5).ش.
ص: 517
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: أما الروح فقد اختلفوا فيما وقعت عنه المساءلة من الأرواح، فقال بعضهم: الروح هاهنا جبريل عليه السلام.
و قال بعضهم: هو ملك من الملائكة بصفة وصفوها من عظم الخلقة. قال:
و ذهب أكثر أهل التأويل إلى أنهم سألوه عن الروح الذي به تكون حياة الجسد. و قال أهل النظر منهم: إنما سألوه عن كيفية الروح و مسلكه في بدن الإنسان، و كيف امتزاجه بالجسم و اتصال الحياة به. و هذا شيء لا يعلمه إلا اللّه عز و جل. و قد ثبت عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف» (1). و قال: «أرواح الشهداء في صور طير خضر تعلق من ثمر الجنة» (2). فأخبر أنها كانت منفصلة من الأبدان فاتصلت بها، ثم انفصلت عنها. و هذا من صفة الأجسام.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا علي بن عيسى الحيري، نا مسدد بن قطن، نا عثمان بن أبي شيبة، نا عبد اللّه بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: لما أصيب إخوانكم بأحد، جعل اللّه أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، و تأكل من ثمارها، و تأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم و مشربهم و مقيلهم، قالوا:
من يبلغ إخواننا عنا أنّا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد، و لا يتكلموا في الحرب؟ فقال اللّه: أنا أبلغهم عنكم. فأنزل اللّه عز و جل: وَ لا .
ص: 518
تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ. . . (1) الآيات.
و قد ثبت معنى هذا عن عبد اللّه بن مسعود من قوله: أخبرنا أبو علي الروذباري، نا أبو أحمد القاسم بن أبي صالح الهمداني، نا إبراهيم بن الحسين، نا سعيد بن أبي مريم، نا يحيى بن أيوب، نا يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف» (2).
و أخبرنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الحافظ رحمه اللّه، أنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم الأنباري نا إبراهيم بن إسحاق الحربي، نا يحيى بن معين، نا سعيد بن الحكم، حدثني يحيى بن أيوب، حدثني يحيى بن سعيد، عن عمرة، قالت: كانت بمكة امرأة مزاحة، فقدمت المدينة، فنزلت على امرأة مثلها، فبلغ عائشة، قالت: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: . . . فذكره.
أخرجه البخاري في الصحيح فقال: و قال يحيى بن أيوب. فذكره.
و كذلك رواه الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد الأنصاري.
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد عبيد الصفار، نا عبيد بن شريك، نا أبو الجماهر، نا عبد العزيز ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه بن يعقوب، نا محمد بن شاذان، و أحمد بن سلمة، قالا: نا قتيبة بن سعيد، نا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، قال:
«الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف» . رواها.
ص: 519
مسلم في الصحيح عن قتيبة (1). و أخرجه أيضا من حديث يزيد بن الأصم عن أبي هريرة يرفعه، قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: هذا يتأول على وجهين: -أحدهما: أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير و الشر و الصلاح و الفساد. فإن الخير من الناس يحن إلى شكله، و الشرير يميل إلى نظيره و مثله. و الأرواح إنما تتعارف بضرائب طباعها التي جبلت عليها من الخير و الشر. فإذا اتفقت الأشكال تعارفت و تآلفت. و إذا اختلفت تنافرت و تناكرت. و لذلك صار الإنسان يعرف بقرينة، و يعتبر حاله بإلفه و صحبه.
و الوجه الآخر: إنه إخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما روي في الأخبار أن اللّه عز و جل خلق الأرواح قبل الأجسام، و كانت تلتقي فتشام كما تشام الخيل. فلما التبست بالأجسام تعارفت بالذكر الأول، فصار كل منهما إنما يعرف و ينكر على ما سبق له من العهد المتقدم و اللّه أعلم.
قلت: و أما قوله في عيسى عليه الصلاة و السلام: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا (2)يريد جيب درع مريم عليها السلام. و قوله: «فيها» يريد نفس مريم. و ذلك أن جبريل عليه الصلاة و السلام نفخ في جيب درعها، فوصل النفخ إليها. و قوله مِنْ رُوحِنا أي: من نفخ جبريل عليه السلام.
قال القتيبي: الروح: النفخ. سمى روحا لأنه ريح يخرج عن الروح.
قال ذو الرمة:
فقلت له: ارفعها إليك و أحيها بروحك و اجعله لها قينة قدرا
قوله: أحيها بروحك، أي: أحيها بنفخك. فالمسيح ابن مريم روح اللّه، لأنه كان بنفخة جبريل عليه الصلاة و السلام في درع مريم. و نسب الروح إليه لأنه بأمره كان.
قال بعض المفسرين: و قد تكون الروح بمعنى الرحمة.2.
ص: 520
قال اللّه عز و جل: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ (1)أي: قواهم برحمة منه.
فقوله: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا أي: من رحمتنا. و يقال لعيسى: روح اللّه، أي: رحمة اللّه على من آمن به.
و قيل: قد يكون الروح بمعنى الوحي. قال اللّه عز و جل: يُلْقِي اَلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ (2). و قال: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا (3). و قال: يُنَزِّلُ اَلْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ (4). يعني بالوحي و إنما سمي الوحي روحا لأنه حياة عن الجهل، فلذلك سمي المسيح عيسى بن مريم روحا لأن اللّه تعالى يهدي به من اتبعه فيحييه من الكفر و الضلالة. و قال: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا (5). أي: صار بكلمتنا كن بشرا من غير أب. و سمى جبريل عليه السلام روحا فقال: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ اَلْقُدُسِ (6). يعني جبريل عليه السلام. و قال: نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ (7). يعني جبريل عليه السلام. و قال: وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ اَلْقُدُسِ (8).
يعني جبريل عليه السلام. و قال: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا (9). يعني جبريل عليه السلام. و قال: تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ فِيها (10). قيل: أراد به جبريل عليه السلام. و قيل: أراد به الملك المعظم الذي أراد بقوله: يَوْمَ يَقُومُ اَلرُّوحُ وَ اَلْمَلائِكَةُ صَفًّا (11).
و قوله: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي (12).5.
ص: 521
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن القاضي، حدثنا إبراهيم بن الحسين، نا آدم بن أبي إياس، نا هشيم عن أبي بشر، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: الروح أمر من أمر اللّه عز و جل، و خلق من خلق اللّه تعالى، صورهم على صورة بني آدم، و ما نزل من السماء ملك إلا و معه واحد من الروح.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، أنا أبو الحسن الطرائفي، حدثنا عثمان ابن سعيد، حدثنا عبد اللّه بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ ، يقول:
الروح ملك. و بإسناده عن معاوية بن صالح قال: حدثني أبو هزان يزيد بن سمرة عمن حدثه عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قال في قوله:
وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ ، قال: هو ملك من الملائكة له سبعون ألف وجه، بكل وجه منها سبعون ألف لسان، لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح اللّه تعالى بتلك اللغات، يخلق من كل تسبيحة ملك يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و محمد بن موسى بن الفضل، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح في قوله: يَوْمَ يَقُومُ اَلرُّوحُ وَ اَلْمَلائِكَةُ (1)قال: الروح خلق كالناس، و ليسوا بالناس لهم أيد و أرجل.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، نا أبو الحسين محمد بن عبد اللّه القهستاني، حدثنا محمد بن أيوب، أنا نصر بن علي الجهضمي أخبرني أبي عن شعبة عن الأعمش عن مجاهد، قال: الروح نحو خلق الإنسان.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن كامل القاضي، حدثنا محمد بن سعد العوفي، حدثني أبي، حدثني عمي الحسين بن الحسن بن عطية، حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله: يَوْمَ يَقُومُ اَلرُّوحُ وَ اَلْمَلائِكَةُ8.
ص: 522
صَفًّا (1) قال: يعني حين يقوم أرواح الناس مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد الروح إلى الأجساد. و في كيفية حمل مريم عليها الصلاة و السلام قول آخر عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني محمد بن علي الشيباني بالكوفة، أنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، أنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه قال: كان روح عيسى بن مريم عليهما الصلاة و السلام من تلك الأرواح التي أخذ اللّه عليها الميثاق في زمن آدم عليه الصلاة و السلام، فأرسله إلى مريم في صورة بشر، فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (2). تلا إلى قوله: فَحَمَلَتْهُ (3). قال: حملت الذي خاطبها و هو روح عيسى. قال: فدخل من فيها.2.
ص: 523
ما روي في الرحم أنها قامت فأخذت
بحقو الرحمن
أخبرنا أبو الحسين العلوي، أنا حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا عبد الرحمن بن منيب، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا معاوية بن أبي مزرد ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، نا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن معاوية بن أبي مزرد مولى بني هاشم، حدثني أبو الحباب سعيد بن يسار، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه عز و جل خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال: مه. فقالت: هذا مكان العائذ من القطيعة؟ قال: نعم. أ ما ترضين أن أصل من وصلك، و أقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك» . ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اقرءوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ* أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اَللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ* أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (1).
رواه البخاري في الصحيح عن إبراهيم بن حمزة. و رواه مسلم عن قتيبة، عن حاتم، و رواه سليمان بن بلال عن معاوية بن أبي مزرد فقال:
ص: 524
«فأخذت بحقو الرحمن» (1)، و معناه عند أهل النظر أنها استجارت و اعتصمت باللّه عز و جل كما تقول العرب: تعلقت بظل جناحه. أي اعتصمت به.
و قيل: الحقو: الإزار. و إزاره عزه. بمعنى أنه موصوف بالعز، فلاذت الرحم بعزه من القطيعة، و عاذت به.
و قد رواه معاوية بن أبي مزرد عن يزيد بن رومان، عن عروة عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: إن الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله اللّه، و من قطعني قطعه اللّه (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو عمر بن أبي جعفر، حدثنا الحسن ابن سفيان، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن معاوية. . . فذكره. رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، فيحتمل أن يكون هذا مراده بالخبر الأول.
و قد أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا أبو توبة، حدثنا يزيد بن ربيعة الرحبي عن أبي الأشعث الصنعاني، عن أبي عثمان الصنعاني عن ثوبان رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «ثلاث معلقات بالعرش، الرحم تقول: اللهم إني بك فلا أقطع. و الأمانة تقول: اللهم إني بك فلا أختان. و النعمة تقول:
اللهم إني بك فلا أكفر (3)» .
و أما ما أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف، حدثنا أبو عبد اللّه محمد بنء.
ص: 525
اسحاق القرشي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو محمد بن يوسف، و أبو بكر القاضي، قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني، حدثنا سعيد بن أبي مريم، أنا سليمان بن بلال، أخبرني معاوية بن أبي مزرد، عن يزيد بن رومان، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«الرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله اللّه، و من قطعها قطعه اللّه (1)» .
لفظ حديث الصاغاني. و في رواية الدارمي: «الرحم شجنة من الرحمن» .
رواه البخاري عن ابن أبي مريم. و رواه حاتم بن معاوية، فقال: «الرحم شجنة من الرحمن» . و كذلك روى في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه و غيره. و إنما أراد-و اللّه أعلم-أن اسم الرحم شعبة مأخوذة من تسمية الرحمن، و ذلك بين فيما أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا إسماعيل الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر عن الزهري، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا الرداد الليثي أخبره عن عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «قال اللّه عز و جل: أنا الرحمن خلقت الرحم، و شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته، و من قطعها بتته» (2). كذا قال الرمادي و جماعة عن عبد الرزاق. و قال بعضهم: إن أبا الرداد الليثي أخبره.
و كذلك قاله جماعة عن الزهري. .
ص: 526
ما روي في الإظلال بظله يوم لا ظل إلا ظله
أخبرنا أبو عبيد اللّه محمد بن الفضل بن نظيف المصري بمكة، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت-إملاء-حدثنا علي بن عبد العزيز المكي، حدثنا القعنبي، عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد الخدري، أو عن أبي هريرة رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«سبعة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، و شاب نشأ بعبادة اللّه عز و جل، و رجل ذكر اللّه خاليا ففاضت عيناه، و رجل دعته ذات حسب و جمال فقال: إني أخاف اللّه، و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، و رجل كان قلبه معلقا بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، و رجلان تحابا في اللّه تعالى اجتمعا على ذلك و تفرقا عليه» . أخرجه البخاري في الصحيح (1)، و أخرجاه من حديث عبيد اللّه بن عمر عن خبيب، و معناه عند أهل النظر إدخاله إياهم في رحمته و رعايته، كما يقال: أسبل الأمير أو الوزير ظله على فلان، بمعنى الرعاية. و قد قيل: المراد بالخبر ظل العرش.
و إنما الإضافة إلى اللّه تعالى وقعت على معنى الملك. و احتج من قال ذلك بما
ص: 527
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا اسماعيل الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر عن قتادة، قال: إن سلمان قال: التاجر الصدوق مع السبعة في ظل عرش اللّه تعالى يوم القيامة. ثم ذكر السبعة المذكورين في الخبر المرفوع، و روى لفظ العرش في الحديث المرفوع.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو محمد، أحمد بن عبد اللّه المزني بنيسابور، و أبو بكر محمد بن أبي بكر الشافعي بهمدان، و أبو عمرو محمد بن جعفر العدل، قالوا: حدثنا جعفر بن محمد بن الليث، حدثنا عمرو بن مرزوق، أنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «سبعة يظلهم اللّه تعالى تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد، و رجل دعته امرأة ذات منصب فقال: إني أخاف اللّه عز و جل، و رجلان تحابا في اللّه، و رجل غض عينيه عن محارم اللّه تعالى، و عين حرست في سبيل اللّه، و عين بكت من خشية اللّه» (1). و روي ذلك أيضا عن عبد اللّه ابن عمر بن حفص عن خبيب، و روي أيضا عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه.ث.
ص: 528
ذكر الحديث المنكر الموضوع على حماد بن سلمة
عن أبي المهزم في إجراء الفرس
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الماليني، أنا أبو أحمد عبد اللّه بن عدي الحافظ، قال محمد بن شجاع الثلجي، و كان يضع أحاديث في التشبيه نسبها إلى أصحاب الحديث ليثلبهم بها، روى عن حبان بن هلال، و حبان ثقة، عن حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه تعالى خلق الفرس فأجراها فعرقت، ثم خلق نفسه منها مع (1)أحاديث كثيرة وضعها من هذا النحو تعصبا ليثلب أهل الأثر بذلك.
أخبرنا أبو سعيد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، قال: سمعت موسى ابن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب يقول: كان ابن الثلجي يقول: من كان الشافعي؟ و يقع فيه، فلم يزل يقول هذا حتى حضرته الوفاة. فقال: رحم اللّه أبا عبد اللّه-يعني الشافعي-و ذكر علمه و قال: قد رجعت عما كنت أقول فيه.
قلت: و أبو المهزم و إن كان متروكا فلا يحتمل مثل هذا، و لا حماد بن سلمة يستجيز أن يروى عنه مثل هذا، فإنما الحمل منه على من دون حبان ابن هلال كما قاله ابن عدي، ثم حال أبي المهزم و اسمه يزيد بن سفيان البصري عند أهل العلم بالحديث كما أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد،
ص: 529
أنا عمرو بن السماك، حدثنا حنبل بن إسحاق، سمعت مسلم بن إبراهيم، قال: سأل رجل شعبة عن حديث لأبي المهزم فقال: شعبة: أبو المهزم رأيته مطروحا في مسجد ثابت، و لو أعطاه إنسان فلسين، أو قال: درهمين. حدثه سبعين حديثا.
و أخبرنا أبو سعيد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، حدثنا ابن حماد، حدثنا معاوية عن يحيى-يعني ابن معين-قال: أبو المهزم يزيد بن سفيان ليس حديثه بشيء.
قال: و سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: تركه شعبة، يعني أبا المهزم.
قال أبو أحمد: و قال أبو عبد الرحمن النسائي: يزيد بن سفيان يعني أبا المهزم بصري متروك الحديث.
قلت: و كان يحيى بن سعيد القطان لا يروي من حديثه شيئا.
ص: 530
قال اللّه عز و جل: اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ (1). و قال تعالى: وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (2). و قال جل و علا: فَعّالٌ لِما يُرِيدُ (3). و قال تبارك و تعالى: إِنَّ اَللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (4). إلى سائر ما ورد في كتاب اللّه تعالى من الآيات التي تدل على أن مصدر ما سوى اللّه من اللّه، على معنى أنه هو الذي أبدعه و اخترعه، لا إله غيره، و لا خالق سواه.
ص: 531
قال اللّه عز و جل: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ (1).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال البزاز، حدثنا فليح بن نوح أبو نصر ح.
و أخبرنا أبو طاهر، حدثنا أبو العباس أحمد بن هارون الفقيه-إملاء-حدثنا بشر بن موسى قالا: أنا عبد اللّه بن يزيد المقري، حدثنا حياة، و ابن لهيعة، قالا: حدثنا أبو هانئ حميد بن هانئ الخولاني، قال: سمعت أبا عبد الرحمن الحبلي، قال: سمعت عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما يقول: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: قدر اللّه المقادير قبل أن يخلق السموات و الأرض.
بخمسين ألف سنة. رواه مسلم في الصحيح (2)عن ابن أبي عمر عن المقري، عن حياة وحده.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا جعفر بن محمد بن نصير الخواص، حدثنا إسحاق بن إبراهيم النجيبي بمصر ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا عبيد بن عبد الواحد،
ص: 532
قالا: حدثنا ابن أبي مريم، حدثنا الليث و نافع بن يزيد، قالا: حدثنا أبو هاني عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «فرغ اللّه عز و جل من المقادير و أمور الدنيا قبل أن يخلق السموات و الأرض و عرشه على الماء بخمسين ألف سنة» (1). رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن سهل بن عسكر التميمي عن ابن أبي مريم. و قوله: «فرغ» أي: يريد به إتمام خلق المقادير، لا أنه كان مشغولا به و فرغ منه لأن اللّه تعالى لا يشغله شيء عن شيء. فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. و رواه ابن وهب عن أبي هانئ فقال: كتب. و زاد أيضا ما زاد من قوله: و عرشه على الماء.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ، حدثني أبو بكر محمد بن أحمد بالويه، أنا بشر بن موسى، حدثنا معاوية بن عمر، و حدثنا أبو إسحاق الفراري عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز، عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه قال: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فعقلت ناقتي بالباب، ثم دخلت، فأتاه نفر من بني تميم، فقال: اقبلوا البشرى يا بني تميم. قالوا: قد بشرتنا فأعطنا. فجاءه نفر من أهل اليمن، فقال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها إخوانكم بنو تميم.
قالوا: قبلنا يا رسول اللّه، أتيناك لنتفقه في الدين و لنسألك عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: كان اللّه عز و جل و لم يكن شيء غيره. و كان عرشه على الماء. ثم كتب جل ثناؤه في الذكر كل شيء، ثم خلق السموات و الأرض. قال: ثم أتاني رجل فقال: أدرك ناقتك فقد ذهبت. فخرجت فوجدتها ينقطع دونها السراب، و أيم اللّه لوددت أني كنت تركتها. أخرجه البخاري في الصحيح (2)من حديث الأعمش. .
ص: 533
و قوله: «كان اللّه عز و جل و لم يكن شيء غيره» ، يدل على أنه لم يكن شيء غيره لا الماء و لا العرش و لا غيرهما، فجميع ذلك غير اللّه تعالى.
و قوله: «كان عرشه على الماء» ، يعني ثم خلق الماء و خلق العرش على الماء، ثم كتب في الذكر كل شيء كما رويناه في حديث عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما. و ذلك بين في حديث أبي رزين العقيلي.
أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبد اللّه بن جعفر بن أحمد، حدثنا يونس بن حبيب، حدثنا أبو داود حدثنا حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن أبي رزين-يعني العقيلي-قال: كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يكره أن يسأل. فإذا سأله أبو رزين أعجبه، قال: قلت: يا رسول اللّه، أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات و الأرض؟ قال صلى اللّه عليه و سلم: كان في عماء ما فوقه هواء و ما تحته هواء، ثم خلق العرش على الماء. هذا حديث تفرد به يعلى بن عطاء، عن وكيع بن حدس.
و قال ابن عدس: و لا نعلم لوكيع بن حدس هذا راويا غير يعلى بن عطاء.
و وجدته في كتابي في عماء مقيدا بالمد. فإن كان في الأصل ممدودا، فمعناه سحاب رقيق. و يريد بقوله: «في عماء» أي فوق سحاب مدبرا له، و عاليا عليه، كما قال تعالى: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي اَلسَّماءِ (1). يعني من فوق السماء. و قال: لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ اَلنَّخْلِ (2)يعني: على جذوعها.
و قوله: «ما فوقه هواء» ، أي: ما فوق السحاب هواء. و كذلك قوله: «و ما تحته هواء» ، أي: ما تحت السحاب هواء. و قد قيل: إن ذلك من العمى مقصورا.
و العمى إذا كان مقصورا، فمعناه لا شيء ثابت، لأنه مما يعمي على الخلق لكونه غير شيء. و كأنه قال في جوابه: كان قبل أن يخلق خلقه و لم يكن شيء غيره كما قال في حديث عمران بن حصين رضي اللّه عنه، ثم قال: فما فوقه و لا تحته هواء. أي: ليس فوق العمى الذي لا شيء موجود هواء و لا تحته هواء، لأن ذلك إذا كان غير شيء فليس يثبت له هواء بوجه. و اللّه أعلم.1.
ص: 534
و قال أبو عبيد الهروي صاحب الغريبين: و قال بعض أهل العلم: معناه: أين كان عرش ربنا؟ فخذف اختصارا، كقوله: وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ (1). أي: أهل القرية. و يدل على ذلك قوله: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْماءِ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو بكر محمد بن عبد اللّه الشافعي، حدثنا إسحاق بن الحسن، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان عن الأعمش عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه سئل عن قوله عز و جل: «و كان عرشه على الماء» على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا يحيى ابن أبي طالب، أنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد اللّه بن المبارك، حدثنا رياح بن زيد، عن عمر بن حبيب، عن القاسم بن أبي برة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه كان يحدث أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: إن أول شيء خلقه اللّه تعالى القلم، و أمره فكتب كل شيء يكون. و يروي ذلك أيضا عن عبادة ابن الصامت رضي اللّه عنه مرفوعا. و إنما أراد-و اللّه أعلم- «أول شيء خلقه بعد خلق الماء و الريح و العرش القلم» . و ذلك بين في حديث عمران بن الحصين رضي اللّه عنه: ثم خلق السموات و الأرض. و في حديث أبي ظبيان عن ابن عباس رضي اللّه عنهما موقوفا عليه: ثم خلق النون فدحا الأرض عليها (3).
أخبرنا أبو ذر محمد بن أبي الحسين بن أبي القاسم المزكي، أنا أبو الفضل الحسن بن يعقوب، حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه العبسي، حدثنا وكيع عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: إن أول ما خلق اللّهه.
ص: 535
عز و جل من شيء القلم. فقال: أكتب: فقال: يا رب و ما أكتب؟ قال:
أكتب القدر، فجرى بما هو كائن من ذلك اليوم إلى قيام الساعة. قال: ثم خلق النون فدحا الأرض عليها، فارتفع بخار الماء، ففتق منه السموات، و اضطرب النون، فمادت الأرض فأثبتت بالجبال. و إن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس-هو الأصم-حدثنا الصاغاني، أنا الحسن بن موسى، أنا أبو هلال محمد بن سليم، حدثنا حيان الأعرج، قال: كتب يزيد بن أبي مسلم إلى جابر ابن زيد يسأله عن بدء الخلق، قال: العرش، و الماء، و القلم. و اللّه أعلم.
أي ذلك بدأ قبل.
و أخبرنا أبو نصر بن قتادة، أنا أبو منصور النضروي، حدثنا أحمد بن نجدة، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن مجاهد، قال:
بدء الخلق العرش، و الماء، و الهواء. و خلقت الأرضون من الماء. و قال: بدأ الخلق يوم الأحد، و الاثنين، و الثلاثاء، و الأربعاء، و الخميس، و جمع الخلق يوم الجمعة، و تهودت اليهود يوم السبت. و يوم من الستة الأيام كألف سنة مما تعدون.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الصفار، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا عمرو بن حماد بن طلحة، حدثنا أسباط عن السدي عن أبي مالك و عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، و عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، و عن ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في قوله عز و جل: هُوَ اَلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ (2)، قال: إن اللّه تبارك و تعالى كان عرشه9.
ص: 536
على الماء و لم يخلق شيئا قبل الماء. فلما أراد أن يخلق الخلق، أخرج من الماء دخانا، فارتفع فوق السماء، فسما عليه، فسماه سماء، ثم أيبس الماء فجعله أرضا واحدة. ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد و الاثنين، فخلق الأرض على الحوت، و الحوت هو النون الذي ذكره اللّه تعالى في القرآن يقول: ن وَ اَلْقَلَمِ (1). و الحوت في الماء. و الماء على صفاة، و الصفاة على ظهر ملك، و الملك على الصخرة، و الصخرة في الريح. و هي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء و لا في الأرض، فتحرك الحوت فاضطرب، فتزلزلت الأرض، فأرسل عليها الجبال فقرت. فالجبال تفخر على الأرض.
و ذلك قوله تعالى: وَ أَلْقى فِي اَلْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ (2). و خلق الجبال فيها و أقوات أهلها، و شجرها، و ما ينبغي لها في يومين، في الثلاثاء و الأربعاء. و ذلك حين يقول: أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اَلْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ اَلْعالَمِينَ* وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها (3). يقول: أنبتت شجرها. وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها (4)يقول:
أقواتها لأهلها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ (5). يقول: من سأل فهكذا الأمر. ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ (6). و كان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سماوات في يومين في الخميس و الجمعة. و إنما سمى يوم الجمعة، لأنه جمع فيه خلق السموات و الأرض، وَ أَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها (7). قال: خلق في كل سماء خلقا من الملائكة. و الخلق الذي فيها من البحار و جبال البرد و ما لا يعلم، ثم زين السماء الدنيا بالكواكب، فجعل زينة و حفظا يحفظ من2.
ص: 537
الشياطين. فلما فرغ من خلق ما أحب، استوى على العرش، فذلك حين يقول: خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ (1). يقول: كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما (2). و ذكر القصة في خلق آدم عليه السلام. و قد مضى ذكره في باب الروح.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر الرزاز، حدثنا جعفر بن محمد ابن شاكر، حدثنا عفان، حدثنا همام، عن قتادة، عن أبي ميمونة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قلت: يا رسول اللّه، إذا رأيتك طابت نفسي و قرت عيني، فأنبئني عن كل شيء. قال صلى اللّه عليه و سلم: كل شيء خلق من الماء. . . و ذكر الحديث.
أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، أنا عبد اللّه بن جعفر بن درستويه، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثني يوسف بن عدي ح.
و أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي ببغداد، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد النيسابوري، حدثنا عثمان بن إبراهيم البوشنجي، حدثنا يعقوب بن يوسف ابن عدي، حدثنا عبيد اللّه بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال سعيد: جاءه رجل فقال: يا أبا عباس إني أجد في القرآن أشياء تختلف عليّ، فقد وقع ذلك في صدري. فقال ابن عباس:
أ تكذيب؟ فقال الرجل: ما هو بتكذيب و لكن اختلاف. قال: فهلم ما وقع في نفسك. قال له الرجل: أسمع اللّه تعالى يقول: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (3). و قال في آية أخرى: وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (4).
و قال في آية أخرى: وَ لا يَكْتُمُونَ اَللّهَ حَدِيثاً (5). و قال في آية أخرى: وَ اَللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (6). فقد كتموا في هذه الآية. و قال في قوله: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ3.
ص: 538
اَلسَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها* وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها* وَ اَلْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (1) . فذكر في هذه الآية خلق السماء قبل خلق الأرض، ثم قال في الآية الأخرى: أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اَلْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ اَلْعالَمِينَ* وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ* ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (2). فذكر في هذه الآية خلق الأرض قبل السماء. و قوله: وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً (3)، وَ كانَ اَللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (4)، وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (5)، و كأنه كان ثم مضى. و في رواية الخوارزمي: «ثم تقضي» . فقال ابن عباس رضي اللّه عنهما هات ما وقع في نفسك من هذا. فقال السائل: إذا أنت أنبأتني بهذا فحسبي. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما: قوله تعالى: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ (6)فهذه في النفخة الأولى، ينفخ في الصور فصعق من في السموات و من في الأرض إلا من شاء اللّه فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون. ثم إذا كان في النفخة الأخرى قاموا فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. و أما قوله: وَ اَللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ (7)، و قوله:
وَ لا يَكْتُمُونَ اَللّهَ حَدِيثاً (8) ، فإن اللّه تبارك و تعالى يغفر يوم القيامة لأهل الإخلاص ذنوبهم و لا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره، و لا يغفر الشرك. فلما رأى المشركون ذلك قالوا: إن ربنا يغفر الذنوب و لا يغفر الشرك، فتعالوا نقول: إنا كنا أهل ذنوب و لم نكن مشركين. فقال اللّه تعالى: أما إذ كتمتم الشرك فاختموا على أفواههم، فيختم على أفواههم فتنطق أيديهم، و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون، فعند ذلك عرف المشركون أن اللّه لا يكتم2.
ص: 539
حديثا، فذلك قوله تعالى: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا اَلرَّسُولَ لَوْ تُسَوّى بِهِمُ اَلْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اَللّهَ حَدِيثاً (1). و أما قوله: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ اَلسَّماءُ بَناها* رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها* وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها* وَ اَلْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (2)، خلق الأرض في يومين قبل خلق السماء، ثم استوى إلى السماء فسواهن في يومين آخرين، ثم نزل إلى الأرض فدحاها.
و دحوها أن أخرج منها الماء و المرعى، و شق فيها الأنهار، و جعل فيها السبل، و خلق الجبال، و الرمال و الآكام و ما فيها في يومين آخرين فذلك قوله:
وَ اَلْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (3) و قوله: أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اَلْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ اَلْعالَمِينَ* وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ (4).
فجعلت الأرض و ما فيها من شيء في أربعة أيام، و جعلت السموات في يومين. و أما قوله: وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً (5)، وَ كانَ اَللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (6)، وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (7)، فإن اللّه سمى نفسه ذلك و لم يجعله لأحد غيره. و في رواية الخوارزمي رحمه اللّه: و لم ينحله أحدا غيره. فذلك قوله: وَ كانَ اَللّهُ . أي: لم يزل كذلك. ثم قال ابن عباس رضي اللّه عنهما للرجل: احفظ عني ما حدثتك. . و اعلم أن ما اختلف عليك من القرآن أشباه ما حدثتك، فإن اللّه تعالى لم ينزل شيئا إلا قد أصاب به الذي أراد. و لكن الناس لا يعلمون، فلا يختلفن عليك القرآن، فإن كلا من عند اللّه تبارك و تعالى. أخرجه البخاري في الترجمة، فقال: و قال المنهال. . . فذكره، ثم قال في آخره: حدثنيه يوسف بن عدي.4.
ص: 540
قلت: و بلغني عن مجاهد و غيره من أهل التفسير في قوله: وَ اَلْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (1)معناه: و الأرض مع ذلك دحاها.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران العدل ببغداد، أنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس، حدثنا محمد بن مندة الأصبهاني، حدثنا محمد بن بكير الحضرمي، حدثنا خالد عن الشيباني، عن عون بن عبد اللّه عن أخيه عبيد اللّه، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، قال: «إن في الجمعة ساعة لا يوافقها أحد يسأل اللّه عز و جل فيها شيئا إلا أعطاه إياه» (2).
قال: و قال عبد اللّه بن سلام: «إن اللّه عز و جل ابتدأ الخلق فخلق الأرض يوم الأحد و يوم الاثنين، و خلق السموات يوم الثلاثاء و يوم الأربعاء، و خلق الأقوات و ما في الأرض يوم الخميس و يوم الجمعة إلى صلاة العصر.
و هي ما بين صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس» . تابعه وهب بن بقية، عن خالد بن عبد اللّه.
و أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي المعروف الفقيه، أنا أبو عمرو بن نجيد، أنا أبو مسلم، حدثنا أبو عاصم عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبيه عن عبد اللّه بن سلام، قال: خلق اللّه الأرض في يومين، و قدر فيها أقواتها في يومين، ثم استوى فخلق السموات في يومين، خلق الأرض في يوم الأحد و يوم الاثنين، و قدر فيها أقواتها يوم الثلاثاء و يوم الأربعاء، و خلق السموات في يوم الخميس و يوم الجمعة، و آخر ساعة في يوم الجمعة خلق اللّه آدم في عجل، و هي التي تقوم فيها الساعة، و ما خلق اللّه من دابة إلا و هي تفزع من يوم الجمعة إلا الإنسان و الشيطان.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا .
ص: 541
العباس بن محمد الدوري، حدثنا حجاج بن محمد، قال: قال ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبد اللّه بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بيدي فقال: «خلق اللّه التربة يوم السبت، و خلق فيها الجبال يوم الأحد، و خلق الشجر يوم الاثنين، و خلق المكروه يوم الثلاثاء، و خلق النور يوم الأربعاء، و بث فيها من الدواب يوم الخميس، و خلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيها بين العصر إلى الليل» (1). هذا حديث قد أخرجه مسلم في كتابه عن شريح بن يونس و غيره، عن حجاج بن محمد.
و زعم بعض أهل العلم بالحديث أنه غير محفوظ لمخالفته ما عليه أهل التفسير و أهل التواريخ. و زعم بعضهم أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أيوب بن خالد، و إبراهيم غير محتج به.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرني أبو يحيى أحمد بن محمد السمرقندي ببخارى، حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن نصر، حدثني محمد بن يحيى، قال: سألت علي بن المديني عن حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه: «خلق اللّه التربة يوم السبت» فقال علي: هذا حديث مدني رواه هشام بن يوسف عن ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن أبي رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: «أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بيدي. قال علي: و شبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى. و قال لي: شبك بيدي أيوب بن خالد، و قال لي: شبك بيدي عبد اللّه بن رافع، و قال لي: شبك بيدي أبو هريرة رضي اللّه عنه، و قال لي:
شبك بيدي أبو القاسم صلى اللّه عليه و سلم، و قال لي: خلق اللّه الأرض يوم السبت. فذكر الحديث بنحوه.
قال علي بن المديني: و ما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى. .
ص: 542
قلت: و قد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذي عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف. و روى عن بكر بن الشرود عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم، عن أيوب بن خالد. و إسناده ضعيف. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا محمد بن صالح بن هانئ، و إبراهيم بن عصمة قالا: حدثنا السرى بن خزيمة، حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا يحيى ابن يمان، حدثنا سفيان، عن أبي جريج عن سليمان الأحول عن طاوس، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما: فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً (1)قال للسماء: أخرجي شمسك و قمرك و نجومك. و قال للأرض: شققي أنهارك، و أخرجي ثمارك. فقالتا: أَتَيْنا طائِعِينَ .
أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني، نا أبو سعيد بن الأعرابي، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا إسحاق الأزرق، عن عوف الأعرابي عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض: منهم الأحمر و الأسود، و الأبيض، و السهل، و الحزن، و بين ذلك، و الخبيث و الطيب.
و رواه غيره عن عوف فزاد فيه «الأسمر» . و قوله: «من قبضة قبضها» ، يريد به الملك الموكل به بأمره (2).
و قد روينا عن السدي بأسانيده أن الذي قبضها ملك الموت عليه السلام بأمر اللّه تعالى.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو عبد اللّه الصفار، حدثنا أحمد بن مهران، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إبراهيم بن نافع، قال: سمعت الحسن بن مسلم يقول: .
ص: 543
سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: «خلق اللّه تعالى آدم من أديم الأرض كلها فسمي آدم» .
قال إبراهيم: فسمعت سعيد بن جبير يقول: سألت ابن عباس رضي اللّه عنهما فقال: خلق اللّه تعالى آدم فنسي، فسمي الإنسان. فقال عز و جل: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (1).
و أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا إسحاق الحربي، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا فضيل عن هشام، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، قال: إن اللّه عز و جل خلق آدم يوم الجمعة بعد العصر من أديم الأرض، فسمي آدم، ألا ترى أن من ولده الأبيض، و الأسود، و الطيب، و الخبيث. ثم عهد إليه فنسي فسمي الإنسان. قال: فو اللّه ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنا أبو حامد بن الشرقي، حدثنا محمد بن يحيى، و أبو الأزهر، و حمدان السلمي، قالوا: حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «خلقت الملائكة من نور، و خلق الجان من مارج من نار، و خلق آدم عليه السلام مما وصف لكم» . رواه مسلم في الصحيح (2)عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو جعفر الرزاز، حدثنا محمد بن عبيد اللّه بن المنادي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حماد عن ثابت البناني، عن أنس ابن مالك رضي اللّه عنه، قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لما صور اللّه تعالى آدم في الجنة، تركه ما شاء اللّه أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به فينظر ما هو، فلما .
ص: 544
رآه أجوف عرف أنه خلق أجوف لا يتمالك» (1). رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يونس بن محمد.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الصفار، حدثنا أحمد بن محمد بن نصر، حدثنا عمرو بن حماد، حدثنا أسباط عن السدي، عن أبي مالك، و عن أبي صالح، عن ابن عباس، و عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، و عن ناس من أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم. . .
فذكر القصة في خلق آدم عليه السلام، و نفخ الروح فيه كما مضى في باب الروح. قال: و أسكن آدم الجنة فكان يمشي فيها وحشيا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ، و إذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها اللّه تعالى من ضلعه. فسألها: ما أنت؟ فقالت: امرأة. قال: و لم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ. قالت له الملائكة ينظرون ما بلغ علمه: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء.
قالوا: لم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حي. فقال اللّه تعالى:
يا آدَمُ اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ اَلْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما (2) . . .
و ذكر القصة.
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو محمد بن شوذب المقري بواسط، حدثنا شعيب بن أيوب، حدثنا ابن نمير، و أبو أسامة عن الأعمش ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري، و أبو الحسين بن بشران قالا: أنا إسماعيل ابن محمد الصفار، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن زيد ابن وهب عن عبد اللّه-هو ابن مسعود رضي اللّه عنه-قال: حدثنا رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم و هو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث اللّه الملك فينفخ5.
ص: 545
فيه الروح، ثم يؤمر بأربع: أكتب رزقه، و عمله، و أجله، و شقي هو أم سعيد، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها. و إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها» . رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد اللّه بن نمير عن أبيه، و عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي معاوية. و أخرجه البخاري من وجه آخر عن الأعمش (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، و أبو عبد الرحمن السلمي من أصله، و أبو سعيد بن أبي عمرو قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا السري بن يحيى، حدثنا قبيصة، حدثنا عمار بن رزيق عن الأعمش، عن يزيد بن وهب عن عبد اللّه رضي اللّه عنه، قال: حدثنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو الصادق المصدوق فذكر الحديث بنحوه.
قال عمار: فقلت للأعمش: ما يجمع في بطن أمه؟ قال: حدثني خيثمة، قال: قال عبد اللّه رضي اللّه عنه: إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد اللّه تعالى أن يخلق منها بشرا، طارت في بشرة المرأة تحت كل ظفر و شعرة، ثم يمكث أربعين ليلة، ثم يترك دما في الرحم، فذلك جمعها.
و أخبرنا أبو الحسين بن الفضل بن القطان، أنا عبد اللّه بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثني عبد اللّه بن محمد بن الأسود، حدثنا أنيس بن سوار الجرمي، حدثنا أبي عن مالك بن الحويرث صاحب النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: ذكر النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: إن اللّه عز و جل إذا أراد خلق عبد فجامع الرجل المرأة طار ماؤه في كل عرق و عضو منها، فإذا كان يوم السابع جمعه اللّه تعالى، ثم أحضره كل عرق له دون آدم في أي صورة ما شاء ربك. .
ص: 546
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا عبد اللّه بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أنا جعفر بن عون، أنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله تعالى: وَ اَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ. . . (1)الآية. فقلت لأبي العالية:
لأي شيء ضمت هذه العشرة الأيام إلى الأربعة الأشهر؟ قال: لأنه ينفخ فيه الروح في العشرة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو النصر الفقيه، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا علي بن المديني، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى يصنع كل صانع و صنعته» .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن أيوب، أنا أبو حاتم الرازي، حدثنا عبيد اللّه بن موسى، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله: وَ جَعَلْنا مِنَ اَلْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (2)، قال: نطفة الرجل.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثني أحمد بن محمد العنزي، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، حدثنا عبد اللّه بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، عن أبي ثعلبة الخشني رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الجن ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء، و صنف حيات و كلاب، و صنف يحلون و يطعنون» .
قلت: و آيات القرآن و أخبار الرسول في خلق اللّه تعالى و أفعاله كثيرة.
و فيما ذكرنا بيان ما قصدناه.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو حامد بن بلال، حدثنا يحيى بن الربيع المكي، حدثنا سفيان، حدثنا أبو حمزة الثمالي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: إن مما خلق اللّه تعالى درة بيضاء دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور، و كتابه0.
ص: 547
نور، ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة و ستين نظرة، بكل نظرة يخلق و يرزق، و يحيي و يميت، و يغسل و يفك، و يفعل ما يشاء. فذلك قوله تبارك و تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، حدثنا محمد بن عبد السلام، حدثنا إسحاق، هو الحنظلي، حدثنا عبد الرزاق، عن عمر بن حبيب المكي، عن حميد بن قيس الأعرج، عن طاوس، قال: جاء رجل إلى عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما فسأله: مم خلق الخلق؟ قال: من الماء و النور و الظلمة و الريح و التراب. قال الرجل: فمم خلق هؤلاء؟ قال: لا أدري. قال: ثم أتى الرجل عبد اللّه بن الزبير رضي اللّه عنهما فسأله فقال مثل قول عبد اللّه بن عمرو. قال: فأتى الرجل عبد اللّه بن عباس، فسأله فقال مم خلق الخلق؟ قال: من الماء و النور و الظلمة و الريح و التراب. قال الرجل: فمم خلق هؤلاء؟ فتلا عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما:
وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ (2) . فقال الرجل:
ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى اللّه عليه و سلم.
قلت: أراد أن مصدر الجميع منه، أي: من خلقه و إبداعه و اختراعه.
خلق الماء أولا، أو الماء و ما شاء من خلقه، لا عن أصل و لا على مثال سبق.
ثم جعله أصلا لما خلق بعده. فهو المبدع، و هو البارئ، لا إله غيره و لا خالق سواه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، حدثنا أبو العباس-هو الأصم-حدثنا العباس بن محمد، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا علي بن ثابت، حدثنا القاسم بن سلمان، قال:
سمعت الشعبي يقول: إن للّه عبادا من وراء الأندلس كما بيننا و بين الاندلس ما يرون أن اللّه عز و جل عصاه مخلوق رضراضهم الدر و الياقوت، و جبالهم الذهب و الفضة، لا يحرثون و لا يزرعون، و لا يعملون عملا، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم، و شجر لها أوراق عراض هي لباسهم.3.
ص: 548
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا أحمد بن يعقوب الثقفي، حدثنا عبيد بن غنام النخعي، أنا علي بن حكيم، حدثنا شريك عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال: اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ (1)، قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، و آدم كآدم، و نوح كنوح، و إبراهيم كإبراهيم، و عيسى كعيسى.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أنا عبد الرحمن بن الحسن، حدثنا إبراهيم بن الحسين، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله عز و جل: خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ (2)قال: في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام.
إسناد هذا عن ابن عباس رضي اللّه عنهما صحيح. و هو شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق، أنا أبو عبد اللّه بن أبي يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أنا جعفر بن عون، أنا أسامة بن زيد، عن معاذ، عن عبد اللّه بن خبيب، قال: رأيت ابن عباس رضي اللّه عنهما يسأل تبيعا: هل سمعت كعبا يذكر السحاب بشيء؟ قال: سمعت كعبا يقول: إن السحاب غربال للمطر، و لو لا السحاب، لأفسد المطر ما يقع عليه. قال: صدقت، و أنا قد سمعته.
قال: و سمعت كعبا يذكر أن الأرض تنبت العام نبتا، و قابل غيره؟ قال: نعم.
قال: و سمعت كعبا يقول: إن البذر-يعني بذر الحشائش-ينزل مع المطر، فيخرج في الأرض؟ قال: نعم. قال: صدقت، و أنا قد سمعته.2.
ص: 549
ما جاء في معنى قول اللّه عز و جل: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ اَلْخالِقُونَ (1).
قال أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل البخاري-رحمه اللّه-في الجامع الصحيح: حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان، حدثوني عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقرأ في المغرب:
وَ اَلطُّورِ ، فلما بلغ هذه الآية: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ اَلْخالِقُونَ* أَمْ خَلَقُوا اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (2)، كاد قلبي أن يطير.
أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ، قال: زادني أبو صالح عن إبراهيم بن معقل، عن محمد بن إسماعيل البخاري. . . فذكره.
قال أبو سليمان الخطابي-رحمه اللّه-إنما كان انزعاجه عند سماع هذه الآية لحسن تلقيه معنى الآية و معرفته بما تضمنته من بليغ الحجة، فاستدركها بلطيف طبعه و استشف معناها بذكي فهمه. و هذه الآية مشكلة جدا.
قال أبو اسحاق الزجاج في معنى هذه الآية، قال: فهي أصعب ما في هذه السورة.
قال بعض أهل اللغة: ليس هم بأشد خلقا من خلق السموات و الأرض، لأن السموات و الأرض خلقتا من غير شيء، و هم خلقوا من آدم، و آدم خلق من تراب.
ص: 550
قال: و قيل فيها قول آخر: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ (1)؟ أم خلقوا لغير شيء؟ أي: خلقوا باطلا لا يحاسبون و لا يؤمرون، و لا ينهون.
قال الشيخ أبو سليمان: و هاهنا قول ثالث هو أجود من القولين اللذين ذكرهما أبو إسحاق، و هو الذي يليق بنظم الكلام، و هو أن يكون المعنى: أم خلقوا من غير شيء فوجدوا بلا خالق. و ذلك ما لا يجوز أن يكون لأن تعلق الخلق بالخالق من ضرورة الأمر فلا بد له من خالق، فإذ قد أنكروا الإله الخالق و لم يجز أن يوجدوا بلا خالق خلقهم أفهم الخالقون لأنفسهم؟ و ذلك في الفساد أكثر، و في الباطل أشد، لأن ما لا وجود له كيف يجوز أن يكون موصوفا بالقدرة، و كيف يخلق، و كيف يتأتى منه الفعل؟ و إذا بطل الوجهان معا، قامت الحجة عليهم بأن لهم خالقا، فليؤمنوا به إذا. ثم قال: أَمْ خَلَقُوا اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (2). و ذلك شيء لا يمكنهم أن يدعوه بوجه، فهم منقطعون، و الحجة لازمة لهم من الوجهين معا. ثم قال:
بَلْ لا يُوقِنُونَ (3) فذكر العلة التي عاقتهم عن الإيمان، و هي عدم اليقين الذي هو موهبة من اللّه عز و جل، فلا ينال إلا بتوفيقه. و لهذا كان انزعاج جبير بن مطعم رضي اللّه عنه حتى قال: كاد قلبي أن يطير. و اللّه أعلم.
و هذا باب لا يفهمه إلا أرباب القلوب.
قلت: و قد روى محمد بن السائب عن أبي صالح، عن ابن عباس رضي اللّه عنهما تفسير هذه السورة، و قال في هذه الآية: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ (4)من غير رب؟ أَمْ هُمُ اَلْخالِقُونَ (5)يعني أهل مكة.5.
ص: 551
قال اللّه عز و جل: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْماءِ (1).
و قال تعالى وَ هُوَ رَبُّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ (2).
و قال جل و علا ذُو اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدُ (3).
و قال جلت عظمته وَ تَرَى اَلْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ اَلْعَرْشِ (4).
و قال تعالى اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ اَلْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ (5)الآية.
و قال تبارك و تعالى وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ (6).
و أقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير، و أنه جسم مجسم، خلقه اللّه تعالى و أمر ملائكته بحمله و تعبدهم بتعظيمه و الطواف، كما خلق في الأول بيتا و أمر بني آدم بالطواف و استقباله في الصلاة، و في أكثر هذه الآيات دلالة على صحة ما ذهبوا إليه، و في الأخبار و الآثار الواردة في معناه دليل على صحة ذلك.
ص: 552
و قال تبارك و تعالى وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ (1).
و روينا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال «علمه» و سائر الروايات عن ابن عباس و غيره تدل على أن المراد به الكرسي المشهور المذكور مع العرش.
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أنا أبو بكر أحمد ابن سلمان بن الحسن الفقيه حدثنا جعفر بن أبي عثمان حدثنا مسلم بن ابراهيم حدثنا هشام بن أبي عبد اللّه ح. و حدثنا جعفر بن أبي عثمان حدثنا عفان حدثنا أبان قالا:
حدثنا قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال «إن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم كان يدعو عند الكرب: لا إله إلا اللّه العظيم الحليم، لا إله إلا اللّه رب العرش الكريم، لا إله إلا اللّه رب السموات و رب العرش العظيم» رواه البخاري في الصحيح عن مسلم بن إبراهيم (2).
و أخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام. حدثنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني إملاء أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أنا بشر بن موسى.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو محمد عبد اللّه بن يوسف و أبو زكريا بن أبي إسحاق و أبو محمد الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فراس المكي قالوا: أنا أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد الجمحي أنا علي بن عبد العزيز قالا: حدثنا أبو نعيم حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال كنا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في المسجد عند غروب الشمس فقال: «يا أبا ذر أ تدري أين تغرب الشمس؟ قال قلت اللّه و رسوله أعلم. قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش عند ربها فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها، فيوشك أن تستأذن فلا يؤذن لها، حتى تستشفع و تطلب فإذا طال عليها قيل لها اطلعي من مكانك، .
ص: 553
فذلك قوله تعالى: وَ اَلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ اَلْعَزِيزِ اَلْعَلِيمِ .
رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم (1).
و أخرجه مسلم من وجه آخر. أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني عبد اللّه ابن محمد الكعبي أنا محمد بن أيوب أنا عباس الرقام حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن ابراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن قول اللّه عز و جل وَ اَلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها (2)قال «مستقرها تحت العرش» رواه البخاري في الصحيح عن عباس الرقام و غيره.
و رواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم و غيره عن وكيع. و ذكر أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه في قوله وَ اَلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها أن أهل التفسير و أصحاب المعاني قالوا فيه قولين، قال بعضهم معناه أن الشمس تجري لمستقر لها، أي لأجل أجل لها، و قدر قدر لها، يعني انقطاع مدة بقاء العالم، و قال بعضهم: مستقرها غاية ما تنتهي إليه في صعودها و ارتفاعها، لأطول يوم في أيام الصيف، ثم تأخذ في النزول حتى تنتهي إلى أقصى مشارق الشتاء لأقصر يوم في السنة. و أما قوله مستقرها تحت العرش، فلا ينكر أن يكون لها استقرارها تحت العرش من حيث لا ندركه و لا نشاهده، و إنما أخبر عن غيب فلا نكذب به و لا نكيفه، لأن علمنا لا يحيط به، و يحتمل أن يكون المعنى:
أن علم ما سألت عنه من مستقرها تحت العرش في كتاب كتب فيه مبادئ أمور العالم و نهاياتها، و الوقت الذي تنتهي إليه مدتها، فينقطع دوران الشمس و تستقر عند ذلك فيبطل فعلها، و هو اللوح المحفوظ، الذي بين فيه أحوال الخلق و الخليقة و أجالهم و مآل أمورهم و اللّه أعلم بذلك.
قال الشيخ أبو سليمان و في هذا-يعني الحديث الأول-إخبار عن سجود الشمس تحت العرش فلا ينكر أن يكون ذلك عند محاذاتها العرش في8.
ص: 554
مسيرها، و الخبر عن سجود الشمس و القمر للّه عز و جل قد جاء في الكتاب، و ليس في سجودها لربها تحت العرش ما يعوقها عن التراب في سيرها و التصرف لما سخرت له، قال فأما قول اللّه عز و جل حَتّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ اَلشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ (1)فإنه ليس بمخالف لما جاء في هذا الخبر من أن الشمس تذهب حتى تسجد تحت العرش لأن المذكور في الآية إنما هو نهاية مدرك البصر إياها حال الغروب، و مصيرها تحت العرش للسجود، إنما هو بعد غروبها فيما دلّ عليه لفظ الخبر، فليس بينهما تعارض و ليس معنى قوله تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ أنها تسقط في تلك العين فتغمرها، و إنما هو خبر عن الغاية التي بلغها ذو القرنين في مسيره حتى لم يجد وراءها مسلكا فوجد الشمس تتدلى عند غروبها فوق هذه العين، أو على سمت هذه العين، و كذلك يتراءى غروب الشمس لمن كان في البحر و هو لا يرى الساحل، يرى الشمس كأنها تغيب في البحر، و إن كانت في الحقيقة تغيب وراء البحر، و في هاهنا بمعنى فوق، أو بمعنى على، و حروف الصفات تبدل بعضها مكان بعض.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنا أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي حدثنا حفص بن عمر حدثنا قبيصة ح.
و حدثنا ابن أبي مريم حدثنا الفريابي قالا: حدثنا سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم قد لطم وجهه، فقال: يا محمد رجل من أصحابك لطم وجهي، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم:
«ادعوه فدعوه» فقال: لم لطمت وجهه؟ فقال: يا رسول اللّه إني مررت بالسوق و هو يقول: و الذي اصطفى موسى على البشر، فقلت يا خبيث و على محمد؟ فأخذتني غضبة فلطمته، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يقيمها فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أو جوزي بصعقته» رواه6.
ص: 555
البخاري في الصحيح عن الفريابي، و رواه مسلم من أوجه أخر عن سفيان (1).
أخبرنا أبو زكريا ابن أبي إسحاق أنا أبو الحسين أحمد بن عثمان حدثنا أبو قلابة الرقاشي حدثنا أبو الوليد و حيان قالا: حدثنا شعبة أخبرنا أبو المغيرة بن النعمان قال سمعت سعيد بن جبير قال سمعت ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «إنكم محشورون حفاة عراة و أول من يكسى من الجنة يوم القيامة إبراهيم عليه الصلاة و السلام، يكسى حلة من الجنة، و يؤتى بكرسي فيطرح له عن يمين العرش، ثم يؤتى بي فأكسى حلة من الجنة لا يقوم لها البشر، ثم أوتي بكرسي فيطرح لي على ساق العرش» (2). أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا العباس الدوري حدثنا أبو عاصم النبيل عن سفيان عن عمرو بن قيس عن المنهال عن عمرو عن عبد اللّه بن الحارث عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه قال: «أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين و النبي حلة حبرة و هو من يمين العرش» .
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الحربي ببغداد حدثنا أبو بكر أحمد ابن سلمان الفقيه حدثنا إسماعيل بن إسحاق حدثنا ابن أبي أويس حدثنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللّه عنهم قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لما قضى اللّه الخلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي» رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس. و قال سليمان الخطابي رحمه اللّه فيه.
