سرشناسه : قطب راوندی ، سعیدبن هبه الله ، - ق 572
عنوان و نام پديدآور : قصص الانبیاء/ تالیف قطب الدین سعیدبن هبه الله الراوندی ؛ تحقیق غلامرضا عرفانیان الیزدی
مشخصات نشر : مشهد: آستان قدس رضوی ، بنیاد پژوهش های اسلامی ، 1409ق . = 1368.
مشخصات ظاهری : ص 372
شابک : بها:1000ریال
وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی
یادداشت : کتابنامه : ص .[17] - 29؛ همچنین به صورت زیرنویس
موضوع : قرآن -- قصه ها
پیامبران -- سرگذشتنامه
شناسه افزوده : عرفانیان یزدی ، غلامرضا، مصحح
شناسه افزوده : آستان قدس رضوی . بنیاد پژوهش های اسلامی
رده بندی کنگره : BP88 /ق62ق6 1368
رده بندی دیویی : 297/156
شماره کتابشناسی ملی : م 68-114
ص: 1
بسم الله الرحمن الرحيم
ص: 2
ص: 3
قصص الانبیاء
تالیف قطب الدین سعیدبن هبه الله الراوندی ؛ تحقیق غلامرضا عرفانیان الیزدی
آستان قدس رضوی
بنیاد پژوهش های اسلامی
ص: 4
مقدّمة التحقيق 7
مقدّمة المؤلّف 31
الباب الأوّل: \في ذكر خلق آدم و حوّا\ 35
الباب الثاني: \في نبوّة إدريس و نوح (عليه السّلام) \ 73
الباب الثالث: \في ذكر هود و صالح (عليهما السّلام) \ 88
\في حديث إرم ذات العماد\ 93
الباب الرّابع: \في نبوّة إبراهيم (عليه السّلام) \ 103
الباب الخامس: \في ذكر لوط و ذي القرنين (عليهما السّلام) \ 117
الباب السادس: \في نبوة يعقوب و يوسف (عليهما السّلام) \ 126
الباب السابع: \في ذكر أيوب و شعيب (عليهما السّلام) \ 139
الباب الثامن: \في نبوة موسى بن عمران (عليه السّلام) \ 148
\في حديث موسى و العالم\ 156
\في حديث البقرة\ 159
\في مناجاة موسى (عليه السّلام) \ 160
\في حديث حزبيل لمّا طلبه فرعون\ 166
\في تسع آيات موسى\ 167
\في حديث بلعم بن باعورا\ 173
\في وفاة هارون و موسى\ 174
\في خروج صفراء على يوشع بن نون\ 175
ص: 5
الباب التاسع: \في بني إسرائيل\ 177
الباب العاشر: \في نبوّة إسماعيل و حديث لقمان\ 188
الباب الحادي عشر: \في نبوّة داود (عليه السّلام) \ 198
الباب الثاني عشر: \في نبوّة سليمان (عليه السّلام) و ملكه\ 208
الباب الثالث عشر: \في أحوال ذى الكفل و عمران\ 212
الباب الرابع عشر: \في حديث زكريا و يحيى\ 216
الباب الخامس عشر: \في نبوّة و ارميا و دانيال\ 222
\في علامات كسوف الشمس في الاثني عشر شهرا\ 234
\في علامات خسوف القمر طول السنة\ 235
الباب السادس عشر: \في حديث جرجيس و عزير و حزقيل و إليا\ 238
الباب السابع عشر: \في ذكر شعيا و أصحاب الأخدود و إلياس و اليسع و يونس و أصحاب الكهف و الرقيم\ 244
الباب الثامن عشر: \في نبوّة عيسى و ما كان في زمانه و مولده و نبوّته\ 264
الباب التاسع عشر: \في الدلائل على نبوّة محمّد (صلّى اللّه عليه و آله) من المعجزات و غيرها\ 281
الباب العشرون: \في أحوال محمد (صلّى اللّه عليه و آله) \ 316
\قصة المعراج\ 325
\في مغازيه\ 3392-4
ص: 6
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه الّذى بعث رسله و أنبياءه إقامة لعدله و دينه و حجّة له على خلقه لئلاّ يثبت لهم عذر و برهان بأنّه: لو لا أرسلت إلينا رسولا هاديا مبشّرا و منذرا و بيده قرآن و فرقان حتّى نتبعك من قبل أن نضلّ و نخزى. فكشفوا لهم عن المحاسن و المساوئ و بصّروهم سرّاء الدّنيا و ضرّائها و بيّنوا لهم ما أعدّ اللّه للمطيعين من جنّة و كرامة، و للعصاة من نار و خسارة فجهل الغواة حقّ الهداة فبدّدوهم و مزّقوهم.
و لم يقطع اللّه سبحانه عن الظالمين و الغاوين حجّته فواتر إلى الخلق سفراءه ليتواتر عليهم بيّناته البالغة إلى أن أفضت جلائل نعمه و كرائم ألطافه أن ينتجب أبا القاسم محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رسولا الى الثّقلين من خليقته فأعطاه الشّريعة السّهلة السّمحة الكامل قواعدها و المرصوص مبانيها فأتمّ به النّبوة و ختم به الرّسالة صلّى اللّه عليه و آله الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيرا، جعلهم خلفاء الرّسول امتدادا لخطّ الرّسالة و إخراجا للنّاس من وساوس الضّلالة إلى انوار الهداية فهم مشاعل الخير و السّعادة «حاضرهم و غائبهم ماضيهم و قائمهم الحجة بن الحسن العسكريّ عليهما السلام و أرواحنا له الفداء» إلى يوم يقوم النّاس لربّ العالمين.
و بعد: فإنّ كتاب قصص الأنبياء لأبي الحسين سعيد بن هبة اللّه قطب الدّين الرّاوندى لم يظهر ليومنا هذا على عالم الطّبع مع أنّه كتاب قيّم ثمين مشتمل على مطلب مهمّ وزين، ألا و هو التّأريخ الرّزين للأنبياء و المرسلين و قد أشار مؤلّفه الفذّ «في المقدّمة» إشارة لطيفة إلى تمجيده و تحبيره حيث قال: و الكتب المصنّفة في هذا المعنى، فيها الغثّ و السّمين و الرّدّ و الثّمين فجمعت بعون اللّه زلالها و سلبتها جربالها...
إن قلت: ربما ينسب الكتاب إلى السيّد الإمام ضياء الدّين أبي
ص: 7
الرّضا فضل اللّه بن عليّ الرّاوندى، كما كتبت النّسبة على ظهر نسخة منه بمكتبة الأستاذ الشّهيد مرتضى المطهّري (الّتي في السّابق كانت موسومة ب: المكتبة لمدرسة سبهسالار الكبرى الجديدة في مقابل المدرسة لسبه سالار الصّغرى القديمة كلتاهما في طهران) و قد ترفع النّسبة إلى المجلسي مردّدا في مقدّمة البحار.
قلت: لا اعتبار لتلك النّسبة بالكتابة المجهول كاتبها. و النّسخة الموصوفة رأيتها و أخذت صورة منها.
على هامش صفحتها الرّابعة: كتاب قصص الأنبياء تأليف السيّد فضل اللّه الرّاوندي جزء كتابخانۀ شاهزاده خان لر ميرزا احتشام الدّولة. و على هامش آخر النّسخة هكذا: هو الباقي، قد انتقل بالبيع الشّرعي إلى العبد المذنب خان لر بمبلغ خمسة عشر ريال في سنة 1262 و في ذيل الكتابة ختمه.
و هذا أكمل نسخة (من خمس نسخ خطّيّة نالتها أيدينا) وقع الفراغ من استنساخها في اليوم 22 من ذي الحجّة 1089 على يد عزيز بن مطلب بن علاء الدّين بن أحمد الموسوي الحسيني الجزائريّ (1) مولدا و منشأ في بلدة شوشتر (هكذا تحكي الكتابة و المقصود أنّ مولده الجزائر - من اعمال البصرة - و نشأه في بلدة شوشتر) و ألحق بالنسخة بخط آخر فوائد متفرقة و مسائل متشتّتة منها الاستفتاء في مسألة عن القاضي ابن فريقة و روايات ثلاثة عن مجالس الصّدوق في الرّؤيا و مسائل متفرقة مشكلة تشبه الأحجيّة و رواية معلّى بن خنيس في فضل يوم النّيروز و فائدة ملخّصة من المهذّب شرح المختصر في تحقيق يوم النّيروز و تعيينه في ذيل: تنبيه. ثمّ ذكر فوائد الشّيخ جواد و ألغازه و هناك مواعظ مختلفة و فوائد متفرقة عليها.
و الشّيخ الطّهراني قد رأى هذه النّسخة و وصفها في الذّريعة الجزء 104/17 بما ذكرنا في الجملة فزلّ قلمه حيث نسب الكتاب في هذه الصّفحة إلى السّيد الرّاوندي اغترارا من تلك الكتابة المجرّدة المجهولة و مسرعا في العبور على عبارة المجلسي في مقدّمة البحار الآتي ذكرها و في الصفحة المقابلة نسبه إلى القطب الرّاوندي لتشويه سواد على بياض فردّد تعدّد الواحد الّذي رتّب على عشرين بابا محدّد البدء و الختم و ما أدرى لو رأى سائر النّسخ من هذا الكتاب الّتي لم يكتب عليها شيء أو كتب على بعضها ما يفهم منه أنّه تأليف قطب الدّين الرّاوندي فهل توقّف أو حكم بتكرّر تأليفه بقالب واحد بقلمين للراونديّين ؟ و من المعلوم أنّ بكتابة صامتة من كاتب غير معروف و من دون إقامة مستند معتبر مستدلّ على دعواه لا يثبت المدّعى و هذه المسألة كمسألة وقف الكتاب حيث قال الفقهاء: لا تثبت وقفيّة كتاب بمجرّد وجود كتابة الوقف عليه فيمكن شراءه و بيعه.
و الحال على هذا المنوال في أشباه القضيّة و نظائرها الّتي تحتاج في صحّتها و واقعيّتها إلى بيّنة أو
ص: 8
استفاضة أو اطمئنان على تصديق عنوان خاصّ في مواردها و من الاتّفاق أنّ فيما نحن فيه دعوى الاستفاضة بل الشّهرة على عكس الدّعوى و هو أنّ كتاب قصص الأنبياء الرّاونديّة (على حدّ تعبير شيخنا صاحب الذريعة الجزء 105:17) و ذاك المقصور على قصص الأنبياء الّذي أخباره جلّها مأخوذة من كتب الصّدوق (على لبّ تحديد المجلسي) كتاب واحد تحت هذه القبّة الخضراء و فوق هذه الغبراء لم ينسبه متتبع إلى غير أبي الحسين قطب الدّين الرّاوندي و لا يوجد في الفهارس و المكتبات الطّويلة و العريضة في البلاد تسجيل جازم متقن على خلاف ذلك.
و لذا ذكر المحدّث المتخصّص الشّيخ الحرّ العامليّ بكلمة واحدة في وسائل الشيعة الجزء 42/20:
كتاب الخرائج و الجرائح تأليف الشّيخ الصّدوق سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي، كتاب قصص الأنبياء له.
و قال في ذكر طرقه إلى الكتب ص 57: و نروي كتاب الخرائج و الجرائح و كتاب قصص الأنبياء لسعيد بن هبة اللّه الرّاوندي بالإسناد السّابق عن العلاّمة الحسن بن المطهّر عن والده عن الشّيخ مهذّب الدّين الحسين بن ردّة عن القاضي أحمد بن عليّ بن عبد الجبار الطّبرسي عن سعيد بن هبة اللّه الراونديّ .
و قال في أمل الآمل الجزء 127/2 عند ترجمة القطب الراونديّ و تعريض كتبه: و قد رأيت له كتاب قصص الأنبياء أيضا. و لم ينسبه إلى السيّد فضل اللّه الرّاوندي حين ترجمه في المصدر نفسه ص 217.
و يظهر من مواضع لترجمة قطب الدّين الرّاوندي في رياض العلماء الجزء 2 مسلّمية أنّ كتاب قصص الأنبياء له منها ص 419 و منها ص 426 و منها ص 435 و قال في ص 428: ثم أقول: المشهور أنّ كتاب الخرائج و الجرائح و كتاب قصص الأنبياء كلاهما من مؤلّفات القطب الرّاوندي هذا. و قال الأستاذ الاستناد في البحار: و كتاب الخرائج و الجرائح للشيخ الإمام قطب الدّين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الرّاوندي و كتاب قصص الأنبياء له أيضا على ما يظهر من أسانيد الكتاب و اشتهر أيضا و لا يبعد أن يكون تأليف فضل اللّه بن عليّ بن عبيد اللّه الحسني الرّاوندي كما يظهر من بعض أسانيد السيّد ابن طاوس و قد صرّح بكونه منه في رسالة النّجوم و كتاب فلاح السّائل و الأمر فيه هيّن لكونه مقصورا على القصص و أخباره جلّها مأخوذة من كتب الصّدوق، انتهى.
أقول: العبارة بعينها موجودة في البحار الطّبع الجديد الجزء 12/1 و غرض صاحب الرّياض من ذكر عبارة المجلسي ردّ ما أبداه احتمالا من كون كتاب القصص للسيّد فضل اللّه الرّاوندي و لذا قال متّصلا بالعبارة: أقول: لكن قد صرّح ابن طاوس نفسه أيضا في كتاب مهج الدعوات بأن كتاب قصص الأنبياء تأليف سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي و القول بأنّ لكلّ منهما كتابا في هذا المعنى ممكن لكن
ص: 9
بعيد. فتأمّل (رياض العلماء الجزء 429/2) وجه التّأمل أنّ الكلام في المقام ليس في احتمال وجود تأليف في هذا الموضوع للسّيد الرّاوندي و لم يصل إلينا فانّه لانا في لهذا الاحتمال و إنّما الكلام في أنّ هذا الكتاب الوحيد المعروف المشخّص في الخارج المحرز بدوا و ختما و فهرسا الموسوم بقصص الأنبياء لأيّ من الرّاونديّين فيقال: إنّه قامت القرائن الوثيقة على أنّه للشيخ الإمام أبي الحسين قطب الدّين سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي.
القرينة الأولى و الثّانية: أنّ السيّد ابن طاوس ذكر في موردين من مهج دعواته ما فيه انفهام عرفيّ بأنّه يرى نسبة تأليف كتاب قصص الأنبياء. هذا، إلى قطب الدّين الرّاوندي.
المورد الأوّل في الصفحة 307 منه الطّبع الحجري 1323 (انتشارات كتابخانه سنائي): و من ذلك دعاء يوسف عليه السّلام لمّا ألقي في الجبّ رويناه بإسنادنا إلى سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي من كتاب قصص الأنبياء بإسناده فيه إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا ألقى إخوة يوسف يوسف في الجبّ نزل عليه جبرئيل عليه السّلام فقال: يا غلام من طرحك في هذا الجبّ؟ قال: إخوتي لمنزلتي من أبي حسدوني، قال: أ تحبّ أن تخرج من هذا الجبّ؟ قال: ذلك إلى إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب، قال جبرئيل: فانّ اللّه يقول لك: قل: اللّهم إنّي أسألك بأنّ لك الحمد لا إله إلاّ أنت بديع السّماوات و الأرض يا ذا الجلال و الإكرام أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا و ترزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
و هذا الحديث مذكور حرفا بحرف في الكتاب الحاضر في الفصل الأوّل من الباب السّادس في نبوّة يعقوب و يوسف عليهما السّلام.
و المورد الثّاني في ص 312: و من ذلك دعاء عيسى عليه السّلام رويناه بإسنادنا إلى سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي رحمه اللّه من كتاب قصص الأنبياء عليهم السّلام بإسناده إلى الصّادق عن آبائه عن النّبي صلوات اللّه عليه و عليهم قال: لمّا اجتمعت اليهود إلى عيسى عليه السّلام ليقتلوه بزعمهم أتاه جبرائيل عليه السّلام فغشّاه بجناحه فطمح عيسى عليه السّلام ببصره فإذا هو بكتاب في باطن جناح جبرئيل و هو: اللّهم إنّي أدعوك باسمك الواحد الأعزّ... إلى آخر الدّعاء و الخبر. و هو مذكور أيضا عينا في الكتاب الحاضر، الباب 18 الفصل 8.
و أمّا مقالة المجلسي من أنّ ابن طاوس قد صرّح بكونه منه في رسالة النّجوم و فلاح السّائل. فمع أنّه جذيلها المحكك و عذيقها المرجّب(1) تورّط من كثرة المشغلة في الخطأ لانّ الكتابين كشفتهما صفحة بعد
ص: 10
صفحة و سطرا خلف سطر فرأيت كتاب فلاح السّائل فارغا عن ذكر هذا الكتاب و مؤلّفه و ما وجدت في كتاب فرج المهموم في علم النّجوم إلاّ موضعين فيهما الدّلالة على أنّ كتاب قصص الأنبياء لسعيد بن هبة اللّه. و هذان الموضعان يشكّلان القرينة الثّالثة و الرّابعة على المطلوب.
الموضع الأوّل في ص 27 (طبع النّجف المطبعة الحيدريّة): و رواه سعيد بن هبة اللّه الراونديّ رحمه اللّه في كتاب قصص الأنبياء. و المقصود بقوله: و رواه، الإشارة إلى قصة آذر والد إبراهيم (بمعنى المربّي أو ما يقرب منه) كان منجّما لنمرود... فقال له: انّي أرى في حساب النّجوم... و القصة بطولها موجودة في الباب الرّابع الحديث المرقم 93 من كتاب القصص الحاضر لديك.
الموضع الثّاني فيه في ص 118: و من ذلك ما ذكره سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي رحمه اللّه في كتاب قصص الأنبياء، قال: إنّ عيسى عليه السلام مرّ بقوم معرّسين فسأل عنهم فقيل له: إنّ بنت فلان تهدى إلى فلان فقال: إنّ صاحبتهم ميّتة... و القصّة بعينها مذكورة في كتابكم الحاضر في الباب 18 الحديث 338.
القرينة الخامسة: إنّي تصفحت كتاب سعد السّعود لابن طاوس أيضا فرأيت فيه ما يشكّل قرينة على المطلوب حيث قال (ص 123 من طبعته الأولى في النّجف الحيدريّة 1369): فصل، فيما نذكره من كتاب قصص الأنبياء جمع الشّيخ سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الرّاوندي قصة إدريس...: أخبرنا السّيد ابو الصّمصام ذو الفقار بن أحمد بن معبد الحسيني حدّثنا الشّيخ أبو جعفر الطّوسي... عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جدّه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: كان نبوّة إدريس أنّه كان في زمنه ملك جبار و أنّه ركب ذات يوم... و آخر القصّة: فأظلمتهم سحابة من السماء فأرعدت و أبرقت و هطلت عليهم.
و القصّة مفصّلة اقتطعناها و هي باسرها تضمّنها هذا الكتاب الّذي بيدك. الحديث الأوّل من الباب الثّاني في نبوة إدريس.
و بعد استعراض هذه القرائن الخمس مضافا إلى ما سمعته من صاحب الرّياض و الوسائل، لا يعتريك ريب في أنّ الكتاب الموجود تأليف قطب الدّين سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي و أنّ احتمال خلافه من قبيل إبداء شبهة في مقابل النّص.
و يؤيّد المطلب ما ذكره الشّيخ النّورى في مستدركه الجزء 489/3 و 490 حيث يلوح من المذكور في الصّفحتين اعتقاده: أنّ كتاب قصص الأنبياء للقطب الرّاوندي و لا غير و لوضوح الأمر لا حاجة إلى كشف عبارته في ص 326 من نفس الجزء و كسر سكوته على ما تقدّم من المجلسي من البيان الظّاهر في ترديده لكون الكتاب للقطب أو السّيد فضل اللّه و فيما أوردناه من بسط بعض الإمارات و الدّلائل على المقصود كفاية إنشاء اللّه تعالى.
ص: 11
اختلف في اسمه و كنيته و سلسلة نسبه. فقيل: إنّه سعيد و قيل:
سعد و قيل: أبو الحسن و قيل: ابو الحسين و قيل: أبو الفرج و قيل: إنّ مدفنه في قرية خسرو شاه بقرب من تبريز و قيل في الجميع غير ذلك.
و لعمري إنّ الاختلاف في ذلك اختلاف في أمر بديهيّ إذ المشتهر عند النّاس من العوامّ و الخواصّ هو: ابو الحسين قطب الدّين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراونديّ .
و أسبق من ترجمه بأخصر شيء جميل هو تلميذه ابن شهرآشوب في معالم العلماء ص 55 طبع النجف، حيث قال: شيخي أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي. ثمّ فهرس مختصرا من كتبه.
و أقدم من نصّ على تلقيبه ب: قطب الدّين هو تلميذه الآخر الشّيخ منتجب الدّين في فهرسته إذ قال في حرف سينه: الشّيخ الإمام قطب الدّين أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الرّاوندي فقيه عين صالح ثقة له تصانيف. ثمّ سردها و لسنا بهذا الصّدد و عن تأريخ الرّي له: زيادة: بن عيسى، بعد، الحسن.
و يظهر من الرّياض في أوائل ترجمته (الجزء 419/2) أنّه الشّيخ الإمام قطب الدّين أبو الحسين سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه بن الحسن الرّاوندي.
و وجه الظّهور أنّه وجه الجمع بين كلامه «بعيد عنوانه»: و قد ينسب إلى جدّه كثيرا اختصارا فيقال: سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي. فلا تظنّنّ المغايرة بينهما و بين كلامه الآخر بعد ترجمته المفصّلة في ص 437 تحت عنوان جديد آخر: الشّيخ الإمام قطب الدّين أبو الحسين سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراونديّ ، قد سبق بعنوان: الشّيخ قطب الدّين أبو الحسين سعيد بن عبد اللّه بن الحسين بن هبة اللّه ابن الحسن الرّاوندي.
و عليه ففي أصل نسخة الرّياض أو من عند بعض المستنسخين له، وقع سقط في أوّل سلسلة نسب هذا الرّجل و السّاقط هو ما أثبتناه بقرينة ذكرناها. و طراز ما ذكره السّيد الأمين في أعيانه الجزء 239/7 من طبع بيروت دار التعارف هو أيضا هذا.
و الزّائد على هذا في نسبه لم يصل إلينا و لم يذكره غير المنتجب و الفاضل الأفندي صاحب الرّياض كما لم يذكر أحد تاريخ ولادته و في أمل الآمل زيد: أبو الحسن على نسخة و ابن الحسن بعد هبة اللّه.
و كيفما كان الّذى يظهر من كلمات المترجمين له أنّه من علماء القرن السادس و توفي في العام 573 و من المطمئن به مدفنه في الصّحن الجديد بقم و قبره معروف، له مرقد مرتفع يزار، و عليه رحمة اللّه الواسعة.
ص: 12
و أمّا آباؤه فلم يتعرض لهم أحد من المتعرضين لتراجم العلماء، و لم تطلع على الصّفحات المبيضّة من التأريخ شمس من شموس وجودهم غير أنّه ورد عن مجمع الآداب في أعيان الشّيعة الجزء 262/10: قطب الدّين أبو الفضل هبة اللّه ابن سعيد الرّاوندي الفقيه المتكلّم كان من العلماء الأفاضل و له تصانيف حسنة، روى عن ابي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، أقول: و الظّاهر أنّه أحد آبائه لو كان صدر العبارة مأمونا من الغلط - و يحتمل قريبا أنّه صاحب القبر المعروف «في قرية خسرو شاه بناحية من تبريز» ب: قبر القطب الرّاوندي.
و أمّا أولاده فله: محمّد و عليّ و حسين، تعرض لهم تلميذ والدهم منتجب الدين في فهرسته مشفوعين بالثّناء و المدح. فقال في حرف الميم: الشّيخ الإمام ظهير الدّين أبو الفضل محمّد بن الشّيخ الإمام قطب الدّين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي، فقيه، ثقة، عدل، عين.
و عرّف له ابنا و هو: الشّيخ رشيد الدّين الحسين بن أبي الفضل بن محمّد الرّاوندي المقيم بقوهدة رأس الوادي من أعمال الرّى. صالح، مقرئ. و الظّاهر زيادة «بن» قبل: محمّد، لانّ درك الشيخ منتجب الدّين لابن حفيد أستاده عند كبره بعيد جدا.
و قال في حرف العين: الشّيخ الإمام عماد الدّين علي ابن الشّيخ الإمام قطب الدّين أبي الحسين سعيد بن هبة اللّه الرّاوندي، فقيه، ثقة، و كنيته أبو الفرج، كرّر إطلاقه عليه في رياض العلماء الجزء 331/3-332 عن بعض طرق الإجازات و الرّوايات و ذكره الشّيخ الحرّ في أمل الآمل الجزء 171/2 و قال: يروي عنه الشّهيد. و ما قاله من رواية الشّهيد (الظّاهر في الشّهيد الأوّل) عنه ليس بثبت، إذ من المسلّم استشهاده في عام 786 ه ق فلا يمكن روايته عنه بلا واسطة(1). و ذكر في نفس الجزء ص 179 أبا الفرج الآخر و هو: الشّيخ أبو الفرج عليّ بن الحسين الرّاوندي، عالم، فاضل، جليل يروي عن الشّيخ أبي عليّ الطّوسي. و هذا أيضا غير صالح للقبول و لم يعلم تطبيقه على واحد من أسرة الشّيخ الإمام القطب.
و للشّيخ عليّ هذا ابن ذكره تلميذ جدّه الشّيخ منتجب الدّين في حرف الميم من فهرسته بعنوان:
الشّيخ برهان الدّين محمّد بن عليّ بن أبي الحسين أبو الفضائل الراونديّ سبط الإمام قطب الدّين رحمهم اللّه فاضل، عالم. أقول: المناسب بفنّ الأنساب أن يقول: حفيد الإمام... لأن السّبط اصطلاحا ابن البنت.
ص: 13
و قال في حرف الحاء: الشّيخ نصير الدّين أبو عبد اللّه الحسين ابن الشيخ الإمام قطب الدّين أبي الحسين الرّاوندي، عالم، صالح، شهيد. و قال في الرياض الجزء 430/2: ثمّ أنّ له ولدا فاضلا شهيدا و هو الشّيخ نصير الدّين أبو عبد اللّه الحسين... أقول: و لم يظهر وصف شهادته لنا و لا يظهر شيء من ذلك من شهداء الفضيلة.
و ربما ينسب له ابن بعنوان: الشّيخ أبو الفرج عليّ بن الحسين المشار إليه آنفا و النّسبة غير ثابتة تفرّد بتعرّضه الشّيخ الحرّ. هذا ما ساعدتنا الفرصة العزيزة للنّظر إلى مظانّ تراجم الأسرة الشّريفة للشّيخ المعظّم قطب الدّين الرّاوندي، فما وجدنا غير هؤلاء من أمجاده الفضلاء الدّاخلين في الإجازات و طرق الرّوايات. و قال في الرياض أيضا في المورد المذكور: و كان والده و جدّه أيضا من العلماء، و قد مرّ و سيجيء ترجمتها فلاحظ.
أقول: لاحظنا لم يمرّ و لم نظفر بما قال.
و بعد تطواف هذا المطاف يحسن بنا المورود على باب الكتاب و نترك البحث رهوا عن كتبه السّتّة و الخمسين و مشايخه السّادس و العشرين و تلامذته الجمّة للمتعطشين إلى شريعة أعيان الشّيعة الجزء 240/7-241 و 360 فانّ منهله واف للباب و كاف للخطاب.
و نهتف «هنا تمهيدا» إلى القراء الكرام و النّظراء العظام بالإشارة إلى ذكر المهمّ وثائق الكتاب.
منها: تطبيقه مع نسخة العلاّمة المجلسي فإنّها مضبوطة مدرجة مبثوثة في بحار الأنوار.
و منها: تحصيل نسخ خمسة خطّية منه عن المكتبات القيّمة.
1 - نسخة عن مكتبة المدرسة الكبرى لسبه سالار في طهران - كتبت بخط النّسخ و هي الّتي تقوّلنا عليها في مفتتح المقدّمة و ناقشنا بها بعض الكلام مع شيخنا الطّهراني لتصحيح نسبة النّسخة إلى القطب الرّاوندي، و بالنّظر إلى أنّها كاملة أولا و وسطا و آخرا و حسن الخط نسبيّا فقد رمزناها ب: ق 1
2 - نسخة عن مكتبة الجامعة الكبيرة لطهران و هي أيضا بخطّ النّسخ تامّة كسابقتها إلاّ أنّها بدون التاريخ و اسم الكاتب و لكن يظهر من رسم قلمها أنّها كتبت في عصر تأليف بحار الأنوار. و رمزناها:
ق 2
3 و 4 و 5 - نسخ ثلاثة عن مكتبة السّيد الإمام الهمام شهاب الدّين المرعشيّ دام ظلّه في قم و هي بخطّ النّسخ أيضا.
ص: 14
واحد منها تامّ الأوّل و الآخر إلاّ أسطرا من ما قبل آخرها، تاريخ كتابتها: ربيع الأوّل 1219 كاتبها رجب علي التبريزى أصلا و الحائري مسكنا بخطّ حسن نسبة عن نسخة كتبت في ربيع الأوّل لسنة 1132. رمزناها ب: ق 3.
و الثّاني منها تامّ الأوّل و ناقص الآخر - بمقدار ثلاثين حديثا تقريبا - بخطّ النّسخ و هو حسن قياسا، يلوح من سبك الخطّ أنّ تاريخها ما قبل مائتي سنة تقريبا، رمزناها ب: ق 4.
و الثّالث منها ناقص الأطراف إلاّ بقدر قليل من آخرها يقرأ منه تاريخ كتابتها و هو ذو القعدة لعام 1090 بخط غير حسن، رمزناها ب: ق 5
و استفدنا من النّسخة الأولى كثيرا و جعلناها أصلا، كما و إنّا استفدنا من نسخة البحار و إثبات الهداة و غيرهما من الكتب و مارسناها مكرّرا لتصبح، أقاصيص هذا الكتاب سندا و متنا مستقيمة خالية من الأغلاط و الزّيادة و النّقص، محقّقة منقّحة إذ كانت النّسخ الموصوفة مشوّهة في بعض الموارد.
و من الوثائق - إنّا قابلنا النّسخ المذكورة كلّ واحدة مع الأخرى و أشرنا إلى موارد اختلافها و استحسان بعض و تصويبه أحيانا في ذيل الصّفحات لنسختكم هذه الّتي استخلصناها من مجموعها و من نسخة البحار و غيرها.
و منها - أنّ هذا الكتاب بما أنّه من مصادر بحار الأنوار و أصولها و بثّت قصصه و عبره و مواعظه و فوائده الأخرى، على الأبواب المناسبة المتفرقة في البحار فسبرناها دقيقا من أوّل أجزائها المائة و عشرة إلى آخرها مضافا إلى الجزء الثّامن من طبعها القديم (الّذى في الفتن و المحن) فكلّ أثر مرمّز ب ص، الّذى اصطلح عليه مؤلف البحار لكتاب قصص الأنبياء - وجدناه فيها قيّدناه بذكر رقم الجزء و الصّفحة و رقم له لو كان في ذيل نفس الأثر الموجود بالأصل، و إذا كان مقطوعا مذكورا في أزيد من مورد، صرّحنا بذلك في الذّيل أيضا.
و إذا أتي بالأثر في البحار عن غير القصص من سائر المصادر الّتي في التاريخ و الآثار فقيّدنا أيضا اسم المصدر بخصوصيّته و مشخصاته ذيلا.
و الحال على هذا المنوال ندرة بالإضافة إلى إثبات الهداة و وسائل الشّيعة و مستدركه.
و في التّصحيحات السّنديّة و المتنيّة اعتمدنا على الفوائد و القواعد المشهورة المسلّمة و القرائن القطعيّة الّتي علّمنا اللّه تعالى طرقها و مخارج استنباطها «سُبْحٰانَكَ لاٰ عِلْمَ لَنٰا إِلاّٰ مٰا عَلَّمْتَنٰا» البقرة: 3(2)
فأصبحت بحمد اللّه التّخريجات و التّعليقات نافعة شاملة لقصص الكتاب و أحاديثه و حكاياته الّتي نافت بأرقام التّسلسل أربعمائة و خمسين مع شرح اللّغات و تخريج الآيات الواردة فيه.
و ليعلم أنّه قد تخلّف في موارد من البحار هذا الرّمز المختص: ص، بكتاب القصص، منها - في الجزء
ص: 15
30/103 برقم 55 فإنّه ليس من القصص بشيء و إنّما ورد ما يقرب منه جدّا لفظا و معنى في: التّمحيص ص 53 برقم 104 و 105. و منها في نفس الجزء ص 34 برقم 65، ذكر في التّمحيص ص 52 برقم 97 و فيه نفسه ص 35 برقم 66 و هو مذكور في التّمحيص ص 52 برقم 98. و فيه عينا برقم 67 مذكور في التّمحيص ص 52 برقم 99، و ذكر هذا الأخير في تحف العقول أيضا ص 283 و نحو هذه الموارد من الاشتباه ربما يجده المتتبّع أثناء مراجعة البحار. و إنّما سجّلنا هذا النّموذج لأجل تنبيه القرّاء العظام على الصّعوبة الّتي تحمّلناها في سبيل خروج هذا الكتاب عن الظّلام إلى النّور بأحسن النّظام.
ص: 16
1 - القرآن المجيد
2 - أحسن القصص، في تفسير سورة يوسف للسيّد محمّد بن على النّقوى الهندى النّصيرآبادي، طبع في عظيم آباد، الذريعة 288/1.
3 - أفصح الأحوال، فهرس: برلن، ش 539 و هو يختص بالأنبياء غير الخاتم بضميمة قصة أصحاب الكهف و شمعون و خالد.
من: تاريخ ادبيات فارسي 232 تاليف: هرمان آته، بترجمة دكتر رضازاده شفق.
4 - الأناجيل الأربعة.
5 - أنبياء نامه، منظوم، ناظمه: ابو إسحاق إبراهيم بن عبد اللّه الباله الحسني الشبسترى في تاريخ الأنبياء غير الخاتم، من: تاريخ ادبيات فارسي تأليف:
هرمان اته (المصدر السّابق).
6 - الأنبياء و الأوصياء من آدم الى المهديّ عليهم السّلام لمحمّد بن علي، ذكره ابن طاوس في فرج المهموم ص: 111.
7 - انس المريد و شمس المجالس، فارسى في قصة النبيّ يوسف، لخواجه عبد اللّه الأنصاريّ ، الذريعة 368/2.
8 - الأنهار اللاهوتية في الحياض الناسوتية، مؤلّفة: احمد البيرجندى، خطي، طهران مكتبة المجلس، ش: 2269.
9 - أنيس القلوب، للقاضي ابي نصر مسعود بن مظفّر أنوى، تاريخ الأنبياء منظوم خطي. أيا صوفيّة في بلغاريا، ش 2984.
10 - بحر موّاج ل: احسان اللّه ممتاز طبع لكهنو 1362 بالقمري.
11 - بهجة التواريخ، مؤلّفه: شكر اللّه الرّومي الفصل الثّاني منه في: قصص الأنبياء الى محمّد صلّى اللّه عليهم و عليه و آله و سلّم، خطي (لنينگراد. ش: 385).
12 - تاج القصص، مؤلّفه أبو نصر احمد البخارى
ص: 17
خطي، ديوان هند. ش: 618
و في تاريخ ادبيات فارسي 232 تأليف:
هرمان اته: ابن نصر البخارى. و في الذريعة 206/3: تاج القصص لمولى معين الدين الهروى المتوفي 907 المنقول عنه في قصص موسى.
13 - تاريخ الأنبياء، تأليف: محمّد علي بن حسين الطّهراني ماتوزيان، مطبوع في طهران 1329 بالقمرى.
14 - تاريخ الأنبياء، اينديا افيس، ش: 2028 انبياء بني إسرائيل بضميمة قصة ذى القرنين و جرجيس و راهب برثيثا و موسى حفيد يوسف و بشر بن أيّوب الصابر
من تاريخ ادبيات فارسي 232-233 تأليف هرمان آته، به ترجمه: دكتر رضازاده شفق.
15 - تاريخ الأنبياء، بالفارسية. لميرزا عبد الحسين خان سپهر، الذريعة 236/3.
16 - تاريخ الأنبياء، لملا علي أكبر معلم بنت لمحمد شاه القاجار، خطي، في جامعة طهران، ش: 4118.
17 - تاريخ الأنبياء، مطبوع في ثلاث مجلدات للمولوى الشيخ احمد صاحب الهندي الذريعة 237/3.
18 - تاريخ الأنبياء، فارسي، راجع إلى أوائل القرن 14، الذريعة 236/3.
19 - تاريخ الأنبياء و الأوصياء، مؤلّفه غير مذكور خطي - مشهد - في مكتبة الإمام الرضا عليه السلام ش: 123.
20 - تاريخ الأنبياء باللغة التركية للوزير امير علي شيرم 907، راجع الذريعة 236/3.
21 - تاريخ پيامبران و پيشوايان، (فارسي) 439 فهرس سپهسالار 1506.
22 - تاريخ جهان آرا، فارسي، لأحمد بن محمّد القاضي انتهى عنه في 972 و هو مرتب على ثلاثة اقسام، الأول منه في: الأنبياء الذريعة 247/3.
23 - تاريخ قبچاق خاني، تأليف: خواجم قلي بيك البلخيّ ، الباب الأوّل منه في تاريخ الأنبياء من آدم الى الخاتم، خظي، بودليان، ش: 117.
24 - التاريخ الكبير - مؤلّفه: السيّد جعفر الجعفرى، القسم الأوّل منه في تاريخ الأنبياء، خطي - في المكتبة العامّة في لنينگراد، ش: 201.
25 - تاريخ گزيده - لحمد اللّه المستوفي، الباب الأول منه في تاريخ الأنبياء طبع ليدن و طهران.
26 - تحفة الأتقياء، في ترجمۀ النّصف الأوّل من تنزيه الأنبياء بلغة اردو، طبع بالهند للسيّد شريف حسين الهندى:
ص: 18
27 - تحفة الاخوان، في تواريخ مشاهير الأنبياء و الخلفاء و الأئمّة الاطهار و غزوات أمير المؤمنين عليهم السلام، لاقا أحمد بن آقا محمّد علي الكرمانشاهي، الذريعة 413/3
28 - تحفة الأنبياء، في ترجمة: تنزيه الأنبياء بلغة اردو، مطبوع.. و لعله عين تحفة الأتقياء، الذريعة 422/3.
29 - تحفة الأولياء في ترجمة قصص الأنبياء و المرسلين بالفارسي، للسّيد نور الدّين بن السّيد نعمة اللّه الجزائريّ ، الذّريعة 422/3.
30 - تحفة الخاقان في تفسير القرآن في أربعة مجلدات، المجلد الأول منه في تفسير آيات قصص الأنبياء و غيرهم، على ترتيب الأنبياء من آدم الى الخاتم عليهم السلام، فارسي، لميرزا محمّد باقر بن محمّد اللاهيجي كان فراغه منه 1230 بالقمرى.
الذريعة 431/3.
31 - تحفة الملوك، في تاريخ الأنبياء عليهم السلام لآقا محمود بن آقا محمّد علي البهبهاني الكرمانشاهي، الذريعة 471/3.
32 - تذكرة الأنبياء و الأمم، راجع قصص أنبياء كريم.
33 - تذكرة الأنبياء و الأولياء و السلاطين...
الباب الأوّل منه في أحوال الأنبياء من آدم الى نبيّنا الخاتم عليهم السلام، الذريعة 28/4.
34 - التذكرة في شرح التبصرة لاقا محمّد جعفر البهبهاني الكرمانشاهي فيه مقدمات في اصول الدين و في بحث النبوّة ذكر أحوال كثير من الأنبياء...
الذريعة 24/4-23.
35 - تذكرة التواريخ، لعبد اللّه الكابلي، باب اوله في تأريخ حياة الأنبياء، خطي، تاشكند - روسيا - ش: 153.
36 - تفسير سورة الأنبياء، للسيّد عليّ بن أبي القاسم البختيارى، الذريعة 345/4.
37 - تكملة الاخبار - مؤلّفه: علي زين العابدين المعروف بالعبدى بيك نويدى، باب منه في: تواريخ الأنبياء من آدم الى طوفان نوح، خطي، في مكتبة ملك بطهران، ش: 3890.
38 - تنزيه الأنبياء، للسّيد الشّريف المرتضى مطبوع كرارا.
39 - تواريخ و قصص الأنبياء، فهرس الظاهرية بدمشق 182/2.
40 - تواريخ الأنبياء و الأئمّة الصاحب كتاب الزام الناصب: الشيخ علي اليزديّ الحائرى) فارسي في ثلاث مجلدات.
الذريعة 474/4-475.
41 - جامع مصائب الأنبياء، حتّى النّبي الخاتم
ص: 19
عليهم السلام مع بسط القول في مقتل النبيّ يحيى، للشيخ عبد النبيّ البحرانيّ .
الذريعة 71/5.
42 - جليس الواعظين و انيس الذاكرين: في قصص الأنبياء و المرسلين، فارسي، من تأليفات الواعظ المعاصر الحاجّ الشيخ نظر عليّ بن الحاجّ إسماعيل الكرماني الحائرى المتوفّى 1348، الذريعة 129/5.
43 - جوامع تاريخ العالم و الأنبياء، لمعة من لوامع اودعت في كتاب التنبيه و الاشراف للمسعوديّ و هو شبيه كتابه:
مروج الذهب اقتبسنا هذا العنوان من:
الذريعة 439/4-440.
44 - جوامع التّواريخ، مؤلّفه: رشيد الدّين فضل اللّه الهمداني الوزير، قسم منه في تاريخ الأنبياء طبع آكادمي العلوم (مسكو).
45 - جوامع الكلم: للسّيد ميرزا الجزائريّ ، السمط الثاني منه في حالات الأنبياء الذريعة 254/5 في الهامش.
46 - جواهر الأخيار، لعلي أكبر بن عبد العلي الكرماني. خطي. جامعة طهران ج 3/2.
47 - حدائق الحقائق لمسكين الفراهي تابع للقرن 9 مطبوع بطهران مكرّرا.
48 - حصص الأتقياء من قصص الأنبياء لنور الدين احمد الصابوني، ترجمة: كشف الغوامض في: أحوال الأنبياء، لابي منصور ماتري. خطي. بلوشه، ش:
370.
49 - خلاصة الاخبار، فارسي في قصص الأنبياء و المرسلين و الأئمّة عليهم السلام... تأليف: السيّد محمّد مهديّ بن محمّد جعفر الموسوى التنكابني فرغ منه 1250 و طبع في 1275. الذريعة 210/7
50 - خلاصة الاخبار في أحوال الأخيار مؤلّفه:
غياث الدين بن همام الدين المشهور ب:
خواندمير، مقالته الأولى في: قصص الأنبياء و تواريخهم. طبع مكرّرا في طهران و في الذريعة 210/7: انه لمؤلّف حبيب السّير و هو غياث الدين محمّد بن همام... و قد الّفه قبل حبيب السّير...
51 - خير القصص لاهل القصص، للسيّد محمّد فارسي و كبير، راجع ج 7 من النسخ الخطية لجامعة طهران ص: 705 بعنوان:
نسخه هائى در يزد از نسخه هاى آقاى آتشى.
52 - درّ المجالس، تأليف: سيف الدين، يتكلم عن عناصر لأنبياء بني إسرائيل و العرب و القرون الاولية للإسلام و سمّى أيضا باسم: سلّم الأنبياء، من: تاريخ أدبيات فارسي 233، تأليف هرمان
ص: 20
اته، بترجمة دكتر رضازاده شفق مجموعة في 33 فصلا على مباني التصوف و ذكر جملة من مشايخ الصوفية (اينديا افيس، ر ك، فقرة 30 و 31).
53 - الدّر المسكوك في أحوال الأنبياء و الأوصياء و الخلفاء و الملوك، للشيخ أحمد الأخ لصاحب الوسائل منتخب التواريخ ص:
615 و الذريعة 70/8 و لكن في الدفتر الرابع للنسخ الخطية ص: 452 لجامعة تهران: الدر المسكوك في أحوال الأنبياء... و هو انسب.
54 - روضة الالباب في تواريخ الأكابر و الأنساب مؤلّفه: فخر الدين أبو سليمان داود بن أبي الفضل محمّد البناكتي، ذكر في قسم أوّله تاريخ الأنبياء من آدم الى موسى عليهم السلام، طبع في طهران.
55 - روضة الطاهرى - مؤلّفه: طاهر محمّد السبزوارى، القسم الأوّل منه في تاريخ الأنبياء - خطي - في متحف بريتانيا ش 1040 الف.
56 - زاد الآخرة للفتحي الحسيني، خطي، ولّيرس، ش 976. تاريخ الكتابة 1019 قمرية.
57 - زبدة البيان في قصص الأنبياء مع تكملة في سيرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، الدفتر 411/5 من جامعة طهران.
58 - زبدة التواريخ - مؤلّفه: سعد اللّه بن عبد اللّه بن سراج الدين قاسم، باب أوله في:
تاريخ الأنبياء، خطي. في: تاشكند، روسيا ش: 3439.
59 - زندگانى پيامبران: تأليف منوچهر مطيعى (عقاب) مجلدان.
60 - زندگانى رهبران إسلام، مترجم عن العربية للشيخ عبّاس القمّيّ ، و المترجم: السيّد محمّد الصحفي القمّيّ ، طبع الترجمة بطهران 1375 في 438 صفحة، الذريعة 53/12. سلّم الأنبياء، راجع: درّ المجالس.
61 - الشموس المضيئة، تأليف: أحمد البيرجندى خطّي، بجامعة طهران، تاريخ الكتابة 1291 بالقمرى.
62 - طبقات الناصرى، لمنهاج الدين ابي عمر المعروف ب: منهاج السراج، الطبقة الأولى منها في تاريخ الأنبياء و الرّسل، مطبوع في كابل.
63 - الظنون، الجزء 2 العمود 1324 طبع استانبول، و جاء اسم المؤلّف في تاريخ ادبيات فارسي 231، تأليف: هرمان آته بترجمة: دكتر رضازاده شفق: إسحاق ابن إبراهيم بن منصور، و في مذكرة:
خطّي: ديوان هند، ش: 697.
64 - عجائب القصص، تأليف: عبد الواحد بن محمّد المفتي (في القرن العاشر، اينديا افيس شماره: 1729) في 20 فصلا.
ص: 21
من: تاريخ أدبيات فارسي 232، تأليف: هرمان اته بترجمة: رضازاده شفق.
65 - عجائب الملكوت، لعبد اللّه محمّد الكسائي و ترجمة: لمحمّد بن الحسن الديدوزمي، باسم: نفائس العرائس و قصص الأنبياء، خطي بلوشه، ش 366 كتابته 673 بالقمرية.
66 - العرائس و المجالس في قصص القرآن، نسبه العرائس و المجالس في قصص القرآن، نسبه ابن طاوس ابن الثعلبي في فرج المهموم ص : 27 و في ص: 21 قال: روى الشيخ الفاضل: محمّد بن إبراهيم الثعلبي في كتاب العرائس في المجالس و مواقيت التيجان في: قصص القرآن... طبع في بيروت.
67 - فرحة الناظرين - لمحمّد بن اسلم بن محمّد حفيظ پرسرورى، المقالة الأولى منه في تاريخ الأنبياء خطي، بودليان ش:
119.
68 - فردوس التواريخ - مؤلّفه: خسرو بن عابد الابرقوهي - قسم أوله في: تاريخ و قصص الأنبياء، خطي - مكتبة: دورن بروسيا، ش: 267.
69 - القرآن و قضايا الإنسان بتسلسل 30003 في: مكتبة السّيد المرعشيّ بقم ل: الدكتورة عائشة بنت الشّاطئ.
70 - القرآن و المبادئ الانسانية 4369 تسلسل لمكتبة السيّد المرعشيّ بقم، لمحمّد بن عبد اللّه السّمان.
71 - قصص الأنبياء مؤلّفه: علاء الدين علي بن محمّد القوشچي، خطي، نسخة منه عند:
حسن النّراقي في طهران.
72 - قصص الأنبياء لابي الحسن بن الهيصم البوشنجي، ترجم بالفارسي. و المترجم:
محمّد بن أسعد بن عبد اللّه التّسترى خطي. في مكتبة الآرشيو الملي بكابل.
73 - قصص الأنبياء، لعماد زادۀ اصفهاني برقم ب/ 42، في مكتبة مسجد أعظم بقم.
74 - قصص الأنبياء، لعبد الوهاب النجار، الطبع الرابع، برقم ج/ 43 في مكتبة مسجد أعظم بقم.
- قصص الأنبياء، للزّواري، راجع:
مجمع الهدى.
75 - قصص الأنبياء في 47 بابا يوجد في مكتبة عبد العظيم بالرّى، تاريخ كتابتها 17 ذي الحجة 1256، مذكور في: دربارۀ نسخه هاى خطي 444/3، الذريعة 102/17.
76 - قصص الأنبياء، بالفارسي القديم مطبوع على الحجر في ايران بقطع الربع أوله: قال ابو محمّد جرير و لعلّ المراد: محمّد بن جرير الذريعة 102/17.
77 - قصص الأنبياء، فارسي منقول عن تفاسير العامّة و روضة الشهداء وقف
ص: 22
لمدرسة البروجردى في النجف الذريعة 102/17.
78 - قصص الأنبياء، لأحمد بن محمّد بن منصور الارفجني، موجود في باريس و مأخوذ عن: قصص الأنبياء لأبي إسحاق إبراهيم بن منصور بن خلف النيشابورى على نقل الذريعة 102/17 عن دانش پژوه.
79 - قصص الأنبياء، على ترتيب نزول السور القرآنية، فارسي، مؤلّفه غير معلوم، راجع فهرس الجامعة: 3222/13 فهرس الحقوق: 512، الذريعة 102/17-103
80 - قصص الأنبياء، تفسير سورة الأنبياء للسيّد أحمد بن رضا بن محمّد الهندى طبع في النجف في 247، الذريعة 103/17
81 - قصص انبياء كريم، تاليف: عبد اللطيف بن علي الواعظ البيرجندى، ش: 542:
فهرس برلين في 83 فصلا و ترجمة لكتاب:
«تذكرة الأنبياء و الأمم» اينديا افيس ش: 319 من: تاريخ ادبيات فارسي.
و في بعض المذكرات: قصص انبياء، لطيف بيرجندى، خطي، مشهد رضوى، ش: 280 بكتابة مؤرخة 947 أقول:
و يقرب انطباقه عليه. و في الذريعة 103/17: قصص الأنبياء للواعظ البيرجندى المولى عبد اللطيف، شرع في تأليفه في شوال 917.
82 - قصص الأنبياء، لأحمد بن خلد، فهرس الاشبيلي ص: 291.
83 - قصص الأنبياء للشيخ حسين اللّيثي الواسطي، الذريعة 103/17.
84 - قصص الأنبياء، للسّيد عبد اللّه الشّبر المتوفى 1242 كبير، الذريعة 103/17 نسخة منه في الكاظمية و اخرى في مكتبة الشيخ خلاّني ببغداد.
85 - قصص الأنبياء، لسيّد محمّد بن المفتي مير عبّاس اللكنهوى المتوفى في: 1312 ذكره في التّجليات بعنوان: كتاب في أحوال الأنبياء الذريعة 104/17.
86 - قصص الأنبياء، لبهاونگري باللغة الكجراتية طبع في ثلاث مجلدات الذريعة 104/17.
87 - قصص الأنبياء، للغواصي اليزديّ ، الذريعة 104/17.
88 - قصص الأنبياء، لإبراهيم بن منصور ابن خلف المذكر النيسابوريّ ، فارسي مطبوع في 478 صفحة.
و ورد في: كشف الظّنون، الجزء 2 العمود 1324 طبع: استانبول.
89 - قصص الأنبياء، لسهل بن عبد اللّه التستريّ ، مختصر أوله: الحمد للّه الأول فلا شيء قبله... (أخذناه من مقدّمة القصص لإبراهيم بن منصور النّيسابورى)
ص: 23
90 - قصص الأنبياء، لمحمّد بن حسن الدّادورمي، فارسي اقتفى فيه أثر الثعلبي (المصدر المتقدّم).
91 - قصص الأنبياء، للكسائي علي ابن حمزة النّحوي القارى، توفي في 189، عن:
طبقات القراء الجزء 535/1.
92 - قصص الأنبياء، لوهب بن منبه و هو اول من صنّف فيها، مات سنة 114، قاموس الرجال و تنقيح المقال 281/3 عن محكي مختصر الذهبي، (و أيضا المصدر السابق).
93 - قصص الأنبياء، للقرن 11 في 290 ورقة «فهرست نسخه هاى خطي كتابخانه دانشكدۀ حقوق» (35 ج)
94 - قصص الأنبياء، ساقط الأول من مكتبة مدينة رشت (123 ق).
95 - قصص الأنبياء، في مكتبة مسجد كوهرشاد برقم 1371 فارسي.
96 - قصص الأنبياء، فيه أيضا برقم 342 فارسي.
97 - قصص الأنبياء، لمحمّد بن خالد البرقي، ذكره ابن طاوس في الباب الخامس من فرج المهموم ص: 143.
98 - قصص الأنبياء في مجلدين لأبي الفداء إسماعيل بن كثير (يوجد في مكتبة السّيد المرعشيّ بقم. برقم: 2043/4)
99 - قصص الأنبياء، للشيخ إبراهيم بن حسن العاملي جمعه من طرق الشيعة فرغ منه سنة 1092، قاله في أعيان الشيعة في ترجمة المؤلّف.
100 - قصص الأنبياء، من القرن التاسع الى الثاني عشر، بالفارسي، طبع يغما، ش:
2298، الدّفتر 340/4 من النسخ الخطية في جامعة تهران.
101 - قصص الأنبياء كتب في 1185 ش:
3314، في مكتبة ملّى بتبريز.
102 - قصص الأنبياء، لمولانا محمّد الجويرى تسلسل ز 19 و، ز/ 1 و ج 42 في مكتبة مسجد أعظم بقم و رأيته في دار العلم كاشان و في الذريعة 106/17: مطبوع مكرّرا بطهران و تبريز و بمبئي، كان المؤلّف معاصرا للشّيخ أبي سعيد و أنّه شرع فيه في أوّل ع 352/1.
103 - قصص الأنبياء (فارسي) برقم 369 للدّفتر الخامس ص: 47 من النّسخ الخطيّة لجامعة طهران.
104 - قصص الأنبياء و أحوالهم (كبير) لمحمّد بن عبيد اللّه بن أحمد المسبحي الحرّاني الشّيعي المصرى المتوفى 420، ذكره الذريعة (عن ابن خلّكان) الجزء 106/17.
105 - قصص الأنبياء و سير الملوك تسلسل مكتبة مسجد أعظم بقم: 77/14/5، قال في الذّريعة الجزء 106/17: لمولانا
ص: 24
محمد الجويرى كان عربيا و ترجم الى الفارسية و طبع الفارسيّ في طهران بمطبعة السيّد احمد الكتابچي هذا.
و الظّاهر أنّ السّابق اصله.
106 - قصص الأنبياء و المرسلين - النّور المبين للسّيد نعمة اللّه الجزائريّ الشّوشترى، برقم: ز/ 19 د/ 42 د/ 19 في مكتبة مسجد أعظم بقم. مطبوع كرارا.
107 - قصص الأنبياء - و - انس المجالس، لابي إسحاق أحمد بن محمّد الثعلبي، نيشابورى محدّث، يوجد في مكتبة المسجد الأعظم بقم.
108 - قصص الأنبياء و المرسلين، المجلد الخامس من بحار الأنوار من الطبع القديم و من الطبع الجديد، الجزء 11-14 و هو كتاب النّبوة من البحار.
109 - قصص الأنبياء - يا - تاريخ پيامبران نوشتۀ: سيد هاشم رسولي محلاتي. مطبوع.
110 - قصص أنبياء، الدفتر 117/4 من النسخ الخطية لجامعة تهران ص: 319
111 - قصص العرب، في مكتبة المسجد الأعظم بقم برقم: د/ 34: لمحمد أحمد جاد المولى و نفرين آخرين.
112 - قصص قرآن - تاريخ پيامبران في المكتبة الآنفة برقم د/ 42 و ق/ 46 للسّيد محمّد الصّحفي.
113 - قصص القرآن نسخة منه في مكتبة السّيد المرعشيّ بقم بتسلسل: 17969 لمحمّد بن أحمد جاد المولى. و طبع بالقاهرة.
114 - قصص القرآن «برقم: 7484 في مكتبة السّيد المرعشيّ بقم» لعلي المرهون.
115 - قصص القرآن «اصله لجاد المولى» ترجمة لقصص الأنبياء الكرام، المترجم:
البلاغي يوجد في مكتبة السيّد المرعشيّ بقم برقم: 14211 طبع بطهران.
116 - قصص قرآن - تاريخ انبياء، سيرۀ رسول اكرم «بتسلسل 22586 في مكتبة السيّد المرعشيّ بقم» للموسوى و الغفّارى.
117 - قصص قرآن و تاريخ پيامبران «بتسلسل 33501 في مكتبة السّيد المرعشيّ بقم» للسيّد محمّد الصحفي.
118 - قصص قرآن - يا - تاريخ انبياء سلف، في مجلدين بتسلسل 22288/9 في المكتبة السّابقة» للحاج السّيد عبد الحسين رضيئي.
119 - قصص قرآن مجيد، منتخب من تفسير أبي بكر النّيشابوري عتيق بتسلسل:
24389 في المكتبة المتقدمة.
120 - قصص قرآن يا فرهنگ قرآن، لصدر البلاغي في مكتبة السّيد المرعشيّ النّجفي بقم برقم: 5156 و في الذّريعة 107/17: قصص قرآن - أو - فرهنگ قصص للسّيد صدر الدين ابن السيّد حسن النّائيني، طبع مكرّرا.
ص: 25
121 - القصص القرآني في منطوقه و مفهومه بتسلسل 40114 في مكتبة السيّد المرعشيّ بقم، لعبد الكريم خطيب طبع بيروت.
122 - قصص القرآن. تأليف القيصم بن محمّد بن القيصم النيسابوريّ . راجع سعد السّعود لابن طاوس ص: 225. و لكن في البحار الجزء 324/5 عنه: كتاب قصص القرآن للهيصم بن محمّد النيسابوريّ .
123 - قصص قرآن، لصدر الدين البلاغي نسخة في مكتبة المسجد الأعظم بقم: ز/ 1.
124 - قصص قرآن (فارسي)، بخط شير علي في عام 1311 و النّسخة تفسير السّور القرآنية في مكتبة الملك بتهران برقم 5875.
راجع الذّريعة 107/17.
125 - قصص القرآن (فارسي) الذريعة 107/17 ذكر في فهرس (إلهيّات:
103) بعنوان: قصص الأنبياء، ناقص الآخر، راجع الى القرن 9 في 340 صفحة.
126 - قصص المرسلين، فارسي، للحاج محمّد حسين الطّهراني طبع بطهران، الذريعة 108/17.
قصص موسى - راجع، تاج القصص.
127 - قصص من القرآن، لمحمود زهران، يوجد في مكتبة المسجد الأعظم بقم برقم:
د/ 77/42.
128 - قصص و عبر: لمحمد المجذوب، يوجد في:
مكتبة المسجد الأعظم بقم برقم:
ز/ 125/5/3.
129 - قصص - يا - داستانهاى شگفت انگيز قرآن مجيد - تأليف - آقاى حاج على آقا زاهدى، يوجد منه نسخة في المورد المتقدّم برقم: ب/ 22.
130 - قصه هاى قرآن، للصّفائي الآملى.
131 - قصه هاى قرآن، ترجمة كتاب لاربعة من المؤلّفين 1 - محمّد احمد جاد المولى. 2 - محمّد أبو الفضل إبراهيم 3 - علي محمّد البجاوى. 4 - السيّد شحّانة. و المترجم:
مصطفى زماني
132 - قطعة من كتاب في قصص الأنبياء، فيها قصة: إبراهيم و يوسف و موسى بن ميشا و أيّوب، نقلا عن أهل السّير: فهرس الظّاهريّة 673/2.
133 - كتاب الأنبياء، لابي جعفر أحمد بن الحسين بن سعيد بن حماد بن سعيد بن مهران الأهوازى.
ذكره النجاشيّ في فهرسته.
134 - كتاب الأنبياء، للحسن بن موسى الخشاب، ذكره النجاشيّ .
135 - كتاب الأنبياء لعلي بن إبراهيم بن هاشم القمّيّ من مشايخ الكليني، ذكره النجاشيّ
ص: 26
136 - كتاب الأنبياء، للشريف أبي القاسم علي بن أحمد العلوى المتوفّى 352، ذكره النّجاشي
137 - كتاب الأنبياء لابي الحسن علي بن الحسن بن عليّ بن فضال، ذكره النجاشيّ .
138 - كتاب الأنبياء، لابي الحسن عليّ بن مهزيار الأهوازى، ذكره النجاشيّ .
139 - كتاب الأنبياء، لابي النضر العيّاشيّ محمّد بن مسعود... ذكره النجاشيّ
140 - كتاب الأنبياء، حياتهم و قصصهم، تأليف عبد الصاحب العاملي.
141 - كتاب الأنبياء و الأوصياء، من آدم الى المهدى عليهم السلام مؤلّفه: محمّد بن علي. البحار 42/46 عن فرج المهموم ص : 111.
142 - كتاب قصص الأنبياء، فارسي، يوجد في مكتبة: لعله لي بإسلامبول، قاله في الذريعة 47/10 و احتمل انه: مجمع الهدى.
143 - كتاب القصص برقم: 1036 في مكتبة ملك بطهران.
144 - كتاب روض الرّياحين في حكايات الصالحين اوله: الحمد للّه حقّ حمده...
بعض وجوه الحكمة... خمسة أمور أي حكم... و آخره: قصّة أصحاب الفيل.
فاتنى قيد مصدره.
145 - كتاب النبوّة للصدوق، البحار 75/12.
146 - لبّ السّير - لميرزا أبو طالب خان المعروف ب: طالب، الباب الأوّل منه في: قصص و تواريخ الأنبياء خطي، الاصفية. ش:
1312.
147 - مجمع الأنساب - لمحمّد بن علي شبانكاره يي ، القسم الأوّل منه في شأن الأنبياء و قصصهم، خطي كمبريج. ش: 162 تاريخ كتابته 1046 بالقمرى.
148 - مجمع التواريخ - لحافظ ابرو، ربع أوّله في: تاريخ الأنبياء خطّي - ايا صوفيّة في بلغاريا ش: 3353 و المؤلّف توفّي في:
833 على ما في الذّريعة 51/20.
149 - مجمع الحسنات، تلخيص من صحيح البخارى - قسم تاريخه - من تاريخ أدبيات فارسى 232، تأليف: هرمان اته، بترجمة: دكتر رضازاده شفق نسخة منه في اينديا افيس ش: 3489.
150 - مجمل التّواريخ و القصص - مؤلّفه لم يذكر. ذكر فيه تاريخ الأنبياء و الرسل، طبع ملك الشّعراء بهار في طهران.
151 - مجمع الهدى، تأليف: عليّ بن الحسن الزّوارى، ينهي المطالب الى الامام الثاني عشر، اينديا افيس، ش: 1403 من: تاريخ ادبيات فارسي ص: 232 تأليف: هرمان اته، بترجمة رضازاده شفق و في مذكّرة: خطي، اته. ش: 598
ص: 27
بكتابة تاريخها: 1079 قمرية. و في الذّريعة 103/17: قصص الأنبياء، للزّواري المفسّر عليّ بن الحسن و له اسم آخر: مجمع الهدى و قال في الجزء 47/20: مجمع الهدى للمولى المفسر علي بن الحسن الزّواري تلميذ المحقق الكركي و استاذ المولى فتح اللّه المفسّر الكاشاني، قال في الرياض: رأيته في اردبيل و تبريز و الآن عندي و هو أربعون بابا في قصص الأنبياء و الأئمّة فارسي كبير حسن الفوائد انتهى.
قصص الأنبياء، للزوارى، راجع:
مجمع الهدى.
152 - مجمل فصيحي - مؤلّفه: فصيح احمد خوافي - مقدّمته في: قصص و تواريخ آدم الى خاتم، طبع محمود فرخي في مشهد في ثلاث مجلدات و في الذّريعة 51/20:
مجمل فصيحي، تاريخ عمومي فارسي.... ألّفه: أحمد بن محمّد فصيح الخواني المولود 777 المتوفي 845...
نسخة منه في: المليّة بتبريز 3609 و نسخة في: لينينگراد أكادمية العلوم:
246 و صورتها الفتوقرافية بطهران (الملية: 84-1755).
153 - مرآة الأدوار و مرقاة الاخبار - مؤلّفه:
مصلح الدين محمّد السّعدى العبادى، الباب الأوّل منه في: تاريخ الأنبياء، خطي. متحف بريتانيا ش: 115.
154 - مقاصد الأولياء في محاسن الأنبياء لعماد الدين أبى القاسم محمود الفاريابي، مترجم و المترجم غير مشخص، خطي - آصفية: مكتبة في هند، ش: 52
155 - مناقب الأولياء، لمحمد صادق الكشميرى، خطي، ايوانف في روسيا، ش: 101 تاريخ الكتابة 1038 القمرية.
156 - منهاج الطالبين في معارف الصّادقين مؤلّفه: عليّ بن الحسين القزوينيّ الهلالي، القسم الثاني منه في: تاريخ الأنبياء، خطي، في: أيا صوفية، بلغاريا، ش:
3867.
157 - نفائس الفنون - لشمس الدين الآملي طبع بتصحيح العلاّمة الشعراني في طهران.
و هناك كتب مشتمل ضمنا على بعض القصص لبعض الأنبياء تقدم بعضها و هذه بقيّتها منها: -
158 - اثبات الوصية للمسعوديّ ، مطبوع
159 - تاريخ الطبريّ ، مطبوع
160 - تاريخ اليعقوبي، مطبوع
161 - حبيب السير، الجزء الأول منه في: تاريخ الأنبياء، لخواندمير، طبع بطهران مكرّرا.
162 - علل الشرائع، للصدوق، طبع مكرّرا.
ص: 28
163 - عيون أخبار الرضا عليه السلام له كذلك.
164 - فصوص الحكم لابن العربي، فيه 27 فص في 27 نبيّ .
165 - كامل ابن أثير، مطبوع.
166 - كمال الدين و تمام النعمة، له كذلك.
167 - مروج الذهب، له، مطبوع.
168 - و في الفهارس العامّة، من قبيل:
169 - تاريخ الآداب العربي.
170 - فهرس تراث العربيّة لفؤاد زكى
171 - فهرس دار الكتب الظّاهرية بدمشق
172 - فهرس الاستورى الجزء 156/1-172.
173 - و الفهارس العامّة باللّغات الأجنبية توجد كتب في تواريخ الأنبياء و قصصهم عليهم السلام يصعب الحصول على اساميهم عجالة، يمكن الاطلاع عليها و تحصيلها حسب المرور تدريجا.
174 - أخيرها و ليس آخرها و هو: كتاب قصص الأنبياء (كتابنا هذا) لقطب الدّين سعيد بن بن هبة اللّه الرّاوندي و هو مبنيّ على الأحاديث الواردة عن المعصومين عليهم السّلام و مرتّب على 20 بابا و 450 حديثا و سيوافيك فهرس ذلك في آخر الكتاب و الغرض هنا التّنبيه على انّ الابتداء في عدّة أسانيده بأسامي مشايخ القطب المختصّة دون أن يشترك معه فيهم السّيد فضل اللّه الرّاوندي و هم فوق عشرة:
1 - أبو حرب المجتبى ابن الداعي الحسيني.
2 - أبو القاسم بن كميح.
3 - أبو جعفر بن محمّد المرزبان.
4 - أبو عبد اللّه الحسين المؤدّب القمّيّ .
5 - أبو سعد الحسن بن عليّ
6 - أبو القاسم الحسن بن محمّد الحديقي.
7 - أبو عليّ الفضل بن الحسن الطبرسيّ .
8 - أبو الحسين أحمد بن محمّد بن علي.
9 - هبة اللّه بن دعويدار.
10 - أبو المحاسن مسعود بن علي و غيرهم، أدلّ دليل على انّ هذا الكتاب للقطب الراونديّ اختصاصا و لم يبق مجال مع ذلك للتّوهم الّذي صدّرت المقدّمة به و الحمد للّه ربّ العالمين.
و أنا العبد المفتاق الى رحمة ربّه الرحمن
الميرزا غلامرضا عرفانيان اليزديّ الخراسانيّ .2-2
ص: 29
ص: 30
بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ
الحمد لله الذي خلق الزمان و المكان(1) و منه التمكين و الإمكان الذي دل على نفسه بمخلوقاته و تعرف من خلقه بمصنوعاته(2) نحمده على مننه المتتابعة المتظاهرة و نشكره على نعمه الباطنة و الظاهرة حمدا يوجب مزيد الإحسان(3) و شكرا يقتضي فوز الغفران و الرضوان و صلواته على نبيه محمد(4) البشير النذير السراج(5) المنير و على آله الطيبين و عترته الطاهرين. أما بعد فإن في قصص الأنبياء و الرسل صلوات اللّه عليهم ألطافا تدعوا إلى محاسن الأخلاق و عبرا تردع عن الشك و النفاق و إن ذكر أخبارهم و آثارهم مما يقرب(6) من الطاعة(7) و العبادة و يبعد ذوي(8) الاستطاعة من سوء(9) العادة. و الكتب المصنفة في هذا المعنى فيها الغث و السمين و الرد و الثمين فجمعت بعون الله
ص: 31
تعالى ذلالها(1) و سلبتها جريالها(2) و حصلته مرتبا و فصلته مبوبا و بالله التوفيق و العصمة(3). الباب الأول في ذكر أبينا آدم عليه السّلام. الباب الثاني في ذكر إدريس و نوح عليهما السّلام. الباب الثالث في ذكر هود و صالح عليهما السّلام. الباب الرابع في ذكر إبراهيم خليل الله(4) عليه السّلام. الباب الخامس في ذكر لوط و ذي القرنين عليهما السّلام. الباب السادس في ذكر يعقوب و يوسف عليهما السّلام. الباب السابع في ذكر أيوب و شعيب عليهما السّلام. الباب الثامن في ذكر موسى بن عمران صلوات اللّه عليه. الباب التاسع في ذكر أحاديث بني إسرائيل.
ص: 32
الباب العاشر في ذكر إسماعيل و لقمان صلوات اللّه عليهما. الباب الحادي عشر في ذكر داود صلوات اللّه عليه. الباب الثاني عشر في ذكر سليمان صلوات اللّه عليه. الباب الثالث عشر في ذكر ذي الكفل و عمران عليهما السّلام. الباب الرابع عشر في ذكر زكريا و يحيى عليهما السّلام. الباب الخامس عشر في ذكر أرميا و دانيال عليهما السّلام. الباب السادس عشر في ذكر جرجيس و عزير و حزقيل عليهم السّلام. الباب السابع عشر في ذكر شعيا و أصحاب الأخدود و إلياس و اليسع و يونس و أصحاب الكهف و الرقيم عليهم السّلام. الباب الثامن عشر في ذكر عيسى ابن مريم صلوات اللّه عليه. الباب التاسع عشر في ذكر معجزات النبي محمد المصطفى صلّى اللّه عليه و آله و غير ذلك من الوقائع و الغزوات على ما يأتي شرحه و بيانه. الباب العشرون في أحوال محمد صلّى اللّه عليه و آله.
ص: 33
و ذكرت أيضا من أحوال الأصفياء و الأمم ما تكون(1) فيه فائدة عائده(2) لذوي الهمم و جعلت كل باب منها يشتمل على عدة فصول و بالله العصمة و التوفيق في الفروع و الأصول
2-3
ص: 34
1أَخْبَرَنِيَ اَلشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلصَّمَدِ(1) اَلنَّيْشَابُورِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ أَبُو اَلْبَرَكَاتِ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَلْجَوْزِيُّ (2) أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبِي وَ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْوَلِيدِ قَالاَ أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ أَخْبَرَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي اَلْمِقْدَامِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : سُئِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَلْ كَانَ فِي اَلْأَرْضِ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اَللَّهُ تَعَالَى يَعْبُدُونَ اَللَّهَ قَبْلَ (3)آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ ذُرِّيَّتِهِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ كَانَ فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ يُقَدِّسُونَ اَللَّهَ وَ يُسَبِّحُونَهُ وَ يُعَظِّمُونَهُ بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ لاٰ يَفْتُرُونَ وَ إِنَّ اَللَّهَ (4) عَزَّ وَ جَلَّ لَمَّا خَلَقَ
ص: 35
اَلْأَرَضِينَ (1) خَلَقَهَا قَبْلَ اَلسَّمَاوَاتِ ثُمَّ خَلَقَ اَلْمَلاَئِكَةَ رُوحَانِيِّينَ لَهُمْ أَجْنِحَةٌ يَطِيرُونَ بِهَا حَيْثُ يَشَاءُ اَللَّهُ فَأَسْكَنَهُمْ فِيمَا بَيْنَ (2) أَطْبَاقِ اَلسَّمَاوَاتِ يُقَدِّسُونَهُ فِي اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ(3) وَ اِصْطَفَى(4) مِنْهُمْ إِسْرَافِيلَ وَ مِيكَائِيلَ وَ جَبْرَائِيلَ ثُمَّ خَلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي اَلْأَرْضِ اَلْجِنَّ رُوحَانِيِّينَ لَهُمْ (5) أَجْنِحَةٌ فَخَلَقَهُمْ دُونَ خَلْقِ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ حَفِظَهُمْ (6) أَنْ يَبْلُغُوا مَبْلَغَ اَلْمَلاَئِكَةِ فِي اَلطَّيَرَانِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَسْكَنَهُمْ فِيمَا بَيْنَ أَطْبَاقِ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ وَ فَوْقَهُنَّ يُقَدِّسُونَ (7) اَللَّهَ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهٰارَ لاٰ يَفْتُرُونَ ثُمَّ خَلَقَ خَلْقاً دُونَهُمْ لَهُمْ أَبْدَانٌ وَ أَرْوَاحٌ بِغَيْرِ أَجْنِحَةٍ يَأْكُلُونَ وَ يَشْرَبُونَ نَسْنَاسٌ أَشْبَاهُ (8) خَلْقِهِمْ وَ لَيْسُوا بِإِنْسٍ وَ أَسْكَنَهُمْ أَوْسَاطَ اَلْأَرْضِ عَلَى ظَهْرِ اَلْأَرْضِ مَعَ اَلْجِنِّ يُقَدِّسُونَ (9) اَللَّهَ اَللَّيْلَ (10) وَ اَلنَّهٰارَ لاٰ يَفْتُرُونَ قَالَ وَ كَانَ اَلْجِنُّ تَطِيرُ فِي اَلسَّمَاءِ فَتَلْقَى اَلْمَلاَئِكَةَ فِي اَلسَّمَاوَاتِ فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَ يَزُورُونَهُمْ وَ يَسْتَرِيحُونَ إِلَيْهِمْ وَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمُ اَلْخَيْرَ ثُمَّ إِنَّ طَائِفَةً مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلنَّسْنَاسِ اَلَّذِينَ خَلَقَهُمُ اَللَّهُ وَ أَسْكَنَهُمْ أَوْسَاطَ اَلْأَرْضِ مَعَ (11) اَلْجِنِّ تَمَرَّدُوا وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ اَللَّهِ فَمَرَحُوا وَ بَغَوْا فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ وَ عَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي اَلْعُتُوِّ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى حَتَّى سَفَكُوا اَلدِّمَاءَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَ أَظْهَرُوا اَلْفَسَادَ وَ جَحَدُوا رُبُوبِيَّةَ
ص: 36
اَللَّهِ (1) تَعَالَى قَالَ وَ أَقَامَتِ اَلطَّائِفَةُ اَلْمُطِيعُونَ مِنَ اَلْجِنِّ عَلَى رِضْوَانِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ طَاعَتِهِ وَ بَايَنُوا اَلطَّائِفَتَيْنِ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلنَّسْنَاسِ اَللَّذَيْنِ (2) عَتَوْا عَنْ أَمْرِ اَللَّهِ قَالَ فَحَطَّ اَللَّهُ أَجْنِحَةَ (3) اَلطَّائِفَةِ مِنَ اَلْجِنِّ اَلَّذِينَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ اَللَّهِ وَ تَمَرَّدُوا فَكَانُوا لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى اَلطَّيَرَانِ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ إِلَى مُلاَقَاةِ اَلْمَلاَئِكَةِ لِمَا(4) اِرْتَكَبُوا مِنَ اَلذُّنُوبِ وَ اَلْمَعَاصِي قَالَ وَ كَانَتِ اَلطَّائِفَةُ اَلْمُطِيعَةُ لِأَمْرِ اَللَّهِ مِنَ اَلْجِنِّ تَطِيرُ إِلَى اَلسَّمَاءِ اَللَّيْلَ وَ اَلنَّهَارَ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ وَ كَانَ إِبْلِيسُ وَ اِسْمُهُ اَلْحَارِثُ يُظْهِرُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَنَّهُ مِنَ اَلطَّائِفَةِ اَلْمُطِيعَةِ ثُمَّ خَلَقَ اَللَّهُ تَعَالَى خَلْقاً عَلَى خِلاَفِ خَلْقِ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ عَلَى خِلاَفِ خَلْقِ اَلْجِنِّ (5) وَ عَلَى خِلاَفِ خَلْقِ اَلنَّسْنَاسِ يَدِبُّونَ كَمَا يَدِبُّ اَلْهَوَامُّ فِي اَلْأَرْضِ يَشْرَبُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ اَلْأَنْعَامُ مِنْ مَرَاعِي اَلْأَرْضِ كُلُّهُمْ ذُكْرَانٌ لَيْسَ فِيهِمْ إِنَاثٌ وَ لَمْ يَجْعَلِ (6) اَللَّهُ فِيهِمْ شَهْوَةَ اَلنِّسَاءِ وَ لاَ حُبَّ اَلْأَوْلاَدِ وَ لاَ اَلْحِرْصَ وَ لاَ طُولَ اَلْأَمَلِ وَ لاَ لَذَّةَ عَيْشٍ (7) لاَ يُلْبِسُهُمُ اَللَّيْلُ وَ لاَ يَغْشَاهُمُ اَلنَّهَارُ وَ لَيْسُوا بِبَهَائِمَ (8) وَ لاَ هَوَامَّ وَ لِبَاسُهُمْ (9) وَرَقُ اَلشَّجَرِ وَ شُرْبُهُمْ مِنَ اَلْعُيُونِ اَلْغِزَارِ وَ اَلْأَوْدِيَةِ اَلْكِبَارِ ثُمَّ أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَجَعَلَ فِرْقَةً خَلْفَ مَطْلَعِ اَلشَّمْسِ مِنْ وَرَاءِ اَلْبَحْرِ فَكَوَّنَ لَهُمْ مَدِينَةً أَنْشَأَهَا لَهُمْ تُسَمَّى(10)جَابَرْسَا طُولُهَا اِثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَرْسَخٍ فِي اِثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ
ص: 37
فَرْسَخٍ وَ كَوَّنَ عَلَيْهَا سُوراً مِنْ حَدِيدٍ يَقْطَعُ اَلْأَرْضَ إِلَى اَلسَّمَاءِ ثُمَّ أَسْكَنَهُمْ فِيهَا وَ أَسْكَنَ اَلْفِرْقَةَ اَلْأُخْرَى خَلْفَ مَغْرِبِ اَلشَّمْسِ مِنْ وَرَاءِ اَلْبَحْرِ وَ كَوَّنَ لَهُمْ مَدِينَةً أَنْشَأَهَا تُسَمَّى(1)جَابَلْقَا طُولُهَا اِثْنَا عَشَرَ أَلْفَ (2) فَرْسَخٍ فِي اِثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ فَرْسَخٍ وَ كَوَّنَ لَهُمْ سُوراً مِنْ حَدِيدٍ يَقْطَعُ إِلَى اَلسَّمَاءِ (3) فَأَسْكَنَ اَلْفِرْقَةَ اَلْأُخْرَى فِيهَا لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ جَابَرْسَا بِمَوْضِعِ أَهْلِ جَابَلْقَا وَ لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ جَابَلْقَا بِمَوْضِعِ أَهْلِ جَابَرْسَا وَ لاَ يَعْلَمُ بِهِمْ أَهْلُ أَوْسَاطِ اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلنَّسْنَاسِ وَ كَانَتِ (4) اَلشَّمْسُ تَطْلُعُ عَلَى أَهْلِ أَوْسَاطِ اَلْأَرْضِ (5) مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلنَّسْنَاسِ فَيَنْتَفِعُونَ بِحَرِّهَا وَ يَسْتَضِيئُونَ بِنُورِهَا ثُمَّ تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ فَلاَ يَعْلَمُ بِهَا أَهْلُ (6)جَابَلْقَا إِذَا غَرَبَتْ وَ لاَ يَعْلَمُ بِهَا أَهْلِ جَابَرْسَا إِذَا طَلَعَتْ لِأَنَّهَا تَطْلُعُ مِنْ دُونِ جَابَرْسَا وَ تَغْرُبُ مِنْ دُونِ جَابَلْقَا فَقِيلَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ يُبْصِرُونَ وَ يَحْيَوْنَ وَ كَيْفَ يَأْكُلُونَ وَ يَشْرَبُونَ وَ لَيْسَ تَطْلُعُ اَلشَّمْسُ عَلَيْهِمْ (7) فَقَالَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّهُمْ يَسْتَضِيئُونَ (8) بِنُورِ اَللَّهِ فَهُمْ فِي أَشَدِّ ضَوْءٍ مِنْ نُورِ اَلشَّمْسِ وَ لاَ يَرَوْنَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ شَمْساً وَ لاَ قَمَراً وَ لاَ نُجُوماً وَ لاَ كَوَاكِبَ وَ لاَ يَعْرِفُونَ شَيْئاً غَيْرَهُ فَقِيلَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَأَيْنَ إِبْلِيسُ عَنْهُمْ قَالَ لاَ يَعْرِفُونَ إِبْلِيسَ وَ لاَ سَمِعُوا(9) بِذِكْرِهِ لاَ يَعْرِفُونَ إِلاَّ اَللَّهَ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَمْ
ص: 38
يَكْتَسِبْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ خَطِيئَةً وَ لَمْ يَقْتَرِفْ (1) إِثْماً لاَ يَسْقُمُونَ وَ لاَ يَهْرَمُونَ وَ لاَ يَمُوتُونَ يَعْبُدُونَ اَللَّهَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ لاٰ يَفْتُرُونَ اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ (2) أَحَبَّ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقاً وَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اَلْجِنِّ (3) وَ اَلنَّسْنَاسِ سَبْعَةَ آلاَفِ سَنَةٍ فَلَمَّا كَانَ مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ لِلَّذِي أَرَادَ مِنَ اَلتَّدْبِيرِ وَ اَلتَّقْدِيرِ فِيمَا هُوَ مُكَوِّنُهُ مِنَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرَضِينَ كَشَفَ عَنْ (4) أَطْبَاقِ اَلسَّمَاوَاتِ ثُمَّ قَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ اُنْظُرُوا إِلَى أَهْلِ اَلْأَرْضِ مِنْ خَلْقِي مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلنَّسْنَاسِ هَلْ تَرْضَوْنَ أَعْمَالَهُمْ وَ طَاعَتَهُمْ لِي فَاطَّلَعَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ وَ رَأَوْا(5) مَا يَعْمَلُونَ فِيهَا مِنَ اَلْمَعَاصِي وَ سَفْكِ اَلدِّمَاءِ وَ اَلْفَسَادِ فِي اَلْأَرْضِ بِغَيْرِ اَلْحَقِّ أَعْظَمُوا ذَلِكَ وَ غَضِبُوا لِلَّهِ وَ أَسِفُوا عَلَى أَهْلِ اَلْأَرْضِ وَ لَمْ يَمْلِكُوا غَضَبَهُمْ وَ قَالُوا رَبَّنَا أَنْتَ (6) اَلْعَزِيزُ اَلْجَبَّارُ اَلظَّاهِرُ اَلْعَظِيمُ (7) اَلشَّأْنِ وَ هَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ خَلْقُكَ اَلضَّعِيفُ اَلذَّلِيلُ فِي أَرْضِكَ كُلُّهُمْ يَنْقَلِبُونَ (8) فِي قَبْضَتِكَ وَ يَعِيشُونَ بِرِزْقِكَ وَ يَتَمَتَّعُونَ بِعَافِيَتِكَ وَ هُمْ يَعْصُونَكَ بِمِثْلِ هَذِهِ اَلذُّنُوبِ اَلْعِظَامِ لاَ تَغْضَبُ وَ لاَ تَنْتَقِمُ مِنْهُمْ لِنَفْسِكَ بِمَا تَسْمَعُ مِنْهُمْ وَ تَرَى وَ قَدْ عَظُمَ ذَلِكَ عَلَيْنَا وَ أَكْبَرْنَاهُ (9) فِيكَ قَالَ فَلَمَّا سَمِعَ اَللَّهُ تَعَالَى مَقَالَةَ (10) اَلْمَلاَئِكَةِ قَالَ إِنِّي جٰاعِلٌ فِي اَلْأَرْضِ خَلِيفَةً فَيَكُونُ حُجَّتِي عَلَى خَلْقِي فِي اَلْأَرْضِ (11) فَقَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ سُبْحَانَكَ رَبَّنَا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ
ص: 39
فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى يَا مَلاَئِكَتِي إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ إِنِّي أَخْلُقُ خَلْقاً بِيَدِي أَجْعَلُهُمْ (1)خُلَفَائِي عَلَى خَلْقِي فِي أَرْضِي يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِي وَ يُنْذِرُونَهُمْ (2) وَ يَهْدُونَهُمْ إِلَى طَاعَتِي وَ يَسْلُكُونَ بِهِمْ طَرِيقَ سَبِيلِي أَجْعَلُهُمْ حُجَّةً لِي عُذْراً وَ نُذْراً(3) وَ أَنْفِي اَلشَّيَاطِينَ مِنْ أَرْضِي وَ أُطَهِّرُهَا مِنْهُمْ فَأُسْكِنُهُمْ فِي اَلْهَوَاءِ مِنْ أَقْطَارِ(4) اَلْأَرْضِ وَ فِي اَلْفَيَافِي فَلاَ يَرَاهُمْ خَلْقٌ وَ لاَ يَرَوْنَ شَخْصَهُمْ وَ لاَ يُجَالِسُونَهُمْ وَ لاَ يُخَالِطُونَهُمْ وَ لاَ يُؤَاكِلُونَهُمْ وَ لاَ يُشَارِبُونَهُمْ وَ أُنَفِّرُ مَرَدَةَ اَلْجِنِّ اَلْعُصَاةَ عَنْ نَسْلِ (5) بَرِيَّتِي وَ خَلْقِي وَ خِيَرَتِي فَلاَ يُجَاوِرُونَ خَلْقِي وَ أَجْعَلُ بَيْنَ خَلْقِي وَ بَيْنَ اَلْجَانِّ حِجَاباً فَلاَ يَرَى خَلْقِي شَخْصَ اَلْجِنِّ وَ لاَ يُجَالِسُونَهُمْ وَ لاَ يُشَارِبُونَهُمْ وَ لاَ يَتَهَجَّمُونَ تَهَجُّمَهُمْ وَ مَنْ عَصَانِي مِنْ نَسْلِ خَلْقِيَ اَلَّذِي عَظَّمْتُهُ وَ اِصْطَفَيْتُهُ لِغَيْبِي أُسْكِنُهُمْ (6) مَسَاكِنَ اَلْعُصَاةِ وَ أُورِدُهُمْ مَوْرِدَهُمْ (7) وَ لاَ أُبَالِي فَقَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ لاٰ عِلْمَ لَنٰا إِلاّٰ مٰا عَلَّمْتَنٰا إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَلِيمُ اَلْحَكِيمُ فَقَالَ لِلْمَلاَئِكَةِ (8)إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصٰالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ (9) قَالَ وَ كَانَ ذَلِكَ مِنَ اَللَّهِ تَقْدِمَةً لِلْمَلاَئِكَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ اِحْتِجَاجاً مِنْهُ عَلَيْهِمْ وَ مَا كَانَ اَللَّهُ لِيُغَيِّرَ مَا بِقَوْمٍ إِلاَّ(10) بَعْدَ اَلْحُجَّةِ عُذْراً أَوْ نُذْراً فَأَمَرَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مَلَكاً مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ فَاغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَمِينِهِ فَصَلْصَلَهَا فِي كَفِّهِ فَجَمَدَتْ فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْكِ أَخْلُقُ (11).
ص: 40
2وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ اَلْعَبْقَرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَبَّةَ اَلْعُرَنِيِّ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ (1)آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ أَدِيمِ اَلْأَرْضِ فَمِنْهُ اَلسِّبَاخُ وَ اَلْمَالِحُ وَ اَلطَّيِّبُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ اَلصَّالِحُ وَ اَلطَّالِحُ وَ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ نَهَضَ لِيَقُومَ فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى وَ خُلِقَ اَلْإِنْسٰانُ عَجُولاً(2) وَ هَذَا(3) عَلاَمَةٌ لِلْمَلاَئِكَةِ أَنَّ (4) مِنْ أَوْلاَدِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَنْ (5) يَصِيرُ بِفِعْلِهِ صَالِحاً وَ مِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ طَالِحاً بِفِعْلِهِ لاَ أَنَّ مَنْ خُلِقَ مِنَ اَلطَّيِّبِ لاَ يَقْدِرُ عَلَى اَلْقَبِيحِ وَ لاَ أَنَّ مَنْ خُلِقَ مِنَ اَلسَّبَخَةِ (6) لاَ يَقْدِرُ عَلَى اَلْفِعْلِ اَلْحَسَنِ (7).
3وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ تَمُرُّ بِآدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَيْ بِصُورَتِهِ وَ هُوَ مُلْقًى فِي اَلْجَنَّةِ مِنْ طِينٍ فَتَقُولُ لِأَمْرٍ مَا خُلِقْتَ (8).
4وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ اِبْنِ أَبِي
ص: 41
عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ اَلْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَلْقَبْضَةَ اَلَّتِي قَبَضَهَا اَللَّهُ تَعَالَى مِنَ اَلطِّينِ اَلَّذِي خَلَقَ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِنْهُ أَرْسَلَ اَللَّهُ إِلَيْهَا(1)جَبْرَئِيلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا إِنْ شَاءَ فَقَالَتِ اَلْأَرْضُ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تَأْخُذَ مِنِّي شَيْئاً فَرَجَعَ فَقَالَ يَا رَبِّ تَعَوَّذَتْ بِكَ فَأَرْسَلَ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا إِسْرَافِيلَ (2) وَ خَيَّرَهُ فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ فَرَجَعَ فَأَرْسَلَ اَللَّهُ إِلَيْهَا مِيكَائِيلَ (3) وَ خَيَّرَهُ أَيْضاً فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ فَرَجَعَ فَأَرْسَلَ اَللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكَ اَلْمَوْتِ فَأَمَرَهُ عَلَى اَلْحَتْمِ فَتَعَوَّذَتْ بِاللَّهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا فَقَالَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ وَ أَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْهِ حَتَّى آخُذَ مِنْكِ قَبْضَةً وَ إِنَّمَا سُمِّيَ (4)آدَمَ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ أَدِيمِ اَلْأَرْضِ وَ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ (5) تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنَ اَلطِّينِ وَ خَلَقَ حَوَّاءَ (6) مِنْ آدَمَ فَهِمَّةُ اَلرِّجَالِ اَلْأَرْضُ وَ هِمَّةُ اَلنِّسَاءِ اَلرِّجَالُ وَ قِيلَ أَدِيمُ اَلْأَرْضِ أَدْنَى اَلْأَرْضِ اَلرَّابِعَةِ إِلَى اِعْتِدَالٍ لِأَنَّهُ خَلْقٌ وَسَطٌ [مِنَ ] اَلْمَلاَئِكَةِ (7).(8).
5 وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى اَلْعَطَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قُلْتُ سَجَدَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ لِآدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ وَضَعُوا جِبَاهَهُمْ عَلَى اَلْأَرْضِ قَالَ نَعَمْ تَكْرِمَةً مِنَ اَللَّهِ تَعَالَى (9) .
6 وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ أَمْ (10) مِنَ اَلْجِنِّ قَالَ كَانَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ تَرَى
ص: 42
أَنَّهُ مِنْهَا وَ كَانَ اَللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا فَلَمَّا أُمِرَ بِالسُّجُودِ كَانَ مِنْهُ اَلَّذِي كَانَ (1) .
7وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : أُمِرَ(2)إِبْلِيسُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَقَالَ يَا رَبِّ وَ عِزَّتِكَ إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنَ اَلسُّجُودِ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَأَعْبُدُكَ (3) عِبَادَةً مَا عَبَدَكَ أَحَدٌ(4) قَطُّ مِثْلَهَا قَالَ اَللَّهُ (5) جَلَّ جَلاَلُهُ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُطَاعَ مِنْ حَيْثُ أُرِيدُ وَ قَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ رَنَّ أَرْبَعَ رَنَّاتٍ أُولاَهُنَّ يَوْمَ لُعِنَ وَ يَوْمَ أُهْبِطَ(6) إِلَى اَلْأَرْضِ وَ حِينَ بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلىٰ فَتْرَةٍ مِنَ اَلرُّسُلِ وَ حِينَ أُنْزِلَتْ أُمُّ اَلْكِتَابِ وَ نَخَرَ نَخْرَتَيْنِ حِينَ أَكَلَ آدَمُ مِنَ اَلشَّجَرَةِ وَ حِينَ أُهْبِطَ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَبَدَتْ لَهُمٰا سَوْآتُهُمٰا(7) كَانَتْ سَوْءَ اتُهُمَا لاَ تُرَى فَصَارَتْ تُرَى بَارِزَةً وَ قَالَ اَلشَّجَرَةُ اَلَّتِي نُهِيَ عَنْهَا آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ هِيَ اَلسُّنْبُلَةُ (8).
8وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَلشَّجَرَةَ اَلَّتِي نُهِيَ عَنْهَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هِيَ شَجَرَةُ اَلْعِنَبِ (9). و لا تنافي بينهما لأن شجرة الجنة تحمل الأنواع من الأكل و كانت تلك الشجرة تحمل العنب و الحنطة جميعا(10)
9 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اَلْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ اَلنَّيْشَابُورِيُّ أَخْبَرَنَا
ص: 43
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلْمَانَ (1) عَنْ عَبْدِ اَلسَّلاَمِ بْنِ صَالِحٍ اَلْهَرَوِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَخْبِرْنَا(2) عَنِ اَلشَّجَرَةِ اَلَّتِي أَكَلَ مِنْهَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ حَوَّاءُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ مَا كَانَتْ فَقَدِ اِخْتَلَفَ اَلنَّاسُ فِيهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَبَا اَلصَّلْتِ إِنَّمَا اَلشَّجَرَةُ بِالْجَنَّةِ (3) تَحْمِلُ أَنْوَاعاً فَكَانَتْ شَجَرَةَ اَلْحِنْطَةِ وَ فِيهَا عِنَبٌ وَ لَيْسَتْ كَشَجَرَةِ اَلدُّنْيَا (4)في ق 1 و البحار: يمنة، و في ق 3: يمين.(5)في ق 2: و ما خلقت الجنّة و النّار.(6) .
10وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَارُونَ اَلْهِيتِيُّ (7) أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ(8) أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ اَلْقَاضِي أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَخْبَرَنَا اَللَّيْثُ (9) بْنُ سَعْدٍ وَ إِسْمَاعِيلُ (10) بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَمَّا خَلَقَ اَللَّهُ آدَمَ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ اِلْتَفَتَ آدَمُ يَمِينَةَ (9)اَلْعَرْشِ فَإِذَا خَمْسَةُ أَشْبَاحٍ فَقَالَ يَا رَبِّ هَلْ خَلَقْتَ قَبْلِي مِنَ اَلْبَشَرِ أَحَداً قَالَ لاَ قَالَ فَمَنْ هَؤُلاَءِ اَلَّذِينَ أَرَى أَسْمَاءَهُمْ فَقَالَ هَؤُلاَءِ خَمْسَةٌ مِنْ وُلْدِكَ لَوْلاَهُمْ مَا خَلَقْتُكَ (11) وَ لاَ خَلَقْتُ اَلْجَنَّةَ وَ لاَ اَلنَّارَ(11) وَ لاَ اَلْعَرْشَ وَ لاَ اَلْكُرْسِيَّ وَ لاَ اَلسَّمَاءَ وَ لاَ اَلْأَرْضَ وَ لاَ اَلْمَلاَئِكَةَ وَ لاَ اَلْجِنَّ وَ لاَ اَلْإِنْسَ هَؤُلاَءِ خَمْسَةٌ شَقَقْتُ لَهُمُ اِسْماً مِنْ(12) أَسْمَائِي فَأَنَا اَلْمَحْمُودُ وَ هَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ
ص: 44
وَ أَنَا اَلْأَعْلَى وَ هَذَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنَا اَلْفَاطِرُ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَ أَنَا ذُو اَلْإِحْسَانِ وَ هَذَا اَلْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنَا اَلْمُحْسِنُ وَ هَذَا اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنَّهُ لاَ يَأْتِينِي أَحَدٌ(1) وَ فِي قَلْبِهِ مِثْقٰالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ مَحَبَّةِ أَحَدِهِمْ إِلاَّ أَدْخَلْتُهُ جَنَّتِي وَ آلَيْتُ بِعِزَّتِي أَنَّهُ لاَ يَأْتِينِي أَحَدٌ وَ فِي قَلْبِهِ مِثْقٰالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ بُغْضِ أَحَدِهِمْ إِلاَّ أَدْخَلْتُهُ نَارِي يَا آدَمُ هَؤُلاَءِ صَفْوَتِي مِنْ خَلْقِي بِهِمْ أُنْجِي مَنْ أُنْجِي وَ بِهِمْ أُهْلِكُ مَنْ أُهْلِكُ (2).
11وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي اَلصَّلْتِ اَلْهَرَوِيِّ عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا أَكْرَمَهُ (3) اَللَّهُ تَعَالَى بِإِسْجَادِهِ مَلاَئِكَتَهُ لَهُ (4) وَ بِإِدْخَالِهِ اَلْجَنَّةَ نَادَاهُ اَللَّهُ اِرْفَعْ رَأْسَكَ يَا آدَمُ فَانْظُرْ إِلَى سَاقِ عَرْشِي فَنَظَرَ فَوَجَدَ عَلَيْهِ مَكْتُوباً(5) لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ وَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ فَقَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلاَءِ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ هَؤُلاَءِ ذُرِّيَّتُكَ لَوْلاَهُمْ مَا خَلَقْتُكَ (6).
12وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : هَبَطَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى اَلصَّفَا وَ لِذَلِكَ سُمِّيَ اَلصَّفَا لِأَنَّ اَلْمُصْطَفَى هَبَطَ عَلَيْهِ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى إِنَّ اَللّٰهَ اِصْطَفىٰ آدَمَ وَ نُوحاً(7) وَ هَبَطَتْ حَوَّاءُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْمَرْوَةِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ اَلْمَرْوَةَ لِأَنَّ اَلْمَرْأَةَ هَبَطَتْ عَلَيْهَا وَ هُمَا جَبَلاَنِ عَنْ
ص: 45
يَمِينِ اَلْكَعْبَةِ وَ شِمَالِهَا فَاعْتَزَلَهَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَكَانَ (1) يَأْتِيهَا بِالنَّهَارِ فَيَتَحَدَّثُ عِنْدَهَا فَإِذَا كَانَ اَللَّيْلُ خَشِيَ أَنْ تَغْلِبَهُ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ (2) اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا آدَمُ اَلصَّابِرُ لِبَلِيَّتِهِ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِأُعَلِّمَكَ اَلْمَنَاسِكَ اَلَّتِي يُرِيدُ اَللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكَ بِهَا فَانْطَلَقَ بِهِ جَبْرَئِيلُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ حَتَّى أَتَى مَكَانَ اَلْبَيْتِ فَنَزَلَ غَمَامٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا آدَمُ خُطَّ بِرِجْلِكَ حَيْثُ أَظَلَّكَ هَذَا اَلْغَمَامُ فَإِنَّهُ قِبْلَةٌ لَكَ وَ لِآخِرِ عَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فَخَطَّ هُنَاكَ آدَمُ بِرِجْلِهِ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مِنًى فَأَرَاهُ مَسْجِدَ مِنًى فَخَطَّ بِرِجْلِهِ بَعْدَ مَا خَطَّ مَوْضِعَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ وَ بَعْدَ مَا خَطَّ اَلْبَيْتَ ثُمَّ اِنْطَلَقَ إِلَى عَرَفَاتٍ فَأَقَامَ عَلَى اَلْمُعَرَّفِ ثُمَّ أَمَرَهُ جَبْرَئِيلُ عِنْدَ غُرُوبِ اَلشَّمْسِ أَنْ يَقُولَ رَبَّنٰا ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا سَبْعاً لِيَكُونَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ يَعْتَرِفُونَ (3) بِذُنُوبِهِمْ هُنَاكَ ثُمَّ أَمَرَهُ بِالْإِفَاضَةِ (4) مِنْ عَرَفَاتٍ فَفَعَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَلِكَ ثُمَّ اِنْتَهَى إِلَى جَمْعٍ فَبَاتَ لَيْلَتَهُ بِهَا وَ جَمَعَ فِيهَا(5) اَلصَّلاَتَيْنِ فِي وَقْتِ اَلْعَتَمَةِ فِي ذَلِكَ اَلْمَوْضِعِ إِلَى ثُلُثِ اَللَّيْلِ وَ أَمَرَهُ إِذَا طَلَعَتِ اَلشَّمْسُ أَنْ يَسْأَلَ اَللَّهَ تَعَالَى اَلتَّوْبَةَ وَ اَلْمَغْفِرَةَ (6) سَبْعَ مَرَّاتٍ لِتَكُونَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَاتٍ فَأَدْرَكَ جَمْعاً فَقَدْ أَدْرَكَ حَجَّهُ (7) وَ أَفَاضَ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى ضَحْوَةً فَأَمَرَهُ أَنْ يُقَرِّبَ إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى قُرْبَاناً لِيَتَقَبَّلَ اَللَّهُ مِنْهُ وَ يَكُونَ سُنَّةً فِي وُلْدِهِ فَقَرَّبَ آدَمُ قُرْبَاناً فَتَقَبَّلَ مِنْهُ قُرْبَانَهُ فَأَرْسَلَ اَللَّهُ نَاراً مِنَ اَلسَّمَاءِ فَقَبَضَتْ قُرْبَانَ آدَمَ (8) فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا آدَمُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ أَنْ عَلَّمَكَ اَلْمَنَاسِكَ فَاحْلِقْ رَأْسَكَ تَوَاضُعاً لِلَّهِ إِذْ قَرَّبَ (9) قُرْبَانَكَ فَحَلَقَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ رَأْسَهُ ثُمَّ أَخَذَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِيَدِ آدَمَ (10) لِيَنْطَلِقَ بِهِ إِلَى اَلْبَيْتِ فَعَرَضَ لَهُ إِبْلِيسُ عِنْدَ
ص: 46
اَلْجَمْرَةِ فَقَالَ يَا آدَمُ أَيْنَ تُرِيدُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ يَا آدَمُ اِرْمِهِ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَفَعَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (1) فَقَالَ جَبْرَئِيلُ إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ بَعْدَ مَقَامِكَ هَذَا أَبَداً ثُمَّ اِنْطَلَقَ بِهِ إِلَى اَلْبَيْتِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ حَلَّتْ لَكَ زَوْجَتُكَ (2).
13وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلاَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ اَلْبَاقِرِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا بَنَى اَلْكَعْبَةَ وَ طَافَ بِهَا قَالَ (3)اَللَّهُمَّ إِنَّ لِكُلِّ عَامِلٍ أَجْراً اَللَّهُمَّ وَ إِنِّي قَدْ عَمِلْتُ فَقِيلَ لَهُ (4) سَلْ يَا آدَمُ فَقَالَ اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقِيلَ لَهُ قَدْ غُفِرَ(5) لَكَ يَا آدَمُ فَقَالَ وَ لِذُرِّيَّتِي مِنْ بَعْدِي فَقِيلَ لَهُ يَا آدَمُ مَنْ بَاءَ مِنْهُمْ بِذَنْبِهِ هَاهُنَا كَمَا بُؤْتَ غَفَرْتُ لَهُ (6).
14وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا طَافَ بِالْبَيْتِ فَانْتَهَى إِلَى اَلْمُلْتَزَمِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَقِرَّ لِرَبِّكَ بِذُنُوبِكَ فِي هَذَا اَلْمَكَانِ فَوَقَفَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ لِكُلِّ عَامِلٍ أَجْراً وَ لَقَدْ عَمِلْتُ فَمَا أَجْرِي فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا آدَمُ مَنْ جَاءَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ إِلَى هَذَا اَلْمَكَانِ فَأَقَرَّ فِيهِ بِذُنُوبِهِ غَفَرْتُ لَهُ (7).
15وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ
ص: 47
قَالَ : لَمَّا أَفَاضَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ عَرَفَاتٍ تَلَقَّتْهُ اَلْمَلاَئِكَةُ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ فَقَالُوا لَهُ بُرَّ حَجُّكَ يَا آدَمُ أَمَا إِنَّا قَدْ حَجَجْنَا هَذَا اَلْبَيْتَ قَبْلَكَ بِأَلْفَيْ عَامٍ (1).
16أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلصَّمَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلسَّيِّدِ أَبِي اَلْبَرَكَاتِ اَلْخُورِيِّ (2) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ (3) عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا طَافَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بِالْبَيْتِ مِائَةَ عَامٍ مَا يَنْظُرُ إِلَى حَوَّاءَ وَ لَقَدْ بَكَى عَلَى اَلْجَنَّةِ حَتَّى صَارَ عَلَى خَدَّيْهِ مِثْلُ اَلنَّهْرَيْنِ اَلْعَظِيمَيْنِ مِنَ اَلدُّمُوعِ ثُمَّ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ حَيَّاكَ اَللَّهُ وَ بَيَّاكَ فَلَمَّا أَنْ قَالَ حَيَّاكَ اَللَّهُ تَبَلَّجَ وَجْهُهُ فَرَحاً وَ لَمَّا قَالَ وَ بَيَّاكَ ضَحِكَ (4) وَ مَعْنَى بَيَّاكَ أَضْحَكَكَ قَالَ وَ لَقَدْ قَامَ عَلَى بَابِ اَلْكَعْبَةِ وَ ثِيَابُهُ جُلُودُ اَلْإِبِلِ وَ اَلْبَقَرِ فَقَالَ اَللَّهُمَّ أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَ أَعِدْنِي إِلَى اَلدَّارِ اَلَّتِي أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا فَقَالَ اَللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَقَلْتُكَ عَثْرَتَكَ وَ سَأُعِيدُكَ إِلَى اَلدَّارِ اَلَّتِي أَخْرَجْتُكَ مِنْهَا(5).
17وَ مِنْ شُجُونِ اَلْحَدِيثِ : أَنَّ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا كَثُرَ وُلْدُهُ وَ وُلْدُ وُلْدِهِ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ عِنْدَهُ وَ هُوَ سَاكِتٌ فَقَالُوا يَا أَبَةِ مَا لَكَ لاَ تَتَكَلَّمُ فَقَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ اَللَّهَ جَلَّ جَلاَلُهُ لَمَّا أَخْرَجَنِي مِنْ جِوَارِهِ عَهِدَ إِلَيَّ وَ قَالَ أَقِلَّ كَلاَمَكَ تَرْجِعْ إِلَى جِوَارِي(6).
ص: 48
18وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانِ بْنِ عِيسَى(1) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا هَبَطَ هَبَطَ(2)بِالْهِنْدِ ثُمَّ رُمِيَ إِلَيْهِ بِالْحَجَرِ اَلْأَسْوَدِ وَ كَانَ يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ بِفِنَاءِ اَلْعَرْشِ فَلَمَّا رَأَى عَرَفَهُ (3) فَأَكَبَّ عَلَيْهِ وَ قَبَّلَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ فَحَمَلَهُ إِلَى مَكَّةَ فَرُبَّمَا أَعْيَا مِنْ ثِقَلِهِ فَحَمَلَهُ جَبْرَئِيلُ عَنْهُ وَ كَانَ إِذَا لَمْ يَأْتِهِ جَبْرَئِيلُ اِغْتَمَّ وَ حَزِنَ فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى جَبْرَئِيلَ فَقَالَ إِذَا وَجَدْتَ شَيْئاً مِنَ اَلْحُزْنِ فَقُلْ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (4).
19وَ فِي رِوَايَةٍ : أَنَّ جَبَلَ أَبِي قُبَيْسٍ قَالَ يَا آدَمُ إِنَّ لَكَ عِنْدِي وَدِيعَةً فَرَفَعَ (5) إِلَيْهِ اَلْحَجَرَ وَ اَلْمَقَامَ وَ هُمَا يَوْمَئِذٍ يَاقُوتَتَانِ حَمْرَاوَانِ (6).
20وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ اَلْحَجَّاجِ عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : أَتَى آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ هَذَا اَلْبَيْتَ أَلْفَ أَتْيَةٍ عَلَى قَدَمَيْهِ مِنْهَا سَبْعُمِائَةِ حَجَّةٍ وَ ثَلاَثُمِائَةِ عُمْرَةٍ (7).
21وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَامِرٍ(8) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ حِينَ أَهْبَطَ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِنَ اَلْجَنَّةِ أَمَرَهُ أَنْ يَحْرُثَ بِيَدِهِ فَيَأْكُلَ مِنْ كَدِّهَا بَعْدَ نَعِيمِ اَلْجَنَّةِ فَجَعَلَ يَجْأَرُ(9) وَ يَبْكِي عَلَى اَلْجَنَّةِ مِائَتَيْ سَنَةٍ ثُمَّ إِنَّهُ سَجَدَ
ص: 49
لِلَّهِ سَجْدَةً فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَ لَيَالِيَهَا(1).
22وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا بَكَى آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى اَلْجَنَّةِ وَ كَانَ رَأْسُهُ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ اَلسَّمَاءِ وَ كَانَ يَتَأَذَّى بِالشَّمْسِ فَحَطَّ عَنْ (2) قَامَتِهِ وَ قَالَ إِنَّ آدَمَ لَمَّا أُهْبِطَ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ أَكَلَ مِنَ اَلطَّعَامِ وَجَدَ فِي بَطْنِهِ (3) ثِقَلاً فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ يَا آدَمُ فَتَنَحَّ (4) فَنَحَّاهُ فَأَحْدَثَ وَ خَرَجَ مِنْهُ اَلثِّقَلُ (5).
23وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ آدَمَ نَزَلَ بِالْهِنْدِ فَبَنَى اَللَّهُ تَعَالَى لَهُ اَلْبَيْتَ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ فَيَطُوفَ بِهِ أُسْبُوعاً فَيَأْتِي مِنًى وَ عَرَفَاتٍ وَ يَقْضِي مَنَاسِكَهُ كَمَا أَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ خَطَا مِنَ اَلْهِنْدِ فَكَانَ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ حَيْثُ خَطَا عُمْرَانٌ (6) وَ مَا بَيْنَ اَلْقَدَمِ وَ اَلْقَدَمِ صَحَارَى(7) لَيْسَ فِيهَا شَيْ ءٌ ثُمَّ جَاءَ إِلَى اَلْبَيْتِ فَطَافَ بِهِ أُسْبُوعاً وَ قَضَى مَنَاسِكَهُ فَقَضَاهَا كَمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى فَقَبِلَ (8) اَللَّهُ مِنْهُ تَوْبَتُهُ وَ غَفَرَ لَهُ فَقَالَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَا رَبِّ وَ لِذُرِّيَّتِي مِنْ بَعْدِي فَقَالَ نَعَمْ مَنْ آمَنَ بِي وَ بِرُسُلِي(9).
24 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ (10) عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَمْ كَانَ طُولُ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ أُهْبِطَ إِلَى اَلْأَرْضِ وَ كَمْ كَانَ طُولُ حَوَّاءَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ فَقَالَ وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى
ص: 50
لَمَّا أَهْبَطَ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ زَوْجَتَهُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ إِلَى اَلْأَرْضِ كَانَ رِجْلاَهُ عَلَى ثَنِيَّةِ اَلصَّفَا وَ رَأْسُهُ دُونَ أُفُقِ اَلسَّمَاءِ وَ أَنَّهُ شَكَا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى مِمَّا يُصِيبُهُ مِنْ حَرِّ اَلشَّمْسِ فَصَيَّرَ طُولَهُ سَبْعِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهِ وَ جَعَلَ طُولَ حَوَّاءَ خَمْسَةً وَ ثَلاَثِينَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِهَا (1) .
25عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ هَانِي بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودٍ اَلْعَبْدِيُّ (2) أَخْبَرَنَا أَبِي أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بُطَّةَ أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ بْنِ مَخْلَدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو اَلْحَرْثِ اَلْفِهْرِيُّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي زَيْدِ بْنِ مُسْلِمٍ (3) عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ اَلْخَطَّابِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَمَّا أَكَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ اَلشَّجَرَةِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَقَالَ أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إِلاَّ رَحِمْتَنِي فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ وَ مَنْ مُحَمَّدٌ فَقَالَ تَبَارَكَ اِسْمُكَ لَمَّا خَلَقْتَنِي رَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى عَرْشِكَ فَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْظَمَ عِنْدَكَ قَدْراً مِمَّنْ جَعَلْتَ اِسْمَهُ مَعَ اِسْمِكَ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ يَا آدَمُ إِنَّهُ لَآخِرُ اَلنَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ فَلَوْ لاَ مُحَمَّدٌ مَا خَلَقْتُكَ (4).
26وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْخَزَّازِ(5) عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قَالَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَا رَبِّ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ إِلاَّ تُبْتَ عَلَيَّ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا آدَمُ وَ مَا عِلْمُكَ بِمُحَمَّدٍ فَقَالَ حِينَ خَلَقْتَنِي رَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ فِي اَلْعَرْشِ مَكْتُوباً مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (6).
ص: 51
27أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ اَلْمُرْتَضَى بْنُ اَلدَّاعِي أَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ اَلدُّورْيَسْتِيُّ (1) عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ اَلْكُوفِيِّ أَخْبَرَنَا فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اَلْكُوفِيُّ أَخْبَرَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ اَلْفَضْلِ أَخْبَرَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ اَلزَّعْفَرَانِيُّ أَخْبَرَنَا سَهْلُ بْنُ سِنَانٍ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلطَّائِفِيُّ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ اَلْوَاقِدِيِّ عَنِ اَلْهُذَيْلِ عَنْ مَكْحُولٍ (2) عَنْ طَاوُسٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَمَّا أَنْ خَلَقَ اَللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَقَفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَطَسَ فَأَلْهَمَهُ اَللَّهُ أَنْ حَمِدَهُ فَقَالَ يَا آدَمُ حَمِدْتَنِي(3) فَوَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي لَوْ لاَ عَبْدَانَ أُرِيدُ أَنْ أَخْلُقَهُمَا فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ مَا خَلَقْتُكَ (4) قَالَ آدَمُ يَا رَبِّ بِقَدْرِهِمَا عِنْدَكَ مَا اِسْمُهُمَا(5) فَقَالَ تَعَالَى يَا آدَمُ اُنْظُرْ نَحْوَ اَلْعَرْشِ فَإِذَا بِسَطْرَيْنِ مِنْ نُورٍ أَوَّلُ اَلسَّطْرِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّ اَلرَّحْمَةِ وَ عَلِيٌّ مِفْتَاحُ اَلْجَنَّةِ وَ اَلسَّطْرُ اَلثَّانِي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَرْحَمَ مَنْ وَالاَهُمَا وَ أُعَذِّبَ مَنْ عَادَاهُمَا(6).
28وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ اَلْقُرَشِيُّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ اَللُّؤْلُؤِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنِ اَلْخَيْبَرِيِّ (7) عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : اِجْتَمَعَ وُلْدُ(8)آدَمَ فِي بَيْتٍ فَتَشَاجَرُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ خَيْرُ خَلْقِ اَللَّهِ أَبُونَا آدَمُ
ص: 52
وَ قَالَ بَعْضُهُمْ اَلْمَلاَئِكَةُ اَلْمُقَرَّبُونَ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ حَمَلَةُ اَلْعَرْشِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ هِبَةُ اَللَّهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَقَدْ جَاءَكُمْ مَنْ يُفَرِّجُ عَنْكُمْ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ فِي أَيِّ شَيْ ءٍ كُنْتُمْ فَقَالُوا كُنَّا نُفَكِّرُ فِي خَيْرِ خَلْقِ اَللَّهِ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ اِصْبِرُوا لِي(1) قَلِيلاً حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمْ فَأَتَى أَبَاهُ فَقَالَ يَا أَبَتِ إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى إِخْوَتِي وَ هُمْ يَتَشَاجَرُونَ فِي خَيْرِ خَلْقِ اَللَّهِ فَسَأَلُونِي فَلَمْ يَكُنْ (2) عِنْدِي مَا أُخْبِرُهُمْ فَقُلْتُ اِصْبِرُوا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمْ فَقَالَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَا بُنَيَّ وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ جَلَّ جَلاَلُهُ فَنَظَرْتُ إِلَى سَطْرٍ عَلَى وَجْهِ اَلْعَرْشِ مَكْتُوبٍ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ مُحَمَّدٌ وَ آلُ مُحَمَّدٍ خَيْرُ مَنْ بَرَأَ اَللَّهُ (3)في ق 3: الكلمة.(4).
29وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : اَلْكَلِمَاتُ (4) اَلَّتِي تَلَقَّى بِهِنَّ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَبَّهُ فَتٰابَ عَلَيْهِ قَالَ اَللَّهُمَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ إِنِّي عَمِلْتُ سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ اَلتَّوّٰابُ اَلرَّحِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَ بِحَمْدِكَ عَمِلْتُ (5) سُوءاً وَ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْغَافِرِينَ (6).
30 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ بَعْضِ مَنْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَلطِّيبِ قَالَ : إِنَّ آدَمَ وَ حَوَّاءَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ حِينَ أُهْبِطَا(7) مِنَ اَلْجَنَّةِ نَزَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى اَلصَّفَا وَ حَوَّاءُ عَلَى اَلْمَرْوَةِ وَ إِنَّ حَوَّاءَ حَلَّتْ قَرْناً مِنْ قُرُونِ رَأْسِهَا فَهَبَّتْ بِهِ اَلرِّيحُ فَصَارَ بِالْهِنْدِ أَكْثَرُ اَلطِّيبِ (8) .
ص: 53
31وَ بِإِسْنَادِهِ أَنَّهُ قَالَ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَتَلَقّٰى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمٰاتٍ سَأَلَهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ (1).
32 عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى اَلْعَطَّارِ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنِ اَلنَّوْفَلِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ اَلْيَعْقُوبِيِّ (2) عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ مُقَاتِلٍ عَمَّنْ سَمِعَ زُرَارَةَ يَقُولُ : سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ بَدْءِ اَلنَّسْلِ مِنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَيْفَ (3) كَانَ وَ عَنْ بَدْءِ اَلنَّسْلِ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ فَإِنَّ أُنَاساً عِنْدَنَا يَقُولُونَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَ بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ وَ إِنَّ هَذَا اَلْخَلْقَ كُلَّهُمْ أَصْلُهُ مِنَ اَلْإِخْوَةِ وَ اَلْأَخَوَاتِ فَمَنَعَ ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ ذَلِكَ (4) وَ قَالَ نُبِّئْتُ (5) أَنَّ بَعْضَ اَلْبَهَائِمِ تَنَكَّرَتْ لَهُ أُخْتُهُ فَلَمَّا نَزَا عَلَيْهَا وَ نَزَلَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا أُخْتُهُ قَبَضَ عَلَى عُزْمُولِهِ بِأَسْنَانِهِ حَتَّى قَطَعَهُ فَخَرَّ مَيِّتاً وَ آخَرَ تَنَكَّرَتْ لَهُ أُمُّهُ فَفَعَلَ هَذَا بِعَيْنِهِ فَكَيْفَ بِالْإِنْسَانِ (6) فِي فَضْلِهِ وَ عِلْمِهِ غَيْرَ أَنَّ جِيلاً مِنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ اَلَّذِينَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ رَغِبُوا عَنْ عِلْمِ أَهْلِ بُيُوتَاتِ أَنْبِيَائِهِمْ فَأَخَذُوهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يُؤْمَرُوا بِأَخْذِهِ فَصَارُوا إِلَى مَا يَرَوْنَ مِنَ اَلضَّلاَلِ وَ حَقّاً أَقُولُ مَا أَرَادَ مَنْ يَقُولُ هَذَا إِلاَّ تَقْوِيَةً لِحُجَجِ اَلْمَجُوسِ .
ثُمَّ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا(7) كَيْفَ كَانَ بَدْءُ اَلنَّسْلِ فَقَالَ إِنَّ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ بَطْناً فَلَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ جَزِعَ جَزَعاً قَطَعَهُ عَنْ إِتْيَانِ اَلنِّسَاءِ فَبَقِيَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ
ص: 54
يَغْشَى حَوَّاءَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ (1) ثُمَّ وَهَبَ اَللَّهُ لَهُ شِيثاً وَ هُوَ هِبَةُ اَللَّهِ وَ هُوَ أَوَّلُ وَصِيٍّ أُوصِيَ إِلَيْهِ مِنْ بَنِي آدَمَ فِي اَلْأَرْضِ ثُمَّ وَرَاهُ [وُلِدَ لَهُ ] بَعْدَهُ يَافِثُ فَلَمَّا أَدْرَكَا وَ أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يُبْلِغَ بِالنَّسْلِ مَا تَرَوْنَ أَنْزَلَ بَعْدَ اَلْعَصْرِ يَوْمَ اَلْخَمِيسِ حَوْرَاءَ مِنَ اَلْجَنَّةِ اِسْمُهَا نَزْلَةُ فَأَمَرَ اَللَّهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ شِيثٍ ثُمَّ أَنْزَلَ اَللَّهُ بَعْدَ اَلْعَصْرِ مِنَ اَلْغَدِ حَوْرَاءَ مِنَ اَلْجَنَّةِ اِسْمُهَا مَنْزِلَةُ فَأَمَرَ اَللَّهُ آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ يَافِثَ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ فَوُلِدَ(2)لِشِيثٍ غُلاَمٌ وَ لِيَافِثَ جَارِيَةٌ فَأَمَرَ اَللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أَدْرَكَا أَنْ يُزَوِّجَ بِنْتَ يَافِثَ مِنِ اِبْنِ شِيثٍ فَفَعَلَ فَوُلِدَ اَلصَّفْوَةُ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْمُرْسَلِينَ مِنْ نَسْلِهِمَا وَ مَعَاذَ اَللَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنَ اَلْإِخْوَةِ وَ اَلْأَخَوَاتِ وَ مَنَاكِحِهِمَا قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى مَرِضَ (3) فَدَعَا شِيثاً وَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّ أَجَلِي قَدْ حَضَرَ وَ أَنَا مَرِيضٌ فَإِنَّ رَبِّي قَدْ أَنْزَلَ مِنْ سُلْطَانِهِ مَا قَدْ تَرَى وَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيمَا قَدْ عَهِدَ أَنْ أَجْعَلَكَ وَصِيِّي(4) وَ خَازِنَ مَا اِسْتَوْدَعَنِي وَ هَذَا كِتَابُ اَلْوَصِيَّةِ تَحْتَ رَأْسِي وَ فِيهِ أَثَرُ اَلْعِلْمِ وَ اِسْمُ اَللَّهِ اَلْأَكْبَرُ فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَخُذِ اَلصَّحِيفَةَ وَ إِيَّاكَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا أَحَدٌ(5) وَ أَنْ تَنْظُرَ فِيهَا إِلَى قَابِلٍ فِي مِثْلِ هَذَا اَلْيَوْمِ اَلَّذِي يَصِيرُ إِلَيْكَ فِيهِ وَ فِيهَا جَمِيعُ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ دِينِكَ وَ دُنْيَاكَ وَ كَانَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ نَزَلَ بِالصَّحِيفَةِ اَلَّتِي فِيهَا اَلْوَصِيَّةُ مِنَ اَلْجَنَّةِ ثُمَّ قَالَ آدَمُ لِشِيثٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا يَا بُنَيَّ إِنِّي قَدِ اِشْتَهَيْتُ ثَمَرَةً مِنْ ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ فَاصْعَدْ إِلَى جَبَلِ اَلْحَدِيدِ فَانْظُرْ مَنْ لَقِيتَهُ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي اَلسَّلاَمَ وَ قُلْ لَهُ إِنَّ أَبِي مَرِيضٌ وَ هُوَ يَسْتَهْدِيكُمْ مِنْ ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ قَالَ فَمَضَى حَتَّى صَعِدَ إِلَى اَلْجَبَلِ فَإِذَا هُوَ بِجَبْرَئِيلَ فِي قَبَائِلَ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم فَبَدَأَهُ جَبْرَائِيلُ بِالسَّلاَمِ ثُمَّ قَالَ إِلَى أَيْنَ يَا شِيثُ فَقَالَ لَهُ شِيثٌ وَ مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ قَالَ أَنَا اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ إِنَّ أَبِي مَرِيضٌ وَ قَدْ(6) أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ
ص: 55
وَ هُوَ يُقْرِئُكُمُ اَلسَّلاَمَ وَ يَسْتَهْدِيكُمْ مِنْ ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ عَلَى أَبِيكَ اَلسَّلاَمُ يَا شِيثُ أَمَا إِنَّهُ قَدْ قُبِضَ (1) وَ إِنَّمَا نَزَلْتُ لِشَأْنِهِ فَعَظَّمَ اَللَّهُ عَلَى مُصِيبَتِكَ فِيهِ أَجْرَكَ (2) وَ أَحْسَنَ عَلَى اَلْعَزَاءِ مِنْهُ صَبْرَكَ وَ آنَسَ بِمَكَانِهِ مِنْكَ عَظِيمَ وَحْشَتِكَ اِرْجِعْ فَرَجَعَ مَعَهُمْ وَ مَعَهُمْ كُلُّ مَا يَصْلُحُ بِهِ أَمَرُ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَدْ جَاءُوا بِهِ مِنَ اَلْجَنَّةِ فَلَمَّا صَارُوا إِلَى آدَمَ كَانَ أَوَّلَ مَا صَنَعَ شِيثٌ أَنْ أَخَذَ صَحِيفَةَ اَلْوَصِيَّةِ مِنْ تَحْتِ رَأْسِ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَشَدَّهَا عَلَى بَطْنِهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَنْ مِثْلُكَ يَا شِيثُ قَدْ أَعْطَاكَ اَللَّهُ سُرُورَ كَرَامَتِهِ (3) وَ أَلْبَسَكَ لِبَاسَ عَافِيَتِهِ فَلَعَمْرِي لَقَدْ خَصَّكَ اَللَّهُ مِنْهُ بِأَمْرٍ جَلِيلٍ ثُمَّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ شِيثاً أَخَذَا فِي غُسْلِهِ وَ أَرَاهُ جَبْرَئِيلُ كَيْفَ يُغَسِّلُهُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهُ ثُمَّ أَرَاهُ كَيْفَ يُكَفِّنُهُ وَ يُحَنِّطُهُ حَتَّى فَرَغَ ثُمَّ أَرَاهُ كَيْفَ يَحْفِرُ لَهُ ثُمَّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَخَذَ بِيَدِ شِيثٍ فَأَقَامَهُ لِلصَّلاَةِ عَلَيْهِ كَمَا نَقُومُ اَلْيَوْمَ نَحْنُ ثُمَّ قَالَ كَبِّرْ عَلَى أَبِيكَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً وَ عَلَّمَهُ كَيْفَ يَصْنَعُ ثُمَّ إِنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَرَ اَلْمَلاَئِكَةَ (4) أَنْ يَصْطَفُّوا قِيَاماً خَلْفَ شِيثٍ كَمَا يُصْطَفُّ (5) اَلْيَوْمَ خَلْفَ اَلْمُصَلِّي عَلَى اَلْمَيِّتِ فَقَالَ شِيثٌ يَا جَبْرَئِيلُ أَ وَ يَسْتَقِيمُ هَذَا لِي وَ أَنْتَ مِنَ اَللَّهِ بِالْمَكَانِ اَلَّذِي أَنْتَ فِيهِ وَ مَعَكَ (6) عُظَمَاءُ اَلْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ يَا شِيثُ أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ أَبَاكَ آدَمَ أَوْقَفَهُ بَيْنَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ أَمَرَنَا بِالسُّجُودِ لَهُ فَكَانَ إِمَامَنَا لِيَكُونَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي ذُرِّيَّتِهِ وَ قَدْ قَبَضَهُ اَللَّهُ اَلْيَوْمَ وَ أَنْتَ وَصِيُّهُ وَ وَارِثُ عِلْمِهِ وَ أَنْتَ تَقُومُ مَقَامَهُ فَكَيْفَ نَتَقَدَّمُكَ وَ أَنْتَ إِمَامُنَا فَصَلَّى بِهِمْ عَلَيْهِ (7) كَمَا أَمَرَهُ ثُمَّ أَرَاهُ كَيْفَ يَدْفِنُهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ دَفْنِهِ وَ ذَهَبَ جَبْرَئِيلُ وَ مَنْ مَعَهُ لِيَصْعَدُوا مِنْ حَيْثُ
ص: 56
جَاءُوا بَكَى(1)شِيثٌ وَ نَادَى يَا وَحْشَتَا فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ لاَ وَحْشَةَ عَلَيْكَ مَعَ اَللَّهِ تَعَالَى يَا شِيثُ بَلْ نَحْنُ نَازِلُونَ عَلَيْكَ بِأَمْرِ رَبِّكَ وَ هُوَ يُؤْنِسُكَ فَلاَ تَحْزَنْ وَ أَحْسِنْ ظَنَّكَ بِرَبِّكَ فَإِنَّهُ بِكَ لَطِيفٌ وَ عَلَيْكَ شَفِيقٌ ثُمَّ صَعِدَ جَبْرَئِيلُ وَ مَنْ مَعَهُ وَ هَبَطَ قَابِيلُ مِنَ اَلْجَبَلِ وَ كَانَ عَلَى اَلْجَبَلِ هَارِباً مِنْ أَبِيهِ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ فَلَقِيَ شِيثاً فَقَالَ يَا شِيثُ إِنِّي إِنَّمَا قَتَلْتُ هَابِيلَ أَخِي لِأَنَّ قُرْبَانُهُ تُقُبِّلَ وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ قُرْبَانِي وَ خِفْتُ أَنْ يَصِيرَ بِالْمَكَانِ اَلَّذِي قَدْ صِرْتَ أَنْتَ اَلْيَوْمَ (2) فِيهِ وَ قَدْ صِرْتَ بِحَيْثُ أَكْرَهُ وَ إِنْ تَكَلَّمْتَ بِشَيْ ءٍ مِمَّا عَهِدَ إِلَيْكَ بِهِ أَبِي لَأَقْتُلَنَّكَ (3) كَمَا قَتَلْتُ هَابِيلَ قَالَ زُرَارَةُ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ (4) فَأَمْسَكَهُ يُعَلِّمُنَا أَيْ هَكَذَا أَنَا سَاكِتٌ فَ لاٰ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى اَلتَّهْلُكَةِ مَعْشَرَ(5)شِيعَتِنَا فَتُمَكِّنُوا عَدُوَّكُمْ مِنْ رِقَابِكُمْ فَتَكُونُوا عَبِيداً لَهُمْ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ أَرْبَابُهُمْ وَ سَادَاتُهُمْ فَإِنَّ فِي اَلتَّقِيَّةِ مِنْهُمْ لَكُمْ رَدّاً عَمَّا قَدْ أَصْبَحُوا فِيهِ مِنَ اَلْفَضَائِحِ بِأَعْمَالِهِمُ اَلْخَبِيثَةِ عَلاَنِيَةً وَ لاَ يُرَى(6) مِنْكُمْ مَنْ يُبَعِّدُكُمْ عَنِ اَلْمَحَارِمِ وَ يُنَزِّهُكُمْ عَنِ اَلْأَشْرِبَةِ اَلسَّوْءِ وَ اَلْمَعَاصِي وَ كَثْرَةِ اَلْحَجِّ وَ اَلصَّلاَةِ وَ تَرْكِ كَلاَمِهِمْ (7) .
33 وَ قَالَ زُرَارَةُ : سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (8) عَنْ خَلْقِ حَوَّاءَ وَ قِيلَ إِنَّ أُنَاساً عِنْدَنَا يَقُولُونَ إِنَّ اَللَّهَ خَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلْعِ آدَمَ اَلْأَيْسَرِ اَلْأَقْصَى قَالَ سُبْحَانَ اَللَّهِ إِنَّ اَللَّهَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنَ اَلْقُدْرَةِ مَا يَخْلُقُ لِآدَمَ زَوْجَةً (9) مِنْ غَيْرِ ضِلْعِهِ وَ لاَ يَكُونُ لِمُتَكَلِّمٍ أَنْ يَقُولَ إِنَّ آدَمَ كَانَ يَنْكِحُ بَعْضُهُ بَعْضاً
ص: 57
ثُمَّ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ وَ أَمَرَ اَلْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَهُ (1) أَلْقَى عَلَيْهِ اَلسُّبَاتَ ثُمَّ اِبْتَدَعَ لَهُ خَلْقَ حَوَّاءَ ثُمَّ جَعَلَهَا فِي مَوْضِعِ اَلنُّقْرَةِ (2) اَلَّتِي بَيْنَ وَرِكَيْهِ وَ ذَلِكَ لِكَيْ تَكُونَ اَلْمَرْأَةُ تَبَعاً لِلرَّجُلِ (3) فَأَقْبَلَتْ تَتَحَرَّكُ فَانْتَبَهَ لِتَحَرُّكِهَا فَلَمَّا اِنْتَبَهَ نُودِيَ أَنْ تَنَحَّيْ عَنْهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا نَظَرَ إِلَى خَلْقٍ حَسَنٍ يُشْبِهُ صُورَتَهُ غَيْرَ أَنَّهَا أُنْثَى فَكَلَّمَهَا وَ كَلَّمَتْهُ بِلُغَتِهِ فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا خَلْقٌ خَلَقَنِيَ اَللَّهُ تَعَالَى كَمَا تَرَى فَقَالَ آدَمُ عِنْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ مَا هَذَا اَلْخَلْقُ اَلْحَسَنُ اَلَّذِي قَدْ آنَسَنِي قُرْبُهُ وَ اَلنَّظَرُ إِلَيْهِ فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى يَا آدَمُ هَذِهِ أَمَتِي حَوَّاءُ أَ فَتُحِبُّ (4) أَنْ تَكُونَ مَعَكَ فَتُؤْنِسَكَ وَ تُحَدِّثَكَ وَ تَكُونَ تَابِعَةً لِأَمْرِكَ فَقَالَ نَعَمْ يَا رَبِّ لَكَ عَلَيَّ بِذَلِكَ اَلْحَمْدُ وَ اَلشُّكْرُ مَا بَقِيتُ قَالَ فَاخْطُبْهَا إِلَيَّ فَإِنَّهَا أَمَتِي(5) وَ قَدْ تَصْلُحُ لَكَ زَوْجَةً لِلشَّهْوَةِ وَ أَلْقَى اَللَّهُ عَلَيْهِ اَلشَّهْوَةَ وَ قَدْ عَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ اَلْمَعْرِفَةَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنِّي أَخْطُبُهَا إِلَيْكَ فَمَا رِضَاكَ لِذَلِكَ لِي فَقَالَ مَرْضَاتِي(6) أَنْ تُعَلِّمَهَا مَعَالِمَ دِينِي فَقَالَ ذَلِكَ لَكَ يَا رَبِّ إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ لِي فَقَالَ فَقَدْ شِئْتُ ذَلِكَ وَ قَدْ(7) زَوَّجْتُكَهَا فَضُمَّهَا إِلَيْكَ فَقَالَ لَهَا آدَمُ إِلَيَّ فَأَقْبِلِي فَقَالَتْ بَلْ أَنْتَ فَأَمَرَ اَللَّهُ آدَمَ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهَا فَقَامَ وَ لَوْ لاَ ذَلِكَ لَكُنَّ اَلنِّسَاءُ يَذْهَبْنَ إِلَى اَلرِّجَالِ (8) .
34وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ
ص: 58
عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ اِبْنَ آدَمَ حِينَ قَتَلَ أَخَاهُ قَتَلَ شَرُّهُمَا خَيْرَهُمَا فَوَهَبَ اَللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ وَلَداً فَسَمَّاهُ هِبَةَ اَللَّهِ وَ كَانَ وَصِيَّهُ فَلَمَّا حَضَرَتْ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَفَاتُهُ (1) قَالَ يَا هِبَةَ اَللَّهِ قَالَ لَبَّيْكَ قَالَ اِنْطَلِقْ إِلَى جَبْرَئِيلَ فَقُلْ إِنَّ أَبِي آدَمَ يُقْرِئُكَ اَلسَّلاَمَ وَ يَسْتَطْعِمُكَ مِنْ طَعَامِ اَلْجَنَّةِ وَ قَدِ اِشْتَاقَ إِلَى ذَلِكَ فَخَرَجَ هِبَةُ اَللَّهِ فَاسْتَقْبَلَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَبْلَغَهُ رِسَالَةَ (2) مَا أَرْسَلَهُ بِهِ أَبُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَحِمَ اَللَّهُ أَبَاكَ فَرَجَعَ هِبَةُ اَللَّهِ وَ قَدْ قَبَضَ اَللَّهُ تَعَالَى آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَخَرَجَ بِهِ هِبَةُ اَللَّهِ وَ صَلَّى عَلَيْهِ وَ كَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْساً(3) وَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً سَبْعِينَ لِآدَمَ وَ خَمْساً لِأَوْلاَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ (4).
35وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اِبْنَ آدَمَ حِينَ قَتَلَ أَخَاهُ لَمْ يَدْرِ كَيْفَ يَقْتُلُهُ حَتَّى جَاءَ إِبْلِيسُ فَعَلَّمَهُ قَالَ ضَعْ رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ ثُمَّ (5) اِشْدَخْهُ (6).