ص: 556
معنى هذا الحديث: القول فيه و اللّه أعلم: (1)أنه أراد بالكتاب أحد شيئين:
إما القضاء الذي قضاه و أوجبه كقوله كَتَبَ اَللّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي (2)أي قضى اللّه و أوجب، و يكون معنى قوله «فهو عنده فوق العرش» أي فعلم ذلك عند اللّه تعالى فوق العرش لا ينساه و لا ينسخه، و لا يبدله، كقوله جل و علا قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى (3)و أما أن يكون أراد بالكتاب اللوح المحفوظ الذي فيه ذكر أصناف الخلق و الخليقة، و بيان أمورهم و ذكر آجالهم و أرزاقهم، و الأقضية النافذة فيهم، و مآل عواقب أمورهم، و يكون معنى قوله فهو عنده فوق العرش، أي فذكره عنده فوق العرش، و يضمر فيه الذكر أو العلم، و كل ذلك جائز في الكلام، سهل في التخريج، على أن العرش خلق اللّه عز و جل مخلوق لا يستحيل أن يمسه كتاب مخلوق، فإن الملائكة الذين هم حملة العرش قد روي أن العرش على كواهلهم، و ليس يستحيل أن يماسوا العرش إذا حملوه، و إن كان حامل العرش و حامل حملته في الحقيقة هو اللّه تعالى، و ليس معنى قول المسلمين: إن اللّه استوى على العرش، هو أنه مماس له، أو متمكن فيه، أو متحيز في جهة من جهاته، لكنه بائن من جميع خلقه، و إنما هو خبر جاء به التوقيف فقلنا به، و نفينا عنه التكيف، إذ ليس كمثله شيء و هو السميع البصير.
أخبرنا أبو الحسين بن بشر أن أنا أبو جعفر الرزاز حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي اللّه عنه» (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني أبو الحسن محمد بن عبد اللّه المؤذن حدثناه.
ص: 557
محمد بن اسحاق-هو ابن خزيمة-حدثنا أبو موسى حدثنا أبو المساور الفضل بن المساور حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ» رضي اللّه عنه.
و عن الأعمش حدثنا أبو صالح عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مثله، قال: فقال رجل لجابر رضي اللّه عنه: فإن البراء رضي اللّه عنه يقول: اهتز السرير. فقال: إنه كان بين هذين الحيين-الأوس و الخزرج-ضغائن سمعت نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ» رضي اللّه عنه. رواه البخاري في الصحيح عن أبي موسى (1).
و أخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي سفيان عن جابر رضي اللّه عنه، و من حديث أبي الزبير عن جابر، و من حديث قتادة عن أنس رضي اللّه عنهم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني أبو بكر بن عبد اللّه أنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن عبد اللّه الرزي حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا سعيد عن قتادة حدثنا أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: إن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال-و جنازة سعد رضي اللّه عنه موضوعه- «اهتز لها عرش الرحمن تبارك و تعالى» رواه مسلم عن محمد بن عبد اللّه الرازي (2). قال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري رحمه اللّه:
الصحيح من التأويل في هذا أن يقال الاهتزاز هو الاستبشار و السرور، يقال إن فلانا يهتز للمعروف، أي يستبشر و يسر به، و ذكر ما يدل عليه من الكلام و الشعر، قال:
و أما العرش فعرش الرحمن على ما جاء في الحديث، و معنى ذلك أن حملة العرش الذي يحملونه و يحفون حوله فرحوا بقدوم روح سعد عليهم، فأقام العرش مقام من يحمله و يحف به من الملائكة.ا.
ص: 558
كما قال صلى اللّه عليه و سلم «هذا جبل يحبنا و نحبه» (1)يريد أهله. كما قال عز و جل فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ اَلسَّماءُ وَ اَلْأَرْضُ (2)يريد أهلها.
و قد جاء في الحديث «إن الملائكة تستبشر بروح المؤمن، و إن لكل مؤمن بابا في السماء يصعد فيه عمله، و ينزل منه رزقه، و يعرج فيه روحه إذا مات» و كأن حملة العرش من الملائكة فرحوا و استبشروا بقدوم روح سعد عليهم، لكرامته و طيب رائحته و حسن عمل صاحبه، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم «اهتز له عرش الرحمن تبارك و تعالى» و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم العقبة الطوسي حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الكارزي حدثنا محمد بن علي الصائغ حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثني محمد بن فلج عن أبيه عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي اللّه عنه. قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «و من آمن باللّه و رسله و أقام الصلاة و صام رمضان كان حقا على اللّه تعالى أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل اللّه أو جلس في أرضه التي قد ولد فيها، قالوا: يا رسول اللّه أ فلا نبشر الناس بذلك؟ قال صلى اللّه عليه و سلم: إن للجنة مائة درج أعدها اللّه للمهاجرين-أو قال للمجاهدين في سبيل اللّه تعالى-كل درجتين ما بينهما كما بين السماء و الأرض، فإذا سألتم اللّه تعالى فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، و أعلى الجنة، و فوقه عرش الرحمن و منه تفجر أنهار الجنة» رواه البخاري في الصحيح عن إبراهيم بن المنذر، و قال للمجاهدين3.ه.
ص: 559
حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين العلوي أنا أبو حامد أحمد بن محمد ابن يحيى بن بلال و عبد اللّه بن محمد النصرآباذي قالا: حدثنا أحمد بن حفص ابن عبد اللّه حدثني إبراهيم بن سنان عن موسى بن عقبة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري رضي اللّه عنهما أنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة اللّه تعالى من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام» .
أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن عبد اللّه بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه قال: كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فمرت سحابة فنظر إليها فقال: «ما تسمون هذه؟ قالوا السحاب. قال: و المزن؟ قالوا: و المزن. قال: و العنان؟ قالوا و العنان. قال هل تدرون بعد ما بين السماء و الأرض؟ قالوا: لا ندري، قال:
إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث و سبعون سنة، ثم السماء فوقها كذلك، حتى عدّ سبع سماوات، ثم من فوق السابق بحر بين أسفله و أعلاه كما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين أظلافهم و ركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم على ظهورهم العرش ما بين أسفله و أعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم اللّه تبارك و تعالى جل ثناؤه فوق ذلك» . قال أبو داود (1).
و حدثنا أحمد بن حفص قال حدثني أبي عن إبراهيم بن طهمان عن سماك بإسناده و معناه. أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا:
حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا كثير بن هشام حدثنا جعفر بن بركان حدثنا يزيد بن الأصم عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدمه مسيرة خمسمائة عام. و ذكر أن خطوة ملك الموت ما بين المشرق و المغرب.ه.
ص: 560
و روى هشام بن عروة عن أبيه قال: حملة العرش منهم من صورته صورة الإنسان، و منهم من صورته صورة النسر، و منهم من صورته صورة الثور، و منهم من صورته صورة الاسد.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي حدثنا إبراهيم ابن الحسين حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شيبان الرحمن بن الحسن القاضي حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شيبان حدثنا قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: هل تدرون ما هذه التي فوقكم؟ فقالوا: اللّه و رسوله أعلم، قال: فإنها الرفيع: سقف محفوظ، و موج مكفوف، هل تدرون كم بينكم و بينها؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم، قال: فإن بينكم و بينها مسيرة خمسمائة عام، و بينها و بين السماء الأخرى مثل ذلك، حتى عدّ سبع سماوات، و غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا اللّه و رسوله أعلم، قال: فإن فوق ذلك العرش و بينه و بين السماء السابعة مسيرة خمسمائة عام، ثم قال: هل تدرون ما هذه التي تحتكم؟ قالوا: اللّه و رسوله أعلم، قال: فإنها الأرض و بينها و بين الأرض التي تحتها مسيرة خمسمائة عام، حتى عدّ سبع أرضين و غلظ كل أرض مسيرة خمسمائة عام، ثم قال صلى اللّه عليه و سلم و الذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة لهبط على اللّه تبارك و تعالى، ثم قرأ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ وَ اَلظّاهِرُ وَ اَلْباطِنُ (1).
قلت: هذه الرواية في مسيرة خمسمائة عام اشتهرت فيما بين الناس.
و روينا عن ابن مسعود رضي اللّه عنه من قوله مثلها، و يحتمل أن يختلف ذلك باختلاف قوة السير و ضعفه، و خفته و ثقله، فيكون بسير القوي أقل، و بسير الضعيف أكثر، و اللّه أعلم.
و الذي روي في آخر هذا الحديث إشارة إلى نفي المكان عن اللّه تعالى،3.
ص: 561
و أن العبد أينما كان فهو في القرب و البعد من اللّه تعالى سواء، و أنه الظاهر، فيصح إدراكه بالأدلة، الباطن فلا يصح إدراكه بالكون في مكان، و استدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه بقول النبي صلى اللّه عليه و سلم «أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، و إذا لم يكن فوقه شيء و لا دونه شيء لم يكن في مكان» .
و في رواية الحسن عن أبي هريرة رضي اللّه عنه انقطاع، و لا ثبت سماعه من أبي هريرة، و روي من وجه آخر منقطع عن أبي ذر رضي اللّه عنه مرفوعا، أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ذر قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «ما بين الأرض إلى السماء مسيرة خمسمائة سنة، و غلظ السماء الدنيا مسيرة خمسمائة سنة و ما بين كل سماء إلى السماء التي تليها مسيرة خمسمائة سنة، و الأرضين مثل ذلك، و ما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك و لو حفرتم لصاحبكم ثم دليتموه لوجدتم اللّه عز و جل.
ثم تابعه أبو حمزة السكري و غيره عن الأعمش في المقدار.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد عن أبي عمر قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا هارون بن سليمان، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد ابن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد اللّه-يعني ابن مسعود-رضي اللّه عنه قال:
بين السماء الدنيا و التي تليها خمسمائة عام، و بين كل سماء خمسمائة عام، و بين السماء السابعة و بين الكرسي خمسمائة عام، و بين الكرسي و بين الماء خمسمائة عام، و الكرسي فوق الماء، و اللّه عز و جل فوق الكرسي، و يعلم ما أنت عليه -أظنه أراد-و بين السماء السابعة و بين الماء خمسمائة عام-و اللّه أعلم.
و رواه عبد الرحمن بن عبد اللّه بن عتبة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه قال: ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، ثم ما بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، و غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام، ثم ما بين السماء السابعة و بين الكرسي خمسمائة عام، و ما
ص: 562
بين الكرسي و بين الماء خمسمائة عام، و الكرسي فوق الماء، و اللّه تعالى فوق العرش، و لا يخفى عليه من أعمالكم شيء.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن عبد الرحمن فذكره.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني أنا روح بن عبادة حدثنا السائب ابن عمر المخزومي أنا مسلم بن يناق قال سمعت عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما يقول-و هو ينظر الى السماء-فقال تبارك اللّه ما أشد بياضها، و الثانية أشد بياضا منها، ثم كذلك حتى بلغ سبع سماوات، ثم قال خلق اللّه سبع سماوات و خلق فوق السابعة الماء، و جعل فوق الماء العرش، و جعل في السماء الدنيا الشمس و القمر و النجوم و الرجوم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن اسحاق أنا مكي بن إبراهيم حدثنا موسى بن عبيدة عن عمر بن الحكم عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، و عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه قالا: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «دون اللّه تعالى سبعون ألف حجاب من نور و ظلمة، ما تسمع نفس حسّ شيء من تلك الحجب إلا زهقت نفسها، تفرّد به موسى بن عبيدة الربذي و هو عند أهل العلم بالحديث ضعيف. و الحجاب المذكور في الأخبار يرجع إلى الخلق لا إلى الخالق.
و أخبرنا أبو عبد اللّه حدثنا أبو العباس حدثنا محمد بن إسحاق أنا روح حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح-قال أراه عن مجاهد وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا (1)قال بين السماء السابعة و بين العرش سبعون ألف حجاب حجاب نور، و حجاب ظلمة، و حجاب نور، و حجاب ظلمة، فما زال يقرب موسى حتى كان بينه و بينه حجاب واحد، فلما رأى مكانه و سمع صرير القلم قال: رَبِّ أَرِنِي2.
ص: 563
أَنْظُرْ إِلَيْكَ (1) يعني و اللّه أعلم يقربه من العرش حتى كان بين موسى و بين العرش حجاب واحد.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس حدثنا محمد أنا علي بن الحسن بن شفيق أنا عبد اللّه بن المبارك حدثنا هشام عن أبي بشر عن مجاهد قال: بين الملائكة و بين العرش سبعون حجابا حجاب من نور، و حجاب من ظلمة، و حجاب من نور و حجاب من ظلمة.
قال ابن شفيق بلغني في حديث أن جبريل عليه الصلاة و السلام قال:
بيننا و بين العرش سبعون حجابا، لو دنوت إلى إحداهن لاحترقت. قلت:
و هذا الذي ذكره ابن شفيق يروى عن زرارة بن أبي أوفى رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مرسلا، إلا أنه لم يذكر العرش، و في هذا الأثر عن مجاهد بن جبر-و هو أحد أركان أهل التفسير-إشارة إلى أن الحجاب المذكور في الأخبار إنما هو بين الخلق من الملائكة و غيرهم و بين العرش، و روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ما يدل عليه و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا الصاغاني أنا عبيد اللّه بن موسى أنا إسرائيل عن السدي عن أبي مالك في قوله وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ (2)قال إن الصخرة التي في الأرض السابعة و منتهى الخلق على أرجائها عليها أربعة من الملائكة لكل واحد منهم أربعة وجوه، وجه إنسان، و وجه أسد، و وجه ثور، و وجه نسر، فهم قيام عليها قد أحاطوا بالأرضين و السموات، و رءوسهم تحت الكرسي، و الكرسي تحت العرش، و اللّه تعالى واضع كرسيه على العرش، في هذه إشارة إلى كرسيين أحدهما تحت العرش و الآخر موضوع على العرش، و قد مضت رواية أسباط عن السدي عن أبي مالك و عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، و عن مرة الهمداني عن ابن مسعود رضي اللّه عنه، و عن ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في5.
ص: 564
قوله: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فإن السموات و الأرض في جوف الكرسي-و الكرسي بين يدي العرش.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو أحمد الصفار حدثنا أحمد بن محمد بن نصر حدثنا عمرو بن طلحة حدثنا أسباط بن نصر فذكره.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس-هو الأصم-حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا هارون بن عبد اللّه حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال:
سمعت أبي قال حدثنا ابن جحادة عن سلمة بن كهيل عن عمارة بن عمير عن أبي موسى رضي اللّه عنه قال: الكرسي موضع القدمين و له أطيط كأطيط الرحل (1)، قد روينا في هذا أيضا عن ابن عباس رضي اللّه عنهما. و ذكرنا أن معناه فيما نرى أنه موضوع من العرش موضع القدمين من السرير، و ليس فيه إثبات المكان للّه سبحانه.
أخبرنا أبو الحسين بن بشر أن ببغداد أنا أبو عمرود عثمان بن أحمد السماك حدثنا عبد اللّه بن أبي سعد حدثنا سعيد بن سليمان عن منصور بن أبي الأسود حدثنا عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه رضي اللّه عنه قال: لما قدم جعفر رضي اللّه عنه من الحبشة قال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «ما أعجب شيء رأيته ثم؟ قال رأيت امرأة على رأسها مكتل من طعام، فمر فارس فأذراه فقعدت تجمع طعامها، ثم التفتت إليه فقالت له: ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم تصديقا لقولها: «لا قدست أمة-أو كيف تقدس أمة-لا يأخذ ضعيفها حقه من شديدها و هو غير متعتع» .
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ أنا أبو الحسن علي بن الفضل السامري ببغداد حدثنا الحسن بن عرفة العبدي حدثنا يحيى بن سعيد السعدي البصري حدثنا عبد الملك بن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير الليثي عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: دخلت على0.
ص: 565
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو في المسجد فذكر الحديث. قال فيه: قلت فأي آية أنزل اللّه عليك أعظم؟ قال «آية الكرسي» ثم قال صلى اللّه عليه و سلم: «يا أبا ذر ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، و فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة» تفرد به يحيى بن سعيد السعدي و له شاهد بإسناد أصح.
أنبأني أبو عبد اللّه الحافظ إجازة أنا أبو بكر إسحاق الفقيه أنا الحسن بن سفيان ابن عامر حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال قلت: يا رسول اللّه أيما أنزل عليك أعظم؟ قال صلى اللّه عليه و سلم: «آية الكرسي» ثم قال: «يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، و فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة» (1).
أخبرنا أبو نصر بن قتادة أنا أبو منصور النضروي أنا أحمد بن نجدة حدثنا سعيد ابن منصور حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد قال: «ما السموات و الأرض في الكرسي إلا بمنزلة حلقة ملقاة في الأرض الفلاة» .ث.
ص: 566
ما جاء في قول اللّه عز و جل: اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى (1)
و قوله عز و جل: ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ اَلرَّحْمنُ (2).
و قال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ (3).
و قال جل و علا: اَللّهُ اَلَّذِي رَفَعَ اَلسَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ (4).
أخبرنا أبو الحسين بن محمد الروذباري حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي بالرملة حدثنا ابن أبي إياس حدثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول اللّه أين كان ربنا تبارك و تعالى قبل أن يخلق السموات و الأرض؟ قال صلى اللّه عليه و سلم «كان في عماء ما فوقه هواء، و ما تحته هواء، ثم خلق العرش ثم استوى عليه تبارك و تعالى» (5)قد مضى الكلام في معنى هذا الحديث دون الاستواء،
ص: 567
فأما الاستواء فالمتقدمون من أصحابنا رضي اللّه عنهم كانوا لا يفسرونه و لا يتكلمون فيه كنحو مذهبهم في أمثال ذلك.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال أخبرني أبو عبد اللّه محمد بن علي الجوهري ببغداد حدثنا إبراهيم بن الهيثم حدثنا محمد بن كثير المصيصي قال سمعت الأوزاعي يقول: كنا و التابعون متوافرون نقول: إن اللّه تعالى ذكره فوق عرشه، و نؤمن بما وردت السنة به من صفاته جل و علا.
أخبرنا أبو عبد اللّه أخبرني أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران حدثنا أبي حدثنا أبو الربيع ابن أخي رشيد بن سعد قال سمعت عبد اللّه بن وهب يقول: كنا عند مالك بن أنس فدخل رجل فقال يا أبا عبد اللّه: الرحمن على العرش استوى كيف استواؤه؟ قال: فأطرق مالك و أخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، و لا يقال كيف و كيف عنه مرفوع. و أنت رجل سوء صاحب بدعة أخرجوه. قال: فأخرج الرجل.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه الأصفهاني أنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ حدثنا أبو جعفر بن زيرك البزي سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري يقول سمعت يحيى ابن يحيى يقول: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد اللّه:
الرحمن على العرش استوى فكيف استوى؟ قال فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، و الكيف غير معقول، . و الإيمان به واجب، و السؤال عنه بدعة، و ما أراك إلا مبتدعا. فأمر به أن يخرج: و روى في ذلك أيضا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أستاذ مالك بن أنس رضي اللّه عنهما.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث أنا أبو الشيخ حدثنا محمد بن أحمد بن معدان حدثنا أحمد بن مهدي حدثنا موسى بن خاقان حدثنا عبد اللّه بن صالح بن مسلم قال سئل ربيعة الذي عن قول اللّه تبارك و تعالى اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى (1)5.
ص: 568
كيف استوى؟ قال: الكيف مجهول، و الاستواء غير معقول، و يجب عليّ و عليك الإيمان بذلك كله.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني محمد بن يزيد سمعت أبا يحيى البزار يقول سمعت أبا العباس بن حمزة يقول سمعت أحمد بن أبي الحوارى يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول: كل ما وصف اللّه تعالى من نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته و السكوت عليه.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ قال هذه نسخة الكتاب الذي أملاه الشيخ أبو بكر أحمد بن اسحاق بن أيوب في مذهب أهل السنة فيما جرى بين محمد بن إسحاق بن خزيمة و بين أصحابه فذكرها و ذكر فيها الرحمن على العرش استوى بلا كيف. و الآثار عن السلف في مثل هذا كثيرة. و على هذه الطريقة يدل مذهب الشافعي رضي اللّه عنه، و إليها ذهب أحمد بن حنبل و الحسين ابن الفضل البجلي و من المتأخرين أبو سليمان الخطابي. و ذهب أبو الحسن علي ابن اسماعيل الأشعري إلى أن اللّه تعالى جل ثناؤه فعل في العرش فعلا سماه استواء كما فعل في غيره فعلا سماه رزقا و نعمة أو غيرهما من أفعاله. ثم لم يكيف الاستواء إلا أنه جعله من صفات الفعل لقوله ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ و ثم للتراخي، و التراخي إنما يكون في الأفعال، و أفعال اللّه تعالى توجد بلا مباشرة منه إياها و لا حركة، و ذهب أبو الحسن علي بن محمد الطبري في آخرين من أهل النظر إلى أن اللّه تعالى في السماء فوق كل شيء مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه، و معنى الاستواء الاعتلاء، كما يقول استويت على ظهر الدابة؛ و استويت على السطح، بمعنى علوته، و استوت الشمس على رأسي، و استوى الطير على قمة رأسي، بمعنى علا في الجو، فوجد فوق رأسي، و القديم سبحانه عال على عرشه لا قاعد و لا قائم و لا مماس و لا مباين عن العرش، يريد به مباينة الذات التي هي بمعنى الاعتزال أو التباعد، لأن المماسة و المباينة التي هي ضدها و القيام و القعود من أوصاف الأجسام، و اللّه عز و جل أحد صمد لم يلد و لم يولد، و لم يكن له كفوا أحد، فلا يجوز عليه ما يجوز على الاجسام تبارك و تعالى.
ص: 569
و حكى الأستاذ أبو بكر بن فورك هذه الطريقة عن بعض أصحابنا أنه قال: استوى بمعنى علا ثم قال: و لا يريد بذلك علوا بالمسافة و التحيز و الكون في مكان متمكنا فيه، و لكن يريد معنى قول اللّه عز و جل أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي اَلسَّماءِ (1)أي من فوقها على معنى نفي الحد عنه، و أنه ليس مما يحويه طبق أو يحيط به قطر، و وصف اللّه سبحانه و تعالى بذلك طريقة الخبر، فلا تتعدى ما ورد به الخبر.
قلت: و هو على هذه الطريقة من صفات الذات، و كلمة ثم تعلقت بالمستوى عليه، لا بالاستواء، و هو كقوله ثُمَّ اَللّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ (2)يعني ثم يكون عجلهم فيشهده، و قد أشار أبو الحسن علي بن اسماعيل إلى هذه الطريقة حكاية، فقال و قال بعض أصحابنا، إنه صفة ذات، و لا يقال لم يزل مستويا على عرشه، كما أن العلم بأن الأشياء قد حدثت من صفات الذات، و لا يقال لم يزل عالما بأن قد حدثت، و لما حدثت بعد، قال و جوابي هو الأول و هو أن اللّه مستو على عرشه، و أنه فوق الأشياء بائن منها بمعنى أنها لا تحله و لا يحلها، و لا يمسها و لا يشبهها. و ليست البينونة بالعزلة تعالى اللّه ربنا عن الحلول و المماسة علوا كبيرا.
قال و قد قال بعض أصحابنا: إن الاستواء صفة اللّه تعالى ينفي الاعوجاج عنه و فيما كتب إلى الاستاذ أبو منصور بن أبي أيوب أن كثيرا من متأخري أصحابنا ذهبوا إلى أن الاستواء هو القهر و الغلبة، و معناه أن الرحمن غلب العرش و قهره، و فائدته الاخبار عن قهره مملوكاته، و أنها لم تقهره، و إنما خص العرش بالذكر لأنه أعظم المملوكات، فنبه بالأعلى على الأدنى، قال و الاستواء بمعنى القهر و الغلبة شائع في اللغة، كما يقال استوى فلان على الناحية إذا غلب أهلها.
و قال الشاعر في بشر بن مردان (3):ق.
ص: 570
قد استوى بشر على العراق من غير سيف و دم مهراق
يريد أنه غلب أهله من غير محاربة. قال: و ليس ذلك في الآية بمعنى الاستيلاء، لأن الاستيلاء غلبة مع توقع ضعف، قال و مما يؤيد ما قلناه قوله عز و جل ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ (1)و الاستواء إلى السماء هو القصد إلى خلق السماء، فلما جاز أن يكون القصد إلى السماء استواء جاز أن تكون القدرة على العرش استواء.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و محمد بن موسى قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن الجهم حدثنا يحيى بن زياد الفراء في قوله عز و جل: ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ فَسَوّاهُنَّ (2)قال الاستواء في كلام العرب على جهتين (إحداهما) أن يستوي الرجل و ينتهي شبابه و قوته (أو يستوي) من اعوجاج فهذان وجهان (و وجه ثالث) أن تقول كان مقبلا على فلان ثم استوى على يشاتمني و إلى سواء، على معنى أقبل إليّ و عليّ، فهذا معنى قوله استوى إلى السماء و اللّه أعلم.
قال: و قد قال ابن عباس رضي اللّه عنهما ثم استوى صعد و هذا كقولك للرجل كان قاعدا فاستوى قائما أو كان قائما فاستوى قاعدا، و كل في كلام العرب جائز.
قلت: قوله استوى بمعنى أقبل صحيح لأن الإقبال هو القصد إلى خلق السماء و القصد هو الإرادة و ذلك هو جائز في صفات اللّه تعالى، و لفظ ثم تعلق بالخلق لا بالإرادة.
و أما ما حكي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما فإنما أخذه عن تفسير الكلبي، و الكلبي ضعيف، و الرواية عنه عندنا في أحد الموضعين كما ذكره الفراء، و في موضع آخر كما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور أنا الحسين بن محمد بن هارون أنا أحمد بن محمد بن نصر حدثنا يوسف بن بلال عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله9.
ص: 571
ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ يعني صعد أمره إلى السماء فَسَوّاهُنَّ (1)يعني خلق سبع سماوات. قال أجرى النار على الماء يعني فبخر البحر فصعد في الهواء فجعل السموات منه. و يذكر عن أبي العالية في هذه الآية أنه قال:
استوى يعني ارتفع، و مراده بذلك و اللّه أعلم ارتفاع أمره، و هو بخار الماء الذي منه وقع خلق السماء.
فأما ما أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبور الدهان أنا الحسين بن محمد بن هارون أنا أحمد بن محمد بن محمد بن نصر اللباد حدثنا يوسف بن بلال عن محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ (2)يقول استقر على العرش، و يقال امتلأ به، و يقال قائم على العرش، و هو السير، و بهذا الاسناد في موضع آخر عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ يقول استوى عنده الخلائق، القريب و البعيد، و صاروا عنده سواء. و يقال استوى استقر على السرير، و يقال امتلأ به، فهذه الرواية منكرة، و إنما أضاف في الموضع الثاني القول الأول إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما دون ما بعده، و فيه أيضا ركاكة، و مثله لا يليق بقول ابن عباس رضي اللّه عنهما، إذا كان الاستواء بمعنى استواء الخلائق عنده، فأين المعنى في قوله على العرش؟ و كأنه مع سائر الأقاويل فيها من جهة من دونه، و قد قال في موضع آخر بهذا الاسناد استوى على العرش يقول: استقر أمره على السرير، ورد الاستقرار إلى الأمر، و أبو صالح هذا و الكلبي و محمد بن مروان كلهم متروك عند أهل العلم بالحديث، لا يحتجون بشيء من رواياتهم لكثرة المناكير فيها، و ظهور الكذب منهم في رواياتهم.
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد الماليني أنا أبو أحمد عبد اللّه بن عدي الحافظ حدثنا محمد بن يوسف أبي عاصم البخاري حدثنا عبد اللّه بن محمد الزهري3.
ص: 572
حدثنا سفيان عن محمد بن قيس عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنا نسميه دروغ زن يعني أبا صالح مولى أم هانئ.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو بكر الحفيدي حدثنا هارون بن عبد الصمد حدثنا علي بن المديني قال سمعت يحيى بن سعيد القطان يحدث عن سفيان قال: قال الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك كذب.
أخبرنا أبو سعيد الماليني حدثنا أبو أحمد بن عدي حدثنا أحمد بن أبي حفص حدثنا أبو حفص الفلاس حدثنا أبو عاصم عن سفيان عن الكلبي قال قال لي أبو صالح: أنظر كل شيء رويت عني عن ابن عباس رضي اللّه عنهما فلا تروه. قال.
و أخبرنا أبو أحمد قال سمعت عبدان يقول سمعت زيد بن الحريش يقول سمعت أبا معاوية يقول قلنا للكلبي: بين لنا ما سمعت من أبي صالح و ما هو قولك، فإذا الأمر عنده قليل. قال.
و أخبرنا أبو أحمد حدثنا الجنيدي حدثنا البخاري قال محمد بن السائب أو النضر الكلبي الكوفي تركه يحيى بن سعيد و عبد الرحمن بن مهدي.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول سمعت العباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول: الكلبي ليس بشيء.
أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن إبراهيم بن مهران المزكي حدثنا أبو الحسين محمد بن حامد العطار أخبرني أبو عبد اللّه الرواساني قال سمعت محمد ابن اسماعيل البخاري يقول محمد بن مروان الكوفي صاحب الكلبي سكتوا عنه لا يكتب حديثه البتة.
قلت: و كيف يجوز أن يكون مثل هذه الأقاويل صحيحة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ثم لا يرويها و لا يعرفها أحد من أصحابه الثقات الإثبات، مع شدة الحاجة إلى معرفتها، و ما تفرد به الكلبي و أمثاله يوجب الحد، و الحد يوجب الحدث لحاجته إلى حاد خصه به. و الباقي قديم لم يزل.
ص: 573
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال سمعت أبا نصر أحمد بن سهل الفقيه و أبا صالح خلف بن محمد يقولان: سمعنا صالح بن محمد يقول: سمعت أبا عبد اللّه محمد بن زياد الأعرابي (1)صاحب النحو يقول قال لي أحمد بن أبي داود يا أبا عبد اللّه يصح هذا في اللغة و مخرج الكلام الرحمن علا من العلو، و العرش استوى؟ قال قلت: يجوز على معنى، و لا يجوز على معنى، إذا قلت الرحمن علا من العلو، فقد تم الكلام، ثم قلت العرش استوى. يجوز إن رفعت العرش، لأنه فاعل، و لكن إذا قلت له ما في السموات و ما في الأرض فهو العرش. و هذا كفر. و فيما روى أبو الحسن بن مهدي الطبري عن أبي عبد اللّه نفطويه قال أخبرني أبو سليمان-يعني داود-قال كنا عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد اللّه ما معنى قوله اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى (2)قال: إنه مستو على عرشه كما أخبر فقال الرجل: إنما معنى قوله استوى أي استولى. فقال له ابن الأعرابي ما يدريك؟ العرب لا تقول استولى على العرش فلان. حتى يكون له فيه مضاد، فأيهما غلب قبل قد استولى عليه، و اللّه تعالى لا مضاد له فهو على عرشه كما أخبر.5.
ص: 574
قول اللّه عز و جل: وَ هُوَ اَلْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ (1).
و قوله يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المزكي حدثنا محمد ابن إبراهيم بن سعيد العبدي حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا حماد ابن يزيد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: جاء زيد بن حارثة يشكو زينب رضي اللّه عنهما فجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول «اتق اللّه و امسك عليك زوجك» قال أنس رضي اللّه عنه فلو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كاتما لشيء لكتم هذه، فلقد كانت رضي اللّه عنها تفخر على أزواج النبي صلى اللّه عليه و سلم تقول: زوجكنّ أهاليكن و زوجني اللّه تعالى من فوق سبع سماوات» رواه البخاري في الصحيح عن أحمد بن أبي بكر (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو عبد اللّه اسحاق بن محمد بن يوسف السوسي و أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن خالد بن خلي حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «لما قضى اللّه تعالى الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت
ص: 575
غضبي» . رواه البخاري في الصحيح عن أبي اليمان عن شعيب (1).
أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أنا أبو حامد أحمد ابن محمد بن يحيى بن بلال البزار حدثنا أحمد بن حفص بن عبد اللّه حدثني إبراهيم بن طهمان عن سماك بن حرب عن عبد اللّه بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي اللّه عنه أنه قال: مرت سحابة على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال «هل تدرون ما هذا؟ فقلنا السحاب، فقال: أو المزن؟ فقلنا أو المزن، قال: أو العنان؟ قلنا أو العنان. فقال: هل تدرون بعد ما بين السماء و الأرض؟ قلنا: لا، قال: إحدى و سبعين أو اثنين و سبعين أو ثلاثا و سبعين.
قال: و إلى فوقها مثل ذلك حتى عدهن سبع سماوات، على نحو ذلك. قال ثم فوق السابعة البحر أسفله من أعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوقه ثمانية أو عال ما بين أظلافهن و ركبهن مثل ما بين سماء إلى سماء ثم العرش فوق ذلك بين أسفله و أعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم إن اللّه تبارك و تعالى فوق ذلك» (2). أخرجه أبو داود في السنن عن أحمد بن حفص.
أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محسن الفقيه أنا أبو حامد بن بلال البزار حدثنا أبو الأزهر حدثنا وهب بن جرير بن حازم قال حدثني أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن يعقوب بن عتبة عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده رضي اللّه عنهما قال: جاء أعرابي إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال يا رسول اللّه نهكت الأنفس و جاع العيال، و هلكت الأموال، استسق لنا ربك فإنا نستشفع باللّه عليك و بك على اللّه تعالى. فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم «سبحان اللّه،ه.
ص: 576
سبحان اللّه، فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه رضي اللّه عنهم فقال:
ويحك أ تدري ما اللّه؟ إن شأنه أعظم من ذلك، إنه لا يستشفع به على أحد، إنه لفوق سماواته على عرشه، و إنه عليه لهكذا-و أشار وهب بيده مثل القبة، و أشار أبو الأزهر بيده مثل القبة-و إنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب» (1).
أخرجه أبو داود في كتاب السنن، كما أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عبد الأعلى بن حماد و محمد بن المثنى و محمد بن بشار و أحمد بن سعيد الرباطي قالوا: حدثنا وهب بن جرير أحمد كتبته من نسخته، و هذا لفظه فذكر نحو اسناد أبي الأزهر إلا أنه قال: «جهدت الأنفس و ضاعت العيال، و نهكت الأموال و هلكت المواشي، و قال في الجواب إن عرشه على سماواته لهكذا، و قال بأصابعه مثل القبة عليه، و إنه ليئط به أطيط الرحل بالراكب، قال و قال ابن بشار في حديثه إن اللّه عز و جل فوق عرشه و عرشه فوق سماواته، و ساق الحديث.
و قال عبد الأعلى و ابن المثنى و ابن بشار عن يعقوب بن عتبة و جبير بن محمد بن جبير عن أبيه عن جده. قال أبو داود و الحديث بإسناد حديث أحمد ابن سعيد هو الصحيح، وافقه عليه جماعة. قال و رواه جماعة عن ابن اسحاق كما قال أحمد أيضا، و كان سماع عبد الأعلى و ابن المثنى و ابن بشار من نسخة واحدة فيما بلغني. قلت: إن كان لفظ الحديث على ما رواه أحمد بن سعيد الرباطي و تابعه عليه يحيى بن معين و جماعة، فالتشبيه بالقبة إنما وقع للعرش، و روايته في رواية يحيى بن معين «أ تدري ما اللّه؟ إن عرشه على سماواته و أرضيه لهكذا-بأصابعه مثل القبة-عليها» و كذلك رواه يعقوب بن سفيان الفارسي عن محمد بن يزيد الواسطي عن وهب بن جرير و هذا حديث ينفرد به محمد بن اسحاق بن يسار عن يعقوب بن عتبة، و صاحبا الصحيح لم يحتجا به، إنما استشهد مسلم بن الحجاج بمحمد بن اسحاق في أحاديث معدودة، أظنهن خمسة قد رواهن غيره، و ذكره البخاري في الشواهد ذكرا من غير رواية. و كان مالك بن أنس لا يرضاه، و يحيى بن سعيد القطان لا يروي6.
ص: 577
عنه، و يحيى بن معين يقول ليس هو بحجة، و أحمد بن حنبل يقول: يكتب عنه هذه الأحاديث-يعني المغازي و نحوها، فإذا جاء الحلال و الحرام أردنا قوما هكذا-يريد أقوى منه-فإذا كان لا يحتج به في الحلال و الحرام فأولى أن لا يحتج به في صفات اللّه سبحانه و تعالى، و إنما نقموا عليه في روايته عن أهل الكتاب، ثم عن ضعفاء الناس و تدليسه أساميهم، فإذا روى عن ثقة و بين سماعه متهم فجماعة من الأئمة لم يروا به بأسا، و هو إنما روى هذا الحديث عن يعقوب بن عتبة، و بعضهم يقول عنه و عن جبير بن محمد بن جبير و لم يبين سماعه متهما، و اختلف عليه في لفظه كما ترى، و قد جعله أبو سليمان الخطابي ثابتا، و اشتغل بتأويله فقال: هذا الكلام إذا أجري على ظاهره كان فيه نوع من الكيفية، و الكيفية عن اللّه تعالى و عن صفاته منفية، فعقل أن ليس المراد منه تحقيق هذه الصفة و لا تحديده على هذه الهيئة، و إنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة اللّه جلاله جل جلاله سبحانه، و إنما قصد به إفهام السائل من حيث يدركه فهمه، إذا كان أعرابيا جلفا، لا علم له لمعاني ما دق من الكلام، و ما لطف منه عن درك الأفهام، و في الكلام حذف و اضمار، فمعنى قوله «أ تدري ما اللّه» فمعناه أ تدري ما عظمته و جلاله؟ و قوله «إنه ليئط به» معناه إنه ليعجز عن جلاله و عظمته، حتى يئط به إذ كان معلوما أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه، و لعجزه عن احتماله، فقرر بهذا النوع من التمثيل عنده معنى عظمة اللّه و جلاله، و ارتفاع عرشه، ليعلم أن الموصوف بعلو الشأن و جلالة القدر و فخامة الذكر لا يجعل شفيعا إلى من هو دونه في القدر، و أسفل منه في الدرجة، و تعالى اللّه أن يكون مشبها بشيء أو مكيفا بصورة خلق، أو مدركا بحس لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو جعفر أحمد بن عبيد الاسدي الحافظ بهمدان حدثنا ابراهيم بن الحسين بن ديزيل حدثنا اسحاق بن محمد الفروي، و اسماعيل بن أبي أويس قالا: حدثنا محمد بن صالح النمار عن سعد بن إبراهيم1.
ص: 578
عن عامر بن سعد عن أبيه قال إن سعد بن معاذ رضي اللّه عنه حكم على بني قريظة أن يقتل منهم كل من جرت عليه الموسى، و أن يقسم أموالهم و ذراريهم، فذكر ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: «لقد حكم اليوم فيهم بحكم اللّه تعالى الذي حكم به من فوق سبع سماوات» (1)أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن اسحاق الصاغاني حدثنا يزيد بن هارون أنا جرير بن حازم عن أبي يزيد المديني قال إن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه مرّ في ناس من أصحابه فلقيته عجوز فاستوقفته فوقف عليها فوضع يديها على منكبيها، حتى قضت حاجتها، فلما فرغت قال رجل حبست رجالات قريش على هذه العجوز، قال: ويحك تدري من هذه؟ هذه عجوز سمع اللّه عز و جل شكواها من فوق سبع سماوات، و اللّه لو استوقفتني إلى الليل لوقفت عليها إلا آتي الصلاة ثم أعود إليها حتى تقضي حاجتها.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا الصاغاني أنا عاصم بن علي حدثنا أبي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال:
تفكروا في كل شيء و لا تفكروا في ذات اللّه عز و جل، فإن ما بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور، و هو فوق ذلك.
أخبرنا أبو سعيد عن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا محمد بن الجهم حدثنا الفراء في قوله عز و جل وَ هُوَ اَلْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ (2)قال: كل شيء قهر شيئا فهو مستعل عليه.1.
ص: 579
ما جاء في قول اللّه عز و جل أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي اَلسَّماءِ (1).
قال أبو عبد اللّه الحافظ قال الشيخ أبو بكر احمد بن اسحاق بن أيوب الفقيه قد تضع العرب «في» بموضع «على» قال اللّه عز و جل فَسِيحُوا فِي اَلْأَرْضِ (2)و قال لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ اَلنَّخْلِ (3)و معناه على الأرض و على النخل، فكذلك قوله في السماء أي على العرش فوق السماء، كما صحت الأخبار عن النبي صلى اللّه عليه و سلم. قلت: يريد ما مضى من الروايات و هكذا معنى ما روي فيما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب حدثني أبي و ابراهيم بن محمد الصيدلاني و أبو عمرو المستملي و أحمد بن سلمة قالوا: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعم قال سمعت أبا سعيد الخدري رضي اللّه عنه يقول «بعث علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من اليمن بذهبية في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها، فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، و الأقرع بن حابس، و زيد الخيل، و الرابع إما قال علقمة بن علاثة و إما عامر ابن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء-فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: «ألا تأمنوني و أنا أمين من في السماء؟ يأتيني خبر السماء
ص: 580
صباحا و مساء» و ذكر الحديث، رواه البخاري و مسلم في الصحيح عن قتيبة ابن سعيد (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه إسحاق بن محمد بن يوسف السوسي حدثنا أبو العباس الأصم أنا العباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي حدثنا الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة حدثني عطاء بن يسار حدثني معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فذكر الحديث بطوله، قال: ثم اطلعت غنيمة ترعاها جارية لي قبل أحد و إلى الجوانية، فوجدت الذئب قد أصاب منها شاة، و أنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون، فصككتها صكة ثم انصرفت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فأخبرته فعظم ذلك علي، قال فقلت يا رسول اللّه أ فلا أعتقها؟ قال بلى ائتني بها، قال فجئت بها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال لها:
أين اللّه؟ قالت: اللّه في السماء، قال: من أنا؟ فقالت: أنت رسول اللّه.
قال: إنها مؤمنة فاعتقها (2).
و أخبرنا أبو بكر بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا حرب بن شداد و أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي فذكره بمعناه، و هذا صحيح قد أخرجه مسلم مقطعا من حديث الأوزاعي و حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير دون قصة الجارية و أظنه إنما تركها من الحديث لاختلاف الرواة في لفظه، و قد ذكرت في كتاب الظهار من السنن مخالفة من خالف معاوية بن الحكم في لفظ الحديث. .
ص: 581
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو بكر بن اسحاق الفقيه أنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان حدثنا يحيى بن بكير حدثني الليث بن سعد عن زيادة بن محمد عن محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن عبيد قال إن رجلين أقبلا يلتمسان لأبيهما الشفاء من البول. فانطلق بهما إلى أبي الدرداء رضي اللّه عنه فذكروا وجع أبيهما له، فقال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «ربنا الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء و الأرض، كما رحمتك في السماء، فاجعل رحمتك في الأرض و اغفر لنا حوبتنا و خطايانا إنك رب الطيبين، فأنزل رحمة من رحمتك و شفاء من شفائك، على هذا الوجع، فيبرأ إن شاء اللّه تعالى» (1)أخرجه أبو داود في كتاب السنن.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو حامد بن بلال حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم بن حبيب بن مهران العبدي حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى لعبد اللّه بن عمرو بن العاص عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» (2).
و أخبرنا أحمد بن علي بن عيدان أنا أحمد بن عبيد حدثنا الحسن بن المتوكل حدثنا سهل عن أبي معاوية عن شبيب بن شيبة عن الحسن عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لأبي حصين «كم تعبد اليوم من إله؟ قال سبعة: ستة في الأرض و واحد في السماء. قال فأيهم تعد لرهبتك و لرغبتك؟ قال الذي في السماء. قال أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك. قال فلما أسلم حصين أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال: يا رسول اللّه علمني8.
ص: 582
الكلمتين اللتين وعدتنيهما. قال صلى اللّه عليه و سلم: قل اللهم ألهمني رشدي و عافني من شر نفسي» (1).
تابعه أحمد بن منيع عن أبي معاوية، و معنى قوله في هذه الأخبار (من في السماء) أي فوق السماء على العرش، كما نطق به الكتاب و السنة، ثم معناه و اللّه أعلم عند أهل النظر ما قدمنا ذكره، و قد قال بعض أهل النظر معناه من في السماء إله؟
و الأول أشبه بالكتاب و السنة.
و باللّه التوفيقب.
ص: 583
قول اللّه عز و جل لعيسى عليه السلام إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ (1).
و قوله تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اَللّهُ إِلَيْهِ (2).
و قوله جل و علا: تَعْرُجُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ إِلَيْهِ (3).
و قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو بن اسحاق أنا أحمد بن إبراهيم حدثنا ابن بكير حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري قال إن أبا هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم من السماء فيكم و إمامكم منكم» رواه البخاري في الصحيح عن يحيى بن بكير. و أخرجه مسلم من وجه آخر عن يونس، و إنما أراد نزوله من السماء بعد الرفع إليه (5).
أخبرنا أبو الحسن بن الحسين بن داود العلو أنا أبو حامد أحمد بن الحسين الحافظ حدثنا محمد بن عقيل حدثنا حفص بن عبد اللّه حدثني إبراهيم بن
ص: 584
طهمان عن موسى بن السماء يلزم عليه أن يعده أقوام على الستة في الأرض.
على أن عرضه الإسلام صريح في استنكار ما قاله الحصين. راجع السيف الصقيل (ص 123) و لم يصنع المصنف هنا شيئا. ز. عقبة أخبرني أبو الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه سمعه يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «الملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل و ملائكة بالنهار، و يجتمعون في صلاة الفجر و صلاة العصر، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم-و هو أعلم بهم-فيقول كيف تركتم عبادي؟ فيقولون تركناهم و هم يصلون، و أتيناهم و هم يصلون» أخرجاه في الصحيح من وجه آخر عن أبي الزناد (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو بكر بن الحسن القاضي قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا العباس بن محمد الدوري حدثنا أبو النضر هاشم ابن القاسم حدثنا ورقاء عن عبد اللّه بن دينار عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «من تصدق بعدل ثمرة من كسب طيب. و لا يصعد إلى اللّه تعالى إلا الطيب-فإن اللّه عز و جل يقبلها بيمينه فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل أحد» أخرجه البخاري في الصحيح من حديث سليمان ابن بلال عن عبد اللّه بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه (2).
ثم قال و رواه ورقاء فذكره.
و أخرجه مسلم من وجه آخر عن سعيد بن يسار إلا أنه قال في روايته «و لا يقبل اللّه إلا الطيب و لا يصعد السماء إلا الطيب» (3).ه.
ص: 585
أخبرناه أبو صالح بن أبي طاهر العنبري أنا جدي يحيى بن منصور حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر-يعني ابن نصر-عن ابن عجلان قال إن سعيد بن يسار أبا الحباب أخبره عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «ما من عبد مؤمن يتصدق بصدقة من طيب و لا يقبل اللّه إلا الطيب، و لا يصعد السماء إلا الطيب، إلا و هو يضيعها في يد الرحمن-أو في كف الرحمن-فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله، و حتى أن الثمرة لتكون مثل الجبل العظيم» .
أخبرنا أبو زكريا ابن أبي اسحاق أنا أبو الحسن الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ (1)قال الكلام الطيب ذكر اللّه تعالى و العمل الصالح أداء فرائضه، فمن ذكر اللّه تعالى و لم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله فكان أولى به.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ قال يقول العمل الصالح هو الذي يرفع الكلم الطيب قلت: صعود الكلم الطيب و الصدقة الطيبة إلى السماء عبارة عن حسن القبول لهما، و عروج الملائكة يكون إلى مقامهم إلى السماء، و إنما وقعت العبارة عن ذلك بالصعود و العروج إلى اللّه تعالى على معنى قول اللّه عز و جل أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي اَلسَّماءِ (2)و قد ذكرنا أن معناه من فوق السماء على العرش، كما قال فَسِيحُوا فِي اَلْأَرْضِ (3)أي فوق الارض قد قال يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ (4)و قال اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى (5)ثم قد مضى قول أهل النظر في معناه، و حكينا عن المتقدمين من أصحابنا ترك الكلام في أمثال ذلك، هذا مع اعتقادهم نفي الحد و التشبيه و التمثيل عن اللّه سبحانه و تعالى.5.
ص: 586
أخبرنا الفقيه أبو بكر أحمد بن محمد بن الحارث الأصبهاني أنا أبو محمد بن حيان حدثنا إسحاق بن أحمد الفارسي حدثنا حفص بن عمر المهرجاني حدثنا أبو داود قال كان سفيان الثوري و شعبة و حماد بن زيد و حماد بن سلمة و شريك و أبو عوانة لا يحدون و لا يشبهون و لا يمثلون، يروون الحديث لا يقولون كيف، و إذا سئلوا أجابوا بالأثر، قال أبو داود و هو قولنا. قلت: و على هذا مضى أكابرنا فأما الحكاية التي تعلق بها من أثبت للّه تعالى جهة فأخبرنا بها أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد البخاري بنيسابور حدثنا عبد العزيز بن حاتم حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه قال سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ يقول سمعت محمد بن نعيم يقول سمعت الحسن بن الصباح البزار يقول سمعت علي بن الحسن يقول سألت عبد اللّه بن المبارك قلت: كيف نعرف ربنا؟ قال: في السماء السابعة على عرشه. قلت: فإن الجهمية تقول هو هذا. قال: إنا لا نقول كما قالت الجهمية، نقول هو هو، قلت: بحد؟ قال أي و اللّه بحد» لفظ حديث محمد بن صالح. قال الشيخ أحمد بن الحسين البيهقي: إنما أراد عبد اللّه بالحد حد السمع، و هو أن خبر الصادق ورد بأنه على العرش استوى، فهو على عرشه كما أخبر، و قصد بذلك تكذيب الجهمية فيما زعموا أنه بكل مكان، و حكايته تدل على مراده و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو بكر محمد بن داود الزاهد حدثنا محمد بن عبد الرحمن الشامي حدثني عبد اللّه بن أحمد بن شبويه المروزي قال سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول سمعت عبد اللّه بن المبارك يقول: نعرف ربنا فوق سبع سماوات على العرش استوى، بائن من خلقه، و لا نقول كما قالت الجهمية إنه هاهنا- و أشار إلى الأرض-قلت: قوله بائن من خلقه، يريد به ما فسره بعده من نفي قول الجهمية لا إثبات جهة من جانب آخر، يريد ما أطلقه الشرع و اللّه أعلم.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ قال سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول سمعت أبا قدامة يقول سمعت أبا معاذ البلخي بفرغانة قال قرأت على جهم القرآن و كان على معبر الترمذ و كان رجلا كوفي الأصل فصيح اللسان لم يكن له علم و لا مجالسة أهل العلم، كان يتكلم [مع]
ص: 587
المتكلمين فقالوا له: صف ربك الذي تعبده. قال: تدخل البيت لا يخرج كذا و كذا، قال ثم خرج عليهم بعد أيام ذكرها فقال: هو هذا الهواء مع كل شيء و في كل شيء و لا يخلو من شيء، كذب عدو اللّه، إن اللّه تعالى في السماء كما وصف نفسه.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا أبو محمد بن حيان أنا أحمد بن جعفر بن نصر حدثنا يحيى بن يعلى قال سمعت نعيم بن حماد يقول سمعت نوح بن أبي مريم أبا عصمة يقول كنا عند أبي حنيفة أول ما ظهر إذ جاءته امرأة من ترمذ كانت تجالس جهما فدخلت الكوفة فأظنني أقل ما رأيت عليها عشرة آلاف من الناس تدعو إلى رأيها، فقيل لها: إن هاهنا رجلا قد نظر في المعقول يقال له أبو حنيفة (1)، فأتته فقالت: أنت الذي تعلم الناس المسائل و قد تركت دينك؟ أين إلهك الذي تعبده؟ فسكت عنها ثم مكث سبعة أيام لا يجيبها، ثم خرج إليها و قد وضع كتابان: اللّه تبارك في السماء دون الأرض، فقال له رجل: أ رأيت قول اللّه عز و جل وَ هُوَ مَعَكُمْ (2)قال هو كما تكتب إلى الرجل إني معك و أنت غائب عنه. قلت: لقد أصاب أبو حنيفة رضي اللّه عنه فيما نفى عن اللّه عز و جل من الكون في الأرض، و فيما ذكر من تأويل الآية، و تبع مطلق السمع في قوله إن اللّه عز و جل في السماء، و مراده من ذلك و اللّه أعلم إن صحت الحكاية عنه ما ذكرنا في معنى قوله أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي اَلسَّماءِ (3)و قد روي عنه أبو عصمة أنه ذكر مذهب أهل السنة، و ذكر في جملة ذلك و إنا لا نتكلم في اللّه بشيء، و هو نظير ما روينا عن سفيان بن عيينة (4)فيما أخبرنا أبوج-
ص: 588
بكر بن الحارث أنا أبو محمد بن حيان حدثنا عبد اللّه بن محمد بن يعقوب حدثنا أبو حاتم حدثنا إسحاق بن موسى قال سمعت ابن عيينة يقول: ما وصف اللّه تعالى به نفسه فتفسيره قراءته، ليس لأحد أن يفسره إلا اللّه تبارك و تعالى أو رسله صلوات اللّه عليهم.7.
ص: 589
ما جاء في قول اللّه عز و جل: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ (1)و ما في معناه
من الآيات.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد اللّه الحربي ببغداد حدثنا أحمد بن سلمان حدثنا ابن عبد الواحد بن شريك حدثنا نعيم بن حماد حدثنا عثمان بن كثير بن دينار عن محمد بن مهاجر عن عروة بن رويم عن عبد الرحمن بن تميم عن عبادة بن الصامت رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «و إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن اللّه عز و جل معه حيث كان» .
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن الحسين السلمي أنا أبو الحسن محمد بن محمود المروزي الفقيه حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن علي الحافظ حدثنا أبو موسى محمد ابن المثنى حدثني سعيد بن نوح حدثنا علي بن الحسن بن شقيق حدثنا عبد اللّه بن موسى الضبي حدثنا سعدان العابد قال: سألت سفيان الثوري عن قول اللّه عز و جل: وَ هُوَ مَعَهُمْ (2)قال علمه.
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي أنا أبو الحسن المحمودي حدثنا محمد بن علي الحافظ حدثنا أبو موسى حدثني سعيد بن نوح حدثني أبي نوح بن ميمون حدثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن الضحاك قال ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ (3)قال هو اللّه عز و جل على العرش و علمه معهم.
ص: 590
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن موسى الكعبي حدثنا إسماعيل بن قتيبة حدثنا أبو خالد يزيد بن صالح حدثنا بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان قال: بلغنا و اللّه أعلم في قوله عز و جل هو الأول قبل كل شيء و الآخر بعد كل شيء، و الظاهر فوق كل شيء، و الباطن أقرب من كل شيء، و إنما يعني بالقرب بعلمه و قدرته، و هو فوق عرشه و هو بكل شيء عليم. هو الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام مقدار كل يوم ألف عام، ثم استوى على العرش يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي اَلْأَرْضِ (1)من القطر وَ ما يَخْرُجُ مِنْها من النبات وَ ما يَنْزِلُ مِنَ اَلسَّماءِ من القطر وَ ما يَعْرُجُ فِيها يعني ما يصعد إلى السماء من الملائكة وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ يعني قدرته و سلطانه و علمه معكم أينما كنتم وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)و بهذا الإسناد عن مقاتل بن حيان قال قوله إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ (3)يقول علمه، و ذلك قوله إِنَّ اَللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (4)فيعلم نجواهم و يسمع كلامهم ثم ينبئهم يوم القيامة بكل شيء هو فوق عرشه و علمه معهم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد عن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب أنا محمد بن عبيد اللّه بن المنادي حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان النحوي عن قتادة ح.
و أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس حدثنا يحيى بن أبي طالب أنا علي بن الحسن بن شقيق أنا خارجة أنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قول اللّه عز و جل وَ هُوَ اَلَّذِي فِي اَلسَّماءِ إِلهٌ وَ فِي اَلْأَرْضِ إِلهٌ (5)قال: هو الذي يعبد في السماء و يعبد في الأرض، قلت: و في معنى هذه الآية قول اللّه عز و جل وَ هُوَ اَللّهُ فِي اَلسَّماواتِ وَ فِي اَلْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ4.
ص: 591
ما تَكْسِبُونَ (1) على أن بعض القراء يجعل الوقف في هذه الآية عند قوله في السموات، ثم يبتدئ فيقول: و في الأرض يعلم سركم و جهركم، و كيف ما كان، فلو أن قائلا قال فلان بالشام و العراق يملك، لدل قوله يتملك على الملك بالشام و العراق لا أنه بذاته فيهما.3.
ص: 592
ما جاء في قوله عز و جل: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (1).
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أنا أبو الحسن أحمد ابن محمد الطرائفي حدثنا عثمان بن سعيد حدثنا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ يقول يسمع و يرى.
أخبرنا أبو سعيد عن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا محمد بن الجهم سمعت أبا زكريا يحيى بن زياد الفراء يقول قوله إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ يقول إليه المصير. قلت: قول ابن عباس رضي اللّه عنهما ثم قول الفراء في معنى هذه الآية يدل على أن المراد بها تخويف العباد ليحذروا عقوبته إذا علموا أنه يسمع و يرى ما يقولون و يفعلون، و أن مصيرهم إليه.
حدثنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو العباس قاسم بن قاسم السياري بمرو حدثنا إبراهيم بن هلال حدثنا علي بن الحسن بن شقيق أنا أبو حمزة عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد اللّه «و الفجر؛ قال: قسم، إنّ ربك لبالمرصاد من وراء الصراط ثلاثة جسور جسر عليه الأمانة، و جسر عليه الرحم، و جسر عليه الرب تبارك و تعالى» هذا موقوف على عبد اللّه قيل هو ابن مسعود رضي اللّه عنه و مرسل بينه و بين سالم بن أبي الجعد، و رواه أبو فزارة عن سالم بن أبي الجعد من قوله غير مرفوع إلى عبد اللّه، و إن صح إنما أراد و اللّه أعلم أن ملائكة الرب يسألونه عما فرط فيه.
ص: 593
أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن إبراهيم الإمام أنا عبد الخالق ابن الحسن السقطي حدثنا عبد اللّه بن ثابت قال: أخبرني أبي عن الهذيل عن مقاتل بن سليمان قال: أقسم اللّه تعالى إن ربك لبالمرصاد يعني الصراط، و ذلك أن جسر جهنم عليها سبع قناطر على كل قنطرة ملائكة قيام، وجوههم مثل الجمر و أعينهم مثل البرق، يسألون الناس في أول قنطرة عن الإيمان، و في الثانية يسألونهم عن الصلوات الخمس، و في الثالثة يسألونهم عن الزكاة، و في الرابعة يسألونهم عن صيام شهر رمضان، و في الخامسة يسألونهم عن الحج، و في السادسة يسألونهم عن العمرة، و في السابعة يسألونهم عن المظالم، فمن أتى بما سئل عنه كما أمر جاز على الصراط و إلا حبس فذلك قوله تبارك و تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ يعني ملائكة يرصدون الناس على جسر جهنم في هذه المواطن السبع فيسألونهم عن هذه الخصال السبع.
ص: 594
ما جاء في قول اللّه عز و جل: ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال أخبرني أبو النصر محمد بن محمد بن يوسف حدثنا عبد اللّه بن محمد بن إبراهيم بن سيار الطائي و ابراهيم بن اسماعيل العنبري قالا: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا سليمان الشيباني حدثنا زر بن حبيش رضي اللّه عنه قال: قال عبد اللّه رضي اللّه عنه في هذه الآية فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «رأيت جبريل عليه الصلاة و السلام له ستمائة جناح» رواه البخاري في الصحيح عن أبي النعمان عن عبد الواحد بن زياد (2).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا عباد بن العوام حدثنا الشيباني قال:
سألت زر بن حبيش رضي اللّه عنه عن قول اللّه عز و جل فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى فقال أخبرني ابن مسعود رضي اللّه عنه «أن النبي صلى اللّه عليه و سلم رأى جبريل عليه الصلاة و السلام له ستمائة جناح» رواه مسلم في الصحيح عن أبي الربيع 3.
ص: 595
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ و محمد بن موسى بن الفضل قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا أبو معاوية عن أبي إسحاق عن زر بن حبيش رضي اللّه عنه عن عبد اللّه رضي اللّه عنه في قوله تعالى وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (1)قال: «رأى صلى اللّه عليه و سلم جبريل عليه السلام له ستمائة جناح» و رواه شعبة عن أبي اسحاق الشيباني في قوله تبارك و تعالى لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ اَلْكُبْرى (2)و رواه حفص بن غياث عن الشيباني في قوله عز و جل ما كَذَبَ اَلْفُؤادُ ما رَأى (3)و رواه زائدة و زهير بن معاوية في قوله جل و علا فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (4)و يحتمل أن يكون الشيباني سأل زرا رضي اللّه عنه عن جميع هذه الآيات، فأخبر عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أن جميع ذلك يرجع به إلى رؤية النبي صلى اللّه عليه و سلم جبريل عليه الصلاة و السلام.
و أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب الخوارزمي ببغداد أنا أبو العباس محمد بن أحمد بن حمدان حدثنا محمد بن أيوب أنا أبو عمر حدثنا شعبة عن سليمان عن ابراهيم عن علقمة عن عبد اللّه رضي اللّه عنه قال «لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال رأى رفرفا أخضر سد أفق السماء» (5)رواه البخاري في الصحيح عن أبي عمرو حفص بن عمر.
و أخرجه أيضا من حديث الثوري عن سليمان الأعمش، و رواه عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رضي اللّه عنه قال «رأى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم جبريل عليه السلام في حلة رفرف أخضر قد ملأ ما بين السموات و الأرض» .ه.
ص: 596
أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود رضي اللّه عنه فذكره.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم أنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنا أبو أسامة حدثنا زكريا بن أبي زائدة عن ابن أشوع الشعبي عن مسروق قال سألت عائشة رضي اللّه عنها عن قوله تعالى ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (1)قالت رضي اللّه عنها: «كان جبريل عليه السلام يأتي محمدا صلى اللّه عليه و سلم في صورة الرجل فأتاه هذه المرة قد ملأ ما بين الخافقين» رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن يوسف. و رواه مسلم عن محمد بن عبد اللّه بن نمير، كلاهما عن أبي أسامة (2).
أخبرنا أبو علي الروذباري و أبو الحسين بن بشران قالا: أنا إسماعيل بن محمد الصفار حدثنا سعدان بن نصر حدثنا محمد بن عبد اللّه هو الأنصاري عن أبي عون أنبأنا القاسم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «من زعم أن محمدا صلى اللّه عليه و سلم رأى ربه فقد أعظم الفدية على اللّه عز و جل، و لكن رأى جبريل عليه السلام مرتين في صورته و خلقه سادّا ما بين الأفق» رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عبد اللّه بن أبي الثلج عن الأنصاري.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه أنا يزيد بن هارون أنا داود بن أبي هند ح.
و أخبرني أبو النضر الفقيه-و اللفظ له-حدثنا محمد بن اسحاق بن خزيمة حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا ابن علية حدثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال: كنت متكئا عند عائشة رضي اللّه عنها فقالت عائشة رضي اللّه عنهاح.
ص: 597
«ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على اللّه الفدية، قلت: و ما هن؟ قالت: من زعم أن محمدا صلى اللّه عليه و سلم رأى ربه فقد أعظم على اللّه الفدية، قالت و كنت متكئا فجلست و قلت: يا أم المؤمنين انظريني فلا تعجلي عليّ أ لم يقل اللّه تبارك و تعالى وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ اَلْمُبِينِ (1)وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (2)فقالت رضي اللّه عنها أنا أول هذه الأمة سأل عن هذا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقال صلى اللّه عليه و سلم جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطا من السماء سادا عظيم خلقه ما بين السماء إلى الأرض. قالت أولم تسمع اللّه جل ذكره يقول لا تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ اَلْأَبْصارَ وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ (3)ثم قالت أولم تسمع اللّه عز و جل يقول وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّهُ إِلاّ وَحْياً حتى قرأت إلى قوله عَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)قالت رضي اللّه عنها و من زعم أن محمدا صلى اللّه عليه و سلم كتم شيئا من كتاب اللّه عز و جل فقد أعظم الفدية، و اللّه تبارك و تعالى جل ذكره يقول يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إلى قوله وَ اَللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّاسِ (5)قالت رضي اللّه عنها: و من زعم أنه صلى اللّه عليه و سلم يخبر الناس بما يكون في غد فقد أعظم على اللّه الفرية، و اللّه تعالى يقول لا يَعْلَمُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ اَلْغَيْبَ إِلاَّ اَللّهُ (6)» رواه مسلم في الصحيح عن زهير بن حرب عن اسماعيل بن علية (7).
و أخبرنا أبو بكر بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا وهيب بن خالد و يزيد بن زريع عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال سألت عائشة رضي اللّه عنها عن قول اللّه عز و جل وَ لَقَدْ رَآهُه.
ص: 598
نَزْلَةً أُخْرى وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ اَلْمُبِينِ فقالت أنا أول هذه الأمة قال للرسول صلى اللّه عليه و سلم هذا، فقال صلى اللّه عليه و سلم: «جبريل رأيته مرتين رأيته بالأفق الأعلى، و رأيته بالأفق المبين» الرواية الأولى أصح في ذكر الآيتين و المرتين. و إن الرواية الأولى كانت و هو بالأفق الأعلى، و يحتمل أن يكون الأفق المبين عبارة عنه أيضا ثم كانت الرواية الأخرى عند سدرة المنتهى. و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب حدثنا حسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة رضي اللّه عنه « وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (1)قال رأى جبريل عليه الصلاة و السلام» . رواه مسلم (2)في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، فاتفقت رواية عبد اللّه بن مسعود و عائشة بنت الصديق و أبي هريرة رضي اللّه عنهم على أن هذه الآيات أنزلت في رؤية النبي صلى اللّه عليه و سلم جبريل عليه الصلاة و السلام، و في بعضها أسند الخبر إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم، و هو أعلم بمعنى ما أنزل إليه.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه تعالى في تقدير قوله ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (3)على ما تأوله عبد اللّه بن مسعود و عائشة رضي اللّه عنهما من رؤيته صلى اللّه عليه و سلم جبريل عليه السلام في صورته التي خلق عليها، و الدنو منه عند المقام الذي رفع إليه و أقيم فيه (قوله دنا فتدلى) المعني به جبريل عليه السلام تدنى من مقامه الذي جعل له في الأفق الأعلى فاستوى أي وقف وقفة ثم دنا فتدلى أي نزل حتى كان بينه و بين المصعد الذي رفع إليه محمد صلى اللّه عليه و سلم قاب قوسين أو أدنى فيما يراه الرائي و يقدره المقدر. و قال بعضهم دنا جبريل فتدلى محمد صلى اللّه عليه و سلم ساجدا لربه. و قوله في الحديث «رأى رفرفا» يريد جبريل عليه السلام في صورته على رفرف، و الرفرف البساط، و يقال فراش، و يقال بل هو ثوب كان لباسا له، فقد روي أنه رآه في حلته رفرف قلت: في حديث قتادة عن الحسن البصري في قوله فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما9.
ص: 599
فَأَوْحى (1) قال عبده جبريل عليه السلام، أوحى اللّه تعالى إلى جبريل، و رأى النبي صلى اللّه عليه و سلم الحجاب، و هذا يدل على أنه ذهب في تفسير الآية إلى معنى ما تقدم ذكره، و أن اللّه تعالى أوحى إلى جبريل عليه السلام ما أوحى، ثم جبريل عليه السلام ألقاه إلى محمد صلى اللّه عليه و سلم، و رأى محمد صلى اللّه عليه و سلم الحجاب، يريد و اللّه أعلم ما روي في بعض الأخبار من رؤيته النور الأعظم و دونه الحجاب رفرف الدر و الياقوت.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو القاسم زيد بن أبي هاشم العلوي قالا: أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني حدثنا إبراهيم بن عبد اللّه العبسي حدثنا وكيع عن الأعمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس رضي اللّه عنهما ما كَذَبَ اَلْفُؤادُ ما رَأى (2)وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (3)قال رآه صلى اللّه عليه و سلم بفؤاده مرتين. رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة و غيره عن وكيع.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسين القاضي حدثنا إبراهيم بن الحسين حدثنا آدم حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى إِذْ يَغْشَى اَلسِّدْرَةَ ما يَغْشى (4)قال كان أغصان السدرة من لؤلؤ و ياقوت و زبرجد، فرآه محمد صلى اللّه عليه و سلم بقلبه، و رأى به، و عن مجاهد في قوله عز و جل فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (5)يعني حيث الوتر من القوس، يعني ربه تبارك و تعالى من جبريل عليه السلام.
قلت: فعلى هذه الطريقة المراد بالقرب المذكور في الآية قرب من حيث الكرامة لا من حيث المكان، ألا تراه قال أو أدنى. و إنما يتصور الأدنى من قاب قوسين في الكرامة و هو كقوله عز و جل وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ (6)يعني بالإجابة ألا تراه قال أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ (7)و قد قال وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ6.
ص: 600
مِنْكُمْ (1) و قال وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ (2)و إنما المراد بالعلم و القدرة لا قرب البقعة، و نظيره من الحديث ما أخبرنا أبو زكريا بن أبي اسحاق المزكي أنا أبو محمد بن عبد اللّه بن إسحاق الخراساني حدثنا يحيى-يعني ابن أبي جعفر بن الزبرقان- أنا علي بين عاصم أنا خالد الحذاء عن أبي عثمان عن أبي موسى رضي اللّه عنه قال كنا مع النبي صلى اللّه عليه و سلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا و لا نهبط واديا إلا رفعنا أصواتنا التكبير و التفت إلينا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: «يا أيها الناس ضعوا من أصواتكم فإنكم لا تدعون أصم و لا غائبا إن الذين تدعون دون ركابكم» ثم قال صلى اللّه عليه و سلم: «يا عبد اللّه بن قيس، قلت لبيك يا رسول اللّه، قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت بلى.
قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا حول و لا قوة إلا باللّه» (3)رواه عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء فقال في الحديث فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «أيها الناس إنكم لا تدعون أصم و لا غائبا إنما تدعون سميعا قريبا، و الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلة أحدكم» (4).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو الفضل بن ابراهيم حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنا عبد الوهاب الثقفي فذكره. رواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم و الطريقة الأولى في معنى الآية أصح و القائلون بها أكبر و أكثر، و في رواية عائشة و ابن مسعود رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم ما دل على صحتها، أما الحديث الذي أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الربيع7.
ص: 601
ابن سليمان المرادي حدثنا عبد اللّه بن وهب بن مسلم القرشي حدثنا سليمان بن بلال حدثنا شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر قال سمعت أنس بن مالك رضي اللّه عنه يحدث حديثا عن ليلة أسرى برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من مسجد الكعبة أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحي إليه و هو نائم في المسجد الحرام فقال أولهم: أ هو هو؟ فقال أوسطهم هو خيرهم. فقال آخرهم: خذوا خيرهم، فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى جاءوه ليلة أخرى فيما يرى قلبه-و النبي صلى اللّه عليه و سلم تنام عينه و لا ينام قلبه، و كذلك الأنبياء تنام أعينهم و لا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه فوضعوه عند بئر زمزم فتولاه منهم جبريل عليه السلام فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته، حتى فرج عن صدره و جوفه و غسله من ماء زمزم حتى أنقى جوفه ثم أتى بطست من ذهب فيه تور من ذهب محشوا إيمانا و حكمة، فحشا صدره و جوفه و أعاده ثم أطبقه، ثم عرج به إلى السماء الدنيا فضرب بابا من أبوابها فناداه أهل السماء من هذا؟ قال: هذا جبريل، قالوا: و من معك، قال: محمد، قالوا: و قد بعث إليه؟ قال نعم، قالوا: فمرحبا به و أهلا، يستبشر به أهل السماء لا يعلم أهل السماء ما يريد اللّه به في الأرض حتى يعلمهم، فوجد في السماء الدنيا آدم فقال له جبريل: هذا أبوك فسلم عليه، فسلم عليه فرد عليه و قال مرحبا بك و أهلا يا بني، فنعم الابن أنت. فإذا هو في السماء بنهرين يطردان، فقال ما هذان النهران يا جبريل؟ قال هذان النيل و الفرات عنصرهما، ثم مضى به في السماء فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ و زبرجد فذهب يشم ترابه فإذا هو المسك، فقال يا جبريل و ما هذا النهر؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك، ثم عرج به إلى السماء الثانية فقالت له الملائكة مثل ما قالت له في الأولى: من هذا معك؟ قال محمد، قالوا و قد بعث إليه؟ قال نعم قالوا: فمرحبا به و أهلا، . ثم عرج به إلى السماء الثالثة فقالوا له مثل ما قالت في الأولى و الثانية ثم عرج به إلى السماء الرابعة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا له مثل ذلك. ثم عرج به الى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك، و كل سماء فيها أنبياء قد سماهم أنس رضي اللّه عنه فوعيت منهم إدريس في الثانية، و هارون في الرابعة، و آخر في الخامسة، لم أحفظ اسمه، و ابراهيم في السادسة، و موسى في السابعة بفضل كلام اللّه تعالى، فقال موسى عليه السلام لم أظن أن يرفع إلى أحد، ثم علا به فيما لا يعلم أحد إلا اللّه تعالى، حتى جاء به سدرة
ص: 602
المنتهى، و دنا الجبار تبارك و تعالى فتدلى، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إليه ما شاء فيما أوحى خمسين صلاة على أمته كل يوم و ليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى فاحتبسه فقال يا محمد ما عهد إليك ربك؟ قال: عهد إلي خمسين صلاة على أمتي كل يوم و ليلة، قال: فإن أمتك لا تستطيع فارجع فليخفف عنك و عنهم، فالتفت إلى جبريل عليه السلام كأنه يستشيره في ذلك، فأشار إليه أن نعم إن شئت، فعلا به جبريل عليه السلام حتى أتى به إلى الجبار تبارك و تعالى و هو مكانه، فقال يا رب خفف عنا فإن أمتي لا تستطيع هذا، فوضع عنه عشر صلوات، ثم رجع إلى موسى عليه السلام فاحتبسه، و لم يزل يرده موسى إلى ربه حتى صار إلى خمس صلوات ثم احتبسه عند الخامسة فقال يا محمد قد و اللّه راودت بني إسرائيل على أدنى من هذه الخمس فضيعوه و تركوه و أمتك أضعف أجسادا و قلوبا و أبصارا و أسماعا فارجع فليخفف عنك ربك، فالتفت إلى جبريل عليه السلام ليشير عليه، فلا يكره ذلك جبريل فرفعه عند الخامسة فقال يا رب إن أمتي ضعاف أجسادهم و قلوبهم و أسماعهم و أبصارهم فخفف عنا، فقال عز و جل إني لا يبدل القول لدي هي كما كتبت عليك في أم الكتاب، و لك بكل حسنة عشر امثالها، هي خمسون في أم الكتاب، و هن خمس عليك. فرجع إلى موسى عليه السلام فقال كيف فعلت؟ فقال خفف عنا أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها، قال قد و اللّه راودت بني إسرائيل على أدنى من هذا فتركوه فارجع فليخفف عنك أيضا. قال صلى اللّه عليه و سلم: «و اللّه قد استحييت من ربي مما أختلف إليه» قال فاذهب باسم اللّه، فاستيقظ و هو صلى اللّه عليه و سلم في المسجد الحرام» . رواه البخاري في الصحيح عن عبد العزيز بن عبد اللّه عن سليمان بن بلال، و رواه مسلم عن هارون ابن سعيد الأبلي عن ابن وهب (1). و لم يسق متنه، و أحال به على رواية ثابت عن أنس رضي اللّه عنه و ليس في رواية ثابت عن أنس لفظ الدنو و التدلي، و لا لفظ المكان، و روى حديث المعراج بن شهاب الزهري عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه .
ص: 603
عن أبي ذر، و قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة، ليس في حديث واحد منهما شيء من ذلك، و قد ذكر شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر في روايته هذه ما يستدل به على أنه لم يحفظ الحديث كما ينبغي له من نسيانه ما حفظه غيره، و من مخالفته في مقامات الأنبياء الذين رآهم في السماء من هو أحفظ منه، و قال في آخر الحديث، «فاستيقظ و هو في المسجد» و معراج النبي صلى اللّه عليه و سلم كان رؤية عين، و إنما شق صدره كان و هو صلى اللّه عليه و سلم بين النائم و اليقظان، ثم إن هذه القصة بطولها إنما هي حكاية حكاها شريك عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه من تلقاء نفسه، لم يعزها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و لا رواها عنه، و لا أضافها إلى قوله، و قد خالفه فيما تفرد به منها عبد اللّه بن مسعود و عائشة و أبو هريرة رضي اللّه عنهم و هم أحفظ و أكبر و أكثر، و روت عائشة و ابن مسعود رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم ما دل على أن قوله ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى* فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (1)المراد به جبريل عليه الصلاة و السلام في صورته التي خلق عليها.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: و الذي قيل في هذه الآية أقوال؛ «أحدها» أنه دنا يعني جبريل عليه الصلاة و السلام من محمد صلى اللّه عليه و سلم فتدلى أي فقرب منه «و قال بعضهم» إن معنى قوله ثم دنا فتدلى على التقديم و التأخير، أي تدلى و دنا، و ذلك أن التدلي سبب الدنو.
أخبرنا بهذا القول أبو سعيد بن أبي عمرو حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا محمد بن الجهم قال قال الفراء قوله تبارك و تعالى ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى يعني جبريل عليه الصلاة و السلام دنا، من محمد صلى اللّه عليه و سلم حتى كان قاب قوسين أو أدنى أي قدر قوسين عربيتين أو أدنى، فأوحى يعني جبريل عليه الصلاة و السلام إلى عبده إلى عبد اللّه محمد ما أوحى قال الفراء قوله فتدلى كان المعنى ثم تدلى فدنا، و لكنه جائز إذا كان معنى الفعلين واحدا أو كالواحد، قدمت أيهما شئت فقلت: فدنا فقرب، و قرب فدنا، و شتمني فأساء، و أساء فشتمني، لأن الشتم و الاساءة شيء واحد، و كذلك قوله اِقْتَرَبَتِ اَلسّاعَةُ وَ اِنْشَقَّ اَلْقَمَرُ (2)المعنى و اللّه أعلم انشق القمر و اقتربت الساعة، و المعنى1.
ص: 604
واحد قال أبو سليمان: و قال بعضهم إنه تدلى يعني جبريل بعد الانتصاب و الارتفاع حتى رآه النبي صلى اللّه عليه و سلم متدليا كما رآه منتصبا، و كان ذلك من آيات قدرة اللّه سبحانه و تعالى حين أقدره على أن يتدلى في الهواء من غير اعتماد على شيء و لا تمسك بشيء، و قال بعضهم معنى قوله دنا يعني جبريل عليه الصلاة و السلام فتدلى محمد صلى اللّه عليه و سلم ساجدا لربه شكرا على ما أراه من قدرته و أناله من كرامته، قال أبو سليمان: و لم يثبت في شيء مما روى عن السلف أن التدلي مضاف إلى اللّه سبحانه و تعالى جل ربنا عن صفات المخلوقين و نعوت المربوبين المحدودين. قال أبو سليمان: و هاهنا لفظة أخرى في قصة الشفاعة رواها قتادة عن أنس رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم «فيأتوني-يعني أهل المحشر-يسألوني الشفاعة فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه» .
أخبرناه أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا علي بن محمد بن سختويه حدثنا محمد بن أيوب أنا هديه بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس رضي اللّه عنه.
قال البخاري و قال حجاج بن منهال حدثنا همام بن يحيى فذكره.
قال أبو سليمان معنى قوله «فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه» أي في داره التي دورها لأوليائه و هي الجنة، كقوله عز و جل لَهُمْ دارُ اَلسَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ (1)و كقوله تعالى وَ اَللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ اَلسَّلامِ (2)و كما يقال بيت اللّه، و حرم اللّه، يريدون البيت الذي جعله اللّه مثابة للناس، و الحرم الذي جعله أمنا، و مثله روح اللّه على سبيل التفضيل له على سائر الأرواح، و إنما ذلك في ترتيب الكلام كقوله جل و علا إِنَّ رَسُولَكُمُ اَلَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (3)فأضاف الرسول إليهم و إنما هو رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أرسله إليهم.
قلت:
و ما ذكرنا في حديث أنس رضي اللّه عنه فمثله نقول فيما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو بكر عبد الحسن قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد7.
ص: 605
ابن اسحاق أنا سعيد بن يحيى الأموي حدثني أبي حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في و قول اللّه تبارك و تعالى وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى* عِنْدَ سِدْرَةِ اَلْمُنْتَهى (1)قال دنا ربه فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال: قال ابن عباس رضي اللّه عنهما قد رآه النبي صلى اللّه عليه و سلم.
و أما الحديث الذي أخبرناه محمد بن عبد اللّه الحافظ أنا أبو الطيب محمد ابن أحمد بن الحسن الحيري حدثنا محمد بن عبد الوهاب حدثنا يعلى بن عبيد الطنافسي حدثنا محمد بن إسحاق ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد اللّه بن عياش بن أبي ربيعة عن عبد اللّه بن أبي سلمة قال: إن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنهما بعث إلى عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما يسأله: «هل رأى محمد صلى اللّه عليه و سلم ربه؟ فأرسل إليه عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما أن نعم فرد عليه عبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما رسوله أن كيف رآه؟ فأرسل أنه رآه في روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة:
ملك في صورة رجل، و ملك في صورة ثور، و ملك في صورة نسر، و ملك في صورة أسد» لفظ حديث يعلى، زاد يونس في روايته في صورة رجل شاب، قلت: فهذا حديث تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار، و قد مضى الكلام في ضعف ما يرويه إذا لم يبين سماعه فيه، و في هذه الرواية انقطاع بين ابن عباس رضي اللّه عنهما و بين الراوي عنه، و ليس بشيء من هذه الألفاظ في الروايات الصحيحة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، و روى من وجه آخر ضعيف.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو زكريا العنبري حدثنا محمد بن عبد السلام حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنا إبراهيم بن الحكم بن أبان قال حدثني أبي عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه سئل «هل رأى محمد صلى اللّه عليه و سلم ربه؟ قال:4.
ص: 606
نعم، رآه كأن قدميه على خضرة دون ستر من لؤلؤ، فقلت: يا بن عباس أ ليس يقول اللّه عز و جل لا تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصارُ (1)قال: يا لا أم لك ذاك نوره الذي هو نوره إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء» .
إبراهيم بن الحكم بن أبان ضعيف في الرواية، ضعفه يحيى بن معين و غيره أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا العباس بن محمد قال سمعت يحيى بن معين يقول إبراهيم بن الحكم بن أبان ضعيف. قلت:
و روى عن القنباري عن الحكم و هو مجهول، و الحكم غير محتج به في الصحيح.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن أحمد بن البراء قال: قال علي بن المدني موسى القنباري منكر الحديث و ضعيفه.
قلت: و هذا الحديث إنما يعرف من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة كما أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ حدثنا أبو العباس هم الأصم حدثنا الحسن بن علي بن عاصم حدثنا إبراهيم بن أبي سويد الذراع حدثنا حماد بن سلمة ح.
و أخبرنا أبو سعد الماليني أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ أخبرني الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن رافع حدثنا أسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «رأيت ربي جعدا أمرد عليه حلة خضراء» .
قال و أخبرنا أبو أحمد حدثنا ابن أبي سفيان الموصلي و ابن شهريار قالا: حدثنا محمد بن رزق اللّه بن موسى حدثنا الأسود بن عامر فذكره بإسناده إلا أنه قال «في صورة شاب أمرد جعد» قال و زاد على بن شهريار عليه حلة خضراء.
و رواه النضر بن سلمة عن الأسود بن عامر بإسناده أن محمد صلى اللّه عليه و سلم رأى ربه في صورة شاب أمرد، دونه ستر من لؤلؤ قدميه-أو قال رجليه-في خضرة.
أخبرنا أبو سعد أنا أبو أحمد حدثنا عبد اللّه بن عبد الحميد الواسطي أنا أبو3.
ص: 607
أحمد حدثنا عبد اللّه النضر بن سلمة فذكره. و هذا إنما يعرف بالأسود بن عامر شاذان عن حماد. و رويناه من حديث إبراهيم بن أبي سويد الذراع عن حماد، و روي من وجهين آخرين عن حماد، فذهب أبو عبد اللّه محمد بن شجاع الثلجي-و كان من المتعصبين-إلى ما أخبرنا أبو سعيد الماليني أنا أبو أحمد بن عدي أنا ابن حماد حدثنا محمد بن شجاع الثلجي. أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث حتى خرج خرجة إلى عبادان فجاء و هو يرويها، فلا أحسب إلا شيطانا خرج إليه في البحر فألقاها إليه، قال أبو عبد اللّه الثلجي: فسمعت عباد بن صهيب يقول:
إن حماد بن سلمة كان لا يحفظ، و كانوا يقولون إنها دسّت في كتبه، و قد قيل: إن ابن أبي العرجاء كان ربيبه و كان يدرس في كتبه هذه الأحاديث.
قال أبو أحمد: أبو عبد اللّه الثلجي كذاب، و كان يضع الحديث و يدسه في كتب أصحاب الحديث بأحاديث كفريات من تدسيسه.
قال أبو أحمد: و الأحاديث التي رويت عن حماد بن سلمة في الرؤية قد رواها خبر حماد بن سلمة قلت: و قد حمل غيره من أهل النظر في هذه الرواية على عكرمة مولى ابن عباس رضي اللّه عنهما و زعم أن سعيد بن المسيب تكلم فيه و كذلك عطاء و طاوس و محمد بن سيرين، و كان مالك بن أنس لا يرضاه و مسلم بن الحجاج لم يحتج به في الصحاح.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو عمرو بن السماك حدثنا حنبل بن إسحاق حدثني أبو عبد اللّه أحمد بن حنبل قال: سمعت إبراهيم بن سعد يقول: أشهر أكثر علمي على أبي أنه سمع سعيد بن المسيب يقول لغلام له اسمه برد اياك يا بردان تكذب علي كما يكذب عكرمة على ابن عباس؟ قلت:
و في بعض هذه الروايات عن ابن عباس أنه قال من غير أن عزاه إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم، و قد روينا عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه «أن النبي صلى اللّه عليه و سلم رأى جبريل عليه السلام في حلة رفرف أخضر، و ثبت عن عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه في قوله إِذْ يَغْشَى اَلسِّدْرَةَ ما يَغْشى (1)قال غشيها فراش من ذهب و ذكر أنه6.
ص: 608
رأى جبريل عليه السلام في صورته و هو إنما رأى جبريل على هذه الصفة، ثم قد حمله بعض أهل النظر على أنه رآه في المنام و استدل عليه بحديث أم الطفيل رضي اللّه عنها و ذلك فيما أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي حدثنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا عبد اللّه بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث الأنصاري عن سعيد بن أبي هلال عن مروان بن عثمان عن عمارة ابن عامر عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب رضي اللّه عنهما قالت سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يذكر «أنه رأى ربه عز و جل في المنام في صورة شاب موفر في خضر على فراش من ذهب في رجليه نعلان من ذهب» و قوله موفر يعني ذا وفرة أي شعرة، و قوله في خضر، أي في ثياب خضر، و هذا تشبيه بما روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما و هو حكاية عن رؤيا بما رآها في المنام. قال أهل النظر: رؤيا النوم قد يكون وهما يجعله اللّه تعالى دلالة للرائي على أمر سالف أو آنف على طريق التغيير.
ص: 609
ما جاء في قول اللّه عز و جل هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ اَلْأَمْرُ وَ إِلَى اَللّهِ تُرْجَعُ اَلْأُمُورُ (1)و قوله تبارك
و تعالى وَ جاءَ رَبُّكَ وَ اَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (2)
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا أحمد بن الفضل الصائغ حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية في قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وَ اَلْمَلائِكَةُ يقول الملائكة يجيئون في ظلل من الغمام، و اللّه عز و جل يجيء فيما يشاء، و هي في بعض القراءة هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وَ اَلْمَلائِكَةُ و هي كقوله وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ اَلسَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ اَلْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً (3)قلت فصح بهذا التفسير أن الغمام إنما هو مكان الملائكة و مركبهم، و أن اللّه تعالى لا مكان له و لا مركب، و إن الإتيان و المجيء فعلى قول أبي الحسن الأشعري رضي اللّه عنه يحدث اللّه تعالى يوم القيامة فعلا يسميه إتيانا و مجيئا، لا بأن يتحرك أو ينتقل، فإن الحركة و السكون و الاستقرار من صفات الاجسام و اللّه تعالى أحد صمد ليس كمثله شيء. و هذا كقوله عز و جل فَأَتَى اَللّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ اَلْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ اَلسَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ اَلْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (4)و لم يرد به إتيانا من حيث النقلة، و إنما أراد إحداث الفعل الذي به خرب بنيانهم و خرّ عليهم
ص: 610
السقف من فوقهم، فسمى ذلك الفعل إتيانا، و هكذا قال في أخبار النزول إن المراد به فعل يحدثه اللّه عز و جل في سماء الدنيا كل ليلة يسميه نزولا بلا حركة و لا نقلة، تعالى اللّه عن صفات المخلوقين.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران حدثنا أحمد بن سلمان النجاد قال قرئ على سليمان بن الأشعث الأشجعي و أنا أسمع حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن و عن أبي عبد اللّه الأغر عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال «ينزل اللّه عز و جل كل ليلة، إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له. من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له» (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب حدثنا جعفر بن محمد ابن الحسين حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك فذكر بمعناه.
رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي و رواه مسلم عن يحيى بن يحيى، و رواه أيضا يحيى بن أبي كثير و محمد بن مرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن اسحاق الصاغاني و العباس بن محمد الدروي قالا: حدثنا محاضر بن المورع حدثنا سعد بن سعيد أنا سعيد بن مرجانة قال سمعت أبا هريرة رضي اللّه عنه يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «ينزل اللّه إلى السماء الدنيا لشطر الليل-أو لثلث الليل-الأخير، فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ أو يسألني فأعطيه؟ ثم يقول من يفرض غير عدوم و لا ظلوم» (2)رواه مسلم في .
ص: 611
الصحيح عن حجاج بن الشاعر عن محاضر بن المورع، و أخرجه أيضا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، و رواه أيضا أبو جعفر محمد بن علي في آخرين عن أبي هريرة رضي اللّه عنه.
أخبرنا ابن بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة أنا أبو إسحاق قال سمعت الأغر يقول أشهد على أبي سعيد و أبي هريرة رضي اللّه عنهما أنهما شهدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال «إن اللّه عز و جل يمهل حتى يمضي ثلثا الليل ثم يهبط فيقول هل من سائل؟ هل من تائب؟ هل من مستغفر من ذنب؟ فقال له رجل حتى يطلع الفجر؟ فقال نعم» .
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة و قال: فينزل بدل قوله ثم يهبط، و بمعناه قاله منصور عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم ينزل إلى السماء الدنيا.
أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد بن شبانة الشاهد بهمدان حدثنا عبد الرحمن بن الحسين القاضي حدثنا محمد بن أيوب أنا أبو الوليد الطيالسي ح.
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق حدثنا أحمد بن سلمان الفقيه حدثنا محمد بن عيسى الواسطي حدثنا هشام بن عبد الملك الطيالسي حدثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «ينزل اللّه عز و جل إلى سماء الدنيا في ثلث الليل فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ قال و ذلك في كل ليلة» .
لفظ حديث الواسطي و هو أتم، و قد روي في معنى هذا الحديث عن أبي بكر الصديق و علي بن أبي طالب و عبد اللّه بن مسعود و عبادة بن الصامت و رفاعة بن عرابة، و جابر بن عبد اللّه و عثمان بن أبي العاص و أبي الدرداء، و أنس بن مالك و عمرو بن عبسة و أبي موسى الأشعري و غيرهم رضي اللّه عنهم عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و روي فيه عن عبد اللّه بن عباس و أم سلمة و غيرهما رضي اللّه عنهم.
ص: 612
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني أنا مسلم بن قادم حدثنا موسى ابن داود قال: قال لي عباد بن العوام: قدم علينا شريك بن عبد اللّه منذ نحو من خمسين سنة، قال فقلت له يا أبا عبد اللّه إن عندنا قوما من المعتزلة ينكرون هذه الأحاديث. قال فحدثني بنحو من عشرة أحاديث في هذه و قال:
أما نحن فقد أخذنا ديننا هذا عن التابعين عن أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فهم عمن أخذوا؟
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال سمعت أبا زكريا العنبري يقول سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق الثقفي يقول سمعت الحسن بن عبد العزيزي الجروي يقول: سمعت قاضي فارس يقول: يقال إسحاق راهويه: دخلت يوما على عبد اللّه بن طاهر فقال لي: يا أبا يعقوب تقول إن اللّه ينزل كل ليلة؟ فقلت له: و يقرر. فسكت عبد اللّه. قال أبو العباس أخبرني الثقة من أصحابنا قال سمعت اسحاق بن راهويه يقول: دخلت على عبد اللّه بن طاهر فقال لي: يا أبا يعقوب تقول إن اللّه ينزل كل ليلة؟ فقلت: أيها الأمير إن اللّه تعالى بعث إلينا نبيا نقل إلينا عنه أخبار بها نحلل الدماء، و بها نحرم، و بها نحلل الفروج، و بها نحرم، و بها نبيح الأموال، و بها نحرم، فإن صح ذا صح ذاك، و إن بطل ذا بطل ذاك. قال فأمسك عبد اللّه.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال سمعت أبا جعفر محمد بن صالح بن هانئ يقول سمعت أحمد بن سلمة يقول سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول جمعني و هذا المبتدع-يعني إبراهيم بن أبي صالح-مجلس الأمير عبد اللّه ابن طاهر فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها، فقال إبراهيم: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء، فقلت آمنت برب يفعل ما يشاء، قال فرضي عبد اللّه كلامي و أنكر على إبراهيم هذا معنى الحكاية.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال سمعت أبا زكريا العنبري يقول سمعت أبا العباس يقول سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول؛ دخلت يوما على طاهر ابن عبد اللّه بن طاهر و عنده منصور بن طلحة، فقال لي: يا أبا يعقوب إن اللّه
ص: 613
ينزل كل ليلة؟ فقلت له تؤمن به؟ فقال طاهر: أ لم أنهك عن هذا الشيخ، ما دعاك إلى أن تسأله عن مثل هذا؟ قال إسحاق فقلت له إذا أنت لم تؤمن أن لك ربا يفعل ما يشاء، لست تحتاج أن تسألني. قلت: فقد بين إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في هذه الحكاية أن النزول عنده من صفات الفعل، ثم إنه كان يجعله نزولا بلا كيف، و في ذلك دلالة على أنه كان لا يعتقد فيه الانتقال و الزوال.
أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا أبو محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني قال و فيما أجازني جدي-يعني محمود بن الفرح-قال: قال إسحاق ابن راهويه سألني ابن طاهر عن حديث النبي صلى اللّه عليه و سلم يعني في النزول فقلت له النزول بلا كيف.
قال أبو سليمان الخطابي: هذا الحديث و ما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها، و إجراءها على ظاهرها و نفي الكيفية عنها، و ذكر الحكاية التي أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه أنا أبو محمد ابن حيان حدثنا الحسن بن محمد المداركي حدثنا أبو زرعة حدثنا أبو مصفى حدثنا بقية حدثنا الأوزاعي عن الزهري و مكحول قال أمضوا الأحاديث على ما جاءت.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه حدثنا محمد ابن بشر بن مطر حدثنا الهيثم بن خارجة حدثنا الوليد بن مسلم قال سئل الأوزاعي و مالك و سفيان الثوري و الليث بن سعد عن هذه الأحاديث التي جاءت في التشبيه فقالوا: أمرّوها كما جاءت بلا كيفية.
قال أبو سليمان: و قد روينا عن عبد اللّه بن المبارك أن رجلا قال له، كيف ينزل فقال بالفارسية كدخداى كار خويشتن كن ينزل كما يشاء.
أخبرنا أبو عثمان حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم العدل حدثنا محبوب بن عبد الرحمن القاضي حدثنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن محبوب حدثنا أحمد بن حبّوبة حدثنا أبو عبد الرحمن العتكي حدثنا محمد بن سلام قال: سألت عبد اللّه ابن المبارك فذكر حكاية قال فيها فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن كيف ينزل؟
ص: 614
فقال عبد اللّه بن المبارك كدخداي كارخويسن كن ينزل كيف يشاء. قال أبو سليمان رحمه اللّه: و إنما ينكر هذا و ما أشبهه من الحديث من يقيس الأمور في ذلك بما يشاهده من النزول الذي هو نزلة من أعلى إلى أسفل، و انتقال من فوق إلى تحت، و هذا صفة الأجسام و الأشباح، فأما نزول من لا يستولي عليه صفات الأجسام فإن هذه المعاني غير متوهمة فيه، و إنما هو خبر عن قدرته و رأفته بعباده، و عطفه عليهم و استجابته دعاءهم، و مغفرته لهم، يفعل ما يشاء، لا يتوجه على صفاته كيفية و لا على أفعاله كمية، سبحانه ليس كمثله شيء و هو السميع البصير.
و قال أبو سليمان رحمه اللّه في معالم السنن: و هذا من العلم الذي أمرنا أن نؤمن بظاهره، و أن لا نكشف عن باطنه، و هو من جملة المتشابه، ذكره اللّه تعالى في كتابه فقال هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ اَلْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ (1)الآية، فالمحكم منه يقع به العلم الحقيقي و العمل، و المتشابه يقع به الايمان و العلم الظاهر، و يوكل باطنه إلى اللّه عز و جل، و هو معنى قوله وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اَللّهُ (2)و إنما حظ الراسخين أن يقولوا آمنا به كل من عند ربنا. و كذلك ما جاء من هذا الباب في القرآن كقوله عز و جل هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ اَلْأَمْرُ (3)و قوله وَ جاءَ رَبُّكَ وَ اَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (4)و القول في جميع ذلك عند علماء السلف هو ما قلناه، و روي مثل ذلك عن جماعة من الصحابة رضي اللّه عنهم و قد زل بعض شيوخ أهل الحديث ممن يرجع إلى معرفته بالحديث و الرجال، فحاد عن هذه الطريقة حتى روى حديث النزول، ثم أقبل على نفسه فقال: إن قال قائل كيف ينزل ربنا إلى السماء؟ قيل له ينزل كيف يشاء، فإن قال:
هل يتحرك إذا نزل؟ فقال: إن شاء يتحرك و إن شاء لم يتحرك، و هذا خطأ فأحسن2.
ص: 615
عظيم، و اللّه تعالى لا يوصف بالحركة، لأن الحركة و السكون يتعاقبان في محل واحد، و إنما يجوز أن يوصف بالحركة من يجوز أن يوصف بالسكون، كلاهما من أعراض الحدث، و أوصاف المخلوقين، و اللّه تبارك و تعالى متعال عنهما، ليس كمثله شيء، فلو جرى هذا الشيخ على طريقة السلف الصالح و لم يدخل نفسه فيما لا يعنيه لم يكن يخرج به القول إلى مثل هذا الخطأ الفاحش، قال: و إنما ذكرت هذا لكي يتوفى الكلام فيما كان من هذا النوع، فإنه لا يثمر خيرا و لا يفيد رشدا، و نسأل اللّه العصمة من الضلال، و القول بما لا يجوز من المفاسد و المحال.
و قال القتيبي: قد يكون النزول بمعنى إقبالك على الشيء بالإرادة و المنية، و كذلك الهبوط و الارتفاع و البلوغ و المصير، و أشباه هذا من الكلام، و ذكر من كلام العرب ما يدل على ذلك. قال: و لا يراد في شيء من هذا انتقال يعني بالذات و إنما يراد به القصد إلى الشيء بالإرادة و العزم و النية.
قلت و فيما قاله أبو سليمان رحمه اللّه كفاية، و قد أشار إلى معناه القتيبي في كلامه، فقال: لا تحتم على النزول منه بشيء، و لكنا نبين كيف هو في اللغة و اللّه أعلم بما أراد.
و قرأت بخط الأستاذ أبي عثمان رحمه اللّه في كتاب الدعوات عقيب حديث النزول قال الأستاذ أبو منصور يعني الحمشاذي على إثر الخبر. و قد اختلف العلماء في قوله ينزل اللّه فسئل أبو حنيفة عنه فقال: ينزل بلا كيف. و قال حماد بن زيد: نزوله إقباله، و قال بعضهم ينزل نزولا يليق بالربوبية بلا كيف، من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق بالتجلي و التملي، لأنه جل جلاله منزه عن أن تكون صفاته مثل صفات الخلق، كما كان منزها عن أن تكون ذاته مثل ذات الغير، فمجيؤه و إتيانه و نزوله على حسب ما يليق بصفاته، من غير تشبيه و كيفية، ثم روى الإمام رحمه اللّه عقيبة حكاية ابن المبارك حين سئل عن كيفية نزوله، فقال عبد اللّه: كدخداي كارخويسن كن ينزل كيف يشاء.
و قد سبقت منه هذه الحكاية بإسناده، و كتبتها حيث ذكرها أبو سليمان رحمه اللّه.
ص: 616
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال: سمعت أبا محمد أحمد بن عبد اللّه المزني يقول:
حديث النزول قد ثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من وجوه صحيحة، و ورد في التنزيل ما يصدقه و هو قوله تعالى وَ جاءَ رَبُّكَ وَ اَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (1)و المجيء و النزول صفتان منفيتان عن اللّه تعالى، من طريق الحركة و الانتقال من حال إلى حال، بل هما صفتان من صفات اللّه تعالى بلا تشبيه، جل اللّه تعالى عما يقول المعطلة لصفاته و المشبهة بها علوّا كبيرا.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو عبد اللّه بن يعقوب حدثنا محمد بن عمرو الحرشي حدثنا العقباني حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري عبد اللّه بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ اَلْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَ اِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ، وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اَللّهُ وَ اَلرّاسِخُونَ فِي اَلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ (2)قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى اللّه عز و جل فاحذروهم» .
رواه البخاري و مسلم في الصحيح عن القعنبي (3).ه.
ص: 617
ما روي في التقرب و الإتيان و الهرولة
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا الحسن بن علي بن عفان حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من عمل حسنة فجزاؤه عشر أمثالها و أزيد، و من عمل سيئة فجزاؤه مثلها أو أغفر، و من تقرب إليّ شبرا تقربت منه ذراعا، و من تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، و من أتاني يمشي أتيته هرولة، و من لقيني بقراب الأرض خطيئة لم يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة» (1)فقالوا هذا الحديث يستبشعه الناس، فقال: إنما هذا عندنا على الإجابة.
و أخرجه مسلم في الصحيح من حديث وكيع عن الأعمش، و قال في أوله «يقول اللّه عز و جل» و كأنه سقط من روايتنا، و الذي في آخر روايتنا أظنه من قول الأعمش.
أخبرنا أبو بكر بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر حدثنا يونس بن حبيب حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي اللّه عنه قال إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «يقول اللّه عز و جل، إن تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا، و إن تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا» .
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو زكريا بن أبي إسحاق قالا: أنا أبو سهل بن
ص: 618
زياد القطان حدثنا عبد الملك بن محمد حدثنا أبو عتاب الدلال حدثنا شعبة، فذكره بإسناده نحوه، زاد «و إذا أتاني يمشي أتيته هرولة» أخرجه البخاري في الصحيح عن حديث أبي زيد الهروي قالا عن شعبة، قال البخاري: و قال معتمر سمعت أبي قال سمعت أنسا يحدث عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم عن ربه عز و جل.
أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن عمر بن قتادة حدثنا الإمام أبو سهل محمد ابن سليمان إملاء أنا محمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر الإمام حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن أنس بن مالك عن أبي هريرة رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم عن ربه عز و جل أنه قال: إذا تقرب مني عبدي شبرا تقربت منه ذراعا، و إذا تقرب مني ذراعا تقربت منه بوعا، و إذا تقرب مني بوعا أتيته أهرول، أو كما قال قال الشيخ أبو سهل و في هذا الحديث اختصار و لفظه تفرد بها هذا الراوي، إذ سائر الرواة يقولون «إذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا» و يقولون في تمام الحديث «و إذا أتاني يمشي أتيته أهرول» و الباع و البوع مستقيمان في اللغة جاريتان على سبيل العربية، و الأصل في الحرف الواو فقلبت الواو ألفا للفتحة.
ثم الجهمية و أصناف القدرية و أصناف المعتزلة المجترئة على رد أخبار الرسول بالمزيف من المعقول لما ردوا إلى حولهم و أحاط بهم الخذلان و استولى عليهم بخدائعه الشيطان، و لم يعصمهم التوفيق و لا استنقذهم التحقيق، قالوا: الهرولة لا تكون إلا من الجسم المنتقل، و الحيوان المهرول، و هو ضرب من ضروب حركات الإنسان كالهرولة المعروفة في الحج، و هكذا قالوا، في قوله: تقربت منه ذراعا، تشبيه إذ يقال ذلك في الأشخاص المتقاربة و الأجسام المتدانية، الحاملة للأعراض، ذوات الانبساط و الانقباض، فأما القديم المتعالي عن صفة المخلوقين، و عن نعوت المخترعين، فلا يقال عليه ما ينثلم به التوحيد، و لا يسلم عليه التمجيد فأقول إن قول الرسول صلى اللّه عليه و سلم موافق لقضايا العقول إذ هو سيد من الأولين و الآخرين، و لكن من نبذ الدين وراءه و حكم هواه و آراءه، ضل عن سبيل المؤمنين، و باء بسخط رب العالمين، تقرب العبد من مولاه بطاعاته و إراداته و حركاته و سكناته سرا و علنا، كالذي روي عن النبي صلى اللّه عليه و سلم «ما تقرب العبد مني بمثل ما تقرب من أداء ما افترضته
ص: 619
عليه، فلا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أكون له سمعا و بصرا» (1)و هذا القول من الرسول صلى اللّه عليه و سلم من لطيف التمثيل عند ذوي التحصيل، البعيد من التشبيه، المكين من التوحيد، و هو أن يستولي الحق على المتقرب إليه بالنوافل حتى لا يسمع شيئا إلا به، و لا ينطق إلا عنه، نشرا لآلائه، و ذكرا لنعمائه، و إخبارا عن منته المستغرقة للخلق، فهذا معنى قوله يسمع به و ينطق و لا يقع نظره على منظور إليه إلا رآه بقلبه موحدا، و بلطائف آثار حكمته و مواقع قدرته من ذلك المرئي المشاهد، يشهده بعين التدبير و تحقيق التقدير، و تصديق التصوير.
و في كل شيء له شاهد يدل على أنه واحد
فتقرب العبد بالإحسان، و تقرب الحق بالامتنان، يريد أنه الذي أدناه و تقرب العبد إليه بالتوبة و الإنابة، و تقرب الباري إليه بالرحمة و المغفرة، و تقرب العبد إليه بالسؤال، و تقربه إليه بالنوال، و تقرب العبد إليه بالسر و تقربه إليه بالبشر، لا من حيث توهمته الفرقة المضلة الأعمال و المتغابية بالأعثار.
و قد قيل في معناه إذا تقرب العبد إلي بما به تعبدته، تقربت إليه بما له عليه وحدته، و قيل في معناه: إنما هو كلام خرج على طريق القرب من القلوب دون الحواس، مع السلامة من العيوب، على حسب ما يعرفه المشاهدون، و يجده العابدون، من أخبار دنو من يدنو منه، و قرب من يتقرب إليه، فقال على هذه السبيل، و على مذهب التمثيل و لسان التعليم بما يقرب من التفهيم، إن قرب الباري من خلقه يقربهم إليه بالخروج فيما أوجبه عليهم، هكذا القول في الهرولة، إنما يخبر عن سرعة القبول، و حقيقة الإقبال و درجة الوصول، و الوصف الذي يرجع إلى المخلوق مصروف على ما هو به لائق، و بكونه متحقق، و الوصف الذي يرجع إلى اللّه سبحانه و تعالى يصرفه لسان التوحيد، و بيان التجريد، إلى نعوته المتعالية، و أسمائه الحسنى، و لو لا .
ص: 620
الإملال أحذره و أخشاه، لقلت في هذا ما يطول دركه، و يصعب ملكه، و الذي أقوله في هذا الخبر و أشباهه من أخبار الرسول صلى اللّه عليه و سلم المنقولة على الصحة، و الاستقامة بالرواة الاثبات العدول، وجوب التسليم، و لفظ التحكيم، و الانقياد بتحقيق الطاعة، و قطع الريب عن الرسول صلى اللّه عليه و سلم و عن الصحابة النجباء الذين اختارهم اللّه تعالى له وزراء و أصفياء، و خلفاء و جعلهم السفراء بيننا و بينه صلى اللّه عليه و سلم. عن حق عداه أو عدوه، و صدق تجاوزه و الناس ضربان مقلدون و علماء، فالذين يقلدون أئمة الدين سبيلهم أن يرجعوا إليهم عند هذه الموارد، و الذين منحوا العلم و رزقوا الفهم هم الأنوار المستضاء بهم، و الأئمة المقتدى بهم، و لا أعلمهم إلا الطائفة السنية و الحمد للّه رب العالمين.
أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد الروذباري حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن السكري بالبصرة حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي أحمد بن شعيب قاضي حمص حدثنا عمرو بن يزيد حدثنا سيف بن عبيد اللّه-و كان ثقة-عن سلمة بن العيار عن سعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قلنا يا رسول اللّه هل نرى ربنا؟ قال صلى اللّه عليه و سلم «هل ترون الشمس في يوم لا غيم فيه، و ترون القمر في ليلة لا غيم فيها؟ قلنا: نعم، قال صلى اللّه عليه و سلم: «فإنكم سترون ربكم، حتى إن أحدكم ليخاصر ربه مخاصرة فيقول له: عبدي هل تعرف ذنب كذا و كذا؟ فيقول: رب أ لم تغفر لي؟ فيقول بمغفرتي صرت إلى هذا» (1).
قلت حديث الرؤية قد رواه غيره عن الزهري عن سعيد بن المسيب، و عطاء ابن يزيد عن أبي هريرة رضي اللّه عنه ليس فيه لفظ المخاصرة، و سلمة بن العيار و سيف بن .
ص: 621
عبيد اللّه لم يكونا يذكران في الصحاح، و بمثل هذا لا يثبت برواية أمثالهما، ثم إنه محمول على مخاصرته ملائكة ربه، أو نعمة ربه، و المخاصرة المصافحة، و قد مضى في الركن أنه يمين اللّه تعالى التي يصافح بها خلقه فلا ينكر أن يكون في الآخرة للعرش أو غيره ركن أو شيء يصافحه عباد اللّه تعالى، كما يصافحون الركن في الدنيا و يستلمونه، تقربا إلى اللّه تعالى.
ص: 622
ما روي في الوطأة بوج
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني حدثنا محمد بن عباد حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن ابن أبي سويد عن عمر بن عبد العزيز قال: زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم رضي اللّه عنها «أن النبي صلى اللّه عليه و سلم خرج و هو محتضن أحد ابني ابنته، و هو يقول؛ و اللّه إنكم لتبخلون و تجبنون و تجهلون، و إنكم لمن ريحان اللّه تعالى، و إن آخر وطأة وطئها الرحمن جل و علا بوج» قلت قوله لمن ريحان اللّه، يعني به من رزق اللّه عز و جل (1).
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس هو الأصم حدثنا محمد بن إسحاق حدثنا محمد بن عباد حدثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن سعيد بن أبي راشد أنه أخبره عن يعلى بن مرة أن حسنا و حسينا رضي اللّه عنهما أقبلا يسعيان إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فلما جاءه أحدهما جعل يده في عنقه، ثم جاء الآخر فجعل يده في عنقه ثم قبّل هذا و قبّل هذا ثم قال صلى اللّه عليه و سلم «إني أحبهما فأحبهما، أيها الناس إن الولد مبخلة مجبنة، و إن آخر وطأة وطئها الرحمن بوج» الوطأة
ص: 623
المذكورة في هذا الحديث عبارة عن نزول بأسه به قال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي: معناه عند أهل النظر أن آخر ما أوقع اللّه سبحانه و تعالى بالمشركين بالطائف، و كان آخر غزاة غزاها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قاتل فيها العدو، و وج واد بالطائف قال: و كان سفيان بن عيينة رضي اللّه عنه يذهب في تأويل هذا الحديث إلى ما ذكرناه، قال و هو مثل قوله صلى اللّه عليه و سلم «اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» (1).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا أبو سهل بن زياد القطان حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى حدثنا أبو نعيم حدثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: إن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: فذكره في دعاء القنوت. قلت و هو كما روى في حديث آخر «سبحان الذي في السماء عرشه، سبحان الذي في الأرض موطئه» و إنما أراد آثار قدرته و اللّه أعلم.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول سمعت علي بن المديني يقول في حديث خولة رضي اللّه عنها عن النبي صلى اللّه عليه و سلم «إن آخر وطئة بوج» قال سفيان-يعني ابن عيينة-فسره فقال إنما هو آخر خيل اللّه بوج-قال الدارمي و الوج مدينة الطائف.
قلت: الوج واد بالطائف كما قال ابن مهدي، و هو من حصنها قريب، و كانت مدينة الطائف أيضا تسمى وجا كما قال الدارمي. .
ص: 624
ما روي في النفس و تقذّر النفس
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان أنا عبد اللّه بن جعفر حدثنا يعقوب ابن سفيان ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني أنا عبد اللّه بن يوسف أنا عبد اللّه بن سالم الحمصي حدثنا إبراهيم بن سليمان الأفطس عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير قال: أخبرني سلمة بن نفيل السكوني قال: دنوت من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم حتى كادت ركبتاي تمسان فخذه فقلت: يا رسول اللّه بهي بالخيل و ألقى السلاح فزعموا أن لا قتال-و قال يعقوب في حديثه و زعم أقوام أن لا قتال- فقال صلى اللّه عليه و سلم «كذبوا الآن جاء القتال، لا تزال من أمتي قائمة على الحق ظاهرة على الناس يزيغ اللّه تعالى قلوب أقوام فيقاتلونهم لينالوا منهم-و قال يعقوب:
قلوب قوم قاتلوهم لينالوا منهم-و قال و هو مول ظهره قبل اليمن: إني أجد نفس الرحمن هاهنا، و لقد أوحى إلي أني مكفون غير ملبث و تتبعوني أفنادا و الخيل معقود في نواصيها الخير، إلى يوم القيامة، و أهلها معانون عليها» (1)قال عبد اللّه بن جعفر بن درستويه بهي إذا عطلت الخيل. قلت: قوله: «إني أجد نفس الرحمن من هاهنا» إن كان محفوظا فإنما أراد إني أجد الفرج من قبل اليمن، و هو كما قال النبي صلى اللّه عليه و سلم «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا
ص: 625
نفّس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة» (1)و إنما أراد من فرج عن مؤمنة كربة.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا أبو أحمد حمزة بن محمد بن العباس حدثنا محمد بن منده حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا جرير عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب رضي اللّه عنه قال: «لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن تبارك و تعالى (2)هذا موقوف على أبي بن كعب رضي اللّه عنه و إنما أراد و اللّه أعلم الريح من روح اللّه، و هو كما روي في حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم «الريح من روح اللّه تعالى، تأتي بالرحمة و تأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها و اسألوا اللّه خيرها، و استعيذوا باللّه من شرها» .
و قرأت في كتاب الغربيين قال أبو منصور الأزهري: النفس في هذين الحديثين اسم وضع موضع المصدر الحقيقي. من نفّس ينفّس تنفيسا و نفسا، كما يقال فرج يفرّج تفريجا و فرجا، كأنه قال: أحد تنفيس ربكم من قبل اليمن، و كذلك قوله صلى اللّه عليه و سلم: «الريح من نفس الرحمن» أي من تنفيس اللّه تعالى بها عن المكروبين.
فأما الحديث الذي أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو بكر بن داسة حدثنا أبو داود حدثنا عبيد اللّه بن عمر حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد اللّه بن عمرو رضي اللّه عنهما قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، و يبقى في الأرض شرار أهلها9.
ص: 626
تلفظهم أرضوهم، تقذرهم نفس اللّه عز و جل، و تحشرهم النار مع القردة و الخنازير» (1)فهذا الحديث في النفس لا في النفس.
و قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: قوله صلى اللّه عليه و سلم «ستكون هجرة بعد هجرة» معنى الهجرة الثانية الهجرة إلى الشام يرغب في المقام بها و هي مهاجر إبراهيم عليه الصلاة و السلام، و قوله صلى اللّه عليه و سلم «تقذرهم نفس اللّه تعالى» تأويله أن اللّه عز و جل يكره خروجهم إليها و مقامهم بها، فلا يوفقهم لذلك، فصاروا بالرد و ترك القبول في معنى الشيء الذي تقذره نفس الإنسان فلا تقبله.
و ذكر النفس هاهنا مجاز و اتساع في الكلام، و هذا شبيه بمعنى قوله تعالى:
وَ لكِنْ كَرِهَ اَللّهُ اِنْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَ قِيلَ اُقْعُدُوا مَعَ اَلْقاعِدِينَ (2) قلت:
و الحديث تفرد به شهر بن حوشب رضي اللّه عنه و روي من وجه آخر عن عبد اللّه ابن عمرو رضي اللّه عنهما موقوفا عليه في قصة أخرى بهذا اللفظ، و معناه ما ذكره أبو سليمان من كراهيته لمذكورين فيه و اللّه أعلم.
و أخبرنا أبو الحسين بن الفضل أنا عبد اللّه بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أبو النضر اسحاق بن إبراهيم بن يزيد و هشام بن عمار الدمشقيان قالا حدثنا يحيى بن حمزة حدثنا الأوزاعي عن نافع و قال أبو النضر عمن حدثه عن نافع عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «سيهاجر أهل الأرض هجرة بعد هجرة إلى مهاجر إبراهيم عليه الصلاة و السلام حتى لا يبقى الاشرار أهلها، تلفظهم الأرضون و تقذرهم روح الرحمن، و تحشرهم النار مع القردة و الخنازير، تبيت معهم حيث باتوا، و تقيل معهم حيث قالوا، و لها يسقط منهم» . و ظاهر هذا أنه قصد به بيان نتن ريحهم، و أن الأرواح التي خلقها اللّه تعالى تقذرهم، و إضافة الروح إلى اللّه تعالى بمعنى الملك و الخلق و اللّه أعلم.6.
ص: 627
ما روي في أن اللّه سبحانه و تعالى قبل وجهه إن صلى
و نحو ذلك مما يحتاج إلى تأويل
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني حدثنا حجاج بن محمد قال قال ابن جريج: أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أنه حدثه «أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رأى نخامة في قبلة المسجد و هو يصلي بين يدي الناس، فقال صلى اللّه عليه و سلم حين قضى صلاته: «إن أحدكم إذا صلى فإن اللّه تعالى قبل وجهه فلا يتخمن أحد منكم قبل وجهه في الصلاة» رواه مسلم في الصحيح عن هارون بن عبد اللّه عن حجاج (1).
و أخرجه البخاري فقال: و رواه موسى بن عقبة، و أخرجاه من أوجه أخر عن نافع، و كذلك رواه جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و رواه أنس بن مالك رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال في الحديث «فإنما يناجي ربه» و رواه حميد عن أنس رضي اللّه عنه فزاد فيه «و إن ربه فيما بينه و بين القبلة» (2).
ص: 628
أخبرناه أبو طاهر الفقيه أنا أبو طاهر المحمدآباذي أنا إبراهيم بن عبد اللّه بن عبد اللّه السعدي أنا يزيد بن هارون أنا حميد الطويل عن أنس بن مالك رضي اللّه عنه قال: «إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم رأى نخامة في قبلة المسجد فحكها بيده فرأى في وجهه شدة ذلك عليه، فقال صلى اللّه عليه و سلم: «إن العبد إذا صلى فإنما يناجي ربه، أو ربه فيما بينه و بين القبلة فإذا بصق أحدكم فليبصق عن يساره، أو تحت قدمه، أو يفعل هكذا-ثم بزق في ثوبه-و ذلك بعضه ببعض قال يزيد و أرانا حميد» .
أخرجه البخاري في الصحيح من وجهين آخرين عن حميد (1).
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: «فإن اللّه تعالى قبل وجهه» تأويله أن القبلة التي أمره اللّه تعالى بالتوجه إليها للصلاة قبل وجهه، فليصنها عن النخامة و فيه إضمار و حذف و اختصار، كقوله تعالى وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْعِجْلَ (2)أي حب العجل، و كقوله وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ (3)يريد أهل القرية، و مثله في الكلام كثير، و إنما أضيف تلك الجهة إلى اللّه تعالى على سبيل التكرمة، كما قيل بيت اللّه و كعبة اللّه، في نحو ذلك من الكلام، و قال في قوله «ربه بينه و بين القبلة» معناه أن توجهه إلى القبلة مغصن بالقصد منه إلى ربه، فصار في التقدير كأن مقصوده بينه و بين قبلته، فأمر بأن تصان تلك الجهة عن البزاق و نحوه، و قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه: معنى قوله صلى اللّه عليه و سلم «إن اللّه قبل وجهه» أي إن ثواب اللّه لهذا المصلى ينزل عليه من قبل وجهه، و مثله قوله «يجيء القرآن بين يدي صاحبه يوم القيامة» أي يجيء ثواب قراءته القرآن.
قال الشيخ: و حديث أبي ذر يؤكد هذا التأويل.2.
ص: 629
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل بن القطان ببغداد أنا عبد اللّه بن جعفر ابن درستويه نا يعقوب بن سفيان نا أبو بكر الحميد نا سفيان الزهري قال سمعت أبا الأحوص عن أبي ذر يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصباء» (1).
قال سفيان فقال سعد بن إبراهيم للزهري: من الأحوص؟ فقال الزهري: أما رأيت الشيخ الذي يصلي في الروضة؟ فجعل الزهري ينعته و سعد لا يعرفه.
ففي هذا الحديث بيان نزول الرحمة من قبل وجهه، و ذلك يؤكد ما مضى من التأويل للحديث الأول، أما حديث مجيء القرآن فأخبرنا أبو علي الروذباري و أبو عبد اللّه الحافظ قالا: أنا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن أيوب نا أبو حاتم محمد بن إدريس نا أبو توبة نا معاوية بن سلام الحبشي عن أخيه زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال سمعت أبا أمامة الباهلي يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «اقرءوا القرآن فإنه يجيء يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا البقرة و آل عمران فإنهما الزهراوان يأتيان يوم القيام كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما، اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة، و لا تستطيعها البطلة» (2).
قال معاوية: «البطلة السحرة» رواه مسلم في الصحيح عن الحسن بن عليّ الحلواني عن أبي توبة، و المراد بهذا و اللّه أعلم الترغيب في قراءة القرآن.
ثم الكلام في مجيء قراءته يوم القيامة نحو الكلام في وزن الأعمال يوم .
ص: 630
القيامة، و ذلك مذكور في موضعه، و أما الحديث الذي أخبرنا أبو الحسين بن بشران أنا إسماعيل الصفار نا أحمد بن منصور نا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري قال: كنت عند النبي صلى اللّه عليه و سلم فنزلت هذه الآية يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ قال: فنحن لا نسأله إذ قال: إن للّه عباد ليسوا بأنبياء و لا شهداء يغبطهم النبيون و الشهداء، بقربهم و مقعدهم من اللّه عز و جل يوم القيامة.
قال و في ناحية القوم أعرابي فجثا على ركبتيه و رمى بيديه فقال حدثنا يا رسول اللّه عنهم من هم؟ قال فرأيت في وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم البشر، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم «هم عباد من عباد اللّه من بلدان شتى، و قبائل شتى، من شعوب القبائل لم يكن بينهم أرحام يتواصلون بها، و لا دنيا يتباذلون بها، يتحابون بروح اللّه عز و جل، يجعل اللّه وجوههم نورا، و يجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الرحمن، يفزع الناس و لا يفزعون، و يخاف الناس و لا يخافون» (1).
فهذا حديث رواه شهر بن حوشب، و هو عند أهل العلم بالحديث لا يحتج به، ثم قوله «بقربهم و مقعدهم من اللّه عز و جل» . يريد به في الكرامة.
و قاله قدام الرحمن يريد به و اللّه أعلم قدام عرش الرحمن.ه.
ص: 631
ما جاء في الضحك
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق الصاغاني نا عبد اللّه بن يوسف نا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «يضحك اللّه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل اللّه فيقتل، ثم يتوب اللّه على القاتل فيقاتل في سبيل اللّه فيستشهد» (1)رواه البخاري في الصحيح عن عبد اللّه بن يوسف. و أخرجه مسلم من حديث سفيان عن أبي الزناد.
و أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو بكر القطان نا أحمد بن يوسف نا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يضحك اللّه تعالى إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، قالوا كيف يا رسول اللّه؟ قال يقتل هذا فيلج الجنة، ثم يتوب اللّه على الآخر فيهديه إلى الإسلام ثم يجاهد في سبيل اللّه فيستشهد» (2). رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه قوله «يضحك اللّه سبحانه» الضحك
ص: 632
الذي يعتري البشر عند ما يستخفهم الفرج، أو يستنفزهم الطرب، غير جائز على اللّه عز و جل، و هو منفي عن صفاته، و إنما هو مثل ضربه لهذا الصنيع الذي يحل محل العجب عند البشر، فإذا رأوه أضحكهم، و معناه في صفة اللّه تعالى عز و جل الإخبار عن الرضا بفعل أحدهما، و القبول للآخر و مجازاتهما على صنيعهما الجنة، مع اختلاف أحوالهما و تباين مقاصدهما. قال و نظير هذا ما رواه أبو عبد اللّه البخاري في موضع آخر من هذا الكتاب، يعني ما أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ أخبرني أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب حدثنا يحيى بن محمد نا مسدد نا عبد اللّه بن داود عن فضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه «أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه و سلم فبعث إلى نسائه فقلن ما عندنا إلا الماء، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «من يضيف هذا؟ فقال رجل من الأنصار أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال أكرمي ضيف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقالت ما عندنا إلا قوت الصبيان، فقال هيئي طعامك و أصلحي سراجك و نوّمي صبيانك، إذا أرادوا العشاء، فهيأت طعامها، و أصلحت سراجها و نوّمت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، و جعلا يريانه كأنهما يأكلان، فباتا طاويين، فلما أصبح غدا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال لقد ضحك اللّه الليلة-أو عجب-من فعالكما، و أنزل اللّه عز و جل وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ (1). رواه البخاري في الصحيح عن مسدد. و أخرجه أيضا من حديث أبي أسامة عن فضيل، و أخرجه مسلم من أوجه أخر عن فضيل. و قال بعضهم في الحديث عجب، و لم يذكر الضحك. قال البخاري معنى الضحك الرحمة، قال أبو سليمان قول أبي عبد اللّه قريب، و تأويله على معنى الرضا لفعلهما أقرب و أشبه، و معلوم أن الضحك من ذوي التميز يدل على الرضا و البشر، و الاستهلال منهم دليل قبول الوسيلة، و مقدمة إنجاح الطلبة، و الكرام يوصفون عند المسألة بالبشر و حسن اللقاء، فيكون المعنى في قوله يضحك اللّه إلى رجلين» أي نجزل العطاء لهما لأنه موجب الضحك و مقتضاه قال زهير:ه.
ص: 633
تراه إذا ما جئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
و إذا ضحكوا و هبوا و حولوا قال كثير:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المال
و قال الكميت أو غيره:
فأعطى ثم أعطى ثم عدنا فأعطى ثم عدت له فعادا
مرارا ما أعود إليه إلا تبسم ضاحكا و ثنى الوسادا
قال أبو سليمان: قوله «عجب اللّه» إطلاق العجب لا يجوز على اللّه سبحانه و لا يليق بصفاته، و إنما معناه الرضا، و حقيقته أن ذلك الصنيع منهما حلّ من الرضا عند اللّه، و القبول له، و مضاعفة الثواب عليه، محل العجب عندكم في الشيء التافه إذا رفع فوق قدره، و أعطى به الأضعاف من قيمته، قال أبو سليمان و قد يكون أيضا معنى ذلك أن يعجب اللّه ملائكته و يضحكهم، و ذلك أن الإيثار على النفس أمر نادر في العادات، مستغرب في الطباع، و هذا يخرج على سعة المجاز و لا يمتنع على مذهب الأشاعرة في الكلام، و نظائره في كلامهم كثيرة.
قال الشيخ رضي اللّه عنه و في هذا المعنى ما أخبره أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب نا ابن اسحاق الصاغاني نا أبو نعيم نا إسماعيل بن عبد الملك ح.
و أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو محمد شوذب الواسطي بها نا شعيب بن أيوب نا أبو نعيم عن إسماعيل بن أبي الصغير عن علي بن ربيعة قال جعلني علي ابن أبي طالب رضي اللّه عنه خلفه ثم صار بي في جبانة الكوفة، ثم رفع رأسه إلى السماء ثم قال: اغفر لي ذنوبي، و في رواية الصاغاني: «اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب أحد غيرك، ثم التفت إلي فضحك، فقلت يا أمير المؤمنين، استغفارك ربك و التفاتك إلى تضحك؟ فقال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «حملني خلفه ثم
ص: 634
سار بي في جانب الحرة، ثم رفع رأسه إلى السماء فقال: اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب أحد غيرك، ثم التفت إلي يضحك، فقلت: يا رسول اللّه استغفارك ربك و التفاتك إليّ تضحك؟ قال ضحكت لضحك ربي، تعجبه لعبده أنه يعلم أنه لا يغفر الذنوب أحد غيره» .
و أخبرنا أبو علي الروذباري أنا أبو محمد بن شوذب نا شعيب بن أيوب نا عمرو بن عون عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن علي بن ربيعة الاسدي قال شهدت عليا و أني بدابة يركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال بسم اللّه، فلما استوى عليها قال سُبْحانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ* وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ (1)، ثم قال: الحمد للّه ثلاث مرات، ثم قال: اللّه أكبر ثلاث مرات، ثم قال سبحان اللّه ثلاث مرات، ثم قال سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك، فقلت يا أمير المؤمنين من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فعل كما فعلت ثم ضحك، فقلت: يا رسول اللّه من أي شيء ضحكت «قال ربك يضحك إلى عبده إذا قال: رب اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري» (2).
أخبرنا أبو بكر بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر نا يونس بن حبيب نا أبو داود نا سلام-يعني أبا الأحوص-فذكره بإسناده و معناه، و قال «إن ربك يعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري. رواه إسرائيل و الأجلح عن أبي إسحاق فقالا: يعجب بدل يضحك.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق نا4.
ص: 635
يوسف بن يعقوب القاضي نا محمد بن أبي بكر نا فضيل بن سليمان نا موسى بن عقبة حدثني عبيد اللّه بن سليمان عن أبيه عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال:
«ثلاثة يحبهم اللّه عز و جل، يضحك إليهم و يستبشرهم الذي إذا انكشفت فيه قاتل وراءها بنفسه للّه عز و جل، فإما أن يقتل، و إما أن ينصره اللّه عز و جل و يكفيه، فيقول انظروا إلى عبدي كيف صبر لي نفسه، و الذي له امرأة حسناء و فراش لين حسن فيقوم من الليل فيذر شهوته فيذكرني و يناجيني و لو شاء لرقد، و الذي يكون في سفر و كان معه ركب فسهروا و نصبوا ثم هجموا فقام من السحر في سراء أو ضراء» .
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق نا يوسف بن يعقوب نا عبد الواحد بن غياث نا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن مرة الهمداني عن عبد اللّه بن مسعود أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال:
«عجب ربنا من رجلين: رجل ثار عن وطأته و لحافه من بين حبه و أهله، إلى صلاته، رغبة فيما عندي، و شفقة مما عندي، و رجل غزا في سبيل اللّه فانهزم فعلم ما عليه من الانهزام و ما له في الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه، فيقول اللّه عز و جل لملائكته: انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي، و شفقة مما عندي، حتى أهريق دمه، رواه أبو عبيدة عن ابن مسعود من قوله موقوفا عليه، أنه قال «رجلان يضحك اللّه عز و جل عليهما» فذكرهما.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق نا سعيد بن سليمان نا هشيم أنا مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد رفعه إلى النبي صلى اللّه عليه و سلم قال «ثلاثة يضحك اللّه إليهم، القوم إذا اصطفوا للصلاة، و القوم إذا اصطفوا لقتال المشركين، و رجل يقوم إلى الصلاة في جوف الليل» (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بنه.
ص: 636
إسحاق نا عبد الأعلى بن مسهر أبو مسهر نا اسماعيل بن عياش نا يحيى بن سعيد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن نعيم بن همار قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أي الشهداء أفضل؟ قال: «الذين يلقون في الصف فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك يتلبطون في الغرف يضحك إليهم ربك، و إذا ضحك اللّه إلى قوم فلا حساب عليهم» .
أخبرنا الأستاذ أبو بكر بن فورك رحمه اللّه أنا عبد اللّه بن جعفر نا يونس ابن حبيب نا أبو داود نا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبي رزين قال: قال النبي صلى اللّه عليه و سلم «ضحك ربنا من قنوط عباده و قرب غيره، فقلت: يا رسول اللّه و يضحك الرب؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «نعم. قلت لن نعدم من رب يضحك خيرا» . و روى عن عائشة مرفوعا في معنى هذا.
و ذكر أبو الحسن بن مهدي الطبري رحمه اللّه فيما كتب إلى أبو نصر بن قتادة من كتابه أن الضحك في هذه الأخبار بمعنى البيان، تقول العرب ضحكت الأرض إذا أنبتت، لأنها تبدي عن حسن النيات و تنفتق عن الزهر، كما ينفتق الضاحك عن الثغر، و يقال ضحكت الطلعة إذا بدا ما كان فيها مستخبيا، قال الشاعر: (و ضحك المزن بها ثم بكى) يريد بالضحك إظهار البرق، و ببكائه المطر.
قال الشيخ أحمد: و روينا عن النبي صلى اللّه عليه و سلم ما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني نا جدي نا إبراهيم ابن حمزة الزبيدي نا إبراهيم بن سعد عن أبيه أنه قال: كنت مع حميد بن عبد الرحمن في مسجد النبي صلى اللّه عليه و سلم فعرض في المسجد رجل من بني غفار جليل في بصره بعض الضعف، فأرسل إليه حميد يدعوه، قال فلما أقبل قال يا ابن أخي أوسع لي بيني و بينك، فإن هذا رجل قد صحب النبي صلى اللّه عليه و سلم في بعض أسفاره، قال فأوسعت له بيني و بينه، فقال له حميد: الحديث الذي سمعتك تذكر أنك سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول «إن اللّه عز و جل ينشئ السحاب فينطق أحسن المنطق، و يضحك أحسن الضحك» و في هذا تأكيد ما ذكر أبو الحسن من لسان العرب. قال أبو الحسن فمعنى قول النبي صلى اللّه عليه و سلم
ص: 637
«يضحك اللّه أي يبين و يبدي من فضله و نعمه ما يكون جزاء لعبده الذي رضي عمله» .
قال الشيخ و على هذا المعنى يحمل ما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق الصاغاني نا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهري حدثني سعيد بن المسيب و عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة رضي اللّه عنه أخبرهما أن الناس قالوا للنبي صلى اللّه عليه و سلم هل نرى ربنا؟ فذكر الحديث، و قال «أ و لست قد أعطيت العهود و المواثيق أن لا تسأل غير الذي أعطيت، فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فيضحك اللّه تبارك و تعالى منه، ثم يأذن له في دخول الجنة، أخرجاه في الصحيح من حديث أبي اليمان كما مضى (1).
و روى عبد اللّه بن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه و سلم في هذه القصة «فيقول يا ابن آدم أ ترضى أن أعطيك الدنيا و مثلها معها؟ فيقول أي رب أ تستهزئ بي و أنت رب العالمين؟ و ضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فقال: «ألا تسألوني مم ضحكت؟ فقالوا: مم ضحكت يا رسول اللّه؟ قال: من ضحك رب العالمين حين قال أستهزئ بي و أنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ بك، و لكني على ما أشاء قادر» .
أخبرناه أبو زكريا بن أبي اسحاق أنا أبو عبد اللّه محمد بن يعقوب نا علي بن الحسن بن أبي عيسى نا حجاج بن المنهال نا حماد بن سلمة نا ثابت عن أنس بن مالك عن ابن مسعود عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط» فذكر الحديث بطوله، و ذكر في آخره ما كتبنا.
أخرجه مسلم في الصحيح من حديث حماد بن سلمة. قال: و كأن اللّه تعالى يبدي و يبين ما أعد لهذا العبد فيستكثره لما يعلم من نفسه فيقول: ما في الخبر؟ فيقول عز ذكره، لكني على ما أشاء قادر. .
ص: 638
فأما المتقدمون من أصحابنا فإنهم فهموا من هذه الأحاديث ما وقع الترغيب فيه من هذه الأعمال و ما وقع الخبر عنه من فضل اللّه سبحانه، و لم يستقلوا بتفسير الضحك مع اعتقادهم أن اللّه ليس بذي جوارح و مخارج، و أنه لا يجوز وصفه بكشر الأسنان و فقر الفم، تعالى اللّه عن شبه المخلوقين علوا كبيرا.
ص: 639
ما جاء في العجب
و قوله تعالى: بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ (1).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو زكريا العنبري نا محمد بن عبد السلام نا إسحاق بن إبراهيم أنا جرير عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة قال: قرأها عبد اللّه بن مسعود بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ قال شريح: إن اللّه لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم.
قال الأعمش: فذكرته لإبراهيم فقال إن شريحا كان يعجبه رأيه إن عبد اللّه كان أعلم من شريح و كان عبد اللّه يقرؤها بل عجبت.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو نا أبو العباس الأصم نا محمد بن الجهم نا الفراء في قوله سبحانه: بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ قرأها الناس بنصب التاء و رفعها، و الرفع أحب إليّ، لأنها قراءة علي و عبد اللّه و ابن عباس رضي اللّه عنهم. قال الفراء: و حدثني مندل بن علي العنزي عن الأعمش قال: قال شفيق: قرأت عند شريح بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ فقال: إن اللّه لا يعجب من شيء إنما يعجب من لا يعلم. قال-يريد الأعمش-فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي فقال: إن شريحا شاعر بعجبه علمه، و عبد اللّه أعلم منه بذلك قرأها بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ قال أبو زكريا الفراء: العجب و إن أسند إلى اللّه تعالى فليس معناه من اللّه كمعناه من العباد، ألا ترى أنه قال: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اَللّهُ مِنْهُمْ (2)
ص: 640
و ليس السّخريّ من اللّه كمعناه من العباد، و كذلك قوله اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (1)ليس ذلك من اللّه كمعناه من العباد، و في هذا بيان الكسر لقول شريح و إن كان جائزا لأن المفسرين قالوا بل عجبت يا محمد و يسخرون هم، فهذا وجه النصب.
قال الشيخ: و تمام ما قال الفراء في قول غيره و هو أن قوله بل عجبت و يسخرون بالرفع أي جازيتهم على عجبهم لأن اللّه سبحانه أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق، فقال: وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ (2)فأخبر عنهم أيضا أنهم قالوا إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ (3)فقال تعالى: بل عَجِبْتَ أي بل جازيت على التعجب و قد قيل: إن قل مضمر فيه و معناه قل يا محمد بل عجبت أنا من قدرة اللّه، و الأول أصح، و قد يكون العجب بمعنى الرضا في مثل ما مضى من قصة الإيثار و حديث الاستغفار، و قد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند اللّه عظيما، فيكون معنى قوله بل عجبت أي بل عظم فعلهم عندي، و يشبه أن يكون هذا معنى ما حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان أنا أبو سهل بشر بن أبي يحيى المهرجاني الأسفرايني أنا إبراهيم بن علي الذهلي نا يحيى بن يحيى أنا ابن لهيعة عن أبي عشانة قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «يعجب ربك للشاب ليس له صبوة» (4).
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار نا أبو بكر النرسي نا شبابة بن سوار نا شعبة نا محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة يحدث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «عجب اللّه عز و جل من قوم بأيديهم السلاسل حتى يدخلوا الجنة» (5)أخرجه البخاري في الصحيح من حديث غندر عن شعبة، و قد يكون .
ص: 641
المعنى في هذا الحديث و ما ورد من أمثاله أنه يعجب ملائكته من كرمه و رأفته بعباده حين حملهم على الإيمان به بالقتل و الأسر في السلاسل، حتى إذا آمنوا أدخلهم الجنة» .
ص: 642
ما جاء في الفرح و ما في معناه
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الحسين بن علي بن عفان العامري نا أبو أسامة عن الأعمش عن عمارة بن عمير قال:
سمعت الحارث بن سويد يقول: أتينا عبد اللّه-يعني ابن مسعود-فحدثنا بحديثين أحدهما عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و الآخر عن نفسه، قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «للّه أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن من رجل قال بأرض فلاة دوية و مهلكة، و معه راحلته عليها طعامه و شرابه، فنزل عنها فنام و راحلته عند رأسه، فاستيقظ و قد ذهبت، فذهب في طلبها فلم يقدر عليها حتى أدركه الموت من العطش، فقال: و اللّه لأرجعن فلأموتن حيث كان رحلي، فرجع فنام فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه عليها طعامه و شرابه» (1)قال: ثم قال عبد اللّه: «إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس في أصل جبل يخاف أن ينقلب عليه، و أن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال له: هكذا فذهب، و أمرّ بيده على أنفه، أخرجه البخاري في الصحيح من أوجه. ثم قال: و قال أبو أسامة عن إسحاق بن منصور عن أبي أسامة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو بكر بن بالويه نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل نا هدبة بن خالد نا همام بن يحيى نا قتادة عن أنس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «للّه أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يستيقظ على بعيره قد أضله بأرض فلاة» رواه البخاري و مسلم في الصحيح عن هدبة بن خالد، و قال
ص: 643
البخاري في روايته: «سقط على بعيره» يريد عثر عليه، و قوله يستيقظ على بعيره، يريد يستيقظ و إذا بعيره عنده (1).
حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي رحمه اللّه أنا أبو القاسم عبيد اللّه بن إبراهيم بن بابويه المزكي نا أحمد بن يوسف نا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أ يفرح أحدكم براحلته إذا ضلت منه ثم وجدها؟ قالوا نعم يا رسول اللّه، قال: و الذي نفس محمد بيده للّه أشد فرحا بتوبة عبده إذا تاب من أحدكم براحلته إذا وجدها» .
رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع عن الرزاق، و أخرجه أيضا من حديث أبي صالح و الأعرج عن أبي هريرة، و من حديث النعمان بن بشير و البراء بن عازب عن النبي صلى اللّه عليه و سلم» (2).
قال أبو سليمان قوله «للّه أفرح» معناه أرضى بالتوبة و أقبل لها، و الفرح التي يتعارفه الناس من نعوف بني آدم غير جائز على اللّه عز و جل، إنما معناه الرضا، كقوله كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (3)أي راضون و اللّه أعلم.
و قال أبو الحسن علي بن محمد بن مهدي الطبري فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه: الفرح في كلام العرب على وجوه منها الفرح بمعنى السرور، و منه قوله عز و جل: حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي اَلْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ2.
ص: 644
وَ فَرِحُوا بِها (1) أي سروا، و هذا الوصف غير لائق بالقديم، لأن ذلك خفة تعتري الإنسان إذا كبر قدر شيء عنده فناله فرح لموضع ذلك، و لا يوصف القديم أيضا بالسرور لأنه سكون لوضع القلب على الأمر إما لمنفعة في عاجل أو آجل، و كل ذلك منفي عن اللّه سبحانه.
(و منها) الفرح بمعنى البطر و الأشر و منه قول اللّه سبحانه إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ اَلْفَرِحِينَ (2)و منه قوله إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (3)و منه الفرح بمعنى الرضا و منه قول اللّه عز و جل كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (4)أي راضون.
و معنى قوله: للّه أفرح أي أرضى و الرضا من صفات اللّه سبحانه، لأن الرضى هو القبول للشيء و المدح له و الثناء عليه، و القديم سبحانه قابل للإيمان من مزك و مادح له و من على المرء بالإيمان ليجوز وصفه بذلك.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار نا ابن ملحان نا يحيى بن بكير نا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي عبيدة كذا قال عن سعيد بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«لا يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءه و يسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا تبشبش اللّه به كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته» قال أبو الحسن بن مهدي قوله «تبشبش اللّه» بمعنى رضي اللّه، و للعرب استعارات في الكلام، ألا ترى إلى قوله فَأَذاقَهَا اَللّهُ لِباسَ اَلْجُوعِ وَ اَلْخَوْفِ (5)بمعنى الاختبار، و إن كان أصل الذوق بالفم، و العرب تقول ناظر فلانا و ذق ما عنده، أي تعرف و اختبر، و اركب الفرس و ذقه.
قال الشيخ و قد مضى في حديث أبي الدرداء «يستبشر» و روى ذلك أيضا في حديث أبي ذر و معناه يرضى أفعالهم و يقبل نيتهم فيها.
و اللّه أعلم2.
ص: 645
ما جاء في النظر
قال اللّه عز و جل عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي اَلْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (1)و قال: إِنَّ اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اَللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اَللّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (2).
أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو حامد بن بلال البزار نا أحمد بن حفص قال حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج بن الحجاج عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن الدنيا حلوة خضرة و إن اللّه مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا و فتنة النساء» (3).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني أبو النصر الفقيه نا عثمان بن سعيد الدارمي نا بندار نا محمد بن جعفر نا شعبة عن أبي سلمة قال سمعت أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه و سلم فذكره إلا أنه قال «لينظر
ص: 646
كيف تعملون» و زاد «فإن أول فتنة بني اسرائيل في النساء» رواه مسلم في الصحيح عن بندار و محمد بن بشار.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا إسماعيل بن أحمد أنا محمد بن الحسن-هو ابن قتيبة-نا حرملة بن يحيى نا ابن وهب حدثني أسامة بن زيد أنه سمع أبا سعيد مولى عبد اللّه بن عامر بن كريز يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في حديث ذكره «إن اللّه لا ينظر إلى أجسادكم و لا إلى صوركم، و لكن ينظر إلى قلوبكم، التقوى هاهنا-و أشار إلى صدره» (1)رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر عن ابن وهب.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق الصاغاني نا كثير بن هشام ح.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ بنيسابور و أبو الحسن علي بن عبد اللّه بن إبراهيم الهاشمي و أبو الحسن علي بن أحمد بن محمود بن داود الرزاز ببغداد قالوا: أنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ح.
و أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي أنا أبو سهل بن زياد القطان قالا: نا أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق نا كثير بن هشام نا جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «إن اللّه لا ينظر إلى صوركم و أموالكم. و لكن إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم» لفظ حديث ابن السماك، و في رواية الصاغاني نا يزيد بن الأصم عن أبي هريرة يرفعه الى النبي صلى اللّه عليه و سلم، و كذلك في رواية القطان رفعه، رواه مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن كثير بن هشام (2).
و أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار نا تمتام ناه.
ص: 647
قبيصة نا سفيان الثوري عن جعفر بن يرقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال «إن اللّه لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أحسابكم و لكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم» هذا هو الصحيح المحفوظ بين الحفاظ، و أما الذي جرى على ألسنة جماعة من أهل العلم و غيرهم «إن اللّه لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أعمالكم، و لكن ينظر إلى قلوبكم» فهذا لم يبلغنا من وجه يثبت مثله، و هو خلاف ما في الحديث الصحيح. و الثابت في الرواية أولى بنا و بجميع المسلمين، و خاصة بمن صار رأسا في العلم يقتدى به. و باللّه التوفيق.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق نا أبو النضر هاشم بن القاسم نا أبو سعيد المؤدب عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «إن للّه عز و جل لوحا محفوظا من درة بيضاء حفافه ياقوتة حمراء، قلمه نور و كتابه نور، عرضه ما بين السماء و الأرض ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة و ستين نظرة، يخلق بكل نظرة و يحيى و يميت و يعز و يذل و يفعل ما يشاء. قال الشيخ: هذا موقوف و أبو حمزة الثمالي ينفرد بروايته، و روي عن ابن مسعود من قوله في النظر.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ أخبرني أبو النصر الفقيه نا هارون بن موسى نا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن نافع و عبد اللّه بن دينار و زيد بن أسلم كلهم يخبره عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لا ينظر اللّه يوم القيامة إلى من جرّ ثوبه خيلاء» (1)رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى. و رواه البخاري عن ابن أبي أويس عن مالك.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي نا أبو بكر أحمد بن سليمان بن .
ص: 648
الحسن الفقيه أنا جعفر الصائغ نا عفان نا شعبة حدثني علي بن مدرك قال:
سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث عن فرشة بن الحر عن أبي ذر عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم اللّه و لا ينظر إليهم يوم القيامة و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم، قلت: يا رسول اللّه من هؤلاء خابوا و خسروا؟ فأعادها ثلاث مرات قال: المسبل و المنان و المنفق سلعته بالحلف الكاذب، أو الفاجر» (1)أخرجه مسلم في الصحيح من حديث غندر عن شعبة، و الأخبار في أمثال هذا كثيرة، و فيما ذكرناه غنية لما قصدناه. قال أبو الحسن بن مهدي الطبري فيما كتب إلى أبو النصر بن قتادة من كتابه: النظر في كلام العرب منصرف على وجوه (منها) نظر عيان (و منها) نظر انتظار (و منها) نظر الدلائل و الاعتبار (و منها) نظر التعطف و الرحمة، فمعنى قوله صلى اللّه عليه و سلم «لا ينظر إليهم» أي لا يرحمهم، و النظر من اللّه تعالى لعباده في هذا الموضع رحمته لهم، و رأفته بهم، و عائدته عليهم، فمن ذلك قول القائل انظر إليّ نظر اللّه إليك، أي ارحمني رحمك اللّه. قال الشيخ: و النظر في الآية الأولى و الخبر الأول يشبه أن يكون بمعنى العلم و الاختبار، و لو حمل فيهما على الرؤية لم يمتنع، قال اللّه عز و جل: فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ (2)فالتأقيت يكون في المرئي لا في الرؤية يعني إذا كان عملكم مرئيا له كما أن التأقيت يكون في المعلوم، لا في العلم.5.
ص: 649
ما جاء في الغيرة
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الحسن بن علي بن عفان نا ابن نمير عن الأعمش عن شقيق قال قال عبد اللّه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «ما أحد أغير من اللّه» و لذلك حرم الفواحش، و ما أحد أحب إليه المدح من اللّه» (1)رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن شعبة عن عبد اللّه ابن نمير، و أخرجه البخاري من وجه آخر عن الأعمش.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد المقري بن الحماس ببغداد، أنا أحمد بن سلمان نا إسحاق بن الحسن حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فذكر حديث صلاة الخسوف و خطبة النبي صلى اللّه عليه و سلم ثم قال-يعني النبي صلى اللّه عليه و سلم- «يا أمة محمد و اللّه ما أحد أغير من اللّه عز و جل أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمة محمد صلى اللّه عليه و سلم، و اللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا» (2). رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي.
حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر نا يونس
ص: 650
ابن حبيب نا أبو داود نا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة أن عروة بن الزبير أخبره أن اسماء بنت أبي بكر أخبرته أنها سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول على المنبر: «ليس شيء أغير من اللّه عز و جل» .
و أخبرنا أبو بكر أنا عبد اللّه نا يونس نا أبو داود نا حرب بن شداد عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تبارك و تعالى يغار، و أن المؤمن يغار، و غيرة اللّه أن يأتي المؤمن ما حرم عليه» (1). رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن المثنى عن أبي داود، و أخرج ما قبله من وجه آخر عن يحيى بن أبي كثير، و أخرجهما البخاري من وجه آخر عن يحيى بن أبي كثير، قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: و هذا-يعني حديث أبي هريرة-أحسن ما يكون من تفسير غيره و أثبته.
و قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب إلى أبو نصر بن قتادة من كتابه معنى قوله صلى اللّه عليه و سلم: «ما أحد أغير من اللّه» أي أزجر من اللّه، و الغيرة من اللّه الزجر، و اللّه غيور بمعنى زجور، يزجر عن المعاصي. .
ص: 651
ما جاء في الملال
حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان في آخرين قالوا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف اوصم أنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم أنا أنس بن عياض نا هشام بن عروة عن أبيه أن عائشة رضي اللّه عنها كانت عندها امرأة من بني أسد فدخل النبي صلى اللّه عليه و سلم فقال من هذه؟ فقالت فلانة لا تنام الليل قالت فذكرت من صلاتها، فقال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «عليكم بما تطيقون، فو اللّه لا يمل اللّه حتى تملوا، و قالت: كان أحب الدين إليه الذي يدوم عليه صاحبه» أخرجاه في الصحيح من حديث هشام بن عروة.
قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه: الملال لا يجوز على اللّه سبحانه بحال، و لا يدخل في صفاته بوجه، و إنما معناه أنه لا يترك الثواب و الجزاء على العمل ما لم تتركوه، و ذلك أن من ملّ شيئا تركه، فكنّى عن الترك بالملال الذي هو سبب الترك، و قد قيل معناه أنه لا يمل إذا مللتم، كقول الشنفري:
صليت مني هذيل بخرق لا يمل الشر حتى يملوا
(أي لا يمله إذا ملوه) و لو كان المعنى إذا ملوا مل، لم يكن له عليهم في ذلك مزية و فضل، و فيه وجه آخر أن يكون المعنى إن اللّه عز و جلّ لا يتناهى حقه عليكم في الطاعة حتى يتناهى جهدكم قبل ذلك، فلا تكفلوا ما لا تطيقونه من العمل، كنى بالملال عنه لأن من تناهت قوته في أمر و عجز عن فعله مله و تركه، و أرادت بالدين الطاعة.
ص: 652
ما جاء في الاستحياء
قال اللّه عز و جل إِنَّ اَللّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها (1)
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا العباس بن محمد الدوري نا عبيد اللّه بن موسى نا أبان العطار عن يحيى بن أبي كثير عن اسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة عن أبي مرة عن أبي واقد الليثي قال: «بينما رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قاعد في أصحابه إذ جاءه ثلاثة نفر فأما رجل فوجد فرجة في الحلقة فجلس، و أما رجل فجلس-يعني خلفهم-و أما رجل فانطلق، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «ألا أخبركم عن هؤلاء النفر؟ أما الرجل الذي جلس في الحلقة فرجل آوى-يعني إلى اللّه-فآواه اللّه، و أما الرجل الذي جلس خلف الحلقة فاستحيى فاستحى اللّه منه، و أما الرجل الذي انطلق فرجل أعرض فأعرض اللّه عنه» (2)أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن أبان، و أخرجاه من حديث مالك عن إسحاق.
أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد نا إسماعيل بن محمد الصفار نا
ص: 653
محمد بن عبد الملك الدقيقي نا يزيد بن هارون أنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان «إن اللّه عز و جل يستحي أن يبسط العبد يديه إليه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبين» هذا موقوف.
أخبرنا أبو الحسين أنا إسماعيل نا محمد بن عبد الملك نا يزيد بن هارون أنا شيخ في مجلس عمرو بن عبيد زعموا أنه جعفر بن ميمون عن أبي عثمان عن سلمان عن النبي صلى اللّه عليه و سلم نحوه، و رواه أيضا محمد بن الزبرقان الأهوازي عن سليمان التيمي مرفوعا. قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه: قوله إن اللّه لا يستحي، أي لا يترك، لأن الحياء سبب للترك، ألا ترى المعصية تترك للحياء كما تترك للإيمان، فمراده بهذا القول إن شاء اللّه أنه لا يترك يدي العبد صفرا إذا رفعهما إليه، و لا يخليهما من خير، لا على معنى الاستحياء الذي يعرض للمخلوقين، تعالى اللّه سبحانه.
قال الشيخ: و قوله في الحديث الأول «فاستحيى فاستحى اللّه منه» أي جازاه على استحيائه بأن ترك عقوبته على ذنوبه.
و اللّه أعلم
ص: 654
قول اللّه عز و جل قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ* اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (1)و قوله: يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ (2). و قوله: وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّهُ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ (3)
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني الحسن بن حليم المروزي أنا أبو الموجه أنا عبدان أنا عبد اللّه-يعني ابن المبارك-أنا صفوان بن عمرو حدثني سليم بن عامر قال خرجنا في جنازة على باب دمشق و معنا أبو أمامة الباهلي، فلما صلى على الجنازة و أخذوا في دفنها قال أبو أمامة: يا أيها الناس، إنكم قد أصبحتم و أمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات و السيئات، و توشكون أن تظعنوا منه إلى المنزل الآخر، و هو هذا-يشير إلى القبر-بيت الوحدة، و بيت الظلمة، و بيت الدود، و بيت الضيق إلا ما وسع اللّه، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر من أمر اللّه فتبيض وجوه و تسودّ وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا، و يترك الكافر و المنافق، فلا يعطيان شيئا، و هو المثل الذي ضرب اللّه في كتابه أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ، إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها، وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اَللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ
ص: 655
نُورٍ (1) ، و لا يستضيء الكافر و المنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير، يقول المنافق للذين آمنوا اُنْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً (2)و هي خدعة اللّه التي خدع بها المنافق، قال اللّه تبارك و تعالى يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ (3)فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا، فينصرفون إليهم و قد فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ اَلرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ اَلْعَذابُ* يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ (4)نصلي صلاتكم و نغزو مغازيكم؟ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ اِرْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ اَلْأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمْرُ اَللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ اَلْغَرُورُ تلا إلى قوله وَ بِئْسَ اَلْمَصِيرُ (5).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي نا إبراهيم ابن الحسين نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يَوْمَ يَقُولُ اَلْمُنافِقُونَ (6)قال إن المنافقين كانوا مع المؤمنين في الدنيا يناكحونهم و يعاشرونهم و يكونون معهم أمواتا و يعطون النور جميعا يوم القيامة، فيطفأ نور المنافقين، إذا بلغوا السور يماز بينهم حينئذ، و السور كالحجاب في الأعراف فيقولون اُنْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً (7).
أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم رحمه اللّه أنا عبد الخالق بن الحسن نا عبد اللّه بن ثابت قال أخبرني أبي عن الهذيل عن مقاتل في قوله يَوْمَ يَقُولُ اَلْمُنافِقُونَ وَ اَلْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا (8)قال و هم على3.
ص: 656
الصراط اُنْظُرُونا يقول ارقبونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ يعني نصب من نوركم فنمضي معكم (قيل) يعني قالت الملائكة لهم اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً (1)من حيث جئتم.
هذا من الاستهزاء بهم كما استهزءوا بالمؤمنين في الدنيا حين قالوا آمنا و ليسوا بمؤمنين، فذلك قوله اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (2)حين يقال لهم: اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ يعني بين أصحاب الأعراف و بين المنافقين بِسُورٍ لَهُ بابٌ يعني بالسور حائطا بين أهل الجنة و النار له باب (باطنه) يعني باطن السور فِيهِ اَلرَّحْمَةُ و هي مما يلي الجنة وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ اَلْعَذابُ (3)يعني جهنم، و هو الحجاب الذي ضرب بين أهل الجنة و أهل النار.
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محبوب أنا الحسن بن محمد بن هارون أنا أحمد بن محمد بن نصر نا يوسف ابن بلال نا محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله: وَ إِذا لَقُوا اَلَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنّا و هم منافقو أهل الكتاب، فذكرهم، و ذكر استهزاءهم وَ إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنّا مَعَكُمْ على دينكم إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ بأصحاب محمد صلى اللّه عليه و سلم يقول اللّه تعالى اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (4)في الآخرة يفتح لهم باب في جهنم من الجنة، ثم يقال لهم تعالوا، فيقبلون يسحبون في النار، و المؤمنون على الأرائك و هي السرر في الحجال ينظرون إليهم، فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم فيضحك المؤمنون منهم، فذلك قول اللّه عز و جل اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (5)في الآخرة و يضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب فذلك قوله فَالْيَوْمَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنَ5.
ص: 657
اَلْكُفّارِ يَضْحَكُونَ* عَلَى اَلْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ (1) على السرر في الحجال ينظرون إلى أهل النار هَلْ ثُوِّبَ اَلْكُفّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (2)و روينا في معنى هذا مختصرا عن خالد بن معدان و بلغني عن الحسن بن الفضل البجلي أنه قال أظهر اللّه للمنافقين في الدنيا من أحكامه التي عندهم خلافها في الآخرة، كما أظهروا للنبي صلى اللّه عليه و سلم خلاف ما أضمروا من الكفر، فسمى ذلك استهزاء بهم، و عن قطرب قال اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ أي يجازيهم جزاء الاستهزاء، و كذلك سَخِرَ اَللّهُ مِنْهُمْ (3)وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللّهُ (4)وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ (5)هي من المبتدى سيئة و من اللّه جزاء، و هو من الجزاء على الفعل بمثل لفظه، و مثله قوله فَمَنِ اِعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدى عَلَيْكُمْ (6)فالعدوان الأول ظلم، و الثاني جزاء، و الجزاء لا يكون ظلما، و كذلك قوله نَسُوا اَللّهَ فَنَسِيَهُمْ (7)قال عمرو بن كلثوم:
الا لا يجهلن احد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
و قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب إلى أبي نصر بن قتادة من كتابه:
فيحتمل قوله فنجهل فوق جهل الجاهلينا معنى فنعاقبه بأغلظ عقوبة، فسمى ذلك جهلا، و الجهل لا يفتخر به ذو عقل، و إنما قاله ليزدوج اللفظان، فيكون ذلك أخف على اللسان من المخالفة بينهما.
قال الشيخ: و مثله من الحديث ما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الصفار نا أحمد بن محمد بن عيسى البرني نا أبو نعيم نا سفيان7.
ص: 658
عن سلمة بن كهيل قال سمعت جنديا يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و لم أسمع أحدا يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم غيره فدنوت منه فسمعته يقول قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم:
«من يسمع يسمع اللّه به، و من يرائي يرائي اللّه به» رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم (1). قال أبو سليمان يقول من عمل عملا على غير إخلاص، و إنما يريد أن يراه الناس و يسمعونه، جوزي على ذلك بأن يشهده اللّه و يفضحه، فيشهدوا عليه ما كان يبطنه و يسره من ذلك.
قال أبو الحسن بن مهدي: و الخداع من اللّه سبحانه أن ينظر لهم و يعجل من الأموال و النعم ما يذخرونه و يؤخر عنهم عذابه و عقابه، إذ كانوا يظهرون الإيمان به و برسوله و يضمرون خلاف ما يظهرون، فاللّه سبحانه يظهر لهم من الإحسان في الدنيا خلاف ما يغيب عنهم و يستتر من عذاب الآخرة، فيجتمع الفعلان لتساويهما من هذا الوجه. قال أبو الحسن: و الخدع معناه في كلام العرب الفساد.
أخبرنا الأنباري عن أبي عباس النحوي عن ابن الأعرابي أنه قال: الخادع عند العرب الفاسد من الطعام و غيره، و أنشد:
أبيض اللون لذيذا طعمه طيب الريق اذا الريق خدع
معناه فسد، فتأويل قوله يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ (2)أي يفسدون ما يظهرون من الإيمان بما يضمرون من الكفر، و هو خادعهم، أي يفسد عليهم نعمهم في الدنيا بما يصيرهم إليه من عذاب الآخرة، قال أبو الحسن:
و المكر من اللّه سبحانه استدراجهم من حيث لا يعلمون. و قد يوصف اللّه سبحانه بالمكر عن هذا المعنى، و لا يوصف بالاحتيال، لأن المحتال هو الذي يقلب الفكرة حتى يهتدي بتقليب الفكرة إلى وجه ما أراد، و الماكر الذي2.
ص: 659
يستدرج فيأخذ من وجه غفلة المستدرج، قال اللّه عز و جل سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (1).
أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد الصفار نا أبو إسماعيل الترمذي نا عبد اللّه بن صالح حدثني حرملة بن عمران النجيبي عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «إذا رأيت اللّه عز و جل يعطي العبد ما يحب و هو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج» (2)ثم نزع بهذه الآية: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (3).