36 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَاجِيلَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ اَلْعَبْقَرِيِّ عَنْ أَسْبَاطٍ عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : أَنَّ طَاوُساً قَالَ فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ أَوَّلُ دَمٍ وَقَعَ عَلَى اَلْأَرْضِ دَمُ هَابِيلَ (7) وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ قُتِلَ رُبُعُ اَلنَّاسِ وَ قَالَ لَهُ زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَيْسَ كَمَا قَالَ (8) إِنَّ أَوَّلَ دَمٍ وَقَعَ عَلَى اَلْأَرْضِ دَمُ حَوَّاءَ حِينَ حَاضَتْ يَوْمَئِذٍ قُتِلَ سُدُسُ اَلنَّاسِ كَانَ يَوْمَئِذٍ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ قَابِيلُ وَ هَابِيلُ وَ أُخْتَاهُ بِنْتَيْنِ كَانَتَا
ص: 59
ثُمَّ قَالَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ هَلْ تَدْرِي مَا صُنِعَ بِقَابِيلَ فَقَالَ اَلْقَوْمُ لاَ نَدْرِي فَقَالَ وَكَّلَ اَللَّهُ بِهِ مَلَكَيْنِ يَطْلُعَانِ بِهِ مَعَ اَلشَّمْسِ إِذَا طَلَعَتْ وَ يَغْرُبَانِ بِهِ مَعَ اَلشَّمْسِ إِذَا غَرَبَتْ وَ يُنْضِجَانِهِ (1) بِالْمَاءِ اَلْحَارِّ مَعَ حَرٌّ اَلشَّمْسِ حَتَّى تَقُومَ اَلسَّاعَةُ (2) .
37وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ اِبْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرَجُلاً أَتَى اَلْمَكَانَ اَلَّذِي فِيهِ اِبْنُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَرَآهُ مَعْقُولاً مَعَهُ عَشَرَةٌ مُوَكَّلُونَ بِهِ يَسْتَقْبِلُونَ بِوَجْهِهِ اَلشَّمْسَ حَيْثُ مَا دَارَتْ فِي اَلصَّيْفِ وَ يُوقِدُونَ حَوْلَهُ اَلنَّارَ فَإِذَا كَانَ اَلشِّتَاءُ يَصُبُّوا عَلَيْهِ اَلْمَاءَ اَلْبَارِدَ وَ كُلَّمَا هَلَكَ رَجُلٌ مِنَ اَلْعَشَرَةِ أَخْرَجَ أَهْلُ اَلْقَرْيَةِ رَجُلاً فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اَللَّهِ مَا قِصَّتُكَ لِأَيِّ شَيْ ءٍ اُبْتُلِيتَ بِهَذَا فَقَالَ لَقَدْ سَأَلْتَنِي مِنْ مَسْأَلَةٍ مَا سَأَلَنِي أَحَدٌ عَنْهَا قَبْلَكَ إِنَّكَ أَكْيَسُ اَلنَّاسِ وَ إِنَّكَ لَأَحْمَقُ اَلنَّاسِ (3).
38وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَتِ اَلْوُحُوشُ وَ اَلطَّيْرُ(4) وَ اَلسِّبَاعُ وَ كُلُّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مُخْتَلِطاً بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَلَمَّا قَتَلَ اِبْنُ آدَمَ أَخَاهُ نَفَرَتْ وَ فَزِعَتْ فَذَهَبَ كُلُّ شَيْ ءٍ إِلَى شَكْلِهِ (5).
39وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ وَ عَبْدِ اَلْكَرِيمِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ هَابِيلُ رَاعِيَ اَلْغَنَمِ (6) وَ كَانَ قَابِيلُ حَرَّاثاً فَلَمَّا بَلَغَا قَالَ لَهُمَا آدَمُ
ص: 60
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تُقَرِّبَا إِلَى اَللَّهِ قُرْبَاناً لَعَلَّ اَللَّهَ يَتَقَبَّلُ مِنْكُمَا فَانْطَلَقَ هَابِيلُ إِلَى أَفْضَلِ كَبْشٍ فِي غَنَمِهِ فَقَرَّبَهُ اِلْتِمَاساً لِوَجْهِ اَللَّهِ وَ مَرْضَاةِ أَبِيهِ فَأَمَّا قَابِيلُ فَإِنَّهُ قَرَّبَ اَلزُّوَانَ اَلَّذِي يَبْقَى فِي اَلْبَيْدَرِ اَلَّذِي لاَ تَسْتَطِيعُ اَلْبَقَرُ أَنْ تَدُوسَهُ فَقَرَّبَ ضِغْثاً مِنْهُ لاَ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اَللَّهِ تَعَالَى وَ لاَ رِضَى أَبِيهِ فَقَبِلَ اَللَّهُ قُرْبَانَ هَابِيلَ وَ رَدَّ عَلَى قَابِيلَ قُرْبَانَهُ فَقَالَ إِبْلِيسُ لِقَابِيلَ إِنَّهُ (1) يَكُونُ لِهَذَا عَقِبٌ يَفْتَخِرُونَ عَلَى عَقِبِكَ بِأَنْ قُبِلَ قُرْبَانُ أَبِيهِمْ فَاقْتُلْهُ حَتَّى لاَ يَكُونَ لَهُ عَقِبٌ فَقَتَلَهُ فَبَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى جَبْرَئِيلَ فَأَجَنَّهُ (2) فَقَالَ قَابِيلُ يٰا وَيْلَتىٰ أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هٰذَا اَلْغُرٰابِ يَعْنِي بِهِ مِثْلَ هَذَا اَلْغَرِيبِ اَلَّذِي لاَ أَعْرِفُهُ جَاءَ وَ دَفَنَ أَخِي وَ لَمْ أَهْتَدِ لِذَلِكَ وَ نُودِيَ قَابِيلُ مِنَ اَلسَّمَاءِ لُعِنْتَ لِمَا قَتَلْتَ أَخَاكَ وَ بَكَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى هَابِيلَ أَرْبَعِينَ يَوْماً وَ لَيْلَةً (3).
40وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ اَلْحَكَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا أَوْصَى آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِلَى هَابِيلَ حَسَدَهُ قَابِيلُ فَقَتَلَهُ فَوَهَبَ اَللَّهُ تَعَالَى لِآدَمَ هِبَةَ اَللَّهِ وَ أَمَرَهُ أَنْ يُوصِيَ إِلَيْهِ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَكْتُمَ ذَلِكَ قَالَ فَجَرَتِ اَلسُّنَّةُ بِالْكِتْمَانِ فِي اَلْوَصِيَّةِ (4) فَقَالَ قَابِيلُ لِهِبَةِ اَللَّهِ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ أَبَاكَ قَدْ أَوْصَى إِلَيْكَ فَإِنْ أَظْهَرْتَ ذَلِكَ أَوْ نَطَقْتَ بِشَيْ ءٍ مِنْهُ لَأَقْتُلَنَّكَ كَمَا قَتَلْتُ أَخَاكَ (5).
41وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حَبِيبٍ اَلسِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا قَرَّبَ اِبْنَا آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلْقُرْبَانَ فَتُقُبِّلَ مِنْ هَابِيلَ وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ قَابِيلَ دَخَلَ قَابِيلَ (6) مِنْ ذَلِكَ حَسَدٌ
ص: 61
شَدِيدٌ وَ بَغَى قَابِيلُ عَلَى هَابِيلَ فَلَمْ يَزَلْ يَرْصُدُهُ وَ يَتْبَعُ خَلَوَاتِهِ حَتَّى خَلاَ بِهِ مُتَنَحِّياً عَنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ وَ كَانَ مِنْ قِصَّتِهِمَا مَا قَدْ بَيَّنَهُ اَللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنَ اَلْمُحَاوَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلَهُ (1)في ق 2: و صدق، و في البحار: و صدّقه فيما.(2).
42وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ مَتِّيلٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ وَ كَرَّامِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّ قَابِيلَ عَدُوَّ اَللَّهِ قَتَلَ أَخَاهُ وَ أَنِّي أُعْقِبُكَ مِنْهُ (3) غُلاَماً يَكُونُ خَلِيفَتَكَ وَ يَرِثُ عِلْمَكَ وَ يَكُونُ عَالِمَ اَلْأَرْضِ وَ رَبَّانِيَّهَا بَعْدَكَ وَ هُوَ اَلَّذِي يُدْعَى فِي اَلْكُتُبِ شِيثاً وَ سَمَّاهُ أَبَا مُحَمَّدٍ هِبَةَ اَللَّهِ وَ هُوَ اِسْمُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَ كَانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَشَّرَ بِنُوحٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَالَ إِنَّهُ سَيَأْتِي نَبِيٌّ مِنْ بَعْدِي اِسْمُهُ نُوحٌ فَمَنْ بَلَغَهُ مِنْكُمْ فَلْيُسَلِّمْ لَهُ فَإِنَّ قَوْمَهُ يَهْلِكُونَ بِالْغَرَقِ إِلاَّ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ صَدَّقَهُ (3) مَا قِيلَ لَهُمْ وَ مَا أُمِرُوا بِهِ (4).
43وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ حَبِيبٍ اَلسِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا عَلِمَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بِقَتْلِ هَابِيلَ جَزِعَ عَلَيْهِ جَزَعاً شَدِيداً عَظِيماً(5) فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً يَكُونُ خَلَفاً مِنْ هَابِيلَ فَوَلَدَتْهُ حَوَّاءُ فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلسَّابِعُ (6) سَمَّاهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ شِيثاً فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا آدَمُ إِنَّمَا هَذَا اَلْغُلاَمُ هِبَةٌ مِنِّي إِلَيْكَ فَسَمِّهِ هِبَةَ اَللَّهِ فَسَمَّاهُ آدَمُ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ وَفَاةِ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ
ص: 62
أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي مُتَوَفِّيكَ فَأَوْصِ إِلَى خَيْرِ وُلْدِكَ وَ هُوَ هِبَتِيَ اَلَّذِي وَهَبْتُهُ لَكَ فَأَوْصِ إِلَيْهِ وَ سَلِّمْ إِلَيْهِ مَا عَلَّمْتُكَ مِنَ اَلْأَسْمَاءِ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ لاَ تَخْلُوَ اَلْأَرْضُ مِنْ عَالِمٍ يَعْلَمُ عِلْمِي وَ يَقْضِي بِحُكْمِي أَجْعَلُهُ حُجَّةً لِي عَلَى خَلْقِي فَجَمَعَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وُلْدَهُ جَمِيعاً مِنَ اَلرِّجَالِ وَ اَلنِّسَاءِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ يَا وُلْدِي إِنَّ اَللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ أَمَرَنِي أَنْ أُوصِيَ إِلَى خَيْرِ وُلْدِي وَ إِنَّهُ هِبَةُ اَللَّهِ وَ إِنَّ اَللَّهَ اِخْتَارَهُ لِي وَ لَكُمْ مِنْ بَعْدِي فَاسْمَعُوا لَهُ وَ أَطِيعُوا أَمْرَهُ فَإِنَّهُ وَصِيِّي وَ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ فَقَالُوا جَمِيعاً نَسْمَعُ لَهُ وَ نُطِيعُ أَمْرَهُ وَ لاَ نُخَالِفُهُ قَالَ وَ أَمَرَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بِتَابُوتٍ ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ عِلْمَهُ وَ اَلْأَسْمَاءَ وَ اَلْوَصِيَّةَ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى هِبَةِ اَللَّهِ فَقَالَ لَهُ اُنْظُرْ إِذَا أَنَا مِتُّ يَا هِبَةَ اَللَّهِ فَاغْسِلْنِي(1) وَ كَفِّنِّي وَ صَلِّ عَلَيَّ وَ أَدْخِلْنِي حُفْرَتِي وَ إِذَا حَضَرَتْ وَفَاتُكَ وَ أَحْسَسْتَ بِذَلِكَ مِنْ نَفْسِكَ فَالْتَمِسْ خَيْرَ وُلْدِكَ وَ أَكْثَرَهُمْ لَكَ صُحْبَةً وَ أَفْضَلَهُمْ فَأَوْصِ إِلَيْهِ بِمَا أَوْصَيْتُ بِهِ إِلَيْكَ وَ لاَ تَدَعِ اَلْأَرْضَ بِغَيْرِ عَالِمٍ مِنَّا أَهْلَ اَلْبَيْتِ يَا بُنَيَّ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَهْبَطَنِي إِلَى اَلْأَرْضِ وَ جَعَلَنِي خَلِيفَةً فِيهَا وَ حُجَّةً لَهُ عَلَى خَلْقِهِ وَ جَعَلْتُكَ حُجَّةَ اَللَّهِ (2) فِي أَرْضِهِ مِنْ بَعْدِي فَلاَ تَخْرُجَنَّ مِنَ (3) اَلدُّنْيَا حَتَّى تَجْعَلَ لِلَّهِ حُجَّةً عَلَى خَلْقِهِ وَ وَصِيّاً مِنْ بَعْدِكَ وَ سَلِّمْ إِلَيْهِ اَلتَّابُوتَ وَ مَا فِيهِ كَمَا سَلَّمْتُ (4) إِلَيْكَ وَ أَعْلِمْهُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِي رَجُلٌ نَبِيٌّ اِسْمُهُ نُوحٌ يَكُونُ فِي نُبُوَّتِهِ اَلطُّوفَانُ وَ اَلْغَرَقُ وَ أَوْصِ وَصِيَّكَ أَنْ يَحْتَفِظَ(5) بِالتَّابُوتِ وَ بِمَا فِيهِ فَإِذَا حَضَرَتْهُ وَفَاتُهُ (6) فَمُرْهُ أَنْ يُوصِيَ إِلَى خَيْرِ وُلْدِهِ وَ لْيَضَعْ كُلُّ وَصِيٍّ وَصِيَّتَهُ فِي اَلتَّابُوتِ وَ لْيُوصِ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْهُمْ نُبُوَّةَ نُوحٍ فَلْيَرْكَبْ مَعَهُ وَ لْيَحْمِلِ اَلتَّابُوتَ وَ مَا فِيهِ إِلَى فُلْكِهِ وَ لاَ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ وَاحِدٌ وَ اِحْذَرْ يَا هِبَةَ اَللَّهِ وَ أَنْتُمْ يَا وُلْدِي اَلْمَلْعُونَ قَابِيلَ
ص: 63
فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلَّذِي أَخْبَرَهُ اَللَّهُ أَنَّهُ مُتَوَفِّيهِ تَهَيَّأَ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لِلْمَوْتِ وَ أَذْعَنَ بِهِ فَهَبَطَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ فَقَالَ آدَمُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اَللَّهِ (1) وَ خَلِيفَتُهُ فِي أَرْضِهِ اِبْتَدَأَنِي بِإِحْسَانِهِ (2) وَ أَسْجَدَ لِي مَلاَئِكَتَهُ وَ عَلَّمَنِي اَلْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ أَسْكَنَنِي جَنَّتَهُ وَ لَمْ يَكُنْ جَعَلَهَا لِي دَارَ قَرَارٍ وَ لاَ مَنْزِلَ اِسْتِيطَانٍ وَ إِنَّمَا خَلَقَنِي لِأَسْكُنَ اَلْأَرْضَ اَلَّذِي أَرَادَ مِنَ اَلتَّقْدِيرِ وَ اَلتَّدْبِيرِ وَ قَدْ كَانَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بِكَفَنِ آدَمَ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ اَلْحَنُوطِ وَ اَلْمِسْحَاةِ (3) مَعَهُ قَالَ وَ نَزَلَ مَعَ جَبْرَئِيلَ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم لِيَحْضُرُوا جِنَازَةَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَغَسَّلَهُ هِبَةُ اَللَّهِ وَ جَبْرَئِيلُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا وَ كَفَّنَهُ وَ حَنَّطَهُ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ لِهِبَةِ اَللَّهِ تَقَدَّمْ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ وَ كَبِّرْ عَلَيْهِ خَمْساً وَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً فَحَضَرَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ ثُمَّ أَدْخَلُوهُ حُفْرَتَهُ فَقَامَ هِبَةُ اَللَّهِ فِي وُلْدِ أَبِيهِ بِطَاعَةِ اَللَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا حَضَرَتْهُ وَفَاتُهُ أَوْصَى إِلَى اِبْنِهِ قَيْنَانَ وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ اَلتَّابُوتَ فَقَامَ قَيْنَانُ فِي إِخْوَتِهِ وَ وُلْدِ أَبِيهِ بِطَاعَةِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ تَقَدَّسْ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى اِبْنِهِ يَزْدَ وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ اَلتَّابُوتَ وَ جَمِيعَ مَا فِيهِ وَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ فِي نُبُوَّةِ نُوحٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا حَضَرَتْ وَفَاةُ يَزْدَ أَوْصَى إِلَى اِبْنِهِ أُخْنُوخَ وَ هُوَ إِدْرِيسُ وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ اَلتَّابُوتَ وَ جَمِيعَ مَا فِيهِ وَ اَلْوَصِيَّةَ فَقَامَ أُخْنُوخُ بِهِ فَلَمَّا قَرُبَ أَجَلُهُ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي رَافِعُكَ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَأَوْصِ إِلَى اِبْنِكَ خَرْقَاسِيلَ (4) فَفَعَلَ فَقَامَ خَرْقَاسِيلُ (5) بِوَصِيَّةِ أُخْنُوخَ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى اِبْنِهِ نُوحٍ وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ اَلتَّابُوتَ فَلَمْ يَزَلِ اَلتَّابُوتُ عِنْدَ نُوحٍ حَتَّى حَمَلَهُ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى اِبْنِهِ سَامٍ وَ سَلَّمَ إِلَيْهِ اَلتَّابُوتَ وَ جَمِيعَ مَا فِيهِ (4).
44أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ أَبُو حَرْبِ بْنُ اَلْمُجْتَبَى بْنِ اَلدَّاعِي اَلْحَسَنِيُّ (5) أَخْبَرَنَا
ص: 64
اَلدُّورْيَسْتِيُّ (1) عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ أَخْبَرَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ(2) عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَرْسَلَ (3)آدَمُ اِبْنَهُ إِلَى جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ يَقُولُ لَكَ أَبِي أَطْعِمْنِي مِنْ زَيْتِ اَلزَّيْتُونِ اَلَّتِي فِي مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا مِنَ اَلْجَنَّةِ فَلَقِيَهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ اِرْجِعْ إِلَى أَبِيكَ فَقَدْ قُبِضَ وَ أُمِرْنَا بِإِجْهَازِهِ وَ اَلصَّلاَةِ عَلَيْهِ قَالَ فَلَمَّا جَهَّزُوهُ (4) قَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ تَقَدَّمْ يَا هِبَةَ اَللَّهِ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ فَتَقَدَّمَ وَ كَبَّرَ عَلَيْهِ خَمْساً وَ سَبْعِينَ تَكْبِيرَةً سَبْعِينَ تَفْضِيلاً(5)لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ خَمْساً لِلسُّنَّةِ قَالَ وَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمْ يَزَلْ يَعْبُدُ اَللَّهَ بِمَكَّةَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْبِضَهُ بَعَثَ (6) إِلَيْهِ اَلْمَلاَئِكَةَ مَعَهُمْ سَرِيرٌ وَ حَنُوطٌ وَ كَفَنٌ مِنَ اَلْجَنَّةِ فَلَمَّا رَأَتْ حَوَّاءُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ اَلْمَلاَئِكَةَ ذَهَبَتْ لِتَدْخُلَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ لَهَا آدَمُ خَلِّي بَيْنِي وَ بَيْنَ رُسُلِ رَبِّي فَقُبِضَ فَغَسَّلُوهُ بِالسِّدْرِ وَ اَلْمَاءِ ثُمَّ لَحَدُوا قَبْرَهُ وَ قَالَ هَذَا سُنَّةُ وُلْدِهِ مِنْ بَعْدِهِ فَكَانَ عُمُرُهُ مُنْذُ خَلَقَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَنْ قَبَضَهُ سَبْعَمِائَةٍ وَ سِتّاً وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِمَكَّةَ وَ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَ نُوحٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ (7).
45 وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : قُبِضَ (8)آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ
ص: 65
وَ كُبِّرَ عَلَيْهِ ثَلاَثِينَ (1) تَكْبِيرَةً فَرُفِعَ خَمْسٌ وَ عِشْرُونَ بَقِيَ اَلسُّنَّةُ عَلَيْنَا خَمْساً وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُكَبِّرُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ سَبْعاً وَ تِسْعاً (2) .
46وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اِبْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ قَابِيلَ أَتَى هِبَةَ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ إِنَّ أَبِي قَدْ أَعْطَاكَ اَلْعِلْمَ اَلَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَ أَنَا كُنْتُ أَكْبَرَ مِنْكَ وَ أَحَقَّ بِهِ مِنْكَ وَ لَكِنْ قَتَلْتُ اِبْنَهُ فَغَضِبَ عَلَيَّ فَآثَرَكَ بِذَلِكَ اَلْعِلْمِ عَلَيَّ وَ إِنَّكَ وَ اَللَّهِ إِنْ ذَكَرْتَ شَيْئاً مِمَّا عِنْدَكَ مِنَ اَلْعِلْمِ اَلَّذِي وَرَّثَكَ أَبُوكَ لِتَتَكَبَّرَ بِهِ عَلَيَّ وَ لِتَفْتَخِرَ عَلَيَّ لَأَقْتُلَنَّكَ كَمَا قَتَلْتُ أَخَاكَ فَاسْتَخْفَى هِبَةُ اَللَّهِ بِمَا عِنْدَهُ مِنَ اَلْعِلْمِ لِيَنْقَضِيَ دَوْلَةُ قَابِيلَ وَ لِذَلِكَ يَسَعُنَا فِي قَوْمِنَا اَلتَّقِيَّةُ لِأَنَّ لَنَا فِي اِبْنِ آدَمَ أُسْوَةً قَالَ فَحَدَّثَ هِبَةُ اَللَّهِ وُلْدَهُ بِالْمِيثَاقِ سِرّاً فَجَرَتْ وَ اَللَّهِ اَلسُّنَّةُ بِالْوَصِيَّةِ (3) مِنْ هِبَةِ اَللَّهِ فِي وُلْدِهِ وَ مَنْ يَتَّخِذُهُ يَتَوَارَثُونَهَا عَالِمٌ بَعْدَ عَالِمٍ وَ كَانُوا يَفْتَحُونَ اَلْوَصِيَّةَ كُلَّ سَنَةٍ يَوْماً فَيُحَدِّثُونَ أَنَّ أَبَاهُمْ قَدْ بَشَّرَهُمْ بِنُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ وَ إِنَّ قَابِيلَ لَمَّا رَأَى اَلنَّارَ اَلَّتِي قَبِلَتْ قُرْبَانَ هَابِيلَ ظَنَّ قَابِيلُ أَنَّ هَابِيلَ كَانَ يَعْبُدُ تِلْكَ اَلنَّارَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِرَبِّهِ فَقَالَ قَابِيلُ لاَ أَعْبُدُ اَلنَّارَ اَلَّتِي عَبَدَهَا هَابِيلُ وَ لَكِنْ أَعْبُدُ نَاراً وَ أُقَرِّبُ قُرْبَاناً لَهَا فَبَنَى بُيُوتَ اَلنِّيرَانِ (4).
47 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ اَلنَّخَعِيُّ عَنْ عَمِّهِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ : كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ جَالِساً فِي اَلْحَرَمِ وَ حَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَوْلِيَائِهِ إِذْ أَقْبَلَ طَاوُسٌ اَلْيَمَانِيُّ فِي جَمَاعَةٍ فَقَالَ مَنْ صَاحِبُ اَلْحَلْقَةِ قِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ إِيَّاهُ أَرَدْتُ فَوَقَفَ بِحِيَالِهِ وَ سَلَّمَ وَ جَلَسَ
ص: 66
ثُمَّ قَالَ أَ تَأْذَنُ لِي فِي اَلسُّؤَالِ فَقَالَ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ آذَنَّاكَ فَسَلْ قَالَ أَخْبِرْنِي بِيَوْمٍ هَلَكَ ثُلُثُ اَلنَّاسِ فَقَالَ وَهِمْتَ يَا شَيْخُ أَرَدْتَ أَنْ تَقُولُ رُبُعُ اَلنَّاسِ وَ ذَلِكَ يَوْمَ قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ كَانُوا أَرْبَعَةً قَابِيلَ وَ هَابِيلَ وَ آدَمَ وَ حَوَّاءَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ فَهَلَكَ رُبُعُهُمْ فَقَالَ أَصَبْتَ وَ وَهِمْتُ أَنَا فَأَيُّهُمَا كَانَ اَلْأَبَ لِلنَّاسِ اَلْقَاتِلُ أَوِ اَلْمَقْتُولُ قَالَ لاَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَلْ أَبُوهُمْ شِيثُ بْنُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (1) .
48عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلنُّعْمَانِ اَلْأَحْوَلُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ (2) قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ فِي مَسْجِدِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ إِبْلِيسَ اَللَّعِينَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عَلَى مِثَالِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيَفْتِنَ بِهِ اَلنَّاسَ وَ يُضِلَّهُمْ عَنْ عِبَادَةِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ كَانَ وَدٌّ فِي وُلْدِ قَابِيلَ وَ كَانَ خَلِيفَةَ قَابِيلَ عَلَى وُلْدِهِ وَ عَلَى مَنْ بِحَضْرَتِهِمْ فِي سَفْحِ اَلْجَبَلِ يُعَظِّمُونَهُ (3) وَ يُسَوِّدُونَهُ فَلَمَّا أَنْ مَاتَ وَدٌّ جَزِعَ عَلَيْهِ إِخْوَتُهُ وَ خَلَّفَ عَلَيْهِمُ اِبْناً يُقَالُ لَهُ سُوَاعٌ فَلَمْ يُغْنِ غِنَى أَبِيهِ مِنْهُمْ (4) فَأَتَاهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ فَقَالَ قَدْ بَلَغَنِي مَا أُصِبْتُمْ بِهِ مِنْ مَوْتِ وَدٍّ وَ عَظِيمِكُمْ فَهَلْ لَكُمْ فِي أَنْ أُصَوِّرَ لَكُمْ عَلَى مِثَالِ وَدٍّ صُورَةً تَسْتَرِيحُونَ إِلَيْهَا وَ تَأْنِسُونَ بِهَا قَالُوا اِفْعَلْ فَعَمَدَ اَلْخَبِيثُ إِلَى اَلْآنُكِ فَأَذَابَهُ حَتَّى صَارَ مِثْلَ اَلْمَاءِ .
ثُمَّ صَوَّرَ لَهُمْ صُورَةً مِثَالَ وَدٍّ فِي بَيْتِهِ فَتَدَافَعُوا عَلَى اَلصُّورَةِ يَلْثِمُونَهَا وَ يَضَعُونَ خُدُودَهُمْ عَلَيْهَا وَ يَسْجُدُونَ لَهَا وَ أَحَبَّ سُوَاعٌ أَنْ يَكُونَ اَلتَّعْظِيمُ وَ اَلسُّجُودُ لَهُ فَوَثَبَ عَلَى صُورَةِ وَدٍّ فَحَكَّهَا حَتَّى لَمْ يَدَعْ مِنْهَا شَيْئاً وَ هَمُّوا بِقَتْلِ سُوَاعٍ فَوَعَظَهُمْ وَ قَالَ أَنَا أَقُومُ لَكُمْ بِمَا كَانَ يَقُومُ
ص: 67
بِهِ وَدٌّ وَ أَنَا اِبْنُهُ فَإِنْ قَتَلْتُمُونِي لَمْ يَكُنْ لَكُمْ رَئِيسٌ فَمَالُوا إِلَى سُوَاعٍ بِالطَّاعَةِ وَ اَلتَّعْظِيمِ فَلَمْ يَلْبَثْ سُوَاعٌ أَنْ مَاتَ وَ خَلَّفَ اِبْناً يُقَالُ لَهُ يَغُوثُ فَجَزِعُوا عَلَى سُوَاعٍ فَأَتَاهُمْ إِبْلِيسُ وَ قَالَ أَنَا اَلَّذِي صَوَّرْتُ لَكُمْ صُورَةَ وَدٍّ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ أَجْعَلَ لَكُمْ مِثَالَ سُوَاعٍ عَلَى وَجْهٍ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَهُ قَالُوا فَافْعَلْ فَعَمَدَ إِلَى عُودٍ فَنَجَرَهُ وَ نَصَبَهُ لَهُمْ فِي مَنْزِلِ سُوَاعٍ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ اَلْعَوْدُ خِلاَفاً لِأَنَّ إِبْلِيسَ عَمِلَ صُورَةَ سُوَاعٍ عَلَى خِلاَفِ صُورَةِ وَدٍّ قَالَ فَسَجَدُوا لَهُ وَ عَظَّمُوهُ وَ قَالُوا لِيَغُوثَ مَا نَأْمَنُكَ عَلَى هَذَا اَلصَّنَمِ أَنْ تَكِيدَهُ كَمَا كَادَ أَبُوكَ مِثَالَ وَدٍّ فَوَضَعُوا عَلَى اَلْبَيْتِ حُرَّاساً وَ حُجَّاباً(1) ثُمَّ كَانُوا يَأْتُونَ اَلصَّنَمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَ يُعَظِّمُونَهُ أَشَدَّ مَا كَانُوا يُعَظِّمُونَ سُوَاعاً فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ يَغُوثُ قَتَلَ اَلْحَرَسَةَ وَ اَلْحُجَّابَ لَيْلاً وَ جَعَلَ اَلصَّنَمَ رَمِيماً فَلَمَّا بَلَغَهُمْ ذَلِكَ أَقْبَلُوا لِيَقْتُلُوهُ فَتَوَارَى مِنْهُمْ (2) إِلَى أَنْ طَلَبُوهُ وَ رَأَّسُوهُ وَ عَظَّمُوهُ ثُمَّ مَاتَ وَ خَلَّفَ اِبْناً يُقَالُ لَهُ يَعُوقُ فَأَتَاهُمْ إِبْلِيسُ فَقَالَ قَدْ بَلَغَنِي مَوْتُ يَغُوثَ وَ أَنَا جَاعِلٌ لَكُمْ مِثَالَهُ فِي شَيْ ءٍ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُغَيِّرَهُ قَالُوا فَافْعَلْ فَعَمَدَ اَلْخَبِيثُ إِلَى حَجَرٍ جَرَعٍ (3) أَبْيَضَ فَنَقَرَهُ بِالْحَدِيدِ حَتَّى صَوَّرَ لَهُمْ مِثَالَ يَغُوثَ فَعَظَّمُوهُ أَشَدَّ مَا مَضَى(4) وَ بَنَوْا عَلَيْهِ بَيْتاً مِنْ حَجَرٍ وَ تَبَايَعُوا أَنْ لاَ يَفْتَحُوا بَابَ ذَلِكَ اَلْبَيْتِ إِلاَّ فِي رَأْسِ كُلِّ سَنَةٍ وَ سُمِّيَتِ اَلْبَيْعَةَ يَوْمَئِذٍ لِأَنَّهُمْ تَبَايَعُوا وَ تَعَاقَدُوا عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى يَعُوقَ فَعَمَدَ إِلَى رَيْطَةٍ (5) وَ خَلَقٍ فَأَلْقَاهَا فِي اَلْحَائِرِ ثُمَّ رَمَاهَا بِالنَّارِ لَيْلاً فَأَصْبَحَ اَلْقَوْمُ وَ قَدْ اِحْتَرَقَ اَلْبَيْتُ وَ اَلصَّنَمُ وَ اَلْحَرَسُ وَ اِرْفَضَّ اَلصَّنَمُ مُلْقًى فَجَزِعُوا وَ هَمُّوا بِقَتْلِ يَعُوقَ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ قَتَلْتُمْ رَئِيسَكُمْ فَسَدَتْ أُمُورُكُمْ (6) فَكَفُّوا فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ يَعُوقُ وَ خَلَّفَ اِبْناً يُقَالُ لَهُ نَسْراً فَأَتَاهُمْ إِبْلِيسُ فَقَالَ بَلَغَنِي مَوْتُ عَظِيمِكُمْ فَأَنَا جَاعِلٌ لَكُمْ مِثَالَ (7)يَعُوقَ فِي شَيْ ءٍ لاَ يَبْلَى فَقَالُوا اِفْعَلْ فَعَمَدَ إِلَى
ص: 68
اَلذَّهَبِ وَ أَوْقَدَ عَلَيْهِ اَلنَّارَ حَتَّى صَارَ كَالْمَاءِ وَ عَمِلَ مِثَالاً مِنَ اَلطِّينِ عَلَى صُورَةِ يَعُوقَ ثُمَّ أَفْرَغَ اَلذَّهَبَ (1) فِيهِ ثُمَّ نَصَبَهُ لَهُمْ فِي دَيْرِهِمْ وَ اِشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى نَسْرٍ وَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دُخُولِ تِلْكَ اَلدَّيْرِ فَانْحَازَ عَنْهُمْ فِي فِرْقَةٍ (2) قَلِيلَةٍ مِنْ إِخْوَتِهِ يَعْبُدُونَ نَسْراً وَ اَلْآخَرُونَ يَعْبُدُونَ اَلصَّنَمَ حَتَّى مَاتَ نَسْرٌ وَ ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ إِدْرِيسَ فَبَلَغَهُ حَالُ اَلْقَوْمِ وَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ جِسْماً عَلَى مِثَالِ يَعُوقَ وَ أَنَّ نَسْراً كَانَ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اَللَّهِ فَصَارَ إِلَيْهِمْ بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ مَدِينَةَ نَسْرٍ وَ هُمْ فِيهَا فَهَزَمَهُمْ وَ قُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَ هَرَبَ مَنْ هَرَبَ فَتَفَرَّقُوا فِي اَلْبِلاَدِ وَ أَمَرُوا بِالصَّنَمِ فَحُمِلَ وَ أُلْقِيَ فِي اَلْبَحْرِ فَاتَّخَذَتْ كُلُّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ صَنَماً وَ سَمَّوْهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمْ يَزَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ قَرْناً بَعْدَ قَرْنٍ لاَ يَعْرِفُونَ إِلاَّ تِلْكَ اَلْأَسْمَاءَ ثُمَّ ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَدَعَاهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اَللَّهِ وَحْدَهُ وَ تَرْكِ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنَ اَلْأَصْنَامِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لاٰ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَ لاٰ تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لاٰ سُوٰاعاً وَ لاٰ يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً(3).
عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ اَلْأَسْوَارِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ اَلْبَرْدَعِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ (4) عَنِ اَلْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ طُوَالاً كَالنَّخْلَةِ اَلسَّحُوقِ سِتِّينَ ذِرَاعاً(5).
50وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَرْثِ اَلْحَافِظُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سَعِيدٍ اَلتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اَلْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ اَلْيَمَانِيِّ : أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ (6)حَوَّاءَ مِنْ فَضْلِ طِينَةِ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ وَ كَانَ
ص: 69
أَلْقَى عَلَيْهِ اَلنُّعَاسَ وَ أَرَاهُ ذَلِكَ فِي مَنَامِهِ وَ هِيَ أَوَّلُ رُؤْيَا كَانَتْ فِي اَلْأَرْضِ فَانْتَبَهَ وَ هِيَ جَالِسَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ عَزَّ وَ جَلَّ يَا آدَمُ مَا هَذِهِ اَلْجَالِسَةُ قَالَ اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْتَنِي فِي مَنَامِي فَأَنِسَ وَ حَمِدَ اَللَّهَ تَعَالَى فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى آدَمَ أَنِّي(1) أَجْمَعُ لَكَ اَلْعِلْمَ كُلَّهُ فِي أَرْبَعِ (2) كَلِمَاتٍ وَاحِدَةٌ لِي وَ وَاحِدَةٌ لَكَ وَ وَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ وَ وَاحِدَةٌ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ فَأَمَّا اَلَّتِي لِي فَتَعْبُدُنِي وَ لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئاً وَ أَمَّا اَلَّتِي لَكَ فَأَجْزِيكَ بِعَمَلِكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ وَ أَمَّا اَلَّتِي فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ فَعَلَيْكَ اَلدُّعَاءُ وَ عَلَيَّ اَلْإِجَابَةُ وَ أَمَّا اَلَّتِي فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ فَتَرْضَى لِلنَّاسِ مَا تَرْضَى لِنَفْسِكَ وَ كَانَ مَهْبِطُ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى جَبَلٍ فِي مَشْرِقِ أَرْضِ اَلْهِنْدِ(3) يُقَالُ لَهُ بَاسِمٌ ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ فَطَوَى لَهُ اَلْأَرْضَ فَصَارَ عَلَى كُلِّ مَفَازَةٍ يَمُرُّ بِهِ خُطْوَةً وَ لَمْ يَقَعْ قَدَمُهُ فِي شَيْ ءٍ مِنَ اَلْأَرْضِ إِلاَّ صَارَ عُمْرَاناً وَ بَكَى عَلَى اَلْجَنَّةِ مِائَتَيْ سَنَةٍ فَعَزَّاهُ اَللَّهُ (4) بِخَيْمَةٍ مِنْ خِيَامِ اَلْجَنَّةِ فَوَضَعَهَا لَهُ بِمَكَّةَ فِي مَوْضِعِ اَلْكَعْبَةِ وَ تِلْكَ اَلْخَيْمَةُ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ لَهَا بَابَانِ شَرْقِيٌّ وَ غَرْبِيٌّ مِنْ ذَهَبٍ مَنْظُومَانِ مُعَلَّقٌ فِيهَا ثَلاَثُ قَنَادِيلَ مِنْ تِبْرِ اَلْجَنَّةِ تَلْتَهِبُ نُوراً وَ نَزَلَ اَلرُّكْنُ وَ هُوَ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ يَاقُوتِ اَلْجَنَّةِ وَ كَانَ كُرْسِيّاً لِآدَمَ يَجْلِسُ عَلَيْهِ وَ إِنَّ خَيْمَةَ آدَمَ لَمْ تَزَلْ فِي مَكَانِهَا حَتَّى قَبَضَهُ اَللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ رَفَعَهَا اَللَّهُ إِلَيْهِ وَ بَنَى بَنُو آدَمَ فِي مَوْضِعِهَا بَيْتاً مِنَ اَلطِّينِ وَ اَلْحِجَارَةِ وَ لَمْ يَزَلْ مَعْمُوراً وَ أُعْتِقَ مِنَ اَلْغَرَقِ وَ لَمْ يُخَرِّبْهُ اَلْمَاءُ حَتَّى بَعَثَ (5) اَللَّهُ تَعَالَى إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (6).
ص: 70
51 وَ ذَكَرَ وَهْبٌ أَنَّ اِبْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ جَبْرَئِيلَ وَقَفَ عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلَيْهِ عِصَابَةٌ خَضْرَاءُ (1) قَدْ عَلاَهَا اَلْغُبَارُ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا هَذَا اَلْغُبَارُ قَالَ إِنَّ اَلْمَلاَئِكَةَ أُمِرَتْ بِزِيَارَةِ اَلْبَيْتِ فَازْدَحَمَتْ فَهَذَا اَلْغُبَارُ مِمَّا تُثِيرُ اَلْمَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا (2) .
52قَالَ وَهْبٌ : وَ لَمَّا أَرَادَ قَابِيلُ أَنْ يَقْتُلَ أَخَاهُ وَ لَمْ يَدْرِ كَيْفَ يَصْنَعُ عَمَدَ إِبْلِيسُ إِلَى طَائِرٍ فَرَضَخَ (3) رَأْسَهُ بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ فَتَعَلَّمَ قَابِيلُ فَسَاعَةَ قَتْلِهِ أُرْعِشَ جَسَدُهُ (4) وَ لَمْ يَعْلَمْ مَا يَصْنَعُ أَقْبَلَ غُرَابٌ يَهْوِي عَلَى اَلْحَجَرِ اَلَّذِي دَمَغَ أَخَاهُ فَجَعَلَ يَمْسَحُ اَلدَّمَ بِمِنْقَارِهِ وَ أَقْبَلَ غُرَابٌ آخَرُ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَوَثَبَ اَلْأَوَّلُ عَلَى اَلثَّانِي فَقَتَلَهُ ثُمَّ حَفَرَ(5) بِمِنْقَارِهِ فَوَارَاهُ فَتَعَلَّمَ قَابِيلُ (6).
53وَ رُوِيَ : أَنَّهُ لَمْ يُوَارِ سَوْأَةَ أَخِيهِ وَ اِنْطَلَقَ هَارِباً حَتَّى أَتَى وَادِياً مِنْ أَوْدِيَةِ اَلْيَمَنِ فِي شَرْقِيِّ عَدَنَ فَكَمَنَ فِيهِ زَمَاناً وَ بَلَغَ آدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مَا صَنَعَ قَابِيلُ بِهَابِيلَ فَأَقْبَلَ فَوَجَدَهُ قَتِيلاً ثُمَّ دَفَنَهُ وَ فِيهِ وَ فِي إِبْلِيسَ نَزَلَتْ رَبَّنٰا أَرِنَا اَلَّذَيْنِ أَضَلاّٰنٰا مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ نَجْعَلْهُمٰا تَحْتَ أَقْدٰامِنٰا لِيَكُونٰا مِنَ اَلْأَسْفَلِينَ (7) لِأَنَّ قَابِيلَ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ اَلْقَتْلَ وَ لاَ يُقْتَلُ مَقْتُولٌ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ إِلاَّ كَانَ لَهُ فِيهِ شِرْكَةٌ (8)( (9).
54 وَ سُئِلَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَ قٰالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنٰا أَرِنَا اَلَّذَيْنِ أَضَلاّٰنٰا مِنَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ قَالَ هُمَا هُمَا (10) .
ص: 71
55قَالَ وَهْبٌ : فَلَمَّا حَضَرَتْ (1)آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى شِيثٍ وَ حَفَرَ لِآدَمَ فِي غَارٍ فِي أَبِي قُبَيْسٍ يُقَالُ لَهُ غَارُ اَلْكَنْزِ فَلَمْ يَزَلْ آدَمُ فِي ذَلِكَ اَلْغَارِ حَتَّى كَانَ فِي زَمَنِ (2)اَلْغَرَقِ اِسْتَخْرَجَهُ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فِي تَابُوتٍ وَ جَعَلَهُ مَعَهُ فِي اَلسَّفِينَةِ (3).
56 وَ أَمَّا عَوْجُ بْنُ عَنَاقَ فَإِنَّهُ كَانَ جَبَّاراً فِي اَلْأَرْضِ (4) عَدُوّاً لِلَّهِ وَ لِلْإِسْلاَمِ وَ لَهُ بَسْطَةٌ فِي اَلْجِسْمِ وَ اَلْخَلْقِ وَ كَانَ يَضْرِبُ يَدَهُ (5) فَيَأْخُذُ اَلْحُوتَ مِنْ أَسْفَلِ اَلْبَحْرِ ثُمَّ يَرْفَعُ (6) إِلَى اَلسَّمَاءِ فَيَشْوِيهِ فِي حَرِّ(7) اَلشَّمْسِ فَيَأْكُلُهُ وَ كَانَ عُمُرُهُ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَ سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ (8).
57وَ رُوِيَ : أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ يَرْكَبَ اَلسَّفِينَةَ جَاءَ إِلَيْهِ عَوْجٌ فَقَالَ لَهُ اِحْمِلْنِي مَعَكَ فَقَالَ نُوحٌ إِنِّي لَمْ أُومَرْ بِذَلِكَ فَبَلَغَ اَلْمَاءُ إِلَيْهِ وَ مَا جَاوَزَ رُكْبَتَيْهِ وَ بَقِيَ إِلَى أَيَّامِ مُوسَى فَقَتَلَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ (9).
ص: 72
58أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ أَبُو اَلصَّمْصَامِ ذُو اَلْفَقَارِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْبَدٍ(1) اَلْحُسَيْنِيُّ حَدَّثَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ اَلطُّوسِيُّ حَدَّثَنَا اَلشَّيْخُ اَلْمُفِيدُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي اَلْبِلاَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ نُبُوَّةُ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِهِ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَ أَنَّهُ رَكِبَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَعْضِ نُزْهَةٍ فَمَرَّ بِأَرْضِ خَضِرَةٍ نَضِرَةٍ لِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ فَأَعْجَبَتْهُ فَسَأَلَ وُزَرَاءَهُ لِمَنْ هَذِهِ فَقَالُوا لِفُلاَنٍ فَدَعَا بِهِ فَقَالَ لَهُ أَمْتِعْنِي(2) بِأَرْضِكَ هَذِهِ فَقَالَ عِيَالِي أَحْوَجُ إِلَيْهَا مِنْكَ فَغَضِبَ اَلْمَلِكُ وَ اِنْصَرَفَ إِلَى أَهْلِهِ وَ كَانَتْ لَهُ اِمْرَأَةٌ مِنَ اَلْأَزَارِقَةِ يُشَاوِرُهَا فِي اَلْأَمْرِ إِذَا نَزَلَ بِهِ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ فَرَأَتْ فِي وَجْهِهِ اَلْغَضَبَ فَقَالَتْ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ إِنَّمَا يَغْتَمُّ وَ يَأْسَفُ مَنْ لاَ يَقْدِرُ عَلَى اَلتَّغْيِيرِ فَإِنْ كُنْتَ تَكْرَهُ أَنْ تَقْتُلَهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ فَأَنَا أَكْفِيكَ أَمْرَهُ وَ أُصَيِّرُ أَرْضَهُ بِيَدِكَ بِحُجَّةٍ لَكَ فِيهَا اَلْعُذْرُ عِنْدَ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ فَقَالَ مَا هِيَ قَالَتْ أَبْعَثُ أَقْوَاماً مِنْ أَصْحَابِيَ اَلْأَزَارِقَةِ حَتَّى يَأْتُوكَ بِهِ فَيَشْهَدُونَ لَكَ عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَنَّهُ قَدْ بَرِئَ مِنْ دِينِكُمْ فَيَجُوزُ لَكَ قَتْلُهُ وَ أَخْذُ أَرْضِهِ قَالَ فَافْعَلِي وَ كَانَ أَهْلُهَا يَرَوْنَ قَتْلَ
ص: 73
اَلْمُؤْمِنِينَ فَأَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ دِينِ (1) اَلْمَلِكِ فَقَتَلَهُ وَ اِسْتَخْلَصَ أَرْضَهُ فَغَضِبَ اَللَّهُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِ فَأَوْحَى إِلَى إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِ اِئْتِ عَبْدِيَ اَلْجَبَّارَ فَقُلْ لَهُ أَ مَا رَضِيتَ أَنْ قَتَلْتَ عَبْدِيَ اَلْمُؤْمِنَ ظُلْماً حَتَّى اِسْتَخْلَصْتَ أَرْضَهُ فَأَحْوَجْتَ (2) عِيَالَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَجَعْتَهُمْ (3) أَمَّا وَ عِزَّتِي لَأَنْتَقِمَنَّ لَهُ مِنْكَ فِي اَلْآجِلِ وَ لَأَسْلُبَنَّكَ مُلْكَكَ فِي اَلْعَاجِلِ وَ لَأُطْعِمَنَّ اَلْكِلاَبَ مِنْ لَحْمِكَ فَقَدْ غَرَّكَ حِلْمِي فَأَتَاهُ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِرِسَالَةِ رَبِّهِ وَ هُوَ فِي مَجْلِسِهِ وَ حَوْلَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالَ اَلْجَبَّارُ اُخْرُجْ عَنِّي يَا إِدْرِيسُ ثُمَّ أَخْبَرَ اِمْرَأَتَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ إِدْرِيسُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَتْ لاَ تَهُولَنَّكَ رِسَالَةُ إِدْرِيسَ أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْهِ مَنْ يَقْتُلُهُ وَ أَكْفِيكَ أَمْرَهُ وَ كَانَ لِإِدْرِيسَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَصْحَابٌ مُؤْمِنُونَ يَأْنَسُونَ بِهِ وَ يَأْنَسُ بِهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَحْيِ اَللَّهِ وَ رِسَالَتِهِ (4) إِلَى اَلْجَبَّارِ فَخَافُوا عَلَى إِدْرِيسَ مِنْهُ ثُمَّ بَعَثَتْ اِمْرَأَةُ اَلْجَبَّارِ أَرْبَعِينَ رَجُلاً مِنَ اَلْأَزَارِقَةِ لِيَقْتُلُوا إِدْرِيسَ فَأَتَوْهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فِي مَجْلِسِهِ فَانْصَرَفُوا وَ رَآهُمْ أَصْحَابُ إِدْرِيسَ فَأَحَسُّوا بِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ (5) قَتْلَ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَتَفَرَّقُوا فِي طَلَبِهِ وَ قَالُوا لَهُ خُذْ حِذْرَكَ يَا إِدْرِيسُ فَتَنَحَّى عَنِ اَلْقَرْيَةِ (6) مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا كَانَ فِي اَلسَّحَرِ نَاجَى رَبَّهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ تَنَحَّ عَنْهُ وَ خَلِّنِي وَ إِيَّاهُ قَالَ إِدْرِيسُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَسْأَلُكَ أَنْ لاَ تُمْطِرَ اَلسَّمَاءَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ وَ إِنْ خَرِبَتْ وَ جَهَدُوا وَ جَاعُوا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكَ مَا سَأَلْتَهُ فَأَخْبَرَ إِدْرِيسُ أَصْحَابَهُ بِمَا سَأَلَ اَللَّهَ مِنْ حَبْسِ اَلْمَطَرِ عَلَيْهِمْ وَ عَنْهُمْ وَ قَالَ اُخْرُجُوا مِنْ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ اَلْقُرَى فَتَفَرَّقُوا وَ شَاعَ اَلْخَبَرُ بِمَا سَأَلَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَبَّهُ .
ص: 74
وَ تَنَحَّى إِدْرِيسُ إِلَى كَهْفٍ فِي جَبَلٍ شَاهِقٍ وَ وَكَّلَ اَللَّهُ تَعَالَى مَلَكاً يَأْتِيهِ بِالطَّعَامِ عِنْدَ كُلِّ مَسَاءٍ وَ كَانَ يَصُومُ اَلنَّهَارَ وَ ظَهَرَ فِي اَلْمَدِينَةِ جَبَّارٌ آخَرُ فَسَلَبَ مُلْكَهُ أَعْنِي اَلْأَوَّلَ (1) وَ قَتَلَهُ وَ أَطْعَمَ اَلْكِلاَبَ لَحْمَهُ وَ لَحْمَ اِمْرَأَتِهِ فَمَكَثُوا بَعْدَ إِدْرِيسَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ تُمْطِرِ اَلسَّمَاءُ عَلَيْهِمْ مَطْرَةً فَلَمَّا جَهَدُوا وَ مَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ فَقَالُوا إِنَّ اَلَّذِي نَزَلَ بِنَا مِمَّا تَرَوْنَ بِسُؤَالِ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَبَّهُ وَ قَدْ تَنَحَّى عَنَّا وَ لاَ عِلْمَ لَنَا بِمَوْضِعِهِ وَ اَللَّهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْهُ فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى أَنْ يَتُوبُوا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَقَامُوا عَلَى اَلرَّمَادِ وَ لَبِسُوا اَلْمُسُوحَ وَ حَثَوْا عَلَى رُءُوسِهِمُ اَلتُّرَابَ وَ عَجُّوا إِلَى اَللَّهِ بِالتَّوْبَةِ وَ اَلاِسْتِغْفَارِ وَ اَلْبُكَاءِ وَ اَلتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى اَلْمَلَكِ اَلَّذِي يَأْتِي إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِطَعَامِهِ أَنِ اِحْبِسْ طَعَامَهُ عَنْهُ فَجَاعَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَيْلَةً فَلَمَّا كَانَ فِي لَيْلَةِ اَلْيَوْمِ اَلثَّانِي لَمْ يُؤْتَ بِطَعَامِهِ قَلَّ صَبْرُهُ وَ كَذَلِكَ (2) اَللَّيْلَةَ اَلثَّالِثَةَ فَنَادَى يَا رَبِّ حَبَسْتَ عَنِّي رِزْقِي مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْبِضَ رُوحِي فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ اِهْبِطْ مِنْ مَوْضِعِكَ وَ اُطْلُبِ اَلْمَعَاشَ لِنَفْسِكَ فَهَبَطَ إِلَى قَرْيَةٍ فَلَمَّا دَخَلَهَا نَظَرَ إِلَى دُخَانِ بَعْضِ مَنَازِلِهَا فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ فَهَجَمَ عَلَى عَجُوزٍ كَبِيرَةٍ وَ هِيَ تَرْفُقُ [تُرَقِّقُ ] قُرْصَيْنِ لَهَا عَلَى مِقْلاَةٍ فَقَالَ بِيعِي مِنِّي(3) هَذَا اَلطَّعَامَ فَحَلَفَتْ أَنَّهَا مَا تَمْلِكُ شَيْئاً غَيْرَهُمَا(4) وَاحِدٌ لِي وَ وَاحِدٌ لاِبْنِي فَقَالَ إِنَّ اِبْنَكَ صَغِيرٌ يَكْفِيهِ نِصْفُ قُرْصَةٍ فَيَحْيَا بِهِ وَ يُجْزِينِي اَلنِّصْفُ اَلْآخَرُ فَأَكَلَتِ اَلْمَرْأَةُ قُرْصَهَا وَ كَسَرَتِ اَلْقُرْصَ اَلْآخَرَ بَيْنَ إِدْرِيسَ وَ بَيْنَ اِبْنِهَا فَلَمَّا رَأَى اِبْنُهَا إِدْرِيسَ يَأْكُلُ مِنْ قُرْصَتِهِ اِضْطَرَبَ حَتَّى مَاتَ فَقَالَتْ يَا عَبْدَ اَللَّهِ قَتَلْتَ اِبْنِي جَزَعاً عَلَى قُوتِهِ فَقَالَ لَهَا إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أُحْيِيهِ بِإِذْنِ اَللَّهِ وَ لاَ تَجْزَعِي ثُمَّ أَخَذَ إِدْرِيسُ بِعَضُدِ اَلصَّبِيِّ وَ قَالَ أَيَّتُهَا اَلرُّوحُ اَلْخَارِجَةُ عَنْ هَذَا اَلْغُلاَمِ اِرْجِعِي إِلَيْهِ وَ إِلَى بَدَنِهِ بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى أَنَا إِدْرِيسُ اَلنَّبِيُّ فَرَجَعَتْ رُوحُ اَلْغُلاَمِ إِلَيْهِ فَقَالَتْ أَشْهَدُ أَنَّكَ
ص: 75
إِدْرِيسُ اَلنَّبِيُّ وَ خَرَجَتْ وَ نَادَتْ فِي اَلْقَرْيَةِ بِأَعْلَى صَوْتِهَا أَبْشِرُوا بِالْفَرَجِ قَدْ دَخَلَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَرْيَتَكُمْ وَ مَضَى إِدْرِيسُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى مَوْضِعِ مَدِينَةِ اَلْجَبَّارِ اَلْأَوَّلِ وَ هِيَ تَلٌّ فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ اَلنَّاسُ مِنْ أَهْلِ قَرْيَتِهِ (1) فَقَالُوا مَسَّنَا اَلْجُوعُ وَ اَلْجُهْدُ فِي هَذِهِ اَلْعِشْرِينَ سَنَةً فَادْعُ اَللَّهَ تَعَالَى لَنَا أَنْ يُمْطِرَ عَلَيْنَا قَالَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ أَدْعُو حَتَّى يَأْتِيَنِي(2) جَبَّارُكُمْ وَ جَمِيعُ أَهْلِ قَرْيَتِكُمْ مُشَاةً حُفَاةً فَبَلَغَ اَلْجَبَّارَ قَوْلُهُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَرْبَعِينَ رَجُلاً يَأْتُوهُ بِإِدْرِيسَ فَأَتَوْهُ وَ عَنُفُوا بِهِ فَدَعَا عَلَيْهِمْ فَمَاتُوا فَبَلَغَ اَلْجَبَّارَ اَلْخَبَرُ فَبَعَثَ إِلَيْهِ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ فَقَالُوا لَهُ يَا إِدْرِيسُ إِنَّ اَلْمَلِكَ بَعَثَنَا إِلَيْكَ لِنَذْهَبَ بِكَ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اُنْظُرُوا إِلَى مَصَارِعِ أَصْحَابِكُمْ قَالُوا مِتْنَا بِالْجُوعِ (3) فَارْحَمْ وَ اُدْعُ اَللَّهَ أَنْ يُمْطِرَ عَلَيْنَا فَقَالَ حَتَّى يَأْتِيَ اَلْجَبَّارُ ثُمَّ إِنَّهُمْ سَأَلُوا اَلْجَبَّارَ أَنْ يَمْضِيَ مَعَهُمْ فَأَتَوْهُ وَ وَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ خَاضِعِينَ فَقَالَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْآنَ فَنَعَمْ فَسَأَلَ اَللَّهَ أَنْ يُمْطِرَ عَلَيْهِمْ فَأَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ فَأَرْعَدَتِ وَ أَبْرَقَتْ وَ هَطَلَتْ عَلَيْهِمْ (4).
59وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا(5)مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ اَلْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ مَلَكاً مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ كَانَتْ لَهُ مَنْزِلَةٌ فَأَهْبَطَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنَ اَلسَّمَاءِ إِلَى اَلْأَرْضِ فَأَتَى إِدْرِيسَ اَلنَّبِيَّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ لَهُ اِشْفَعْ لِي عِنْدَ رَبِّكَ قَالَ فَصَلَّى ثَلاَثَ لَيَالٍ لاَ يَفْتُرُ وَ صَامَ
ص: 76
أَيَّامَهَا لاَ يُفْطِرُ ثُمَّ طَلَبَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فِي اَلسَّحَرِ لِلْمَلَكِ فَأَذِنَ لَهُ فِي اَلصُّعُودِ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَقَالَ لَهُ اَلْمَلَكُ أُحِبُّ أَنْ أُكَافِيَكَ فَاطْلُبْ إِلَيَّ حَاجَةً فَقَالَ تُرِينِي مَلَكَ اَلْمَوْتِ لَعَلِّي آنَسُ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَهْنَؤُنِي(1) مَعَ ذِكْرِهِ شَيْ ءٌ فَبَسَطَ جَنَاحَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اِرْكَبْ (2) فَصَعِدَ بِهِ فَطَلَبَ مَلَكَ اَلْمَوْتِ فِي سَمَاءِ اَلدُّنْيَا فَقِيلَ لَهُ إِنَّهُ قَدْ صَعِدَ فَاسْتَقْبَلَهُ بَيْنَ اَلسَّمَاءِ اَلرَّابِعَةِ وَ اَلْخَامِسَةِ فَقَالَ اَلْمَلَكُ لِمَلَكِ اَلْمَوْتِ مَا لِي أَرَاكَ قَاطِباً قَالَ أَتَعَجَّبُ أَنِّي كُنْتُ تَحْتَ ظِلِّ اَلْعَرْشِ حَتَّى أُومَرَ(3) أَنْ أَقْبِضَ رُوحَ إِدْرِيسَ بَيْنَ اَلسَّمَاءِ اَلرَّابِعَةِ وَ اَلْخَامِسَةِ فَسَمِعَ إِدْرِيسُ ذَلِكَ فَانْتَقَضَ (4) مِنْ جَنَاحِ اَلْمَلَكِ وَ قَبَضَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ رُوحَهُ مَكَانَهُ وَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتٰابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كٰانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَ رَفَعْنٰاهُ مَكٰاناً عَلِيًّا(5).(6)في ق 2 و ق 4: يسيح النّهار بصومه.(7).
60وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْمُغِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ إِدْرِيسُ اَلنَّبِيُّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَسِيحُ اَلنَّهَارَ وَ يَصُومُهُ (7) وَ يَبِيتُ حَيْثُ مَا جَنَّهُ اَللَّيْلُ وَ يَأْتِيهِ رِزْقُهُ حَيْثُ مَا أَفْطَرَ وَ كَانَ يَصْعَدُ لَهُ مِنَ اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ مِثْلُ مَا يَصْعَدُ لِأَهْلِ اَلْأَرْضِ كُلِّهِمْ فَسَأَلَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ رَبَّهُ فِي زِيَارَةِ (8)إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ فَنَزَلَ وَ أَتَاهُ فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَصْحَبَكَ فَأَكُونَ مَعَكَ فَصَحِبَهُ وَ كَانَا يَسِيحَانِ اَلنَّهَارَ وَ يَصُومَانِهِ فَإِذَا جَنَّهُمَا اَللَّيْلُ أُتِيَ إِدْرِيسَ فِطْرُهُ (9) فَيَأْكُلُ وَ يَدْعُو مَلَكَ اَلْمَوْتِ إِلَيْهِ فَيَقُولُ لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ ثُمَّ يَقُومَانِ
ص: 77
يُصَلِّيَانِ وَ إِدْرِيسُ يُصَلِّي وَ يَفْتُرُ وَ يَنَامُ وَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ يُصَلِّي وَ لاَ يَنَامُ وَ لاَ يَفْتُرُ فَمَكَثَا بِذَلِكَ أيام [أَيَّاماً] ثُمَّ إِنَّهُمَا مَرَّا بِقَطِيعِ غَنَمٍ وَ كَرْمٍ قَدْ أَيْنَعَ فَقَالَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ هَلْ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ حَمَلاً أَوْ مِنْ هَذَا عَنَاقِيدَ فَتُفْطِرَ عَلَيْهِ فَقَالَ سُبْحَانَ اَللَّهِ أَدْعُوكَ إِلَى مَالِي فَتَأْبَى فَكَيْفَ تَدْعُونِي إِلَى مَالِ اَلْغَيْرِ ثُمَّ قَالَ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ صَحِبْتَنِي وَ أَحْسَنْتَ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ اَلْمَوْتِ قَالَ إِدْرِيسُ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ فَقَالَ وَ مَا هِيَ قَالَ تَصْعَدُ بِي إِلَى اَلسَّمَاءِ فَاسْتَأْذَنَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ رَبَّهُ فِي ذَلِكَ فَأَذِنَ لَهُ فَحَمَلَهُ عَلَى جَنَاحِهِ فَصَعِدَ بِهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ لَهُ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً أُخْرَى قَالَ وَ مَا هِيَ قَالَ بَلَغَنِي مِنَ اَلْمَوْتِ شِدَّةٌ فَأُحِبُّ أَنْ تُذِيقَنِي(1) مِنْهُ طَرَفاً فَأَنْظُرَ هُوَ كَمَا بَلَغَنِي فَاسْتَأْذَنَ رَبَّهُ لَهُ فَأَخَذَ بِنَفْسِهِ سَاعَةً ثُمَّ خَلَّى عَنْهُ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَ (2) قَالَ بَلَغَنِي عَنْهُ شِدَّةٌ وَ إِنَّهُ لَأَشَدُّ مِمَّا بَلَغَنِي(3) وَ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ أُخْرَى تُرِينِي اَلنَّارَ فَاسْتَأْذَنَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ صَاحِبَ اَلنَّارِ فَفَتَحَ لَهُ فَلَمَّا رَآهَا إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ أُخْرَى تُرِينِي اَلْجَنَّةَ فَاسْتَأْذَنَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ خَازِنَ اَلْجَنَّةِ فَدَخَلَهَا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا قَالَ يَا مَلَكَ اَلْمَوْتِ مَا كُنْتُ لِأَخْرُجَ مِنْهَا إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ اَلْمَوْتِ وَ قَدْ ذُقْتُهُ وَ يَقُولُ وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّٰ وٰارِدُهٰا وَ قَدْ وَرَدْتُهَا وَ يَقُولُ فِي اَلْجَنَّةِ وَ مٰا هُمْ بِخٰارِجِينَ مِنْهٰا(4).
61وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنَّ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ رَجُلاً طَوِيلاً ضَخْمَ اَلْبَطْنِ عَظِيمَ اَلصَّدْرِ قَلِيلَ اَلصَّوْتِ رَقِيقَ اَلْمَنْطِقِ قَرِيبَ اَلْخُطَى إِذَا مَشَى وَ إِنَّمَا سُمِّيَ إِدْرِيسَ لِكَثْرَةِ مَا يَدْرُسُ مِنْ كَلاَمِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ هُوَ بَيْنَ أَظْهُرِ قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى
ص: 78
عِبَادَةِ اَللَّهِ فَلاَ يَزَالُ يُجِيبُهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى صَارُوا سَبْعَةً وَ سَبْعِينَ إِلَى أَنْ صَارُوا سَبْعَمِائَةٍ ثُمَّ بَلَغُوا أَلْفاً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعَةً فَقَالَ لَهُمْ تَعَالَوْا فَلْيَدْعُ بَعْضُنَا وَ لْيُؤَمِّنْ بَقِيَّتُنَا ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَنَبَّأَهُ اَللَّهُ وَ دَلَّ (1) عَلَى عِبَادَتِهِ فَلَمْ يَزَالُوا يَعْبُدُونَ اَللَّهَ حَتَّى رَفَعَ اَللَّهُ تَعَالَى إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ اِنْقَرَضَ مَنْ تَابَعَهُ ثُمَّ اِخْتَلَفُوا حَتَّى كَانَ زَمَنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى إِدْرِيسَ ثَلاَثِينَ صَحِيفَةً وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِالْقَلَمِ وَ أَوَّلُ مَنْ خَاطَ اَلثِّيَابَ وَ لَبِسَهَا وَ كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ يَلْبَسُونَ اَلْجُلُودَ وَ كَانَ كُلَّمَا خَاطَ سَبَّحَ اَللَّهَ وَ هَلَّلَهُ وَ كَبَّرَهُ وَ وَحَّدَهُ وَ مَجَّدَهُ وَ كَانَ يَصْعَدُ إِلَى اَلسَّمَاءِ مِنْ عَمَلِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِثْلُ أَعْمَالِ أَهْلِ زَمَانِهِ كُلِّهِمْ قَالَ وَ كَانَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ فِي زَمَنِ إِدْرِيسَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يُصَافِحُونَ اَلنَّاسَ وَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ وَ يُكَلِّمُونَهُمْ وَ يُجَالِسُونَهُمْ وَ ذَلِكَ لِصَلاَحِ اَلزَّمَانِ وَ أَهْلِهِ فَلَمْ يَزَلِ اَلنَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى كَانَ (2)زَمَنُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَوْمِهِ ثُمَّ اِنْقَطَعَ ذَلِكَ وَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ مَلَكِ اَلْمَوْتِ مَا كَانَ حَتَّى دَخَلَ اَلْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ إِنَّ إِدْرِيسَ إِنَّمَا حَاجَّكَ فَحَجَّكَ بِوَحْيٍ (3) وَ أَنَا اَلَّذِي هَيَّأْتُ لَهُ تَعْجِيلَ دُخُولِ اَلْجَنَّةِ فَإِنَّهُ كَانَ يُنْصِبُ نَفْسَهُ وَ جَسَدَهُ يُتْعِبُهُمَا لِي فَكَانَ حَقّاً عَلَيَّ أَنْ أُعَوِّضَهُ (4) مِنْ ذَلِكَ اَلرَّاحَةَ (5) وَ اَلطُّمَأْنِينَةَ وَ أَنْ أُبَوِّئَهُ بِتَوَاضُعِهِ لِي وَ بِصَالِحِ عِبَادَتِي مِنَ اَلْجَنَّةِ مَقْعَداً وَ مَكٰاناً عَلِيًّا(6).
62 وَ بِالْإِسْنَادِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبَرْقِيُّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَطَا اَلْأَزْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اَلسَّلاَمِ عَنْ عَمَّارٍ اَلْيَقْظَانِ (7) قَالَ : كَانَ عِنْدَ أَبِي
ص: 79
عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَ فِيهِمْ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبَانُ بْنُ نُعْمَانَ فَقَالَ أَيُّكُمْ لَهُ عِلْمٌ بِعَمِّي زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا فَقَالَ أَنَا أَصْلَحَكَ اَللَّهُ قَالَ وَ مَا عِلْمُكَ بِهِ قَالَ كُنَّا عِنْدَهُ لَيْلَةً فَقَالَ هَلْ لَكُمْ فِي مَسْجِدِ سَهْلَةَ فَخَرَجْنَا مَعَهُ إِلَيْهِ فَوَجَدْنَا مَعَهُ اِجْتِهَاداً كَمَا قَالَ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ بَيْتَ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ إِلَى اَلْعَمَالِقَةِ وَ كَانَ بَيْتَ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلَّذِي كَانَ يَخِيطُ فِيهِ وَ فِيهِ صَخْرَةٌ خَضْرَاءُ فِيهَا صُورَةُ وُجُوهِ اَلنَّبِيِّينَ وَ فِيهِ مُنَاخُ اَلرَّاكِبِ يَعْنِي اَلْخَضِرَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ عَمِّي أَتَاهُ حِينَ خَرَجَ فَصَلَّى فِيهِ وَ اِسْتَجَارَ بِاللَّهِ لَأَجَارَهُ عِشْرِينَ سَنَةً وَ مَا أَتَاهُ مَكْرُوبٌ قَطُّ فَصَلَّى فِيهِ مَا بَيْنَ اَلْعِشَاءَيْنِ وَ دَعَا اَللَّهَ إِلاَّ فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْهُ (1)في ق 1 و 2 و 4: مريم.(2) .
63 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ تَمَامٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَمْدَانَ اَلْقَلاَنِسِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ عَنْ مُرَازِمِ (2) بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ كَأَنِّي أَرَى نُزُولَ اَلْقَائِمِ فِي مَسْجِدِ اَلسَّهْلَةِ بِأَهْلِهِ وَ عِيَالِهِ قُلْتُ يَكُونُ مَنْزِلَهُ قَالَ نَعَمْ هُوَ مَنْزِلُ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ مَا بَعَثَ اَللَّهُ نَبِيّاً إِلاَّ وَ قَدْ صَلَّى فِيهِ وَ اَلْمُقِيمُ فِيهِ كَالْمُقِيمِ فِي فُسْطَاطِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَ لاَ مُؤْمِنَةٍ إِلاَّ وَ قَلْبُهُ يَحِنُّ إِلَيْهِ وَ مَا مِنْ يَوْمٍ وَ لاَ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَ اَلْمَلاَئِكَةُ يَأْوُونَ إِلَى هَذَا اَلْمَسْجِدِ يَعْبُدُونَ اَللَّهَ فِيهِ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَمَا إِنِّي لَوْ كُنْتُ بِالْقُرْبِ مِنْكُمْ مَا صَلَّيْتُ صَلاَةً إِلاَّ فِيهِ ثُمَّ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا اِنْتَقَمَ اَللَّهُ لِرَسُولِهِ وَ لَنَا أَجْمَعِينَ (3) .
64وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلصَّائِغُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا اَلْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ بُهْلُولٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ قَالَ لِيَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِذَا دَخَلْتَ اَلْكُوفَةَ فَأْتِ مَسْجِدَ اَلسَّهْلَةِ فَصَلِّ فِيهِ وَ اِسْأَلِ اَللَّهَ حَاجَتَكَ لِدِينِكَ وَ دُنْيَاكَ فَإِنَّ مَسْجِدَ اَلسَّهْلَةِ بَيْتُ إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلَّذِي كَانَ يَخِيطُ فِيهِ وَ يُصَلِّي فِيهِ وَ مَنْ دَعَا اَللَّهَ فِيهِ بِمَا أَحَبَّ قَضَى لَهُ
ص: 80
حَوَائِجَهُ وَ رَفَعَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مَكٰاناً عَلِيًّا إِلَى دَرَجَةِ إِدْرِيسَ وَ أُجِيرَ(1) مِنْ مَكْرُوهِ اَلدُّنْيَا وَ مَكَايِدِ أَعْدَائِهِ (2).
<في نبوة نوح عليه السّلام> و هو ابن متوشلخ بن أخنوخ و هو إدريس صلوات اللّه عليه ابن برد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم صلوات الله عليهم أجمعين(3)في ق 1 و ق 3 و ق 5: سكن نوح.(4)
65وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : أَنَّ نُوحاً دَعَا قَوْمَهُ (5) عَلاَنِيَةً فَلَمَّا سَمِعَ عَقِبُ هِبَةِ اَللَّهِ مِنْ نُوحٍ تَصْدِيقَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ اَلْعِلْمِ صَدَّقُوهُ فَأَمَّا وُلْدُ قَابِيلَ فَإِنَّهُمْ كَذَّبُوهُ وَ قَالُوا مٰا سَمِعْنٰا بِهٰذٰا فِي آبٰائِنَا اَلْأَوَّلِينَ (6) وَ قَالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اِتَّبَعَكَ اَلْأَرْذَلُونَ (7) يَعْنُونَ عَقِبَ هِبَةِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (8).
66وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ اَلْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : مَكَثَ نُوحٌ (8) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَللَّهِ (9) سِرّاً وَ عَلاَنِيَةً فَلَمَّا عَتَوْا وَ أَبَوْا قَالَ رَبِّ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ(10) فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِ اِصْنَعِ اَلْفُلْكَ وَ أَمَرَهُ بِغَرْسِ اَلنَّوَى فَمَرَّ عَلَيْهِ قَوْمُهُ
ص: 81
فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَ يَسْخَرُونَ وَ يَقُولُونَ قَدْ قَعَدَ غَرَّاساً حَتَّى إِذَا طَالَ وَ صَارَ طُوَالاً قَطَعَهُ وَ نَجَرَهُ فَقَالُوا قَدْ قَعَدَ نَجَّاراً ثُمَّ أَلَّفَهُ فَجَعَلَهُ سَفِينَةً فَمَرُّوا عَلَيْهِ فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَ يَسْخَرُونَ وَ يَقُولُونَ قَدْ قَعَدَ مَلاَّحاً فِي أَرْضِ فَلاَةٍ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا(1).
67وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : صَنَعَهَا فِي ثَلاَثِينَ سَنَةً ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يَحْمِلَ فِيهٰا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اِثْنَيْنِ اَلْأَزْوَاجُ اَلثَّمَانِيَةُ اَلَّتِي خَرَجَ بِهَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ اَلْجَنَّةِ لِيَكُونَ مَعِيشَةً لِعَقِبِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي اَلْأَرْضِ كَمَا عَاشَ عَقِبُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإِنَّ اَلْأَرْضَ تَغْرَقُ بِمَا فِيهَا إِلاَّ مَا كَانَ مَعَهُ فِي اَلسَّفِينَةِ (2)في سورة القمر: (11-12).(3).
68وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اِبْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي رَزِينٍ اَلْأَسَدِيِّ عَنْ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا فَرَغَ نُوحٌ مِنَ اَلسَّفِينَةِ فَكَانَ مِيعَادَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ رَبِّهِ تَعَالَى فِي إِهْلاَكِ قَوْمِهِ أَنْ يَفُورَ اَلتَّنُّورُ فَفَارَ فَقَالَتِ اِمْرَأَتُهُ لَهُ إِنَّ اَلتَّنُّورَ قَدْ فَارَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَخَتَمَهُ بِخَاتَمِهِ (4) فَقَامَ اَلْمَاءُ فَأَدْخَلَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ ثُمَّ أَتَى إِلَى خَاتَمِهِ فَنَزَعَهُ وَ قَالَ تَعَالَى(4)فَفَتَحْنٰا أَبْوٰابَ اَلسَّمٰاءِ بِمٰاءٍ مُنْهَمِرٍ وَ فَجَّرْنَا اَلْأَرْضَ عُيُوناً(5).
69وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى(6) حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يُحَدِّثُ عَطَا قَالَ كَانَ طُولُ سَفِينَةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلْفاً وَ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ وَ كَانَ عَرْضُهَا ثَمَانَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَ عُمْقُهَا ثَمَانِينَ ذِرَاعاً فَطَافَتْ بِالْبَيْتِ وَ سَعَتْ بَيْنَ اَلصَّفَا وَ اَلْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ اِسْتَوَتْ عَلَى اَلْجُودِيِّ (7).
ص: 82
70وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ يَزِيدَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : جَاءَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلْحِمَارِ لِيُدْخِلَهُ اَلسَّفِينَةَ فَامْتَنَعَ عَلَيْهِ قَالَ وَ كَانَ إِبْلِيسُ بَيْنَ أَرْجُلِ اَلْحِمَارِ فَقَالَ يَا شَيْطَانُ اُدْخُلْ فَدَخَلَ اَلْحِمَارُ وَ دَخَلَ اَلشَّيْطَانُ فَقَالَ إِبْلِيسُ أُعَلِّمُكَ خَصْلَتَيْنِ فَقَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ حَاجَةَ لِي فِي كَلاَمِكَ فَقَالَ إِبْلِيسُ إِيَّاكَ وَ اَلْحِرْصَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ اَلْجَنَّةِ (1) وَ إِيَّاكَ وَ اَلْحَسَدَ فَإِنَّهُ أَخْرَجَنِي مِنَ اَلْجَنَّةِ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ اِقْبَلْهُمَا وَ إِنْ كَانَ مَلْعُوناً(2).
71وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ قَوْمَ نُوحٍ شَكَوْا إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْفَأْرَ فَأَمَرَ اَللَّهُ اَلْفَهْدَ فَعَطَسَ (3) فَطَرَحَ اَلسِّنَّوْرَ فَأَكَلَ اَلْفَأْرَ وَ شَكَوْا إِلَيْهِ اَلْعَذِرَةَ فَأَمَرَ اَللَّهُ اَلْفِيلَ أَنْ يَعْطِسَ فَعَطَسَ فَسَقَطَ اَلْخِنْزِيرُ(4).
72وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : اِرْتَفَعَ اَلْمَاءُ زَمَانَ نُوحٍ (5) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ وَ عَلَى كُلِّ سَهْلٍ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً(6).
73وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ ذَرِيحٍ اَلْمُحَارِبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَغْرَقَ اَلْأَرْضَ كُلَّهَا يَوْمَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلاَّ اَلْبَيْتَ فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ اَلْعَتِيقَ لِأَنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ اَلْغَرَقِ فَقُلْتُ صَعِدَ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَقَالَ لَمْ يَصِلِ اَلْمَاءُ إِلَيْهِ وَ إِنَّمَا رُفِعَ عَنْهُ (7).
74وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا
ص: 83
إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي اَلْبِلاَدِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَحَدِهِمَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا قَالَ : لَمَّا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى يٰا أَرْضُ اِبْلَعِي مٰاءَكِ قَالَتِ اَلْأَرْضُ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَبْلَعَ مَائِي فَقَطْ وَ لَمْ أُؤْمَرْ أَنْ أَبْلَعَ مَاءَ اَلسَّمَاءِ فَبَلَعَتِ اَلْأَرْضُ مَاءَهَا وَ بَقِيَ مَاءُ اَلسَّمَاءِ فَصُيِّرَ(1) بَحْراً حَوْلَ اَلسَّمَاءِ وَ حَوْلَ اَلدُّنْيَا(2) وَ اَلْأَمْرُ وَ اَلْجَوَابُ يَكُونَانِ مَعَ اَلْمَلَكِ اَلْمُوَكَّلِ بِالْأَرْضِ وَ بِالسَّمَاءِ (3).
75وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : آمَنَ (4)بِنُوحٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْمِهِ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ وَ كَانَ اِسْمُهُ عَبْدَ اَلْجَبَّارِ وَ إِنَّمَا سُمِّيَ نُوحاً لِأَنَّهُ كَانَ يَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ وَ فِي رِوَايَةٍ لِأَنَّهُ بَكَى خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ وَ كَانَ اِسْمُهُ عَبْدَ اَلْأَعْلَى وَ فِي رِوَايَةٍ عَبْدَ اَلْمَلِكِ وَ كَانَ يُسَمَّى بِهَذِهِ اَلْأَسْمَاءِ كُلِّهَا(5).
76وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ اَلْيَمَانِيِّ : أَنَّ نُوحاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ نَجَّاراً وَ كَانَ إِلَى اَلْأُدْمَةِ مَا هُوَ دَقِيقَ اَلْوَجْهِ (6) فِي رَأْسِهِ طُولٌ عَظِيمَ اَلْعَيْنَيْنِ دَقِيقَ اَلسَّاقَيْنِ كَثِيرَ(7) لَحْمِ اَلْفَخِذَيْنِ ضَخْمَ اَلسُّرَّةِ طَوِيلَ اَللِّحْيَةِ عَرِيضاً طَوِيلاً جَسِيماً وَ كَانَ فِي غَضَبِهِ وَ اِنْتِهَارِهِ (8) شِدَّةٌ فَبَعَثَهُ اَللَّهُ وَ هُوَ اِبْنُ ثَمَانِمِائَةٍ وَ خَمْسِينَ سَنَةً فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّٰ خَمْسِينَ عٰاماً يَدْعُوهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَلاَ يَزْدَادُونَ إِلاَّ طُغْيَاناً وَ مَضَى ثَلاَثَةُ قُرُونٍ مِنْ قَوْمِهِ وَ كَانَ اَلرَّجُلُ مِنْهُمْ يَأْتِي بِابْنِهِ وَ هُوَ صَغِيرٌ فَيَقِفُهُ (9) عَلَى رَأْسِ نُوحٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ يَا بُنَيَّ إِنْ بَقِيتَ بَعْدِي فَلاَ تُطِيعَنَّ هَذَا اَلْمَجْنُونَ (10).
ص: 84
77وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ اَلْأَدَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلْعَظِيمِ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَسَنِيُّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ اَلْعَسْكَرِيَّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ : عَاشَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَلْفَيْنِ وَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ وَ كَانَ يَوْماً فِي اَلسَّفِينَةِ نَائِماً فَضَحِكَ (1)حَامٌ وَ يَافِثُ فَزَجَرَهُمَا سَامٌ وَ نَهَاهُمَا عَنِ اَلضَّحِكِ فَانْتَبَهَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَالَ لَهُمَا جَعَلَ اَللَّهُ ذُرِّيَّتَكُمَا خَوَلاً لِذُرِّيَّةِ سَامٍ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ لِأَنَّهُ بَرَّنِي وَ عَقَقْتُمَانِي فَلاَ زَالَتْ سِمَةُ عُقُوقِكُمَا فِي ذُرِّيَّتِكُمَا ظَاهِرَةً وَ سِمَةُ اَلْبِرِّ فِي ذُرِّيَّةِ سَامٍ ظَاهِرَةً مَا بَقِيَتِ اَلدُّنْيَا فَجَمِيعُ (2)اَلسُّودَانِ حَيْثُ كَانُوا مِنْ وُلْدِ حَامٍ وَ جَمِيعُ اَلتُّرْكِ وَ اَلسَّقَالِبَةِ وَ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ وَ اَلصِّينِ مِنْ يَافِثَ حَيْثُ كَانُوا وَ جَمِيعُ اَلْبِيضِ سِوَاهُمْ مِنْ وُلْدِ سَامٍ وَ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ قَوْسِي أَمَاناً لِعِبَادِي وَ بِلاَدِي وَ مَوْثِقاً مِنِّي بَيْنِي وَ بَيْنَ خَلْقِي يَأْمَنُونَ بِهِ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ مِنَ اَلْغَرَقِ وَ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنِّي فَفَرِحَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ تَبَاشَرَ وَ كَانَ اَلْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ وَ سَهْمٌ فَنَزَعَ مِنْهَا اَلسَّهْمَ وَ اَلْوَتَرَ وَ جُعِلَتْ أَمَاناً مِنَ اَلْغَرَقِ وَ جَاءَ إِبْلِيسُ إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ إِنَّ لَكَ عِنْدِي يَداً عَظِيمَةً فَانْتَصِحْنِي فَإِنِّي لاَ أَخُونُكَ فَتَأَثَّمَ (3)نُوحٌ بِكَلاَمِهِ وَ مُسَاءَلَتِهِ (4) فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ كَلِّمْهُ وَ اِسْأَلْهُ (5) فَإِنِّي سَأُنْطِقُهُ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ فَقَالَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ تَكَلَّمْ فَقَالَ إِبْلِيسُ إِذَا وَجَدْنَا اِبْنَ آدَمَ شَحِيحاً أَوْ حَرِيصاً أَوْ حَسُوداً أَوْ جَبَّاراً أَوْ عَجُولاً تَلَقَّفْنَاهُ تَلَقُّفَ اَلْكُرَةِ فَإِنِ اِجْتَمَعَتْ لَنَا هَذِهِ اَلْأَخْلاَقُ سَمَّيْنَاهُ شَيْطَاناً مَرِيداً فَقَالَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مَا اَلْيَدُ اَلْعَظِيمَةُ اَلَّتِي صَنَعْتُ قَالَ إِنَّكَ دَعَوْتَ اَللَّهَ عَلَى أَهْلِ اَلْأَرْضِ فَأَلْحَقْتَهُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ (6)بِالنَّارِ فَصِرْتُ
ص: 85
فَارِغاً وَ لَوْ لاَ دَعْوَتُكَ لَشُغِلْتُ بِهِمْ دَهْراً طَوِيلاً(1).
78أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلْحَلَبِيُّ (2) عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلطُّوسِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلنُّعْمَانِ اَلْحَارِثِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ اَلْبَرْوَادِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَارِثِ بْنِ سَعْدِ بْنِ اَلْحَافِظِ اَلسَّمَرْقَنْدِيُّ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سَعِيدٍ اَلتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اَلْهَيْثَمِ (3) بْنِ إِدْرِيسَ عَنِ اَلْمُسَيَّبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلسَّائِبِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ إِبْلِيسُ لِنُوحٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لَكَ عِنْدِي يَدٌ عَظِيمَةٌ سَأُعَلِّمُكَ خِصَالاً قَالَ نُوحٌ وَ مَا يَدِي عِنْدَكَ قَالَ دَعْوَتُكَ عَلَى قَوْمِكَ حَتَّى أَهْلَكَهُمُ اَللَّهُ جَمِيعاً فَإِيَّاكَ وَ اَلْكِبْرَ وَ إِيَّاكَ وَ اَلْحِرْصَ وَ إِيَّاكَ وَ اَلْحَسَدَ فَإِنَّ اَلْكِبْرَ هُوَ اَلَّذِي حَمَلَنِي عَلَى أَنْ تَرَكْتُ اَلسُّجُودَ(4)لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَكْفَرَنِي وَ جَعَلَنِي شَيْطَاناً رَجِيماً وَ إِيَّاكَ وَ اَلْحِرْصَ فَإِنَّ آدَمَ أُبِيحَ لَهُ اَلْجَنَّةُ وَ نُهِيَ عَنْ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَحَمَلَهُ اَلْحِرْصُ عَلَى أَنْ أَكَلَ مِنْهَا وَ إِيَّاكَ وَ اَلْحَسَدَ فَإِنَّ اِبْنَ آدَمَ حَسَدَ أَخَاهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَأَخْبِرْنِي مَتَى تَكُونُ أَقْدَرَ عَلَى اِبْنِ آدَمَ قَالَ عِنْدَ اَلْغَضَبِ (5).
79وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : عَاشَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ اَلنُّزُولِ مِنَ اَلسَّفِينَةِ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ (6) ثُمَّ أَتَاهُ
ص: 86
جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ قَدِ اِنْقَضَتْ نُبُوَّتُكَ وَ اِسْتَكْمَلْتَ أَيَّامَكَ فَيَقُولُ اَللَّهُ تَعَالَى اِدْفَعْ مِيرَاثَ اَلْعِلْمِ وَ آثَارَ عِلْمِ اَلنُّبُوَّةِ اَلَّتِي مَعَكَ إِلَى اِبْنِكَ سَامٍ فَإِنِّي لاَ أَتْرُكُ اَلْأَرْضَ إِلاَّ وَ فِيهَا عَالِمٌ يُعْرَفُ بِهِ طَاعَتِي وَ يَكُونُ نَجَاةً فِيمَا بَيْنَ قَبْضِ اَلنَّبِيِّ وَ بَعْثِ اَلنَّبِيِّ اَلْآخَرِ وَ لَمْ أَكُنْ أَتْرُكُ اَلنَّاسَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَ دَاعٍ (1) إِلَيَّ وَ هَادٍ إِلَى سَبِيلِي وَ عَارِفٍ بِأَمْرِي فَإِنِّي قَدْ قَضَيْتُ أَنْ أَجْعَلَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادِياً أَهْدِي بِهِ اَلسُّعَدَاءَ وَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى اَلْأَشْقِيَاءِ قَالَ فَدَفَعَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ جَمِيعَ ذَلِكَ إِلَى اِبْنِهِ سَامٍ فَأَمَّا حَامٌ وَ يَافِثُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمَا عِلْمٌ يَنْتَفِعَانِ بِهِ قَالَ وَ بَشَّرَهُمْ نُوحٌ بِهُودٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ أَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِهِ وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْتَحُوا اَلْوَصِيَّةَ كُلَّ عَامٍ فَيَنْظُرُوا فِيهَا فَيَكُونَ ذَلِكَ عِيداً لَهُمْ كَمَا أَمَرَهُمْ آدَمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (2).
80وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَكَمِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : عَاشَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلْفَيْ سَنَةٍ وَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا ثَمَانُمِائَةِ سَنَةٍ وَ خَمْسُونَ سَنَةً قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَ أَلْفُ سَنَةٍ إِلاّٰ خَمْسِينَ عٰاماً وَ هُوَ فِي قَوْمِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ مِائَتَا عَامٍ فِي عَمَلِ اَلسَّفِينَةِ وَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ بَعْدَ مَا نَزَلَ مِنَ اَلسَّفِينَةِ وَ نَضَبَ اَلْمَاءُ فَمَصَّرَ اَلْأَمْصَارَ وَ سَكَنَ وُلْدُهُ [أَسْكَنَ وُلْدَهُ ] اَلْبُلْدَانَ ثُمَّ جَاءَهُ (3)مَلَكُ اَلْمَوْتِ وَ هُوَ فِي اَلشَّمْسِ فَقَالَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ فَرَدَّ عَلَيْهِ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمَ وَ قَالَ مَا جَاءَ بِكَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ قَالَ تَدَعُنِي أَدْخُلُ مِنَ اَلشَّمْسِ إِلَى اَلظِّلِّ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ قَالَ فَتَحَوَّلَ نُوحٌ ثُمَّ قَالَ يَا مَلَكَ اَلْمَوْتِ كَأَنَّ مَا مَرَّ بِي مِنَ اَلدُّنْيَا مِثْلُ تَحَوُّلِي مِنَ اَلشَّمْسِ إِلَى اَلظِّلِّ فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ فَقَبَضَ رُوحَهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (4).
ص: 87
81وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ مِنْ أَمْرِ عَادٍ أَنَّ كُلَّ رَمْلٍ عَلَى ظَهْرِ اَلْأَرْضِ وَضَعَهُ اَللَّهُ لِشَيْ ءٍ مِنَ اَلْبِلاَدِ كَانَ مَسَاكِنَ (1) فِي زَمَانِهَا وَ قَدْ كَانَ اَلرَّمْلُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي اَلْبِلاَدِ وَ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ كَثِيراً حَتَّى كَانَ زَمَانُ عَادٍ وَ إِنَّ ذَلِكَ اَلرَّمْلَ كَانَ (2) قُصُوراً مُشَيَّدَةً وَ حُصُوناً وَ مَدَائِنَ وَ مَصَانِعَ وَ مَنَازِلَ وَ بَسَاتِينَ وَ كَانَتْ بِلاَدُ عَادٍ أَخْصَبَ مِنْ (3) بِلاَدِ اَلْعَرَبِ وَ أَكْثَرَهَا أَنْهَاراً وَ جِنَاناً فَلَمَّا غَضِبَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ عَتَوْا عَلَى اَللَّهِ وَ كَانُوا أَصْحَابَ اَلْأَوْثَانِ يَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اَللَّهِ فَأَرْسَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلرِّيحَ اَلْعَقِيمَ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ اَلْعَقِيمَ لِأَنَّهَا تَلَقَّحَتْ بِالْعَذَابِ وَ عَقِمَتْ عَنِ اَلرَّحْمَةِ (4) وَ طَحَنَتْ تِلْكَ اَلْقُصُورَ وَ اَلْحُصُونَ وَ اَلْمَدَائِنَ وَ اَلْمَصَانِعَ حَتَّى عَادَ ذَلِكَ كُلُّهُ رَمْلاً دَقِيقاً تَسْفِيهِ اَلرِّيحُ وَ كَانَ تِلْكَ اَلرِّيحُ (5) تَرْفَعُ اَلرِّجَالَ وَ اَلنِّسَاءَ فَتَهُبُّ بِهِمْ صُعُداً ثُمَّ تَرْمِي بِهِمْ مِنَ اَلْجَوِّ(6) فَيَقَعُونَ عَلَى رُءُوسِهِمْ مُنَكَّسِينَ وَ كَانَتْ عَادٌ ثَلاَثَ عَشْرَةَ قَبِيلَةً وَ كَانَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي حَسَبِ عَادٍ وَ ثَرْوَتِهَا وَ كَانَ أَشْبَهَ
ص: 88
وُلْدِ آدَمَ بِآدَمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَ رَجُلاً آدَمَ (1) كَثِيرَ اَلشَّعْرِ حَسَنَ اَلْوَجْهِ وَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ اَلنَّاسِ أَشْبَهَ بِآدَمَ مِنْهُ إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا فَلَبِثَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِيهِمْ زَمَاناً طَوِيلاً يَدْعُوهُمْ إِلَى اَللَّهِ وَ يَنْهَاهُمْ عَنِ اَلشِّرْكِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَ ظُلْمِ اَلنَّاسِ وَ يُخَوِّفُهُمْ بِالْعَذَابِ فَلَجُّوا وَ كَانُوا يَسْكُنُونَ أَحْقَافَ اَلرِّمَالِ وَ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ أُمَّةٌ أَكْثَرَ مِنْ عَادٍ وَ لاَ أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَلَمَّا رَأَوُا اَلرِّيحَ قَدْ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ قَالُوا لِهُودٍ أَ تُخَوِّفُنَا بِالرِّيحِ فَجَمَعُوا ذَرَارِيَّهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ فِي شِعْبٍ مِنْ تِلْكَ اَلشِّعَابِ ثُمَّ قَامُوا عَلَى بَابِ ذَلِكَ اَلشِّعْبِ يَرُدُّونَ اَلرِّيحَ عَنْ أَمْوَالِهِمْ وَ أَهَالِيهِمْ فَدَخَلَتِ اَلرِّيحُ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اَلْأَرْضِ حَتَّى قَلَعَتْهُمْ فَهَبَّتْ بِهِمْ صُعُداً ثُمَّ رَمَتْ بِهِمْ مِنَ اَلْجَوِّ ثُمَّ رَمَتْ بِهِمُ اَلرِّيحُ فِي اَلْبَحْرِ وَ سَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلذَّرَّ فَدَخَلَتْ فِي مَسَامِعِهِمْ وَ جَاءَهُمْ مِنَ اَلذَّرِّ مَا لاَ يُطَاقُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُمُ اَلرِّيحُ فَسَيَّرَهُمْ مِنْ بِلاَدِهِمْ وَ حَالَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مُرَادِهِمْ حَتَّى أَتَاهُمُ اَللَّهُ (2) وَ قَدْ كَانَ سَخَّرَ لَهُمْ مِنْ قَطْعِ اَلْجِبَالِ وَ اَلصُّخُورِ وَ اَلْعَمَدِ وَ اَلْقُوَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَ اَلْعَمَلِ بِهِ شَيْئاً(3) لَمْ يُسَخِّرْهُ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلَهُمْ وَ لاَ بَعْدَهُمْ وَ إِنَّمَا سُمِّيَتْ ذَاتَ اَلْعِمَادِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ يَسْلَخُونَ اَلْعَمَدَ مِنَ اَلْجِبَالِ فَيَجْعَلُونَ طُولَ اَلْعَمَدِ مِثْلَ طُولِ اَلْجَبَلِ اَلَّذِي يَسْلَخُونَهُ مِنْهُ مِنْ أَسْفَلِهِ إِلَى أَعْلاَهُ ثُمَّ يَنْقُلُونَ تِلْكَ اَلْعَمَدَ فَيَنْصِبُونَهَا ثُمَّ يَبْنُونَ فَوْقَهَا اَلْقُصُورَ وَ قَدْ كَانُوا يَنْصِبُونَ تِلْكَ اَلْعَمَدَ أَعْلاَماً فِي اَلْأَرْضِ عَلَى قَوَارِعِ اَلطَّرِيقِ وَ كَانَ كَثْرَتُهُمْ بِالدَّهْنَاءِ وَ يَبْرِينَ وَ عَالِجٍ إِلَى اَلْيَمَنِ إِلَى حَضْرَمَوْتَ (4).
82 وَ سُئِلَ وَهْبٌ عَنْ هُودٍ أَ كَانَ أَبَا اَلْيَمَنِ (5) اَلَّذِي وَلَدَهُمْ فَقَالَ لاَ وَ لَكِنَّهُمْ أَخُو اَلْيَمَنِ اَلَّذِي فِي اَلتَّوْرَاةِ تُنْسَبُ إِلَى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا كَانَتِ اَلْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ اَلْعَرَبِ وَ فَخَرَتْ مُضَرُ بِأَبِيهَا إِسْمَاعِيلَ اِدَّعَتِ اَلْيَمَنُ هُوداً أَباً لِيَكُونَ لَهُمْ أَباً وَ وَالِداً(6) مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ
ص: 89
وَ لَيْسَ بِأَبِيهِمْ وَ لَكِنَّهُ أَخُوهُمْ (1) وَ لَحِقَ هُودٌ وَ مَنْ آمَنَ مَعَهُ بِمَكَّةَ فَلَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى مَاتُوا وَ كَذَلِكَ فَعَلَ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَهُ وَ لَقَدْ سَلَكَ فَجَّ اَلرَّوْحَاءِ سَبْعُونَ أَلْفَ نَبِيٍّ حُجَّاجاً عَلَيْهِمْ ثِيَابُ اَلصُّوفِ مُخَطِّمِينَ إِبِلَهُمْ بِحِبَالِ اَلصُّوفِ يُلَبُّونَ اَللَّهَ بِتَلْبِيَةٍ شَتَّى مِنْهُمْ هُودٌ وَ صَالِحٌ وَ إِبْرَاهِيمُ وَ مُوسَى وَ شُعَيْبٌ وَ يُونُسُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَ هُودٌ رَجُلاً تَاجِراً(2).
83وَ بِالْإِسْنَادِ اَلَّذِي قَدَّمْنَا عَنِ اِبْنِ أَبِي اَلدَّيْلَمِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ سَلَامُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا بَعَثَ اَللَّهُ هُوداً أَسْلَمَ لَهُ اَلْعَقِبُ مِنْ وُلْدِ سَامٍ وَ أَمَّا اَلْآخَرُونَ فَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنّٰا قُوَّةً فَأُهْلِكُوا بِالرِّيحِ اَلْعَقِيمِ وَ وَصَّى(3) وَ بَشَّرَهُمْ بِصَالِحٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (4).
84وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جَنَاحٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ رَاشِدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَتْ أَعْمَارُ قَوْمِ هُودٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ وَ قَدْ كَانُوا يُعَذَّبُونَ بِالْقَحْطِ ثَلاَثَ سِنِينَ فَلَمْ يَرْجِعُوا عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ بَعَثُوا وَفْداً لَهُمْ إِلَى جِبَالِ مَكَّةَ وَ كَانُوا لاَ يَعْرِفُونَ مَوْضِعَ اَلْكَعْبَةِ فَمَضَوْا وَ اِسْتَسْقَوْا فَرُفِعَتْ لَهُمْ ثَلاَثُ سَحَابَاتٍ فَقَالُوا هَذِهِ حَفاً يَعْنِي اَلَّتِي لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ وَ سَمَّوُا اَلثَّانِيَةَ فَاجِياً وَ اِخْتَارُوا(5) اَلثَّالِثَةَ اَلَّتِي فِيهَا اَلْعَذَابُ قَالَ وَ اَلرِّيحُ عَصَفَتْ عَلَيْهِمْ وَ كَانَ رَئِيسُهُمْ يُقَالُ لَهُ اَلْخَلْجَانُ فَقَالُوا يَا هُودُ مَا تَرَى اَلرِّيحَ إِذْ أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ مَعَهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ(6) كَأَمْثَالِ اَلْأَبَاعِرِ مَعَهَا أَعْمِدَةٌ هُمُ اَلَّذِينَ يَفْعَلُونَ بِنَا اَلْأَفَاعِيلَ فَقَالَ أُولَئِكَ اَلْمَلاَئِكَةُ فَقَالُوا أَ تَرَى رَبَّكَ إِنْ نَحْنُ آمَنَّا بِهِ أَنْ يُدِيلَنَا مِنْهُمْ
ص: 90
فَقَالَ لَهُمْ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لاَ يُدِيلُ أَهْلَ اَلْمَعَاصِي مِنْ أَهْلِ اَلطَّاعَةِ فَقَالَ لَهُ اَلْخَلْجَانُ وَ كَيْفَ لِي بِالرِّجَالِ اَلَّذِينَ هَلَكُوا فَقَالَ لَهُ هُودٌ يُبْدِلُكَ اَللَّهُ بِهِمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُمْ فَقَالَ لاَ خَيْرَ فِي اَلْحَيَاةِ بَعْدَهُمْ (1) فَاخْتَارَ اَللِّحَاقَ بِقَوْمِهِ فَأَهْلَكَهُ اَللَّهُ تَعَالَى(2).
85 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ عَبْدِ اَلْمَلِكِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ اَلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِلَى نُخَيْلَةَ (3) فَإِذَا أُنَاسٌ مِنَ اَلْيَهُودِ مَعَهُمْ مَيِّتٌ لَهُمْ فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ لِلْحَسَنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ مَا يَقُولُ هَؤُلاَءِ فِي هَذَا اَلْقَبْرِ فَقَالَ يَقُولُونَ هُوَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ كَذَبُوا أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ هَذَا قَبْرُ يَهُودَ بْنِ يَعْقُوبَ ثُمَّ قَالَ مَنْ هَاهُنَا مِنْ مَهَرَةٍ فَقَالَ شَيْخٌ كَبِيرٌ أَنَا مِنْهُمْ فَقَالَ لَهُ (4) أَيْنَ مَنْزِلُكَ فَقَالَ فِي مَهَرَةٍ عَلَى شَاطِئِ اَلْبَحْرِ(5) فَقَالَ أَيْنَ هُوَ مِنَ اَلْجَبَلِ اَلَّذِي عَلَيْهِ اَلصَّوْمَعَةُ قَالَ قَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ مَا يَقُولُ قَوْمُكَ فِيهِ فَقَالَ يَقُولُونَ هُوَ(6) قَبْرُ سَاحِرٍ فَقَالَ كَذَبُوا أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُمْ ذَلِكَ قَبْرُ(7)هُودٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ هَذَا قَبْرُ يَهُودَ (8) .
86وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَكَمِ عَنْ ذُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْحَضْرَمِيِّ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِذَا هَاجَتِ اَلرِّيَاحُ فَجَاءَتْ بِالسَّافِي اَلْأَبْيَضِ وَ اَلْأَسْوَدِ وَ اَلْأَصْفَرِ فَإِنَّهُ رَمِيمُ قَوْمِ عَادٍ(9).
87وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ اَلْمُثَنَّى اَلْعَنْبَرِيُّ
ص: 91
حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ (1) حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ وَهْبٍ قَالَ : لَمَّا تَمَّ لِهُودٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَرْبَعُونَ سَنَةً أَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ أَنِ اِئْتِ قَوْمَكَ فَادْعُهُمْ إِلَى عِبَادَتِي وَ تَوْحِيدِي فَإِنْ أَجَابُوكَ زِدْتُهُمْ قُوَّةً وَ أَمْوَالاً فَبَيْنَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ إِذْ أَتَاهُمْ هُودٌ فَقَالَ يٰا قَوْمِ اُعْبُدُوا اَللّٰهَ مٰا لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ غَيْرُهُ فَقَالُوا يَا هُودُ لَقَدْ كُنْتَ عِنْدَنَا ثِقَةً أَمِيناً قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اَللَّهِ إِلَيْكُمْ دَعُوا عِبَادَةَ اَلْأَصْنَامِ فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ بَطَشُوا بِهِ وَ خَنَقُوهُ وَ تَرَكُوهُ كَالْمَيِّتِ فَبَقِيَ يَوْمَهُ وَ لَيْلَتَهُ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ يَا رَبِّ إِنِّي قَدْ عَمِلْتُ وَ قَدْ تَرَى مَا فَعَلَ بِي قَوْمِي فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ يَا هُودُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكَ أَنْ لاَ تَفْتُرَ عَنْ دُعَائِهِمْ وَ قَدْ وَعَدَكَ أَنْ يُلْقِيَ فِي قُلُوبِهِمُ اَلرُّعْبَ فَلاَ يَقْدِرُونَ عَلَى ضَرْبِكَ بَعْدَهَا فَأَتَاهُمْ هُودٌ فَقَالَ لَهُمْ قَدْ تَجَبَّرْتُمْ فِي اَلْأَرْضِ وَ أَكْثَرْتُمُ اَلْفَسَادَ فَقَالُوا يَا هُودُ اُتْرُكْ هَذَا اَلْقَوْلَ فَإِنَّا إِنْ بَطَشْنَا بِكَ اَلثَّانِيَةَ نَسِيتَ اَلْأُولَى فَقَالَ دَعُوا هَذَا وَ اِرْجِعُوا إِلَى اَللَّهِ وَ تُوبُوا إِلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى اَلْقَوْمُ مَا لَبِسَهُمْ مِنَ اَلرُّعْبِ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى ضَرْبِهِ اَلثَّانِيَةَ فَاجْتَمَعُوا بِقُوَّتِهِمْ فَصَاحَ بِهِمْ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ صَيْحَةً فَسَقَطُوا لِوُجُوهِهِمْ ثُمَّ قَالَ يَا قَوْمِ قَدْ تَمَادَيْتُمْ فِي اَلْكُفْرِ كَمَا تَمَادَى قَوْمُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ خَلِيقٌ أَنْ أَدْعُوَ عَلَيْكُمْ كَمَا دَعَا نُوحٌ عَلَى قَوْمِهِ فَقَالُوا يَا هُودُ إِنَّ آلِهَةَ قَوْمِ نُوحٍ كَانُوا ضُعَفَاءَ وَ إِنَّ آلِهَتَنَا أَقْوِيَاءُ وَ قَدْ رَأَيْتَ شِدَّةَ أَجْسَامِنَا(2) وَ كَانَ طُولُ اَلرَّجُلِ مِنْهُمْ مِائَةً وَ عِشْرِينَ ذِرَاعاً وَ عَرْضُهُ سِتُّونَ [سِتِّينَ ] ذِرَاعاً وَ كَانَ أَحَدُهُمْ يَضْرِبُ اَلْجَبَلَ اَلصَّغِيرَ فَيَقْطَعُهُ فَمَكَثَ عَلَى هَذَا يَدْعُوهُمْ سَبْعَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ سَنَةً فَلَمَّا أَرَادَ اَللَّهُ تَعَالَى هَلاَكَهُمْ حَقَّفَ اَلْأَحْقَافَ حَتَّى صَارَتْ أَعْظَمَ مِنَ اَلْجِبَالِ فَقَالَ لَهُمْ هُودٌ يَا قَوْمِ أَ لاَ تَرَوْنَ إِلَى هَذِهِ اَلرِّمَالِ كَيْفَ تَحَقَّفَتْ (3) إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مَأْمُورَةً فَاغْتَمَّ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِمَا رَأَى مِنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ وَ نَادَتْهُ اَلْأَحْقَافُ قَرِّ يَا هُودُ عَيْناً فَإِنَّ لِعَادٍ مِنَّا يَوْمَ سَوْءٍ فَلَمَّا سَمِعَ هُودٌ ذَلِكَ قَالَ يَا قَوْمِ اِتَّقُوا اَللَّهَ وَ اُعْبُدُوهُ فَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ صَارَتْ هَذِهِ
ص: 92
اَلْأَحْقَافُ عَلَيْكُمْ عَذَاباً وَ نَقِمَةً فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ أَقْبَلُوا عَلَى نَقْلِ اَلْأَحْقَافِ فَلاَ تَزْدَادُ(1) إِلاَّ كَثْرَةً فَرَجَعُوا صَاغِرِينَ فَقَالَ هُودٌ يَا رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُ رِسَالاَتِكَ فَلَمْ يَزْدَادُوا إِلاَّ كُفْراً فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ يَا هُودُ إِنِّي أُمْسِكُ عَنْهُمُ اَلْمَطَرَ فَقَالَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا قَوْمِ قَدْ وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُهْلِكَكُمْ وَ مَرَّ صَوْتُهُ فِي اَلْجِبَالِ وَ سَمِعَ اَلْوَحْشُ (2) صَوْتَهُ وَ اَلسِّبَاعُ وَ اَلطَّيْرُ فَاجْتَمَعَ كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا يَبْكِي وَ يَقُولُ يَا هُودُ أَ تُهْلِكُنَا(3) مَعَ اَلْهَالِكِينَ فَدَعَا هُودٌ رَبَّهُ تَعَالَى فِي أَمْرِهَا فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي لاَ أُهْلِكُ مَنْ لَمْ يَعْصِنِي(4) بِذَنْبِ مَنْ عَصَانِي تَعَالَى اَللَّهُ عُلُوّاً كَبِيراً(5).
88عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ اَلزَّنْجَانِيُّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ اَلْمُثَنَّى اَلْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ : إِنَّ رَجُلاً يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ فُلاَنَةَ (6) خَرَجَ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ قَدْ شَرَدَتْ (7) فَبَيْنَا هُوَ فِي بَعْضِ اَلصَّحَارِي فِي عَدَنٍ فِي تِلْكَ اَلْفَلَوَاتِ إِذَا هُوَ قَدْ وَقَعَ عَلَى مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَيْهَا حِصْنٌ وَ حَوْلَ ذَلِكَ اَلْحِصْنِ قُصُورٌ كَثِيرَةٌ وَ أَعْلاَمٌ طِوَالٌ فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا ظَنَّ أَنَّ فِيهَا مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ إِبِلِهِ فَلَمْ يَرَ دَاخِلاً وَ لاَ خَارِجاً فَنَزَلَ عَنْ نَاقَتِهِ (8) وَ عَقَلَهَا وَ سَلَّ سَيْفَهُ وَ دَخَلَ مِنْ بَابِ اَلْحِصْنِ فَإِذَا هُوَ بِبَابَيْنِ عَظِيمَيْنِ لَمْ يَرَ فِي اَلدُّنْيَا أَعْظَمَ مِنْهُمَا وَ لاَ أَطْوَلَ وَ إِذَا
ص: 93
خَشَبُهُمَا مِنْ أَطْيَبِ خَشَبِ عُودٍ وَ عَلَيْهِمَا نُجُومٌ مِنْ يَاقُوتٍ أَصْفَرَ وَ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ ضَوْؤُهُمَا قَدْ مَلَأَ اَلْمَكَانَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَعْجَبَهُ فَفَتَحَ أَحَدَ اَلْبَابَيْنِ فَدَخَلَ فَإِذَا بِمَدِينَةٍ لَمْ يَرَ اَلرَّاءُونَ مِثْلَهَا وَ إِذَا هُوَ بِقُصُورٍ كُلُّ قَصْرٍ مُعَلَّقٌ تَحْتَهُ أَعْمِدَةٌ مِنْ زَبَرْجَدٍ وَ يَاقُوتٍ وَ فَوْقَ كُلِّ قَصْرٍ مِنْهَا غُرَفٌ وَ فَوْقَ اَلْغُرَفِ غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ بِالذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ وَ اَلْيَاقُوتِ وَ اَللُّؤْلُؤِ وَ اَلزَّبَرْجَدِ وَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ تِلْكَ اَلْقُصُورِ مِصْرَاعٌ مِثْلُ مِصْرَاعِ بَابِ اَلْمَدِينَةِ مِنْ عُودٍ طَيِّبٍ قَدْ نُضِّدَتْ عَلَيْهِ اَلْيَوَاقِيتُ (1) وَ قَدْ فُرِشَتْ تِلْكَ اَلْقُصُورُ بِاللُّؤْلُؤِ وَ بَنَادِقِ اَلْمِسْكِ وَ اَلزَّعْفَرَانِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ وَ لَمْ يَرَ هُنَاكَ أَحَداً أَفْزَعَهُ ذَلِكَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى اَلْأَزِقَّةِ فَإِذَا فِي كُلِّ زُقَاقٍ مِنْهَا أَشْجَارٌ قَدْ أَثْمَرَتْ تَحْتَهَا أَنْهَارٌ تَجْرِي فَقَالَ هَذِهِ اَلْجَنَّةُ اَلَّتِي وُضِعَتْ [وُصِفَتْ ] لِعِبَادِ اَللَّهِ فِي اَلدُّنْيَا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَدْخَلَنِي اَلْجَنَّةَ فَحَمَلَ مِنْ لُؤْلُؤِهَا وَ مِنْ بَنَادِقِ اَلْمِسْكِ وَ اَلزَّعْفَرَانِ فَإِنَّهَا كَانَتْ مَنْثُورَةً (2) بِمَنْزِلَةِ اَلرَّمْلِ وَ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَقْلَعَ مِنْ زَبَرْجَدِهَا وَ لاَ مِنْ يَاقُوتِهَا لِأَنَّهُ كَانَ مُثْبَتاً فِي أَبْوَابِهَا وَ جُدْرَانِهَا فَأَخَذَ مَا أَرَادَ وَ خَرَجَ إِلَى اَلْيَمَنِ فَأَظْهَرَ مَا كَانَ مِنْهُ وَ أَعْلَمَ اَلنَّاسَ أَمْرَهُ وَ فَشَا خَبَرُهُ وَ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ فَأَرْسَلَ رَسُولاً إِلَى صَاحِبِ صَنْعَاءَ وَ كَتَبَ بِإِشْخَاصِهِ فَشَخَصَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَ خَلاَ بِهِ وَ سَأَلَهُ عَمَّا عَايَنَ فَقَصَّ عَلَيْهِ أَمْرَ اَلْمَدِينَةِ وَ مَا رَأَى فِيهَا وَ عَرَضَ عَلَيْهِ مَا حَمَلَهُ مِنْهَا فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى كَعْبِ اَلْأَحْبَارِ وَ دَعَاهُ وَ قَالَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ هَلْ بَلَغَكَ أَنَّ فِي اَلدُّنْيَا مَدِينَةً مَبْنِيَّةً بِالذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ فَقَالَ كَعْبُ اَلْأَحْبَارِ أَمَّا هَذِهِ اَلْمَدِينَةُ فَصَاحِبُهَا شَدَّادُ بْنُ عَادٍ اَلَّذِي بَنَاهَا فَهِيَ إِرَمَ ذٰاتِ اَلْعِمٰادِ وَ هِيَ اَلَّتِي وَصَفَهَا اَللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ اَلْمُنْزَلِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ حَدِّثْنَا بِحَدِيثِهَا فَقَالَ إِنَّ عَاداً اَلْأُولَى وَ لَيْسَ بِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ كَانَ لَهُ اِبْنَانِ يُسَمَّى أَحَدُهُمَا شديد [شَدِيداً] وَ اَلْآخَرُ شداد [شَدَّاداً] فَهَلَكَ عَادٌ وَ بَقِيَا وَ مَلَكَا وَ تَجَبَّرَا وَ أَطَاعَهُمَا اَلنَّاسُ فِي اَلشَّرْقِ وَ اَلْغَرْبِ فَمَاتَ شَدِيدٌ وَ بَقِيَ شَدَّادٌ فَمَلَكَ وَحْدَهُ وَ لَمْ يُنَازِعْهُ أَحَدٌ وَ كَانَ مُولَعاً بِقِرَاءَةِ اَلْكُتُبِ وَ كَانَ كُلَّمَا يَذْكُرُ اَلْجَنَّةَ رَغِبَ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهَا فِي اَلدُّنْيَا عُتُوّاً عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَجَعَلَ عَلَى صَنْعَتِهَا مِائَةَ
ص: 94
رَجُلٍ تَحْتَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَلْفٌ مِنَ اَلْأَعْوَانِ فَقَالَ اِنْطَلِقُوا إِلَى أَطْيَبِ فَلاَةٍ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ أَوْسَعِهَا فَاعْمَلُوا لِي مَدِينَةً مِنْ ذَهَبٍ وَ فِضَّةٍ وَ يَاقُوتٍ وَ زَبَرْجَدٍ وَ اِصْنَعُوا تَحْتَ اَلْمَدِينَةِ أَعْمِدَةً مِنْ يَاقُوتٍ وَ زَبَرْجَدٍ وَ عَلَى اَلْمَدِينَةِ قُصُوراً وَ عَلَى اَلْقُصُورِ غُرَفاً وَ فَوْقَ اَلْغُرَفِ غُرَفاً وَ اِغْرِسُوا تَحْتَ اَلْقُصُورِ فِي أَرْضِهَا أَصْنَافَ اَلثِّمَارِ كُلِّهَا وَ أَجْرُوا فِيهَا اَلْأَنْهَارَ حَتَّى تَكُونَ تَحْتَ أَشْجَارِهَا فَقَالُوا كَيْفَ نَقْدِرُ عَلَى مَا وَصَفْتَ لَنَا مِنَ اَلْجَوَاهِرِ وَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ حَتَّى يُمْكِنَنَا أَنْ نَبْنِيَ مَدِينَةً (1) كَمَا وَصَفْتَ قَالَ شَدَّادٌ أَ مَا تَعْلَمُونَ أَنَّ مُلْكَ اَلدُّنْيَا بِيَدِي قَالُوا بَلَى قَالَ فَانْطَلِقُوا إِلَى كُلِّ مَعْدِنٍ مِنْ مَعَادِنِ اَلْجَوَاهِرِ وَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ فَوَكِّلُوا عَلَيْهَا جَمَاعَةً حَتَّى يَجْمَعُوا مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَ خُذُوا جَمِيعَ مَا فِي أَيْدِي اَلنَّاسِ مِنَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ فَكَتَبُوا إِلَى كُلِّ مَلِكٍ فِي اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ فَجَعَلُوا يَجْمَعُونَ أَنْوَاعَ اَلْجَوَاهِرِ عَشْرَ سِنِينَ فَبَنَوْا لَهُ هَذِهِ اَلْمَدِينَةَ فِي مُدَّةِ ثَلاَثِمِائَةِ (2) سَنَةٍ فَلَمَّا أَتَوْهُ وَ أَخْبَرُوهُ بِفَرَاغِهِمْ مِنْهَا قَالُوا اِنْطَلِقُوا فَاجْعَلُوا عَلَيْهَا حِصْناً وَ اِجْعَلُوا حَوْلَ اَلْحِصْنِ أَلْفَ قَصْرٍ لِكُلِّ قَصْرٍ أَلْفَ عَلَمٍ يَكُونُ فِي كُلِّ قَصْرٍ مِنْ تِلْكَ اَلْقُصُورِ وَزِيرٌ مِنْ وُزَرَائِي فَرَجَعُوا وَ عَمِلُوا ذَلِكَ كُلَّهُ
ثُمَّ أَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ بِالْفَرَاغِ مِمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ فَأَمَرَ اَلنَّاسَ بِالتَّجْهِيزِ إِلَى إِرَمَ ذَاتِ اَلْعِمَادِ فَأَقَامُوا إِلَى جِهَازِهِمْ إِلَيْهَا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ سَارَ اَلْمَلِكُ شَدَّادٌ يُرِيدُ إِرَمَ ذَاتِ اَلْعِمَادِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْمَدِينَةِ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ بَعَثَ اَللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ عَلَيْهِ وَ عَلَى مَنْ مَعَهُ صَيْحَةً مِنَ اَلسَّمَاءِ فَأَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعاً وَ مَا دَخَلَ هُوَ إِرَمَ وَ لاَ أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ وَ إِنِّي لَأَجِدُ فِي اَلْكُتُبِ أَنَّ وَاحِداً يَدْخُلُهَا فَيَرَى مَا فِيهَا ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُحَدِّثُ بِمَا يَرَى وَ لاَ يُصَدَّقُ فَسَيَدْخُلُهَا أَهْلُ اَلدِّينِ (3) فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ (4).
في نبوة صالح صلوات اللّه عليه و هو صالح بن حاثر بن ثمود بن حاثر بن سام بن نوح صلوات اللّه عليه(5)
ص: 95
و أما هود فهو ابن عبد الله بن رياح بن حيلوث حلوث جلوث بن عاد بن عوض بن آدم بن سام بن نوح(1)
89 أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ اَلْغَازِي عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ اَلْعُكْبَرِيِّ عَنِ اَلْمُرْتَضَى وَ اَلرَّضِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ اَلْمُفِيدِ عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْعَبَّاسِ اَلدِّينَوَرِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْبَلْخِيِّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ أَصْحَابِ اَلرَّسِّ (2) اَلَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اَللَّهُ فِي كِتَابِهِ مَنْ هُمْ وَ مِمَّنْ هُمْ وَ أَيَّ قَوْمٍ كَانُوا فَقَالَ كَانَا رَسَّيْنِ (3) أَمَّا أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ اَلَّذِي ذَكَرَهُ اَللَّهُ فِي كِتَابِهِ كَانَ أَهْلُهُ أَهْلَ بَدْوٍ وَ أَصْحَابَ شَاةٍ وَ غَنَمٍ فَبَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِمْ صَالِحَ اَلنَّبِيِّ رَسُولاً فَقَتَلُوهُ وَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً آخَرَ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً آخَرَ وَ عَضَدَهُ بِوَلِيٍّ فَقُتِلَ اَلرَّسُولُ وَ جَاهَدَ اَلْوَلِيُّ حَتَّى أَفْحَمَهُمْ وَ كَانُوا يَقُولُونَ إِلَهُنَا فِي اَلْبَحْرِ وَ كَانُوا عَلَى شَفِيرِهِ وَ كَانَ لَهُمْ عِيدٌ فِي اَلسَّنَةِ يَخْرُجُ حُوتٌ عَظِيمٌ مِنَ اَلْبَحْرِ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ فَيَسْجُدُونَ لَهُ فَقَالَ وَلِيُّ صَالِحٍ لَهُمْ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْعَلُونِي رَبّاً وَ لَكِنْ هَلْ تُجِيبُونِي إِلَى مَا دَعَوْتُكُمْ إِنْ أَطَاعَنِي ذَلِكَ اَلْحُوتُ فَقَالُوا نَعَمْ وَ أَعْطَوْهُ عُهُوداً وَ مَوَاثِيقَ فَخَرَجَ حُوتٌ رَاكِبٌ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْوَاتٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً فَخَرَجَ وَلِيُّ صَالِحٍ اَلنَّبِيِّ إِلَيْهِ وَ قَالَ لَهُ اِئْتِنِي طَوْعاً أَوْ كَرْهاً بِ بِسْمِ اَللَّهِ اَلْكَرِيمِ فَنَزَلَ عَنْ أَحْوَاتِهِ فَقَالَ اَلْوَلِيُّ اِئْتِنِي عَلَيْهِنَّ لِئَلاَّ يَكُونَ مِنَ اَلْقَوْمِ فِي أَمْرِي شَكٌّ فَأَتَى اَلْحُوتُ إِلَى اَلْبَرِّ يَجُرُّهَا وَ تَجُرُّهُ إِلَى عِنْدِ وَلِيِّ صَالِحٍ فَكَذَّبُوهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ اَللَّهُ إِلَيْهِمْ رِيحاً فَقَذَفَهُمْ (4) فِي اَلْيَمِّ أَيِ اَلْبَحْرِ وَ مَوَاشِيَهُمْ فَأَتَى اَلْوَحْيُ إِلَى وَلِيِّ صَالِحٍ بِمَوْضِعِ ذَلِكَ اَلْبِئْرِ وَ فِيهَا اَلذَّهَبُ وَ اَلْفِضَّةُ فَانْطَلَقَ فَأَخَذَهُ فَفَضَّهُ عَلَى أَصْحَابِهِ بِالسَّوِيَّةِ عَلَى اَلصَّغِيرِ وَ اَلْكَبِيرِ(5) وَ أَمَّا اَلَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اَللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُمْ قَوْمٌ كَانَ لَهُمْ نَهَرٌ يُدْعَى اَلرَّسَّ وَ كَانَ فِيهَا أَمْيَاهٌ [أَنْبِيَاءُ ]
ص: 96
كَثِيرَةٌ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ وَ أَيْنَ اَلرَّسُّ فَقَالَ هُوَ نَهَرٌ بِمُنْقَطَعِ آذَرْبِيجَانَ وَ هُوَ بَيْنَ حَدِّ(1)أَرْمَنِيَّةَ وَ آذَرْبِيجَانَ وَ كَانُوا يَعْبُدُونَ اَلصُّلْبَانَ فَبَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِمْ ثَلاَثِينَ نَبِيّاً فِي مَشْهَدٍ وَاحِدٍ فَقَتَلُوهُمْ جَمِيعاً فَبَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِمْ نَبِيّاً وَ بَعَثَ مَعَهُ وَلِيّاً فَجَاهَدَهُمْ وَ بَعَثَ اَللَّهُ مِيكَائِيلَ فِي أَوَانِ وُقُوعِ اَلْحَبِّ وَ اَلزَّرْعِ فَأَنْضَبَ مَاءَهُمْ فَلَمْ يَدَعْ عَيْناً وَ لاَ نَهَراً وَ لاَ مَاءً إِلاَّ أَيْبَسَهُ وَ أَمَرَ مَلَكَ اَلْمَوْتِ فَأَمَاتَ مَوَاشِيَهُمْ وَ أَمَرَ اَللَّهُ اَلْأَرْضَ فَابْتَلَعَتْ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ تِبْرٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ آنِيَةٍ فَهُوَ لِقَائِمِنَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِذَا قَامَ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ جُوعاً وَ عَطَشاً وَ بُكَاءً فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِيَةٌ وَ بَقِيَ مِنْهُمْ قَوْمٌ مُخْلَصُونَ فَدَعَوُا اَللَّهَ أَنْ يُنْجِيَهُمْ بِزَرْعٍ وَ مَاشِيَةٍ وَ مَاءٍ وَ يَجْعَلَهُ قَلِيلاً لِئَلاَّ يَطْغَوْا فَأَجَابَهُمُ اَللَّهُ إِلَى ذَلِكَ لِمَا عَلِمَ مِنْ صِدْقِ نِيَّاتِهِمْ
ثُمَّ عَادَ اَلْقَوْمُ إِلَى مَنَازِلِهِمْ فَوَجَدُوهَا قَدْ صَارَتْ أَعْلاَهَا أَسْفَلَهَا وَ أَطْلَقَ اَللَّهُ لَهُمْ نَهَرَهُمْ وَ زَادَهُمْ فِيهِ عَلَى مَا سَأَلُوا فَقَامُوا عَلَى اَلظَّاهِرِ وَ اَلْبَاطِنِ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ حَتَّى مَضَى أُولَئِكَ اَلْقَوْمُ وَ حَدَثَ نَسْلٌ بَعْدَ ذَلِكَ أَطَاعُوا اَللَّهَ فِي اَلظَّاهِرِ وَ نَافَقُوهُ فِي اَلْبَاطِنِ وَ عَصَوْا بِأَشْيَاءَ شَتَّى فَبَعَثَ اَللَّهُ مَنْ أَسْرَعَ فِيهِمُ اَلْقَتْلَ فَبَقِيَتْ شِرْذِمَةٌ مِنْهُمْ فَسَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلطَّاعُونَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ بَقِيَ نَهَرُهُمْ وَ مَنَازِلُهُمْ مِائَتَيْ عَامٍ لاَ يَسْكُنُهَا أَحَدٌ ثُمَّ أَتَى اَللَّهُ تَعَالَى بِقَوْمٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَزَلُوهَا وَ كَانُوا صَالِحِينَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَوْمٌ مِنْهُمْ فَاحِشَةً وَ اِشْتَغَلَ اَلرِّجَالُ بِالرِّجَالِ وَ اَلنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ فَسَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ صَاعِقَةً فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ بَاقِيَةٌ (2)سورة القمر: 23(3) .
90وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْخَيَّاطِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ (4) عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ(4) فَقَالَ هَذَا لَمَّا كَذَّبُوا صَالِحاً صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ مَا أَهْلَكَ اَللَّهُ تَعَالَى قَوْماً قَطُّ حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْهِمُ اَلرُّسُلَ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ فَإِذَا لَمْ يُجِيبُوهُمْ أُهْلِكُوا وَ قَدْ كَانَ بَعَثَ اَللَّهُ صَالِحاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اَللَّهِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَ عَتَوْا عَلَيْهِ وَ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تُخْرِجَ لَنَا مِنَ اَلصَّخْرَةِ نَاقَةً عُشَرَاءَ (5) وَ كَانَتْ صَخْرَةً يُعَظِّمُونَهَا وَ يُذَبِّحُونَ عِنْدَهَا فِي رَأْسِ كُلِّ سَنَةٍ
ص: 97
وَ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَهَا فَقَالُوا لَهُ إِنْ كُنْتَ كَمَا تَزْعُمُ نَبِيّاً رَسُولاً فَادْعُ اَللَّهَ يُخْرِجْ لَنَا نَاقَةً مِنْهَا فَأَخْرَجَهَا لَهُمْ كَمَا طَلَبُوا مِنْهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى صَالِحٍ أَنْ قُلْ لَهُمْ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِهَذِهِ اَلنَّاقَةِ شِرْبَ يَوْمٍ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ فَكَانَتِ اَلنَّاقَةُ إِذَا شَرِبَتْ يَوْمَهَا شَرِبَتِ اَلْمَاءَ كُلَّهُ فَيَكُونُ شَرَابُهُمْ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ مِنْ لَبَنِهَا فَيَحْلُبُونَهَا فَلاَ يَبْقَى صَغِيرٌ وَ لاَ كَبِيرٌ إِلاَّ شَرِبَ مِنْ لَبَنِهَا يَوْمَهُ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ اَللَّيْلُ وَ أَصْبَحُوا غَدَوْا إِلَى مَائِهِمْ فَشَرِبُوا هُمْ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ وَ لاَ تَشْرَبُ اَلنَّاقَةُ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اَللَّهُ حَتَّى عَتَوْا وَ دَبَّرُوا فِي قَتْلِهَا فَبَعَثُوا رَجُلاً أَحْمَرَ أَشْقَرَ أَزْرَقَ لاَ يُعْرَفُ لَهُ أَبٌ وَلَدَ اَلزِّنَا يُقَالُ لَهُ قُذَارٌ لِيَقْتُلَهَا فَلَمَّا تَوَجَّهَتِ اَلنَّاقَةُ إِلَى اَلْمَاءِ ضَرَبَهَا ضَرْبَةً ثُمَّ ضَرَبَهَا أُخْرَى فَقَتَلَهَا وَ فَرَّ فَصِيلُهَا حَتَّى صَعِدَ إِلَى جَبَلٍ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ صَغِيرٌ وَ لاَ كَبِيرٌ إِلاَّ أَكَلَ مِنْهَا فَقَالَ لَهُمْ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ عَصَيْتُمْ رَبَّكُمْ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ إِنْ تُبْتُمْ قَبِلْتُ تَوْبَتَكُمْ وَ إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا بَعَثْتُ إِلَيْكُمُ اَلْعَذَابَ فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّالِثِ فَقَالُوا يٰا صٰالِحُ اِئْتِنٰا بِمٰا تَعِدُنٰا إِنْ كُنْتَ مِنَ اَلصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّكُمْ تُصْبِحُونَ غَداً وُجُوهُكُمْ مُصْفَرَّةٌ وَ اَلْيَوْمَ اَلثَّانِيَ مُحْمَرَّةٌ وَ اَلْيَوْمَ اَلثَّالِثَ مُسْوَدَّةٌ فَاصْفَرَّتْ وُجُوهُهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَا قَوْمِ قَدْ جَاءَكُمْ مَا قَالَ صَالِحٌ فَقَالَ اَلْعُتَاةُ لاَ نَسْمَعُ مَا يَقُولُ صَالِحٌ وَ لَوْ هَلَكْنَا(1) وَ كَذَلِكَ فِي اَلْيَوْمِ اَلثَّانِي وَ اَلثَّالِثِ فَلَمَّا كَانَ نِصْفُ اَللَّيْلِ أَتَاهُمْ جَبْرَئِيلُ فَصَرَخَ بِهِمْ صَرْخَةً خَرَقَتْ أَسْمَاعَهُمْ وَ قَلْقَلَتْ قُلُوبَهُمْ (2) فَمَاتُوا أَجْمَعِينَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ صَغِيرُهُمْ وَ كَبِيرُهُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ نَاراً مِنَ اَلسَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُمْ (3).
91 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ زَيْدٍ اَلشَّحَّامِ (4) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ صَالِحاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ زَمَاناً وَ كَانَ يَوْمَ غَابَ كَهْلاً حَسَنَ اَلْجِسْمِ (5)
ص: 98
وَافِرَ اَللِّحْيَةِ رَبْعَةً مِنَ اَلرِّجَالِ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ لَمْ يَعْرِفُوهُ وَ كَانُوا عَلَى ثَلاَثِ طَبَقَاتٍ طَبَقَةٌ جَاحِدَةٌ (1) وَ لاَ تَرْجِعُ أَبَداً وَ أُخْرَى شَاكَّةٌ وَ أُخْرَى عَلَى يَقِينٍ فَبَدَأَ حِينَ رَجَعَ بِالطَّبَقَةِ اَلشَّاكَّةِ فَقَالَ لَهُمْ أَنَا صَالِحٌ فَكَذَّبُوهُ وَ شَتَمُوهُ وَ زَجَرُوهُ وَ قَالُوا إِنَّ صَالِحاً كَانَ عَلَى غَيْرِ صُورَتِكَ وَ شَكْلِكَ ثُمَّ أَتَى(2) إِلَى اَلْجَاحِدَةِ فَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْهُ وَ نَفَرُوا مِنْهُ أَشَدَّ اَلنُّفُورِ ثُمَّ اِنْطَلَقَ إِلَى اَلطَّبَقَةِ اَلثَّالِثَةِ وَ هُمْ أَهْلُ اَلْيَقِينِ فَقَالَ لَهُمْ أَنَا صَالِحٌ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا خَبَراً لاَ نَشُكُّ فِيهِ أَنَّكَ صَالِحٌ إِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى اَلْخَالِقُ (3) يُحَوِّلُ فِي أَيِّ صُورَةٍ شَاءَ وَ قَدْ أَخْبَرَنَا وَ تَدَارَسْنَا بِعَلاَمَاتِ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذَا جَاءَ فَقَالَ أَنَا اَلَّذِي أَتَيْتُكُمْ بِالنَّاقَةِ فَقَالُوا صَدَقْتَ وَ هِيَ اَلَّتِي تَتَدَارَسُ (4) فَمَا عَلاَمَتُهَا قَالَ لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ وَ لَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (5) فَقَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِمَا جِئْتَنَا بِهِ قٰالَ عِنْدَ ذَلِكَ اَلَّذِينَ اِسْتَكْبَرُوا وَ هُمُ اَلشُّكَّاكُ وَ اَلْجُحَّادُ إِنّٰا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كٰافِرُونَ (6) قَالَ زَيْدٌ اَلشَّحَّامُ قُلْتُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَلْ كَانَ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ عَالِمٌ قَالَ اَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ أَنْ يَتْرُكَ اَلْأَرْضَ بِلاَ عَالِمٍ فَلَمَّا ظَهَرَ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَ إِنَّمَا مَثَلُ عَلِيٍّ وَ اَلْقَائِمِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مَثَلُ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (7) .
92 أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلنَّيْشَابُورِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلصَّمَدِ اَلتَّمِيمِيِّ عَنِ اَلسَّيِّدِ أَبِي اَلْبَرَكَاتِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَدِيرٍ قَالَ : سَأَلَ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَجُلٌ وَ أَنَا حَاضِرٌ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَقٰالُوا رَبَّنٰا بٰاعِدْ بَيْنَ أَسْفٰارِنٰا(8) فَقَالَ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ كَانَتْ لَهُمْ قُرًى مُتَّصِلَةٌ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ
ص: 99
إِلَى بَعْضٍ وَ لَهُمْ أَنْهَارٌ جَارِيَةٌ وَ فَوَاكِهُ وَ أَعْنَابٌ وَ كَانَتْ قُرَاهُمْ فِيمَا بَيْنَ اَلْمَدِينَةِ عَلَى سَاحِلِ اَلْبَحْرِ إِلَى اَلشَّامِ فَكَفَرُوا فَغَيَّرَ اَللَّهُ مَا بِهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ (1) فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ سَيْلَ اَلْعَرِمِ فَغَرَّقَ قُرَاهُمْ (2)في البحار: أهل أبلة.(3) .
93وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّ قَوْماً مِنْ أَهْلِ أَيْلَةَ (3) مِنْ قَوْمِ ثَمُودَ كَانَتِ اَلْحِيتَانِ تَسْتَبِقُ إِلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ وَ كَانُوا نُهُوا عَنْ صَيْدِهَا فَأَكَلَهَا اَلْجُهَّالُ وَ لاَ يَنْهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ اَلْعُلَمَاءُ ثُمَّ اِنْحَازَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ذَاتَ اَلْيَمِينِ فَقَالَتْ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَنْهَاكُمْ عَنْهَا وَ اِعْتَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ذَاتَ اَلْيَسَارِ فَسَكَتَتْ وَ لَمْ تَعِظْهُمْ وَ قَالَتِ اَلْأُولَى لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اَللّٰهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذٰاباً شَدِيداً قٰالُوا مَعْذِرَةً إِلىٰ رَبِّكُمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمّٰا نَسُوا مٰا ذُكِّرُوا بِهِ (4) أَيْ تَرَكُوا مَا وُعِظُوا بِهِ خَرَجَتِ اَلطَّائِفَةُ اَلْوَاعِظَةُ مِنَ اَلْمَدِينَةِ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهُمُ اَلْعَذَابُ وَ كَانُوا أَقَلَّ اَلطَّائِفَتَيْنِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَوْلِيَاءُ اَللَّهِ أَتَوْا بَابَ اَلْمَدِينَةِ فَإِذَا هُمْ بِالْقَوْمِ قِرَدَةً لَهُمْ أَذْنَابٌ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِهَذِهِ اَلْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا سُنَّةُ أُولَئِكَ لاَ يُنْكِرُونَ وَ لاَ يُغَيِّرُونَ عَنْ مَعْصِيَةِ اَللَّهِ وَ قَدْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْجَيْنَا اَلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ اَلسُّوءِ وَ أَخَذْنَا اَلَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذٰابٍ بَئِيسٍ بِمٰا كٰانُوا يَفْسُقُونَ (5).
وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ اَلْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو اَلصَّلْتِ اَلْهَرَوِيُّ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُوسَى اَلرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ آبَائِهِمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ قَالَ : جَاءَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَبْلَ مَقْتَلِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ يُقَالُ لَهُ عَمْرٌو فَسَأَلَهُ عَنْ أَصْحَابِ اَلرَّسِّ فَقَالَ
ص: 100
إِنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ شَجَرَةَ صَنَوْبَرٍ يُقَالُ لَهَا شَاهْ دِرَخْتُ كَانَ يَافِثُ بْنُ نُوحٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ غَرَسَهَا عَلَى شَفِيرِ عَيْنٍ (1) يُقَالُ لَهَا رُوشَابُ وَ إِنَّمَا سُمُّوا أَصْحَابَ اَلرَّسِّ لِأَنَّهُمْ رَسُّوا نَبِيَّهُمْ فِي اَلْأَرْضِ وَ كَانَتْ لَهُمْ اِثْنَتَا عَشْرَةَ قَرْيَةً عَلَى شَاطِئِ نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ اَلرَّسُّ مِنْ بِلاَدِ اَلْمَشْرِقِ وَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ نَهَرٌ أَغْزَرُ مِنْهُ وَ لاَ قُرًى أَكْبَرُ مِنْهَا وَ قَدْ جَعَلُوا فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنَ اَلسَّنَةِ فِي كُلِّ قَرْيَةٍ عِيداً يَجْتَمِعُ إِلَيْهِ أَهْلُهَا فَيَضْرِبُوا(2) عَلَى اَلشَّجَرَةِ اَلَّتِي غَرَسُوا مِنْ حَبِّ تِلْكَ اَلصَّنَوْبَرَةِ كِلَّةً مِنْ حَرِيرٍ ثُمَّ يَأْتُونَ بِشَاةٍ وَ بَقَرٍ فَيَذْبَحُونَهُمَا قُرْبَاناً لِلشَّجَرَةِ هَذَا عِيدُ شَهْرِ كَذَا فَإِذَا كَانَ عِيدُ قَرْيَتِهِمُ اَلْعَظِيمَةِ اَلَّتِي فِيهَا اَلصَّنَوْبَرَةُ ضَرَبُوا سُرَادِقَ دِيبَاجٍ عَلَيْهِ وَ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ صَغِيرُهُمْ وَ كَبِيرُهُمْ وَ يَسْجُدُونَ لَهُ (3) وَ يُقَرِّبُونَ اَلذَّبَائِحَ أَضْعَافَ مَا قَرَّبُوا لِلشَّجَرَةِ اَلَّتِي فِي قُرَاهُمْ فَلَمَّا طَالَ كُفْرُهُمْ بَعَثَ اَللَّهُ نَبِيّاً يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اَللَّهِ فَلاَ يَتَّبِعُونَهُ (4) فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ تَمَادِيهِمْ قَالَ يَا رَبِّ إِنَّ عِبَادَكَ أَبَوْا إِلاَّ تَكْذِيبِي فَأَيْبِسْ شَجَرَهُمْ فَأَصْبَحَ اَلْقَوْمُ وَ قَدْ يَبِسَ أَشْجَارُهُمْ كُلُّهَا فَهَالَهُمْ ذَلِكَ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ سَحَرَ آلِهَتَكُمْ هَذَا اَلرَّجُلُ اَلَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ وَ قَالَتْ فِرْقَةٌ لاَ بَلْ غَضِبَتْ آلِهَتُكُمْ فَحَجَبَتْ حُسْنَهَا لِتَنْتَصِرُوا مِنْهُ فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى قَتْلِهِ فَاتَّخَذُوا أَنَابِيبَ طُولاً مِنْ نُحَاسٍ وَاسِعَةِ اَلْأَفْوَاهِ ثُمَّ أَرْسَلُوهَا فِي قَرَارِ اَلْبِئْرِ وَاحِدَةً فَوْقَ اَلْأُخْرَى مِثْلَ اَلْبَرَابِخِ (5) وَ نَزَحُوا مَا فِيهَا مِنَ اَلْمَاءِ ثُمَّ حَفَرُوا فِي قَعْرِهَا بِئْراً ضَيِّقَةَ اَلْمَدْخَلِ عَمِيقَةً فَأَرْسَلُوا فِيهَا نَبِيَّهُمْ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ أَلْقَمُوا فَاهَا صَخْرَةً (6) عَظِيمَةً ثُمَّ أَخْرَجُوا اَلْأَنَابِيبَ مِنَ اَلْمَاءِ فَبَقِيَ عَامَّةُ قَوْمِهِ (7) يَسْمَعُونَ أَنِينَ نَبِيِّهِمْ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ وَ هُوَ يَقُولُ سَيِّدِي قَدْ تَرَى ضِيقَ مَكَانِي وَ شِدَّةَ كَرْبِي فَارْحَمْ ضَعْفَ رُكْنِي وَ قِلَّةَ حِيلَتِي وَ عَجِّلْ بِقَبْضِ رُوحِي
ص: 101
فَمَاتَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا جَبْرَئِيلُ لَأَجْعَلَنَّهُمْ عِبْرَةً لِلْعَالَمِينَ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَ هُمْ فِي عِيدِهِمْ ذَلِكَ إِلاَّ رِيحٌ عَاصِفَةٌ شَدِيدَةُ اَلْحُمْرَةِ فَتَحَيَّرُوا وَ تَضَامَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ صَارَتِ اَلْأَرْضُ مِنْ فَوْقِهِمْ كِبْرِيتاً يَتَوَقَّدُ وَ أَظَلَّتْهُمْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ فَذَابَتْ أَبْدَانُهُمْ كَمَا يَذُوبُ اَلرَّصَاصُ (1) .
ص: 102
95أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ أَبُو اَلْبَرَكَاتِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلصَّمَدِ سَعْدٍ اَلنَّيْشَابُورِيِّ عَنِ اَلسَّيِّدِ أَبِي اَلْبَرَكَاتِ اَلْحَوْرِيِّ (1) عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا اِبْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ آزَرُ عَمُّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُنَجِّماً لِنُمْرُودَ(2) وَ كَانَ لاَ يَصْدُرُ إِلاَّ عَنْ رَأْيِهِ فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي عَجَباً فَقَالَ مَا هُوَ فَقَالَ إِنَّ مَوْلُوداً يُولَدُ فِي أَرْضِنَا هَذِهِ يَكُونُ هَلاَكُنَا عَلَى يَدَيْهِ فَحَجَبْتَ اَلرِّجَالَ عَنِ اَلنِّسَاءِ كَانَ تَارُخُ وَقَعَ عَلَى أُمِّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَحَمَلَتْ فَأَرْسَلَ إِلَى اَلْقَوَابِلِ لِتَنْظُرَ(3) إِلَى اَلنِّسَاءِ وَ لاَ يَكُونَ فِي اَلْبَطْنِ شَيْ ءٌ إِلاَّ عَلِمْنَ بِهِ فَنَظَرْنَ إِلَى أُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَ أَلْزَمَ اَللَّهُ مَا فِي اَلرَّحِمِ اَلظَّهْرَ فَقُلْنَ مَا نَرَى بِهَا شَيْئاً فَلَمَّا وَضَعَتْ ذَهَبَتْ بِهِ إِلَى بَعْضِ اَلْغِيرَانِ (4) فَجَعَلَتْهُ فِيهِ وَ أَرْضَعَتْهُ وَ جَعَلَتْ عَلَى بَابِ اَلْغَارِ صَخْرَةً فَجَعَلَ اَللَّهُ رِزْقَهُ فِي إِبْهَامِهِ فَجَعَلَ يَمَصُّهَا فَتَشْخَبُ لَبَناً وَ جَعَلَ يَشِبُّ فِي اَلْيَوْمِ كَمَا يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي اَلْجُمْعَةِ وَ يَشِبُّ فِي اَلْجُمْعَةِ كَمَا
ص: 103
يَشِبُّ غَيْرُهُ فِي اَلشَّهْرِ فَمَكَثَ مَا شَاءَ اَللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ أُخْرِجَ إِبْرَاهِيمُ مِنَ اَلسَّرَبِ (1) فَرَأَى اَلزُّهَرَةَ وَ قَوْماً يَعْبُدُونَهَا فَقَالَ أَ هَذَا عَلَى سَبِيلِ اَلْإِنْكَارِ رَبِّي فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَعَ اَلْقَمَرُ وَ عَبَدَهُ قَوْمٌ أَيْضاً وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَيْضاً عَلَى سَبِيلِ اَلْإِنْكَارِ(2) لِيَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فِي إِثْبَاتِ اَلتَّوْحِيدِ وَ نَفْيِ اَلتَّشْبِيهِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى(3)وَ تِلْكَ حُجَّتُنٰا آتَيْنٰاهٰا إِبْرٰاهِيمَ عَلىٰ قَوْمِهِ (4).
96وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عُمَرَ عَنْ أَبَانٍ عَنْ حُجْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : خَالَفَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ عَادَى آلِهَتَهُمْ حَتَّى أُدْخِلَ (5) عَلَى نُمْرُودَ فَخَاصَمَهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَبِّيَ اَلَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ اَلْآيَةَ وَ كَانَ فِي عِيدٍ لَهُمْ دَخَلَ عَلَى آلِهَتِهِمْ قَالُوا مَا اِجْتَرَأَ عَلَيْهَا إِلاَّ اَلْفَتَى اَلَّذِي يَعِيبُهَا وَ يَبْرَأُ مِنْهَا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ مُثْلَةً أَعْظَمَ مِنَ اَلنَّارِ فَأَخْبَرُوا نُمْرُودَ فَجَمَعَ لَهُ اَلْحَطَبَ وَ أَوْقَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ وَضَعَهُ (6) فِي اَلْمَنْجَنِيقِ لِيَرْمِيَ بِهِ فِي اَلنَّارِ وَ إِنَّ إِبْلِيسَ دَلَّ عَلَى عَمَلِ اَلْمَنْجَنِيقِ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (7).
97وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا أَخَذَ نُمْرُودُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيُلْقِيَهُ فِي اَلنَّارِ قُلْتُ يَا رَبِّ عَبْدُكَ وَ خَلِيلُكَ لَيْسَ فِي أَرْضِكَ أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرُهُ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى هُوَ عَبْدِي آخُذُهُ إِذَا شِئْتُ وَ لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي اَلنَّارِ تَلَقَّاهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي اَلْهَوَاءِ وَ هُوَ يَهْوِي إِلَى اَلنَّارِ فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَ لَكَ حَاجَةٌ
ص: 104
فَقَالَ أَمَّا إِلَيْكَ فَلاَ وَ قَالَ يَا اَللَّهُ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ(1) وَ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ نَجِّنِي مِنَ اَلنَّارِ بِرَحْمَتِكَ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى اَلنَّارِ كُونِي بَرْداً وَ سَلاٰماً عَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ (2).
98وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ دُعَاءُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَوْمَئِذٍ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ثُمَّ تَوَكَّلْتُ عَلَى اَللَّهِ فَقَالَ كُفِيتَ وَ قَالَ لَمَّا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى لِلنَّارِ كُونِي بَرْداً وَ سَلاٰماً عَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ لَمْ تَعْمَلْ يَوْمَئِذٍ نَارٌ عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ وَ لاَ اِنْتَفَعَ بِهَا أَحَدٌ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ قَالَ وَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ يُحَدِّثُهُ وَسَطَ اَلنَّارِ قَالَ نُمْرُودُ مَنِ اِتَّخَذَ إِلَهاً فَلْيَتَّخِذْ مِثْلَ إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ إِنِّي عَزَمْتُ عَلَى اَلنِّيرَانِ أَنْ لاَ تُحْرِقَهُ قَالَ فَخَرَجَتْ عُنُقٌ مِنَ اَلنَّارِ فَأَحْرَقَتْهُ وَ كَانَ نُمْرُودُ يَنْظُرُ بِشُرْفَةٍ عَلَى اَلنَّارِ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ قَالَ نُمْرُودُ لِآزَرَ اِصْعَدْ بِنَا حَتَّى نَنْظُرَ فَصَعِدَا فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ وَ مَعَهُ شَيْخٌ يُحَدِّثُهُ قَالَ فَالْتَفَتَ نُمْرُودُ إِلَى آزَرَ فَقَالَ مَا أَكْرَمَ اِبْنَكَ عَلَى اَللَّهِ وَ اَلْعَرَبُ تُسَمِّي اَلْعَمَّ أَباً قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ يَعْقُوبَ قٰالُوا نَعْبُدُ إِلٰهَكَ وَ إِلٰهَ آبٰائِكَ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ وَ إِسْحٰاقَ (3) وَ إِسْمَاعِيلُ كَانَ عَمَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَدْ سَمَّاهُ أَباً فِي هَذِهِ اَلْآيَةِ (4).
99أَخْبَرَنَا اَلْأُسْتَادُ أَبُو اَلْقَاسِمِ بْنُ كمح عَنِ اَلشَّيْخِ جَعْفَرٍ اَلدُّورْيَسْتِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ
ص: 105
اَلْمُفِيدِ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرَانَ اَلنَّقَّاشُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلرِّضَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا أَشْرَفَ نُوحٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى اَلْغَرَقِ دَعَا اَللَّهَ بِحَقِّنَا فَدَفَعَ اَللَّهُ عَنْهُ اَلْغَرَقَ وَ لَمَّا رُمِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي اَلنَّارِ دَعَا اَللَّهَ بِحَقِّنَا فَجَعَلَ اَلنَّارَ عَلَيْهِ بَرْداً وَ سَلاٰماً وَ إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا ضَرَبَ طَرِيقاً فِي اَلْبَحْرِ دَعَا اَللَّهَ بِحَقِّنَا فَجَعَلَهُ يَبَساً وَ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا أَرَادَ اَلْيَهُودُ قَتْلَهُ دَعَا اَللَّهَ بِحَقِّنَا نُجِّيَ مِنَ اَلْقَتْلِ فَرَفَعَهُ إِلَيْهِ (1).
100وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي رَبَابٍ اَلْكَرْخِيِّ (2) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ مَوْلِدُهُ بِكُوثَى وَ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَ كَانَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ وَ أُمُّ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أُخْتَيْنِ وَ إِنَّهُ تَزَوَّجَ سَارَةَ بِنْتَ لاَحِجٍ وَ هِيَ بِنْتُ خَالَتِهِ وَ كَانَتْ صَاحِبَةَ مَاشِيَةٍ كَثِيرَةٍ وَ حَالٍ حَسَنَةٍ فَمَلَّكَتْ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعَ مَا كَانَتْ تَمْلِكُهُ فَقَامَ فِيهِ وَ أَصْلَحَهُ فَكَثُرَتِ اَلْمَاشِيَةُ وَ اَلزَّرْعُ حَتَّى لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ كُوثَى رَجُلٌ أَحْسَنُ حَالاً مِنْهُ (3) وَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا كَسَرَ أَصْنَامَ نُمْرُودَ أُمِرَ بِهِ فَأُوثِقَ وَ عَمِلَ لَهُ حَيْراً فِيهِ اَلْحَطَبُ وَ أَلْهَبَ فِيهِ اَلنَّارَ ثُمَّ قَذَفَ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِتُحْرِقَهُ ثُمَّ اِعْتَزَلُوهَا ثَلاَثاً حَتَّى خَمَدَتْ ثُمَّ أَشْرَفُوا عَلَى اَلْحَيْرِ فَإِذَا هُمْ بِإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ سَلِيماً مُطْلَقاً مِنْ وَثَاقِهِ فَأَخْبَرُوا نُمْرُودَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُنَفِّرُوا إِبْرَاهِيمَ مِنْ بِلاَدِهِ فَإِنَّهُ إِنْ بَقِيَ فِي بِلاَدِكُمْ أَفْسَدَ دِينَكُمْ وَ أَضَرَّ(4) بِآلِهَتِكُمْ فَأَخْرَجُوا إِبْرَاهِيمَ وَ لُوطاً عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ إِلَى اَلشَّامَاتِ فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَ مَعَهُ لُوطٌ وَ سَارَةُ وَ قٰالَ إِنِّي ذٰاهِبٌ إِلىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ (5) يَعْنِي إِلَى
ص: 106
بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فَتَحَمَّلَ إِبْرَاهِيمُ بِمَاشِيَتِهِ وَ مَالِهِ وَ عَمِلَ تَابُوتاً وَ حَمَلَ سَارَةَ فِيهِ فَمَضَى حَتَّى خَرَجَ مِنْ سُلْطَانِ نُمْرُودَ وَ صَارَ إِلَى سُلْطَانِ رَجُلٍ مِنَ اَلْقِبْطِ فَمَرَّ بِعَاشِرٍ(1) لَهُ فَاعْتَرَضَهُ فَقَالَ لَهُ اِفْتَحْ هَذَا اَلتَّابُوتَ حَتَّى تُعْطِيَنِي عُشْرَهُ وَ أَبَى إِلاَّ فَتْحَهُ فَفَتَحَهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا بَدَتْ سَارَةُ وَ كَانَتْ مَوْصُوفَةً بِالْحُسْنِ قَالَ فَمَا هِيَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ حُرْمَتِي وَ اِبْنَةُ خَالَتِي قَالَ فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ حَبَسْتَهَا(2) فِي هَذَا اَلتَّابُوتِ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلْغَيْرَةُ عَلَيْهَا أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ.
قَالَ فَبَعَثَ اَلرُّسُلَ إِلَى اَلْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِ إِبْرَاهِيمَ فَأَرْسَلَ اَلْمَلِكُ أَنِ اِحْمِلُوهُ وَ اَلتَّابُوتُ مَعَهُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ اَلْمَلِكُ لِإِبْرَاهِيمَ اِفْتَحِ اَلتَّابُوتَ وَ أَرِنِي مَنْ فِيهِ قَالَ إِنَّ فِيهِ حُرْمَتِي وَ اِبْنَةَ خَالَتِي وَ أَنَا مُفْتَدٍ فَتْحَهُ بِجَمِيعِ مَا مَعِي فَأَبَى اَلْمَلِكُ إِلاَّ فَتْحَهُ قَالَ فَفَتَحَهُ فَلَمَّا رَأَى سَارَةَ اَلْمَلِكُ فَلَمْ يَمْلِكْ حِلْمُهُ سَفَهَهُ أَنْ مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ اَللَّهُمَّ اِحْبِسْ يَدَهُ عَنْ حُرْمَتِي فَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا يَدُهُ وَ لَمْ تَرْجِعْ إِلَيْهِ فَقَالَ اَلْمَلِكُ إِنَّ إِلَهَكَ هُوَ اَلَّذِي فَعَلَ بِي هَذَا قَالَ نَعَمْ إِنَّ إِلَهِي غَيُورٌ يَكْرَهُ اَلْحَرَامَ وَ هُوَ اَلَّذِي حَالَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهَا فَقَالَ اَلْمَلِكُ اُدْعُ رَبَّكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي فَإِنْ أَجَابَكَ لَمْ أَعْتَرِضْ لَهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَللَّهُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ لِيَكُفَّ عَنْ حُرْمَتِي فَرَدَّ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ يَدَهُ فَأَقْبَلَ اَلْمَلِكُ نَحْوَهَا بِبَصَرِهِ ثُمَّ عَادَ بِيَدِهِ نَحْوَهَا فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَللَّهُمَّ اِحْبِسْ يَدَهُ عَنْهَا فَيَبِسَتْ يَدُهُ وَ لَمْ تَصِلْ إِلَيْهَا فَقَالَ اَلْمَلِكُ لِإِبْرَاهِيمَ إِنَّ إِلَهَكَ لَغَيُورٌ فَادْعُ إِلَهَكَ يَرُدَّ عَلَيَّ يَدِي فَإِنَّهُ إِنْ فَعَلَ بِي لَمْ أَعُدْ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَسْأَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّكَ إِنْ عُدْتَ لَمْ تَسْأَلْنِي أَنْ أَسْأَلَهُ فَقَالَ اَلْمَلِكُ نَعَمْ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَ صَادِقاً فَرُدَّ عَلَيْهِ يَدَهُ فَرَجَعَتْ عَلَيْهِ يَدُهُ فَلَمَّا رَأَى اَلْمَلِكُ ذَلِكَ عَظَّمَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَكْرَمَهُ وَ قَالَ فَانْطَلِقْ حَيْثُ شِئْتَ وَ لَكِنْ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ مَا هِيَ قَالَ أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُخْدِمَهَا قِبْطِيَّةً عِنْدِي جَمِيلَةً عَاقِلَةً تَكُونُ لَهَا خَادِمَةً فَأَذِنَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَدَعَا بِهَا فَوَهَبَهَا لِسَارَةَ وَ هِيَ هَاجَرُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَسَارَ إِبْرَاهِيمُ بِجَمِيعِ مَا مَعَهُ وَ خَرَجَ
ص: 107
اَلْمَلِكُ مَعَهُ يَتْبَعُهُ وَ يَمْشِي خَلْفَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِعْظَاماً لَهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ قِفْ وَ لاَ تَمْشِ قُدَّامَ اَلْجَبَّارِ فَوَقَفَ إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ قَالَ لِلْمَلِكِ إِنَّ إِلَهِي أَوْحَى إِلَيَّ اَلسَّاعَةَ أَنْ أُعَظِّمَكَ وَ أُقَدِّمَكَ وَ أَمْشِيَ خَلْفَكَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّ إِلَهَكَ رَفِيقٌ حَلِيمٌ كَرِيمٌ قَالَ وَ وَدَّعَهُ اَلْمَلِكُ وَ سَارَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى نَزَلَ بِأَعْلَى اَلشَّامَاتِ وَ خَلَّفَ لُوطاً بِأَدْنَى اَلشَّامَاتِ ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ أَبْطَأَ عَنِ اَلْوَلَدِ فَقَالَ لِسَارَةَ أَنْ لَوْ شِئْتِ لَمَتَّعْتِنِي مِنْ هَاجَرَ لَعَلَّ اَللَّهَ يَرْزُقُنِي مِنْهَا وَلَداً فَيَكُونُ خَلَفاً فَابْتَاعَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَاجَرَ مِنْ سَارَةَ فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَوَلَدَتْ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (1).
101 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ اَلرَّقِّيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْبَرَ إِسْمَاعِيلُ أَمْ إِسْحَاقُ وَ أَيُّهُمَا كَانَ اَلذَّبِيحَ قَالَ كَانَ إِسْمَاعِيلُ أَكْبَرَ بِخَمْسِ سِنِينَ وَ كَانَ اَلذَّبِيحُ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانَتْ مَكَّةُ مَنْزِلَ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ لَمَّا أَرَادَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يَذْبَحَ إِسْمَاعِيلَ أَيَّامَ اَلْمَوْسِمِ بِمِنًى قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فَلَمّٰا بَلَغَ مَعَهُ اَلسَّعْيَ قٰالَ يٰا بُنَيَّ إِنِّي أَرىٰ فِي اَلْمَنٰامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مٰا ذٰا تَرىٰ (2) ثُمَّ قَالَ وَ بَشَّرْنٰاهُ بِإِسْحٰاقَ نَبِيًّا مِنَ اَلصّٰالِحِينَ (3) فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ إِسْحَاقَ أَكْبَرُ مِنْ إِسْمَاعِيلَ وَ أَنَّهُ كَانَ اَلذَّبِيحَ فَقَدْ كَذَّبَ بِمَا أَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي اَلْقُرْآنِ مِنْ نَبَئِهِمَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا (4) .
102وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ اِبْنَانِ فَكَانَ أَفْضَلُهُمَا اِبْنَ اَلْأَمَةِ (5).
ص: 108
103وَ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ اَلْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ اِمْرَأَتُهُ قٰائِمَةٌ فَضَحِكَتْ (1) يَعْنِي حَاضَتْ وَ هِيَ يَوْمَئِذٍ اِبْنَةُ تِسْعِينَ سَنَةً وَ إِبْرَاهِيمُ اِبْنُ مِائَةٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَ وَ إِنَّ قَوْمَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَظَرُوا إِلَى إِسْحَاقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالُوا مَا أَعْجَبَ هَذَا وَ هَذِهِ يَعْنُونَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ سَارَةَ أَخَذَا صَبِيّاً وَ قَالاَ هَذَا اِبْنُنَا يَعْنُونَ إِسْحَاقَ فَلَمَّا كَبِرَ لَمْ يُعْرَفْ هَذَا وَ هَذَا لِتَشَابُهِهِمْ [لِتَشَابُهِهِمَا] حَتَّى صَارَ إِبْرَاهِيمُ يُعْرَفُ بِالشَّيْبِ قَالَ فَثَنَى إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِحْيَتَهُ فَرَأَى فِيهَا طَاقَةً بَيْضَاءَ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ اَللَّهُمَّ مَا هَذَا فَقَالَ وَقَارٌ فَقَالَ اَللَّهُمَّ زِدْنِي وَقَاراً(2).
104وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ (3) عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَجُلاً غَيُوراً كَانَ إِذَا خَرَجَ أَغْلَقَ بَابَهُ فَرَجَعَ يَوْماً فَرَأَى رَجُلاً فِي دَارِهِ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً وَ دُهْناً فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا مَلَكُ اَلْمَوْتِ فَفَزِعَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ جِئْتَنِي لِتَسْلُبَنِي رُوحِي فَقَالَ لاَ وَ لَكِنَّ اَللَّهَ اِتَّخَذَ عَبْداً خَلِيلاً فَجِئْتُهُ بِبِشَارَةٍ فَقَالَ وَ مَنْ هُوَ قَالَ وَ مَا تُرِيدُ مِنْهُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَخْدُمُهُ حَتَّى أَمُوتَ فَقَالَ أَنْتَ هُوَ(4).
105وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا جَاءَ اَلْمُرْسَلُونَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ جَاءَهُمْ بِالْعِجْلِ فَقَالَ كُلُوا قَالُوا لاَ نَأْكُلُ حَتَّى تُخْبِرَنَا مَا ثَمَنُهُ فَقَالَ إِذَا أَكَلْتُمْ فَقُولُوا بِسْمِ اَللَّهِ وَ إِذَا فَرَغْتُمْ فَقُولُوا اَلْحَمْدُ لِلَّهِ فَقَالَ فَالْتَفَتَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى أَصْحَابِهِ وَ كَانُوا أَرْبَعَةً وَ جَبْرَئِيلُ رَئِيسُهُمْ فَقَالَ حَقٌّ (5) أَنْ يَتَّخِذَ هَذَا خَلِيلاً(6).
ص: 109
106وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ (1) عَنِ اَلْعَبْقَرِيِّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : شَبَّ إِسْمَاعِيلُ وَ إِسْحَاقُ فَتَسَابَقَا فَسَبَقَ إِسْمَاعِيلُ فَأَخَذَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَجْلَسَهُ فِي حَجْرِهِ وَ أَجْلَسَ إِسْحَاقَ إِلَى جَنْبِهِ فَغَضِبَتْ سَارَةُ وَ قَالَتْ أَمَا إِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ أَنْ لاَ تُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا فَاعْزِلْهَا عَنِّي فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِإِسْمَاعِيلَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ بِأُمِّهِ هَاجَرَ حَتَّى أَنْزَلَهُمَا مَكَّةَ فَنَفِدَ طَعَامُهُمْ فَأَرَادَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يَنْطَلِقَ فَيَلْتَمِسَ لَهُمْ طَعَاماً فَقَالَتْ هَاجَرُ إِلَى مَنْ تَكِلُنَا فَقَالَ أَكِلُكُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ أَصَابَهُمَا جُوعٌ شَدِيدٌ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ لِهَاجَرَ إِلَى مَنْ وَكَلَكُمَا قَالَتْ وَكَلَنَا إِلَى اَللَّهِ قَالَ وَ لَقَدْ وَكَلَكُمَا إِلَى كَافٍ وَ وَضَعَ جَبْرَئِيلُ يَدَهُ فِي زَمْزَمَ ثُمَّ طَوَاهَا فَإِذَا اَلْمَاءُ قَدْ نَبَعَ فَأَخَذَتْ هَاجَرُ قِرْبَةً مَخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ إِنَّهَا تَبْقَى فَادْعِي اِبْنَكِ فَأَقْبَلَ فَشَرِبُوا وَ عَاشُوا حَتَّى أَتَاهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتْهُ اَلْخَبَرَ فَقَالَ هُوَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (2).
107 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَلسَّعْيِ فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا خَلَّفَ هَاجَرَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ عَطِشَ اَلصَّبِيُّ وَ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ مَاءٌ فَأَتَتْ هَاجَرُ إِلَى اَلصَّفَا فَصَعِدَتْ فَوْقَهَا ثُمَّ نَادَتْ هَلْ بِالْوَادِي مِنْ أَنِيسٍ فَلَمْ يُجِبْهَا أَحَدٌ فَرَجَعَتْ إِلَى اَلْمَرْوَةِ حَتَّى فَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعاً فَأُجْرِيَ بِذَلِكَ سُنَّةٌ (3) قَالَ فَأَتَاهَا جَبْرَئِيلُ وَ هِيَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ فَقَالَتْ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ إِلَى مَنْ تَرَكَكُمَا قَالَتْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ وَكَلَكُمَا إِلَى كَافٍ قَالَ فَحَصَ [فَفَحَصَ ] اَلصَّبِيُّ بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ زَمْزَمُ وَ رَجَعَتْ هَاجَرُ إِلَى اَلصَّبِيِّ فَلَمَّا رَأَتِ اَلْمَاءَ قَدْ نَبَعَ جَمَعَتِ اَلتُّرَابَ حَوْلَهُ وَ لَوْ تَرَكَتْهُ لَكَانَ سَيْحاً قَالَ وَ مَرَّ رَكْبٌ مِنَ اَلْيَمَنِ يُرِيدُ سَفَراً لَهُمْ فَرَأَوُا اَلطَّيْرَ قَدْ حَلَّقَتْ قَالُوا وَ مَا حَلَّقَتْ إِلاَّ عَلَى مَاءٍ وَ قَدْ كَانُوا يَتَجَنَّبُونَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَاءٌ فَأَتَوْهُمْ فَأَطْعَمُوهُمْ وَ سَقَوْهُمْ وَ كَانَ اَلنَّاسُ يَمُرُّونَ بِمَكَّةَ فَيُطْعِمُونَهُمْ
ص: 110
مِنَ اَلطَّعَامِ وَ هُمْ يَسْقُونَهُمْ مِنَ اَلْمَاءِ (1) .
108وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ(2) بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلنُّعْمَانِ عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ اَلْحَضْرَمِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : إِنَّ إِسْمَاعِيلَ دَفَنَ أُمَّهُ فِي اَلْحِجْرِ وَ جَعَلَهُ عَلَيْهَا لِئَلاَّ(3) يُوطَأَ قَبْرُهَا(4).
109وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَنْ عُقْبَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ إِسْمَاعِيلَ لَمَّا تَزَوَّجَ اِمْرَأَةً مِنَ اَلْعَمَالِقَةِ يُقَالُ لَهَا سَامَةُ وَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ اِشْتَاقَ إِلَيْهِ فَرَكِبَ حِمَاراً فَأَخَذَتْ عَلَيْهِ سَارَةُ أَلاَّ يَنْزِلَ حَتَّى يَرْجِعَ قَالَ فَأَتَاهُ وَ قَدْ هَلَكَتْ أُمُّهُ وَ لَمْ يُوَافِقْهُ وَ وَافَقَ اِمْرَأَتَهُ فَقَالَ لَهَا أَيْنَ زَوْجُكِ فَقَالَتْ خَرَجَ يَتَصَيَّدُ فَقَالَ كَيْفَ حَالُكُمْ فَقَالَتْ حَالُنَا وَ عَيْشُنَا شَدِيدٌ قَالَ وَ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ اَلْمَنْزِلَ فَقَالَ إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَقُولِي لَهُ جَاءَ هَاهُنَا شَيْخٌ وَ هُوَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُغَيِّرَ عَتَبَةَ بَابِكَ فَلَمَّا أَقْبَلَ إِسْمَاعِيلُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ صَعِدَ اَلثَّنِيَّةَ وَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ فَأَقْبَلَ إِلَيْهَا وَ قَالَ أَتَاكِ أَحَدٌ قَالَتْ نَعَمْ شَيْخٌ قَدْ سَأَلَنِي عَنْكَ فَقَالَ لَهَا هَلْ أَمَرَكِ بِشَيْ ءٍ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ لِي إِذَا دَخَلَ زَوْجُكِ فَقُولِي لَهُ جَاءَ شَيْخٌ وَ هُوَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُغَيِّرَ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ فَخَلَّى سَبِيلَهَا ثُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَكِبَ إِلَيْهِ اَلثَّانِيَةَ فَأَخَذَتْ عَلَيْهِ سَارَةُ أَنْ لاَ يَنْزِلَ حَتَّى يَرْجِعَ فَلَمْ يُوَافِقْهُ وَ وَافَقَ اِمْرَأَتَهُ فَقَالَ أَيْنَ زَوْجُكِ قَالَتْ خَرَجَ عَافَاكَ اَللَّهُ لِلصَّيْدِ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ فَقَالَتْ صَالِحُونَ قَالَ وَ كَيْفَ حَالُكُمْ قَالَتْ حَسَنَةٌ وَ نَحْنُ بِخَيْرٍ اِنْزِلْ يَرْحَمُكَ اَللَّهُ حَتَّى يَأْتِيَ فَأَبَى وَ لَمْ تَزَلْ بِهِ تُرِيدُهُ عَلَى اَلنُّزُولِ (5) فَأَبَى قَالَتْ أَعْطِنِي
ص: 111
رَأْسَكَ حَتَّى أَغْسِلَهُ فَإِنِّي أَرَاهُ شَعِثاً فَجَعَلَتْ لَهُ غَسُولاً ثُمَّ أَدْنَتْ مِنْهُ اَلْحَجَرَ فَوَضَعَ قَدَمَهُ عَلَيْهِ فَغَسَلَتْ جَانِبَ رَأْسِهِ ثُمَّ قَلَّبَتْ قَدَمَهُ اَلْأُخْرَى فَغَسَلَتِ اَلشِّقَّ اَلْآخَرَ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهَا وَ قَالَ إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَقُولِي جَاءَ هَاهُنَا شَيْخٌ فَهُوَ يُوصِيكَ بِعَتَبَةِ بَابِكَ خَيْراً ثُمَّ إِنَّ إِسْمَاعِيلَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَقْبَلَ فَلَمَّا اِنْتَهَى اَلثَّنِيَّةَ وَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ فَقَالَ لَهَا هَلْ أَتَاكِ أَحَدٌ قَالَتْ نَعَمْ شَيْخٌ وَ هَذَا أَثَرُ قَدَمَيْهِ فَأَكَبَّ عَلَى اَلْمَقَامِ وَ قَبَّلَهُ وَ قَالَ شَكَا إِبْرَاهِيمُ إِلَى اَللَّهِ مَا يَلْقَى مِنْ سُوءِ خُلُقِ سَارَةَ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ مَثَلَ اَلْمَرْأَةِ مَثَلُ اَلضِّلْعِ اَلْأَعْوَجِ إِنْ تَرَكْتَهُ اِسْتَمْتَعْتَ بِهِ وَ إِنْ أَقَمْتَهُ كَسَرْتَهُ وَ قَالَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ تَزَوَّجَ سَارَةَ وَ كَانَتْ مِنْ أَوْلاَدِ اَلْأَنْبِيَاءِ عَلَى أَنْ لاَ يُخَالِفَهَا وَ لاَ يَعْصِيَ لَهَا أَمْراً وَ لاَ تَعْصِيَ لَهُ أَمْراً فِيمَا وَافَقَ اَلْحَقَّ وَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَأْتِي مَكَّةَ مِنَ اَلْحِيرَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ (1).
110وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ اَلْحَجَّاجِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِسْتَأْذَنَ سَارَةَ أَنْ يَزُورَ إِسْمَاعِيلَ بِمَكَّةَ فَأَذِنَتْ لَهُ عَلَى أَنْ لاَ يَبِيتَ عَنْهَا(2) وَ لاَ يَنْزِلَ عَنْ حِمَارِهِ قُلْتُ كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ قَالَ طُوِيَتْ لَهُ اَلْأَرْضُ (3).
111عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ يَحْيَى اَللَّحَّامِ عَنْ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ نَاجَى رَبَّهُ فَقَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ [تُمِيتُ ] ذَا اَلْعِيَالِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِنْ وُلْدِهِ خَلَفاً يَقُومُ بَعْدَهُ فِي عِيَالِهِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا إِبْرَاهِيمُ أَ وَ تُرِيدُ لَهَا خَلَفاً مِنْكَ يَقُومُ مَقَامَكَ مِنْ بَعْدِكَ خَيْراً مِنِّي قَالَ إِبْرَاهِيمُ اَللَّهُمَّ لاَ اَلْآنَ طَابَتْ نَفْسِي(4).
عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْبَرْقِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي
ص: 112
عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ إِسْمَاعِيلَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ تُوُفِّيَ وَ هُوَ اِبْنُ مِائَةٍ وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَ دُفِنَ بِالْحِجْرِ مَعَ أُمِّهِ فَلَمْ يَزَلْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ وُلاَةَ اَلْأَمْرِ يُقِيمُونَ لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ وَ أَمْرَ دِينِهِمْ يَتَوَارَثُونَهَا كَابِراً عَنْ كَابِرٍ حَتَّى كَانَ زَمَنُ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدَ(1).
عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبَانٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَتِ اَلْخَيْلُ اَلْعِرَابَةُ (2) وُحُوشاً بِأَرْضِ اَلْعَرَبِ فَلَمَّا رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ وَ إِسْمَاعِيلُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا اَلْقَوٰاعِدَ مِنَ اَلْبَيْتِ قَالَ إِنِّي أَعْطَيْتُكَ (3) كَنْزاً لَمْ أُعْطِهِ أَحَداً كَانَ قَبْلَكَ فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَ إِسْمَاعِيلُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَعِدَا(4) فَقَالاَ أَلاَ هَلاَ أَلاَ هَلُمَّ فَلَمْ يَبْقَ فِي أَرْضِ اَلْعَرَبِ فَرَسٌ إِلاَّ أَتَاهُ وَ ذُلِّلَ لَهُ فَأَعْطَتْهُ (5) بِنَوَاصِيهَا(6).
عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ (7) عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا قَالَ : كَانَ سَبَبَ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ أَتَاهُ مَلَكُ اَلْمَوْتِ لِيَقْبِضَهُ فَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ فَرَجَعَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَرِهَ اَلْمَوْتَ فَقَالَ دَعْ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَعْبُدَنِي حَتَّى رَأَى إِبْرَاهِيمُ شَيْخاً يَأْكُلُ وَ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا يَأْكُلُ فَكَرِهَ اَلْحَيَاةَ وَ أَحَبَّ اَلْمَوْتَ فَأَتَى دَارَهُ فَإِذَا فِيهَا أَحْسَنُ صُورَةٍ مَا رَآهَا قَطُّ قَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ اَلْمَوْتِ فَقَالَ يَا سُبْحَانَ
ص: 113
اَللَّهِ مَنْ هَذَا اَلَّذِي يَكْرَهُ قُرْبَكَ وَ رُؤْيَتَكَ وَ أَنْتَ بِهَذِهِ اَلصُّورَةِ قَالَ يَا خَلِيلَ اَللَّهِ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً بَعَثَنِي إِلَيْهِ فِي هَذِهِ اَلصُّورَةِ وَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرّاً بَعَثَنِي إِلَيْهِ فِي صُورَةٍ غَيْرِهَا وَ قُبِضَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالشَّامِ (1).
عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ اَلصَّوْلِيُّ (2) عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُوسَى اَلْجَمَّالِ اَلطَّبَرِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَلْخَشَّابُ (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَسِّنٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ (4) قَالَ : قَالَ لِيَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : يَا يُونُسُ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا أَرَادَ اَللَّهُ قَبْضَ رُوحِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَبَطَ إِلَيْهِ مَلَكُ اَلْمَوْتِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ يَا مَلَكَ اَلْمَوْتِ أَ دَاعٍ أَنْتَ أَمْ نَاعٍ قَالَ بَلْ دَاعٍ فَأَجِبْهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ هَلْ رَأَيْتَ خَلِيلاً يُمِيتُ خَلِيلَهُ قَالَ فَرَجَعَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إِلَهِي قَدْ سَمِعْتَ مَا قَالَ خَلِيلُكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ اَللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ يَا مَلَكَ اَلْمَوْتِ اِذْهَبْ إِلَيْهِ وَ قُلْ لَهُ هَلْ رَأَيْتَ حَبِيباً يَكْرَهُ لِقَاءَ حَبِيبِهِ إِنَّ اَلْحَبِيبَ يُحِبُّ لِقَاءَ حَبِيبِهِ وَ تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بِالشَّامِ وَ لَمْ يَعْلَمْ إِسْمَاعِيلُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ فَتَهَيَّأَ لِقَصْدِهِ (5) فَنَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَعَزَّاهُ بِإِبْرَاهِيمَ وَ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ لاَ تَقُلْ فِي مَوْتِ أَبِيكَ مَا يُسْخِطُ اَلرَّبَّ وَ إِنَّمَا كَانَ عَبْداً دَعَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى فَأَجَابَهُ وَ لَمَّا تَرَعْرَعَ إِسْمَاعِيلُ وَ كَبِرَ أَعْطَوْهُ سَبْعَةَ أَعْنُزٍ وَ كَانَ ذَلِكَ أَصْلَ مَالِهِ فَنَشَأَ وَ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَ تَعَلَّمَ اَلرَّمْيَ وَ كَانَ إِسْمَاعِيلُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ تَزَوَّجَ اِمْرَأَةً مِنْ جُرْهُمَ اِسْمُهَا زَعْلَةُ (6) وَ طَلَّقَهَا وَ لَمْ تَلِدْ لَهُ شَيْئاً ثُمَّ تَزَوَّجَ اَلسَّيِّدَةَ بِنْتَ اَلْحَرْثِ بْنِ مُضَاضٍ فَوَلَدَتْ لَهُ وَ كَانَ عُمْرُ إِسْمَاعِيلَ مِائَةً وَ سَبْعاً وَ ثَلاَثِينَ وَ مَاتَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ دُفِنَ فِي اَلْحِجْرِ وَ فِيهِ
ص: 114
قُبُورُ اَلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ فَلْتَكُنْ صَلاَتُهُ عَلَى ذِرَاعَيْنِ مِنْ طَرَفِهِ (1) مِمَّا يَلِي بَابَ اَلْبَيْتِ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ شَبِيرٍ وَ شَبَّرَ اِبْنَيْ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (2).
وَ كَانَ عَلَى عَهْدِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مَارِيَا بْنُ أَوْسٍ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ سِتُّمِائَةِ سَنَةٍ وَ سِتُّونَ سَنَةً وَ كَانَ يَكُونُ فِي غَيْضَةٍ لَهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ خَلِيجٌ مِنْ مَاءٍ غَمْرٍ وَ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى اَلنَّاسِ فِي كُلِّ ثَلاَثِ سِنِينَ فَيُقِيمُ فِي اَلصَّحْرَاءِ فِي مِحْرَابٍ لَهُ يُصَلِّي فِيهِ فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فِيمَا كَانَ يَخْرُجُ فَإِذَا هُوَ بِغَنَمٍ كَانَ عَلَيْهَا اَلدُّهْنُ فَأُعْجِبَ بِهَا وَ فِيهَا شَابٌّ كَأَنَّ وَجْهَهُ شُقَّةُ قَمَرٍ فَقَالَ يَا فَتَى لِمَنْ هَذَا اَلْغَنَمُ قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَلرَّحْمَنِ قَالَ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا اِبْنُهُ إِسْحَاقُ فَقَالَ مَارِيَا فِي نَفْسِهِ اَللَّهُمَّ أَرِنِي عَبْدَكَ وَ خَلِيلَكَ حَتَّى أَرَاهُ قَبْلَ اَلْمَوْتِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ وَ رَفَعَ إِسْحَاقُ اِبْنُهُ خَبَرَهُ إِلَى أَبِيهِ فَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ وَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَتَعَاهَدُ ذَلِكَ اَلْمَكَانَ اَلَّذِي هُوَ فِيهِ وَ يُصَلِّي فِيهِ فَسَأَلَهُ إِبْرَاهِيمُ عَنِ اِسْمِهِ وَ مَا أَتَى عَلَيْهِ مِنَ اَلسِّنِينَ فَخَبَّرَهُ فَقَالَ أَيْنَ تَسْكُنُ فَقَالَ فِي غَيْضَةٍ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ آتِيَ مَوْضِعَكَ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ وَ كَيْفَ عَيْشُكَ فِيهَا قَالَ إِنِّي أُيَبِّسُ مِنَ اَلثِّمَارِ اَلرَّطْبِ مَا يَكْفِينِي إِلَى قَابِلٍ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَصِلَ إِلَى ذَلِكَ اَلْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ خَلِيجٌ وَ مَاءٌ غَمْرٌ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ فَمَا لَكَ فِيهِ مَعْبَرٌ قَالَ لاَ قَالَ فَكَيْفَ تَعْبُرُ قَالَ أَمْشِي عَلَى اَلْمَاءِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَعَلَّ اَللَّهَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَكَ اَلْمَاءَ يُسَخِّرُهُ لِي قَالَ فَانْطَلِقْ وَ بَدَأَ مَارِيَا فَوَضَعَ رِجْلَهُ فِي اَلْمَاءِ وَ قَالَ بِسْمِ اَللَّهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِسْمِ اَللَّهِ فَالْتَفَتَ مَارِيَا وَ إِذَا إِبْرَاهِيمُ يَمْشِي كَمَا يَمْشِي هُوَ فَتَعَجَّبَ مِنْ ذَلِكَ فَدَخَلَ اَلْغَيْضَةَ فَأَقَامَ مَعَهُ إِبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ يُعْلِمُهُ مَنْ هُوَ ثُمَّ قَالَ لَهُ يَا مَارِيَا مَا أَحْسَنَ مَوْضِعَكَ هَلْ لَكَ أَنْ تَدْعُوَ اَللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَنَا فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ فَقَالَ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ قَالَ وَ لِمَ قَالَ لِأَنِّي دَعْوَتُهُ بِدَعْوَةٍ مُنْذُ ثَلاَثِ سِنِينَ فَلَمْ يُجِبْنِي فِيهَا قَالَ
ص: 115
وَ مَا اَلَّذِي دَعْوَتَهُ بِهِ (1) فَقَصَّ عَلَيْهِ خَبَرَ اَلْغَنَمِ وَ إِسْحَاقَ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَإِنَّ اَللَّهَ قَدِ اِسْتَجَابَ مِنْكَ أَنَا إِبْرَاهِيمُ فَقَامَ وَ عَانَقَهُ فَكَانَتْ أَوَّلَ مُعَانَقَةٍ (2).
ص: 116
أَخْبَرَنَا اَلْأُسْتَادُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْمَرْزُبَانِ عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرٍ اَلدُّورْيَسْتِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَأَلَ جَبْرَئِيلَ كَيْفَ كَانَ مَهْلِكُ قَوْمِ لُوطٍ فَقَالَ إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ لاَ يَتَنَظَّفُونَ عَنِ اَلْغَائِطِ وَ لاَ يَتَطَهَّرُونَ مِنَ اَلْجَنَابَةِ بُخَلاَءَ أَشِحَّاءَ عَلَى اَلطَّعَامِ وَ إِنَّ لُوطاً لَبِثَ فِيهِمْ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَ إِنَّمَا كَانَ نَازِلاً فِيهِمْ وَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ وَ لاَ عَشِيرَةٌ لَهُ فِيهِمْ وَ لاَ قَوْمٌ وَ إِنَّهُ دَعَاهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ إِلَى اَلْإِيمَانِ بِهِ وَ اِتِّبَاعِهِ وَ نَهَاهُمْ عَنِ اَلْفَوَاحِشِ وَ حَثَّهُمْ عَلَى طَاعَةِ اَللَّهِ فَلَمْ يُجِيبُوهُ وَ لَمْ يُطِيعُوهُ وَ إِنَّ اَللَّهَ لَمَّا أَرَادَ عَذَابَهُمْ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رُسُلاً عُذْراً أَوْ نُذْراً فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ أَمْرِهِ بَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِمْ مَلاَئِكَةً لِيُخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ قَالُوا أَسْرِ يَا لُوطُ بِأَهْلِكَ فَلَمَّا اِنْتَصَفَ اَللَّيْلُ سَارَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِبَنَاتِهِ وَ تَوَلَّتِ اِمْرَأَتُهُ مُدْبِرَةً فَانْطَلَقَتْ إِلَى قَوْمِهَا تَسْعَى بِلُوطٍ وَ تُخْبِرُهُمْ أَنَّ لُوطاً سَارَ بِبَنَاتِهِ وَ إِنِّي نُودِيتُ مِنْ تِلْقَاءِ اَلْعَرْشِ لَمَّا طَلَعَ اَلْفَجْرُ يَا جَبْرَئِيلُ حَقَّ اَلْقَوْلُ مِنَ اَللَّهِ بِحَتْمِ عَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ اَلْيَوْمَ فَاهْبِطْ إِلَى قَرْيَةِ لُوطٍ وَ مَا حَوَتْ فَاقْلِبْهَا مِنْ تَحْتِ سَبْعِ أَرَضِينَ ثُمَّ اُعْرُجْ بِهَا إِلَى
ص: 117
اَلسَّمَاءِ وَ أَوْقِفْهَا حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرُ اَلْجَبَّارِ فِي قَلْبِهَا وَ دَعْ مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً مَنْزِلَ لُوطٍ عِبْرَةً لِلسَّيَّارَةِ فَهَبَطْتُ عَلَى أَهْلِ اَلْقَرْيَةِ فَقَلَعْتُ ذَلِكَ حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ اَلسَّمَاءِ بريا [زُقَاءَ ] دُيُوكِهَا(1) فَلَمَّا طَلَعَتِ اَلشَّمْسُ نُودِيتُ اِقْلِبِ اَلْقَرْيَةَ فَقَلَبْتُهَا عَلَيْهِمْ حَتَّى صَارَ أَسْفَلُهَا أَعْلاَهَا فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا جَبْرَئِيلُ وَ أَيْنَ كَانَتْ قَرْيَتُهُمْ قَالَ فِي مَوْضِعِ بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ اَلْيَوْمَ وَ هِيَ فِي نَوَاحِي اَلشَّامِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حِينَ قَلَبْتَهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ وَقَعَتْ قَالَ وَقَعَتْ فِيمَا بَيْنَ بَحْرِ اَلشَّامِ إِلَى مِصْرَ فَصَارَتْ تُلُولاً فِي اَلْبَحْرِ(2).
عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَخْبِرْنِي عَنْ عَاقِبَةِ اَلْبُخْلِ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَتَعَوَّذُ مِنَ اَلْبُخْلِ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ اَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولٰئِكَ هُمُ اَلْمُفْلِحُونَ (3) وَ سَأُخْبِرُكَ عَنْ عَاقِبَةِ اَلْبُخْلِ إِنَّ قَوْمَ لُوطٍ كَانُوا أَهْلَ قَرْيَةٍ أَشِحَّاءَ عَلَى اَلطَّعَامِ وَ أَعْقَبَهُمُ اَلْبُخْلُ دَاءً لاَ دَوَاءَ لَهُ فِي فُرُوجِهِمْ قُلْتُ مَا أَعْقَبَهُمْ قَالَ إِنَّ قَرْيَةَ قَوْمِ لُوطٍ كَانَتْ عَلَى طَرِيقِ اَلسَّيَّارَةِ إِلَى اَلشَّامِ وَ مِصْرَ فَكَانَتِ اَلسَّيَّارَةُ تَنْزِلُ بِهِمْ فَيُضِيفُونَهُمْ فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ضَاقُوا بِذَلِكَ ذَرْعاً فَدَعَاهُمُ اَلْبُخْلُ إِلَى أَنْ كَانُوا إِذَا نَزَلَ بِهِمُ اَلضَّيْفُ فَضَحُوهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ بِهِمْ إِلَى ذَلِكَ حَتَّى صَارُوا يَطْلُبُونَهُ مِنَ اَلرِّجَالِ وَ يُعْطُونَ عَلَيْهِ اَلنُّحْلَ (4) وَ إِنَّ لُوطاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَبِثَ مَعَ قَوْمِهِ ثَلاَثِينَ سَنَةً يَدْعُوهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ يُحَذِّرُهُمْ عِقَابَهُ
ص: 118
وَ كَانَتِ اِمْرَأَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَارَةُ أُخْتَ لُوطٍ وَ كَانَ لُوطٌ رَجُلاً شَيْخاً كَرِيماً يَقْرِي اَلضَّيْفَ إِذَا نَزَلَ بِهِ وَ يُحَذِّرُهُ قَوْمُهُ فَقَالَ قَوْمُهُ إِنَّا نَنْهَاكَ عَنِ اَلضَّيْفِ وَ قِرَائِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ أَخْزَيْنَاكَ فِيهِ فَكَانَ لُوطٌ إِذَا نَزَلَ بِهِ اَلضَّيْفُ كَتَمَ أَمْرَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَفْضَحَهُ قَوْمُهُ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِلُوطٍ عَشِيرَةٌ وَ لَمْ يَزَلْ لُوطٌ وَ إِبْرَاهِيمُ يَتَوَقَّعَانِ نُزُولَ اَلْعَذَابِ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ وَ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ وَ لُوطٍ مَنْزِلَةٌ عِنْدَ اَللَّهِ شَرِيفَةٌ وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ عَذَابَ قَوْمِ لُوطٍ أَدْرَكَهُ خُلَّةُ إِبْرَاهِيمَ وَ مَحَبَّةُ لُوطٍ فَبِرَأْفَتِهِمْ يُؤَخِّرُ عَذَابَهُمْ أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يُعَوَّضَ إِبْرَاهِيمَ مِنْ عَذَابِ قَوْمِ لُوطٍ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ فَيُسَلِّيَ بِهِ مُصَابَهُ بِهَلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ فَبَعَثَ اَللَّهُ رُسُلاً إِلَى إِبْرَاهِيمَ يُبَشِّرُونَهُ بِإِسْمَاعِيلَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ لَيْلاً فَفَزِعَ وَ خَافَ أَنْ يَكُونُوا سُرَّاقاً فَلَمَّا رَأَوْهُ فَزِعاً قَالُوا إِنّٰا نُبَشِّرُكَ بِغُلاٰمٍ عَلِيمٍ (1) ثُمَّ قَالُوا إِنّٰا أُرْسِلْنٰا إِلىٰ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (2)قَوْمِ لُوطٍ فَلَمَّا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلثَّامِنُ مَعَ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ قَدَّمَ اَللَّهُ رُسُلاً إِلَى إِبْرَاهِيمَ يُبَشِّرُونَهُ بِإِسْحَاقَ وَ يُعَزُّونَهُ بِهَلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ (3) .
عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عُمَرَ اَلْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَ تَأْتُونَ اَلْفٰاحِشَةَ (4) فَقَالَ إِنَّ إِبْلِيسَ أَتَاهُمْ فِي صُورَةِ شَابٍّ حَسَنٍ فِيهِ تَأْنِيثٌ وَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ فَلَجَأَ إِلَى شَبَابٍ مِنْهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقَعُوا بِهِ فَفَعَلُوا وَ لَوْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ لَأَبَوْا عَلَيْهِ فَالْتَذُّوا ذَلِكَ ثُمَّ ذَهَبَ وَ تَرَكَهُمْ فَأَحَالَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (5).
ص: 119
وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا جَاءَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ فِي هَلاَكِ قَوْمِ لُوطٍ مَضَوْا حَتَّى أَتَوْا لُوطاً وَ هُوَ فِي زِرَاعَةٍ لَهُ قُرْبَ اَلْمَدِينَةِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُمْ رَأَى هَيْئَةً حَسَنَةً وَ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ بِيضٌ وَ عَمَائِمُ بِيضٌ فَقَالَ لَهُمُ اَلْمَنْزِلَ قَالُوا نَعَمْ فَتَقَدَّمَهُمْ وَ مَشَوْا خَلْفَهُ فَنَدِمَ عَلَى عَرْضِهِ عَلَيْهِمُ اَلْمَنْزِلَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ وَ كَانَ جَبْرَئِيلُ قَالَ اَللَّهُ لَهُ لاَ تُعَذِّبْهُمْ حَتَّى تُشْهِدَ عَلَيْهِمْ ثَلاَثَ شَهَادَاتٍ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ هَذِهِ وَاحِدَةٌ ثُمَّ مَشَى سَاعَةً فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ فَقَالَ هَذِهِ ثِنْتَانِ ثُمَّ مَشَى فَلَمَّا بَلَغَ اَلْمَدِينَةَ اِلْتَفَتَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ تَأْتُونَ شِرَاراً مِنْ خَلْقِ اَللَّهِ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ هَذِهِ ثَلاَثٌ ثُمَّ دَخَلَ وَ دَخَلُوا مَعَهُ مَنْزِلَهُ فَلَمَّا أَبْصَرَتْ (1) بِهِمُ اِمْرَأَتُهُ أَبْصَرَتْ هَيْئَةً حَسَنَةً فَصَعِدَتْ فَوْقَ اَلسَّطْحِ فَصَفَقَتْ فَلَمْ يَسْمَعُوا فَدَخَّنَتْ فَلَمَّا رَأَوُا اَلدُّخَانَ أَقْبَلُوا يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ حَتَّى وَقَفُوا بِالْبَابِ فَقَالَ لُوطٌ فَاتَّقُوا اَللّٰهَ وَ لاٰ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي(2) ثُمَّ كَابَرُوهُ حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ فَصَاحَ جَبْرَئِيلُ يَا لُوطُ دَعْهُمْ يَدْخُلُوا قَالَ فَدَخَلُوا فَأَهْوَى جَبْرَئِيلُ إِصْبَعَيْهِ (3) وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَطَمَسْنٰا أَعْيُنَهُمْ (4) ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ إِنّٰا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ (5).
أَخْبَرَنَا اَلْأَدِيبُ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنُ اَلْمُؤَدِّبُ اَلْقُمِّيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ اَلدُّورْيَسْتِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلنُّعْمَانِ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ
ص: 120
أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ ذَا اَلْقَرْنَيْنِ لَمْ يَكُنْ نَبِيّاً وَ لَكِنَّهُ كَانَ عَبْداً صَالِحاً أَحَبَّ اَللَّهَ فَأَحَبَّهُ اَللَّهُ وَ نَاصَحَ اَللَّهَ (1) فَنَاصَحَهُ اَللَّهُ أَمَرَ قَوْمَهُ بِتَقْوَى اَللَّهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ فَغَابَ عَنْهُمْ زَمَاناً ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ اَلْآخَرِ وَ فِيكُمْ مَنْ هُوَ عَلَى سُنَّتِهِ وَ إِنَّهُ خُيِّرَ اَلسَّحَابَ اَلصَّعْبَ وَ اَلسَّحَابَ اَلذَّلُولَ فَاخْتَارَ اَلذَّلُولَ فَرَكِبَ اَلذَّلُولَ وَ كَانَ إِذَا اِنْتَهَى إِلَى قَوْمٍ كَانَ رَسُولَ نَفْسِهِ إِلَيْهِمْ لِكَيْلاَ يُكَذَّبَ اَلرُّسُلُ (2).
وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ عَنِ اَلصَّفَّارِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ خَلاَّنَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبِ بْنِ حَبِيبٍ (3) قَالَ : أَتَى رَجُلٌ عَلِيّاً صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنِي عَنْ ذِي اَلْقَرْنَيْنِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سُخِّرَتْ لَهُ اَلسَّحَابُ وَ قَرُبَتْ لَهُ اَلْأَسْبَابُ وَ بُسِطَ لَهُ فِي اَلنُّورِ فَقَالَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ كَمَا يُبْصِرُ بِالنَّهَارِ (4) .
123وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ اَلْمُثَنَّى عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ ذَا اَلْقَرْنَيْنِ كَانَ عَبْداً صَالِحاً لَمْ يَكُنْ لَهُ قَرْنٌ مِنْ ذَهَبٍ وَ لاَ مِنْ فِضَّةٍ بَعَثَهُ اَللَّهُ فِي قَوْمِهِ فَضَرَبُوهُ عَلَى قَرْنِهِ اَلْأَيْمَنِ وَ فِيكُمْ مِثْلُهُ (5) قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَ كَانَ قَدْ وُصِفَ لَهُ عَيْنُ اَلْحَيَاةِ وَ قِيلَ لَهُ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا شَرْبَةً لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَسْمَعَ اَلصَّيْحَةَ وَ إِنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى أَتَى مَوْضِعاً كَانَ فِيهِ ثَمَانِيَةٌ وَ سِتُّونَ عَيْناً وَ كَانَ اَلْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ (6) وَ كَانَ مِنْ آثَرِ أَصْحَابِهِ عِنْدَهُ فَدَعَاهُ وَ أَعْطَاهُ وَ أَعْطَى قَوْماً مِنْ أَصْحَابِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (7)
ص: 121
حُوتاً مَمْلُوحاً ثُمَّ قَالَ اِنْطَلِقُوا إِلَى هَذِهِ اَلْمَوَاضِعِ فَلْيَغْسِلْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ حُوتَهُ وَ إِنَّ اَلْخَضِرَ اِنْتَهَى إِلَى عَيْنٍ مِنْ تِلْكَ اَلْعُيُونِ فَلَمَّا غَمَسَ اَلْحُوتَ وَ وَجَدَ رِيحَ اَلْمَاءِ حَيِيَ وَ اِنْسَابَ فِي اَلْمَاءِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ اَلْخَضِرُ رَمَى بِثِيَابِهِ (1) وَ سَقَطَ فِي اَلْمَاءِ فَجَعَلَ يَرْتَمِسُ فِي اَلْمَاءِ وَ يَشْرَبُ رَجَاءَ أَنْ يُصِيبَهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجَعَ وَ رَجَعَ أَصْحَابُهُ فَأَمَرَ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ بِقَبْضِ اَلسَّمَكِ فَقَالَ اُنْظُرُوا فَقَدْ تَخَلَّفَتْ سَمَكَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالُوا اَلْخَضِرُ صَاحِبُهَا فَدَعَاهُ فَقَالَ مَا فَعَلْتَ بِسَمَكَتِكَ فَأَخْبَرَهُ اَلْخَبَرَ فَقَالَ مَا ذَا صَنَعْتَ قَالَ سَقَطْتُ فِيهَا أَغُوصُ وَ أَطْلُبُهَا فَلَمْ أَجِدْهَا قَالَ فَشَرِبْتَ مِنَ اَلْمَاءِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَطَلَبَ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ اَلْعَيْنَ فَلَمْ يَجِدْهَا فَقَالَ الخضر [لِلْخَضِرِ] أَنْتَ صَاحِبُهَا وَ أَنْتَ اَلَّذِي خُلِقْتَ لِهَذِهِ اَلْعَيْنِ وَ كَانَ اِسْمُ ذِي اَلْقَرْنَيْنِ عَيَّاشاً وَ كَانَ أَوَّلَ اَلْمُلُوكِ بَعْدَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَلَكَ مَا بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ (2).
124وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : حَجَّ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ فِي سِتِّمِائَةِ أَلْفِ فَارِسٍ فَلَمَّا دَخَلَ اَلْحَرَمَ شَيَّعَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ إِلَى اَلْبَيْتِ فَلَمَّا اِنْصَرَفَ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً مَا رَأَيْتُ أَكْثَرَ نُوراً وَ وَجْهاً مِنْهُ قَالُوا ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اَلرَّحْمَنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ أَسْرِجُوا(3) فَأَسْرَجُوا سِتَّمِائَةِ دَابَّةٍ فِي مِقْدَارِ مَا يُسْرَجُ دَابَّةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ ثُمَّ قَالَ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ لاَ بَلْ نَمْشِي إِلَى خَلِيلِ اَلرَّحْمَنِ فَمَشَى وَ مَشَى مَعَهُ بَعْدَهُ أَصْحَابُهُ اَلنُّقَبَاءُ (4) قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَ قَطَعْتَ اَلدَّهْرَ قَالَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً وَ هِيَ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ بَاقٍ لاَ يَفْنَى سُبْحَانَ مَنْ هُوَ عَالِمٌ لاَ يَنْسَى سُبْحَانَ مَنْ هُوَ حَافِظٌ لاَ يَسْقُطُ سُبْحَانَ
ص: 122
مَنْ هُوَ بَصِيرٌ لاَ يَرْتَابُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ قَيُّومٌ لاَ يَنَامُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ مَلِكٌ لاَ يُرَامُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ عَزِيزٌ لاَ يُضَامُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ مُحْتَجِبٌ لاَ يُرَى سُبْحَانَ مَنْ هُوَ وَاسِعٌ لاَ يَتَكَلَّفُ سُبْحَانَ مَنْ هُوَ قَائِمٌ لاَ يَلْهُو سُبْحَانَ مَنْ هُوَ دَائِمٌ لاَ يَسْهُو (1)في البحار: قال ذاك السّدّ.(2) .
125 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيُّ عَنْ شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ اَلتَّفْلِيسِيِّ عَنْ أَسْوَدَ بْنِ رَزِينٍ اَلْقَاضِي قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى أَبِي اَلْحَسَنِ اَلْأَوَّلِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ لَمْ يَكُنْ رَآنِي قَطُّ فَقَالَ مِنْ أَهْلِ اَلسَّدِّ أَنْتَ فَقُلْتُ مِنْ أَهْلِ اَلْبَابِ فَقَالَ اَلثَّانِيَةَ مِنْ أَهْلِ اَلسَّدِّ أَنْتَ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ اَلْبَابِ قَالَ مِنْ أَهْلِ اَلسَّدِّ قُلْتُ نَعَمْ ذَاكَ اَلسَّدُّ(2) اَلَّذِي عَمِلَهُ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ (3) .
126وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَ كَانَ رَجُلاً قَرَأَ اَلْكُتُبَ : أَنَّ ذَا اَلْقَرْنَيْنِ كَانَ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ اَلْإِسْكَنْدَرِيَّةِ وَ أُمُّهُ عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ لَيْسَ لَهَا وَلَدٌ غَيْرُهُ يُقَالُ لَهُ إِسْكَنْدَرُوسُ وَ كَانَ لَهُ أَدَبٌ وَ خُلُقٌ وَ عِفَّةٌ مِنْ وَقْتِ صِبَاهُ إِلَى أَنْ بَلَغَ رَجُلاً وَ كَانَ رَأَى فِي اَلْمَنَامِ أَنَّهُ دَنَا مِنَ اَلشَّمْسِ فَأَخَذَ بِقَرْنِهَا فِي شَرْقِهَا وَ غَرْبِهَا فَلَمَّا قَصَّ رُؤْيَاهُ عَلَى قَوْمِهِ سَمَّوْهُ ذَا اَلْقَرْنَيْنِ فَلَمَّا رَأَى هَذِهِ اَلرُّؤْيَةَ بَعُدَتْ هِمَّتُهُ وَ عَلاَ صَوْتُهُ وَ عَزَّ فِي قَوْمِهِ فَكَانَ أَوَّلَ مَا اِجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ أَنْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ثُمَّ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ فَأَسْلَمُوا هَيْبَةً لَهُ وَ اِنْطَلَقَ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ حَتَّى أَمْعَنَ فِي اَلْبِلاَدِ يَؤُمُّ اَلْمَغْرِبَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى اَلْجَبَلِ اَلَّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِالْأَرْضِ فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ قَابِضٍ عَلَى اَلْجَبَلِ وَ هُوَ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ أَوَّلِ اَلدُّنْيَا إِلَى آخِرِهَا سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ مَوْضِعِ كَفِّي إِلَى عَرْشِ رَبِّي سُبْحَانَ رَبِّي مِنْ مُنْتَهَى اَلظَّلَمَةِ إِلَى اَلنُّورِ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ خَرَّ سَاجِداً فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ لَهُ اَلْمَلَكُ كَيْفَ قَوِيتَ يَا اِبْنَ آدَمَ عَلَى مَبْلَغِ هَذَا اَلْمَوْضِعِ وَ لَمْ يَبْلُغْهُ أَحَدٌ مِنْ وُلْدِ آدَمَ قَبْلَكَ قَالَ قَوَّانِيَ اَللَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ اَلْمَلَكُ إِنِّي مُوَكَّلٌ بِهَذَا اَلْجَبَلِ وَ لَوْ لاَ هَذَا اَلْجَبَلُ لاَنْكَفَأَتِ اَلْأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَأْسُ هَذَا اَلْجَبَلِ مُلْتَصِقٌ بِسَمَاءِ اَلدُّنْيَا وَ أَسْفَلُهُ فِي اَلْأَرْضِ اَلسَّابِعَةِ اَلسُّفْلَى وَ هُوَ مُحِيطٌ بِهَا
ص: 123
كَالْحَلْقَةِ وَ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ مَدِينَةٌ إِلاَّ وَ لَهَا عِرْقٌ إِلَى هَذَا اَلْجَبَلِ فَإِذَا أَرَادَ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُزَلْزِلَ مَدِينَةً أَوْحَى إِلَيَّ فَحَرَّكْتُ اَلْعِرْقَ اَلَّذِي إِلَيْهَا فَلَمَّا أَرَادَ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ اَلرُّجُوعَ قَالَ لِلْمَلَكِ أَوْصِنِي قَالَ لاَ يَهُمَّنَّكَ رِزْقُ غَدٍ وَ لاَ تُؤَخِّرْ عَمَلَ اَلْيَوْمِ لِغَدٍ وَ لاَ تَحْزَنْ عَلَى مَا فَاتَكَ وَ عَلَيْكَ بِالرِّفْقِ وَ لاَ تَكُنْ جَبَّاراً مُتَكَبِّراً ثُمَّ إِنَّ ذَا اَلْقَرْنَيْنِ عَطَفَ عَلَى أَصْحَابِهِ ثُمَّ عَطَفَ بِهِمْ نَحْوَ اَلْمَشْرِقِ يَسْتَقْرِي مَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ مِنَ اَلْأُمَمِ فَيَفْعَلُ بِهِمْ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِأُمَمِ اَلْمَغْرِبِ مِنَ اَلْعَدْلِ فَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ إِذْ وَقَعَ عَلَى اَلْأُمَّةِ اَلْمُحَاكِمَةِ [اَلْعَالِمَةِ ] مِنْ قَوْمِ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلَّذِينَ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فَوَجَدَ أُمَّةً عَادِلَةً فَقَالَ لَهُمْ أَخْبِرُونِي أَنِّي دُرْتُ اَلدُّنْيَا فَلَمْ أَرَ مِثْلَكُمْ مَا بَالُ قُبُورِ مَوْتَاكُمْ عَلَى أَبْوَابِ بُيُوتِكُمْ قَالُوا لِئَلاَّ نَنْسَى اَلْمَوْتَ وَ لاَ يَخْرُجَ ذِكْرُهُ مِنْ قُلُوبِنَا قَالَ فَمَا بَالُ بُيُوتِكُمْ لَيْسَ عَلَيْهَا أَبْوَابٌ قَالُوا لَيْسَ فِينَا مُتَّهَمٌ وَ لاَ ظَنِينٌ وَ لاَ لِصُّ وَ لَيْسَ فِينَا إِلاَّ أَمِينٌ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ قَالُوا لاَ نَتَظَالَمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ بَيْنَكُمْ حُكَّامٌ قَالُوا لاَ نَخْتَصِمُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ مِنْكُمْ مُلُوكٌ قَالُوا لاَ نَتَكَاثَرُ(1) قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ أَشْرَافٌ قَالُوا لاَ نَتَنَافَسُ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لاَ تَتَفَاضَلُونَ وَ لاَ تَتَفَاوَتُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا مُتَوَاسُونَ وَ مُتَرَاحِمُونَ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لاَ تَتَنَازَعُونَ وَ لاَ تَغْتَالُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أُلْفَةِ قُلُوبِنَا وَ إِصْلاَحِ ذَاتِ اَلْبَيْنِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لاَ تَسُبُّونَ وَ لاَ تَقْتُلُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا غَلَبْنَا طَبَائِعَنَا بِالْعَزْمِ وَ سُسْنَا أَنْفُسَنَا(2) بِالْحِلْمِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ كَلِمَتُكُمْ وَاحِدَةٌ وَ طَرِيقَتُكُمْ مُسْتَقِيمَةٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لاَ نَتَكَاذَبُ
ص: 124
وَ لاَ نَتَخَادَعُ وَ لاَ يَغْتَابُ بَعْضُنَا بَعْضاً قَالَ فَأَخْبِرُونِي لِمَ لَيْسَ فِيكُمْ مِسْكِينٌ وَ لاَ فَقِيرٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَقْتَسِمُ (1) بِالسَّوِيَّةِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لَيْسَ فِيكُمْ فَظٌّ وَ لاَ غَلِيظٌ قَالُوا مِنْ قِبَلِ اَلذُّلِّ وَ اَلتَّوَاضُعِ قَالَ فَلِمَ جَعَلَكُمُ اَللَّهُ أَطْوَلَ اَلنَّاسِ أَعْمَاراً قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَتَعَاطَى بِالْحَقِّ وَ نَحْكُمُ بِالْعَدْلِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لاَ تُقْحَطُونَ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لاَ نَغْفَلُ عَنِ اَلاِسْتِغْفَارِ قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لاَ تَحْرَدُونَ (2) قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا وَطَّنَّا أَنْفُسَنَا عَلَى اَلْبَلاَءِ وَ حَرَصْنَا عَلَيْهِ فَعَزَّيْنَا(3) أَنْفُسَنَا قَالَ فَمَا بَالُكُمْ لاَ تُصِيبُكُمُ اَلْآفَاتُ قَالُوا مِنْ قِبَلِ أَنَّا لاَ نَتَوَكَّلُ عَلَى غَيْرِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ لاَ نَسْتَمْطِرُ بِالْأَنْوَاءِ وَ اَلنُّجُومِ قَالَ فَحَدِّثُونِي أَ هَكَذَا وَجَدْتُمْ آبَاءَكُمْ يَفْعَلُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا يَرْحَمُونَ مِسْكِينَهُمْ وَ يُوَاسُونَ فَقِيرَهُمْ وَ يَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ وَ يُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ سَبَّهُمْ وَ يَصِلُونَ أَرْحَامَهُمْ وَ يُؤَدُّونَ أَمَانَتَهُمْ وَ يَصْدُقُونَ وَ لاَ يَكْذِبُونَ فَأَصْلَحَ اَللَّهُ بِذَلِكَ أَمْرَهُمْ فَأَقَامَ عِنْدَهُمْ ذُو اَلْقَرْنَيْنِ حَتَّى قُبِضَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ عُمُرٌ وَ كَانَ قَدْ بَلَغَ اَلسِّنَّ وَ أَدْرَكَ اَلْكِبَرَ وَ كَانَ عِدَّةُ مَا سَارَ فِي اَلْبِلاَدِ إِلَى يَوْمَ قَبَضَهُ اَللَّهُ تَعَالَى خَمْسَمِائَةِ عَامٍ (4).
ص: 125
أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو سَعْدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْآرَابَادِيُّ (1) وَ اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْقَاسِمِ اَلْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْحَدِيقِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلْفَجْرَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَنَهَضَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ أَنَا مَعَهُ فَدَعَا مَوْلاَةً لَهُ فَقَالَ لاَ يَقِفِ اَلْيَوْمَ عَلَى بَابِي سَائِلٌ إِلاَّ أَطْعَمْتُمُوهُ فَإِنَّ اَلْيَوْمَ يَوْمُ اَلْجُمُعَةِ قُلْتُ لَيْسَ كُلُّ سَائِلٍ مُحِقٌّ .
فَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَنْ يَسْأَلُنَا مُحِقّاً فَلاَ نُطْعِمَهُ وَ نَرُدَّهُ فَيَنْزِلَ بِنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ مَا نَزَلَ بِيَعْقُوبَ وَ آلِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ أَطْعِمُوهُمْ إِنَّ يَعْقُوبَ كَانَ يَذْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ كَبْشاً فَيَتَصَدَّقُ مِنْهُ وَ يَأْكُلُ هُوَ وَ عِيَالُهُ مِنْهُ وَ إِنَّ سَائِلاً مُؤْمِناً صَوَّاماً قَوَّاماً مُحِقّاً لَهُ عِنْدَ اَللَّهِ مَنْزِلَةٌ كَانَ مُجْتَازاً غَرِيباً اِعْتَرَّ بِبَابِ يَعْقُوبَ عَشِيَّةَ اَلْجُمُعَةِ عِنْدَ أَوَانِ إِفْطَارِهِ فَهَتَفَ عَلَى بَابِهِ أَطْعِمُوا اَلسَّائِلَ اَلْغَرِيبَ اَلْجَائِعَ مِنْ فَضْلِ طَعَامِكُمْ فَلَمَّا يَئِسَ شَكَا جُوعَهُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ بَاتَ خَاوِياً وَ أَصْبَحَ صَائِماً وَ بَاتَ يَعْقُوبُ وَ آلُهُ شِبَاعاً بِطَاناً وَ أَصْبَحُوا عِنْدَهُمْ فَضْلَةٌ مِنْ طَعَامٍ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى يَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اِسْتَوْجَبْتَ بَلْوَايَ أَ وَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ اَلْبَلْوَى إِلَى أَوْلِيَائِي أَسْرَعُ مِنْهَا إِلَى أَعْدَائِي وَ ذَلِكَ حُسْنُ نَظَرٍ مِنِّي لِأَوْلِيَائِي اِسْتَعِدُّوا لِبَلاَئِي
ص: 126
فَقُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مَتَى رَأَى اَلرُّؤْيَا قَالَ فِي تِلْكَ اَللَّيْلَةِ اَلَّتِي بَاتَ فِيهَا يَعْقُوبُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ شِبَاعاً وَ بَاتَ فِيهَا ذَلِكَ اَلْغَرِيبُ جَائِعاً فَلَمَّا قَصَّهَا عَلَى أَبِيهِ اِغْتَمَّ يَعْقُوبُ لِمَا سَمِعَ مِنْ يُوسُفَ مَعَ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَنِ اِسْتَعِدَّ لِلْبَلاَءِ وَ كَانَ أَوَّلُ بَلْوَى نَزَلَتْ بِآلِ يَعْقُوبَ اَلْحَسَدَ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا رَأَى إِخْوَةُ يُوسُفَ كَرَامَةَ أَبِيهِ إِيَّاهُ اِشْتَدَّ عَلَيْهِمْ فَتَآمَرُوا حَتَّى قَالُوا أَرْسِلْهُ مَعَنٰا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ (1) فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ أَتَوْا بِهِ غَيْضَةَ أَشْجَارِ فَقَالُوا نَذْبَحُهُ وَ نُلْقِيهِ تَحْتَ شَجَرَةٍ يَأْكُلُهُ اَلذِّئْبُ فَقَالَ كَبِيرُهُمْ لاَ تَقْتُلُوهُ وَ لَكِنْ أَلْقُوهُ فِي غَيٰابَتِ اَلْجُبِّ فَأَلْقَوْهُ فِيهِ وَ هُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ يَغْرَقُ فِيهِ فَلَمَّا أَمْسَوْا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ عِشٰاءً يَبْكُونَ قٰالُوا يٰا أَبٰانٰا إِنّٰا ذَهَبْنٰا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنٰا يُوسُفَ عِنْدَ مَتٰاعِنٰا فَأَكَلَهُ اَلذِّئْبُ (2) فَاسْتَرْجَعَ وَ عَبِرَ فَصَبَرَ وَ أَذْعَنَ لِلْبَلْوَى وَ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ (3) مَا كَانَ اَللَّهُ لِيُطْعِمَ لَحْمَ يُوسُفَ اَلذِّئْبَ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ ثُمَّ اِنْقَطَعَ حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ و غَدَوْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ إِنَّكَ حَدَّثْتَ أَمْسِ بِحَدِيثِ يَعْقُوبَ فَمَا كَانَ مِنْ قِصَّةِ إِخْوَةِ يُوسُفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّهُمْ لَمَّا أَصْبَحُوا قَالُوا اِنْطَلِقُوا بِنَا حَتَّى نَنْظُرَ مَا حَالُ يُوسُفَ أَ مَاتَ أَمْ هُوَ حَيٌّ فَلَمَّا اِنْتَهَوْا إِلَى اَلْجُبِّ وَجَدُوا سَيَّارَةً وَ قَدْ أَرْسَلُوا وٰارِدَهُمْ فَأَدْلىٰ دَلْوَهُ فَلَمَّا جَذَبَ اَلدَّلْوَ إِذَا هُوَ بِغُلاَمٍ مُتَعَلِّقٍ بِدَلْوِهِ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ قَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ هَذَا عَبْدُنَا سَقَطَ أَمْسِ فِي هَذَا اَلْجُبِّ وَ جِئْنَا اَلْيَوْمَ لِنُخْرِجَهُ فَانْتَزَعُوهُ مِنْهُ وَ قَالُوا لَهُ إِمَّا أَنْ تُقِرَّ لَنَا أَنَّكَ عَبْدٌ لَنَا فَنَبِيعَكَ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ اَلسَّيَّارَةِ أَوْ نَقْتُلَكَ قَالَ اِصْنَعُوا مَا شِئْتُمْ فَأَقْبَلُوا إِلَى اَلسَّيَّارَةِ وَ قَالُوا لَهُمْ أَ مِنْكُمْ مَنْ يَشْتَرِي هَذَا اَلْعَبْدَ مِنَّا فَاشْتَرَاهُ بَعْضُهُمْ بِعِشْرِينَ دِرْهَماً وَ سَارَ مَنِ اِشْتَرَاهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ مِصْرَ فَقُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِبْنَ كَمْ كَانَ يُوسُفُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَوْمَ أُلْقِيَ فِي اَلْجُبِّ قَالَ كَانَ اِبْنَ تِسْعِ سِنِينَ قُلْتُ فَكَمْ كَانَ بَيْنَ مَنْزِلِ يَعْقُوبَ يَوْمَئِذٍ وَ بَيْنَ مِصْرَ قَالَ مَسِيرَةَ اِثْنَيْ عَشَرَ يَوْماً وَ كَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ أَجْمَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ فَاشْتَرَاهُ اَلْعَزِيزُ
ص: 127
وَ رَاوَدَتْهُ اِمْرَأَتُهُ فَقَالَ مَعَاذَ اَللَّهِ أَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ لاَ يَزْنُونَ فَأَفْلَتَ مِنْهَا هَارِباً إِلَى اَلْبَابِ فَلَحِقَتْهُ فَجَذَبَتْ قَمِيصَهُ مِنْ خَلْفِهِ وَ أَلْفَيٰا سَيِّدَهٰا لَدَى اَلْبٰابِ قٰالَتْ مٰا جَزٰاءُ مَنْ أَرٰادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلاّٰ أَنْ يُسْجَنَ (1) فَهَمَّ اَلْمَلِكُ بِعَذَابِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هِيَ رٰاوَدَتْنِي فَاسْأَلْ هَذَا اَلصَّبِيَّ فَأَنْطَقَ اَللَّهُ اَلصَّبِيَّ بِفَصْلِ اَلْقَضَاءِ فَقَالَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ اُنْظُرْ إِلَى قَمِيصِ يُوسُفَ فَإِنْ كَانَ مَقْدُوداً مِنْ قُدَّامِهِ فَهُوَ اَلَّذِي رَاوَدَهَا وَ إِنْ كَانَ مَقْدُوداً مِنْ خَلْفِهِ فَهِيَ اَلَّتِي رَاوَدَتْهُ فَأَفْزَعَ اَلْمَلِكَ ذَلِكَ وَ دَعَا بِالْقَمِيصِ وَ نَظَرَ إِلَيْهِ فَرَآهُ مَقْدُوداً مِنْ خَلْفِهِ قٰالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ وَ قَالَ لِيُوسُفَ اُكْتُمْ هَذَا فَلَمَّا شَاعَ أَمْرُ اِمْرَأَةِ اَلْعَزِيزِ وَ اَلنِّسْوَةِ اَللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ سَجَنَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ دَخَلَ مَعَهُ اَلسِّجْنَ فَتَيٰانِ وَ كَانَ مِنْ قِصَّتِهِ مَا ذَكَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ اَلْعَزِيزِ (2) .
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ مِسْمَعٍ أَبِي سَيَّارٍ(3) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا أَلْقَى إِخْوَةُ يُوسُفَ يُوسُفَ فِي اَلْجُبِّ نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا غُلاَمُ مَنْ طَرَحَكَ فِي هَذَا اَلْجُبِّ فَقَالَ إِخْوَتِي بِمَنْزِلَتِي مِنْ أَبِي حَسَدُونِي قَالَ أَ تُحِبُّ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ هَذَا اَلْجُبِّ قَالَ ذَلِكَ إِلَى إِلَهِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْحَاقَ وَ يَعْقُوبَ قَالَ فَإِنَّ اَللَّهَ يَقُولُ لَكَ قُلِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ اَلْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ بَدِيعُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ يَا ذَا اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْرِي فَرَجاً وَ مَخْرَجاً وَ تَرْزُقَنِي مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَ مِنْ حَيْثُ لاَ أَحْتَسِبُ (4).
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اِبْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرٰاهِمَ مَعْدُودَةٍ (5) قَالَ كَانَتْ
ص: 128
عِشْرِينَ دِرْهَماً وَ اَلْبَخْسُ اَلنَّقْصُ وَ هِيَ قِيمَةُ كَلْبِ اَلصَّيْدِ إِذَا قُتِلَ (1).
وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ اَلْفَرَّاءِ عَنْ طِرْبَالٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا أَمَرَ اَلْمَلِكُ بِحَبْسِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي اَلسِّجْنِ أَلْهَمَهُ اَللَّهُ تَأْوِيلَ اَلرُّؤْيَا فَكَانَ يُعَبِّرُ لِأَهْلِ اَلسِّجْنِ رُؤْيَاهُمْ (2)بحار الأنوار (290/12)، برقم: (73).(3).
131وَ عَنِ اِبْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ مُكَرَّماً ثُمَّ صَارَ عَبْداً فَصَارَ مَلِكاً(3).
132 وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ جَمِيلٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلطَّلْحِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا حَالُ بَنِي يَعْقُوبَ هَلْ خَرَجُوا عَنِ اَلْإِيمَانِ فَقَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَمَا تَقُولُ فِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ دَعْ آدَمَ (4) .
133 وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَ كَانَ أَوْلاَدُ يَعْقُوبَ أَنْبِيَاءَ قَالَ لاَ وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أَسْبَاطاً أَوْلاَدَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ لَمْ يُفَارِقُوا إِلاَّ سُعَدَاءَ تَابُوا وَ تَذَكَّرُوا مِمَّا صَنَعُوا (5) .
134وَ أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ اَلْفَضْلُ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْفَضْلِ اَلطَّبْرِسِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ اَلدُّورْيَسْتِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ اَلْمُفِيدِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا فَقَدَ يَعْقُوبُ يُوسُفَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ اِشْتَدَّ حُزْنُهُ وَ تَغَيَّرَ حَالُهُ وَ كَانَ يَمْتَارُ اَلْقَمْحَ مِنْ
ص: 129
مِصْرَ لِعِيَالِهِ فِي اَلسَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فِي اَلشِّتَاءِ وَ اَلصَّيْفِ فَإِنَّهُ بَعَثَ عِدَّةً مِنْ وُلْدِهِ بِبِضَاعَةٍ يَسِيرَةٍ مَعَ رِفْقَةٍ خَرَجَتْ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَرَفَهُمْ وَ لَمْ يَعْرِفُوهُ فَقَالَ هَلُمُّوا بِضَاعَتَكُمْ حَتَّى أَبْدَأَ بِكُمْ قَبْلَ اَلرِّفَاقِ وَ قٰالَ لِفِتْيٰانِهِ عَجِّلُوا لِهَؤُلاَءِ بِالْكَيْلِ وَ أَوْقِرُوهُمْ وَ اِجْعَلُوا بِضٰاعَتَهُمْ فِي رِحٰالِهِمْ إِذَا فَرَغْتُمْ وَ قَالَ يُوسُفُ لَهُمْ كَانَ أَخَوَانِ مِنْ أَبِيكُمْ فَمَا فَعَلاَ قَالُوا أَمَّا اَلْكَبِيرُ مِنْهُمَا فَإِنَّ اَلذِّئْبَ أَكَلَهُ وَ أَمَّا اَلْأَصْغَرُ فَخَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَبِيهِ وَ هُوَ بِهِ ضَنِينٌ وَ عَلَيْهِ شَفِيقٌ قَالَ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْتُونِي بِهِ مَعَكُمْ إِذَا جِئْتُمْ لِتَمْتَارُوا وَ لَمّٰا فَتَحُوا مَتٰاعَهُمْ وَجَدُوا بِضٰاعَتَهُمْ فِيهَا قٰالُوا يٰا أَبٰانٰا مٰا نَبْغِي هٰذِهِ بِضٰاعَتُنٰا رُدَّتْ إِلَيْنٰا(1) فَلَمَّا اِحْتَاجُوا إِلَى اَلْمِيرَةِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعَثَهُمْ وَ بَعَثَ مَعَهُمُ اِبْنَ يَامِينَ بِبِضَاعَةٍ يَسِيرَةٍ فَأَخَذَ عَلَيْهِمْ مَوْثِقاً مِنَ اَللّٰهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ (2) فَانْطَلَقُوا مَعَ اَلرِّفَاقِ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ فَهَيَّأَ لَهُمْ طَعَاماً وَ قَالَ لِيَجْلِسْ كُلُّ بَنِي أُمٍّ عَلَى مَائِدَةٍ فَجَلَسُوا وَ بَقِيَ اِبْنُ يَامِينَ قَائِماً فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ مَا لَكَ لَمْ تَجْلِسْ فَقَالَ لَيْسَ لِي فِيهِمُ اِبْنُ أُمٍّ فَقَالَ يُوسُفُ فَمَا لَكَ اِبْنُ أُمٍّ قَالَ بَلَى زَعَمَ هَؤُلاَءِ أَنَّ اَلذِّئْبَ أَكَلَهُ قَالَ فَمَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِكَ عَلَيْهِ قَالَ وُلِدَ لِي أَحَدَ عَشَرَ اِبْناً لِكُلِّهِمْ أَشْتَقُّ اِسْماً مِنِ اِسْمِهِ فَقَالَ أَرَاكَ قَدْ عَانَقْتَ اَلنِّسَاءَ وَ شَمِمْتَ اَلْوَلَدَ مِنْ بَعْدِهِ فَقَالَ إِنَّ لِي أَباً صَالِحاً قَالَ لِي تَزَوَّجْ لَعَلَّ اَللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْكَ ذُرِّيَّةً تُثْقِلُ اَلْأَرْضَ بِالتَّسْبِيحِ قَالَ يُوسُفُ فَاجْلِسْ مَعِي عَلَى مَائِدَتِي فَقَالَ إِخْوَةُ يُوسُفَ لَقَدْ فَضَّلَ اَللَّهُ يُوسُفَ وَ أَخَاهُ حَتَّى أَنَّ اَلْمَلِكَ قَدْ أَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى مَائِدَتِهِ وَ قَالَ لاِبْنِ يَامِينَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلاٰ تَبْتَئِسْ بِمَا تَرَانِي أَفْعَلُ وَ اُكْتُمْ مَا أَخْبَرْتُكَ وَ لاَ تَحْزَنْ وَ لاَ تَخَفْ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَيْهِمْ وَ أَمَرَ فِتْيَتَهُ أَنْ يَأْخُذُوا بِضَاعَتَهُمْ وَ يُعَجِّلُوا لَهُمُ اَلْكَيْلَ فَإِذَا فَرَغُوا جَعَلُوا(3) اَلْمِكْيَالَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ اِبْنِ يَامِينَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَ اِرْتَحَلَ اَلْقَوْمُ مَعَ اَلرِّفْقَةِ فَمَضَوْا وَ لَحِقَهُمْ فِتْيَةُ يُوسُفَ فَنَادَوْا أَيَّتُهَا اَلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسٰارِقُونَ (4) قَالُوا مٰا ذٰا تَفْقِدُونَ قٰالُوا
ص: 130
نَفْقِدُ صُوٰاعَ اَلْمَلِكِ قَالُوا وَ مٰا كُنّٰا سٰارِقِينَ قٰالُوا فَمٰا جَزٰاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كٰاذِبِينَ قٰالُوا جَزٰاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزٰاؤُهُ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعٰاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اِسْتَخْرَجَهٰا مِنْ وِعٰاءِ أَخِيهِ قٰالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ (1) ثُمَّ قٰالُوا يٰا أَيُّهَا اَلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنٰا مَكٰانَهُ قٰالَ مَعٰاذَ اَللّٰهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاّٰ مَنْ وَجَدْنٰا مَتٰاعَنٰا عِنْدَهُ (2) قَالَ كَبِيرُهُمْ إِنِّي لَسْتُ أَبْرَحُ اَلْأَرْضَ حَتّٰى يَأْذَنَ لِي أَبِي فَمَضَى إِخْوَةُ يُوسُفَ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى يَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ أَيْنَ اِبْنُ يَامِينَ قَالُوا سَرَقَ مِكْيَالَ اَلْمَلِكِ فَحَبَسَهُ عِنْدَهُ فَاسْأَلْ أَهْلَ اَلْقَرْيَةِ وَ اَلْعَيْرَ حَتَّى يُخْبِرُوكَ بِذَلِكَ فَاسْتَرْجَعَ يَعْقُوبُ وَ اِسْتَعْبَرَ حَتَّى تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ فَقَالَ يَعْقُوبُ يٰا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ فَخَرَجَ مِنْهُمْ نَفَرٌ وَ بَعَثَ مَعَهُمْ بِضَاعَةً وَ كَتَبَ مَعَهُمْ كِتَاباً إِلَى عَزِيزِ مِصْرَ يُعَطِّفُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَ وُلْدِهِ فَدَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ بِكِتَابِ أَبِيهِمْ فَأَخَذَهُ وَ قَبَّلَهُ وَ بَكَى ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مٰا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ قَالُوا أَ أَنْتَ يُوسُفُ قٰالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هٰذٰا أَخِي وَ قَالَ يُوسُفُ لاٰ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ يَغْفِرُ اَللّٰهُ لَكُمْ وَ اِذْهَبُوا بِقَمِيصِي هٰذٰا بَلَّتْهُ دُمُوعِي فَأَلْقُوهُ عَلىٰ وَجْهِ أَبِي وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (3) فَأَقْبَلَ وُلْدُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُحِثُّونَ اَلسَّيْرَ بِالْقَمِيصِ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ مَا فَعَلَ اِبْنُ يَامِينَ قَالُوا خَلَّفْنَاهُ عِنْدَ أَخِيهِ صَالِحاً فَحَمِدَ اَللَّهَ عِنْدَ ذَلِكَ يَعْقُوبُ وَ سَجَدَ لِرَبِّهِ سَجْدَةَ اَلشُّكْرِ وَ اِعْتَدَلَ ظَهْرُهُ وَ قَالَ لِوُلْدِهِ تَحَمَّلُوا إِلَى يُوسُفَ مِنْ يَوْمِكُمْ فَسَارُوا فِي تِسْعَةِ أَيَّامٍ إِلَى مِصْرَ فَلَمَّا دَخَلُوا اِعْتَنَقَ يُوسُفُ أَبَاهُ وَ رَفَعَ خَالَتَهُ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَ اِدَّهَنَ وَ لَبِسَ ثِيَابَ اَلْمُلْكِ فَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا شُكْراً لِلَّهِ وَ مَا تَطَيَّبَ يُوسُفُ فِي تِلْكَ اَلْمُدَّةِ وَ لاَ مَسَّ اَلنِّسَاءَ حَتَّى جَمَعَ اَللَّهُ لِيَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ شَمْلَهُ (4).
ص: 131
135 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ نُوحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مَا بَلَغَ مِنْ حُزْنِ يَعْقُوبَ عَلَى يُوسُفَ قَالَ حُزْنُ سَبْعِينَ ثَكْلَى قَالَ وَ لَمَّا كَانَ يُوسُفُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فِي اَلسِّجْنِ دَخَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى اِبْتَلاَكَ وَ اِبْتَلَى أَبَاكَ وَ إِنَّ اَللَّهَ يُنْجِيكَ مِنْ هَذَا اَلسِّجْنِ فَاسْأَلِ اَللَّهَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنْ يُخَلِّصَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ فَقَالَ يُوسُفُ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلاَّ عَجَّلْتَ فَرَجِي وَ أَرَحْتَنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ قَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَبْشِرْ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ بِالْبِشَارَةِ بِأَنَّهُ يُخْرِجُكَ مِنَ اَلسِّجْنِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَ يُمَلِّكُكَ مِصْرَ وَ أَهْلَهَا تَخْدُمُكَ أَشْرَافُهَا وَ يَجْمَعُ إِلَيْكَ إِخْوَتَكَ وَ أَبَاكَ فَأَبْشِرْ أَيُّهَا اَلصِّدِّيقُ إِنَّكَ صَفِيُّ اَللَّهِ وَ اِبْنُ صَفِيِّهِ فَلَمْ يَلْبَثْ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلاَّ تِلْكَ اَللَّيْلَةَ حَتَّى رَأَى اَلْمَلِكُ رُؤْيَا أَفْزَعَتْهُ فَقَصَّهَا عَلَى أَعْوَانِهِ فَلَمْ يَدْرُوا مَا تَأْوِيلُهَا فَذَكَرَ اَلْغُلاَمُ اَلَّذِي نَجَا مِنَ اَلسِّجْنِ يُوسُفَ فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ أَرْسِلْنِي إِلَى اَلسِّجْنِ فَإِنَّ فِيهِ رَجُلاً لَمْ يُرَ مِثْلُهُ حِلْماً وَ عِلْماً وَ تَفْسِيراً وَ قَدْ كُنْتُ أَنَا وَ فُلاَنٌ غَضِبْتَ عَلَيْنَا وَ أَمَرْتَ بِحَبْسِنَا رَأَيْنَا رُؤْيَا فَعَبَّرَهَا لَنَا وَ كَانَ كَمَا قَالَ فَفُلاَنٌ صُلِبَ وَ أَمَّا أَنَا فَنَجَوْتُ فَقَالَ لَهُ اَلْمَلِكُ اِنْطَلِقْ إِلَيْهِ فَدَخَلَ وَ قَالَ يَا يُوسُفُ أَفْتِنٰا فِي سَبْعِ بَقَرٰاتٍ (1) فَلَمَّا بَلَغَ رِسَالَةُ يُوسُفَ اَلْمَلِكَ قَالَ اِئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي(2) فَلَمَّا بَلَغَ يُوسُفَ رِسَالَةُ اَلْمَلِكِ قَالَ كَيْفَ أَرْجُو كَرَامَتَهُ وَ قَدْ عَرَفَ بَرَاءَتِي وَ حَبَسَنِي سِنِينَ فَلَمَّا سَمِعَ اَلْمَلِكُ أَرْسَلَ إِلَى اَلنِّسْوَةِ فَ قٰالَ مٰا خَطْبُكُنَّ ... قُلْنَ حٰاشَ لِلّٰهِ مٰا عَلِمْنٰا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ (3) فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ وَ أَخْرَجَهُ مِنَ اَلسِّجْنِ فَلَمَّا كَلَّمَهُ أَعْجَبَهُ كَمَالُهُ وَ عَقْلُهُ فَقَالَ لَهُ اُقْصُصْ رُؤْيَايَ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْمَعَهَا مِنْكَ فَذَكَّرَهُ يُوسُفُ كَمَا رَأَى وَ فَسَّرَهَا قَالَ اَلْمَلِكُ صَدَقْتَ
ص: 132
فَمَنْ لِي بِجَمْعِ ذَلِكَ وَ حِفْظِهِ فَقَالَ يُوسُفُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ أَنِّي مُدَبِّرُهُ وَ اَلْقَيِّمُ بِهِ فِي تِلْكَ اَلسِّنِينَ فَقَالَ لَهُ اَلْمَلِكُ صَدَقْتَ دُونَكَ خَاتَمِي وَ سَرِيرِي وَ تَاجِي فَأَقْبَلَ يُوسُفُ عَلَى جَمْعِ اَلطَّعَامِ فِي اَلسِّنِينَ اَلسَّبْعِ اَلْخَصِيبَةِ يَكْبِسُهُ فِي اَلْخَزَائِنِ فِي سُنْبُلِهِ ثُمَّ أَقْبَلَتِ اَلسِّنُونَ اَلْجَدْبَةُ أَقْبَلَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى بَيْعِ اَلطَّعَامِ فَبَاعَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ اَلْأُولَى بِالدَّرَاهِمِ وَ اَلدِّينَارِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا دِينَارٌ وَ لاَ دِرْهَمٌ إِلاَّ صَارَ فِي مَمْلَكَةِ يُوسُفَ وَ بَاعَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ اَلثَّانِيَةِ بِالْحُلِيِّ وَ اَلْجَوَاهِرِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ حُلِيٌّ وَ لاَ جَوْهَرٌ إِلاَّ صَارَ فِي مَمْلَكَتِهِ وَ بَاعَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ اَلثَّالِثَةِ بِالدَّوَابِّ وَ اَلْمَوَاشِي حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا دَابَّةٌ وَ لاَ مَاشِيَةٌ إِلاَّ صَارَتْ فِي مَمْلَكَةِ يُوسُفَ وَ بَاعَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ اَلرَّابِعَةِ بِالْعَبِيدِ وَ اَلْإِمَاءِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا عَبْدٌ وَ لاَ أَمَةٌ إِلاَّ وَ صَارَ فِي مَمْلَكَةِ يُوسُفَ وَ بَاعَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ اَلْخَامِسَةِ بِالدُّورِ وَ اَلْعَقَارِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا دَارٌ وَ لاَ عَقَارٌ إِلاَّ صَارَ فِي مَمْلَكَةِ يُوسُفَ وَ بَاعَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ اَلسَّادِسَةِ بِالْمَزَارِعِ وَ اَلْأَنْهَارِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا نَهَرٌ وَ لاَ مَزْرَعَةٌ إِلاَّ صَارَ فِي مَمْلَكَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ بَاعَهُمْ فِي اَلسَّنَةِ اَلسَّابِعَةِ بِرِقَابِهِمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِمِصْرَ وَ مَا حَوْلَهَا عَبْدٌ وَ لاَ حُرٌّ إِلاَّ صَارَ فِي مَمْلَكَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ صَارُوا عَبِيداً لَهُ فَقَالَ يُوسُفُ لِلْمَلِكِ مَا تَرَى فِيمَا خَوَّلَنِي رَبِّي قَالَ اَلرَّأْيُ رَأْيُكَ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اَللَّهَ وَ أُشْهِدُكَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ أَنِّي أَعْتَقْتُ أَهْلَ مِصْرَ كُلَّهُمْ وَ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَ عَبِيدَهُمْ وَ رَدَدْتُ عَلَيْكَ خَاتَمَكَ وَ سَرِيرَكَ وَ تَاجَكَ عَلَى أَنْ لاَ تَسِيرَ إِلاَّ بِسِيرَتِي وَ لاَ تَحْكُمَ إِلاَّ بِحُكْمِي فَاللَّهُ أَنْجَاهُمْ عَلَى يَدِي فَقَالَ اَلْمَلِكُ إِنَّ ذَلِكَ لَدِينِي(1) وَ فَخْرِي وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُهُ وَ كَانَ مِنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ وَ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا ذَكَرْتُهُ (2) .
136وَ أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الرشكي(3) عَنْ
ص: 133
جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى اَلْعَطَّارِ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلْمِيثَمِيِّ (1) عَنِ اَلْحَسَنِ اَلْوَاسِطِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قَدِمَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى يُوسُفَ لِيَشْتَرِيَ طَعَامَهُ فَبَاعَهُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ لَهُ يُوسُفُ أَيْنَ مَنْزِلُكَ قَالَ مَوْضِعَ كَذَا وَ كَذَا قَالَ إِذَا مَرَرْتَ بِوَادِي كَذَا وَ كَذَا فَقِفْ فَنَادِ يَا يَعْقُوبُ هُوَ يُقْرِئُكَ اَلسَّلاَمَ وَ يَقُولُ لَكَ إِنَّ وَدِيعَتَكَ عِنْدَ اَللَّهِ لَنْ تَضِيعَ قَالَ فَمَضَى اَلْأَعْرَابِيُّ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى اَلْمَوْضِعِ فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ اِحْفَظُوا عَلَيَّ اَلْإِبِلَ ثُمَّ نَادَى يَا يَعْقُوبُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ طَوِيلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ لَهُ اَلْأَعْرَابِيُّ أَنْتَ يَعْقُوبُ قَالَ نَعَمْ فَأَبْلَغَهُ مَا قَالَ لَهُ يُوسُفُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ فَسَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ يَا أَعْرَابِيُّ أَ لَكَ حَاجَةٌ إِلَى اَللَّهِ جَلَّ وَ عَلاَ قَالَ نَعَمْ إِنِّي رَجُلٌ كَثِيرُ اَلْمَالِ وَ لِي بِنْتُ عَمٍّ لَيْسَ يُولَدُ لِي مِنْهَا فَأُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ اَللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَلَداً قَالَ فَتَوَضَّأَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ دَعَا اَللَّهَ تَعَالَى فَرُزِقَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَبْطُنٍ فِي كُلِّ بَطْنٍ اِثْنَانِ (2).
137 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَخْبِرْنِي عَنْ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ قَالَ لِوُلْدِهِ يٰا بَنِيَّ اِذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ أَ كَانَ عَالِماً بِأَنَّهُ حَيٌّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ أَنْ هَبَطَ(3) عَلَيْهِ مَلَكُ اَلْمَوْتِ قَالَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيُوسُفَ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعَ بِكَ إِخْوَتُكَ قَالَ يَا أَبَتِ دَعْنِي فَقَالَ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَخْبَرْتَنِي قَالَ أَخَذُونِي فَأَقْعَدُونِي عَلَى رَأْسِ اَلْجُبِّ ثُمَّ
ص: 134
قَالُوا لِي اِنْزِعْ قَمِيصَكَ قُلْتُ لَهُمْ إِنِّي أَسْأَلُكُمْ بِوَجْهِ يَعْقُوبَ أَلاَّ تَنْزِعُوا قَمِيصِي وَ تُبْدُوا عَوْرَتِي فَرَفَعَ فُلاَنٌ عَلَيَّ اَلسِّكِّينَ وَ قَالَ اِنْزِعْ فَصَاحَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ سَقَطَ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ كَيْفَ صَنَعُوا بِكَ قَالَ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِآلِ إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْحَاقَ وَ إِسْمَاعِيلَ إِلاَّ أَعْفَيْتَنِي عَنْهُ فَتَرَكَهُ (1) .
138 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلاَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَخْبِرْنِي عَنْ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَمْ عَاشَ مَعَ يُوسُفَ بِمِصْرَ بَعْدَ مَا جَمَعَ اَللَّهُ لِيَعْقُوبَ شَمْلَهُ وَ أَرَاهُ تَأْوِيلَ رُؤْيَا يُوسُفَ اَلصَّادِقَةِ قَالَ عَاشَ حَوْلَيْنِ قُلْتُ فَمَنْ كَانَ اَلْحُجَّةَ فِي اَلْأَرْضِ يَعْقُوبُ أَمْ يُوسُفُ قَالَ كَانَ يَعْقُوبُ اَلْحُجَّةَ وَ كَانَ اَلْمُلْكُ لِيُوسُفَ فَلَمَّا مَاتَ يَعْقُوبُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ حَمَلَهُ يُوسُفُ فِي تَابُوتٍ إِلَى أَرْضِ اَلشَّامِ فَدَفَنَهُ فِي بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ وَ كَانَ يُوسُفُ بَعْدَ يَعْقُوبَ اَلْحُجَّةَ قُلْتُ فَكَانَ يُوسُفُ رَسُولاً نَبِيّاً قَالَ نَعَمْ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَ اَللَّهِ تَعَالَى وَ لَقَدْ جٰاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنٰاتِ (2).
139وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : اِحْتَبَسَ اَلْمَطَرُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى أَنْ أَخْرِجْ عِظَامَ يُوسُفَ مِنْ مِصْرَ وَ وَعْدَهُ نُزُولَ اَلْمَطَرِ إِذَا أَخْرَجَ عِظَامَهُ فَسَأَلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَمَّنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَقِيلَ هَاهُنَا عَجُوزٌ تَعْلَمُ عِلْمَهُ فَبَعَثَ مُوسَى إِلَيْهَا فَأُتِيَ بِعَجُوزٍ مُقْعَدَةٍ عَمْيَاءَ فَقَالَ لَهَا أَ تَعْرِفِينَ مَوْضِعَ قَبْرِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ فَأَخْبِرِينِي فَقَالَتْ لاَ حَتَّى تُعْطِيَنِي أَرْبَعَ خِصَالٍ تُطْلِقَ لِي رِجْلَيَّ وَ تُعِيدَ إِلَيَّ شَبَابِي وَ تُعِيدَ إِلَيَّ بَصَرِي وَ تَجْعَلَنِي مَعَكَ فِي اَلْجَنَّةِ
ص: 135
فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى مُوسَى فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَعْطِهَا مَا سَأَلَتْ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُعْطِي عَلَيَّ فَفَعَلَ فَدَلَّتْهُ عَلَيْهِ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ شَاطِئِ اَلنِّيلِ مِنْ تَابُوتٍ فِي صُنْدُوقٍ فَلَمَّا أَخْرَجَهُ نَزَلَ اَلْمَطَرُ فَحَمَلَهُ إِلَى اَلشَّامِ فَلِذَلِكَ تَحْمِلُ أَهْلُ اَلْكِتَابِ مَوْتَاهُمْ إِلَى اَلشَّامِ .
140وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا صَارَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى مَا صَارَ إِلَيْهِ تَعَرَّضَتْ لَهُ اِمْرَأَةُ اَلْعَزِيزِ فَقَالَ لَهَا مَنْ أَنْتِ قَالَتْ أَنَا تِيكُمْ فَقَالَ لَهَا اِنْصَرِفِي فَإِنِّي سَأُغْنِيكِ قَالَ فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ (1).
141وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ يُوسُفَ لَمَّا تَزَوَّجَ اِمْرَأَةَ اَلْعَزِيزِ وَجَدَهَا عَذْرَاءَ فَقَالَ لَهَا مَا حَمَلَكِ عَلَى اَلَّذِي صَنَعْتِ قَالَتْ ثَلاَثُ خِصَالٍ اَلشَّبَابُ وَ اَلْمَالُ وَ أَنِّي كُنْتُ لاَ زَوْجَ لِي يَعْنِي كَانَ اَلْمَلِكُ عِنِّيناً(2).
142وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَرْفَعُهُ قَالَ : إِنَّ اِمْرَأَةَ اَلْعَزِيزِ اِحْتَاجَتْ فَقِيلَ لَهَا لَوْ تَعَرَّضْتِ لِيُوسُفَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَعَدْتِ عَلَى اَلطَّرِيقِ فَلَمَّا مَرَّ بِهَا قَالَتْ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْعَبِيدَ بِطَاعَتِهِمْ لِرَبِّهِمْ مُلُوكاً وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْمُلُوكَ بِمَعْصِيَتِهِمْ عَبِيداً قَالَ مَنْ أَنْتِ قَالَتْ أَنَا زَلِيخَا فَتَزَوَّجَهَا(3).
143أَخْبَرَنَا هِبَةُ اَللَّهِ بْنُ دعويدار عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلدُّورْيَسْتِيِّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ اَلْمَرِيسِيِّ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْمُغِيرَةِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : اِسْتَأْذَنَتْ زَلِيخَا عَلَى يُوسُفَ فَقِيلَ لَهَا إِنَّا نَخَافُ بِقَدَمٍ (4) أَنْ تَقْدَمِي عَلَيْهِ لِمَا كَانَ مِنْكِ قَالَتْ أَنَا لاَ أَخَافُ مَنْ يَخَافُ اَللَّهَ فَلَمَّا
ص: 136
دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَالَ لَهَا يَا زَلِيخَا مَا لِي أَرَاكِ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُكِ قَالَتْ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي جَعَلَ اَلْمُلُوكَ بِمَعْصِيَتِهِمْ عَبِيداً وَ جَعَلَ اَلْعَبِيدَ بِطَاعَتِهِمْ مُلُوكاً قَالَ لَهَا مَا اَلَّذِي دَعَاكِ إِلَى مَا كَانَ مِنْكِ قَالَتْ حُسْنُ وَجْهِكَ يَا يُوسُفُ قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَيْتِ نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَكُونُ فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ يَكُونُ أَحْسَنَ مِنِّي وَجْهاً وَ أَحْسَنَ مِنِّي خُلُقاً وَ أَسْمَحَ مِنِّي كَفّاً قَالَتْ صَدَقْتَ قَالَ فَكَيْفَ عَلِمْتِ أَنِّي صَدَقْتُ قَالَتْ لِأَنَّكَ حِينَ ذَكَرْتَهُ وَقَعَ حُبُّهُ فِي قَلْبِي فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى يُوسُفَ أَنَّهَا صَدَقَتْ أَنِّي قَدْ أَحْبَبْتُهَا لِحُبِّهَا مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ (1) يَتَزَوَّجَهَا(2).
144وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اِبْنِ فَضَّالٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا دَخَلَ يُوسُفُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى اَلْمَلِكِ يَعْنِي نُمْرُودَ قَالَ كَيْفَ أَنْتَ يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ إِنِّي لَسْتُ بِإِبْرَاهِيمَ أَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ وَ هُوَ صَاحِبُ إِبْرَاهِيمَ اَلَّذِي حَاجَّ إِبْرٰاهِيمَ فِي رَبِّهِ قَالَ وَ كَانَ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ شَابّاً(3).
145وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى اَلْأَزْرَقِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ اَلصَّادِقِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَقِيَّةِ قَوْمِ عَادٍ قَدْ أَدْرَكَ فِرْعَوْنَ يُوسُفَ وَ كَانَ أَهْلُ ذَلِكَ اَلزَّمَانِ قَدْ وَلِعُوا بِالْعَادِيِّ يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ وَ إِنَّهُ أَتَى فِرْعَوْنَ يُوسُفَ فَقَالَ أَجِرْنِي عَنِ اَلنَّاسِ وَ أُحَدِّثُكَ بِأَعَاجِيبَ رَأَيْتُهَا وَ لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ فَأَجَارَهُ فِرْعَوْنُ وَ مَنَعَهُ وَ جَالَسَهُ وَ حَدَّثَهُ فَوَقَعَ مِنْهُ كُلَّ مَوْقِعٍ وَ رَأَى مِنْهُ أَمْراً جَمِيلاً قَالَ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَى يُوسُفَ بِكَذِبَةٍ وَ لاَ عَلَى اَلْعَادِيِّ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَداً خَيْراً مِنْكَ قَالَ نَعَمْ أَبِي يَعْقُوبَ قَالَ فَلَمَّا قَدِمَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى فِرْعَوْنَ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ اَلْمُلُوكِ فَأَكْرَمَهُ وَ قَرَّبَهُ وَ زَادَهُ إِكْرَاماً لِيُوسُفَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا شَيْخُ كَمْ أَتَى عَلَيْكَ قَالَ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً قَالَ اَلْعَادِيُّ كَذَبَ فَسَكَتَ
ص: 137
يَعْقُوبُ وَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى فِرْعَوْنَ حِينَ كَذَّبَهُ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَمْ أَتَى عَلَيْكَ قَالَ مِائَةٌ وَ عِشْرُونَ سَنَةً قَالَ اَلْعَادِيُّ كَذَبَ فَقَالَ يَعْقُوبُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَذَبَ فَاطْرَحْ لِحْيَتَهُ عَلَى صَدْرِهِ قَالَ فَسَقَطَتْ لِحْيَتُهُ عَلَى صَدْرِهِ فَبَقِيَ وَاجِباً(1) فَهَالَ ذَلِكَ فِرْعَوْنَ وَ قَالَ لِيَعْقُوبَ عَمَدْتَ إِلَى رَجُلٍ أَجَرْتُهُ فَدَعَوْتَ عَلَيْهِ أُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ إِلَهَكَ بِرَدِّهِ فَدَعَا لَهُ فَرَدَّهُ اَللَّهُ إِلَيْهِ فَقَالَ اَلْعَادِيُّ إِنِّي رَأَيْتُ هَذَا مَعَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَلرَّحْمَنِ فِي زَمَنِ كَذَا وَ كَذَا قَالَ يَعْقُوبُ لَيْسَ أَنَا اَلَّذِي رَأَيْتَهُ إِنَّمَا رَأَيْتَ إِسْحَاقَ فَقَالَ لَهُ فَمَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَلرَّحْمَنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَالَ اَلْعَادِيُّ صَدَقَ ذَلِكَ اَلَّذِي رَأَيْتُهُ فَقَالَ صَدَقَ وَ صَدَقْتُ (2).
146عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ اَلْبَغْدَادِيُّ عَنِ اِبْنِ مَعْبَدٍ(3) عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ اَلدِّهْقَانِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ(4) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : دَخَلَ يُوسُفُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسِّجْنَ وَ هُوَ اِبْنُ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَ مَكَثَ بَعْدَهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَ بَقِيَ بَعْدَ خُرُوجِهِ ثَمَانِينَ سَنَةً فَذَلِكَ مِائَةٌ وَ عَشْرُ سِنِينَ (5).
ص: 138
147وَ أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ اَلْمُرْتَضَى بْنُ اَلدَّاعِي اَلْحُسَيْنِيُّ عَنْ جَعْفَرٍ اَلدُّورْيَسْتِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْخَزَّازِ عَنْ فَضْلٍ اَلْأَشْعَرِيِّ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْمُخْتَارِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : اُبْتُلِيَ أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَبْعَ سِنِينَ بِلاَ ذَنْبٍ وَ قَالَ مَا سَأَلَ أَيُّوبُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْعَافِيَةَ فِي شَيْ ءٍ مِنْ بَلاَئِهِ وَ قَالَ قَالَ أَبِي صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّ أَيُّوبَ اُبْتُلِيَ مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ وَ إِنَّ اَلْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم لاَ يُذْنِبُونَ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ وَ لاَ يَزِيغُونَ وَ لاَ يَرْتَكِبُونَ ذَنْباً صَغِيراً وَ لاَ كَبِيراً وَ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى اِبْتَلَى أَيُّوبَ بِلاَ ذَنْبٍ فَصَبَرَ حَتَّى عُيِّرَ وَ اَلْأَنْبِيَاءُ لاَ يَصْبِرُونَ عَلَى اَلتَّعْيِيرِ(1).
148وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ سِرْحَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : ذَكَرَ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ قَالَ اَللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ إِنَّ عَبْدِي أَيُّوبَ مَا أُنْعِمُ عَلَيْهِ بِنِعْمَةٍ إِلاَّ اِزْدَادَ شُكْراً فَقَالَ اَلشَّيْطَانُ لَوْ نَصَبْتَ (2) عَلَيْهِ اَلْبَلاَءَ فَابْتَلَيْتَهُ كَيْفَ صَبْرُهُ فَسَلَّطَهُ عَلَى إِبِلِهِ وَ رَقِيقِهِ فَلَمْ
ص: 139
يَتْرُكْ لَهُ شَيْئاً غَيْرَ غُلاَمٍ وَاحِدٍ فَأَتَاهُ اَلْغُلاَمُ فَقَالَ يَا أَيُّوبُ مَا بَقِيَ مِنْ إِبِلِكَ وَ لاَ مِنْ رَقِيقِكَ أَحَدٌ إِلاَّ وَ قَدْ مَاتَ فَقَالَ أَيُّوبُ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَعْطَى وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَخَذَ(1) فَقَالَ اَلشَّيْطَانُ إِنَّ خَيْلَهُ أَعْجَبُ إِلَيْهِ فَسَلَّطَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْ ءٌ إِلاَّ هَلَكَ فَقَالَ أَيُّوبُ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَعْطَى وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَخَذَ(2) وَ كَذَلِكَ بِبَقَرِهِ وَ غَنَمِهِ وَ مَزَارِعِهِ وَ أَرْضِهِ وَ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ حَتَّى مَرِضَ مَرَضاً شَدِيداً فَأَتَاهُ أَصْحَابٌ لَهُ فَقَالُوا يَا أَيُّوبُ مَا كَانَ أَحَدٌ مِنَ اَلنَّاسِ فِي أَنْفُسِنَا وَ لاَ خَيْرٌ عَلاَنِيَةً خَيْراً عِنْدَنَا مِنْكَ فَلَعَلَّ هَذَا لِشَيْ ءٍ كُنْتَ أَسْرَرْتَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ رَبِّكَ لَمْ تُطْلِعْ عَلَيْهِ أَحَداً فَابْتَلاَكَ اَللَّهُ مِنْ أَجْلِهِ فَجَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً وَ دَعَا رَبَّهُ فَشَفَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى وَ رَدَّ عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فِي اَلدُّنْيَا قَالَ وَ سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَ وَهَبْنٰا لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً (3) فَقَالَ اَلَّذِينَ كَانُوا مَاتُوا(4).
149وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا طَالَ بَلاَءُ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ رَأَى إِبْلِيسُ صَبْرَهُ أَتَى إِلَى أَصْحَابٍ لَهُ كَانُوا رُهْبَاناً فِي اَلْجِبَالِ فَقَالَ لَهُمْ مُرُّوا بِنَا إِلَى هَذَا اَلْعَبْدِ اَلْمُبْتَلَى نَسْأَلْهُ عَنْ بَلِيَّتِهِ قَالَ فَرَكِبُوا وَ جَاءُوهُ فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْهُ نَفَرَتْ بِغَالُهُمْ فَقَرَّبُوهَا بَعْضاً إِلَى بَعْضٍ (5) ثُمَّ مَشَوْا إِلَيْهِ وَ كَانَ فِيهِمْ شَابٌّ حَدَثٌ فَسَلَّمُوا عَلَى أَيُّوبَ وَ قَعَدُوا وَ قَالُوا يَا أَيُّوبَ لَوْ أَخْبَرْتَنَا بِذَنْبِكَ فَلاَ نَرَى تُبْتَلَى بِهَذَا اَلْبَلاَءِ إِلاَّ لِأَمْرٍ كُنْتَ تَسْتُرُهُ
ص: 140
قَالَ أَيُّوبُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ عَزَّةِ رَبِّي إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنِّي مَا أَكَلْتُ طَعَاماً قَطُّ إِلاَّ وَ مَعِي يَتِيمٌ أَوْ ضَعِيفٌ يَأْكُلُ مَعِي وَ مَا عَرَضَ لِي أَمْرَانِ كِلاَهُمَا طَاعَةٌ إِلاَّ أَخَذْتُ بِأَشَدِّهِمَا عَلَى بَدَنِي فَقَالَ اَلشَّابُّ سَوْأَةً لَكُمْ عَمَدْتُمْ إِلَى نَبِيِّ اَللَّهِ فَعَنَّفْتُمُوهُ حَتَّى أَظْهَرَ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مَا كَانَ يُسِرُّهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا رَبَّهُ وَ قَالَ رَبِّ أَنِّي مَسَّنِيَ اَلشَّيْطٰانُ بِنُصْبٍ وَ عَذٰابٍ (1) وَ قَالَ قِيلَ لِأَيُّوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا عَافَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى أَيُّ شَيْ ءٍ أَشَدُّ مِمَّا مَرَّ عَلَيْكَ قَالَ شَمَاتَةُ اَلْأَعْدَاءِ (2).
150وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَمْطَرَ اَللَّهُ عَلَى أَيُّوبَ مِنَ اَلسَّمَاءِ فِرَاشاً مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مَا كَانَ خَارِجاً مِنْ دَارِهِ فَيُدْخِلُهُ دَارَهُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ مَا تَشْبَعُ يَا أَيُّوبُ قَالَ وَ مَنْ يَشْبَعُ مِنْ فَضْلِ رَبِّهِ (3).
151وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنَّ أَيُّوبَ كَانَ فِي زَمَنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَ صِهْراً لَهُ تَحْتَهُ اِبْنَةُ يَعْقُوبَ يُقَالُ لَهَا إِلْيَا وَ كَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَتْ أُمُّ أَيُّوبَ اِبْنَةَ لُوطٍ وَ كَانَ لُوطٌ جَدَّ أَيُّوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَبَا أُمِّهِ وَ لَمَّا اِسْتَحْكَمَ اَلْبَلاَءُ عَلَى أَيُّوبَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ صَبَرَتْ عَلَيْهِ اِمْرَأَتُهُ فَحَسَدَهَا إِبْلِيسُ عَلَى مُلاَزَمَتِهَا بِالْخِدْمَةِ وَ كَانَتْ بِنْتَ يَعْقُوبَ فَقَالَ لَهَا أَ لَسْتِ أُخْتَ يُوسُفَ اَلصِّدِّيقِ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَمَا هَذَا اَلْجَهْدُ وَ هَذِهِ اَلْبَلِيَّةُ اَلَّتِي أَرَاكُمْ فِيهَا قَالَتْ هُوَ اَلَّذِي فَعَلَ بِنَا لِيَأْجُرَنَا بِفَضْلِهِ عَلَيْنَا لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ بِفَضْلِهِ مُنْعِماً ثُمَّ أَخَذَهُ لِيَبْتَلِيَنَا فَهَلْ رَأَيْتَ مُنْعِماً أَفْضَلَ مِنْهُ فَعَلَى إِعْطَائِهِ نَشْكُرُهُ وَ عَلَى اِبْتِلاَئِهِ نَحْمَدُهُ فَقَدْ جَعَلَ لَنَا اَلْحُسْنَيَيْنِ كِلْتَيْهِمَا فَابْتَلاَهُ لِيَرَى صَبَرْنَا وَ لاَ نَجِدُ عَلَى اَلصَّبْرِ قُوَّةً إِلاَّ بِمَعُونَتِهِ وَ تَوْفِيقِهِ فَلَهُ اَلْحَمْدُ وَ اَلْمِنَّةُ عَلَى مَا أَوْلاَنَا وَ أَبْلاَنَا
ص: 141
فَقَالَ لَهَا أَخْطَأْتِ خَطَأً عَظِيماً لَيْسَ مِنْ هَاهُنَا أَلَحَّ عَلَيْكُمُ اَلْبَلاَءُ وَ أَدْخَلَ عَلَيْهَا شُبَهاً دَفَعَتْهَا كُلَّهَا وَ اِنْصَرَفَتْ إِلَى أَيُّوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مُسْرِعَةً وَ حَكَتْ لَهُ مَا قَالَ اَللَّعِينُ فَقَالَ أَيُّوبُ اَلْقَائِلُ إِبْلِيسُ لَقَدْ حَرَصَ عَلَى قَتْلِي إِنِّي لَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَجْلِدَنَّكِ مِائَةً لِمَ أَصْغَيْتِ إِلَيْهِ إِنْ شَفَانِيَ (1) اَللَّهُ (2). 152 - قَالَ وَهْبٌ قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ : فَأَحْيَا اَللَّهُ لَهُمَا أَوْلاَدَهُمَا وَ أَمْوَالَهُمَا وَ رَدَّ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْ ءٍ لَهُمَا بِعَيْنِهِ وَ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَ لاٰ تَحْنَثْ فَأَخَذَ ضِغْثاً مِنْ قُضْبَانٍ رِقَاقٍ مِنْ شَجَرَةٍ يُقَالُ لَهَا اَلثُّمَامُ فَبَرَّ بِهِ يَمِينَهُ وَ ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً وَ قِيلَ أَخَذَ عَشَرَةً مِنْهَا فَضَرَبَهَا بِهَا عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ كَانَ عُمُرُ أَيُّوبَ ثَلاَثاً وَ سَبْعِينَ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ اَلْبَلاَءُ فَزَادَهَا اَللَّهُ مِثْلَهَا ثَلاَثاً وَ سَبْعِينَ سَنَةً أُخْرَى(3).
153أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ ذُو اَلْفَقَارِ بْنُ مَعْبَدٍ اَلْحُسَيْنِيُّ عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ اَلطُّوسِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ اَلْمُفِيدِ عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَلسَّعْدَآبَادِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبَرْقِيِّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ سَعْدٍ اَلْإِسْكَافِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ مَنْ عَمِلَ اَلْمِكْيَالَ وَ اَلْمِيزَانَ شُعَيْبٌ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَمِلَهُ بِيَدِهِ فَكَانُوا يَكِيلُونَ وَ يُوفُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعْدُ طَفَّفُوا فِي اَلْمِكْيَالِ وَ بَخَسُوا فِي اَلْمِيزَانِ فَأَخَذَتْهُمُ اَلرَّجْفَةُ فَعُذِّبُوا بِهَا فَأَصْبَحُوا فِي دٰارِهِمْ جٰاثِمِينَ (4).
154وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعِيدٍ
ص: 142
قَالَ : بَعَثَنِي هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اَلْمَلِكِ أَسْتَخْرِجُ لَهُ بِئْراً فِي رُصَافَةِ عَبْدِ اَلْمَلِكِ فَحَفَرْنَا مِنْهَا مِائَتَيْ قَامَةٍ ثُمَّ بَدَتْ لَنَا جُمْجُمَةُ رَجُلٍ طَوِيلٍ فَحَفَرْنَا مَا حَوْلَهَا فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ وَ إِذَا كَفُّهُ اَلْيُمْنَى عَلَى رَأْسِهِ عَلَى مَوْضِعِ ضَرْبَةٍ بِرَأْسِهِ فَكُنَّا إِذَا نَحَّيْنَا يَدَهُ عَنْ رَأْسِهِ سَالَتِ اَلدِّمَاءُ وَ إِذَا تَرَكْنَاهَا عَادَتْ فَسَدَّتِ اَلْجُرْحَ وَ إِذَا فِي ثَوْبِهِ مَكْتُوبٌ أَنَا شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ رَسُولُ رَسُولِ اَللَّهِ شُعَيْبٍ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِلَى قَوْمِهِ (1) فَضَرَبُونِي وَ أَضَرُّوا بِي طَرَحُونِي فِي هَذَا اَلْجُبِّ وَ هَالُوا عَلَيَّ اَلتُّرَابَ فَكَتَبْنَا إِلَى هِشَامٍ بِمَا رَأَيْنَاهُ فَكَتَبَ أَعِيدُوا عَلَيْهِ اَلتُّرَابَ كَمَا كَانَ وَ اِحْتَفِرُوا فِي مَكَانٍ آخَرَ(2).
155 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بَشِيرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : بَعَثَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ اَلْمَلِكِ إِلَى أَبِي عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَشْخَصَهُ إِلَى اَلشَّامِ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ يَا أَبَا جَعْفَرٍ إِنَّمَا بَعَثْتُ إِلَيْكَ لِأَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَسْأَلَكَ عَنْهَا غَيْرِي وَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ هَذِهِ اَلْمَسْأَلَةَ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَقَالَ لَهُ أَبِي يَسْأَلُنِي أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَمَّا أَحَبَّ فَإِنْ عَلِمْتُ أَجَبْتُهُ وَ إِنْ لَمْ أَعْلَمْ قُلْتُ لاَ أَدْرِي وَ كَانَ اَلصِّدْقُ أَوْلَى بِي فَقَالَ هِشَامٌ أَخْبِرْنِي عَنِ اَللَّيْلَةِ اَلَّتِي قُتِلَ فِيهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَا اِسْتَدَلَّ اَلْغَائِبُ (3) عَنِ اَلْمِصْرِ اَلَّذِي قُتِلَ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَ مَا كَانَتِ اَلْعَلاَمَةُ فِيهِ لِلنَّاسِ وَ أَخْبِرْنِي هَلْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ فِي قَتْلِهِ عِبْرَةٌ فَقَالَ لَهُ أَبِي إِنَّهُ لَمَّا كَانَتِ اَللَّيْلَةُ اَلَّتِي قُتِلَ فِيهَا عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لَمْ يُرْفَعْ عَنْ وَجْهِ اَلْأَرْضِ حَجَرٌ إِلاَّ وُجِدَ تَحْتَهُ دَمٌ عَبِيطٌ حَتَّى طَلَعَ اَلْفَجْرُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اَللَّيْلَةُ اَلَّتِي فُقِدَ فِيهَا هَارُونُ أَخُو مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اَللَّيْلَةُ اَلَّتِي قُتِلَ فِيهَا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اَللَّيْلَةُ اَلَّتِي رُفِعَ فِيهَا عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَذَلِكَ كَانَتِ اَللَّيْلَةُ اَلَّتِي قُتِلَ فِيهَا اَلْحُسَيْنُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ
ص: 143
فَتَرَبَّدَ(1) وَجْهُ هِشَامٍ وَ اُمْتُقِعَ (2) لَوْنُهُ وَ هَمَّ أَنْ يَبْطِشَ بِأَبِي فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ اَلْوَاجِبُ عَلَى اَلنَّاسِ اَلطَّاعَةُ لِإِمَامِهِمْ وَ اَلصِّدْقُ لَهُ بِالنَّصِيحَةِ وَ إِنَّ اَلَّذِي دَعَانِي إِلَى مَا أَجَبْتُ بِهِ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فِيمَا سَأَلَنِي عَنْهُ مَعْرِفَتِي بِمَا يَجِبُ لَهُ مِنَ اَلطَّاعَةِ فَلْيَحْسُنْ ظَنُّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ أَعْطِنِي عَهْدَ اَللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ أَلاَّ تَرْفَعَ هَذَا اَلْحَدِيثَ إِلَى أَحَدٍ مَا حَيِيتُ فَأَعْطَاهُ أَبِي مِنْ ذَلِكَ مَا أَرْضَاهُ .
ثُمَّ قَالَ هِشَامٌ اِنْصَرِفْ إِلَى أَهْلِكَ إِذَا شِئْتَ فَخَرَجَ أَبِي مُتَوَجِّهاً مِنَ اَلشَّامِ نَحْوَ اَلْحِجَازِ وَ أَبْرَدَ هِشَامٌ بَرِيداً وَ كَتَبَ مَعَهُ إِلَى جَمِيعِ عُمَّالِهِ مَا بَيْنَ دِمَشْقَ إِلَى يَثْرِبَ يَأْمُرُهُمْ أَنْ لاَ يَأْذَنُوا لِأَبِي فِي شَيْ ءٍ مِنْ مَدِينَتِهِمْ وَ لاَ يُبَايِعُوهُ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَ لاَ يَأْذَنُوا لَهُ فِي مُخَالَطَةِ أَهْلِ اَلشَّامِ حَتَّى يَنْفُذَ إِلَى اَلْحِجَازِ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى مَدِينَةِ مَدْيَنَ وَ مَعَهُ حَشَمُهُ وَ أَتَاهُمْ بَعْضُهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ زَادَهُمْ قَدْ نَفِدَ وَ أَنَّهُمْ قَدْ مُنِعُوا مِنَ اَلسُّوقِ وَ أَنَّ بَابَ اَلْمَدِينَةِ أُغْلِقَ فَقَالَ أَبِي فَعَلُوهَا اِئْتُونِي بِوَضُوءٍ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ تَوَكَّأَ عَلَى غُلاَمٍ لَهُ ثُمَّ صَعِدَ اَلْجَبَلَ حَتَّى إِذَا صَارَ فِي ثَنِيَّةٍ اِسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ وَ أَشْرَفَ عَلَى اَلْمَدِينَةِ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ وَ قَالَ وَ إِلىٰ مَدْيَنَ أَخٰاهُمْ شُعَيْباً قٰالَ يٰا قَوْمِ اُعْبُدُوا اَللّٰهَ مٰا لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ غَيْرُهُ وَ لاٰ تَنْقُصُوا اَلْمِكْيٰالَ وَ اَلْمِيزٰانَ إِنِّي أَرٰاكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخٰافُ عَلَيْكُمْ عَذٰابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ وَ يٰا قَوْمِ أَوْفُوا اَلْمِكْيٰالَ وَ اَلْمِيزٰانَ بِالْقِسْطِ وَ لاٰ تَبْخَسُوا اَلنّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ وَ لاٰ تَعْثَوْا فِي اَلْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اَللّٰهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (3) ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَنَا وَ اَللَّهِ بَقِيَّةُ اَللَّهِ أَنَا وَ اَللَّهِ بَقِيَّةُ اَللَّهِ قَالَ وَ كَانَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ بَلَغَ اَلسِّنَّ وَ أَدَّبَتْهُ اَلتَّجَارِبُ وَ قَدْ قَرَأَ اَلْكُتُبَ وَ عَرَفَهُ أَهْلُ مَدْيَنَ بِالصَّلاَحِ فَلَمَّا سَمِعَ اَلنِّدَاءَ قَالَ لِأَهْلِهِ أَخْرِجُونِي فَحُمِلَ وَ وُضِعَ وَسَطَ اَلْمَدِينَةِ فَاجْتَمَعَ اَلنَّاسُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ مَا هَذَا اَلَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ فَوْقِ اَلْجَبَلِ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ يَطْلُبُ اَلسُّوقَ فَمَنَعَهُ اَلسُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ وَ حَالَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مَنَافِعِهِ فَقَالَ لَهُمُ اَلشَّيْخُ تُطِيعُونَنِي قَالُوا اَللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ قَوْمُ صَالِحٍ إِنَّمَا وَلِيَ عَقْرَ اَلنَّاقَةِ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَ عُذِّبُوا جَمِيعاً عَلَى اَلرِّضَا بِفِعْلِهِ وَ هَذَا رَجُلٌ قَدْ قَامَ مَقَامَ
ص: 144
شُعَيْبٍ وَ نَادَى مِثْلَ نِدَاءِ شُعَيْبٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ هَذَا رَجُلٌ مَا بَعْدَهُ فَارْفُضُوا اَلسُّلْطَانَ وَ أَطِيعُونِي وَ اُخْرُجُوا إِلَيْهِ بِالسُّوقِ فَاقْضُوا حَاجَتَهُ وَ إِلاَّ لَمْ آمَنْ وَ اَللَّهِ عَلَيْكُمُ اَلْهَلَكَةَ قَالَ فَفَتَحُوا اَلْبَابَ وَ أَخْرَجُوا اَلسُّوقَ إِلَى أَبِي فَاشْتَرَوْا حَاجَتَهُمْ وَ دَخَلُوا مَدِينَتَهُمْ وَ كَتَبَ عَامِلُ هِشَامٍ إِلَيْهِ بِمَا فَعَلُوهُ وَ بِخَبَرِ اَلشَّيْخِ فَكَتَبَ هِشَامٌ إِلَى عَامِلِهِ بِمَدْيَنَ بِحَمْلِ اَلشَّيْخِ إِلَيْهِ فَمَاتَ فِي اَلطَّرِيقِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ (1) .
156 أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ اَلسَّلِيقِيُّ (2) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جَنَاحٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ رَاشِدٍ رَفَعَهُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قِيلَ لَهُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ حَدِّثْنَا قَالَ إِنَّ شُعَيْباً اَلنَّبِيَّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ دَعَا قَوْمَهُ إِلَى اَللَّهِ حَتَّى كَبِرَ سِنُّهُ وَ رَقَّ عَظْمُهُ ثُمَّ غَابَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِمْ شَابّاً فَدَعَاهُمْ إِلَى اَللَّهِ فَقَالُوا مَا صَدَّقْنَاكَ شَيْخاً فَكَيْفَ نُصَدِّقُكَ شَابّاً وَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُكَرِّرُ عَلَيْهِمُ اَلْحَدِيثَ مِرَاراً كَثِيرَةً (3) .
157وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ عَلاَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : لَمْ يَبْعَثِ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنَ اَلْعَرَبِ إِلاَّ خَمْسَةَ أَنْبِيَاءَ هُوداً وَ صَالِحاً وَ إِسْمَاعِيلَ وَ شُعَيْباً وَ مُحَمَّداً خَاتَمَ اَلنَّبِيِّينَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم وَ كَانَ شُعَيْبٌ بَكَّاءً (4).
158وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اَلطَّالَقَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ
ص: 145
بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ رَاشِدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ خُزَيْمَةَ (1) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ شُعَيْباً إِلَى قَوْمِهِ وَ كَانَ لَهُمْ مَلِكٌ فَأَصَابَهُ مِنْهُمْ بَلاَءٌ فَلَمَّا رَأَى اَلْمَلِكُ أَنَّ اَلْقَوْمَ قَدْ خَصِبُوا أَرْسَلَ إِلَى عُمَّالِهِ فَحَبَسُوا عَلَى اَلنَّاسِ اَلطَّعَامَ وَ أَغْلَوْا أَسْعَارَهُمْ وَ نَقَصُوا مَكَايِيلَهُمْ وَ مَوَازِينَهُمْ وَ بَخَسُوا اَلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَكَانُوا مُفْسِدِينَ فِي اَلْأَرْضِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ شُعَيْبٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ لاٰ تَنْقُصُوا اَلْمِكْيٰالَ وَ اَلْمِيزٰانَ إِنِّي أَرٰاكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخٰافُ عَلَيْكُمْ عَذٰابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ فَأَرْسَلَ اَلْمَلِكُ إِلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ فَقَالَ شُعَيْبٌ إني [إِنَّهُ ] مَنْهِيٌّ فِي كِتَابِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ اَلْوَحْيُ اَلَّذِي أَوْحَى اَللَّهُ إِلَيَّ بِهِ أَنَّ اَلْمَلِكَ إِذَا كَانَ بِمَنْزِلَتِكَ اَلَّتِي نَزَلْتَهَا يُنْزِلُ اَللَّهُ بِسَاحَتِهِ نَقِمَتَهُ فَلَمَّا سَمِعَ اَلْمَلِكُ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ مِنَ اَلْقَرْيَةِ فَأَرْسَلَ اَللَّهُ إِلَيْهِ سَحَابَةً فَأَظَلَّتْهُمْ فَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمُ اَلسُّمُومَ وَ فِي طَرِيقِهِمُ اَلشَّمْسَ اَلْحَارَّةَ وَ فِي اَلْقَرْيَةِ فَجَعَلُوا يَخْرُجُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ وَ يَنْظُرُونَ إِلَى اَلسَّحَابَةِ اَلَّتِي قَدْ أَظَلَّتْهُمْ مِنْ أَسْفَلِهَا فَانْطَلَقُوا سَرِيعاً كُلُّهُمْ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ كَانُوا يُوفُونَ اَلْمِكْيَالَ وَ اَلْمِيزَانَ وَ لاَ يَبْخَسُونَ اَلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ فَنَصَحَهُمُ اَللَّهُ وَ أَخْرَجَهُمْ مِنْ بَيْنِ اَلْعُصَاةِ ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَى أَهْلِ اَلْقَرْيَةِ مِنْ تِلْكَ اَلسَّحَابَةِ عَذَاباً وَ نَاراً فَأَهْلَكَتْهُمْ وَ عَاشَ شُعَيْبٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِائَتَيْنِ وَ اِثْنَتَيْنِ وَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (2).
159وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ اَلْبَرْوَاذِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ اَلْحَافِظِ اَلسَّمَرْقَنْدِيُّ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سَعِيدٍ اَلتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اَلْمُنْعِمِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ (3) عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ اَلْيَمَانِيِّ قَالَ : إِنَّ شُعَيْباً وَ أَيُّوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ بَلْعَمَ بْنَ بَاعُورَاءَ كَانُوا مِنْ وُلْدِ رَهْطٍ آمَنُوا لِإِبْرَاهِيمَ يَوْمَ أُحْرِقَ فَنَجَا وَ هَاجَرُوا مَعَهُ إِلَى اَلشَّامِ فَزَوَّجَهُمْ بَنَاتِ لُوطٍ فَكُلُّ نَبِيٍّ كَانَ
ص: 146
قَبْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ نَسْلِ أُولَئِكَ اَلرَّهْطِ فَبَعَثَ اَللَّهُ شُعَيْباً إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ وَ لَمْ يَكُونُوا فَصِيلَةَ شُعَيْبٍ وَ لاَ قَبِيلَتَهُ اَلَّتِي كَانَ مِنْهَا وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً مِنَ اَلْأُمَمِ بُعِثَ إِلَيْهِمْ شُعَيْبٌ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ جَبَّارٌ لاَ يُطِيقُهُ أَحَدٌ مِنْ مُلُوكِ عَصْرِهِ وَ كَانُوا يَنْقُصُونَ اَلْمِكْيَالِ وَ اَلْمِيزَانِ وَ يَبْخَسُونَ اَلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَ تَكْذِيبِهِمْ لِنَبِيِّهِ وَ عُتُوِّهِمْ وَ كَانُوا يَسْتَوْفُونَ إِذَا اِكْتَالُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ وَزَنُوا لَهَا فَكَانُوا فِي سَعَةٍ مِنَ اَلْعَيْشِ فَأَمَرَهُمُ اَلْمَلِكُ بِاحْتِكَارِ اَلطَّعَامِ وَ نَقْصِ مَكَايِيلِهِمْ وَ مَوَازِينِهِمْ وَ وَعَظَهُمْ شُعَيْبٌ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ اَلْمَلِكُ مَا تَقُولُ فِيمَا صَنَعْتُ أَ رَاضٍ أَمْ أَنْتَ سَاخِطٌ فَقَالَ شُعَيْبٌ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيَّ أَنَّ اَلْمَلِكَ إِذَا صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتَ يُقَالُ لَهُ مَلِكٌ فَاجِرٌ فَكَذَّبَهُ اَلْمَلِكُ وَ أَخْرَجَهُ وَ قَوْمَهُ مِنْ مَدِينَتِهِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰا شُعَيْبُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنٰا فَزَادَهُمْ شُعَيْبٌ فِي اَلْوَعْظِ(1) فَ قٰالُوا يٰا شُعَيْبُ أَ صَلاٰتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مٰا يَعْبُدُ آبٰاؤُنٰا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوٰالِنٰا مٰا نَشٰؤُا فَآذَوْهُ بِالنَّفْيِ مِنْ بِلاَدِهِمْ فَسَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلْحَرَّ وَ اَلْغَيْمَ حَتَّى أَنْضَجَهُمْ فَلَبِثُوا فِيهِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ وَ صَارَ مَاؤُهُمْ حَمِيماً لاَ يَسْتَطِيعُونَ شُرْبَهُ فَانْطَلَقُوا إِلَى غَيْضَةٍ لَهُمْ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَ أَصْحٰابُ اَلْأَيْكَةِ فَرَفَعَ اَللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ فَاجْتَمَعُوا فِي ظِلِّهَا فَأَرْسَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ نَاراً مِنْهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَأَخَذَهُمْ عَذٰابُ يَوْمِ اَلظُّلَّةِ وَ إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ شُعَيْبٌ قَالَ ذَلِكَ خَطِيبُ اَلْأَنْبِيَاءِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فَلَمَّا أَصَابَ قَوْمَهُ مَا أَصَابَهُمْ لَحِقَ شُعَيْبٌ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِمَكَّةَ فَلَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى مَاتُوا وَ اَلرِّوَايَةُ اَلصَّحِيحَةُ أَنَّ شُعَيْباً عَلَيْهِ السَّلاَمُ صَارَ مِنْهَا إِلَى مَدْيَنَ فَأَقَامَ بِهَا وَ بِهَا لَقِيَهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (2).
ص: 147
160أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اَلصَّمَدِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا اَلسَّيِّدُ أَبُو اَلْبَرَكَاتِ اَلْخُوزِيُّ عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيُّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ اَلْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ يُوسُفَ بْنَ يَعْقُوبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا حِينَ حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ جَمَعَ آلَ يَعْقُوبَ وَ هُمْ ثَمَانُونَ رَجُلاً فَقَالَ إِنَّ هَؤُلاَءِ اَلْقِبْطَ سَيَظْهَرُونَ عَلَيْكُمْ وَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ اَلْعَذٰابِ إِنَّمَا يُنَجِّيكُمُ اَللَّهُ بِرَجُلٍ مِنْ وُلْدِ لاَوَى بْنِ يَعْقُوبَ اِسْمُهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ بْنِ فَاهِثِ بْنِ لاَوَى غُلاَمٌ طُوَالٌ (1) جَعْدُ اَلشَّعْرِ آدَمُ اَللَّوْنِ فَجَعَلَ اَلرَّجُلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُسَمِّي اِبْنَهُ عِمْرَانَ وَ يُسَمِّي عِمْرَانُ اِبْنَهُ مُوسَى فَذَكَرَ أَبَانٌ عَنْ أَبِي اَلْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ مَا خَرَجَ مُوسَى حَتَّى خَرَجَ ثَمَانُونَ كَذَّاباً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كُلُّهُمْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ فَبَلَغَ فِرْعَوْنَ أَنَّهُمْ يُرْجِفُونَ بِهِ وَ يَطْلُبُونَ هَذَا اَلْغُلاَمَ فَقَالَ لَهُ كَهَنَتُهُ وَ سَحَرَتُهُ أَنَّ هَلاَكَ دِينِكَ وَ قَوْمِكَ عَلَى يَدَيْ هَذَا اَلْغُلاَمِ اَلَّذِي يُولَدُ اَلْعَامَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ فَوَضَعَ اَلْقَوَابِلَ عَلَى اَلنِّسَاءِ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ قَالُوا تَعَالَوْا لاَ نَقْرَبِ اَلنِّسَاءَ فَقَالَ عِمْرَانُ أَبُو مُوسَى اِئْتُوهُنَّ (2) فَإِنَّ أَمْرَ اَللَّهِ وَاقِعٌ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ اَللَّهُمَّ مَنْ تَرَكَهُ فَإِنِّي لاَ أَتْرُكُهُ
ص: 148
وَ وَقَعَ عَلَى أُمِّ مُوسَى فَحَمَلَتْ فَوَضَعَ عَلَى أُمِّ مُوسَى قَابِلَةً تَحْرُسُهَا فَإِذَا قَامَتْ قَامَتْ وَ إِذَا قَعَدَتْ قَعَدَتْ قَالَ فَلَمَّا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَقَعَتْ عَلَيْهَا اَلْمَحَبَّةُ وَ كَذَلِكَ حُجَجُ اَللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ فَقَالَتْ لَهَا اَلْقَابِلَةُ مَا لَكِ يَا بِنْتِ تَصْفَرِّينَ وَ تَذُوبِينَ فَقَالَتْ لاَ تَلُومِينِي فَإِنِّي إِذَا وَلَدْتُ أُخِذَ وَلَدِي فَذُبِحَ قَالَتْ فَلاَ تَحْزَنِي فَإِنِّي سَوْفَ أَكْتُمُ عَلَيْكِ فَلَمْ تُصَدِّقْهَا فَلَمَّا أَنْ وَلَدَتْ اِلْتَفَتَتْ إِلَيْهَا وَ هِيَ مُقْبِلَةٌ (1) فَقَالَتْ مَا شَاءَ اَللَّهُ فَقَالَتْ أَ لَمْ أَقُلْ إِنِّي سَوْفَ أَكْتُمُ عَلَيْكِ ثُمَّ حَمَلَتْهُ فَأَدْخَلَتْهُ اَلْمِخْدَعَ وَ أَصْلَحَتْ أَمْرَهُ (2) ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى اَلْحَرَسِ وَ كَانُوا عَلَى اَلْبَابِ فَقَالَتِ اِنْصَرِفُوا فَإِنَّمَا خَرَجَ دَمٌ مُقْطَعٌ فَانْصَرَفُوا فَأَرْضَعَتْهُ فَلَمَّا خَافَتْ عَلَيْهِ أَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهَا اِجْعَلِيهِ فِي تَابُوتٍ ثُمَّ أَخْرِجِيهِ لَيْلاً فَاطْرَحِيهِ فِي نِيلِ مِصْرَ فَوَضَعَتْهُ فِي اَلتَّابُوتِ ثُمَّ دَفَعَتْهُ فِي اَلْيَمِّ فَجَعَلَ يَرْجِعُ إِلَيْهَا وَ جَعَلَتْ تَدْفَعُهُ فِي اَلْغَمْرِ وَ إِنَّ اَلرِّيحَ ضَرَبَتْهُ فَانْطَلَقَتْ بِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ ذَهَبَ بِهِ اَلْمَاءُ فَهَمَّتْ (3) أَنْ تَصِيحَ فَرَبَطَ اَللَّهُ عَلَى قَلْبِهَا وَ قَدْ كَانَتِ اَلصَّالِحَةُ اِمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَ هِيَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَتْ إِنَّهَا أَيَّامُ اَلرَّبِيعِ (4) فَأَخْرِجْنِي فَاضْرِبْ لِي قُبَّةً عَلَى شَاطِئِ اَلْبَحْرِ حَتَّى أَتَنَزَّهَ هَذِهِ اَلْأَيَّامَ فَضُرِبَ لَهَا قُبَّةٌ عَلَى شَطِّ اَلنِّيلِ إِذْ أَقْبَلَ اَلتَّابُوتُ يُرِيدُهَا فَقَالَتْ هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى عَلَى اَلْمَاءِ قَالُوا إِي وَ اَللَّهِ يَا سَيِّدَتَنَا إِنَّا لَنَرَى شَيْئاً فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا ثَارَتْ إِلَى اَلْمَاءِ فَتَنَاوَلَتْهُ بِيَدِهَا وَ كَادَ اَلْمَاءُ يَغْمُرُهَا حَتَّى صَاحُوا عَلَيْهَا فَجَذَبَتْهُ فَأَخْرَجَتْهُ مِنَ اَلْمَاءِ فَأَخَذَتْهُ فَوَضَعَتْهُ فِي حَجْرِهَا فَإِذَا غُلاَمٌ أَجْمَلُ اَلنَّاسِ فَوَقَعَتْ عَلَيْهَا لَهُ مَحَبَّةٌ .
وَ قَالَتْ هَذَا اِبْنِي فَقَالُوا إِي وَ اَللَّهِ يَا سَيِّدَتَنَا مَا لَكِ وَلَدٌ وَ لاَ لِلْمَلِكِ فَاتَّخِذِي هَذَا وَلَداً فَقَالَتْ لِفِرْعَوْنَ إِنِّي أَصَبْتُ غُلاَماً طَيِّباً نَتَّخِذُهُ وَلَداً فَيَكُونُ قُرَّةَ عَيْنٍ لِي وَ لَكَ وَ لاَ تَقْتُلْهُ قَالَ وَ مِنْ أَيْنَ هَذَا اَلْغُلاَمُ قَالَتْ مَا أَدْرِي إِلاَّ أَنَّ اَلْمَاءَ جَاءَ بِهِ فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رَضِيَ فَلَمَّا سَمِعَ اَلنَّاسُ أَنَّ اَلْمَلِكَ يُرَبِّي اِبْناً لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ رُءُوسِ مَنْ كَانَ مَعَ فِرْعَوْنَ إِلاَّ
ص: 149
بَعَثَ اِمْرَأَتَهُ إِلَيْهِ لِتَكُونَ ظِئْراً لَهُ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنِ اِمْرَأَةٍ مِنْهُنَّ ثَدْياً قَالَتِ اِمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ اُطْلُبُوا لاِبْنِي ظِئْراً وَ لاَ تُحَقِّرُوا أَحَداً فَجَعَلَ لاَ يَقْبَلُ مِنِ اِمْرَأَةٍ مِنْهُنَّ فَقَالَتْ أُمُّ مُوسَى لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ اُنْظُرِي أَثَرَ مَنْ لَهُ أَثَرٌ(1) فَانْطَلَقَتْ حَتَّى أَتَتْ بَابَ اَلْمَلِكِ قَالَتْ هَاهُنَا اِمْرَأَةٌ صَالِحَةٌ تَأْخُذُ وَلَدَكُمْ وَ تَكْفُلُهُ لَكُمْ قَالَتْ أَدْخِلُوهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَتْ لَهَا اِمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ فَمَنْ أَنْتِ قَالَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَتِ اِذْهَبِي فَلَيْسَ (2) لَنَا فِيكِ حَاجَةٌ فَقَالَ لَهَا اَلنِّسَاءُ اُنْظُرِي هَلْ يَقْبَلُ ثَدْيَهَا فَقَالَتِ اِمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ إِنْ يَقْبَلْ هَلْ يَرْضَى فِرْعَوْنُ بِذَلِكَ فَيَكُونَ اَلْغُلاَمُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ اَلْمَرْأَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعْنِي(3) اَلظِّئْرَ لاَ يَرْضَى أَبَداً قُلْنَ فَانْظُرِي هَلْ يَقْبَلُ أَمْ (4) لاَ يَقْبَلُ قَالَتِ اِمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ فَاذْهَبِي فَادْعِيهَا فَجَاءَتْ إِلَى أُمِّهَا فَقَالَتْ إِنَّ اِمْرَأَةَ اَلْمَلِكِ تَدْعُوكِ فَدَخَلَتْ عَلَيْهَا فَدَفَعَتْ إِلَيْهَا مُوسَى فَوَضَعَتْهُ فِي حَجْرِهَا ثُمَّ أَلْقَمَتْهُ ثَدْيَهَا فَقَبِلَ فَقَامَتِ اِمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ إِلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَتْ إِنَّ اِبْنَكَ قَدْ أَقْبَلَ عَلَى(5) ثَدْيِهَا وَ قَبِلَتْهُ فَقَالَ وَ مِمَّنْ هِيَ قَالَتْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ هَذَا مَا لاَ يَكُونُ أَبَداً فَلَمْ تَزَلْ تُكَلِّمُهُ وَ تَقُولُ لاَ يَخَافُ مِنْ هَذَا اَلْغُلاَمِ إِنَّمَا هُوَ اِبْنُكَ يَنْشَأُ فِي حَجْرِكَ حَتَّى قَلَبَتْ رَأْيَهُ وَ رَضِيَ فَنَشَأَ مُوسَى فِي آلِ فِرْعَوْنَ وَ كَتَمَتْ أُمُّهُ خَبَرَهُ وَ أُخْتُهُ وَ اَلْقَابِلَةُ حَتَّى هَلَكَتِ اَلْأُمُّ وَ اَلْقَابِلَةُ وَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَطْلُبُهُ فَبَلَغَ فِرْعَوْنَ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ عَنْهُ فَزَادَ فِي عَذَابِهِمْ فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى شَيْخٍ لَهُمْ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَقَالَ إِنَّكُمْ لاَ تَزَالُونَ فِيهِ حَتَّى يَجِيءَ اَللَّهُ بِغُلاَمٍ مِنْ وُلْدِ لاَوَى بْنِ يَعْقُوبَ اِسْمُهُ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ غُلاَمٌ آدَمُ جَعْدٌ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَةٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَرَفَعَ اَلشَّيْخُ رَأْسَهُ فَعَرَفَهُ بِالصِّفَةِ فَقَالَ لَهُ مَا اِسْمُكَ قَالَ مُوسَى قَالَ اِبْنُ مَنْ قَالَ اِبْنُ عِمْرَانَ فَوَثَبَ إِلَيْهِ اَلشَّيْخُ وَ قَبَّلَ يَدَهُ (6)
ص: 150
وَ ثَارُوا إِلَى رِجْلَيْهِ فَقَبَّلُوهُمَا فَعَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ وَ اِتَّخَذَهُمْ شِيعَتَهُ فَمَكَثَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ مَدِينَةً لِفِرْعَوْنَ فِيهَا رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِهِ يُقَاتِلُ رَجُلاً قِبْطِيّاً فَاسْتَغَاثَهُ فَوَكَزَ اَلْقِبْطِيَّ فَمَاتَ فَذَكَرَهُ اَلنَّاسُ وَ شَاعَ أَمْرُهُ أَنَّ مُوسَى قَتَلَ رَجُلاً مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ فَكَانَ خَائِفاً حَتَّى جَاءَهُمْ رَجُلٌ وَ قَالَ إِنَّهُمْ يَطْلُبُونَكَ فَخَرَجَ مِنْ مِصْرَ بِغَيْرِ دَابَّةٍ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى أَرْضِ مَدْيَنَ فَانْتَهَى إِلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ تَحْتَهَا بِئْرٌ وَ عِنْدَهَا أُمَّةٌ مِنَ اَلنَّاسِ وَ جَارِيَتَانِ مَعَهُمَا غُنَيْمَةٌ (1) فِي نَاحِيَةٍ فَقَالَ لَهُمَا مٰا خَطْبُكُمٰا قَالَتَا أَبُونٰا شَيْخٌ كَبِيرٌ وَ نَحْنُ ضَعِيفَتَانِ لاَ نُزَاحِمُ اَلرِّجَالَ فَإِذَا اِسْتَقَى اَلنَّاسُ وَ اِنْصَرَفُوا سَقَيْنَا مِنْ بَقِيَّةِ مَائِهِمْ فَرَحِمَهُمَا مُوسَى فَأَخَذَ اَلدَّلْوَ وَ اِسْتَقَى وَ سَقَى لَهُمَا فَرَجَعَتَا قَبْلَ اَلنَّاسِ وَ جَلَسَ مُوسَى مَوْضِعَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (2) لَقَدْ قَالَ رَبِّ إِنِّي لِمٰا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وَ إِنَّهُ لَمُحْتَاجٌ إِلَى شِقِّ تَمْرَةٍ فَلَمَّا رَجَعَتَا إِلَى أَبِيهِمَا قَالَ مَا أَعْجَلَكُمَا قَالَتَا وَجَدْنَا صَالِحاً رَحِمَنَا فَسَقَى لَنَا فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا اِذْهَبِي فَادْعِيهِ فَجَاءَتْ تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيٰاءٍ قٰالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مٰا سَقَيْتَ لَنٰا فَقَالَ مُوسَى لَهَا وَجِّهِينِي إِلَى اَلطَّرِيقِ وَ اِمْشِي خَلْفِي فَإِنَّا بَنِي يَعْقُوبَ لاَ نَنْظُرُ إِلَى أَعْجَازِ(3) اَلنِّسَاءِ فَلَمّٰا جٰاءَهُ وَ قَصَّ عَلَيْهِ اَلْقَصَصَ قٰالَ لاٰ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ اَلْقَوْمِ اَلظّٰالِمِينَ ثُمَّ اِسْتَأْجَرَهُ لِيُزَوِّجَهُ اِبْنَتَهُ فَلَمّٰا قَضىٰ مُوسَى اَلْأَجَلَ وَ سٰارَ بِأَهْلِهِ نَحْوَ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ أَخْطَأَ اَلطَّرِيقَ لَيْلاً فَأَوْرَى نَاراً فَلَمْ يُمْكِنْهُ اَلزَّنْدُ(4) فَرَأَى نَاراً فَقٰالَ لِأَهْلِهِ اُمْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نٰاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهٰا بِقَبَسٍ أَوْ خَبَرٍ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى اَلنَّارِ إِذَا شَجَرَةٌ تَضْطَرِمُ مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلاَهَا فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا تَأَخَّرَتْ ثُمَّ دَنَتْهُ فَنُودِيَ إِنِّي أَنَا اَللّٰهُ رَبُّ اَلْعٰالَمِينَ وَ أَنْ أَلْقِ عَصٰاكَ فَأَلْقٰاهٰا فَإِذٰا هِيَ حَيَّةٌ مِثْلُ اَلْجَذَعِ لِأَسْنَانِهَا صَرِيرٌ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهَا مِثْلَ لَهَبِ اَلنَّارِ فَوَلَّى مُرْتَعِداً فَنُودِيَ
ص: 151
لاَ تَخَفْ وَ خُذْهَا فَوَقَعَ عَلَيْهِ اَلْأَمَانُ وَ وَضَعَ رِجْلَيْهِ عَلَى ذَنَبِهَا وَ تَنَاوَلَ لِحْيَتَهَا(1) فَإِذَا يَدُهُ فِي شُعْبَةِ اَلْعَصَا قَدْ عَادَتْ عَصًا(2).
161 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ اَلرِّضَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مٰا سَقَيْتَ لَنٰا أَ هِيَ اَلَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا قَالَ نَعَمْ وَ لَمَّا قَالَتْ اِسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اِسْتَأْجَرْتَ اَلْقَوِيُّ اَلْأَمِينُ قَالَ أَبُوهَا كَيْفَ عَلِمْتِ ذَلِكِ قَالَتْ لَمَّا أَتَيْتُهُ بِرِسَالَتِكَ فَأَقْبَلَ مَعِي قَالَ كُونِي خَلْفِي وَ دُلِّينِي عَلَى اَلطَّرِيقِ فَكُنْتُ خَلْفَهُ أُرْشِدُهُ كَرَاهَةَ أَنْ يَرَى مِنِّي شَيْئاً وَ لَمَّا أَرَادَ مُوسَى اَلاِنْصِرَافَ قَالَ شُعَيْبٌ اُدْخُلِ اَلْبَيْتَ وَ خُذْ مِنْ تِلْكَ اَلْعِصِيِّ عَصًا تَكُونُ مَعَكَ تَدْرَأُ بِهَا اَلسِّبَاعَ وَ قَدْ كَانَ شُعَيْبٌ أَخْبَرَ بِأَمْرِ اَلْعَصَا اَلَّتِي أَخَذَهَا مُوسَى فَلَمَّا دَخَلَ مُوسَى اَلْبَيْتَ وَثَبَتْ إِلَيْهِ اَلْعَصَا فَصَارَتْ فِي يَدِهِ فَخَرَجَ بِهَا فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ خُذْ غَيْرَهَا فَعَادَ مُوسَى إِلَى اَلْبَيْتِ فَوَثَبَتْ إِلَيْهِ اَلْعَصَا فَصَارَتْ فِي يَدِهِ فَخَرَجَ بِهَا فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ خُذْ غَيْرَهَا فَوَثَبَتْ إِلَيْهِ فَصَارَتْ فِي يَدِهِ فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ خُذْ غَيْرَهَا قَالَ لَهُ مُوسَى قَدْ رَدَدْتُهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ تَصِيرُ فِي يَدِي فَقَالَ لَهُ شُعَيْبٌ خُذْهَا وَ كَانَ شُعَيْبٌ يَزُورُ مُوسَى كُلَّ سَنَةٍ فَإِذَا أَكَلَ قَامَ مُوسَى عَلَى رَأْسِهِ وَ كَسَرَ لَهُ اَلْخُبْزَ (3) .
162وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَلْقَى اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَ اِمْرَأَتِهِ اَلْمَحَبَّةَ قَالَ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ طَوِيلَ اَللِّحْيَةِ فَقَبَضَ مُوسَى عَلَيْهَا فَجَهَدُوا أَنْ يُخَلِّصُوهَا مِنْ يَدِ مُوسَى فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ (4) حَتَّى جَذَّهَا(5) فَأَرَادَ فِرْعَوْنُ قَتْلَهُ فَقَالَتْ لَهُ اِمْرَأَتُهُ إِنَّ هُنَا
ص: 152
أَمْراً يَسْتَبِينُ (1) بِهِ هَذَا اَلْغُلاَمُ اُدْعُ بِجَمْرَةٍ وَ دِينَارٍ فَضَعْهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَفَعَلَ فَأَهْوَى مُوسَى إِلَى اَلْجَمْرَةِ وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَأَحْرَقَتْهَا فَلَمَّا وَجَدَ حَرَّ اَلنَّارِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى لِسَانِهِ فَأَصَابَتْهُ لَغْثَةٌ وَ قَدْ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَيَّمَا اَلْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ قَضَى أَوْفَاهُمَا وَ أَفْضَلَهُمَا(2).
163وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ دُرُسْتَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ قَالَ : بَيْنَمَا مُوسَى جَالِسٌ إِذْ أَقْبَلَ إِبْلِيسُ وَ عَلَيْهِ بُرْنُسٌ (3) فَوَضَعَهُ وَ دَنَا مِنْ مُوسَى وَ سَلَّمَ فَقَالَ لَهُ مُوسَى مَنْ أَنْتَ قَالَ إِبْلِيسُ قَالَ لاَ قَرَّبَ اَللَّهُ دَارَكَ لِمَا ذَا اَلْبُرْنُسُ قَالَ أَخْتَطِفُ بِهِ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَخْبِرْنِي بِالذَّنْبِ اَلَّذِي إِذَا أَذْنَبَهُ اِبْنُ آدَمَ اِسْتَحْوَذْتَ عَلَيْهِ قَالَ ذَلِكَ إِذَا أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ وَ اِسْتَكْثَرَ عَمَلَهُ وَ صَغُرَ فِي نَفْسِهِ ذَنْبُهُ وَ قَالَ يَا مُوسَى لاَ تَخْلُ بِامْرَأَةٍ لاَ تَحِلُّ لَكَ فَإِنَّهُ لاَ يخل [يَخْلُو] رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لاَ تَحِلُّ لَهُ إِلاَّ كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِي وَ إِيَّاكَ أَنْ تُعَاهِدَ اَللَّهَ عَهْداً فَإِنَّهُ مَا عَاهَدَ اَللَّهَ أَحَدٌ إِلاَّ كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِي حَتَّى أَحُولَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلْوَفَاءِ بِهِ وَ إِذَا هَمَمْتَ بِصَدَقَةٍ فَأَمْضِهَا وَ إِذَا هَمَّ اَلْعَبْدُ بِصَدَقَةٍ كُنْتُ صَاحِبَهُ دُونَ أَصْحَابِي حَتَّى أَحُولَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا(4)بحار الأنوار (46/13)، برقم: (13).(5).
164 وَ سُئِلَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا وُضِعَ فِي اَلْبَحْرِ كَمْ غَابَ عَنْ أُمِّهِ حَتَّى رَدَّهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا قَالَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ (5) .
165 - وَ سُئِلَ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ هَارُونُ أَمْ مُوسَى قَالَ هَارُونُ مَاتَ قَبْلَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ سُئِلَ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْبَرَ هَارُونُ أَمْ مُوسَى قَالَ هَارُونُ قَالَ وَ كَانَ اِسْمُ اِبْنَيْ هَارُونَ شَبِيراً وَ شَبَّرَ وَ تَفْسِيرُهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ (6) وَ قَالَ إِنَّ اَلْيَهُودَ أُمِرُوا بِالْإِمْسَاكِ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَتَرَكُوا يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ وَ أَمْسَكُوا يَوْمَ اَلسَّبْتِ
ص: 153
فَحُرِّمَ عَلَيْهِمُ اَلصَّيْدُ يَوْمَ اَلسَّبْتِ (1) قَالَ وَ كَانَ وَصِيُّ مُوسَى يُوشَعَ بْنَ نُونٍ (2) وَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَأَمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ طُوَالٌ سَبِطٌ يُشْبِهُ رِجَالَ اَلزُّطِّ وَ رِجَالَ أَهْلِ شَنُوَّةَ (3) وَ أَمَّا عِيسَى فَرَجُلٌ أَحْمَرُ جَعْدٌ رَبْعَةٌ قَالَ ثُمَّ سَكَتَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَإِبْرَاهِيمُ قَالَ اُنْظُرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ يَعْنِي نَفْسَهُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ (4) .
166وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُقَرِّنٍ إِمَامِ بَنِي فِتْيَانٍ (5)عَمَّنْ رَوَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مَلِكٌ جَبَّارٌ قَضَى حَاجَةَ مُؤْمِنٍ بِشَفَاعَةِ عَبْدٍ صَالِحٍ فَتُوُفِّيَ فِي يَوْمٍ اَلْمَلِكُ اَلْجَبَّارُ وَ اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ فَقَامَ عَلَى اَلْمَلِكِ اَلنَّاسُ وَ أَغْلَقُوا أَبْوَابَ اَلسُّوقِ لِمَوْتِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَ بَقِيَ ذَلِكَ اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ فِي بَيْتِهِ وَ تَنَاوَلَتْ دَوَابُّ اَلْأَرْضِ مِنْ وَجْهِهِ فَرَآهُ مُوسَى بَعْدَ ثَلاَثٍ (6) فَقَالَ يَا رَبِّ هُوَ عَدُوُّكَ وَ هَذَا وَلِيُّكَ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى إِنَّ وَلِيِّي سَأَلَ هَذَا اَلْجَبَّارَ حَاجَةً فَقَضَاهَا لَهُ فَكَافَأْتُهُ عَنِ اَلْمُؤْمِنِ وَ سَلَّطْتُ دَوَابَّ اَلْأَرْضِ عَلَى مَحَاسِنِ وَجْهِ اَلْمُؤْمِنِ لِسُؤَالِهِ ذَلِكَ اَلْجَبَّارَ(7).
167وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنِ اِبْنِ اَلْوَلِيدِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى
ص: 154
عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ مِنْ قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ دَخَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَدْرَأُ إِلَيْكَ فِي نَحْرِهِ وَ أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَ أَسْتَعِينُ بِكَ فَحَوَّلَ اَللَّهُ مَا كَانَ فِي قَلْبِ فِرْعَوْنَ مِنَ اَلْأَمْنِ خَوْفاً(1).
168وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَجَّالِ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ فِرْعَوْنَ بَنَى سَبْعَ مَدَائِنَ فَتَحَصَّنَ فِيهَا مِنْ مُوسَى فَلَمَّا أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ فِرْعَوْنَ جَاءَهُ وَ دَخَلَ اَلْمَدِينَةَ فَلَمَّا رَأَتْهُ اَلْأُسُودُ بصبصبت [بَصْبَصَتْ ] بِأَذْنَابِهَا وَ لَمْ يَأْتِ مَدِينَةً إِلاَّ اِنْفَتَحَ لَهُ بَابُهَا(2) حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى اَلَّتِي هُوَ فِيهَا فَقَعَدَ عَلَى اَلْبَابِ وَ عَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ مِنْ صُوفٍ وَ مَعَهُ عَصَاهُ فَلَمَّا خَرَجَ اَلْآذِنُ قَالَ لَهُ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ إِلَيْكَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ فَضَرَبَ بِعَصَاهُ اَلْبَابَ فَلَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ فِرْعَوْنَ بَابٌ إِلاَّ اِنْفَتَحَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَنَا رَسُولُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ فَقَالَ اِئْتِنِي بِآيَةٍ فَأَلْقَى عَصَاهُ وَ كَانَ لَهُ شُعْبَتَانِ فَوَقَعَتْ إِحْدَى اَلشُّعْبَتَيْنِ فِي اَلْأَرْضِ وَ اَلشُّعْبَةُ اَلْأُخْرَى(3) فِي أَعْلَى اَلْقُبَّةِ فَنَظَرَ فِرْعَوْنُ إِلَى جَوْفِهَا وَ هِيَ تَلَهَّبُ نَاراً.
وَ أَهْوَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَتْ فِرْعَوْنَ وَ صَاحَ يَا مُوسَى خُذْهَا وَ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَاءُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ هَرَبَ فَلَمَّا أَخَذَ مُوسَى اَلْعَصَا وَ رَجَعَتْ إِلَى فِرْعَوْنَ نَفْسُهُ هَمَّ بِتَصْدِيقِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ هَامَانُ وَ قَالَ بَيْنَا أَنْتَ إِلَهٌ تُعْبَدُ إِذْ(4) أَنْتَ تَابِعٌ لِعَبْدٍ وَ اِجْتَمَعَ اَلْمَلَأُ وَ قَالُوا هَذَا سَاحِرٌ عَلِيمٌ فَجُمِعَ اَلسَّحَرَةُ لِمِيقٰاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا أَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَ عِصِيَّهُمْ أَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَالْتَقَمَتْهَا كُلَّهَا وَ كَانَ فِي اَلسَّحَرَةِ اِثْنَانِ وَ سَبْعُونَ شَيْخاً خَرُّوا سُجَّداً ثُمَّ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ مَا هَذَا سِحْرٌ(5) لَوْ كَانَ سِحْراً لَبَقِيَتْ حِبَالُنَا وَ عِصِيُّنَا ثُمَّ خَرَجَ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بِهِمُ اَلْبَحْرَ فَأَنْجَى اَللَّهُ
ص: 155
مُوسَى وَ مَنْ مَعَهُ وَ غَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَ مَنْ مَعَهُ فَلَمَّا صَارَ مُوسَى فِي اَلْبَحْرِ اِتَّبَعَهُ فِرْعَوْنُ وَ جُنُودُهُ فَتَهَيَّبَ فِرْعَوْنُ أَنْ يَدْخُلَ اَلْبَحْرَ فَمُثِّلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى مَادِيَانَةٍ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ عَلَى فَحْلٍ فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ فِرْعَوْنَ اَلْمَادِيَانَةَ اِتَّبَعُوهَا فَدَخَلُوا اَلْبَحْرَ فَغَرِقُوا وَ أَمَرَ اَللَّهُ اَلْبَحْرَ فَلَفَظَ فِرْعَوْنَ مَيِّتاً حَتَّى لاَ يُظَنَّ أَنَّهُ غَائِبٌ وَ هُوَ حَيٌّ ثُمَّ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ مُوسَى أَنْ يَرْجِعَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى اَلشَّامِ فَلَمَّا قَطَعَ اَلْبَحْرَ بِهِمْ مَرَّ عَلىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلىٰ أَصْنٰامٍ لَهُمْ قٰالُوا يٰا مُوسَى اِجْعَلْ لَنٰا إِلٰهاً كَمٰا لَهُمْ آلِهَةٌ قٰالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ثُمَّ وَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيلَ دِيَارَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ فَكَانَ اَلرَّجُلُ يَدُورُ عَلَى دُورٍ كَثِيرَةٍ وَ يَدُورُ عَلَى اَلنِّسَاءِ (1).
169أَخْبَرَنَا اَلسَّيِّدُ أَبُو اَلسَّعَادَاتِ هِبَةُ اَللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ اَلشَّجَرِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَحَدِهِمَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا قَالَ : لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ مُوسَى اَلَّذِي كَانَ أُعْطِيَ مِكْتَلاً فِيهِ حُوتٌ مَالِحٌ فَقِيلَ لَهُ هَذَا يَدُلُّكَ عَلَى صَاحِبِكَ عِنْدَ عَيْنٍ لاَ يُصِيبُ مِنْهَا شَيْ ءٌ إِلاَّ حَيَّ فَانْطَلَقَا حَتَّى بَلَغَا اَلصَّخْرَةَ وَ جَاوَزَا ثُمَّ قٰالَ لِفَتٰاهُ آتِنٰا غَدٰاءَنٰا فَقَالَ اَلْحُوتُ اِتَّخَذَ فِي اَلْبَحْرِ سَرَباً فَاقْتَصَّا اَلْأَثَرَ حَتَّى أَتَيَا صَاحِبَهُمَا(2) فِي جَزِيرَةٍ فِي كِسَاءٍ جَالِساً فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ أَجَابَ وَ تَعَجَّبَ وَ هُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا سَلاَمٌ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ مُوسَى فَقَالَ اِبْنُ عِمْرَانَ اَلَّذِي كَلَّمَهُ اَللَّهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ قَالَ أَتَيْتُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي قَالَ إِنِّي وُكِّلْتُ بِأَمْرٍ لاَ تُطِيقُهُ فَحَدَّثَهُ عَنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم وَ عَنْ بَلاَئِهِمْ وَ عَمَّا يُصِيبُهُمْ حَتَّى اِشْتَدَّ بُكَاؤُهُمَا وَ ذَكَرَ لَهُ فَضْلَ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ مَا أُعْطُوا
ص: 156
وَ مَا اُبْتُلُوا بِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَ إِنَّ اَلْعَالِمَ لَمَّا تَبِعَهُ مُوسَى خَرَقَ اَلسَّفِينَةَ وَ قَتَلَ اَلْغُلاَمَ وَ أَقَامَ اَلْجِدَارَ ثُمَّ بَيَّنَ لَهُ كُلَّهَا وَ قَالَ مٰا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي يَعْنِي لَوْ لاَ أَمْرُ رَبِّي لَمْ أَصْنَعْهُ وَ قَالَ لَوْ صَبَرَ مُوسَى لَأَرَاهُ اَلْعَالِمُ سَبْعِينَ أُعْجُوبَةً . 170وَ فِي رِوَايَةٍ : رَحِمَ اَللَّهُ مُوسَى عَجَّلَ عَلَى اَلْعَالِمِ أَمَا إِنَّهُ لَوْ صَبَرَ لَرَأَى مِنْهُ مِنَ اَلْعَجَائِبِ مَا لَمْ يُرَ(1)بحار الأنوار (301/13-302)، برقم: (22) و من قوله: لما فارق موسى الخضر، في الجزء (386/73 - 387)، برقم: (7) و (449/78)، برقم: (11).(2).
171وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ اَلتَّاجِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ وَ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُنْذِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا لَقِيَ مُوسَى اَلْعَالِمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَلَّمَهُ وَ سَأَلَهُ نَظَرَ إِلَى خُطَّافٍ يَصْفِرُ وَ يَرْتَفِعُ فِي اَلْمَاءِ (3) وَ يَسْفُلُ (4) فِي اَلْبَحْرِ فَقَالَ اَلْعَالِمُ لِمُوسَى أَ تَدْرِي مَا تَقُولُ هَذِهِ اَلْخُطَّافَةُ قَالَ وَ مَا تَقُولُ قَالَ تَقُولُ وَ رَبَّ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ رَبَّ اَلْبَحْرِ مَا عِلْمُكُمَا مِنْ عِلْمِ اَللَّهِ إِلاَّ قَدْرُ مَا أَخَذْتُ بِمِنْقَارِي مِنْ هَذَا اَلْبَحْرِ وَ أَكْثَرُ وَ لَمَّا فَارَقَهُ مُوسَى قَالَ لَهُ مُوسَى أَوْصِنِي فَقَالَ اَلْخَضِرُ اِلْزَمْ مَا لاَ يَضُرُّكَ مَعَهُ شَيْ ءٌ كَمَا لاَ يَنْفَعُكَ مِنْ غَيْرِهِ شَيْ ءٌ وَ إِيَّاكَ وَ اَللَّجَاجَةَ وَ اَلْمَشْيَ إِلَى غَيْرِ حَاجَةٍ وَ اَلضَّحِكَ فِي غَيْرِ تَعَجُّبٍ يَا اِبْنَ عِمْرَانَ لاَ تُعَيِّرَنَّ أَحَداً بِخَطِيئَةٍ وَ اِبْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ (4).
172 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلصَّيْرَفِيِّ (5) عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي اَلْبِلاَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلْحَارِثِ اَلْأَعْوَرِ اَلْهَمْدَانِيِّ رَحِمَهُ اَللَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ مَعَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ شَيْخاً
ص: 157
بِالنُّخَيْلَةِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا أَخِيَ اَلْخَضِرُ جَاءَنِي يَسْأَلُنِي عَمَّا بَقِيَ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ سَأَلْتُهُ عَمَّا مَضَى مِنَ اَلدُّنْيَا فَأَخْبَرَنِي وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمَا سَأَلْتُهُ مِنْهُ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ فَأُوتِينَا بِطَبَقِ رُطَبٍ مِنَ اَلسَّمَاءِ فَأَمَّا اَلْخَضِرُ فَرَمَى بِالنَّوَى وَ أَمَّا أَنَا فَجَمَعْتُهُ فِي كَفِّي قَالَ اَلْحَارِثُ قُلْتُ فَهَبْهُ لِي يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَوَهَبَهُ لِي فَغَرَسْتُهُ فَخَرَجَ مِنْهُ (1) مُشَاناً(2) جَيِّداً بَالِغاً عَجَباً(3) لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ (4) .
173وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ حَدَّثَنَا اَلْحُسَيْنُ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ حَمَّادٍ اَلْكُوفِيِّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ اَلْخَزَّازُ عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَيْنَا هُوَ عَلَى اَلْبُرَاقِ وَ جَبْرَئِيلُ مَعَهُ إِذْ(5) نَفَحَتْهُ رَائِحَةُ مِسْكٍ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ مَا هَذَا فَقَالَ كَانَ فِي اَلزَّمَانِ اَلْأَوَّلِ مَلِكٌ لَهُ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَ كَانَ لَهُ اِبْنٌ رَغِبَ عَمَّا هُوَ فِيهِ وَ تَخَلَّى فِي بَيْتٍ يَعْبُدُ اَللَّهَ تَعَالَى فَلَمَّا كَبِرَ سِنُّ اَلْمَلِكِ مَشَى إِلَيْهِ خِيَرَةُ اَلنَّاسِ قَالُوا أَحْسَنْتَ اَلْوَلاَيَةَ عَلَيْنَا وَ كَبِرَ سِنُّكَ وَ لاَ خَلَفَكَ إِلاَّ اِبْنُكَ وَ هُوَ رَاغِبٌ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ وَ إِنَّهُ لَمْ يَنَلْ مِنَ اَلدُّنْيَا فَلَوْ حَمَلْتَهُ عَلَى اَلنِّسَاءِ حَتَّى يُصِيبَ لَذَّةَ اَلدُّنْيَا لَعَادَ فَاخْطُبْ كَرِيمَةً لَهُ فَأَمَرَهُمْ بِذَلِكَ فَزَوَّجَهُ جَارِيَةً لَهَا أَدَبٌ وَ عَقْلٌ فَلَمَّا أَتَوْا بِهَا وَ أَجْلَسُوهَا حَوَّلَهَا إِلَى بَيْتِهِ وَ هُوَ فِي صَلاَتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ أَيَّتُهَا اَلْمَرْأَةُ لَيْسَ اَلنِّسَاءُ مِنْ شَأْنِي فَإِنْ كُنْتِ تُحِبِّينَ أَنْ تُقِيمِي مَعِي وَ تَصْنَعِينَ كَمَا أَصْنَعُ كَانَ لَكِ مِنَ اَلثَّوَابِ كَذَا وَ كَذَا قَالَتْ فَأَنَا أُقِيمُ عَلَى مَا تُرِيدُ ثُمَّ إِنَّ أَبَاهُ بَعَثَ إِلَيْهَا يَسْأَلُهَا هَلْ حَبِلْتِ فَقَالَتْ إِنَّ اِبْنَكَ مَا كَشَفَ لِي عَنْ ثَوْبٍ فَأَمَرَ بِرَدِّهَا إِلَى أَهْلِهَا وَ غَضِبَ عَلَى اِبْنِهِ وَ أَغْلَقَ اَلْبَابَ عَلَيْهِ وَ وَضَعَ عَلَيْهِ اَلْحَرَسَ فَمَكَثَ ثَلاَثاً ثُمَّ فَتَحَ عَنْهُ فَلَمْ يُوجَدُ فِي اَلْبَيْتِ أَحَدٌ فَهُوَ اَلْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (6).
ص: 158
174 أَخْبَرَنَا اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْمَحَاسِنِ مَسْعُودُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّوَابِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلصَّمَدِ اَلتَّمِيمِيِّ عَنِ اَلسَّيِّدِ أَبِي اَلْبَرَكَاتِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ اَلْحُسَيْنِيِّ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيِّ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ فِي مَدِينَةٍ اِثْنَا عَشَرَ سِبْطاً أُمَّةٌ أَبْرَارٌ(1) وَ كَانَ فِيهِمْ شَيْخٌ لَهُ اِبْنَةٌ وَ لَهُ اِبْنُ أَخٍ خَطَبَهَا إِلَيْهِ فَأَبَى أَنْ يُزَوِّجَهَا فَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَقَعَدَ لَهُ فِي اَلطَّرِيقِ إِلَى اَلْمَسْجِدِ فَقَتَلَهُ وَ طَرَحَهُ عَلَى طَرِيقِ أَفْضَلِ سِبْطٍ لَهُمْ ثُمَّ غَدَا يُخَاصِمُهُمْ فِيهِ فَانْتَهَوْا إِلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَأَخْبَرُوهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً قٰالُوا أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً أَسْأَلُكَ مِنْ قَتْلِ هَذَا تَقُولُ اِذْبَحُوا بَقَرَةً قٰالَ أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ وَ لَوِ اِنْطَلَقُوا إِلَى بَقَرَةٍ لَأَخْبَرَتْ (2) وَ لَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ قٰالُوا اُدْعُ لَنٰا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنٰا مٰا هِيَ قٰالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهٰا بَقَرَةٌ لاَ ذَلُولٌ فَرَجَعُوا إِلَى مُوسَى وَ قَالُوا لَمْ نَجِدْ هَذَا اَلنَّعْتَ إِلاَّ عِنْدَ غُلاَمٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ قَدْ أَبَى أَنْ يَبِيعَهَا إِلاَّ بِمِلْ ءِ مَسْكِهَا(3) دَنَانِيرَ قَالَ فَاشْتَرُوهَا فَابْتَاعُوهَا فَذُبِحَتْ قَالَ فَأَخَذَ جَذْوَةً مِنْ لَحْمِهَا فَضَرَبَهُ فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ مُوسَى مَنْ قَتَلَكَ فَقَالَ قَتَلَنِيَ اِبْنُ أَخِي اَلَّذِي يُخَاصِمُ فِي قَتْلِي قَالَ فَقُتِلَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ لِهَذَا اَلْبَقَرَةِ لَنَبَأً؟ فَقَالَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِنَّهَا كَانَتْ لِشَيْخٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لَهُ اِبْنٌ بَارٌّ بِهِ فَاشْتَرَى اَلاِبْنُ بَيْعاً فَجَاءَ (4) لِيَنْقُدَهُمُ اَلثَّمَنَ فَوَجَدَ أَبَاهُ نَائِماً فَكَرِهَ أَنْ يُوقِظَهُ وَ اَلْمِفْتَاحُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَأَخَذَ اَلْقَوْمُ مَتَاعَهُمْ فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا اِسْتَيْقَظَ قَالَ لَهُ يَا أَبَتِ إِنِّي اِشْتَرَيْتُ بَيْعاً كَانَ لِي فِيهِ مِنَ اَلْفَضْلِ كَذَا وَ كَذَا وَ إِنِّي جِئْتُ لِأَنْقُدَهُمُ اَلثَّمَنَ فَوَجَدْتُكَ نَائِماً وَ إِذَا اَلْمِفْتَاحُ
ص: 159
تَحْتَ رَأْسِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكَ وَ إِنَّ اَلْقَوْمَ أَخَذُوا مَتَاعَهُمْ وَ رَجَعُوا فَقَالَ اَلشَّيْخُ أَحْسَنْتَ يَا بُنَيَّ فَهَذِهِ اَلْبَقَرَةُ لَكَ بِمَا صَنَعْتَ وَ كَانَتْ بَقِيَّةٌ كَانَتْ لَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اُنْظُرُوا مَا ذَا صَنَعَ بِهِ اَلْبِرُّ (1)في ق 4: فغشوا.(2) .
175وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَجَّالِ عَنْ مُقَاتِلٍ (3) عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَذْبَحُوا بَقَرَةً وَ كَانَ يُجْزِيهِمْ مَا ذَبَحُوا وَ مَا تَيَسَّرَ لَهُمْ مِنَ اَلْبَقَرِ فَعَنِتُوا(3) وَ شَدَّدُوا فَشُدِّدَ عَلَيْهِمْ (4).
176 وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى اَلرِّضَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ فَبَعَثَ إِلَى صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ فَحَضَرْنَا جَمِيعاً فَوَعَظَنَا ثُمَّ قَالَ إِنَّ اَلْعَابِدَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكُنْ عَابِداً حَتَّى يَصْمُتَ عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا صَمَتَ عَشْرَ سِنِينَ كَانَ عَابِداً ثُمَّ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كُنْ خَيْراً لاَ شَرَّ مَعَهُ كُنْ وَرَقاً لاَ شَوْكَ مَعَهُ وَ لاَ تَكُنْ شَوْكاً لاَ وَرَقَ مَعَهُ وَ شَرّاً لاَ خَيْرَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُبْغِضُ اَلْقِيلَ وَ اَلْقَالَ وَ إِيضَاعَ اَلْمَالِ وَ كَثْرَةَ اَلسُّؤَالِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ قَالَ لَهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا مٰا لَوْنُهٰا فَلَمْ يَزَالُوا شُدِّدُوا(5) حَتَّى ذَبَحُوا بَقَرَةً يُمْلَأُ(6) جِلْدُهَا ذَهَباً ثُمَّ قَالَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ إِنَّ اَلْحُكَمَاءَ ضَيَّعُوا اَلْحِكْمَةَ لَمَّا وَضَعُوهَا عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِهَا (7) .
17عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
ص: 160
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ تَدْرِي لِمَ اِصْطَفَيْتُكَ بِكَلاَمِي مِنْ دُونِ خَلْقِي قَالَ لاَ يَا رَبِّ قَالَ لَمْ أَجِدْ أَحَداً أَذَلَّ نَفْساً مِنْكَ يَا مُوسَى إِنَّكَ إِذَا صَلَّيْتَ وَضَعْتَ خَدَّيْكَ عَلَى اَلتُّرَابِ (1).
178 وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَاحِبِ اَلسَّابِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا مُوسَى اُشْكُرْنِي حَقَّ شُكْرِي فَقَالَ يَا رَبِّ كَيْفَ أَشْكُرُكَ حَقَّ شُكْرِكَ وَ لَيْسَ مِنْ شُكْرٍ أَشْكُرُكَ بِهِ إِلاَّ وَ أَنْتَ أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ فَقَالَ يَا مُوسَى شَكَرْتَنِي حَقَّ شُكْرِي حِينَ عَلِمْتَ أَنَّ ذَلِكَ مِنِّي(2).
179وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(3) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَحْبِبْنِي وَ حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْكَ فَكَيْفَ لِي رَبِّي بِقُلُوبِ اَلْعِبَادِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ فَذَكِّرْهُمْ نِعْمَتِي وَ آلاَئِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَذْكُرُونَ مِنِّي إِلاَّ خَيْراً فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ رَضِيتُ بِمَا قَضَيْتَ تُمِيتُ اَلْكَبِيرَ وَ تُبْقِي اَلْأَوْلاَدَ اَلصِّغَارَ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ أَ مَا تَرْضَى بِي رَازِقاً وَ كَفِيلاً فَقَالَ بَلَى يَا رَبِّ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ وَ نِعْمَ اَلْكَفِيلُ (4).
180وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنِ اِبْنِ اَلْوَلِيدِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَجَّالِ عَنِ اَلْعَلاَءِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ زَوَالَ اَلشَّمْسِ فَوَكَّلَ اَللَّهُ بِهَا مَلَكاً فَقَالَ يَا مُوسَى قَدْ زَالَتِ اَلشَّمْسُ فَقَالَ مُوسَى مَتَى فَقَالَ حِينَ أَخْبَرْتُكَ وَ قَدْ سَارَتْ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ وَ اَللَّهِ هُوَ اَلْوَلِيُّ (5).
181وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ
ص: 161
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ عَبْدٌ بِشَيْ ءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ ثَلاَثِ خِصَالٍ فَقَالَ مُوسَى وَ مَا هِيَ يَا رَبِّ قَالَ اَلزُّهْدُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْوَرَعُ عَنْ مَحَارِمِي وَ اَلْبُكَاءُ مِنْ خَشْيَتِي فَقَالَ مُوسَى فَمَا لِمَنْ صَنَعَ ذَلِكَ فَقَالَ أَمَّا اَلزَّاهِدُونَ فِي اَلدُّنْيَا فَأُحَكِّمُهُمْ (1) فِي اَلْجَنَّةِ وَ أَمَّا اَلْوَرِعُونَ عَنْ مَحَارِمِي فَإِنِّي أُفَتِّشُ اَلنَّاسَ وَ لاَ أُفَتِّشُهُمْ وَ أَمَّا اَلْبَكَّاءُونَ مِنْ خَشْيَتِي فَفِي اَلرَّفِيقِ اَلْأَعْلَى لاَ يَشْرَكُهُمْ فِيهِ أَحَدٌ(2).
182وَ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَمَّادٍ عَنْ قُتَيْبَةَ اَلْأَعْشَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ إِلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ وَ كَمَا تَعْمَلُ كَذَلِكَ تُجْزَى مَنْ يَصْنَعِ (3) اَلْمَعْرُوفَ إِلَى اِمْرِئِ اَلسَّوْءِ (4) يُجْزَى(5) شَرّاً(6).
183وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : إِنَّ فِيمَا نَاجَى اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ قَالَ إِنَّ اَلدُّنْيَا لَيْسَتْ بِثَوَابٍ لِلْمُؤْمِنِ بِعَمَلِهِ وَ لاَ نَقِمَةٍ لِلْفَاجِرِ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ وَ هِيَ دَارُ اَلظَّالِمِينَ إِلاَّ اَلْعَامِلَ فِيهَا بِالْخَيْرِ فَإِنَّهَا لَهُ نِعْمَتِ اَلدَّارُ(7).
184وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا رَجُلٌ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ (8) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : كَانَ فِيمَا نَاجَى اَللَّهُ تَعَالَى بِهِ مُوسَى لاَ تَرْكَنْ إِلَى اَلدُّنْيَا رُكُونَ اَلظَّالِمِينَ وَ رُكُونَ مَنِ اِتَّخَذَهَا أُمّاً وَ أَباً يَا مُوسَى لَوْ وَكَلْتُكَ إِلَى نَفْسِكَ تَنْظُرُ(9) لَهَا لَغَلَبَ عَلَيْكَ حُبُّ
ص: 162
اَلدُّنْيَا وَ زَهْرَتُهَا يَا مُوسَى نَافِسْ فِي اَلْخَيْرِ أَهْلَهُ وَ اِسْبِقْهُمْ إِلَيْهِ فَإِنَّ اَلْخَيْرَ كَاسْمِهِ وَ اُتْرُكْ مِنَ اَلدُّنْيَا مَا بِكَ اَلْغِنَى عَنْهُ وَ لاَ تَنْظُرْ عَيْنَاكَ إِلَى كُلِّ مَفْتُونٍ فِيهَا مَوْكُولٍ إِلَى نَفْسِهِ وَ اِعْلَمْ أَنَّ كُلَّ فِتْنَةٍ بَذْرُهَا حُبُّ اَلدُّنْيَا وَ لاَ تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِرِضَا اَلنَّاسِ عَنْهُ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ رَاضٍ وَ لاَ تَغْبِطَنَّ أَحَداً بِطَاعَةِ اَلنَّاسِ لَهُ وَ اِتِّبَاعِهِمْ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ اَلْحَقِّ فَهُوَ هَلاَكٌ لَهُ وَ لِمَنِ اِتَّبَعَهُ (1).
185وَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَيُّ عِبَادِكَ أَبْغَضُ إِلَيْكَ قَالَ جِيفَةٌ بِاللَّيْلِ بَطَّالٌ بِالنَّهَارِ وَ قَالَ قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِرَبِّهِ يَا رَبِّ إِنْ كُنْتَ بَعِيداً نَادَيْتُ وَ إِنْ كُنْتَ قَرِيباً نَاجَيْتُ قَالَ يَا مُوسَى أَنَا جَلِيسُ مَنْ ذَكَرَنِي فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ إِنَّا نَكُونُ عَلَى حَالٍ مِنَ اَلْحَالاَتِ فِي اَلدُّنْيَا مِثْلَ اَلْغَائِطِ وَ اَلْجَنَابَةِ فَنَذْكُرُكَ قَالَ يَا مُوسَى اُذْكُرْنِي عَلَى كُلِّ حَالٍ وَ قَالَ قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَبِّ مَا لِمَنْ عَادَ مَرِيضاً قَالَ أُوَكِّلُ بِهِ مَلَكاً يَعُودُهُ فِي قَبْرِهِ إِلَى مَحْشَرِهِ قَالَ يَا رَبِّ مَا لِمَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً قَالَ أُخْرِجُهُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ قَالَ يَا رَبِّ مَا لِمَنْ شَيَّعَ جَنَازَةً قَالَ أُوَكِّلُ بِهِ مَلاَئِكَةً مَعَهُمْ رَايَاتٌ يُشَيِّعُونَهُ مِنْ مَحْشَرِهِ (2) إِلَى مَقَامِهِ قَالَ فَمَا لِمَنْ عَزَّى اَلثَّكْلَى قَالَ أُظِلُّهُ فِي ظِلِّي يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلِّي تَعَالَى اَللَّهُ وَ قَالَ فِيمَا نَاجَى اَللَّهُ بِهِ مُوسَى أَنْ قَالَ أَكْرِمِ اَلسَّائِلَ إِذَا هُوَ أَتَاكَ بِشَيْ ءٍ أَوْ بِبَذْلٍ يَسِيرٍ أَوْ بِرَدٍّ جَمِيلٍ فَإِنَّهُ قَدْ أَتَاكَ (3) مَنْ لَيْسَ بِجِنِّيٍّ وَ لاَ إِنْسِيٍّ مَلَكٌ مِنْ مَلاَئِكَةِ اَلرَّحْمَنِ لِيَبْلُوَكَ فِيمَا خَوَّلْتُكَ (4) وَ نَسْأَلَكَ عَمَّا مَوَّلْتُكَ فَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ وَ قَالَ يَا مُوسَى لَخُلُوفُ (5) فَمِ اَلصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اَللَّهِ مِنْ رِيحِ اَلْمِسْكِ (6).
ص: 163
186وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ حَبِيبٍ اَلسِّجِسْتَانِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : إِنَّ فِي اَلتَّوْرَاةِ مَكْتُوباً فِيمَا نَاجَى اَللَّهُ بِهِ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ خَفْنِي فِي سِرِّ أَمْرِكَ أَحْفَظْكَ مِنْ وَرَاءِ عَوْرَتِكَ وَ اُذْكُرْنِي فِي خَلَوَاتِكَ وَ عِنْدَ سُرُورِ لَذَّاتِكَ أَذْكُرْكَ عِنْدَ غَفَلاَتِكَ وَ اِمْلِكْ غَضَبَكَ عَمَّنْ مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِ أَكُفَّ غَضَبِي عَنْكَ وَ اُكْتُمْ مَكْنُونَ سِرِّي فِي سَرِيرَتِكَ وَ أَظْهِرْ فِي عَلاَنِيَتِكَ اَلْمُدَارَاةَ عَنِّي لِعَدُوِّكَ وَ عَدُوِّي مِنْ خَلْقِي يَا مُوسَى إِنِّي خَلَقْتُكَ وَ اِصْطَفَيْتُكَ وَ قَوَّيْتُكَ وَ أَمَرْتُكَ بِطَاعَتِي وَ نَهَيْتُكَ عَنْ مَعْصِيَتِي فَإِنْ أَنْتَ أَطَعْتَنِي أَعَنْتُكَ عَلَى طَاعَتِي وَ إِنْ أَنْتَ عَصَيْتَنِي لَمْ أُعِنْكَ عَلَى مَعْصِيَتِي وَ لِي عَلَيْكَ اَلْمِنَّةُ فِي طَاعَتِكَ وَ لِي عَلَيْكَ اَلْحُجَّةُ فِي مَعْصِيَتِكَ إِيَّايَ وَ قَالَ قَالَ مُوسَى يَا رَبِّ مَنْ يَسْكُنُ حَظِيرَةَ اَلْقُدْسِ قَالَ اَلَّذِينَ لَمْ تَرَ أَعْيُنُهُمُ اَلزِّنَا وَ لَمْ يُخَالِطْ أَمْوَالَهُمُ اَلرِّبَا وَ لَمْ يَأْخُذُوا فِي حُكْمِهِمُ اَلرِّشَا وَ قَالَ قَالَ يَا مُوسَى(1) لاَ تَسْتَذِلَّ اَلْفَقِيرَ وَ لاَ تَغْبِطِ اَلْغَنِيَّ بِالشَّيْ ءِ اَلْيَسِيرِ(2).
187وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلْبَصْرِيِّ عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ : مَرَّ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِرَجُلٍ رَافِعٍ يَدَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ يَدْعُو فَانْطَلَقَ مُوسَى فِي حَاجَتِهِ فَغَابَ عَنْهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ وَ هُوَ رَافِعٌ يَدَهُ يَدْعُو وَ يَتَضَرَّعُ وَ يَسْأَلُ حَاجَتَهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ يَا مُوسَى لَوْ دَعَانِي حَتَّى تَسْقُطَ لِسَانُهُ مَا اِسْتَجَبْتُ لَهُ حَتَّى يَأْتِيَنِي مِنَ اَلْبَابِ اَلَّذِي أَمَرْتُهُ بِهِ (3).
188وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ
ص: 164
أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا مَضَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ إِلَى اَلْجَبَلِ اِتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنْ أَفْضَلِ أَصْحَابِهِ قَالَ فَأَجْلَسَهُ فِي أَسْفَلِ اَلْجَبَلِ وَ صَعِدَ مُوسَى اَلْجَبَلَ فَنَاجَى رَبَّهُ ثُمَّ نَزَلَ فَإِذَا بِصَاحِبِهِ قَدْ أَكَلَ اَلسَّبُعُ وَجْهَهُ وَ قَطَّعَهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عِنْدِي ذَنْبٌ فَأَرَدْتُ أَنْ يَلْقَانِي وَ لاَ ذَنْبَ لَهُ (1).
189وَ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ اَلْبَصْرِيِّ (2) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالْحَسَنَةِ فَأُحَكِّمُهُ فِي اَلْجَنَّةِ قَالَ وَ مَا تِلْكَ اَلْحَسَنَةُ قَالَ يَمْشِي(3) فِي حَاجَةِ مُؤْمِنٍ (4).
190وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(5) عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : لَمَّا صَعِدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلطُّورِ فَنَادَى(6) رَبَّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي خَزَائِنَكَ قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ خَزَائِنِي إِذَا أَرَدْتُ شَيْئاً أَنْ أَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ وَ قَالَ قَالَ يَا رَبِّ أَيُّ خَلْقِكَ (7) أَبْغَضُ إِلَيْكَ قَالَ اَلَّذِي يَتَّهِمُنِي قَالَ وَ مِنْ خَلْقِكَ مَنْ يَتَّهِمُكَ قَالَ نَعَمْ اَلَّذِي يَسْتَخِيرُنِي فَأَخِيرُ لَهُ وَ اَلَّذِي أَقْضِي اَلْقَضَاءَ لَهُ وَ هُوَ خَيْرٌ لَهُ فَيَتَّهِمُنِي(8).
191وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنِ اِبْنِ سِنَانٍ عَنِ اِبْنِ مُسْكَانَ عَنِ اَلْوَصَّافِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(9) صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ
ص: 165
قَالَ : فِيمَا نَاجَى اَللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ قَالَ إِنَّ لِي عِبَاداً أُبِيحُهُمْ جَنَّتِي وَ أُحَكِّمُهُمْ فِيهَا قَالَ مُوسَى مَنْ هَؤُلاَءِ اَلَّذِينَ أَبَحْتَهُمْ جَنَّتَكَ وَ تُحَكِّمُهُمْ فِيهَا قَالَ مَنْ أَدْخَلَ عَلَى مُؤْمِنٍ سُرُوراً(1).
192وَ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ(2) عَنْ فَضَالَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى لاَ تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ اَلْمَالِ وَ لاَ تَدَعْ ذِكْرِي عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنَّ كَثْرَةَ اَلْمَالِ تُنْسِي اَلذُّنُوبَ وَ تَرْكَ ذِكْرِي يُقَسِّي اَلْقُلُوبَ (3).
193وَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : فِي اَلتَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ يَا اِبْنَ آدَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ قَلْبَكَ خَوْفاً وَ إِلاَّ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أَمْلَأْ قَلْبَكَ شُغُلاً بِالدُّنْيَا ثُمَّ لاَ أَسُدَّ فَاقَتَكَ وَ أَكِلْكَ إِلَى طَلَبِهَا(4).
فصل 7 في حديث حزبيل(5) عليه السّلام و هو مؤمن آل فرعون لما طلبه فرعون لعنه الله
194 أَرْسَلَ فِرْعَوْنُ رَجُلَيْنِ فِي طَلَبِهِ فَانْطَلَقَا فِي طَلَبِهِ فَوَجَدَاهُ قَائِماً يُصَلِّي بَيْنَ اَلْجِبَالِ وَ اَلْوُحُوشُ خَلْفَهُ فَأَرَادَا أَنْ يُعَجِّلاَهُ عَنْ صَلاَتِهِ فَأَمَرَ اَللَّهُ دَابَّةً مِنْ تِلْكَ اَلْوُحُوشِ كَأَنَّهَا بَعِيرٌ أَنْ تَحُولَ بَيْنَهُمَا وَ بَيْنَ اَلْمُؤْمِنِ فَطَرَدَتْهُمَا عَنْهُ حَتَّى قَضَى صَلاَتَهُ فَلَمَّا رَآهُمَا أَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً وَ قَالَ يَا رَبِّ أَجِرْنِي مِنْ فِرْعَوْنَ فَإِنَّكَ إِلَهِي عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَ بِكَ آمَنْتُ وَ إِلَيْكَ أَنَبْتُ أَسْأَلُكَ يَا إِلَهِي إِنْ كَانَ هَذَانِ اَلرَّجُلاَنِ يُرِيدَانِ بِي سُوءاً فَسَلِّطْ عَلَيْهِمَا فِرْعَوْنَ وَ عَجِّلْ ذَلِكَ
ص: 166
وَ إِنْ هُمَا أَرَادَانِي بِخَيْرٍ فَاهْدِهِمَا فَانْطَلَقَا حَتَّى دَخَلاَ عَلَى فِرْعَوْنَ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي عَايَنَاهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا مَا اَلَّذِي نَفَعَكَ أَنْ يُقْتَلَ فَكَتَمَ عَلَيْهِ فَقَالَ اَلْآخَرُ وَ عِزَّةِ فِرْعَوْنَ لاَ أَكْتُمُ عَلَيْهِ وَ أَخْبَرَ فِرْعَوْنَ عَلَى رُءُوسِ اَلنَّاسِ بِمَا رَأَى وَ كَتَمَ اَلْآخَرُ فَلَمَّا دَخَلَ حِزْبِيلُ قَالَ فِرْعَوْنُ لِلرَّجُلَيْنِ مَنْ رَبُّكُمَا قَالاَ أَنْتَ فَقَالَ لِحِزْبِيلَ وَ مَنْ رَبُّكَ قَالَ رَبِّي رَبُّهُمَا فَظَنَّ فِرْعَوْنُ أَنَّهُ يَعْنِيهِ فَوَقٰاهُ اَللّٰهُ سَيِّئٰاتِ مٰا مَكَرُوا وَ حٰاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ اَلْعَذٰابِ وَ سُرَّ فِرْعَوْنُ وَ أَمَرَ بِالْأَوَّلِ فَصُلِبَ فَنَجَّى اَللَّهُ اَلْمُؤْمِنَ وَ آمَنَ اَلْآخَرُ بِمُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى قُتِلَ مَعَ اَلسَّحَرَةِ (1).
195 لَمَّا اِجْتَمَعَ رَأْيُ فِرْعَوْنَ أَنْ يَكِيدَ مُوسَى فَأَوَّلُ مَا كَادَهُ بِهِ عَمَلُ اَلصَّرْحِ فَأَمَرَ هَامَانَ بِبِنَائِهِ حَتَّى اِجْتَمَعَ فِيهِ خَمْسُونَ أَلْفَ بَنَّاءٍ سِوَى مَنْ يَطْبُخُ اَلْآجُرَّ وَ يَنْجُرُ اَلْخَشَبَ وَ اَلْأَبْوَابَ وَ يَضْرِبُ اَلْمَسَامِيرَ حَتَّى رَفَعَ بُنْيَاناً لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ خَلَقَ اَللَّهُ اَلدُّنْيَا وَ كَانَ أَسَاسُهُ عَلَى جَبَلٍ فَزَلْزَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى فَانْهَدَمَ عَلَى عُمَّالِهِ وَ أَهْلِهِ وَ كُلِّ مَنْ كَانَ عَمِلَ فِيهِ مِنَ اَلْقَهَارِمَةِ وَ اَلْعُمَّالِ فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ رَبَّكَ عَدْلٌ لاَ يَجُورُ أَ فَعَدْلُهُ (2) اَلَّذِي أَمَرَ فَاعْتَزِلِ اَلْآنَ إِلَى عَسْكَرِكَ فَإِنَّ اَلنَّاسَ لَحِقُوا بِالْجِبَالِ وَ اَلرِّمَالِ فَإِذَا اِجْتَمَعُوا تُسْمِعُهُمْ (3) رِسَالَةَ رَبِّكَ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَخِّرْهُ وَ دَعْهُ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُجَنِّدَ لَكَ اَلْجُنُودَ فَيُقَاتِلَكَ وَ اِضْرِبْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ أَجَلاً وَ اُبْرُزْ إِلَى مُعَسْكَرِكَ يَأْمَنُوا بِأَمَانِكَ ثُمَّ اِبْنُوا بُنْيَاناً وَ اِجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً .
فَضَرَبَ مُوسَى بَيْنَهُ وَ بَيْنَ فِرْعَوْنَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى مُوسَى أَنَّهُ يَجْمَعُ لَكَ اَلْجُمُوعَ فَلاَ يَهُولَنَّكَ شَأْنُهُ فَإِنِّي أَكْفِيكَ كَيْدَهُ فَخَرَجَ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِ فِرْعَوْنَ وَ اَلْعَصَا مَعَهُ عَلَى حَالِهَا حَيَّةٌ تَتْبَعُهُ وَ تَنْعِقُ وَ تَدُورُ حَوْلَهُ وَ اَلنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ مُتَعَجِّبِينَ وَ قَدْ مُلِئُوا رُعْباً حَتَّى دَخَلَ مُوسَى عَسْكَرَهُ وَ أَخَذَ بِرَأْسِهَا فَإِذَا هِيَ عَصًا وَ جَمَعَ قَوْمَهُ وَ بَنَوْا مَسْجِداً
ص: 167
فَلَمَّا مَضَى اَلْأَجَلُ اَلَّذِي كَانَ بَيْنَ مُوسَى وَ فِرْعَوْنَ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنِ اِضْرِبْ بِعَصَاكَ اَلنِّيلَ وَ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْهُ فَضَرَبَهُ فَتَحَوَّلَ دَماً عَبِيطاً فَإِذَا وَرَدَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ اِسْتَقَوْا مَاءً صَافِياً وَ إِذَا وَرَدَهُ آلُ فِرْعَوْنَ اِخْتَضَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَ أَسْقِيَتُهُمْ بِالدَّمِ فَجَهَدَهُمُ اَلْعَطَشُ حَتَّى إِنَّ اَلْمَرْأَةَ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ تَسْتَقِي مِنْ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَإِذَا سَكَبَتِ اَلْمَاءَ لِفِرْعَوْنِيَّةٍ تَحَوَّلَ دَماً فَلَبِثُوا فِي ذَلِكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَ أَشْرَفُوا عَلَى اَلْمَوْتِ وَ اِسْتَغَاثَ (1)فِرْعَوْنُ وَ آلُهُ بِمَضْغِ اَلرَّطْبَةِ فَصُيِّرَ مَاؤُهَا مَالِحاً فَبَعَثَ فِرْعَوْنُ إِلَى مُوسَى اُدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُعِيدُ لَنَا هَذَا اَلْمَاءَ صَافِياً فَضَرَبَ مُوسَى بِالْعَصَا اَلنِّيلَ فَصَارَ مَاءً خَالِصاً هَذَا(2) قِصَّةُ اَلدَّمِ وَ أَمَّا قِصَّةُ اَلضَّفَادِعِ فَإِنَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى مُوسَى أَنْ يَقُومَ إِلَى شَفِيرِ اَلنِّيلِ حَتَّى يَخْرُجَ كُلُّ ضَفَادِعَ خَلَقَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ اَلْمَاءِ فَأَقْبَلَتْ تَدِبُّ سِرَاعاً تَؤُمُّ أَبْوَابَ اَلْمَدِينَةِ فَدَخَلَتْ فِيهَا حَتَّى مَلَأَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ فَلَمْ تَبْقَ دَارٌ وَ لاَ بَيْتٌ وَ لاَ إِنَاءٌ إِلاَّ اِمْتَلَأَتْ ضَفَادِعَ وَ لاَ طَعَامٌ وَ لاَ شَرَابٌ إِلاَّ فِيهِ ضَفَادِعُ حَتَّى غَمَّهُمْ ذَلِكَ وَ كَادُوا يَمُوتُونَ فَطَلَبَ فِرْعَوْنُ إِلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَدْعُوَ رَبَّهُ لِيَكْشِفَ اَلْبَلاَءَ وَ اِعْتَذَرَ إِلَيْهِ مِنَ اَلْخُلْفِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْعِفْهُ فَأَنَافَ (3)مُوسَى بِالْعَصَا فَلَحِقَ جَمِيعُ اَلضَّفَادِعِ بِالنِّيلِ وَ أَمَّا قِصَّةُ اَلْجَرَادِ وَ اَلْقُمَّلِ فَإِنَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ يَنْطَلِقَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ يُشِيرَ بِالْعَصَا نَحْوَ اَلْمَشْرِقِ وَ أُخْرَى نَحْوَ اَلْمَغْرِبِ فَانْبَثَّ (4) اَلْجَرَادُ مِنَ اَلْأُفُقَيْنِ جَمِيعاً فَجَاءَ مِثْلُ اَلْأَسْوَدِ وَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ اَلْحَصَادِ فَمَلَأَ كُلَّ شَيْ ءٍ وَ غَمَّ اَلزَّرْعَ فَأَكَلَهُ وَ أَكَلَ خَشَبَ اَلْبُيُوتِ وَ أَبْوَابَهَا وَ مَسَامِيرَ اَلْحَدِيدِ وَ اَلْأَقْفَالَ وَ اَلسَّلاَسِلَ وَ نَكَتَ مُوسَى اَلْأَرْضَ بِالْعَصَا فَامْتَلَأَتْ فَصَارَ وَجْهُ اَلْأَرْضِ أَسْوَدَ وَ أَحْمَرَ حَتَّى إِنَّ ثِيَابَهُمْ وَ لُحُفَهُمْ وَ آنِيَتَهُمْ فَتَجِيءُ مِنْ أَصْلِهِ (5) وَ تَجِيءُ مِنْ رَأْسِ اَلرَّجُلِ وَ لِحْيَتِهِ وَ تَأْكُلُ كُلَّ شَيْ ءٍ فَلَمَّا رَأَوُا اَلَّذِي نَزَلَ مِنَ اَلْبَلاَءِ اِجْتَمَعُوا إِلَى فِرْعَوْنَ وَ قَالُوا لَيْسَ مِنْ بَلاَءٍ إِلاَّ وَ يُمْكِنُ اَلصَّبْرُ عَلَيْهِ إِلاَّ اَلْجُوعَ فَإِنَّهُ بَلاَءٌ فَاضِحٌ
ص: 168
لاَ صَبْرَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ مَا أَنْتَ صَانِعٌ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنَ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِجُنْدِهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ أَمْرُهُ اَلَّذِي أَرَادَ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى أَنْ لاَ تَدَعَ لَهُ حُجَّةً وَ أَنْ يُنْظِرَهُ فَأَشَارَ بِعَصَاهُ فَانْقَشَعَ (1) اَلْجَرَادُ وَ اَلْقُمَّلُ مِنْ وَجْهِ اَلْأَرْضِ وَ أَمَّا اَلطَّمْسُ فَإِنَّ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ لَمَّا رَأَى آلَ فِرْعَوْنَ لاَ يَزِيدُونَ إِلاَّ كُفْراً دَعَا مُوسَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ رَبَّنٰا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَ مَلَأَهُ زِينَةً وَ أَمْوٰالاً فِي اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا... رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلىٰ أَمْوٰالِهِمْ فَطَمَسَ اَللَّهُ أَمْوَالَهُمْ حِجَارَةً فَلَمْ يُبْقِ لَهُمْ شَيْئاً مِمَّا خَلَقَ اَللَّهُ تَعَالَى يَمْلِكُونَهُ وَ لاَ حِنْطَةً وَ لاَ شَعِيراً وَ لاَ ثَوْباً وَ لاَ سِلاَحاً وَ لاَ شَيْئاً مِنَ اَلْأَشْيَاءِ إِلاَّ صَارَ حِجَارَةً وَ أَمَّا اَلطَّاعُونُ فَإِنَّهُ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى أَنِّي مُرْسِلٌ عَلَى(2) أَبْكَارِ آلِ فِرْعَوْنَ فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ اَلطَّاعُونَ فَلاَ يَبْقَى بِآلِ فِرْعَوْنَ مِنْ إِنْسَانٍ وَ لاَ دَابَّةٍ إِلاَّ قَتَلَهُ فَبَشَّرَ مُوسَى قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَانْطَلَقَتِ اَلْعُيُونُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِالْخَبَرِ فَلَمَّا بَلَغَهُ اَلْخَبَرُ قَالَ لِقَوْمِهِ قُولُوا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا أَمْسَيْتُمْ فَقَدِّمُوا أَبْكَارَكُمْ وَ قَدِّمُوا أَنْتُمْ أَبْكَارَكُمْ وَ اُقْرُنُوا كُلَّ بِكْرَيْنِ فِي سِلْسِلَةٍ فَإِنَّ اَلْمَوْتَ يَطْرُقُهُمْ لَيْلاً فَإِذَا وَجَدَهُمْ مُخْتَلِطِينَ لَمْ يَدْرِ بِأَيِّهِمْ يَبْطِشُ فَفَعَلُوا فَلَمَّا جَنَّهُمُ اَللَّيْلُ أَرْسَلَ اَللَّهُ تَعَالَى اَلطَّاعُونَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِنْسَانٌ وَ لاَ دَابَّةٌ إِلاَّ قَتَلَهُ فَأَصْبَحَ أَبْكَارُ آلِ فِرْعَوْنَ جِيَفاً وَ أَبْكَارُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْيَاءً سَالِمِينَ فَمَاتَ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ أَلْفاً سِوَى اَلدَّوَابِّ وَ كَانَ لِفِرْعَوْنَ مِنْ أَثَاثِ اَلدُّنْيَا وَ زَهْرَتِهَا وَ زِينَتِهَا وَ مِنَ اَلْحُلِيِّ وَ اَلْحُلَلِ مَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اَللَّهُ تَعَالَى فَأَوْحَى اَللَّهُ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَنِّي مُورِثٌ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا فِي أَيْدِي آلِ فِرْعَوْنَ فَقُلْ لَهُمْ لِيَسْتَعِيرُوا مِنْهُمُ اَلْحُلِيَّ وَ اَلزِّينَةَ فَإِنَّهُمْ لاَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ خَوْفِ اَلْبَلاَءِ وَ أَعْطَى فِرْعَوْنُ جَمِيعَ زِينَةِ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ مَا كَانَ فِي خَزَائِنِهِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى بِالْمَسِيرِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ مِنَ اَلْغَرَقِ بِفِرْعَونَ وَ قَوْمِهِ مَا كَانَ (3).
195 أَمَرَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَارُونَ أَنْ يُعَلِّقَ فِي رِدَاءِهِ خُيُوطاً خُضْراً فَلَمْ يُطِعْهُ
ص: 169
وَ اِسْتَكْبَرَ وَ قَالَ إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ اَلْأَرْبَابُ بِعَبِيدِهِمْ كَيْمَا يَتَمَيَّزُوا وَ خَرَجَ عَلَى مُوسَى فِي زِينَتِهِ عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ وَ مَعَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفِ مُقَاتِلٍ وَ ثَلاَثُمِائَةِ وَصِيفَةٍ عَلَيْهِنَّ اَلْحُلِيُّ وَ قَالَ لِمُوسَى أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مُوسَى قَالَ لِقَارُونَ اُبْرُزْ بِنَا فَادْعُ عَلَيَّ وَ أَدْعُو عَلَيْكَ وَ كَانَ اِبْنَ عَمٍّ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَحّاً(1) فَأَمَرَ اَلْأَرْضَ فَأَخَذَتْ قَارُونَ إِلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ أَنْشُدُكَ اَللَّهَ وَ اَلرَّحِمَ يَا مُوسَى فَابْتَلَعَتْهُ اَلْأَرْضُ وَ خَسَفَ بِهِ وَ بِدَارِهِ (2)في ق 3 و البحار: ليتجلجل، و في ق 4: لتخلخل، و في ق 2: فتخلخل.(3).
196وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلسَّائِبِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ قَارُونُ اِبْنَ عَمِّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانَتْ فِي زَمَانِ مُوسَى اِمْرَأَةٌ بَغِيٌّ لَهَا جَمَالٌ وَ هَيْئَةٌ فَقَالَ لَهَا قَارُونُ أُعْطِيكِ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَ تَجِيئِينَ غَداً إِلَى مُوسَى وَ هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتْلُو عَلَيْهِمُ اَلتَّوْرَاةَ فَتَقُولِينَ يَا مَعْشَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ مُوسَى دَعَانِي إِلَى نَفْسِهِ فَأَخَذْتُ مِنْهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ جَاءَتِ اَلْمَرْأَةُ اَلْبَغِيُّ فَقَامَتْ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ كَانَ قَارُونُ حَضَرَ فِي زِينَتِهِ فَقَالَتِ اَلْمَرْأَةُ يَا مُوسَى إِنَّ قَارُونَ أَعْطَانِي مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَقُولَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى رُءُوسِ اَلْأَشْهَادِ إِنَّكَ دَعَوْتَنِي إِلَى نَفْسِكَ وَ مَعَاذَ اَللَّهِ أَنْ تَكُونَ دَعَوْتَنِي لَقَدْ أَكْرَمَكَ اَللَّهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مُوسَى لِلْأَرْضِ خُذِيهِ فَأَخَذَتْهُ وَ اِبْتَلَعَتْهُ وَ إِنَّهُ لَيَتَخَلْخَلُ (3) مَا بَلَغَ وَ لِلَّهِ اَلْحَمْدُ(4).
197وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْقَاسِمِ اَلْأَسْتَرْآبَادِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ وَ إِذْ وٰاعَدْنٰا مُوسىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اِتَّخَذْتُمُ اَلْعِجْلَ (5) قَالَ كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْكُمْ وَ أَهْلَكَ أَعْدَاءَكُمْ أَتَيْتُكُمْ بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ يَشْتَمِلُ عَلَى أَوَامِرِهِ وَ نَوَاهِيهِ وَ مَوَاعِظِهِ وَ عِبَرِهِ وَ أَمْثَالِهِ فَلَمَّا فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْهُمْ أَمَرَهُ اَللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ اَلْمِيعَادَ
ص: 170
وَ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ اَلْكِتَابَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ فَجَاءَ اَلسَّامِرِيُّ فَشَبَّهَ عَلَى مُسْتَضْعَفِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ وَعَدَكُمْ مُوسَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْكُمْ عِنْدَ أَرْبَعِينَ وَ هَذِهِ عِشْرُونَ لَيْلَةً وَ عِشْرُونَ يَوْماً تَمَّتْ أَرْبَعِينَ (1) أَخْطَأَ مُوسَى وَ أَرَادَ رَبُّكُمْ أَنْ يُرِيَكُمْ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَدْعُوَكُمْ إِلَى نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ وَ أَنَّهُ لَمْ يَبْعَثْ مُوسَى لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْهِ فَأَظْهَرَ اَلْعِجْلَ اَلَّذِي عَمِلَهُ فَقَالُوا لَهُ كَيْفَ يَكُونُ اَلْعِجْلُ إِلَهَنَا قَالَ إِنَّمَا هَذَا اَلْعِجْلُ يُكَلِّمُكُمْ مِنْهُ رَبُّكُمْ كَمَا تَكَلَّمَ (2)مُوسَى مِنَ اَلشَّجَرَةِ فَضَلُّوا بِذَلِكَ فَنَصَبَ اَلسَّامِرِيُّ عِجْلاً مُؤَخَّرَهُ إِلَى حَائِطٍ وَ حَفَرَ فِي اَلْجَانِبِ اَلْآخَرِ فِي اَلْأَرْضِ وَ أَجْلَسَ فِيهِ (3) بَعْضَ مَرَدَتِهِ فَهُوَ اَلَّذِي يَضَعُ فَاهُ (4) عَلَى دُبُرِهِ وَ يُكَلِّمُ بِمَا تَكَلَّمَ لَمَّا قَالَ هٰذٰا إِلٰهُكُمْ وَ إِلٰهُ مُوسىٰ ثُمَّ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ تَمْوِيهَ اَلسَّامِرِيِّ وَ أَمَرَ اَللَّهُ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ مَنْ عَبَدَهُ فَاسْتَسْلَمَ اَلْمَقْتُولُونَ وَ قَالَ اَلْقَاتِلُونَ نَحْنُ أَعْظَمُ مُصِيبَةً مِنْهُمْ نَقْتُلُ بِأَيْدِينَا آبَاءَنَا وَ أَبْنَاءَنَا وَ إِخْوَانَنَا وَ قَرَابَاتِنَا فَلَمَّا اِسْتَمَرَّ اَلْقَتْلُ فِيهِمْ فَهُمْ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ إِلاَّ اِثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً اَلَّذِي لَمْ يَعْبُدُوا اَلْعِجْلَ فَوَقَفَ اَللَّهُ بَعْضَهُمْ فَقَالَ لِبَعْضٍ أَ وَ لَيْسَ اَللَّهُ قَدْ جَعَلَ اَلتَّوَسُّلَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَمْراً لاَ يَخِيبُ مَعَهُ طَالِبُهُ وَ هَكَذَا تَوَسَّلَتِ اَلْأَنْبِيَاءُ وَ اَلرُّسُلُ فَمَا بَالُنَا لاَ نَتَوَسَّلُ فَضَجُّوا يَا رَبَّنَا بِجَاهِ مُحَمَّدٍ اَلْأَكْرَمِ وَ بِجَاهِ عَلِيٍّ اَلْأَفْضَلِ اَلْأَعْلَمِ وَ بِجَاهِ فَاطِمَةَ اَلْفُضْلَى وَ بِجَاهِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَ بِجَاهِ اَلذُّرِّيَّةِ اَلطَّيِّبِينَ مِنْ آلِ طه وَ يَاسِينَ لَمَّا غَفَرْتَ لَنَا ذُنُوبَنَا وَ غَفَرْتَ هَفَوَاتِنَا وَ أَزَلْتَ هَذَا اَلْقَتْلَ عَنَّا فَنُودِيَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ كُفَّ عَنِ اَلْقَتْلِ (5).
198وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ
ص: 171
عَنْ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لَمَّا اِنْتَهَى بِهِمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلْأَرْضِ اَلْمُقَدَّسَةِ قَالَ لَهُمْ اُدْخُلُوا فَأَبَوْا أَنْ يَدْخُلُوهَا فَتَاهُوا فِي أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ كَانُوا إِذَا أَمْسَوْا نَادَى مُنَادِيهِمْ أَمْسَيْتُمُ اَلرَّحِيلَ (1) حَتَّى إِذَا اِنْتَهَى إِلَى مِقْدَارِ مَا أَرَادُوا أَمَرَ اَللَّهُ اَلْأَرْضَ فَدَارَتْ بِهِمْ إِلَى مَنَازِلِهِمُ اَلْأُولَى فَيُصْبِحُونَ فِي مَنْزِلِهِمُ اَلَّذِي اِرْتَحَلُوا مِنْهُ فَمَكَثُوا بِذَلِكَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ اَلْمَنُّ وَ اَلسَّلْوىٰ فَهَلَكُوا فِيهَا أَجْمَعِينَ إِلاَّ رَجُلَيْنِ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ وَ كَالِبَ بْنَ يُوفَنَّا(2) اَللَّذَيْنِ أَنْعَمَ اَللّٰهُ عَلَيْهِمَا وَ مَاتَ مُوسَى وَ هَارُونُ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا فَدَخَلَهَا يُوشَعُ بْنُ نُونٍ وَ كَالِبٌ وَ أَبْنَاؤُهُمَا وَ كَانَ مَعَهُمْ حَجَرٌ كَانَ مُوسَى يَضْرِبُهُ بِعَصَاهُ فَيَنْفَجِرُ مِنْهُ اَلْمَاءُ لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ (3).
199وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ جَازَ بِهِمُ اَلْبَحْرَ خَبِّرْنَا يَا مُوسَى بِأَيِّ قُوَّةٍ وَ بِأَيِّ عُدَّةٍ وَ عَلَى أَيِّ حَمُولَةٍ تَبْلُغُ اَلْأَرْضَ اَلْمُقَدَّسَةَ وَ مَعَكَ اَلذُّرِّيَّةُ وَ اَلنِّسَاءُ وَ اَلْهَرْمَى وَ اَلزَّمْنَى فَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا أَعْلَمُ قَوْماً وَرَّثَهُ اَللَّهُ مِنْ عَرَضِ اَلدُّنْيَا مَا وَرَّثَكُمْ وَ لاَ أَعْلَمُ أَحَداً آتَاهُ مِنْهَا مِثْلَ اَلَّذِي آتَاكُمْ فَمَعَكُمْ مِنْ ذَلِكَ مَا لاَ يُحْصِيهِ إِلاَّ اَللَّهُ تَعَالَى وَ قَالَ مُوسَى سَيَجْعَلُ اَللَّهُ لَكُمْ مَخْرَجاً فَاذْكُرُوهُ وَ رُدُّوا إِلَيْهِ أُمُورَكُمْ فَإِنَّهُ أَرْحَمُ بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ قَالُوا فَادْعُهُ يُطْعِمْنَا وَ يَسْقِنَا وَ يَكْسُنَا وَ يَحْمِلْنَا مِنَ اَلرِّجْلَةِ وَ يُظَلِّلْنَا مِنَ اَلْحَرِّ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى قَدْ أَمَرْتُ اَلسَّمَاءَ أَنْ يُمْطِرَ عَلَيْهِمُ اَلْمَنَّ وَ اَلسَّلْوَى وَ أَمَرْتُ اَلرِّيحَ أَنْ تُنَشِّفَ لَهُمُ اَلسَّلْوَى وَ أَمَرْتُ اَلْحِجَارَةَ أَنْ تَنْفَجِرَ وَ أَمَرْتُ اَلْغَمَامَ أَنْ تُظِلَّهُمْ وَ سَخَّرْتُ ثِيَابَهُمْ أَنْ تَثْبُتَ بِقَدْرِ مَا يَثْبُتُونَ (4) فَلَمَّا قَالَ لَهُمْ مُوسَى ذَلِكَ سَكَتُوا فَسَارَ بِهِمْ مُوسَى فَانْطَلَقُوا يَؤُمُّونَ اَلْأَرْضَ اَلْمُقَدَّسَةَ وَ هِيَ فِلَسْطِينُ وَ إِنَّمَا قَدَّسَهَا لِأَنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وُلِدَ بِهَا وَ كَانَتْ مَسْكَنَ أَبِيهِ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وُلِدَ بِهَا وَ نُقِلُوا كُلُّهُمْ بَعْدَ اَلْمَوْتِ إِلَى أَرْضِ فِلَسْطِينَ (5).
ص: 172
فصل 12 في حديث بلعم بن باعوراء(1)
200عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ وَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيِّ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَيَابَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُعَاوِيَةَ اَلدُّهْنِيِّ رَفَعَهُ قَالَ : فُتِحَتْ مَدَائِنُ اَلشَّامِ عَلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ فَفَتَحَهَا مَدِينَةً مَدِينَةً حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى اَلْبَلْقَاءِ فَلَقُوا فِيهَا رَجُلاً يُقَالُ لَهُ بَالِقٌ فَجَعَلُوا يَخْرُجُونَ يُقَاتِلُونَهُ لاَ يُقْتَلُ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ إِنَّ فِيهِمُ اِمْرَأَةً عِنْدَهَا عِلْمٌ ثُمَّ سَأَلُوا يُوشَعَ اَلصُّلْحَ ثُمَّ اِنْتَهَى إِلَى مَدِينَةٍ أُخْرَى فَحَصَرَهَا فَأَرْسَلَ صَاحِبُ اَلْمَدِينَةِ إِلَى بَلْعَمَ وَ دَعَاهُ فَرَكِبَ حِمَارَهُ إِلَى اَلْمَلِكِ فَعَثَرَ حِمَارُهُ تَحْتَهُ فَقَالَ لِمَ عَثَرْتَ فَكَلَّمَهُ اَللَّهُ فَقَالَ لِمَ لاَ أَعْثُرُ وَ هَذَا جَبْرَئِيلُ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ يَنْهَاكَ عَنْهُمْ وَ كَانَ عِنْدَهُمْ أَنَّ بَلْعَمَ أُوتِيَ اَلاِسْمَ اَلْأَعْظَمَ فَقَالَ اَلْمَلِكُ اُدْعُ عَلَيْهِمْ وَ هُوَ اَلْمُنَافِقُ اَلَّذِي رُوِيَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى وَ اُتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ اَلَّذِي آتَيْنٰاهُ آيٰاتِنٰا فَانْسَلَخَ مِنْهٰا نَزَلَ فِيهِ فَقَالَ لِصَاحِبِ اَلْمَدِينَةِ لَيْسَ لِلدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ وَ لَكِنْ أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تُزَيِّنَ اَلنِّسَاءَ وَ تَأْمُرَهُنَّ أَنْ يَأْتِينَ عَسْكَرَهُمْ فَتَتَعَرَّضَ [فَيَتَعَرَّضْنَ ] اَلرِّجَالَ فَإِنَّ اَلزِّنَا لَمْ يَظْهَرْ فِي قَوْمٍ قَطُّ إِلاَّ بَعَثَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلْمَوْتَ فَلَمَّا دَخَلَ اَلنِّسَاءُ اَلْعَسْكَرَ وَقَعَ اَلرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى يُوشَعَ إِنْ شِئْتَ سَلَّطْتُ عَلَيْهِمُ اَلْعَدُوَّ وَ إِنْ شِئْتَ أَهْلَكْتُهُمْ بِالسِّنِينَ وَ إِنْ شِئْتَ بِمَوْتٍ حَثِيثٍ عَجْلاَنَ فَقَالَ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لاَ أُحِبُّ أَنْ يُسَلِّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ وَ لاَ أَنْ يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ وَ لَكِنْ بِمَوْتٍ حَثِيثٍ عَجْلاَنَ قَالَ فَمَاتَ فِي ثَلاَثِ سَاعَاتٍ سَبْعُونَ أَلْفاً بِالطَّاعُونِ (2).
201وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا
ص: 173
جَدِّي عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ اَلرِّضَا عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لِكُلِّ أُمَّةٍ صِدِّيقٌ وَ فَارُوقٌ وَ صِدِّيقُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَ فَارُوقُهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِنَّ عَلِيّاً سَفِينَةُ نَجَاتِهَا وَ بَابُ حِطَّتِهَا وَ إِنَّهُ يُوشَعُهَا وَ شَمْعُونُهَا وَ ذُو قَرْنَيْهَا مَعَاشِرَ اَلنَّاسِ إِنَّ عَلِيّاً خَلِيفَةُ اَللَّهِ وَ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ بَعْدِي وَ إِنَّهُ لَأَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ خَيْرُ اَلْوَصِيِّينَ مَنْ نَازَعَهُ نَازَعَنِي وَ مَنْ ظَلَمَهُ ظَلَمَنِي وَ مَنْ بَرَّهُ بَرَّنِي وَ مَنْ جَفَاهُ فَقَدْ جَفَانِي(1).
202وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ اَلطَّالَقَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَيَّاشٍ اَلْقَطَّانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ اَلْمُنْذِرِ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ اُدْخُلُوا اَلْبٰابَ سُجَّداً إِنَّ ذَلِكَ حِينَ فَصَلَ مُوسَى مِنْ أَرْضِ اَلتِّيهِ فَدَخَلُوا اَلْعُمْرَانَ وَ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَخْطَئُوا خَطِيئَةً فَأَحَبَّ اَللَّهُ أَنْ يُنْقِذَهُمْ مِنْهَا إِنْ تَابُوا فَقَالَ لَهُمْ إِذَا اِنْتَهَيْتُمْ إِلَى بَابِ اَلْقَرْيَةِ فَاسْجُدُوا وَ قُولُوا حِطَّةٌ تَنْحَطَّ عَنْكُمْ خَطَايَاكُمْ فَأَمَّا اَلْمُحْسِنُونَ فَفَعَلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَ أَمَّا اَلَّذِينَ ظَلَمُوا فَزَعَمُوا حِنْطَةً حَمْرَاءَ فَبَدَّلُوا فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ (2) رِجْزاً(3).
203وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِمْضِ بِنَا إِلَى جَبَلِ طُورِ سَيْنَاءَ ثُمَّ خَرَجَا فَإِذَا بَيْتٌ عَلَى بَابِهِ شَجَرَةٌ عَلَيْهَا ثَوْبَانِ (4) فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ اِطْرَحْ ثِيَابَكَ وَ اُدْخُلْ هَذَا اَلْبَيْتَ وَ اِلْبَسْ هَاتَيْنِ اَلْحُلَّتَيْنِ وَ نَمْ
ص: 174
عَلَى اَلسَّرِيرِ فَفَعَلَ هَارُونُ فَلَمَّا أَنْ نَامَ عَلَى اَلسَّرِيرِ قَبَضَهُ اَللَّهُ إِلَيْهِ وَ اِرْتَفَعَ اَلْبَيْتُ وَ اَلشَّجَرَةُ وَ رَجَعَ مُوسَى إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّ اَللَّهَ قَبَضَ هَارُونَ وَ رَفَعَهُ إِلَيْهِ فَقَالُوا كَذَبْتَ أَنْتَ قَتَلْتَهُ فَشَكَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِ فَأَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْمَلاَئِكَةَ فَأَنْزَلَتْهُ عَلَى سَرِيرٍ بَيْنَ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ حَتَّى رَأَتْهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَعَلِمُوا أَنَّهُ مَاتَ (1).
204وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّ مَلَكَ اَلْمَوْتِ أَتَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا مَلَكُ اَلْمَوْتِ قَالَ فَمَا جَاءَ بِكَ قَالَ جِئْتُ لِأَقْبِضَ رُوحَكَ وَ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَتْرُكَكَ حَتَّى يَكُونَ اَلَّذِي تُرِيدُ وَ خَرَجَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ فَمَكَثَ مُوسَى مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ دَعَا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَأَوْصَى إِلَيْهِ وَ أَمَرَهُ بِكِتْمَانِ أَمْرِهِ وَ بِأَنْ يُوصِيَ بَعْدَهُ إِلَى مَنْ يَقُومُ بِالْأَمْرِ وَ غَابَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْمِهِ فَمَرَّ فِي غَيْبَتِهِ فَرَأَى مَلاَئِكَةً يَحْفِرُونَ قَبْراً قَالَ لِمَنْ تَحْفِرُونَ هَذَا اَلْقَبْرَ قَالُوا نَحْفِرُهُ وَ اَللَّهِ لِعَبْدٍ(2) كَرِيمٍ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إِنَّ لِهَذَا اَلْعَبْدِ مِنَ اَللَّهِ لَمَنْزِلَةً فَإِنِّي مَا رَأَيْتُ مَضْجَعاً وَ لاَ مَدْخَلاً أَحْسَنَ مِنْهُ فَقَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ يَا صَفِيَّ اَللَّهِ أَ تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ ذَلِكَ قَالَ وَدِدْتُ قَالُوا فَادْخُلْ وَ اِضْطَجِعْ فِيهِ ثُمَّ تَوَجَّهْ إِلَى رَبِّكَ فَاضْطَجَعَ فِيهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيَنْظُرَ كَيْفَ هُوَ فَكُشِفَ لَهُ عَنِ (3) اَلْغِطَاءِ فَرَأَى مَكَانَهُ فِي اَلْجَنَّةِ فَقَالَ يَا رَبِّ اِقْبِضْنِي إِلَيْكَ فَقَبَضَهُ مَلَكٍ اَلْمَوْتِ وَ دَفَنَهُ وَ كَانَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ صَلَّتْ عَلَيْهِ فَصَاحَ صَائِحٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ مَاتَ مُوسَى كَلِيمِ اَللَّهِ وَ أَيُّ نَفْسٍ لاَ تَمُوتُ فَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لاَ يَعْرِفُونَ مَكَانَ قَبْرِهِ فَسُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْ قَبْرِهِ قَالَ عِنْدَ اَلطَّرِيقِ اَلْأَعْظَمِ عِنْدَ اَلْكَثِيبِ اَلْأَحْمَرِ(4).
205وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ يَحْيَى اَلْعَطَّارِ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ
ص: 175
اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اِمْرَأَةٍ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَرَجَتْ عَلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ رَاكِبَةً زرافة فَكَانَ لَهَا أَوَّلِ اَلنَّهَارِ وَ لَهُ آخَرَ اَلنَّهَارِ فَظَفِرَ بِهَا فَأَشَارَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ بِمَا لاَ يَنْبَغِي فِيهَا فَقَالَ أَ بَعْدَ مُضَاجَعَةَ مُوسَى لَهَا وَ لَكِنْ أَحْفَظْهُ فِيهَا(1).
206وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنِ اَلْحَسَنِ اَلْعَطَّارِ(2) حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنِ عَلِيٍّ اَلسُّكَّرِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنِ زَكَرِيَّا اَلْبَصْرِيِّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ قَامَ بِالْأَمْرِ بَعْدَ مُوسَى صَابِراً مِنَ اَلطَّوَاغِيتِ عَلَى اَللَّأْوَاءِ (3) وَ اَلضَّرَّاءِ وَ اَلْجَهْدِ وَ اَلْبَلاَءِ حَتَّى مَضَى مِنْهُمْ ثَلاَثَ طَوَاغِيتَ فَقَوِيَ بَعْدَهُمْ أَمْرُهُ فَخَرَجَ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ مِنْ مُنَافِقِي قَوْمِ مُوسَى بِصَفْرَاءَ اِمْرَأَةِ مُوسَى فِي مِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ فَقَاتَلُوا يُوشَعَ فَغَلَبَهُمْ وَ قَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَ هَرَبَ اَلْبَاقُونَ بِإِذْنِ اَللَّهِ وَ أَسَرَ صَفْرَاءَ (4) وَ قَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْكِ فِي اَلدُّنْيَا إِلَى أَنْ أَلْقَى نَبِيٍّ اَللَّهِ مُوسَى فَأَشْكُو إِلَيْهِ مَا لَقِيتُ مِنْكِ (5) فَقَالَتْ صَفْرَاءُ وَا وَيْلاَهْ وَ اَللَّهِ لَوْ أُبِيحَتْ لِيَ اَلْجَنَّةُ لاَسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَرَى رَسُولَ اَللَّهِ وَ قَدْ هَتَكْتُ حِجَابَهُ عَلَى وَصِيِّهِ بَعْدَهُ (6).
ص: 176
207وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَابِدٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْحٌ وَ كَانَ يَعْبُدُ اَللَّهَ فِي صَوْمَعَةُ فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ وَ هُوَ يُصَلِّي فَدَعَتْهُ فَلَمْ يُجِبْهَا وَ لَمْ يُكَلِّمْهَا فَانْصَرَفَتْ وَ هِيَ تَقُولُ (1) أَسْأَلُ إِلَهَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَخْذُلَكَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ جَاءَتْ فَاجِرَةٌ وَ قَعَدَتْ عِنْدَ صَوْمَعَتِهِ قَدْ أَخَذَهَا اَلطَّلْقُ فَادَّعَتْ أَنَّ اَلْوَلَدَ مِنْ جُرَيْحٍ فَفَشَا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ مَنْ كَانَ يَلُومُ اَلنَّاسَ عَلَى الزناء زَنَى وَ أَمَرَ اَلْمَلِكُ بِصَلْبِهِ فَأَقْبَلَتْ أُمُّهُ إِلَيْهِ تَلْطِمُ وَجْهَهَا فَقَالَ لَهَا اِسْكُتِي إِنَّمَا هَذَا لِدَعْوَتِكِ فَقَالَ اَلنَّاسُ لَمَّا سَمِعُوا مِنْهُ ذَلِكَ وَ كَيْفَ لَنَا بِذَلِكَ قَالَ هَاتُوا اَلصَّبِيَّ فَجَاءُوا بِهِ فَأَخَذْتُهُ فَقَالَ مَنْ أَبُوكَ فَقَالَ فُلاَنٌ اَلرَّاعِي لِبَنِي فُلاَنٍ فَأَكْذَبَ اَللَّهُ اَلَّذِينَ قَالُوا مَا قَالُوا فِي جُرَيْحٍ فَحَلَفَ جُرَيْحٌ أَنْ لاَ يُفَارِقَ أُمَّهُ يَخْدُمُهَا(2).
208وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ فَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْأَشْعَرِيِّ عَنْ مِسْمَعٍ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ رَجُلٍ ظَالِمٍ فَكَانَ يُصَلِّ اَلرَّحِمَ وَ يُحْسِنُ عَلَى رَعِيَّتِهِ وَ يَعْدِلَ فِي اَلْحَكَمِ فَحَضَرَ أَجَلُهُ فَقَالَ رَبِّ حَضَرَ أَجَلِي وَ اِبْنِي صَغِيرٍ فمدد لِي فِي عُمُرِي فَأَرْسَلَ اَللَّهُ إِلَيْهِ أَنِّي قَدْ أَنْشَأَتْ لَكَ فِي عُمُرِكَ
ص: 177
اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَ قِيلَ لَهُ إِلَى هَذَا يَشِبُّ (1) اِبْنِكَ وَ يَعْلَمُ مِنْ كَانَ جَاهِلاً وَ يَسْتَحْكِمُ عَلَى مَنْ لاَ يَعْلَمُ (2).
209وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنِ اَلْحَكَمِ بْنِ مِسْكِينٍ عَنْ اَلنُّعْمَانِ بْنِ يَحْيَى اَلْأَزْرَقِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ مَلَكاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ لَأَبْنِيَنَّ مَدِينَةٍ لاَ يَعِيبُهَا أَحَدٌ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهَا اِجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا مِثْلُهَا قَطُّ فَقَالَ لَهُ رَجُلٍ لَوْ آمَنْتَنِي عَلَى نَفْسِي أَخْبَرْتُكَ بعيبها فَقَالَ لَكَ اَلْأَمَانُ فَقَالَ لَهَا عيبان أَحَدِهِمَا أَنَّكَ تَهْلِكُ عَنْهَا وَ اَلثَّانِي أَنَّهَا تَخْرَبُ مِنْ بَعْدِكَ فَقَالَ اَلْمَلِكُ وَ أَيُّ عَيْبٍ أَعِيبُ مِنْ هَذَا ثُمَّ قَالَ فَمَا نَصْنَعُ قَالَ تَبْنِي مَا يَبْقَى وَ لاَ يَفْنَى وَ تَكُونُ شَابّاً لاَ تهرم أَبَداً فَقَالَ اَلْمَلِكِ لاِبْنَتِهِ ذَلِكَ فَقَالَتْ مَا صَدَّقَكَ أَحَدٌ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِكَ (3).
210وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ اِبْنِ بُكَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اَلْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ وَ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ فَزَوَّجَهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ وَاحِدٍ زَرَّاعٍ وَ آخَرَ يَعْمَلُ اَلْفَخَّارِ ثُمَّ إِنَّهُ زَارَهُمَا فَبَدَأَ بِامْرَأَةِ اَلزَّرَّاعِ فَقَالَ لَهَا كَيْفَ حَالِكَ قَالَتْ قَدْ زَرَعَ زَوْجِي زَرْعاً كَثِيراً فَإِنْ جَاءَ اَللَّهِ بِالسَّمَاءِ فَنَحْنُ أَحْسَنُ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَالاً ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أُخْرَى فَسَأَلَهَا عَنْ حَالِهَا فَقَالَ قَدْ عَمِلَ زَوْجِي فَخَّاراً كَثِيراً فَإِنْ أَمْسَكَ اَللَّهُ اَلسَّمَاءِ عَنَّا فَنَحْنُ أَحْسَنُ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَالاً فَانْصَرَفَ وَ هُوَ يَقُولُ اَللَّهُمَّ أَنْتَ لَهُمَا(4).
211وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ رَفَعَهُ فَقَالَ : اِلْتَقَى مَلَكَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ بَعَثَنِي رَبِّي أَحْبِسَ اَلسَّمَكِ فَإِنْ فُلاَناً اَلْمَلِكِ اِشْتَهَى سَمَكَةً فَأَمَرَنِي أَنْ أحبسه لَهُ ليؤخذ لَهُ اَلَّذِي يَشْتَهِي مِنْهُ فَأَنْتَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ بَعَثَنِي رَبِّي إِلَى
ص: 178
فُلاَنٍ اَلْعَابِدِ فَإِنَّهُ قَدْ طُبِخَ قَدْراً وَ هُوَ صَائِمٌ فَأَرْسَلَنِي رَبِّي أَنْ أكفئها(1).
212وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ قِرْوَاشٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُحَدِّثُ قَالَ : مَرَّ عَالِمٌ بِعَابِدٍ وَ هُوَ يُصَلِّي فَقَالَ يَا هَذَا كَيْفَ صَلاَتُكَ قَالَ مِثْلِي يُسْأَلُ عَنْ هَذَا قَالَ ثُمَّ بَكَى قَالَ وَ كَيْفَ بُكَاؤُكَ فَقَالَ إِنِّي لَأَبْكِي حَتَّى تَجْرِيَ دُمُوعِي فَضَحِكَ اَلْعَالِمِ وَ قَالَ تَضْحَكْ وَ أَنْتَ خَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ أَفْضَلُ مِنْ بُكَائِكَ وَ أَنْتَ مُدِلٌّ بِعَمَلِكَ إِنَّ اَلْمُدِلَّ بِعَمَلِهِ مَا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْ ءٌ .
وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لاَ حَرَجَ (2).
213وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ جَهْمٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ وَ اَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَغَاظَ إِبْلِيسَ ذَلِكَ فَبَعَثَ إِلَيْهِ شَيْطَاناً فَقَالَ قُلِ اَلْعَاقِبَةُ لِلْأَغْنِيَاءِ فَجَاءَهُ فَقَالَ ذَلِكَ فَتَحَاكَمَا إِلَى أَوَّلِ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَطْعِ يَدِ اَلَّذِي يَحْكُمُ عَلَيْهِ فَلَقِيَا شَخْصاً فَأَخْبَرَاهُ بِحَالِهِمَا فَقَالَ اَلْعَاقِبَةُ لِلْأَغْنِيَاءِ فَرَجَعَ (3) وَ هُوَ يَحْمَدُ اَللَّهَ وَ يَقُولُ اَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَقَالَ لَهُ تَعُودُ أَيْضاً فَقَالَ نَعَمْ عَلَى اَلْيَدِ اَلْأُخْرَى فَخَرَجَا فَطَلَعَ اَلْآخَرُ فَحَكَمَ عَلَيْهِ أَيْضاً فَقُطِعَتْ يَدُهُ اَلْأُخْرَى وَ عَادَ أَيْضاً يَحْمَدُ اَللَّهَ وَ يَقُولُ اَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَقَالَ لَهُ تُحَاكِمُنِي عَلَى ضَرْبِ اَلْعُنُقِ فَقَالَ نَعَمْ فَخَرَجَا فَرَأَيَا مِثَالاً فَوَقَفَا عَلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ حَاكَمْتُ هَذَا وَ قَصَّا عَلَيْهِ قِصَّتَهُمَا قَالَ فَمَسَحَ يَدَيْهِ فَعَادَتَا ثُمَّ
ص: 179
ضَرَبَ عُنُقَ ذَلِكَ اَلْخَبِيثِ وَ قَالَ هَكَذَا اَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1)بحار الأنوار (509/14) روي نحوه عن الكافي ذيل الحديث برقم (35).(2).
214وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلثُّمَالِيِّ (3) عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ قَاضٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَانَ يَقْضِي فِيهِمْ بِالْحَقِّ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا مِتُّ فَاغْسِلِينِي وَ كَفِّنِينِي وَ غَطِّي وَجْهِي وَ ضَعِينِي عَلَى سَرِيرِي فَإِنَّكِ لاَ تَرَيْنَ سُوءاً إِنْ شَاءَ اَللَّهُ تَعَالَى فَلَمَّا مَاتَ فَعَلَتْ مَا كَانَ أَمَرَهَا بِهِ ثُمَّ مَكَثَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حِيناً ثُمَّ إِنَّهَا كَشَفَتْ عَنْ وَجْهِهِ فَإِذَا دُودَةٌ تَقْرِضُ مِنْ مِنْخَرِهِ فَفَزِعَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا كَانَ بِاللَّيْلِ أَتَاهَا فِي مَنَامِهَا يَعْنِي رَأَتْهُ فِي اَلنَّوْمِ فَقَالَ لَهَا فَزِعْتِ مِمَّا رَأَيْتِ قَالَتْ أَجَلْ قَالَ وَ اَللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ فِي أَخِيكِ وَ ذَلِكِ أَنَّهُ أَتَانِي وَ مَعَهُ خَصْمٌ لَهُ فَلَمَّا جَلَسَا قُلْتُ اَللَّهُمَّ اِجْعَلِ اَلْحَقَّ لَهُ فَلَمَّا اِخْتَصَمَا كَانَ اَلْحَقُّ لَهُ فَفَرِحْتُ فَأَصَابَنِي مَا رَأَيْتِ لِمَوْضِعِ هَوَايَ مَعَ مُوَافَقَةِ اَلْحَقِّ لَهُ (4).
215وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي اَلْعَبَّاسِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ : إِنَّ قَوْماً فِي اَلزَّمَانِ اَلْأَوَّلِ أَصَابُوا ذَنْباً فَخَافُوا مِنْهُ فَجَاءَهُمْ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَالُوا مَا بَالُكُمْ قَالُوا أَصَبْنَا ذُنُوباً فَخِفْنَا مِنْهَا وَ أَشْفَقْنَا فَقَالُوا لاَ تَخَافُوا نَحْنُ نَحْمِلُهَا فَقَالَ اَللَّهُ تَعَالَى لاَ تَخَافُونَ وَ تَجْتَرِءُونَ عَلَيَّ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ بِهِمُ اَلْعَذَابَ (4).
216وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ :
ص: 180
أَنَّ قَوْماً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ اُدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُمْطِرْ عَلَيْنَا اَلسَّمَاءَ إِذَا أَرَدْنَا فَسَأَلَ رَبَّهُ ذَلِكَ فَوَعَدَهُ أَنْ يَفْعَلُ فَأَمْطَرَ اَلسَّمَاءَ عَلَيْهِمْ كُلَّمَا أَرَادُوا فَزَرَعُوا فَنَمَتْ زُرُوعُهُمْ وَ خَصِبَتْ (1) فَلَمَّا حَصَدُوا لَمْ يَجِدُوا شَيْئاً فَقَالُوا إِنَّمَا سَأَلْنَا اَلْمَطَرَ لِلْمَنْفَعَةِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرْضَوْا بِتَدْبِيرِي لَهُمْ أَوْ نَحْوَ هَذَا(2).
217وَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كَانَ وَرَشَانٌ يُفْرِخُ فِي شَجَرَةٍ وَ كَانَ رَجُلٌ يَأْتِيهِ إِذَا أَدْرَكَ اَلْفَرْخَانِ فَيَأْخُذُ اَلْفَرْخَيْنِ فَشَكَا ذَلِكَ اَلْوَرَشَانُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إِنِّي سَأَكْفِيكَهُ قَالَ فَأَفْرَخَ اَلْوَرَشَانُ وَ جَاءَ اَلرَّجُلُ وَ مَعَهُ رَغِيفَانِ فَصَعِدَ اَلشَّجَرَةَ وَ عَرَضَ لَهُ سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ أَحَدَ اَلرَّغِيفَيْنِ ثُمَّ صَعِدَ فَأَخَذَ اَلْفَرْخَيْنِ وَ نَزَلَ بِهِمَا فَسَلَّمَهُ اَللَّهُ لِمَا تَصَدَّقَ بِهِ (3).
218وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ رَجُلاً كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ دَعَا اَللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ غُلاَماً يَدْعُو ثَلاَثاً وَ ثَلاَثِينَ سَنَةً فَلَمَّا رَأَى أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لاَ يُجِيبُهُ قَالَ يَا رَبِّ أَ بَعِيدٌ أَنَا مِنْكَ فَلاَ تَسْمَعُ مِنِّي أَمْ قَرِيبٌ أَنْتَ فَلاَ تُجِيبُنِي فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ تَدْعُو اَللَّهَ بِلِسَانٍ بَذِيٍّ وَ قَلْبٍ غَلِقٍ (4) غَيْرِ نَقِيٍّ وَ بِنِيَّةٍ غَيْرِ صَادِقَةٍ فَأَقْلِعْ مِنْ بَذَائِكَ وَ لْيَتَّقِ اَللَّهَ قَلْبُكَ وَ لْتَحْسُنْ نِيَّتُكَ قَالَ فَفَعَلَ اَلرَّجُلُ ذَلِكَ (5) فَدَعَا اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَوُلِدَ لَهُ غُلاَمٌ (6).
219وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَهُ فَتَلاَ قَوْلَ اَللَّهِ تَعَالَى ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كٰانُوا يَكْفُرُونَ
ص: 181
بِآيٰاتِ اَللّٰهِ وَ يَقْتُلُونَ اَلْأَنْبِيٰاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمٰا عَصَوْا وَ كٰانُوا يَعْتَدُونَ (1) فَقَالَ أَمَا وَ اَللَّهِ مَا ضَرَبُوهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ لاَ قَتَلُوهُمْ بِأَسْيَافِهِمْ وَ لَكِنْ سَمِعُوا أَحَادِيثَهُمْ فَأَذَاعُوهَا عَلَيْهِمْ فَأُخِذُوا وَ قُتِلُوا فَصَارَ اِعْتِدَاءً وَ مَعْصِيَةً (2).
220وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَاقِلٌ كَثِيرُ اَلْمَالِ وَ كَانَ لَهُ اِبْنٌ يُشْبِهُهُ فِي اَلشَّمَائِلِ مِنْ زَوْجَةٍ عَفِيفَةٍ وَ كَانَ لَهُ اِبْنَانِ مِنْ زَوْجَةٍ غَيْرِ عَفِيفَةٍ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ قَالَ لَهُمْ هَذَا مَالِي لِوَاحِدٍ فَلَمَّا تُوُفِّيَ قَالَ اَلْكَبِيرُ أَنَا ذَلِكَ اَلْوَاحِدُ وَ قَالَ اَلْأَوْسَطُ أَنَا ذَلِكَ وَ قَالَ اَلْأَصْغَرُ أَنَا ذَلِكَ فَاخْتَصَمُوا إِلَى قَاضِيهِمْ قَالَ لَيْسَ عِنْدِي فِي أَمْرِكُمْ شَيْ ءٌ اِنْطَلِقُوا إِلَى بَنِي غَنَّامٍ اَلْإِخْوَةِ اَلثَّلاَثِ فَانْتَهَوْا إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَأَوْا شَيْخاً كَبِيراً فَقَالَ لَهُمُ اُدْخُلُوا إِلَى أَخِي فُلاَنٍ أَكْبَرُ مِنِّي فَاسْأَلُوهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَخَرَجَ شَيْخٌ كَهْلٌ فَقَالَ اِسْأَلُوا أَخِيَ اَلْأَكْبَرَ مِنِّي فَدَخَلُوا عَلَى اَلثَّالِثِ فَإِذَا هُوَ فِي اَلْمَنْظَرِ أَصْغَرُ فَسَأَلُوهُ أَوَّلاً عَنْ حَالِهِمْ ثُمَّ سَأَلَهُمْ فَقَالَ أَمَّا أَخِيَ اَلَّذِي رَأَيْتُمُوهُ أَوَّلاً فَهُوَ اَلْأَصْغَرُ وَ إِنَّ لَهُ اِمْرَأَةَ سَوْءٍ تَسُوؤُهُ وَ قَدْ صَبَرَ عَلَيْهَا مَخَافَةَ أَنْ يُبْتَلَى بِبَلاَءٍ لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَهَرَّمَتْهُ وَ أَمَّا أَخِيَ اَلثَّانِي فَإِنَّ عِنْدَهُ زَوْجَةً تَسُوؤُهُ وَ تَسُرُّهُ فَهُوَ مُتَمَاسِكُ اَلشَّبَابِ وَ أَمَّا أَنَا فَزَوْجَتِي تَسُرُّنِي وَ لاَ تَسُوؤُنِي وَ لَمْ يَلْزَمْنِي مِنْهَا مَكْرُوهٌ قَطُّ مُنْذُ صَحِبَتْنِي فَشَبَابِي مَعَهَا مُتَمَاسِكٌ وَ أَمَّا حَدِيثُكُمُ اَلَّذِي هُوَ حَدِيثُ أَبِيكُمْ فَانْطَلِقُوا أَوَّلاً وَ بَعْثِرُوا قَبْرَهُ وَ اِسْتَخْرِجُوا عِظَامَهُ وَ أَحْرِقُوهَا ثُمَّ عُودُوا لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمْ فَانْصَرَفُوا فَأَخَذَ اَلصَّبِيُّ سَيْفَ أَبِيهِ وَ أَخَذَ اَلْأَخَوَانِ اَلْمَعَاوِلَ فَلَمَّا أَنْ هَمَّا بِذَلِكَ قَالَ لَهُمُ اَلصَّغِيرُ لاَ تُبَعْثِرُوا قَبْرَ أَبِي وَ أَنَا أَدَعُ لَكُمَا حِصَّتِي فَانْصَرَفُوا إِلَى اَلْقَاضِي فَقَالَ يُقْنِعُكُمَا هَذَا اِئْتُونِي بِالْمَالِ فَقَالَ لِلصَّغِيرِ خُذِ اَلْمَالَ فَلَوْ كَانَا اِبْنَيْهِ لَدَخَلَهُمَا مِنَ اَلرِّقَّةِ كَمَا دَخَلَ عَلَى اَلصَّغِيرِ(3).
221وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنِ اَلْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَ كَانَتْ لَهُ اِمْرَأَةٌ
ص: 182
صَالِحَةٌ فَرَأَى فِي اَلنَّوْمِ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَقَّتَ لَكَ مِنَ اَلْعُمُرِ كَذَا وَ كَذَا سَنَةً وَ جَعَلَ نِصْفَ عُمُرِكَ فِي سَعَةٍ وَ جَعَلَ اَلنِّصْفَ اَلْآخَرَ فِي ضِيقٍ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ إِمَّا اَلنِّصْفَ اَلْأَوَّلَ وَ إِمَّا اَلنِّصْفَ اَلْأَخِيرَ فَقَالَ اَلرَّجُلُ إِنَّ لِي زُوْجَةً صَالِحَةً وَ هِيَ شَرِيكَتِي فِي اَلْمَعَاشِ فَأُشَاوِرُهَا فِي ذَلِكَ وَ تَعُودُ إِلَيَّ فَأُخْبِرُكَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اَلرَّجُلُ قَالَ لِزَوْجَتِهِ رَأَيْتُ فِي اَلنَّوْمِ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَتْ يَا فُلاَنُ اِخْتَرِ اَلنِّصْفَ اَلْأَوَّلَ وَ تَعَجَّلِ اَلْعَافِيَةَ لَعَلَّ اَللَّهَ سَيَرْحَمُنَا وَ يُتِمُّ لَنَا اَلنِّعْمَةَ فَلَمَّا كَانَ فِي اَللَّيْلَةِ اَلثَّانِيَةِ أَتَى اَلْآتِي فَقَالَ مَا اِخْتَرْتَ فَقَالَ اِخْتَرْتُ اَلنِّصْفَ اَلْأَوَّلَ فَقَالَ ذَلِكَ لَكَ فَأَقْبَلَتِ اَلدُّنْيَا عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَ لَمَّا ظَهَرَتْ نِعْمَتُهُ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ قَرَابَتُكَ وَ اَلْمُحْتَاجُونَ فَصِلْهُمْ وَ بِرَّهُمْ وَ جَارُكَ وَ أَخُوكَ فُلاَنٌ فَهَبْهُمْ فَلَمَّا مَضَى نِصْفُ اَلْعُمُرِ وَ جَازَ حَدُّ اَلْوَقْتِ رَأَى اَلرَّجُلُ اَلَّذِي رَآهُ أَوَّلاً فِي اَلنَّوْمِ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَكَرَ لَكَ ذَلِكَ وَ لَكَ تَمَامَ عُمُرِكَ سَعَةٌ مِثْلُ مَا مَضَى(1).
222وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : خَرَجَتِ اِمْرَأَةٌ بَغِيٌّ عَلَى شَبَابٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَفْتَنَتْهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ كَانَ اَلْعَابِدُ فُلاَناً لَوْ رَآهَا أَفْتَنَتْهُ (2) وَ سَمِعَتْ مَقَالَتَهُمْ فَقَالَتْ وَ اَللَّهِ لاَ أَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِي حَتَّى أَفْتِنَهُ فَمَضَتْ نَحْوَهُ فِي اَللَّيْلِ فَدَقَّتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ آوِي عِنْدَكَ فَأَبَى عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ بَعْضَ شَبَابِ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَاوَدُونِي عَنْ نَفْسِي فَإِنْ أَدْخَلْتَنِي وَ إِلاَّ لَحِقُونِي وَ فَضَحُونِي فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتَهَا فَتَحَ لَهَا فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ رَمَتْ بِثِيَابِهَا فَلَمَّا رَأَى جَمَالَهَا وَ هَيَئَتَهَا وَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَ قَدْ كَانَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى اَلنَّارِ فَقَالَتْ أَيَّ شَيْ ءٍ تَصْنَعُ فَقَالَ أُحْرِقُهَا لِأَنَّهَا عَمِلَتِ اَلْعَمَلَ فَخَرَجَتْ حَتَّى أَتَتْ جَمَاعَةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَتِ اِلْحَقُوا فُلاَناً فَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى اَلنَّارِ فَأَقْبَلُوا فَلَحِقُوهُ وَ قَدِ اِحْتَرَقَتْ يَدُهُ (3).
ص: 183
223وَ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ عَابِداً كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَضَافَ اِمْرَأَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَهَمَّ بِهَا فَأَقْبَلَ كُلَّمَا هَمَّ بِهَا قَرَّبَ إِصْبَعاً مِنْ أَصَابِعِهِ إِلَى اَلنَّارِ فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ حَتَّى أَصْبَحَ فَقَالَ لَهَا اُخْرُجِي لَبِئْسَ اَلضَّيْفُ كُنْتِ لِي(1).
224وَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ وَ كَانَ مُحْتَاجاً فَأَلَحَّتْ عَلَيْهِ اِمْرَأَتُهُ فِي طَلَبِ اَلرِّزْقِ فَابْتَهَلَ إِلَى اَللَّهِ فِي اَلرِّزْقِ فَرَأَى فِي اَلنَّوْمِ أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ دِرْهَمَانِ مِنْ حِلٍّ أَوْ أَلْفَانِ مِنْ حَرَامٍ فَقَالَ دِرْهَمَانِ مِنْ حِلٍّ فَقَالَ تَحْتَ رَأْسِكَ فَانْتَبَهَ فَرَأَى اَلدِّرْهَمَيْنِ تَحْتَ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُمَا وَ اِشْتَرَى بِدِرْهَمٍ سَمَكَةً فَأَقْبَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ اَلْمَرْأَةُ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ كَاللاَّئِمَةِ وَ أَقْسَمَتْ أَنْ لاَ تَمَسَّهَا فَقَامَ اَلرَّجُلُ فَلَمَّا شَقَّ بَطْنَهَا إِذَا بِدُرَّتَيْنِ فَبَاعَهَا بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (2).
225وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ جَبَّارٌ وَ إِنَّهُ أُقْعِدَ فِي قَبْرِهِ وَ رُدَّ إِلَيْهِ رُوحُهُ فَقِيلَ لَهُ إِنَّا جَالِدُوكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ مِنْ عَذَابِ اَللَّهِ قَالَ لاَ أُطِيقُهَا فَلَمْ يَزَالُوا يَنْقُصُونَهُ (3) مِنَ اَلْجَلْدِ وَ هُوَ يَقُولُ لاَ أُطِيقُ حَتَّى صَارُوا إِلَى وَاحِدَةٍ قَالَ لاَ أُطِيقُهَا قَالُوا لَنْ نَصْرِفَهَا عَنْكَ قَالَ فَلِمَا ذَا تَجْلِدُونَنِي قَالُوا مَرَرْتَ يَوْماً بِعَبْدٍ لِلَّهِ ضَعِيفٍ مِسْكِينٍ مَقْهُورٍ فَاسْتَغَاثَ بِكَ فَلَمْ تُغِثْهُ وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ قَالَ فَجَلَدُوهُ جَلْدَةً وَاحِدَةً فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ نَاراً(4).
226وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ اَلْخُرَاسَانِيِّ
ص: 184
عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : رَوَوْا أَنْ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَنَى قَصْراً فَجَوَّدَهُ وَ شَيَّدَهُ ثُمَّ صَنَعَ طَعَاماً فَدَعَا اَلْأَغْنِيَاءَ وَ تَرَكَ اَلْفُقَرَاءَ فَكَانَ إِذَا جَاءَ اَلْفَقِيرُ قِيلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِنَّ هَذَا طَعَامٌ لَمْ يُصْنَعْ لَكَ وَ لِأَشْبَاهِكَ قَالَ فَبَعَثَ اَللَّهُ مَلَكَيْنِ فِي زِيِّ اَلْفُقَرَاءِ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَهُمَا اَللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَأْتِيَا فِي زِيِّ اَلْأَغْنِيَاءِ فَأُدْخِلاَ وَ أُكْرِمَا وَ أُجْلِسَا فِي اَلصَّدْرِ فَأَمَرَهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْسِفَا اَلْمَدِينَةَ وَ مَنْ فِيهَا(1).
227وَ بِإِسْنَادِهِ : عَنْ أَحْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ اَلصَّغِيرِ مِنْهُمْ وَ اَلْكَبِيرِ كَانُوا يَمْشُونَ بِالْعَصَا مَخَافَةَ أَنْ يَخْتَالَ أَحَدٌ فِي مِشْيَتِهِ (2)في البحار: عارفا. و الصّحيح - كما في جميع النّسخ و الكافي على ما نقل عنه البحار - ما أثبتناه في المتن و فسّره العلاّمة المجلسي بقوله: رجل محارف أي محدود محروم. و الصّحيح في تفسيره ما في متن الخبر عن الكافي: لا يتوجه في شيء فيصيب فيه شيئا.(3).
228وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْعَلَوِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : اَلْمَائِدَةُ اَلَّتِي نَزَلَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ مُدْلاَةً بِسَلاَسِلَ مِنْ ذَهَبٍ عَلَيْهَا تِسْعَةُ أَحْوَاتٍ وَ تِسْعَةُ أَرْغُفٍ (4) فَحَسْبُ (5).
229وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْفُضَيْلِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَابِدٌ وَ كَانَ مُحَارَفاً(5) تُنْفِقُ عَلَيْهِ اِمْرَأَتُهُ فَجَاءَهَا يَوْماً فَدَفَعَتْ إِلَيْهِ غَزْلاً فَذَهَبَ فَلاَ يُشْتَرَى بِشَيْ ءٍ فَجَاءَ إِلَى اَلْبَحْرِ فَإِذَا هُوَ بِصَيَّادٍ قَدِ اِصْطَادَ سَمَكاً كَثِيراً فَأَعْطَاهُ اَلْغَزْلَ وَ قَالَ اِنْتَفِعْ فِي شَبَكَتِكَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ سَمَكَةً فَأَخَذَهَا وَ خَرَجَ بِهَا إِلَى زَوْجَتِهِ فَلَمَّا شَقَّهَا بَدَتْ مِنْ جَوْفِهَا لُؤْلُؤَةٌ فَبَاعَهَا بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (6).
ص: 185
230 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ اَلْمِنْقَرِيِّ عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَ اَلْمَوْصِلِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ نَفْسِي تُنَازِعُنِي(1)مِصْرَ فَقَالَ مَا لَكَ وَ مِصْرَ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّهَا مِصْرُ اَلْحُتُوفِ وَ لاَ أَحْسَبُهُ إِلاَّ قَالَ يُسَاقُ إِلَيْهَا أَقْصَرُ اَلنَّاسِ أَعْمَاراً (2) .
231 وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْحَضْرَمِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْحَسَنِ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِنْتَحُوا مِصْرَ وَ لاَ تَطْلُبُوا اَلْمَكْثَ فِيهَا وَ لاَ أَحْسَبُهُ إِلاَّ قَالَ وَ هُوَ يُورِثُ اَلدِّيَاثَةَ (3) .
232وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : لاَ تَأْكُلُوا فِي فَخَّارِهَا(4) وَ لاَ تَغْسِلُوا رُءُوسَكُمْ بِطِينِهَا فَإِنَّهَا تُورِثُ اَلذِّلَّةَ وَ تَذْهَبُ بِالْغَيْرَةِ (5).