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن المؤمل نا أبو عثمان بن عبد اللّه البصري نا الفضل بن محمد البيهقي نا أبو صالح فذكره بإسناده نحوه غير أنه قال «و هو مقيم على معصيته فإنما ذلك له استدراج بمعنى مكر» ثم نزع بهذه الآية فذكرها.
أخبرنا أبو القاسم الحربي ببغداد أنا أحمد بن سلمان نا عبد اللّه بن أبي الدنيا حدثني علي بن الحسن عن شيخ له أن ثابتا البناني سئل عن الاستدراج فقال ذلك مكر اللّه عز و جل بالعباد المضيعين. قال و قال يونس إن العبد إذا كانت له عند اللّه منزلة فحفظها و أبقى عليها ثم شكر اللّه عز و جل ما أعطاه، أعطاه اللّه أشرف منهما، و إذا ضيع الشكر استدرجه اللّه و كان تضييعه للشكر استدراجا.
أخبرنا أبو القاسم نا أحمد بن سلمان نا عبد اللّه بن أبي الدنيا حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم أنا عبد اللّه بن داود عن سفيان في قوله عز و جل5.
ص: 660
سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (1) قال نسبغ عليهم النعم و نمنعهم الشكر، قال و قال عن سفيان: كلما أحدثوا دينا أحدثت لهم نعمة، قال ابن داود: تنسى.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمر نا أبو العباس الأصم نا محمد بن الجهم قال: قال الفراء وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللّهُ (2)نزلت في شأن عيسى عليه السلام إذا أرادوا قتله. فدخل بيتا فيه كوة و قد أيده اللّه عز و جل بجبريل عليه السلام، فرفعه إلى السماء من الكوة، فدخل عليه رجل منهم ليقتله، فألقى اللّه على ذلك الرجل شبه عيسى بن مريم، فلما دخل البيت فلم يجد فيه عيسى خرج إليهم و هو يقول: ما في البيت أحد، فقتلوه و هم يرون أنه عيسى، فذلك قوله وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللّهُ المكر من اللّه الاستدراج لا على معنى مكر المخلوقين.
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا أبو الحسن الطرائفي نا عثمان بن سعيد نا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن أبي عباس في قوله عز و جل فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا (3)يقول نتركهم في النار كما تركوا لقاء يومهم هذا، قال الشيخ: يريد و اللّه أعلم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا.1.
ص: 661
قول اللّه عز و جل سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ اَلثَّقَلانِ (1).
أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس نا عثمان بن سعيد نا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله عز و جل سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ اَلثَّقَلانِ قال و عبد من اللّه عز و جل للعباد، و ليس باللّه شغل. قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه: قوله سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ اَلثَّقَلانِ أي سنقصد لعقوبتكم، و نحكم جزاءكم، يقال فرغ بمعنى قصد و أحكم، يقول القائل لمن أنبه بشيء: إذا أتفرغ لك، أي إذا نقصد قصدك، و أنشد ابن الأنباري في مثل هذا لجرير:
الآن و قد فرغت إلى نمير فهذا حين كنت له عذابا
(2) أراد و قد قصدت قصده.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو نا أبو العباس الأصم نا محمد بن الجهم نا الفراء قال حدثني أبو اسرائيل قال سمعت طلحة بن مصرف يقول سيفرغ لكم، و يحيى بن وثاب كذلك. قال الفراء و القراء بعد: سنفرغ لكم بالنون، و هذا من اللّه وعيد، لأنه جل و عز لا يشغله شيء عن شيء و أنت قائل للرجل الذي لا شغل له: قد فرغت لي، أي فرغت لشتمي، أي قد أخذت فيه و أقبلت عليه.
ص: 662
ما جاء في التردد
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي-إملاء-نا أبو العباس محمد بن إسحاق نا محمد بن عثمان بن كرامة نا خالد بن مخلوق عن سليمان بن بلال قال: أخبرني شريك بن عبد اللّه بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال قال: رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «إن اللّه عز و جل قال:
«من عادى لي وليا فقد بارزني بالحرب، و ما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، و ما يزال يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها، و رجله التي يمشي بها، و لئن سألني عبدي أعطيته، و لئن استعاذني لأعيذنه، و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت و أكره مساوته» رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عثمان بن كرامة (1).
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي فيما حكي عن أبي عثمان الحيري رحمه اللّه أنه سئل عن معنى هذا الخبر. فقال: معناه كنت أسرع إلى قضاء حوائجه من سمعه في الاستماع و بصره في النظر، و يده في اللمس، و رجله في المشي.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا جعفر بن محمد قال قال الجنيد في معنى قوله: يكره الموت و أكره مساءته، يريد لما يلقى من عيان الموت و صعوبته
ص: 663
و كربه، ليس أني أكره له الموت، لأن الموت يورده إلى رحمته و مغفرته.
و قال أبو سليمان رحمه اللّه قوله: «و كنت سمعه الذي يسمع به، و بصره الذي يبصر به، و يده التي يبطش بها» (1)و هذه أمثال ضربها، -و المعنى و اللّه أعلم-توفيقه في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء و تيسير المحبة له فيها، فيحفظ جوارحه عليه، و يعصمه عن مواقعة ما يكره اللّه من إصغاء إلى اللهو يسمعه، و نظر إلى ما نهى عنه من اللهو ببصره، و بطش إلى ما لا يحل له بيده، و سعى في الباطل برجله، و قد يكون معناه سرعة إجابة الدعاء و الإنجاح في الطلبة، و ذلك أن مساعي الإنسان إنما تكون بهذه الجوارح الأربع، و قوله ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، فإنه أيضا مثل، و المتردد في صفة اللّه عز و جل غير جائز، و البداء عليه في الأمور غير سائغ، و تأويله على وجهين (أحدهما) أن العبد قد يشرف في أيام عمره على المهالك مرات ذي عدد من داء يصيبه، و آفة تنزل به، فيدعو اللّه عز و جل فيشفيه منها، و يدفع مكروهها عنه، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمرا ثم يبدو له في ذلك فيتركه و يعرض عنه، و لا بدّ له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله، فإنه قد كتب الفناء على خلقه، و استأثر البقاء لنفسه، و هذا على معنى ما روي «إن الدعاء يرد البلاء» و اللّه أعلم.
و فيه (وجه آخر) و هو أن يكون معناه ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله ترديدي إياهم في نفس المؤمن، كما روي في قصة موسى و ملك الموت صلوات اللّه عليهما، و ما كان من لطمة عينه، و تردد عليه مرة بعد أخرى، و تحقيق المعنى في الوجهين معا: عطف اللّه عز و جل على العبد و لطفه به و اللّه أعلم.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران العدل ببغداد أنا إسماعيل بن محمد الصفار أنا أحمد بن منصور الرمادي نا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة قال: «أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام، فلما جاءه صكه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه عز و جل فقالث.
ص: 664
أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال فرد اللّه عز و جل عينه فقال ارجع إليه فقل له يضع يده على متن ثور فله ما غطى يده بكل شعرة سنة، فقال: أي رب، ثم ما ذا؟ قال: ثم الموت. قال فالآن، قال فسأل اللّه أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق بجنب الكثيب الأحمر» (1).
و أخبرنا أبو الحسين أنا إسماعيل نا أحمد نا عبد الرزاق أنا معمر أنا همام عن أبي هريرة رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مثله. قال: و أخبرني من سمع الحسن يحدث عن النبي صلى اللّه عليه و سلم مثله، و أخرجه البخاري و مسلم في الصحيح، فرواه البخاري عن محمود بن غيلان و يحيى بن موسى و رواه مسلم عن محمد بن رافع كلهم عن عبد الرزاق دون حديث الحسن. قال أبو سليمان الخطابي:
هذا حديث يطعن فيه الملحدون و أهل البدع، و يغمزون به في رواته و نقلته، و يقولون كيف يجوز أن يفعل نبي اللّه موسى هذا الصنيع بملك من ملائكة اللّه جاء بأمر من أمره فيستعصى عليه و لا يأتمر له؟ و كيف تصل يده إلى الملك، و يخلص إليه صكه و لطمه؟ و كيف ينهنه الملك المأمور بقبض روحه فلا يمضي أمر اللّه فيه؟ هذه أمور خارجة عن المعقول، سالكة طريق الاستحالة من كل وجه.
و الجواب: أنه من اعتبر هذه الأمور بما جرى به عرف البشر، و استمرت عليه عادات طباعهم، فإنه يسرع إلى استنكارها و الارتياب بها، لخروجها عن سوم طباع البشر، و عن سنن عاداتهم، إلا أنه أمر مصدره عن قدرة اللّه عز و جل، الذي لا يعجزه شيء، و لا يتعذر عليه أمر، و إنما هو محاولة بين ملك كريم و بين كليم، و كل واحد منهما مخصوص بصفة خرج بها عن حكم عوام البشر، و مجاري عاداتهم في المعنى الذي خص به من آثره اللّه باختصاصه إياه، فالمطالبة بالتسوية بينهما و بينهم فيما تنازعاه من هذا الشأن1.
ص: 665
حتى يكون ذلك على أحكام طباع الآدميين و قياس أحوالهم، غير واجب في حق النظر، و للّه عز و جل لطائف و خصائص يخص بها من يشاء من أنبيائه و أوليائه، و يفردهم بحكمها دون سائر خلقه، و قد أعطى موسى صلوات اللّه عليه النبوة، و اصطفاه بمناجاته و كلامه، و أمره حين أرسله إلى فرعون بالمعجزات الباهرة، كالعصا (1)و اليد البيضاء (2)، و سخر له البحر (3)فصار طريقا يبسا، جاء عليه هو و قومه و أولياؤه، و غرق فيه خصمه و أعداؤه، و هذه أمور أكرمه اللّه بها، و أفرده بالاختصاص فيها، أيام حياته و مدة بقائه في دار الدنيا ثم إنه لما دنا حين وفاته، و هو بشر يكره الموت طبعا، و يجد ألمه حسا، لطف له بأن لم يفاجئه به بغتة، و لم يأمر الملك الموكل به أن يأخذه قهرا و قسرا، لكن أرسله إليه منذرا بالموت، و أمره بالتعرض له على سبيل الامتحان في صورة بشر، فلما رآه موسى استنكر شأنه، و استوعر مكانه، فاحتجر منه دفعا عن نفسه بما كان من صكه إياه، فأتى ذلك على عينه التي ركبت في صورة البشرية التي جاءه فيها دون صورة الملكية التي هو مجبول الخلقة عليها، و مثل هذه الأمور مما يعلل به طباع البشر، و تطيب به نفوسهم في المكروه الذي هو واقع بهم فإنه لا شيء أشفى للنفس من الانتقام ممن يكبدها و يريدها بسوء، و قد كان من طبع موسى صلوات اللّه و سلامه عليه فيما دل عليه آي من القرآن حما وحدة و قد قص علينا الكتاب ما كان من وكزه القبطي الذي قضى عليه، و ما كان عند غضبه من إلقائه الألواح، و أخذه برأس أخيه يجره إليه، و قد روي أنه كان إذا غضب اشتعلت قلنسوته نارا، و قد جرت سنة الدين بحفظ النفس و دفع الضرر و الضيم عنها، و من شريعة نبينا صلى اللّه عليه و سلم ما سنه فيمن اطلع على محرم قوم من عقوبته في عينه، فقال «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه» (4).ه.
ص: 666
و لما نظر نبي اللّه موسى عليه السلام إلى صورة بشرية هجمت عليه من غير إذن تريد نفسه و تقصد هلاكه، و هو لا ينتبه معرفة، و لا يستيقن أنه ملك الموت، و رسول رب العالمين، فيما يراوده منه، عمد إلى دفعه عن نفسه بيده و بطشه، فكان في ذلك ذهاب عينه، و قد امتحن غير واحد من الأنبياء صلوات اللّه عليهم بدخول الملائكة عليهم في صورة البشر، كدخول الملكية على داود عليه السلام في صورة الخصمين، لما أراد اللّه عز و جل من تقريعه بذنبه إياه، من فعله و تنبيهه على ما لم يرضه، و كدخولهم على إبراهيم عليه السلام حين أرادوا إهلاك قوم لوط عليه السلام، فقال: قوم منكرون، فَلَمّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً (1)و كان نبينا صلوات اللّه عليه أول ما برئ بالوحي يأتيه الملك فيلتبس عليه أمره، و لما جاءه جبريل عليه السلام في صورة رجل فسأله عن الإيمان لم يتبينه، فلما انصرف عنه تبين أمره فقال: هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمر دينكم (2)و كذلك كان أمر موسى عليه السلام فيما جرى من مناوشته ملك الموت و هو يراه بشرا فلما عاد الملك إلى ربه عز و جل مستثبتا أمره فيما جرى عليه، رد اللّه عز و جل عليه عينه و أعاده رسولا إليه بالقول المذكور في الخبر الذي رويناه، ليعلم نبي اللّه صلوات اللّه عليه إذا رأى صحة عينه المفقودة، و عودة بصره الذاهب، أنه رسول اللّه بعثه لقبض روحه، فاستسلم حينئذ لأمره، و طاب نفسا بقضائه، و كل ذلك رفق من اللّه عز و جل به، و لطف منه في تسهيل ما لم يكن بد من لقائه، و الانقياد لمورد قضائه، قال و ما أشبه معنىه.
ص: 667
قوله «ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت» (1)بترديد رسوله ملك الموت إلى نبيه موسى عليهما الصلاة و السلام، فيما كرهه من نزول الموت به لطفا منه بصفيه، و عطفا عليه، و التردد على اللّه سبحانه غير جائز، و إنما هو مثل يقرب به معنى ما أراده إلى فهم السامع، و المراد به ترديد الأسباب و الوسائط، من رسول أو شيء غيره، كما شاء سبحانه تنزه عن صفات المخلوقين و تعالى عن نعوت المربوبين، الذين يعتريهم في أمورهم النوم و البراء، و تختلف بهم العزائم و الآراء لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ (2).1.
ص: 668
قول اللّه عز و جل وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ (1)و قوله وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللّهِ لا تُحْصُوها (2)و قوله وَ رَبُّكَ اَلْغَفُورُ ذُو اَلرَّحْمَةِ (3)و قوله
وَ رَبُّكَ اَلْغَنِيُّ ذُو اَلرَّحْمَةِ (4).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ أنا أحمد بن جعفر القطيعي نا عبد اللّه ابن أحمد بن حنبل حدثني أبي نا إسماعيل بن علية ح. قال و نا محمد بن يعقوب نا أبو بكر بن إسحاق نا يعقوب بن إبراهيم نا ابن عليه نا حجاج الصواف حدثني أبو الزبير قال سمعت عبد اللّه بن الزبير يحدث على هذا المنبر و هو يقول «كان نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذا سلم في دبر الصلاة أو الصلوات يقول: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير، لا حول و لا قوة إلا باللّه، لا نعبد إلا إياه، أهل النعمة، و الفضل و الثناء الحسن، لا إله إلا اللّه مخلصين له الدين و لو كره الكافرون» . رواه مسلم في الصحيح عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي (5).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الحسن بن علي بن عفان العامري نا عبد اللّه بن نمير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «قاربوا و سددوا فإنه لن ينجو أحد
ص: 669
منكم بعمله، قالوا: و لا أنت يا رسول اللّه؟ قال: و لا أنا إلا أن يتغمدني اللّه منه برحمة و فضل» (1). و عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم مثله، رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن عبد اللّه ابن نمير عن أبيه.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني محمد بن عبد اللّه بن قريش الوراق نا الحسن بن سفيان نا قتيبة بن سعيد نا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «إن اللّه عز و جل خلق الرحمة يوم خلقها مائة فأمسك عنده تسعة و تسعين رحمة و أرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر كل الذي عند اللّه من رحمته لم ييأس من الرحمة، و لو يعلم المؤمن بكل الذي عند اللّه من العذاب لم يأمن من النار» . رواه البخاري في الصحيح عن قتيبة (2).
حدثنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني إملاء أنا أبو سعيد أحمد ابن محمد بن زياد البصري بمكة أنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني نا معاذ بن معاذ العنبري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «إن اللّه عز و جل ذكره خلق مائة رحمة، منها رحمة يتراحم بها الخلق، و تسع و تسعون ليوم القيامة» (3)رواه مسلم في الصحيح عن الحكم بن موسى عن معاذ بن معاذ، و رواه داود بن أبي هند .
ص: 670
عن أبي عثمان، و زاد فيه «فإذا كان يوم القيامة كملها بهذه الرحمة» .
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق نا يوسف بن يعقوب القاضي نا أبو الربيع نا إسماعيل بن جعفر نا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال «خلق اللّه مائة رحمة فوضع بين خلقه واحدة، و خبأ عنده مائة إلا واحدة» .
و بإسناده أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «لو يعلم المؤمن عند اللّه من العقوبة ما طمع في جنته أبدا، و لو يعلم الكافر ما عند اللّه من الرحمة ما قنط من جنته أبدا» أخرجهما مسلم في الصحيح عن يحيى بن أيوب و غيره عن إسماعيل، و أخرجا الحديث الأول من حديث ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم و في ذلك دلالة لقول من قال من أصحابنا: إن الرحمة من صفات الفعل، و هي من صفات الفعل، إذا ردّت إلى النعمة التي أنعم اللّه تعالى بها على عباده و أعدها لهم، فأما إذا ردّت إلى إرادة الإنعام فهي من صفات الذات، و إليه ذهب أبو الحسن الأشعري رحمه اللّه، قال: إرادة الباري إذا تعلقت بالإنعام فهي رحمة، و ذلك لأنه قد يرحم في الشاهد من لا ينعم.
قال الشيخ: و على هذه الطريقة يدل ما أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو بكر بن إسحاق أنا عبيد بن عبد الواحد نا ابن أبي مريم نا أبو غسان محمد ابن مطرف حدثني زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب «أنه قدم على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغي إذ وجدت صبيا من السبي أخذته فألصقته ببطنها، فأرضعته، فقال لنا رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: أ ترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا و اللّه، و هي تقدر على أن لا تطرحه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: اللّه أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها» رواه البخاري في الصحيح (1)عن سعيد بن أبي مريم، و رواه مسلم (2)عن الحلواني و غيره عن5.
ص: 671
ابن أبي مريم، فاثبات الرحمة قبل وجود ما أشار إليه دل على أنه على معنى أنه مريد لصرف النار عمن شاء من عباده قبل القيامة، و قبل تبريز الجحيم، ثم يجوز أن تسمى تلك النعمة رحمة على أنها موجب الرحمة و مقتضاها، و على هذا يحمل ما مضى من الحديث و اللّه أعلم.
ص: 672
قول اللّه عز و جل قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ (1)
و قوله إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ (2)و قوله: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا (3)و قوله: لا يُحِبُّ اَللّهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ (4)و قوله: إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (5)و قوله: وَ لَوْ أَرادُوا اَلْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لكِنْ كَرِهَ اَللّهُ اِنْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ (6).
أخبرنا علي بن محمد بن عبد اللّه بن بشران ببغداد أنا إسماعيل بن محمد الصفار نا أحمد بن منصور نا عبد الرزاق نا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه عز و جل إذا أحب عبدا قال لجبريل عليه السلام إني أحب فلانا فأحبه، قال فيقول جبريل عليه السلام لأهل السماء إن ربكم عز و جل يحب فلانا فأحبوه، قال فيحبه أهل السماء و يوضع له القبول في الأرض و إذا بغض فمثل ذلك» (7)أخرجه مسلم
ص: 673
في الصحيح من حديث مالك و جماعة عن سهيل، و أخرجه البخاري من وجه آخر عن أبي صالح عن أبي هريرة.
و أخبرنا أبو الحسن بن بشران أنا إسماعيل الصفار حدثنا أحمد بن منصور أنا عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن عمر بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد: سلام عليك أما بعد فإن العبد إذا عمل بطاعة اللّه أحبه اللّه، فإذا أحبه اللّه حببه إلى عباده، و إن العبد إذا عمل بمعصية اللّه أبغضه اللّه، فإذا أبغضه اللّه بغضه إلى عباده.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو الفضل بن إبراهيم نا أحمد بن سلمة نا قتيبة بن سعيد نا يعقوب بن عبد الرحمن الاسكندراني عن أبي حازم قال أخبرني سهل بن سعد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال يوم خيبر «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح اللّه على يديه، يحب اللّه رسوله، و يحبه اللّه و رسوله، فلما أصبح دعا علي بن أبي طالب» . و ذكر الحديث (1)، أخرجاه في الصحيح عن قتيبة، و كذلك رواه أبو هريرة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد اللّه الأديب أنا أبو بكر الإسماعيلي أخبرني الحسين بن سفيان نا أبو خيثمة نا محمد بن فضل نا عمارة-يعني ابن القعقاع-عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان حبيبتان الى الرحمن، ثقيلتان في الميزان: سبحان اللّه و بحمده، سبحان اللّه العظيم» رواه البخاري و مسلم في الصحيح عن أبي خيثمة زهير بن حرب.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري و أبو الحسن علي بن عيسى الحيري و عبد اللّه بن سعد و أبو بكر بن جعفر المزكي قالوا: نا أبو عبد اللّه البوشنجي نا أمية بن بسطام نا يزيد بن زريع نا روح بن .
ص: 674
القاسم عن منصور عن هلال بن يسار عن ربيع بن عميلة عن سمرة بن جندب أن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «ما من الكلام شيء أحب إلى اللّه عز و جل من الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر و لا إله إلا اللّه، هن أربع فلا تكثر عليّ لا يضرك بأيهن بدأت و لا تسمّ عبدك رباح و لا أفلح و لا نجيح و لا يسار» رواه مسلم في الصحيح عن أمية بن بسطام (1).
أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار ببغداد أنا الحسين بن يحيى بن عياش القطان نا أبو الأشعث نا خالد بن الحارث نا سعيد عن قتادة نا غير واحد ممن لقي الوفد-و ذكر أبو نضرة أنه حدث عن أبي سعيد الخدري أن وفد عبد القيس لما قدموا على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فذكر الحديث-قال ثم قال نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم لأشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما اللّه عز و جل و رسوله، الحلم و الأناة» (2)أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن أبي عروبة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الربيع بن سليمان نا عبد اللّه بن وهب قال أخبرني الليث بن سعد عن عياش بن عباس القتباني عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر خرج إلى المسجد يوما فوجد معاذ ابن جبل عند قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يبكي، فقال: ما يبكيك يا معاذ؟ قال:
يبكيني حديث سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول «اليسير من الرياء شرك، و من عادى أولياء اللّه فقد بارز اللّه بالمحاربة، إن اللّه يحب الأبرار الأتقياء الأتقياء الأخفياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا، و إن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة» (3)هكذا رواه الليث، و رواه ابن أبي مريم عنّه
ص: 675
نافع عن يزيد عن عياش، و عن عيسى بن عبد الرحمن عن زيد بن أسلم، أخرجاه في كتاب الجامع.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ قال أخبرني أبو النضر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه نا عثمان بن سعيد الدارمي نا محمد بن كثير نا همام عن قتادة عن أنس عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال «من أحب لقاء اللّه أحب اللّه لقاءه، و من كره اللّه كره اللّه لقاءه، قال فقالت عائشة أو بعض أزواجه:
إنا لنكره الموت، قال ليس ذلك و لكن المؤمن إذا حضره الموت يبشر برضوان اللّه و كراماته، فإذا بشر بذلك أحب لقاء اللّه و أحب اللّه لقاءه، و إن الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب اللّه و عقوبته، فإذا بشر بذلك كره لقاء اللّه و كره اللّه لقاءه» رواه البخاري (1)في الصحيح عن حجاج بن منهال، و رواه مسلم عن هدبة كلاهما عن همام.
قال البخاري: اختصره أبو داود و عمرو عن شعبة.
أخبرناه أبو بكر بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر نا يونس بن حبيب نا أبو داود ح. و أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان أنا أحمد بن عبيد نا يوسف بن يعقوب نا عمرو بن مرزوق قالا: نا شعبة عن قتادة عن أنس عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال «من أحب لقاء اللّه أحب اللّه لقاءه، و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه» و في رواية أبي داود أن النبي صلى اللّه عليه و سلم.
أخبرنا الشيخ أبو بكر بن فورك أنا عبد اللّه بن جعفر نا يونس بن حبيب نا أبو داود عن شعبة و المسعودي عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد اللّه بن الحارث يحدث عن أبي كثير الزبيدي عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إياكم و الفحش فإن اللّه لا يحب الفحش و لاث.
ص: 676
التفحش. قيل يا رسول اللّه أي الهجرة أفضل؟ قال أن تهجر ما كره ربك» و ذكر الحديث (1).
حدثنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف أنا أبو سعيد بن الأعرابي نا سعدان ابن نصر نا سفيان عن عمرو عن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم الدرداء ترويه عن أبي الدرداء عن النبي صلى اللّه عليه و سلم: «من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير، و من حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير، و قال أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن، إن اللّه يبغض الفاحش البذيء» (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق الصاغاني نا حجاج و أبو عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني ابن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «أبغض الرجال الى اللّه الألد الخصم» (3)رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم، و أخرجه مسلم من وجه آخر عن ابن جريج.
أخبرنا أبو علي الروذباري بطوس أنا أبو محمد بن شوذب بواسط نا أحمد بن سنان نا وهب بن جرير نا شعبة عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول في الأنصار: «لا يحبهم إلا مؤمن و لا يبغضهم إلا منافق، من أحبهم أحبه اللّه، و من أبغضهم أبغضه اللّه» أخرجاه في الصحيح من حديث شعبة.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن .
ص: 677
إسحاق الصاغاني نا عفان نا أبان نا يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن ابن جابر عن عتيك عن جابر بن عتيك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن من الغيرة ما يحب اللّه و منها ما يبغض اللّه، فأما الغيرة التي يحب اللّه فالغيرة في الريبة، و أما الغيرة التي يبغض اللّه فالغيرة في غير ريبة، و أما الخيلاء التي يحبها اللّه فاختيال الرجل بنفسه عند القتال، أو قال اختياله عند صدقته، و أما الخيلاء التي يبغض اللّه فاختيال الرجل بنفسه في الفخر و الخيلاء» .
قال الشيخ رضي اللّه عنه: المحبة و البغض و الكراهية عند بعض أصحابنا من صفات الفعل، فالمحبة عنده بمعنى المدح له بإكرام مكتسبه، و البغض و الكراهية بمعنى الذم له بإهانة مكتسبة، فإن كان المدح و الذم بالقول فقوله كلامه، و كلامه من صفات ذاته، و هما عند أبي الحسن يرجعان إلى الإرادة، فمحبة اللّه المؤمن ترجع إلى إرادته إكرامهم و توفيقهم، و بغضه غيرهم، أو من ذم فعله يرجع إلى إرادته إهانتهم و خذلانهم، و محبته الخصال المحمودة يرجع إلى إرادته إكرام مكتسبها، و بغضه الخصال المذمومة يرجع إلى إرادته إهانة مكتسبها و اللّه أعلم.
ص: 678
قول اللّه عز و جل رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (1)و قوله تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي اَلْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (2).
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد بن حليم أنا أبو الموجه أنا عبدان بن عثمان أنا عبد اللّه بن المبارك أنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تبارك و تعالى يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا و سعديك، فيقول هل رضيتم؟ فيقولون: و ما لنا لا نرضى و قد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك، فيقول عز و جل أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا يا رب و أي شيء أفضل من ذلك؟ قال أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا» (3)رواه البخاري في الصحيح عن معاذ بن أسد، و رواه مسلم عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم كلاهما عن ابن المبارك.
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ أنا أبو الحسن بن عبدوس نا عثمان بن سعيد نا موسى بن اسماعيل نا همام عن إسحاق بن عبد اللّه قال حدثني أنس ابن مالك «أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بعث خاله-و كان اسمه حرام أخا أم سليم-في سبعين رجلا فقتلوا يوم بئر معونة» .
ص: 679
قال إسحاق: فحدثني أنس بن مالك قال أنزل علينا ثم كان من المنسوخ: «إنا لقد لقينا ربنا فرضي عنا و أرضانا» و ذكر الحديث، رواه البخاري (1)في الصحيح عن موسى بن إسماعيل، و أخرجاه من حديث مالك عن إسحاق.
أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد أنا عبد اللّه بن درستويه نا يعقوب بن سفيان نا عثمان بن أبي شيبة نا وكيع بن الجراح عن أبيه عن شيخ يقال له طارق عن عمرو بن مالك الرواسي قال أتيت النبي صلى اللّه عليه و سلم فقلت: يا رسول اللّه ارض عني، فأعرض عني ثلاثا. قال قلت يا رسول اللّه إن الرب ليترضى فيرضى فارض عني، فرضي عني.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق نا عبد اللّه بن يوسف أنا مالك عن ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول صلى اللّه عليه و سلم قال «إن اللّه عز و جل يرضى لكم ثلاثا و يسخط لكم ثلاثا، يرضى أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا، و أن تعتصموا بحبل اللّه جميعا، و أن تناصحوا من ولي أمركم، و يسخط لكم ثلاثا قيل و قال، و إضاعة المال، و كثرة السؤال» أخرجه مسلم (2)في الصحيح من حديث جرير عن سهيل بن أبي صالح إلا أنه قال «و يكره لكم ثلاثا» . أخبرناه أبو طاهر الفقيه أنا حاجب ابن أحمد نا عبد الرحيم بن منيب نا جرير بن عبد الحميد أنا سهيل فذكره.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا محمد بن إسحاق أنا عثمان بن عمر أنا شعبة عن واقد عن ابن أبي مليكة عن القاسم عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «من أرضى اللّه بسخط الناس كفاه اللّه الناس،0.
ص: 680
و من أسخط اللّه برضا الناس و كله اللّه إلى الناس» (1)هذا موقوف.
و قد أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه نا الحسن بن مكرم نا عثمان بن عمر فذكره بإسناده.
قال الحسن بن مكرم في كتابه هذا في موضعين موضع موقوف و موضع مرفوع أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال. قال الشيخ: الرضا و السخط عند بعض أصحابنا من صفات الفعل. و هما عند أبي الحسن يرجعان إلى الإرادة فالرضا إرادته إكرام المؤمنين و إثابتهم على التأبيد، و السخط إرادته تعذيب الكفار و عقوبتهم على التأبيد، و إرادته تعذيب فساق المسلمين إلى ما شاء.ه.
ص: 681
قول اللّه عز و جل أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ (1)
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا الحسن بن علي بن عفان نا عبد اللّه بن نمير عن الأعمش عن شقيق قال: قال عبد اللّه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «من حلف على يمين صبر ليقطع بها مال امرئ مسلم و هو فيها فاجر لقي اللّه عز و جل و هو عليه غضبان» (2)أخرجاه في الصحيح من حديث الأعمش.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو بكر القطان نا أحمد بن يوسف نا عبد الرزاق أنا معمر عن هشام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «اشتد غضب اللّه عز و جل على قوم فعلوا برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و هو حينئذ يشير إلى رباعيته. و قال اشتد غضب اللّه على رجل يقتله رسول اللّه في سبيل اللّه» . رواه البخاري في الصحيح عن إسحاق بن نصر، و رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق.
قال الشيخ رحمه اللّه: و الكلام في الغضب كالكلام في السخط، و أما الولاية و العداوة فقد قال اللّه عز و جل اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ
ص: 682
اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ (1) و قال وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ (2)و قال وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ (3)و قال فَإِنَّ اَللّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (4)و هما عند أبي الحسن يرجعان إلى الإرادة، فولاية المؤمنين إرادته إكرامهم و نصرتهم و مثوبتهم على التأبيد، و عداوة الكافرين إرادته إهانتهم و تبعيدهم و عقوبتهم على التأبيد، و أما الاختيار فقد قال اللّه عز و جل وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ (5)و هو عنده أيضا يرجع إلى إرادته إكرام من يشاء من عبيده، بما يشاء من لطائفه، و هو عند غيره من صفات الفعل، فلا يكون معناه راجعا إلى الإرادة بمعنى، بل يكون راجعا إلى فعل الإكرام.
و اللّه أعلم8.
ص: 683
ما جاء في الصبر
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه الصفار نا أحمد ابن محمد بن عيسى اليرني نا مسدد نا يحيى عن سفيان حدثني الأعمش عن سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى عن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «ليس أحد-أو قال ليس شيء-أصبر على أذى يسمعه من اللّه عز و جل إنه ليدعون له ولدا و إنه ليعاقبهم و يرزقهم» رواه البخاري في الصحيح عن مسدد (1).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ و محمد بن موسى بن الفضل قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا أحمد بن عبد الجبار نا أو معاوية عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «لا أحد أصبر على أذى يسمعه من اللّه عز و جل يشرك به و يجعل له ولدا ثم هو يعاقبهم و يرزقهم» . (2)
رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية.
و أخرجه أيضا من حديث وكيع و أبي أسامة عن الأعمش و الصيرفي هذا أيضا يرجع إلى إرادته تأخير عقوبتهم، و هو عند بعضهم يرجع إلى تأخيره عقوبتهم و إمهاله إياهم.
ص: 684
إعادة الخلق
قال اللّه عز و جل وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ (1). قال الربيع بن خيثم و الحسن، كل عليه هين.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي نا إبراهيم ابن الحسين نا آدم نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ قال الإعادة و البدء عليه هين. و حكينا عن الشافعي رحمه اللّه أنه قال معناه هو أهون عليه في العبرة عندكم، ليس أن شيئا يعظم على اللّه عز و جل. و قال اللّه عز و جل: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (2)فجعل النشأة الأولى دليلا على جواز النشأة الآخرة، لأنها في معناها، ثم قال اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ اَلشَّجَرِ اَلْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (3)فجعل ظهور النار على حرّها و يبسها من الشجر الأخضر على نداوته و رطوبته دليلا على جواز خلقه الحياة في الروية البالية، و العظام النخرة ثم قال أَ وَ لَيْسَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ (4)فجعل قدرته على شيء دليلا على قدرته على مثله بَلى وَ هُوَ اَلْخَلاّقُ
ص: 685
اَلْعَلِيمُ (1) ثم ذكر ما به يوجد و يخلق فقال إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (2)و هذا معنى يجمع البدأة و الإعادة. و آيات القرآن في إثبات الإعادة كثيرة.
أخبرنا أبو طاهر الفقيه نا أبو بكر القطان نا أحمد بن يوسف السلمي نا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه عز و جل: كذبني عبدي و لم يكن ذلك له، و شتمني عبدي و لم يكن ذلك له، أما تكذيبه إياي أن يقول لن يعيدنا كما بدأنا، و أما شتمه إياي أن يقول اتخذ اللّه ولدا، و أنا الصمد لم ألد و لم أولد، و لم يكن لي كفوا أحد» رواه البخاري (3)في الصحيح عن إسحاق عن عبد الرزاق.
أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصبهاني أنا أبو سعيد بن الأعرابي نا سعدان بن نصر نا إسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان الثوري عن المغيرة ابن النعمان عن سعيد بن جبير عن عبد اللّه بن عباس قال: «قام رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بالناس فوعظهم فقال: أيها الناس إنكم محشورون إلى اللّه حفاة عراة غرلا، قال ثم قرأ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ (4)قال: فيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات اليسار فأقول: رب أمتي أمتي، فيقال لي هل تعلم ما أحدثوا بعدك؟ فأقول كما قال العبد الصالح وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ (5)الآية، فقالوا: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، قال و أول من يكسى إبراهيم عليه السلام» رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن يوسف و غيره عن سفيان، و أخرجاه من حديث شعبة عن المغيرة بن النعمان.7.
ص: 686
أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ببغداد أنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز نا محمد بن عبيد اللّه بن المنادى نا يونس بن محمد نا شيبان عن قتادة عن أنس بن مالك أن نبي اللّه صلى اللّه عليه و سلم سئل كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال «الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» . رواه البخاري في الصحيح عن (1)عبد اللّه بن محمد، و رواه مسلم عن زهير بن حرب و عبد بن حميد، كلهم عن يونس بن محمد.
أخبرنا الشيخ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك رحمه اللّه أنا عبد اللّه بن جعفر الأصبهاني نا يونس بن حبيب نا أبو داود الطيالسي نا شعبة قال أخبرني يعلى بن عطاء قال سمعت وكيع بن عدس يحدث عن أبي رزين قال قلت يا رسول اللّه كيف يحيى اللّه الموتى؟ قال: «أ ما مررت بواد ممحل ثم مررت به خضرا؟ قال بلى، قال فكذلك النشور، أو قال كذلك يحيى اللّه الموتى» .
أخبرنا الأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم أنا أبو بكر محمد بن يزداد الجوسقاني أنا أبو عبد اللّه محمد بن العباس المؤدب نا عفان بن مسلم نا حماد بن سلمة أنا يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين قال قلت يا رسول اللّه كيف يحيي اللّه الموتى؟ و ما آية ذلك في خلقه؟ قال «أ ما مررت بواد لك محلا ثم مررت به يهتز خضرا؟ ثم مررت به محلا ثم مررت به تهتز خضرا؟ قال: بلى، قال فكذلك يحيي اللّه الموتى، و ذلك آيته في خلقه (2)، قال الشيخ و قد ورد ذلك في كتاب اللّه عز و جل وَ تَرَى اَلْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا اَلْماءَ اِهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ* ذلِكَ بِأَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلْحَقُّ وَ أَنَّهُ يُحْيِ اَلْمَوْتى وَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (3)و قال وَ اَللّهُ اَلَّذِي6.
ص: 687
أَرْسَلَ اَلرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ (1) .
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو عبد اللّه الحسين بن الحسن بن أيوب نا أبو حاتم الرازي نا سعيد بن تليد المصري و كان رضي اللّه عنه قال: نا عبد الرحمن بن القاسم عن بكر بن مضر عن عمرو بن الحارث عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن و سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال له ربه أولم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئن قلبي، و يرحم اللّه لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، و لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي» رواه البخاري في الصحيح عن سعيد بن تليد، و أخرجاه من حديث ابن وهب عن يونس (2).
أخبرنا محمد بن عبد اللّه الحافظ قال سمعت أبا عبد اللّه محمد بن يعقوب الحافظ يقول سمعت محمد بن إسحاق يقول سمعت المزني يقول و ذكر عنده حديث النبي صلى اللّه عليه و سلم «نحن أحق بالشك من إبراهيم» فقال المزني: لم يشك النبي صلى اللّه عليه و سلم و لا إبراهيم عليه السلام في أن اللّه قادر على أن يحيى الموتى، و إنما شكا أن يجيبهما إلى ما سألا. قال الشيخ: و هذا الذي قاله أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني رحمه اللّه و إياه موجود فيما أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي أنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي نا عثمان بن سعيد الدارمي نا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله سبحانه وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ .
ص: 688
تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (1) قال أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك، و تعطيني إذا سألتك.
و قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه، مذهب هذا الحديث التواضع و الهضم من النفس و ليس في قوله نحن أحق بالشك من إبراهيم اعتراف بالشك على نفسه، و لا على إبراهيم صلى اللّه عليهما، لكن فيه نفي الشك عن كل واحد منهما، يقول إذا لم أشك أنا و لم أرتب في قدرة اللّه عز و جل على إحياء الموتى، فإبراهيم عليه السلام أولى بأن لا يشك فيه و لا يرتاب، و فيه الإعلام أن المسألة من قبل إبراهيم لم تعرض من جهة الشك لكن من قبل طلب زيادة العلم و استفادة معرفة كيفية الإحياء و النفس تجد من الطمأنينة بعلم الكيفية ما لا تجده بعلم الأنية، و العلم في الوجهين حاصل، و الشك مرفوع، و قد قيل إنما طلب الإيمان بذلك حسا و عيانا لأنه فوق ما كان عليه من الاستدلال، و المستدل لا يزول عنه الوسواس و الخواطر. و قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «ليس الخبر كالمعاينة» قال و حكى لنا عن ابن المبارك في قوله وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قال أي ليرى من أدعوه إليك منزلتي و مكاني منك فيجيبوني إلى طاعتك.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أبو بكر الجراحي نا يحيى بن ساسويه نا عبد الكريم السكري قال أخبرني علي الباشاني العابد عن عبد اللّه بن المبارك في قوله تعالى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قال بالخلة، يقول إني أعلم أنك اتخذتني خليلا.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة نا أبو منصور النضروي نا أحمد بن نجدة نا سعيد بن منصور نا عمرو بن ثابت الحداد عن أبيه عن سعيد بن جبير في قوله لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قال بالخلة.0.
ص: 689
قال اللّه عز و جل فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ (1).
أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أنا أبو الحسن الطرائفي نا عثمان بن سعيد الدارمي نا عبد اللّه بن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله سبحانه فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ يقول ظن أن لا يأخذه العذاب الذي أصابه.
و أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أنا أحمد بن كامل القاضي نا محمد بن سعد العوفي حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن عطية بن سعد عن ابن عباس في قوله وَ ذَا اَلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً (2)يقول غضب على قومه فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ يقول ظن أن لن نقضي عليه عقوبة و لا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه عليهم و فراره. قال و عقوبته أخذ النون إياه. قال الشيخ: و ما روينا عن ابن عباس يدل على أن المراد بقوله أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ بضم النون و تشديد الدال من التقدير لا من القدرة.
أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو نا أبو العباس الأصم نا محمد بن الجهم قال قال الفراء فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ من العقوبة ما قدرنا فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ فقال الظلمات ظلمة البحر و بطن الحوت و معناها الذي كان فيه يونس عليه السلام. فتلك الظلمات، فجعل الفراء قدر بمعنى قدر.
ص: 690
قال أبو الحسن بن مهدي فيما كتب لي أبو نصر بن قتادة من كتابه أنشدنا ابن الأنباري لأبي صخر الهذلي
و لا عائدا ذاك الزمان الذي مضى تبارك ما تقدر يقع و لك الشكر
أراد ما تقدر يقع.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ و أبو سعيد بن أبي عمرو قالا: نا أبو العباس محمد بن يعقوب نا يحيى بن أبي طالب أنا عبد الوهاب بن عطاء أنا سعيد عن قتادة عن الحسن في قوله فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ قال فظن أن لن نعاقبه فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ قال ظلمة الليل و ظلمة البحر و ظلمة بطن الحوت، أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ قالت الملائكة صوت معروف في أرض غريبة.
و أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي أنا أبو سهل بن زياد القطان نا أبو عوف عبد الرحمن بن مرزوق البزوري نا يحيى بن أبي كثير نا شعبة عن الحكم عن مجاهد فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ قال أن لن نعاقبه.
أخبرنا أبو الحسن بن بشران ببغداد أنا إسماعيل بن محمد الصفار نا أحمد بن منصور نا عبد الرزاق أنا معمر قال قال لي الزهري: لأحدثنك بحديثين عجيبين أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: «أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم أذروني في الريح في البحر، فو اللّه لئن قدر على ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا، قال ففعلوا به، فقال اللّه عز و جل للأرض أدى ما أخذت، فإذا هو قائم فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال:
خشيتك يا رب-أو قال مخافتك-فغفر له» (1).
و حدثني حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم قال: .
ص: 691
«دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلا هي أطعمتها و لا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت» (1)قال الزهري في ذلك: لئلا يتكل أحد و لا ييأس أحد. رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع و عبد عن عبد الرزاق، و أخرجه البخاري من وجه آخر عن معمر.
أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ قال أخبرني أبو النضر الفقيه نا أبو عبد اللّه محمد بن أيوب أنا أبو الوليد نا أبو عوانة عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه و سلم أنه قال: «إن رجلا ممن سلف من الناس عنه مالا و ولدا، فلما حضره الموت قال لبنيه أي أب كنت لكم؟ قالوا:
خير أب. قال فإنه و اللّه ما ابتأر عند اللّه خيرا قط، و إن يقدر اللّه عليه يعذبه، فإذا أنا مت فاحرقوني ثم ذروني في ريح عاصف، قال فأخذ مواثيقهم على ذلك ففعلوا، فلما حرقوه سحقوه ثم ذروه في ريح عاصف، قال اللّه له:
كن، فإذا رجل قائم، قال ما حملك على ما صنعت؟ قال: لا إلا مخافتك أو خشيتك، قال فوالذي نفسي بيده إن يلقاه غير أن غفر له» رواه البخاري في الصحيح عن أبي الوليد، و رواه مسلم عن محمد بن المثنى (2)عن أبي الوليد، و رواه شيبان عن قتادة بإسناده ثم قال قتادة «رجل خاف عذاب اللّه فأنجاه من عقوبته» . و قال غيره من أهل النظر قوله لئن قدر على ربي أو إن يقدر اللّه عليه، معناه قدر بالتشديد من التقدير لا من القدرة كما قلنا في الآية. و قال أبو سليمان الخطابي رحمه اللّه. و في غير هذه الرواية فاذروني في الريح، فلعلى أضل اللّه، يريد فلعلى أفوته، يقال ضل الشيء إذا فات و ذهب، و منه قول اللّه عز و جل قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى (3)أي لا يفوته، قال و قد يسأل عن هذا فيقال كيف يغفر له و هو منكر للبعث2.
ص: 692
و القدرة على إحيائه و إنشائه؟ فيقال: إنه ليس بمنكر، إنما هو رجل جاهل ظن أنه إذا فعل به هذا الصنيع ترك، فلم ينشر و لم يعذب، ألا تراه يقول فجمعه فقال له لم فعلت ذلك؟ فقال: من خشيتك، فقد بين أنه رجل مؤمن باللّه عز و جل، فعل ما فعل خشية من اللّه عز و جل إذا بعثه، إلا أنه جهل فحسب أن هذه الحيلة تنجيه مما يخافه.
أخبرنا بالحديث الذي ذكره أبو سليمان رحمه اللّه شيخنا أبو عبد اللّه الحافظ نا أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه قال قرئ على محمد بن مسلمة الواسطي و أنا أسمع نا يزيد بن هارون نا بهز بن حكيم بن معاوية بن حيرة القشيري، حدثني أبي عن أبيه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم يقول: «كان قبلكم عبد آتاه اللّه مالا و ولدا» فذكر الحديث و قال فيه «فذروني في ريح عاصف لعلي أضل اللّه قال ففعلوا و رب محمد حين قال قال فجيء به أحسن ما كان فعرض على اللّه، فقال ما حملك على النار؟ قال خشيتك أي رب، قال أسمعك راهبا فتيب عليه» .
*** قال الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي رضي اللّه عنه: هذا آخر ما سهل اللّه تعالى نقله في أسماء اللّه تعالى و صفاته، و ما يحتاج إلى تأويل مع التأويل، و قد تركت من الأحاديث التي رويت في أمثال ما أوردته ما دخل معناه فيما نقلته، أو وجدته بإسناد ضعيف لا يثبت مثله، خشية التطويل، و اللّه الموفق للصواب، و به العياذ من الخطأ و الزلل، و هو حسبي و نعم الوكيل، و صلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين، و على آله و أصحابه و أزواجه، و سلامه، و سلم تسليما، و على آل كل نبي و ملك، و الحمد للّه رب العالمين أولا و آخرا، و ظاهرا و باطنا، و صلى اللّه على سيدنا محمد و آله و صحبه و أزواجه و ذريته و سلم تسليما كثيرا، و الحمد للّه رب العالمين.