233وَ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ دَاوُدَ اَلرَّقِّيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ أَبُو جَعْفَرٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ يَقُولُ نِعْمَ اَلْأَرْضُ اَلشَّامُ وَ بِئْسَ اَلْقَوْمُ أَهْلُهَا اَلْيَوْمَ وَ بِئْسَ اَلْبِلاَدُ مِصْرُ أَمَا إِنَّهَا سِجْنُ مَنْ سَخِطَ اَللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِصْرَ إِلاَّ مِنْ سَخْطَةٍ وَ مَعْصِيَةٍ مِنْهُمْ لِلَّهِ لِأَنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَالَ اُدْخُلُوا اَلْأَرْضَ اَلْمُقَدَّسَةَ اَلَّتِي كَتَبَ اَللّٰهُ لَكُمْ يَعْنِي اَلشَّامَ فَأَبَوْا أَنْ يَدْخُلُوهَا وَ عَصَوُا فَتَاهُوا فِي اَلْأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ وَ مَا كَانَ خُرُوجُهُمْ مِنْ مِصْرَ بِدُخُولِهِمُ اَلشَّامَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ تَوْبَتِهِمْ وَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ آكُلَ شَيْئاً طُبِخَ فِي فَخَّارِ مِصْرَ وَ مَا أُحِبُّ أَنْ أَغْسِلَ رَأْسِي مِنْ طِينِهَا مَخَافَةَ أَنْ تُورِثَنِي تُرْبَتُهَا اَلذُّلَّ وَ تَذْهَبَ (6) بِغَيْرَتِي(7).
ص: 186
234 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَارِدٍ عَنْ عَبْدِ اَلْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ اَلنَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ حَدِّثُوا(1) عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لاَ حَرَجَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فَنُحَدِّثُ بِمَا سَمِعْنَا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لاَ حَرَجَ عَلَيْنَا قَالَ أَ مَا سَمِعْتَ مَا قَالَ كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلَّمَا سَمِعَ قُلْتُ كَيْفَ هَذَا قَالَ مَا كَانَ فِي اَلْكِتَابِ أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَحَدِّثْ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ وَ لاَ حَرَجَ (2) .
ص: 187
235أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ اَلْأَخَوَانِ اَلشَّيْخُ مُحَمَّدٌ وَ عَلِيٌّ اِبْنَا عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلصَّمَدِ عَنْ أَبِيهِمَا عَنِ اَلسَّيِّدِ أَبِي اَلْبَرَكَاتِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ اَلْحُسَيْنِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيِّ عَنْ شَرِيفِ بْنِ سَابِقٍ اَلتَّفْلِيسِيِّ عَنِ اَلْفَضْلِ بْنِ أَبِي قُرَّةَ اَلسَّمَنْدِيِّ (1) عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَفْضَلَ اَلصَّدَقَةِ صَدَقَةُ اَللِّسَانِ تَحْقُنُ بِهِ اَلدِّمَاءَ وَ تَدْفَعُ بِهِ اَلْكَرِيهَةَ وَ تَجُرُّ اَلْمَنْفَعَةَ إِلَى أَخِيكَ اَلْمُسْلِمِ ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ عَابِدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ اَلَّذِي كَانَ أَعْبَدَهُمْ كَانَ يَسْعَى فِي حَوَائِجِ اَلنَّاسِ عِنْدَ اَلْمَلِكِ وَ إِنَّهُ لَقِيَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حِزْقِيلَ فَقَالَ لاَ تَبْرَحْ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ يَا إِسْمَاعِيلُ فَسَهَا عَنْهُ عِنْدَ اَلْمَلِكِ فَبَقِيَ إِسْمَاعِيلُ إِلَى اَلْحَوْلِ هُنَاكَ فَأَنْبَتَ اَللَّهُ لِإِسْمَاعِيلَ عُشْباً فَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهُ وَ أَجْرَى لَهُ عَيْناً وَ أَظَلَّهُ بِغَمَامٍ فَخَرَجَ اَلْمَلِكُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى اَلتَّنَزُّهِ وَ مَعَهُ اَلْعَابِدُ فَرَأَى إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ إِنَّكَ لَهَاهُنَا يَا إِسْمَاعِيلُ فَقَالَ لَهُ قُلْتَ لاَ تَبْرَحْ فَلَمْ أَبْرَحْ فَسُمِّيَ صَادِقَ اَلْوَعْدِ قَالَ وَ كَانَ جَبَّارٌ مَعَ اَلْمَلِكِ فَقَالَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ كَذَبَ هَذَا اَلْعَبْدُ قَدْ مَرَرْتُ بِهَذِهِ اَلْبَرِّيَّةِ فَلَمْ أَرَهُ هَاهُنَا فَقَالَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَنَزَعَ اَللَّهُ صَالِحَ مَا أَعْطَاكَ قَالَ
ص: 188
فَتَنَاثَرَتْ أَسْنَانُ اَلْجَبَّارِ فَقَالَ اَلْجَبَّارُ إِنِّي كَذَبْتُ عَلَى هَذَا اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ فَاطْلُبْ يَدْعُو اَللَّهَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ أَسْنَانِي فَإِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ فَطَلَبَ إِلَيْهِ اَلْمَلِكُ فَقَالَ إِنِّي أَفْعَلُ قَالَ اَلسَّاعَةَ قَالَ لاَ وَ أَخَّرَهُ إِلَى اَلسَّحَرِ ثُمَّ دَعَا قَالَ يَا فَضْلُ إِنَّ أَفْضَلَ مَا دَعَوْتُمُ اَللَّهَ بِالْأَسْحَارِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى وَ بِالْأَسْحٰارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (1)بحار الأنوار (390/13)، برقم: (2) و (95/75)، برقم: (14). و الآية في سورة مريم: (54).(3).
236وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنِ اِبْنِ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى اَلْعَطَّارِ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدَانَ (4) عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْقَاسِمِ عَنْ شُعَيْبٍ اَلْعَقَرْقُوفِيِّ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ إِسْمَاعِيلَ نَبِيَّ اَللَّهِ وَعَدَ رَجُلاً بِالصِّفَاحِ فَمَكَثَ بِهِ سَنَةً مُقِيماً وَ أَهْلُ مَكَّةَ يَطْلُبُونَهُ لاَ يَدْرُونَ أَيْنَ هُوَ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ ضَعُفْنَا بَعْدَكَ وَ هَلَكْنَا فَقَالَ إِنَّ فُلاَنَ اَلظَّاهِرِ(5) وَعَدَنِي أَنْ أَكُونَ هَاهُنَا وَ لَمْ أَبْرَحْ حَتَّى يَجِيءَ قَالَ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ حَتَّى قَالُوا لَهُ يَا عَدُوَّ اَللَّهِ وَعَدْتَ اَلنَّبِيَّ فَأَخْلَفْتَهُ فَجَاءَ وَ هُوَ يَقُولُ لِإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ مَا ذَكَرْتُ وَ لَقَدْ نَسِيتُ مِيعَادَكَ فَقَالَ أَمَا وَ اَللَّهِ لَوْ لَمْ تَجِئْنِي لَكَانَ مِنْهُ اَلْمَحْشَرُ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ وَ اُذْكُرْ فِي اَلْكِتٰابِ إِسْمٰاعِيلَ إِنَّهُ كٰانَ صٰادِقَ اَلْوَعْدِ(4).
237 وَ بِإِسْنَادِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَ : إِنَّ إِسْمَاعِيلَ اَلَّذِي سُمِّيَ صَادِقَ اَلْوَعْدِ لَيْسَ هُوَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَخَذَهُ قَوْمُهُ فَسَلَخُوا جِلْدَهُ فَبَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكاً فَقَالَ لَهُ قَدْ أُمِرْتُ بِالسَّمْعِ وَ اَلطَّاعَةِ لَكَ فَمُرْ فِيهِمْ بِمَا أَحْبَبْتَ فَقَالَ لاَ يَكُونُ لِي بِالْحُسَيْنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أُسْوَةٌ (5) .
ص: 189
238وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ دُرُسْتَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ لاِبْنِهِ يَا بُنَيَّ إِنَّ اَلدُّنْيَا بَحْرٌ وَ قَدْ غَرِقَ فِيهَا جِيلٌ كَثِيرٌ فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ لْيَكُنْ جِسْرُكَ إِيمَاناً بِاللَّهِ وَ لْيَكُنْ شِرَاعُهَا اَلتَّوَكُّلَ لَعَلَّكَ يَا بُنَيَّ تَنْجُو وَ مَا أَظُنُّكَ نَاجِياً يَا بُنَيَّ كَيْفَ لاَ يَخَافُ اَلنَّاسُ مَا يُوعَدُونَ وَ هُمْ يَنْتَقِصُونَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَ كَيْفَ لاَ يُعَدُّ لِمَا يَوعَدُ مَنْ كَانَ لَهُ أَجَلٌ يَنْفَدُ يَا بُنَيَّ خُذْ مِنَ اَلدُّنْيَا بُلْغَةً وَ لاَ تَدْخُلْ فِيهَا دُخُولاً يُضِرُّ بِآخِرَتِكَ وَ لاَ تَرْفُضْهَا فَتَكُونَ عِيَالاً عَلَى اَلنَّاسِ وَ صُمْ صِيَاماً يَقْطَعُ شَهْوَتَكَ وَ لاَ تَصُمْ صِيَاماً يَمْنَعُكَ مِنَ اَلصَّلاَةِ فَإِنَّ اَلصَّلاَةَ أَعْظَمُ عِنْدَ اَللَّهِ مِنَ اَلصَّوْمِ يَا بُنَيَّ لاَ تَتَعَلَّمِ اَلْعِلْمَ لِتُبَاهِيَ بِهِ اَلْعُلَمَاءَ وَ تُمَارِيَ بِهِ اَلسُّفَهَاءَ أَوْ تُرَائِيَ بِهِ فِي اَلْمَجَالِسِ وَ لاَ تَتْرُكِ اَلْعِلْمَ زَهَادَةً فِيهِ وَ رَغْبَةً فِي اَلْجَهَالَةِ يَا بُنَيَّ اِخْتَرِ اَلْمَجَالِسَ عَلَى عَيْنِكَ فَإِنْ رَأَيْتَ قَوْماً يَذْكُرُونَ اَللَّهَ فَاجْلِسْ إِلَيْهِمْ فَإِنَّكَ إِنْ تَكُنْ عَالِماً يَنْفَعْكَ عِلْمُكَ وَ يَزِيدُوكَ عِلْماً وَ إِنْ تَكُنْ جَاهِلاً يُعَلِّمُوكَ وَ لَعَلَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُظِلَّهُمْ بِرَحْمَةٍ فَتَعُمَّكَ مَعَهُمْ وَ قَالَ قِيلَ لِلُقْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا يَجْمَعُ مِنْ حِكْمَتِكَ قَالَ لاَ أَسْأَلُ عَمَّا كُفِيتُهُ وَ لاَ أَتَكَلَّفُ مَا لاَ يَعْنِينِي(1).
239وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ اَلنَّخَعِيِّ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِيمَا وَعَظَ بِهِ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِبْنَهُ أَنْ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنْ تَكُ فِي شَكٍّ مِنَ اَلْمَوْتِ فَارْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ اَلنَّوْمَ وَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ وَ إِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِنَ اَلْبَعْثِ فَادْفَعْ عَنْ نَفْسِكَ
ص: 190
اَلاِنْتِبَاهَ وَ لَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ فَإِنَّكَ إِذَا فَكَّرْتَ عَلِمْتَ أَنَّ نَفْسَكَ بِيَدِ غَيْرِكَ وَ إِنَّمَا اَلنَّوْمُ بِمَنْزِلَةِ اَلْمَوْتِ وَ إِنَّمَا اَلْيَقَظَةُ بَعْدَ اَلنَّوْمِ بِمَنْزِلَةِ اَلْبَعْثِ بَعْدَ اَلْمَوْتِ وَ قَالَ قَالَ لُقْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْتَرِبْ فَيَكُونَ أَبْعَدَ لَكَ وَ لاَ تَبْعُدْ فَتُهَانَ كُلُّ دَابَّةٍ تُحِبُّ مِثْلَهَا وَ اِبْنُ آدَمَ لاَ يُحِبُّ مِثْلَهُ لاَ تَنْشُرْ بِرَّكَ (1) إِلاَّ عِنْدَ بَاغِيهِ وَ كَمَا لَيْسَ بَيْنَ اَلْكَبْشِ وَ اَلذِّئْبِ خُلَّةٌ كَذَلِكَ لَيْسَ بَيْنَ اَلْبَارِّ وَ اَلْفَاجِرِ خُلَّةٌ مَنْ يَقْتَرِبْ مِنَ اَلرَّفَثِ (2) يَعْلَقْ بِهِ بَعْضُهُ كَذَلِكَ مَنْ يُشَارِكِ اَلْفَاجِرَ يَتَعَلَّمْ مِنْ طُرُقِهِ مَنْ يُحِبَّ اَلْمِرَاءَ يُشْتَمْ وَ مَنْ يَدْخُلْ مَدْخَلَ اَلسُّوءِ يُتَّهَمْ وَ مَنْ يُقَارِنْ قَرِينَ اَلسَّوْءِ لاَ يَسْلَمْ وَ مَنْ لاَ يَمْلِكْ لِسَانَهُ يَنْدَمْ وَ قَالَ يَا بُنَيَّ صَاحِبْ مِائَةً وَ لاَ تُعَادِ وَاحِداً يَا بُنَيَّ إِنَّمَا هُوَ خَلاَقُكَ وَ خُلُقُكَ فَخَلاَقُكَ دِينُكَ وَ خُلُقُكَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ اَلنَّاسِ فَلاَ يَنْقُصَنَّ تَعَلُّمَ (3) مَحَاسِنِ اَلْأَخْلاَقِ وَ يَا بُنَيَّ كُنْ عَبْداً لِلْأَخْيَارِ وَ لاَ تَكُنْ وَلَداً لِلْأَشْرَارِ يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِأَدَاءِ اَلْأَمَانَةِ تَسْلَمْ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتُكَ وَ كُنْ أَمِيناً فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لاٰ يُحِبُّ اَلْخٰائِنِينَ يَا بُنَيَّ لاَ تُرِ اَلنَّاسَ أَنَّكَ تَخْشَى اَللَّهَ وَ قَلْبُكَ فَاجِرٌ(4).
240 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ عَنِ اَلْحَارِثِ عَنِ اَلْمُغِيرَةِ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَصْلَحَكَ اَللَّهُ مَا كَانَ فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ قَالَ كَانَ فِيهَا اَلْأَعَاجِيبُ وَ مِنْ أَعَاجِيبِ مَا كَانَ فِيهَا أَنَّهُ قَالَ يَا بُنَيَّ خَفِ اَللَّهَ خِيفَةً لَوْ جِئْتَهُ بِبِرِّ اَلثَّقَلَيْنِ لَعَذَّبَكَ وَ اُرْجُ اَللَّهَ رَجَاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ اَلثَّقَلَيْنِ لَرَحِمَكَ (5) .
241 وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْأَصْفَهَانِيِّ عَنْ
ص: 191
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ اَلْمِنْقَرِيِّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عِيسَى قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ لُقْمَانَ وَ حِكْمَتِهِ فَقَالَ أَمَا وَ اَللَّهِ مَا أُوتِيَ اَلْحِكْمَةَ لِحَسَبٍ (1) وَ لاَ أَهْلٍ وَ لاَ مَالٍ وَ لاَ بَسْطَةٍ فِي اَلْجِسْمِ وَ لاَ جَمَالٍ وَ لَكِنَّهُ كَانَ رَجُلاً قَوِيّاً فِي أَمْرِ اَللَّهِ مُتَوَرِّعاً فِي دِينِهِ سَاكِتاً سَكِيناً عَمِيقَ اَلنَّظَرِ طَوِيلَ اَلتَّفَكُّرِ حَدِيدَ اَلْبَصَرِ لَمْ يَنَمْ نَهَاراً قَطُّ وَ لَمْ يَنَمْ فِي مَحْفِلِ قَوْمٍ قَطُّ وَ لَمْ يَنْقُلْ (2) فِي مَجْلِسٍ قَطُّ وَ لَمْ يَعِبْ أَحَداً بِشَيْ ءٍ قَطُّ وَ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ اَلنَّاسِ عَلَى بَوْلٍ وَ لاَ غَائِطٍ قَطُّ وَ لاَ اِغْتِسَالٍ لِشِدَّةِ تَسَتُّرِهِ وَ عُمْقِ نَظَرِهِ وَ تَحَفُّظٍ لِذُنُوبِهِ وَ لَمْ يَضْحَكْ مِنْ شَيْ ءٍ قَطُّ وَ لَمْ يَغْضَبْ قَطُّ مَخَافَةَ اَلْإِثْمِ فِي دِينِهِ وَ لَمْ يُمَازِحْ إِنْسَاناً قَطُّ وَ لَمْ يَفْرَحْ لِشَيْ ءٍ أُوتِيَهُ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ لاَ حَزِنَ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهَا قَطُّ وَ قَدْ نَكَحَ اَلنِّسَاءَ وَ وُلِدَ لَهُ اَلْأَوْلاَدُ اَلْكَثِيرَةُ وَ قَدَّمَ أَكْثَرَهُمْ إِفْرَاطاً لَهُ فَمَا بَكَى عِنْدَ مَوْتِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَ لَمْ يَمُرَّ بِرَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ أَوْ يَقْتَتِلاَنِ إِلاَّ أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا وَ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلاً مِنْ أَحَدٍ اِسْتَحْسَنَهُ إِلاَّ سَأَلَ عَنْ تَفْسِيرِهِ وَ خَبَرِهِ عَمَّنْ أَخَذَهُ وَ كَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ اَلْحُكَمَاءِ (3) وَ اَلاِخْتِلاَفَ إِلَى أَهْلِهَا وَ يَتَوَاضَعُ لَهُمْ وَ يَغْشَى اَلْقُضَاةَ وَ اَلْمُلُوكَ وَ اَلسَّلاَطِينَ فَيَرْثِي لِلْقُضَاةِ بِمَا اُبْتُلُوا بِهِ وَ يَرْحَمُ اَلْمُلُوكَ وَ اَلسَّلاَطِينَ لِعُدَّتِهِمْ وَ اِغْتِرَارِهِمْ بِاللَّهِ وَ طُمَأْنِينَتِهِمْ (4) إِلَى اَلدُّنْيَا وَ مَيْلِهِمْ إِلَيْهَا وَ إِلَى زَهْرَتِهَا فَيَتَفَكَّرُ فِي ذَلِكَ وَ يَعْتَبِرُ بِهِ وَ يَتَسَلَّمُ (5) مَا يَغْلِبُ بِهِ نَفْسَهُ وَ يُجَاهِدُ بِهِ هَوَاهُ وَ يَحْتَرِزُ بِهِ مِنَ اَلشَّيْطَانِ وَ كَانَ يُدَارِي نَفْسَهُ بِالْعِبَرِ وَ كَانَ لاَ يَظْعَنُ إِلاَّ فِيمَا يَنْفَعُهُ وَ لاَ يَنْطِقُ إِلاَّ فِيمَا يَعْنِيهِ فَبِذَلِكَ أُوتِيَ اَلْحِكْمَةَ وَ مُنِحَ اَلْعِصْمَةَ وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ طَوَائِفَ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ حِينَ اِنْتَصَفَ اَلنَّهَارُ وَ هَدَأَتِ اَلْعُيُونُ بِالْقَائِلَةِ (6) فَنَادَوْا لُقْمَانَ مِنْ حَيْثُ يَسْمَعُ كَلاَمَهُمْ وَ لاَ يَرَاهُمْ فَقَالُوا يَا لُقْمَانُ هَلْ لَكَ أَنْ يَجْعَلَكَ اَللَّهُ
ص: 192
خَلِيفَةً تَحْكُمُ بَيْنَ اَلنَّاسِ فَقَالَ لُقْمَانُ إِنْ أَمَرَنِي رَبِّي بِذَلِكَ فَسَمْعاً وَ طَاعَةً لِأَنَّهُ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِي أَعَانَنِي وَ أَغَاثَنِي وَ عَلَّمَنِي وَ عَصَمَنِي وَ إِنْ هُوَ عَزَّ وَ جَلَّ خَيَّرَنِي قَبِلْتُ اَلْعَافِيَةَ فَقَالَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ وَ لِمَ يَا لُقْمَانُ قَالَ لِأَنَّ اَلْحُكْمَ بَيْنَ اَلنَّاسِ أَشَدُّ اَلْمَنَازِلِ مِنَ اَلدِّينِ وَ أَكْثَرُ فِتَناً وَ بَلاَءً يُخْذَلُ صَاحِبُهُ وَ لاَ يُعَانُ وَ يَغْشَاهُ اَلظُّلَمُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَ صَاحِبُهُ مِنْهُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِنْ أَصَابَ فِيهِ اَلْحَقَّ فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَسْلَمَ وَ إِنْ أَخْطَأَ أَخْطَأَ طَرِيقَ اَلْجَنَّةِ وَ مَنْ يَكُنْ فِي اَلدُّنْيَا ذَلِيلاً وَضِيعاً(1) بَيْنَ اَلنَّاسِ لاَ يُعْرَفُ كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ فِي اَلْمَعَادِ وَ أَقْرَبَ مِنَ اَلرَّشَادِ مِنْ أَنْ يَكُونَ (2) فِيهَا حَاكِماً سَرِيّاً جَلِيلاً وَ مَنِ اِخْتَارَ اَلدُّنْيَا عَلَى اَلْآخِرَةِ يَخْسَرُهُمَا كِلْتَيْهِمَا تَزُولُ عَنْهُ هَذِهِ وَ لاَ يُدْرِكُ تِلْكَ قَالَ فَعَجِبَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ ذلك مِنْ حِكْمَتِهِ وَ اِسْتَحْسَنَ اَلرَّحْمَنُ مَنْطِقَهُ فَلَمَّا أَمْسَى وَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اَللَّيْلِ أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ اَلْحِكْمَةَ فَغَشَّاهُ بِهَا فَاسْتَيْقَظَ وَ هُوَ أَحْكَمُ أَهْلِ اَلْأَرْضِ فِي زَمَانِهِ يَخْرُجُ (3) عَلَى اَلنَّاسِ يَنْطِقُ بِالْحِكْمَةِ وَ يَبُثُّهَا فِيهِمْ وَ أَمَرَ اَلْمَلاَئِكَةَ فَنَادَتْ دَاوُدَ بِالْخِلاَفَةِ فِي اَلْأَرْضِ فَقَبِلَهَا وَ كَانَ لُقْمَانُ يُكْثِرُ زِيَارَةَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانَ دَاوُدُ يَقُولُ يَا لُقْمَانُ أُوتِيتَ اَلْحِكْمَةَ وَ صُرِفَتْ عَنْكَ اَلْبَلِيَّةُ (4) .
242وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا وَعَظَ لُقْمَانُ اِبْنَهُ فَقَالَ أَنَا مُنْذُ سَقَطْتُ إِلَى اَلدُّنْيَا اِسْتَدْبَرْتُ وَ اِسْتَقْبَلْتُ اَلْآخِرَةَ فَدَارٌ أَنْتَ إِلَيْهَا تَسِيرُ أَقْرَبُ مِنْ دَارٍ أَنْتَ مِنْهَا مُتَبَاعِدٌ يَا بُنَيَّ لاَ تَطْلُبْ مِنَ اَلْأَمْرِ مُدْبِراً وَ لاَ تَرْفُضْ مِنْهُ مُقْبِلاً فَإِنَّ ذَلِكَ يُضِلُّ اَلرَّأْيَ وَ يُزْرِي بِالْعَقْلِ يَا بُنَيَّ لِيَكُنْ مَا تَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى عَدُوِّكَ اَلْوَرَعَ عَنِ اَلْمَحَارِمِ وَ اَلْفَضْلَ فِي دِينِكَ وَ اَلصِّيَانَةَ لِمُرُوَّتِكَ وَ اَلْإِكْرَامَ لِنَفْسِكَ أَنْ لاَ تُدَنِّسَهَا(5) بِمَعَاصِي اَلرَّحْمَنِ وَ مَسَاوِي اَلْأَخْلاَقِ وَ قَبِيحِ اَلْأَفْعَالِ وَ اُكْتُمْ سِرَّكَ وَ أَحْسِنْ سَرِيرَتَكَ فَإِنَّكَ
ص: 193
إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ أَمِنْتَ بِسِتْرِ اَللَّهِ أَنْ يُصِيبَ عَدُوُّكَ مِنْكُمْ عَوْرَةً أَوْ يَقْدِرَ مِنْكَ عَلَى زَلَّةٍ وَ لاَ تَأْمَنَنَّ مَكْرَهُ فَيُصِيبَ مِنْكَ غِرَّةً فِي بَعْضِ حَالاَتِكَ فَإِذَا اِسْتَمْكَنَ مِنْكَ وَثَبَ عَلَيْكَ وَ لَمْ يُقِلْكَ عَثْرَةً وَ لْيَكُنْ مِمَّا تَتَسَلَّحُ بِهِ عَلَى عَدُوِّكَ إِعْلاَنُ اَلرِّضَا عَنْهُ وَ اِسْتَصْغِرِ اَلْكَثِيرَ فِي طَلَبِ اَلْمَنْفَعَةِ وَ اِسْتَعْظِمِ اَلصَّغِيرَ فِي رُكُوبِ اَلْمَضَرَّةِ يَا بُنَيَّ لاَ تُجَالِسِ اَلنَّاسَ بِغَيْرِ طَرِيقَتِهِمْ وَ لاَ تَحْمِلَنَّ عَلَيْهِمْ فَوْقَ طَاقَتِهِمْ فَلاَ يَزَالُ جَلِيسُكَ عَنْكَ نَافِراً وَ اَلْمَحْمُولُ عَلَيْهِ فَوْقَ طَاقَتِهِ مُجَانِباً لَكَ فَإِذَا أَنْتَ فَرْدٌ لاَ صَاحِبَ لَكَ يُؤْنِسُكَ وَ لاَ أَخَ لَكَ يَعْضُدُكَ فَإِذَا بَقِيتَ وَحِيداً كُنْتَ مَخْذُولاً وَ صِرْتَ ذَلِيلاً وَ لاَ تَعْتَذِرْ إِلَى مَنْ لاَ يُحِبُّ أَنْ يَقْبَلَ مِنْكَ عُذْراً وَ لاَ يَرَى لَكَ حَقّاً وَ لاَ تَسْتَعِنْ فِي أُمُورِكَ إِلاَّ بِمَنْ يُحِبُّ (1) أَنْ يَتَّخِذَ فِي قَضَاءِ حَاجَتِكَ أَجْراً فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ طَلَبَ قَضَاءَ حَاجَتِكَ لَكَ كَطَلَبِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ بَعْدَ نَجَاحِهَا لَكَ كَانَ رِبْحاً فِي اَلدُّنْيَا اَلْفَانِيَةِ وَ حَظّاً وَ ذُخْراً لَهُ فِي اَلدَّارِ اَلْبَاقِيَةِ فَيَجْتَهِدُ فِي قَضَائِهَا لَكَ وَ لْيَكُنْ إِخْوَانُكَ وَ أَصْحَابُكَ اَلَّذِينَ تَسْتَخْلِصُهُمْ وَ تَسْتَعِينُ بِهِمْ عَلَى أُمُورِكَ أَهْلَ اَلْمُرُوءَةِ وَ اَلْكَفَافِ وَ اَلثَّرْوَةِ وَ اَلْعَقْلِ وَ اَلْعَفَافِ اَلَّذِينَ إِنْ نَفَعْتَهُمْ شَكَرُوكَ وَ إِنْ غِبْتَ عَنْ جِيرَتِهِمْ ذَكَرُوكَ (2).
243وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ إِنْ تَأَدَّبْتَ صَغِيراً اِنْتَفَعْتَ بِهِ كَبِيراً وَ مَنْ عَنَى بِالْأَدَبِ اِهْتَمَّ وَ مَنِ اِهْتَمَّ بِهِ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ وَ مَنْ تَكَلَّفَ عِلْمَهُ اِشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ وَ مَنِ اِشْتَدَّ لَهُ طَلَبُهُ أَدْرَكَ بِهِ مَنْفَعَةً فَاتَّخِذْهُ عَادَةً وَ إِيَّاكَ وَ اَلْكَسَلَ مِنْهُ وَ اَلطَّلَبَ بِغَيْرِهِ وَ إِنْ غُلِبْتَ عَلَى اَلدُّنْيَا فَلاَ تُغْلَبَنَّ عَلَى اَلْآخِرَةِ وَ إِنَّهُ إِنْ فَاتَكَ طَلَبُ اَلْعِلْمِ فَإِنَّكَ لَنْ تَجِدَ تَضْيِيعاً أَشَدَّ مِنْ تَرَكِهِ يَا بُنَيَّ اِسْتَصْلِحِ اَلْأَهْلِينَ وَ اَلْإِخْوَانَ مِنْ أَهْلِ اَلْعِلْمِ إِنِ اِسْتَقَامُوا لَكَ عَلَى اَلْوَفَاءِ وَ اِحْذَرْهُمْ عِنْدَ اِنْصِرَافِ اَلْحَالِ بِهِمْ عَنْكَ فَإِنَّ عَدَاوَتَهُمْ أَشَدُّ مَضَرَّةً مِنْ عَدَاوَةِ اَلْأَبَاعِدِ بِتَصْدِيقِ (3) اَلنَّاسِ إِيَّاهُمْ لاِطِّلاَعِهِمْ عَلَيْكَ
ص: 194
وَ إِذَا سَافَرْتَ مَعَ قَوْمٍ فَأَكْثِرِ اِسْتِشَارَتَهُمْ وَ أَكْثِرِ اَلتَّبَسُّمَ فِي وُجُوهِهِمْ فَإِذَا دَعَوْكَ فَأَجِبْهُمْ فَإِذَا اِسْتَعَانُوكَ فَأَعِنْهُمْ وَ اِغْلِبْهُمْ بِطُولِ اَلصَّمْتِ وَ كَثْرَةِ اَلْبِرِّ وَ اَلصَّلاَةِ وَ سَخَاءِ اَلنَّفْسِ بِمَا مَعَكَ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ أَوْ زَادٍ وَ إِذَا رَأَيْتَ أَصْحَابَكَ يَمْشُونَ فَامْشِ مَعَهُمْ وَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ يَعْمَلُونَ فَاعْمَلْ مَعَهُمْ وَ اِسْمَعْ مِمَّنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنّاً وَ إِنْ تَحَيَّرْتُمْ فِي طَرِيقِكُمْ فَانْزِلُوا وَ إِنْ شَكَكْتُمْ فِي اَلْقَصْدِ فَقِفُوا وَ تَآمَرُوا إِذَا قَرُبْتَ مِنَ اَلْمَنْزِلِ فَانْزِلْ عَنْ دَابَّتِكَ ثُمَّ اِبْدَأْ بِعَلْفِهَا قَبْلَ نَفْسِكَ فَإِنَّهَا نَفْسُكَ وَ إِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنَ اَلطَّعَامِ حَتَّى تَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَافْعَلْ وَ عَلَيْكَ بِقِرَاءَةِ كِتَابِ اَللَّهِ مَا دُمْتَ رَاكِباً وَ اَلتَّسْبِيحِ مَا دُمْتَ عَامِلاً وَ بِالدُّعَاءِ مَا دُمْتَ خَالِياً(1).
244وَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَ اَلضَّجَرَ وَ سُوءَ اَلْخُلُقِ وَ قِلَّةَ اَلصَّبْرِ فَلاَ يَسْتَقِيمُ عَلَى هَذِهِ اَلْخِصَالِ صَاحِبٌ وَ أَلْزِمْ نَفْسَكَ اَلتُّؤَدَةَ فِي أُمُورِكَ وَ صَبِّرْ عَلَى مَئُونَاتِ اَلْإِخْوَانِ نَفْسَكَ وَ حَسِّنْ مَعَ جَمِيعِ اَلنَّاسِ خُلُقَكَ يَا بُنَيَّ إِنْ عَدِمَكَ مَا تَصِلُ بِهِ قَرَابَتَكَ وَ تَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَى إِخْوَتِكَ فَلاَ يَعْدَمَنَّكَ حُسْنُ اَلْخُلُقِ وَ بَسْطُ اَلْبِشْرِ فَإِنَّهُ مَنْ أَحْسَنَ خُلُقَهُ أَحَبَّهُ اَلْأَخْيَارُ وَ جَانَبَهُ اَلْفُجَّارُ وَ اِقْنَعْ بِقَسْمِ اَللَّهِ لَكَ يَصْفُ عَيْشُكَ فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَجْمَعَ عِزَّ اَلدُّنْيَا فَاقْطَعْ طَمَعَكَ مِمَّا فِي أَيْدِي اَلنَّاسِ فَإِنَّمَا بَلَغَ اَلْأَنْبِيَاءُ وَ اَلصِّدِّيقُونَ مَا بَلَغُوا بِقَطْعِ طَمَعِهِمْ (2).
245وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ يَا بُنَيَّ إِنِ اِحْتَجْتَ إِلَى اَلسُّلْطَانِ فَلاَ تُكْثِرِ اَلْإِلْحَاحَ عَلَيْهِ وَ لاَ تَطْلُبْ حَاجَتَكَ مِنْهُ إِلاَّ فِي مَوَاضِعِ اَلطَّلَبِ وَ ذَلِكَ حِينَ اَلرِّضَا وَ طِيبِ اَلنَّفْسِ وَ لاَ تَضْجَرَنَّ بِطَلَبِ حَاجَةٍ فَإِنَّ قَضَاءَهَا بِيَدِ اَللَّهِ وَ لَهَا أَوْقَاتٌ وَ لَكِنِ اِرْغَبْ إِلَى اَللَّهِ وَ سَلْهُ وَ حَرِّكْ أَصَابِعَكَ إِلَيْهِ يَا بُنَيَّ إِنَّ اَلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَ عُمُرَكَ قَصِيرٌ يَا بُنَيَّ اِحْذَرِ اَلْحَسَدَ فَلاَ يَكُونَنَّ مِنْ شَأْنِكَ
ص: 195
وَ اِجْتَنِبْ سُوءَ اَلْخُلُقِ فَلاَ يَكُونَنَّ مِنْ طَبْعِكَ فَإِنَّكَ لاَ تَضُرُّ بِهِمَا إِلاَّ نَفْسَكَ وَ إِذَا كُنْتَ أَنْتَ اَلضَّارَّ لِنَفْسِكَ كَفَيْتَ عَدُوَّكَ أَمْرَكَ لِأَنَّ عَدَاوَتَكَ لِنَفْسِكَ أَضَرُّ عَلَيْكَ مِنْ عَدَاوَةِ غَيْرِكَ يَا بُنَيَّ اِجْعَلْ مَعْرُوفَكَ فِي أَهْلِهِ وَ كُنْ فِيهِ طَالِباً لِثَوَابِ اَللَّهِ وَ كُنْ مُقْتَصِداً وَ لاَ تُمْسِكْهُ تَقْتِيراً وَ لاَ تُعْطِهِ تَبْذِيِراً يَا بُنَيَّ سَيِّدُ أَخْلاَقِ اَلْحِكْمَةِ دِينُ اَللَّهِ تَعَالَى وَ مَثَلُ اَلدِّينِ كَمَثَلِ اَلشَّجَرَةِ اَلثَّابِتَةِ فَالْإِيمَانُ بِاللَّهِ مَاؤُهَا وَ اَلصَّلاَةُ عُرُوقُهَا وَ اَلزَّكَاةُ جِذْعُهَا وَ اَلتَّآخِي فِي اَللَّهِ شُعَبُهَا وَ اَلْأَخْلاَقُ اَلْحَسَنَةُ وَرَقُهَا وَ اَلْخُرُوجُ عَنْ مَعَاصِي اَللَّهِ ثَمَرُهَا وَ لاَ تَكْمُلُ اَلشَّجَرَةُ إِلاَّ بِثَمَرَةٍ طَيِّبَةٍ كَذَلِكَ اَلدِّينُ لاَ يَكْمُلُ إِلاَّ بِالْخُرُوجِ عَنِ اَلْمَحَارِمِ يَا بُنَيَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلاَمَةٌ يُعْرَفُ بِهَا وَ إِنَّ لِلدِّينِ ثَلاَثَ عَلاَمَاتٍ اَلْعِفَّةَ وَ اَلْعِلْمَ وَ اَلْحِلْمَ (1).
246وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ اَلْمِنْقَرِيِّ عَنِ اِبْنِ عُيَيْنَةَ (2) عَنِ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ يَا بُنَيَّ إِنَّ أَشَدَّ اَلْعُدْمِ عُدْمُ اَلْقَلْبِ وَ إِنَّ أَعْظَمَ اَلْمَصَائِبِ مُصِيبَةُ اَلدِّينِ وَ أَسْنَى اَلْمَرْزِئَةِ مَرْزِئَتُهُ وَ أَنْفَعَ اَلْغِنَى غِنَى اَلْقَلْبِ فَتَلَبَّثْ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَ اِلْزَمِ اَلْقَنَاعَةَ وَ اَلرِّضَا بِمَا قَسَمَ اَللَّهُ وَ إِنَّ اَلسَّارِقَ إِذَا سَرَقَ حَبَسَهُ اَللَّهُ مِنْ رِزْقِهِ وَ كَانَ عَلَيْهِ إِثْمُهُ وَ لَوْ صَبَرَ لَنَالَ ذَلِكَ وَ جَاءَهُ مِنْ وَجْهِهِ يَا بُنَيَّ أَخْلِصْ طَاعَةَ اَللَّهِ حَتَّى لاَ يُخَالِطَهَا شَيْ ءٌ مِنَ اَلْمَعَاصِي ثُمَّ زَيِّنِ اَلطَّاعَةَ بِاتِّبَاعِ أَهْلِ اَلْحَقِّ فَإِنَّ طَاعَتَهُمْ مُتَّصِلَةٌ بِطَاعَةِ اَللَّهِ وَ زَيِّنْ ذَلِكَ بِالْعِلْمِ وَ حَصِّنْ عِلْمَكَ بِحِلْمٍ لاَ يُخَالِطُهُ حُمْقٌ وَ اُخْزُنْهُ بِلِينٍ لاَ يُخَالِطُهُ جَهْلٌ وَ شَدِّدْهُ بِحَزْمٍ لاَ يُخَالِطُهُ اَلضِّيَاعُ وَ اُمْزُجْ حَزْمَكَ بِرِفْقٍ لاَ يُخَالِطُهُ اَلْعُنْفُ (3).
247وَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ اَلْقَطَّانُ قَالَ سَمِعْتُ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ : قَالَ لُقْمَانُ حَمَلْتُ اَلْجَنْدَلَ وَ اَلْحَدِيدَ وَ كُلَّ حَمْلٍ ثَقِيلٍ فَلَمْ أَحْمِلْ شَيْئاً أَثْقَلَ مِنْ جَارِ اَلسَّوْءِ وَ ذُقْتَ اَلْمَرَارَاتِ كُلَّهَا فَمَا ذُقْتُ شَيْئاً أَمَرَّ مِنَ اَلْفَقْرِ يَا بُنَيَّ لاَ تَتَّخِذِ اَلْجَاهِلَ
ص: 196
رَسُولاً فَإِنْ لَمْ تُصِبْ عَاقِلاً حَكِيماً يَكُونُ رَسُولَكَ فَكُنْ أَنْتَ رَسُولَ نَفْسِكَ يَا بُنَيَّ اِعْتَزِلِ اَلشَّرَّ يَعْتَزِلْكَ (1).
248وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : قِيلَ لِلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ لُقْمَانَ أَيُّ اَلنَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ اَلْمُؤْمِنُ اَلْغَنِيُّ قِيلَ اَلْغَنِيُّ مِنَ اَلْمَالِ فَقَالَ لاَ وَ لَكِنْ اَلْغَنِيُّ مِنَ اَلْعِلْمِ اَلَّذِي إِنِ اُحْتِيجَ إِلَيْهِ اُنْتُفِعَ بِعِلْمِهِ وَ إِنِ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ اُكْتُفِيَ وَ قِيلَ فَأَيُّ اَلنَّاسِ أَشَرُّ قَالَ اَلَّذِي لاَ يُبَالِي أَنْ يَرَاهُ اَلنَّاسُ مُسِيئاً(2).
249قَالَ فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كَانَ فِيمَا وَعَظَ لُقْمَانُ اِبْنَهُ أَنَّهُ قَالَ يَا بُنَيَّ لِيَعْتَبِرْ مَنْ قَصُرَ يَقِينُهُ وَ ضَعُفَ تَعَبُهُ فِي طَلَبِ اَلرِّزْقِ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَلَقَهُ فِي ثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ آتَاهُ رِزْقَهُ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا كَسْبٌ وَ لاَ حِيلَةٌ إِنَّ اَللَّهَ سَيَرْزُقُهُ فِي اَلْحَالَةِ اَلرَّابِعَةِ أَمَّا أَوَّلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي رَحِمِ أُمِّهِ يَرْزُقُهُ هُنَاكَ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ حَيْثُ لاَ بَرْدٌ يُؤْذِيهِ وَ لاَ حَرٌّ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ وَ أَجْرَى لَهُ مِنْ لَبَنِ أُمِّهِ يُرَبِّيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ بِهِ وَ لاَ قُوَّةٍ ثُمَّ فُطِمَ مِنْ ذَلِكَ فَأَجْرَى لَهُ مِنْ كَسْبِ أَبَوَيْهِ بِرَأْفَةٍ وَ رَحْمَةٍ مِنْ قُلُوبِهِمَا(3) حَتَّى إِذَا كَبِرَ وَ عَقَلَ وَ اِكْتَسَبَ لِنَفْسِهِ ضَاقَ بِهِ أَمْرُهُ فَظَنَّ اَلظُّنُونَ بِرَبِّهِ وَ جَحَدَ اَلْحُقُوقَ فِي مَالِهِ وَ قَتَّرَ عَلَى نَفْسِهِ وَ عِيَالِهِ مَخَافَةَ اَلْفَقْرِ(4).
ص: 197
250وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ اَلْعَبْدَ مِنْ عِبَادِي لَيَأْتِينِي بِالْحَسَنَةِ فَأُبِيحُهُ بِهَا جَنَّتِي قَالَ دَاوُدُ يَا رَبِّ وَ مَا تِلْكَ اَلْحَسَنَةُ فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يُدْخِلُ عَلَى قَلْبِ عَبْدِيَ اَلْمُؤْمِنِ سُرُوراً وَ لَوْ بِتَمْرَةٍ يُطْعِمُهَا إِيَّاهُ قَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ عَرَفَكَ أَنْ لاَ يَقْطَعَ رَجَاءَهُ مِنْكَ (1).
251 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ بَلِّغْ قَوْمَكَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مِنْهُمْ آمُرُهُ بِطَاعَتِي فَيُطِيعُنِي إِلاَّ كَانَ حَقّاً عَلَيَّ أَنْ أُعِينَهُ عَلَى طَاعَتِي فَإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ وَ إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَ إِنِ اِعْتَصَمَ بِي عَصَمْتُهُ وَ إِنِ اِسْتَكْفَانِي كَفَيْتَهُ وَ إِنْ تَوَكَّلَ عَلَيَّ حَفِظْتُهُ وَ إِنْ كَادَهُ جَمِيعُ خَلْقِي كِدْتُ (2) دُونَهُ (3)هذا الرّجل بقرينة رواية محمّد بن أورمة عنه هو: ابن عليّ بن أبي حمزة البطائنيّ و قد صنعت رسالة في اعتبار الأب و الابن.(4).
252 وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (4) رَفَعَهُ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اُذْكُرْنِي فِي أَيَّامِ سَرَّائِكَ حَتَّى أَسْتَجِيبَ لَكَ
ص: 198
فِي أَيَّامِ ضَرَّائِكَ (1).
532 وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ(2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ اَلصَّيْرَفِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عُبَيْدِ اَللَّهِ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَلْخَشَّابُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْفَرِداً قَالَ أَيْ رَبِّ عَادَانِيَ اَلْخَلْقُ فِيكَ قَالَ فَمَا ذَا تُرِيدُ قَالَ مَحَبَّتَكَ قَالَ فَإِنَّ مَحَبَّتِي اَلتَّجَاوُزُ عَنْ عِبَادِي(3).
254 وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ(4) قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِي فَافْرَحْ وَ بِذِكْرِي فَتَلَذَّذْ وَ بِمُنَاجَاتِي فَتَنَعَّمْ فَعَنْ قَلِيلٍ أُخَلِّي اَلدَّارَ مِنَ اَلْفَاسِقِينَ وَ أَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ مَا لِي أَرَاكَ وُحْدَاناً قَالَ هَجَرْتُ اَلنَّاسَ فِيكَ وَ هَجَرُونِي فِيكَ قَالَ فَمَا لِي أَرَاكَ سَاكِتاً قَالَ خَشْيَتُكَ أَسْكَتَتْنِي قَالَ فَمَا لِي أَرَاكَ نَصِباً قَالَ حُبُّكَ أَنْصَبَنِي قَالَ فَمَا لِي أَرَاكَ مُقْتَراً وَ قَدْ أَفَدْتُكَ قَالَ اَلْقِيَامُ بِحَقِّكَ أَفْقَرَنِي قَالَ فَمَا لِي أَرَاكَ مُتَذَلِّلاً قَالَ عِظَمُ جَلاَلِكَ اَلَّذِي لاَ يُوصَفُ ذَلَّلَنِي قَالَ فَأَبْشِرْ بِالْفَضْلِ مِنِّي فِيمَا تُحِبُّ يَوْمَ لِقَائِي خَالِطِ اَلنَّاسَ وَ خَالِقْهُمْ بِأَخْلاَقِهِمْ وَ زَايِلْهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ بِدِينِكَ تَنَلْ مَا تُرِيدُ مِنِّي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (5).
255وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ اَلْعِبَادَ تَحَابُّوا بِالْأَلْسُنِ وَ تَبَاغَضُوا بِالْقُلُوبِ وَ أَظْهَرُوا اَلْعَمَلَ لِلدُّنْيَا وَ أَبْطَنُوا اَلْغِشَّ وَ اَلدَّغَلَ (6).
ص: 199
256وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ اَلْبَرْقِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَدْعُو أَنْ يُسَلِّمَهُ (1) اَللَّهُ اَلْقَضَاءَ بَيْنَ اَلنَّاسِ بِمَا هُوَ عِنْدَهُ تَعَالَى اَلْحَقُّ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ يَا دَاوُدُ إِنَّ اَلنَّاسَ لاَ يَحْتَمِلُونَ ذَلِكَ وَ إِنِّي سَأَفْعَلُ وَ اِرْتَفَعَ إِلَيْهِ رَجُلاَنِ فَاسْتَعْدَاهُ أَحَدُهُمَا عَلَى اَلْآخَرِ فَأَمَرَ اَلْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ إِلَى اَلْمُسْتَعْدِي فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ فَفَعَلَ فَاسْتَعْظَمَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ وَ قَالَتْ رَجُلٌ جَاءَ يَتَظَلَّمُ مِنْ رَجُلٍ فَأَمَرَ اَلظَّالِمَ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَبِّ أَنْقِذْنِي مِنْ هَذِهِ اَلْوَرْطَةِ قَالَ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا دَاوُدُ سَأَلْتَنِي أَنْ أُلْهِمَكَ اَلْقَضَاءَ بَيْنَ عِبَادِي بِمَا هُوَ عِنْدِي اَلْحَقُّ وَ إِنَّ هَذَا اَلْمُسْتَعْدِيَ قَتَلَ أَبَا هَذَا اَلْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ فَأَمَرْتَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ قَوَداً بِأَبِيهِ وَ هُوَ مَدْفُونٌ فِي حَائِطِ كَذَا وَ كَذَا تَحْتَ صَخْرَةِ كَذَا فَأْتِهِ فَنَادِهِ بِاسْمِهِ فَإِنَّهُ سَيُجِيبُكَ فَسَلْهُ قَالَ فَخَرَجَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَدْ فَرِحَ فَرَحاً شَدِيداً لَمْ يَفْرَحْ مِثْلَهُ فَقَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ فَرَّجَ اَللَّهُ فَمَشَى وَ مَشَوْا مَعَهُ فَانْتَهَى إِلَى اَلشَّجَرَةِ فَنَادَى يَا فُلاَنُ فَقَالَ لَبَّيْكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ قَالَ مَنْ قَتَلَكَ قَالَ فُلاَنٌ فَقَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ يَا دَاوُدُ إِنَّ اَلْعِبَادَ لاَ يُطِيقُونَ اَلْحُكْمَ بِمَا هُوَ اَلْحَقُّ فَسَلِ اَلْمُدَّعِيَ اَلْبَيِّنَةَ وَ أَضِفِ اَلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى اِسْمِي(2).
257وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ قَضِيَّةً مِنْ قَضَايَا اَلْآخِرَةِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (3) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَقَالَ لَقَدْ سَأَلْتَ رَبَّكَ شَيْئاً مَا سَأَلَهُ قَبْلَكَ نَبِيٌّ مِنْ
ص: 200
أَنْبِيَائِهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم يَا دَاوُدُ إِنَّ اَلَّذِي سَأَلْتَ لَمْ يُطْلِعِ اَللَّهُ عَلَيْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ وَ لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ غَيْرَهُ فَقَدْ أَجَابَ اَللَّهُ دَعْوَتَكَ وَ أَعْطَاكَ مَا سَأَلْتَ إِنَّ أَوَّلَ خَصْمَيْنِ يَرِدَانِ عَلَيْكَ غَداً اَلْقَضِيَّةُ فِيهِمَا مِنْ قَضَايَا اَلْآخِرَةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ دَاوُدُ وَ جَلَسَ فِي مَجْلِسِ اَلْقَضَاءِ أَتَى شَيْخٌ مُتَعَلِّقٌ بِشَابٍّ وَ مَعَ اَلشَّابِّ عُنْقُودٌ مِنْ عِنَبٍ فَقَالَ اَلشَّيْخُ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ إِنَّ هَذَا اَلشَّابَّ دَخَلَ بُسْتَانِي وَ خَرَّبَ كَرْمِي وَ أَكَلَ مِنْهُ بِغَيْرِ إِذْنِي قَالَ فَقَالَ دَاوُدُ لِلشَّابِّ مَا تَقُولُ قَالَ فَأَقَرَّ اَلشَّابُّ بِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَا دَاوُدُ إِنْ كَشَفْتُ لَكَ مِنْ قَضَايَا اَلْآخِرَةِ فَقَضَيْتَ بِهَا بَيْنَ اَلشَّيْخِ وَ اَلْغُلاَمِ لَمْ يَحْتَمِلْهَا قَلْبُكَ وَ لاَ يَرْضَى بِهَا قَوْمُكَ يَا دَاوُدُ إِنَّ هَذَا اَلشَّيْخَ اِقْتَحَمَ عَلَى وَالِدِ هَذَا اَلشَّابِّ فِي بُسْتَانِهِ فَقَتَلَهُ وَ غَصَبَهُ بُسْتَانَهُ وَ أَخَذَ مِنْهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَنَهَا فِي جَانِبِ بُسْتَانِهِ فَادْفَعْ إِلَى اَلشَّابِّ سَيْفاً وَ مُرْهُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقَ اَلشَّيْخِ وَ اِدْفَعْ إِلَيْهِ اَلْبُسْتَانَ وَ مُرْهُ أَنْ يَحْفِرَ فِي مَوْضِعِ كَذَا مِنَ اَلْبُسْتَانِ وَ يَأْخُذَ مَالَهُ قَالَ فَفَزِعَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ ذَلِكَ وَ جَمَعَ عُلَمَاءَ أَصْحَابِهِ وَ أَخْبَرَهُمْ بِالْخَبَرِ وَ أَمْضَى اَلْقَضِيَّةَ عَلَى مَا أَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ (1).
258وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ : اِخْتَصَمَ رَجُلاَنِ إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي بَقَرَةٍ فَجَاءَ هَذَا بِبَيِّنَةٍ وَ جَاءَ هَذَا بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهَا لَهُ فَدَخَلَ دَاوُدُ اَلْمِحْرَابَ فَقَالَ يَا رَبِّ قَدْ أَعْيَانِي أَنْ أَحْكُمَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَكُنْ أَنْتَ اَلَّذِي تَحْكُمُ بَيْنَهُمَا فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ اُخْرُجْ فَخُذِ اَلْبَقَرَةَ مِنَ اَلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ وَ اِدْفَعْهَا إِلَى اَلْآخَرِ وَ اِضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ فَضَجَّتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَ قَالُوا جَاءَ هَذَا بِبَيِّنَةٍ وَ جَاءَ هَذَا بِبَيِّنَةٍ مِثْلِ بَيِّنَةِ هَذَا وَ كَانَ أَحَقُّهُمَا بِإِعْطَائِهَا اَلَّذِي هِيَ فِي يَدِهِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ وَ ضَرَبَ عُنُقَهُ وَ أَعْطَاهَا اَلْآخَرَ فَدَخَلَ دَاوُدُ اَلْمِحْرَابَ فَقَالَ يَا رَبِّ قَدْ ضَجَّتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِمَا حَكَمْتُ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّ اَلَّذِي كَانَتِ اَلْبَقَرَةُ فِي يَدِهِ لَقِيَ أَبَا اَلْآخَرِ فَقَتَلَهُ وَ أَخَذَ اَلْبَقَرَةَ مِنْهُ فَإِذَا جَاءَكَ مِثْلُ هَذَا فَاحْكُمْ بِمَا تَرَى بَيْنَهُمْ وَ لاَ تَسْأَلْنِي أَنْ أَحْكُمَ بَيْنَهُمْ حَتَّى اَلْحِسَابِ (2).
ص: 201
259وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيِّ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِدَاوُدَ وَ أَلَنّٰا لَهُ اَلْحَدِيدَ(1) قَالَ هِيَ اَلدِّرْعُ وَ اَلسَّرْدُ تَقْدِيرُ اَلْحَلْقَةِ بَعْدَ اَلْحَلْقَةِ (2).
260وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ اُذْكُرْ عَبْدَنٰا دٰاوُدَ ذَا اَلْأَيْدِ(3) قَالَ ذَا اَلْقُوَّةِ (4).
261وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ عَلَى عَهْدِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سِلْسِلَةٌ تَتَحَاكَمُ اَلنَّاسُ إِلَيْهَا وَ إِنَّ رَجُلاً أَوْدَعَ رَجُلاً جَوْهَراً فَجَحَدَهُ إِيَّاهُ فَدَعَاهُ إِلَى اَلسِّلْسِلَةِ فَذَهَبَ مَعَهُ إِلَيْهَا وَ قَدْ أَدْخَلَ اَلْجَوْهَرَ فِي قَنَاةٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَنَاوَلَ اَلسِّلْسِلَةَ قَالَ لَهُ أَمْسِكْ هَذِهِ اَلْقَنَاةَ حَتَّى آخُذَ اَلسِّلْسِلَةَ فَأَمْسَكَهَا وَ دَنَا اَلرَّجُلُ مِنَ اَلسِّلْسِلَةِ فَتَنَاوَلَهَا وَ أَخَذَهَا وَ صَارَتْ فِي يَدِهِ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَ أَضِفْهُمْ إِلَى اِسْمِي يَحْلِفُونَ بِهِ وَ رُفِعَتِ اَلسِّلْسِلَةُ (5).
262 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْكُوفِيِّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ اَلنَّخَعِيُّ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا تَقُولُ فِيمَا يَقُولُ اَلنَّاسُ فِي دَاوُدَ وَ اِمْرَأَةِ أُورِيَا فَقَالَ ذَلِكَ شَيْ ءٌ تَقُولُهُ اَلْعَامَّةُ (6) .
ص: 202
263وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْمُخْتَارِ عَنْ زَيْدٍ اَلشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَوْ أَخَذْتُ أَحَداً يَزْعُمُ أَنَّ دَاوُدَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا لَحَدَدْتُهُ حَدَّيْنِ حَدّاً لِلنُّبُوَّةِ وَ حَدّاً لِمَا رَمَاهُ بِهِ (1).
264 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبْدُوسٍ اَلنَّيْشَابُورِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَمْدَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ نُوحِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ (2) قَالَ : قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَدْ قُلْتُ لَهُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ أَخْبِرْنِي عَمَّنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَ مَنْ لاَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فَقَالَ يَا عَلْقَمَةُ كُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى فِطْرَةِ اَلْإِسْلاَمِ جَازَتْ شَهَادَتُهُ قُلْتُ لَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُقْتَرِفاً لِلذُّنُوبِ قَالَ لَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ اَلْمُقْتَرِفِينَ لَمَا قُبِلَتْ إِلاَّ شَهَادَةُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ اَلْأَوْصِيَاءِ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ دُونَ سَائِرِ اَلْخَلْقِ فَمَنْ لَمْ تَرَهُ بِعَيْنِكَ يَرْتَكِبُ ذَنْباً أَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ فَهُوَ أَهْلُ اَلْعَدَالَةِ وَ اَلسَّتْرِ وَ شَهَادَتُهُ مَقْبُولَةٌ وَ مَنِ اِغْتَابَهُ بِمَا فِيهِ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ وَلاَيَةِ اَللَّهِ وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اِغْتَابَ مُؤْمِناً بِمَا فِيهِ لَمْ يَجْمَعِ اَللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي اَلْجَنَّةِ وَ مَنِ اِغْتَابَ مُؤْمِناً بِمَا لَيْسَ فِيهِ اِنْقَطَعَتِ اَلْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا وَ كَانَ اَلْمُغْتَابُ فِي اَلنَّارِ قَالَ عَلْقَمَةُ فَقُلْتُ إِنَّ اَلنَّاسَ يَنْسُبُونَنَا إِلَى عَظَائِمَ مِنَ اَلْأُمُورِ فَقَالَ إِنَّ رِضَا اَلنَّاسِ لاَ يُمْلَكُ وَ أَلْسِنَتَهُمْ لاَ تُضْبَطُ وَ كَيْفَ تَسْلَمُونَ مِمَّا لَمْ يَسْلَمْ مِنْهُ أَنْبِيَاءُ اَللَّهِ وَ رُسُلُ اَللَّهِ وَ حُجَجُ اَللَّهِ أَ لَمْ يَنْسُبُوا يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ هَمَّ بِالزِّنَا أَ لَمْ يَنْسُبُوا أَيُّوبَ إِلَى أَنَّهُ اُبْتُلِيَ بِذُنُوبِهِ أَ لَمْ يَنْسُبُوا دَاوُدَ إِلَى أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اِمْرَأَةِ أُورِيَا فَهَمَّ بِهَا وَ أَنَّهُ قَدَّمَ زَوْجَهَا أَمَامَ اَلتَّابُوتِ حَتَّى قُتِلَ وَ تَزَوَّجَ بِهَا أَ لَمْ يَنْسُبُوا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى أَنَّهُ عِنِّينٌ وَ آذَوْهُ حَتَّى بَرَّأَهُ اَللَّهُ مِمَّا قَالُوا أَ لَمْ يَنْسُبُوا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ إِلَى اَلزِّنَا أَ لَمْ يَنْسُبُوا نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى أَنَّهُ شَاعِرٌ مَجْنُونٌ أَ لَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَى أَنَّهُ هَوَى اِمْرَأَةَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَ لَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى اِسْتَخْلَصَهَا لِنَفْسِهِ فَ اِسْتَعِينُوا بِاللّٰهِ وَ اِصْبِرُوا إِنَّ اَلْأَرْضَ لِلّٰهِ يُورِثُهٰا مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ
ص: 203
وَ اَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (1) .
265وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُوقَةَ عَنْ عِيسَى اَلْفَرَّاءِ وَ أَبِي عَلِيٍّ اَلْعَطَّارِ عَنْ رَجُلٍ عَنِ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : بَيْنَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ جَالِسٌ وَ عِنْدَهُ شَابٌّ رَثُّ اَلْهَيْئَةِ يُكْثِرُ اَلْجُلُوسَ عِنْدَهُ وَ يُطِيلُ اَلصَّمْتَ إِذَا أَتَاهُ مَلَكُ اَلْمَوْتِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَ أَحَدَّ مَلَكُ اَلْمَوْتِ اَلنَّظَرَ إِلَى اَلشَّابِّ فَقَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَظَرْتَ إِلَى هَذَا فَقَالَ نَعَمْ إِنِّي أُمِرْتُ بِقَبْضِ رُوحِهِ إِلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ فَرَحِمَهُ دَاوُدُ فَقَالَ يَا شَابُّ هَلْ لَكَ اِمْرَأَةٌ قَالَ لاَ وَ مَا تَزَوَّجْتُ قَطُّ قَالَ دَاوُدُ فَأْتِ فُلاَناً رَجُلاً كَانَ عَظِيمَ اَلْقَدْرِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقُلْ لَهُ إِنَّ دَاوُدَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُزَوِّجَنِي اِبْنَتَكَ وَ تُدْخِلَهَا اَللَّيْلَةَ عَلَيَّ وَ خُذْ مِنَ اَلنَّفَقَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَ كُنْ عِنْدَهَا فَإِذَا مَضَتْ سَبْعَةُ أَيَّامٍ فَوَافِنِي فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ فَمَضَى اَلشَّابُّ بِرِسَالَةِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَزَوَّجَهُ اَلرَّجُلُ اِبْنَتَهُ وَ أَدْخَلَهَا عَلَيْهِ وَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ وَافَى دَاوُدَ اَلْيَوْمَ اَلثَّامِنَ فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ يَا شَابُّ كَيْفَ رَأَيْتَ مَا كُنْتَ فِيهِ قَالَ مَا كُنْتُ فِي نِعْمَةٍ وَ لاَ سُرُورٍ قَطُّ أَعْظَمَ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ قَالَ دَاوُدُ اِجْلِسْ فَجَلَسَ دَاوُدُ يَنْتَظِرُ أَنْ تُقْبَضَ رُوحُهُ فَلَمَّا طَالَ قَالَ اِنْصَرِفْ إِلَى مَنْزِلِكَ فَكُنْ مَعَ أَهْلِكَ فَإِذَا كَانَ اَلْيَوْمُ اَلثَّامِنُ فَوَافِنِي هَاهُنَا فَمَضَى اَلشَّابُّ ثُمَّ وَافَاهُ اَلْيَوْمَ اَلثَّامِنَ وَ جَلَسَ عِنْدَهُ ثُمَّ اِنْصَرَفَ أُسْبُوعاً آخَرَ ثُمَّ أَتَاهُ وَ جَلَسَ فَجَاءَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ إِلَى دَاوُدَ فَقَالَ دَاوُدُ أَ لَسْتَ حَدَّثْتَنِي بِأَنَّكَ أُمِرْتَ بِقَبْضِ رُوحِ
ص: 204
هَذَا اَلشَّابِّ إِلَى سَبْعَةِ أَيَّامٍ فَقَدْ مَضَتْ ثَمَانِيَةٌ وَ ثَمَانِيَةٌ قَالَ يَا دَاوُدُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى رَحِمَهُ بِرَحْمَتِكَ لَهُ فَأَخَّرَ فِي أَجَلِهِ ثَلاَثِينَ سَنَةً (1).
626 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ اَلنَّضْرِ عَنْ إِسْرَائِيلَ رَفَعَهُ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِدَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَحْبِبْنِي وَ حَبِّبْنِي إِلَى خَلْقِي قَالَ يَا رَبِّ نَعَمْ أَنَا أُحِبُّكَ فَكَيْفَ أُحَبِّبُكَ إِلَى خَلْقِكَ قَالَ اُذْكُرْ أَيَادِيَّ عِنْدَهُمْ فَإِنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَ لَهُمْ ذَلِكَ أَحَبُّونِي(2).
267وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْخَطَّابِ عَنِ اَلْعَبْدِ اَلصَّالِحِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِ اِسْتَخْلِفْ سُلَيْمَانَ عَلَى قَوْمِكَ فَصَعِدَ اَلْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اَللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ أَسْتَخْلِفَ سُلَيْمَانَ عَلَيْكُمْ فَضَجَّتْ رُءُوسُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا غُلاَمٌ حَدَثٌ يَسْتَخْلِفُ عَلَيْنَا وَ فِينَا مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُمْ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَرُونِي عِصِيَّكُمْ فَأَيُّ عَصًا أَثْمَرَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ وَلِيُّ اَلْأَمْرِ مِنْ بَعْدِي فَقَالُوا قَدْ رَضِينَا فَجَاءُوا بِعِصِيِّهِمْ فَقَالَ دَاوُدُ لِيَكْتُبْ كُلُّ رَأْسٍ مِنْكُمْ اِسْمَهُ عَلَى عَصَاهُ فَكَتَبُوا ثُمَّ جَاءَ سُلَيْمَانُ بِعَصَاهُ فَكَتَبَ عَلَيْهَا اِسْمَهُ ثُمَّ أُدْخِلَتْ بَيْتاً وَ أُغْلِقَ اَلْبَابُ وَ شُدَّ بِالْأَقْفَالِ وَ حَرَسَهُ رُءُوسُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمَّا أَصْبَحَ صَلَّى بِهِمُ اَلْغَدَاةَ ثُمَّ أَقْبَلَ فَفَتَحَ اَلْبَابَ فَأَخْرَجَ عِصِيَّهُمْ قَدْ أَوْرَقَتْ وَ عَصَا سُلَيْمَانَ قَدْ أَثْمَرَتْ قَالَ فَسَلَّمُوا ذَلِكَ لِدَاوُدَ وَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْلَمَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ قَالَ يَا بُنَيَّ أَيُّ شَيْ ءٍ أَبْرَدُ قَالَ عَفْوُ اَللَّهِ عَنِ اَلنَّاسِ وَ عَفْوُ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَيُّ شَيْ ءٍ أَحْلَى قَالَ اَلْمَحَبَّةُ وَ هُوَ رَوْحُ اَللَّهِ فِي عِبَادِهِ فَافْتَرَّ دَاوُدُ(3) ضَاحِكاً(4).
ص: 205
268وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنِ اَلْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ خَلاَدَةَ بِنْتَ أَوْسٍ بَشِّرْهَا بِالْجَنَّةِ وَ أَعْلِمْهَا أَنَّهَا قَرِينَتُكَ فِي اَلْجَنَّةِ فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا فَقَرَعَ اَلْبَابَ عَلَيْهَا فَخَرَجَتْ وَ قَالَتْ هَلْ نَزَلَ فِيَّ شَيْ ءٌ قَالَ نَعَمْ قَالَتْ وَ مَا هُوَ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ وَ أَخْبَرَنِي أَنَّكِ قَرِينَتِي فِي اَلْجَنَّةِ وَ أَنْ أُبَشِّرَكِ بِالْجَنَّةِ قَالَتْ أَ وَ يَكُونُ اِسْمٌ وَافَقَ اِسْمِي قَالَ إِنَّكِ لَأَنْتِ هِيَ قَالَتْ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ مَا أُكَذِّبُكَ وَ لاَ وَ اَللَّهِ مَا أَعْرِفُ مِنْ نَفْسِي مَا وَصَفْتَنِي بِهِ قَالَ دَاوُدُ أَخْبِرِينِي عَنْ ضَمِيرَكِ وَ سَرِيرَتِكِ مَا هُوَ قَالَتْ أَمَّا هَذَا فَسَأُخْبِرُكَ بِهِ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْنِي وَجَعٌ قَطُّ نَزَلَ بِي كَائِناً مَا كَانَ وَ لاَ نَزَلَ بِي ضُرٌّ وَ حَاجَةٌ (1) وَ جُوعٌ كَائِناً مَا كَانَ إِلاَّ صَبَرْتُ عَلَيْهِ وَ لَمْ أَسْأَلِ اَللَّهَ كَشْفَهُ عَنِّي حَتَّى يُحَوِّلَهُ اَللَّهُ عَنِّي إِلَى اَلْعَافِيَةِ وَ اَلسَّعَةِ وَ لَمْ أَطْلُبْ بَدَلاً وَ شَكَرْتُ اَللَّهَ عَلَيْهَا وَ حَمِدْتُهُ فَقَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبِهَذَا بَلَغْتِ مَا بَلَغْتِ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ هَذَا دِينُ اَللَّهِ اَلَّذِي اِرْتَضَاهُ لِلصَّالِحِينَ (2).
269وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ ذَكْرُهُ لُعِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرٰائِيلَ عَلىٰ لِسٰانِ دٰاوُدَ وَ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ (3) فَقَالَ اَلْخَنَازِيرُ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ اَلْقِرَدَةُ عَلَى لِسَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ إِنَّ اَلْيَهُودَ أُمِرُوا بِالْإِمْسَاكِ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَتَرَكُوا وَ أَمْسَكُوا يَوْمَ اَلسَّبْتِ فَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ اَلصَّيْدَ يَوْمَ اَلسَّبْتِ فَعَمَدَ رِجَالٌ مِنْ سُفَهَاءِ اَلْقَرْيَةِ فَأَخَذُوا مِنَ اَلْحِيتَانِ لَيْلَةَ اَلسَّبْتِ وَ بَاعُوا وَ لَمْ تَنْزِلْ بِهِمْ عُقُوبَةٌ فَاسْتَبْشَرُوا
ص: 206
وَ فَعَلُوا ذَلِكَ سِنِينَ فَوَعَظَهُمُ اَللَّهُ طَوَائِفَ فَلَمْ يَسْمَعُوا وَ قَالُوا لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اَللّٰهُ مُهْلِكُهُمْ فَأَصْبَحُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ (1).
ص: 207
270وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ مَا بَيْنَ اَلشَّامَاتِ إِلَى بِلاَدِ إِصْطَخْرَ(1).
271وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَيْدٍ اَلشَّحَّامِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُكْراً قَالَ كَانُوا ثَمَانِينَ رَجُلاً وَ سَبْعِينَ اِمْرَأَةً مَا أَغَبَّ (2) اَلْمِحْرَابَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يُصَلِّي فِيهِ وَ كَانُوا آلَ دَاوُدَ فَلَمَّا قُبِضَ دَاوُدُ وُلِّيَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قٰالَ يٰا أَيُّهَا اَلنّٰاسُ عُلِّمْنٰا مَنْطِقَ اَلطَّيْرِ سَخَّرَ اَللَّهُ لَهُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ وَ كَانَ لاَ يَسْمَعُ بِمَلِكٍ فِي نَاحِيَةِ اَلْأَرْضِ إِلاَّ أَتَاهُ حَتَّى يُذِلَّهُ وَ يُدْخِلَهُ فِي دِينِهِ وَ سَخَّرَ اَلرِّيحَ لَهُ فَكَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مَجْلِسِهِ عَكَفَ عَلَيْهِ اَلطَّيْرُ وَ قَامَ اَلْجِنُّ وَ اَلْإِنْسُ وَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ أَمَرَ بِمُعَسْكَرِهِ فَضَرَبَ لَهُ مِنَ اَلْخَشَبِ ثُمَّ جَعَلَ عَلَيْهِ اَلنَّاسَ وَ اَلدَّوَابَّ وَ آلَةَ اَلْحَرْبِ كُلَّهَا حَتَّى إِذَا حَمَلَ مَعَهُ مَا يُرِيدُ أَمَرَ اَلْعَاصِفَ مِنَ اَلرِّيحِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ اَلْخَشَبِ فَحَمَلَتْهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ بِهِ إِلَى حَيْثُ يُرِيدُ وَ كَانَ غُدُوُّهَا شَهْراً وَ رَوَاحُهَا شَهْراً(3).
272وَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ اَلْأَصْبَغِ قَالَ : خَرَجَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ مِنْ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ مَعَ ثَلاَثِمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ عَنْ يَمِينِهِ عَلَيْهَا اَلْإِنْسُ وَ ثَلاَثِمِائَةِ أَلْفِ كُرْسِيٍّ عَنْ
ص: 208
يَسَارِهِ عَلَيْهَا اَلْجِنُّ وَ أَمَرَ اَلطَّيْرَ فَأَظَلَّتْهُمْ وَ أَمَرَ اَلرِّيحَ فَحَمَلَتْهُمْ حَتَّى وَرَدَتْ بِهِمُ اَلْمَدَائِنَ ثُمَّ رَجَعَ وَ بَاتَ فِي إِصْطَخْرَ ثُمَّ غَدَا فَانْتَهَى إِلَى جَزِيرَةِ بَرْكَادَانَ (1) ثُمَّ أَمَرَ اَلرِّيحَ فَخَفَضَتْهُمْ (2) حَتَّى كَادَتْ أَقْدَامُهُمْ أَنْ يُصِيبَهَا اَلْمَاءُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ هَلْ رَأَيْتُمْ مُلْكاً أَعْظَمَ مِنْ هَذَا فَنَادَى مَلَكٌ (3) لَثَوَابُ تَسْبِيحَةٍ وَاحِدَةٍ أَعْظَمُ مِمَّا رَأَيْتُمْ (4).
273وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ اَلْوَلِيدِ بْنِ صَبِيحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى سُلَيْمَانَ أَنَّ آيَةَ مَوْتِكَ أَنَّ شَجَرَةً تَخْرُجُ فِي بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ يُقَالُ لَهَا اَلْخُرْنُوبَةُ قَالَ فَنَظَرَ سُلَيْمَانُ يَوْماً إِلَى شَجَرَةٍ قَدْ طَلَعَتْ فِي بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ فَقَالَ لَهَا سُلَيْمَانُ مَا اِسْمُكِ فَقَالَتْ اَلْخُرْنُوبَةُ فَوَلَّى مُدْبِراً(5) إِلَى مِحْرَابِهِ حَتَّى قَامَ فِيهِ مُتَّكِئاً عَلَى عَصَاهُ فَقَبَضَهُ اَللَّهُ مِنْ سَاعَتِهِ فَجَعَلَتِ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ يَخْدُمُونَهُ كَمَا كَانُوا مِنْ قَبْلُ وَ هُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ حَيٌّ حَتَّى دَبَّتِ اَلْأَرَضَةُ فِي عَصَاهُ فَأَكَلَتْ مِنْسَأَتَهُ وَ وَقَعَ سُلَيْمَانُ إِلَى اَلْأَرْضِ (6)في البحار: قال: كان لسليمان عليه السّلام: حصن بناه.(7).
274وَ عَنِ اِبْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلاَّدٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ لِسُلَيْمَانَ اَلْعِطْرُ وَ فَرَضَ اَلنِّكَاحَ فِي حِصْنٍ بَنَاهُ (7) اَلشَّيَاطِينُ لَهُ فِيهِ أَلْفُ بَيْتٍ فِي كُلِّ بَيْتٍ طَرُوقَةٌ مِنْهُنَّ سَبْعُمِائَةِ أَمَةٍ قِبْطِيَّةٍ وَ ثَلاَثُمِائَةِ حُرَّةٍ مَهِيرَةٍ فَأَعْطَاهُ اَللَّهُ تَعَالَى قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلاً فِي مُبَاضَعَةِ اَلنِّسَاءِ وَ كَانَ يَطُوفُ بِهِنَّ جَمِيعاً وَ يُسْعِفُهُنَّ قَالَ وَ كَانَ سُلَيْمَانُ يَأْمُرُ اَلشَّيَاطِينَ فَتَحْمِلُ لَهُ اَلْحِجَارَةَ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ فَقَالَ لَهُمْ إِبْلِيسُ كَيْفَ أَنْتُمْ
ص: 209
قَالُوا مَا لَنَا طَاقَةٌ بِمَا نَحْنُ فِيهِ فَقَالَ إِبْلِيسُ أَ لَيْسَ تَذْهَبُونَ بِالْحِجَارَةِ وَ تَرْجِعُونَ فَرَاغاً قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَأَنْتُمْ فِي رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ اَلرِّيحُ سُلَيْمَانَ مَا قَالَ إِبْلِيسُ لِلشَّيَاطِينِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَحْمِلُوا اَلْحِجَارَةَ ذَاهِبِينَ وَ يَحْمِلُوا اَلطِّينَ رَاجِعِينَ إِلَى مَوْضِعِهَا فَتَرَاءَى لَهُمْ إِبْلِيسُ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ فَشَكَوْا إِلَيْهِ فَقَالَ أَ لَسْتُمْ تَنَامُونَ بِاللَّيْلِ قَالُوا بَلَى قَالَ فَأَنْتُمْ فِي رَاحَةٍ فَأَبْلَغَتِ اَلرِّيحُ سُلَيْمَانَ مَا قَالَتِ اَلشَّيَاطِينُ وَ إِبْلِيسُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ فَمَا لَبِثُوا إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى مَاتَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ خَرَجَ سُلَيْمَانُ يَسْتَسْقِي وَ مَعَهُ اَلْجِنُّ وَ اَلْإِنْسُ فَمَرَّ بِنَمْلَةٍ عَرْجَاءَ نَاشِرَةً جَنَاحَهَا رَافِعَةً يَدَهَا وَ تَقُولُ اَللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لاَ غِنَى بِنَا عَنْ رِزْقِكَ فَلاَ تُؤَاخِذْنَا بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ وَ اِسْقِنَا فَقَالَ سُلَيْمَانُ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ اِرْجِعُوا فَقَدْ شُفِّعَ فِيكُمْ غَيْرُكُمْ وَ فِي خَبَرٍ قَدْ كُفِيتُمْ بِغَيْرِكُمْ (1).
275 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى اَلْمُكَتِّبُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْوَرَّاقِ أَبُو اَلطِّيبِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ اَلْحِمْيَرِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ اَلنَّوْفَلِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي اَلْحَسَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَبِيُّ اَللَّهِ بَخِيلاً فَقَالَ لاَ قُلْتُ فَقَوْلُ سُلَيْمَانَ هَبْ لِي مُلْكاً لاٰ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي(2) مَا وَجْهُهُ قَالَ إِنَّ اَلْمُلْكَ مُلْكَانِ مُلْكٌ مَأْخُوذٌ بِالْغَلَبَةِ وَ اَلْقَهْرِ وَ اَلْجَوْرِ وَ مُلْكٌ مَأْخُوذٌ مِنْ قِبَلِ اَللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ سُلَيْمَانُ هَبْ لِي مُلْكاً لاٰ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي أَنْ يَقُولُ إِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِالْقَهْرِ وَ اَلْغَلَبَةِ فَقُلْتُ قَوْلُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَحِمَ اَللَّهُ أَخِي سُلَيْمَانَ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ فَقَالَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَجْهَانِ
ص: 210
أَحَدُهُمَا مَا كَانَ أَبْخَلَهُ بِعِرْضِهِ وَ سُوءِ اَلْقَوْلِ فِيهِ وَ اَلْآخَرُ مَا كَانَ أَبْخَلَهُ إِنْ أَرَادَ مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ اَلْجُهَّالُ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ أُوتِينَا مَا أُوتِيَ سُلَيْمَانُ وَ مَا لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِنَ اَلْعَالَمِينَ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ هٰذٰا عَطٰاؤُنٰا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسٰابٍ (1) وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ فِي قِصَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مٰا آتٰاكُمُ اَلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مٰا نَهٰاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا(2).(3). و قصة بلقيس معه معروفة و هي في القرآن (4)
ص: 211
276 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ اَلطَّالَقَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْمُفَسِّرُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي اَلْبُهْلُولِ اَلْمَرْوَزِيُّ عَنِ اَلْفَضْلِ بْنِ نَفِيسِ بْنِ عَادٍ اَلطَّبَرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ اَلْحَسَنُ بْنُ شُجَاعٍ اَلْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ اَلرَّبِيعِ عَنْ بَارِحِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقِيلَ لَهُ مَا كَانَ ذُو اَلْكِفْلِ فَقَالَ كَانَ رَجُلاً مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَ اِسْمُهُ عويديا بْنِ أدريم(1) وَ كَانَ فِي زَمَنِ نَبِيٍّ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ قَالَ مَنْ يَلِي أَمْرَ اَلنَّاسِ بَعْدِي عَلَى أَنْ لاَ يَغْضَبَ قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ فَتًى فَقَالَ أَنَا فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ كَذَلِكَ فَقَامَ اَلْفَتَى فَمَاتَ ذَلِكَ اَلنَّبِيُّ وَ بَقِيَ ذَلِكَ اَلْفَتَى وَ جَعَلَهُ اَللَّهُ نَبِيّاً وَ كَانَ اَلْفَتَى يَقْضِي أَوَّلَ اَلنَّهَارِ فَقَالَ إِبْلِيسُ لِأَتْبَاعِهِ مَنْ لَهُ فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ اَلْأَبْيَضُ أَنَا فَقَالَ إِبْلِيسُ فَاذْهَبْ إِلَيْهِ لَعَلَّكَ تُغْضِبُهُ فَلَمَّا اِنْتَصَفَ اَلنَّهَارُ جَاءَ اَلْأَبْيَضُ إِلَى ذِي اَلْكِفْلِ وَ قَدْ أَخَذَ مَضْجَعَهُ فَصَاحَ وَ قَالَ إِنِّي مَظْلُومٌ فَقَالَ قُلْ لَهُ تَعَالَ فَقَالَ لاَ أَنْصَرِفُ فَأَعْطَاهُ خَاتَمَهُ فَقَالَ اِذْهَبْ وَ اِئْتِنِي بِصَاحِبِكَ فَذَهَبَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ جَاءَ تِلْكَ اَلسَّاعَةَ اَلَّتِي أَخَذَ هُوَ مَضْجَعَهُ فَصَاحَ إِنِّي مَظْلُومٌ وَ إِنَّ خَصْمِي لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى
ص: 212
خَاتَمِكَ فَقَالَ لَهُ اَلْحَاجِبُ وَيْحَكَ دَعْهُ يَنَمْ فَإِنَّهُ لَمْ يَنَمِ اَلْبَارِحَةَ وَ لاَ أَمْسِ قَالَ لاَ أَدَعُهُ يَنَامُ وَ أَنَا مَظْلُومٌ فَدَخَلَ اَلْحَاجِبُ وَ أَعْلَمَهُ فَكَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ خَتَمَهُ وَ دَفَعَهُ إِلَيْهِ فَذَهَبَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ حِينَ أَخَذَ مَضْجَعَهُ جَاءَ فَصَاحَ فَقَالَ مَا اِلْتَفَتَ إِلَى شَيْ ءٍ مِنْ أَمْرِكَ وَ لَمْ يَزَلْ يَصِيحُ حَتَّى قَامَ وَ أَخَذَ بِيَدِهِ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ اَلْحَرِّ لَوْ وُضِعَتْ فِيهِ بَضْعَةُ لَحْمٍ عَلَى اَلشَّمْسِ لَنَضِجَتْ فَلَمَّا رَأَى اَلْأَبْيَضُ ذَلِكَ اِنْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِهِ وَ يَئِسَ مِنْهُ أَنْ يَغْضَبَ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ قِصَّتَهُ عَلَى نَبِيِّهِ لِيَصْبِرَ عَلَى اَلْأَذَى كَمَا صَبَرَ اَلْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ عَلَى اَلْبَلاَءِ (1) .
277 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ اَلدَّقَّاقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ زِيَادٍ اَلْأَدَمِيُّ عَنْ عَبْدِ اَلْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَسَنِيِّ قَالَ : كَتَبْتُ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَسْأَلُهُ عَنْ ذِي اَلْكِفْلِ مَا اِسْمُهُ وَ هَلْ كَانَ مِنَ اَلْمُرْسَلِينَ فَكَتَبَ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ اَلْمُرْسَلُونَ مِنْهُمْ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً وَ إِنَّ ذَا اَلْكِفْلِ مِنْهُمْ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ كَانَ بَعْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَ كَانَ يَقْضِي بَيْنَ اَلنَّاسِ كَمَا كَانَ يَقْضِي دَاوُدُ وَ لَمْ يَغْضَبْ إِلاَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كَانَ اِسْمُهُ عويديا وَ هُوَ اَلَّذِي ذَكَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ وَ اُذْكُرْ إِسْمٰاعِيلَ وَ اَلْيَسَعَ وَ ذَا اَلْكِفْلِ وَ كُلٌّ مِنَ اَلْأَخْيٰارِ(2).(3).
ص: 213
278 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ عِمْرَانَ أَ كَانَ نَبِيّاً فَقَالَ نَعَمْ كَانَ نَبِيّاً مُرْسَلاً إِلَى قَوْمِهِ وَ كَانَ حَنَّةُ اِمْرَأَةُ عِمْرَانَ وَ حَنَّانَةُ اِمْرَأَةُ زَكَرِيَّا أُخْتَيْنِ فَوُلِدَ لِعِمْرَانَ مِنْ حَنَّةَ مَرْيَمُ وَ وُلِدَ لِزَكَرِيَّا مِنْ حَنَّانَةَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ وَلَدَتْ مَرْيَمُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانَ عِيسَى اِبْنَ بِنْتِ خَالَتِهِ وَ كَانَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِبْنَ خَالَةِ مَرْيَمَ وَ خَالَةُ اَلْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ اَلْخَالَةِ (1) .
279وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَلَّ جَلاَلُهُ أَوْحَى إِلَى عِمْرَانَ أَنِّي وَاهِبٌ لَكَ ذَكَراً مُبَارَكاً يُبْرِئُ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ وَ يُحْيِي اَلْمَوْتَى بِإِذْنِ اَللَّهِ وَ إِنِّي جَاعِلُهُ رَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ فَحَدَّثَ عِمْرَانُ اِمْرَأَتَهُ حَنَّةَ بِذَلِكَ وَ هِيَ أُمُّ مَرْيَمَ فَلَمَّا حَمَلَتْ حَمْلَهَا عِنْدَ نَفْسِهَا غُلاَماً فَقَالَتْ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مٰا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً(2) فَوَضَعَتْ أُنْثَى فَقَالَتْ وَ لَيْسَ اَلذَّكَرُ كَالْأُنْثىٰ (3) إِنَّ اَلْبِنْتَ لاَ يَكُونُ رَسُولاً فَلَمَّا أَنْ وَهَبَ اَللَّهُ لِمَرْيَمَ عِيسَى بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ هُوَ اَلَّذِي بَشَّرَ اَللَّهُ بِهِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (4).
280 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ : قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ يَأْتِي اَلرُّسُلُ (5) عَنِ اَللَّهِ بِشَيْ ءٍ ثُمَّ تَأْتِي بِخِلاَفِهِ
ص: 214
قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ وَ إِنْ شِئْتَ أَتَيْتُكَ بِهِ مِنْ كِتَابِ اَللَّهِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ اُدْخُلُوا اَلْأَرْضَ اَلْمُقَدَّسَةَ اَلَّتِي كَتَبَ اَللّٰهُ لَكُمْ (1) اَلْآيَةَ فَمَا دَخَلُوهَا وَ دَخَلَ أَبْنَاءُ أَبْنَائِهِمْ وَ قَالَ عِمْرَانُ إِنَّ اَللَّهَ وَعَدَنِي أَنْ يَهَبَ لِي غُلاَماً نَبِيّاً فِي سَنَتِي هَذِهِ وَ شَهْرِي هَذَا ثُمَّ غَابَ وَ وَلَدَتْ اِمْرَأَتُهُ مَرْيَمَ وَ كَفَّلَهٰا زَكَرِيّٰا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ صَدَقَ نَبِيُّ اَللَّهِ وَ قَالَتِ اَلْآخَرُونَ كَذَبَ فَلَمَّا وَلَدَتْ مَرْيَمُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَتِ اَلطَّائِفَةُ اَلَّتِي أَقَامَتْ عَلَى صِدْقِ عِمْرَانَ هَذَا اَلَّذِي وَعَدَنَا اَللَّهُ (2) .
ص: 215
281وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ رَجُلٍ (1) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ : دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ فَقَالَ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ (2)في ق 1: بأثمار. و هو الأوفق بقوله: فغذي.(3) فَبَشَّرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى بِيَحْيَى فَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ اَلْكَلاَمَ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ وَ خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنَ اَلشَّيْطَانِ فَقَالَ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَ قَالَ رَبِّ اِجْعَلْ لِي آيَةً فَأُسْكِتَ (4) فَعَلِمَ أَنَّهُ مِنَ اَللَّهِ تَعَالَى(5).
282وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْ أَبَانٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا وُلِدَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ رُفِعَ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَغُذِّيَ بِأَنْهَارِ(5)اَلْجَنَّةِ حَتَّى فُطِمَ ثُمَّ نَزَلَ إِلَى أَبِيهِ وَ كَانَ يُضِيءُ اَلْبَيْتُ بِنُورِهِ (6).
283وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَفَعَهُ قَالَ : كَانَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا يُصَلِّي وَ يَبْكِي حَتَّى ذَهَبَ لَحْمُ خَدِّهِ وَ جَعَلَ لَبَداً وَ أَلْزَقَهُ بِخَدِّهِ حَتَّى تَجْرِيَ اَلدُّمُوعُ عَلَيْهِ وَ كَانَ لاَ يَنَامُ فَقَالَ أَبُوهُ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَأَلْتُ اَللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِيكَ لِأَفْرَحَ بِكَ وَ تَقَرَّ عَيْنِي قُمْ فَصَلِّ
ص: 216
قَالَ فَقَالَ لَهُ يَحْيَى إِنَّ جَبْرَئِيلَ حَدَّثَنِي أَنَّ أَمَامَ اَلنَّارِ مَفَازَةً لاَ يَجُوزُهَا إِلاَّ اَلْبَكَّاءُونَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ فَابْكِ وَ حَقٌّ لَكَ أَنْ تَبْكِيَ (1).
284وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ (2) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ زَكَرِيَّا كَانَ خَائِفاً فَهَرَبَ فَالْتَجَأَ إِلَى شَجَرَةٍ فَانْفَرَجَتْ لَهُ وَ قَالَتْ يَا زَكَرِيَّا اُدْخُلْ فِيَّ فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ فِيهَا فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ وَ أَتَاهُمْ إِبْلِيسُ وَ كَانَ رَآهُ فَدَلَّهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ هُوَ فِي هَذِهِ اَلشَّجَرَةِ فَاقْطَعُوهَا وَ قَدْ كَانُوا يَعْبُدُونَ تِلْكَ اَلشَّجَرَةَ فَقَالُوا لاَ نَقْطَعُهَا فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى شَقُّوهَا وَ شَقُّوا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلاَمُ (3).
285وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي اَلْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْحَجَّالِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (4) عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ مَلِكاً كَانَ عَلَى عَهْدِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا لَمْ يَكْفِهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ اَلطَّرُوقَةِ حَتَّى تَنَاوَلَ اِمْرَأَةً بَغِيّاً فَكَانَتْ تَأْتِيهِ حَتَّى أَسَنَّتْ فَلَمَّا أَسَنَّتْ هَيَّأَتِ اِبْنَتَهَا ثُمَّ قَالَتْ لَهَا إِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَ بِكِ اَلْمَلِكَ فَإِذَا وَاقَعَكِ فَيَسْأَلُكِ مَا حَاجَتُكِ فَقُولِي حَاجَتِي أَنْ تَقْتُلَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ فَلَمَّا وَاقَعَهَا سَأَلَهَا عَنْ حَاجَتِهَا فَقَالَتْ قَتْلُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ فَقَالَ مَا أَنْتِ وَ هَذَا اِلْهَيْ عَنْ هَذَا قَالَتْ مَا لِي حَاجَةٌ إِلاَّ قَتْلُ يَحْيَى(5) فَلَمَّا كَانَ فِي اَللَّيْلَةِ اَلثَّالِثَةِ بَعَثَ إِلَى يَحْيَى فَجَاءَ بِهِ فَدَعَا بِطَشْتِ ذَهَبٍ فَذَبَحَهُ فِيهَا وَ صَبُّوهُ عَلَى اَلْأَرْضِ
ص: 217
فَيَرْتَفِعُ اَلدَّمُ وَ يَعْلُو وَ أَقْبَلَ اَلنَّاسُ يَطْرَحُونَ عَلَيْهِ اَلتُّرَابَ فَيَعْلُو عَلَيْهِ اَلدَّمُ حَتَّى صَارَ تَلاًّ عَظِيماً وَ مَضَى ذَلِكَ اَلْقَرْنُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ بُخْتَنَصَّرَ مَا كَانَ رَأَى ذَلِكَ اَلدَّمَ فَسَأَلَ عَنْهُ فَلَمْ يَجِدْ أَحَداً يَعْرِفُهُ حَتَّى دُلَّ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ فَسَأَلَهُ فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي أَنَّهُ كَانَ مِنْ قِصَّةِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا كَذَا وَ كَذَا وَ قَصَّ عَلَيْهِ اَلْقِصَّةَ وَ اَلدَّمُ دَمُهُ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ لاَ جَرَمَ لَأَقْتُلَنَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَيْهِ سَبْعِينَ أَلْفاً فَلَمَّا وَفَى عَلَيْهِ سَكَنَ اَلدَّمُ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ أَنَّ هَذِهِ اَلْبَغِيَّ كَانَتْ زَوْجَةَ مَلِكٍ جَبَّارٍ قَبْلَ هَذَا اَلْمَلِكِ وَ تَزَوَّجَهَا هَذَا بَعْدَهُ فَلَمَّا أَسَنَّتْ وَ كَانَتْ لَهَا اِبْنَةٌ مِنَ اَلْمَلِكِ اَلْأَوَّلِ قَالَتْ لِهَذَا اَلْمَلِكِ تَزَوَّجْ أَنْتَ بِهَا فَقَالَ لاَ حَتَّى أَسْأَلَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا عَنْ ذَلِكِ فَإِنْ أَذِنَ فَعَلْتُ فَسَأَلَهُ عَنْهُ فَقَالَ لاَ يَجُوزُ فَهَيَّأَتْ بِنْتَهَا وَ زَيَّنَتْهَا فِي حَالِ سُكْرِهِ وَ عَرَضَتْهَا عَلَيْهِ فَكَانَ مِنْ حَالِ قَتْلِ يَحْيَى مَا ذُكِرَ وَ كَانَ مَا كَانَ (1).
286وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْخَيَّاطِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِأَوْلِيَائِهِ اِنْتَصَرَ لَهُمْ بِشِرَارِ خَلْقِهِ وَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنْتَصِرَ لِنَفْسِهِ اِنْتَصَرَ بِأَوْلِيَائِهِ وَ لَقَدْ اِنْتَصَرَ لِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ بِبُخْتَ نَصَّرٍ(3)في البحار و الامالي: أحمد بن صالح عن حسّان.(4).
287وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي شَحْمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ هَاشِمٍ اَلْقُنَانِيُّ اَلْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا أَبِي صَالِحٍ حَدَّثَنَا حَسَّانُ (4) بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي قُبَيْلٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كَانَ مِنْ
ص: 218
زُهْدِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ أَتَى بَيْتَ اَلْمَقْدِسِ فَنَظَرَ إِلَى اَلْمُجْتَهِدِينَ مِنَ اَلْأَحْبَارِ وَ اَلرُّهْبَانِ عَلَيْهِمْ مَدَارِعُ اَلشَّعْرِ فَلَمَّا رَآهُمْ أَتَى أُمَّهُ فَقَالَ اِنْسِجِي لِي مِدْرَعَةً مِنْ صُوفٍ حَتَّى آتِيَ بَيْتَ اَلْمَقْدِسِ فَأَعْبُدَ اَللَّهَ مَعَ اَلْأَحْبَارِ فَأَخْبَرَتْ زَكَرِيَّا بِذَلِكَ فَقَالَ زَكَرِيَّا يَا بُنَيَّ مَا يَدْعُوكَ إِلَى هَذَا وَ إِنَّمَا أَنْتَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ فَقَالَ يَا أَبَتِ أَ مَا رَأَيْتَ مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنِّي قَدْ ذَاقَ اَلْمَوْتَ قَالَ بَلَى وَ قَالَ لِأُمِّهِ اِنْسِجِي لَهُ اَلْمِدْرَعَةَ فَأَتَى بَيْتَ اَلْمَقْدِسِ وَ أَخَذَ يَعْبُدُ اَللَّهَ تَعَالَى حَتَّى أَكَلَتْ مِدْرَعَةُ اَلشَّعْرِ لَحْمَهُ وَ جَعَلَ يَبْكِي وَ كَانَ زَكَرِيَّا إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعِظَ يَلْتَفِتُ يَمِيناً وَ شِمَالاً فَإِنْ رَأَى يَحْيَى لَمْ يَذْكُرْ جَنَّةً وَ لاَ نَاراً(1).
188وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: أَنَّ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعَثَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فِي اِثْنَيْ عَشَرَ مِنَ اَلْحَوَارِيِّينَ يُعَلِّمُونَ اَلنَّاسَ وَ يَنْهَاهُمْ عَنْ نِكَاحِ اِبْنَةِ اَلْأُخْتِ قَالَ وَ كَانَ لِمَلِكِهِمْ بِنْتَ أُخْتٍ تُعْجِبُهُ وَ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا بَلَغَ أُمَّهَا أَنَّ يَحْيَى نَهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا اَلنِّكَاحِ أَدْخَلَتْ بِنْتَهَا عَلَى اَلْمَلِكِ بِزِينَةٍ فَلَمَّا رَآهَا سَأَلَهَا عَنْ حَاجَتِهَا قَالَتْ حَاجَتِي أَنْ تَذْبَحَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا فَقَالَ سَلِي غَيْرَ هَذَا فَقَالَتْ لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَ هَذَا فَلَمَّا أَبَتْ عَلَيْهِ دَعَا بِطَشْتٍ وَ دَعَا يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَذَبَحَهُ فَبَدَرَتْ قَطْرَةٌ مِنْ دَمِهِ فَوَقَعَتْ عَلَى اَلْأَرْضِ فَلَمْ تَزَلْ تَعْلُو حَتَّى بَعَثَ اَللَّهُ بُخْتَنَصَّرَ عَلَيْهِمْ فَجَاءَتْهُ عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَدَلَّتْهُ عَلَى ذَلِكَ اَلدَّمِ فَأُلْقِيَ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَقْتُلَ عَلَى ذَلِكَ اَلدَّمِ مِنْهُمْ حَتَّى يَسْكُنَ فَقَتَلَ عَلَيْهَا سَبْعِينَ أَلْفاً فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ سَكَنَ (2).
289وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى اَلْعَلَوِيُّ حَدَّثَنَا جَدِّي يَحْيَى بْنُ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اَلتَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا اَلْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي كَاتِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ إِلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنِّي قَتَلْتُ بِدَمِ يَحْيَى بْنِ
ص: 219
زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفاً وَ سَأَقْتُلُ بِالْحُسَيْنِ (1) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ سَبْعِينَ أَلْفاً وَ سَبْعِينَ أَلْفاً(2).
290وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عِيسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ (3) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ : لاَ يَقْتُلُ اَلنَّبِيِّينَ وَ لاَ أَوْلاَدَهُمْ إِلاَّ أَوْلاَدُ اَلزِّنَا(4).
291وَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ عَاقِرَ نَاقَةِ صَالِحٍ كَانَ أَزْرَقَ اِبْنَ بَغِيٍّ وَ كَانَتْ ثَمُودُ تَقُولُ مَا نَعْرِفُ (5) لَهُ فِينَا أَباً وَ لاَ نَسَباً وَ إِنَّ قَاتِلَ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ اِبْنُ بَغِيٍّ وَ إِنَّهُ لَمْ يَقْتُلِ اَلْأَنْبِيَاءَ وَ لاَ أَوْلاَدَ اَلْأَنْبِيَاءِ إِلاَّ أَوْلاَدُ اَلْبَغَايَا وَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا(6)بحار الأنوار (182/14)، برقم: (25) و أورد صدره الى قوله: أولاد البغايا في الجزء (240/27)، برقم: (4). و في (303/42)، برقم: (3). و أورد ذيله من قوله تعالى في الجزء (218/45)، برقم: (45).(7) قَالَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمِيٌّ قَبْلَهُ وَ اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَمِيٌّ قَبْلَهُ وَ بَكَتِ اَلسَّمَاءُ عَلَيْهِمَا أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَ كَذَلِكَ بَكَتِ اَلشَّمْسُ عَلَيْهِمَا وَ بُكَاؤُهَا أَنْ تَطْلُعَ حَمْرَاءَ وَ تَغِيبَ حَمْرَاءَ . و قيل أي بكى أهل السماء و هم الملائكة(7)
292وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ بَكَى لِقَتْلِهِ اَلسَّمَاءُ وَ اَلْأَرْضُ وَ اِحْمَرَّتَا وَ لَمْ تَبْكِيَا عَلَى أَحَدٍ قَطُّ(8) إِلاَّ عَلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ (9).
293وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ
ص: 220
فَضَّالٍ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اَلْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَمٰا بَكَتْ عَلَيْهِمُ اَلسَّمٰاءُ وَ اَلْأَرْضُ (1) قَالَ لَمْ تَبْكِ اَلسَّمَاءُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلَ قَتْلِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا حَتَّى قُتِلَ اَلْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبَكَتْ عَلَيْهِ (2).
ص: 221
294وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ اَلْحَلَبِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ يُقَالُ لَهُ إِرْمِيَا أَنْ قُلْ لَهُمْ مَا بَلَدٌ تَنَقَّيْتُهُ مِنْ كَرَائِمِ اَلْبُلْدَانِ وَ غَرَسْتُ فِيهِ مِنْ كَرَائِمِ اَلْغَرْسِ وَ نَقَّيْتُهُ مِنْ كُلِّ غَرِيبَةٍ فَأَنْبَتَ خُرْنُوباً فَضَحِكُوا مِنْهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ قُلْ لَهُمْ إِنَّ اَلْبَلَدَ بَيْتُ اَلْمَقْدِسِ وَ اَلْغَرْسَ بَنُو إِسْرَائِيلَ نَحَّيْتُ عَنْهُمْ كُلَّ جَبَّارٍ فَأَخْلَفُوا فَعَمِلُوا بِمَعَاصِيَّ فَلَأُسَلِّطَنَّ عَلَيْهِمْ فِي بِلاَدِهِمْ مَنْ يَسْفِكُ دِمَاءَهُمْ وَ يَأْخُذُ أَمْوَالَهُمْ فَإِنْ بَكَوْا لَمْ أَرْحَمْ بُكَاءَهُمْ وَ إِنْ دَعَوْنِي لَمْ أَسْتَجِبْ دُعَاءَهُمْ ثُمَّ لَأُخَرِّبَنَّهَا مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ لَأَعْمُرَنَّهَا فَلَمَّا حَدَّثَهُمْ جَزِعَ اَلْعُلَمَاءُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا ذَنْبُنَا وَ لَمْ نَعْمَلْ بِعَمَلِهِمْ فَقَالَ إِنَّكُمْ رَأَيْتُمُ اَلْمُنْكَرَ فَلَمْ تُنْكِرُوهُ فَسَلَّطَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ بُخْتَنَصَّرَ وَ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ رَضَعَ بِلَبَنِ كَلْبَةٍ وَ كَانَ اِسْمُ اَلْكَلْبِ بُخْتَ وَ اِسْمُ صَاحِبِهِ نَصَّرَ وَ كَانَ مَجُوسِيّاً أَغْلَفَ أَغَارَ عَلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ وَ دَخَلَهُ فِي سِتِّمِائَةِ أَلْفِ عَلَمٍ ثُمَّ بَعَثَ بُخْتَنَصَّرَ إِلَى اَلنَّبِيِّ فَقَالَ إِنَّكَ نُبِّئْتَ عَنْ رَبِّكَ وَ خَبَّرْتَهُمْ بِمَا أَصْنَعُ بِهِمْ فَإِنْ شِئْتَ فَأَقِمْ عِنْدِي وَ إِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ قَالَ بَلْ أَخْرُجُ فَتَزَوَّدَ عَصِيراً وَ لَبَناً وَ خَرَجَ فَلَمَّا كَانَ مَدَّ اَلْبَصَرِ اِلْتَفَتَ إِلَى اَلْبَلْدَةِ فَقَالَ أَنّٰى يُحْيِي هٰذِهِ اَللّٰهُ بَعْدَ مَوْتِهٰا فَأَمٰاتَهُ اَللّٰهُ مِائَةَ عٰامٍ (1).
ص: 222
295وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : كَانَ بُخْتَنَصَّرُ مُنْذُ مَلَكَ يَتَوَقَّعُ فَسَادَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يُطِيقُهُمْ إِلاَّ بِمَعْصِيَتِهِمْ فَلَمْ يَزَلْ يَأْتِيهِ اَلْعُيُونُ بِأَخْبَارِهِمْ حَتَّى تَغَيَّرَتْ حَالُهُمْ وَ فَشَتْ فِيهِمُ اَلْمَعَاصِي وَ قَتَلُوا أَنْبِيَاءَهُمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ وَ قَضَيْنٰا إِلىٰ بَنِي إِسْرٰائِيلَ فِي اَلْكِتٰابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي اَلْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ أُولاٰهُمٰا(1) يَعْنِي بُخْتَنَصَّرَ وَ جُنُودَهُ أَقْبَلُوا فَنَزَلُوا بِسَاحَتِهِمْ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ فَزِعُوا إِلَى رَبِّهِمْ وَ تَابُوا وَ ثَابَرُوا(2) عَلَى اَلْخَيْرِ وَ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِي سُفَهَائِهِمْ وَ أَنْكَرُوا اَلْمُنْكَرَ وَ أَظْهَرُوا اَلْمَعْرُوفَ فَرَدَّ اَللَّهُ لَهُمُ اَلْكَرَّةَ عَلَى بُخْتَنَصَّرَ وَ اِنْصَرَفُوا بَعْدَ مَا فَتَحُوا اَلْمَدِينَةَ وَ كَانَ سَبَبَ اِنْصِرَافِهِمْ أَنَّ سَهْماً وَقَعَ فِي جَبِينِ فَرَسِ بُخْتَنَصَّرَ فَجَمَحَ بِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ بَابِ اَلْمَدِينَةِ ثُمَّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَغَيَّرُوا فَمَا بَرِحُوا حَتَّى كَرَّ عَلَيْهِمْ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ اَلْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ (3) فَأَخْبَرَهُمْ إِرْمِيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ و أَنَّ بُخْتَنَصَّرَ يَتَهَيَّأُ لِلْمَسِيرِ إِلَيْكُمْ وَ قَدْ غَضِبَ اَللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ يَسْتَتِيبُكُمْ لِصَلاَحِ آبَائِكُمْ وَ يَقُولُ هَلْ وَجَدْتُمْ أَحَداً عَصَانِي فَسَعِدَ بِمَعْصِيَتِي أَمْ هَلْ عَلِمْتُمْ أَحَداً أَطَاعَنِي فَشَقِيَ بِطَاعَتِي وَ أَمَّا أَحْبَارُكُمْ وَ رُهْبَانُكُمْ فَاتَّخَذُوا عِبَادِي خَوَلاً يَحْكُمُونَ فِيهِمْ بِغَيْرِ كِتَابِي حَتَّى أَنْسَوْهُمْ ذِكْرِي وَ أَمَّا مُلُوكُكُمْ وَ أُمَرَاؤُكُمْ فَبَطِرُوا نِعْمَتِي وَ غَرَّتْهُمُ اَلدُّنْيَا وَ أَمَّا قُرَّاؤُكُمْ وَ فُقَهَاؤُكُمْ فَهُمْ مُنْقَادُونَ لِلْمُلُوكِ يُبَايِعُونَهُمْ عَلَى اَلْبِدَعِ وَ يُطِيعُونَهُمْ فِي مَعْصِيَتِي وَ أَمَّا اَلْأَوْلاَدُ فَيَخُوضُونَ مَعَ اَلْخَائِضِينَ وَ فِي كُلِّ ذَلِكَ أُلْبِسُهُمُ اَلْعَافِيَةَ فَلَأُبَدِّلَنَّهُمْ بِالْعِزِّ ذُلاًّ وَ بِالْأَمْنِ خَوْفاً إِنْ دَعَوْنِي لَمْ أُجِبْهُمْ وَ إِنْ بَكَوْا لَمْ أَرْحَمْهُمْ فَلَمَّا بَلَّغَهُمْ ذَلِكَ نَبِيُّهُمْ فَكَذَّبُوهُ وَ قَالُوا لَقَدْ أَعْظَمْتَ اَلْفِرْيَةَ عَلَى اَللَّهِ تَزْعُمُ أَنَّ اَللَّهَ يُعَطِّلَ [مُعَطِّلٌ ] مَسَاجِدَهُ مِنْ عِبَادَتِهِ فَقَيَّدُوهُ وَ سَجَنُوهُ فَأَقْبَلَ بُخْتَنَصَّرُ وَ حَاصَرَهُمْ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَكَلُوا خَلاَهُمْ (4) وَ شَرِبُوا أَبْوَالَهُمْ ثُمَّ بَطَشَ بِهِمْ بَطْشَ اَلْجَبَّارِينَ بِالْقَتْلِ وَ اَلصَّلْبِ وَ اَلْإِحْرَاقِ وَ جَذْعِ اَلْأُنُوفِ وَ نَزْعِ اَلْأَلْسُنِ وَ اَلْأَنْيَابِ وَ وَقْفِ اَلنِّسَاءِ
ص: 223
فَقِيلَ لَهُ إِنَّ لَهُمْ صَاحِباً كَانَ يُحَذِّرُهُمْ بِمَا أَصَابَهُمْ فَاتَّهَمُوهُ وَ سَجَنُوهُ فَأَمَرَ بُخْتَنَصَّرُ فَأُخْرِجَ مِنَ اَلسِّجْنِ فَقَالَ لَهُ أَ كُنْتَ تُحَذِّرُ هَؤُلاَءِ قَالَ نَعَمْ قَالَ وَ أَنَّى أُعْلِمْتَ ذَلِكَ (1) قَالَ أَرْسَلَنِيَ اَللَّهُ بِهِ إِلَيْهِمْ قَالَ فَكَذَّبُوكَ وَ ضَرَبُوكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَبِئْسَ اَلْقَوْمُ قَوْمٌ ضَرَبُوا نَبِيَّهُمْ وَ كَذَّبُوا رِسَالَةَ رَبِّهِمْ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَلْحَقَ بِي فَأُكْرِمَكَ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقِيمَ فِي بِلاَدِكَ آمَنْتُكَ قَالَ إِرْمِيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنِّي لَمْ أَزَلْ فِي أَمَانِ اَللَّهِ مُنْذُ كُنْتُ لَمْ أَخْرُجْ مِنْهُ وَ لَوْ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ أَمَانِهِ لَمْ يَخَافُوكَ فَأَقَامَ إِرْمِيَا مَكَانَهُ بِأَرْضِ إِيلِيَا وَ هِيَ حِينَئِذٍ خَرَابٌ قَدْ هُدِمَ بَعْضُهَا فَلَمَّا سَمِعَ بِهِ مَنْ بَقِيَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ اِجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَ قَالُوا عَرَفْنَا أَنَّكَ نَبِيُّنَا فَانْصَحْ لَنَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا مَعَهُمْ فَقَالُوا نَنْطَلِقُ إِلَى مَلِكِ مِصْرَ نَسْتَجِيرُ فَقَالَ إِرْمِيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ ذِمَّةَ اَللَّهِ أَوْفَى اَلذِّمَمِ فَانْطَلَقُوا إِلَى مِصْرَ وَ تَرَكُوا إِرْمِيَا فَقَالَ لَهُمُ اَلْمَلِكُ أَنْتُمْ فِي ذِمَّتِي فَسَمِعَ ذَلِكَ بُخْتَنَصَّرُ فَأَرْسَلَ إِلَى مَلِكِ مِصْرَ اِبْعَثْ بِهِمْ إِلَيَّ مُصَفَّدِينَ وَ إِلاَّ آذَنْتُكَ بِالْحَرْبِ فَلَمَّا سَمِعَ إِرْمِيَا بِذَلِكَ أَدْرَكَتْهُ اَلرَّحْمَةُ لَهُمْ فَبَادَرَ إِلَيْهِمْ لِيُنْقِذَهُمْ فَوَرَدَ عَلَيْهِمْ وَ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ أَنِّي مُظْهِرٌ بُخْتَنَصَّرَ عَلَى هَذَا اَلْمَلِكِ وَ آيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى أَرَانِي مَوْضِعَ سَرِيرِ بُخْتَنَصَّرَ اَلَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا يَظْفَرُ بِمِصْرَ ثُمَّ عَمَدَ فَدَفَنَ أَرْبَعَةَ أَحْجَارٍ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ اَلْأَرْضِ فَسَارَ إِلَيْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ وَ ظَفِرَ بِهِمْ وَ أَسَرَهُمْ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُقْسِمَ اَلْفَيْ ءَ وَ يَقْتُلَ اَلْأُسَارَى وَ يُعْتِقَ مِنْهُمْ كَانَ فِيهِمْ إِرْمِيَا فَقَالَ لَهُ بُخْتَنَصَّرُ أَرَاكَ مَعَ أَعْدَائِي بَعْدَ مَا عَرَضْتُكَ مِنَ اَلْكَرَامَةِ فَقَالَ لَهُ إِرْمِيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنِّي جِئْتُهُمْ مُخَوِّفاً أُخْبِرُهُمْ خَبَرَكَ وَ قَدْ وَضَعْتُ لَهُمْ عَلاَمَةً تَحْتَ سَرِيرِكَ هَذَا وَ أَنْتَ بِأَرْضِ بَابِلَ اِرْفَعْ سَرِيرَكَ فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ قَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِهِ حَجَراً دَفَنْتُهُ بِيَدِي وَ هُمْ يَنْظُرُونَ فَلَمَّا رَفَعَ بُخْتَنَصَّرُ سَرِيرَهُ وَجَدَ مِصْدَاقَ مَا قَالَ فَقَالَ لِإِرْمِيَا إِنِّي لَأَقْتُلُهُمْ إِذْ كَذَّبُوكَ وَ لَمْ يُصَدِّقُوكَ فَقَتَلَهُمْ وَ لَحِقَ بِأَرْضِ بَابِلَ فَأَقَامَ إِرْمِيَا بِمِصْرَ مُدَّةً فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ اِلْحَقْ بِإِيلِيَا فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا رُفِعَ لَهُ شَخْصُ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ وَ رَأَى خَرَاباً عَظِيماً قَالَ أَنّٰى يُحْيِي هٰذِهِ اَللّٰهُ فَنَزَلَ فِي نَاحِيَةٍ
ص: 224
وَ اِتَّخَذَ مَضْجَعاً ثُمَّ نَزَعَ اَللَّهُ رُوحَهُ وَ أَخْفَى مَكَانَهُ عَلَى جَمِيعِ اَلْخَلاَئِقِ مِائَةَ عَامٍ وَ كَانَ قَدْ وَعَدَهُ اَللَّهُ أَنَّهُ سَيُعِيدُ فِيهَا اَلْمُلْكَ وَ اَلْعُمْرَانَ فَلَمَّا مَضَى سَبْعُونَ عَاماً أَذِنَ اَللَّهُ فِي عِمَارَةِ إِيلِيَا فَأَرْسَلَ اَللَّهُ مَلَكاً إِلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يُقَالُ لَهُ كُوشَكُ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَنْفِرَ بِقُوَّتِكَ وَ رِجَالِكَ حَتَّى تَنْزِلَ إِيلِيَا فَتَعْمُرَهَا فَنَدَبَ اَلْفَارِسِيُّ كَذَلِكَ ثَلاَثِينَ أَلْفَ قَهْرَمَانٍ وَ دَفَعَ إِلَى كُلِّ قَهْرَمَانٍ أَلْفَ عَامِلٍ بِمَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ مِنَ اَلْآلَةِ وَ اَلنَّفَقَةِ فَسَارَ بِهِمْ فَلَمَّا تَمَّتْ عِمَارَتُهَا بَعْدَ ثَلاَثِينَ سَنَةً أَمَرَ عِظَامَ إِرْمِيَا أَنْ تَحْيَا فَقَامَ حَيّاً كَمَا ذَكَرَ اَللَّهُ فِي كِتَابِهِ (1).
196وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ : أَنَّهُ لَمَّا اِنْطَلَقَ بُخْتَنَصَّرُ بِالسَّبْيِ وَ اَلْأُسَارَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ فِيهِمْ دَانِيَالُ وَ عُزَيْرٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ وَرَدَ أَرْضَ بَابِلَ اِتَّخَذَ بَنِي إِسْرَائِيلَ خَوَلاً فَلَبِثَ (2) سَبْعَ سِنِينَ ثُمَّ أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا عَظِيماً اِمْتَلَأَ مِنْهَا رُعْباً وَ نَسِيَهَا فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَ قَالَ تُخْبِرُونِّي بِتَأْوِيلِ رُؤْيَايَ اَلْمَنْسِيَّةِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَ إِلاَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ وَ بَلَغَ دَانِيَالَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ اَلرُّؤْيَا وَ كَانَ فِي اَلسِّجْنِ فَقَالَ لِصَاحِبِ اَلسِّجْنِ إِنَّكَ أَحْسَنْتَ صُحْبَتِي فَهَلْ لَكَ أَنْ تُخْبِرَ اَلْمَلِكَ أَنَّ عِنْدِي عِلْمَ رُؤْيَاهُ وَ تَأْوِيلَهُ فَخَرَجَ صَاحِبُ اَلسِّجْنِ وَ ذَكَرَ لِبُخْتَنَصَّرَ فَدَعَا بِهِ وَ كَانَ لاَ يَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ سَجَدَ لَهُ فَلَمَّا طَالَ قِيَامُ دَانِيَالَ وَ هُوَ لاَ يَسْجُدُ لَهُ قَالَ لِلْحَرَسِ اُخْرُجُوا وَ اُتْرُكُوهُ فَخَرَجُوا فَقَالَ يَا دَانِيَالُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِي فَقَالَ إِنَّ لِي رَبّاً آتَانِي هَذَا اَلْعِلْمَ عَلَى أَنِّي لاَ أَسْجُدُ لِغَيْرِهِ فَلَوْ سَجَدْتُ لَكَ اِنْسَلَخَ عَنِّي اَلْعِلْمُ فَلَمْ يُنْتَفَعْ بِي فَتَرَكْتُ اَلسُّجُودَ نَظَراً إِلَى ذَلِكَ قَالَ بُخْتَنَصَّرُ وَفَيْتَ لِإِلَهِكَ فَصِرْتَ آمِناً مِنِّي فَهَلْ لَكَ عِلْمٌ بِهَذِهِ اَلرُّؤْيَا قَالَ نَعَمْ رَأَيْتَ صَنَماً عَظِيماً رِجْلاَهُ فِي اَلْأَرْضِ وَ رَأْسُهُ فِي اَلسَّمَاءِ أَعْلاَهُ مِنْ ذَهَبٍ وَ وَسَطُهُ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَسْفَلُهُ مِنْ نُحَاسٍ وَ سَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ وَ رِجْلاَهُ مِنْ فَخَّارٍ فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ قَدْ أَعْجَبَكَ
ص: 225
حُسْنُهُ وَ عِظَمُهُ وَ إِحْكَامُ صَنَعْتِهِ وَ اَلْأَصْنَافُ اَلَّتِي رُكِّبَتْ فِيهَا إِذْ قَذَفَهُ بِحَجَرٍ مِنَ اَلسَّمَاءِ فَوَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ فَدَقَّهُ حَتَّى طَحَنَهُ فَاخْتَلَطَ ذَهَبُهُ وَ فِضَّتُهُ وَ نُحَاسُهُ وَ حَدِيدُهُ وَ فَخَّارُهُ حَتَّى خُيِّلَ لَكَ أَنَّهُ لَوِ اِجْتَمَعَ اَلْجِنُّ وَ اَلْإِنْسُ عَلَى أَنْ يُمَيِّزُوا بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ لَمْ يَقْدِرُوا حَتَّى خُيِّلَ لَكَ أَنَّهُ لَوْ هَبَّتْ أَدْنَى رِيحٍ لَذَرَّتْهُ لِشِدَّةِ مَا اِنْطَحَنَ ثُمَّ نَظَرْتَ إِلَى اَلْحَجَرِ اَلَّذِي قُذِفَ بِهِ يَعْظُمُ فَيَنْتَشِرُ(1) حَتَّى مَلَأَ اَلْأَرْضَ كُلَّهَا فَصِرْتَ لاَ تَرَى إِلاَّ اَلسَّمَاءَ وَ اَلْحَجَرَ قَالَ بُخْتَنَصَّرُ صَدَقْتَ هَذِهِ اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي رَأَيْتُهَا فَمَا تَأْوِيلُهَا قَالَ دَانِيَالُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَّا اَلصَّنَمُ اَلَّذِي رَأَيْتَ فَإِنَّهَا أُمَمٌ تَكُونُ فِي أَوَّلِ اَلزَّمَانِ وَ أَوْسَطِهِ وَ آخِرِهِ وَ أَمَّا اَلذَّهَبُ فَهُوَ هَذَا اَلزَّمَانُ وَ هَذِهِ اَلْأُمَّةُ اَلَّتِي أَنْتَ فِيهَا وَ أَنْتَ مَلِكُهَا وَ أَمَّا اَلْفِضَّةُ فَإِنَّهُ يَكُونُ اِبْنُكَ يَلِيهَا مِنْ بَعْدِكَ وَ أَمَّا اَلنُّحَاسُ فَأُمَّةُ اَلرُّومِ وَ أَمَّا اَلْحَدِيدُ فَأُمَّةُ فَارِسَ وَ أَمَّا اَلْفَخَّارُ فَأُمَّتَانِ تَمْلِكُهُمَا اِمْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي شَرْقِيِّ اَلْيَمَنِ وَ أُخْرَى فِي غَرْبِيِّ اَلشَّامِ وَ أَمَّا اَلْحَجَرُ اَلَّذِي قُذِفَ بِهِ اَلصَّنَمُ فَدِينٌ يُفْقِدُهُ (2) اَللَّهُ بِهِ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ آخِرَ اَلزَّمَانِ لِيُظْهِرَهُ عَلَيْهَا يَبْعَثُ اَللَّهُ نَبِيّاً أُمِّيّاً مِنَ اَلْعَرَبِ فَيُذِلُّ اَللَّهُ لَهُ اَلْأُمَمَ وَ اَلْأَدْيَانَ كَمَا رَأَيْتَ اَلْحَجَرَ ظَهَرَ عَلَى اَلْأَرْضِ فَانْتَشَرَ فِيهَا(3) فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ مَا لِأَحَدٍ عِنْدِي يَدٌ أَعْظَمُ مِنْ يَدِكَ وَ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَكَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ أَرُدَّكَ إِلَى بِلاَدِكَ وَ أَعْمُرَهَا لَكَ وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقِيمَ مَعِي فَأُكْرِمَكَ فَقَالَ دَانِيَالُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَّا بِلاَدِي أَرْضٌ كَتَبَ اَللَّهُ عَلَيْهَا اَلْخَرَابَ إِلَى وَقْتٍ وَ اَلْإِقَامَةُ مَعَكَ أَوْثَقُ لِي فَجَمَعَ بُخْتَنَصَّرُ وُلْدَهُ وَ أَهْلَ بَيْتِهِ وَ خَدَمَهُ وَ قَالَ لَهُمْ هَذَا رَجُلٌ حَكِيمٌ قَدْ فَرَّجَ اَللَّهُ بِهِ عَنِّي كُرْبَةً قَدْ عَجَزْتُمْ عَنْهَا وَ قَدْ وَلَّيْتُهُ أَمْرَكُمْ وَ أَمْرِي يَا بَنِيَّ خُذُوا مِنْ عِلْمِهِ وَ إِنْ جَاءَكُمْ رَسُولاَنِ أَحَدُهُمَا لِي وَ اَلْآخَرُ لَهُ فَأَجِيبُوا دَانِيَالَ قَبْلِي فَكَانَ لاَ يَقْطَعُ أَمْراً دُونَهُ وَ لَمَّا رَأَى(4) قَوْمُ بُخْتَنَصَّرَ ذَلِكَ حَسَدُوا دَانِيَالَ ثُمَّ اِجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَ قَالُوا كَانَتْ لَكَ
ص: 226
اَلْأَرْضُ وَ يَزْعُمُ عَدُوُّنَا أَنَّكَ أَنْكَرْتَ عَقْلَكَ قَالَ إِنِّي أَسْتَعِينُ بِرَأْيِ هَذَا اَلْإِسْرَائِيلِي لِإِصْلاَحِ أَمْرِكُمْ فَإِنَّ رَبَّهُ يُطْلِعُهُ عَلَيْهِ قَالُوا نَتَّخِذُ إِلَهاً يَكْفِيكَ مَا أَهَمَّكَ وَ تَسْتَغْنِي عَنْ دَانِيَالَ فَقَالَ أَنْتُمْ وَ ذَاكَ فَعَمِلُوا صَنَماً عَظِيماً وَ صَنَعُوا عِيداً وَ ذَبَحُوا لَهُ وَ أَوْقَدُوا نَاراً عَظِيمَةً كَنَارِ نُمْرُودَ وَ دَعَوُا اَلنَّاسَ بِالسُّجُودِ لِذَلِكَ اَلصَّنَمِ فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ أُلْقِيَ فِيهَا وَ كَانَ مَعَ دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَرْبَعَةُ فِتْيَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُوشَالُ وَ يوحينُ وَ عيصوا وَ مريوسُ وَ كَانُوا مُخْلِصِينَ مُوَحِّدِينَ فَأُتِيَ بِهِمْ لِيَسْجُدُوا لِلصَّنَمِ فَقَالَتِ اَلْفِتْيَةُ هَذَا لَيْسَ بِإِلَهٍ وَ لَكِنْ خَشَبَةٌ مِمَّا عَمِلَهَا اَلرِّجَالُ فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَسْجُدَ لِلَّذِي خَلَقَهَا فَعَلْنَا فَكَتَّفُوهُمْ ثُمَّ رَمَوْا بِهِمْ فِي اَلنَّارِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا طَلَعَ عَلَيْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ فَوْقَ قَصْرٍ فَإِذَا مَعَهُمْ خَامِسٌ وَ إِذَا بِالنَّارِ قَدْ عَادَتْ جَلِيداً فَامْتَلَأَ رُعْباً فَدَعَا دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَسَأَلَهُ عَنْهُمْ فَقَالَ أَمَّا اَلْفِتْيَةُ فَعَلَى دِينِي يَعْبُدُونَ إِلَهِي وَ لِذَلِكَ أَجَارَهُمْ وَ اَلْخَامِسُ بَحْرُ اَلْبَرْدِ أَرْسَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَى هَؤُلاَءِ نُصْرَةً لَهُمْ فَأَمَرَ بُخْتَنَصَّرُ فَأُخْرِجُوا فَقَالَ لَهُمْ كَيْفَ بِتُّمْ قَالُوا بِتْنَا بِأَفْضَلِ لَيْلَةٍ مُنْذُ خُلِقْنَا فَأَلْحَقَهُمْ بِدَانِيَالَ وَ أَكْرَمَهُمْ بِكَرَامَتِهِ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ ثَلاَثُونَ سَنَةً (1).
270وَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : ثُمَّ إِنْ بُخْتَنَصَّرَ رَأَى رُؤْيَا أَهْوَلَ مِنَ اَلرُّؤْيَا اَلْأُولَى وَ نَسِيَهَا أَيْضاً فَدَعَا عُلَمَاءَ قَوْمِهِ قَالَ رَأَيْتُ رُؤْيَا أَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِيهَا هَلاَكُكُمْ وَ هَلاَكِي فَمَا تَأْوِيلُهَا فَعَجَزُوا وَ جَعَلُوا عِلَّةَ عَجْزِهِمْ دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْرَجَهُمْ وَ دَعَا دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَأَيْتَ شَجَرَةً عَظِيمَةً شَدِيدَةَ اَلْخُضْرَةِ فَرْعُهَا فِي اَلسَّمَاءِ عَلَيْهَا طَيْرُ اَلسَّمَاءِ وَ فِي ظِلِّهَا وُحُوشُ اَلْأَرْضِ وَ سِبَاعُهَا فَبَيْنَمَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهَا قَدْ أَعْجَبَكَ بَهْجَتُهَا إِذْ أَقْبَلَ مَلَكٌ يَحْمِلُ حَدِيدَةً كَالْفَأْسِ عَلَى عُنُقِهِ وَ صَرَخَ بِمَلَكٍ آخَرَ فِي بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ اَلسَّمَاءِ يَقُولُ لَهُ
ص: 227
كَيْفَ أَمَرَكَ اَللَّهُ أَنْ تَفْعَلَ بِالشَّجَرَةِ أَمَرَكَ أَنْ تَجْتَثَّهَا مِنْ أَصْلِهَا أَمْ أَمَرَكَ أَنْ تَأْخُذَ بَعْضَهَا فَنَادَاهُ اَلْمَلَكُ اَلْأَعْلَى أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ خُذْ مِنْهَا وَ أَبْقِ فَنَظَرْتَ إِلَى اَلْمَلَكِ حَتَّى ضَرَبَ رَأْسَهَا بِفَأْسِهِ فَانْقَطَعَ وَ تَفَرَّقَ مَا كَانَ عَلَيْهَا مِنَ اَلطَّيْرِ وَ مَا كَانَ تَحْتَهَا مِنَ اَلسِّبَاعِ وَ اَلْوُحُوشِ وَ بَقِيَ اَلْجَذَعُ لاَ هَيْئَةَ لَهُ وَ لاَ حُسْنَ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ فَهَذِهِ اَلرُّؤْيَا رَأَيْتُهَا فَمَا تَأْوِيلُهَا قَالَ أَنْتَ اَلشَّجَرَةُ وَ مَا رَأَيْتَ فِي رَأْسِهَا مِنَ اَلطُّيُورِ فَوَلَدُكَ وَ أَهْلُكَ وَ أَمَّا مَا رَأَيْتَ فِي ظِلِّهَا مِنَ اَلسِّبَاعِ وَ اَلْوُحُوشِ فَخَوَلُكَ وَ رَعِيَّتُكَ وَ كُنْتَ قَدْ أَغْضَبْتَ اَللَّهَ فِيمَا تَابَعْتَ قَوْمَكَ مِنْ عَمَلِ اَلصَّنَمِ فَقَالَ بُخْتَنَصَّرُ كَيْفَ يَفْعَلُ رَبُّكَ بِي قَالَ يَبْتَلِيكَ بِبَدَنِكَ فَيَمْسَخُكَ سَبْعَ سِنِينَ فَإِذَا مَضَتْ رَجَعْتَ إِنْسَاناً كَمَا كُنْتَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَعَدَ بُخْتَنَصَّرُ يَبْكِي سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ اَلْبُكَاءِ ظَهَرَ فَوْقَ بَيْتِهِ فَمَسَخَهُ اَللَّهُ عُقَاباً فَطَارَ وَ كَانَ دَانِيَالُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَأْمُرُ وُلْدَهُ وَ أَهْلَ مَمْلَكَتِهِ أَنْ لاَ يُغَيِّرُوا مِنْ أَمْرِهِ شَيْئاً حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ مَسَخَهُ اَللَّهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ بَعُوضَةً فَأَقْبَلَ يَطِيرُ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَهُ فَحَوَّلَهُ اَللَّهُ إِنْسَاناً فَاغْتَسَلَ بِالْمَاءِ وَ لَبِسَ المسوخ [اَلْمُسُوحَ ] ثُمَّ أَمَرَ بِالنَّاسِ فَجَمَعُوا فَقَالَ إِنِّي وَ إِيَّاكُمْ كُنَّا نَعْبُدُ مِنْ دُونِ اَللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُنَا وَ لاَ يَضُرُّنَا وَ إِنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ لِي مِنْ قُدْرَةِ اَللَّهِ تَعَالَى جَلَّ وَ عَلاَ فِي نَفْسِي أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ إِلَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا وَ هُوَ فِي اَلْحَقِّ سَوَاءٌ وَ مَنْ خَالَفَنِي ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى يَحْكُمَ اَللَّهُ بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ إِنِّي قَدْ أَجَّلْتُكُمْ إِلَى اَللَّيْلَةِ فَإِذَا أَصْبَحْتُمْ فَأَجِيبُونِي ثُمَّ اِنْصَرَفَ وَ دَخَلَ بَيْتَهُ وَ قَعَدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَبَضَ اَللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ وَ قَصَّ وَهْبٌ قِصَّتَهُ هَذِهِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ قَالَ مَا أَشْبَهَ إِيمَانَهُ بِإِيمَانِ اَلسَّحَرَةِ (1).
271 وَ لَمَّا تُوُفِّيَ بُخْتَنَصَّرُ تَابَعَ اَلنَّاسُ اِبْنَهُ وَ كَانَتِ اَلْأَوَانِي اَلَّتِي عَمِلَتِ اَلشَّيَاطِينُ
ص: 228
لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ مِنَ اَللُّؤْلُؤِ وَ اَلْيَاقُوتِ غَاصَ عَلَيْهَا اَلشَّيَاطِينُ حَتَّى اِسْتَخْرَجُوهَا مِنْ قُعُورِ اَلْأَبْحُرِ اَلصُّمِّ اَلَّتِي لاَ تَعْبُرُ فِيهَا اَلسُّفُنُ وَ كَانَ بُخْتَنَصَّرُ غَنِمَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ وَ أَوْرَدَهَا أَرْضَ بَابِلَ وَ اِسْتَأْمَرَ فِيهَا دَانِيَالَ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ اَلْآنِيَةَ طَاهِرَةٌ مُقَدَّسَةٌ صُنْعُهَا لِلنَّبِيِّ اِبْنِ اَلنَّبِيِّ اَلَّذِي يَسْجُدُ(1) لِرَبِّهِ عَزَّ وَ عَلاَ فَلاَ تُدَنِّسْهَا بِلَحْمِ اَلْخَنَازِيرِ وَ غَيْرِهَا فَإِنَّ لَهَا رَبّاً سَيُعِيدُهَا حَيْثُ كَانَتْ فأطاعه [فَلَمْ يُطِعْهُ ] وَ اِعْتَزَلَ دَانِيَالَ وَ أَقْصَاهُ وَ جَفَاهُ وَ كَانَتْ لَهُ اِمْرَأَةٌ حَكِيمَةٌ نَشَأَتْ فِي تَأْدِيبِ دَانِيَالَ تَعِظُهُ وَ تَقُولُ إِنَّ أَبَاكَ كَانَ يَسْتَغِيثُ بِدَانِيَالَ فَأَبَى ذَلِكَ فَعَمِلَ فِي كُلِّ عَمَلِ سُوءٍ حَتَّى عَجَّتِ اَلْأَرْضُ مِنْهُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ فَبَيْنَا هُوَ فِي عِيدٍ إِذَا بِكَفِّ مَلَكٍ يَكْتُبُ عَلَى اَلْجِدَارِ ثَلاَثَةَ أَحْرُفٍ ثُمَّ غَابَتِ اَلْكَفُّ وَ اَلْقَلَمُ وَ بُهِتُوا فَسَأَلُوا دَانِيَالَ بِحَقِّ تَأْوِيلِ ذَلِكَ اَلْمَكْتُوبِ وَ كَانَ كُتِبَ وُزِنَ فَخَفَّ وَ وعدنا نجز [وَعَدَ فَأَنْجَزَ] جَمَعَ فَتَفَرَّقَ فَقَالَ أَمَّا اَلْأَوَّلُ فَإِنَّهُ عَقْلُكَ وُزِنَ فَخَفَّ فَكَانَ خَفِيفاً فِي اَلْمِيزَانِ وَ اَلثَّانِي وَعَدَ أَنْ يُمَلِّكَ فَأَنْجَزَهُ اَلْيَوْمَ وَ اَلثَّالِثُ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَدْ جَمَعَ لَكَ وَ لِوَالِدِكَ مِنْ قَبْلِكَ مُلْكاً عَظِيماً ثُمَّ تَفَرَّقَ اَلْيَوْمَ فَلاَ يَجْتَمِعُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ فَقَالَ لَهُ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ يُعَذِّبُكَ اَللَّهُ فَأَقْبَلَتْ بَعُوضَةٌ تَطِيرُ حَتَّى دَخَلَتْ فِي أَحَدِ مَنْخِرَيْهِ فَوَصَلَتْ إِلَى دِمَاغِهِ وَ تُؤْذِيهِ فَأَحَبُّ اَلنَّاسِ عِنْدَهُ مَنْ حَمَلَ مِرْزَبَةً فَيَضْرِبُ بِهَا رَأْسَهُ وَ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ أَلَماً إِلَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً حَتَّى مَاتَ وَ صَارَ إِلَى اَلنَّارِ(2).
272 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلْقَطَّانُ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ اَلسُّكَّرِيُّ (3) حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا اَلْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ اَلْجُعْفِيِّ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : سَأَلْتُهُ عَنْ تَعْبِيرِ اَلرُّؤْيَا عَنْ دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ
ص: 229
أَ هُوَ صَحِيحٌ قَالَ نَعَمْ كَانَ يُوحَى إِلَيْهِ وَ كَانَ نَبِيّاً وَ كَانَ مِمَّنْ عَلَّمَهُ اَللَّهُ تَأْوِيلَ اَلْأَحَادِيثِ وَ كَانَ صِدِّيقاً حَكِيماً وَ كَانَ وَ اَللَّهِ يَدِينُ بِمَحَبَّتِنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ قَالَ جَابِرٌ بِمَحَبَّتِكُمْ أَهْلَ اَلْبَيْتِ قَالَ إِي وَ اَللَّهِ وَ مَا مِنْ نَبِيٍّ وَ لاَ مَلَكٍ إِلاَّ وَ كَانَ يَدِينُ بِمَحَبَّتِنَا (1) .
273وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلصَّفَّارُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْقَاسَانِيِّ عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْأَصْفَهَانِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ اَلْمِنْقَرِيِّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ اَلنَّخَعِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَنِ اِهْتَمَّ لِرِزْقِهِ كُتِبَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ إِنَّ دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ فِي زَمَنِ مَلِكٍ جَبَّارٍ(2) فَأَخَذَهُ فَطَرَحَهُ فِي اَلْجُبِّ وَ طَرَحَ مَعَهُ اَلسِّبَاعَ لِتَأْكُلَهُ فَلَمْ تَدْنُ إِلَيْهِ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ أَنِ اِئْتِ دَانِيَالَ بِطَعَامٍ قَالَ يَا رَبِّ وَ أَيْنَ دَانِيَالُ قَالَ تَخْرُجُ مِنَ اَلْقَرْيَةِ فَيَسْتَقْبِلُكَ ضَبُعٌ فَيَدُلُّكَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ فَانْتَهَى بِهِ اَلضَّبُعُ إِلَى ذَلِكَ اَلْجُبِّ فَإِذَا بِدَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِيهِ فَأَدْلَى إِلَيْهِ اَلطَّعَامَ فَقَالَ دَانِيَالُ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ يُخَيِّبُ مَنْ دَعَاهُ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي يَجْزِي بِالْإِحْسَانِ إِحْسَاناً وَ بِالصَّبْرِ نَجَاةً ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَبَى اَللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ أَرْزَاقَ اَلْمُتَّقِينَ إِلاَّ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُونَ وَ أَبَى اَللَّهُ أَنْ يُقْبَلَ شَهَادَةٌ لِأَوْلِيَائِهِ فِي دَوْلَةِ اَلظَّالِمِينَ (3).
274وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ اَلْأَشْعَرِيِّ حَدَّثَنَا اَلسَّيَّارِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ اَلْمَلِكَ قَالَ لِدَانِيَالَ أَشْتَهِي أَنْ يَكُونَ لِي اِبْنٌ مِثْلُكَ فَقَالَ مَا مَحَلِّي مِنْ قَلْبِكَ قَالَ أَجَلُّ مَحَلٍّ وَ أَعْظَمُهُ قَالَ دَانِيَالُ فَإِذَا جَامَعْتَ فَاجْعَلْ هِمَّتَكَ فِيَّ قَالَ فَفَعَلَ
ص: 230
اَلْمَلِكُ ذَلِكَ فَوُلِدَ لَهُ اِبْنٌ أَشْبَهُ خَلْقِ اَللَّهِ بِدَانِيَالَ (1).
275ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ شُعَيْباً جَعَلَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي بَعْضِ اَلسِّنِينَ اَلَّذِي كَانَ عِنْدَهُ كُلَّ بَلْقَاءَ تَضَعُهُ غَنَمُهُ فِي تِلْكَ اَلسَّنَةِ فَوَضَعَتْ كُلُّهَا بلق [بُلْقاً](2). و في هذا الخبر ما يحتاج إلى تأويل و هو أنه لا تأثير لشيء مما ذكر في الحقيقة في تغير هيئة الجنين و أما الأنبياء فدعواتهم مستجابة و أمورهم عجابة و إذا كان شيء مما يتعجب منه من قبل الله تعالى فلا يستنكر فهو سبحانه و تعالى على كل شيء قدير(3)
276وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلْقَطَّانُ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ اَلسُّكَّرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا اَلْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
ص: 231
اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا حَضَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ اَلْوَفَاةُ أَوْصَى إِلَى آصَفَ بْنِ بَرْخِيَا بِأَمْرِ اَللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَزَلْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ مَعَالِمَ دِينِهِمْ ثُمَّ غَيَّبَ اَللَّهُ آصَفَ غَيْبَةً طَالَ أَمَدُهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُمْ فَبَقِيَ بَيْنَ قَوْمِهِ مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ إِنَّهُ وَدَّعَهُمْ وَ غَابَ عَنْهُمْ فَاشْتَدَّتِ اَلْبَلْوَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْبَتِهِ وَ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ بُخْتَنَصَّرُ فَجَعَلَ يَقْتُلُ مَنْ يَظْفَرُ بِهِ مِنْهُمْ وَ يَسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ وَ اِصْطَفَى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ يَهُودَا دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ عُزَيْراً عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ جَعَلَ دَانِيَالَ فِي جُبٍّ فَلَمَّا تَنَاهَى(1) اَلْبَلْوَى بِهِ رَأَى بُخْتَنَصَّرُ فِي اَلْمَنَامِ كَأَنَّ مَلاَئِكَةَ اَلسَّمَاءِ هَبَطَتْ إِلَى اَلْأَرْضِ أَفْوَاجاً إِلَى اَلْجُبِّ اَلَّذِي فِيهِ دَانِيَالُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُسَلِّمِينَ عَلَيْهِ وَ يُبَشِّرُونَهُ بِالْفَرَجِ وَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ كَانَ يَبْعَثُ بِرِزْقِهِ إِلَيْهِ عَلَى يَدِ نَبِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَلَمَّا أَصْبَحَ بُخْتَنَصَّرُ نَدِمَ عَلَى مَا فَعَلَ فَأَتَى دَانِيَالَ فَأَخْرَجَهُ وَ اِعْتَذَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ فَوَّضَ إِلَيْهِ اَلْأَمْرَ فِي مَمَالِكِهِ وَ أَفْضَى اَلْأَمْرَ بَعْدَهُ إِلَى اِبْنِهِ وَ اِشْتَدَّتِ اَلْبَلْوَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ وَعَدَهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى بِقِيَامِ اَلْمَسِيحِ بَعْدَ نَيِّفٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً (2).
277وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ اَلصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ اَلْقَاسِمِ اَلْعَبَّاسِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ اَلْفَزَارِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ اَلزَّيَّاتُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ اَلْخَرَّازُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ اَلْفَضْلِ اَلْهَاشِمِيُّ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي كِتَابِ دَانِيَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ اَلْمُحَرَّمِ يَوْمَ اَلسَّبْتِ فَإِنَّهُ يَكُونُ اَلشِّتَاءُ شَدِيدَ اَلْبَرْدِ كَثِيرَ اَلرِّيحِ يَكْثُرُ فِيهِ اَلْجَلِيدُ وَ تَغْلُو فِيهِ اَلْحِنْطَةُ وَ يَقَعُ فِيهِ اَلْوَبَاءُ وَ مَوْتُ اَلصِّبْيَانِ وَ تَكْثُرُ اَلْحُمَّى فِي تِلْكَ اَلسَّنَةِ وَ يَقِلُّ اَلْعَسَلُ وَ تَكْثُرُ اَلْكَمْأَةُ وَ يَسْلَمُ اَلزَّرْعُ مِنَ اَلْآفَاتِ وَ يُصِيبُ بَعْضَ اَلْأَشْجَارِ آفَةٌ وَ بَعْضَ
ص: 232
اَلْكُرُومِ وَ تُخْصِبُ اَلسَّنَةُ وَ يَقَعُ بِالرُّومِ اَلْمَوَتَانُ وَ يَغْزُوهُمُ اَلْعَرَبُ وَ يَكْثُرُ فِيهِمُ اَلسَّبْيُ وَ اَلْغَنَائِمُ فِي أَيْدِي اَلْعَرَبِ وَ يَكُونُ اَلْغَلَبَةُ فِي جَمِيعِ اَلْمَوَاضِعِ لِلسُّلْطَانِ بِمَشِيَّةِ اَللَّهِ وَ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْأَحَدِ أَوَّلَ اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ اَلشِّتَاءُ صَالِحاً وَ يَكْثُرُ اَلْمَطَرُ وَ تُصِيبُ بَعْضَ اَلْأَشْجَارِ وَ اَلزَّرْعِ آفَةٌ وَ تَكُونُ أَوْجَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ وَ مَوْتٌ شَدِيدٌ وَ يَقِلُّ اَلْعَسَلُ وَ يَكْثُرُ فِي اَلْهَوَى اَلْوَبَاءُ وَ اَلْمَوَتَانُ وَ يَكُونُ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ بَعْضُ اَلْغَلاَءِ فِي اَلطَّعَامِ وَ يَكُونُ اَلْغَلَبَةُ لِلسُّلْطَانِ فِي آخِرِهِ وَ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْإِثْنَيْنِ أَوَّلَ اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ اَلشِّتَاءُ صَالِحاً وَ يَكُونُ فِي اَلصَّيْفِ حَرٌّ شَدِيدٌ وَ يَكْثُرُ اَلْمَطَرُ فِي أَيَّامِهِ (1) وَ يَكْثُرُ اَلْبَقَرُ وَ اَلْغَنَمُ وَ يَكْثُرُ اَلْعَسَلُ وَ يَرْخُصُ اَلطَّعَامُ وَ اَلْأَسْعَارُ فِي بُلْدَانِ اَلْجِبَالِ وَ تَكْثُرُ اَلْفَوَاكِهُ فِيهَا وَ يَكُونُ مَوْتٌ فِي اَلنِّسَاءِ وَ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ يَخْرُجُ خَارِجِيٌّ عَلَى اَلسُّلْطَانِ بِنَوَاحِي اَلْمَشْرِقِ وَ يُصِيبُ بَعْضَ فَارِسَ غَمٌّ وَ يَكْثُرُ اَلزُّكَامُ فِي أَرْضِ اَلْجَبَلِ وَ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلثَّلاَثَاءِ أَوَّلَ اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ اَلشِّتَاءُ شَدِيدَ اَلْبَرْدِ وَ يَكْثُرُ اَلثَّلْجُ وَ اَلْجَمَدُ بِأَرْضِ اَلْجَبَلِ وَ نَاحِيَةِ اَلْمَشْرِقِ وَ يَكْثُرُ اَلْغَنَمُ وَ اَلْعَسَلُ وَ يُصِيبُ بَعْضَ اَلْأَشْجَارِ وَ اَلْكُرُومِ آفَةٌ وَ يَكُونُ بِنَاحِيَةِ اَلْمَغْرِبِ وَ اَلشَّامِ آفَةٌ مِنْ حَدَثٍ يَحْدُثُ فِي اَلسَّمَاءِ يَمُوتُ فِيهِ خَلْقٌ وَ يَخْرُجُ عَلَى اَلسُّلْطَانِ خَارِجِيٌّ قَوِيٌّ وَ يَكُونُ اَلْغَلَبَةُ لِلسُّلْطَانِ وَ يَكُونُ فِي أَرْضِ فَارِسَ فِي بَعْضِ اَلْغَلاَّتِ آفَةٌ وَ تَغْلُو اَلْأَسْعَارُ بِهَا فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ وَ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْأَرْبِعَاءِ أَوَّلَ اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّ اَلشِّتَاءَ يَكُونُ وَسَطاً وَ يَكُونُ اَلْمَطَرُ فِي اَلْقَيْضِ صَالِحاً نَافِعاً مُبَارَكاً وَ تَكْثُرُ اَلثِّمَارُ وَ اَلْغَلاَّتُ بِالْجِبَالِ كُلِّهَا وَ نَاحِيَةِ جَمِيعِ اَلْمَشْرِقِ إِلاَّ أَنَّهُ يَقَعُ اَلْمَوْتُ فِي اَلرِّجَالِ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ وَ يُصِيبُ اَلنَّاسَ بِأَرْضِ بَابِلَ وَ بِالْجَبَلِ آفَةٌ وَ تَرْخُصُ اَلْأَسْعَارُ وَ تَسْكُنُ مَمْلَكَةُ اَلْعَرَبِ فِي تِلْكَ اَلسَّنَةِ وَ يَكُونُ اَلْغَلَبَةُ لِلسُّلْطَانِ وَ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْخَمِيسِ أَوَّلَ اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ اَلشِّتَاءُ لَيِّناً وَ يَكْثُرُ اَلْقَمْحُ وَ اَلْفَوَاكِهُ وَ اَلْعَسَلُ بِجَمِيعِ نَوَاحِي اَلْمَشْرِقِ وَ تَكْثُرُ اَلْحُمَّى فِي أَوَّلِ اَلسَّنَةِ وَ فِي آخِرِهَا وَ بِجَمِيعِ أَرْضِ بَابِلَ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ وَ يَكُونُ لِلرُّومِ عَلَى اَلْمُسْلِمِينَ غَلَبَةٌ ثُمَّ تَظْهَرُ اَلْعَرَبُ عَلَيْهِمْ بِنَاحِيَةِ اَلْمَغْرِبِ وَ يَقَعُ بِأَرْضِ اَلسِّنْدِ حُرُوبٌ وَ اَلظَّفَرُ لِمُلُوكِ اَلْعَرَبِ
ص: 233
وَ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْجُمُعَةِ أَوَّلَ اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَكُونُ اَلشِّتَاءُ بِلاَ بَرْدٍ وَ يَقِلُّ اَلْمَطَرُ وَ اَلْأَوْدِيَةُ وَ اَلْمِيَاهُ وَ تَقِلُّ اَلْغَلاَّتُ بِنَاحِيَةِ اَلْجِبَالِ مِائَةَ فَرْسَخٍ فِي مِائَةِ فَرْسَخٍ وَ يَكْثُرُ اَلْمَوْتُ فِي جَمِيعِ اَلنَّاسِ وَ يَغْلُو اَلْأَسْعَارُ بِنَاحِيَةِ اَلْمَغْرِبِ وَ تُصِيبُ بَعْضَ اَلْأَشْجَارِ آفَةٌ وَ يَكُونُ لِلرُّومِ عَلَى اَلْفُرْسِ كَرَّةٌ شَدِيدَةٌ (1).
278 إِذَا اِنْكَسَفَتِ اَلشَّمْسُ فِي اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّ اَلسَّنَةَ تَكُونُ خَصِيبَةً إِلاَّ أَنَّهُ يُصِيبُ اَلنَّاسَ أَوْجَاعٌ فِي آخِرِهَا وَ أَمْرَاضٌ وَ يَكُونُ مِنَ اَلسُّلْطَانِ ظَفَرٌ وَ تَكُونُ زَلْزَلَةٌ بَعْدَهَا سَلاَمَةٌ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي صَفَرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَزَعٌ وَ جُوعٌ فِي نَاحِيَةِ اَلْمَغْرِبِ وَ يَكُونُ قِتَالٌ فِي اَلْمَغْرِبِ كَثِيرٌ ثُمَّ تَقَعُ اَلصُّلْحُ فِي رَبِيعٍ وَ اَلظَّفَرُ لِلسُّلْطَانِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي رَبِيعٍ اَلْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيْنَ اَلنَّاسِ صُلْحٌ وَ يَقِلُّ اَلاِخْتِلاَفُ وَ اَلظَّفَرُ لِلسُّلْطَانِ بِالْمَغْرِبِ وَ يَضُرُّ [يَعِزُّ] اَلْبَقَرُ وَ اَلْغَنَمُ وَ يَتَّسِعُ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ وَ يَقَعُ اَلْوَبَاءُ فِي اَلْإِبِلِ بِالْبَدْوِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْآخِرِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيْنَ اَلنَّاسِ اِخْتِلاَفٌ كَثِيرٌ وَ يُقْتَلُ مِنْهُمْ خَلْقٌ عَظِيمٌ وَ يَخْرُجُ خَارِجِيٌّ عَلَى اَلْمَلِكِ وَ يَكُونُ فَزَعٌ وَ قِتَالٌ وَ يَكْثُرُ اَلْمَوْتُ فِي اَلنَّاسِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي جُمَادَى اَلْأُولَى فَإِنَّهُ يَكُونُ اَلسَّعَةُ فِي جَمِيعِ اَلنَّاسِ بِنَاحِيَةِ اَلْمَشْرِقِ وَ اَلْمَغْرِبِ وَ يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ إِلَى اَلرَّعِيَّةِ نَظَرٌ وَ يُحْسِنُ اَلسُّلْطَانُ إِلَى أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَ يُرَاعِي جَانِبَهُمْ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي جُمَادَى اَلْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ رَجُلٌ عَظِيمٌ بِالْمَغْرِبِ وَ يَقَعُ بِبِلاَدِ مِصْرَ قِتَالٌ وَ حُرُوبٌ شَدِيدَةٌ وَ يَكُونُ بِبِلاَدِ اَلْمَغْرِبِ غَلاَءٌ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي رَجَبٍ فَإِنَّهُ تُعْمَرُ اَلْأَرْضُ وَ تَكُونُ أَمْطَارٌ كَثِيرَةٌ بِالْجِبَالِ وَ بِنَاحِيَةِ
ص: 234
اَلْمَشْرِقِ وَ يَكُونُ جَرَادٌ بِنَاحِيَةِ فَارِسَ وَ لاَ يَضُرُّهُمْ ذَلِكَ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي شَعْبَانَ يَكُونُ سَلاَمَةٌ فِي جَمِيعِ اَلنَّاسِ مِنَ اَلسُّلْطَانِ وَ يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ ظَفَرٌ عَلَى أَعْدَائِهِ بِالْمَغْرِبِ وَ يَقَعُ وَبَاءٌ فِي اَلْجِبَالِ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ وَ يَكُونُ عَاقِبَتُهُ إِلَى سَلاَمَةٍ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ جُمْلَةُ اَلنَّاسِ يُطِيعُونَ عَظِيمَ فَارِسَ وَ تَكُونُ لِلرُّومِ عَلَى اَلْعَرَبِ كَرَّةٌ شَدِيدَةٌ ثُمَّ تَكُونُ عَلَى اَلرُّومِ وَ يُسْبَى مِنْهُمْ وَ يُغْنَمُ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي شَوَّالٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي أَرْضِ اَلْهِنْدِ وَ اَلزِّنْجِ قِتَالٌ شَدِيدٌ وَ يَكْثُرُ نَبَاتُ اَلْأَرْضِ بِالْمَشْرِقِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي ذِي اَلْقَعْدَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَطَرٌ كَثِيرٌ مُتَوَاتِرٌ وَ يَقَعُ خَرَابٌ بِنَاحِيَةِ فَارِسَ وَ إِذَا اِنْكَسَفَتْ فِي ذِي اَلْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِيهِ رِيَاحٌ كَثِيرَةٌ وَ تَنْقُصُ اَلْأَشْجَارُ وَ يَقَعُ بِالْأَرْضِ مِنَ اَلْمَغْرِبِ سَبُعٌ وَ خَرَابٌ فِي كُلِّ أَرْضٍ مِنْ نَاحِيَةِ اَلْمَغْرِبِ وَ يَنْقُصُ اَلطَّعَامُ وَ يَغْلُو عَلَيْهِمْ وَ يَخْرُجُ خَارِجِيٌّ عَلَى اَلْمَلِكِ وَ يُصِيبُهُ مِنْهُ شِدَّةٌ وَ يَقِلُّ طَعَامُ أَهْلِ فَارِسَ ثُمَّ يَرْخُصُ فِي اَلْعَامِ اَلثَّانِي(1).
279 إِذَا اِنْكَسَفَ اَلْقَمَرُ فِي اَلْمُحَرَّمِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ رَجُلٌ عَظِيمٌ وَ تَنْقُصُ اَلْفَاكِهَةُ بِالْجِبَالِ وَ يَقَعُ فِي اَلنَّاسِ حِكَّةٌ وَ يَكْثُرُ اَلرَّمَدُ بِأَرْضِ بَابِلَ وَ يَقَعُ اَلْمَوْتُ وَ تَغْلُو أَسْعَارُهَا وَ يَخْرُجُ خَارِجِيٌّ عَلَى اَلسُّلْطَانِ وَ اَلظُّفُرُ لِلسُّلْطَانِ وَ يَقْتُلُهُمْ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي صَفَرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ جُوعٌ وَ مَرَضٌ بِبَابِلَ وَ بِلاَدِهَا حَتَّى يُتَخَوَّفَ عَلَى اَلنَّاسِ ثُمَّ تَكُونُ أَمْطَارٌ كَثِيرَةٌ وَ يَحْسُنُ نَبَاتُ اَلْأَرْضِ وَ حَالُ اَلنَّاسِ وَ يَكُونُ بِالْجِبَالِ فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بِالْمَغْرِبِ قِتَالٌ وَ يُصِيبُ اَلنَّاسَ يَرَقَانٌ
ص: 235
وَ تَكْثُرُ فَاكِهَةُ اَلْبِلاَدِ بِنَاحِيَةِ مَاهَ وَ يَقَعُ اَلدُّودُ فِي اَلْبُقُولِ بِالْجَبَلِ وَ يَقَعُ خَرَابٌ كَثِيرٌ بِمَاهَ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْآخِرِ فَإِنَّهُ يَكْثُرُ اَلْأَنْدَاءُ بِالْجِبَالِ وَ يَكْثُرُ اَلْخِصْبُ وَ اَلْمِيَاهُ وَ تَكُونُ اَلسَّنَةُ مُبَارَكَةً وَ يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ اَلظَّفَرُ بِالْمَغْرِبِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي جُمَادَى اَلْأُولَى فَإِنَّهُ تُهْرَاقُ دِمَاءٌ كَثِيرَةٌ بِالْبَدْوِ وَ يُصِيبُ عَظِيمَ اَلشَّامِ بَلِيَّةٌ شَدِيدَةٌ وَ يَخْرُجُ خَارِجِيٌّ عَلَى اَلسُّلْطَانِ وَ اَلظَّفَرِ لِلسُّلْطَانِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي جُمَادَى اَلْآخِرَةِ فَإِنَّهُ تَقِلُّ اَلْأَمْطَارُ وَ اَلْمِيَاهُ بِنَيْنَوَى وَ يَقَعُ فِيهَا جَزَعٌ شَدِيدٌ وَ غَلاَءٌ وَ يُصِيبُ مُلْكَ بَابِلَ إِلَى اَلْمَغْرِبِ بَلاَءٌ عَظِيمٌ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي رَجَبٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ بِالْمَغْرِبِ مَوْتٌ وَ جُوعٌ وَ يَكُونُ بِأَرْضِ بَابِلَ أَمْطَارٌ وَ يَكْثُرُ وَجَعُ اَلْعَيْنِ فِي اَلْأَمْصَارِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي شَعْبَانَ فَإِنَّ اَلْمَلِكَ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ وَ يَمْلِكُ اِبْنُهُ وَ تَغْلُو اَلْأَسْعَارُ وَ يَكْثُرُ جُوعُ اَلنَّاسِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يَكُونُ بِالْجَبَلِ بَرْدٌ شَدِيدٌ وَ ثَلْجٌ وَ مَطَرٌ وَ كَثْرَةُ اَلْمِيَاهِ وَ يَقَعُ بِأَرْضِ فَارِسَ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ وَ يَقَعُ بِأَرْضِ مَاهَ مَوْتٌ كَثِيرٌ بِالصِّبْيَانِ وَ اَلنِّسَاءِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي شَوَّالٍ فَإِنَّ اَلْمَلِكَ يَغْلِبُ عَلَى أَعْدَائِهِ وَ يَكُونُ فِي اَلنَّاسِ شَرٌّ وَ بَلِيَّةٌ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي ذِي اَلْقَعْدَةِ فَإِنَّهُ تَنْفَتِحُ اَلْمَدَائِنُ اَلشِّدَادُ وَ تَظْهَرُ اَلْكُنُوزُ فِي بَعْضِ اَلْأَرَضِينَ وَ اَلْجِبَالِ وَ إِذَا اِنْكَسَفَ فِي ذِي اَلْحِجَّةِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ رَجُلٌ عَظِيمٌ بِالْمَغْرِبِ وَ يَدَّعِي فَاجِرٌ اَلْمُلْكَ (1). و جميع ذلك إن صحت الروايات عن دانيال النبي عليه السّلام يجري مجرى الملاحم و الحوادث في الدنيا و علاماتها(2)
وَ قَدْ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا أَرَادَ اَللَّهُ بِقَوْمٍ خَيْراً أَمْطَرَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ شَمَّسَهُمْ بِالنَّهَارِ(3).
ص: 236
وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا غَضِبَ اَللَّهُ عَلَى أُمَّةٍ وَ لَمْ يُنْزِلْ بِهَا اَلْعَذَابَ غَلَتْ أَسْعَارُهَا وَ قَصُرَتْ أَعْمَارُهَا وَ لَمْ تَرْبَحْ تُجَّارُهَا وَ لَمْ تَزْكُ ثِمَارُهَا وَ لَمْ تَغْزُرْ أَنْهَارُهَا وَ حُبِسَ عَنْهَا أَمْطَارُهَا وَ سُلِّطَ عَلَيْهَا شِرَارُهَا(1).
وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا مُنِعَتِ اَلزَّكَاةُ هَلَكَتِ اَلْمَاشِيَةُ (2)بحار الأنوار (334/58).(3) وَ إِذَا جَارَ اَلْحُكَّامُ أُمْسِكَ اَلْقَطْرُ مِنَ اَلسَّمَاءِ وَ إِذَا خُفِرَتِ اَلذِّمَّةُ نُصِرَ اَلْمُشْرِكُونَ عَلَى اَلْمُسْلِمِينَ . و أمثلة ذلك كثيرة و الله أعلم بحقيقة ذلك(3)
ص: 237
280عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا اَلْحَاكِمُ أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ اَلنَّيْسَابُورِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ عَنِ اَلْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ أَبِي أَحْمَدَ اَلْأَزْدِيِّ (1) عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ اَلْأَحْمَرِ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى جِرْجِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى مَلِكٍ بِالشَّامِ يُقَالُ لَهُ دَازَانَةُ (2) يَعْبُدُ صَنَماً فَقَالَ لَهُ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ اِقْبَلْ نَصِيحَتِي لاَ يَنْبَغِي لِلْخَلْقِ أَنْ يَعْبُدُوا غَيْرَ اَللَّهِ تَعَالَى وَ لاَ يَرْغَبُوا إِلاَّ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ اَلْمَلِكُ مِنْ أَيِّ أَرْضٍ أَنْتَ قَالَ مِنَ اَلرُّومِ قَاطِنِينَ بِفِلَسْطِينَ فَأَمَرَ بِحَبْسِهِ ثُمَّ مَشَطَ جَسَدَهُ بِأَمْشَاطٍ مِنْ حَدِيدٍ حَتَّى تَسَاقَطَ لَحْمُهُ وَ فُضِحَ جَسَدُهُ وَ لَمَّا لَمْ يُقْتَلْ أَمَرَ بِأَوْتَادٍ مِنْ حَدِيدٍ فَضَرَبَهَا فِي فَخِذَيْهِ وَ رُكْبَتَيْهِ وَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقْتُلْهُ أَمَرَ بِأَوْتَادٍ طِوَالٍ مِنْ حَدِيدٍ فَوُتِدَتْ فِي رَأْسِهِ فَسَالَ مِنْهَا دِمَاغُهُ وَ أَمَرَ بِالرَّصَاصِ فَأُذِيبَ وَ صُبَّ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ ثُمَّ أَمَرَ بِسَارِيَةٍ مِنْ حِجَارَةٍ كَانَتْ فِي اَلسِّجْنِ لَمْ يَنْقُلْهَا إِلاَّ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً فَوُضِعَتْ عَلَى بَطْنِهِ فَلَمَّا أَظْلَمَ اَللَّيْلُ وَ تَفَرَّقَ عَنْهُ اَلنَّاسُ رَآهُ أَهْلُ اَلسِّجْنِ وَ قَدْ جَاءَهُ مَلَكٌ فَقَالَ لَهُ يَا جِرْجِيسُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ اِصْبِرْ وَ أَبْشِرْ وَ لاَ تَخَفْ إِنَّ اَللَّهَ مَعَكَ يُخَلِّصُكَ وَ إِنَّهُمْ يَقْتُلُونَكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَدْفَعُ عَنْكَ اَلْأَلَمَ وَ اَلْأَذَى
ص: 238
فَلَمَّا أَصْبَحَ اَلْمَلِكُ دَعَاهُ فَجَلَدَهُ بِالسِّيَاطِ عَلَى اَلظَّهْرِ وَ اَلْبَطْنِ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى اَلسِّجْنِ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ أَنْ يَبْعَثُوا إِلَيْهِ بِكُلِّ سَاحِرٍ فَبَعَثُوا بِسَاحِرٍ اِسْتَعْمَلَ كُلَّمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ اَلسِّحْرِ فَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ ثُمَّ عَمَدَ إِلَى سَمٍّ فَسَقَاهُ فَقَالَ جِرْجِيسُ بِسْمِ اَللَّهِ اَلَّذِي يَضِلُّ عِنْدَ صِدْقِهِ كَذِبُ اَلْفَجَرَةِ وَ سِحْرُ اَلسَّحَرَةِ فَلَمْ يَضُرَّهُ فَقَالَ اَلسَّاحِرُ لَوْ أَنِّي سَقَيْتُ بِهَذَا اَلسَّمِّ أَهْلَ اَلْأَرْضِ لَنُزِعَتْ قُوَاهُمْ وَ شُوِّهَتْ خَلْقُهُمْ وَ عَمِيَتْ أَبْصَارُهُمْ وَ أَنْتَ يَا جِرْجِيسُ اَلنُّورُ اَلْمُضِيءُ وَ اَلسِّرَاجُ اَلْمُنِيرُ وَ اَلْحَقُّ اَلْيَقِينُ أَشْهَدُ أَنَّ إِلَهَكَ حَقٌّ وَ مَا دُونَهُ بَاطِلٌ آمَنْتُ بِهِ وَ صَدَّقْتُ رُسُلَهُ وَ إِلَيْهِ أَتُوبُ مِمَّا فَعَلْتُ فَقَتَلَهُ اَلْمَلِكُ ثُمَّ أَعَادَ جِرْجِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلسِّجْنِ وَ عَذَّبَهُ بِأَلْوَانِ اَلْعَذَابِ ثُمَّ قَطَّعَهُ أَقْطَاعاً وَ أَلْقَاهَا فِي جُبٍّ ثُمَّ خَلاَ اَلْمَلِكُ اَلْمَلْعُونُ وَ أَصْحَابُهُ عَلَى طَعَامٍ لَهُ وَ شَرَابٍ فَأَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى إِعْصَاراً أَنْشَأَتْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ وَ جَاءَتْ بِالصَّوَاعِقِ وَ رَجَفَتِ اَلْأَرْضُ وَ تَزَلْزَلَتِ اَلْجِبَالُ حَتَّى أَشْفَقُوا أَنْ يَكُونَ هَلاَكُهُمْ وَ أَمَرَ اَللَّهُ مِيكَائِيلَ فَقَامَ عَلَى رَأْسِ اَلْجُبِّ وَ قَالَ قُمْ يَا جِرْجِيسُ بِقُوَّةِ اَللَّهِ اَلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَقَامَ جِرْجِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَيّاً سَوِيّاً وَ أَخْرَجَهُ مِنَ اَلْجُبِّ وَ قَالَ اِصْبِرْ وَ أَبْشِرْ فَانْطَلَقَ جِرْجِيسُ حَتَّى قَامَ بَيْنَ يَدَيِ اَلْمَلِكِ وَ قَالَ بَعَثَنِيَ اَللَّهُ لِيَحْتَجَّ بِي عَلَيْكُمْ فَقَامَ صَاحِبُ اَلشُّرْطَةِ وَ قَالَ آمَنْتُ بِإِلَهِكَ اَلَّذِي بَعَثَكَ بَعْدَ مَوْتِكَ وَ شَهِدْتُ أَنَّهُ اَلْحَقُّ وَ جَمِيعَ اَلْآلِهَةِ دُونَهُ بَاطِلٌ وَ اِتَّبَعَهُ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ آمَنُوا وَ صَدَّقُوا جِرْجِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَتَلَهُمُ اَلْمَلِكُ جَمِيعاً بِالسَّيْفِ ثُمَّ أَمَرَ بِلَوْحٍ مِنْ نُحَاسٍ أُوْقِدَ عَلَيْهِ اَلنَّارُ حَتَّى اِحْمَرَّ فَبُسِطَ عَلَيْهِ جِرْجِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَمَرَ بِالرَّصَاصِ فَأُذِيبَ وَ صُبَّ فِي فِيهِ ثُمَّ ضُرِبَ اَلْأَوْتَادُ فِي عَيْنَيْهِ وَ رَأْسِهِ ثُمَّ يُنْزَعُ وَ يُفْرَغُ اَلرَّصَاصُ مَكَانَهُ فَلَمَّا رَأَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقْتُلْهُ أَوْقَدَ عَلَيْهِ اَلنَّارَ حَتَّى مَاتَ وَ أَمَرَ بِرَمَادِهِ فَذُرَّ فِي اَلرِّيَاحِ فَأَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى رِيَاحَ اَلْأَرَضِينَ فِي اَللَّيْلَةِ فَجَمَعَتْ رَمَادَهُ فِي مَكَانٍ فَأَمَرَ مِيكَائِيلَ فَنَادَى جِرْجِيسَ فَقَامَ حَيّاً سَوِيّاً بِإِذْنِ اَللَّهِ فَانْطَلَقَ جِرْجِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلْمَلِكِ وَ هُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَقَامَ رَجُلٌ وَ قَالَ إِنَّ تَحْتَنَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْبَراً وَ مَائِدَةً بَيْنَ أَيْدِينَا وَ هِيَ مِنْ عِيدَانٍ شَتَّى مِنْهَا مَا يُثْمِرُ وَ مِنْهَا مَا لاَ يُثْمِرُ فَسَلْ رَبَّكَ أَنْ يُلْبِسَ كُلَّ شَجَرَةٍ مِنْهَا لِحَاهَا وَ يُنْبِتَ فِيهَا وَرَقَهَا وَ ثَمَرَهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنِّي أُصَدِّقُكَ فَوَضَعَ جِرْجِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رُكْبَتَيْهِ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ دَعَا رَبَّهُ تَعَالَى فَمَا بَرِحَ
ص: 239
مَكَانَهُ حَتَّى أَثْمَرَ كُلُّ عُودٍ فِيهَا ثَمَرَهُ فَأَمَرَ بِهِ اَلْمَلِكُ فَمُدَّ بَيْنَ اَلْخَشَبَتَيْنِ وَ وُضِعَ اَلْمِنْشَارُ عَلَى رَأْسِهِ فَنُشِرَ حَتَّى سَقَطَ اَلْمِنْشَارُ مِنْ تَحْتِ رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَمَرَ بِقِدْرٍ عَظِيمَةٍ فَأُلْقِيَ فِيهَا زِفْتٌ وَ كِبْرِيتٌ وَ رَصَاصٌ فَأُلْقِيَ فِيهَا جَسَدُ جِرْجِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَطُبِخَ حَتَّى اِخْتَلَطَ ذَلِكَ كُلُّهُ جَمِيعاً فَأَظْلَمَتِ اَلْأَرْضُ لِذَلِكَ وَ بَعَثَ اَللَّهُ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَصَاحَ صَيْحَةً خَرَّ مِنْهَا اَلنَّاسُ لِوُجُوهِهِمْ ثُمَّ قَلَّبَ إِسْرَافِيلُ اَلْقَدْرَ فَقَالَ قُمْ يَا جِرْجِيسُ بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى فَقَامَ حَيّاً سَوِيّاً بِقُدْرَةِ اَللَّهِ وَ اِنْطَلَقَ جِرْجِيسُ إِلَى اَلْمَلِكِ فَلَمَّا رَآهُ اَلنَّاسُ عَجِبُوا مِنْهُ فَجَاءَتْهُ اِمْرَأَةٌ وَ قَالَتْ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلصَّالِحُ كَانَ لَنَا ثَوْرٌ نَعِيشُ بِهِ فَمَاتَ فَقَالَ جِرْجِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ خُذِي عَصَايَ هَذِهِ فَضَعِيهَا عَلَى ثَوْرِكِ وَ قَوْلِي إِنَّ جِرْجِيسَ يَقُولُ قُمْ بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى فَفَعَلَتْ فَقَامَ حَيّاً فَآمَنَتْ بِاللَّهِ فَقَالَ اَلْمَلِكُ إِنْ تَرَكْتُ هَذَا اَلسَّاحِرَ أَهْلَكَ قَوْمِي فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ وَ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ فَقَالَ جِرْجِيسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا أُخْرِجَ لاَ تَعْجَلُوا عَلَيَّ فَقَالَ اَللَّهُمَّ أَهْلَكْتَ (1) أَنْتَ عَبَدَةَ اَلْأَوْثَانِ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ اِسْمِي وَ ذِكْرِي صَبْراً لِمَنْ يَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ عِنْدَ كُلِّ هَوْلٍ وَ بَلاَءٍ ثُمَّ ضَرَبُوا عُنُقَهُ فَمَاتَ ثُمَّ أَسْرَعُوا إِلَى اَلْقَرْيَةِ فَهَلَكُوا كُلُّهُمْ (2).
281وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ (رض) قَالَ : قَالَ عُزَيْرٌ يَا رَبِّ إِنِّي نَظَرْتُ فِي جَمِيعِ أُمُورِكَ وَ أَحْكَامِهَا فَعَرَفْتُ عَدْلَكَ بِعَقْلِي وَ بَقِيَ بَابٌ لَمْ أَعْرِفْهُ إِنَّكَ تَسْخَطُ عَلَى أَهْلِ اَلْبَلِيَّةِ فَتَعُمُّهُمْ بِعَذَابِكَ وَ فِيهِمُ اَلْأَطْفَالُ فَأَمَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَخْرُجَ إِلَى اَلْبَرِّيَّةِ وَ كَانَ اَلْحَرُّ شَدِيداً فَرَأَى شَجَرَةً فَاسْتَظَلَّ بِهَا وَ نَامَ فَجَاءَتْ نَمْلَةٌ فَقَرَصَتْهُ فَدَلَكَ اَلْأَرْضَ بِرِجْلِهِ فَقَتَلَ مِنَ اَلنَّمْلِ كَثِيراً فَعَرَفَ أَنَّهُ مَثَلٌ ضُرِبَ فَقِيلَ لَهُ يَا عُزَيْرُ إِنَّ اَلْقَوْمَ إِذَا اِسْتَحَقُّوا عَذَابِي قَدَّرْتُ نُزُولَهُ عِنْدَ اِنْقِضَاءِ آجَالِ اَلْأَطْفَالِ فَمَاتَ أُولَئِكَ بِآجَالِهِمْ وَ هَلَكَ هَؤُلاَءِ بِعَذَابِي(3).
ص: 240
282وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا خَرَجَ مَلِكُ اَلْقِبْطِ يُرِيدُ هَدْمَ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ اِجْتَمَعَ اَلنَّاسُ إِلَى حِزْقِيلَ اَلنَّبِيِّ فَشَكَوْا إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي أُنَاجِي رَبِّي اَللَّيْلَةَ فَنَاجَى رَبَّهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ قَدْ كُفِيتُمْ وَ كَانُوا قَدْ مَضَوْا فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى مَلَكِ اَلْهَوَاءِ أَنْ أَمْسِكْ عَلَيْهِمْ أَنْفَاسَهُمْ فَمَاتُوا كُلُّهُمْ وَ أَصْبَحَ حِزْقِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْبَرَ قَوْمَهُ فَخَرَجُوا فَوَجَدُوهُمْ قَدْ مَاتُوا(1).
283 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ : سَأَلَ عَبْدُ اَلْأَعْلَى مَوْلَى بَنِي سَالِمٍ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنَا عِنْدَهُ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ اَلنَّاسُ فَقَالَ وَ مَا هُوَ قَالَ يَرْوُونَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى حِزْقِيلَ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنْ أَخْبِرْ فُلاَنَ اَلْمَلِكِ أَنِّي مُتَوَفِّيكَ يَوْمَ كَذَا فَأَتَى حِزْقِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ فَدَعَا اَللَّهَ وَ هُوَ عَلَى سَرِيرِهِ حَتَّى سَقَطَ مَا بَيْنَ اَلْحَائِطِ وَ اَلسَّرِيرِ وَ قَالَ يَا رَبِّ أَخِّرْنِي حَتَّى يَشِبُّ طِفْلِي وَ أَقْضِيَ أَمْرِي فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى ذَلِكَ اَلنَّبِيِّ أَنِ اِئْتِ فُلاَناً وَ قُلْ لَهُ إِنِّي أَنْسَأْتُ فِي عُمُرِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَقَالَ اَلنَّبِيُّ يَا رَبِّ وَ عِزَّتِكَ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكْذِبْ كَذِبَةً قَطُّ فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّمَا أَنْتَ عَبْدٌ مَأْمُورٌ فَأَبْلِغْهُ (2) .
ص: 241
284وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْهُمَا صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ اَلْمَوْتِ فَقٰالَ لَهُمُ اَللّٰهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيٰاهُمْ (1) قَالَ إِنَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِ اَلشَّامِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَانُوا سَبْعِينَ أَلْفَ بَيْتٍ وَ كَانَ اَلطَّاعُونُ يَقَعُ فِيهِمْ فِي كُلِّ أَوَانٍ وَ كَانُوا إِذَا أَحَسُّوا بِهِ خَرَجَ مِنَ اَلْمَدِينَةِ اَلْأَغْنِيَاءُ وَ بَقِيَ فِيهَا اَلْفُقَرَاءُ لِضَعْفِهِمْ وَ كَانَ اَلْمَوْتُ يَكْثُرُ فِي اَلَّذِينَ أَقَامُوا وَ يَقِلُّ فِي اَلَّذِينَ خَرَجُوا [قَالَ فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا جَمِيعاً مِنْ دِيَارِهِمْ إِذَا كَانَ وَقْتُ اَلطَّاعُونُ فَخَرَجُوا بِأَجْمَعِهِمْ فَنَزَلُوا عَلَى شَطِّ بَحْرٍ فَلَمَّا وَضَعُوا رِحَالَهُمْ نَادَاهُمُ اَللَّهُ مُوتُوا فَمَاتُوا جَمِيعاً فَكَنَسَتْهُمُ اَلْمَارَّةُ عَنِ اَلطَّرِيقِ فَبَقُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اَللَّهُ ] فَصَارُوا رَمِيماً عِظَاماً فَمَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ يُقَالُ لَهُ حِزْقِيلُ فَرَآهُمْ وَ بَكَى وَ قَالَ يَا رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَحْيَيْتَهُمُ اَلسَّاعَةَ فَأَحْيَاهُمُ اَللَّهُ وَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ رُشَّ اَلْمَاءَ عَلَيْهِمْ فَفَعَلَ فَأَحْيَاهُمُ اَللَّهُ (2).
285وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ اَلْمَدَائِنِيِّ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ مُوسَى عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ فِي زَمَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُسَمَّى إِلْيَا رَئِيسٌ عَلَى أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَانَ مَلِكُ بَنِي إِسْرَائِيلَ هَوِيَ اِمْرَأَةً مِنْ قَوْمٍ يَعْبُدُونَ اَلْأَصْنَامَ مِنْ غَيْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَخَطَبَهَا فَقَالَتْ عَلَى أَنْ أَحْمِلَ اَلصَّنَمَ فَأَعْبُدَهُ فِي بَلْدَتِكَ فَأَبَى عَلَيْهَا ثُمَّ عَاوَدَهَا مَرَّةً بَعْدَ
ص: 242
مَرَّةٍ حَتَّى صَارَ إِلَى مَا أَرَادَتْ فَحَوَّلَهَا إِلَيْهِ وَ مَعَهَا صَنَمٌ وَ جَاءَ مَعَهَا ثَمَانُمِائَةِ رَجُلٍ يَعْبُدُونَهُ فَجَاءَ إِلْيَا إِلَى اَلْمَلِكِ فَقَالَ مَلَّكَكَ اَللَّهُ وَ مَدَّ لَكَ فِي اَلْعُمُرِ فَطَغَيْتَ وَ بَغَيْتَ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَدَعَا اَللَّهَ إِلْيَا أَنْ لاَ يَسْقِيَهُمْ قَطْرَةً فَنَالَهُمْ قَحْطٌ شَدِيدٌ ثَلاَثَ سِنِينَ حَتَّى ذَبَحُوا دَوَابَّهُمْ فَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مِنَ اَلدَّوَابِّ إِلاَّ بِرْذَوْنٌ يَرْكَبُهُ اَلْمَلِكُ وَ آخَرُ يَرْكَبُهُ اَلْوَزِيرُ وَ كَانَ قَدِ اِسْتَتَرَ عِنْدَ اَلْوَزِيرِ أَصْحَابُ إِلْيَا يُطْعِمُهُمْ فِي سَرَبٍ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ إِلَى إِلْيَا تَعَرَّضْ لِلْمَلِكِ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتُوبَ عَلَيْهِ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا إِلْيَا مَا صَنَعْتَ بِنَا قَتَلْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَالَ إِلْيَا تُطِيعُنِي فِيمَا آمُرُكَ بِهِ فَأَخَذَ عَلَيْهِ اَلْعَهْدَ فَأَخْرَجَ أَصْحَابَهُ وَ تَقَرَّبُوا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى بِثَوْرَيْنِ ثُمَّ دَعَا بِالْمَرْأَةِ فَذَبَحَهَا وَ أَحْرَقَ اَلصَّنَمَ وَ تَابَ اَلْمَلِكُ تَوْبَةً حَسَنَةً حَتَّى لَبِسَ اَلشَّعْرَ وَ أُرْسِلَ إِلَيْهِ اَلْمَطَرُ وَ اَلْخِصْبُ (1).
ص: 243
286وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ قُدْرَتُهُ إِلَى شَعْيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِّي مُهْلِكٌ مِنْ قَوْمِكَ مِائَةَ أَلْفٍ أَرْبَعِينَ أَلْفاً مِنْ شِرَارِهِمْ وَ سِتِّينَ أَلْفاً مِنْ خِيَارِهِمْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَؤُلاَءِ اَلْأَشْرَارُ فَمَا بَالُ اَلْأَخْيَارِ فَقَالَ دَاهَنُوا أَهْلَ اَلْمَعَاصِي فَلَمْ يَغْضَبُوا لِغَضَبِي(1).
287وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَلِكٌ فِي زَمَانِ شَعْيَا وَ هُمْ مُتَابِعُونَ مُطِيعُونَ لِلَّهِ ثُمَّ إِنَّهُمُ اِبْتَدَعُوا اَلْبِدَعَ فَأَتَاهُمْ مَلِكُ بَابِلَ وَ كَانَ نَبِيُّهُمْ يُخْبِرُهُمْ بِغَضَبِ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى مَا لاَ قِبَلَ لَهُمْ بِهِ مِنَ اَلْجُنُودِ تَابُوا وَ تَضَرَّعُوا فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى شَعْيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِّي قَبِلْتُ تَوْبَتَهُمْ لِصَلاَحِ آبَائِهِمْ وَ مَلِكُهُمْ كَانَ قَرْحَةٌ بِسَاقِهِ وَ كَانَ عَبْداً صَالِحاً فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى شَعْيَا أَنْ مُرْ مَلِكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلْيُوصِ وَصِيَّهُ وَ لْيَسْتَخْلِفْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَإِنِّي قَابِضُهُ يَوْمَ كَذَا فَلْيَعْهَدْ عَهْدَهُ فَأَخْبَرَ شَعْيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِرِسَالَتِهِ عَزَّ وَ جَلَّ .
فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ أَقْبَلَ عَلَى اَلتَّضَرُّعِ وَ اَلدُّعَاءِ وَ اَلْبُكَاءِ فَقَالَ اَللَّهُمَّ اِبْتَدَأْتَنِي بِالْخَيْرِ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِي وَ سَبَّبْتَهُ لِي وَ أَنْتَ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ رَجَائِي وَ ثِقَتِي فَلَكَ اَلْحَمْدُ بِلاَ عَمَلٍ صَالِحٍ سَلَفَ مِنِّي وَ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّي بِنَفْسِي وَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُؤَخِّرَ عَنِّي اَلْمَوْتَ وَ تَنْسَأَ لِي فِي عُمُرِي وَ تَسْتَعْمِلَنِي بِمَا تُحِبُّ وَ تَرْضَى
ص: 244
فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى شَعْيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنِّي رَحِمْتُ تَضَرُّعَهُ وَ اِسْتَجَبْتُ دَعْوَتَهُ وَ قَدْ زِدْتُ فِي عُمُرِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَمُرْهُ فَلْيُدَاوِ قَرْحَتَهُ بِمَاءِ اَلتِّينِ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ شِفَاءً مِمَّا هُوَ فِيهِ وَ إِنِّي قَدْ كَفَيْتُهُ وَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَئُونَةَ عَدُوِّهِمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا جُنُودَ مَلِكِ بَابِلَ مَصْرُوعِينَ فِي عَسْكَرِهِمْ مَوْتَى لَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ مَلِكُهُمْ وَ خَمْسَةُ نَفَرٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى أَصْحَابِهِمْ وَ مَا أَصَابَهُمْ كَرُّوا مُنْهَزِمِينَ إِلَى أَرْضِ بَابِلَ وَ ثَبَتَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُتَوَازِرِينَ عَلَى اَلْخَيْرِ فَلَمَّا مَاتَ مَلِكُهُمُ اِبْتَدَعُوا اَلْبِدَعَ وَ دَعَا كُلٌّ إِلَى نَفْسِهِ وَ شَعْيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَأْمُرُهُمْ وَ يَنْهَاهُمْ فَلاَ يَقْبَلُونَ حَتَّى أَهْلَكَهُمُ اَللَّهُ (1)نفس المصدر ص (162).(2).
288 وَ عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ سَأَلَ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْ شَعْيَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ هُوَ اَلَّذِي بَشَّرَ بِي وَ بِأَخِي عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (2) .
289 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبِي عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ سَلْمَانَ اَلْفَارِسِيَّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ يُحَدِّثُ : أَنَّهُ كَانَ فِي مُلُوكِ فَارِسَ مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ روذين جَبَّارٌ عَنِيدٌ عَاتٍ فَلَمَّا اِشْتَدَّ فِي مُلْكِهِ فَسَادُهُ فِي اَلْأَرْضِ اِبْتَلاَهُ اَللَّهُ بِالصُّدَاعِ فِي شِقِّ رَأْسِهِ اَلْأَيْمَنِ حَتَّى مَنَعَهُ مِنَ اَلمَطْعَمِ وَ اَلْمَشْرَبِ فَاسْتَغَاثَ وَ ذَلَّ وَ دَعَا وُزَرَاءَهُ فَشَكَا إِلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَسْقَوْهُ اَلْأَدْوِيَةَ وَ أَيِسَ مِنْ سُكُونِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَعَثَ اَللَّهُ نَبِيّاً فَقَالَ لَهُ اِذْهَبْ إِلَى روذين عَبْدِي اَلْجَبَّارِ فِي هَيْئَةِ اَلْأَطِبَّاءِ وَ اِبْتَدِئْهُ بِالتَّعْظِيمِ لَهُ وَ اَلرِّفْقِ بِهِ وَ مَنِّهِ سُرْعَةَ اَلشِّفَاءِ بِلاَ دَوَاءٍ تَسْقِيهِ وَ لاَ كَيٍّ تَكْوِيهِ وَ إِذَا رَأَيْتَهُ قَدْ أَقْبَلَ وَجْهَهُ إِلَيْكَ فَقُلْ إِنَّ شِفَاءَ دَائِكَ فِي دَمِ صَبِيٍّ رَضِيعٍ بَيْنَ أَبَوَيْهِ يَذْبَحَانِهِ لَكَ طَائِعَيْنِ غَيْرَ مُكْرَهَيْنِ فَتَأْخُذُ مِنْ دَمِهِ ثَلاَثَ قَطَرَاتٍ فَتَسْعَطُ بِهِ فِي مَنْخِرِكَ اَلْأَيْمَنِ تَبْرَأُ مِنْ سَاعَتِكَ
ص: 245
فَفَعَلَ اَلنَّبِيُّ ذَلِكَ فَقَالَ اَلْمَلِكُ مَا أَعْرِفُ فِي اَلنَّاسِ هَذَا فَقَالَ إِنْ بَذَلْتَ اَلْعَطِيَّةَ وَجَدْتَ اَلْبُغْيَةَ قَالَ فَبَعَثَ اَلْمَلِكُ بِالرُّسُلِ فِي ذَلِكَ فَوَجَدُوا جَنِيناً بَيْنَ أَبَوَيْهِ مُحْتَاجَيْنِ فَأَرْغَبَهُمَا فِي اَلْعَطِيَّةِ فَانْطَلَقَا بِالصَّبِيِّ إِلَى اَلْمَلِكِ فَدَعَا بِطَاسِ فِضَّةٍ وَ شَفْرَةٍ وَ قَالَ لِأُمِّهِ أَمْسِكِي اِبْنَكِ فِي حَجْرِكِ فَأَنْطَقَ اَللَّهُ اَلصَّبِيَّ وَ قَالَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ كُفَّهُمَا عَنْ ذَبْحِي فَبِئْسَ اَلْوَالِدَانِ هُمَا أَيُّهَا اَلْمَلِكُ إِنَّ اَلصَّبِيَّ اَلضَّعِيفَ إِذَا ضِيمَ (1) كَانَ أَبَوَاهُ يَدْفَعَانِ عَنْهُ وَ إِنَّ أَبَوَيَّ ظَلَمَانِي فَإِيَّاكَ أَنْ تُعِينَهُمَا عَلَى ظُلْمِي فَفَزِعَ اَلْمَلِكُ فَزَعاً شَدِيداً أَذْهَبَ عَنْهُ اَلدَّاءَ وَ نَامَ روذينُ فِي تِلْكَ اَلْحَالَةِ فَرَأَى فِي اَلنَّوْمِ مَنْ يَقُولُ لَهُ اَلْإِلَهُ اَلْأَعْظَمُ أَنْطَقَ اَلصَّبِيَّ وَ مَنَعَكَ وَ مَنَعَ أَبَوَيْهِ مِنْ ذَبْحِهِ وَ هُوَ اِبْتَلاَكَ اَلشَّقِيقَةَ لِنَزْعِكَ مِنْ سُوءِ اَلسِّيرَةِ فِي اَلْبِلاَدِ وَ هُوَ اَلَّذِي رَدَّكَ إِلَى اَلصِّحَّةِ وَ قَدْ وَعَظَكَ بِمَا أَسْمَعَكَ فَانْتَبَهَ وَ لَمْ يَجِدْ وَجَعاً وَ عَلِمَ أَنَّ كُلَّهُ مِنَ اَللَّهِ تَعَالَى فَسَارَ فِي اَلْبِلاَدِ بِالْعَدْلِ (2) .
290وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ مَاجِيلَوَيْهِ عَنْ عَمِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْقَاسِمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْكُوفِيُّ عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ أُسْقُفَ نَجْرَانَ دَخَلَ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَجَرَى ذِكْرُ أَصْحَابِ اَلْأُخْدُودِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعَثَ اَللَّهُ نَبِيّاً حَبَشِيّاً إِلَى قَوْمِهِ وَ هُمْ حَبَشَةُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَكَذَّبُوهُ وَ حَارَبُوهُ وَ ظَفِرُوا بِهِ وَ خَدُّوا أُخْدُوداً وَ جَعَلُوا فِيهَا اَلْحَطَبَ وَ اَلنَّارَ فَلَمَّا كَانَ حَرّاً قَالُوا لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِ ذَلِكَ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ اِعْتَزِلُوا وَ إِلاَّ طَرَحْنَاكُمْ فِيهَا فَاعْتَزَلَ قَوْمٌ كَثِيرٌ وَ قُذِفَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ حَتَّى وَقَعَتِ (3) اِمْرَأَةٌ وَ مَعَهَا اِبْنٌ لَهَا مِنْ شَهْرَيْنِ فَقِيلَ لَهَا إِمَّا أَنْ تَرْجِعِي وَ إِمَّا أَنْ تُقْذَفِي فِي اَلنَّارِ فَهَمَّتْ أَنْ تَطْرَحَ نَفْسَهَا فِي اَلنَّارِ فَلَمَّا رَأَتِ اِبْنَهَا رَحِمَتْهُ فَأَنْطَقَ اَللَّهُ تَعَالَى اَلصَّبِيَّ وَ قَالَ يَا أُمَّاهْ ألق [أَلْقِي] نَفْسَكِ وَ إِيَّايَ فِي اَلنَّارِ فَإِنَّ هَذَا فِي اَللَّهِ قَلِيلٌ (4).
ص: 246
291 وَ تَلاَ عِنْدَ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَجُلٌ قُتِلَ أَصْحٰابُ اَلْأُخْدُودِ فَقَالَ قُتِلَ أَصْحَابُ اَلْأُخْدُودِ وَ سُئِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَلْمَجُوسِ أَيُّ أَحْكَامٍ تَجْرِي فِيهِمْ قَالَ هُمْ أَهْلُ اَلْكِتَابِ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ وَ كَانَ لَهُمْ مَلِكٌ سَكِرَ يَوْماً فَوَقَعَ عَلَى أُخْتِهِ وَ أُمِّهِ فَلَمَّا أَفَاقَ نَدِمَ وَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَقَالَ لِلنَّاسِ هَذَا حَلاَلٌ فَامْتَنَعُوا عَلَيْهِ فَجَعَلَ يَقْتُلُهُمْ وَ حَفَرَ لَهُمُ اَلْأُخْدُودَ وَ يُلْقِيهِمْ فِيهَا (1) .
292 وَ عَنِ اِبْنِ مَاجِيلَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ أَبَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ هِلاَلٍ اَلصَّيْقَلِ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ اَلْجُعْفِيِّ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : وَلَّى عُمَرُ رَجُلاً كُورَةً مِنَ اَلشَّامِ فَافْتَتَحَهَا وَ إِذَا أَهْلُهَا أَسْلَمُوا فَبَنَى لَهُمْ مَسْجِداً فَسَقَطَ ثُمَّ بَنَى لَهُمْ فَسَقَطَ ثُمَّ بَنَاهُ فَسَقَطَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ فَلَمَّا قَرَأَ اَلْكِتَابَ سَأَلَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَلْ عِنْدَكُمْ فِي هَذَا عِلْمٌ قَالُوا لاَ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَقْرَأَهُ اَلْكِتَابَ فَقَالَ هَذَا نَبِيٌّ كَذَّبَهُ قَوْمُهُ فَقَتَلُوهُ وَ دَفَنُوهُ فِي هَذَا اَلْمَسْجِدِ وَ هُوَ مُتَشَحِّطٌ فِي دَمِهِ فَاكْتُبْ إِلَى صَاحِبِكَ فَلْيَنْبُشْهُ فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ طَرِيّاً لِيُصَلِّ عَلَيْهِ وَ لْيَدْفِنْهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا ثُمَّ لْيَبْنِ مَسْجِداً فَإِنَّهُ سَيَقُومُ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ بَنَى اَلْمَسْجِدَ فَثَبَتَ وَ فِي رِوَايَةٍ اُكْتُبْ إِلَى صَاحِبِكَ أَنْ يَحْفِرَ مَيْمَنَةَ أَسَاسِ اَلْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ سَيُصِيبُ فِيهَا رَجُلاً قَاعِداً يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ وَ وَجْهِهِ فَقَالَ عُمَرُ مَنْ هُوَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَاكْتُبْ إِلَى صَاحِبِكَ فَلْيَعْمَلْ مَا أَمَرْتُهُ فَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ أَعْلَمْتُكَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ فَلَمْ يَلْبَثْ إِذْ كَتَبَ اَلْعَامِلُ أَصَبْتُ اَلرَّجُلَ عَلَى مَا وَصَفْتَ فَصَنَعْتُ اَلَّذِي أَمَرْتَ فَثَبَتَ اَلْبِنَاءُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا حَالُ هَذَا اَلرَّجُلِ فَقَالَ هَذَا نَبِيُّ أَصْحَابِ اَلْأُخْدُودِ (2) .
ص: 247
و قصتهم معروفة في تفسير القرآن (1)
293وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ اَلْبَرْوَاذِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَارِثِ بْنِ سُفْيَانَ اَلْحَافِظِ اَلسَّمَرْقَنْدِيُّ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ سَعِيدٍ اَلتِّرْمِذِيُّ عَنْ مُنْعَمِ بْنِ إِدْرِيسَ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رض قَالَ : إِنَّ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ بَوَّأَ بَنِي إِسْرَائِيلَ اَلشَّامَ بَعْدَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ فَصَارَ مِنْهُمْ سِبْطٌ بِبَعْلَبَكَ بِأَرْضِهَا وَ هُوَ اَلسِّبْطُ اَلَّذِي مِنْهُ إِلْيَاسُ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَبَعَثَهُ اَللَّهُ إِلَيْهِمْ وَ عَلَيْهِمْ يَوْمَئِذٍ مَلِكٌ فَتَنَهُمْ بِعِبَادَةِ صَنَمٍ يُقَالُ لَهُ بَعْلٌ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَ إِنَّ إِلْيٰاسَ لَمِنَ اَلْمُرْسَلِينَ إِذْ قٰالَ لِقَوْمِهِ أَ لاٰ تَتَّقُونَ أَ تَدْعُونَ بَعْلاً وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ اَلْخٰالِقِينَ اَللّٰهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبٰائِكُمُ اَلْأَوَّلِينَ فَكَذَّبُوهُ (2) وَ كَانَ لِلْمَلِكِ زَوْجَةٌ فَاجِرَةٌ يَسْتَخْلِفُهَا إِذَا غَابَ فَتَقْضِي بَيْنَ اَلنَّاسِ وَ كَانَ لَهَا كَاتِبٌ حَكِيمٌ قَدْ خَلَّصَ مِنْ يَدِهَا ثَلاَثَمِائَةِ مُؤْمِنٍ كَانَتْ تُرِيدُ قَتْلَهُمْ وَ لَمْ يُعْلَمْ عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ أُنْثَى أَزْنَى مِنْهَا وَ قَدْ تَزَوَّجَتْ سَبْعَةَ مُلُوكٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى وَلَدَتْ تِسْعِينَ وَلَداً سِوَى وُلْدِ وُلْدِهَا وَ كَانَ لِزَوْجِهَا جَارٌ صَالِحٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ كَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَعِيشُ بِهِ إِلَى جَانِبِ قَصْرِ اَلْمَلِكِ وَ كَانَ اَلْمَلِكُ يُكْرِمُهُ فَسَافَرَ مَرَّةً فَاغْتَنَمَتِ اِمْرَأَتُهُ وَ قَتَلَتِ اَلْعَبْدَ اَلصَّالِحَ وَ أَخَذَتْ بُسْتَانَهُ غَصْباً مِنْ أَهْلِهِ وَ وُلْدِهِ وَ كَانَ ذَلِكَ سَبَبَ سَخَطِ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا قَدِمَ زَوْجُهَا أَخْبَرَتْهُ اَلْخَبَرَ فَقَالَ لَهَا مَا أَصَبْتِ فَبَعَثَ اَللَّهُ إِلْيَاسَ اَلنَّبِيَّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اَللَّهِ فَكَذَّبُوهُ وَ طَرَدُوهُ وَ أَهَانُوهُ وَ أَخَافُوهُ وَ صَبَرَ عَلَيْهِمْ وَ اِحْتَمَلَ أَذَاهُمْ وَ دَعَاهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَزِدْهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً فَآلَى اَللَّهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُهْلِكَ اَلْمَلِكَ وَ اَلزَّانِيَةَ إِنْ لَمْ يَتُوبُوا إِلَيْهِ وَ أَخْبَرَهُمَا بِذَلِكَ فَاشْتَدَّ غَضَبُهُمْ (3)
ص: 248
عَلَيْهِ وَ هَمُّوا بِتَعْذِيبِهِ وَ قَتْلِهِ فَهَرَبَ مِنْهُمْ فَلَحِقَ بِأَصْعَبِ جَبَلٍ فَبَقِيَ فِيهِ وَحْدَهُ سَبْعَ سِنِينَ يَأْكُلُ مِنْ نَبَاتِ اَلْأَرْضِ وَ ثِمَارِ اَلشَّجَرِ وَ اَللَّهُ يُخْفِي مَكَانَهُ فَأَمْرَضَ اَللَّهُ اِبْناً لِلْمَلِكِ مَرَضاً شَدِيداً حَتَّى يَئِسَ مِنْهُ وَ كَانَ أَعَزَّ وُلْدِهِ عَلَيْهِ فَاسْتَشْفَعُوا إِلَى عَبَدَةِ اَلصَّنَمِ لِيَسْتَشْفِعُوا لَهُ فَلَمْ يَنْفَعْ فَبَعَثُوا اَلنَّاسَ إِلَى حَدِّ اَلْجَبَلِ اَلَّذِي فِيهِ إِلْيَاسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانُوا يَقُولُونَ اِهْبِطْ إِلَيْنَا وَ اِشْفَعْ لَنَا فَنَزَلَ إِلْيَاسُ مِنَ اَلْجَبَلِ وَ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَ إِلَى مَنْ وَرَاءَكُمْ فَاسْمَعُوا رِسَالَةَ رَبِّكُمْ يَقُولُ اَللَّهُ اِرْجِعُوا إِلَى اَلْمَلِكِ فَقُولُوا لَهُ إِنِّي أَنَا اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا إِلَهَ بَنِي إِسْرَائِيلَ اَلَّذِي خَلَقَهُمْ وَ أَنَا اَلَّذِي أَرْزُقُهُمْ وَ أُحْيِيهِمْ وَ أُمِيتُهُمْ وَ أَضُرُّهُمْ وَ أَنْفَعُهُمْ وَ تَطْلُبُ اَلشِّفَاءَ لاِبْنِكَ مِنْ غَيْرِي فَلَمَّا صَارُوا إِلَى اَلْمَلِكِ وَ قَصُّوا عَلَيْهِ اَلْقِصَّةَ اِمْتَلَأَ غَيْظاً فَقَالَ مَا اَلَّذِي مَنَعَكُمْ أَنْ تَبْطِشُوا بِهِ حِينَ لَقِيتُمُوهُ وَ تُوثِقُوهُ وَ تَأْتُونِي بِهِ فَإِنَّهُ عَدُوِّي قَالُوا لَمَّا صَارَ مَعَنَا قُذِفَ فِي قُلُوبِنَا اَلرُّعْبُ عَنْهُ فَنَدَبَ خَمْسِينَ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ ذَوِي اَلْبَطْشِ وَ أَوْصَاهُمْ بِالاِحْتِيَالِ لَهُ وَ إِطْمَاعِهِ فِي أَنَّهُمْ آمَنُوا بِهِ لِيَغْتَرَّ بِهِمْ فَيُمَكِّنَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ فَانْطَلَقُوا حَتَّى اِرْتَقَوْا ذَلِكَ اَلْجَبَلَ اَلَّذِي فِيهِ إِلْيَاسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ تَفَرَّقُوا فِيهِ وَ هُمْ يُنَادُونَهُ بِأَعْلَى صَوْتِهِمْ وَ يَقُولُونَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ اُبْرُزْ لَنَا فَإِنَّا آمَنَّا بِكَ فَلَمَّا سَمِعَ إِلْيَاسُ مَقَالَتَهُمْ طَمِعَ فِي إِيمَانِهِمْ وَ كَانَ (1) فِي مَغَارٍ فَقَالَ اَللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ فِيمَا يَقُولُونَ فَأْذَنْ لِي فِي اَلنُّزُولِ إِلَيْهِمْ وَ إِنْ كَانُوا كَاذِبِينَ فَاكْفِنِيهِمْ وَ اِرْمِهِمْ بِنَارٍ تُحْرِقُهُمْ فَمَا اِسْتَتَمَّ قَوْلُهُ حَتَّى حُصِبُوا بِالنَّارِ مِنْ فَوْقِهِمْ فَاحْتَرَقُوا فَبَلَغَ اَلْمَلِكَ خَبَرُهُمْ فَاشْتَدَّ غَيْظُهُ فَانْتَدَبَ كَاتِبَ اِمْرَأَتِهِ اَلْمُؤْمِنَ وَ بَعَثَ مَعَهُ جَمَاعَةً إِلَى اَلْجَبَلِ وَ قَالَ لَهُ قَدْ آنَ أَنْ أَتُوبَ فَانْطَلِقْ لَنَا إِلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا يَأْمُرُنَا وَ يَنْهَانَا بِمَا يَرْضَى رَبُّنَا وَ أَمَرَ قَوْمَهُ فَاعْتَزَلُوا اَلْأَصْنَامَ فَانْطَلَقَ كَاتِبُهَا وَ اَلْفِئَةُ اَلَّذِينَ أَنْفَذَهُمْ مَعَهُ حَتَّى عَلاَ إِلَى اَلْجَبَلِ اَلَّذِي فِيهِ إِلْيَاسُ ثُمَّ نَادَاهُ فَعَرَفَ إِلْيَاسُ صَوْتَهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِ اُبْرُزْ إِلَى أَخِيكَ اَلصَّالِحِ وَ صَافِحْهُ وَ حَيِّهِ فَقَالَ اَلْمُؤْمِنُ بَعَثَنِي إِلَيْكَ هَذَا اَلطَّاغِي وَ قَوْمُهُ وَ قَصَّ عَلَيْهِ مَا قَالُوا
ص: 249
ثُمَّ قَالَ وَ إِنِّي لَخَائِفٌ إِنْ رَجَعْتُ إِلَيْهِ وَ لَسْتَ مَعِي أَنْ يَقْتُلَنِي فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى إِلْيَاسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ كُلَّ شَيْ ءٍ جَاءَكَ مِنْهُمْ خِدَاعٌ لِيَظْفَرُوا بِكَ وَ إِنِّي أَشْغَلُهُ عَنْ هَذَا اَلْمُؤْمِنِ بِأَنْ أُمِيتَ اِبْنَهُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ شَدَّدَ اَللَّهُ اَلْوَجَعَ عَلَى اِبْنِهِ وَ أَخَذَ اَلْمَوْتُ يَكْظِمُهُ (1) وَ رَجَعَ إِلْيَاسُ سَالِماً إِلَى مَكَانِهِ فَلَمَّا ذَهَبَ اَلْجَزَعُ عَنِ اَلْمَلِكِ بَعْدَ مُدَّةٍ سَأَلَ اَلْكَاتِبَ عَنِ اَلَّذِي جَاءَ بِهِ فَقَالَ لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ .
ثُمَّ إِنَّ إِلْيَاسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَزَلَ وَ اِسْتَخْفَى عِنْدَ أُمِّ يُونُسَ بْنِ مَتَّى سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَوْلُودٌ ثُمَّ عَادَ إِلَى مَكَانِهِ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلاَّ يَسِيراً حَتَّى مَاتَ اِبْنُهَا حِينَ فَطَمَتْهُ فَعَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا فَخَرَجَتْ فِي طَلَبِ إِلْيَاسَ وَ رَقَتِ اَلْجِبَالَ حَتَّى وَجَدَتْ إِلْيَاسَ فَقَالَتْ إِنِّي فُجِّعْتُ بِمَوْتِ اِبْنِي وَ أَلْهَمَنِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَ جَلَّ اَلاِسْتِشْفَاعَ بِكَ إِلَيْهِ لِيُحْيِيَ لِيَ اِبْنِي فَإِنِّي تَرَكْتُهُ بِحَالِهِ وَ لَمْ أَدْفِنْهُ وَ أَخْفَيْتُ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهَا وَ مَتَى مَاتَ اِبْنُكِ قَالَتْ اَلْيَوْمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فَانْطَلَقَ إِلْيَاسُ وَ صَارَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أُخْرَى حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى مَنْزِلِهَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ بِالدُّعَاءِ وَ اِجْتَهَدَ حَتَّى أَحْيَا اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ بِقُدْرَتِهِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا عَاشَ اِنْصَرَفَ إِلْيَاسُ وَ لَمَّا صَارَ اِبْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَرْسَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى قَوْمِهِ كَمَا قَالَ وَ أَرْسَلْنٰاهُ إِلىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (2) ثُمَّ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى إِلْيَاسَ بَعْدَ سَبْعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمَ أَحْيَا اَللَّهُ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَلْنِي أُعْطِكَ فَقَالَ تُمِيتُنِي فَتُلْحِقُنِي بِآبَائِي فَإِنِّي قَدْ مَلَلْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَبْغَضْتُهُمْ فِيكَ فَقَالَ تَعَالَى جَلَّتْ قُدْرَتُهُ مَا هَذَا بِالْيَوْمِ اَلَّذِي أُعْرِي مِنْكَ اَلْأَرْضَ وَ أَهْلَهَا وَ إِنَّمَا قِوَامُهَا بِكَ وَ لَكِنْ سَلْنِي أُعْطِكَ فَقَالَ إِلْيَاسُ فَأَعْطِنِي ثَارِي مِنَ اَلَّذِينَ أَبْغَضُونِي فِيكَ فَلاَ تُمْطِرْ عَلَيْهِمْ سَبْعَ سِنِينَ قَطْرَةً إِلاَّ بِشَفَاعَتِي فَاشْتَدَّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ اَلْجُوعُ وَ أَلَحَّ عَلَيْهِمُ اَلْبَلاَءُ وَ أَسْرَعَ اَلْمَوْتُ فِيهِمْ وَ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَةِ إِلْيَاسَ فَفَزِعُوا إِلَيْهِ وَ قَالُوا نَحْنُ طَوْعُ يَدِكَ فَهَبَطَ إِلْيَاسُ مَعَهُمْ وَ مَعَهُ تِلْمِيذٌ لَهُ اَلْيَسَعُ وَ جَاءَ إِلَى اَلْمَلِكِ فَقَالَ أَفْنَيْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالْقَحْطِ فَقَالَ قَتَلَهُمُ اَلَّذِي أَغْوَاهُمْ فَقَالَ اُدْعُ رَبَّكَ يَسْقِهِمْ
ص: 250
فَلَمَّا جَنَّ اَللَّيْلُ قَامَ إِلْيَاسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ دَعَا اَللَّهَ ثُمَّ قَالَ لِلْيَسَعِ اُنْظُرْ فِي أَكْنَافِ اَلسَّمَاءِ مَا ذَا تَرَى فَنَظَرَ فَقَالَ أَرَى سَحَابَةً فَقَالَ أَبْشِرُوا بِالسِّقَاءِ فَلْيُحْرِزُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْتِعَتَهُمْ مِنَ اَلْغَرَقِ فَأَمْطَرَ اَللَّهُ عَلَيْهِمُ اَلسَّمَاءَ وَ أَنْبَتَ لَهُمُ اَلْأَرْضَ فَقَامَ إِلْيَاسُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَ هُمْ صَالِحُونَ ثُمَّ أَدْرَكَهُمُ اَلطُّغْيَانُ وَ اَلْبَطَرُ فَجَحَدُوا حَقَّهُ وَ تَمَرَّدُوا فَسَلَّطَ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ عَدُوّاً قَصَدَهُمْ وَ لَمْ يُشْعِرُوا بِهِ حَتَّى رَهِقَهُمْ (1) فَقَتَلَ اَلْمَلِكَ وَ زَوْجَتَهُ وَ أَلْقَاهُمَا فِي بُسْتَانِ اَلَّذِي قَتَلَتْهُ زَوْجَةُ اَلْمَلِكِ ثُمَّ وَصَّى إِلْيَاسُ إِلَى اَلْيَسَعِ وَ أَنْبَتَ اَللَّهُ لِإِلْيَاسَ اَلرِّيشَ (2) وَ أَلْبَسَهُ اَلنُّورَ وَ رَفَعَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قَذَفَ بِكِسَائِهِ مِنَ اَلْجَوِّ عَلَى اَلْيَسَعِ فَنَبَّأَهُ اَللَّهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ أَوْحَى إِلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ فَكَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يُعَظِّمُونَهُ وَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاهُ (3).
294وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ اَلْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : وَجَدْنَا فِي بَعْضِ كُتُبِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَدَّثَهُ أَنَّ يُونُسَ بْنَ مَتَّى بَعَثَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى قَوْمِهِ وَ هُوَ اِبْنُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَ أَنَّهُ أَقَامَ فِيهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يُؤْمِنْ بِهِ إِلاَّ رَجُلاَنِ أَحَدُهُمَا رُوبِيلُ وَ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ اَلْعِلْمِ وَ اَلْحِلْمِ وَ كَانَ قَدِيمَ اَلصُّحْبَةِ لِيُونُسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَهُ اَللَّهُ بِالنُّبُوَّةِ وَ كَانَ صَاحِبَ غَنَمٍ يَرْعَاهَا وَ يَتَقَوَّتُ مِنْهَا وَ اَلثَّانِي تَنُوخَا رَجُلٌ عَابِدٌ زَاهِدٌ لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ وَ لاَ حِكْمَةٌ وَ كَانَ يَحْتَطِبُ وَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِهِ فَلَمَّا رَأَى يُونُسُ أَنَّ قَوْمَهُ لاَ يُجِيبُونَهُ وَ خَافَ أَنْ يَقْتُلُوهُ شَكَا ذَلِكَ إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنَّ فِيهِمُ اَلْحُبْلَى وَ اَلْجَنِينَ وَ اَلطِّفْلَ اَلصَّغِيرَ وَ اَلشَّيْخَ اَلْكَبِيرَ وَ اَلْمَرْأَةَ اَلضَّعِيفَةَ أُحِبُّ أَنْ أَرْفُقَ بِهِمْ وَ أَنْتَظِرَ تَوْبَتَهُمْ كَهَيْئَةِ اَلطَّبِيبِ اَلْمُدَاوِي اَلْعَالِمِ بِمُدَاوَاةِ اَلدَّاءِ فَإِنِّي أُنْزِلُ اَلْعَذَابَ يَوْمَ اَلْأَرْبِعَاءِ فِي وَسَطِ شَوَّالٍ بَعْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ
ص: 251
فَأَخْبَرَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ تَنُوخَا اَلْعَابِدَ بِهِ وَ رُوبِيلَ لِيُعْلِمَاهُمْ فَقَالَ تَنُوخَا أَرَى لَكُمْ أَنْ تَعْزِلُوا اَلْأَطْفَالَ عَنِ اَلْأُمَّهَاتِ فِي أَسْفَلِ اَلْجَبَلِ فِي طَرِيقِ اَلْأَوْدِيَةِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ رِيحاً صَفْرَاءَ أَقْبَلَتْ مِنَ اَلْمَشْرِقِ فَعُجُّوا بِالصُّرَاخِ وَ اَلتَّوْبَةِ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى جَلَّتْ قُدْرَتُهُ بِالاِسْتِغْفَارِ وَ اِرْفَعُوا رُءُوسَكُمْ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قُولُوا رَبَّنَا ظَلَمَنَا أَنْفُسَنَا فَاقْبَلْ تَوْبَتَنَا وَ لاَ تَمُلُّنَّ (1) مِنَ اَلتَّضَرُّعِ إِلَى اَللَّهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ وَ اَلْبُكَاءِ حَتَّى تَتَوَارَى اَلشَّمْسُ بِالْحِجَابِ وَ يَكْشِفَ اَللَّهُ عَنْكُمُ اَلْعَذَابَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ فَتَابَ عَلَيْهِمْ وَ لَمْ يَكُنِ اَللَّهُ اِشْتَرَطَ عَلَى يُونُسَ أَنَّهُ يُهْلِكُهُمْ بِالْعَذَابِ إِذَا أَنْزَلَهُ فَأَوْحَى اَللَّهُ جَلَّ جَلاَلُهُ إِلَى إِسْرَافِيلَ أَنِ اِصْرِفْ عَنْهُمْ مَا قَدْ نَزَلَ بِهِمْ مِنَ اَلْعَذَابِ فَهَبَطَ إِسْرَافِيلُ عَلَيْهِمْ فَنَشَرَ أَجْنِحَتَهُ فَاسْتَاقَ (2) بِهَا اَلْعَذَابَ حَتَّى ضَرَبَ بِهَا اَلْجِبَالَ اَلَّتِي بِنَاحِيَةِ اَلْمَوْصِلِ فَصَارَتْ حَدِيداً إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ فَلَمَّا رَأَى قَوْمُ يُونُسَ أَنَّ اَلْعَذَابَ صُرِفَ عَنْهُمْ حَمِدُوا اَللَّهَ وَ هَبَطُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ وَ ضَمُّوا إِلَيْهِمْ نِسَاءَهُمْ وَ أَوْلاَدَهُمْ وَ غَابَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ قَوْمِهِ ثَمَانِيَةً وَ عِشْرِينَ يَوْماً سَبْعَةً فِي ذَهَابِهِ وَ سَبْعَةً فِي بَطْنِ اَلْحُوتِ وَ سَبْعَةً بِالْعَرَاءِ وَ سَبْعَةً فِي رُجُوعِهِ إِلَى قَوْمِهِ فَأَتَاهُمْ فَآمَنُوا بِهِ وَ صَدَّقُوهُ وَ اِتَّبَعُوهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ (3).
295 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُرْوَمَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : خَرَجَ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُغَاضِباً مِنْ قَوْمِهِ لَمَّا رَأَى مِنْ مَعَاصِيهِمْ حَتَّى رَكِبَ مَعَ قَوْمٍ فِي سَفِينَةٍ فِي اَلْيَمِّ فَعَرَضَ لَهُمْ حُوتٌ لِيُغْرِقَهُمْ فَسَاهَمُوا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ يُونُسُ إِيَّايَ أَرَادَ فَاقْذِفُونِي فَلَمَّا أَخَذَتِ اَلسَّمَكَةُ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا أَنِّي لَمْ أَجْعَلْهُ لَكَ رِزْقاً فَلاَ تَكْسِرِي لَهُ عَظْماً وَ لاَ تَأْكُلِي لَهُ لَحْماً
ص: 252
قَالَ فَطَافَتْ بِهِ اَلْبِحَارَ فَنٰادىٰ فِي اَلظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّٰالِمِينَ (1) وَ قَالَ لَمَّا صَارَتِ اَلسَّمَكَةُ فِي اَلْبَحْرِ اَلَّذِي فِيهِ قَارُونُ سَمِعَ قَارُونُ صَوْتاً لَمْ يَسْمَعْهُ فَقَالَ لِلْمَلَكِ اَلْمُوَكَّلِ بِهِ مَا هَذَا اَلصَّوْتُ قَالَ هُوَ يُونُسُ اَلنَّبِيُّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي بَطْنِ اَلْحُوتِ قَالَ فَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُكَلِّمَهُ قَالَ نَعَمْ قَالَ يَا يُونُسُ مَا فَعَلَ هَارُونُ قَالَ مَاتَ فَبَكَى قَارُونُ قَالَ مَا فَعَلَ مُوسَى قَالَ مَاتَ فَبَكَى قَارُونُ فَأَوْحَى اَللَّهُ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَى اَلْمَلَكِ اَلْمُوَكَّلِ بِهِ أَنْ خَفِّفِ اَلْعَذَابَ عَنْ قَارُونَ لِرِقَّتِهِ عَلَى قَرَابَتِهِ وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ اِرْفَعْ عَنْهُ اَلْعَذَابَ بَقِيَّةَ أَيَّامِ اَلدُّنْيَا لِرِقَّتِهِ عَلَى قَرَابَتِهِ وَ فِي هَذَا اَلْخَبَرِ شَيْ ءٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلاَمُ (2) .
296وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْحَضْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ يَحْيَى اَلْكَاهِلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَ ذَكَرَ أَصْحَابَ اَلْكَهْفِ فَقَالَ لَوْ كَلَّفَكُمْ قَوْمُكُمْ مَا كَلَّفَهُمْ قَوْمُهُمْ فَافْعَلُوا فِعْلَهُمْ فَقِيلَ لَهُ وَ مَا كَلَّفَهُمْ قَوْمُهُمْ قَالَ كَلَّفُوهُمُ اَلشِّرْكَ بِاللَّهِ فَأَظْهَرُوهُ لَهُمْ وَ أَسَرُّوا اَلْإِيمَانَ حَتَّى جَاءَهُمُ اَلْفَرَجُ وَ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ اَلْكَهْفِ كَذَبُوا فَآجَرَهُمُ اَللَّهُ وَ صَدَقُوا فَآجَرَهُمُ اَللَّهُ وَ قَالَ كَانُوا صَيَارِفَةَ كَلاَمٍ وَ لَمْ يَكُونُوا صَيَارِفَةَ اَلدَّرَاهِمِ وَ قَالَ خَرَجَ أَصْحَابُ اَلْكَهْفِ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ فَلَمَّا صَارُوا فِي اَلصَّحْرَاءِ أَخَذَ هَذَا عَلَى هَذَا وَ هَذَا عَلَى هَذَا اَلْعَهْدَ وَ اَلْمِيثَاقَ ثُمَّ قَالَ أَظْهِرُوا أَمْرَكُمْ فَأَظْهَرُوهُ فَإِذَا هُمْ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ
ص: 253
وَ قَالَ إِنَّ أَصْحَابَ اَلْكَهْفِ أَسَرُّوا اَلْإِيمَانَ وَ أَظْهَرُوا اَلْكُفْرَ فَكَانُوا عَلَى إِظْهَارِهِمُ اَلْكُفْرَ أَعْظَمَ أَجْراً مِنْهُمْ عَلَى إِسْرَارِهِمُ اَلْإِيمَانَ وَ قَالَ مَا بَلَغَتْ تَقِيَّةُ أَحَدٍ مَا بَلَغَتْ تَقِيَّةُ أَصْحَابِ اَلْكَهْفِ وَ إِنْ كَانُوا لَيَشُدُّونَ اَلزَّنَانِيرَ وَ يَشْهَدُونَ اَلْأَعْيَادَ فَأَعْطَاهُمُ اَللَّهُ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ (1).
297وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ أَصْحَابَ اَلْكَهْفِ كَذَبُوا اَلْمَلِكَ فَأُجِرُوا وَ صَدَقُوا فَأُجِرُوا(2).
298وَ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحٰابَ اَلْكَهْفِ وَ اَلرَّقِيمِ كٰانُوا مِنْ آيٰاتِنٰا عَجَباً(3) قَالَ هُمْ قَوْمٌ فُقِدُوا فَكَتَبَ مَلِكُ ذَلِكَ اَلزَّمَانِ أَسْمَاءَهُمْ وَ أَسْمَاءَ آبَائِهِمْ وَ عَشَائِرِهِمْ فِي صُحُفٍ مِنْ رَصَاصٍ (4).
299 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ اَلْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : صَلَّى اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى اَلْبِنْيَةِ (5) فَدَعَا أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ عُثْمَانَ وَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ اِمْضُوا حَتَّى تَأْتُوا أَصْحَابَ اَلْكَهْفِ وَ تُقْرِءُوهُمْ مِنِّي اَلسَّلاَمَ وَ تَقَدَّمْ أَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّكَ أَسَنُّ اَلْقَوْمِ ثُمَّ أَنْتَ يَا عُمَرُ ثُمَّ أَنْتَ يَا عُثْمَانُ فَإِنْ أَجَابُوا وَاحِداً مِنْكُمْ وَ إِلاَّ فَتَقَدَّمْ أَنْتَ يَا عَلِيُّ كُنْ آخِرَهُمْ ثُمَّ أَمَرَ اَلرِّيحَ فَحَمَلَتْهُمْ حَتَّى وَضَعَتْهُمْ عَلَى بَابِ اَلْكَهْفِ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ فَتَنَحَّى فَتَقَدَّمَ عُمَرُ فَسَلَّمَ
ص: 254
فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ وَ تَقَدَّمَ عُثْمَانُ فَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ فَتَقَدَّمَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَهْلَ اَلْكَهْفِ اَلَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَ زَادَهُمْ هُدًى وَ رَبَطَ عَلَى قُلُوبِهِمْ أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اَللَّهِ إِلَيْكُمْ فَقَالُوا مَرْحَباً بِرَسُولِ اَللَّهِ وَ بِرَسُولِهِ وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ يَا وَصِيَّ رَسُولِ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَالَ فَكَيْفَ عَلِمْتُمْ أَنِّي وَصِيُّ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالُوا إِنَّهُ ضُرِبَ عَلَى آذَانِنَا أَنْ لاَ نُكَلِّمَ إِلاَّ نَبِيّاً أَوْ وَصِيَّ نَبِيٍّ فَكَيْفَ تَرَكْتَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَيْفَ حَشَمُهُ وَ كَيْفَ حَالُهُ وَ بَالَغُوا فِي اَلسُّؤَالِ وَ قَالُوا خَبِّرْ أَصْحَابَكَ هَؤُلاَءِ أَنَّا لاَ نُكَلِّمُ إِلاَّ نَبِيّاً أَوْ وَصِيَّ نَبِيٍّ فَقَالَ لَهُمْ أَ سَمِعْتُمْ مَا يَقُولُونَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَاشْهَدُوا ثُمَّ حَوَّلُوا وُجُوهَهُمْ قِبَلَ اَلْمَدِينَةِ فَحَمَلَتْهُمُ اَلرِّيحُ حَتَّى وَضَعَتْهُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي كَانَ فَقَالَ لَهُمُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدْ رَأَيْتُمْ وَ سَمِعْتُمْ فَاشْهَدُوا قَالُوا نَعَمْ فَانْصَرَفَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ قَالَ لَهُمُ اِحْفَظُوا شَهَادَتَكُمْ (1) .
300 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَلِيٍّ اَلْمُذَكِّرُ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ اَلطَّرَسُوسِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحَسَنِ بْنُ قَرْعَةَ اَلْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبُكَائِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَسَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رض قَالَ : لَمَّا كَانَ فِي عَهْدِ خِلاَفَةِ عُمَرَ أَتَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَحْبَارِ اَلْيَهُودِ فَسَأَلُوهُ عَنْ أَقْفَالِ اَلسَّمَاوَاتِ مَا هِيَ وَ عَنْ مَفَاتِيحِ اَلسَّمَاوَاتِ مَا هِيَ وَ عَنْ قَبْرٍ سَارَ بِصَاحِبِهِ مَا هُوَ وَ عَمَّنْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ لَيْسَ مِنَ اَلْجِنِّ وَ لاَ مِنَ اَلْإِنْسِ وَ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مَشَتْ عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ لَمْ يُخْلَقُوا فِي اَلْأَرْحَامِ وَ مَا يَقُولُ اَلدُّرَّاجُ فِي صِيَاحِهِ وَ مَا يَقُولُ اَلدِّيكُ وَ اَلْفَرَسُ وَ اَلْحِمَارُ وَ اَلضِّفْدِعُ وَ اَلْقُنْبُرُ فَنَكَسَ عُمَرُ رَأْسَهُ .
فَقَالَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ مَا أَرَى جَوَابَهُمْ إِلاَّ عِنْدَكَ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ لِي
ص: 255
عَلَيْكُمْ شَرِيطَةً إِذَا أَنَا أَخْبَرْتُكُمْ بِمَا فِي اَلتَّوْرَاةِ دَخَلْتُمْ فِي دِينِنَا قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَّا أَقْفَالُ اَلسَّمَاوَاتِ فَهُوَ اَلشِّرْكُ بِاللَّهِ فَإِنَّ اَلْعَبْدَ وَ اَلْأَمَةَ إِذَا كَانَا مُشْرِكَيْنِ مَا يُرْفَعُ لَهُمَا إِلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ عَمَلٌ فَقَالُوا مَا مَفَاتِيحُهَا فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَنْ قَبْرٍ سَارَ بِصَاحِبِهِ قَالَ ذَاكَ اَلْحُوتُ حِينَ اِبْتَلَعَ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَدَارَ بِهِ فِي اَلْبِحَارِ اَلسَّبْعَةِ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَمَّنْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ لاَ مِنَ اَلْجِنِّ وَ لاَ مِنَ اَلْإِنْسِ قَالَ تِلْكَ نَمْلَةُ سُلَيْمَانَ إِذْ قَالَتْ يٰا أَيُّهَا اَلنَّمْلُ اُدْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ لاٰ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمٰانُ وَ جُنُودُهُ (1) قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ مَشَتْ عَلَى اَلْأَرْضِ مَا خُلِقُوا فِي اَلْأَرْحَامِ قَالَ ذَاكَ آدَمُ وَ حَوَّاءُ وَ نَاقَةُ صَالِحٍ وَ كَبْشُ إِبْرَاهِيمَ وَ عَصَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالُوا فَأَخْبِرْنَا مَا تَقُولُ هَذِهِ اَلْحَيَوَانَاتُ قَالَ اَلدُّرَّاجُ يَقُولُ اَلرَّحْمٰنُ عَلَى اَلْعَرْشِ اِسْتَوىٰ (2) وَ اَلدِّيكُ يَقُولُ اُذْكُرُوا اَللَّهَ يَا غَافِلِينَ وَ اَلْفَرَسُ يَقُولُ اَللَّهُمَّ اُنْصُرْ عِبَادَكَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَى عِبَادِكَ اَلْكَافِرِينَ وَ اَلْحِمَارُ يَلْعَنُ اَلْعَشَّارَ وَ يَنْهَقُ فِي عَيْنِ اَلشَّيْطَانِ وَ اَلضِّفْدِعُ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّيَ اَلْمَعْبُودِ اَلْمُسَبَّحِ فِي لُجَجِ اَلْبِحَارِ وَ اَلْقُنْبُرُ يَقُولُ اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ مُبْغِضِي مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَ كَانَتِ اَلْأَحْبَارُ ثَلاَثَةً فَوَثَبَ اِثْنَانِ وَ قَالاَ نَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ قَالَ فَوَقَفَ اَلْحِبْرُ اَلْآخَرُ وَ قَالَ يَا عَلِيُّ لَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي مَا وَقَعَ فِي قُلُوبِ أَصْحَابِي وَ لَكِنْ بَقِيَتْ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَسْأَلُكَ عَنْهَا فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَلْ قَالَ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْمٍ كَانُوا فِي أَوَّلِ اَلزَّمَانِ فَمَاتُوا ثَلاَثَمِائَةٍ وَ تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ أَحْيَاهُمُ اَللَّهُ مَا كَانَ قِصَّتُهُمْ فَابْتَدَأَ عَلِيٌّ وَ أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةَ اَلْكَهْفِ فَقَالَ اَلْحِبْرُ مَا أَكْثَرَ مَا سَمِعْنَا قُرْآنَكُمْ فَإِنْ كُنْتَ عَالِماً فَأَخْبِرْنَا بِقِصَّةِ هَؤُلاَءِ وَ بِأَسْمَائِهِمْ وَ عَدَدِهِمْ وَ اِسْمِ كَلْبِهِمْ وَ اِسْمِ كَهْفِهِمْ وَ اِسْمِ مَلِكِهِمْ وَ اِسْمِ مَدِينَتِهِمْ
ص: 256
فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ يَا أَخَا اَلْيَهُودِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ كَانَ بِأَرْضِ اَلرُّومِ مَدِينَةٌ يُقَالُ لَهَا أُفْسُوسُ (1) وَ كَانَ لَهَا مَلِكٌ صَالِحٌ فَمَاتَ مَلِكُهُمْ فَاخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهُمْ فَسَمِعَ مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يُقَالُ لَهُ دَقْيَانُوسُ (2) فَسَارَ فِي مِائَةِ أَلْفٍ حَتَّى دَخَلَ مَدِينَةَ أُفْسُوسَ فَاتَّخَذَهَا دَارَ مَمْلَكَتِهِ وَ اِتَّخَذَ فِيهَا قَصْراً طُولُهُ فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ وَ اِتَّخَذَ فِي ذَلِكَ اَلْقَصْرِ مَجْلِساً طُولُهُ أَلْفُ ذِرَاعٍ فِي عَرْضِ مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ اَلزُّجَاجِ اَلْمُمَرَّدِ وَ اِتَّخَذَ فِي ذَلِكَ اَلْمَجْلِسِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ أُسْطُوَانَةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَ اِتَّخَذَ أَلْفَ قِنْدِيلٍ مِنْ ذَهَبٍ لَهَا سَلاَسِلُ مِنَ اَللُّجَيْنِ تُسْرَجُ بِأَطْيَبِ اَلْأَدْهَانِ وَ اِتَّخَذَ فِي شَرْقِيِّ اَلْمَجْلِسِ ثَمَانِينَ كَوَّةً وَ كَانَتِ اَلشَّمْسُ إِذَا طَلَعَتْ طَلَعَتْ فِي اَلْمَجْلِسِ كَيْفَ مَا دَارَتْ وَ اِتَّخَذَ فِيهِ سَرِيراً مِنْ ذَهَبٍ لَهُ قَوَائِمُ مِنْ فِضَّةٍ مُرَصَّعَةً بِالْجَوَاهِرِ وَ عَلاَهُ بِالنَّمَارِقِ وَ اِتَّخَذَ مِنْ يَمِينِ اَلسَّرِيرِ ثَمَانِينَ كُرْسِيّاً مِنَ اَلذَّهَبِ مُرَصَّعَةً بِالزَّبَرْجَدِ اَلْأَخْضَرِ فَأَجْلَسَ عَلَيْهَا بَطَارِقَتَهُ وَ اِتَّخَذَ عَنْ يَسَارِ اَلسَّرِيرِ ثَمَانِينَ كُرْسِيّاً مِنَ اَلْفِضَّةِ مُرَصَّعَةً بِالْيَاقُوتِ اَلْأَحْمَرِ فَأَجْلَسَ عَلَيْهَا هَرَاقِلَتَهُ ثُمَّ قَعَدَ عَلَى اَلسَّرِيرِ فَوَضَعَ اَلتَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ فَوَثَبَ اَلْيَهُودِيُّ فَقَالَ يَا عَلِيُّ مِمَّ كَانَ تَاجُهُ قَالَ مِنَ اَلذَّهَبِ اَلْمُشَبَّكِ لَهُ سَبْعَةُ أَرْكَانٍ عَلَى كُلِّ رُكْنٍ لُؤْلُؤَةٌ بَيْضَاءُ كَضَوْءِ اَلْمِصْبَاحِ فِي اَللَّيْلَةِ اَلظَّلْمَاءِ وَ اِتَّخَذَ خَمْسِينَ غُلاَماً مِنْ أَوْلاَدِ اَلْهَرَاقِلَةِ فَقَرْطَقَهُمْ بِقَرَاطِقِ اَلدِّيبَاجِ اَلْأَحْمَرِ وَ سَرْوَلَهُمْ بِسَرَاوِيلاَتِ اَلْحَرِيرِ اَلْأَخْضَرِ وَ تَوَّجَهُمْ وَ دَمْلَجَهُمْ وَ خَلْخَلَهُمْ وَ أَعْطَاهُمْ أَعْمِدَةً مِنَ اَلذَّهَبِ وَ أَوْقَفَهُمْ عَلَى رَأْسِهِ وَ اِتَّخَذَ سِتَّةَ غِلْمَةٍ وُزَرَاءَهُ فَأَقَامَ ثَلاَثَةً عَنْ يَمِينِهِ وَ ثَلاَثَةً عَنْ يَسَارِهِ فَقَالَ اَلْيَهُودِيُّ مَا كَانَ اِسْمُ اَلثَّلاَثَةِ وَ اَلثَّلاَثَةِ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ أَسْمَاؤُهُمْ تمليخا وَ مكسلمينا وَ منشيلينا(3) وَ أَمَّا اَلَّذِينَ عَنْ يَسَارِهِ فأسماؤهم مرنوس وَ ديرنوس وَ شاذريوس وَ كَانَ يَسْتَشِيرُهُمْ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ وَ كَانَ يَجْلِسُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي صَحْنِ دَارِهِ وَ اَلْبَطَارِقَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَ اَلْهَرَاقِلَةُ عَنْ يَسَارِهِ وَ يَدْخُلُ ثَلاَثَةُ غِلْمَةٍ فِي يَدِ أَحَدِهِمْ جَامٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوٌّ مِنَ اَلْمِسْكِ اَلْمَسْحُوقِ وَ فِي يَدِ اَلْآخَرِ جَامٌ مِنْ
ص: 257
فِضَّةٍ مَمْلُوٌّ مِنْ مَاءِ اَلْوَرْدِ وَ فِي يَدِ اَلْآخَرِ طَائِرٌ أَبْيَضُ لَهُ مِنْقَارٌ أَحْمَرُ فَإِذَا نَظَرَ اَلْمَلِكُ إِلَى ذَلِكَ اَلطَّائِرِ صَفَّرَ بِهِ فَيَطِيرُ اَلطَّائِرُ حَتَّى يَقَعَ فِي جَامِ مَاءِ اَلْوَرْدِ فَيَتَمَرَّغُ فِيهِ فَيَحْمِلُ مَا فِي اَلْجَامِ بِرِيشِهِ وَ جَنَاحِهِ ثُمَّ يُصَفِّرُ بِهِ اَلثَّانِيَةَ فَيَطِيرُ اَلطَّائِرُ عَلَى تَاجِ اَلْمَلِكِ فَيَنْفُضُ مَا فِي رِيشِهِ عَلَى رَأْسِ اَلْمَلِكِ فَلَمَّا نَظَرَ اَلْمَلِكُ إِلَى ذَلِكَ عَتَا وَ تَجَبَّرَ فَادَّعَى اَلرُّبُوبِيَّةَ مِنْ دُونِ اَللَّهِ وَ دَعَا إِلَى ذَلِكَ وُجُوهَ قَوْمِهِ فَكُلُّ مَنْ أَطَاعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَعْطَاهُ وَ حَبَاهُ وَ كَسَاهُ وَ كُلُّ مَنْ لَمْ يُبَايِعْهُ قَتَلَهُ فَاسْتَجَابُوا لَهُ رَأْساً وَ اِتَّخَذَ لَهُمْ عِيداً فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فَبَيْنَمَا هُمْ ذَاتَ يَوْمٍ فِي عِيدٍ وَ اَلْبَطَارِقَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَ اَلْهَرَاقِلَةُ عَنْ يَسَارِهِ إِذْ أَتَاهُ بِطْرِيقٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَسَاكِرَ اَلْفُرْسِ قَدْ غَشِيَتْهُ فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ حَتَّى سَقَطَ اَلتَّاجُ عَنْ نَاصِيَتِهِ (1) فَنَظَرَ إِلَيْهِ أَحَدُ اَلثَّلاَثَةِ اَلَّذِينَ كَانُوا عَنْ يَمِينِهِ يُقَالُ لَهُ تمليخا وَ كَانَ غُلاَماً فَقَالَ فِي نَفْسِهِ لَوْ كَانَ دَقْيُوسُ إِلَهاً كَمَا يَزْعُمُ إِذَا مَا كَانَ يَغْتَمُّ وَ لاَ يَفْزَعُ وَ مَا كَانَ يَبُولُ وَ لاَ يَتَغَوَّطُ وَ مَا كَانَ يَنَامُ وَ لَيْسَ هَذَا مِنْ فِعْلِ اَلْإِلَهِ قَالَ وَ كَانَ اَلْفِتْيَةُ اَلسِّتَّةُ كُلَّ يَوْمٍ عِنْدَ أَحَدِهِمْ وَ كَانُوا ذَلِكَ اَلْيَوْمَ عِنْدَ تمليخا فَاتَّخَذَ لَهُمْ مِنْ أَطْيَبِ اَلطَّعَامِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ يَا إِخْوَتَاهْ (2) قَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي شَيْ ءٌ مَنَعَنِي اَلطَّعَامَ وَ اَلشَّرَابَ وَ اَلْمَنَامَ قَالُوا وَ مَا ذَاكَ يَا تمليخا قَالَ أَطَلْتُ فِكْرِي فِي هَذِهِ اَلسَّمَاءِ فَقُلْتُ مَنْ رَفَعَ سَقْفَهَا مَحْفُوظاً بِلاَ عَمَدٍ وَ لاَ عِلاَقَةٍ مِنْ فَوْقِهَا وَ مَنْ أَجْرَى فِيهَا شَمْساً وَ قَمَراً آيَتَانِ مُبْصِرَتَانِ وَ مَنْ زَيَّنَهَا بِالنُّجُومِ ثُمَّ أَطَلْتُ اَلْفِكْرَ فِي اَلْأَرْضِ فَقُلْتُ مَنْ سَطَحَهَا عَلَى صَمِيمِ اَلْمَاءِ اَلزَّخَّارِ وَ مَنْ حَبَسَهَا بِالْجِبَالِ أَنْ تَمِيدَ عَلَى كُلِّ شَيْ ءٍ وَ أَطَلْتُ فِكْرِي فِي نَفْسِي مَنْ أَخْرَجَنِي جَنِيناً مِنْ بَطْنِ أُمِّي وَ مَنْ غَذَّانِي وَ مَنْ رَبَّانِي إِنَّ لَهَا صَانِعاً وَ مُدَبِّراً غَيْرَ دَقْيُوسَ اَلْمَلِكِ وَ مَا هُوَ إِلاَّ مَلِكُ اَلْمُلُوكِ وَ جَبَّارُ اَلسَّمَاوَاتِ فَانْكَبَّتِ اَلْفِتْيَةُ عَلَى رِجْلَيْهِ يُقَبِّلُونَهُمَا وَ قَالُوا بِكَ هَدَانَا اَللَّهُ مِنَ اَلضَّلاَلَةِ إِلَى اَلْهُدَى فَأَشِرْ عَلَيْنَا قَالَ فَوَثَبَ تمليخا فَبَاعَ تَمْراً مِنْ حَائِطٍ لَهُ بِثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ وَ صَرَّهَا فِي رُدْنِهِ (3)
ص: 258
وَ رَكِبُوا خُيُولَهُمْ وَ خَرَجُوا مِنَ اَلْمَدِينَةِ فَلَمَّا سَارُوا ثَلاَثَةَ أَمْيَالٍ قَالَ لَهُمْ تمليخا يَا إِخْوَتَاهْ (1) جَاءَتْ مَسْكَنَةُ اَلْآخِرَةِ وَ ذَهَبَ مُلْكُ اَلدُّنْيَا اِنْزِلُوا عَنْ خُيُولِكُمْ وَ اِمْشُوا عَلَى أَرْجُلِكُمْ لَعَلَّ اَللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ فَرَجاً وَ مَخْرَجاً فَنَزَلُوا عَنْ خُيُولِهِمْ وَ مَشَوْا عَلَى أَرْجُلِهِمْ سَبْعَةَ فَرَاسِخَ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ فَجَعَلَتْ أَرْجُلُهُمْ تَقْطُرُ دَماً قَالَ فَاسْتَقْبَلَهُمْ رَاعٍ فَقَالُوا يَا أَيُّهَا اَلرَّاعِي هَلْ مِنْ شَرْبَةِ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ فَقَالَ اَلرَّاعِي عِنْدِي مَا تُحِبُّونَ وَ لَكِنْ أَرَى وُجُوهَكُمْ وُجُوهَ اَلْمُلُوكِ وَ مَا أَظُنُّكُمْ إِلاَّ هُرَّاباً مِنْ دَقْيُوسَ اَلْمَلِكِ قَالُوا يَا أَيُّهَا اَلرَّاعِي لاَ يَحِلُّ لَنَا اَلْكَذِبُ أَ فَيُنْجِينَا مِنْكَ اَلصِّدْقُ فَأَخْبَرُوهُ بِقِصَّتِهِمْ فَانْكَبَّ اَلرَّاعِي عَلَى أَرْجُلِهِمْ يُقَبِّلُهَا وَ يَقُولُ يَا قَوْمِ لَقَدْ وَقَعَ فِي قَلْبِي مَا وَقَعَ فِي قُلُوبِكُمْ وَ لَكِنْ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَرُدَّ اَلْأَغْنَامَ عَلَى أَرْبَابِهَا وَ أُلْحِقَ بِكُمْ فَتَوَقَّفُوا لَهُ فَرَدَّ اَلْأَغْنَامَ وَ أَقْبَلَ يَسْعَى فَتَبِعَهُ كَلْبٌ لَهُ قَالَ فَوَثَبَ اَلْيَهُودِيُّ فَقَالَ يَا عَلِيُّ مَا كَانَ اِسْمُ اَلْكَلْبِ وَ مَا لَوْنُهُ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ حَوْلَ وَ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ أَمَّا لَوْنُ اَلْكَلْبِ فَكَانَ أَبْلَقَ بِسَوَادٍ وَ أَمَّا اِسْمُ اَلْكَلْبِ فَقِطْمِيرٌ فَلَمَّا نَظَرَ اَلْفِتْيَةُ إِلَى اَلْكَلْبِ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّا نَخَافُ أَنْ يَفْضَحَنَا بِنُبَاحِهِ فَأَنْحَوْا عَلَيْهِ (2) بِالْحِجَارَةِ فَأَنْطَقَ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْكَلْبَ ذَرُونِي أَحْرُسْكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ فَلَمْ يَزَلِ اَلرَّاعِي يَسِيرُ بِهِمْ حَتَّى عَلاَهُمْ جَبَلاً فَانْحَطَّ بِهِمْ عَلَى كَهْفٍ يُقَالُ لَهُ اَلْوَصِيدُ فَإِذَا بِفِنَاءِ اَلْكَهْفِ عُيُونٌ وَ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ فَأَكَلُوا مِنْ ثِمَارِهَا وَ شَرِبُوا مِنَ اَلْمَاءِ وَ جَنَّهُمُ اَللَّيْلُ فَأَوَوْا إِلَى اَلْكَهْفِ فَأَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى مَلَكِ اَلْمَوْتِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ وَ وَكَّلَ اَللَّهُ بِكُلِّ رَجُلَيْنِ مَلَكَيْنِ يُقَلِّبَانِهِمَا مِنْ ذَاتِ اَلْيَمِينِ إِلَى ذَاتِ اَلشِّمَالِ وَ أَوْحَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى خُزَّانِ اَلشَّمْسِ فَكَانَتْ تَزٰاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذٰاتَ اَلْيَمِينِ وَ تَقْرِضُهُمْ ذٰاتَ اَلشِّمٰالِ فَلَمَّا رَجَعَ دَقْيُوسُ مِنْ عِيدِهِ سَأَلَ عَنِ اَلْفِتْيَةِ فَأُخْبِرَ أَنَّهُمْ خَرَجُوا هُرَّاباً فَرَكِبَ فِي ثَمَانِينَ أَلْفَ حِصَانٍ فَلَمْ يَزَلْ يَقِفُوا أَثَرَهُمْ حَتَّى عَلاَ فَانْحَطَّ إِلَى كَهْفِهِمْ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ إِذَا هُمْ
ص: 259
نِيَامٌ فَقَالَ اَلْمَلِكُ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أُعَاقِبَهُمْ بِشَيْ ءٍ لَمَا عَاقَبْتُهُمْ بِأَكْثَرَ مِمَّا عَاقَبُوا أَنْفُسَهُمْ وَ لَكِنِ اِئْتُونِي بِالْبَنَّاءَيْنِ فَسَدَّ بَابَ اَلْكَهْفِ بِالْكِلْسِ وَ اَلْحِجَارَةِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ قُولُوا لَهُمْ يَقُولُوا لِإِلَهِهِمُ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ لِيُنْجِيَهُمْ وَ أَنْ يُخْرِجَهُمْ مِنْ هَذَا اَلْمَوْضِعِ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا أَخَا اَلْيَهُودِ فَمَكَثُوا ثَلاَثَمِائَةِ سَنَةٍ وَ تِسْعَ سِنِينَ فَلَمَّا أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يُحْيِيَهُمْ أَمَرَ إِسْرَافِيلَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهِمُ اَلرُّوحَ فَنَفَخَ فَقَامُوا مِنْ رَقْدَتِهِمْ فَلَمَّا بَزَغَتِ اَلشَّمْسُ قَالَ بَعْضُهُمْ قَدْ غَفَلْنَا فِي هَذِهِ اَللَّيْلَةِ عَنْ عِبَادَةِ إِلَهِ اَلسَّمَاءِ فَقَامُوا فَإِذَا اَلْعَيْنُ قَدْ غَارَتْ وَ إِذَا اَلْأَشْجَارُ قَدْ يَبِسَتْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ أُمُورَنَا لَعَجَبٌ مِثْلَ تِلْكَ اَلْعَيْنِ اَلْغَزِيرَةِ قَدْ غَارَتْ وَ اَلْأَشْجَارِ قَدْ يَبِسَتْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَ مَسَّهُمُ اَلْجُوعُ فَقَالُوا فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هٰذِهِ إِلَى اَلْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهٰا أَزْكىٰ طَعٰاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَ لْيَتَلَطَّفْ وَ لاٰ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً(1) قَالَ تمليخا لاَ يَذْهَبُ فِي حَوَائِجِكُمْ غَيْرِي وَ لَكِنِ اِدْفَعْ أَيُّهَا اَلرَّاعِي ثِيَابَكَ إِلَيَّ قَالَ فَدَفَعَ اَلرَّاعِي ثِيَابَهُ وَ مَضَى يَؤُمُّ اَلْمَدِينَةَ فَجَعَلَ يَرَى مواضعا [مَوَاضِعَ ] لاَ يَعْرِفُهَا وَ طَرِيقاً هُوَ يُنْكِرُهَا حَتَّى أَتَى بَابَ اَلْمَدِينَةِ وَ إِذَا عَلَمٌ أَخْضَرُ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عِيسَى رَسُولُ اَللَّهِ قَالَ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى اَلْعَلَمِ وَ جَعَلَ يَمْسَحُ بِهِ عَيْنَيْهِ وَ يَقُولُ أَرَانِي نَائِماً ثُمَّ دَخَلَ اَلْمَدِينَةَ حَتَّى أَتَى اَلسُّوقَ فَأَتَى رَجُلاً خَبَّازاً فَقَالَ أَيُّهَا اَلْخَبَّازُ مَا اِسْمُ مَدِينَتِكُمْ هَذِهِ قَالَ أُفْسُوسُ قَالَ وَ مَا اِسْمُ مَلِكِكُمْ قَالَ عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ قَالَ اِدْفَعْ إِلَيَّ بِهَذِهِ اَلْوَرِقِ طَعَاماً فَجَعَلَ اَلْخَبَّازُ يَتَعَجَّبُ مِنْ ثِقْلِ اَلدَّرَاهِمِ وَ مِنْ كِبَرِهَا قَالَ فَوَثَبَ اَلْيَهُودِيُّ وَ قَالَ يَا عَلِيُّ مَا كَانَ وَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ مِنْهَا قَالَ وَزْنُ كُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَ ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ فَقَالَ اَلْخَبَّازُ يَا هَذَا أَنْتَ أَصَبْتَ كَنْزاً فَقَالَ تمليخا مَا هَذَا إِلاَّ ثَمَنُ تَمْرٍ بِعْتُهَا مُنْذُ ثَلاَثٍ وَ خَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ اَلْمَدِينَةِ وَ تَرَكْتُ اَلنَّاسَ يَعْبُدُونَ دَقْيُوسَ اَلْمَلِكَ .
قَالَ فَأَخَذَ اَلْخَبَّازُ بِيَدِ تمليخا وَ أَدْخَلَهُ عَلَى اَلْمَلِكِ فَقَالَ مَا شَأْنُ هَذَا اَلْفَتَى قَالَ اَلْخَبَّازُ إِنَّ هَذَا رَجُلٌ أَصَابَ كَنْزاً فَقَالَ اَلْمَلِكُ يَا فَتَى لاَ تَخَفْ فَإِنَّ نَبِيَّنَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَرَنَا أَنْ لاَ نَأْخُذَ مِنَ اَلْكَنْزِ إِلاَّ خُمُسَهَا فَأَعْطِنِي خُمُسَهَا وَ اِمْضِ سَالِماً فَقَالَ تمليخا
ص: 260
اُنْظُرْ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ فِي أَمْرِي مَا أَصَبْتُ كَنْزاً أَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلْمَدِينَةِ فَقَالَ اَلْمَلِكُ أَنْتَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ تَعْرِفُ بِهَا أَحَداً قَالَ نَعَمْ قَالَ مَا اِسْمُكَ قَالَ اِسْمِي تمليخا قَالَ وَ مَا هَذِهِ اَلْأَسْمَاءُ أَسْمَاءَ أَهْلِ زَمَانِنَا فَقَالَ اَلْمَلِكُ هَلْ لَكَ فِي هَذِهِ اَلْمَدِينَةِ دَارٌ قَالَ نَعَمْ اِرْكَبْ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ مَعِي قَالَ فَرَكِبَ وَ اَلنَّاسُ مَعَهُ فَأَتَى بِهِمْ أَرْفَعَ دَارٍ فِي اَلْمَدِينَةِ قَالَ تمليخا هَذِهِ اَلدَّارُ لِي فَقَرَعَ اَلْبَابَ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ وَقَعَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ اَلْكِبَرِ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ فَقَالَ اَلْمَلِكُ أَتَانَا هَذَا اَلْغُلاَمُ بِالْعَجَائِبِ يَزْعُمُ أَنَّ هَذِهِ اَلدَّارَ دَارُهُ فَقَالَ لَهُ اَلشَّيْخُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا تمليخا بْنُ قسطيكين قَالَ فَانْكَبَّ اَلشَّيْخُ عَلَى رِجْلَيْهِ يُقَبِّلُهَا وَ يَقُولُ هُوَ جَدِّي وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ فَقَالَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ هَؤُلاَءِ اَلسِّتَّةُ اَلَّذِينَ خَرَجُوا هُرَّاباً مِنْ دَقْيُوسَ اَلْمَلِكِ فَنَزَلَ اَلْمَلِكُ عَنْ فَرَسِهِ وَ حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ وَ جَعَلَ اَلنَّاسُ يُقَبِّلُونَ يَدَيْهِ وَ رِجْلَيْهِ فَقَالَ يَا تمليخا مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ فِي اَلْكَهْفِ وَ كَانَ يَوْمَئِذٌ بِالْمَدِينَةِ مَلِكٌ مُسْلِمٌ وَ مَلِكٌ يَهُودِيٌّ فَرَكِبُوا فِي أَصْحَابِهِمْ فَلَمَّا صَارُوا قَرِيباً مِنَ اَلْكَهْفِ قَالَ لَهُمْ تمليخا إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْمَعَ أَصْحَابِي أَصْوَاتَ حَوَافِرِ اَلْخُيُولِ فَيَظُنُّونَ أَنَّ دَقْيُوسَ اَلْمَلِكَ قَدْ جَاءَ فِي طَلَبِهِمْ وَ لَكِنْ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَتَقَدَّمَ فَأُخْبِرَهُمْ فَوَقَفَ اَلنَّاسُ فَأَقْبَلَ تمليخا حَتَّى دَخَلَ اَلْكَهْفَ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَيْهِ اِعْتَنَقُوهُ وَ قَالُوا اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي نَجَّاكَ مِنْ دَقْيُوسَ قَالَ تمليخا دَعُونِي عَنْكُمْ وَ عَنْ دَقْيُوسِكُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قٰالُوا لَبِثْنٰا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ تمليخا بَلْ لَبِثْتُمْ ثَلاَثَمِائَةٍ وَ تِسْعَ سِنِينَ وَ قَدْ مَاتَ دَقْيُوسُ وَ اِنْقَرَضَ (1) قَرْنٌ بَعْدَ قَرْنٍ وَ بَعَثَ اَللَّهُ نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ اَلْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ وَ رَفَعَهُ اَللّٰهُ إِلَيْهِ وَ قَدْ أَقْبَلَ إِلَيْنَا اَلْمَلِكُ وَ اَلنَّاسُ مَعَهُ قَالُوا يَا تمليخا أَ تُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَنَا فِتْنَةً لِلْعَالَمِينَ قَالَ تمليخا فَمَا تُرِيدُونَ قَالُوا اُدْعُ اَللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَ نَدْعُوهُ مَعَكَ حَتَّى يَقْبِضَ أَرْوَاحَنَا فَرَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ فَأَمَرَ اَللَّهُ بِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ وَ طَمَسَ اَللَّهُ بَابَ اَلْكَهْفِ عَلَى اَلنَّاسِ فَأَقْبَلَ اَلْمَلِكَانِ يَطُوفَانِ عَلَى بَابِ اَلْكَهْفِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لاَ يَجِدَانِ لِلْكَهْفِ بَاباً
ص: 261
فَقَالَ اَلْمَلِكُ اَلْمُسْلِمُ مَاتُوا عَلَى دِينِنَا أَبْنِي عَلَى بَابِ اَلْكَهْفِ مَسْجِداً وَ قَالَ اَلْيَهُودِيُّ لاَ بَلْ مَاتُوا عَلَى دِينِي أَبْنِي عَلَى بَابِ اَلْكَهْفِ كَنِيسَةً فَاقْتَتَلاَ فَغَلَبَ اَلْمُسْلِمُ وَ بَنَى مَسْجِداً عَلَيْهِ يَا يَهُودِيُّ أَ يُوَافِقُ هَذَا مَا فِي تَوْرَاتِكُمْ قَالَ مَا زِدْتَ حَرْفاً وَ لاَ نَقَصْتَ حَرْفاً وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (1) .
301وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ اَلْحَارِثِ البراديِّ عَنِ اِبْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : خَرَجَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَسِيحُونَ فِي اَلْأَرْضِ فَبَيْنَمَا هُمْ يَعْبُدُونَ اَللَّهَ فِي كَهْفٍ فِي قُلَّةِ جَبَلٍ حِينَ بَدَتْ صَخْرَةٌ مِنْ أَعْلَى اَلْجَبَلِ حَتَّى التقيت [اِلْتَقَمَتْ ] بَابَ اَلْكَهْفِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَا عِبَادَ اَللَّهِ وَ اَللَّهِ لاَ يُنْجِيكُمْ مِمَّا دُهِيتُمْ فِيهِ إِلاَّ أَنْ تَصْدُقُوا عَنِ اَللَّهِ فَهَلُمُّوا مَا عَمِلْتُمْ خَالِصاً لِلَّهِ فَقَالَ أَحَدُهُمْ اَللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي طَلَبْتُ جَيِّدَةً لِحُسْنِهَا وَ جَمَالِهَا وَ أَعْطَيْتُ فِيهَا مَالاً ضَخْماً حَتَّى إِذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا وَ جَلَسْتُ مِنْهَا مَجْلِسَ اَلرَّجُلِ مِنَ اَلْمَرْأَةِ ذَكَرْتُ اَلنَّارَ فَقُمْتُ عَنْهَا فَرَقاً مِنْكَ فَارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ اَلصَّخْرَةَ قَالَ فَانْصَدَعَتْ حَتَّى نَظَرُوا إِلَى اَلضَّوْءِ ثُمَّ قَالَ اَلْآخَرُ اَللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي اِسْتَأْجَرْتُ قَوْماً كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا فَرَغُوا أَعْطَيْتُهُمْ أُجُورَهُمْ فَقَالَ رَجُلٌ لَقَدْ عَمِلْتُ عَمَلَ رَجُلَيْنِ وَ اَللَّهِ لاَ آخُذُ إِلاَّ دِرْهَماً ثُمَّ ذَهَبَ وَ تَرَكَ مَالَهُ عِنْدِي فَبَذَرْتُ بِذَلِكَ اَلنِّصْفِ اَلدِّرْهَمِ فِي اَلْأَرْضِ فَأَخْرَجَ اَللَّهُ بِهِ رِزْقاً وَ جَاءَ صَاحِبُ اَلنِّصْفِ اَلدِّرْهَمِ فَأَرَادَهُ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ عَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ حَقَّهُ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مَخَافَةً مِنْكَ فَارْفَعْ عَنَّا هَذِهِ اَلصَّخْرَةَ قَالَ فَانْفَجَرَتْ [فَانْفَرَجَتْ ] حَتَّى نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ اَلْآخَرُ اَللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ أَبِي وَ أُمِّي كَانَا نَائِمَيْنِ فَأَتَيْتُهُمَا بِقَصْعَةٍ مِنْ
ص: 262
لَبَنٍ فَخِفْتُ أَنْ أَضَعَهُ فَيَقَعَ فِيهِ هَامَّةٌ وَ كَرِهْتُ أَنْ أُنَبِّهَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا فَيَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا فَلَمْ أَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّى اِسْتَيْقَظَا فَشَرِبَا اَللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ اِبْتِغَاءً لِوَجْهِكَ فَارْفَعْ عَنَّا اَلصَّخْرَةَ فَانْفَرَجَتْ حَتَّى سَهَّلَ اَللَّهُ لَهُمُ اَلْمَخْرَجَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ صَدَقَ اَللَّهَ نَجَا(1).
ص: 263
302وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَفَعَهُ (1) عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ مَرْيَمَ اِبْنَتَ عِمْرٰانَ اَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهٰا قَالَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ قَالَ فَأَوَّلُ مَنْ سُوهِمَ عَلَيْهِ مَرْيَمُ اِبْنَةُ عِمْرَانَ نَذَرَتْ أُمُّهَا مَا فِي بَطْنِهَا مُحَرَّراً لِلْكَنِيسَةِ فَوَضَعَتْهَا أُنْثَى فَشَدَّتْ (2) فَكَانَتْ تَخْدُمُ اَلْعُبَّادَ تُنَاوِلُهُمْ حَتَّى بَلَغَتْ وَ أَمَرَ زَكَرِيَّا أَنْ يُتَّخَذَ لَهَا حِجَاباً دُونَ اَلْعُبَّادِ فَكَانَ زَكَرِيَّا يَدْخُلُ عَلَيْهَا فَيَرَى عِنْدَهَا ثَمَرَةَ اَلشِّتَاءِ فِي اَلصَّيْفِ وَ ثَمَرَةَ اَلصَّيْفِ فِي اَلشِّتَاءِ قٰالَ يٰا مَرْيَمُ أَنّٰى لَكِ هٰذٰا قٰالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اَللّٰهِ وَ قَالَ عَاشَتْ مَرْيَمُ بَعْدَ عِمْرَانَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ (3).
303وَ قَالَ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّهَا بُشِّرَتْ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَبَيْنَا هِيَ فِي اَلْمِحْرَابِ إِذْ تَمَثَّلَ لَهَا اَلرُّوحُ اَلْأَمِينُ بَشَراً سَوِيًّا قٰالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمٰنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا قٰالَ إِنَّمٰا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاٰماً زَكِيًّا(4) فَتَفَلَ فِي جَيْبِهَا فَحَمَلَتْ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ وَلَدَتْ وَ قَالَ لَمْ تَكُنْ عَلَى
ص: 264
وَجْهِ اَلْأَرْضِ شَجَرَةٌ إِلاَّ يُنْتَفَعُ بِهَا وَ لا [لَهَا] ثَمَرَةٌ وَ لاَ شَوْكَ لَهَا حَتَّى قَالَتْ فَجَرَةُ بَنِي آدَمَ كَلِمَةَ اَلسَّوْءِ فَاقْشَعَرَّتِ اَلْأَرْضُ وَ شَاكَتِ اَلشَّجَرَةُ وَ أَتَى إِبْلِيسُ تِلْكَ اَللَّيْلَةَ فَقِيلَ لَهُ قَدْ وُلِدَ اَللَّيْلَةَ وَلَدٌ لَمْ يَبْقَ عَلَى وَجْهِ اَلْأَرْضِ صَنَمٌ إِلاَّ خَرَّ لِوَجْهِهِ وَ أَتَى اَلْمَشْرِقَ وَ اَلْمَغْرِبَ يَطْلُبُهُ فَوَجَدَهُ فِي بَيْتِ دَيْرٍ قَدْ حَفَّتْ بِهِ اَلْمَلاَئِكَةُ فَذَهَبَ يَدْنُو فَصَاحَتِ اَلْمَلاَئِكَةُ تَنَحَّ فَقَالَ لَهُمْ مَنْ أَبُوهُ فَقَالَتْ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ آدَمَ فَقَالَ إِبْلِيسُ لَأُضِلَّنَّ بِهِ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ اَلنَّاسِ (1).
304 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ اَلْخَزَّازِ عَنْ زِيَادِ بْنِ سُوقَةَ عَنِ اَلْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَمَّا قَالَتِ اَلْعَوَاتِقُ اَلْفِرْيَةَ وَ هِيَ سَبْعُونَ لِمَرْيَمَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا أَنْطَقَ اَللَّهُ تَعَالَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عِنْدَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُنَّ تَفْتَرِينَ عَلَى أُمِّي أَنَا عَبْدُ اَللّٰهِ آتٰانِيَ اَلْكِتٰابَ وَ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ كُلَّ اِمْرَأَةٍ مِنْكُنَّ حَدّاً بِاِفْتِرَائِكُنَّ عَلَى أُمِّي قَالَ اَلْحَكَمُ فَقُلْتُ لِلْبَاقِرِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَ فَضَرَبَهُنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ وَ لِلَّهِ اَلْحَمْدُ وَ اَلْمِنَّةُ (2) .
305 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ اَلْقَاسِمِ بْنِ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ اَلْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ : كُنَّا بِالْحِيرَةِ فَرَكِبْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَلَمَّا صِرْنَا حِيَالَ قَرْيَةٍ فَوْقَ اَلْمَاصِرِ(3) قَالَ هِيَ هِيَ حِينَ قَرُبَ مِنَ اَلشَّطِّ وَ صَارَ عَلَى شَفِيرِ اَلْفُرَاتِ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِي أَيْنَ وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قُلْتُ لاَ فَقَالَ فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ اَلَّذِي أَنَا جَالِسٌ فِيهِ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِي أَيْنَ كَانَتِ اَلنَّخْلَةُ قُلْتُ لاَ فَمَدَّ يَدَهُ خَلْفَهُ فَقَالَ فِي هَذَا اَلْمَكَانِ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِي مَا اَلْقَرَارُ وَ مَا اَلْمَاءُ اَلْمَعِينُ قُلْتُ لاَ قَالَ هَذَا هُوَ اَلْفُرَاتُ ثُمَّ قَالَ أَ تَدْرِي مَا اَلرَّبْوَةُ قُلْتُ لاَ فَأَشَارَ بِيَدِهِ عَنْ يَمِينِهِ فَقَالَ هَذَا هُوَ اَلْجَبَلُ إِلَى اَلنَّجَفِ
ص: 265
وَ قَالَ إِنَّ مَرْيَمَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ ظَهَرَ حَمْلُهَا وَ كَانَتْ فِي وَادٍ فِيهِ خَمْسُمِائَةِ بِكْرٍ يعبدون [يَعْبُدْنَ ] وَ قَالَ حَمَلَتْهُ سَبْعَ سَاعَاتٍ فَلَمَّا ضَرَبَهَا اَلطَّلْقُ خَرَجَتْ مِنَ اَلْمِحْرَابِ إِلَى بَيْتِ دَيْرٍ لَهُمْ فَأَجٰاءَهَا اَلْمَخٰاضُ إِلىٰ جِذْعِ اَلنَّخْلَةِ فَوَضَعَتْهُ فَحَمَلَتْهُ فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى قَوْمِهَا فَلَمَّا رَأَوْهَا فَزِعُوا فَاخْتَلَفَ فِيهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ اِبْنُ اَللَّهِ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ نَبِيُّهُ وَ قَالَتِ اَلْيَهُودُ بَلْ هُوَ اِبْنُ اَلْهَنَةِ وَ يُقَالُ لِلنَّخْلَةِ اَلَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى مَرْيَمَ اَلْعَجْوَةُ (1) .
306 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ اَلْكَرْخِيِّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سُلَيْمَانَ اَلْجُعْفِيِّ قَالَ : قَالَ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ تَدْرِي بِمَا حَمَلَتْ مَرْيَمُ قُلْتُ لاَ قَالَ مِنْ تَمْرِ صَرَفَانٍ (2) أَتَاهَا بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (3) .
307 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ يَزِيدَ اَلْكُنَاسِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ عِيسَى حِينَ تَكَلَّمَ فِي اَلْمَهْدِ حُجَّةَ اَللَّهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِ قَالَ كَانَ يَوْمَئِذٍ نَبِيّاً حُجَّةً عَلَى زَكَرِيَّا فِي تِلْكَ اَلْحَالِ وَ هُوَ فِي اَلْمَهْدِ وَ قَالَ كَانَ فِي تِلْكَ اَلْحَالِ آيَةً لِلنّٰاسِ وَ رَحْمَةً مِنَ اَللَّهِ لِمَرْيَمَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ حِينَ تَكَلَّمَ وَ عَبَّرَ عَنْهَا وَ نَبِيّاً وَ حُجَّةً عَلَى مَنْ سَمِعَ كَلاَمَهُ فِي تِلْكَ اَلْحَالِ ثُمَّ صَمَتَ فَمَا تَكَلَّمَ حَتَّى مَضَتْ لَهُ سَنَتَانِ وَ كَانَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْحُجَّةَ عَلَى اَلنَّاسِ بَعْدَ صَمْتِ عِيسَى سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ زَكَرِيَّا فَوَرِثَهُ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْكِتَابَ وَ اَلْحِكْمَةَ وَ هُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ فَلَمَّا بَلَغَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَبْعَ سِنِينَ تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ حِينَ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ وَ كَانَ عِيسَى اَلْحُجَّةَ عَلَى يَحْيَى وَ عَلَى اَلنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَ لَيْسَ تَبْقَى اَلْأَرْضُ يَا أَبَا خَالِدٍ(4) يَوْماً وَاحِداً بِغَيْرِ حُجَّةِ اَللَّهِ عَلَى اَلنَّاسِ مُنْذُ خَلَقَ اَللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قُلْتُ أَ وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حُجَّةً مِنَ اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى هَذِهِ اَلْأُمَّةِ فِي
ص: 266
حَيَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ نَعَمْ وَ كَانَتْ طَاعَتُهُ وَاجِبَةً عَلَى اَلنَّاسِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَ لَكِنَّهُ صَمَتَ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ مَعَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَانَتِ اَلطَّاعَةُ لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَ عَلَى عَلِيٍّ مَعَهُمْ فِي حَالِ حَيَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ وَ كَانَ عَلِيٌّ حَكِيماً عَالِماً (1) .
308وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ اَلطَّالَقَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْهَمْدَانِيُّ مَوْلَى بْنِ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَيَّاشٍ اَلْقَطَّانُ عَنْ أَبِي اَلْجَارُودِ زِيَادِ بْنِ اَلْمُنْذِرِ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا وُلِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ اِبْنَ يَوْمٍ كَأَنَّهُ اِبْنُ شَهْرَيْنِ فَلَمَّا كَانَ اِبْنَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَخَذَتْهُ وَالِدَتُهُ وَ أَقْعَدَتْهُ عِنْدَ اَلْمُعَلِّمِ فَقَالَ اَلْمُؤَدِّبُ قُلْ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ فَقَالَ اَلْمُؤَدِّبُ قُلْ أَبْجَدْ فَقَالَ يَا مُؤَدِّبُ مَا أَبْجَدْ وَ إِنْ كُنْتَ لاَ تَدْرِي فَاسْأَلْنِي حَتَّى أُفَسِّرَ لَكَ قَالَ فَسِّرْهُ لِي فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْأَلِفُ آلاَءُ اَللَّهِ وَ اَلْبَاءُ بَهْجَةُ اَللَّهِ وَ اَلْجِيمُ جَمَالُ اَللَّهِ وَ اَلدَّالُ دِينُ اَللَّهِ هَوَّزْ اَلْهَاءُ هَوْلُ (2)جَهَنَّمَ وَ اَلْوَاوُ وَيْلٌ لِأَهْلِ اَلنَّارِ وَ اَلزَّايُ زَفِيرُ جَهَنَّمَ حُطِّي حُطَّتِ اَلْخَطَايَا عَنِ اَلْمُذْنِبِينَ اَلْمُسْتَغْفِرِينَ كَلَمَنْ كَلاَمُ اَللَّهِ لاٰ مُبَدِّلَ لِكَلِمٰاتِهِ سَعْفَصْ صَاعٌ بِصَاعٍ وَ اَلْجَزَاءُ بِالْجَزَاءِ قَرَشَتْ قَرَشَهُمْ فَحَشَرَهُمْ فَقَالَ اَلْمُؤَدِّبُ أَيَّتُهَا اَلْمَرْأَةُ لاَ حَاجَةَ لَهُ إِلَى اَلتَّعْلِيمِ (3).
309وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ
ص: 267
أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدٍ اَلْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ بَيْنَ دَاوُدَ وَ عِيسَى عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ أَرْبَعُمِائَةِ سَنَةٍ وَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَ أُنْزِلَ عَلَى عِيسَى فِي اَلْإِنْجِيلِ مَوَاعِظُ وَ أَمْثَالٌ وَ حُدُودٌ وَ لَيْسَ فِيهَا قِصَاصٌ وَ لاَ أَحْكَامُ حُدُودٍ وَ لاَ فَرْضُ مَوَارِيثَ وَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ تَخْفِيفُ مَا كَانَ نَزَلَ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي اَلتَّوْرَاةِ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ اَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَ أَمَرَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَنْ مَعَهُ مِمَّنْ تَبِعَهُ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِشَرِيعَةِ اَلتَّوْرَاةِ وَ شَرَائِعِ جَمِيعِ اَلنَّبِيِّينَ وَ اَلْإِنْجِيلِ قَالَ وَ مَكَثَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِياً فَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ بِمَا يَأْكُلُونَ وَ مَا يَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِهِمْ فَأَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ يُحْيِي اَلْمَوْتَى وَ يُبْرِئُ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ وَ يُعَلِّمُهُمُ اَلتَّوْرَاةَ وَ أَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ اَلْإِنْجِيلَ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِمْ حُجَّةً وَ كَانَ يَبْعَثُ إِلَى اَلرُّومِ رَجُلاً لاَ يُدَاوِي أَحَداً إِلاَّ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ وَ يُبْرِئُ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ حَتَّى ذُكِرَ ذَلِكَ لِمَلِكِهِمْ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَ تُبْرِئُ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأُتِيَ بِغُلاَمٍ مُنْخَسِفِ اَلْحَدَقَةِ لَمْ يَرَ شَيْئاً قَطُّ فَأَخَذَ بُنْدُقَتَيْنِ فَبَنْدَقَهُمَا ثُمَّ جَعَلَهُمَا فِي عَيْنَيْهِ وَ دَعَا فَإِذَا هُوَ بَصِيرٌ فَأَقْعَدَهُ اَلْمَلِكُ مَعَهُ وَ قَالَ كُنْ مَعِي وَ لاَ تَخْرُجْ مِنْ مِصْرِي وَ أَنْزَلَهُ مَعَهُ بِأَفْضَلِ اَلْمَنَازِلِ ثُمَّ إِنَّ اَلْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعَثَ آخَرَ وَ عَلَّمَهُ مَا بِهِ يُحْيِي اَلْمَوْتَى فَدَخَلَ اَلرُّومَ وَ قَالَ أَنَا أَعْلَمُ مِنْ طَبِيبِ اَلْمَلِكِ فَقَالُوا لِلْمَلِكِ ذَلِكَ قَالَ اُقْتُلُوهُ فَقَالَ اَلطَّبِيبُ لاَ تَقْتُلْهُ أَدْخِلْهُ فَإِنْ عَرَفْتَ خَطَأَهُ قَتَلْتَهُ وَ لَكَ اَلْحُجَّةُ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ أَنَا أُحْيِي اَلْمَوْتَى فَرَكِبَ اَلْمَلِكُ وَ اَلنَّاسُ إِلَى قَبْرِ اِبْنِ اَلْمَلِكِ مَاتَ (1) فِي تِلْكَ اَلْأَيَّامِ فَدَعَا رَسُولُ اَلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَمَّنَ طَبِيبُ اَلْمَلِكِ اَلَّذِي هُوَ رَسُولُ اَلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَيْضاً اَلْأَوَّلُ فَانْشَقَّ اَلْقَبْرُ فَخَرَجَ اِبْنُ اَلْمَلِكِ ثُمَّ جَاءَ يَمْشِي حَتَّى جَلَسَ فِي حَجْرِ أَبِيهِ فَقَالَ يَا بُنَيَّ مَنْ أَحْيَاكَ قَالَ فَنَظَرَ فَقَالَ هَذَا وَ هَذَا فَقَامَا وَ قَالاَ إِنَّا رَسُولُ (2)اَلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَيْكَ وَ إِنَّكَ كُنْتَ لاَ تَسْمَعُ مِنْ رُسُلِهِ إِنَّمَا تَأْمُرُ بِقَتْلِهِمْ إِذَا أَتَوْكَ فَتَابَعَ وَ أَعْظَمُوا أَمْرَ اَلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى قَالَ فِيهِ
ص: 268
أَعْدَاءُ اَللَّهِ مَا قَالُوا وَ اَلْيَهُودُ يُكَذِّبُونَهُ وَ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ (1).
310 وَ سَأَلُوا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ يُحْيِيَ سَامَ بْنَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَتَى إِلَى قَبْرِهِ فَقَالَ قُمْ يَا سَامُ بِإِذْنِ اَللَّهِ فَانْشَقَّ اَلْقَبْرُ ثُمَّ أَعَادَ اَلْكَلاَمَ فَتَحَرَّكَ ثُمَّ أَعَادَ اَلْكَلاَمَ فَخَرَجَ سَامٌ فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَيُّهُمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ تَبْقَى أَوْ تَعُودُ قَالَ يَا رُوحَ اَللَّهِ بَلْ أَعُودُ إِنِّي لَأَجِدُ لَذْعَةَ اَلْمَوْتِ فِي جَوْفِي إِلَى يَوْمِي هَذَا(2).
311وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ اِبْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ (3) عَنْ بُرَيْدٍ اَلْقَصْرَانِيِّ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : صَعِدَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى جَبَلٍ بِالشَّامِ يُقَالُ لَهُ أَرِيحَا فَأَتَاهُ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ مَلِكِ فِلَسْطِينَ فَقَالَ لَهُ يَا رُوحَ اَللَّهِ أَحْيَيْتَ اَلْمَوْتَى وَ أَبْرَأْتَ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ عَنِ اَلْجَبَلِ فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ ذَلِكَ أُذِنَ لِي فِيهِ وَ هَذَا لَمْ يُؤْذَنْ لِي فِيهِ (4).
312وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنِ اِبْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : جَاءَ إِبْلِيسُ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ أَ لَيْسَ تَزْعُمُ أَنَّكَ تُحْيِي اَلْمَوْتَى قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَلَى قَالَ إِبْلِيسُ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ فَوْقِ اَلْحَائِطِ فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَيْلَكَ إِنَّ اَلْعَبْدَ لاَ يُجَرِّبُ رَبَّهُ وَ قَالَ إِبْلِيسُ يَا عِيسَى هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ اَلْأَرْضَ فِي بَيْضَةٍ وَ اَلْبَيْضَةُ كَهَيْئَتِهَا فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لاَ يُوصَفُ بِعَجْزٍ وَ اَلَّذِي قُلْتَ لاَ يَكُونُ . يعني(5) هو مستحيل في نفسه كجمع الضدين(6)
ص: 269
313وَ فِي خَبَرٍ آخَرَ: أَنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْتَ [اَلَّذِي] بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِيَّتِكَ أَنْ تَكَوَّنْتَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَلِ اَلْعَظَمَةُ لِلَّذِي كَوَّنَنِي وَ كَذَلِكَ كَوَّنَ آدَمَ وَ حَوَّاءَ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ قَالَ إِبْلِيسُ أَنْتَ اَلَّذِي بَلَغَ مِنْ عِظَمِ رُبُوبِيَّتِكَ أَنَّكَ تَخْلُقُ مِنَ اَلطِّينِ كَهَيْئَةِ اَلطَّيْرِ فَتَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَلِ اَلْعَظَمَةُ لِلَّذِي خَلَقَنِي وَ خَلَقَ مَا سَخَّرَ لِي(1).
314وَ فِي رِوَايَةٍ : أَتَتْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِمْرَأَةٌ مِنْ كَنْعَانَ بِابْنٍ لَهَا مُزْمَنٍ (2) فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ اِبْنِي هَذَا زَمِنٌ اُدْعُ اَللَّهَ لَهُ قَالَ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أُبْرِئَ زَمْنَى بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَتْ يَا رُوحَ اَللَّهِ إِنَّ اَلْكِلاَبَ تَنَالُ مِنْ فُضُولِ مَوَائِدِ أَرْبَابِهَا إِذَا رَفَعُوا مَوَائِدَهُمْ فَأَنِلْنَا مِنْ حِكْمَتِكَ مَا نَنْتَفِعُ بِهِ فَاسْتَأْذَنَ اَللَّهَ تَعَالَى فِي اَلدُّعَاءِ فَأَذِنَ لَهُ فَأَبْرَأَهُ (3).
315 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ : سَأَلَ أَبِي أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَلْ كَانَ عِيسَى يُصِيبُهُ مَا يُصِيبُ وُلْدَ آدَمَ قَالَ نَعَمْ وَ لَقَدْ كَانَ يُصِيبُهُ وَجَعُ اَلْكِبَارِ فِي صِغَرِهِ وَ يُصِيبُهُ وَجَعُ اَلصِّغَارِ فِي كِبَرِهِ وَ يُصِيبُهُ اَلْمَرَضُ وَ كَانَ إِذَا مَسَّهُ وَجَعُ اَلْخَاصِرَةِ فِي صِغَرِهِ وَ هُوَ مِنْ عِلَلِ اَلْكِبَارِ قَالَ لِأُمِّهِ اِبْغِي لِي عَسَلاً وَ شُونِيزاً وَ زَيْتاً فتعجني [فَاعْجِنِي] بِهِ ثُمَّ اِئْتِينِي بِهِ فَأَتَتْهُ بِهِ فَكَرِهَهُ فَتَقُولُ لِمَ تَكْرَهُهُ وَ قَدْ طَلَبْتَهُ فَقَالَ هَاتِيهِ نَعَتُّهُ لَكِ بِعِلْمِ اَلنُّبُوَّةِ وَ أَكْرَهْتُهُ لِجَزَعِ اَلصَّبَا وَ يَشَمُّ اَلدَّوَاءَ ثُمَّ يَشْرَبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ (4) .
316وَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ يَبْكِي بُكَاءً شَدِيداً فَلَمَّا أَعْيَتْ مَرْيَمَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ كَثْرَةُ بُكَائِهِ قَالَ لَهَا خُذِي مِنْ لِحَا هَذِهِ اَلشَّجَرَةِ فَاجْعَلِي وَجُوراً ثُمَّ اِسْقِينِيهِ فَإِذَا سُقِيَ بَكَى بُكَاءً شَدِيداً فَتَقُولُ مَرْيَمُ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ مَا ذَا أَمَرْتَنِي فَيَقُولُ يَا أُمَّاهْ عِلْمُ اَلنُّبُوَّةِ وَ ضَعْفُ اَلصَّبَا(5).
ص: 270
317وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ سِنَانٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَرَّ بِقَوْمٍ مُجَلِّبِينَ فَسَأَلَ عَنْهُمْ فَقِيلَ بِنْتُ فُلاَنٍ تُهْدَى إِلَى بَيْتِ فُلاَنٍ فَقَالَ صَاحِبَتُهُمُ مَيِّتَةٌ مِنْ لَيْلَتِهِمْ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ قِيلَ إِنَّهَا حَيَّةٌ يَخْرُجُ بِهَا اَلنَّاسُ إِلَى دَارِهَا فَخَرَجَ زَوْجُهَا فَقَالَ لَهُ سَلْ زَوْجَتَكَ مَا فَعَلَتِ اَلْبَارِحَةَ مِنَ اَلْخَيْرِ فَقَالَتْ مَا فَعَلْتُ شَيْئاً إِلاَّ أَنَّ سَائِلاً كَانَ يَأْتِينِي كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ فِيمَا مَضَى وَ إِنَّهُ جَاءَنَا لَيْلَتَنَا فَهَتَفَ فَلَمْ يُجَبْ فَقَالَ عَزَّ عَلَيَّ أَنَّهَا لاَ تَسْمَعُ صَوْتِي وَ عِيَالِي يَبْقَوْنَ اَللَّيْلَةَ جِيَاعاً فَقُمْتُ مُسْتَنْكِرَةً فَأَنَلْتُهُ مِقْدَارَ مَا كُنْتُ أُنِيلُهُ فِيمَا مَضَى قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ تَنَحَّيْ مِنْ مَجْلِسِكِ فَتَنَحَّتْ فَإِذَا تَحْتَ ثِيَابِهَا أَفْعَى عَاضٌّ عَلَى ذَنَبِهِ فَقَالَ بِمَا تَصَدَّقْتِ صُرِفَ عَنْكِ هَذَا(1).
318وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنْ عِيسَى بْنِ اَلْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْكَرِيمِ اَلتَّفْلِيسِيِّ عَنْ عَبْدِ اَلْمُؤْمِنِ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَوْحَى اَللَّهُ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ جِدَّ فِي أَمْرِي وَ لاَ تَتْرُكْ (2) إِنِّي خَلَقْتُكَ مِنْ غَيْرِ فَحْلٍ آيَةً لِلْعٰالَمِينَ أَخْبِرْهُمْ آمِنُوا بِي وَ بِرَسُولِي اَلنَّبِيِّ اَلْأُمِّيِّ نَسْلُهُ مِنْ مُبَارَكَةٍ وَ هِيَ مَعَ أُمِّكَ فِي اَلْجَنَّةِ طُوبَى لِمَنْ سَمِعَ كَلاَمَهُ وَ أَدْرَكَ زَمَانَهُ وَ شَهِدَ أَيَّامَهُ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَبِّ وَ مَا طُوبَى قَالَ شَجَرَةٌ فِي اَلْجَنَّةِ تَحْتَهَا عَيْنٌ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَبِّ اِسْقِنِي مِنْهَا شَرْبَةً قَالَ كَلاَّ يَا عِيسَى إِنَّ تِلْكَ اَلْعَيْنَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى اَلْأَنْبِيَاءِ حَتَّى يَشْرَبَهَا ذَلِكَ اَلنَّبِيُّ وَ تِلْكَ اَلْجَنَّةَ مُحَرَّمَةٌ عَلَى اَلْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أُمَّةُ ذَلِكَ اَلنَّبِيِّ (3).
319وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : قَالَ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِجَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَتَى قِيَامُ اَلسَّاعَةِ فَانْتَفَضَ جَبْرَئِيلُ اِنْتِفَاضَةً
ص: 271
أُغْمِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ يَا رُوحَ اَللَّهِ مَا اَلْمَسْئُولُ أَعْلَمَ بِهَا مِنَ اَلسَّائِلِ وَ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ لاٰ تَأْتِيكُمْ إِلاّٰ بَغْتَةً (1).
320وَ عَنِ اِبْنِ سِنَانٍ قَالَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كَانَ فِيمَا أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَبْ لِي مِنْ عَيْنَيْكَ اَلدُّمُوعَ وَ مِنْ قَلْبِكَ اَلْخَشْيَةَ وَ اُكْحُلْ عَيْنَيْكَ بِمِيلِ اَلْحُزْنِ إِذَا ضَحِكَ اَلْبَطَّالُونَ وَ قُمْ عَلَى قُبُورِ اَلْأَمْوَاتِ وَ نَادِهِمْ بِالصَّوْتِ اَلرَّفِيعِ لَعَلَّكَ تَأْخُذُ مَوْعِظَتَكَ مِنْهُمْ وَ قُلْ إِنِّي لاَحِقٌ (2) فِي اَللاَّحِقِينَ (3).
321 وَ قَالَ اَلْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا مُعَلِّمَ اَلْخَيْرِ عَلِّمْنَا أَيُّ اَلْأَشْيَاءِ أَشَدُّ قَالَ أَشَدُّ اَلْأَشْيَاءِ غَضَبُ اَللَّهِ قَالُوا فَبِمَا يُتَّقَى غَضَبُ اَللَّهِ قَالَ بِأَنْ لاَ تَغْضَبُوا قَالُوا وَ مَا بَدْءُ اَلْغَضَبِ قَالَ اَلْكِبْرُ وَ اَلتَّجَبُّرُ وَ مَحْقَرَةُ اَلنَّاسِ (4).
322قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ : مَا تَدْرِي مَا يَفْجَأُكَ مَا يَمْنَعُكَ مَا تسعدُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يعيشك(5).
324قَالَ : وَ قَالَ اَلْحَوَارِيُّونَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلِّمْنَا قَالَ إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَرَكُمْ أَنْ لاَ تَحْلِفُوا بِاللَّهِ كَاذِبِينَ وَ أَنَا آمُرُكُمْ أَنْ لاَ تَحْلِفُوا بِاللَّهِ لاَ كَاذِبِينَ وَ لاَ صَادِقِينَ (6).
325 وَ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذَا قِيلَ فِيكَ مَا فِيكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَنْبٌ ذُكِّرْتَهُ فَاسْتَغْفِرِ اَللَّهَ مِنْهُ وَ إِنْ قِيلَ فِيكَ مَا لَيْسَ فِيكَ فَاعْلَمْ أَنَّهَا حَسَنَةٌ كُتِبَتْ لَكَ لَمْ
ص: 272
تَتْعَبْ فِيهَا(1).
326وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ أُورَمَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ اَلْجَهْمِ عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَبْكِي وَ يَضْحَكُ وَ كَانَ يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَبْكِي وَ لاَ يَضْحَكُ وَ كَانَ اَلَّذِي يَفْعَلُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَفْضَلَ (2).
327وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَرَّ أَخِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَدِينَةٍ وَ إِذَا فِي أَثْمَارِهِمُ (3) اَلدُّودُ فَشَكَوْا إِلَيْهِ مَا بِهِمْ فَقَالَ دَوَاءُ هَذَا مَعَكُمْ وَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنْتُمْ إِذَا غَرَسْتُمُ اَلْأَشْجَارَ صَبَبْتُمُ اَلتُّرَابَ ثُمَّ اَلْمَاءَ وَ لَيْسَ هَكَذَا إِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ تَصُبُّوا اَلْمَاءَ فِي أُصُولِ اَلشَّجَرِ ثُمَّ اَلتُّرَابَ فَاسْتَأْنَفُوا كَمَا وَصَفَ فَذَهَبَ عَنْهُمْ ذَلِكَ (4).
328وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَرَّ أَخِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَدِينَةٍ وَ فِيهَا رَجُلٌ وَ اِمْرَأَةٌ يَتَصَايَحَانِ فَقَالَ مَا شَأْنُكُمَا قَالَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ هَذِهِ اِمْرَأَتِي صَالِحَةٌ وَ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ وَ لَكِنِّي أُحِبُّ فِرَاقَهَا فَهِيَ خَلَقَةُ اَلْوَجْهِ مِنْ غَيْرِ كِبَرٍ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا اِمْرَأَةُ أَ تُحِبِّينَ أَنْ يَعُودَ مَاءُ وَجْهِكِ طَرِيّاً قَالَتْ نَعَمْ قَالَ إِذَا أَكَلْتِ إِيَّاكِ أَنْ تَشْبَعِي لِأَنَّ اَلطَّعَامَ إِذَا تَكَاثَرَ عَلَى اَلصَّدْرِ زَادَ فِي اَلْبَدَنِ (5) فَذَهَبَ مَاءُ اَلْوَجْهِ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ فَعَادَ وَجْهُهَا(6) طَرِيّاً(7).
329وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ سِنَانٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لاَ تَمْزَحْ فَيَذْهَبَ نُورُكَ وَ لاَ تَكْذِبْ فَيَذْهَبَ بَهَاؤُكَ وَ إِيَّاكَ وَ خَصْلَتَيْنِ اَلضَّجَرَ وَ اَلْكَسَلَ فَإِنَّكَ إِنْ ضَجِرْتَ
ص: 273
لَمْ تَصْبِرْ عَلَى حَقٍّ وَ إِنْ كَسِلْتَ لَمْ تُؤَدِّ حَقّاً قَالَ وَ كَانَ اَلْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ مَنْ كَثُرَ هَمُّهُ سَقِمَ بَدَنُهُ وَ مَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ وَ مَنْ كَثُرَ كَلاَمُهُ كَثُرَ سِقْطُهُ وَ مَنْ كَثُرَ كَذِبُهُ ذَهَبَ بَهَاؤُهُ وَ مَنْ لاَحَى اَلرِّجَالَ ذَهَبَتْ مُرُوَّتُهُ (1).
330وَ قَالَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَرَّ أَخِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَدِينَةٍ فَإِذَا وُجُوهُهُمْ صُفْرٌ وَ عُيُونُهُمْ زُرْقٌ فَشَكَوْا إِلَيْهِ مَا بِهِمْ (2) مِنَ اَلْعِلَلِ فَقَالَ دَوَاؤُكُمْ مَعَكُمْ أَنْتُمْ إِذَا أَكَلْتُمُ اَللَّحْمَ طَبَخْتُمُوهُ غَيْرَ مَغْسُولٍ وَ لَيْسَ يَخْرُجُ شَيْ ءٌ مِنَ اَلدُّنْيَا إِلاَّ بِجَنَابَةٍ فَغَسَلُوا بَعْدَ ذَلِكَ لُحُومَهُمْ فَذَهَبَتْ أَمْرَاضُهُمْ (3).
331 وَ مَرَّ أَخِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِمَدِينَةٍ وَ إِذَا أَهْلُهَا أَسْنَانُهُمْ مُنْتَثِرَهٌ وَ وُجُوهُهُمْ مُنْتَفِخَةٌ فَشَكَوْا إِلَيْهِ فَقَالَ أَنْتُمْ إِذَا نِمْتُمْ تُطْبِقُونَ أَفْوَاهَكُمْ فَتَغْلِي اَلرِّيحُ فِي اَلصَّدْرِ(4) حَتَّى تَبْلُغَ إِلَى اَلْفَمِ وَ لاَ يَكُونُ لَهُ مَخْرَجٌ فَيَرْجِعُ (5) إِلَى أُصُولِ اَلْأَسْنَانِ فَيُفْسِدُ اَلْوَجْهَ فَإِذَا نِمْتُمْ فَافْتَحُوا شِفَاهَكُمْ فَفَعَلُوا(6) فَذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُمْ (7).
332وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا أَرَادَ وَدَاعَ أَصْحَابِهِ جَمَعَهُمْ وَ أَمَرَهُمْ بِضُعَفَاءِ اَلْخَلْقِ وَ نَهَاهُمْ عَنِ اَلْجَبَابِرَةِ فَوَجَّهَ اِثْنَيْنِ إِلَى أَنْطَاكِيَةَ فَدَخَلاَ فِي يَوْمِ عِيدٍ لَهُمْ فَوَجَدَاهُمْ قَدْ كَشَفُوا عَنِ اَلْأَصْنَامِ وَ هُمْ يَعْبُدُونَهَا فَعَجَّلاَ عَلَيْهِمْ بِالتَّعْنِيفِ فَشُدَّا بِالْحَدِيدِ وَ طُرِحَا فِي اَلسِّجْنِ فَلَمَّا عَلِمَ شَمْعُونُ بِذَلِكَ أَتَى أَنْطَاكِيَةَ حَتَّى
ص: 274
دَخَلَ عَلَيْهِمَا فِي اَلسِّجْنِ وَ قَالَ أَ لَمْ أَنْهَكُمَا عَنِ اَلْجَبَابِرَةِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهُمَا وَ جَلَسَ مَعَ اَلنَّاسِ مَعَ اَلضُّعَفَاءِ فَأَقْبَلَ فَطَرَحَ كَلاَمَهُ اَلشَّيْ ءَ بَعْدَ اَلشَّيْ ءِ فَأَقْبَلَ اَلضَّعِيفُ يَدْفَعُ كَلاَمَهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَ أَخْفَوْا كَلاَمَهُ خَفَاءً شَدِيداً فَلَمْ يَزَلْ يَتَرَاقَى اَلْكَلاَمُ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى اَلْمَلِكِ فَقَالَ مُنْذُ مَتَى هَذَا اَلرَّجُلُ فِي مَمْلَكَتِي فَقَالُوا مُنْذُ شَهْرَيْنِ فَقَالَ عَلَيَّ بِهِ فَأَتَوْهُ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ وَقَعَتْ عَلَيْهِ مَحَبَّتُهُ فَقَالَ لاَ أَجْلِسُ إِلاَّ وَ هُوَ مَعِي فَرَأَى فِي مَنَامِهِ شَيْئاً أَفْزَعَهُ فَسَأَلَ شَمْعُونَ عَنْهُ فَأَجَابَ بِجَوَابٍ حَسَنٍ فَرِحَ بِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَيْهِ فِي اَلْمَنَامِ مَا أَهَالَهُ فَأَوَّلَهَا لَهُ بِمَا اِزْدَادَ بِهِ سُرُوراً فَلَمْ يَزَلْ يُحَادِثُهُ حَتَّى اِسْتَوْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ فِي حَبْسِكَ رَجُلَيْنِ عَابَا عَلَيْكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَعَلَيَّ بِهِمَا فَلَمَّا أُتِيَ بِهِمَا قَالَ مَا إِلَهُكُمَا اَلَّذِي تَعْبُدَانِ قَالاَ اَللَّهُ قَالَ يَسْمَعُكُمَا إِذَا سَأَلْتُمَاهُ وَ يُجِيبُكُمَا إِذَا دَعَوْتُمَاهُ قَالاَ نَعَمْ قَالَ شَمْعُونُ فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَبْرِئَ ذَلِكَ مِنْكُمَا قَالاَ قُلْ قَالَ هَلْ يَشْفِي لَكُمَا اَلْأَبْرَصَ قَالاَ نَعَمْ قَالَ فَأُتِيَ بِأَبْرَصَ فَقَالَ سَلاَهُ أَنْ يَشْفِيَ هَذَا قَالَ فَمَسَحَاهُ فَبَرَأَ قَالَ وَ أَنَا أَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلْتُمَا قَالَ فَأُتِيَ بِآخَرَ فَمَسَحَهُ شَمْعُونُ فَبَرَأَ قَالَ بَقِيَتْ خَصْلَةٌ إِنْ أَجَبْتُمَانِي إِلَيْهَا آمَنْتُ بِإِلَهِكُمَا قَالاَ وَ مَا هِيَ قَالَ مَيِّتٌ تُحْيِيَانِهِ قَالاَ نَعَمْ فَأَقْبَلَ عَلَى اَلْمَلِكِ وَ قَالَ مَيِّتٌ يَعْنِيكَ أَمْرُهُ قَالَ نَعَمْ اِبْنِي قَالَ اِذْهَبْ بِنَا إِلَى قَبْرِهِ فَإِنَّهُمَا قَدْ أَمْكَنَاكَ مِنْ أَنْفُسِهِمَا فَتَوَجَّهُوا إِلَى قَبْرِهِ فَبَسَطَا أَيْدِيَهُمَا فَبَسَطَ شَمْعُونُ يَدَيْهِ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ صُدِعَ اَلْقَبْرُ وَ قَامَ اَلْفَتَى فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِيهِ فَقَالَ أَبُوهُ مَا حَالُكَ قَالَ كُنْتُ مَيِّتاً فَفَزِعْتُ فَزْعَةً فَإِذَا ثَلاَثَةٌ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ يَدْعُونَ اَللَّهَ أَنْ يُحْيِيَنِي وَ هُمَا هَذَانِ وَ هَذَا فَقَالَ شَمْعُونُ أَنَا لِإِلَهِكُمَا مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ اَلْمَلِكُ أَنَا بِالَّذِي آمَنْتَ بِهِ يَا شَمْعُونُ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ قَالَ وُزَرَاءُ اَلْمَلِكِ وَ نَحْنُ بِالَّذِي آمَنَ بِهِ سَيِّدُنَا مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ يَزَلِ اَلضَّعِيفُ يَتْبَعُ اَلْقَوِيَّ فَلَمْ يَبْقَ بِأَنْطَاكِيَةَ أَحَدٌ إِلاَّ آمَنَ بِهِ (1).
ص: 275
333وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْعَلَوِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يُوشَعَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْحَرِيرِيُّ (1) حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُمَرَ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : لَمَّا اِجْتَمَعَتِ اَلْيَهُودُ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِيَقْتُلُوهُ بِزَعْمِهِمْ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَغَّشَاهُ بِجَنَاحِهِ وَ طَمَحَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِبَصَرِهِ فَإِذَا هُوَ بِكِتَابٍ فِي جَنَاحِ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَدْعُوكَ بِاسْمِكَ اَلْوَاحِدِ اَلْأَعَزِّ وَ أَدْعُوكَ اَللَّهُمَّ بِاسْمِكَ اَلصَّمَدِ وَ أَدْعُوكَ اَللَّهُمَّ بِاسْمِكَ اَلْعَظِيمِ اَلْوَتْرِ وَ أَدْعُوكَ اَللَّهُمَّ بِاسْمِكَ اَلْكَبِيرِ اَلْمُتَعَالِ اَلَّذِي ثَبَّتَ أَرْكَانَكَ كُلَّهَا أَنْ تَكْشِفَ عَنِّي مَا أَصْبَحْتُ وَ أَمْسَيْتُ فِيهِ فَلَمَّا دَعَا بِهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِرْفَعْهُ إِلَى عِنْدِي ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ سَلُوا رَبَّكُمْ بِهَؤُلاَءِ اَلْكَلِمَاتِ (2) فَوَ اَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا دَعَا بِهِنَّ عَبْدٌ بِإِخْلاَصٍ وَ نِيَّةٍ إِلاَّ اِهْتَزَّ لَهُ اَلْعَرْشُ وَ إِلاَّ قَالَ اَللَّهُ لِمَلاَئِكَتِهِ اِشْهَدُوا أَنِّي قَدِ اِسْتَجَبْتُ لَهُ بِهِنَّ وَ أَعْطَيْتُهُ سُؤْلَهُ فِي عَاجِلِ دُنْيَاهُ وَ آجِلِ آخِرَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ سَلُوا بِهَا وَ لاَ تَسْتَبْطِئُوا اَلْإِجَابَةَ (3).
334 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَجَرَةَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ بَشِيرٍ اَلنَّبَّالِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَالِسٌ إِذَا اِمْرَأَةٌ أَقْبَلَتْ تَمْشِي حَتَّى اِنْتَهَتْ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهَا مَرْحَباً بِابْنَةِ نَبِيٍّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ أَخِي خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ اَلْعَبْسِيُّ
ص: 276
ثُمَّ قَالَ إِنَّ خَالِداً دَعَا قَوْمَهُ فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوهُ وَ كَانَتْ نَارٌ تَخْرُجُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَتَأْكُلُ مَا يَلِيهَا مِنْ مَوَاشِيهِمْ وَ مَا أَدْرَكَتْ لَهُمْ فَقَالَ لِقَوْمِهِ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ رَدَدْتُهَا عَنْكُمْ أَ تُؤْمِنُونَ بِي وَ تُصَدِّقُونِّي قَالُوا نَعَمْ فَاسْتَقْبَلَهَا فَرَدَّهَا بِثَوْبِهِ حَتَّى أَدْخَلَهَا غَاراً وَ هُمْ يَنْظُرُونَ فَدَخَلَ مَعَهَا فَمَكَثَ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا إِنَّا لَنَرَاهَا قَدْ أَكَلَتْهُ فَخَرَجَ مِنْهَا فَقَالَ أَ تُجِيبُونَنِي وَ تُؤْمِنُونَ بِي قَالُوا نَارٌ خَرَجَتْ وَ دَخَلَتْ لِوَقْتٍ فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوهُ فَقَالَ لَهُمْ إِنِّي مَيِّتٌ بَعْدَ كَذَا فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَادْفِنُونِي ثُمَّ دَعُونِي أَيَّاماً فَانْبُشُونِي ثُمَّ سَلُونِي أُخْبِرُكُمْ بِمَا كَانَ وَ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ قَالَ فَلَمَّا كَانَ اَلْوَقْتُ جَاءَ مَا قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ نُصَدِّقْهُ حَيّاً نُصَدِّقُهُ مَيِّتاً فَتَرَكُوهُ وَ إِنَّهُ كَانَ بَيْنَ اَلنَّبِيِّ وَ عِيسَى عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ وَ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا فَتْرَةٌ (1) .
335وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ اَلطَّالَقَانِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ [اَلرِّضَا(2) عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ ] قَالَ : إِنَّمَا سُمِّيَ أُولُو اَلْعَزْمِ [أُوْلِي اَلْعَزْمِ ](3) لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَصْحَابَ اَلْعَزَائِمِ وَ اَلشَّرَائِعِ وَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ بَعْدَ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ وَ مِنْهَاجِهِ وَ تَابِعاً لِكِتَابِهِ إِلَى زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَكُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى شَرِيعَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى زَمَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَكُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى شَرِيعَةِ مُوسَى وَ مِنْهَاجِهِ إِلَى أَيَّامِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كُلُّ نَبِيٍّ كَانَ فِي أَيَّامِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ بَعْدَهُ كَانَ عَلَى شَرِيعَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ مِنْهَاجِهِ وَ تَابِعاً لَهُ إِلَى زَمَنِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَهَؤُلاَءِ اَلْخَمْسَةُ أُولُو اَلْعَزْمِ وَ هُمْ أَفْضَلُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ شَرِيعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ تُنْسَخُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ لاَ نَبِيَّ بَعْدَهُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ فَمَنِ اِدَّعَى بَعْدَهُ نَبِيّاً فَدَمُهُ مُبَاحٌ (2).
336 وَ فِي رِوَايَةِ سَمَاعَةَ بْنِ مِهْرَانَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَاصْبِرْ كَمٰا صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ (3) قَالَ هُمْ أَصْحَابُ اَلْكُتُبِ إِنَّ نُوحاً جَاءَ بِشَرِيعَةٍ إِلَى آخِرِ اَلْخَبَرِ (4) .
ص: 277
337وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ عَلاَءٍ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمْ يَبْعَثِ اَللَّهُ [نَبِيّاً](1) مِنَ اَلْعَرَبِ إِلاَّ هُوداً وَ صَالِحاً وَ شُعَيْباً وَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (2).
338وَ رُوِيَ : أَنَّهُمْ خَمْسَةٌ وَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْهُمْ وَ قَالَ إِنَّ اَلْوَحْيَ يَنْزِلُ مِنْ عِنْدِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ بِالْعَرَبِيَّةِ فَإِذَا أَتَى نَبِيّاً مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ أَتَاهُ بِلِسَانِ قَوْمِهِ (3).
339وَ قَالَ : مَا بَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى نَبِيّاً قَطُّ حَتَّى يَسْتَرْعِيَهُ اَلْغَنَمَ يُعَلِّمُهُ بِذَلِكَ رِعَايَةَ اَلنَّاسِ وَ حُقُوقَهُمْ (4).
338وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنِ اِبْنِ اَلْوَلِيدِ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ قَالَ سَمِعْتُ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَمْ يَبْقَ مِنْ أَمْثَالِ اَلْأَنْبِيَاءِ اَلْمُتَقَدِّمِينَ إِلاَّ قَوْلُهُمْ إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ (5).
339وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ أَشَدَّ اَلنَّاسِ بَلاَءً اَلْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ اَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ اَلْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ (6).
340وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْخَطَّابِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ نَبِيّاً مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ
ص: 278
عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ حَمِدَ اَللَّهَ بِهَذِهِ اَلْمَحَامِدِ فَأَوْحَى اَللَّهُ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ إِلَيْهِ لَقَدْ شَغَلْتَ اَلْكَاتِبِينَ قَالَ اَللَّهُمَّ لَكَ اَلْحَمْدُ كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ كَمَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُحْمَدَ وَ كَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِكَ وَ عِزِّ جَلاَلِكَ (1).
341وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطِيَّةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَقُولُ : إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَحَبَّ لِأَنْبِيَائِهِ مِنَ اَلْأَعْمَالِ اَلْحَرْثَ وَ اَلرَّعْيَ لِئَلاَّ يَكْرَهُوا شَيْئاً مِنْ قَطْرِ اَلسَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ صَلَّى بِمَكَّةَ تِسْعُ مِائَةِ نَبِيٍّ (2).
342وَ عَنِ اَلصَّفَّارِ عَنِ اَلْعَبَّاسِ بْنِ مَعْرُوفٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ اَلنَّوْفَلِيِّ عَنِ اَلسَّكُونِيِّ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : أَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ لاَ تَلْبَسُوا لِبَاسَ أَعْدَائِي وَ لاَ تَطْعَمُوا مَطَاعِمَ أَعْدَائِي وَ لاَ تَسْلُكُوا مَسَالِكَ أَعْدَائِي فَتَكُونُوا أَعْدَائِي كَمَا هُمْ أَعْدَائِي(3).
343وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَسْبَاطٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ اَلْقَطَّانُ حَدَّثَنَا أَبُو اَلطَّيِّبِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِنَّ نَبِيّاً مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ بُعِثَ إِلَى قَوْمِهِ فَبَقِيَ فِيهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً فَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَ كَانَ لَهُمْ عِيدٌ فِي كَنِيسَةٍ لَهُمْ فَأَتْبَعَهُمُ اَلنَّبِيُّ فَقَالَ لَهُمْ آمِنُوا بِاللَّهِ قَالُوا إِنْ كُنْتَ نَبِيّاً فَادْعُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَجِيئَنَا بِطَعَامٍ عَلَى أَلْوَانِ ثِيَابِنَا وَ كَانَتْ ثِيَابُهُمْ صَفْرَاءَ فَجَاءَ بِخَشَبَةٍ يَابِسَةٍ فَدَعَا اَللَّهَ فَاخْضَرَّتْ وَ أَيْنَعَتْ وَ جَاءَتْ بِالْمِشْمِشِ حَمْلاً فَأَكَلُوهُ فَكُلُّ مَنْ أَكَلَ وَ نَوَى أَنْ
ص: 279
يُسْلِمَ عَلَى يَدِ ذَلِكَ اَلنَّبِيِّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ خَرَجَ مَا فِي اَلنَّوَى مِنْ فِيهِ حُلْواً وَ كُلُّ مَنْ نَوَى أَنْ لاَ يُؤْمِنَ خَرَجَ مَا فِي جَوْفِ اَلنَّوَى مُرّاً(1).
434 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ اَلصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اَللَّهِ بْنُ مُوسَى اَلْخَبَّازُ اَلطَّبَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَلْخَشَّابُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِحْصَنٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَلْقَانِي غَداً فِي حَظِيرَةِ اَلْقُدْسِ فَكُنْ فِي اَلدُّنْيَا وَحِيداً غَرِيباً مَهْمُوماً مَحْزُوناً مُسْتَوْحِشاً مِنَ اَلنَّاسِ بِمَنْزِلَةِ اَلطَّيْرِ اَلْوَاحِدِ فَإِذَا كَانَ اَللَّيْلُ أَوَى وَحْدَهُ وَ اِسْتَوْحَشَ مِنَ اَلطُّيُورِ وَ اِسْتَأْنَسَ بِرَبِّهِ (2). و الله الموفق إلى سبيل الرشاد
ص: 280
345 وَ بِالْإِسْنَادِ اَلصَّحِيحِ عَنِ اَلْمَخْزُومِ بْنِ هِلاَلٍ اَلْمَخْزُومِيِّ (1) عَنْ أَبِيهِ وَ قَدْ أَتَى عَلَيْهِ مِائَةٌ وَ خَمْسُونَ سَنَةً قَالَ : لَمَّا كَانَتِ اَللَّيْلَةُ اَلَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِرْتَجَسَ إِيْوَانُ كِسْرَى فَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً وَ خَمَدَتْ نِيرَانُ فَارِسَ وَ لَمْ تَخْمُدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ عَامٍ وَ غَاضَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةَ وَ رَأَى اَلْمُؤْبَذَانُ فِي اَلنَّوْمِ إِبِلاً صِعَاباً تَقُودُ خَيْلاً عِرَاباً قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ فَانْتَشَرَتْ فِي بِلاَدِهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ كِسْرَى رَاعَهُ (2) ذَلِكَ وَ أَفْزَعَهُ وَ تَصَبَّرَ عَلَيْهِ تَشَجُّعاً ثُمَّ رَأَى أَنْ لاَ يَدَّخِرَ ذَلِكَ عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَ وُزَرَائِهِ وَ مَرَازِبِهِ فَجَمَعَهُمْ وَ أَخْبَرَهُمْ بِمَا هَالَهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا أَتَاهُمْ [كِتَابٌ ] بِخُمُودِ نَارِ فَارِسَ فَقَالَ اَلْمُؤْبَذَانُ وَ أَنَا رَأَيْتُ رُؤْيَا وَ قَصَّ رُؤْيَاهُ فِي اَلْإِبِلِ فَقَالَ أَيَّ شَيْ ءٍ يَكُونُ هَذَا يَا مُؤْبَذَانُ قَالَ حَدَثٌ يَكُونُ مِنْ نَاحِيَةِ اَلْعَرَبِ فَكَتَبَ عِنْدَ ذَلِكَ كِسْرَى إِلَى اَلنُّعْمَانِ بْنِ اَلْمُنْذِرِ مَلِكِ اَلْعَرَبِ أَمَّا بَعْدَ فَوَجِّهْ إِلَيَّ بِرَجُلٍ عَالِمٍ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ فَوَجَّهَ إِلَيْهِ بِعَبْدِ اَلْمَسِيحِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلَةَ اَلْغَسَّانِيِّ (3) فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ مَا رَأَى فَقَالَ عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ خَالٍ (4) لِي يَسْكُنُ مَشَارِقَ اَلشَّامِ يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ فَقَالَ اِذْهَبْ إِلَيْهِ فَاسْأَلْهُ وَ اِئْتِنِي بِتَأْوِيلِ مَا عِنْدَهُ فَنَهَضَ عَبْدُ اَلْمَسِيحِ حَتَّى قَدِمَ
ص: 281
عَلَى سَطِيحٍ وَ قَدْ أَشْفَى عَلَى اَلْمَوْتِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُحِرْ جَوَاباً ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اَلْمَسِيحِ عَلَى جَمَلٍ مُشِيحٍ (1) أَتَى إِلَى سَطِيحٍ وَ قَدْ أَوْفَى عَلَى اَلضَّرِيحِ (2) بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ لاِرْتِجَاسِ اَلْإِيْوَانِ وَ خُمُودِ اَلنِّيرَانِ وَ رُؤْيَا اَلْمُؤْبَذَانِ رَأَى إِبِلاً صِعَاباً تَقُودُ خَيْلاً عِرَاباً قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ وَ اِنْتَشَرَتْ فِي بِلاَدِهَا فَقَالَ يَا عَبْدَ اَلْمَسِيحِ إِذَا كَثُرَتِ اَلتِّلاَوَةُ وَ ظَهَرَ صَاحِبُ اَلْهِرَاوَةِ وَ فَاضَ وَادِي اَلسَّمَاوَةِ وَ غَاضَتْ (3)بُحَيْرَةُ سَاوَةَ وَ خَمَدَتْ نَارُ(4)فَارِسَ فَلَيْسَ اَلشَّامُ لِسَطِيحٍ شَاماً يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَ مَلِكَاتٌ عَلَى عَدَدِ اَلشُّرُفَاتِ وَ كُلُّمَا هُوَ آتٍ آتٍ ثُمَّ قَضَى سَطِيحٌ مَكَانَهُ فَنَهَضَ عَبْدُ اَلْمَسِيحِ وَ قَدِمَ عَلَى كِسْرَى وَ أَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ سَطِيحٌ فَقَالَ إِلَى أَنْ يَمْلِكَ مِنَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكاً كَانَتْ أُمُورٌ فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ وَ اَلْبَاقُونَ إِلَى إِمَارَةِ عُثْمَانَ (5) .
346وَ ذَكَرَ اِبْنُ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِ كَمَالِ اَلدِّينِ : أَنَّ فِي اَلْإِنْجِيلِ إِنِّي أَنَا اَللّٰهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنَا اَلدَّائِمُ اَلَّذِي لاَ أَزُولُ صَدِّقُوا اَلنَّبِيَّ اَلْأُمِّيَّ صَاحِبَ اَلْجَمَلِ وَ اَلْمِدْرَعَةِ اَلْأَكْحَلَ اَلْعَيْنَيْنِ اَلْوَاضِحَ اَلْخَدَّيْنِ فِي وَجْهِهِ نُورٌ كَاللُّؤْلُؤِ وَ رِيحُ اَلْمِسْكِ يَنْفُخُ [يَنْفَحُ ] مِنْهُ لَمْ يُرَ قَبْلَهُ مِثْلُهُ وَ لاَ بَعْدَهُ طَيِّبُ اَلرِّيحِ نَكَّاحُ اَلنِّسَاءِ ذُو اَلنَّسْلِ اَلْقَلِيلِ إِنَّمَا نَسْلُهُ مِنْ مُبَارَكَةٍ لَهَا بَيْتٌ فِي اَلْجَنَّةِ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَ لاَ نَصَبَ يَكْفُلُهَا فِي آخِرِ اَلزَّمَانِ كَمَا كَفَلَ زَكَرِيَّا أُمَّكَ لَهَا فَرْخَانِ مُسْتَشْهَدَانِ كَلاَمُهُ اَلْقُرْآنُ وَ دِينُهُ اَلْإِسْلاَمُ وَ أَنَا اَلسَّلاَمُ طُوبَى لِمَنْ أَدْرَكَ زَمَانَهُ وَ شَهِدَ أَيَّامَهُ وَ سَمِعَ كَلاَمَهُ فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَبِّي وَ مَا طُوبَى قَالَ شَجَرَةٌ فِي اَلْجَنَّةِ أَنَا غَرَسْتُهَا بِيَدِي تُظِلُّ اَلْأَخْيَارَ أَصْلُهَا مِنْ رِضْوَانٍ مَاؤُهَا مِنْ تَسْنِيمٍ بَرْدُهَا بَرْدُ اَلْكَافُورِ وَ طَعْمُهُ طَعْمُ اَلزَّنْجَبِيلِ مَنْ يَشْرَبْ مِنْ تِلْكَ اَلْعَيْنِ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا أَبَداً
ص: 282
فَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَللَّهُمَّ اِسْقِنِي مِنْهَا قَالَ حَرَامٌ هِيَ يَا عِيسَى أَنْ يَشْرَبَ أَحَدٌ مِنَ اَلنَّبِيِّينَ مِنْهَا حَتَّى يَشْرَبَ اَلنَّبِيُّ اَلْأُمِّيُّ وَ حَرَامٌ عَلَى اَلْأُمَمِ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْهَا حَتَّى تَشْرَبَ أُمَّةُ ذَلِكَ اَلنَّبِيِّ أَرْفَعُكَ إِلَيَّ ثُمَّ أُهْبِطُكَ آخِرَ اَلزَّمَانِ فَتَرَى مِنْ أُمَّةِ ذَلِكَ اَلنَّبِيِّ اَلْعَجَائِبَ وَ لِتُعِينَهُمْ عَلَى اَللَّعِينِ اَلدَّجَّالِ أُهْبِطُكَ فِي وَقْتِ اَلصَّلاَةِ لِتُصَلِّيَ مَعَهُمْ إِنَّهُمْ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ (1).
347 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ اَلْيَعْقُوبِيِّ عَنْ عَبْدِ اَلْأَعْلَى مَوْلَى آلِ سَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : أَتَى رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَهُودِيٌّ يُقَالُ لَهُ سُبُحْتُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَسْأَلُكَ عَنْ رَبِّكَ فَإِنْ أَجَبْتَنِي عَمَّا أَسْأَلُكَ عَنْهُ اِتَّبَعْتُكَ وَ إِلاَّ رَجَعْتُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَقَالَ أَيْنَ رَبُّكَ قَالَ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَ لَيْسَ هُوَ فِي شَيْ ءٍ مِنَ اَلْمَكَانِ بِمَحْدُودٍ قَالَ فَكَيْفَ هُوَ قَالَ فَكَيْفَ أَصِفُ رَبِّي بِالْكَيْفِ وَ اَلْكَيْفُ مَخْلُوقٌ وَ اَللَّهُ لاَ يُوصَفُ بِخَلْقِهِ قَالَ فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ أَنَّكَ نَبِيٌّ قَالَ مَا بَقِيَ حَجَرٌ وَ لاَ مَدَرٌ وَ لاَ غَيْرُ ذَلِكَ إِلاَّ قَالَ بِلِسٰانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ يَا سُبُحْتُ إِنَّهُ رَسُولُ اَللَّهِ فَقَالَ سُبُحْتُ تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ (2) .
348 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ اَلْفَارَابِيُّ (3) حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رُمَيْحٍ اَلْقَسْرِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ اَلْعَسَلِيُّ بِقُهِسْتَانَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْعَلِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ : قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ
ص: 283
عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مَنِ اَلَّذِي حَضَرَ سُبُحْتَ اَلْيَهُودِيَّ اَلْفَارِسِيَّ وَ هُوَ يُكَلِّمُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ اَلْقَوْمُ مَا حَضَرَ(1) مِنَّا أَحَدٌ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَكِنِّي كُنْتُ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ جَاءَهُ سُبُحْتُ وَ كَانَ رَجُلاً مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ وَ كَانَ ذَرِباً(2) فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَيْنَ اَللَّهُ قَالَ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَ رَبُّنَا لاَ يُوصَفُ بِمَكَانٍ وَ لاَ يَزُولُ بَلْ لَمْ يَزَلْ بِلاَ مَكَانٍ وَ لاَ يَزَالُ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ لَتَصِفُ رَبّاً عَلِيماً عَظِيماً بِلاَ كَيْفٍ فَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ أَنَّهُ أَرْسَلَكَ فَلَمْ يَبْقَ بِحَضْرَتِنَا ذَلِكَ اَلْيَوْمَ حَجَرٌ وَ لاَ مَدَرٌ وَ لاَ جَبَلٌ وَ لاَ شَجَرٌ إِلاَّ قَالَ مَكَانَهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ قُلْتُ لَهُ أَيْضاً أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ هَذَا قَالَ هُوَ خَيْرُ أَهْلِي وَ أَقْرَبُ اَلْخَلْقِ مِنِّي لَحْمُهُ مِنْ لَحْمِي وَ دَمُهُ مِنْ دَمِي وَ رُوحُهُ مِنْ رُوحِي وَ هُوَ اَلْوَزِيرُ مِنِّي فِي حَيَاتِي وَ اَلْخَلِيفَةُ بَعْدَ وَفَاتِي كَمَا كَانَ هَارُونُ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي فَاسْمَعْ لَهُ وَ أَطِعْ فَإِنَّهُ عَلَى اَلْحَقِّ ثُمَّ سَمَّاهُ عَبْدَ اَللَّهِ (3) .
349 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَامِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحَسَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنَا اَللَّيْثُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ اِبْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِمَرِّ اَلظَّهْرَانِ يَرْعَى اَلْكِبَاشَ (4) وَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُهُ قَالُوا نَرْعَى اَلْغَنَمَ قَالَ نَعَمْ وَ هَلْ نَبِيٌّ إِلاَّ رَعَاهَا (5) .
ص: 284
350 وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ سَيْفِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ عَمَّارٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ سَمَّاهُ عَنْ آبَائِهِ قَالَ قَالَ عَمَّارٌ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ : كُنْتُ أَرْعَى غُنَيْمَةَ أَهْلِي وَ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَرْعَى أَيْضاً فَقُلْتُ يَا مُحَمَّدُ هَلْ لَكَ فِي فَخٍّ (1) فَإِنِّي تَرَكْتُهَا رَوْضَةَ بَرَقٍ (2) قَالَ نَعَمْ فَجِئْتُهَا مِنَ اَلْغَدِ وَ قَدْ سَبَقَنِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ قَائِمٌ يَذُودُ غَنَمَهُ عَنِ اَلرَّوْضَةِ قَالَ إِنِّي كُنْتُ وَاعَدْتُكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أَرْعَى قَبْلَكَ (3) .
351وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمَّادٍ اَلْبَغْدَادِيُّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبَّادٍ اَلْمَرِيسِيِّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ (4) بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلسَّلْمَانِيِّ عَنْ حَبَشِ (5) بْنِ اَلْمُعْتَمِرِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : دَعَانِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَوَجَّهَنِي إِلَى اَلْيَمَنِ لِأُصْلِحَ بَيْنَهُمْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّهُمْ قَوْمٌ كَثِيرٌ وَ لَهُمْ سِنٌّ وَ أَنَا شَابٌّ حَدَثٌ فَقَالَ يَا عَلِيُّ إِذَا صِرْتَ بِأَعْلَى عَقَبَةِ أَفِيقٍ فَنَادِ بِأَعْلَى صَوْتِكَ يَا شَجَرُ يَا مَدَرُ يَا ثَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ يُقْرِئُكُمُ اَلسَّلاَمَ قَالَ فَذَهَبْتُ فَلَمَّا صِرْتُ بِأَعْلَى اَلْعَقَبَةِ أَشْرَفْتُ عَلَى أَهْلِ اَلْيَمَنِ فَإِذَا هُمْ بِأَسْرِهِمْ يُقْبِلُونَ نَحْوِي شَاهِرُونَ سِلاَحَهُمْ مُسْتَوُونَ أَسِنَّتَهُمْ مُتَنَكِّبُونَ قِسِيَّهُمْ فَنَادَيْتُ (6) بِأَعْلَى صَوْتِي يَا شَجَرُ يَا مَدَرُ يَا ثَرَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ يُقْرِئُكُمُ اَلسَّلاَمَ قَالَ فَلَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَ لاَ مَدَرٌ وَ لاَ ثَرَى إِلاَّ اِرْتَجَّ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ وَ عَلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اَللَّهِ اَلسَّلاَمُ فَاضْطَرَبَتْ قَوَائِمُ اَلْقَوْمِ وَ اِرْتَعَدَتْ رُكَبُهُمْ وَ وَقَعَ اَلسِّلاَحُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَ أَقْبَلُوا إِلَيَّ مُسْرِعِينَ
ص: 285
فَأَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ وَ اِنْصَرَفْتُ (1).
352 وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ (2) بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْوَفِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ اَلنَّخَعِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ اَلْحَكَمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : بَعَثَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلِيّاً إِلَى اَلْيَمَنِ فَانْفَلَتَ فَرَسٌ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ فَنَفَحَ رَجُلاً فَقَتَلَهُ فَأَخَذَهُ أَوْلِيَاؤُهُ وَ رَفَعُوهُ إِلَى عَلِيٍّ فَأَقَامَ صَاحِبُ اَلْفَرَسِ اَلْبَيِّنَةَ أَنَّ اَلْفَرَسَ اِنْفَلَتَ مِنْ دَارِهِ فَنَفَحَ (3) اَلرَّجُلَ بِرِجْلِهِ فَأَبْطَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ دَمَ اَلرَّجُلِ فَجَاءَ أَوْلِيَاءُ اَلْمَقْتُولِ مِنَ اَلْيَمَنِ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَشْكُونَ عَلِيّاً فِيمَا حَكَمَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا إِنَّ عَلِيّاً ظَلَمَنَا وَ أَبْطَلَ دَمَ صَاحِبِنَا فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ وَ لَمْ يُخْلَقْ عَلِيٌّ لِلظُّلْمِ وَ إِنَّ اَلْوَلاَيَةَ مِنْ بَعْدِي لِعَلِيٍّ وَ اَلْحُكْمَ حُكْمُهُ وَ اَلْقَوْلَ قَوْلُهُ لاَ يَرُدُّ حُكْمَهُ وَ قَوْلَهُ وَ وَلاَيَتَهُ إِلاَّ كَافِرٌ وَ لاَ يَرْضَى بِحُكْمِهِ وَ وَلاَيَتِهِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ فَلَمَّا سَمِعَ اَلنَّاسُ قَوْلَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ رَضِينَا بِقَوْلِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ حُكْمِهِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هُوَ تَوْبَتُكُمْ مِمَّا قُلْتُمْ (4) .
353 وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَلْجَبَّارِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْكُوفِيُّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا اِنْتَهَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلرُّكْنِ اَلْغَرْبِيِّ فَجَازَهُ فَقَالَ لَهُ اَلرُّكْنُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَ لَسْتُ قَعِيداً مِنْ قَوَاعِدِ بَيْتِ رَبِّكَ فَمَا بَالِي لاَ أُسْتَلَمُ فَدَنَا مِنْهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لَهُ اُسْكُنْ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ غَيْرَ مَهْجُورٍ وَ دَخَلَ حَائِطاً فَنَادَتْهُ اَلْعَرَاجِينُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
ص: 286
اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَقُولُ خُذْ مِنِّي فَأَكَلَ وَ دَنَا مِنَ اَلْعَجْوَةِ فَسَجَدَتْ فَقَالَ اَللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَيْهَا وَ اِنْفَعْ بِهَا فَمِنْ ثَمَّ رُوِيَ أَنَّ اَلْعَجْوَةَ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَراً بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ اَلْآنَ وَ لَمْ يَكُنْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَمُرُّ(1) فِي طَرِيقٍ يَتْبَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ عَرَفَ أَنَّهُ سَلَكَهُ مِنْ طِيبِ عَرَقِهِ (2) وَ لَمْ يَكُنْ يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَ لاَ شَجَرٍ إِلاَّ سَجَدَ لَهُ (3) .
354 وَ قَالَ سَعْدٌ(4) حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ اَلْخَشَّابِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَسَّانَ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ كَثِيرٍ اَلْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِداً إِذْ مَرَّ بِهِ بَعِيرٌ فَبَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ رَغَا فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَ يَسْجُدُ لَكَ هَذَا اَلْجَمَلُ فَإِنْ سَجَدَ لَكَ فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَفْعَلَ فَقَالَ لاَ بَلِ اُسْجُدُوا لِلَّهِ وَ اَللَّهِ إِنَّ هَذَا اَلْجَمَلَ يَشْكُو أَرْبَابَهُ وَ يَزْعُمُ أَنَّهُمْ أَنْتَجُوهُ صَغِيراً وَ اِعْتَمَلُوهُ فَلَمَّا كَبِرَ وَ صَارَ أَعْوَنَ (5) كَبِيراً ضَعِيفاً أَرَادُوا نَحْرَهُ وَ لَوْ أَمَرْتُ أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ اَلْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثَلاَثَةٌ مِنَ اَلْبَهَائِمِ أَنْطَقَهُنَّ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَهْدِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْجَمَلُ وَ كَلاَمُهُ اَلَّذِي سَمِعْتَ وَ اَلذِّئْبُ فَجَاءَ إِلَى اَلنَّبِيِّ فَشَكَا إِلَيْهِ اَلْجُوعَ فَدَعَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَصْحَابَ اَلْغَنَمِ فَقَالَ اُفْرُضُوا لِلذِّئْبِ شَيْئاً فَشَحُّوا فَذَهَبَ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ اَلثَّانِيَةَ فَشَكَا اَلْجُوعَ فَدَعَاهُمْ فَشَحُّوا ثُمَّ جَاءَ اَلثَّالِثَةَ فَشَكَا اَلْجُوعَ فَدَعَاهُمْ فَشَحُّوا فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِخْتَلِسْ وَ لَوْ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَرَضَ لِلذِّئْبِ شَيْئاً مَا زَادَ اَلذِّئْبُ عَلَيْهِ شَيْئاً حَتَّى تَقُومَ اَلسَّاعَةُ وَ أَمَّا اَلْبَقَرَةُ فَإِنَّهَا آذَنَتْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ دَلَّتْ عَلَيْهِ وَ كَانَتْ فِي نَخْلٍ لِبَنِي
ص: 287
سَالِمٍ مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَقَالَتْ يَا آلَ ذَرِيحٍ عَمَلٌ نَجِيحٌ صَائِحٌ يَصِيحُ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ فَصِيحٍ بِأَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ رَبُّ اَلْعَالَمِينَ وَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ سَيِّدُ اَلنَّبِيِّينَ وَ عَلِيٌّ وَصِيُّهُ سَيِّدُ اَلْوَصِيِّينَ (1) .
355 وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلذِّئَابَ جَاءَتْ إِلَى اَلنَّبِيِّ تَطْلُبُ أَرْزَاقَهَا فَقَالَ لِأَصْحَابِ اَلْغَنَمِ إِنْ شِئْتُمْ صَالَحْتُهَا عَلَى شَيْ ءٍ تُخْرِجُوهُ إِلَيْهَا وَ لاَ تَرْزَأُ(2) مِنْ أَمْوَالِكُمْ شَيْئاً وَ إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُمُوهَا تَعْدُو وَ عَلَيْكُمْ حِفْظُ أَمْوَالِكُمْ قَالُوا بَلْ نَتْرُكُهَا كَمَا هِيَ تُصِيبُ مِنَّا مَا أَصَابَتْ وَ نَمْنَعُهَا مَا اِسْتَطَعْنَا (3) .
356 وَ قَالَ سَعْدٌ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْحَجَّالُ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَللُّؤْلُؤِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي اَلْجَارُودِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ جَابِرٍ(4) قَالَ : كُنَّا عِنْدَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذْ أَقْبَلَ بَعِيرٌ حَتَّى بَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ رَغَا وَ سَالَتْ دُمُوعُهُ فَقَالَ لِمَنْ هَذَا اَلْبَعِيرُ قَالُوا لِفُلاَنٍ قَالَ هَاتُوهُ فَجَاءَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ بَعِيرَكُمْ هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ رَبَّى صَغِيرَكُمْ وَ كَدَّ عَلَى كَبِيرِهِمْ [كَبِيرِكُمْ ] ثُمَّ أَرَدْتُمْ أَنْ تَنْحَرُوهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ لَنَا وَلِيمَةٌ فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْحَرَهُ قَالَ فَدَعُوهُ لِي فَتَرَكُوهُ فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَانَ يَأْتِي دُورَ اَلْأَنْصَارِ مِثْلَ اَلسَّائِلِ يُشْرِفُ عَلَى اَلْحُجَرِ وَ كَانَ اَلْعَوَاتِقُ يَجْبِينَ لَهُ اَلْعَلَفَ حَتَّى يَجِيءَ فَيَقُلْنَ عَتِيقُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَمِنَ حَتَّى تَضَايَقَ فَامْتَلَأَ جِلْدُهُ (5) .
357 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْقَاسِمِ اَلْأَسْتَرْآبَادِيُّ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجٰارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (6) قَالَ يَقُولُ اَللَّهُ يَبِسَتْ مِنَ
ص: 288
اَلْخَيْرِ قُلُوبُكُمْ مَعَاشِرَ اَلْيَهُودِ فِي زَمَانِ مُوسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ مِنَ اَلْآيَاتِ وَ اَلْمُعْجِزَاتِ اَلَّتِي شَاهَدْتُمُوهَا مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ - فَهِيَ كَالْحِجٰارَةِ اَلْيَابِسَةِ لاَ تَرْشَحُ بِرُطُوبَةٍ أَيْ إِنَّكُمْ لاَ حَقَّ لِلَّهِ تُؤَدُّونَ وَ لاَ مَكْرُوباً تُغِيثُونَ وَ لاَ بِشَيْ ءٍ مِنَ اَلْإِنْسَانِيَّةِ تُعَاشِرُونَ وَ تُعَامِلُونَ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً أَبْهَمَ عَلَى اَلسَّامِعِينَ وَ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ كَمَا يَقُولُ اَلْقَائِلُ أَكَلْتُ خُبْزاً أَوْ لَحْماً وَ هُوَ لاَ يُرِيدُ بِهِ أَنِّي لاَ أَدْرِي مَا أَكَلْتُ بَلْ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يُبْهِمَ عَلَى اَلسَّامِعِينَ حَتَّى لاَ يُعْلَمَ مَا ذَا أَكَلَ وَ إِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ أَكَلَ أَيَّهُمَا وَ إِنَّ مِنَ اَلْحِجٰارَةِ لَمٰا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ اَلْأَنْهٰارُ فَيَجِيءُ بِالْخَيْرِ وَ اَلْغِيَاثِ لِبَنِي آدَمَ وَ إِنَّ مِنْهٰا أَيْ مِنَ اَلْحِجَارَةِ مَا يَشَّقَّقُ فَيَقْطُرُ مِنْهُ اَلْمَاءُ دُونَ اَلْأَنْهَارِ وَ قُلُوبُكُمْ لاَ يَجِيءُ مِنْهَا اَلْكَثِيرُ مِنَ اَلْخَيْرِ وَ لاَ اَلْقَلِيلُ وَ مِنَ اَلْحِجَارَةِ إِنْ أُقْسِمُ عَلَيْهَا بِاسْمِ اَللَّهِ تَهْبِطُ وَ لَيْسَ فِي قُلُوبِكُمْ شَيْ ءٌ مِنْهُ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ زَعَمْتَ أَنَّ اَلْحِجَارَةَ أَلْيَنُ مِنْ قُلُوبِنَا وَ هَذِهِ اَلْجِبَالُ بِحَضْرَتِنَا فَاسْتَشْهِدْهَا عَلَى تَصْدِيقِكَ فَإِنْ نَطَقَتْ بِتَصْدِيقِكَ فَأَنْتَ اَلْمُحِقُّ فَخَرَجُوا إِلَى أَوْعَرِ جَبَلٍ فَقَالُوا اِسْتَشْهِدْهُ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَسْأَلُكَ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ اَلَّذِينَ بِذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ خَفَّفَ اَللَّهُ اَلْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلِ ثَمَانِيَةٍ مِنْ مَلاَئِكَتِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى تَحْرِيكِهِ فَتَحَرَّكَ اَلْجَبَلُ وَ فَاضَ اَلْمَاءُ وَ نَادَى أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ وَ أَنَّ هَؤُلاَءِ اَلْيَهُودَ كَمَا وَصَفْتَ أَقْسَى مِنَ اَلْحِجَارَةِ فَقَالَتِ اَلْيَهُودُ أَ عَلَيْنَا تُلَبِّسُ أَجْلَسْتَ أَصْحَابَكَ خَلْفَ هَذَا اَلْجَبَلِ يَنْطِقُونَ بِمِثْلِ هَذَا فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً فَتَنَحَّ مِنْ مَوْضِعِكَ هَذَا إِلَى ذَلِكَ اَلْقَرَارِ وَ مُرْ هَذَا اَلْجَبَلَ يَسِيرُ إِلَيْكَ وَ مُرْهُ أَنْ يَتَقَطَّعَ نِصْفَيْنِ تَرْتَفِعُ اَلسُّفْلَى وَ تَنْخَفِضُ اَلْعُلْيَا فَأَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى حَجَرٍ فَتَدَحْرَجَ ثُمَّ قَالَ لِمُخَاطَبِهِ خُذْهُ وَ قَرِّبْهُ فَسَيُعِيدُ عَلَيْكَ مَا سَمِعْتَ فَإِنَّ هَذَا مِنْ ذَلِكَ اَلْجَبَلِ فَأَخَذَهُ اَلرَّجُلُ فَأَدْنَاهُ إِلَى أُذُنِهِ فَنَطَقَ اَلْحَجَرُ مِثْلَ مَا نَطَقَ بِهِ اَلْجَبَلُ قَالَ فَأْتِنِي بِمَا اِقْتَرَحْتَ فَتَبَاعَدَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى فَضَاءٍ وَاسِعٍ ثُمَّ نَادَى أَيُّهَا اَلْجَبَلُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ اَلطَّيِّبِينَ لَمَّا اِقْتَلَعْتَ مِنْ مَكَانِكَ بِإِذْنِ اَللَّهِ تَعَالَى وَ جِئْتَ إِلَى حَضْرَتِي فَنَزَلَ اَلْجَبَلُ وَ صَارَ كَالْفَرَسِ اَلْهِمْلاَجِ (1) وَ نَادَى هَا أَنَا سَامِعٌ وَ مُطِيعٌ مُرْنِي فَقَالَ هَؤُلاَءِ اِقْتَرَحُوا عَلَيَّ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تَتَقَطَّعَ مِنْ أَصْلِكَ فَتَصِيرَ نِصْفَيْنِ ثُمَّ يَنْحَطَّ أَعْلاَكَ وَ يَرْتَفِعَ أَسْفَلُكَ فَتَقَطَّعَ نِصْفَيْنِ وَ اِرْتَفَعَ
ص: 289
أَسْفَلُهُ وَ صَارَ فَرْعُهُ أَصْلَهُ ثُمَّ نَادَى اَلْجَبَلُ مَعَاشِرَ اَلْيَهُودِ أَ هَذَا اَلَّذِي تَرَوْنَ دُونَ مُعْجِزَاتِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ بِهِ تُؤْمِنُونَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ هَذَا رَجُلٌ مَبْخُوتٌ تَتَأَتَّى لَهُ اَلْعَجَائِبُ فَنَادَى اَلْجَبَلُ يَا أَعْدَاءَ اَللَّهِ أَبْطَلْتُمْ بِمَا تَقُولُونَ نُبُوَّةَ مُوسَى هَلاَّ قُلْتُمْ لِمُوسَى إِنَّ وُقُوفَ اَلْجَبَلِ فَوْقَهُمْ كَالظُّلَّةِ لِأَنَّ جَدَّكَ يَأْتِيكَ بِالْعَجَائِبِ وَ لَزِمَتْهُمُ اَلْحُجَّةُ وَ مَا أَسْلَمُوا (1) .
358 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْفَضْلِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ اَللِّيفِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ يَعْنِي اِبْنَ فُدَيْكٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَعْفَرٍ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءِ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ فَبَعَثَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي حَاجَةٍ فَرَجَعَ وَ قَدْ صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ اَلْعَصْرَ وَ لَمْ يُصَلِّ عَلِيٌّ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حَجْرِ عَلِيٍّ حَتَّى غَرَبَتِ اَلشَّمْسُ فَلَمَّا اِسْتَيْقَظَ قَالَ عَلِيٌّ إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ اَلْعَصْرَ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ عَلِيٌّ حَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى نَبِيِّكَ فَرُدَّ لَهُ اَلشَّمْسَ فَطَلَعَتِ اَلشَّمْسُ حَتَّى اِرْتَفَعَتْ عَلَى اَلْحِيطَانِ وَ اَلْأَرْضِ حَتَّى صَلَّى أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ غَرَبَتِ اَلشَّمْسُ فَقَالَتْ أَسْمَاءُ وَ ذَلِكَ بِالصَّهْبَاءِ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَ إِنَّ عَلِيّاً لَعَلَّهُ صَلَّى إِيمَاءً قَبْلَ ذَلِكَ أَيْضاً(2) فَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ
إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ *** رُدَّتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ فِي اَلْمَغْرِبِ
رُدَّتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ فِي ضَوْئِهَا *** عَصْراً كَأَنَّ اَلشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ (3) .
359 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ اَلْبَغْدَادِيُّ عَنْ عَمْرِو
ص: 290
بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارٍ اَلسَّابَاطِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا وَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقُ مَسْجِدَ اَلْفَضِيحِ فَقَالَ لِي يَا عَمَّارُ تَرَى هَذِهِ اَلْوَهْدَةَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ كَانَتِ اِمْرَأَةُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ اَلَّتِي خَلَفَ عَلَيْهَا أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَاعِدَةً فِي هَذَا اَلْمَوْضِعِ وَ مَعَهَا اِبْنَتُهَا مِنْ جَعْفَرٍ فَبَكَتْ فَقَالَتْ لَهَا اِبْنَتُهَا مَا يُبْكِيكِ يَا أُمَّاهْ قَالَتْ بَكَيْتُ لِأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ إِذْ وَضَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي هَذَا اَلْمَسْجِدِ رَأْسَهُ فِي حَجْرِهِ حَتَّى خَفَقَ فَغَطَّ فَانْتَبَهَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ يَا عَلِيُّ مَا صَلَّيْتَ صَلاَةَ اَلْعَصْرِ فَقَالَ كَرِهْتُ أَنْ أُؤْذِيَكَ فَأُحَرِّكَ رَأْسَكَ عَنْ فَخِذِي فَرَفَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَدَيْهِ وَ قَالَ اَللَّهُمَّ رُدَّ اَلشَّمْسَ إِلَى وَقْتِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ عَلِيٌّ فَرَجَعَتِ اَلشَّمْسُ حَتَّى صَلَّى اَلْعَصْرَ ثُمَّ اِنْقَضَّتْ اِنْقِضَاضَ اَلْكَوَاكِبِ (1)لم يذكر في البحار و لا غيره من المجامع للآثار.(2) .
360 وَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ : لَمَّا رُدَّتِ اَلشَّمْسُ عَلَى عَلِيٍّ بِالصَّهْبَاءِ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَا إِنَّهَا سَتُرَدُّ لَكَ بَعْدِي حُجَّةً عَلَى أَهْلِ خِلاَفِكَ (2) .
ص: 291
361 وَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى حَدَّثَنَا اَلْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْقَزْوِينِيِّ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ اَلْمُخْتَارِ اَلْقَلاَنِسِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ عَبْدِ اَلْوَاحِدِ بْنِ اَلْمُخْتَارِ اَلْأَنْصَارِيِّ عَنْ أُمِّ اَلْمِقْدَامِ اَلثَّقَفِيَّةِ قَالَتْ قَالَ لِي جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ: قَطَعْنَا مَعَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ جِسْرَ اَلْفُرَاتِ فِي وَقْتِ اَلْعَصْرِ فَقَالَ هَذِهِ أَرْضٌ لاَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ وَ لاَ وَصِيِّ نَبِيٍّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ فَتَفَرَّقَ اَلنَّاسُ يَمْنَةً وَ يَسْرَةً يُصَلُّونَ وَ قُلْتُ أَنَا لاَ أُصَلِّي حَتَّى أُصَلِّيَ مَعَهُ فَسِرْنَا وَ جَعَلَتِ اَلشَّمْسُ تَسْفُلُ وَ جَعَلَ يُدْخِلُنِي مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ حَتَّى وَجَبَتِ اَلشَّمْسُ وَ قَطَعْنَا اَلْأَرْضَ فَقَالَ يَا جُوَيْرِيَةُ أَذِّنْ فَقُلْتُ يَقُولُ أَذِّنْ وَ قَدْ غَابَتِ اَلشَّمْسُ قَالَ أَذِّنْ فَأَذَّنْتُ ثُمَّ قَالَ لِي أَقِمْ فَأَقَمْتُ فَلَمَّا قُلْتُ قَدْ قَامَتِ اَلصَّلاَةُ رَأَيْتُ شَفَتَيْهِ يَتَحَرَّكَانِ وَ سَمِعْتُ كَلاَماً كَأَنَّهُ كَلاَمُ اَلْعِبْرَانِيَّةِ فَارْتَفَعَتِ اَلشَّمْسُ حَتَّى صَارَتْ فِي مِثْلِ وَقْتِهَا فِي اَلْعَصْرِ فَصَلَّى فَلَمَّا اِنْصَرَفْنَا هَوَتْ إِلَى مَكَانِهَا قُلْتُ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (1) .
362 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلدَّقَّاقُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ نَصْرٍ اَلْجَمَّالُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ خَلاَّدٍ عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ (2) اَلْحَرَّانِيِّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ زَاذَانَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَكَّةَ رَفَعَ اَلْهِجْرَةَ وَ قَالَ لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ اَلْفَتْحِ وَ قَالَ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذَا كَانَ غَداً فَكَلِّمِ اَلشَّمْسَ فِي مَطْلَعِهَا حَتَّى تَعْرِفَ كَرَامَتَكَ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قُمْنَا فَجَاءَ عَلِيٌّ إِلَى اَلشَّمْسِ حِينَ طَلَعَتْ فَقَالَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلْمُطِيعُ لِرَبِّهِ قَالَتِ اَلشَّمْسُ وَ عَلَيْكَ اَلسَّلاَمُ يَا أَخَا رَسُولِ اَللَّهِ وَ وَصِيَّهُ أَبْشِرْ فَإِنَّ رَبَّ اَلْعِزَّةِ يُقْرِئُكَ اَلسَّلاَمَ وَ يَقُولُ أَبْشِرْ فَإِنَّ لَكَ وَ لِمُحِبِّيكَ وَ شِيعَتِكَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَ لاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَ لاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَخَرَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَاجِداً لِلَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ
ص: 292
اِرْفَعْ رَأْسَكَ فَقَدْ بَاهَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِكَ اَلْمَلاَئِكَةَ (1) .
363 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَامِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ اَلْأَزْهَرِ حَدَّثَنَا اَلْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ اَلدَّقَّاقُ اَلْعسري حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ اَلْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ يَوْماً جَالِساً فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَعَ جَمَاعَةٍ فَلَمَّا رَآهُمْ تَبَسَّمَ قَالَ جِئْتُمُونِي تَسْأَلُونِّي عَنْ شَيْ ءٍ إِنْ شِئْتُمْ أَعْلَمْتُكُمْ بِمَا جِئْتُمْ وَ إِنْ شِئْتُمْ فَاسْأَلُونِي فَقَالُوا بَلْ تُخْبِرُنَا يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ جِئْتُمْ تَسْأَلُونَنِي عَنِ اَلصَّنَائِعِ (2) لِمَنْ تَحِقُّ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُصْنَعَ إِلاَّ لِذِي حَسَبٍ أَوْ دِينٍ وَ جِئْتُمْ تَسْأَلُونَنِي عَنْ جِهَادِ اَلْمَرْأَةِ فَإِنَّ جِهَادَ اَلْمَرْأَةِ حُسْنُ اَلتَّبَعُّلِ لِزَوْجِهَا وَ جِئْتُمْ تَسْأَلُونَنِي عَنِ اَلْأَرْزَاقِ مِنْ أَيْنَ أَبَى اَللَّهُ أَنْ يَرْزُقَ عَبْدَهُ إِلاَّ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُ فَإِنَّ اَلْعَبْدَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ وَجْهَ رِزْقِهِ كَثُرَ دُعَاؤُهُ . (3)في جميع النّسخ: أبو عبد اللّه محمّد بن حامد، و في البحار: عبد اللّه بن حامد.(4) .
364 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَامِدٍ(4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ اَلْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حُصَيْنٍ اَلْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُسْلِمٍ اَلْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ قَالَ أَبُو عُقْبَةَ اَلْأَنْصَارِيُّ : كُنْتُ فِي خِدْمَةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَجَاءَ نَفَرٌ مِنَ اَلْيَهُودِ فَقَالُوا لِي اِسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى مُحَمَّدٍ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا أَخْبِرْنَا عَمَّا جِئْنَا نَسْأَلُكَ عَنْهُ قَالَ جِئْتُمُونِي تَسْأَلُونِّي عَنْ ذِي اَلْقَرْنَيْنِ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ كَانَ غُلاَماً مِنْ أَهْلِ اَلرُّومِ نَاصِحاً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَأَحَبَّهُ اَللَّهُ وَ مَلَكَ اَلْأَرْضَ فَسَارَ حَتَّى أَتَى مَغْرِبَ اَلشَّمْسِ ثُمَّ سَارَ إِلَى مَطْلَعِهَا ثُمَّ سَارَ إِلَى جَبَلِ (5)يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ فَبَنَى فِيهَا اَلسَّدَّ قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا
ص: 293
شَأْنُهُ وَ أَنَّهُ لَفِي اَلتَّوْرَاةِ (1)بحار الأنوار (107/18-108)، برقم: (6) و كتاب الفتن و المحن و المطاعن منه الطّبع القديم الجزء (308/8).(2) .
365 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : دَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْماً فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ شَيْ ءٍ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَنِي قَالَ اِفْعَلْ قَالَ أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ مَبْلَغِ عُمُرِي فَقَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ إِنِّي أَعِيشُ ثَلاَثاً وَ سِتِّينَ سَنَةً فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ صَادِقٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِلِسَانِكَ دُونَ قَلْبِكَ (3) قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ وَ اَللَّهِ مَا كَانَ إِلاَّ مُنَافِقاً قَالَ وَ لَقَدْ كُنَّا فِي مَحْفِلٍ فِيهِ أَبُو سُفْيَانَ وَ قَدْ كُفَّ بَصَرُهُ وَ فِينَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَذَّنَ اَلْمُؤَذِّنُ فَلَمَّا قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ هَاهُنَا مَنْ يُحْتَشَمُ قَالَ وَاحِدٌ مِنَ اَلْقَوْمِ لاَ فَقَالَ لِلَّهِ دَرُّ أَخِي بَنِي هَاشِمٍ اُنْظُرُوا أَيْنَ وَضَعَ اِسْمَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَسْخَنَ (4) اَللَّهُ عَيْنَيْكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ اَللَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ وَ رَفَعْنٰا لَكَ ذِكْرَكَ (5) فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَسْخَنَ اَللَّهُ عَيْنَ مَنْ قَالَ لِي لَيْسَ هَاهُنَا مَنْ يُحْتَشَمُ (5) .
366 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى اِقْتَرَبَتِ اَلسّٰاعَةُ وَ اِنْشَقَّ اَلْقَمَرُ قَالَ اِنْشَقَّ اَلْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى صَارَ
ص: 294
بِنِصْفَيْنِ وَ نَظَرَ إِلَيْهِ اَلنَّاسُ وَ أَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ(1) فَقَالَ اَلْمُشْرِكُونَ سَحَرَ اَلْقَمَرَ سَحَرَ اَلْقَمَرَ (2) .
367 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَامِدٍ(3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ اَلطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ اَلْمَوْصِلِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَجَرٍ عَنْ عَمِّهِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ : جَاءَنَا ظُهُورُ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَنَا فِي مُلْكٍ عَظِيمٍ وَ طَاعَةٍ مِنْ قَوْمِي فَرَفَضْتُ ذَلِكَ وَ آثَرْتُ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَخْبَرَنِي أَصْحَابُهُ أَنَّهُ بَشَّرَهُمْ قَبْلَ قُدُومِي بِثَلاَثٍ فَقَالَ هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ قَدْ أَتَاكُمْ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ حَضْرَمَوْتَ رَاغِباً فِي اَلْإِسْلاَمِ طَائِعاً بَقِيَّةَ أَبْنَاءِ اَلْمُلُوكِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَتَانَا ظُهُورُكَ وَ أَنَا فِي مُلْكٍ فَمَنَّ اَللَّهُ عَلَيَّ أَنْ رَفَضْتُ ذَلِكَ وَ آثَرْتُ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ دِينَهُ رَاغِباً فِيهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ صَدَقْتَ اَللَّهُمَّ بَارِكْ فِي وَائِلٍ وَ فِي وُلْدِهِ وَ وُلْدِ وُلْدِهِ (4) .
368 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فُرَاتٍ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ اَلْأَحْمَسِيُّ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ عَنْ قُطْرُبِ بْنِ عَلِيفٍ (5) عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ(6) عَنْ سَلْمَانَ اَلْفَارِسِيِّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذْ أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ أَيُّكُمْ مُحَمَّدُ فَأُومِئَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَمَّا فِي بَطْنِ نَاقَتِي حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّ اَلَّذِي جِئْتَ بِهِ حَقٌّ وَ أُؤْمِنَ بِإِلَهِكَ وَ أَتَّبِعَكَ فَالْتَفَتَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ حَبِيبِي عَلِيٌّ يَدُلُّكَ
ص: 295
فَأَخَذَ عَلِيٌّ بِخِطَامِ اَلنَّاقَةِ ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى نَحْرِهَا ثُمَّ رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قَالَ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ وَ بِأَسْمَائِكَ اَلْحُسْنَى وَ بِكَلِمَاتِكَ اَلتَّامَّاتِ لَمَّا أَنْطَقْتَ هَذِهِ اَلنَّاقَةَ حَتَّى تُخْبِرَنَا بِمَا فِي بَطْنِهَا فَإِذَا اَلنَّاقَةُ قَدِ اِلْتَفَتَ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ هِيَ تَقُولُ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ رَكِبَنِي يَوْماً وَ هُوَ يُرِيدُ زِيَارَةَ اِبْنِ عَمٍّ لَهُ وَ وَاقَعَنِي فَأَنَا حَامِلٌ مِنْهُ فَقَالَ اَلْأَعْرَابِيُّ وَيْحَكُمْ اَلنَّبِيُّ هَذَا أَمْ هَذَا فَقِيلَ هَذَا اَلنَّبِيُّ وَ هَذَا أَخُوهُ وَ اِبْنُ عَمِّهِ فَقَالَ اَلْأَعْرَابِيُّ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ وَ سَأَلَ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يَسْأَلَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَكْفِيَهُ مَا فِي بَطْنِ نَاقَتِهِ فَكَفَاهُ وَ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ . و قال و ليس(1) في العادة أن تحمل الناقة من الإنسان و لكن الله جل ثناؤه قلب العادة في ذلك دلالة لنبيه صلّى اللّه عليه و آله على أنه يجوز أن يكون نطفة الرجل على هيئتها في بطن الناقة حينئذ و لم تصر علقة بعد و إنما أنطقها الله تعالى ليعلم به صدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (2)
369 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَامِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ المطرعيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَلْكَرِيمِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي اَلْحُسَيْنِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْمَدِينَةَ أَتَاهُ رَهْطٌ مِنَ اَلْيَهُودِ فَقَالُوا إِنَّا سَائِلُوكَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ فَإِنْ أَخْبَرْتَنَا عَنْهَا صَدَّقْنَاكَ وَ آمَنَّا بِكَ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ عَهْدُ اَللَّهِ وَ مِيثَاقُهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ سَلُوا عَمَّا بَدَا لَكُمْ قَالُوا عَنِ اَلشَّبَهِ كَيْفَ يَكُونُ مِنَ اَلْمَرْأَةِ وَ إِنَّمَا اَلنُّطْفَةُ لِلرَّجُلِ فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ نُطْفَةَ اَلرَّجُلِ بَيْضَاءُ غَلِيظَةٌ وَ أَنَّ نُطْفَةَ اَلْمَرْأَةِ حَمْرَاءُ رَقِيقَةٌ فَأَيَّتُهُمَا غَلَبَتْ صَاحِبَتَهَا كَانَتْ لَهَا اَلشَّبَهُ قَالُوا اَللَّهُمَّ نَعَمْ
ص: 296
قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَمَّا حَرَّمَ إِسْرٰائِيلُ عَلىٰ نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ اَلتَّوْرٰاةُ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَحَبَّ اَلطَّعَامِ وَ اَلشَّرَابِ إِلَيْهِ لُحُومُ اَلْإِبِلِ وَ أَلْبَانُهَا فَاشْتَكَى شَكْوَى فَلَمَّا عَافَاهُ اَللَّهُ مِنْهَا حَرَّمَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِيَشْكُرَ اَللَّهَ بِهِ قَالُوا اَللَّهُمَّ نَعَمْ قَالُوا أَخْبِرْنَا عَنْ نَوْمِكَ كَيْفَ هُوَ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ مِنْ صِفَةِ هَذَا اَلرَّجُلِ اَلَّذِي تَزْعُمُونَ أَنِّي لَسْتُ بِهِ تَنَامُ عَيْنُهُ وَ قَلْبُهُ يَقْظَانُ قَالُوا اَللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ وَ كَذَا نَومِي قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنِ اَلرُّوحِ قَالَ أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالُوا اَللَّهُمَّ نَعَمْ وَ هُوَ اَلَّذِي يَأْتِيكَ وَ هُوَ لَنَا عَدُوٌّ وَ هُوَ مَلَكٌ إِنَّمَا يَأْتِي بِالْغِلْظَةِ وَ شِدَّةِ اَلْأَمْرِ وَ لَوْ لاَ ذَلِكَ لاَتَّبَعْنَاكَ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى قُلْ مَنْ كٰانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ (1) إِلَى قَوْلِهِ أَ وَ كُلَّمٰا عٰاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ (2).
370 وَ عَنِ اِبْنِ حَامِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْأَصْفَهَانِيُّ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ بِمَ أَعْرِفُ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ قَالَ أَ رَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ هَذَا اَلْعِذْقَ مِنْ هَذِهِ اَلنَّخْلَةِ فَأَتَانِي أَ تَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اَللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَدَعَا اَلْعِذْقَ يَنْزِلُ مِنَ اَلنَّخْلَةِ حَتَّى سَقَطَ عَلَى اَلْأَرْضِ فَجَعَلَ يَبْقُرُ حَتَّى أَتَى اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ قَالَ اِرْجِعْ فَرَجَعَ حَتَّى عَادَ إِلَى مَكَانِهِ فَقَالَ أَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اَللَّهِ وَ آمَنَ فَخَرَجَ اَلْعَامِرِيُّ يَقُولُ يَا آلَ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَ اَللَّهِ لاَ أُكَذِّبُهُ بِشَيْ ءٍ أَبَداً وَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ رُكَانَةُ وَ كَانَ كَافِراً مِنْ أَفْتَكِ اَلنَّاسِ يَرْعَى غَنَماً لَهُ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ وَادِي إِضَمٍ (3) فَخَرَجَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى ذَلِكَ اَلْوَادِي فَلَقِيَهُ
ص: 297
رُكَانَةُ فَقَالَ لَوْ لاَ رَحِمٌ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مَا كَلَّمْتُكَ حَتَّى قَتَلْتُكَ أَنْتَ اَلَّذِي تَشْتِمُ آلِهَتَنَا اُدْعُ إِلَهَكَ يُنْجِيكَ [ينجك] مِنِّي ثُمَّ قَالَ صَارِعْنِي فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشَرَةٌ مِنْ غَنَمِي فَأَخَذَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ صَرَعَهُ وَ جَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ فَقَالَ رُكَانَةُ فَلَسْتَ بِي فَعَلْتَ هَذَا إِنَّمَا فَعَلَهُ إِلَهُكَ ثُمَّ قَالَ رُكَانَةُ عُدْ فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشَرَةٌ أُخْرَى تَخْتَارُهَا فَصَرَعَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلثَّانِيَةَ فَقَالَ إِنَّمَا فَعَلَهُ إِلَهُكَ عُدْ فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشَرَةٌ أُخْرَى فَصَرَعَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلثَّالِثَةَ فَقَالَ رُكَانَةُ خَذَلْتَ اَللاَّتَ وَ اَلْعُزَّى فَدُونَكَ ثَلاَثِينَ شَاةً فَاخْتَرْهَا فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَ لَكِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ يَا رُكَانَةُ وَا نَفْسَ رُكَانَةَ تَصِيرُ إِلَى اَلنَّارِ إِنْ تُسْلِمْ تَسْلَمْ فَقَالَ رُكَانَةُ لاَ إِلاَّ أَنْ تُرِيَنِي آيَةً فَقَالَ نَبِيُّ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَللَّهُ شَهِيدٌ عَلَيْكَ اَلْآنَ إِنْ دَعَوْتُ رَبِّي فَأَرَيْتُكَ آيَةً لَتُجِيبُنِي إِلَى مَا أَدْعُوكَ قَالَ نَعَمْ وَ قَرِيبٌ مِنْهُ شَجَرَةٌ مُثْمِرَةٌ قَالَ أَقْبِلِي بِإِذْنِ اَللَّهِ فَانْشَقَّتْ بِاثْنَيْنِ وَ أَقْبَلَتْ عَلَى نِصْفِ سَاقِهَا حَتَّى كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْ نَبِيِّ اَللَّهِ فَقَالَ رُكَانَةُ أَرَيْتَنِي شَيْئاً عَظِيماً فَمُرْهَا فَلْتَرْجِعْ فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَللَّهُ شَهِيدٌ إِنْ أَنَا دَعَوْتُ رَبِّي يَأْمُرُهَا فَرَجَعَتْ لَتُجِيبُنِي إِلَى مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ حَتَّى اِلْتَأَمَتْ بِشِقِّهَا فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تُسْلِمُ فَقَالَ رُكَانَةُ أَكْرَهُ تَتَحَدَّثُ نِسَاءُ اَلْمَدِينَةِ أَنِّي إِنَّمَا أَجَبْتُكَ لِرُعْبٍ دَخَلَ فِي قَلْبِي مِنْكَ وَ لَكِنْ فَاخْتَرْ غَنَمَكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَيْسَ لِي حَاجَةٌ إِلَى غَنَمِكَ إِذَا أَبَيْتَ أَنْ تُسْلِمَ (1) .
371 وَ عَنْهُ عَنِ اِبْنِ حَامِدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اَلْجَبَّارِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ اِبْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ أَسَدٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي سَلْمَانُ اَلْفَارِسِيُّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ أَصْفَهَانَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا جَيٌّ وَ كَانَ أَبِي دِهْقَانَ أَرْضِهِ وَ كَانَ يُحِبُّنِي حُبّاً شَدِيداً
ص: 298
يَحْبِسُنِي فِي اَلْبَيْتِ كَمَا تُحْبَسُ اَلْجَارِيَةُ وَ كُنْتُ صَبِيّاً لاَ أَعْلَمُ مِنْ أَمْرِ اَلنَّاسِ إِلاَّ مَا أَرَى مِنَ اَلْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى إِنَّ أَبِي بَنَى بُنْيَاناً وَ كَانَ لَهُ ضَيْعَةٌ فَقَالَ يَا بُنَيَّ شَغَلَنِي مِنِ اِطِّلاَعِ اَلضَّيْعَةِ مَا تَرَى فَانْطَلِقْ إِلَيْهَا وَ مُرْهُمْ بِكَذَا وَ كَذَا وَ لاَ تَحْبِسْ (1) عَنِّي فَخَرَجْتُ أُرِيدُ اَلضَّيْعَةَ فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةِ اَلنَّصَارَى فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فَقُلْتُ مَا هَذَا قَالُوا هَؤُلاَءِ اَلنَّصَارَى يُصَلُّونَ فَدَخَلْتُ أَنْظُرُ فَأَعْجَبَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِمْ فَوَ اَللَّهِ مَا زِلْتُ جَالِساً عِنْدَهُمْ حَتَّى غَرَبَتِ اَلشَّمْسُ وَ بَعَثَ أَبِي فِي طَلَبِي فِي كُلِّ وَجْهٍ حَتَّى جِئْتُهُ حِينَ أَمْسَيْتُ وَ لَمْ أَذْهَبْ إِلَى ضَيْعَتِهِ فَقَالَ أَبِي أَيْنَ كُنْتَ قُلْتُ مَرَرْتُ بِالنَّصَارَى فَأَعْجَبَنِي صَلاَتُهُمْ وَ دُعَاؤُهُمْ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ إِنَّ دِينَ آبَائِكَ خَيْرٌ مِنْ دِينِهِمْ فَقُلْتُ لاَ وَ اَللَّهِ مَا هَذَا بِخَيْرٍ مِنْ دِينِهِمْ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ اَللَّهَ وَ يَدْعُونَهُ وَ يُصَلُّونَ لَهُ وَ أَنْتَ إِنَّمَا تَعْبُدُ نَاراً أَوْقَدْتَهَا بِيَدِكَ إِذَا تَرَكْتَهَا مَاتَتْ فَجَعَلَ فِي رِجْلِي حَدِيداً وَ حَبَسَنِي فِي بَيْتٍ عِنْدَهُ فَبَعَثْتُ إِلَى اَلنَّصَارَى فَقُلْتُ أَيْنَ أَصْلُ هَذَا اَلدِّينِ قَالُوا بِالشَّامِ قُلْتُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْكُمْ مِنْ هُنَاكَ نَاسٌ فَآذِنُونِي قَالُوا نَفْعَلُ فَبَعَثُوا بَعْدَ أَنَّهُ قَدِمَ تُجَّارٌ(2) فَبَعَثْتُ إِذَا قَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَ أَرَادُوا اَلْخُرُوجَ فَآذِنُونِي بِهِ قَالُوا نَفْعَلُ ثُمَّ بَعَثُوا إِلَيَّ بِذَلِكَ فَطَرَحْتُ اَلْحَدِيدَ مِنْ رِجْلِي وَ اِنْطَلَقْتُ مَعَهُمْ فَلَمَّا قَدِمْتُ اَلشَّامَ قُلْتُ مَنْ أَفْضَلُ هَذَا اَلدِّينِ قَالُوا اَلْأُسْقُفُ صَاحِبُ اَلْكَنِيسَةِ فَجِئْتُ فَقُلْتُ إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ وَ أَتَعَلَّمَ مِنْكَ قَالَ فَكُنْ مَعِي فَكُنْتُ مَعَهُ وَ كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ فَإِذَا جَمَعُوهَا اِكْتَنَزَهَا وَ لَمْ يُعْطِهَا اَلْمَسَاكِينَ مِنْهَا وَ لاَ بَعْضَهَا فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ فَلَمَّا جَاءُوا أَنْ يَدْفِنُوهُ قُلْتُ هَذَا رَجُلُ سَوْءٍ وَ نَبَّهْتُهُمْ عَلَى كَنْزِهِ فَأَخْرَجُوا سَبْعَ قِلاَلٍ (3) مَمْلُوَّةٍ ذَهَباً فَصَلَبُوهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَ رَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ وَ جَاءُوا بِرَجُلٍ آخَرَ فَجَعَلُوهُ مَكَانَهُ فَلاَ وَ اَللَّهِ يَا اِبْنَ عَبَّاسٍ مَا رَأَيْتُ رَجُلاً قَطُّ أَفْضَلَ مِنْهُ وَ أَزْهَدَ فِي اَلدُّنْيَا وَ أَشَدَّ اِجْتِهَاداً مِنْهُ فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ وَ كُنْتُ أُحِبُّهُ فَقُلْتُ يَا فُلاَنُ قَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى مِنْ أَمْرِ اَللَّهِ
ص: 299
فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي قَالَ أَيْ بُنَيَّ مَا أَعْلَمُ إِلاَّ رَجُلاً بِالْمَوْصِلِ فَأْتِهِ فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِي فَلَمَّا مَاتَ وَ غُيِّبَ لَحِقْتُ بِالْمَوْصِلِ فَأَتَيْتُهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ مِنَ اَلاِجْتِهَادِ وَ اَلزَّهَادَةِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ فُلاَناً أَوْصَى بِي إِلَيْكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ كُنْ مَعِي فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ حَتَّى حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ قُلْتُ إِلَى مَنْ تُوصِي بِي قَالَ اَلْآنَ يَا بُنَيَّ لاَ أَعْلَمُ إِلاَّ رَجُلاً بِنَصِيبِينَ فَالْحَقْ بِهِ فَلَمَّا دَفَنَّاهُ لَحِقْتُ بِهِ فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ فُلاَناً أَوْصَى بِي إِلَيْكَ فَقَالَ يَا بُنَيَّ أَقِمْ مَعِي فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ حَتَّى حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ فَقُلْتُ إِلَى مَنْ تُوصِي بِي قَالَ مَا أَعْلَمُ إِلاَّ رَجُلاً بِعَمُّورِيَةَ مِنْ أَرْضِ اَلرُّومِ فَأْتِهِ فَإِنَّكَ سَتَجِدُهُ عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ فَلَمَّا وَارَيْتُهُ خَرَجْتُ إِلَى اَلْعَمُّورِيَةَ فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِمْ وَ اِكْتَسَبْتُ غُنَيْمَةً وَ بَقَرَاتٍ إِلَى أَنْ حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ فَقُلْتُ إِلَى مَنْ تُوصِي بِي قَالَ لاَ أَعْلَمُ أَحَداً عَلَى مِثْلِ مَا كُنَّا عَلَيْهِ وَ لَكِنْ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنَ اَلْحَرَمِ مُهَاجَرُهُ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ (1) إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ سَبْخَةٍ ذَاتِ نَخْلٍ وَ إِنَّ فِيهِ عَلاَمَاتٍ لاَ تَخْفَى بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ اَلنُّبُوَّةِ يَأْكُلُ اَلْهَدِيَّةَ وَ لاَ يَأْكُلُ اَلصَّدَقَةَ فَإِنِ اِسْتَطَعْتَ أَنْ تَمْضِيَ إِلَى تِلْكَ اَلْبِلاَدِ فَافْعَلْ قَالَ فَلَمَّا وَارَيْنَاهُ أَقَمْتُ حَتَّى مَرَّ رِجَالٌ مِنْ تُجَّارِ اَلْعَرَبِ مِنْ كَلْبٍ فَقُلْتُ لَهُمْ تَحْمِلُونِّي مَعَكُمْ حَتَّى تُقْدِمُونِي أَرْضَ اَلْعَرَبِ وَ أُعْطِيَكُمْ غُنَيْمَتِي هَذِهِ وَ بَقَرَاتِي قَالُوا نَعَمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا وَ حَمَلُونِي حَتَّى إِذَا جَاءُوا بِي وَادِيَ اَلْقُرَى ظَلَمُونِي فَبَاعُونِي عَبْداً مِنْ رَجُلٍ يَهُودِيٍّ فَوَ اَللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ اَلنَّخْلَ وَ طَمِعْتُ أَنْ يَكُونَ اَلْبَلَدَ اَلَّذِي نَعَتَ لِي فِيهِ صَاحِبِي حَتَّى قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ مِنْ يَهُودِ وَادِي اَلْقُرَى فَابْتَاعَنِي مِنْ صَاحِبِيَ اَلَّذِي كُنْتُ عِنْدَهُ فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ بِيَ اَلْمَدِينَةَ فَوَ اَللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ رَأَيْتُهَا وَ عَرَفْتُ نَعْتَهَا فَأَقَمْتُ مَعَ صَاحِبِي وَ بَعَثَ اَللَّهُ رَسُولَهُ بِمَكَّةَ لاَ يُذْكَرُ لِي شَيْ ءٌ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ مَا أَنَا فِيهِ مِنَ اَلرِّقِّ حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قُبَا وَ أَنَا أَعْمَلُ لِصَاحِبِي فِي نَخْلٍ لَهُ فَوَ اَللَّهِ إِنِّي [لَكَذَلِكَ إِذْ] قَدْ جَاءَ اِبْنُ عَمٍّ لَهُ فَقَالَ قَاتَلَ اَللَّهُ بَنِي قَيْلَةَ (2) وَ اَللَّهِ إِنَّهُمْ لَفِي قُبَا يُجْمِعُونَ عَلَى رَجُلٍ جَاءَ مِنْ مَكَّةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَبِيٌّ
ص: 300
فَوَ اَللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ قَدْ سَمِعْتُهَا فَأَخَذَتْنِي اَلرِّعْدَةُ حَتَّى ظَنَنْتُ لَأَسْقُطَنَّ عَلَى صَاحِبِي وَ نَزَلْتُ أَقُولُ مَا هَذَا اَلْخَبَرُ فَرَفَعَ مَوْلاَيَ يَدَهُ فَلَكَمَنِي(1) فَقَالَ مَا لَكَ وَ لِهَذَا أَقْبِلْ عَلَى عَمَلِكَ فَلَمَّا أَمْسَيْتُ وَ كَانَ عِنْدِي شَيْ ءٌ مِنْ طَعَامٍ فَحَمَلْتُهُ وَ ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِقُبَا فَقُلْتُ إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَ إِنَّ مَعَكَ أَصْحَاباً وَ كَانَ عِنْدِي شَيْ ءٌ مِنَ اَلصَّدَقَةِ فَهَا هُوَ ذَا فَكُلْ مِنْهُ فَأَمْسَكَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا وَ لَمْ يَأْكُلْ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذِهِ خَصْلَةٌ مِمَّا وَصَفَ لِي صَاحِبِي ثُمَّ رَجَعْتُ وَ تَحَوَّلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلْمَدِينَةِ فَجَمَعْتُ شَيْئاً كَانَ عِنْدِي ثُمَّ جِئْتُهُ بِهِ فَقُلْتُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ لاَ تَأْكُلُ اَلصَّدَقَةَ وَ هَذِهِ هَدِيَّةٌ وَ كَرَامَةٌ لَيْسَتْ بِالصَّدَقَةِ فَأَكَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَكَلَ أَصْحَابُهُ فَقُلْتُ هَاتَانِ خَلَّتَانِ ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ يَتْبَعُ جَنَازَةً وَ عَلَيْهِ شَمْلَتَانِ وَ هُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَاسْتَدْبَرْتُهُ لِأَنْظُرَ إِلَى اَلْخَاتَمِ فِي ظَهْرِهِ فَلَمَّا رَآنِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِسْتَدْبَرْتُهُ عَرَفَ أَنِّي أَسْتَثْبِتُ شَيْئاً قَدْ وُصِفَ لِي فَرَفَعَ لِي رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى اَلْخَاتَمِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ كَمَا وَصَفَ لِي صَاحِبِي فَأَكْبَبْتُ عَلَيْهِ أُقَبِّلُهُ وَ أَبْكِي فَقَالَ تَحَوَّلْ يَا سَلْمَانُ هُنَا فَتَحَوَّلْتُ وَ جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَ أُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ أَصْحَابُهُ حَدِيثِي عَنْهُ فَحَدَّثْتُهُ يَا اِبْنَ عَبَّاسٍ كَمَا حَدَّثْتُكَ فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ كَاتِبْ يَا سَلْمَانُ فَكَاتَبْتُ صَاحِبِي عَلَى ثَلاَثِمِائَةِ نَخْلَةٍ أُحْيِيهَا لَهُ وَ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَأَعَانَنِي أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ بِالنَّخْلِ ثَلاَثِينَ وَدِيَّةً (2) وَ عِشْرِينَ وَدِيَّةً كُلُّ رَجُلٍ عَلَى قَدْرِ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدِي فَحَفَرْتُ لَهَا حَيْثُ تُوضَعُ ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقُلْتُ قَدْ فَرَغْتُ مِنْهَا فَخَرَجَ مَعِي حَتَّى جَاءَهَا فَكُنَّا نَحْمِلُ إِلَيْهِ اَلْوَدِيَّ فَيَضَعُهُ بِيَدِهِ فَيُسَوِّي عَلَيْهَا فَوَ اَلَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ نَبِيّاً مَا مَاتَ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَ بَقِيَتْ عَلَيَّ اَلدَّرَاهِمُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَعْضِ اَلْمَعَادِنِ بِمِثْلِ اَلْبَيْضَةِ مِنَ اَلذَّهَبِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ أَيْنَ اَلْفَارِسِيُّ اَلْمُكَاتَبُ اَلْمُسْلِمُ
ص: 301
فَدُعِيتُ لَهُ فَقَالَ خُذْ هَذِهِ يَا سَلْمَانُ فَأَدِّهَا عَمَّا عَلَيْكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِمَّا عَلَيَّ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ سَيُوفِي بِهَا عَنْكَ فَوَ اَلَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ لَوَزَنْتُ لَهُمْ مِنْهَا أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً فَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِمْ وَ عَتَقَ سَلْمَانُ وَ كَانَ اَلرِّقُّ قَدْ حَبَسَنِي حَتَّى فَاتَنِي مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ بَدْرٌ وَ أُحُدٌ ثُمَّ عَتَقْتُ فَشَهِدْتُ اَلْخَنْدَقَ وَ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ (1) .
372 وَ فِي رِوَايَةٍ عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ صَاحِبَ عَمُورِيَّةَ لَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ قَالَ اِئْتِ غَيْضَتَيْنِ (2) مِنْ أَرْضِ اَلشَّامِ فَإِنَّ رَجُلاً يَخْرُجُ مِنْ إِحْدَاهُمَا إِلَى اَلْأُخْرَى فِي كُلِّ سَنَةٍ لَيْلَةً يَعْتَرِضُهُ ذَوُو اَلْأَسْقَامِ فَلاَ يَدْعُو لِأَحَدٍ مَرِضَ إِلاَّ شُفِيَ فَاسْأَلْهُ عَنْ هَذَا اَلدِّينِ اَلَّذِي تَسْأَلُنِي عَنْهُ عَنِ اَلْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقَمْتُ بِهَا سَنَةً حَتَّى خَرَجَ تِلْكَ اَللَّيْلَةَ مِنْ إِحْدَى اَلْغَيْضَتَيْنِ إِلَى اَلْأُخْرَى وَ كَانَ فِيهَا حَتَّى مَا بَقِيَ إِلاَّ مَنْكِبَيْهِ فَأَخَذْتُ بِهِ فَقُلْتُ رَحِمَكَ اَللَّهُ اَلْحَنِيفِيَّةُ دِينُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِنَّكَ تَسْأَلُ عَنْ شَيْ ءٍ مَا سَأَلَ عَنْهُ اَلنَّاسُ اَلْيَوْمَ قَدْ أَظَلَّكَ نَبِيٌّ يَخْرُجُ عِنْدَ هَذَا اَلْبَيْتِ بِهَذَا اَلْحَرَمِ يُبْعَثُ بِذَلِكَ اَلدِّينِ فَقَالَ اَلرَّاوِي يَا سَلْمَانُ لَئِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَدْ رَأَيْتَ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ (3) .
373 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى اَلْعَطَّارُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَبِيهِ عَمَّنْ ذَكَرَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ سَلْمَانَ قَالَ : كُنْتُ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ شِيرَازَ فَبَيْنَا أَنَا سَائِرٌ مَعَ أَبِي فِي عِيدٍ لَهُمْ إِذَا بِرَجُلٍ مِنْ صَوْمَعَةٍ يُنَادِي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّ عِيسَى رُوحُ اَللَّهِ وَ أَنَّ مُحَمَّداً حَبِيبُ اَللَّهِ فَوَقَعَ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ فِي لَحْمِي وَ دَمِي فَلَمْ يَهْنِئْنِي طَعَامٌ وَ لاَ شَرَابٌ فَلَمَّا اِنْصَرَفْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَإِذَا أَنَا بِكِتَابٍ مِنَ اَلسَّقْفِ مُعَلَّقٍ فَقُلْتُ لِأُمِّي مَا هَذَا اَلْكِتَابُ فَقَالَتْ يَا رُوزْبِهُ إِنَّ هَذَا اَلْكِتَابَ لَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِيدِنَا رَأَيْنَاهُ مُعَلَّقاً فَلاَ تَقْرَبْهُ يَقْتُلْكَ أَبُوكَ قَالَ فَجَاهَدْتُهَا حَتَّى جَنَّ اَللَّيْلُ وَ نَامَ أَبِي وَ أُمِّي فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ اَلْكِتَابَ وَ إِذَا فِيهِ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ هَذَا عَهْدٌ مِنَ اَللَّهِ إِلَى آدَمَ أَنِّي خَالِقٌ مِنْ صُلْبِهِ نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ
ص: 302
يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ اَلْأَخْلاَقِ وَ يَنْهَى عَنْ عِبَادَةِ اَلْأَوْثَانِ يَا رُوزْبِهُ اِئْتِ وَصِيَّ وَصِيِّ عِيسَى وَ آمِنْ وَ اُتْرُكِ اَلْمَجُوسِيَّةَ قَالَ فَصَعِقْتُ صَعْقَةً فَعَلِمَتْ أُمِّي وَ أَبِي بِذَلِكَ فَجَعَلُونِي فِي بِئْرٍ عَمِيقَةٍ فَقَالُوا إِنْ رَجَعْتَ وَ إِلاَّ قَتَلْنَاكَ قَالَ مَا كُنْتُ أَعْرِفُ اَلْعَرَبِيَّةَ قَبْلَ قِرَاءَتِيَ اَلْكِتَابَ وَ لَقَدْ فَهَّمَنِيَ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْعَرَبِيَّةَ مِنْ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ قَالَ فَبَقِيتُ فِي اَلْبِئْرِ يُنْزِلُونَ إِلَيَّ قُرْصاً فَلَمَّا طَالَ أَمْرِي رَفَعْتُ يَدِي إِلَى اَلسَّمَاءِ فَقُلْتُ يَا رَبِّ إِنَّكَ حَبَّبْتَ مُحَمَّداً إِلَيَّ فَبِحَقِّ وَسِيلَتِهِ عَجِّلْ فَرَجِي فَأَتَانِي آتٍ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ فَقَالَ يَا رُوزْبِهُ قُمْ وَ أَخَذَ بِيَدِي وَ أَتَى بِيَ اَلصَّوْمَعَةَ فَأَشْرَفَ عَلَيَّ اَلدَّيْرَانِيُّ فَقَالَ أَنْتَ رُوزْبِهُ فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَصْعَدَنِي وَ خَدَمْتُهُ حَوْلَيْنِ فَقَالَ لَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ إِنِّي مَيِّتٌ وَ لاَ أَعْرِفُ أَحَداً يَقُولُ بِمَقَالَتِي إِلاَّ رَاهِباً بِأَنْطَاكِيَةَ فَإِذَا لَقِيتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي اَلسَّلاَمَ وَ اِدْفَعْ إِلَيْهِ هَذَا اَللَّوْحَ وَ نَاوَلَنِي لَوْحاً فَلَمَّا مَاتَ غَسَّلْتُهُ وَ كَفَّنْتُهُ وَ أَخَذْتُ اَللَّوْحَ وَ أَتَيْتُ اَلصَّوْمَعَةَ وَ أَنْشَأْتُ أَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ عِيسَى رُوحُ اَللَّهِ وَ أَنَّ مُحَمَّداً حَبِيبُ اَللَّهِ فَأَشْرَفَ عَلَيَّ اَلدَّيْرَانِيُّ فَقَالَ أَنْتَ رُوزْبِهُ قُلْتُ نَعَمْ فَصَعِدْتُ إِلَيْهِ فَخَدَمْتُهُ حَوْلَيْنِ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ اَلْوَفَاةُ قَالَ لاَ أَعْرِفُ أَحَداً يَقُولُ بِمِثْلِ بِمَقَالَتِي فِي اَلدُّنْيَا وَ إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اَللَّهِ حَانَتْ وِلاَدَتُهُ فَإِذَا لَقِيتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي اَلسَّلاَمَ وَ اِدْفَعْ إِلَيْهِ هَذَا اَللَّوْحَ فَلَمَّا دَفَنْتُهُ صَحِبْتُ قَوْماً فَقُلْتُ لَهُمْ يَا قَوْمُ أَكْفِيكُمُ اَلْخِدْمَةَ فِي اَلطَّرِيقِ وَ خَرَجْتُ مَعَهُمْ فَنَزَلُوا فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَأْكُلُوا شَدُّوا عَلَى شَاةٍ فَقَتَلُوهَا بِالضَّرْبِ وَ شَوَوْهَا فَقَالُوا كُلْ فَامْتَنَعْتُ فَضَرَبُونِي فَأَتَوْا بِالْخَمْرِ فَشَرِبُوهُ فَقَالُوا اِشْرَبْ فَقُلْتُ إِنِّي غُلاَمٌ دَيْرَانِيٌّ لاَ أَشْرَبُ اَلْخَمْرَ فَأَرَادُوا قَتْلِي فَقُلْتُ لاَ تَقْتُلُونِي أُقِرُّ لَكُمْ بِالْعُبُودِيَّةِ فَأَخْرَجَنِي وَاحِدٌ وَ بَاعَنِي بِثَلاَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ يَهُودِيٍّ قَالَ فَسَأَلَنِي عَنْ قِصَّتِي فَأَخْبَرْتُهُ وَ قُلْتُ لَيْسَ لِي ذَنْبٌ إِلاَّ أَنَّنِي أَحْبَبْتُ مُحَمَّداً فَقَالَ اَلْيَهُودِيُّ وَ إِنِّي لَأُبْغِضُكَ وَ أُبْغِضُ مُحَمَّداً وَ كَانَ عَلَى بَابِهِ رَمْلٌ كَثِيرٌ فَقَالَ يَا رُوزْبِهُ لَئِنْ أَصْبَحْتُ وَ لَمْ تَنْقُلْ هَذَا اَلرَّمْلَ مِنْ هَذَا اَلْمَوْضِعِ إِلَى هَذَا اَلْمَوْضِعِ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ فَجَعَلْتُ أَحْمِلُ طُولَ لَيْلَتِي فَلَمَّا أَجْهَدَنِي اَلتَّعَبُ رَفَعْتُ يَدِي إِلَى اَلسَّمَاءِ وَ قُلْتُ يَا رَبِّ حَبَّبْتَ إِلَيَّ مُحَمَّداً فَبِحَقِّ وَسِيلَتِهِ عَجِّلْ فَرَجِي قَالَ فَبَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى رِيحاً فَقَلَعَتْ ذَلِكَ اَلرَّمْلَ مِنْ مَكَانِهِ
ص: 303
إِلَى اَلْمَكَانِ اَلَّذِي قَالَ اَلْيَهُودِيُّ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ يَا رُوزْبِهُ أَنْتَ سَاحِرٌ فَلَأُخْرِجَنَّكَ مِنْ هَذِهِ اَلْقَرْيَةِ .
فَأَخْرَجَنِي وَ بَاعَنِي مِنِ اِمْرَأَةٍ سُلَمِيَّةٍ فَأَحَبَّتْنِي حُبّاً شَدِيداً وَ كَانَ لَهَا حَائِطٌ فَقَالَتْ هَذَا اَلْحَائِطُ كُلْ مَا شِئْتَ وَ هَبْ وَ تَصَدَّقْ فَبَقِيتُ فِي ذَلِكَ مَا شَاءَ اَللَّهُ فَإِذَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ فِي ذَلِكَ اَلْبُسْتَانِ إِذَا أَنَا بِسَبْعَةِ رَهْطٍ قَدْ أَقْبَلُوا تُظِلُّهُمْ غَمَامَةٌ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا هَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ أَنْبِيَاءَ فَإِنَّ فِيهِمْ نَبِيّاً فَدَخَلُوا اَلْحَائِطَ وَ اَلْغَمَامَةُ تَسِيرُ مَعَهُمْ وَ فِيهِمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٌّ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ عَمَّارٌ وَ اَلْمِقْدَادُ وَ عَقِيلٌ وَ حَمْزَةُ وَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَ جَعَلُوا يَتَنَاوَلُونَ مِنْ حَشَفِ اَلنَّخْلِ وَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَهُمْ كُلُوا اَلْحَشَفَ وَ لاَ تُفْسِدُوا عَلَى اَلْقَوْمِ شَيْئاً فَدَخَلْتُ إِلَى مَوْلاَتِي فَقُلْتُ هَبِي لِي طَبَقاً فَوَهَبَتْهُ فَأَخَذْتُهُ فَوَضَعَتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ هَذِهِ صَدَقَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كُلُوا وَ أَمْسَكَ رَسُولُ اَللَّهِ وَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ حَمْزَةُ وَ عَقِيلٌ وَ قَالَ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مُدَّ يَدَكَ وَ كُلْ فَأَكَلُوا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذِهِ عَلاَمَةٌ فَحَمَلْتُ طَبَقاً آخَرَ وَ قُلْتُ هَذِهِ هَدِيَّةٌ فَمَدَّ يَدَهُ وَ قَالَ بِسْمِ اَللَّهِ كُلُوا فَقُلْتُ فِي نَفْسِي هَذِهِ عَلاَمَةٌ أَيْضاً فَبَيْنَا أَنَا أَدُورُ خَلْفَهُ فَقَالَ يَا رُوزْبِهُ اُدْخُلْ إِلَى هَذِهِ اَلْمَرْأَةِ وَ قُلْ لَهَا يَقُولُ لَكِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ تَبِيعِينَنَا هَذَا اَلْغُلاَمَ فَدَخَلْتُ وَ قُلْتُ لَهَا مَا قَالَ فَقَالَتْ لاَ أَبِيعُكَهُ إِلاَّ بِأَرْبَعِمِائَةِ نَخْلَةٍ مِائَتَيْ نَخْلَةٍ مِنْهَا صَفْرَاءُ وَ مِائَتَيْ نَخْلَةٍ مِنْهَا حَمْرَاءُ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ مَا أَهْوَنَ مَا سَأَلَتْ ثُمَّ قَالَ قُمْ يَا عَلِيُّ فَاجْمَعْ هَذَا اَلنَّوَى فَجَمَعَهُ وَ أَخَذَهُ وَ غَرَسَهُ ثُمَّ قَالَ اِسْقِهِ فَسَقَاهُ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ مَا بَلَغَ آخِرَهُ حَتَّى خَرَجَ اَلنَّخْلُ وَ لَحِقَ بَعْضُهُ بَعْضاً فَخَرَجَتْ وَ نَظَرَتْ إِلَى اَلنَّخْلِ فَقَالَتْ لاَ أَبِيعُكَهُ إِلاَّ بِأَرْبَعِمِائَةِ نَخْلَةٍ كُلُّهَا صَفْرَاءُ فَمَسَحَ جَبْرَئِيلُ جَنَاحَهُ عَلَى اَلنَّخْلِ فَصَارَ كُلُّهُ أَصْفَرَ فَدَفَعَتْنِي إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَعْتَقَنِي (1) .
374 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ حَدَّثَنَا اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ
ص: 304
بْنِ عَامِرٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ مُرَازِمٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِرَجُلٍ أَ لاَ أُخْبِرُكَ كَيْفَ كَانَ سَبَبُ إِسْلاَمِ سَلْمَانَ وَ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ اَلرَّجُلُ وَ أَحْظَى [وَا حَظَّا](1) أَمَّا إِسْلاَمُ سَلْمَانَ فَقَدْ عَلِمْتُ فَأَخْبِرْنِي بِالْآخَرِ فَقَالَ إِنَّ أَبَا ذَرٍّ كَانَ بِبَطْنِ مَرٍّ يَرْعَى غَنَماً لَهُ إِذْ جَاءَ ذِئْبٌ عَنْ يَمِينِ غَنَمِهِ فَطَرَدَهُ فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ غَنَمِهِ فَصَرَفَهُ ثُمَّ قَالَ مَا رَأَيْتُ ذِئْباً أَخْبَثَ مِنْكَ فَقَالَ اَلذِّئْبُ شَرٌّ مِنِّي أَهْلُ مَكَّةَ بَعَثَ اَللَّهُ إِلَيْهِمْ نَبِيّاً فَكَذَّبُوهُ فَوَقَعَ كَلاَمُ اَلذِّئْبِ فِي أُذُنِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لِأُخْتِهِ هَلُمِّي مِزْوَدِي وَ إِدَاوَتِي(2) ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ فَإِذَا هُوَ بِحَلْقَةٍ مُجْتَمِعِينَ وَ إِذَا هُمْ يَشْتِمُونَ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَمَا قَالَ اَلذِّئْبُ إِذْ أَقْبَلَ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ كُفُّوا فَقَدْ جَاءَ عَمُّهُ فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ عَظَّمُوهُ ثُمَّ خَرَجَ فَتَبِعْتُهُ فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ فَقُلْتُ هَذَا اَلنَّبِيُّ اَلْمَبْعُوثُ فِيكُمْ قَالَ وَ مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ قُلْتُ أُؤْمِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ فَرَفَعَنِي إِلَى بَيْتٍ فِيهِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَلَمَّا دَخَلْتُ سَلَّمْتُ فَرَدَّ عَلَيَّ اَلسَّلاَمَ وَ قَالَ مَا حَاجَتُكَ قُلْتُ هَذَا اَلنَّبِيُّ اَلْمَبْعُوثُ أُؤْمِنُ بِهِ وَ أُصَدِّقُهُ فَرَفَعَنِي إِلَى بَيْتِ حَمْزَةَ فَرَفَعَنِي إِلَى بَيْتٍ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَرَفَعَنِي إِلَى بَيْتٍ فِيهِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَدَخَلْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ نُورٌ فِي نُورٍ قَالَ أَنَا رَسُولُ اَللَّهِ يَا أَبَا ذَرٍّ اِنْطَلِقْ إِلَى بِلاَدِكَ فَإِنَّكَ تَجِدُ اِبْنَ عَمٍّ لَكَ قَدْ مَاتَ فَخُذْ مَالَهُ وَ كُنْ بِهَا حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرِي فَانْصَرَفْتُ وَ اِحْتَوَيْتُ عَلَى مَالِهِ وَ بَقِيتُ حَتَّى ظَهَرَ أَمْرُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَتَيْتُهُ فَلَمَّا اِنْصَرَفْتُ إِلَى قَوْمِي أَخْبَرْتُهُمْ بِذَلِكَ فَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ وَ قَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا دَخَلَ
ص: 305
رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَسْلَمْنَا فَلَمَّا قَدِمَ أَسْلَمَ بَقِيَّتُهُمْ وَ جَاءَتْ أَسْمَاءُ مَعَ رِجَالٍ فَقَالُوا نُسَلِّمُ عَلَى اَلَّذِي أَسْلَمَ لَهُ إِخْوَانُنَا فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ غَفَّاراً غَفَرَ اَللَّهُ لَهَا وَ أَسْلَمَ سَلَّمَهَا اَللَّهُ (1) .
375 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ اَلْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَ إِذْ أَخَذْنٰا مِيثٰاقَكُمْ لاٰ تَسْفِكُونَ دِمٰاءَكُمْ وَ لاٰ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيٰارِكُمْ (2) دَخَلَ أَبُو ذَرٍّ عَلِيلاً مُتَوَكِّئاً عَلَى عَصَاهُ عَلَى عُثْمَانَ وَ عِنْدَهُ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ حُمِلَتْ إِلَيْهِ مِنْ بَعْضِ اَلنَّوَاحِي فَقَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَضُمَّ إِلَيْهَا مِثْلَهَا ثُمَّ أَرَى فِيهَا رَأْيِي فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ أَ تَذْكُرُ إِذْ رَأَيْنَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَزِيناً عِشَاءً فَقَالَ بَقِيَ عِنْدِي مِنْ فَيْ ءِ اَلْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ لَمْ أَكُنْ قَسَمْتُهَا ثُمَّ قَسَمَهَا فَقَالَ اَلْآنَ اِسْتَرَحْتُ فَقَالَ عُثْمَانُ لِكَعْبِ اَلْأَحْبَارِ(3) مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْ ءٌ قَالَ لاَ لَوِ اِتَّخَذَ لَبِنَةً مِنْ ذَهَبٍ وَ لَبِنَةً مِنْ فِضَّةٍ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ يَا اِبْنَ اَلْيَهُودِيَّةِ مَا أَنْتَ وَ اَلنَّظَرَ فِي أَحْكَامِ اَلْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عُثْمَانُ لَوْ لاَ صُحْبَتُكَ لَقَتَلْتُكَ ثُمَّ سَيَّرَهُ إِلَى اَلرَّبَذَةِ (4) .
376 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ اَلْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْقَاسِمِ اَلْمُفَسِّرُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلْحَسَنِ اَلْعَسْكَرِيِّ عَنْ آبَائِهِ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِأَبِي ذَرٍّ مَا فَعَلَتْ غُنَيْمَاتُكَ قَالَ إِنَّ لَهَا قِصَّةً عَجِيبَةً قَالَ بَيْنَا أَنَا فِي صَلَوَاتِي إِذْ عَدَا اَلذِّئْبُ عَلَى غَنَمِي فَقُلْتُ لاَ أَقْطَعُ اَلصَّلاَةَ فَأَخَذَ حَمَلاً
ص: 306
وَ ذَهَبَ بِهِ وَ أَنَا أَحُسُّ بِهِ إِذْ أَقْبَلَ عَلَى اَلذِّئْبِ أَسَدٌ فَاسْتَنْقَذَ اَلْحَمَلَ وَ رَدَّهُ فِي اَلْقَطِيعِ ثُمَّ نَادَانِي يَا أَبَا ذَرٍّ أَقْبِلْ عَلَى صَلاَتِكَ فَإِنَّ اَللَّهَ قَدْ وَكَّلَنِي بِغَنَمِكَ فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ لِيَ اَلْأَسَدُ اِمْضِ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَخْبِرْهُ أَنَّ اَللَّهَ أَكْرَمَ صَاحِبَكَ اَلْحَافِظَ لِشَرِيعَتِكَ وَكَّلَ أَسَداً بِغَنَمِهِ فَعَجِبَ مَنْ كَانَ حَوْلَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (1) .
377 وَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ : بَيْنَّا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ بِمَكَّةَ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَجَلَسَ وَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُحَدِّثُهُ إِذْ شَخَصَ بَصَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَنَظَرَ سَاعَةً ثُمَّ اِنْحَرَفَ فَقَالَ عُثْمَانُ تَرَكْتَنِي وَ أَخَذْتَ تَنْفُضُ رَأْسَكَ كَأَنَّكَ تَشْفَهُ شَيْئاً فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَ وَ فَطَنْتَ إِلَى ذَلِكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ قَالَ عُثْمَانُ فَمَا قَالَ قَالَ إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي اَلْقُرْبىٰ وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ (2) قَالَ عُثْمَانُ فَأَحْبَبْتُ مُحَمَّداً وَ اِسْتَقَرَّ اَلْإِيمَانُ فِي قَلْبِي (3) .
378 وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبَرْقِيُّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : أُتِيَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِأُسَارَى فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ مَا خَلاَ رَجُلاً مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ اَلرَّجُلُ كَيْفَ أَطْلَقْتَ عَنِّي مِنْ بَيْنِهِمْ فَقَالَ أَخْبَرَنِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَللَّهِ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ أَنَّ فِيكَ خَمْسَ خِصَالٍ يُحِبُّهَا اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ اَلْغَيْرَةَ اَلشَّدِيدَةَ عَلَى حَرَمِكَ وَ اَلسَّخَاءَ وَ حُسْنَ اَلْخُلُقِ وَ صِدْقَ اَللِّسَانِ وَ اَلشَّجَاعَةَ فَأَسْلَمَ اَلرَّجُلُ وَ حَسُنَ إِسْلاَمُهُ (4) .
ص: 307
379 وَ عَنْهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ هَارُونَ اَلشَّحَّامُ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ اَلْأَوْدِيُّ حَدَّثَنَا وَ رَفَعَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي اَلْبَخْتَرِيِّ قَالَ : قَالَ عَمَّارٌ رض يَوْمَ صِفِّينَ اِئْتُونِي بِشَرْبَةِ لَبَنٍ فَأُتِيَ فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ إِنَّ آخِرَ شَرْبَةٍ تَشْرَبُهَا مِنَ اَلدُّنْيَا شَرْبَةُ لَبَنٍ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقُتِلَ فَلَمَّا قُتِلَ أَخَذَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ وَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ تَقْتُلُ عَمَّاراً اَلْفِئَةُ اَلْبَاغِيَةُ وَ قَاتِلُهُ فِي اَلنَّارِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا نَحْنُ قَتَلْنَاهُ إِنَّمَا قَتَلَهُ مَنْ جَاءَ بِهِ . و يلزم معاوية على هذا أن النّبي صلّى اللّه عليه و آله هو قاتل حمزة رض(1)
380 وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ أَخِيهِ عَلِيٍّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ سَعِيدٍ عَنِ اَلنَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ بُكَيْرٍ(2) عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : ضَلَّتْ نَاقَةُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ اَلْمُنَافِقُونَ يُحَدِّثُنَا عَنِ اَلْغَيْبِ وَ لاَ يَعْلَمُ مَكَانَ نَاقَتِهِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالُوا وَ قَالَ إِنَّ نَاقَتَكَ فِي شِعْبِ كَذَا مُتَعَلِّقٌ زِمَامُهَا بِشَجَرَةِ بَحْرٍ(3) فَنَادَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلصَّلاَةَ جَامِعَةً قَالَ فَاجْتَمَعَ اَلنَّاسُ فَقَالَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ نَاقَتِي بِشِعْبِ كَذَا فَبَادَرُوا إِلَيْهَا حَتَّى أَتَوْهَا (4) .
381 وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَّمَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَسْمَاءَ اَلْمُنَافِقِينَ فَقَالَ لاَ وَ لَكِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ لَمَّا كَانَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ كَانَ يَسِيرُ عَلَى نَاقَتِهِ وَ اَلنَّاسُ أَمَامَهُ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى اَلْعَقَبَةِ وَ قَدْ جَلَسَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ
ص: 308
رَجُلاً سِتَّةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَ ثَمَانِيَةٌ مِنْ أَفْنَاءِ اَلنَّاسِ أَوْ عَلَى عَكْسِ هَذَا فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ إِنَّ فُلاَناً وَ فُلاَناً وَ فُلاَناً وَ فُلاَناً قَدْ قَعَدُوا لَكَ عَلَى اَلْعَقَبَةِ لِيُنَفِّرُوا نَاقَتَكَ فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا فُلاَنُ وَ يَا فُلاَنُ وَ يَا فُلاَنُ أَنْتُمُ اَلْقُعُودُ لِتُنَفِّرُوا نَاقَتِي وَ كَانَ حُذَيْفَةُ خَلْفَهُ فَلَحِقَ بِهِمْ (1) فَقَالَ يَا حُذَيْفَةُ سَمِعْتَ قَالَ نَعَمْ قَالَ اُكْتُمْ (2) .
382 وَ عَنْهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اَلشَّيْبَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ اَلْبَرْمَكِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ يَحْيَى اَلْمَدَائِنِيِّ حَدَّثَنَا اَلْأَعْمَشُ عَنْ عُبَادَةَ (3) عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رض قَالَ : دَخَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي مَرَضِهِ اَلَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَقَالَ نُعِيتُ إِلَى نَفْسِي فَبَكَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَقَالَ لَهَا لاَ تَبْكِيِنَّ فَإِنَّكِ لاَ تَمْكُثِينَ بَعْدِي إِلاَّ اِثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ وَ نِصْفَ يَوْمٍ حَتَّى تَلْحَقِي بِي وَ لاَ تَلْحَقِي بِي حَتَّى تنحفي [تُتْحَفِي] بِثِمَارِ اَلْجَنَّةِ فَضَحِكَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ (4) .
383 وَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَ مَعَهُ ضَبٌّ اِصْطَادَهُ فِي اَلْبَرِّيَّةِ فِي كُمِّهِ فَقَالَ لاَ أُؤْمِنُ بِكَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى يَنْطِقَ هَذَا اَلضَّبُّ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا ضَبُّ مَنْ أَنَا فَقَالَ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اِصْطَفَاكَ اَللَّهُ حَبِيباً فَأَسْلَمَ اَلسُّلَمِيُّ (5) .
384 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا اَلْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ اَلْعَلَوِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ سَهْلُ بْنُ صَالِحٍ اَلْعَبَّاسِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اَلْأَعْلَى(6) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ : إِنَّ أَصْحَابَ
ص: 309
رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانُوا جُلُوساً يَتَذَاكَرُونَ وَ فِيهِمْ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذْ أَتَاهُمْ يَهُودِيٌّ فَقَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا تَرَكْتُمْ لِلْأَنْبِيَاءِ دَرَجَةً إِلاَّ نَحَلْتُمُوهَا لِنَبِيِّكُمْ فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَلَّمَهُ رَبُّهُ عَلَى طُورِ سَيْنَاءَ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى كَلَّمَ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلسَّمَاءِ اَلرَّابِعَةِ .
وَ إِنْ زَعَمَتِ اَلنَّصَارَى أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَبْرَأَ اَلْأَكْمَهَ وَ أَحْيَا اَلْمَوْتَى فَإِنَّ مُحَمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَأَلْتْهُ قُرَيْشٌ إِحْيَاءَ مَيِّتٍ فَدَعَانِي وَ بَعَثَنِي مَعَهُمْ إِلَى اَلْمَقَابِرِ فَدَعَوْتُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَامُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يَنْفُضُونَ اَلتُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ بِإِذْنِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ إِنَّ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ اَلْأَنْصَارِيَّ شَهِدَ وَقْعَةً فَأَصَابَتْهُ طَعْنَةٌ فِي عَيْنِهِ فَبَدَتْ حَدَقَتُهُ فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ أَتَى بِهَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ اِمْرَأَتِي اَلْآنَ تُبْغِضُنِي فَأَخَذَهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا مَكَانَهَا فَلَمْ يَكُ يُعْرَفُ إِلاَّ بِفَضْلِ حُسْنِهَا(1)بحار الأنوار (249/17-250)، برقم: (3) و (113/2)، برقم: (42).(2) وَ ضَوْئِهَا عَلَى اَلْعَيْنِ اَلْأُخْرَى وَ لَقَدْ بَادَرَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ فَأُبِينَ يَدُهُ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَيْلاً وَ مَعَهُ اَلْيَدُ اَلْمَقْطُوعَةُ فَمَسَحَ عَلَيْهَا فَاسْتَوَتْ يَدُهُ (2) .
385 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَامِدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ (3) بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ نَصْرٍ اَلْقَاضِي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ أَغْلَبَ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ ظَبْيَةَ بْنِ مِحْصَنٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَمْشِي فِي اَلصَّحْرَاءِ فَنَادَاهُ مُنَادٍ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَرَّتَيْنِ فَالْتَفَتَ فَلَمْ يَرَ أَحَداً ثُمَّ نَادَاهُ فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِظَبْيَةٍ مُوثَقَةٍ فَقَالَتْ إِنَّ هَذَا اَلْأَعْرَابِيَّ صَادَنِي وَ لِي خِشْفَانِ فِي ذَلِكَ اَلْجَبَلِ أَطْلِقْنِي حَتَّى أَذْهَبَ وَ أُرْضِعَهُمَا وَ أَرْجِعَ فَقَالَ وَ تَفْعَلِينَ قَالَتْ نَعَمْ إِنْ لَمْ أَفْعَلْ عَذَّبَنِيَ اَللَّهُ عَذَابَ اَلْعَشَّارِ
ص: 310
فَأَطْلَقَهَا فَذَهَبَتْ فَأَرْضَعَتْ خِشْفَيْهَا ثُمَّ رَجَعَتْ فَأَوْثَقَهَا فَجَاءَ اَلْأَعْرَابِيُّ (1) فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَطْلِقْهَا فَأَطْلَقَهَا فَخَرَجَتْ تَعْدُو وَ تَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ (2) .
386 وَ عَنِ اِبْنِ حَامِدٍ عَنِ اِبْنِ سَعْدَانَ اَلشِّيرَازِيِّ (3) حَدَّثَنَا أَبُو اَلْخَيْرِ بْنُ بُنْدَارَ بْنِ يَعْقُوبَ اَلْمَالِكِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ دُرُسْتَوَيْهِ حَدَّثَنَا اَلْيَمَانُ بْنُ سَعِيدٍ اَلْمَصِّيصِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مُعَمَّرٌ عَنِ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ : كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذْ دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى نَاقَةٍ حَمْرَاءَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَعَدَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ اَلنَّاقَةَ اَلَّتِي تَحْتَ اَلْأَعْرَابِيِّ سَرَقَهَا قَالَ أَقِمْ (4) بَيِّنَةً فَقَالَتِ اَلنَّاقَةُ اَلَّتِي تَحْتَ اَلْأَعْرَابِيِّ وَ اَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْكَرَامَةِ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ هَذَا مَا سَرَقَنِي وَ لاَ مَلَكَنِي أَحَدٌ سِوَاهُ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا أَعْرَابِيُّ مَا اَلَّذِي قُلْتَ حَتَّى أَنْطَقَهَا اَللَّهُ بِعُذْرِكَ قَالَ قُلْتُ اَللَّهُمَّ إِنَّكَ لَسْتَ بِإِلَهٍ (5) اِسْتَحْدَثْنَاكَ وَ لاَ مَعَكَ إِلَهٌ أَعَانَكَ عَلَى خَلِقْنَا وَ لاَ مَعَكَ رَبٌّ فَيَشْرَكَكَ فِي رُبُوبِيَّتِكَ أَنْتَ رَبُّنَا كَمَا تَقُولُ وَ فَوْقَ مَا يَقُولُ اَلْقَائِلُونَ أَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تُبَرِّئَنِي بِبَرَاءَتِي فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْكَرَامَةِ يَا أَعْرَابِيُّ (6) لَقَدْ رَأَيْتُ اَلْمَلاَئِكَةَ يَكْتُبُونَ مَقَالَتَكَ أَلاَ وَ مَنْ نَزَلَ بِهِ مِثْلُ مَا نَزَلَ بِكَ فَلْيَقُلْ مِثْلَ مَقَالَتِكَ وَ لْيُكْثِرِ اَلصَّلاَةَ عَلَيَّ (7) .
ص: 311
387 وَ عَنِ اِبْنِ حَامِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ اَلشَّجَرِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُؤَيَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي اَلصَّهْبَاءَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ اَلْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ اَلسُّلَمِيِّ عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ : لَمَّا فَتَحَ اَللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ خَيْبَرَ أَصَابَهُ حِمَارٌ أَسْوَدُ فَكَلَّمَ اَلنَّبِيُّ اَلْحِمَارَ فَكَلَّمَهُ وَ قَالَ أَخْرَجَ اَللَّهُ مِنْ نَسْلِ جَدِّي سِتِّينَ حِمَاراً لَمْ يَرْكَبْهَا إِلاَّ نَبِيٌّ وَ لَمْ يَبْقَ مِنْ نَسْلِ جَدِّي غَيْرِي وَ لاَ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ غَيْرُكَ وَ قَدْ كُنْتُ أَتَوَقَّعُكَ كُنْتُ قَبْلَكَ لِيَهُودِيٍّ أَعْثِرُ بِهِ عَمْداً فَكَانَ يَضْرِبُ بَطْنِي وَ يَضْرِبُ ظَهْرِي فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَمَّيْتُكَ يَعْفُوراً ثُمَّ قَالَ تَشْتَهِي اَلْإِنَاثَ يَا يَعْفُورُ قَالَ لاَ وَ كُلَّمَا قِيلَ أَجِبْ رَسُولَ اَللَّهِ خَرَجَ إِلَيْهِ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَاءَ إِلَى بِئْرٍ فَتَرَدَّى فِيهَا فَصَارَتْ قَبْرُهُ جَزَعاً (1) .
388 وَ عَنِ اِبْنِ حَامِدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يُونُسَ بْنِ اَلْقَاسِمِ اَلْيَمَانِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُومُ فَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى جِذْعٍ مَنْصُوبٍ فِي اَلْمَسْجِدِ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَيَخْطُبُ بِالنَّاسِ فَجَاءَهُ رُومِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَصْنَعُ لَكَ شَيْئاً تَقْعُدُ عَلَيْهِ فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَراً لَهُ دَرَجَتَانِ وَ يَقْعُدُ عَلَى اَلثَّالِثَةِ فَلَمَّا صَعِدَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَارَ اَلْجِذْعُ كَخَوْرِ [كَخُوَارِ] اَلثَّوْرِ فَنَزَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَكَتَ فَقَالَ وَ اَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ لَمَا زَالَ كَذَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَاقْتُلِعَتْ فَدُفِنَتْ تَحْتَ مِنْبَرِهِ (2) .