ص: 693
ص: 694
1-فهرس الآيات القرآنية
2-فهرس الأحاديث النبوية
3-فهرس الرواة
4-فهرس الأسماء و الصفات
5-فهرس الموضوعات
ص: 695
ص: 696
رقم مسلسل\الآية\رقم الآية في المصحف\السورة\رقم الصفحة
1\قال تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى . \9\النجم\17
2\قال تعالى: وَ لِلّهِ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها . \180\الأعراف\19
3\قال تعالى: قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى . \180\الإسراء\19
4\قال تعالى: اُذْكُرُوا اِسْمَ اَللّهِ عَلَيْهِ . \4\المائدة\19
5\قال تعالى: لَهُ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى . \24\الحشر\19
6\قال تعالى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ . \98\هود\29
7\قال تعالى: هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ . \3\الحديد\30
8\قال تعالى: وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \27\الرحمن\32
9\قال تعالى: وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلْحَقُّ اَلْمُبِينُ . \25\النور\33
10\قال تعالى: هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ وَ اَلظّاهِرُ وَ اَلْباطِنُ . \3\الحديد\34
11\قال تعالى: لَهُ مَقالِيدُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . \63\الزمر\34
12\قال تعالى: وَ إِنّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ نَحْنُ اَلْوارِثُونَ . \23\الحجر\35
13\قال تعالى: قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اَللّهُ اَلْواحِدُ اَلْقَهّارُ . \65\ص\36
14\قال تعالى: أَ لَيْسَ اَللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ . \36\الزمر\38
15\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ . \14-14\البقرة\38
16\قال تعالى: رَفِيعُ اَلدَّرَجاتِ . \15\غافر\39
17\قال تعالى: اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ . \16\الرعد\40
18\قال تعالى: وَ ما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً . \15\الإسراء\41
19\قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . \11\الشورى\42
20\قال تعالى: ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ اَلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ . \53\النحل\42
ص: 697
21\قال تعالى: وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ . \127\الأعراف\42
22\قال تعالى: هُوَ اَلْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ . \65\غافر\43
23\قال تعالى: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \255\البقرة\43
24\قال تعالى: الم. اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \1،2\آل عمران\43
25\قال تعالى: وَ عَنَتِ اَلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ اَلْقَيُّومِ . \111\طه\43
26\قال تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ . \88\القصص\44
27\قال تعالى: عالِمُ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ . \73\الأنعام\44
28\قال تعالى: أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى . \40\القيامة\45
29\قال تعالى: بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . \33\الأحقاف\45
30\قال تعالى: أَ لَيْسَ اَللّهُ بِأَحْكَمِ اَلْحاكِمِينَ . \8\التين\45
31\قال تعالى: أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ اَلْمَوْتى . \40\القيامة\46
32\قال تعالى: وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . \15\التوبة\46
33\قال تعالى: اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ . \118\المائدة\46
34\قال تعالى: اَلَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ . \7\السجدة\47
35\قال تعالى: وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً . \2\الفرقان\47
36\قال تعالى: ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \27\الرحمن\48
37\قال تعالى: بَدِيعُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . \117\البقرة\48
38\قال تعالى: اَلْبارِئُ اَلْمُصَوِّرُ . \24\الحشر\49
39\قال تعالى: ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها . \22\الحديد\49
40\قال تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ اَلْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ . \30\الأنبياء\50
41\قال تعالى: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ . \71\ص\50
42\قال تعالى: وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ . \20\الروم\50
43\قال تعالى: خَلَقَ اَلْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ . \4\النحل\50
44\قال تعالى: خَلَقَ اَلْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ وَ خَلَقَ اَلْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ . \14-15\الرحمن\50
45\قال تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا اَلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا اَلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا اَلْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا اَلْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اَللّهُ أَحْسَنُ اَلْخالِقِينَ . \12-14\المؤمنون\50
ص: 698
46\قال تعالى: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَ مِنَ اَلْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ . \11\الشورى\51
47\قال تعالى: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اَللّهِ . \3\فاطر\51
48\قال تعالى: بَلى وَ هُوَ اَلْخَلاّقُ اَلْعَلِيمُ . \81\يس\52
49\قال تعالى: صُنْعَ اَللّهِ اَلَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ . \88\النمل\52
50\قال تعالى: اَلْحَمْدُ لِلّهِ فاطِرِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . \1\فاطر\53
51\قال تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما . \30\الأنبياء\53
52\قال تعالى: وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها . \29\النازعات\53
53\قال تعالى: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها . \31\النازعات\53
54\قال تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما . \30\الأنبياء\54
55\قال تعالى: فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ اَلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ . \51\الإسراء\54
56\قال تعالى: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ . \27\الروم\54
57\قال تعالى: هُوَ اَللّهُ اَلْخالِقُ اَلْبارِئُ اَلْمُصَوِّرُ . \24\الحشر\54
58\قال تعالى: فَتَبارَكَ اَللّهُ أَحْسَنُ اَلْخالِقِينَ . \14\المؤمنون\55
59\قال تعالى: فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ . \42\القمر\56
60\قال تعالى: فَتَعالَى اَللّهُ اَلْمَلِكُ اَلْحَقُّ . \116\المؤمنون\56
61\قال تعالى: عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ . \54-55\القمر\56
62\قال تعالى: قُلِ اَللّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ . \26\آل عمران\59
63\قال تعالى: اَلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ اَلْحَقُّ لِلرَّحْمنِ . \26\الفرقان\59
64\قال تعالى: ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ اِئْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ . \11\فصلت\59
65\قال تعالى: لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ . \3،4\الإخلاص\61
66\قال تعالى: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ اَللّهُ اَلصَّمَدُ . \1-2\الإخلاص\62
67\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ . \255\البقرة\62
68\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ . \2\فاطر\63
ص: 699
69\قال تعالى: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ . \67\الزمر\64
70\قال تعالى: اَلْكَبِيرُ اَلْمُتَعالِ . \9\الرعد\64
71\قال تعالى: هُوَ اَلْأَوَّلُ وَ اَلْآخِرُ وَ اَلظّاهِرُ وَ اَلْباطِنُ . \3\الحديد\65
72\قال تعالى: عالِمُ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ اَلْكَبِيرُ اَلْمُتَعالِ . \9\الرعد\66
73\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْكَبِيرُ . \63\سبأ\23
74\قال تعالى: هُوَ اَللّهُ اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْمَلِكُ اَلْقُدُّوسُ اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُهَيْمِنُ اَلْعَزِيزُ اَلْجَبّارُ اَلْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اَللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ . \23\الحشر\67
75\قال تعالى: وَ اَللّهُ اَلْغَنِيُّ وَ أَنْتُمُ اَلْفُقَراءُ . \38\محمد\67
76\قال تعالى: إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . \73\هود\72
77\قال تعالى: ذُو اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدُ . \15\البروج\72
78\قال تعالى: ق وَ اَلْقُرْآنِ اَلْمَجِيدِ . \1\ق\72
79\قال تعالى: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ . \186\البقرة\72
80\قال تعالى: إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ . \50\سبأ\72
81\قال تعالى: إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ . \54\فصلت\73
82\قال تعالى: أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً . \28\الجن\73
83\قال تعالى: فَعّالٌ لِما يُرِيدُ . \107\هود\74
84\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . \148\البقرة\74
85\قال تعالى: وَ اَللّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ . \21\يوسف\74
86\قال تعالى: وَ لا يَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً . \178\آل عمران\74
87\قال تعالى: فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا . \84\مريم\74
88\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اَللّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً . \3\الطلاق\74
89\قال تعالى: وَ كَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ اَلْقُرى وَ هِيَ ظالِمَةٌ . \102\هود\75
90\قال تعالى: وَ اَللّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ . \261\البقرة\75
91\قال تعالى: وَ أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً . \28\الجن\76
92\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . \40\الحج\77
93\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلرَّزّاقُ ذُو اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِينُ . \58\الذاريات\77
ص: 700
94\قال تعالى: ذِي اَلطَّوْلِ . \3\غافر\78
95\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ . \20\غافر\78
96\قال تعالى: وَ اَللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . \71\الأنفال\80
97\قال تعالى: يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ أَخْفى . \7\طه\81
98\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْحَكِيمُ اَلْخَبِيرُ . \73\الأنعام\82
99\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ . \17\الحج\82
100\قال تعالى: وَ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً . \79\النساء\82
101\قال تعالى: وَ كَفى بِاللّهِ حَسِيباً . \6\النساء\83
102\قال تعالى: يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلاّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ .3\يونس\84
103\قال تعالى: الم اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \1-2\آل عمران\84
104\قال تعالى: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ . \255\البقرة\85
105\قال تعالى: اَلرَّحْمنُ. عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ. خَلَقَ اَلْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ اَلْبَيانَ . \1-4\الرحمن\86
106\قال تعالى: قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمنَ . \110\الإسراء\87
107\قال تعالى: وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً . \43\الأحزاب\87
108\قال تعالى: اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . \2\الفاتحة\87
109\قال تعالى: تَنْزِيلٌ مِنَ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ . \2\فصلت\87
110\قال تعالى: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اُسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَ مَا اَلرَّحْمنُ أَ نَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا وَ زادَهُمْ نُفُوراً . \60\الفرقان\88
111\قال تعالى: وَ كانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً . \43\الأحزاب\89
112\قال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا . \65\مريم\91
113\قال تعالى: وَ إِنَّ اَللّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ . \59\الحج\91
114\قال تعالى: ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ اَلْكَرِيمِ . \6\الانفطار\92
115\قال تعالى: إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اَللّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً . \70\الفرقان\94
116\قال تعالى: وَ رَبُّكَ اَلْأَكْرَمُ . \3\العلق\94
117\قال تعالى: غافِرِ اَلذَّنْبِ وَ قابِلِ اَلتَّوْبِ . \3\غافر\95
118\قال تعالى: أَلا هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْغَفّارُ . \5\الزمر\96
119\قال تعالى: وَ يَقُولُ اَلْأَشْهادُ هؤُلاءِ اَلَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلظّالِمِينَ . \18\هود\97
120\قال تعالى: أَنِّي أَنَا اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ . \49\الحجر\97
ص: 701
121\قال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ . \7\النحل\98
122\قال تعالى: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ. اَللّهُ اَلصَّمَدُ . \1-2\الصمد\99
123\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلْغَنِيُّ اَلْحَمِيدُ . \26\لقمان\101
124\قال تعالى: وَ اَللّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ . \20\غافر\102
125\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ . \18\الأنعام\103
126\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْواحِدُ اَلْقَهّارُ . \16\الرعد\104
127\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْفَتّاحُ اَلْعَلِيمُ . \26\سبأ\104
128\قال تعالى: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ اَلْفَتْحُ . \19\الأنفال\104
129\قال تعالى: وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اَللّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ . \13\الأنعام\105
130\قال تعالى: وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ . \14\الملك\105
131\قال تعالى: اَللّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ . \19\الشورى\106
132\قال تعالى: اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ . \23\الحشر\106
133\قال تعالى: شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ . \18\آل عمران\107
134\قال تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ اَلْكِتابَ بِالْحَقِّ. مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ اَلْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ . \48\المائدة\108
135\قال تعالى: وَ ما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَ ما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَ لا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاّ كُنّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ . \61\يونس\108
136\قال تعالى: اَللّهُ يَبْسُطُ اَلرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ . \26\الرعد\109
137\قال تعالى: وَ اَللّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ . \245\البقرة\109
138\قال تعالى: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللّهِ لا تُحْصُوها . \34\إبراهيم\110
139\قال تعالى: وَ كانَ اَللّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً . \85\النساء\110
140\قال تعالى: وَ اَللّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ . \212\البقرة\111
141\قال تعالى: وَ كَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اَللّهُ يَرْزُقُها وَ إِيّاكُمْ . \60\العنكبوت\111
142\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلرَّزّاقُ ذُو اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِينُ . \58\الذاريات\111
143\قال تعالى: وَ اَلنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ . \10-11\ق\112
144\قال تعالى: وَ فِي اَلسَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ . \22\الذاريات\112
145\قال تعالى: وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اَللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً . \91\النحل\112
ص: 702
146\قال تعالى: قَرِيبٌ مُجِيبٌ . \61\هود\113
147\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْوَلِيُّ اَلْحَمِيدُ . \28\الشورى\113
148\قال تعالى: اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ . \257\البقرة\114
149\قال تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اَللّهَ مَوْلَى اَلَّذِينَ آمَنُوا . \11\محمد\114
150\قال تعالى: وَ اِعْتَصِمُوا بِاللّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ اَلْمَوْلى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ . \78\الحج\114
151\قال تعالى: فَاللّهُ خَيْرٌ حافِظاً . \64\يوسف\115
152\قال تعالى: بِما حَفِظَ اَللّهُ . \34\النساء\115
153\قال تعالى: إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ . \9\الحجر\116
154\قال تعالى: وَ رَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ . \21\سبأ\116
155\قال تعالى: وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ . \7\الصافات\116
156\قال تعالى: لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اَللّهِ . \11\الرعد\117
157\قال تعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اَللّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ . \160\آل عمران\117
158\قال تعالى: فَنِعْمَ اَلْمَوْلى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ . \78\الحج\117
159\قال تعالى: وَ أَقِمِ اَلصَّلاةَ لِذِكْرِي . \14\طه\117
160\قال تعالى: وَ كانَ اَللّهُ شاكِراً عَلِيماً . \147\النساء\118
161\قال تعالى: إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ . \34\فاطر\118
162\قال تعالى: إِنَّهُ هُوَ اَلْبَرُّ اَلرَّحِيمُ . \28\الطور\119
163\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ فالِقُ اَلْحَبِّ وَ اَلنَّوى . \95\الأنعام\121
164\قال تعالى: اَلْعَزِيزُ اَلْجَبّارُ اَلْمُتَكَبِّرُ . \23\الحشر\121
165\قال تعالى: ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ . \51\الشورى\121
166\قال تعالى: اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . \1\الفاتحة\122
167\قال تعالى: اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ اَلنِّسْوَةِ اَللاّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ . \50\يوسف\123
168\قال تعالى: قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ اَلْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ . \23-24\الشعراء\123
ص: 703
169\قال تعالى: وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ \28\البقرة\124
170\قال تعالى: هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ . \13\البروج\124
171\قال تعالى: قُلِ اَللّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ . \26\الجاثية\124
172\قال تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ . \28\البقرة\124
173\قال تعالى: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ . \122\الأنعام\124
174\قال تعالى: يُحْيِي وَ يُمِيتُ وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . \2\الحديد\124
175\قال تعالى: وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ . \8\آل عمران\126
176\قال تعالى: اَلْعَزِيزِ اَلْوَهّابِ . \9\ص\126
177\قال تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ . \29\الرحمن\128
178\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً . \1\النساء\128
179\قال تعالى: ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ . \18\ق\129
180\قال تعالى: وَ أَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلتَّوّابُ اَلرَّحِيمُ . \104\التوبة\129
181\قال تعالى: ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا . \118\التوبة\129
182\قال تعالى: مالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ . \3\الفاتحة\129
183\قال تعالى: فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ . \173\النساء\130
184\قال تعالى: أُوفِ بِعَهْدِكُمْ . \40\البقرة\130
185\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلْوَدُودُ . \14\البروج\131
186\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمنُ وُدًّا . \96\مريم\131
187\قال تعالى: حَتّى يَحْكُمَ اَللّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ اَلْحاكِمِينَ . \87\الأعراف\132
188\قال تعالى: وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اَللّهِ قِيلاً . \122\النساء\133
189\قال تعالى: اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ . \74\الزمر\133
190\قال تعالى: اَللّهُ نُورُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . \35\النور\133
191\قال تعالى: وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً . \10\الكهف\134
192\قال تعالى: وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً . \17\الكهف\134
193\قال تعالى: وَ إِنَّ اَللّهَ لَهادِ اَلَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . \54\الحج\134
194\قال تعالى: وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . \25\يونس\134
195\قال تعالى: اَلَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى . \50\طه\135
ص: 704
196\قال تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ . \6\البقرة\136
197\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى اَلْهُدى . \35\الأنعام\136
198\قال تعالى: وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً . \125\الأنعام\136
199\قال تعالى: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ . \111\الأنعام\136
200\قال تعالى: وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّ بِإِذْنِ اَللّهِ . \100\يونس\137
201\قال تعالى: وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها . \13\السجدة\137
202\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً . \99\يونس\137
203\قال تعالى: إِنّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً . \8\يس\137
204\قال تعالى: مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا . \28\الكهف\137
205\قال تعالى: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ اَلْمَوْتى . \80\النحل\137
206\قال تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ . \56\القصص\137
207\قال تعالى: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ . \105\هود\137
208\قال تعالى: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلاّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ اَلسَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ . \3-4\الشعراء\137
209\قال تعالى: ما يَفْتَحِ اَللّهُ لِلنّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَ ما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ . \2\فاطر\137
210\قال تعالى: وَ أَنَّ اَللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي اَلْقُبُورِ . \7\الحج\140
211\قال تعالى: لِيَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ اَلَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى . \31\النجم\140
212\قال تعالى: وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ . \26\آل عمران\142
213\قال تعالى: وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً . \81\النساء\142
214\قال تعالى: وَ قالُوا حَسْبُنَا اَللّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ . \173\آل عمران\142
215\قال تعالى: أَلاّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً . \2\الإسراء\143
216\قال تعالى: وَ اَللّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ . \28\القصص\143
217\قال تعالى: وَ اَللّهُ سَرِيعُ اَلْحِسابِ . \39\النور\143
218\قال تعالى: وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ . \74\آل عمران\144
219\قال تعالى: وَ اَللّهُ عَزِيزٌ ذُو اِنْتِقامٍ . \95\المائدة\144
220\قال تعالى: يَوْمَ نَبْطِشُ اَلْبَطْشَةَ اَلْكُبْرى إِنّا مُنْتَقِمُونَ . \16\الدخان\145
ص: 705
221\قال تعالى: أَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَ أَقْنى . \48\النجم\145
222\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلْوَدُودُ ذُو اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدُ . \14-15\البروج\149
223\قال تعالى: وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \27\الرحمن\149
224\قال تعالى: هُوَ أَهْلُ اَلتَّقْوى وَ أَهْلُ اَلْمَغْفِرَةِ . \56\المدثر\150
225\قال تعالى: ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \27\الرحمن\150
226\قال تعالى: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ . \186\البقرة\151
227\قال تعالى: مِنَ اَللّهِ ذِي اَلْمَعارِجِ . \3\المعارج\151
228\قال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ . \19\محمد\155
229\قال تعالى: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَ يَقُولُونَ أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ . \35-36\الصافات\155
230\قال تعالى: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \255\البقرة\155
231\قال تعالى: هُوَ اَلْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ . \65\غافر\155
232\قال تعالى: إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ. إِلاَّ اَلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ. وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ . \26-28\الزخرف\156
233\قال تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ. إِلاّ مَنْ تَوَلّى وَ كَفَرَ . \21-23\الغاشية\156
234\قال تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ . \56\القصص\158
235\قال تعالى: وَ ما كانَ اِسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيّاهُ فَلَمّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ . \113\التوبة\158
236\قال تعالى: الم اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \1\آل عمران\164
237\قال تعالى: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ . \163\البقرة\164
238\قال تعالى: فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ اَلدِّينَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . \65\غافر\168
239\قال تعالى: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . \35\الصافات\168
240\قال تعالى: إِذْ جَعَلَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ اَلْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اَللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها . \26\الفتح\168
ص: 706
241\قال تعالى: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلاَّ اَللّهُ يَسْتَكْبِرُونَ . \35\الصافات\169
242\قال تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ . \89\النمل\171
243\قال تعالى: لَهُ دَعْوَةُ اَلْحَقِّ . \14\الرعد\171
244\قال تعالى: اِتَّقُوا اَللّهَ وَ قُولُوا قَوْلاً سَدِيداً . \70\الأحزاب\172
245\قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى .14\الأعلى\172
246\قال تعالى: وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. اَلَّذِينَ لا يُؤْتُونَ اَلزَّكاةَ . \6،7\فصلت\172
247\قال تعالى: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى . \18\النازعات\172
248\قال تعالى: وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ اَلتَّقْوى . \26\الفتح\172
249\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اَللّهُ ثُمَّ اِسْتَقامُوا . \13\الأحقاف\172
250\قال تعالى: إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً . \38\النبأ\172
251\قال تعالى: قُولُوا حِطَّةٌ . \58\البقرة\172
252\قال تعالى: أَ لَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ . \78\هود\172
253\قال تعالى: رَبِّ اِرْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً . \99\المؤمنون\172
254\قال تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا اَلْحُسْنى . \26\يونس\172
255\قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ . \10\آل عمران\173
256\قال تعالى: كَلِمَةَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا اَلسُّفْلى وَ كَلِمَةُ اَللّهِ هِيَ اَلْعُلْيا . \40\التوبة\173
257\قال تعالى: لَهُ دَعْوَةُ اَلْحَقِّ . \14\الرعد\173
258\قال تعالى: إِلاّ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ اَلرَّحْمنِ عَهْداً . \87\مريم\173
259\قال تعالى: وَ لا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ اِرْتَضى . \28\الأنبياء\173
260\قال تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها . \84\القصص\173
261\قال تعالى: فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي اَلنّارِ . \90\النمل\173
262\قال تعالى: وَ اَلَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ . \33\الزمر\173
263\قال تعالى: أُولئِكَ هُمُ اَلْمُتَّقُونَ . \33\الزمر\173
264\قال تعالى: مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي اَلسَّماءِ . \24\إبراهيم\174
265\قال تعالى: وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اُجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ اَلْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ . \26\إبراهيم\174
266\قال تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً . \20\لقمان\174
ص: 707
267\قال تعالى: وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ . \28\الزخرف\174
268\قال تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \82\يس\176
269\قال تعالى: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \255\البقرة\177
270\قال تعالى: الم. اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \1-2\آل عمران\177
271\قال تعالى: هُوَ اَلْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ . \65\غافر\177
272\قال تعالى: وَ تَوَكَّلْ عَلَى اَلْحَيِّ اَلَّذِي لا يَمُوتُ . \58\الفرقان\177
273\قال تعالى: وَ عَنَتِ اَلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ اَلْقَيُّومِ . \111\طه\177
274\قال تعالى: اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي اَلْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ اَلذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً . \111\الإسراء\180
275\قال تعالى: وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ . \255\البقرة\182
276\قال تعالى: لكِنِ اَللّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ . \166\النساء\182
277\قال تعالى: قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَ اُدْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اَللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اَللّهِ وَ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ . \13-14\هود\182
278\قال تعالى: إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ اَلسّاعَةِ وَ ما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَ ما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَ لا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ . \47\فصلت\182
279\قال تعالى: فَلَنَسْئَلَنَّ اَلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ اَلْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَ ما كُنّا غائِبِينَ . \6\الأعراف\183
280\قال تعالى: إِنَّما إِلهُكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً . \98\طه\183
281\قال تعالى: رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً . \7\غافر\183
282\قال تعالى: اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ اَلْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اَللّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اَللّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً . \12\الطلاق\183
283\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّاعَةِ . \34\لقمان\183
284\قال تعالى: إِنَّمَا اَلْعِلْمُ عِنْدَ اَللّهِ . \26\الملك\183
ص: 708
285\قال تعالى: أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ . \14\الملك\183
286\قال تعالى: آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً . \62\الكهف\184
287\قال تعالى: أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى اَلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ اَلْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ اَلشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَ اِتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي اَلْبَحْرِ عَجَباً . \63\الكهف\184
288\قال تعالى: ذلِكَ ما كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً . \64\الكهف\184
289\قال تعالى: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . \67\الكهف\185
290\قال تعالى: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ صابِراً وَ لا أَعْصِي لَكَ أَمْراً . \69\الكهف\185
291\قال تعالى: لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً . \71\الكهف\185
292\قال تعالى: أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . \72\الكهف\185
293\قال تعالى: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَ لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً . \73\الكهف\185
294\قال تعالى: أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً. قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . \74،75\الكهف\186
295\قال تعالى: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً . \76\الكهف\186
296\قال تعالى: فَانْطَلَقا حَتّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اِسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ . \77\الكهف\186
297\قال تعالى: لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً . \77،78\الكهف\186
298\قال تعالى: وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً . \79\الكهف\186
299\قال تعالى: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلاّ سَلاماً . \62\مريم\187
300\قال تعالى: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . \67\الكهف\187
301\قال تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ . \255\البقرة\192
302\قال تعالى: وَ أَضَلَّهُ اَللّهُ عَلى عِلْمٍ . \23\الجاثية\192
303\قال تعالى: يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ أَخْفى . \7\طه\192
ص: 709
304\قال تعالى: وَ ما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ . \21\سبأ\192
305\قال تعالى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ اَلْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ اَلصّابِرِينَ . \31\محمد\192
306\قال تعالى: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ . \27\الروم\193
307\قال تعالى: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْكَرِيمُ . \49\الدخان\193
308\قال تعالى: أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ . \116\المائدة\193
309\قال تعالى: وَ ما جَعَلْنَا اَلْقِبْلَةَ اَلَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ اَلرَّسُولَ . \143\البقرة\193
310\قال تعالى: وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ . \76\يوسف\194
311\قال تعالى: يَعْلَمُ اَلسِّرَّ وَ أَخْفى . \7\طه\194
312\قال تعالى: قُلْ هُوَ اَلْقادِرُ . \65\الأنعام\195
313\قال تعالى: بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ . \4\القيامة\195
314\قال تعالى: وَ إِنّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ . \95\المؤمنون\195
315\قال تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اَللّهَ اَلَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً . \15\فصلت\201
316\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلرَّزّاقُ ذُو اَلْقُوَّةِ اَلْمَتِينُ . \58\الذاريات\201
317\قال تعالى: وَ اَلسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ . \47\الذاريات\201
318\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ . \4\إبراهيم\203
319\قال تعالى: وَ كانَ اَللّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً . \25\الأحزاب\203
320\قال تعالى: وَ لا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ اَلْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً . \65\يونس\203
321\قال تعالى: أَ يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ اَلْعِزَّةَ فَإِنَّ اَلْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً . \139\النساء\203
322\قال تعالى: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . \82\ص\209
323\قال تعالى: وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \27\الرحمن\209
324\قال تعالى: تَبارَكَ اِسْمُ رَبِّكَ ذِي اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \78\الرحمن\209
325\قال تعالى: وَ لَهُ اَلْكِبْرِياءُ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . \37\الجاثية\209
326\قال تعالى: اَلْعَزِيزُ اَلْجَبّارُ اَلْمُتَكَبِّرُ . \23\الحشر\209
327\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ . \4\الشورى\209
328\قال تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ اَلْعَظِيمِ . \74\الواقعة\209
329\قال تعالى: إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . \73\هود\209
330\قال تعالى: وَ نُقِرُّ فِي اَلْأَرْحامِ ما نَشاءُ . \5\الحج\217
331\قال تعالى: يَزِيدُ فِي اَلْخَلْقِ ما يَشاءُ . \1\فاطر\217
ص: 710
332\قال تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ . \8\الانفطار\217
333\قال تعالى: يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ اَلذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ . \49\50\الشورى\217
334\قال تعالى: اَللّهُ يَبْسُطُ اَلرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ لَهُ . \62\العنكبوت\217
335\قال تعالى: يَهْدِي اَللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ . \35\النور\217
336\قال تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ . \68\القصص\217
337\قال تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ . \30\الإنسان\220
338\قال تعالى: وَ ما يَذْكُرُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ . \56\المدثر\220
339\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ مَا اِقْتَتَلَ اَلَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ . \253\البقرة\220
340\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ مَا اِقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اَللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ . \253\البقرة\220
341\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ . \112\الأنعام\220
342\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ ما فَعَلُوهُ . \137\الأنعام\220
343\قال تعالى: قُلْ لَوْ شاءَ اَللّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَ لا أَدْراكُمْ بِهِ . \16\يونس\220
344\قال تعالى: مَنْ يُطِعِ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ . \13\النساء\224
345\قال تعالى: ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اَللّهِ وَ لِيُخْزِيَ اَلْفاسِقِينَ . \5\الحشر\225
346\قال تعالى: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ . \111\الأنعام\229
347\قال تعالى: وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها . \13\السجدة\229
348\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى اَلْهُدى . \35\الأنعام\229
349\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ كُلُّهُمْ.
جَمِيعاً . \99\يونس\229
350\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ اَلنّاسَ أُمَّةً واحِدَةً . \118\هود\229
351\قال تعالى: فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ . \149\الأنعام\229
352\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . \93\النحل\229
353\قال تعالى: مَنْ يَشَأِ اَللّهُ يُضْلِلْهُ وَ مَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . \39\الأنعام\229
ص: 711
354\قال تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اَللّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ . \4\إبراهيم\230
355\قال تعالى: كَذلِكَ يُضِلُّ اَللّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ . \31\المدثر\230
356\قال تعالى: لَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ وَ اَللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . \46\النور\230
357\قال تعالى: وَ اَللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ اَلسَّلامِ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ . \25\يونس\230
358\قال تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اَللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ . \56\القصص\230
359\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ اَلظّالِمُونَ ما لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا نَصِيرٍ . \8\الشورى\230
360\قال تعالى: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَ اَلظّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً . \31\الإنسان\230
361\قال تعالى: وَ يُعَذِّبَ اَلْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ . \24\الأحزاب\230
362\قال تعالى: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيّايَ . \155\الأعراف\230
363\قال تعالى: إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ . \155\الأعراف\231
364\قال تعالى: ذلِكَ هُدَى اَللّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ . \88\الأنعام\231
365\قال تعالى: اَللّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ . \179\آل عمران\231
366\قال تعالى: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ . \74\آل عمران\231
367\قال تعالى: وَ اَللّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ . \261\البقرة\231
368\قال تعالى: وَ لكِنَّ اَللّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ . \21\النور\231
369\قال تعالى: إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ . \83\الأنعام\231
370\قال تعالى: وَ اَللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ . \13\آل عمران\231
371\قال تعالى: يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ . \5\الروم\231
372\قال تعالى: ذلِكَ فَضْلُ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ . \4\الجمعة\231
373\قال تعالى: إِنَّ اَلْفَضْلَ بِيَدِ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ . \73\آل عمران\232
374\قال تعالى: يُلْقِي اَلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ . \15\غافر\232
ص: 712
375\قال تعالى: وَ لكِنَّ اَللّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ . \11\إبراهيم\232
376\قال تعالى: فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ . \110\يوسف\232
377\قال تعالى: فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ . \43\النور\232
378\قال تعالى: فَيَبْسُطُهُ فِي اَلسَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ . \48\الروم\232
379\قال تعالى: فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ . \48\الروم\232
380\قال تعالى: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ . \66\يس\232
381\قال تعالى: وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ . \67\يس\232
382\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَ أَبْصارِهِمْ . \20\البقرة\232
383\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ لَأَعْنَتَكُمْ . \220\البقرة\232
384\قال تعالى: يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ . \39\الرعد\232
385\قال تعالى: قُلِ اَللّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَ تَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَ تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَ تُذِلُّ مَنْ تَشاءُ . \260\آل عمران\233
386\قال تعالى: فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اَللّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ . \28\التوبة\233
387\قال تعالى: يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ . \212\البقرة\233
388\قال تعالى: وَ عَلَّمَهُ مِمّا يَشاءُ . \251\البقرة\233
389\قال تعالى: وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ . \255\البقرة\233
390\قال تعالى: يُؤْتِي اَلْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ . \269\البقرة\233
391\قال تعالى: إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ . \100\يوسف\233
392\قال تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ اَلْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ . \18\الإسراء\233
393\قال تعالى: وَ لكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ . \27\الشورى\233
394\قال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ اَلرِّيحَ . \33\الشورى\233
395\قال تعالى: وَ إِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً . \28\الإنسان\233
396\قال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ . \133\الأنعام\234
397\قال تعالى: وَ نُفِخَ فِي اَلصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اَللّهُ . \68\الزمر\234
398\قال تعالى: ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ . \22\عبس\234
399\قال تعالى: وَ هُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ . \29\الشورى\234
400\قال تعالى: إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ . \107\هود\234
ص: 713
401\قال تعالى: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَ لَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ اَلْجَحِيمِ . \113\التوبة\234
402\قال تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اَللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ . \56\القصص\235
403\قال تعالى: سَيُهْزَمُ اَلْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ اَلدُّبُرَ. بَلِ اَلسّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَ اَلسّاعَةُ أَدْهى وَ أَمَرُّ . \45،46\القمر\237
404\قال تعالى: يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ . \39\الرعد\239
405\قال تعالى: وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ . \66\يس\239
406\قال تعالى: يُرِيدُ اَللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ . \26\النساء\240
407\قال تعالى: وَ اَللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ . \27\النساء\240
408\قال تعالى: وَ أَنَّ اَللّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ . \16\الحج\240
409\قال تعالى: يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ . \28\النساء\240
410\قال تعالى: يُرِيدُ اَللّهُ بِكُمُ اَلْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ اَلْعُسْرَ . \185\البقرة\240
411\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ . \1\المائدة\240
412\قال تعالى: ما يُرِيدُ اَللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . \6\المائدة\240
413\قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي اَلسَّماءِ . \125\الأنعام\240
414\قال تعالى: وَ مَنْ يُرِدِ اَللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اَللّهِ شَيْئاً أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ . \41\المائدة\241
415\قال تعالى: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اَللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ اَلْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً . \17\المائدة\241
416\قال تعالى: وَ إِذا أَرادَ اَللّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ . \11\الرعد\241
417\قال تعالى: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها . \16\الإسراء\241
418\قال تعالى: وَ أَنّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي اَلْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً . \10\الجن\241
ص: 714
419\قال تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ اَلْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ . \18\الإسراء\241
420\قال تعالى: فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَ يَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ . \82\الكهف\241
421\قال تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ أَهْلَ اَلْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً . \33\الأحزاب\241
422\قال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ . \49\المائدة\241
423\قال تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي اَلدُّنْيا . \85\التوبة\241
424\قال تعالى: إِنْ كانَ اَللّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ . \34\هود\242
425\قال تعالى: قُلْ مَنْ ذَا اَلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اَللّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً . \17\الأحزاب\242
426\قال تعالى: قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اَللّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ . \38\الزمر\242
427\قال تعالى: إِنْ يُرِدْنِ اَلرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَ لا يُنْقِذُونِ . \23\يس\242
428\قال تعالى: فَإِنَّ اَللّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ . \7\الزمر\242
429\قال تعالى: وَ مَنْ يُرِدِ اَللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اَللّهِ شَيْئاً . \41\المائدة\247
430\قال تعالى: وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ اَلْكُفْرَ . \7\الزمر\247
431\قال تعالى: إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ . \42\الحجر\247
432\قال تعالى: وَ إِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها . \16\الإسراء\247
433\قال تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها . \123\الأنعام\247
434\قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اَللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً . \125\الأنعام\247
435\قال تعالى: ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ إِلاّ مَنْ هُوَ صالِ اَلْجَحِيمِ . \163\الصافات\249
436\قال تعالى: وَ لِلّهِ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ . \129\آل عمران\250
ص: 715
437\قال تعالى: إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ . \54\الإسراء\250
438\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ . \48\النساء\250
439\قال تعالى: اَللّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ . \40\آل عمران\252
440\قال تعالى: وَ يَفْعَلُ اَللّهُ ما يَشاءُ . \27\إبراهيم\252
441\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ . \14\الحج\252
442\قال تعالى: فَعّالٌ لِما يُرِيدُ . \107\هود\252
443\قال تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \82\يس\252
444\قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ . \107\هود\254
445\قال تعالى: إِلاّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّالٌ لِما يُرِيدُ . \107\هود\254
446\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ . \48\النساء\255
447\قال تعالى: وَ لَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اَللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ . \39\الكهف\256
448\قال تعالى: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَ لا ضَرًّا إِلاّ ما شاءَ اَللّهُ . \188\الأعراف\256
449\قال تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلاّ ما شاءَ اَللّهُ . \7\الأعلى\256
450\قال تعالى: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ . \24\الكهف\261
451\قال تعالى: لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرامَ إِنْ شاءَ اَللّهُ . \27\الفتح\261
452\قال تعالى: إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اَللّهُ إِنْ شاءَ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ . \33\هود\261
453\قال تعالى: وَ لا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً . \80\الأنعام\261
454\قال تعالى: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ مِنَ اَلصّابِرِينَ . \102\الصافات\261
455\قال تعالى: اُدْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اَللّهُ آمِنِينَ . \99\يوسف\261
456\قال تعالى: وَ ما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ مِنَ اَلصّالِحِينَ . \27\القصص\261
457\قال تعالى: وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ رَبُّنا . \89\الأعراف\262
ص: 716
458\قال تعالى: إِنَّ اَلْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَ إِنّا إِنْ شاءَ اَللّهُ لَمُهْتَدُونَ . \70\البقرة\262
459\قال تعالى: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اَللّهُ صابِراً . \69\الكهف\262
460\قال تعالى: وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها . \71\مريم\262
461\قال تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي اَلَّذِينَ اِتَّقَوْا وَ نَذَرُ اَلظّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا . \71\مريم\262
462\قال تعالى: وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَ قُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً . \23-24\الكهف\270
463\قال تعالى: وَ كانَ اَلْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً . \54\الكهف\271
464\قال تعالى: يُرِيدُ اَللّهُ بِكُمُ اَلْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ اَلْعُسْرَ . \185\البقرة\274
465\قال تعالى: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ . \29\الكهف\274
466\قال تعالى: سَيَقُولُ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكْنا وَ لا آباؤُنا وَ لا حَرَّمْنا مِنْ شَيْءٍ . \148\الأنعام\274
467\قال تعالى: وَ قالُوا لَوْ شاءَ اَلرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ . \20\الزخرف\274
468\قال تعالى: وَ مَا اَللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ . \31\غافر\274
469\قال تعالى: يُرِيدُ اَللّهُ بِكُمُ اَلْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ اَلْعُسْرَ . \185\البقرة\274
470\قال تعالى: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ . \29\الكهف\275
471\قال تعالى: وَ ما تَشاؤُنَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اَللّهُ . \30\الإنسان\275
472\قال تعالى: سَيَقُولُ اَلَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكْنا . \148\الأنعام\275
473\قال تعالى: وَ لَوْ شاءَ اَللّهُ ما أَشْرَكُوا . \107\الأنعام\275
474\قال تعالى: فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ . \149\الأنعام\275
475\قال تعالى: أَنَّ اَللّهَ حَرَّمَ هذا . \150\الأنعام\275
476\قال تعالى: لَوْ شاءَ اَلرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ . \20\الزخرف\275
477\قال تعالى: ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ . \20\الزخرف\276
478\قال تعالى: إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ . \148\الأنعام\276
479\قال تعالى: حَتّى ذاقُوا بَأْسَنا . \148\الأنعام\276
480\قال تعالى: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا . \148\الأنعام\276
481\قال تعالى: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ اَلظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَخْرُصُونَ . \148\الأنعام\272
ص: 717
482\قال تعالى: فَلِلّهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ . \149\الأنعام\276
483\قال تعالى: قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ اَلَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اَللّهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ . \149\الأنعام\276
484\قال تعالى: إِنْ هُمْ إِلاّ يَخْرُصُونَ . \20\الزخرف\277
485\قال تعالى: وَ مَا اَللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ . \108\آل عمران\277
486\قال تعالى: وَ مَا اَللّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ . \31\غافر\277
487\قال تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ . \56\غافر\278
488\قال تعالى: إِنَّهُ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ . \61\الأنفال\278
489\قال تعالى: وَ أَنَّ اَللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ . \61\الحج\278
490\قال تعالى: سَمِيعٌ عَلِيمٌ . \53\الأنفال\278
491\قال تعالى: لَقَدْ سَمِعَ اَللّهُ قَوْلَ اَلَّذِينَ قالُوا . \181\آل عمران\278
492\قال تعالى: قَدْ سَمِعَ اَللّهُ قَوْلَ اَلَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَ تَشْتَكِي إِلَى اَللّهِ وَ اَللّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما . \1\المجادلة\278
493\قال تعالى: إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَ أَرى . \46\طه\278
494\قال تعالى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ بَلى . \43\الزخرف\278
495\قال تعالى: قَدْ سَمِعَ اَللّهُ قَوْلَ اَلَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها . \1\المجادلة\280
496\قال تعالى: ما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لا أَبْصارُكُمْ وَ لا جُلُودُكُمْ وَ لكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اَللّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمّا تَعْمَلُونَ . \22\فصلت\281
497\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ . \20\غافر\283
498\قال تعالى: وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً . \134\النساء\283
499\قال تعالى: إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً . \96\الإسراء\283
500\قال تعالى: فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ . \105\التوبة\283
501\قال تعالى: أَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اَللّهَ يَرى . \14\العلق\283
502\قال تعالى: إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَ أَرى . \46\طه\283
503\قال تعالى: نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي اَلنّارِ وَ مَنْ حَوْلَها وَ سُبْحانَ اَللّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . \8\النمل\286
ص: 718
504\قال تعالى: قُلْ لَوْ كانَ اَلْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ اَلْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً . \109\الكهف\287
505\قال تعالى: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي اَلْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ اَلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اَللّهِ . \27\لقمان\287
506\قال تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللّهِ . \6\التوبة\287
507\قال تعالى: يَسْمَعُونَ كَلامَ اَللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ . \75\البقرة\287
508\قال تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اَللّهِ . \15\الفتح\288
509\قال تعالى: وَ اُتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ . \27\الكهف\288
510\قال تعالى: لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اَللّهِ . \64\يونس\288
511\قال تعالى: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ . \115\الأنعام\288
512\قال تعالى: وَ يُرِيدُ اَللّهُ أَنْ يُحِقَّ اَلْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ اَلْكافِرِينَ . \7\الأنفال\288
513\قال تعالى: وَ يُحِقُّ اَللّهُ اَلْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُجْرِمُونَ . \82\يونس\288
514\قال تعالى: وَ لكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ اَلْعَذابِ عَلَى اَلْكافِرِينَ . \71\الزمر\288
515\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ وَ لَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتّى يَرَوُا اَلْعَذابَ اَلْأَلِيمَ . \96\يونس\288
516\قال تعالى: وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ اَلْجِنَّةِ وَ اَلنّاسِ أَجْمَعِينَ . \119\هود\288
517\قال تعالى: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ اَلْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا . \137\الأعراف\288
518\قال تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ اَلشَّيْطانِ اَلرَّجِيمِ . \200\الأعراف\293
519\قال تعالى: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ اَلْقادِرُونَ . \23\المرسلات\294
520\قال تعالى: وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها، وَ لكِنْ حَقَّ اَلْقَوْلُ مِنِّي . \13\السجدة\296
ص: 719
521\قال تعالى: لَقَدْ حَقَّ اَلْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ . \13\السجدة\296
522\قال تعالى: ما يُبَدَّلُ اَلْقَوْلُ لَدَيَّ . \29\ق\296
523\قال تعالى: وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اَللّهِ قِيلاً . \122\النساء\296
524\قال تعالى: وَ مَنْ أَصْدَقُ مِنَ اَللّهِ حَدِيثاً . \87\النساء\296
525\قال تعالى: سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ . \58\يس\296
526\قال تعالى: قَوْلُهُ اَلْحَقُّ . \73\الأنعام\296
527\قال تعالى: فَالْحَقُّ وَ اَلْحَقَّ أَقُولُ . \84\ص\296
528\قال تعالى: وَ كَلَّمَ اَللّهُ مُوسى تَكْلِيماً . \164\النساء\299
529\قال تعالى: وَ لَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ . \143\الأعراف\299
530\قال تعالى: تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اَللّهُ . \253\البقرة\299
531\قال تعالى: يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ. . .
إلى قوله تعالى وَ اِصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي . \11-14\طه\299
532\قال تعالى: يا مُوسى إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى اَلنّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ اَلشّاكِرِينَ . \144\الأعراف\299
533\قال تعالى: إِنَّمَا اَلْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اَللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ . \171\النساء\302
534\قال تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اَللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \59\آل عمران\302
535\قال تعالى: تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اَللّهُ . \253\البقرة\303
536\قال تعالى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ . \51\الشورى\304
537\قال تعالى: إِنِّي أَرى فِي اَلْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ اِفْعَلْ ما تُؤْمَرُ . \102\الصافات\304
538\قال تعالى: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ اَلْمُنْذِرِينَ . \192-194\الشعراء\305
ص: 720
539\قال تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اَللّهُ رَسُولَهُ اَلرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرامَ إِنْ شاءَ اَللّهُ آمِنِينَ . \27\الفتح\307
540\قال تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اَللّهُ رَسُولَهُ اَلرُّؤْيا بِالْحَقِّ. . .
إلى قوله تعالى: فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً . \27\الفتح\307
541\قال تعالى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى . \10\النجم\308
542\قال تعالى: وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ . \51\الشورى\308
543\قال تعالى: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ، فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اَللّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَ هُدىً وَ بُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ . \97\البقرة\309
544\قال تعالى: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ . \192-193\الشعراء\309
545\قال تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . \16-18\القيامة\310
546\قال تعالى: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا . \19\القيامة\311
547\قال تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ اَلْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً . \85\الإسراء\311
548\قال تعالى: حَتّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا اَلْحَقَّ وَ هُوَ اَلْعَلِيُّ اَلْكَبِيرُ . \23\سبأ\313
549\قال تعالى: وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً . \30\البقرة\318
550\قال تعالى: وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَ اِسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ اَلْكافِرِينَ وَ قُلْنا يا آدَمُ اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ اَلْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ اَلشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ اَلظّالِمِينَ . \34-35\البقرة\318
551\قال تعالى: تِلْكَ اَلرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اَللّهُ . \253\البقرة\318
ص: 721
552\قال تعالى: إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ اَلْمُبْطِلُونَ . \173\الأعراف\320
553\قال تعالى: وَ ما يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوى. إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ اَلْقُوى . \3-5\النجم\323
554\قال تعالى: وَ ما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ . \64\مريم\323
555\قال تعالى: وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اَللّهُ . \284\البقرة\326
556\قال تعالى: آمَنَ اَلرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ . \285\البقرة\326
557\قال تعالى: وَ اُعْفُ عَنّا وَ اِغْفِرْ لَنا وَ اِرْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى اَلْقَوْمِ اَلْكافِرِينَ . \286\البقرة\326
558\قال تعالى: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ اَلنّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي . \36\إبراهيم\331
559\قال تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ . \118\المائدة\331
560\قال تعالى: لِمَنِ اَلْمُلْكُ اَلْيَوْمَ لِلّهِ اَلْواحِدِ اَلْقَهّارِ . \16\غافر\333
561\قال تعالى: يَوْمَ يَجْمَعُ اَللّهُ اَلرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ . \109\المائدة\334
562\قال تعالى: وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ اَلْمُرْسَلِينَ . \65\القصص\334
563\قال تعالى: وَ إِذْ قالَ اَللّهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اَللّهِ . \116\المائدة\334
564\قال تعالى: فَلَنَسْئَلَنَّ اَلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ اَلْمُرْسَلِينَ . \6\الأعراف\334
565\قال تعالى: ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ . \19\المائدة\334
566\قال تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى اَلنّاسِ وَ يَكُونَ اَلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً . \143\البقرة\334
567\قال تعالى: وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى اَلنّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اَللّهِ شَدِيدٌ . \2\الحج\338
568\قال تعالى: هاؤُمُ اِقْرَؤُا كِتابِيَهْ . \19\الحاقة\339
569\قال تعالى: أَلا لَعْنَةُ اَللّهِ عَلَى اَلظّالِمِينَ . \18\هود\339
570\قال تعالى: إِنَّما جَزاءُ اَلَّذِينَ يُحارِبُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ . \33\المائدة\340
ص: 722
571\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يُؤْذُونَ اَللّهَ وَ رَسُولَهُ . \57\الأحزاب\341
572\قال تعالى: إِنْ تَنْصُرُوا اَللّهَ يَنْصُرْكُمْ . \7\محمد\341
573\قال تعالى: وَ وَجَدَ اَللّهَ عِنْدَهُ فَوَفّاهُ حِسابَهُ . \39\النور\341
574\قال تعالى: اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ . \67-68\الزخرف\342
575\قال تعالى: إِنَّ أَصْحابَ اَلْجَنَّةِ اَلْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ.
هُمْ وَ أَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى اَلْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ. لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَ لَهُمْ ما يَدَّعُونَ.
سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ . \55-58\يس\342
576\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اَللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اَللّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ . \77\آل عمران\344
577\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اَللّهُ مِنَ اَلْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ اَلنّارَ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اَللّهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ . \174\البقرة\344
578\قال تعالى: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا اَلشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَ أَنِ اُعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ . \60-61\يس\346
579\قال تعالى: رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ . \107\المؤمنون\346
580\قال تعالى: اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ . \108\المؤمنون\346
581\قال تعالى: يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ . \77\الزخرف\347
582\قال تعالى: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ . \77\الزخرف\347
583\قال تعالى: رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَ كُنّا قَوْماً ضالِّينَ.
رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنّا ظالِمُونَ. قالَ اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ . \106-108\المؤمنون\347
584\قال تعالى: رَبَّنا أَمَتَّنَا اِثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اِثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ . \11\غافر\348
ص: 723
585\قال تعالى: ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اَللّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَ إِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْكَبِيرِ . \12\غافر\348
586\قال تعالى: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنّا مُوقِنُونَ . \12\السجدة\348
587\قال تعالى: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا إِنّا نَسِيناكُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ اَلْخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . \14\السجدة\348
588\قال تعالى: رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ اَلرُّسُلَ . \44\إبراهيم\348
589\قال تعالى: أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ . \44\إبراهيم\348
590\قال تعالى: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ اَلَّذِي كُنّا نَعْمَلُ أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَ جاءَكُمُ اَلنَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ . \37\فاطر\349
591\قال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ يُغْشِي اَللَّيْلَ اَلنَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ وَ اَلنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ تَبارَكَ اَللّهُ رَبُّ اَلْعالَمِينَ . \54\الأعراف\350
592\قال تعالى: اَلرَّحْمنُ. عَلَّمَ اَلْقُرْآنَ. خَلَقَ اَلْإِنْسانَ عَلَّمَهُ اَلْبَيانَ . \1-4\الرحمن\350
593\قال تعالى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \40\النحل\350
594\قال تعالى: وَ كانَ أَمْرُ اَللّهِ مَفْعُولاً . \47\النساء\352
595\قال تعالى: حَتّى جاءَ اَلْحَقُّ وَ ظَهَرَ أَمْرُ اَللّهِ . \48\التوبة\352
596\قال تعالى: وَ كانَ أَمْرُ اَللّهِ قَدَراً مَقْدُوراً . \38\الأحزاب\352
597\قال تعالى: فَلَمّا جاءَ أَمْرُنا . \82\هود\352
598\قال تعالى: فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ . \62\طه\352
599\قال تعالى: لَمّا قُضِيَ اَلْأَمْرُ . \22\إبراهيم\352
600\قال تعالى: إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \47\آل عمران\353
601\قال تعالى: فَإِذا جاءَ أَمْرُ اَللّهِ . \78\غافر\353
ص: 724
602\قال تعالى: لِيَقْضِيَ اَللّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً . \42\الأنفال\353
603\قال تعالى: فَتَرَبَّصُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ . \24\التوبة\353
604\قال تعالى: فَاعْفُوا وَ اِصْفَحُوا حَتّى يَأْتِيَ اَللّهُ بِأَمْرِهِ . \109\البقرة\353
605\قال تعالى: أَتى أَمْرُ اَللّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ . \1\النحل\353
606\قال تعالى: يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ . \2\الرعد\353
607\قال تعالى: يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ مِنَ اَلسَّماءِ إِلَى اَلْأَرْضِ . \5\السجدة\354
608\قال تعالى: أَلا إِلَى اَللّهِ تَصِيرُ اَلْأُمُورُ . \53\الشورى\354
609\قال تعالى: يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ اَلْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ . \154\آل عمران\354
610\قال تعالى: قُلْ إِنَّ اَلْأَمْرَ كُلَّهُ لِلّهِ . \154\آل عمران\354
611\قال تعالى: فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها . \9\الطلاق\354
612\قال تعالى: أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ . \54\الأعراف\354
613\قال تعالى: أَلا إِلَى اَللّهِ تَصِيرُ اَلْأُمُورُ . \53\الشورى\355
614\قال تعالى: لِلّهِ اَلْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ . \4\الروم\356
615\قال تعالى: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ . \110\هود\356
616\قال تعالى: لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اَللّهِ سَبَقَ . \68\الأنفال\356
617\قال تعالى: وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا اَلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ اَلْمَنْصُورُونَ وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ اَلْغالِبُونَ . \171-173\الصافات\356
618\قال تعالى: حم وَ اَلْكِتابِ اَلْمُبِينِ إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . \1-3\الزخرف\356
619\قال تعالى: وَ جَعَلُوا اَلْمَلائِكَةَ اَلَّذِينَ هُمْ عِبادُ اَلرَّحْمنِ إِناثاً . \19\الزخرف\356
620\قال تعالى: أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ . \16\الرعد\356
621\قال تعالى: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ اَلْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ . \4\الزخرف\357
622\قال تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ . \21،22\البروج\357
623\قال تعالى: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اِسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ يَلْعَبُونَ . \2\الأنبياء\357
624\قال تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ . \1\القدر\357
625\قال تعالى: إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا اَلذِّكْرَ وَ إِنّا لَهُ لَحافِظُونَ . \9\الحجر\357
626\قال تعالى: وَ أَنْزَلْنَا اَلْحَدِيدَ . \25\الحديد\357
627\قال تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها . \106\البقرة\358
628\قال تعالى: وَ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ . \100\الأنعام\359
ص: 725
629\قال تعالى: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً . \15\الزخرف\359
630\قال تعالى: وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ اَلْبَناتِ . \57\النحل\359
631\قال تعالى: وَ جَعَلُوا اَلْمَلائِكَةَ اَلَّذِينَ هُمْ عِبادُ اَلرَّحْمنِ إِناثاً . \19\الزخرف\359
632\قال تعالى: وَ جَعَلُوا لِلّهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ اَلْحَرْثِ وَ اَلْأَنْعامِ نَصِيباً . \136\الأنعام\359
633\قال تعالى: قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اَللّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالاً . \59\يونس\359
634\قال تعالى: ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها . \6\الزمر\359
635\قال تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ. وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ. وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ . \40-42\الحاقة\359
636\قال تعالى: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي اَلْعَرْشِ مَكِينٍ . \20\التكوير\359
637\قال تعالى: فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللّهِ . \6\التوبة\359
638\قال تعالى: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ . \19\التكوير\359
639\قال تعالى: وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى . \121\طه\361
640\قال تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ . \1\القدر\362
641\قال تعالى: وَ قالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ اَلْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً . \32\الفرقان\363
642\قال تعالى: وَ لا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً . \33\الفرقان\363
643\قال تعالى: وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى اَلنّاسِ عَلى مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً . \106\الإسراء\363
644\قال تعالى: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ . \2\الأنبياء\363
645\قال تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ . \185\البقرة\364
646\قال تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ . \1\القدر\364
647\قال تعالى: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ . \3\الدخان\365
648\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّا جاءَهُمْ وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ اَلْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ . \41،42\فصلت\365
649\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ . \11\النور\370
ص: 726
650\قال تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ . \28\الزمر\371
651\قال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ . \10\فاطر\375
652\قال تعالى: إِنَّنِي أَنَا اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي . \14\طه\379
653\قال تعالى: وَ كَلَّمَ اَللّهُ مُوسى تَكْلِيماً . \164\النساء\379
654\قال تعالى: أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ . \54\الأعراف\381
655\قال تعالى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \40\النحل\383
656\قال تعالى: وَ ما كانَ هذَا اَلْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اَللّهِ . \37\يونس\388
657\قال تعالى: وَ ذَرُوا اَلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ . \180\الأعراف\388
658\قال تعالى: يَسْمَعُونَ كَلامَ اَللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ . \75\البقرة\388
659\قال تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اَللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ اَلْكافِرُونَ . \44\المائدة\389
660\قال تعالى: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا اَلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ . \17\القمر\390
661\قال تعالى: وَ اَلطُّورِ. وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ . \1-3\الطور\390
662\قال تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ . \49\العنكبوت\390
663\قال تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ اِسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اَللّهِ . \6\التوبة\390
664\قال تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اِسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ اَلْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً. يَهْدِي إِلَى اَلرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً . \1،2\الجن\390
665\قال تعالى: وَ اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . \77\الحج\391
666\قال تعالى: وَ اَللّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ . \96\الصافات\391
667\قال تعالى: بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ . \49\العنكبوت\392
668\قال تعالى: وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ . \2،3\الطور\392
669\قال تعالى: بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ. فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ . \21،22\البروج\392
670\قال تعالى: وَ ما يَسْطُرُونَ . \1\القلم\392
671\قال تعالى: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا اَلْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ . \17\القمر\392
ص: 727
672\قال تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اِسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ اَلْجِنِّ فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى اَلرُّشْدِ فَآمَنّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً . \1،2\الجن\394
673\قال تعالى: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ اِبْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً . \110\الإسراء\394
674\قال تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ . \88\القصص\401
675\قال تعالى: قُلْ لَوْ كانَ اَلْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ اَلْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي . \109\الكهف\401
676\قال تعالى: وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ . \14\الملك\401
677\قال تعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اَللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ . \19\الأنعام\403
678\قال تعالى: لِتُنْذِرَ أُمَّ اَلْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها . \92\الأنعام\403
679\قال تعالى: وَ إِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ اَلْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ اَلْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ . \192-195\الشعراء\404
680\قال تعالى: وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا . \37\الرعد\404
قال تعالى: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ اَلْقُرى وَ مَنْ حَوْلَها . \7\الشورى\405
681\قال تعالى: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ اَلَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَ هذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ . \103\النحل\405
682\قال تعالى: قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا اَلْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً . \88\الإسراء\405
683\قال تعالى: وَ إِذا قَرَأْتَ اَلْقُرْآنَ . \45\الإسراء\406
684\قال تعالى: وَ قُرْآنَ اَلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ اَلْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً . \78\الإسراء\406
685\قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ . \11\الشورى\411
686\قال تعالى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ . \137\البقرة\411
ص: 728
687\قال تعالى: وَ يُرْسِلُ اَلصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اَللّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ اَلْمِحالِ . \13\الرعد\414
688\قال تعالى: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ اَللّهُ اَلصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ . \1-4\الإخلاص\414
689\قال تعالى: وَ لِلّهِ اَلْمَثَلُ اَلْأَعْلى . \60\النحل\415
690\قال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا . \65\مريم\416
691\قال تعالى: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . \75\الأنعام\416
692\قال تعالى: لا أُحِبُّ اَلْآفِلِينَ . \76\الأنعام\416
693\قال تعالى: فَلَمّا رَأَى اَلْقَمَرَ بازِغاً . \77\الأنعام\416
694\قال تعالى: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ اَلْقَوْمِ اَلضّالِّينَ . \77\الأنعام\416
695\قال تعالى: فَلَمّا رَأَى اَلشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ . \78\الأنعام\416
696\قال تعالى: قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ . \78\الأنعام\416
697\قال تعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اَللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ . \19\الأنعام\418
698\قال تعالى: إِنِّي سَقِيمٌ . \69\الصافات\419
699\قال تعالى: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا . \63\الأنبياء\419
700\قال تعالى: وَ يُحَذِّرُكُمُ اَللّهُ نَفْسَهُ . \28\آل عمران\421
701\قال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ اَلرَّحْمَةَ . \54\الأنعام\421
702\قال تعالى: وَ اِصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي . \41\طه\421
703\قال تعالى: إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ اَلْغُيُوبِ . \116\المائدة\421
704\قال تعالى: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ . \91\الأنعام\425
705\قال تعالى: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ . \116\المائدة\426
706\قال تعالى: يا أَيُّهَا اَلْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ اَلْكَرِيمِ اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ . \6-8\الانفطار\429
ص: 729
707\قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ . \11\الشورى\430
708\قال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى اَلسُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ . \42\القلم\435
709\قال تعالى: وَ أَرِنا مَناسِكَنا . \128\البقرة\436
710\قال تعالى: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ اَلْمُوقِنِينَ . \75\الأنعام\438
711\قال تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \82\يس\440
712\قال تعالى: وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \27\الرحمن\443
713\قال تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ . \88\القصص\443
714\قال تعالى: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اَللّهِ . \39\الروم\443
715\قال تعالى: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اَللّهِ . \9\الإنسان\443
716\قال تعالى: وَ اَلَّذِينَ صَبَرُوا اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ . \22\الرعد\443
717\قال تعالى: إِلاَّ اِبْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ اَلْأَعْلى . \20\الليل\443
718\قال تعالى: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ . \52\الأنعام\443
719\قال تعالى: قُلْ هُوَ اَلْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ . \65\الأنعام\444
720\قال تعالى: وَ لا تَطْرُدِ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ اَلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ . \52\الأنعام\447
721\قال تعالى: وَ كَذلِكَ فَتَنّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَ هؤُلاءِ مَنَّ اَللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا . \53\الأنعام\447
722\قال تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا اَلْحُسْنى وَ زِيادَةٌ . \26\يونس\452
723\قال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ . \10\فاطر\453
724\قال تعالى: وَ لِلّهِ اَلْمَشْرِقُ وَ اَلْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللّهِ . \115\البقرة\454
725\قال تعالى: اَللّهُ نُورُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ . \35\النور\456
726\قال تعالى: وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو اَلْجَلالِ وَ اَلْإِكْرامِ . \27\الرحمن\457
727\قال تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اَللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ . \40\النور\457
728\قال تعالى: وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ . \16\المائدة\457
729\قال تعالى: وَ لِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي . \39\طه\458
ص: 730
730\قال تعالى: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا . \37\الطور\458
731\قال تعالى: وَ اِصْنَعِ اَلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا . \37\هود\458
732\قال تعالى: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا . \37\هود\458
733\قال تعالى: ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اَللّهِ . \27\لقمان\460
734\قال تعالى: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ . \75\ص\461
735\قال تعالى: وَ قالَتِ اَلْيَهُودُ يَدُ اَللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ . \64\المائدة\461
736\قال تعالى: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ . \17\السجدة\464
737\قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ اَلْمُؤْمِنُونَ . \1\المؤمنون\465
738\قال تعالى: وَ اُذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا اَلْأَيْدِ . \17\ص\466
739\قال تعالى: قُلْ إِنَّ اَلْفَضْلَ بِيَدِ اَللّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ . \73\آل عمران\466
740\قال تعالى: مِمّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً . \71\يس\466
741\قال تعالى: أَوْ يَعْفُوَا اَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ اَلنِّكاحِ . \237\البقرة\466
742\قال تعالى: وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لا تَحْنَثْ . \44\ص\466
743\قال تعالى: يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ . \75\ص\466
744\قال تعالى: يَدُ اَللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ . \10\الفتح\470
745\قال تعالى: وَ ما قَدَرُوا اَللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ اَلْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ اَلسَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ . \67\الزمر\472
746\قال تعالى: وَ لَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ اَلْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ اَلْوَتِينَ . \44-46\الحاقة\472
747\قال تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى . \172\الأعراف\475
748\قال تعالى: مِمّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ . \33\النور\481
749\قال تعالى: كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ اَلْيَمِينِ . \28\الصافات\482
750\قال تعالى: كُلِّ جَبّارٍ عَنِيدٍ . \59\هود\494
751\قال تعالى: وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّارٍ . \45\ق\494
ص: 731
752\قال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى اَلسُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ . \42،43\القلم\496
753\قال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ . \42\القلم\497
754\قال تعالى: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ . \2\يونس\503
755\قال تعالى: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . \255\البقرة\506
756\قال تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ. فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ . \38،39\ق\509
757\قال تعالى: أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اَلْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ اَلْعالَمِينَ. وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ . \9،10\فصلت\510
758\قال تعالى: وَ أَلْقى فِي اَلْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ . \15\النحل\512
759\قال تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّهِ . \56\الزمر\514
760\قال تعالى: إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ . \71،72\ص\515
761\قال تعالى: إِنَّمَا اَلْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اَللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ . \171\النساء\515
762\قال تعالى: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا . \12\التحريم\515
763\قال تعالى: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ . \26\الحجر\516
764\قال تعالى: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ . \71،72\ص\516
765\قال تعالى: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ . \14\الرحمن\516
766\قال تعالى: خُلِقَ اَلْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ . \37\الأنبياء\516
767\قال تعالى: فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ اَلسّاجِدِينَ . \30،31\الحجر\516
768\قال تعالى: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا . \17\مريم\516
ص: 732
769\قال تعالى: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا. قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا . \18،19\مريم\517
770\قال تعالى: مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اَللّهِ . \39\آل عمران\517
771\قال تعالى: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ . \13\الجاثية\517
772\قال تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي . \85\الإسراء\517
773\قال تعالى: وَ لا تَحْسَبَنَّ اَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اَللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ. . . . \169،170\آل عمران\519
774\قال تعالى: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا . \12\التحريم\520
775\قال تعالى: وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ . \22\المجادلة\521
776\قال تعالى: يُلْقِي اَلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ . \15\غافر\521
777\قال تعالى: وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا . \52\الشورى\521
778\قال تعالى: يُنَزِّلُ اَلْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ . \2\النحل\521
779\قال تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ اَلْقُدُسِ . \102\النحل\521
780\قال تعالى: نَزَلَ بِهِ اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ . \193\الشعراء\521
781\قال تعالى: وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ اَلْقُدُسِ . \87\البقرة\521
782\قال تعالى: فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا . \17\مريم\521
783\قال تعالى: تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ فِيها . \38\النبأ\521
784\قال تعالى: يَوْمَ يَقُومُ اَلرُّوحُ وَ اَلْمَلائِكَةُ صَفًّا . \38\النبأ\521
785\قال تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي . \85\الإسراء\521
786\قال تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ. أُولئِكَ اَلَّذِينَ لَعَنَهُمُ اَللّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى أَبْصارَهُمْ. أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ اَلْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها . \22-24\محمد\524
787\قال تعالى: اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ . \16\الرعد\531
788\قال تعالى: وَ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً . \2\الفرقان\531
ص: 733
789\قال تعالى: فَعّالٌ لِما يُرِيدُ . \107\هود\531
790\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ . \14\الحج\531
791\قال تعالى: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ . \27\الروم\532
792\قال تعالى: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي اَلسَّماءِ . \16\الملك\534
793\قال تعالى: لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ اَلنَّخْلِ . \71\طه\534
794\قال تعالى: وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ . \82\يوسف\535
795\قال تعالى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْماءِ . \7\هود\535
796\قال تعالى: هُوَ اَلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ . \29\البقرة\536
797\قال تعالى: ن وَ اَلْقَلَمِ . \1\القلم\537
798\قال تعالى: وَ أَلْقى فِي اَلْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ . \15\النحل\537
799\قال تعالى: قُلْ أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ اَلْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً ذلِكَ رَبُّ اَلْعالَمِينَ. وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ سَواءً لِلسّائِلِينَ. ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ . \9-11\فصلت\537
800\قال تعالى: وَ أَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها . \12\فصلت\537
801\قال تعالى: خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ . \54\الأعراف\538
802\قال تعالى: كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما . \30\الأنبياء\538
803\قال تعالى: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ . \101\المؤمنون\538
804\قال تعالى: وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ . \27\الصافات\538
805\قال تعالى: وَ لا يَكْتُمُونَ اَللّهَ حَدِيثاً . \42\النساء\538
806\قال تعالى: وَ اَللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ . \23\الأنعام\538
807\قال تعالى: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ اَلسَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها. وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها.
وَ اَلْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها . \27-30\النازعات\539
808\قال تعالى: وَ كانَ اَللّهُ غَفُوراً رَحِيماً . \96\النساء\539
809\قال تعالى: وَ كانَ اَللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً . \158\النساء\539
810\قال تعالى: وَ كانَ اَللّهُ سَمِيعاً بَصِيراً . \134\النساء\539
811\قال تعالى: وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً . \115\طه\544
ص: 734
812\قال تعالى: يا آدَمُ اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ اَلْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما . \35\البقرة\545
813\قال تعالى: وَ اَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ . \234\البقرة\547
814\قال تعالى: وَ جَعَلْنا مِنَ اَلْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ . \30\الأنبياء\547
815\قال تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ . \29\الرحمن\548
816\قال تعالى: وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ ما فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ . \13\الجائية\548
817\قال تعالى: اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ . \12\الطلاق\549
818\قال تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ اَلْخالِقُونَ . \35\الطور\550
819\قال تعالى: أَمْ خَلَقُوا اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ . \36\الطور\550
820\قال تعالى: وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى اَلْماءِ . \7\هود\552
821\قال تعالى: وَ هُوَ رَبُّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ . \129\التوبة\552
822\قال تعالى: ذُو اَلْعَرْشِ اَلْمَجِيدُ . \15\البروج\552
823\قال تعالى: وَ تَرَى اَلْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ اَلْعَرْشِ . \75\الزمر\552
824\قال تعالى: اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ اَلْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ . \7\غافر\552
825\قال تعالى: وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ . \17\الحاقة\552
826\قال تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ . \255\البقرة\553
827\قال تعالى: وَ اَلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ اَلْعَزِيزِ اَلْعَلِيمِ . \38\يس\554
828\قال تعالى: حَتّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ اَلشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ . \86\الكهف\555
829\قال تعالى: كَتَبَ اَللّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَ رُسُلِي . \21\المجادلة\557
830\قال تعالى: قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى . \52\طه\557
831\قال تعالى: وَ قَرَّبْناهُ نَجِيًّا . \52\مريم\563
832\قال تعالى: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ . \143\الأعراف\564
833\قال تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ . \255\البقرة\564
834\قال تعالى: اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى . \5\طه\567
ص: 735
835\قال تعالى: ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ اَلرَّحْمنُ . \59\الفرقان\567
836\قال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ . \54\الأعراف\567
837\قال تعالى: اَللّهُ اَلَّذِي رَفَعَ اَلسَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ . \2\الرعد\567
838\قال تعالى: أَ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي اَلسَّماءِ . \16\الملك\570
839\قال تعالى: ثُمَّ اَللّهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ . \46\يونس\570
840\قال تعالى: ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ . \11\فصلت\571
841\قال تعالى: ثُمَّ اِسْتَوى إِلَى اَلسَّماءِ فَسَوّاهُنَّ . \29\البقرة\572
842\قال تعالى: ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ . \54\الأعراف\572
843\قال تعالى: اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى . \5\طه\574
844\قال تعالى: وَ هُوَ اَلْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ . \18\الأنعام\575
845\قال تعالى: يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ . \50\النحل\575
846\قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ . \11\الشورى\578
847\قال تعالى: فَسِيحُوا فِي اَلْأَرْضِ . \2\التوبة\580
848\قال تعالى: لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ اَلنَّخْلِ . \71\طه\580
849\قال تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ . \55\آل عمران\584
850\قال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اَللّهُ إِلَيْهِ . \158\النساء\584
851\قال تعالى: تَعْرُجُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ إِلَيْهِ . \4\المعارج\584
852\قال تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ . \10\فاطر\584
853\قال تعالى: وَ هُوَ مَعَكُمْ . \4\الحديد\588
854\قال تعالى: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ . \4\الحديد\590
855\قال تعالى: وَ هُوَ مَعَهُمْ . \108\النساء\590
856\قال تعالى: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رابِعُهُمْ وَ لا خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سادِسُهُمْ . \7\المجادلة\590
857\قال تعالى: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي اَلْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ اَلسَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَ اَللّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . \4\الحديد\591
858\قال تعالى: إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ . \7\المجادلة\591
859\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . \75\الأنفال\591
ص: 736
860\قال تعالى: وَ هُوَ اَلَّذِي فِي اَلسَّماءِ إِلهٌ وَ فِي اَلْأَرْضِ إِلهٌ . \84\الزخرف\591
861\قال تعالى: وَ هُوَ اَللّهُ فِي اَلسَّماواتِ وَ فِي اَلْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَ جَهْرَكُمْ وَ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ . \3\الأنعام\592
862\قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ . \14\الفجر\593
863\قال تعالى: ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى . \8،9\النجم\595
864\قال تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى . \13\النجم\596
865\قال تعالى: لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ اَلْكُبْرى . \18\النجم\596
866\قال تعالى: ما كَذَبَ اَلْفُؤادُ ما رَأى . \11\النجم\596
867\قال تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ اَلْمُبِينِ . \23\التكوير\598
868\قال تعالى: لا تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ اَلْأَبْصارَ وَ هُوَ اَللَّطِيفُ اَلْخَبِيرُ . \103\الأنعام\598
869\قال تعالى: عَلِيٌّ حَكِيمٌ . \51\الشورى\598
870\قال تعالى: وَ اَللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّاسِ . \67\المائدة\598
871\قال تعالى: لا يَعْلَمُ مَنْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ اَلْغَيْبَ إِلاَّ اَللّهُ . \65\النمل\598
872\قال تعالى: فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى . \10\النجم\600
873\قال تعالى: إِذْ يَغْشَى اَلسِّدْرَةَ ما يَغْشى . \16\النجم\600
874\قال تعالى: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ . \186\البقرة\600
875\قال تعالى: أُجِيبُ دَعْوَةَ اَلدّاعِ إِذا دَعانِ . \186\البقرة\600
876\قال تعالى: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ اَلْوَرِيدِ . \16\ق\601
877\قال تعالى: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ . \85\الواقعة\601
878\قال تعالى: اِقْتَرَبَتِ اَلسّاعَةُ وَ اِنْشَقَّ اَلْقَمَرُ . \1\القمر\604
879\قال تعالى: لَهُمْ دارُ اَلسَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ . \127\الأنعام\605
880\قال تعالى: وَ اَللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ اَلسَّلامِ . \25\يونس\605
881\قال تعالى: إِنَّ رَسُولَكُمُ اَلَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ . \27\الشعراء\605
882\قال تعالى: وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ اَلْمُنْتَهى . \13،14\النجم 606
883\قال تعالى: لا تُدْرِكُهُ اَلْأَبْصارُ . \103\الأنعام\607
884\قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ اَلْأَمْرُ وَ إِلَى اَللّهِ تُرْجَعُ اَلْأُمُورُ . \210\البقرة\610
885\قال تعالى: وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ اَلسَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ اَلْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً . \25\الفرقان\610
ص: 737
886\قال تعالى: فَأَتَى اَللّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ اَلْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ اَلسَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ أَتاهُمُ اَلْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ . \26\النحل\610
887\قال تعالى: هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ اَلْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ . \7\آل عمران\615
888\قال تعالى: وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اَللّهُ . \7\آل عمران\615
889\قال تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ اَلْأَمْرُ . \210\البقرة\615
890\قال تعالى: وَ جاءَ رَبُّكَ وَ اَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا . \22\الفجر\615
891\قال تعالى: هُوَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ اَلْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ.
فَأَمَّا اَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ اَلْفِتْنَةِ وَ اِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اَللّهُ وَ اَلرّاسِخُونَ فِي اَلْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَ ما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا اَلْأَلْبابِ . \7\آل عمران\617
892\قال تعالى: وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ اَلْعِجْلَ . \93\البقرة\629
893\قال تعالى: وَ سْئَلِ اَلْقَرْيَةَ . \82\يوسف\629
894\قال تعالى: سُبْحانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ . \13،14\الزخرف\635
895\قال تعالى: بَلْ عَجِبْتَ وَ يَسْخَرُونَ . \12\الصافات\640
896\قال تعالى: فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اَللّهُ مِنْهُمْ . \79\التوبة\640
897\قال تعالى: اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ . \15\البقرة\641
898\قال تعالى: وَ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ . \4\ص\641
899\قال تعالى: إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ . \5\ص\641
900\قال تعالى: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ . \32\الروم\644
901\قال تعالى: حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي اَلْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَ فَرِحُوا بِها . \22\يونس\645
902\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ اَلْفَرِحِينَ . \76\القصص\645
903\قال تعالى: إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ . \10\هود\645
ص: 738
904\قال تعالى: كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ . \32\الروم\645
905\قال تعالى: فَأَذاقَهَا اَللّهُ لِباسَ اَلْجُوعِ وَ اَلْخَوْفِ . \112\النحل\645
906\قال تعالى: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي اَلْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ . \129\الأعراف\646
907\قال تعالى: إِنَّ اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اَللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اَللّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ . \77\آل عمران\646
908\قال تعالى: فَسَيَرَى اَللّهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ . \105\التوبة\649
909\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها . \26\البقرة\653
910\قال تعالى: قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ. اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ . \14،15\البقرة\655
911\قال تعالى: يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ . \142\النساء\655
912\قال تعالى: وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّهُ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ . \30\الأنفال\655
913\قال تعالى: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اَللّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ . \40\النور\656
914\قال تعالى: اُنْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ اِرْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً . \13\الحديد\656
915\قال تعالى: يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ . \142\النساء\656
916\قال تعالى: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ اَلرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ اَلْعَذابُ يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ . \13،14\الحديد\656
917\قال تعالى: قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ اِرْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ اَلْأَمانِيُّ حَتّى جاءَ أَمْرُ اَللّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللّهِ اَلْغَرُورُ . \14\الحديد\656
918\قال تعالى: فَالْيَوْمَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنَ اَلْكُفّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى اَلْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ . \34،35\المطففين\658
919\قال تعالى: هَلْ ثُوِّبَ اَلْكُفّارُ ما كانُوا يَفْعَلُونَ . \36\المطففين\658
ص: 739
920\قال تعالى: سَخِرَ اَللّهُ مِنْهُمْ . \79\التوبة\658
921\قال تعالى: وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللّهُ . \54\آل عمران\658
922\قال تعالى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ . \40\الشورى\658
923\قال تعالى: فَمَنِ اِعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اِعْتَدى عَلَيْكُمْ . \194\البقرة\658
924\قال تعالى: نَسُوا اَللّهَ فَنَسِيَهُمْ . \67\التوبة\658
925\قال تعالى: يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ . \142\النساء\659
926\قال تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ . \182\الأعراف\660
927\قال تعالى: فَلَمّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ. فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ . \44\الأنعام\660
928\قال تعالى: فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا . \51\الأعراف،661
929\قال تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ اَلثَّقَلانِ . \31\الرحمن\622
930\قال تعالى: فَلَمّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً . \70\هود\627
931\قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْبَصِيرُ . \11\الشورى\668
932\قال تعالى: وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ . \21\الحديد\669
933\قال تعالى: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللّهِ لا تُحْصُوها . \34\إبراهيم\669
934\قال تعالى: وَ رَبُّكَ اَلْغَفُورُ ذُو اَلرَّحْمَةِ . \58\الكهف\669
935\قال تعالى: وَ رَبُّكَ اَلْغَنِيُّ ذُو اَلرَّحْمَةِ . \133\الأنعام\669
936\قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ . \31\آل عمران\673
937\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ . \222\البقرة\673
938\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا . \4\الصف\673
939\قال تعالى: لا يُحِبُّ اَللّهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ . \148\النساء\673
940\قال تعالى: إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً . \36\النساء\673
941\قال تعالى: وَ لَوْ أَرادُوا اَلْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لكِنْ كَرِهَ اَللّهُ اِنْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ . \46\التوبة\673
ص: 740
942\قال تعالى: رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ . \8\البينة\679
943\قال تعالى: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي اَلْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ . \80\المائدة\679
944\قال تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ . \14\المجادلة\682
945\قال تعالى: اَللّهُ وَلِيُّ اَلَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ اَلظُّلُماتِ إِلَى اَلنُّورِ . \257\البقرة\683
946\قال تعالى: وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ . \68\آل عمران\683
947\قال تعالى: وَ اَللّهُ وَلِيُّ اَلْمُتَّقِينَ . \19\الجاثية\683
948\قال تعالى: فَإِنَّ اَللّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ . \98\البقرة\683
949\قال تعالى: وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ . \68\القصص\683
950\قال تعالى: وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ . \27\الروم\685
951\قال تعالى: وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ اَلْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ. قُلْ يُحْيِيهَا اَلَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ . \78،79\يس\685
952\قال تعالى: اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ اَلشَّجَرِ اَلْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ . \80\يس\685
953\قال تعالى: أَ وَ لَيْسَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَ هُوَ اَلْخَلاّقُ اَلْعَلِيمُ إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ . \81،82\يس\686
954\قال تعالى: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنّا كُنّا فاعِلِينَ . \104\الأنبياء\686
955\قال تعالى: وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ . \117\المائدة\686
956\قال تعالى: وَ تَرَى اَلْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا اَلْماءَ اِهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ.
ذلِكَ بِأَنَّ اَللّهَ هُوَ اَلْحَقُّ. . . . \625\الحج\687
ص: 741
957\قال تعالى: وَ اَللّهُ اَلَّذِي أَرْسَلَ اَلرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ اَلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ اَلنُّشُورُ . \9\فاطر\688
958\قال تعالى: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي . \260\البقرة\689
959\قال تعالى: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنا لَهُ . \87،88\الأنبياء\690
960\قال تعالى: قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَ لا يَنْسى . \52\طه\692
ص: 742
رقم مسلسل\الحديث\رقم الصفحة
1\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم باسمك أحيا و باسمك أموت. الحمد للّه الذي أحيانا بعد ما أماتنا و إليه النشور» . \19
2\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم و مساء كل ليلة: بسم اللّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم، ثلاث مرات، فيضره شيء» . \20
3\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إنه وتر يحب الوتر» . \21
4\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن للّه تسعة و تسعين اسما. مائة غير واحد من حفظها دخل الجنة و هو وتر يحب الوتر» . \21
5\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن للّه تسعة و تسعين اسما، مائة إلاّ واحدا من أحصاها دخل الجنة، إنه وتر يحب الوتر» . \22
6\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن للّه تسعة و تسعين اسما، مائة إلاّ واحدا من أحصاها، دخل الجنة.
و هو وتر يحب الوتر، هو اللّه الذي لا إله إلاّ هو الرحمن. الملك.
القدوس. . .» . \23
7\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما أصاب مسلما قط هم و لا حزن، فقال: اللهم إني عبدك، و ابن عبدك، و ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض فيّ حكمك، عدل فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، و جلاء حزني، و ذهاب همّي و غمّي، إلاّ أذهب اللّه عنه همه، و أبدله مكان همه فرحا» . قالوا: يا رسول اللّه: ألا نتعلّم هذه الكلمات؟ قال: «بلى، ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن» . \25
8\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من أصابه هم أو حزن، فليقل: اللهم إني عبدك، و ابن عبدك، و ابن أمتك، في قبضتك، ناصيتي بيدك، عدل فيّ قضاؤك، ماض فيّ
ص: 743
حكمك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، و نور صدري، و ذهاب همّي، و جلاء حزني. ما قالهن مهموم قط، إلاّ أذهب اللّه همه، و أبدله بهمه فرحا. قالوا: يا رسول اللّه: أ فلا نتعلمهن؟ قال: «بلى، فتعلموهن و علموهن» . \25
9\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أصبته أصبته» . و ذلك للسيدة عائشة عند ما طلبت الاسم الذي إذا دعي به أجاب و قالت: اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم، الكبير الأكبر، الذي من دعاك به أجبته و من سألك به أعطيته. \26
10\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن للّه تعالى تسعة و تسعين اسما من أحصاها، دخل الجنة. فذكرها، و عد منها: الإله، الرب، الحنان، المنان، الباري، الأحد، الكافي، الدائم، المولى، النصير، المبين، الجميل، الصادق، المحيط، القريب، القديم، الوتر، الفاطر، العلام، المليك، الأكرم، المدبر، القدير، الشاكر، ذو الطول، ذو المعارج، ذو الفضل، الكفيل» . \26
11\قال صلى اللّه عليه و سلم: «عند ما كان يأوي إلى فراشه «اللهم رب السموات و رب الأرض، رب كل شيء، فالق الحب و النوى، منزل التوراة و الإنجيل و القرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته. أنت الأول، فليس قبلك شيء. و أنت الآخر فليس بعدك شيء. و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء» . \30
12\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يسألكم الناس عن كل شيء، حتى يسألوكم: هذا اللّه خلق كل شيء، فمن خلق اللّه؟ فإن سألتم، فقولوا: اللّه قبل كل شيء، و خالق كل شيء، و هو كائن بعد كل شيء» . \31
13\قال صلى اللّه عليه و سلم: «عند تهجده: «اللهم لك الحمد أنت رب السموات و الأرض و ما فيهن، و لك الحمد، أنت نور السموات و الأرض و من فيهن، أنت الحق، و قولك حق، و وعدك حق، و لقاؤك حق، و الجنة حق، و النار حق، و الساعة حق، اللهم لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكلت، و إليك أنبت، و بك خاصمت و إليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت، و ما أخرت، و ما أسررت و ما أعلنت، أنت إلهي لا إله إلاّ أنت» . \34
14\قال صلى اللّه عليه و سلم: «في إجابته لسيدنا عثمان رضي اللّه عنه عند ما سأله عن تفسير: «له مقاليد السموات و الأرض» ، قال: «ما سألني عنها أحد قبلك. تفسيرها: لا
ص: 744
إله إلاّ اللّه، و اللّه أكبر، و سبحان اللّه و بحمده، أستغفر اللّه، لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، الأول و الآخر، و الظاهر و الباطن، بيده الخير، يحيي و يميت و هو على كل شيء قدير» . \34
15\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا إله إلاّ اللّه الواحد القهار، رب السموات و الأرض و ما بينهما العزيز الغفار» . \36
16\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الحمد للّه الذي أطعمنا و سقانا، و كفانا و آوانا، فكم ممن لا كافي له و لا مؤوي» . \38
17\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قل إذا أصبحت و إذا أمسيت و إذا أخذت مضجعك: اللهم عالم الغيب و الشهادة، فاطر السموات و الأرض، رب كل شيء و مليكه، أشهد أن لا إله إلاّ أنت، أعوذ بك من شر نفسي، و شر الشيطان و شركه» . \45
18\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قل: لا إله إلاّ اللّه، وحده لا شريك له، اللّه أكبر كبيرا، و الحمد للّه كثيرا، و سبحان اللّه رب العالمين، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العزيز الحكيم. اللهم اغفر لي، و ارحمني، و اهدني، و عافني و ارزقني» . \47
19\قال صلى اللّه عليه و سلم: «السيد اللّه. قولوا بقولكم أو ببعض قولكم و لا يستجدينكم الشيطان» . \48
20\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أعوذ بكلمات اللّه التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق و برأ و ذرأ، و من شر ما ينزل من السماء، و من شر ما يعرج فيها، و من شر ما ذرأ في الأرض و ما يخرج منها، و من شر فتن الليل و النهار. و من شر كل طارق إلاّ طارقا يطرق بخير، يا رحمن» . \51
21\قال صلى اللّه عليه و سلم: «خلق اللّه التربة يوم السبت، و خلق الجبال يوم الأحد، و خلق الشجر يوم الاثنين، و خلق المكروه يوم الثلاثاء. و خلق النور يوم الأربعاء، و بث فيها الدواب يوم الخميس، و خلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة، آخر الخلق، في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل» . \52
22\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) صنع كل صانع و صنعته» . \53
23\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق اللّه» . \55
24\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه تعالى: «و من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبّة و ليخلقوا ذرة» . \55
25\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقبض اللّه تعالى الأرض يوم القيامة، و يطوي السماء بيمينه، ثم يقول:
أنا الملك، أين ملوك الأرض» . \57
26\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (تبارك و تعالى) إذا كان يوم القيامة، جمع السموات السبع و الأرضين السبع في قبضته، ثم يقول (عز و جل) : «أنا اللّه، أنا
ص: 745
الرحمن، أنا الملك، أنا القدوس، أنا السلام، أنا المؤمن، أنا المهيمن، أنا العزيز، أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الذي بدأت الدنيا و لم تك شيئا، أنا الذي أعدتها، أين الملوك، أين الجبابرة» . \57
27\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أخنع اسم عند اللّه تعالى عبد تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلاّ اللّه» . \58
28\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قل: اللهم فاطر السموات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، لا إله إلاّ أنت، رب كل شيء و مليكه، أعوذ بك من شر نفسي و من شر الشيطان و شركه، و أن أقترف على نفسي سوء، أو أجره إلى مسلم» . \58
29\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : «كذبني ابن آدم، و لم ينبغ له أن يكذبني، و شتمني ابن آدم و لم ينبغ له أن يشتمني. فأما تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني. و ليس أول خلقه بأهون عليّ من إعادته. و أما شتمه إياي فقوله: اتخذ اللّه ولدا، و أنا اللّه الأحد الصمد، لم ألد و لم أولد، و لم يكن لي كفوا أحد» . \62
30\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا إله إلاّ اللّه العظيم الحليم، لا إله إلاّ اللّه رب العرش العظيم، لا إله إلاّ اللّه رب السموات و رب الأرضين و رب العرش الكريم» . \63
31\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قولي: اللهم رب السموات السبع و رب العرش العظيم، ربنا و رب كل شيء، منزل التوراة و الإنجيل و الفرقان، فالق الحب و النوى، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، و أنت الآخر فليس بعدك شيء، و أنت الظاهر فليس فوقك شيء، و أنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين و أغننا من الفقر» . \65
32\قال صلى اللّه عليه و سلم: «بسم اللّه الكبير، نعوذ باللّه العظيم من شر كل عرق نعار، و شر حر النار» . \66
33\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم أنت السلام و منك السلام، تباركت يا ذا الجلال و الإكرام» . \67
34\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الحمد للّه رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إله إلاّ اللّه يفعل ما يريد، اللهم أنت اللّه، لا إله إلاّ أنت الغني، و نحن الفقراء أنزل علينا الغيث، و اجعل ما أنزلت لنا قوة و بلاغا إلى حين» . \68
35\قال صلى اللّه عليه و سلم: «سبوح قدوس رب الملائكة و الروح» . \68
36\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم إنكم لا تدعون أصم و لا غائبا، إنه معكم سميع قريب» . \73
37\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» . \75
38\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. و لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان» . فقال رجل: يا رسول اللّه، الرجل
ص: 746
يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا. فقال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه جميل يحب الجمال، الكبر من بطر الحق و غمط الناس» . \76
39\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع» . \79
40\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم إني أعوذ بك من الأربع: من علم لا ينفع، و من قلب لا يخشع، و من نفس لا تشبع، و من دعاء لا يسمع» . \80
41\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من قال حين يصبح: «بسم اللّه الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم. ثلاث مرات، لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يمسي. و من قالها حين يمسي ثلاث مرات، لم تفاجئه فاجئة بلاء حتى يصبح» . \81
42\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن رجلا من بني إسرائيل سأل رجلا من بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار. قل: ائتني بالشهود أشهدهم عليك. قال: كفى باللّه شهيدا.
قال: فائتني بكفيل. قال: كفى باللّه كفيلا. قال: صدقت. فدفعها إليه إلى أجل مسمّى. . .» . \83
43\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من قال: أستغفر اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم و أتوب إليه، غفر له، و إن كان فر من الزحف» . \84
44\قال صلى اللّه عليه و سلم: «وقع في نفس موسى عليه السلام: هل ينام اللّه تعالى؟ فبعث اللّه (عز و جل) إليه ملكا فأرقه ثلاثا، ثم أعطاه قارورتين، في كل يد قارورة، و أمره أن يحتفظ بهما، فجعل ينام، و تكاد يداه أن تلتقيا، ثم يستيقظ، فينحّي إحداهما عن الأخرى، حتى نام نومة، فاصطكت يداه، فانكسرتا» . \86
45\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه عز و جل: «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي. فإذا قال: الحمد للّه رب العالمين، قال: حمدني عبدي. و إذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليّ عبدي. و إذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجّدني عبدي. أو قال: فوض إليّ عبدي. و إذا قال: إياك نعبد و إياك نستعين، قال: هذا بيني و بين عبدي، و لعبدي ما سأل. و إذا قال:
اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم و لا الضالين، قال: هذا لك» . \87
46\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه (عز و جل) : «أنا الرحمن، خلقت الرحم و شققت لها اسما من اسمي. فمن وصلها وصلته و من قطعها قطعته» . \89
47\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه رفيق يحب الرفق، و يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» . \90
48\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز اسمه) كريم يحب مكارم الأخلاق و يبغض سفسافها» . \92
ص: 747
49\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى كريم يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها» . \93
50\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، و آخر أهل النار خروجا منها، رجل يؤتى به فيقال: أعرضوا عليه صغار ذنوبه، يعني: و ارفعوا عنه كبارها. فيعرض عليه صغار ذنوبه. فيقال: عملت يوم كذا كذا و كذا. و عملت يوم كذا كذا و كذا. فيقول: نعم. لا يستطيع أن ينكر، و هو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه. قال: فيقال: فإن لك مكان كل سيئة حسنة. قال: فيقول: رب، قد عملت أشياء ما أراها هاهنا.
قال: فلقد رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم ضحك حتى بدت نواجذه» . \94
51\قال صلى اللّه عليه و سلم: «و الذي نفسي بيده لو لم تذنبوا، لذهب اللّه بكم و لجاء اللّه بقوم يذنبون فيستغفرون اللّه تعالى، فيغفر لهم» . \96
52\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) يدني منه المؤمن فيضع عليه كنفه و يستره من الناس، فيقول: أ تعرف ذنب كذا، أ تعرف ذنب كذا، أ تعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب. فيقول: أ تعرف ذنب كذا، أ تعرف ذنب كذا؟ فيقول: نعم، أي رب. حتى إذا قرره بذنوبه، و رأى في نفسه أنه قد هلك، قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، و أنا أغفرها لك اليوم.
قال: فيعطي كتاب حسناته. قال: و أما الكفار و المنافقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة اللّه على الظالمين» . \97
53\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن عبدا أصاب ذنبا، فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبا فاغفر لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربّا يغفر الذنب، و يأخذ به، فغفر له. ثم مكث ما شاء اللّه، ثم أصاب ذنبا آخر، فقال: يا رب إني أذنبت ذنبا آخر، فاغفر لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربّا يغفر الذنب، و يأخذ به، فغفر له. ثم مكث ما شاء اللّه، ثم أصاب ذنبا آخر، فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبا آخر، فاغفر لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربّا يغفر الذنب و يأخذ به. فقال ربه: غفرت لعبدي، فليعمل ما شاء» . \98
54\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي. . . إلى قوله صلى اللّه عليه و سلم:
و اعطني نورا و اجعل لي نورا» . \103
55\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه (عز و جل) : «أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء» . \106
56\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر، إني لأرجو أن ألقى ربي و ليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم و لا مال» . \109
57\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : «. . . و لو أن أولكم و آخركم، و حيّكم و ميتكم، و رطبكم و يابسكم سألوني حتى تنتهي مسألة كل واحد منهم،
ص: 748
فأعطيتهم ما سألوني ما نقص ذلك مما عندي كمغرز إبرة لو غمسها أحدكم في البحر، و ذلك أني جواد، ماجد، واجد، عطائي كلام، و عذابي كلام. إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون» . \110
58\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذ آوى أحدكم إلى فراشه، فلينزع داخلة إزاره، فلينفض بها فراشه، ثم ليتوسد يمينه و يقول: باسمك ربي وضعت جنبي، و بك أرفعه. اللهم إن أمسكتها فارحمها، و إن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» . \116
59\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها. فإن اللّه تعالى يقول: و أقم الصلاة لذكري» . \117
60\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم أنت عضدي، و أنت نصيري و بك أقاتل» . \118
61\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه (عز و جل) : «إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة، فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعملها. فإذا عملها، فأنا أكتبها له بعشر أمثالها، و إذا تحدث بأن يعمل سيئة، فأنا أغفرها ما لم يعملها. فإذا عملها، فأنا أكتبها له بمثلها» . \120
62\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا أحسن أحدكم إسلامه، فكل حسنة يعملها تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. و كل سيئة يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى اللّه (عز و جل) . \120
63\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قالت الملائكة: يا رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة-و هو أبصر به -فقال: ارقبوه. فإن عملها، فاكتبوها له بمثلها، و إن تركها فاكتبوها له حسنة، إنه تركها من جرائي» . \120
64\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن ربكم رحيم. من هم بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، و إن عملها، كتبت عشر أمثالها إلى سبعمائة، إلى أضعاف كثيرة، و من هم بسيئة فلم يعملها، كتبت له حسنة. فإن عملها، كتبت له واحدة أو محاها اللّه (عز و جل) . و لا يهلك على اللّه إلاّ هالك» . \121
65\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الكبرياء رداء اللّه تعالى. فمن نازعه رداءه، قصمه» . \122
66\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي باللّه ربّا و بالإسلام دينا، و بمحمد صلى اللّه عليه و سلم نبيا» . \122
67\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يا غلام، احفظ اللّه يحفظك، احفظ اللّه تجده أمامك، تعرف إلى اللّه في الرخاء يعرفك في الشدة. إذا سألت فاسأل اللّه (تعالى) ، و إذا استعنت فاستعن باللّه (عز و جل) . قد جف القلم بما هو كائن. فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه اللّه لك، لم
ص: 749
يقدروا عليه. و إن أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه اللّه عليك، لم يقدروا عليه. و اعمل للّه بالشكر في اليقين، و اعلم أن الصبر على ما تكرهه خير كثير، و ان النصر مع الصبر، و إن الفرج مع الكرب، و إن مع العسر يسرا» . \126
68\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا إله إلاّ أنت سبحانك. اللهم إني أستغفرك لذنبي و أسألك برحمتك. اللهم زدني علما و لا تزغ قلبي بعد إذ هديتني و هب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب» . \127
69\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا إله إلاّ اللّه، وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كل شيء قدير. اللهم لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد» . \127
70\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من شأنه أن يغفر ذنبا، و يفرج كربا، و يرفع قوما، و يضع آخرين» . \128
71\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يحشر اللّه تعالى العباد عراة بهما. . .» . \130
72\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من يهده اللّه فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له. أصدق الحديث كتاب اللّه تعالى. و أحسن الهدى هدي محمد، و شر الأمور محدثاتها، و كل محدثة بدعة، و كل بدعة ضلالة، و كل ضلالة في النار» . \135
73\قال صلى اللّه عليه و سلم: «بعثت أنا و الساعة كهاتين» . \135
74\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من ترك مالا فلأهله، و من ترك دينا أو ضياعا فإليّ و عليّ، و أنا ولي المؤمنين» . \135
75\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم رب جبريل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السموات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفوا فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» . \136
76\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن رجلا في النار ينادي ألف سنة: يا حنان يا منان. فيقول اللّه (عز و جل) لجبريل عليه السلام: اذهب فاتني بعبدي هذا. فذهب جبريل (عليه السلام) فوجد أهل النار منكبين يبكون. قال: فرجع فأخبر ربه.
قال: اذهب إليه فائتني به، فإنه في مكان كذا و كذا. قال: فذهب فجاء به. قال: يا عبدي، كيف وجدت مكانك و مقيلك؟ قال: يا رب شر مكان و شر مقيل. قال: ردوا عبدي. قال: ما كنت أرجو أن تعيدني إليها بعد إذ أخرجتني منها. قال اللّه تعالى لملائكته: دعوا عبدي» . \139
77\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم اغفر لي خطيئتي و جهلي، و إسرافي في أمري، و ما أنت أعلم به
ص: 750
مني. اللهم اغفر لي خطاياي و عمري و جهلي و جدي و هزلي، و كل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت، و ما أسررت و ما أعلنت، أنت المقدم و أنت المؤخر، و أنت على كل شيء قدير» . \140
78\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له» . \141
79\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم و زلزلهم» . \144
80\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا تقولوا: «الطبيب» ، و لكن قولوا: «الرفيق» ، فإن الطيب هو اللّه» . \145
81\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن ربكم (عز و جل) حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا» . \147
82\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم إنك أمرت بالدعاء و تكفلت بالإجابة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد و النعمة لك و الملك، لا شريك لك.
أشهد أنك فرد أحد صمد لم تلد و لم تولد، و لم يكن لك كفوا أحد.
و أشهد أن وعدك حق، و لقاؤك حق، و الجنة حق، و النار حق، و أن الساعة آتية لا ريب فيها، و أنك تبعث من في القبور» . \151
83\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: «لا إله إلاّ اللّه» . فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم و أموالهم إلاّ بحقها و حسابهم على اللّه (عز و جل) . «إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر إلاّ من تولى و كفر» . \156
84\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من مات و هو يعلم أن لا إله إلاّ اللّه، دخل الجنة» . \159
85\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يا أبا ذر بشّر الناس أنه من قال: لا إله إلاّ اللّه، دخل الجنة» . \160
86\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من شهد أن لا إله إلاّ اللّه و أن محمدا رسول اللّه، حرم اللّه عليه النار» . \161
87\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الإيمان بضع و ستون، أو بضع و سبعون، أعلاها شهادة أن لا إله إلاّ اللّه و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من شعب الإيمان» . \164
88\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اسم اللّه الأعظم من هاتين الآتيين: الم. اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْحَيُّ اَلْقَيُّومُ . و إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ . \164
89\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال موسى عليه السلام: يا رب علمني شيئا أذكرك به و أدعوك به.
قال: يا موسى قل: لا إله إلاّ اللّه. قال: يا رب كل عبادك يقول هذا.
قال: قل: لا إله إلاّ اللّه. قال: لا إله إلاّ أنت يا رب، إنما أريد شيئا تخصني به. قال: يا موسى، لو أن السموات السبع و عامرهن غيري و الأرضين السبع في كفة، و لا إله إلاّ اللّه في كفة، مالت بهم لا إله إلاّ اللّه» . \164
ص: 751
90\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من قال: لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير. عشر مرات، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل» . \166
91\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من قال: لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد، و هو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، و كتبت له مائة حسنة، و محيت عنه مائة سيئة، و كانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، و لم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلاّ أحد عمل أكثر من ذلك. و من قال: سبحان اللّه و بحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه، و إن كانت مثل زبد البحر» . \167
92\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إنك ستأتي أهل الكتاب فيسألونك عن مفاتيح الجنة، فقل: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه» . \167
93\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أفضل الدعاء لا إله إلاّ اللّه و أفضل الذكر الحمد لله» . \168
94\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا أله إلاّ اللّه. فمن قال: لا أله إلاّ اللّه، فقد عصم مني نفسه و ماله حتى يلقى اللّه تعالى» . \169
95\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت، و إليك أنبت، و بك خاصمت. أعوذ بعزتك لا أله إلاّ أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، و الجن و الإنس يموتون» . \178
96\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به، أن تقولي إذا أصبحت و إذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» . \179
97\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا هم أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل:
اللهم إني أستخيرك بعلمك، و أستقدرك بقدرتك، و أسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر و لا أقدر، و تعلم و لا أعلم، و أنت علام الغيوب. . .» . \188
98\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم بعلمك الغيب، و قدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. . .» . \190
99\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره. فمن أصابه من ذلك النور يومئذ شيء اهتدى. و من أخطأه ضل» . \190
100\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) قال: «يا عيسى ابن مريم إني باعث بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا و شكروا. و إن أصابهم ما يكرهون احتسبوا و صبروا. و لا حلم و لا علم. قال: يا رب، و كيف يكون هذا لهم و لا
ص: 752
حلم و لا علم؟ قال: أعطيهم من حلمي و علمي. و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح له إلاّ الغنى، و لو أفقرته أفسده ذلك. و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلاّ الفقر، و لو بسطت له، أفسده ذلك. و إن من عبادي من يريد الباب من العبادة، فأكفه عنه لئلا يدخله العجب فيفسده ذلك. و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلاّ الصحة و لو أسقمته لأفسده ذلك. أظنه قال: و إن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلاّ السقم، و لو صححته لأفسده ذلك. إني أدبر عبادي بعلمي بقلوبهم، إني بهم عليم خبير» . \191
101\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ضع يدك على الذي يألم من جسدك و قل: بسم اللّه (ثلاثا) ، و قل سبع مرات: أعوذ باللّه و قدرته من شر ما أجد و أحاذر» . \197
102\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم إني أسألك بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق، أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، و توفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. و أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة، و أسألك كلمة الحق في الرضا و الغضب و أسألك القصد في الفقر و الغنى، و أسألك برد العيش بعد الموت، و أسألك لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة. اللهم زينا بزينة الإيمان، و اجعلنا هداة مهتدين» . \198
103\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) يقول: «يا ابن آدم كلكم مذنب إلاّ من عافيته، فاستغفروني أغفر لكم. و من علم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني غفرت له بقدرتي و لا أبالي. و كلكم ضال إلاّ من هديته فاسألوني الهدى أهدكم. و كلكم فقير إلاّ من أغنيته، فاسألوني أغنكم. فلو أن أولكم و آخركم و رطبكم و يابسكم و حيكم و ميتكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألني كل سائل ما بلغت أمنيته فأعطيته، لم ينقص ملكي إلاّ كما لو أن أحدكم مرّ على شفة البحر فغرز فيه إبرة ثم نزعها. ذلك بأني جواد ماجد أفعل ما أشاء، عطائي كلام، و عذابي كلام. و إنما قولي لشيء إذا أردت أن أقول له كن فيكون» . \199
104\قال صلى اللّه عليه و سلم: «سجد وجهي للذي خلقه، و شق سمعه و بصره بحوله و قوته» . \202
105\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ثم أقوم في الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي ارفع رأسك، و قل، يسمع لك، و سل، تعط، و اشفع، تشفع.
فأقول: ائذن لي فيمن قال: لا أله إلاّ اللّه. فيقال: ليس ذلك. أو ليس ذلك إليك. و عزتي و كبريائي و عظمتي لأخرجن منها من قال: لا أله إلاّ اللّه» . \204
ص: 753
106\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت، و إليك أنبت، و بك خاصمت، أعوذ بعزتك لا إله إلاّ أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت، و الجن و الإنس يموتون» . \204
107\قال صلى اللّه عليه و سلم: «بينا أيوب (عليه السلام) يغتسل عريانا، خر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربه: يا أيوب، أ لم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى، و عزتك. و لكن لا غنى لي عن بركتك» . \205
108\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل يخالف اللّه تعالى وجهه عن النار قبل الجنة و مثل له شجرة ذات ظل، فقال: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها. قال اللّه (عز و جل) له: هل عسيت إن فعلت أن تسأل غيره؟ قال: لا و عزتك. فيقدمه اللّه تعالى إليها. و مثل له شجرة ذات ظل و ثمر. فقال: أي رب، قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها و آكل من ثمرها. قال اللّه: هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره؟ قال: لا و عزتك. فيقدمه اللّه إليها. فيمثل له شجرة أخرى ذات ظل و ثمر و ماء. فيقول: أي رب، قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها، و آكل من ثمرها، و أشرب من مائها. فيقول اللّه (عز و جل) :
هل عسيت إن فعلت أن تسألني غيره؟ فيقول: لا و عزتك لا أسألنك غيره. فيقدمه اللّه تعالى إليها. فيبرز له باب الجنة. فيقول: أي رب، قدمني إلى الجنة، فأكون بحافتي الجنة فأنظر إليها. فيقدمه اللّه (عز و جل) إليها فيرى أهل الجنة و ما فيها. فيقول: أي رب، أدخلني الجنة، فيدخله اللّه (عز و جل) : الجنة. فإذا دخل الجنة، قال: هذا لي.
فيقول اللّه (عز و جل) : تمن. فيذكره اللّه (عز و جل) سل من كذا و كذا، حتى إذا انقطعت به الأماني، قال اللّه (عز و جل) : هو لك و عشرة أمثاله. قال: ثم يدخل الجنة، فيدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان له: الحمد للّه الذي أحياك لنا، و أحيانا لك. قال:
فيقول: ما أعطى أحد مثل ما أعطيت. قال: و أدنى أهل النار عذابا من ينعل نعلين-يعني من نار-يغلي دماغه من حرارة نعليه» . \206
109\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، و الصائم حين يفطر، و دعوة المظلوم تحمل على الغمام، و يفتح لها أبواب السماء. و يقول الرب (عز و جل) : و عزتي لأنصرنك و لو بعد حين» . \208
110\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن الشيطان قال: و عزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم.
يعني في أجسادهم. قال الرب (عز و جل) : و عزتي و جلالي، و ارتفاع
ص: 754
مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروني» . \208
111\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم ربنا و رب كل شيء، أنا شهيد أنك أنت الرب، وحدك لا شريك لك. اللهم ربنا و رب كل شيء أنا شهيد أن محمد عبدك و رسولك.
اللهم ربنا و رب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة. اللهم ربنا و رب كل شيء اجعلني مخلصا لك و أهلي في كل ساعة في الدنيا و الآخرة، ذا الجلال و الإكرام اسمع و استجب. اللّه أكبر الأكبر، اللّه نور السموات و الأرض، اللّه أكبر الأكبر. حسبي اللّه و نعم الوكيل.
اللّه أكبر الأكبر» . \211
112\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) يقول يوم القيامة: «أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلاّ ظلي» . \212
113\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم إني أسألك العفو و العافية في ديني و أهلي و مالي. اللهم استر عوراتي، و آمن روعاتي. اللهم احفظني من بين يدي و من خلفي، و عن يميني و عن شمالي، و من فوقي. أعوذ بعزتك أن أغتال من تحتي» . \213
114\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات و ملء الأرض و ملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء و المجد. اللهم لا مانع لما أعطيت. و لا معطي لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد» . \215
115\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا مر بالنطفة ثنتان و أربعون ليلة، بعث اللّه تعالى إليها ملكا، فصورها، و خلق سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها. ثم قال:
يا رب، أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، و يكتب الملك. ثم يقول: يا رب أجله، فيقول ربك ما شاء و يكتب الملك. فيقول: يا رب رزقه، فيقضي ربك ما شاء و يكتب الملك. ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على أمر و لا ينقص» . \218
116\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى و كل بالرحم ملكا يقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة. فإذا أراد اللّه (عز و جل) أن يقضي خلقها، قال: أي رب، أذكر أم أنثى؟ أ شقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه» . \218
117\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اشفعوا إلي فلتؤجروا، و ليقض اللّه على لسان بنيه ما شاء» . \221
118\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (تعالى) قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء» . \221
119\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم يا مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك» . \235
120\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ألا إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم قبلكم كما بين صلاة العصر إلى
ص: 755
غروب الشمس. أعطي أهل التوراة التوراة، فعملوا بها حتى انتصف النهار، ثم عجزوا، فاعطوا قيراطا قيراطا. و أعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر، ثم عجزوا، فاعطوا قيراطا قيراطا. ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غروب الشمس، فأعطيتم قيراطين قيراطين. فقال أهل التوراة و الإنجيل: ربنا هؤلاء أقل عملا و أكثر أجرا. فقال: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ فقالوا: لا.
فقال: فضلي أوتيه من أشاء» . \236
121\قال صلى اللّه عليه و سلم: «مثل المؤمن مثل خامة الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها. فإذا سكنت اعتدلت. قال: و كذلك المؤمن يكفأ بالبلاء. و مثل الكافر كمثل الأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها اللّه إذا شاء» . \236
122\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا تخيروني على موسى. فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق، فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أ كان فيمن صعق فأفاق قبلي، أم كان ممن استثنى اللّه (عز و جل)» . \238
123\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه تعالى: «لا يقل ابن آدم: يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهر أرسل الليل و النهار، فإذا شئت قبضتهما» . \238
124\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا تسبوا الدهر على أنه يغنيكم، و الذي يفعل بكم هذه الأشياء، فإنكم إذا سببتم فاعل هذه الأشياء فإنما تسبون اللّه (تبارك و تعالى) ، فإن اللّه (عز و جل) فاعل هذه الأشياء» . \239
125\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من يرد اللّه به خيرا يفقهه في الدين. و إنما أنا قاسم، و يعطي اللّه» . \242
126\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا أراد اللّه بالأمير خيرا، جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، و إن ذكر أعانه. و إذا أراد به غير ذلك، جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، و إن ذكر لم يعنه» . \244
127\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا أراد اللّه بعبده الخير، عجل له العقوبة في الدنيا، و إذا أراد بعبده الشر، أمسك عنه بذنبه حتى يوافيه به يوم القيامة» . \245
128\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى إذا أراد رحمة أمة من عباده، قبض نبيها قبلها فجعله لها سلفا و فرطا. و إذا أراد هلاك أمة، عذبها و نبيها حي، فأقر عينه بهلكتها حين كذبوه و عصوا أمره» . \245
129\قال صلى اللّه عليه و سلم: «احتجت الجنة و النار، فقالت النار: يدخلني المتكبرون، و يدخلني الجبارون. و قالت الجنة: يدخلني الضعفاء، و يدخلني المساكين.
فقال اللّه (عز و جل) للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء. و قال للنار: أنت عذابي أعذب بك من أشاء. و لكل واحدة منكما ملؤها» . \251
ص: 756
130\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، و ارحمني إن شئت، أو ارزقني إن شئت. ليعزم مسألته، إنه يفعل ما يشاء. لا مكره له» . \252
131\قال صلى اللّه عليه و سلم: «المؤمن القوي خير و أحب إلى اللّه (تعالى) من المؤمن الضعيف و في كل خير. احرص على ما ينفعك، و استعن باللّه، و لا تعجز، و إن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا و كذا. قل: قدر اللّه و ما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان» . \253
132\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : «يا عبادي، كلكم مذنب إلاّ من عافيت، فاستغفروني أغفر لكم بقدرتي. من علم منكم أني ذو مقدرة على المغفرة فاستغفرني، غفرت له و لا أبالي. و كلكم ضال إلاّ من هديت، فسلوني الهدى أهدكم. و كلكم فقير إلاّ من أغنيت فسلوني أرزقكم. يا عبادي لو أن أولكم و آخركم، و رطبكم و يابسكم و حيكم و ميتكم اجتمعوا على أتقى قلب عبد من عبادي لم يزد ذلك في ملكي جناح بعوضة. و لو اجتمعوا على أشقى قلب عبد من عبادي، لم ينقص ذلك من ملكي جناح بعوضة. و لو أن أولكم و آخركم، و رطبكم و يابسكم و حيكم و ميتكم اجتمعوا فسأل كل سائل منهم ما سأل لم ينقص ذلك مما عندي شيئا، كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر فغمس فيه إبرة، ثم انتزعها، ذلك بأني جواد ماجد أفعل ما أشاء، عطائي كلام، و عذابي كلام. و إذا أردت شيئا، فإنما أقول له: كن فيكون» . \254
133\قال صلى اللّه عليه و سلم: «سبحان اللّه و بحمده، لا قوة إلاّ باللّه، ما شاء اللّه كان، و ما لم يشأ لم يكن، أعلم أن اللّه على كل شيء قدير و أن اللّه قد أحاط بكل شيء علما» . \258
134\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم أنت ربي، لا إله إلاّ أنت، عليك توكلت، و أنت رب العرش الكريم، ما شاء اللّه كان، و ما لم يشأ لم يكن، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم. أعلم أن اللّه على كل شيء قدير، و أن اللّه قد أحاط بكل شيء علما. اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، و من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم» . \260
135\قال صلى اللّه عليه و سلم: «كل ما هو آت قريب، لا بعد لما هو آت، لا يعجل اللّه لعجلة أحد، و لا يخفف لأمر الناس. ما شاء اللّه، لا ما شاء الناس. يريد الناس أمرا، و يريد اللّه أمرا. و ما شاء اللّه كان، و لو كره الناس. لا مبعد لما قرب اللّه، و لا مقرب لما أبعد اللّه. و لا يكون شيء إلاّ بإذن اللّه» . \260
ص: 757
136\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لكل نبي دعوة. و أريد إن شاء اللّه أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة» . \261
137\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إني لأطمع أن يكون حوضي إن شاء اللّه (تعالى) أوسع ما بين أيلة إلى دمشق، و أن فيه من الأباريق لأكثر من عدد الكواكب» . \263
138\قال صلى اللّه عليه و سلم: «المدينة يأتيها الدجال، فيجد الملائكة يحرسونها، فلا يدخلها الدجال و لا الطاعون إن شاء اللّه تعالى» . \264
139\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال سليمان بن داود (عليهما الصلاة و السلام) : لأطوفن الليلة على سبعين امرأة، كل واحدة تأتي بفارس يقاتل في سبيل اللّه. فقال صاحبه: قل: إن شاء اللّه. فلم يفعل-لم يقل: إن شاء اللّه-فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهم إلاّ امرأة واحدة جاءت بشق رجل.
و أيم الذي نفس محمد بيده لو قال: إن شاء اللّه، لجاهدوا في سبيل اللّه أجمعون» . \267
140\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من حلف فقال: إن شاء اللّه. فإن شاء مضى. و إن شاء رجع غير حانث» . \268
141\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أما أنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق، لم يضرك إن شاء اللّه» . \269
142\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) لا ينام، و لا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط و يرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، و عمل النهار قبل الليل، و حجابه النار، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره» . \285
143\قال صلى اللّه عليه و سلم: «تكفل اللّه (عز و جل) لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلاّ الجهاد في سبيله و تصديق كلماته أن يدخله الجنة، أو يرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة» . \289
144\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من قاتل لتكون كلمة اللّه هي العليا فهو في سبيل اللّه» . \289
145\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت، لوزنتهن: سبحان اللّه و بحمده عدد خلقه، و رضاء نفسه، وزنة عرشه، و مداد كلماته» . \290
146\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من نزل منزلا ثم قال: «أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق» ، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك» . \292
147\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم و كلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته. اللهم أنت تكشف المعزم و المأثم. اللهم لا ينهزم جندك
ص: 758
و لا يخلف وعدك، و لا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك و بحمدك» . \294
148\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي (عز و جل)» . \295
149\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم لك الحمد، أنت نور السموات و الأرض، و لك الحمد، أنت قيم السموات و الأرض و من فيهن، أنت الحق، و وعدك الحق. . .» . \297
150\قال صلى اللّه عليه و سلم: «بعثت أنا و الساعة كهاتين» . و يفرق بين إصبعيه السبابة و الوسطى» . \297
151\قال صلى اللّه عليه و سلم: «احتج آدم و موسى (عليهما السلام) . فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا و أخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: يا موسى اصطفاك اللّه (تعالى) بكلامه، و خط لك التوراة، أ تلومني على أمر قدره عليّ قبل أن يخلقني؟ ! قال: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى» . \300
152\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يجمع المؤمنون يومئذ فيهتمون لذلك اليوم و يقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم و يقولون له: يا آدم أنت أبو الناس، خلقك اللّه بيده، و أسجد لك ملائكته. . .» . \301
153\قال صلى اللّه عليه و سلم: «كل ذلك يأتي الملك أحيانا في مثل صلصلة الجرس، فيفصم عني و قد وعيت عنه. قال: و هو أشده عليّ. و يتمثل لي الملك أحيانا رجلا فيكلمني و أعي ما يقول» . \309
154\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا قضى اللّه الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم، قالوا: ما ذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق و هو العلي الكبير» . \313
155\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أخذ الميثاق من ظهر آدم عليه السلام، فأخرج من صلبه ذرية ذراها، فنثرهم نثرا بين يديه كالذر، ثم كلمهم، فقال: أ لست بربكم؟ قالوا:
بلى. شهدنا. أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا:
إنما أشرك آباؤنا من قبل و كنا ذرية من بعدهم، أ فتهلكنا بما فعل المبطلون» . \320
156\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الملائكة يتعاقبون فيكم، ملائكة بالليل، و ملائكة بالنهار، و يجتمعون في صلاة الفجر و صلاة العصر، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم-و هو أعلم بهم-كيف تركتم عبادي؟ قالوا: تركناهم و هم يصلون، و أتيناهم و هم يصلون» . \320
157\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن للّه ملائكة فضلا عن كتاب الناس، سياحين في الأرض، فإذا وجدوا قوما يذكرون اللّه تعالى، تنادوا: هلموا إلى بغيتكم. . .» . \321
ص: 759
158\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه (عز و جل) : «إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها-يعني حسنة- فإن عملها، فاكتبوها بعشر أمثالها. فإن هم بسيئة فلا تكتبوها. فإن عملها، فاكتبوها بمثلها، فإن تركها فاكتبوها حسنة» . \321
159\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا أحب اللّه عبدا، نادى جبريل (عليه الصلاة و السلام) : قد أحببت فلانا فأحبه. قال: فينادي في السماء. ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض. فذلك قوله (عز و جل) : إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا اَلصّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ اَلرَّحْمنُ وُدًّا . \322
160\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (تعالى) قال: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر. و أنا عند ظن عبدي بي» . \323
161\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه (عز و جل) : «كذبني عبدي و لم يكن له ذلك، و شتمني عبدي و لم يكن له ذلك. أما تكذيبه إياي أن يقول: لن يعيدنا كما بدأنا. و أما شتمه إياي، يقول: اتخذ اللّه ولدا. و أنا الصمد، لم ألد و لم أولد و لم يكن لي كفوا أحد» . \324
162\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : «أنا عند ظن عبدي بي، و أنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، و إن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم. و إن اقترب إليّ شبرا، اقتربت إليه ذراعا. و إن اقترب إليّ ذراعا، اقتربت إليه باعا. و إن أتاني يمشي، أتيته أهرول» . \324
163\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما جلس قوم يذكرون اللّه (تعالى) إلاّ حفت بهم الملائكة و غشيتهم الرحمة و ذكرهم اللّه فيمن عنده» . \326
164\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) يباهي بأهل عرفات أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي. جاءوني شعثا غبرا» . \326
165\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : «لكل عمل كفارة، و الصوم لي و أنا أجزي به.
و لخلوف فم الصائم أطيب عند اللّه من ريح المسك» . \328
166\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (سبحانه و تعالى) يقول: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك. فمن عمل عملا أشرك فيه غيري، فأنا منه بريء، و هو من الذي عمله» . \329
167\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (تبارك و تعالى) قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته محرما بينكم، فلا تظالموا. يا عبادي: إنكم الذين تخطئون بالليل و النهار، و أنا الذي أغفر الذنوب و لا أبالي، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي: كلكم جائع إلاّ من أطعمت فاستطعموني أطعمكم. . .» . \330
168\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقبض اللّه (عز و جل) الأرض، و يطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا
ص: 760
الملك، أين ملوك الأرض؟» . \333
169\قال صلى اللّه عليه و سلم: «في حديث الرؤية: فيلقى العبد فيقول؛ أي فل: أ لم أكرمك و أسودك و أزوجك، و أسخر لك الخيل و الإبل. . .» . \336
170\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول العبد: يا رب، أ لم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى. قال:
فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلاّ شاهدا مني. قال: فيقول: فكفى بنفسك عليك شهيدا. . .» . \336
171\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : «لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة: لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت تفتدي به؟ فيقول: نعم. فيقول له:
قد أردت منك ما هو أهون من هذا و أنت في صلب آدم أن لا تشرك بي فأبيت إلاّ أن تشرك» . \337
172\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما منكم من أحد إلاّ سيكلمه اللّه (عز و جل) ليس بينه و بينه ترجمان، فينظر أيمن منه، فلا يرى إلاّ ما قدم من عمله، و ينظر أشأم منه، فلا يرى إلاّ ما قدم. و ينظر بين يديه، فلا يرى إلاّ النار تلقاء وجهه. فاتقوا النار و لو بشق تمرة» . \337
173\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا يأتي عليك إلاّ قليل حتى تخرج المرأة من الحيرة إلى مكة بغير خفير. و لا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته فلا يجد من يقبلها منه، ثم ليقبضن المال، ثم ليقفن أحدكم بين يدي اللّه (عز و جل) ليس بينه و بين اللّه حجاب يحجبه و لا ترجمان فيترجم له. . .» . \338
174\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (تعالى) يوم القيامة: «يا آدم قم فابعث بعث النار. قال:
فيقول: لبيك و سعديك، و الخير في يديك و ما بعث النار؟ . . .» . \339
175\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه (عز و جل) : «يا ابن آدم مرضت فلم تعدني. فيقول: يا رب، كيف أعودك و أنت رب العالمين؟ . . .» . \340
176\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى يقول لأهل الجنة: «يا أهل الجنة. فيقولون: لبيك ربنا و سعديك، و الخير في يديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: ربنا و ما لنا لا نرضى و قد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك! فيقول: ألا أعطكم أفضل من ذلك؟ قال: فيقولون: يا رب، و أي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا» . \343
177\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ثلاثة لا يكلمهم اللّه (تعالى) و لا ينظر إليهم، و لهم عذاب أليم: رجل حلف على يمين على مال مسلم فاقتطعه. و رجل حلف على يمين بعد صلاة العصر أنه أعطى سلعته أكثر مما أعطى و هو كاذب. و رجل منع فضل ماء. فإن اللّه (سبحانه) يقول: اليوم أمنعك فضلي كما منعت
ص: 761
فضل ما لم تعمل يداك» . \344
178\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ثلاثة لا يكلمهم اللّه و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم: رجل بايع رجلا سلعة بعد العصر، فحلف له باللّه لآخذها بكذا و كذا. فصدقه، فأخذها و هو على غير ذلك. و رجل بايع إماما لا يبايعه إلاّ للدنيا. فإن أعطاه منها، و فى. و إن لم يعطه منها، لم يف له. و رجل على فضل ماء بالفلاة، فيمنعه من ابن السبيل» . \345
179\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم القيامة، و لا يزكيهم: شيخ زان، و ملك كذاب، و عابد مستكبر» . \345
180\قال صلى اللّه عليه و سلم: «كان اللّه قبل كل شيء، و كان عرشه على الماء، و كتب في الذكر كل شيء» . \360
181\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى قرأ طه و يس قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) بألف عام.
فلما سمع الملائكة القرآن. قالوا: طوبى لأمة ينزل هذا عليها، و طوبى لجوف يحمل هذا، و طوبى لألسن تكلم بهذا» . \361
182\قال صلى اللّه عليه و سلم: «خياركم من تعلم القرآن و علمه» . \366
183\قال صلى اللّه عليه و سلم: «فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه (عز و جل) على خلقه. و ذاك أنه منه» . \367
184\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا حسد إلاّ في اثنتين. رجل آتاه اللّه القرآن، فهو يتلوه آناء الليل و النهار. فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا، لفعلت كما يفعل.
و رجل آتاه اللّه، فهو ينفقه في حقه، فيقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا، عملت مثل ما يعمل» . \391
185\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى يصنع كل صانع و صنعته» . \391
186\قال صلى اللّه عليه و سلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة طعمها طيب و ريحها طيب. و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن، كمثل الثمرة طعمها طيب و لا ريح لها. و مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر. و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر و لا ريح لها» . \396
187\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب و لا تكذبوهم، و قولوا: آمنا باللّه، و ما أنزل إلينا، و ما أنزل إليكم، و إلهنا و إلهكم واحد و نحن له مسلمون» . \404
188\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر» . \405
189\قال صلى اللّه عليه و سلم: «خفف على داود (عليه الصلاة و السلام) القرآن. فكان يأمر بدابته تسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج، و كان لا يأكل إلاّ من عمل يده» . \407
ص: 762
190\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يحشر اللّه (تعالى) العباد عراة غرلا بهما، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد، كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديّان» . \407
191\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا تكلم اللّه بالوحي، سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا» . \408
192\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن أشعر بيت تكلمت به العرب كلمة لبيد «ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل» .» \418
193\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لما قضى اللّه الخلق، كتب في كتاب يكتبه على نفسه، و هو مرفوع فوق العرش: إن رحمتي تغلب غضبي» . \422
194\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول اللّه عز و جل: «إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا. . .» . \424
195\قال صلى اللّه عليه و سلم: «خلق اللّه آدم على صورته. طوله ستون ذراعا. فلما خلقه قال: اذهب فسلّم على أولئك النفر-و هم نفر من الملائكة جلوس-فاستمع ما يجيبونك، فإنها تحيتك و تحية ذريتك. قال: فذهب فقال: السلام عليكم. فقالوا: و عليك السلام و رحمة اللّه. فزادوه: و رحمة اللّه.
فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا. فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن» . \430
196\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه، فإن اللّه خلق آدم على صورته» . \431
197\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما لي و قد تبدى لي ربي في أحسن صورة، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قال: قلت: أنت أعلم أي رب. . .» . \438
198\قال صلى اللّه عليه و سلم: «جنتان من فضة، آنيتهما و ما فيهما. و جنتان من ذهب، آنيتهما و ما فيهما. و ما بين القوم و بين أن ينظروا إلى ربهم (عز و جل) إلاّ رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» . \439
199\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قد حرم اللّه على النار أن تأكل من قال: لا إله إلاّ اللّه. يبتغي به وجه اللّه» . \445
200\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) أوحى إلى يحيى بن زكريا (عليه السلام) فقام، فحمد اللّه تعالى و أثنى عليه، ثم قال: إن اللّه تعالى أمركم بالصلاة.
فإن العبد إذا قام يصلي استقبله اللّه تعالى بوجهه، فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد هو الذي يصرف وجهه عنه» . \448
201\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمس الحصى» . \449
202\قال صلى اللّه عليه و سلم: «و ارزقني لذة النظر إلى وجهك» . \449
203\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من استعاذ باللّه فأعيذوه. و من سألكم بوجه اللّه فأعطوه» . \450
ص: 763
204\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا ينبغي لأحد أن يسأل بوجه اللّه شيئا إلاّ الجنة» . \450
205\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بوجهك الكريم و كلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته. اللهم أنت تكشف المغرم و المأثم، اللهم لا يهزم جندك و لا يخلف وعدك، و لا ينفع ذا الجد منك الجد، سبحانك و بحمدك» . \451
206\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما بعث نبي إلاّ و قد أنذر أمته الأعور الكذاب. ألا إنه أعور، و إن ربّكم ليس بأعور، و بين عينيه مكتوب كافر» . \459
207\قال صلى اللّه عليه و سلم: «سأل موسى ربه (عز و جل) : ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ . . .» . \464
208\قال صلى اللّه عليه و سلم: «كتب ربكم (تبارك و تعالى) على نفسه بيده قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي تسبق-أو قال: سبقت-غضبي» . \466
209\قال صلى اللّه عليه و سلم: «و الذي نفس محمد بيده لقد هممت أن آمر فتياني أن يستعدوا لي حزما من حطب، ثم آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق بيوتا على من فيها» . \469
210\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، و بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» . \469
211\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الأيدي ثلاث: يد اللّه هي العليا، و يد المعطي التي تليها، و يد السائل السفلى إلى يوم القيامة، فاستعفف عن السؤال ما استطعت» . \469
212\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا يجمع اللّه هذه الأمة على الضلالة أبدا. و يد اللّه على الجماعة، فمن شذ، شذ في النار» . \470
213\قال صلى اللّه عليه و سلم: «المقسطون عند اللّه يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن، و كلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم و أهليهم و ما ولوا» . \473
214\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لما خلق اللّه آدم و نفخ فيه الروح، عطس، فقال: الحمد للّه. . .» . \474
215\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرضين، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فمنهم الأحمر و الأبيض و الأسود و بين ذلك، و السهل، و الحزن، و الخبيث، و الطيب» . \477
216\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما تصدّق أحد بصدقة من طيب و لا يقبل اللّه إلاّ الطيب، إلاّ أخذها الرحمن بيمينه و إن كانت ثمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله» . \478
217\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يمين اللّه ملأى، لا يغيضها نفقة، سحاء الليل و النهار. . .» . \478
218\قال صلى اللّه عليه و سلم: «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا، مع كل واحد سبعين ألفا، و ثلاث حثيات من حثيات ربي» . \480
ص: 764
219\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الميزان بيد الرحمن، يرفع أقواما و يضع آخرين، و قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، و إن شاء أزاغه» . و كان صلى اللّه عليه و سلم يقول: «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» . \492
220\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن غلظ جلد الكافر اثنان و أربعون ذراعا بذراع الجبار، و ضرسه مثل أحد» . \494
221\قال صلى اللّه عليه و سلم: «خلقت الملائكة من نور» . \495
222\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول: قط قط. و عزتك، و يزوي بعضها إلى بعض، و لا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ اللّه خلقا فيسكنه فضول الجنة» . \501
223\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ألا إن كل دم و مأثرة في الجاهلية فهو تحت قدمي هاتين، إلاّ سقاية الحاج، و سدانة البيت» . \504
224\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف» . \518
225\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أرواح الشهداء في صور طير خضر تعلق من ثمر الجنة» . \518
226\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ثلاث معلقات بالعرش، الرحم تقول: اللهم إني بك فلا أقطع.
و الأمانة تقول: اللهم إني بك فلا أختان. و النعمة تقول: اللهم إني بك فلا أكفر» . \525
227\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قال اللّه (عز و جل) : «أنا الرحمن، خلقت الرحم، و شققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته، و من قطعها بتته» . \526
228\قال صلى اللّه عليه و سلم: «سبعة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله. . .» . \527
229\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قدر اللّه المقادير قبل أن يخلق السموات و الأرض بخمسين ألف سنة» . \532
230\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن في الجمعة ساعة لا يوافقها أحد يسأل اللّه (عز و جل) فيها شيئا إلاّ أعطاه إياه» . \541
231\قال صلى اللّه عليه و سلم: «خلقت الملائكة من نور، و خلق الجان من مارج من نار، و خلق آدم عليه السلام مما وصف لكم» . \544
232\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لما صور اللّه (تعالى) آدم في الجنة، تركه ما شاء اللّه أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به فينظر ما هو، فلما رآه أجوف، عرف أنه خلق أجوف لا يتمالك» . \545
233\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث اللّه الملك فينفخ فيه الروح. . .» . \546
ص: 765
234\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إنكم محشورون حفاة عراة. و أول من يكسى في الجنة يوم القيامة إبراهيم (عليه الصلاة و السلام) : يكسى حلة من الجنة، و يؤتى بكرسي فيطرح له عن يمين العرش، ثم يؤتى بي، فأكسى حلة من الجنة لا يقوم لها البشر ثم أوتى بكرسي فيطرح لي على ساق العرش» . \556
235\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ (رضي اللّه عنه)» . \557
236\قال صلى اللّه عليه و سلم: «هذا جبل يحبنا و نحبه» . \559
237\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن للجنة مائة درج أعدها اللّه للمهاجرين-أو قال: للمجاهدين في سبيل اللّه تعالى-كل درجتين ما بينهما كما بين السماء و الأرض. فإذا سألتم اللّه تعالى فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، و أعلى الجنة، و فوقه عرش الرحمن، و منه تفجر أنهار الجنة» . \559
238\قال صلى اللّه عليه و سلم: «كان (عز و جل) في عماء ما فوقه هواء و ما تحته هواء، ثم خلق العرش، ثم استوى عليه تبارك و تعالى» . \567
239\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ألا تأمنوني و أنا أمين من في السماء؟ يأتيني خبر السماء صباحا و مساء» . \581
240\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ربنا الذي في السماء تقدس اسمك، أمرك في السماء و الأرض. . .» . \582
241\قال صلى اللّه عليه و سلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» . \582
242\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللهم ألهمني رشدي، و عافني من شر نفسي» . \583
243\قال صلى اللّه عليه و سلم: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم من السماء فيكم و إمامكم منكم» . \584
244\قال صلى اللّه عليه و سلم: «رأيت جبريل (عليه الصلاة و السلام) له ستمائة جناح» . \595
245\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ «لا حول و لا قوة إلاّ باللّه» . \596
246\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ينزل اللّه (عز و جل) كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فاغفر له؟» . \611
247\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يقول (عز و جل) : «من عمل حسنة فجزاؤه عشر أمثالها و أزيد. و من عمل سيئة فجزاؤه مثلها أو أغفر، و من تقرب إليّ شبرا تقربت منه ذراعا، و من تقرّب إليّ ذراعا تقربت منه باعا، و من أتاني يمشي، أتيته هرولة، و من لقيني بقراب الأرض خطيئة لم يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة» . \618
248\قال صلى اللّه عليه و سلم: «فإنكم سترون ربكم، حتى إن أحدكم ليخاصر ربه مخاصرة. . .» . \621
ص: 766
249\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن آخر وطأة وطئها الرحمن (جل و علا) بوج» . \623
250\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس اللّه عنه كربة من كرب يوم القيامة» . \626
251\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن تبارك و تعالى» . \626
252\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اقرءوا القرآن فإنه يجيء يوم القيامة شفيعا لأصحابه. . .» . \630
253\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يضحك اللّه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر، كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل اللّه فيقتل، ثم يتوب اللّه على القاتل فيقاتل في سبيل اللّه فيستشهد» . \632
254\قال صلى اللّه عليه و سلم: «يعجب ربك للشاب ليس له صبوة» . \641
255\قال صلى اللّه عليه و سلم: «عجب اللّه (عز و جل) من قوم بأيديهم السلاسل حتى يدخلوا الجنة» . \641
256\قال صلى اللّه عليه و سلم: «للّه أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن. . .» . \643
257\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن الدنيا حلوة خضرة، و إن اللّه مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا و فتنة النساء» . \646
258\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه لا ينظر إلى أجسادكم و لا إلى صوركم، و لكن ينظر إلى قلوبكم. . .» . \647
259\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لا ينظر اللّه يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء» . \648
260\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما أحد أغير من اللّه» . \650
261\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من يسمع يسمع اللّه به، و من يرائي يرائي اللّه به» . \659
262\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إذا رأيت اللّه (عز و جل) يعطي العبد ما يحب و هو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج» . \660
263\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أرسل ملك الموت إلى موسى (عليه السلام) ، فلما جاءه صكه ففقأ عينه. . .» . \665
264\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه» . \666
265\قال صلى اللّه عليه و سلم: «قاربوا و سددوا فإنه لن ينجو أحد منكم بعمله. قالوا: و لا أنت يا رسول اللّه؟ قال: و لا أنا إلاّ أن يتغمدني اللّه منه برحمة و فضل» . \670
266\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) خلق الرحمة يوم خلقها مائة فأمسك عنده تسعة و تسعين رحمة، و أرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة. فلو يعلم الكافر كل الذي عند اللّه من رحمته، لم ييأس من الرحمة. و لو يعلم المؤمن بكل الذي عند اللّه من العذاب، لم يأمن من النار» . \670
267\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل ذكره) خلق مائة رحمة، منها رحمة يتراحم بها الخلق، و تسع و تسعون ليوم القيامة» . \670
ص: 767
268\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اللّه أرحم بعباده من المرأة بولدها» . \671
269\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) إذا أحب عبدا، قال لجبريل (عليه السلام) إني أحب فلانا فأحبه. قال: فيقول جبريل (عليه السلام) لأهل السماء: إن ربكم (عز و جل) يحب فلانا فأحبوه. قال: فيحبه أهل السماء، و يوضع له القبول في الأرض. و إذا بغض فمثل ذلك» . \673
270\قال صلى اللّه عليه و سلم: «لأعطين الراية غدا رجلا يفتح اللّه على يديه، يحب اللّه و رسوله و يحبه اللّه و رسوله. فلما أصبح دعا علي بن أبي طالب» . \674
271\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ما في الكلام شيء أحب إلى اللّه (عز و جل) من الحمد للّه و سبحان اللّه و اللّه أكبر و لا إله إلاّ اللّه. هن أربع فلا تكثر عليّ، لا يضرك بأيهن بدأت. و لا تسم عبدك رياح و لا أفلح و لا نجيح و لا يسار» . \675
272\قال صلى اللّه عليه و سلم: «اليسير من الرياء شرك. و من عادى أولياء اللّه فقد بارز اللّه بالمحاربة.
إن اللّه يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إن غابوا لم يفتقدوا، و إن حضروا لم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة» . \675
273\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من أعطى حظه من الرفق، فقد حرم حظه من الخير. و إن أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن، إن اللّه يبغض الفاحش البذيء» . \677
274\قال صلى اللّه عليه و سلم: «إن اللّه (عز و جل) يرضى لكم ثلاثا و يسخط لكم ثلاثا، يرضى أن تعبده و لا تشركوا به شيئا، و أن تعتصموا بحبل اللّه جميعا، و أن تناصحوا من ولي أمركم. و يسخط لكم ثلاثا، قيل و قال، و إضاعة المال، و كثرة السؤال» . \680
275\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من أرضى اللّه بسخط الناس كفاه اللّه الناس، و من أسخط اللّه برضا الناس و كله اللّه إلى الناس» . \681
276\قال صلى اللّه عليه و سلم: «من حلف على يمين صبر ليقطع بها مال إمرئ مسلم و هو فيها فاجر، لقي اللّه (عز و جل) و هو عليه غضبان» . \682
277\قال صلى اللّه عليه و سلم: «ليس أحد أصبر على أذى يسمعه من اللّه (عز و جل) ، إنه ليدعون له ولدا، و إنه ليعاقبهم و يرزقهم» . \684
278\قال صلى اللّه عليه و سلم: «نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال له ربه: أ و لم تؤمن. قال: بلى و لكن ليطمئن قلبي. و يرحم اللّه لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد و لو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي» . \688
279\قال صلى اللّه عليه و سلم: «أسرف رجل على نفسه، فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم اذروني في الريح و في البحر. فو اللّه لئن
ص: 768
قدر عليّ ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا. قال: ففعلوا به. فقال اللّه (عز و جل) للأرض: أدّى ما أخذت. فإذا هو قائم. فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: خشيتك يا رب. أو قال: مخافتك.
فغفر له» . \691
280\قال صلى اللّه عليه و سلم: «دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها و لا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت» . \692
ص: 769
ص: 770
حرف الهمزة إبراهيم التيمي (عن أبيه)453،553،554
إبراهيم بن سعد (عن أبيه)637
أبيّ بن كعب 62،170،405،414،523، 626
الأحنف بن قيس 560،570
أبو الأحوص 469،470،493
أسامة بن زيد 268،511،549
إسحاق بن عبد اللّه 679
أسماء بنت أبي بكر 426
أسماء بنت يزيد 164
إسماعيل بن أبي فديك 179
أسيد بن الحضير 181
الأعمش 566،600،618،640،643، 669،682 684
الأقرع بن حابس 580
أبو أمامة (الباهلي)319،479،480،593، 630،655
أنس بن مالك 38،40،44،109،117، 137،163،179،180،191،203، 210،218،239،243،245،256، 257،264،265،298،301،373، 396،413،423،459،461،465، 479،501،502،544،558،575، 602،603،604،605،612،618، 619،628،638،643،671،679، 680،687
إياس بن سلمة (عن أبيه)38
أيوب بن عبد اللّه بن محرز 456
أبو أيوب (الأنصاري)162،166،347،431، 470
حرف الباء البراء بن عازب 114،557،644،677
أبو بردة 245
بريدة 263
ابن بريدة (عن أبيه)565
ابو بكر الصدّيق 97،237،369،407،452، 479،612
بلال بن يسار بن زيد (مولى النبي صلى اللّه عليه و سلم)48،178
حرف الثاء ثابت البناني 265،266،340،413،544، 575،638،660
أبو ثعلبة الخشني 547
ثوبان (مولى النبي صلى اللّه عليه و سلم)67،525
حرف الجيم جابر بن عبد اللّه 130،135،152،156،168، 188،196،262،295،297،362، 368،409،412،415،443،450،
ص: 771
464،510،557،558،560،612، 628
جابر بن عتيك 679
جبير بن أبي سليمان 213
جبير بن مطعم 550،551،579،612
جبير بن نفير 547،625
جرير بن عبد الحميد 486،487،680
جعفر بن أبي طالب 560
جعفر بن محمد (عن أبيه)290،297،376،377
جويبر 180
جويرية 424
حرف الحاء الحارث 452
الحارث الأشعري 448
أبو حازم الأشجعي 354،674
حبيب بن أبي ثابت 144
حذيفة بن اليمان 19،208،213،223،391، 446،447،448،452،547
الحسن 100،101،167،269،373،374، 561،665،691
أبو الحسن الأشعري 600
الحسن بن عبد اللّه بن مغفل 244
الحسين بن علي 221
حفصة (رضي اللّه عنها)262
حميد الطويل 465،628،629
حميد بن عبد الرحمن 637،691
حرف الخاء خباب بن الأرت 453
خرشة بن بحر 364
خولة 624
خولة بنت حكيم 291،292
حرف الدال أبو الدرداء 127،191،258،259،420، 582،612،636،674
أم الدرداء (عن أبي الدرداء)676
حرف الذال أبو ذر 94،160،170،171،198،253، 260،325،329،346،351،365، 424،449،553،554،562،565، 618،629،630،649
ذكوان 395
حرف الراء أبو رافع 340
ربعي بن خراش 169،223،391،447،547
ربيع بن عميلة 675
أبو رزين (العقيلي)534،576،637،687
رفاعة بن عرابة 612
أبو رمثة 146
حرف الزاي ابو الزبير 262،510،518،557،669
ابن الزبير 374،375
الزبير بن العوام 509
زرارة بن أوفى 396،564
زر بن حبيش 595،596،562
أبو زرعة 55،312،462،674
أبو الزناد 502،575،585
الزهري 262،265،449،472،506،526، 544،550
زياد بن حصين 600
زيد بن أرقم 211
زيد بن أسلم 671،675،679
زيد بن ثابت 451
ص: 772
زيد بن خالد الجهني 329
زيد الخيل 580
زيد بن وهب 199،545،546
زينب بنت جحش 575
حرف السين أبو السائب (مولى هشام بن زهرة)327
السدّي 100
سعد بن أبي وقاص 291،292،447
سعد بن سنان 245
سعد بن عبادة 181
سعد بن هشام 396
سعيد بن أبي بردة (عن أبيه)85
سعيد بن أبي سعيد 670
سعيد بن جبير 100،153،184،186،187، 192،194،291،295،310،319، 326،332،362،363،393،394، 420،476،490،506،518،535، 538،544،547،553،556،579، 648،684،686،689،691
أبو سعيد الخدري 71،164،165،178، 205،207،208،219،281،325، 334،338،342،367،375،408، 434،467،496،507،509،527، 555،611،636،645،675،679، 692
سعيد بن مرجانة 611
سعيد بن المسيب 57،158،168،169،180، 214،234،237،423،456،468، 472،581،608،621،638،688
سعيد المقبري 329
سعيد بن يسار (ابو الحباب)212،243،478، 524،585،586،645
أبو سفيان 45،557،558
سلمان 147،148،319،477،528،645، 670
أبو سلمة 207،237،262
أبو سلمة (بن عبد الرحمن)265،333،395، 404،418،462،490،606،611، 624،651،688
أم سلمة (زوج النبي صلى اللّه عليه و سلم)306،315،612
سلمة بن عبد الرحمن بن عوف 136
سلمة بن كهيل 659
سلمة بن نفيل السكوني 625
سليم بن جبير (ابو يونس)284
سليم بن عامر 655
سليمان الأحول 543
سليمان بن بريدة 263
سليمان التيمي 619
سمرة بن جندب 675
سهل بن سعد (الساعدي)92،563،674
هيل بن أبي صالح (عن أبيه)322،335،351، 519،673،680
حرف الشين الشافعي 273،304،382،383،388، 454،685
شقيق 682
ابن شهاب 260،280،490،510،511، 548،611،688
شهر بن حوشب 199،368،627،631
حرف الصاد أبو صالح 292،321،334،338،344، 345،423،493،506،515،522، 536،545،551،558،571،572، 573،657،660،644،669
صفوان بن سليم 239
صفوان بن محرز 96،339،360،537
ص: 773
صفوان بن يعلى بن أمية 148
صهيب 452
حرف الضاد أبو الضحى 549
الضحاك 100،180،392،590
حرف الطاء طاوس 267،268،277،297،300،463، 470،608
ابن طاوس (عن أبيه)664
أم الطفيل (امرأة أبيّ بن كعب)609
الطفيل بن عبد اللّه 223
طلحة بن خراش 168
طلحة بن عبيد اللّه 69،158،159
طلحة بن كريز الخزاعي 93
طلق 259
حرف الظاء أبو ظبيان 535
حرف العين عائشة 26،36،55،63،68،90،95،96، 122،136،146،147،180،202، 210،223،244،246،280،307، 309،316،317،369،395،396، 415،426،495،519،525،526، 544،597،598،604،617،650، 652،676،677،680
عامر بن سعد (عن أبيه)446،452،579
عامر بن الطفيل 580
أبو العالية 202،553،600،610
عباد بن تميم (عن عمه)510،511
عبادة بن الصامت 161،250،535،590، 612،676
ابن عباس 33،63،69،78،81،85،86، 91،93،100،102،105،108،111، 119،121،126،131،133،136، 137،138،139،142،151،153، 154،168،170،172،184،186، 187،191،192،194،198،199، 201،214،224،237،239،247، 254،266،268،271،277،290، 291،297،304،310،315،316، 319،326،332،358،362،363، 364،365،371،372،375،392، 393،394،403،411،413،414، 415،416،420،424،432،439، 450،455،459،470،476،490، 497،498،506،509،511،515، 518،522،535،536،538،543، 544،545،547،548،549،551، 553،556،560،564،565،571، 572،573،579،586،593،662، 686،688،690
أبو العباس (الشاعر الأعمى)264
العباس بن عبد المطلب 122،198،560،579
عبد اللّه بن أبي أوفى 143
عبد اللّه بن أبي قتادة 221
عبد اللّه بن أبي سلمة 196
أبو عبد اللّه الأغر 611،612
عبد اللّه بن أنيس 407
عبد اللّه بن بريدة 100،177،204،237
عبد اللّه بن جعفر 91
عبد اللّه بن الحارث (عن أبيه)465،556
عبد اللّه بن خبيب 549
عبد اللّه بن رباح 266
عبد اللّه بن رافع (مولى أم سلمة)542
عبد اللّه بن الزبير 548،692
ص: 774
عبد اللّه بن سلام 542
عبد اللّه بن عمرو بن العاص 190،235،264، 331،347،375،397،437،476، 484،491،494،495،532،533، 534،548،563،582
عبد اللّه بن مغفل 90
عبد اللّه بن المسور 248
عبد الرحمن بن أبي عمرة 328
عبد الرحمن بن أبي ليلى 452
عبد الرحمن بن تميم 590
عبد الرحمن الحبلي 532،533
عبد الرحمن بن حنيش 51
أبو عبد الرحمن السلمي 366،367،437،684
عبد الرحمن بن عائش 437،439
عبد الرحمن بن عوف 300،526
عبد الرحمن بن غنم 198،253،351
عبد الرحمن بن قرط 39
عبد الرحمن (بن هرمز) الأعرج 263،267، 268،288،289،321،324،361، 431،462،468،478،503،556، 575،585،644
عبد الرحمن بن يزيد 596،597
عبد العزيز بن الحصين 84
عبد الملك بن زرارة الأنصاري 256
عبيد اللّه بن ابي رافع 468
عتبان بن مالك 163،445
عثمان بن أبي العاص الثقفي 197،204،205، 612
عثمان بن عفان 20،81،159،366،367، 372،373،511
أبو عثمان النهدي 670
ابن عجلان (عن أبيه)465
عدي بن ثابت 677
عروة (عن أبيه)650،651،652
عروة بن رويم 463،590
عروة بن الزبير 180،280،306،369،494، 495،509،525،526،544
أبو عزّة الهذلي 245
عطاء 599،608،663
عطاء بن أبي رباح 432،455
عطاء بن يزيد الليثي 257،621،638
عطاء بن يسار 236،467،496،559،581، 679
عطية 367
عطية بن سعد 498،690
عطية بن قيس 374
عقبة بن عامر الجهني 365،697،641،660
عكرمة 101،139،171،194،199،237، 266،268،313،363،414،455، 459،497،499،509،512،608
العلاء بن عبد الرحمن (عن أبيه)671
علقمة 486،487،517،596،606
علقمة بن علاثة 580
علي بن أبي طالب 32،91،169،221،264، 293،372،373،437،451،455، 468،522،556،612،634،635، 640
علي بن أبي طلحة 170،172،192،219، 239،246،498،522،586،593، 661،662،688،690
علي بن الحسين 375،376
علي بن ربيعة 634،635
عمار بن ياسر 197،499
عمارة بن عمير 643
ابن عمر 32،34،57،96،128،164، 170،190،199،213،236،246، 264،268،282،286،331،339، 374،375،425،448،458،465،
ص: 775
470،471،491،606،627،628، 648
ابن ابي عمر 122
عمران بن حصين 29،141،360،533،535، 582
عمر بن ابي زائدة 499
عمر بن الخطاب 64،158،159،178،265، 266،286،325،372،373،407، 475،479،511،579،671،675
عمر بن عبد العزيز 249،272،450،511، 627
عمر بن مرة 674
عمرة بنت عبد الرحمن 415
عمرو بن أبي عمرو 329
عمرو بن الحمق 244
عمرو بن عبسة 612
عمرو بن مالك الرواسي 680
عمرو بن ميمون 271
عوف بن مالك الأشجعي 212
عيينة بن بدر 580
حرف الفاء فضالة بن عبيد 582
حرف القاف أبو قابوس (مولى لعبد اللّه بن عمرو بن العاص) 582
القاسم 597،680
القاسم أبو عبد الرحمن 34،246
القاسم بن محمد 597،617
قتادة 174،257،264،301،319،347، 362،392،396،423،431،449، 459،461،480،501،502،507، 508،528،538،553،558،561، 591،675،676،687،691،692
أبو قتادة 261
أبو قلابة 130،420،439
حرف الكاف كريب (مولى ابن عباس)268،290
كعب الاحبار 409،410،457،549
حرف اللام ابن أبي ليلى 647
حرف الميم أبو مالك 536،545
مالك بن الحويرث (صاحب النبي صلى اللّه عليه و سلم)546
مجاهد 100،174،202،280،303،307، 326،405،454،465،474،510، 514،522،536،541،564،566، 586،600،656،685
محجن بن الأذرع 99
محمد بن أبي بكر 167
محمد بن أبي جعفر 254
محمد بن زياد 328،641
محمد بن سيرين 419،423،528،608
محمد بن طلحة 151
محمد بن علي 32
محمد بن المنكدر 188،196،450،560
محمد بن كعب 100،272،348
محمد بن نوفل 511
محمود بن الربيع 161،163
مرّة الهمداني 515،545،636
ابن أبي مريم 672
مسروق 314،315،428،597،598
ابن مسعود 24،25،76،77،154،161، 171،179،188،189،196،197، 199،201،208،218،222،260، 280،298،302،310،311،314،
ص: 776
315،343،364،368،371،374، 375،421،422،426،428،437، 451،452،453،456،469،477، 485،486،487،499،515،517، 545،546،562،593،594،595، 596،597،604،608،612،636، 638،640،643،648،650،682
مصعب بن سعد (عن أبيه)64
المطلب بن حنطب 310
مطرف بن عبد اللّه بن الشخير 48،141
معاذ بن جبل 150،160،161،167،368، 549،675
معاوية بن الحكم السلمي 581
المعرور بن سويد 325،618
المغيرة بن شعبة 127،426،464
مقاتل 590،591،656
المقداد بن الأسود 160
مقسم 364
أبو المليح 362
ابن أبي مليكة 677،680
أبو موسى الأشعري 73،75،78،140،220، 245،279،284،285،286،289، 396،445،454،469،477،500، 543،565،601،612،641،684
أبو ميسرة 293،452
أبو ميمونة 538
حرف النون نافع 628
نافع (مولى ابي قتادة)584
نافع بن جبير 204،205
ابن ابي نجيح 514،563،586،600،656، 685
أبو نضرة 645،675
النعمان بن بشير 212،263،644
ابن ابي نعيم 448
نعيم بن همار 637
ابن ابي نهيك 449
النواس بن سمعان الكلابي 235،315
نيار بن مكرم 369
حرف الهاء أبو هانئ بن يزيد 132
أبو هريرة 21،22،26،30،31،37،45، 52،57،58،61،79،82،96،98، 116،122،161،163،165،167، 169،197،205،207،212،214، 236،237،238،247،250،252، 253،257،258،263،265،267، 268،269،284،288،289،291، 292،300،312،313،320،321، 322،323،324،325،326،327، 328،329،333،335،340،344، 345،351،361،368،395،404، 408،410،418،419،423،426، 430،431،434،462،463،465، 468،472،473،474،478،479، 490،494،503،519،524،527، 528،529،538،541،542،556، 559،561،562،575،584،585، 586،599،611،612،619،621، 624،626،632،633،638،641، 644،645،647،648،651،663، 664،665،669،670،671،673، 674،680،686،688،691
هشام بن عروة (عن أبيه)272،309
هشام بن منبه 682
همام بن منبه 205،238،252،320،323،
ص: 777
430،468،478،644،665،686
حرف الواو أبو وائل 453،562،640
واثلة بن الأسقع 362
أبو واقد الليثي 653
وكيع بن عدس 687
وهب بن منبه 174،272،273
حرف الياء يحيى بن يعمر 177،204
يزيد بن الأصم 560،641،647
يزيد بن رومان 520،526
يعلى بن أمية 148
يعلى بن مرّة 623
يعلى بن مملك 677
ص: 778
حرف الهمزة الأحد 26،61
الآخر 23،30،561
الأعلى 443
أكبر الأكبر 211
الأكرم 26،94
الأول 23،30،561
ألم 154
المر 154
المص 154
الإله 26
حرف الباء البادئ 54
البارئ 23،49
الباري 26
الباسط 23،109
الباطن 23،34،561،652
الباعث 23،140
الباقي 23،62
البديع 23،48
بديع السموات و الأرض 211،455
البر 119،216
البصير 23،80،278،279،283،284، 411،539،540
حرف التاء التوّاب 129
حرف الجيم الجامع 23،139
الجبّار 23،57،59،112،176،209
الجليل 23،48،176
الجميل 26،75
الجواد 109
حرف الحاء الحافظ 115،183
الحسيب 23،83
الحفيظ 23،116
الحق المبين 23،33
الحكم 23
الحكيم 23،46،132،183،203،331، 357،539،540،598
الحليم 23،91،191،216
الحميد 23،101،209
الحنّان 26،138
الحيّ 23،43،155،177،164،179، 180،211،506
حيي 147،148،653
ص: 779
حرف الخاء الخادع 655،659
الخافض 23،128
الخالق 23،51،531
الخبير 23،82،183،181،283،401، 589
الخلاق 52،685
حرف الدال الدائم 26
الديّان 129
حرف الذال الذارئ 50
ذو انتقام 144
ذو الجلال و الإكرام 23،149،191،209، 211،443،455،457
ذو الرحمة 665
ذو الطول 26،78
ذو علم 194
ذو الفضل 26،144
ذو الفضل العظيم 669
ذو الفواضل 152
ذو القدرة و الكرم 198
ذو القوّة المتين 195،201
ذو الكبرياء و العظمة 213
ذو المعارج 26،151
ذو الملكوت و الجبروت 213
حرف الراء الرءوف 23،98،216
الرازق 111
الرافع 23،128
الرب 26،122
الرحمن 23،57،176،235،236،350، 455،517،574،567
الرحيم 23،216،319،539،540
الرحمن الرحيم 86
الرزّاق 23،111
الرشيد 23،134
الرفيع 39
الرقيب 23،128
حرف السين الساتر 148
السبوح 68
الستّير 148
سريع الحساب 143
السلام 57،67
السميع 23،78،278،279،283،284، 411،539،540
السيّد 47
حرف الشين الشاكر 26،118
الشكور 23،118
الشهيد 23،82،182،183،570،686
حرف الصاد الصادق 26،133
الصانع 52
الصبور 23،26
الصمد 23،62،99
حرف الضاد الضار 125
حرف الطاء الطالب 74
ص: 780
حرف الظاء الظاهر 23،34،561
حرف العين العالم 44،189
العدل 23،131
العزيز 57،63،176،203،209،331، 539،540
العفوّ 23،95،216
العظيم 23،62،176،209،457،507
العظيم الأعظم 26
العلاّم 26،81
علاّم الغيوب 189
العليّ 23،38،209،457،507،313، 357،598
العليم 23،80،183،191،194،278،686
حرف الغين الغافر 95
الغالب 74
الغفّار 23،96،216
الغفور 23،97،319،540،669
الغنيّ 23،67،247،669
الغياث 113
حرف الفاء الفاطر 53
الفالق (فالق الحب و النوى)121
الفتّاح 23،104
الفرد 150
الفعّال 74،254،531
حرف القاف القابض 23،109
القادر 45،189،195،244
القاضي 102
القاهر 26،103،195،575،579
القدوس 57،69
القدير 26،74
القديم 23،26،29،176
القريب 26،72
القهّار 23،104،195،333
القوي 23،77،195
القيّوم 23،84،155،177،164،180، 211،506
حرف الكاف الكاشف 105
الكافي 23،26،38
الكبير 23،66،313
الكريم 23،92،147،148،216
الكفيل 26،112
كهيعص 153
حرف اللام اللطيف 23،105،183،410،589
لا إله إلاّ اللّه 155،156،157،159،161، 162،163،164،165،166،167، 168،170،171،172،173،690، 691
حرف الميم المؤخّر 23،140
المؤمن 57،106
الماجد 23
مالك الملك 23
الماكر 655،685،661
المانع 23،127
المبدئ 23،123
ص: 781
المبين 26
المتعالي 23،64
المتكبّر 23،57،121،176،209
المتين 23،77
المجيب 23،113
المجيد 23،72،176،209
المحصي 23،76،183
المحيط 26،72
المحيي 23،124
المدبّر 26،84
المذلّ 23،142
مصرّف القلوب 235
المصوّر 23،54
المعزّ 23،142
المعطي 127
المعيد 123
المغني 23،145
المغيث 23
المقتدر 23،56
المقدّم 23،140
المقسط 23،132
مقلّب القلوب 325
المقيت 23،110
الملك 23،56،57،176
المليك 26
المميت 23،124
المنّان 26،110،210
المنتقم 23
المهيمن 23،57،107
المولى 26،114
حرف النون الناصر 117
النافع 23،125
النصير 26،117
النور 23،133
نور السموات و الأرض 211،455
حرف الهاء الهادي 134
حرف الواو الواجد 23،76
الواحد 23،36،176
الوارث 23،35
الواسع 23،75
الوالي 23،113
الوتر 26
الودود 23،131،216
الوفي 130
الوكيل 23،142،211
الوهّاب 23،126
ص: 782
رقم مسلسل\الموضوع\رقم الصفحة
1\المقدمة\17
\الجزء الأول\18
2\إثبات أسماء اللّه (تعالى ذكره) بدلالة الكتاب و السنة و الإجماع\19
3\عدد الأسماء التي أخبر النبي (صلى اللّه عليه و سلم) أن من أحصاها دخل الجنة\21
4\بيان الأسماء التي من أحصاها دخل الجنة\22
5\بيان أن للّه (جل ثناؤه) أسماء أخر\24
6\جماع أبواب معاني أسماء الرب (عز ذكره) \28
7\ذكر الأسماء التي تتبع إثبات الباري (جل ثناؤه) و الاعتراف بوجوده (جل و علا) \29
8\جماع أبواب ذكر الأسماء التي تتبع إثبات وحدانيته (عز اسمه) \36
9\جماع أبواب ذكر الأسماء التي تتبع إثبات الإبداع و الاختراع له\40
10\جماع أبواب ذكر الأسماء التي تتبع نفي التشبيه عن اللّه\61
11\جماع أبواب ذكر الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه\84
12\أسماء سوى ما ذكر\149
13\ما جاء في حروف المقطعات في فواتح السور أنها من أسماء اللّه (عز و جل) \153
ص: 783
14\ما جاء في فضل الكلمة الباقية في عقب إبراهيم (عليه السلام) \ و هي كلمة التقوى و دعوة الحق: «لا أله إلاّ اللّه» \155
15\جماع أبواب إثبات صفات اللّه (عز و جل) \175
16\ما جاء في إثبات صفة الحياة\177
17\ما جاء في إثبات صفة العلم\182
18\ما جاء في إثبات صفة القدرة\195
19\ما جاء في إثبات صفة اللّه (عز و جل) \203
20\ما جاء في الجلال، و الجبروت، و الكبرياء، و العظمة\ و المجد\209
21\جماع أبواب إثبات صفة المشيئة و الإرادة للّه (عز و جل) \216
22\في المشيئة\217
\الجزء الثاني\227
23\تابع ما هو في المشيئة\229
24\ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن\256
25\ما جاء عن السلف (رضي اللّه عنهم) في إثبات المشيئة\271
26\ما جاء في إثبات صفة السمع\278
27\ما جاء في إثبات صفة البصر و الرؤية\283
28\جماع أبواب صفة الكلام و ما يستدل به على أن القرآن كلام اللّه (عز و جل) غير محدث و لا مخلوق و لا حادث\287
29\ما جاء في إثبات صفة الكلام\287
30\ما جاء في إثبات صفة القول\296
31\ما جاء في إثبات صفة التكليم و التكلم و القوى سوى ما مضى\299
32\ما جاء في إسماع الرب (عز و جل) بعض ملائكته كلامه الذي
ص: 784
لم يزل به موصوفا و لا يزال به موصوفا، و تنزيل الملك به إلى من أرسله إليه، و ما يكون في أهل السموات من الفزع عند ذلك\313
33\إسماع الرب (جل ثناؤه) كلامه من شاء من ملائكته و رسله و عباده\318
34\رواية النبي (صلى اللّه عليه و سلم) قول اللّه (عز و جل) في الوعد و الوعيد و الترغيب و الترهيب سوى ما في الكتاب\323
35\قول اللّه (عز و جل) : لِمَنِ اَلْمُلْكُ اَلْيَوْمَ. لِلّهِ اَلْواحِدِ اَلْقَهّارِ \333
36\قول اللّه (عز و جل) : يَوْمَ يَجْمَعُ اَللّهُ اَلرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ \334
37\قول اللّه (عز و جل) : اَلْأَخِلاّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ اَلْمُتَّقِينَ يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ \342
38\قول اللّه (عز و جل) : إِنَّ اَلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اَللّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي اَلْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اَللّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ اَلْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ \344
39\قول اللّه (عز و جل) : إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ يُغْشِي اَللَّيْلَ اَلنَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ وَ اَلنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ \350
40\قول اللّه (عز و جل) : لِلّهِ اَلْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ \356
41\ما روي عن الصحابة و التابعين و أئمة المسلمين (رضي اللّه عنهم) في أن القرآن كلام اللّه غير مخلوق\369
42\الفرق بين التلاوة و المتلو\390
43\قول اللّه (عز و جل) : قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اَللّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا اَلْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَ مَنْ بَلَغَ \403
44\ما ذكر في الذات\419
45\ما ذكر في النفس\421
46\ما ذكر في الصورة\429
ص: 785
\الجزء الثالث\441
47\ما جاء في إثبات الوجه صفة لا من حيث الصورة لورود خبر الصادق به\443
48\ما جاء في إثبات العين\443
49\ما جاء في إثبات اليدين\461
50\ما ذكر في اليمين و الكف\472
51\ما ذكر في الأصابع\485
52\ما ذكر الساعد و الذراع\493
53\ما ذكر في الساق\496
54\ما جاء في تفسير قوله (عز و جل) : أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللّهِ \514
55\ما جاء في تفسير الروح و قوله (عز و جل) : إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ . و قول اللّه (عز و جل) : إِنَّمَا اَلْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اَللّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ . و قوله: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا \515
56\ما روي في الرحم أنها قامت فأخذت بحقو الرحمن\524
57\ما روي في الإظلال بظله يوم لا ظل إلاّ ظله\527
58\ذكر الحديث المنكر الموضوع على حماد بن سلمة عن أبي المهزم في إجراء الفرس\529
59\جماع أبواب إثبات صفات الفعل\531
60\بدء الخلق\532
61\ما جاء في معنى قول اللّه (عز و جل) : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ اَلْخالِقُونَ \550
ص: 786
61\ما جاء في معنى قول اللّه (عز و جل) : أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ اَلْخالِقُونَ \550
62\ما جاء في العرش و الكرسي\552
63\ما جاء في قول اللّه (عز و جل) : اَلرَّحْمنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوى . و قوله (عز و جل) : ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ\ اَلرَّحْمنُ \567
64\قول اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ اَلْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ . و قوله:
يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ \575
65\قول اللّه (عز و جل) لعيسى (عليه السلام) : إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ . و قوله تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اَللّهُ إِلَيْهِ . و قوله (جل و علا) : تَعْرُجُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ إِلَيْهِ . و قوله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ اَلْكَلِمُ اَلطَّيِّبُ وَ اَلْعَمَلُ اَلصّالِحُ يَرْفَعُهُ \584
66\ما جاء في قول اللّه (عز و جل) : وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ و ما في معناه من الآيات\590
67\ما جاء في قوله (عز و جل) : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ \593
68\ما جاء في قوله (عز و جل) : ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى \595
69\ما جاء في قول اللّه (عز و جل) : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَللّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ اَلْغَمامِ وَ اَلْمَلائِكَةُ، وَ قُضِيَ اَلْأَمْرُ، وَ إِلَى اَللّهِ تُرْجَعُ اَلْأُمُورُ و قوله (تبارك و تعالى) : وَ جاءَ رَبُّكَ وَ اَلْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا \610
70\ما روي في التقرّب و الإتيان و الهرولة\618
71\ما روي في الوطأة بوج\623
72\ما روي في النفس و تقدر النفس\625
73\ما روي في أن اللّه سبحانه و تعالى قبل وجهه إن صلى، و نحو ذلك مما يحتاج إلى تأويل\628
ص: 787
74\ما جاء في الضحك\632
75\ما جاء في العجب\640
76\ما جاء في الفرح و ما في معناه\643
77\ما جاء في النظر\646
78\ما جاء في الغيرة\650
79\ما جاء في الملال\652
80\ما جاء في الاستحياء\653
81\قول اللّه (عز و جل) : قالُوا إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ. اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ . و قوله:
يُخادِعُونَ اَللّهَ وَ هُوَ خادِعُهُمْ . و قوله: وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّهُ وَ اَللّهُ خَيْرُ اَلْماكِرِينَ \655
82\قول اللّه (عز و جل) : سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ اَلثَّقَلانِ \662
83\ما جاء في التردد\663
84\قول اللّه (عز و جل) : وَ اَللّهُ ذُو اَلْفَضْلِ اَلْعَظِيمِ . و قوله: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللّهِ لا تُحْصُوها . و قوله: وَ رَبُّكَ اَلْغَفُورُ ذُو اَلرَّحْمَةِ . و قوله: وَ رَبُّكَ اَلْغَنِيُّ ذُو اَلرَّحْمَةِ \669
85\قول اللّه (عز و جل) : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اَللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اَللّهُ . و قوله: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلتَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ اَلْمُتَطَهِّرِينَ .
و قوله: إِنَّ اَللّهَ يُحِبُّ اَلَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا . و قوله:
لا يُحِبُّ اَللّهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ إِلاّ مَنْ ظُلِمَ . و قوله:
إِنَّ اَللّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ . و قوله: وَ لَوْ أَرادُوا اَلْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَ لكِنْ كَرِهَ اَللّهُ اِنْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ \673
86\قول اللّه (عز و جل) : رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ . و قوله: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي اَلْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ \679
ص: 788
86\قول اللّه (عز و جل) : رَضِيَ اَللّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ . و قوله: تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي اَلْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ \679
87\قول اللّه (عز و جل) : أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اَللّهُ عَلَيْهِمْ \682
88\ما جاء في الصبر\684
89\إعادة الخلق\685
90\قول اللّه (عز و جل) : فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ \690
\الفهارس\
\فهرس الآيات القرآنية\697
\فهرس الأحاديث النبوية\743
\فهرس الرواة من الصحابة و التابعين\771
\فهرس الاسماء و الصفات\779
\فهرس الموضوعات\783
ص: 789