ص: 312
389 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ اَلْحِمْيَرِيِّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ ظَرِيفٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ اَلرِّضَا عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَوْماً وَ أَنَا طِفْلٌ خُمَاسِيٌّ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنَ اَلْيَهُودِ فَسَأَلُوهُ عَنْ دَلاَئِلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لَهُمْ سَلُوا هَذَا فَقَالَ أَحَدُهُمْ مَا أُعْطِيَ نَبِيُّكُمْ مِنَ اَلْآيَاتِ نَفَتِ اَلشَّكَّ قُلْتُ آيَاتٌ كَثِيرَةٌ اِسْمَعُوا وَ عُوا أَنْتُمْ تَدْرُونَ أَنَّ اَلْجِنَّ كَانَتْ تَسْتَرِقُّ اَلسَّمْعَ قَبْلَ مَبْعَثِ نَبِيِّ اَللَّهِ ثُمَّ بعث [مُنِعَتْ ] فِي أَوَّلِ رِسَالَتِهِ بِالرُّجُومِ وَ بُطْلاَنِ اَلْكَهَنَةِ وَ اَلسَّحَرَةِ فَإِنَّ أَبَا جَهْلٍ أَتَاهُ وَ هُوَ نَائِمٌ خَلْفَ جِدَارٍ وَ مَعَهُ حَجَرٌ يُرِيدُ أَنْ يَرْمِيَهُ فَالْتَصَقَ بِكَفِّهِ وَ مِنْ ذَلِكَ كَلاَمُ اَلذِّئْبِ وَ كَلاَمُ اَلْبَعِيرِ وَ أَنَّ اِمْرَأَةَ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَتَتْهُ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ وَ مَعَ اَلنَّبِيِّ بِشْرُ بْنُ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فَتَنَاوَلَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلذِّرَاعَ وَ تَنَاوَلَ بِشْرٌ اَلْكُرَاعَ فَأَمَّا اَلنَّبِيُّ فَلاَكَهَا وَ لَفَظَهَا وَ قَالَ إِنَّهَا لَتُخْبِرُنِي أَنَّهَا مَسْمُومَةٌ وَ أَمَّا بِشْرٌ فَلاَكَهَا وَ اِبْتَلَعَهَا فَمَاتَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَأَقَرَّتْ قَالَ فَمَا حَمَلَكِ عَلَى مَا فَعَلْتِ قَالَتْ قَتَلْتَ زَوْجِي وَ أَشْرَافَ قَوْمِي قُلْتُ إِنْ كَانَ مَلِكاً قَتَلْتُهُ وَ إِنْ كَانَ نَبِيّاً فَسَيُطْلِعُهُ اَللَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ عَدَّدَهَا عَلَى اَلْيَهُودِ فَأَسْلَمَ اَلْيَهُودِيُّ وَ مَنْ مَعَهُ مِنَ اَلْيَهُودِ فَكَسَاهُمْ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ وَهَبَ لَهُمْ (1) .
390 وَ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ اَلْحَسَنِ اَلْكُوفِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ اَلْعَطَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي غَزَاةٍ فَعَطِشَ اَلنَّاسُ وَ لَمْ يَكُنْ فِي اَلْمَنْزِلِ مَاءٌ وَ كَانَ فِي إِنَاءٍ قَلِيلُ مَاءٍ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِيهِ فَتَحَلَّبَ مِنْهَا اَلْمَاءُ حَتَّى رَوِيَ اَلنَّاسُ وَ اَلْإِبِلُ وَ اَلْخَيْلُ وَ تَزَوَّدَ اَلنَّاسُ وَ كَانَ فِي اَلْعَسْكَرِ اِثْنَا عَشَرَ أَلْفَ بَعِيرٍ وَ مِنَ اَلْخَيْلِ اِثْنَا عَشَرَ أَلْفَ فَرَسٍ وَ مِنَ اَلنَّاسِ ثَلاَثُونَ أَلْفاً (2) .
ص: 313
391 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ اَلزَّنْجَانِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ حَدَّثَنَا لُوَيْنٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ(1) بْنُ زَيْدٍ(2) حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : أَرْسَلَتْنِي أُمُّ سُلَيْمٍ يَعْنِي أُمَّهُ عَلَى شَيْ ءٍ صَنَعَتْهُ وَ هُوَ مُدٌّ مِنْ شَعِيرٍ طَحَنَتْهُ وَ عَصَرَتْ عَلَيْهِ مِنْ عُكَّةٍ كَانَ فِيهَا سَمْنٌ فَقَامَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَنْ مَعَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَدْخِلْ عَلَيَّ عَشَرَةً عَشَرَةً فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا وَ شَبِعُوا حَتَّى أَتَى عَلَيْهِمْ قَالَ فَقُلْتُ لِأَنَسٍ كَمْ كَانُوا قَالَ أَرْبَعِينَ (3) .
392 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ شَاذَانَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَجِيحٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذَا أَرَادَ اَلْحَاجَةَ أَبْعَدَ فِي اَلْمَشْيِ فَأَتَى يَوْماً وَادِياً لِحَاجَةٍ فَنَزَعَ خُفَّهُ وَ قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَ أَرَادَ لُبْسَ خُفِّهِ فَجَاءَ طَائِرٌ أَخْضَرُ فَحَمَلَ اَلْخُفَّ وَ اِرْتَفَعَ بِهِ ثُمَّ طَرَحَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ أَسْوَدُ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَذِهِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَنِيَ اَللَّهُ بِهَا اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَنْ يَمْشِي عَلىٰ بَطْنِهِ وَ مِنْ شَرِّ مَنْ يَمْشِي عَلىٰ رِجْلَيْنِ وَ مِنْ شَرِّ مَنْ يَمْشِي عَلىٰ أَرْبَعٍ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنٰاصِيَتِهٰا إِنَّ رَبِّي عَلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) .
وَ اِعْلَمْ : أَنَّ لِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُعْجِزَةً وَاحِدَةً فَمُعْجِزَةُ اَلرَّأْسِ هُوَ أَنَّ اَلْغَمَامَةَ ظَلَّتْ عَلَى رَأْسِهِ وَ مُعْجِزَةُ عَيْنَيْهِ هُوَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى مِنْ أَمَامِهِ وَ مُعْجِزَةُ أُذُنَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ اَلْأَصْوَاتَ فِي اَلنَّوْمِ كَمَا يَسْمَعُ فِي اَلْيَقَظَةِ وَ مُعْجِزَةُ لِسَانِهِ هِيَ أَنَّهُ قَالَ لِلضَّبِّ مَنْ أَنَا قَالَتْ أَنْتَ رَسُولُ اَللَّهِ
ص: 314
وَ مُعْجِزَةُ يَدَيْهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ اَلْمَاءُ وَ مُعْجِزَةُ رِجْلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ لِجَابِرٍ بِئْرٌ مَاؤُهَا(1) زُعَاقٌ فَشَكَا إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْعَطَشَ فَدَعَا اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِطَشْتٍ وَ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَ أَمَرَ بِإِهْرَاقِ مَائِهِ فِيهَا فَصَارَ مَاؤُهَا عَذْباً وَ مُعْجِزَةُ عَوْرَتِهِ أَنَّهُ وُلِدَ مَخْتُوناً وَ مُعْجِزَةُ بَدَنِهِ هِيَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ ظِلُّهُ عَلَى اَلْأَرْضِ لِأَنَّهُ كَانَ نُوراً وَ لاَ يَكُونُ مِنَ اَلنُّورِ ظِلٌّ كَالسِّرَاجِ وَ مُعْجِزَةُ ظَهْرِهِ خَتْمُ اَلنُّبُوَّةِ وَ هِيَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا وَ غَيْرُ ذَلِكَ (2) .
ص: 315
393 رُوِيَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وُلِدَ فِي اَلسَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْأَوَّلِ عَامَ اَلْفِيلِ يَوْمَ اَلْإِثْنَيْنِ وَ قِيلَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وُلِدَتْ فِي زَمَنِ اَلْمَلِكِ اَلْعَادِلِ يَعْنِي أَنُوشِيرَوَانَ بْنَ قُبَادَ قَاتِلَ مَزْدَكَ وَ اَلزَّنَادِقَةِ . و هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم (1)
394وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا بَلَغَ نَسَبِي إِلَى عَدْنَانَ فَأَمْسِكُوا ثُمَّ قَرَأَ وَ عٰاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحٰابَ اَلرَّسِّ وَ قُرُوناً بَيْنَ ذٰلِكَ كَثِيراً(2) لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ .
وَ إِنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَ أُمُّهُ حُبْلَى وَ قَدِمَتْ أُمُّهُ آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ عَلَى أَخْوَالِهِ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ مِنَ اَلنَّجَّارِ بِالْمَدِينَةِ ، ثُمَّ رَجَعَتْ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بِالْأَبْوَاءِ مَاتَتْ وَ أَرْضَعَتْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى شَبَّ حَلِيمَةُ بِنْتُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلسَّعْدِيَّةُ وَ تَزَوَّجَ بِخَدِيجَةَ وَ هُوَ اِبْنُ خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ سَنَةً
ص: 316
وَ تُوُفِّيَ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ وَ لَهُ سِتٌّ وَ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ يَوْماً. وَ اَلصَّحِيحُ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّيَ عَنْهُ فِي آخِرِ اَلسَّنَةِ اَلْعَاشِرَةِ مِنْ مَبْعَثِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَسَمَّى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذَلِكَ اَلْعَامَ عَامَ اَلْحُزْنِ فَقَالَ مَا زَالَتْ قُرَيْشٌ قَاعِدَةً عَنِّي حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ . وَ أَقَامَ بَعْدَ اَلْبِعْثَةِ بِمَكَّةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ هَاجَرَ مِنْهَا إِلَى اَلْمَدِينَةِ بَعْدَ أَنِ اِسْتَتَرَ فِي اَلْغَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَ دَخَلَ اَلْمَدِينَةَ يَوْمَ اَلْإِثْنَيْنِ اَلْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ اَلْأَوَّلِ وَ بَقِيَ بِهَا عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ قُبِضَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْمَ اَلْإِثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ اَلْهِجْرَةِ (1) .
395 ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ وَ هُوَ مِنْ أَجَلِّ رُوَاةِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا أَتَى لَهُ سَبْعٌ وَ ثَلاَثُونَ سَنَةً كَانَ يَرَى فِي نَوْمِهِ كَأَنَّ آتِياً أَتَاهُ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ كَانَ بَيْنَ اَلْجِبَالِ يَرْعَى غَنَماً فَنَظَرَ إِلَى شَخْصٍ يَقُولُ لَهُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا جَبْرَئِيلُ أَرْسَلَنِيَ اَللَّهُ إِلَيْكَ لِيَتَّخِذَكَ رَسُولاً وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَكْتُمُ ذَلِكَ
ص: 317
فَأَنْزَلَ جَبْرَئِيلُ بِمَاءٍ مِنَ اَلسَّمَاءِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قُمْ فَتَوَضَّأْ فَعَلَّمَهُ جَبْرَئِيلُ اَلْوُضُوءَ عَلَى اَلْوَجْهِ وَ اَلْيَدَيْنِ مِنَ اَلْمِرْفَقِ وَ مَسْحِ اَلرَّأْسِ وَ اَلرِّجْلَيْنِ إِلَى اَلْكَعْبَيْنِ وَ عَلَّمَهُ اَلرُّكُوعَ وَ اَلسُّجُودَ فَدَخَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ يُصَلِّي هَذَا لَمَّا تَمَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ يُصَلِّي قَالَ يَا أَبَا اَلْقَاسِمِ مَا هَذَا قَالَ هَذِهِ اَلصَّلاَةُ اَلَّتِي أَمَرَنِيَ اَللَّهُ بِهَا فَدَعَاهُ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ فَأَسْلَمَ وَ صَلَّى مَعَهُ وَ أَسْلَمَتْ خَدِيجَةُ فَكَانَ لاَ يُصَلِّي إِلاَّ رَسُولُ اَللَّهِ وَ عَلِيٌّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ وَ خَدِيجَةُ خَلْفَهُ فَلَمَّا أَتَى كَذَلِكَ أَيَّامٌ دَخَلَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى مَنْزِلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَعَهُ جَعْفَرٌ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِجَنْبِهِ يُصَلِّيَانِ فَقَالَ لِجَعْفَرٍ يَا جَعْفَرُ صِلْ جَنَاحَ اِبْنِ عَمِّكَ فَوَقَفَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ اَلْجَانِبِ اَلْآخَرِ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى بَعْضِ أَسْوَاقِ اَلْعَرَبِ فَرَأَى زَيْداً فَاشْتَرَاهُ لِخَدِيجَةَ وَ وَجَدَهُ غُلاَماً كَيِّساً فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا وَهَبَتْهُ لَهُ فَلَمَّا نُبِّئَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَسْلَمَ زَيْدٌ أَيْضاً فَكَانَ يُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلِيٌّ وَ جَعْفَرٌ وَ زَيْدٌ وَ خَدِيجَةُ (1) .
396 قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : وَ لَمَّا أَتَى عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ زَمَانٌ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فَاصْدَعْ بِمٰا تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْمُشْرِكِينَ (2) فَخَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَامَ عَلَى اَلْحِجْرِ وَ قَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ يَا مَعْشَرَ اَلْعَرَبِ أَدْعُوكُمْ إِلَى عِبَادَةِ اَللَّهِ وَ خَلْعِ اَلْأَنْدَادِ وَ اَلْأَصْنَامِ وَ أَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اَللَّهِ فَأَجِيبُونِي تَمْلِكُونَ بِهَا اَلْعَرَبَ وَ تَدِينُ لَكُمْ بِهَا اَلْعَجَمُ وَ تَكُونُونَ مُلُوكاً فَاسَتَهْزَءُوا مِنْهُ وَ ضَحِكُوا وَ قَالُوا جُنَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ وَ آذَوْهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ كَانَ مَنْ يَسْمَعُ مِنْ خَبَرِهِ مَا سَمِعَ مِنْ أَهْلِ اَلْكُتُبِ يُسَلِّمُونَ فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ مَنْ يَدْخُلُ فِي اَلْإِسْلاَمِ جَزِعُوا مِنْ ذَلِكَ وَ مَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ وَ قَالُوا كُفَّ عَنَّا اِبْنَ أَخِيكَ فَإِنَّهُ
ص: 318
قَدْ سَفَّهَ أَحْلاَمَنَا وَ سَبَّ آلِهَتَنَا وَ أَفْسَدَ شَبَابَنَا وَ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَ قَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِلَى مَا تَدْعُو قَالَ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ خَلْعِ اَلْأَنْدَادِ كُلِّهَا قَالُوا نَدَعُ ثَلاَثَ مِائَةٍ وَ سِتِّينَ إِلَهاً وَ نَعْبُدُ إِلَهاً وَاحِداً وَ حَكَى اَللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُمْ وَ عَجِبُوا أَنْ جٰاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَ قٰالَ اَلْكٰافِرُونَ هٰذٰا سٰاحِرٌ كَذّٰابٌ أَ جَعَلَ اَلْآلِهَةَ إِلٰهاً وٰاحِداً إِنَّ هٰذٰا لَشَيْ ءٌ عُجٰابٌ إِلَى قَوْلِهِ بَلْ لَمّٰا يَذُوقُوا عَذٰابِ (1) ثُمَّ قَالُوا لِأَبِي طَالِبٍ إِنْ كَانَ اِبْنُ أَخِيكَ يَحْمِلُهُ عَلَى هَذَا اَلْعُدْمُ جَمَعْنَا لَهُ مَالاً فَيَكُونُ أَكْثَرَ قُرَيْشٍ مَالاً فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا لِي حَاجَةٌ فِي اَلْمَالِ فَأَجِيبُونِي تَكُونُوا مُلُوكاً فِي اَلدُّنْيَا وَ مُلُوكاً فِي اَلْآخِرَةِ فَتَفَرَّقُوا ثُمَّ جَاءُوا إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِنَا وَ اِبْنُ أَخِيكَ قَدْ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا فَهَلُمَّ نَدْفَعْ إِلَيْكَ أَبْهَى فَتَى مِنْ قُرَيْشٍ وَ أَجْمَلَهُمْ وَ أَشْرَفَهُمْ عُمَارَةَ بْنَ اَلْوَلِيدِ يَكُونُ لَكَ اِبْناً وَ تَدْفَعْ إِلَيْنَا مُحَمَّداً لِنَقْتُلَهُ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ مَا أَنْصَفْتُمُونِي تَسْأَلُونِّي أَنْ أَدْفَعَ إِلَيْكُمْ اِبْنِي لِتَقْتُلُوهُ وَ تَدْفَعُونَ إِلَيَّ اِبْنَكُمْ لِأُرَبِّيَهُ لَكُمْ فَلَمَّا أَيِسُوا مِنْهُ كَفُّوا (2) .
397 - وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ يَكُفُّ عَنْ عَيْبِ آلِهَةِ اَلْمُشْرِكِينَ وَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمُ اَلْقُرْآنَ وَ كَانَ اَلْوَلِيدُ بْنُ اَلْمُغِيرَةِ مِنْ حُكَّامِ اَلْعَرَبِ يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهِ فِي اَلْأُمُورِ وَ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ عَشَرَةٌ عِنْدَ كُلِّ عَبْدٍ أَلْفُ دِينَارٍ يَتَّجِرُ بِهَا وَ مَلَكَ اَلْقِنْطَارَ وَ كَانَ عَمَّ أَبِي جَهِلَ فَقَالُوا لَهُ يَا عَبْدَ شَمْسٍ مَا هَذَا اَلَّذِي يَقُولُ مُحَمَّدٌ أَ سِحْرٌ أَمْ كِهَانَةٌ أَمْ خُطَبٌ فَقَالَ دَعُونِي أَسْمَعْ كَلاَمَهُ فَدَنَا مِنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي اَلْحِجْرِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَنْشِدْنِي شِعْرَكَ فَقَالَ مَا هُوَ بِشِعْرٍ وَ لَكِنَّهُ كَلاَمُ اَللَّهِ اَلَّذِي بَعَثَ أَنْبِيَاءَهُ وَ رُسُلَهُ فَقَالَ اُتْلُ فَقَرَأَ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ فَلَمَّا سَمِعَ اَلرَّحْمَنَ اِسْتَهَزَأَ مِنْهُ وَ قَالَ تَدْعُو إِلَى رَجُلٍ بِالْيَمَامَةِ بِاسْمِ (3)اَلرَّحْمَنِ قَالَ لاَ وَ لَكِنِّي أَدْعُو إِلَى اَللَّهِ وَ هُوَ اَلرَّحْمَنُ اَلرَّحِيمُ
ص: 319
ثُمَّ اِفْتَتَحَ حَم اَلسَّجْدَةَ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صٰاعِقَةً مِثْلَ صٰاعِقَةِ عٰادٍ وَ ثَمُودَ(1) وَ سَمِعَهُ اِقْشَعَرَّ جِلْدُهُ وَ قَامَتْ كُلُّ شَعْرَةٍ فِي بَدَنِهِ وَ قَامَ وَ مَشَى إِلَى بَيْتِهِ وَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالُوا صَبَا أَبُو عَبْدِ اَلشَّمْسِ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ فَاغْتَمَّتْ قُرَيْشٌ وَ غَدَا عَلَيْهِ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ فَضَحْتَنَا يَا عَمِّ قَالَ يَا اِبْنَ أَخِي مَا ذَاكَ وَ إِنِّي عَلَى دِينِ قَوْمِي وَ لَكِنِّي سَمِعْتُ كَلاَماً صَعْباً تَقْشَعِرُّ مِنْهُ اَلْجُلُودُ قَالَ أَ فَشِعْرٌ هُوَ قَالَ مَا هُوَ بِشِعْرٍ قَالَ فَخُطَبٌ قَالَ لاَ إِنَّ اَلْخُطَبَ كَلاَمٌ مُتَّصِلٌ وَ هَذَا كَلاَمٌ مَنْثُورٌ لاَ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً لَهُ طُلاَوَةٌ قَالَ فَكِهَانَةٌ هُوَ قَالَ لاَ قَالَ فَمَا هُوَ قَالَ دَعْنِي أُفَكِّرُ فِيهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ قَالُوا يَا عَبْدَ شَمْسٍ مَا تَقُولُ قَالَ قُولُوا هُوَ سِحْرٌ فَإِنَّهُ آخِذٌ بِقُلُوبِ اَلنَّاسِ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى فِيهِ ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَ جَعَلْتُ لَهُ مٰالاً مَمْدُوداً وَ بَنِينَ شُهُوداً إِلَى قَوْلِهِ تِسْعَةَ عَشَرَ(2) .
398 وَ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : جَاءَ اَلْوَلِيدُ بْنُ اَلْمُغِيرَةِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ اِقْرَأْ عَلَيَّ فَقَالَ إِنَّ اَللّٰهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي اَلْقُرْبىٰ وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (3) فَقَالَ أَعِدْ فَأَعَادَ فَقَالَ وَ اَللَّهِ إِنَّ لَهُ لَحَلاَوَةً وَ طُلاَوَةً وَ إِنَّ أَعْلاَهُ لَمُثْمِرٌ وَ إِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ (4) وَ مَا هَذَا بِقَوْلِ بَشَرٍ (5) .
399 وَ كَانَ قُرَيْشٌ يَجِدُّونَ فِي أَذَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَانَ أَشَدَّ اَلنَّاسِ عَلَيْهِ عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ وَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً فِي اَلْحِجْرِ فَبَعَثُوا إِلَى سَلَى(6)
ص: 320
اَلشَّاةِ فَأَلْقَوْهُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَاغْتَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا عَمِّ كَيْفَ حَسَبِيَ فِيكُمْ قَالَ وَ مَا ذَاكَ يَا اِبْنَ أَخِ قَالَ إِنَّ قُرَيْشاً أَلْقَوْا عَلَيَّ اَلسَّلَى فَقَالَ لِحَمْزَةَ خُذِ اَلسَّيْفَ وَ كَانَتْ قُرَيْشٌ جَالِسَةً فِي اَلْمَسْجِدِ فَجَاءَ أَبُو طَالِبٍ وَ مَعَهُ اَلسَّيْفُ وَ حَمْزَةُ وَ مَعَهُ اَلسَّيْفُ فَقَالَ أَمِرَّ اَلسَّلَى عَلَى سِبَالِهِمْ ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ يَا اِبْنَ أَخِ هَذَا حَسَبُكَ مِنَّا وَ فِينَا (1) .
400 وَ فِي صَحِيحِ اَلْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَاجِدٌ وَ حَوْلَهُ اَلنَّاسُ (2) مِنْ قُرَيْشٍ وَ مَعَهُمْ سَلَى بَعِيرٍ فَقَالُوا مَنْ يَأْخُذُ هَذَا فَيَقْذِفُهُ (3) عَلَى ظَهْرِهِ فَجَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ جَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فَأَخَذَتْهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَ دَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ اَللَّهِ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ دَعَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ يَوْمَئِذٍ قَالَ اَللَّهُمَّ عَلَيْكَ اَلْمَلَأَ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ وَ أُلْقُوا فِي اَلْقَلِيبِ (4) .
401 وَ كَانَ أَبُو جَهْلٍ تَعَرَّضَ لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ آذَاهُ بِالْكَلاَمِ فَقَالَتِ اِمْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ اَلسُّطُوحِ لِحَمْزَةَ يَا أَبَا يَعْلَى إِنَّ عَمْرَو بْنَ هِشَامٍ تَعَرَّضَ لِمُحَمَّدٍ وَ آذَاهُ فَغَضِبَ حَمْزَةُ وَ مَرَّ نَحْوَ أَبِي جَهْلٍ وَ أَخَذَ قَوْسَهُ فَضَرَبَ بِهَا رَأْسَهُ ثُمَّ اِحْتَمَلَهُ فَجَلَدَ بِهِ اَلْأَرْضَ وَ اِجْتَمَعَ اَلنَّاسُ وَ كَادَ يَقَعُ فِيهِمْ شَرٌّ فَقَالُوا يَا أَبَا يَعْلَى صَبَوْتَ إِلَى دِينِ مُحَمَّدٍ قَالَ نَعَمْ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اَللَّهِ ثُمَّ غَدَا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ يَا اِبْنَ أَخِ أَ حَقٌّ (5) مَا تَقُولُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنَ اَلْقُرْآنِ فَاسْتَبْصَرَ حَمْزَةُ فَثَبَتَ عَلَى دِينِ اَلْإِسْلاَمِ وَ فَرِحَ رَسُولُ اَللَّهِ وَ سُرَّ أَبُو طَالِبٍ بِإِسْلاَمِهِ وَ قَالَ
فَصَبْراً أَبَا يَعْلَى عَلَى دِينِ أَحْمَدَ *** وَ كُنْ مُظْهِراً لِلدِّينِ وُفِّقْتَ صَابِراً
ص: 321
وَ حُطْ(1) مَنْ أَتَى بِالدِّينِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ *** بِصِدْقٍ وَ حَقٍّ لاَ تَكُنْ حَمْزُ كَافِراً
فَقَدْ سَرَّنِي أَنْ قُلْتَ إِنَّكَ مُؤْمِنٌ *** فَكُنْ لِرَسُولِ اَللَّهِ فِي اَللَّهِ نَاصِراً
وَ نَادِ قُرَيْشاً بِالَّذِي قَدْ أَتَيْتَهُ *** جِهَاراً وَ قُلْ مَا كَانَ أَحْمَدُ سَاحِراً(2) .
402 وَ لَمَّا اِشْتَدَّتْ قُرَيْشٌ فِي أَذَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَذَى أَصْحَابِهِ أَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى اَلْحَبَشَةِ وَ أَمَرَ جَعْفَراً أَنْ يَخْرُجَ بِهِمْ فَخَرَجَ جَعْفَرٌ وَ مَعَهُ سَبْعُونَ رَجُلاً حَتَّى رَكِبُوا اَلْبَحْرَ فَلَمَّا بَلَغَ قُرَيْشاً خُرُوجُهُمْ بَعَثُوا عَمْرَو بْنَ اَلْعَاصِ وَ عُمَارَةَ بْنَ اَلْوَلِيدِ إِلَى اَلنَّجَاشِيِّ أَنْ يَرُدَّهُمْ إِلَيْهِمْ فَوَرَدُوا عَلَى اَلنَّجَاشِيِّ وَ حَمَلُوا إِلَيْهِ هَدَايَا فَقَالَ عَمْرٌو أَيُّهَا اَلْمَلِكُ إِنَّ قَوْماً مِنَّا خَالَفُونَا فِي دِينِنَا وَ صَارُوا إِلَيْكَ فَرُدَّهُمْ إِلَيْنَا فَبَعَثَ اَلنَّجَاشِيُّ إِلَى جَعْفَرٍ وَ أَحْضَرَهُ فَقَالَ يَا جَعْفَرُ إِنَّ هَؤُلاَءِ يَسْأَلُونَنِي أَنْ أَرُدَّكُمْ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ سَلْهُمْ أَ نَحْنُ عَبِيدٌ لَهُمْ قَالَ عَمْرٌو لاَ بَلْ أَحْرَارٌ كِرَامٌ قَالَ فَسَلْهُمْ أَ لَهُمْ عَلَيْنَا دُيُونٌ يُطَالِبُونَنَا بِهَا قَالَ لاَ مَا لَنَا عَلَيْهِمْ دُيُونٌ قَالَ فَلَهُمْ فِي أَعْنَاقِنَا دِمَاءٌ قَالَ عَمْرٌو مَا لَنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ دِمَاءٌ وَ لاَ نُطَالِبُهُمْ بِذُخُولٍ قَالَ فَمَا يُرِيدُونَ مِنَّا قَالَ عَمْرٌو خَالَفُونَا فِي دِينِنَا وَ فَرَّقُوا جَمَاعَتَنَا فَرُدَّهُمْ إِلَيْنَا فَقَالَ جَعْفَرٌ أَيُّهَا اَلْمَلِكُ خَالَفْنَاهُمْ لِنَبِيٍّ بَعَثَهُ اَللَّهُ فِينَا أَمَرَنَا بِخَلْعِ اَلْأَنْدَادِ وَ تَرْكِ اَلاِسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلاَمِ وَ أَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ وَ اَلزَّكَاةِ وَ حَرَّمَ اَلظُّلْمَ وَ اَلْجَوْرَ وَ سَفْكَ اَلدِّمَاءِ بِغَيْرِ حِلِّهَا وَ اَلزِّنَا وَ اَلرِّبَا وَ اَلدَّمَ وَ اَلْمَيْتَةَ وَ أَمَرَنَا بِالْعَدْلِ وَ اَلْإِحْسٰانِ وَ إِيتٰاءِ ذِي اَلْقُرْبىٰ وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ وَ اَلْبَغْيِ فَقَالَ اَلنَّجَاشِيُّ بِهَذَا بَعَثَ اَللَّهُ تَعَالَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ قَالَ أَ تَحْفَظُ يَا جَعْفَرُ مِمَّا أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى نَبِيِّكَ شَيْئاً قَالَ نَعَمْ قَالَ اِقْرَأْ فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةَ مَرْيَمَ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ تُسٰاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا(3) قَالَ هَذَا
ص: 322
هُوَ اَلْحَقُّ فَقَالَ عَمْرٌو أَيُّهَا اَلْمَلِكُ إِنَّ هَذَا تَرَكَ دِينَنَا فَرُدَّهُ إِلَيْنَا وَ إِلَى بِلاَدِنَا فَرَفَعَ اَلنَّجَاشِيُّ يَدَهُ فَضَرَبَ بِهَا وَجْهَهُ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ ذَكَرْتَهُ بِسُوءٍ لَأَقْتُلَنَّكَ فَخَرَجَ عَمْرٌو وَ اَلدَّمُ يُسْفَكُ عَلَى ثِيَابِهِ قَالَ وَ كَانَ عُمَارَةُ حَسَنَ اَلْوَجْهِ وَ عَمْرٌو كَانَ أَخْرَجَ أَهْلَهُ مَعَهُ فَلَمَّا كَانُوا فِي اَلسَّفِينَةِ شَرِبُوا اَلْخَمْرَ قَالَ عُمَارَةُ لِعَمْرٍو قُلْ لِأَهْلِكَ تُقَبِّلُنِي فَقَالَ عَمْرٌو أَ يَجُوزُ هَذَا فَلَمَّا تَنَشَّى عُمَارَةُ أَلْقَى عَمْراً فِي اَلْبَحْرِ(1) فَتَشَبَّثَ بِصَدْرِ اَلسَّفِينَةِ فَأَخْرَجُوهُ .
ثُمَّ إِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا عِنْدَ اَلنَّجَاشِيِّ كَانَتْ وَصِيفَةٌ عَلَى رَأْسِهِ تَذُبُّ عَنْهُ وَ تَنْظُرُ إِلَى عُمَارَةَ وَ كَانَ فَتًى جَمِيلاً فَلَمَّا رَجَعَ عَمْرٌو إِلَى مَنْزِلِهِ قَالَ لِعُمَارَةَ لَوْ رَاسَلْتَ جَارِيَةَ اَلْمَلِكِ فَفَعَلَ فَأَجَابَتْهُ قَالَ عَمْرٌو قُلْ لَهَا تَحْمِلُ إِلَيْكَ مِنْ طِيبِ اَلْمَلِكِ شَيْئاً فَحَمَلَتْ إِلَيْهِ فَأَخَذَهُ عَمْرٌو وَ كَانَ اَلَّذِي فَعَلَهُ عُمَارَةُ فِي قَلْبِهِ حَيْثُ أَلْقَاهُ فِي اَلْبَحْرِ فَأَدْخَلَ اَلطِّيبَ عَلَى اَلنَّجَاشِيِّ وَ قَالَ إِنَّ صَاحِبِيَ اَلَّذِي مَعِي رَاسَلَ حُرْمَتَكَ وَ خَدَعَهَا وَ هَذَا طِيبُهَا فَغَضِبَ اَلنَّجَاشِيُّ وَ هَمَّ أَنْ يَقْتُلَ عُمَارَةَ ثُمَّ قَالَ لاَ يَجُوزُ قَتْلُهُ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا بِلاَدِي بِأَمَانٍ فَأَمَرَ أَنْ يَفْعَلُوا بِهِ شَيْئاً أَشَدَّ مِنَ اَلْقَتْلِ فَأَخَذُوهُ وَ نَفَخُوا فِي إِحْلِيلِهِ بِالزِّيبَقِ فَصَارَ مَعَ اَلْوَحْشِ فَرَجَعَ عَمْرٌو إِلَى قُرَيْشٍ وَ أَخْبَرَهُمْ بِخَبَرِهِ وَ بَقِيَ جَعْفَرٌ بِأَرْضِ اَلْحَبَشَةِ فِي أَكْرَمِ كَرَامَةٍ فَمَا زَالَ بِهَا حَتَّى بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدْ هَادَنَ قُرَيْشاً وَ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمْ صُلْحٌ فَقَدِمَ بِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ وَ وَافَى رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ وَ قَدْ وُلِدَ لِجَعْفَرٍ مِنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ بِالْحَبَشَةِ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ (2) .
403 وَ قَالَ أَبُو طَالِبٍ يَحُضُّ اَلنَّجَاشِيَّ عَلَى نُصْرَةِ اَلنَّبِيِّ وَ أَتْبَاعِهِ وَ أَشْيَاعِهِ
تَعَلَّمْ مَلِيكَ اَلْحَبَشِ أَنَّ مُحَمَّداً *** نَبِيٌّ كَمُوسَى وَ اَلْمَسِيحِ اِبْنِ مَرْيَمَ
أَتَى بِالْهُدَى مِثْلَ اَلَّذِي أَتَيَا بِهِ *** وَ كُلٌّ بِحَمْدِ اَللَّهِ يَهْدِي وَ يَعْصِمُ
وَ إِنَّكُمْ تَتْلُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ *** بِصِدْقِ حَدِيثٍ لاَ حَدِيثِ اَلْمُرَجَّمِ
فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ نِدّاً وَ أَسْلِمُوا *** فَإِنَّ طَرِيقَ اَلْحَقِّ لَيْسَ بِمُظْلِمٍ (3) .
404 وَ فِيمَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ
ص: 323
أُمَيَّةَ اَلضَّمِيرِيَّ إِلَى اَلنَّجَاشِيِّ فِي شَأْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَصْحَابِهِ وَ كَتَبَ مَعَهُ كِتَاباً بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اَللَّهِ إِلَى اَلنَّجَاشِيِّ اَلْأَضْحَمِ (1) صَاحِبِ اَلْحَبَشَةِ سَلاَمٌ عَلَيْكَ إِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اَللَّهَ اَلْمَلِكَ اَلْقُدُّوسَ اَلْمُؤْمِنَ اَلْمُهَيْمِنَ وَ أَشْهَدُ أَنَّ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ رُوحُ اَللَّهِ وَ كَلِمَتُهُ أَلْقٰاهٰا إِلىٰ مَرْيَمَ اَلْبَتُولِ اَلطَّيِّبَةِ اَلْحَصِينَةِ فَحَمَلَتْ بِعِيسَى فَخَلَقَهُ مِنْ رُوحِهِ وَ نَفْخِهِ كَمَا خَلَقَ آدَمَ بِيَدِهِ وَ نَفْخِهِ فِيهِ وَ إِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى اَللَّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ اَلْمُوَالاَةِ عَلَى طَاعَتِهِ وَ أَنْ تَتَّبِعَنِي وَ تُؤْمِنَ بِي وَ بِالَّذِي جَاءَنِي فَإِنِّي رَسُولُ اَللَّهِ قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمُ اِبْنَ عَمِّي جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَعَهُ نَفَرٌ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ فَإِذَا جَاءُوكَ فَاقْرِهِمْ وَ دَعِ اَلتَّجَبُّرَ فَإِنِّي أَدْعُوكَ وَ جِيرَتَكَ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ قَدْ بَلَّغْتُ وَ نَصَحْتُ فَاقْبَلُوا نَصِيحَتِي وَ اَلسَّلاٰمُ عَلىٰ مَنِ اِتَّبَعَ اَلْهُدىٰ فَكَتَبَ إِلَيْهِ اَلنَّجَاشِيُّ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنَ اَلنَّجَاشِيِّ اَلْأَضْحَمِ بْنِ أبحر [أَبْجَرَ] سَلاَمٌ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ مِنَ اَللَّهِ وَ رَحْمَةُ اَللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ اَلَّذِي هَدَانِي(2) إِلَى اَلْإِسْلاَمِ وَ قَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فِيمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عِيسَى فَوَ رَبِّ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ إِنَّ عِيسَى مَا يَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرْتَ وَ قَدْ عَرَفْنَا مَا بَعَثْتَ بِهِ إِلَيْنَا وَ قَدْ قَرَيْنَا اِبْنَ عَمِّكَ وَ أَصْحَابَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ صَادِقاً مُصَدِّقاً وَ قَدْ بَايَعْتُكَ وَ بَايَعْتُ اِبْنَ عَمِّكَ وَ أَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ وَ قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَرِيحَا بْنَ اَلْأَضْحَمِ بْنِ أَبْحَرَ فَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي إِنْ شِئْتَ أَنْ آتِيَكَ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ مَا تَقُولُ حَقٌّ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَدَايَا وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِمَارِيَةَ اَلْقِبْطِيَّةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِثِيَابٍ وَ طِيبٍ كَثِيرٍ وَ فَرَسٍ وَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنَ اَلْقِسِّيسِينَ لِيَنْظُرُوا إِلَى كَلاَمِهِ وَ مَعْقَدِهِ وَ مَشْرَبِهِ فَوَافَوُا اَلْمَدِينَةَ وَ دَعَاهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ فَآمَنُوا وَ رَجَعُوا إِلَى اَلنَّجَاشِيِّ (3) .
ص: 324
و قصة المعراج معروفة في قوله جلت عظمته سُبْحٰانَ اَلَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ إِلَى اَلْمَسْجِدِ اَلْأَقْصَى
405 وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اِبْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى سَمَاءِ اَلدُّنْيَا لَمْ يَمُرَّ بِأَحَدٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ إِلاَّ اِسْتَبْشَرُوا بِهِ قَالَ ثُمَّ مَرَّ بِمَلَكٍ كَئِيبٍ حَزِينٍ فَلَمْ يَسْتَبْشِرْ بِهِ فَقَالَ يَا جَبْرَئِيلُ مَا مَرَرْتُ بِأَحَدٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ إِلاَّ اِسْتَبْشَرَ بِي إِلاَّ هَذَا اَلْمَلَكَ فَمَنْ هَذَا قَالَ هَذَا مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ وَ هَكَذَا جَعَلَهُ اَللَّهُ فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَا جَبْرَئِيلُ سَلْهُ أَنْ يُرِيَنِيهَا قَالَ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ يَا مَالِكُ هَذَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ شَكَا إِلَيَّ وَ قَالَ مَا مَرَرْتُ بِأَحَدٍ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ إِلاَّ اِسْتَبْشَرُوا بِي إِلاَّ هَذَا اَلْمَلَكَ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ هَكَذَا جَعَلَهُ اَللَّهُ حَيْثُ شَاءَ وَ قَدْ سَأَلَنِي أَنْ أَسْأَلَكَ أَنْ تُرِيَهُ جَهَنَّمَ قَالَ فَكَشَفَ لَهُ عَنْ طَبَقٍ مِنْ أَطْبَاقِهَا فَمَا رُؤِيَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ضَاحِكاً حَتَّى قُبِضَ (1) .
406وَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ : إِنَّ جَبْرَئِيلَ اِحْتَمَلَ رَسُولَ اَللَّهِ حَتَّى اِنْتَهَى بِهِ إِلَى مَكَانٍ مِنَ اَلسَّمَاءِ ثُمَّ تَرَكَهُ وَ قَالَ مَا وَطِئَ نَبِيٌّ قَطُّ مَكَانَكَ وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنَا بِمَكَّةَ فَقَالَ قُمْ يَا مُحَمَّدُ فَقُمْتُ مَعَهُ وَ خَرَجْتُ إِلَى اَلْبَابِ فَإِذَا جَبْرَئِيلُ وَ مَعَهُ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ فَأَتَى جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ فَكَانَ فَوْقَ اَلْحِمَارِ وَ دُونَ اَلْبَغْلِ خَدُّهُ كَخَدِّ اَلْإِنْسَانِ وَ ذَنَبُهُ كَذَنَبِ اَلْبَقَرِ وَ عُرْفُهُ كَعُرْفِ اَلْفَرَسِ وَ قَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ اَلْإِبِلِ عَلَيْهِ رَحْلٌ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ فَخِذَيْهِ خَطْوُهُ مُنْتَهَى طَرْفِهِ (2) فَقَالَ اِرْكَبْ فَرَكِبْتُ وَ مَضَيْتُ حَتَّى اِنْتَهَيْتُ إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ وَ لَمَّا اِنْتَهَيْتُ إِلَيْهِ إِذَا اَلْمَلاَئِكَةُ نَزَلَتْ مِنَ اَلسَّمَاءِ بِالْبِشَارَةِ وَ اَلْكَرَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّ اَلْعِزَّةِ وَ صَلَّيْتُ فِي بَيْتِ
ص: 325
اَلْمَقْدِسِ وَ فِي بَعْضِهَا بَشَّرَ لِي إِبْرَاهِيمُ فِي رَهْطٍ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ وَصَفَ مُوسَى وَ عِيسَى صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ جَبْرَئِيلُ بِيَدِي إِلَى اَلصَّخْرَةِ فَأَقْعَدَنِي عَلَيْهَا فَإِذَا مِعْرَاجٌ إِلَى اَلسَّمَاءِ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا حُسْناً وَ جَمَالاً فَصَعِدْتُ إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلدُّنْيَا وَ رَأَيْتُ عَجَائِبَهَا وَ مَلَكُوتَهَا وَ مَلاَئِكَهَا يُسَلِّمُونَ عَلَيَّ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلثَّالِثَةِ فَرَأَيْتُ بِهَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلرَّابِعَةِ فَرَأَيْتُ فِيهَا إِدْرِيسَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلْخَامِسَةِ فَرَأَيْتُ فِيهَا هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلسَّادِسَةِ فَإِذَا فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ وَ فِيهَا اَلْكَرُوبِيُّونَ قَالَ ثُمَّ صُعِدَ بِي إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلسَّابِعَةِ فَأَبْصَرْتُ فِيهَا خَلْقاً وَ مَلاَئِكَةً (1).
407 وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : رَأَيْتُ فِي اَلسَّمَاءِ اَلسَّادِسَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ رَأَيْتُ فِي اَلسَّابِعَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ثُمَّ قَالَ جَاوَزْنَا مُتَصَاعِدَيْنِ إِلَى أَعْلَى عِلِّيِّينَ وَ وَصَفَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ كَلَّمَنِي رَبِّي وَ كَلَّمْتُهُ وَ رَأَيْتُ اَلْجَنَّةَ وَ اَلنَّارَ وَ رَأَيْتُ اَلْعَرْشَ وَ سِدْرَةَ اَلْمُنْتَهَى قَالَ ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى مَكَّةَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ حَدَّثْتُ فِيهِ اَلنَّاسَ فَأَكْذَبَنِي أَبُو جَهْلٍ وَ اَلْمُشْرِكُونَ وَ قَالَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ أَ تَزْعُمُ أَنَّكَ سِرْتَ مَسِيرَةَ شَهْرَيْنِ فِي سَاعَةٍ أَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ ثُمَّ قَالَتْ قُرَيْشٌ أَخْبِرْنَا عَمَّا رَأَيْتَ فَقَالَ مَرَرْتُ بَعِيرِ بَنِي فُلاَنٍ وَ قَدْ أَضَلُّوا بَعِيراً لَهُمْ وَ هُمْ فِي طَلَبِهِ وَ فِي رَحْلِهِمْ قَعْبٌ مِنْ مَاءٍ مَمْلُوٍّ فَشَرِبْتُ اَلْمَاءَ فَغَطَّيْتُهُ كَمَا كَانَ فَاسْأَلُوهُمْ هَلْ وَجَدُوا اَلْمَاءَ فِي اَلْقَدَحِ قَالُوا هَذِهِ آيَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَرَرْتُ بِعِيرِ بَنِي فُلاَنٍ فَنَفَرَ بَعِيرُ فُلاَنٍ فَانْكَسَرَتْ يَدُهُ فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا هَذِهِ آيَةٌ أُخْرَى قَالُوا فَأَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا قَالَ مَرَرْتُ بِهَا بِالتَّنْعِيمِ وَ بَيَّنَ لَهُمْ أَحْوَالَهَا وَ هَيْئَاتِهَا قَالُوا هَذِهِ آيَةٌ أُخْرَى (2) .
ص: 326
408 وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: قَالَ أَبُو جَهْلٍ قَدْ أَمْكَنَتْكُمُ اَلْفُرْصَةُ مِنْهُ فَاسْأَلُوهُ كَمْ فِيهَا مِنَ اَلْأَسَاطِينِ وَ اَلْقَنَادِيلِ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَاهُنَا مَنْ دَخَلَ بَيْتَ اَلْمَقْدِسِ فَصِفْ لَنَا أَسَاطِينَهُ وَ قَنَادِيلَهُ فَجَاءَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَعَلَّقَ صُورَةَ بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ تُجَاهَ (1) وَجْهِهِ فَجَعَلَ يُخْبِرُهُمْ بِمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ قَالُوا حَتَّى تَجِيءَ اَلْعِيرُ وَ نَسْأَلَهُمْ عَمَّا قُلْتَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تَصْدِيقُ ذَلِكَ أَنَّ اَلْعِيرَ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ عِنْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ(2) عَلَيْهِ غِرَارَتَانِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ أَقْبَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى اَلْعَقَبَةِ وَ اَلْقُرْصِ فَإِذَا اَلْعِيرُ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ فَسَأَلُوهُمُ عَمَّا قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالُوا لَقَدْ كَانَ هَذَا فَلَمْ يَزِدْهُمُ إِلاَّ عُتُوّاً (3) .
409 فَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ اَلنَّدْوَةِ وَ كَتَبُوا صَحِيفَةً بَيْنَهُمْ أَنْ لاَ يُؤَاكِلُوا بَنِي هَاشِمٍ وَ لاَ يُكَلِّمُوهُمْ وَ لاَ يُبَايِعُوهُمْ وَ لاَ يُزَوِّجُوهُمْ وَ لاَ يَتَزَوَّجُوا إِلَيْهِمْ حَتَّى يَدْفَعُوا إِلَيْهِمْ مُحَمَّداً فَيَقْتُلُونَهُ وَ أَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ يَقْتُلُونَهُ غِيلَةً أَوْ صِرَاحاً فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ أَبَا طَالِبٍ جَمَعَ بَنِي هَاشِمٍ وَ دَخَلُوا اَلشِّعْبَ وَ كَانُوا أَرْبَعِينَ رَجُلاً فَحَلَفَ لَهُمْ أَبُو طَالِبٍ بِالْكَعْبَةِ وَ اَلْحَرَمِ إِنْ شَاكَتْ مُحَمَّداً شَوْكَةٌ لَآتِيَنَّ (4) عَلَيْكُمْ يَا بَنِي هَاشِمٍ وَ حَصَّنَ اَلشِّعْبَ وَ كَانَ يَحْرُسُهُ بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ فَإِذَا جَاءَ اَللَّيْلُ يَقُومُ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِ وَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُضْطَجِعٌ ثُمَّ يُقِيمُهُ وَ يُضْجِعُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَلاَ يَزَالُ اَللَّيْلَ كُلَّهُ هَكَذَا وَ يُوَكِّلُ وُلْدَهُ وَ وُلْدَ أَخِيهِ بِهِ
ص: 327
يَحْرُسُونَهُ بِالنَّهَارِ فَأَصَابَهُمُ اَلْجَهْدُ وَ كَانَ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ مِنَ اَلْعَرَبِ لاَ يَجْسُرُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ شَيْئاً وَ مَنْ بَاعَ بَنِي هَاشِمٍ شَيْئاً اِنْتَهَبُوا مَالَهُ وَ كَانَ أَبُو جَهْلٍ وَ اَلْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ اَلسَّهْمِيُّ وَ اَلنَّضْرُ بْنُ اَلْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ وَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ يَخْرُجُونَ إِلَى اَلطُّرُقَاتِ اَلَّتِي تَدْخُلُ مَكَّةَ فَمَنْ رَأَوْهُ مَعَهُ مِيرَةٌ نَهَوْهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ شَيْئاً وَ يُحَذِّرُونَهُ إِنْ بَاعَ شَيْئاً مِنْهُمْ اِنْتَهَبُوا مَالَهُ وَ كَانَتْ خَدِيجَةُ لَهَا مَالٌ كَثِيرٌ وَ أَنْفَقَتْهُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلشِّعْبِ وَ لَمْ يَدْخُلْ فِي حَلْفِ اَلصَّحِيفَةِ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ (1) بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَ قَالَ هَذَا ظُلْمٌ وَ خَتَمُوا اَلصَّحِيفَةَ بِأَرْبَعِينَ خَاتَماً كُلُّ رَجُلٍ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ بِخَاتَمِهِ وَ عَلَّقُوهَا فِي اَلْكَعْبَةِ وَ تَابَعَهُمُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو لَهَبٍ وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَخْرُجُ فِي كُلِّ يَوْمِ مَوْسِمٍ فَيَدُورُ عَلَى قَبَائِلِ اَلْعَرَبِ فَيَقُولُ لَهُمْ تَمْنَعُونَ لِي جَانِبِي حَتَّى أَتْلُوَ عَلَيْكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَ ثَوَابُكُمُ اَلْجَنَّةُ عَلَى اَللَّهِ وَ أَبُو لَهَبٍ فِي أَثَرِهِ فَيَقُولُ لاَ تَقْبَلُوا مِنْهُ فَإِنَّهُ اِبْنُ أَخِي وَ هُوَ كَذَّابٌ سَاحِرٌ فَلَمْ يَزَلْ هَذَا حَالَهُمْ وَ بَقُوا فِي اَلشِّعْبِ أَرْبَعَ سِنِينَ لاَ يَأْمَنُونَ إِلاَّ مِنْ مَوْسِمٍ إِلَى مَوْسِمٍ وَ لاَ يَشْتَرُونَ وَ لاَ يَبِيعُونَ إِلاَّ فِي اَلْمَوْسِمِ وَ كَانَ يَقُومُ بِمَكَّةَ مَوْسِمَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَوْسِمُ اَلْعُمْرَةِ فِي رَجَبٍ وَ مَوْسِمُ اَلْحَجِّ فِي ذِي اَلْحِجَّةِ فَكَانَ إِذَا اِجْتَمَعَتِ اَلْمَوَاسِمُ يَخْرُجُ بَنُو هَاشِمٍ مِنَ اَلشِّعْبِ فَيَشْتَرُونَ وَ يَبِيعُونَ ثُمَّ لاَ يَجْسُرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى اَلْمَوْسِمِ اَلثَّانِي وَ أَصَابَهُمُ اَلْجَهْدُ وَ جَاعُوا وَ بَعَثَ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ اِدْفَعْ إِلَيْنَا مُحَمَّداً نَقْتُلْهُ وَ نُمَلِّكْكَ عَلَيْنَا وَ قَالَ أَبُو طَالِبٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَصِيدَتَهُ اَللاَّمِيَّةَ يَقُولُ فِيهَا.
وَ لَمَّا رَأَيْتُ اَلْقَوْمَ لاَ وُدَّ مِنْهُمْ (2) *** وَ قَدْ قَطَعُوا كُلَّ اَلْعُرَى وَ اَلْوَسَائِلِ
وَ أَبْيَضَ يُسْتَسْقَى اَلْغَمَامُ بِوَجْهِهِ *** ثِمَالُ اَلْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
ص: 328
كَذَبْتُمْ وَ بَيْتِ اَللَّهِ يُبْزَى مُحَمَّدٌ *** وَ لَمَّا نُطَاعِنْ دُونَهُ وَ نُقَاتِلْ
لَعَمْرِي لَقَدْ كُلِّفْتُ وَجْداً بِأَحْمَدَ *** وَ أَحْبَبْتُهُ حُبَّ اَلْحَبِيبِ اَلْمُوَاصِلِ
وَ جُدْتُ بِنَفْسِي دُونَهُ وَ حَمَيْتُهُ *** وَ دَارَأْتُ عَنْهُ بِالذَّرَى وَ اَلْكَوَاهِلِ
فَأَيَّدَهُ رَبُّ اَلْعِبَادِ بِنَصْرِهِ *** وَ أَظْهَرَ دِيناً حَقُّهُ غَيْرُ بَاطِلٍ
فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ اَلْقَصِيدَةَ أَيِسُوا مِنْهُ وَ كَانَ أَبُو اَلْعَاصِ بْنُ اَلرَّبِيعِ وَ هُوَ خَتَنُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَأْتِي بِالْعِيرِ بِاللَّيْلِ عَلَيْهَا اَلْبُرُّ وَ اَلتَّمْرُ إِلَى بَابِ اَلشِّعْبِ ثُمَّ يَصِيحُ بِهَا فَتَدْخُلُ اَلشِّعْبَ فَيَأْكُلُهُ بَنُو هَاشِمٍ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَقَدْ صَاهَرَنَا أَبُو اَلْعَبَّاسِ فَأَحْمَدْنَا صِهْرَهُ وَ لَمَّا أَتَى أَرْبَعُ سِنِينَ بَعَثَ اَللَّهُ عَلَى صَحِيفَتِهِمُ اَلْقَاطِعَةِ دَابَّةَ اَلْأَرْضِ فَلَحِسَتْ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ قَطِيعَةٍ وَ ظُلْمٍ وَ تَرَكَتْ بِاسْمِكَ اَللَّهُمَّ وَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَأَخْبَرَ رَسُولُ اَللَّهِ أَبَا طَالِبٍ فَقَامَ أَبُو طَالِبٍ وَ لَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ مَشَى حَتَّى دَخَلَ اَلْمَسْجِدَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ فِيهِ فَلَمَّا أَبْصَرُوهُ قَالُوا قَدْ ضَجِرَ أَبُو طَالِبٍ وَ جَاءَ اَلْآنَ لِيُسَلِّمَ اِبْنَ أَخِيهِ فَدَنَا مِنْهُمْ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَقَامُوا إِلَيْهِ وَ عَظَّمُوهُ وَ قَالُوا قَدْ عَلِمْنَا يَا أَبَا طَالِبٍ أَنَّكَ أَرَدْتَ مُوَاصَلَتَنَا وَ اَلرُّجُوعَ إِلَى جَمَاعَتِنَا وَ أَنْ تُسَلِّمَ اِبْنَ أَخِيكَ إِلَيْنَا قَالَ وَ اَللَّهِ مَا جِئْتُ لِهَذَا وَ لَكِنَّ اِبْنَ أَخِي أَخْبَرَنِي وَ لَمْ يَكْذِبْنِي أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَعَثَ عَلَى صَحِيفَتِكُمُ اَلْقَاطِعَةِ دَابَّةَ اَلْأَرْضِ فَلَحِسَتْ جَمِيعَ مَا فِيهَا مِنْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ وَ ظُلْمٍ وَ جَوْرٍ وَ تَرَكَتِ اِسْمَ اَللَّهِ فَابْعَثُوا إِلَى صَحِيفَتِكُمْ فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَاتَّقُوا اَللَّهَ وَ اِرْجِعُوا عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ اَلظُّلْمِ وَ اَلْجَوْرِ وَ قَطِيعَةِ اَلرَّحِمِ وَ إِنْ كَانَ بَاطِلاً دَفَعْتُهُ إِلَيْكُمْ فَإِنْ شِئْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ وَ إِنْ شِئْتُمْ أَسْجَنْتُمُوهُ فَبَعَثُوا إِلَى اَلصَّحِيفَةِ وَ أَنْزَلُوهَا مِنَ اَلْكَعْبَةِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا إِلاَّ بِاسْمِكَ اَللَّهُمَّ فَقَالَ لَهُمْ أَبُو طَالِبٍ يَا قَوْمُ اِتَّقُوا اَللَّهَ وَ كُفُّوا عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ فَتَفَرَّقَ اَلْقَوْمُ وَ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ وَ رَجَعَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى اَلشِّعْبِ (1) .
410 وَ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَ بَنِي قُصَيٍّ وَ رِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَلَدَتْهُمْ
ص: 329
نِسَاءُ بَنِي هَاشِمٍ مِنْهُمْ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَ عَامِرُ بْنُ لُؤَيٍّ وَ كَانَ شَيْخاً كَبِيراً كَثِيرَ اَلْمَالِ لَهُ أَوْلاَدٌ وَ أَبُو اَلْبَخْتَرِيِّ بْنُ هَاشِمٍ وَ زُهَيْرُ بْنُ أُمَيَّةَ اَلْمَخْزُومِيُّ فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ نَحْنُ بُرَآءُ مِمَّا فِي هَذِهِ اَلصَّحِيفَةِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ وَ خَرَجَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ رَهْطُهُ مِنَ اَلشِّعْبِ وَ خَالَطُوا اَلنَّاسَ وَ مَاتَ أَبُو طَالِبٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرَيْنِ وَ مَاتَتْ خَدِيجَةُ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَ وَرَدَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمْرَانِ عَظِيمَانِ وَ جَزِعَ جَزَعاً شَدِيداً وَ دَخَلَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ يَا عَمِّ رَبَّيْتَ صَغِيراً وَ نَصَرْتَ كَبِيراً وَ كَفَّلْتَ يَتِيماً فَجَزَاكَ اَللَّهُ عَنِّي خَيْرَ اَلْجَزَاءِ أَعْطِنِي كَلِمَةً أَشْفَعْ لَكَ بِهَا عِنْدَ رَبِّي(1) قَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ فَلَمَّا ثَقُلَ أَبُو طَالِبٍ رُئِيَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَأَصْغَى إِلَيْهِ اَلْعَبَّاسُ يَسْمَعُ قَوْلَهُ فَرَفَعَ اَلْعَبَّاسُ عَنْهُ (2) وَ قَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ اَللَّهِ قَدْ قَالَ اَلْكَلِمَةَ اَلَّتِي سَأَلْتَهُ إِيَّاهَا .
وَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَارَضَ جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ وصلتك رحم(3) وَ جُزِيتَ خَيْراً يَا عَمِّ (4).
وَ عَنِ اَلزُّهْرِيِّ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ اَلْعَرَبِ فِي كُلِّ مَوْسِمٍ وَ يُكَلِّمُ كُلَّ شَرِيفِ قَوْمٍ لاَ يَسْأَلُهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ(5) فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ اِشْتَدَّ
ص: 330
اَلْبَلاَءُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَعَمَدَ لِثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ رَجَاءَ أَنْ يُؤْوُوهُ فَرَضَخُوهُ بِالْحِجَارَةِ فَخَلَصَ مِنْهُمْ وَ رِجْلاَهُ يَسِيلاَنِ اَلدِّمَاءَ وَ اِسْتَظَلَّ فِي ظِلِّ نَخْلَةٍ فِيهِ وَ هُوَ مَكْرُوبٌ مُوجَعٌ فَإِذَا فِي اَلْحَائِطِ عُتْبَةُ وَ شَيْبَةُ اِبْنَا رَبِيعَةَ فَلَمَّا رَآهُمَا كَرِهَ مَكَانَهُ (1) لِمَا يَعْلَمُ مِنْ عَدَاوَتِهِمَا فَلَمَّا رَأَيَاهُ أَرْسَلاَ إِلَيْهِ غُلاَماً يُدْعَى عَدَّاسٌ وَ هُوَ نَصْرَانِيٌّ وَ مَعَهُ عِنَبٌ فَلَمَّا جَاءَهُ عَدَّاسٌ قَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ مِنْ أَيِّ أَرْضٍ أَنْتَ قَالَ أَنَا مِنْ نَيْنَوَى فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ مَدِينَةِ اَلرَّجُلِ اَلصَّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَقَالَ عَدَّاسٌ وَ مَا يُدْرِيكَ مَنْ يُونُسُ بْنُ مَتَّى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ لاَ تُحَقِّرُ أَحَداً(2) أَنْ يُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ أَنَا رَسُولُ اَللَّهِ وَ اَللَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَنِي خَبَرَ يُونُسَ بْنِ مَتَّى فَجَعَلَ عَدَّاسٌ يُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَ لَمَّا رَجَعَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ مِنَ اَلطَّائِفِ وَ أَشْرَفَ عَلَى مَكَّةَ وَ هُوَ مُعْتَمِرٌ كَرِهَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ وَ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مُجِيرٌ فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ سِرّاً فَقَالَ لَهُ اِئْتِ مُطْعِمَ بْنَ عَدِيٍّ فَسَلْهُ أَنْ يُجِيرَنِي حَتَّى أَطُوفَ وَ أَسْعَى فَقَالَ لَهُ اِئْتِهِ وَ قُلْ لَهُ إِنِّي قَدْ أَجَرْتُكَ فَتَعَالَ وَ طُفْ وَ اِسْعَ مَا شِئْتَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ مُطْعِمٌ لِوُلْدِهِ وَ أَخْتَانِهِ وَ أَخِيهِ طُعَيْمَةَ خُذُوا سِلاَحَكُمْ فَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُ مُحَمَّداً وَ كُونُوا حَوْلَ اَلْكَعْبَةِ حَتَّى يَطُوفَ وَ يَسْعَى وَ كَانُوا عَشْرَةً فَأَخَذُوا اَلسِّلاَحَ وَ أَقْبَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى دَخَلَ اَلْمَسْجِدَ وَ رَآهُ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ هَذَا مُحَمَّدٌ وَحْدَهُ وَ قَدْ مَاتَ نَاصِرُهُ فَشَأْنَكُمْ بِهِ فَقَالَ طُعَيْمَةُ يَا عَمِّ لاَ تَتَكَلَّمْ فَإِنَّ أَبَا وَهْبٍ قَدْ أَجَارَ مُحَمَّداً فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ أَبَا وَهْبٍ أَ مُجِيرٍ أَمْ صَابِئٌ قَالَ بَلْ مُجِيرٌ قَالَ إِذاً لاَ نَخْفِرُ جِوَارَكَ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اَللَّهِ مِنْ طَوَافِهِ وَ سَعْيِهِ جَاءَ إِلَى مُطْعِمٍ وَ قَالَ يَا أَبَا وَهْبٍ قَدْ أَجَرْتَ وَ أَحْسَنْتَ فَرُدَّ عَلَيَّ جِوَارِي فَقَالَ وَ مَا عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ فِي جِوَارِي فَقَالَ لاَ أُقِيمُ فِي جِوَارِ مُشْرِكٍ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فَقَالَ مُطْعِمٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَدْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ مِنْ جِوَارِي (3) .
ص: 331
412 ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : أَنَّ أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ وَ ذَكْوَانَ خَرَجَا إِلَى عُمْرَةِ رَجَبٍ وَ كَانَ أَسْعَدُ صَدِيقاً لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَنَزَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ كَانَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ قَوْمِنَا حُرُوبٌ وَ قَدْ جِئْنَاكَ نَطْلُبُ اَلْحِلْفَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ عُتْبَةُ بَعُدَتْ دَارُنَا مِنْ دَارِكُمْ وَ لَنَا شُغُلٌ لاَ نَتَفَرَّغُ لِشَيْ ءٍ قَالَ وَ مَا شُغُلُكُمْ وَ أَنْتُمْ فِي حَرَمِكُمْ وَ أَمْنِكُمْ فَقَالَ عُتْبَةُ خَرَجَ فِينَا رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ رَسُولُ اَللَّهِ سَفَّهُ أَحْلاَمَنَا(1) فَقَالَ أَسْعَدُ وَ مَنْ هُوَ مِنْكُمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ مِنْ أَوْسَطِنَا شَرَفاً وَ أَعْظَمِنَا بَيْتاً وَ كَانَ أَسْعَدُ وَ ذَكْوَانُ وَ جَمِيعُ اَلْأَوْسِ وَ اَلْخَزْرَجِ يَسْمَعُونَ مِنَ اَلْيَهُودِ اَلَّذِينَ كَانُوا بَيْنَهُمْ اَلنَّضِيرِ وَ قُرَيْظَةَ وَ قَيْنُقَاعٍ أَنَّ هَذَا أَوَانُ نَبِيٍّ يَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ يَكُونُ مُهَاجَرُهُ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا سَمِعَ أَسْعَدُ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ مَا كَانَ سَمِعَ مِنَ اَلْيَهُودِ قَالَ أَيْنَ هُوَ قَالَ هُوَ جَالِسٌ فِي اَلْحِجْرِ فَلاَ تُكَلِّمْهُ فَإِنَّهُ سَاحِرٌ يَسْحَرُكَ بِكَلاَمِهِ قَالَ أَسْعَدُ كَيْفَ أَصْنَعُ وَ أَنَا مُعْتَمِرٌ لاَ بُدَّ لِي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ قَالَ ضَعْ فِي أُذُنِكَ اَلْقُطْنَ فَدَخَلَ أَسْعَدُ اَلْمَسْجِدَ وَ قَدْ حَشَا أُذُنَيْهِ اَلْقُطْنَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْحِجْرِ مَعَ بَنِي هَاشِمٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِ نَظْرَةً وَ جَازَهُ فَلَمَّا كَانَ فِي اَلشَّوْطِ اَلثَّانِي رَمَى اَلْقُطْنَ وَ قَالَ فِي نَفْسِهِ لاَ أَحَدَ أَجْهَلُ مِنِّي فَقَالَ أَنْعِمْ صَبَاحاً فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدْ أَبْدَلَنَا اَللَّهُ أَحْسَنَ (2) مِنْ هَذَا تَحِيَّةُ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ أَنَا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ مِنَ اَلْخَزْرَجِ وَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ إِخْوَتِنَا مِنَ اَلْأَوْسِ حِبَالٌ مَقْطُوعَةٌ فَإِنْ وَصَلَهَا اَللَّهُ بِكَ فَلاَ أَحَدَ أَعَزُّ مِنْكَ وَ مَعِي رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي فَإِنْ دَخَلَ فِي هَذَا اَلْأَمْرِ أَرْجُو أَنْ يُتِمَّ اَللَّهُ لَنَا أُمُورَنَا فِيكَ لَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ مِنَ اَلْيَهُودِ خَبَرَكَ وَ صِفَتَكَ وَ أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَارُنَا دَارَ هِجْرَتِكَ فَقَدْ أَعْلَمَنَا اَلْيَهُودُ ذَلِكَ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي سَاقَنِي إِلَيْكَ ثُمَّ أَقْبَلَ ذَكْوَانُ فَقَالَ لَهُ أَسْعَدُ هَذَا رَسُولُ اَللَّهِ اَلَّذِي كَانَتِ اَلْيَهُودُ تُبَشِّرُنَا بِهِ وَ تُخْبِرُنَا
ص: 332
بِصِفَتِهِ فَأَسْلَمَ ذَكْوَانُ وَ قَالاَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ اِبْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً يُعَلِّمُنَا اَلْقُرْآنَ كَثِيراً فَبَعَثَ مَعَهُمَا مصعب [مُصْعَباً] فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ وَ أَجَابَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ اَلرَّجُلُ وَ اَلرَّجُلاَنِ لَمَّا أَخْبَرُوهُمْ بِخَبَرِ رَسُولِ اَللَّهِ وَ أَمْرِهِ وَ كَانَ مُصْعَبٌ يَخْرُجُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَيَطُوفُ عَلَى مَجَالِسِ اَلْخَزْرَجِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ فَيُجِيبُهُ اَلْأَحْدَاثُ وَ قَالَ أَسْعَدُ لِمُصْعَبٍ إِنَّ خَالِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ مِنْ رُؤَسَاءِ اَلْأَوْسِ فَإِنْ دَخَلَ فِي هَذَا اَلْأَمْرِ تَمَّ لَنَا أَمْرُنَا فَجَاءَ مُصْعَبٌ مَعَ أَسْعَدَ إِلَى مَحَلَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَ قَعَدَ عَلَى بِئْرٍ مِنْ آبَارِهِمْ وَ اِجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ أَحْدَاثِهِمْ وَ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْهِمُ اَلْقُرْآنَ فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ لِأُسَيْدِ بْنِ حُصَيْنٍ وَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ بَلَغَنِي أَنَّ أَسْعَدَ أَتَى مَحَلَّتَنَا مَعَ هَذَا اَلْقُرَشِيِّ يُفْسِدُ شَبَابَنَا اِئْتِهِ وَ اِنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَتَى أُسَيْدٌ وَ قَالَ لِأَسْعَدَ يَا أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ لَكَ خَالُكَ لاَ تأتينا [تَأْتِنَا] فِي نَادِينَا وَ لاَ تُفْسِدْ شَبَابَنَا فَقَالَ مُصْعَبٌ أَ وَ تَجْلِسُ فَنَعْرِضَ عَلَيْكَ أَمْراً فَإِنْ أَحْبَبْتَهُ دَخَلْتَ فِيهِ وَ إِنْ كَرِهْتَهُ نَحَّيْنَا عَنْكَ مَا تَكْرَهُ فَجَلَسَ فَقَرَأَ عَلَيْهِ سُورَةً فَأَسْلَمَ أُسَيْدٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ قَالَ أُقْسِمُ أَنَّ أُسَيْداً رَجَعَ إِلَيْنَا بِغَيْرِ اَلْوَجْهِ اَلَّذِي ذَهَبَ مِنْ عِنْدِنَا وَ أَتَاهُمْ سَعْدٌ فَقَرَأَ عَلَيْهِ أَسْعَدُ حم تَنْزِيلٌ مِنَ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ فَلَمَّا سَمِعَ بَعَثَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ أُتِيَ بِثَوْبَيْنِ طَاهِرَيْنِ وَ اِغْتَسَلَ وَ شَهِدَ اَلشَّهَادَتَيْنِ وَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ وَ أَخَذَ بِيَدِ مُصْعَبٍ وَ حَوَّلَهُ إِلَيْهِ وَ قَالَ أَظْهِرْ أَمْرَكَ وَ لاَ تَهَابَنَّ أَحَداً ثُمَّ صَاحَ لاَ يَبْقَيَنَّ رَجُلٌ وَ لاَ اِمْرَأَةٌ إِلاَّ خَرَجَ فَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ سَتْرٍ وَ لاَ حِجَابٍ فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا قَالَ كَيْفَ حَالِي عِنْدَكُمْ قَالُوا أَنْتَ سَيِّدُنَا وَ اَلْمُطَاعُ فِينَا وَ لاَ نَرُدُّ لَكَ أَمْراً فَقَالَ كَلاَمُ رِجَالِكُمْ وَ نِسَائِكُمْ عَلَيَّ حَرَامٌ حَتَّى تَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اَللَّهِ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَكْرَمَنَا بِذَلِكَ وَ هُوَ اَلَّذِي كَانَتِ اَلْيَهُودُ تُخْبِرُنَا بِهِ وَ شَاعَ اَلْإِسْلاَمُ بِالْمَدِينَةِ وَ دَخَلَ فِيهِ مِنَ اَلْبَطْنَيْنِ أَشْرَافُهُمْ وَ كَتَبَ مُصْعَبٌ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِذَلِكَ فَكُلُّ مَنْ دَخَلَ فِي اَلْإِسْلاَمِ مِنْ قُرَيْشٍ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وَ عَذَّبُوهُ وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى اَلْمَدِينَةِ فَيَصِيرُونَ إِلَيْهَا فَيُنْزِلُهُمُ اَلْأَوْسُ وَ اَلْخَزْرَجُ عَلَيْهِمْ وَ يُوَاسُونَهُمْ (1) .
ص: 333
413 ثُمَّ إِنَّ اَلْأَوْسَ وَ اَلْخَزْرَجَ قَدِمُوا مَكَّةَ فَجَاءَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ تَمْنَعُونَ جَانِبِي حَتَّى أَتْلُوَ عَلَيْكُمْ كِتَابَ رَبِّكُمْ وَ ثَوَابُكُمْ عَلَى اَللَّهِ اَلْجَنَّةُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ مَوْعِدُكُمُ اَلْعَقَبَةُ فِي اَللَّيْلَةِ اَلْوُسْطَى مِنْ لَيَالِي اَلتَّشْرِيقِ فَلَمَّا حَجُّوا رَجَعُوا إِلَى مِنًى فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تَمْنَعُونِّي بِمَا تَمْنَعُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ قَالُوا فَمَا لَنَا عَلَى ذَلِكَ قَالَ اَلْجَنَّةُ قَالُوا رَضِينَا دِمَاؤُنَا بِدَمِكَ وَ أَنْفُسُنَا بِنَفْسِكَ فَاشْتَرِطْ لِرَبِّكَ وَ لِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ .
فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَخْرِجُوا إِلَيَّ مِنْكُمُ اِثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً يَكُونُونَ عَلَيْكُمْ بِذَلِكَ كَمَا أَخَذَ مُوسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ اِثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً فَقَالُوا اِخْتَرْ مَنْ شِئْتَ فَأَشَارَ جَبْرَئِيلُ إِلَيْهِمْ فَقَالَ هَذَا نَقِيبٌ وَ هَذَا نَقِيبٌ (1) حَتَّى اِخْتَارَ تِسْعَةً مِنَ اَلْخَزْرَجِ وَ هُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَ اَلْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ وَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ حَرَامٍ (2) أَبُو جَابِرِ(3) بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ وَ رَافِعُ بْنُ مَالِكٍ وَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَ اَلْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو وَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَ سَعْدُ بْنُ اَلرَّبِيعِ وَ عُبَادَةُ بْنُ اَلصَّامِتِ وَ ثَلاَثَةً مِنَ اَلْأَوْسِ وَ هُمْ أَبُو اَلْهَيْثَمِ بْنُ اَلتَّيِّهَانِ وَ كَانَ رَجُلاً مِنَ اَلْيَمَنِ حَلِيفاً فِي بَنِي عُمْرَةَ بْنِ عَوْفٍ وَ أُسَيْدُ بْنُ حُصَيْنٍ وَ سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ فَلَمَّا اِجْتَمَعُوا وَ بَايَعُوا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ صَاحَ إِبْلِيسُ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ وَ اَلْعَرَبِ هَذَا مُحَمَّدٌ وَ اَلصُّبَاةُ مِنَ اَلْأَوْسِ وَ اَلْخَزْرَجِ عَلَى جَمْرَةِ اَلْعَقَبَةِ يُبَايِعُونَهُ عَلَى حَرْبِكُمْ فَأَسْمَعَ أَهْلَ مِنًى فَهَاجَتْ قُرَيْشٌ وَ أَقْبَلُوا بِالسِّلاَحِ وَ سَمِعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلنِّدَاءَ فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ تَفَرَّقُوا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَمِيلَ إِلَيْهِمْ بِأَسْيَافِنَا فَعَلْنَا فَقَالَ اَلرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمْ أُؤْمَرْ بِذَلِكَ وَ لَمْ يَأْذَنِ اَللَّهُ لِي فِي
ص: 334
مُحَارَبَتِهِمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تَخْرُجُ مَعَنَا قَالَ أَنْتَظِرُ أَمْرَ اَللَّهِ تَعَالَى فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ قَدْ أَخَذُوا اَلسِّلاَحَ وَ خَرَجَ حَمْزَةُ وَ مَعَهُ اَلسَّيْفُ وَ مَعَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَوَقَفَا عَلَى اَلْعَقَبَةِ فَقَالُوا مَا هَذَا اَلَّذِي اِجْتَمَعْتُمْ عَلَيْهِ قَالَ حَمْزَةُ مَا هَاهُنَا أَحَدٌ وَ مَا اِجْتَمَعْنَا وَ اَللَّهِ لاَ يَجُوزُ أَحَدٌ هَذِهِ اَلْعَقَبَةَ إِلاَّ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ بِسَيْفِي فَرَجَعُوا وَ غَدَوْا إِلَى عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَ قَالُوا بَلَغَنَا أَنَّ قَوْمَكَ بَايَعُوا مُحَمَّداً عَلَى حَرْبِنَا فَحَلَفَ لَهُمْ عَبْدُ اَللَّهِ أَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا وَ لاَ عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُطْلِعُوهُ عَلَى أَمْرِهِمْ فَصَدَّقُوهُ وَ تَفَرَّقَتِ اَلْأَنْصَارُ وَ رَجَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى مَكَّةَ (1) .
414 ثُمَّ اِجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ فِي دَارِ اَلنَّدْوَةِ فَجَاءَهُمْ إِبْلِيسُ لَمَّا أَخَذُوا مَجْلِسَهُمْ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْعَرَبِ أَعَزَّ مِنَّا حَتَّى نَشَأَ فِينَا مُحَمَّدٌ وَ كُنَّا نُسَمِّيهِ اَلْأَمِينَ لِصَلاَحِهِ وَ أَمَانَتِهِ فَزَعَمَ أَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ وَ سَبَّ آلِهَتَنَا وَ قَدْ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْياً وَ هُوَ أَنْ نَدُسَّ إِلَيْهِ رَجُلاً فَيَقْتُلَهُ وَ إِنْ طَلَبَتْ بَنُو هَاشِمٍ بِدَمِهِ أَعْطَيْنَاهُمْ عَشْرَ دِيَاتٍ فَقَالَ إِبْلِيسُ هَذَا رَأْيٌ خَبِيثٌ فَإِنَّ بَنِي هَاشِمٍ لاَ يَرْضَوْنَ أَنْ يَمْشِيَ قَاتِلُ مُحَمَّدٍ عَلَى اَلْأَرْضِ أَبَداً وَ يَقَعُ بَيْنَكُمُ اَلْحُرُوبُ فِي اَلْحَرَمِ فَقَالَ آخَرُ اَلرَّأْيُ أَنْ نَأْخُذَهُ فَنَحْبِسَهُ فِي بَيْتٍ وَ نُثْبِتَهُ فِيهِ وَ نُلْقِيَ إِلَيْهِ قُوتَهُ حَتَّى يَمُوتَ كَمَا مَاتَ زُهَيْرٌ وَ اَلنَّابِغَةُ قَالَ إِبْلِيسُ إِنَّ بَنِي هَاشِمٍ لاَ تَرْضَى بِذَلِكَ فَإِذَا جَاءَ مَوَاسِمُ اَلْعَرَبِ اِجْتَمَعُوا عَلَيْكُمْ فَأَخْرَجُوهُ فَيَخْدَعُهُمْ بِسِحْرِهِ فَقَالَ آخَرُ اَلرَّأْيُ أَنْ نُخْرِجَهُ مِنْ بِلاَدِنَا وَ نَطْرُدَهُ وَ نَتَفَرَّغَ لِآلِهَتِنَا فَقَالَ إِبْلِيسُ هَذَا أَخْبَثُ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ إِذَا خَرَجَ يَفْجَؤُكُمْ وَ قَدْ مَلَأَهَا خَيْلاً وَ رَجِلاً فَبَقُوا حَيَارَى قَالُوا مَا اَلرَّأْيُ عِنْدَكَ قَالَ مَا فِيهِ إِلاَّ رَأْيٌ وَاحِدٌ وَ هُوَ أَنْ يَجْتَمِعَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ رَجُلٌ شَرِيفٌ وَ يَكُونَ مَعَكُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَحَدٌ فَيَأْخُذُونَ سَيْفاً وَ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَيَضْرِبُهُ كُلُّهُمْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَيَتَفَرَّقُ دَمُهُ فِي قُرَيْشٍ كُلِّهِمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُ بَنُو هَاشِمٍ أَنْ يَطْلُبُوا بِدَمِهِ
ص: 335
وَ قَدْ شَارَكُوا فِيهِ فَحُمَادَاهُمْ أَنْ تُعْطُوا اَلدِّيَةَ (1) فَقَالُوا اَلرَّأْيُ رَأْيُ اَلشَّيْخِ اَلنَّجْدِيِّ فَاخْتَارُوا خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلاً فِيهِمْ أَبُو لَهَبٍ عَلَى أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اَللّٰهُ وَ اَللّٰهُ خَيْرُ اَلْمٰاكِرِينَ (2)في ق 3: يهرعون على الحجرة، أيّ يمشون إليها بسرعة و اضطراب.(3) وَ أَجْمَعُوا أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ لَيْلاً وَ كَتَمُوا أَمْرَهُ فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ بَلْ نَحْرُسُهُ فَإِذَا أَصْبَحْنَا دَخَلْنَا عَلَيْهِ فَقَامُوا حَوْلَ حُجْرَةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يُفْرَشَ لَهُ وَ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِفْدِنِي نَفْسَكَ فَقَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ نَمْ عَلَى فِرَاشِي وَ اِلتَحِفْ بِبُرْدَتِي فَقَامَ وَ جَاءَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ اُخْرُجْ وَ اَلْقَوْمُ يُشْرِفُونَ عَلَى اَلْحُجْرَةِ (3) فَيَرَوْنَ فِرَاشَهُ وَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَائِمٌ عَلَيْهِ فَيَتَوَهَّمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اَللَّهِ فَخَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ وَ هُوَ يَقْرَأُ يس إِلَى قَوْلِهِ فَأَغْشَيْنٰاهُمْ فَهُمْ لاٰ يُبْصِرُونَ (4) وَ أَخَذَ تُرَاباً بِكَفِّهِ وَ نَثَرَهُ عَلَيْهِمْ وَ هُمْ نِيَامٌ وَ مَضَى فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا مُحَمَّدُ خُذْ نَاحِيَةَ ثَوْرٍ وَ هُوَ جَبَلٌ عَلَى طَرِيقِ مِنًى لَهُ سَنَامٌ كَسَنَامِ اَلثَّوْرِ فَمَرَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ تَلَقَّاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي اَلطَّرِيقِ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَ مَرَّ بِهِ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى ثَوْرٍ دَخَلَ اَلْغَارَ فَلَمَّا أَصْبَحَتْ قُرَيْشٌ وَ أَضَاءَ اَلصُّبْحُ وَثَبُوا فِي اَلْحُجْرَةِ وَ قَصَدُوا اَلْفِرَاشَ فَوَثَبَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَيْهِمْ وَ قَامَ فِي وُجُوهِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ مَا لَكُمْ قَالُوا أَيْنَ اِبْنُ عَمِّكَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ جَعَلْتُمُونِي عَلَيْهِ رَقِيباً أَ لَسْتُمْ قُلْتُمْ لَهُ اُخْرُجْ عَنَّا فَقَدْ خَرَجَ عَنْكُمْ فَمَا تُرِيدُونَ
ص: 336
فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَضْرِبُونَهُ فَمَنَعَهُمْ أَبُو لَهَبٍ وَ قَالُوا أَنْتَ كُنْتَ تَخْدَعُنَا مُنْذُ اَللَّيْلَةِ فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَفَرَّقُوا فِي اَلْجِبَالِ وَ كَانَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْ خُزَاعَةَ يُقَالُ لَهُ أَبُو كُرْزٍ يَقْفُو اَلْآثَارَ فَقَالُوا لَهُ يَا أَبَا كُرْزٍ اَلْيَوْمَ اَلْيَوْمَ (1) فَمَا زَالُوا يَقْفُونَ أَثَرَ رَسُولِ اَللَّهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ اَلْغَارِ فَقَالَ هَذِهِ قَدَمُ مُحَمَّدٍ هِيَ وَ اَللَّهِ أُخْتُ اَلْقَدَمِ اَلَّتِي فِي اَلْمَقَامِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى وَقَفَهُمْ عَلَى بَابِ اَلْغَارِ وَ قَالَ مَا جَاوَزُوا هَذَا اَلْمَكَانَ إِمَّا أَنْ يَكُونُوا صَعِدُوا إِلَى اَلسَّمَاءِ أَوْ دَخَلُوا اَلْأَرْضَ فَبَعَثَ اَللَّهُ اَلْعَنْكَبُوتَ فَنَسَجَتْ عَلَى بَابِ اَلْغَارِ وَ جَاءَ فَارِسٌ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ فِي صُورَةِ اَلْإِنْسِ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ اَلْغَارِ وَ هُوَ يَقُولُ لَهُمْ اُطْلُبُوا فِي هَذِهِ اَلشِّعَابِ فَلَيْسَ هَاهُنَا فَأَقْبَلُوا يَدُورُونَ فِي اَلشِّعَابِ (2) .
415 وَ بَقِيَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْغَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَذِنَ اَللَّهُ لَهُ فِي اَلْهِجْرَةِ وَ قَالَ اُخْرُجْ عَنْ مَكَّةَ يَا مُحَمَّدُ فَلَيْسَ لَكَ بِهَا نَاصِرٌ بَعْدَ أَبِي طَالِبٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَقْبَلَ رَاعٍ لِبَعْضِ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ اِبْنُ أُرَيْقِطٍ فَدَعَاهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لَهُ آتَمِنُكَ عَلَى دَمِي فَقَالَ إِذاً وَ اَللَّهِ أَحْرُسُكَ وَ لاَ أَدُلُّ عَلَيْكَ فَأَيْنَ تُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ قَالَ يَثْرِبَ قَالَ لَأَسْلُكَنَّ بِكَ مَسْلَكاً لاَ يَهْتَدِي فِيهَا(3) أَحَدٌ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِئْتِ عَلِيّاً وَ بَشِّرْهُ بِأَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَذِنَ لِي فِي اَلْهِجْرَةِ فَهَيِّئْ لِي زَاداً وَ رَاحِلَةً وَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلِمْ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ أَمْرَنَا وَ قُلْ لَهُ اِئْتِنَا بِالزَّادِ وَ اَلرَّاحِلَةِ (4) وَ خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنَ اَلْغَارِ فَلَمْ يَرْجِعُوا إِلَى اَلطَّرِيقِ إِلاَّ بِقُدَيْدٍ وَ قَدْ كَانَتِ اَلْأَنْصَارُ بَلَغَهُمْ خُرُوجُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَيْهِمْ وَ كَانُوا يَتَوَقَّعُونَ قُدُومَهُ إِلَى أَنْ وَافَى مَسْجِدَ قُبَا وَ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ اَلْهِدْمِ شَيْخٍ صَالِحٍ مَكْفُوفٍ وَ اِجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ بُطُونُ اَلْأَوْسِ وَ لَمْ تَجْسُرِ اَلْخَزْرَجُ أَنْ يَأْتُوا رَسُولَ اَللَّهِ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ اَلْأَوْسِ مِنَ اَلْعَدَاوَةِ فَلَمَّا أَمْسَى أَتَاهُ
ص: 337
أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ مُقَنِّعاً فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ فَرِحَ بِقُدُومِهِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِلْأَوْسِ مَنْ يُجِيرُهُ فَأَجَارَهُ عُوَيْمِرُ بْنُ سَاعِدَةَ وَ سَعْدُ بْنُ خَيْثَمَةَ فَبَقِيَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْماً فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ نَدْخُلُ اَلْمَدِينَةَ فَالْقَوْمُ مُتَشَوِّقُونَ إِلَى نُزُولِكَ فَقَالَ لَأُدِيمُ فِي هَذَا اَلْمَكَانِ حَتَّى يُوَافِيَنِي أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ أَنِ اِحْمِلِ اَلْعِيَالَ وَ اِقْدَمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا أَحْسَبُ عَلِيّاً يُوَافِي قَالَ بَلَى مَا أَسْرَعَهُ فَلَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ رَكِبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَاحِلَتَهُ وَ اِجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ (1)بَنُو عَمْرِو اِبْنِ عَوْفٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَقِمْ عِنْدَنَا قَالَ خَلُّوا عَنْهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَ بَلَغَ اَلْأَوْسَ وَ اَلْخَزْرَجَ خُرُوجُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَلَبِسُوا اَلسِّلاَحَ وَ أَقْبَلُوا يَعْدُونَ حَوْلَ نَاقَتِهِ وَ أَخَذَ كُلُّ حَيٍّ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ وَ يَقُولُ خَلُّوا سَبِيلَهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ فَبَرَكَتِ اَلنَّاقَةُ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوبَ فَنَزَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ جَاءَتْهُ اَلْيَهُودُ فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِلَى مَا تَدْعُو(2) قَالَ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اَللَّهِ وَ أَنَا اَلَّذِي تَجِدُونَنِي مَكْتُوباً فِي اَلتَّوْرَاةِ وَ اَلَّذِي أَخْبَرَكُمْ بِهِ عُلَمَاؤُكُمْ فَحَرَمِي بِمَكَّةَ وَ مُهَاجَرِي فِي هَذِهِ اَلْبُحَيْرَةِ (3) فَقَالُوا قَدْ سَمِعْنَا مَا تَقُولُ وَ قَدْ جِئْنَاكَ لِنَطْلُبَ مِنْكَ اَلْهُدْنَةَ عَلَى أَنْ لاَ نَكُونَ لَكَ وَ لاَ عَلَيْكَ فَأَجَابَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى ذَلِكَ وَ كَتَبَ بَيْنَهُمْ كِتَاباً وَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُصَلِّي فِي اَلْمِرْبَدِ بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ اِشْتَرَاهُ وَ جَعَلَهُ اَلْمَسْجِدَ وَ كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ اَلْمَقْدِسِ حَتَّى أَتَى لَهُ سَبْعَةُ أَشْهُرٍ فَأُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى اَلْكَعْبَةِ فَصَلَّى بِهِمُ اَلظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ إِلَى هَاهُنَا وَ رَكْعَتَيْنِ إِلَى هَاهُنَا (4) .
ص: 338
416 قَالَ اَلْمُفَسِّرُونَ وَ أَهْلُ اَلسِّيَرِ: إِنَّ جَمِيعَ مَا غَزَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِنَفْسِهِ سِتٌّ وَ عِشْرُونَ غَزْوَةً وَ إِنَّ جَمِيعَ سَرَايَاهُ اَلَّتِي بَعَثَهَا وَ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا سِتٌّ وَ ثَلاَثُونَ سَرِيَّةً وَ قَاتَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي تِسْعِ غَزَوَاتٍ مِنْهَا وَ هِيَ بَدْرٌ وَ أُحُدٌ وَ اَلْخَنْدَقُ وَ بَنُو قُرَيْظَةَ وَ اَلْمُصْطَلَقُ وَ خَيْبَرُ وَ اَلْفَتْحُ وَ حُنَيْنٌ وَ اَلطَّائِفُ . وَ نَذْكُرُ بَعْضَهَا
416 فَمِنْهَا أَنَّهُ بَعَثَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَبْدَ اَللَّهِ (1) بْنَ جَحْشٍ إِلَى نَخْلَةٍ وَ قَالَ كُنْ بِهَا حَتَّى تَأْتِيَنَا بِخَبَرٍ مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ وَ لَمْ يَأْمُرْهُ بِقِتَالٍ وَ ذَلِكَ فِي اَلشَّهْرِ اَلْحَرَامِ وَ كَتَبَ لَهُ كِتَاباً وَ قَالَ لَهُ اُخْرُجْ أَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ حَتَّى إِذَا سريت [سِرْتَ ] يَوْمَيْنِ فَافْتَحْ كِتَابَكَ وَ اُنْظُرْ فِيهِ وَ اِمْضِ لِمَا أَمَرْتُكَ فَلَمَّا سَارَ يَوْمَيْنِ وَ فَتَحَ اَلْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ اِمْضِ حَتَّى تَنْزِلَ نَخْلَةَ فَأْتِنَا مِنْ أَخْبَارِ قُرَيْشٍ بِمَا يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ سَمْعاً وَ طَاعَةً لَمَّا قَرَأَ اَلْكِتَابَ مَنْ لَهُ رَغْبَةٌ فِي اَلشَّهَادَةِ فَلْيَنْطَلِقْ مَعِي فَمَضَى مَعَهُ اَلْقَوْمُ حَتَّى إِذَا نَزَلُوا نَخْلَةَ مَرَّ بِهِمْ عَمْرُو بْنُ اَلْحَضْرَمِيِّ وَ اَلْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ وَ عُثْمَانُ وَ اَلْمُغِيرَةُ اِبْنَا عَبْدِ اَللَّهِ مَعَهُمْ تِجَارَةٌ قَدِمُوا بِهَا مِنَ اَلطَّائِفِ أُدْمٌ وَ زَبِيبٌ (2) فَلَمَّا رَآهُمُ اَلْقَوْمُ أَشْرَفَ لَهُمْ وَاقِدُ(3) بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ وَ كَانَ قَدْ حَلَقَ رَأْسَهُ فَقَالُوا عُمَّارٌ لَيْسَ عَلَيْكُمْ مِنْهُمْ بَأْسٌ وَ اِئْتَمَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ آخِرُ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ فَقَالُوا لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لتقتلوهم [لَتَقْتُلُونَهُمْ ] فِي اَلشَّهْرِ اَلْحَرَامِ وَ لَئِنْ تَرَكْتُمُوهُمْ لِيَدْخُلُوا [لَيَدْخُلُونَ ] هَذِهِ اَللَّيْلَةَ مَكَّةَ فَاجْتَمَعَ اَلْقَوْمُ عَلَى قَتْلِهِمْ فَرَمَى وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلتَّمِيمِيُّ عَمْرَو بْنَ اَلْحَضْرَمِيِّ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَ اِسْتَأْمَنَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ وَ اَلْحَكَمُ بْنُ كَيْسَانَ وَ هَرَبَ اَلْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ فَأَعْجَزَهُمْ فَاسْتَاقُوا اَلْعِيرَ فَقَدِمُوا بِهَا عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ
ص: 339
فَقَالَ وَ اَللَّهِ مَا أَمَرْتُكُمْ بِالْقِتَالِ فِي اَلشَّهْرِ اَلْحَرَامِ وَ أَوْقَفَ اَلْأَسِيرَيْنِ وَ اَلْعِيرَ وَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئاً وَ سُقِطَ فِي أَيْدِي اَلْقَوْمِ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا وَ قَالَتْ قُرَيْشٌ اِسْتَحَلَّ مُحَمَّدٌ اَلشَّهْرَ اَلْحَرَامَ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلشَّهْرِ اَلْحَرٰامِ قِتٰالٍ فِيهِ (1) اَلْآيَةَ فَلَمَّا نَزَلَ ذَلِكَ أَخَذَ رَسُولُ اَللَّهِ اَلْعِيرَ وَ فَدَى اَلْأَسِيرَيْنِ وَ قَالَ اَلْمُسْلِمُونَ أَ يَطْمَعُ لَنَا أَنْ نَكُونَ غَزَاةً فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ اَلَّذِينَ هٰاجَرُوا وَ جٰاهَدُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ أُولٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اَللّٰهِ (2) وَ كَانَتْ هَذِهِ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ . (3) .
417 ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ اَلْكُبْرَى وَ ذَلِكَ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَمِعَ بِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ فِي أَرْبَعِينَ رَاكِباً مِنْ قُرَيْشٍ تُجَّاراً قَافِلِينَ مِنَ اَلشَّامِ فَخَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ فِي ثَلاَثِمِائَةِ رَاكِبٍ وَ نَيِّفٍ وَ أَصْحَابُهُ أَكْثَرُهُمْ مُشَاةٌ مَعَهُمْ ثَمَانُونَ بَعِيراً وَ فَرَسٌ وَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَبَلَغَ أَبَا سُفْيَانَ اَلْخَبَرُ فَأَخَذَ اَلْعِيرَ عَلَى اَلسَّاحِلِ وَ أَرْسَلَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَسْتَصْرِخُ بِهِمْ فَخَرَجَ مِنْهُمْ أَلْفُ رَجُلٍ مَعَهُمْ مِائَتَا فَرَسٍ وَ مَعَهُمُ اَلْقِيَانُ (4) يَضْرِبْنَ اَلدُّفُوفَ فَلَمَّا بَلَغَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى بَدْرٍ وَ هِيَ بِئْرٌ وَ قَدْ عَلِمَ بِفَوَاتِ اَلْعِيرِ وَ مَجِيءِ قُرَيْشٍ شَاوَرَ أَصْحَابَهُ فِي لِقَائِهِمْ أَوِ اَلرُّجُوعِ فَقَالُوا اَلْأَمْرُ إِلَيْكَ وَ كَانَ لِوَاءُ رَسُولِ اَللَّهِ أَبْيَضَ مَعَ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ وَ رَايَتُهُ مَعَ عَلِيٍّ وَ أَمَدَّهُمُ اَللَّهُ بِخَمْسَةِ آلاٰفٍ مِنَ اَلْمَلاٰئِكَةِ وَ كَثَّرَ اَللَّهُ اَلْمُسْلِمِينَ فِي أَعْيُنِ اَلْكُفَّارِ وَ قَلَّلَ اَلْمُشْرِكِينَ فِي أَعْيُنِ اَلْمُؤْمِنِينَ كَيْلاَ يَفْشَلُوا فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَاهُ إِلَيْهِمْ وَ قَالَ شَاهَتِ اَلْوُجُوهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ اِشْتَغَلَ بِفَرْكِ عَيْنَيْهِ وَ قَتَلَ اَللَّهُ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ سَبْعِينَ رَجُلاً وَ أُسِرَ سَبْعُونَ مِنْهُمُ اَلْعَبَّاسُ وَ عَقِيلٌ وَ نَوْفَلُ بْنُ اَلْحَارِثِ فَأَسْلَمُوا وَ كَانُوا مُكْرَهِينَ وَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَ اَلنَّضْرُ بْنُ اَلْحَارِثِ قَتَلَهُمَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالصَّفْرَاءِ وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِلْعَبَّاسِ اِفْدِ نَفْسَكَ وَ اِبْنَيْ أَخَوَيْكَ عَقِيلاً وَ نَوْفَلاً
ص: 340
فَقَالَ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِسْتَكْرَهُونِي وَ إِنِّي كُنْتُ مُسْلِماً فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَللَّهُ أَعْلَمُ بِإِسْلاَمِكَ إِنْ يَكُنْ حَقّاً فَإِنَّ اَللَّهَ يَجْزِيكَ بِهِ وَ أَمَّا ظَاهِرُ أَمْرِكَ فَقَدْ كَانَ عَلَيْنَا قَالَ لَيْسَ لِي مَالٌ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَيْنَ اَلْمَالُ اَلَّذِي وَضَعْتَهُ عِنْدَ أُمِّ اَلْفَضْلِ بِمَكَّةَ وَ لَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ فَقُلْتَ لَهَا إِنْ أُصِبْتُ فِي سَفَرِي هَذَا فَهَذَا اَلْمَالُ لِبَنِي اَلْفَضْلِ وَ عَبْدِ اَللَّهِ وَ قُثَمَ فَقَالَ وَ اَللَّهِ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اَللَّهِ إِنَّ هَذَا شَيْ ءٌ مَا عَلِمَهُ غَيْرِي وَ غَيْرُ أُمِّ اَلْفَضْلِ فَاحْسُبْ لِي يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا أَصَبْتُمْ مِنِّي مِنْ مَالٍ كَانَ مَعِي عِشْرُونَ أُوقِيَّةً فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ لاَ ذَلِكَ شَيْ ءٌ أَعْطَانَا اَللَّهُ مِنْكَ فَفَدَى نَفْسَهُ بِمِائَةِ أُوقِيَّةٍ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ اَلْأَسْرىٰ (1) اَلْآيَةَ وَ عَامَّةُ مَنْ قُتِلَ مِنَ اَلْكُفَّارِ قَتَلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ اُسْتُشْهِدَ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلاً (2) .
418 ثُمَّ كَانَتْ غَزَاةُ أُحُدٍ عَلَى رَأْسِ سَنَةٍ وَ رَئِيسُ اَلْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَ كَانَ أَصْحَابُ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَبْعَمِائَةٍ وَ اَلْمُشْرِكُونَ أَلْفَيْنِ وَ خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ بَعْدَ أَنِ اِسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ وَ كَانَ رَأْيَهُ أَنْ يُقَاتِلَ اَلرِّجَالُ عَلَى أَفْوَاهِ اَلسِّكَكِ وَ يَرْمِيَ اَلضُّعَفَاءُ مِنْ فَوْقِ اَلْبُيُوتِ فَأَبَوْا إِلاَّ اَلْخُرُوجَ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا صَارَ عَلَى اَلطَّرِيقِ قَالُوا نَرْجِعُ فَقَالَ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ إِذَا قَصَدَ قَوْماً أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُمْ وَ كَانُوا أَلْفَ رَجُلٍ فَلَمَّا كَانُوا فِي بَعْضِ اَلطَّرِيقِ اِنْخَذَلَ عَنْهُمْ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ اَلنَّاسِ وَ قَالَ وَ اَللَّهِ مَا نَدْرِي عَلَى مَا نَقْتُلُ أَنْفُسَنَا وَ اَلْقَوْمُ قَوْمُهُ فَهَمَّتْ بَنُو حَارِثَةَ وَ بَنُو سَلِمَةَ بِالرُّجُوعِ فَعَصَمَهُمُ اَللَّهُ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ إِذْ هَمَّتْ طٰائِفَتٰانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاٰ وَ اَللّٰهُ وَلِيُّهُمٰا(3) وَ أَصْبَحَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُتَهَيِّئاً لِلْقِتَالِ وَ جَعَلَ عَلَى رَايَةِ اَلْمُهَاجِرِينَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ عَلَى رَايَةِ اَلْأَنْصَارِ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ(4) وَ قَعَدَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي رَايَةِ اَلْأَنْصَارِ ثُمَّ مَرَّ عَلَى اَلرُّمَاةِ وَ كَانُوا خَمْسِينَ رَجُلاً وَ عَلَيْهِمْ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ فَوَعَظَهُمْ وَ ذَكَّرَهُمْ وَ قَالَ اِتَّقُوا اَللَّهَ وَ اِصْبِرُوا وَ إِنْ رَأَيْتُمُونَا يَخْطَفُنَا اَلطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ
ص: 341
فَأَقَامَهُمْ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى اَلشِّعْبِ وَ كَانَتِ اَلْهَزِيمَةُ عَلَى اَلْمُشْرِكِينَ فَاشْتَغَلَ بِالْغَنِيمَةِ اَلْمُقَاتِلَةُ فَقَالَ اَلرُّمَاةُ نَخْرُجُ لِلْغَنِيمَةِ قَالَ عَبْدُ اَللَّهِ أَمَّا أَنَا فَلاَ أَبْرَحُ فَخَرَجُوا وَ خَرَجَ كَمِينُ اَلْمُشْرِكِينَ عَلَيْهِمْ خَالِدُ بْنُ اَلْوَلِيدِ فَقَتَلَ عَبْدَ اَللَّهِ ثُمَّ أَتَى اَلنَّاسَ مِنْ أَدْبَارِهِمْ وَ وَضَعَ فِي اَلْمُسْلِمِينَ اَلسِّلاَحَ فَانْهَزَمُوا وَ صَاحَ إِبْلِيسُ قُتِلَ مُحَمَّدٌ وَ رَسُولُ اَللَّهِ يَدْعُوهُمْ فِي أُخْرَاهُمْ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اَللَّهِ إِنَّ اَللَّهَ قَدْ وَعَدَنِيَ اَلنَّصْرَ فَإِلَى أَيْنَ اَلْفِرَارُ؟ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اِنْهَزَمَ اَلنَّاسُ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَغَضِبَ غَضَباً شَدِيداً وَ كَانَ إِذَا غَضِبَ اِنْحَدَرَ مِنْ وَجْهِهِ وَ جَبْهَتِهِ مِثْلُ اَللُّؤْلُؤِ مِنَ اَلْعَرَقِ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيٌّ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ مَا لَكَ لَمْ تَلْحَقْ بِبَنِي أَبِيكَ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَ كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ إِنَّ لِي بِكَ أُسْوَةً فَقَالَ أَمَّا فَاكْفِنِي(1) هَؤُلاَءِ فَحَمَلَ عَلِيٌّ فَضَرَبَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ مِنْهُمْ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ هَذِهِ لَهِيَ اَلْمُوَاسَاةُ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ إِنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ قَالَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ أَنَا مِنْكُمَا وَ ثَابَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَ أُصِيبَ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ رِجَالٌ (2) مِنْهُمْ حَمْزَةُ وَ ثَلاَثٌ أُخَرُ مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ قَامَ أَبُو سُفْيَانَ وَ نَادَى أَ حَيٌّ اِبْنُ أَبِي كَبْشَةَ فَأَمَّا اِبْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَدْ رَأَيْنَاهُ مَكَانَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِي وَ اَلَّذِي بَعَثَهُ وَ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ كَلاَمَكَ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِعَلِيٍّ إِنَّ اِبْنَ قَمِيئَةَ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَتَلَ مُحَمَّداً وَ أَنْتَ أَصْدَقُ ثُمَّ وَلَّى إِلَى أَصْحَابِهِ وَ قَالَ اِتَّخِذُوا اَللَّيْلَ جَمَلاً وَ اِنْصَرِفُوا ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ نَادَى عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ اِتَّبِعْهُمْ فَانْظُرْ أَيْنَ يُرِيدُونَ فَإِنْ كَانُوا رَكِبُوا اَلْخَيْلَ وَ سَاقُوا اَلْإِبِلَ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ اَلْمَدِينَةَ وَ إِنْ كَانُوا رَكِبُوا اَلْإِبِلَ وَ سَاقُوا اَلْخَيْلَ فَهُمْ مُتَوَجِّهُونَ إِلَى مَكَّةَ وَ قَالَ رَأَيْتُ خَيْلَهُمْ تَضْرِبُ بِأَذْنَابِهَا مَجْنُوبَةً مُدْبِرَةً فَطَابَتْ أَنْفُسُ اَلْمُسْلِمِينَ بِذَهَابِ اَلْعَدُوِّ وَ قَالَ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ نَادَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْمُسْلِمِينَ فَأَجَابُوهُ فَخَرَجُوا عَلَى مَا أَصَابَهُمْ مِنَ اَلْفَزَعِ وَ قَدَّمَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَيْنَ
ص: 342
يَدَيْهِ بِرَايَةِ اَلْمُهَاجِرِينَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى حَمْرَاءِ اَلْأَسَدِ وَ كَانَ أَبُو سُفْيَانَ أَقَامَ بِالرَّوْحَاءِ وَ هُمْ بِالرَّجْعَةِ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ قَدْ قَتَلْنَا صَنَادِيدَ اَلْقَوْمِ فَلَوْ رَجَعْنَا اِسْتَأْصَلْنَاهُمْ فَلَقِيَ مَعْبَداً اَلْخُزَاعِيَّ فَقَالَ مَا وَرَاءَكَ قَالَ وَ اَللَّهِ قَدْ تَرَكْتُ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ وَ هُمْ يُحْرِقُونَ عَلَيْكُمْ وَ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَدْ أَقْبَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ فِي اَلنَّاسِ فَثَنَّى(1) ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَ مَنْ مَعَهُ ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلْمَدِينَةِ (2) .
419 ثُمَّ كَانَتْ غَزَاةُ (3)بَنِي اَلنَّضِيرِ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَشَى إِلَى كَعْبِ بْنِ اَلْأَشْرَفِ يَسْتَقْرِضُهُ فَقَالَ مَرْحَباً بِكَ يَا أَبَا اَلْقَاسِمِ فَجَلَسَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابُهُ فَقَامَ كَعْبٌ كَأَنَّهُ يَصْنَعُ لَهُمْ طَعَاماً وَ حَدَّثَ نَفْسَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَسُولَ اَللَّهِ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ فَأَخْبَرَ(4) بِمَا هَمَّ بِهِ اَلْقَوْمُ مِنَ اَلْغَدْرِ فَقَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَتَهُ وَ عَرَفَ أَصْحَابُهُ وَ هُوَ حَيٌّ (5) فَأَخَذَ اَلطَّرِيقَ نَحْوَ اَلْمَدِينَةِ فَاسْتَقْبَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ كَعْبٍ اَلَّذِينَ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَسْتَعِينُ بِهِمْ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَخْبَرَ كَعْباً بِذَلِكَ فَسَارَ اَلْمُسْلِمُونَ رَاجِعِينَ فَقَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ صُورِيَا وَ كَانَ أَعْلَمَ اَلْيَهُودِ وَ اَللَّهِ إِنَّ رَبَّهُ أَطْلَعَهُ عَلَى مَا أَرَدْتُمُوهُ مِنَ اَلْغَدْرِ وَ لاَ يَأْتِيكُمْ أَوَّلَ مَا يَأْتِيكُمْ وَ اَللَّهِ إِلاَّ رَسُولُ مُحَمَّدٍ(6) يَأْمُرُكُمْ عَنْهُ بِالْجَلاَءِ فَأَطِيعُونِي فِي خَصْلَتَيْنِ لاَ خَيْرَ فِي اَلثَّالِثِ أَنْ تُسْلِمُوا فَتَأْمَنُوا عَلَى دِيَارِكُمْ وَ أَمْوَالِكُمْ وَ إِلاَّ إِنَّهُ يَأْتِيكُمْ مَنْ يَقُولُ لَكُمُ اُخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ فَقَالُوا هَذِهِ أَحَبُّ إِلَيْنَا قَالَ أَمَا إِنَّ اَلْأُولَى خَيْرٌ لَكُمْ وَ لَوْ لاَ أَنْ أَفْضَحُكُمْ لَأَسْلَمْتُ ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ إِلَيْهِمْ يَأْمُرُهُمْ بِالرَّحِيلِ وَ أَمَرَهُ أَنْ يُؤَجِّلَهُمْ فِي اَلْجَلاَءِ ثَلاَثَ لَيَالٍ (7) .
ص: 343
420 ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ اَلْخَنْدَقِ وَ هِيَ اَلْأَحْزَابُ فِي شَوَّالِ سَنَةِ أَرْبَعٍ (1) مِنَ اَلْهِجْرَةِ أَقْبَلَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَ كِنَانَةُ بْنُ اَلرَّبِيعِ وَ سَلاَمَةُ (2) بْنُ أَبِي اَلْحَقِيقِ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ اَلْيَهُودِ يَقْدِمُونَ مَكَّةَ فَصَارُوا إِلَى أَبِي سُفْيَانَ وَ قُرَيْشٍ فَدَعَوْهُمْ إِلَى حَرْبِ رَسُولِ اَللَّهِ وَ قَالُوا أَيْدِينَا مَعَ أَيْدِيكُمْ وَ نَحْنُ مَعَكُمْ حَتَّى نَسْتَأْصِلَهُ ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى غَطَفَانَ يَدْعُوهُمْ إِلَى حَرْبِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَخْبَرُوهُمْ بِاتِّبَاعِ قُرَيْشٍ إِيَّاهُمْ فَاجْتَمَعُوا مَعَهُمْ وَ خَرَجَتْ قُرَيْشٌ وَ سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ وَ بَعْدَ أَنْ أَشَارَ سَلْمَانُ اَلْفَارِسِيُّ أَنْ يَصْنَعَ خَنْدَقاً قَالَ ضَرَبْتُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ اَلْخَنْدَقِ فَعَطَفَ عَلَيَّ رَسُولُ اَللَّهِ وَ هُوَ قَرِيبٌ مِنِّي فَلَمَّا رَأَى شِدَّةَ اَلْمَكَانِ نَزَلَ فَأَخَذَ اَلْمِعْوَلَ مِنْ يَدِي فَضَرَبَ ضَرْبَةً فَلَمَعَتْ تَحْتَ اَلْمِعْوَلِ لُمْعَةُ بَرْقٍ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً (3) أُخْرَى فَلَمَعَتْ تَحْتَ اَلْمِعْوَلِ بَرْقَةٌ أُخْرَى ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ اَلثَّالِثَةَ فَلَمَعَتْ بَرْقَةٌ أُخْرَى فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا هَذَا فَقَالَ أَمَّا اَلْأُولَى فَإِنَّ اَللَّهَ فَتَحَ بِهَا عَلَيَّ اَلْيَمَنَ وَ أَمَّا اَلثَّانِيَةُ فَإِنَّ اَللَّهَ فَتَحَ عَلَيَّ بِهَا اَلشَّامَ وَ اَلْمَغْرِبَ وَ أَمَّا اَلثَّالِثَةَ فَإِنَّ اَللَّهَ فَتَحَ عَلَيَّ بِهَا اَلْمَشْرِقَ وَ أَقْبَلَتِ اَلْأَحْزَابُ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَهَالَ اَلْمُسْلِمُونَ أَمَرَهُمْ فَنَزَلُوا نَاحِيَةً مِنَ اَلْخَنْدَقِ وَ أَقَامُوا بِمَكَانِهِمْ بِضْعاً وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ إِلاَّ اَلرَّمْيُ بِالنَّبْلِ وَ اَلْحَصَى ثُمَّ اِنْتَدَبَ فَوَارِسُ قُرَيْشٍ لِلْبِرَازِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وَدٍّ وَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَ هُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ وَ ضِرَارُ بْنُ اَلْخَطَّابِ وَ تَلَبَّبُوا لِلْقِتَالِ (4) وَ أَقْبَلُوا عَلَى خُيُولِهِمْ حَتَّى وَقَفُوا عَلَى اَلْخَنْدَقِ وَ قَالُوا هَذِهِ مَكِيدَةٌ مَا كَانَتِ اَلْعَرَبُ تَكِيدُهَا ثُمَّ تَيَمَّمُوا مَكَاناً مِنَ اَلْخَنْدَقِ فِيهِ ضِيقٌ فَضَرَبُوا خُيُولَهُمْ فَاقْتَحَمَتْ وَ جَاءَتْ بِهِمْ إِلَى اَلسَّبَخَةِ بَيْنَ اَلْخَنْدَقِ وَ سَلْعٍ وَ خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي نَفَرٍ مَعَهُ حَتَّى أَخَذُوا عَلَيْهِمُ اَلثَّغْرَةَ اَلَّتِي اِقْتَحَمُوهَا فَتَقَدَّمَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ وَدٍّ وَ طَلَبَ اَلْبِرَازَ وَ قَتَلَهُ (5)عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ
ص: 344
وَ لَمَّا رَأَى هُبَيْرَةُ وَ عِكْرِمَةُ عَمْراً مَقْتُولاً اِنْهَزَمُوا وَ رَمَى اِبْنُ اَلْغَرْقَةِ (1) بِسَهْمٍ فَأَصَابَ أَكْحَلَ سَعْدِ(2) بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ خُذْهَا وَ أَنَا اِبْنُ غَرْقَةَ قَالَ غَرَّقَ اَللَّهُ وَجْهَكَ فِي اَلنَّارِ اَللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْئاً فَأَبْقِنِي لِحَرْبِهِمْ فَإِنَّهُ لاَ قَوْمَ أَحَبُّ إِلَيَّ قِتَالاً مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ وَ أَخْرَجُوهُ مِنْ حَرَمِكَ فَأَنَامَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَ بَاتَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ نَادَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِأَشْجَى صَوْتٍ يَا صَرِيخَ اَلْمَكْرُوبِينَ وَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ اَلْمُضْطَرِّينَ اِكْشِفْ هَمِّي وَ كَرْبِي فَقَدْ تَرَى حَالِي وَ حَالَ مَنْ مَعِي.
فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ اِسْتَجَابَ دَعْوَتَكَ فَجَثَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَ بَسَطَ يَدَيْهِ وَ أَرْسَلَ بِالدُّمُوعِ عَيْنَيْهِ ثُمَّ نَادَى شُكْراً شُكْراً كَمَا آوَيْتَنِي وَ آوَيْتَ مَنْ مَعِي ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ اَللَّهَ قَدْ نَصَرَكَ وَ بَعَثَ عَلَيْهِمْ رِيحاً مِنَ اَلسَّمَاءِ فِيهَا اَلْحَصَى وَ رِيحاً مِنَ اَلسَّمَاءِ اَلرَّابِعَةِ فِيهَا اَلْجَنَادِلُ قَالَ حُذَيْفَةُ فَبَعَثَنِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى آتِيَهُ بِخَبَرِهِمْ فَخَرَجْتُ فَإِذَا أَنَا بِنِيرَانِ اَلْقَوْمِ قَدْ طَفِئَتْ وَ خَمَدَتْ وَ أَقْبَلَ جُنْدُ اَللَّهِ اَلْأَوَّلُ بِرِيحٍ شَدِيدَةٍ فِيهَا اَلْحَصَى فَمَا تَرَكَتْ نَاراً لَهُمْ إِلاَّ أَخْمَدَتْهَا وَ لاَ خِبَاءً إِلاَّ طَرَحَتْهَا حَتَّى جَعَلُوا يَتَتَرَّسُونَ مِنَ اَلْحَصَى وَ كُنْتُ أَسْمَعُ وَقْعَ اَلْحَصَى فِي اَلتِّرَسَةِ وَ أَقْبَلَ جُنْدُ اَللَّهِ اَلْأَعْظَمُ فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى رَاحِلَتِهِ ثُمَّ صَاحَ فِي قُرَيْشٍ اَلنَّجَا اَلنَّجَا ثُمَّ فَعَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حُصَيْنٍ رَأْسُ بَنِي فَزَارَةَ مِثْلَ ذَلِكَ وَ فَعَلَ اَلْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ سَيِّدُ بَنِي مُرَّةَ مِثْلَهَا وَ ذَهَبَ اَلْأَحْزَابُ وَ رَجَعَ حُذَيْفَةُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَخْبَرَهُ اَلْخَبَرَ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّتْ عَظَمَتُهُ عَلَى رَسُولِهِ اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اَللّٰهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جٰاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنٰا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهٰا(3) وَ أَصْبَحَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْمُسْلِمِينَ حَتَّى دَخَلَ اَلْمَدِينَةَ فَقَرَّبَتْ لَهُ اِبْنَتُهُ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ غَسُولاً فَهِيَ تَغْسِلُ رَأْسَهُ إِذْ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عَلَى بَغْلَةٍ مُعْتَجِراً بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ مُعَلَّقٌ عَلَيْهَا اَلدُّرُّ وَ اَلْيَاقُوتُ عَلَيْهِ اَلْغُبَارُ فَقَامَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ
ص: 345
فَمَسَحَ اَلْغُبَارَ مِنْ وَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ رَحِمَكَ رَبُّكَ وَضَعْتَ اَلسِّلاَحَ وَ لَمْ تَضَعْهُ أَهْلُ اَلسَّمَاءِ وَ مَا زِلْتُ أَتَّبِعُهُمْ حَتَّى بَلَغْتُ اَلرَّوْحَاءَ ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ اِنْهَضْ إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتَابِ فَوَ اَللَّهِ لَأَدُقَّنَّهُمْ دَقَّ اَلْبَيْضَةِ عَلَى اَلصَّخْرَةِ فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ خَمْساً وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَحَكَمَ فِيهِمْ بِقَتْلِ اَلرِّجَالِ وَ سَبْيِ اَلذَّرَارِيِّ وَ اَلنِّسَاءِ وَ قِسْمَةِ اَلْأَمْوَالِ وَ أَنْ يُجْعَلَ عَقَارُهُمْ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ اَلْأَنْصَارِ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اَللَّهِ فَلَمَّا جِيءَ بِالْأُسَارَى حُبِسُوا فِي دَارِهِمْ (1) وَ أَمَرَ بِعَشَرَةٍ فَأُخْرِجُوا فَضَرَبَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَعْنَاقَهُمْ ثُمَّ اِنْفَجَرَتْ رَمْيَةُ سَعْدٍ وَ اَلدَّمُ يَنْفَجِرُ حَتَّى قَضَى (2) .
421 ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ اَلْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي اَلْقَعْدَةِ خَرَجَ فِي أُنَاسٍ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُرِيدُ اَلْعُمْرَةَ وَ سَاقَ مَعَهُ سَبْعِينَ بَدَنَةً وَ بَلَغَ ذَلِكَ اَلْمُشْرِكِينَ فَبَعَثُوا خَيْلاً لِيَصُدُّوهُ عَنِ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ وَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَرَى أَنَّهُمْ لاَ يُقَاتِلُونَهُ (3) لِأَنَّهُ خَرَجَ فِي اَلشَّهْرِ اَلْحَرَامِ وَ أَتَى بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ إِلَى قُرَيْشٍ وَ قَالَ خَفِّضُوا عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ يُرِيدُ قِتَالَكُمْ وَ إِنَّمَا يُرِيدُ زِيَارَةَ هَذَا اَلْبَيْتِ فَقَالُوا وَ اَللَّهِ لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ وَ لاَ تُحَدِّثُ اَلْعَرَبُ أَنَّهُ دَخَلَهَا عَنْوَةً وَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ إِلاَّ أَنْ يَرْجِعَ عَنَّا ثُمَّ بَعَثُوا إِلَيْهِ مِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ وَ خَالِدَ بْنَ اَلْوَلِيدِ وَ صَدُّوا اَلْهَدْيَ ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعَثُوا سُهَيْلَ (4) بْنَ عَمْرٍو فَقَالَ يَا أَبَا اَلْقَاسِمِ إِنَّ مَكَّةَ حَرَمُنَا وَ قَدْ تَسَامَعَتِ اَلْعَرَبُ أَنَّكَ غَزَوْتَنَا وَ مَتَى تَدْخُلْ عَلَيْنَا مَكَّةَ عَنْوَةً يُطْمَعْ فِينَا فَنُتَخَطَّفْ وَ إِنَّا نُذَكِّرُكَ اَلرَّحِمَ (5) فَإِنَّ مَكَّةَ بَيْضَتُكَ اَلَّتِي تَفَلَّقَتْ عَنْ رَأْسِكَ قَالَ فَمَا تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَنْ تَكْتُبَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ هُدْنَةً عَلَى أَنْ أُخَلِّيَهَا لَكَ فِي قَابِلٍ وَ لاَ تَدْخُلَهَا بِحَرْبٍ وَ سِلاَحٍ إِلاَّ سِلاَحَ اَلرَّاكِبِ اَلسَّيْفَ فِي اَلْقِرَابِ وَ اَلْقَوْسَ
ص: 346
فَكَتَبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذَلِكَ وَ رَجَعَ إِلَى اَلْمَدِينَةِ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي اَلطَّرِيقِ إِنّٰا فَتَحْنٰا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً فَمَا اِنْقَضَتْ تِلْكَ اَلْمُدَّةُ حَتَّى كَادَ اَلْإِسْلاَمُ يَسْتَوْلِي عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ (1) .
422 ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ خَيْبَرَ فِي ذِي اَلْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَ حَاصَرَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ بِضْعاً وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً وَ بِخَيْبَرَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ يَهُودِيٍّ فِي حُصُونِهِمْ فَجَعَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَفْتَحُهَا حِصْناً حِصْناً وَ كَانَ مِنْ أَشَدِّهَا اَلْقَمُوصُ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ رَايَةَ اَلْمُهَاجِرِينَ فَقَاتَلَهُمْ بِهَا فَرَجَعَ مُنْهَزِماً ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَرَجَعَ مُنْهَزِماً فَسَاءَ رَسُولُ اَللَّهِ ذَلِكَ فَقَالَ لَأُعْطِيَنَّ اَلرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يُحِبُّهُ اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ كَرَّارٌ غَيْرُ فَرَّارٍ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا سَمِعَ (2)اَللَّهُمَّ لاَ مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَ لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ اُدْعُوا لِي عَلِيّاً فَقَالُوا إِنَّهُ أَرْمَدُ فَقَالَ أَرْسِلُوا إِلَيْهِ وَ اُدْعُوهُ فَأُتِيَ بِهِ يُقَادُ فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ فَقَامَ وَ كَأَنَّ عَيْنَيْهِ جَزْعَتَانِ وَ أَعْطَاهُ اَلرَّايَةَ وَ دَعَا لَهُ فَأَقْبَلَ حَتَّى رَكَزَهَا قَرِيباً مِنَ اَلْحِصْنِ فَخَرَجَ إِلَيْهِ مَرْحَبٌ فَبَارَزَهُ فَضَرَبَ رِجْلَهُ فَقَطَعَهَا وَ حَمَلَ عَلِيٌّ وَ اَلْجَمَاعَةُ عَلَى اَلْيَهُودِ فَانْهَزَمُوا (3) .
423 قَالَ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اِنْتَهَى إِلَى بَابِ اَلْحِصْنِ وَ قَدْ أُغْلِقَ فَاجْتَذَبَهُ اِجْتِذَاباً شَدِيداً وَ تَتَرَّسَ بِهِ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَ اِقْتَحَمَ اَلْحِصْنَ اِقْتِحَاماً ثُمَّ رَمَى اَلْبَابَ بَعْدَ مَا اِقْتَحَمَ اَلْمُسْلِمُونَ وَ خَرَجَ اَلْبَشِيرُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّ عَلِيّاً دَخَلَ اَلْحِصْنَ وَ أَتَاهُ اَلْبَشِيرُ بِقُدُومِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ اَلْحَبَشَةِ وَ أَصْحَابِهِ إِلَى اَلْمَدِينَةِ فَقَالَ مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أَسُرُّ بِفَتْحِ خَيْبَرَ أَوْ بِقُدُومِ جَعْفَرٍ وَ تَلَقَّاهُ رَسُولُ اَللَّهِ فَلَمَّا نَظَرَ جَعْفَرٌ اَلنَّبِيَّ (4) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَشَى عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إِعْظَاماً لِرَسُولِ اَللَّهِ وَ أَخَذَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِيمَنْ أَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيِّ (5) بْنِ أَخْطَبَ فَدَعَا بِلاَلاً فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ وَ قَالَ لاَ تَضَعْهَا إِلاَّ فِي يَدَيْ رَسُولِ اَللَّهِ
ص: 347
فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اَللَّهِ وَ أَعْتَقَهَا وَ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعَلِيٍّ قُمْ إِلَى حَوَائِطِ فَدَكٍ فَخَرَجَ يُصَالِحُهُمْ عَلَى أَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ وَ حَوَائِطُ فَدَكٍ لِرَسُولِ اَللَّهِ خَاصّاً خَالِصاً فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُؤْتِيَ ذَا اَلْقُرْبَى حَقَّهُ قَالَ يَا جَبْرَئِيلُ وَ مَنْ قُرْبَايَ وَ مَا حَقُّهَا قَالَ أَعْطِ فَاطِمَةَ حَوَائِطَ فَدَكَ وَ اُكْتُبْ لَهَا كِتَاباً (1) .
424 ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ اَلْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَ ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا صَالَحَ قُرَيْشاً عَامَ اَلْحُدَيْبِيَةِ دَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي حِلْفِ اَلنَّبِيِّ وَ دَخَلَتْ كِنَانَةُ فِي حِلْفِ قُرَيْشٍ وَ لَمَّا مَضَتْ سَنَتَانِ قَعَدَ كِنَانِيٌّ يَرْوِي هِجَاءَ رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ خُزَاعِيٌّ لاَ تَذْكُرْ هَذَا قَالَ مَا أَنْتَ وَ ذَاكَ قَالَ إِنْ عُدْتَ لَأَكْسِرَنَّ فَاكَ فَأَعَادَهَا فَضَرَبَهُ اَلْخُزَاعِيُّ فَاقْتَتَلاَ ثُمَّ قَبِيلَتَاهُمَا وَ أَعَانَ قُرَيْشٌ كِنَانَةَ فَرَكِبَ عَمْرُو(2) بْنُ سَالِمٍ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ فَأَخْبَرَهُ اَلْخَبَرَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ نُصِرْتُ إِنْ لَمْ أَنْصُرْ بَنِي كَعْبٍ ثُمَّ أَجْمَعَ رَسُولُ اَللَّهِ عَلَى اَلْمَسِيرِ إِلَى مَكَّةَ فَكَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ مَعَ سَارَةَ مَوْلاَةِ أَبِي لَهَبٍ لَعَنَهُ اَللَّهُ إِلَى قُرَيْشٍ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ خَارِجٌ إِلَيْكُمْ فَخَرَجَتْ فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْبَرَهُ فَدَعَا عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ اَلزُّبَيْرَ فَقَالَ أَدْرِكَاهَا وَ خُذَا مِنْهَا اَلْكِتَابَ (3) فَخَرَجَا وَ أَخَذَا اَلْكِتَابَ وَ رَجَعَا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ حَاطِبٌ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا شَكَكْتُ وَ لَكِنْ أَهْلِي بِمَكَّةَ فَأَرَدْتُ أَنْ تَحْفَظَنِي قُرَيْشٌ فِيهِمْ ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنِ اَلْمَسْجِدِ فَجَعَلَ اَلنَّاسُ يَدْفَعُونَ فِي ظَهْرِهِ وَ هُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِرَدِّهِ وَ قَالَ عَفَوْتُ عَنْكَ فَاسْتَغْفِرْ رَبَّكَ وَ لاَ تَعُدْ لِمِثْلِهِ فَأَنْزَلَ اَللَّهُ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيٰاءَ (4) ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ فَاسْتَخْلَفَ أَبَا لُبَابَةَ عَلَى اَلْمَدِينَةِ وَ صَامَ اَلنَّاسُ حَتَّى نَزَلَ عَلَى كُرَاعِ اَلْغَمِيمِ فَأَمَرَ بِالْإِفْطَارِ فَأَفْطَرَ اَلنَّاسُ وَ صَامَ قَوْمٌ فَسُمُّوا اَلْعُصَاةَ ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلَ بِمَرِّ
ص: 348
اَلظَّهْرَانِ وَ مَعَهُ نَحْوُ عَشَرَةِ آلاَفِ رَجُلٍ وَ قَدْ عَمِيَتِ اَلْأَخْبَارُ عَنْ قُرَيْشٍ فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي تِلْكَ اَللَّيْلَةِ وَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ وَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ هَلْ يَسْمَعُونَ خَبَراً وَ قَدْ كَانَ اَلْعَبَّاسُ خَرَجَ يَلْتَقِي رَسُولَ اَللَّهِ وَ قَدْ تَلَقَّاهُ بِثَنِيَّةِ اَلْعِقَابِ وَ قَالَ اَلْعَبَّاسُ فِي نَفْسِهِ هَذَا هَلاَكُ قُرَيْشٍ إِنْ دَخَلَهَا رَسُولُ اَللَّهِ عَنْوَةً قَالَ فَرَكِبْتُ بَغْلَةَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْبَيْضَاءَ وَ خَرَجْتُ أَطْلُبُ اَلْحَطَّابَةَ أَوْ صَاحِبَ لَبَنٍ لَعَلِّي آمُرُهُ أَنْ يَأْتِيَ قُرَيْشاً فَيَرْكَبُوا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِيَسْتَأْمِنُوا إِلَيْهِ إِذْ لَقِيتُ أَبَا سُفْيَانَ وَ بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ وَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ وَ أَبُو سُفْيَانَ يَقُولُ لِبُدَيْلٍ مَا(1) هَذِهِ اَلنِّيرَانُ قَالَ هَذِهِ خُزَاعَةُ قَالَ خُزَاعَةُ أَقَلُّ مِنْ هَذَا وَ لَكِنْ لَعَلَّ هَذَا تَمِيمٌ أَوْ رَبِيعَةُ قَالَ اَلْعَبَّاسُ فَعَرَفْتُ صَوْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَبَا حَنْظَلَةَ قَالَ لَبَّيْكَ فَمَنْ أَنْتَ قُلْتُ أَنَا اَلْعَبَّاسُ قَالَ فَمَا هَذِهِ اَلنِّيرَانُ قُلْتُ هَذِهِ رَسُولُ اَللَّهِ فِي عَشَرَةِ آلاَفٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ قَالَ فَمَا اَلْحِيلَةُ قُلْتُ تَرْكَبُ فِي عَجُزِ هَذِهِ اَلْبَغْلَةِ فَأَسْتَأْمِنُ لَكَ رَسُولَ اَللَّهِ فَأَرْدَفْتُهُ خَلْفِي ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فَقَامَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ وَيْحَكَ مَا آنَ لَكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اَللَّهِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ مَا أَكْرَمَكَ وَ أَوْصَلَكَ وَ أَجَلَّكَ أَمَا وَ اَللَّهِ لَوْ كَانَ مَعَهُ إِلَهٌ لَأَغْنَى يَوْمَ بَدْرٍ وَ يَوْمَ أُحُدٍ وَ أَمَّا أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ فَإِنَّ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْئاً قَالَ اَلْعَبَّاسُ يَضْرِبُ وَ اَللَّهِ عُنُقَكَ اَلسَّاعَةَ أَوْ تَشْهَدَ أَنَّهُ رَسُولُ اَللَّهِ فَقَالَ فَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّكَ رَسُولُ اَللَّهِ فَلَجْلَجَ بِهَا فُوهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ يَا أَبَا اَلْفَضْلِ أَبِتْهُ عِنْدَكَ اَللَّيْلَةَ وَ اُغْدُ بِهِ عَلَيَّ ثُمَّ غَدَا بِهِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْذَنَ لِي وَ آتِيَ قَوْمَكَ فَأُنْذِرَهُمْ وَ أَدْعُوَهُمْ إِلَى اَللَّهِ وَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ ثُمَّ قَالَ لِلْعَبَّاسِ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ قَالَ تَقُولُ لَهُمْ مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اَللَّهِ وَ كَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ قَالَ اَلْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ اَلْفَخْرَ فَإِنْ خَصَّصْتَهُ بِمَعْرُوفٍ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ دَارِي قَالَ دَارَكَ ثُمَّ قَالَ وَ مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ
ص: 349
وَ أَتَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْبَيْتَ وَ أَخَذَ بِعِضَادَتَيِ اَلْبَابِ ثُمَّ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَ نَصَرَ عَبْدَهُ وَ غَلَبَ اَلْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَالَ مَا تَظُنُّونَ وَ مَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ قَالَ سَهْلٌ نَقُولُ خَيْراً وَ نَظُنُّ خَيْراً أَخٌ كَرِيمٌ وَ اِبْنُ عَمٍّ قَالَ فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ لاٰ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ يَغْفِرُ اَللّٰهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ اَلرّٰاحِمِينَ (1) .
425 ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ حُنَيْنٍ وَ هُوَ أَنَّ هَوَازِنَ جَمَعَتْ لَهُ جَمْعاً كَثِيراً فَذُكِرَ لِرَسُولِ اَللَّهِ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ عِنْدَهُ مِائَةُ دِرْعٍ فَسَأَلَهُ ذَلِكَ فَقَالَ أَ غَصْباً يَا مُحَمَّدُ قَالَ لاَ وَ لَكِنْ عَارِيَّةً مَضْمُونَةً قَالَ لاَ بَأْسَ بِهَذَا فَأَعْطَاهُ فَخَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَكَّةَ (2) فَأَنْزَلَ اَللَّهُ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ (3) قَالَ جَابِرٌ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا اِسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ وَ كَانَ اَلْقَوْمُ قَدْ كَمَنُوا فِي شِعَابِ اَلْوَادِي وَ مَضَايِقِهِ فَمَا رَاعَنَا إِلاَّ كَتَائِبُ اَلرِّجَالِ بِأَيْدِيهِمُ اَلسُّيُوفُ وَ اَلْقَنَاءُ فَشَدُّوا عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَانْهَزَمَ اَلنَّاسُ كُلُّهُمْ لاَ يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَ أَخَذَ رَسُولُ اَللَّهِ ذَاتَ اَلْيَمِينِ وَ أَحْدَقَ بِبَغْلَتِهِ تِسْعَةً مِنْ بَنِي عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ فَأَقْبَلَ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ يَقُولُ أَرُونِي مُحَمَّداً فَأَرَوْهُ فَحَمَلَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ فَأَبَى فَرَسُهُ أَنْ يَقْدَمَ نَحْوَ رَسُولِ اَللَّهِ وَ نَادَى رَسُولُ اَللَّهِ أَصْحَابَهُ وَ ذَمَرَهُمْ (4) فَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ سَرِيعاً وَ قَالَ اَلْآنَ حَمِيَ اَلْوَطِيسُ (5)
أَنَا اَلنَّبِيُّ لاَ كَذِبٌ *** أَنَا اِبْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ
وَ نَزَلَ وَ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ اِسْتَقْبَلَ بِهِ وُجُوهَهُمْ وَ قَالَ شَاهَتِ اَلْوُجُوهُ فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَ اِتَّبَعَهُمُ اَلْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ وَ غَنَّمَهُمُ اَللَّهُ نِسَاءَهُمْ وَ ذَرَارِيَّهُمْ وَ شَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ وَ فَرَّ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ وَ دَخَلَ حِصْنَ اَلطَّائِفِ مَعَ أَشْرَافِ قَوْمِهِ وَ أَسْلَمَ عِنْدَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ حِينَ رَأَوْا
ص: 350
نَصْرَ اَللَّهِ (1) .
426 قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : سَبَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَرْبَعَةَ آلاَفِ رَأْسٍ وَ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ (2) أَلْفَ نَاقَةٍ سِوَى مَا لاَ يُعْلَمُ مِنَ اَلْغَنَائِمِ وَ خَلَّفَ رَسُولُ اَللَّهِ اَلْأَنْفَالَ فِي اَلْجِعْرَانَةِ وَ اِفْتَرَقَ اَلْمُشْرِكُونَ فِرْقَتَيْنِ فَأَخَذَتِ اَلْأَعْرَابُ أَوْطَاسَ وَ ثَقِيفٌ اَلطَّائِفَ وَ بَعَثَ إِلَى أَوْطَاسٍ مَنْ فُتِحَ عَلَيْهِ وَ سَارَ إِلَى اَلطَّائِفِ فَحَاصَرَهُمْ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْماً ثُمَّ اِنْصَرَفَ عَنْهُمْ ثُمَّ جَاءَهُ وَفْدُهُمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَسْلَمُوا ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلْجِعْرَانَةِ وَ قَسَّمَ اَلْغَنَائِمَ وَ كَانَ فِيمَنْ سُبِيَ أُخْتُهُ بِنْتُ حَلِيمَةَ فَلَمَّا قَامَتْ عَلَى رَأْسِهِ قَالَ يَا مُحَمَّدُ أُخْتُكَ شِيمَا بِنْتُ حَلِيمَةَ فَنَزَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بُرْدَتَهُ وَ بَسَطَهَا لَهَا فَأَجْلَسَهَا عَلَيْهَا ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهَا يَسْأَلُهَا وَ أَدْرَكَ وَفْدُ هَوَازِنَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْجِعْرَانَةِ وَ قَدْ أَسْلَمُوا فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ أَمْسَكَ مِنْكُمْ بِحَقِّهِ فَلَهُ بِكُلِّ إِنْسَانٍ سِتُّ فَرَائِضَ مِنْ أَوَّلِ فَيْ ءٍ نَصِيبُهُ فَرَدُّوا إِلَى اَلنَّاسِ نِسَاءَهُمْ وَ أَوْلاَدَهُمْ وَ كَلَّمَتْهُ أُخْتُهُ فِي مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ إِنْ جَاءَنِي فَهُوَ آمِنٌ فَأَتَاهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ مَالَهُ وَ أَعْطَاهُ مِائَةً مِنَ اَلْإِبِلِ (3) .
ص: 351
427 ثُمَّ كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ فَتَهَيَّأَ فِي رَجَبٍ لِغَزْوِ اَلرُّومِ وَ كَتَبَ إِلَى قَبَائِلِ اَلْعَرَبِ مِمَّنْ دَخَلَ فِي اَلْإِسْلاَمِ فَرَغَّبَهُمْ فِي اَلْجِهَادِ وَ ضَرَبَ عَسْكَرَهُ فَوْقَ ثَنِيَّةِ اَلْوَدَاعِ وَ اِسْتَعْمَلَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى اَلْمَدِينَةِ وَ قَالَ لاَ بُدَّ لِلْمَدِينَةِ مِنِّي أَوْ مِنْكَ فَلَمَّا نَزَلَ اَلْجُرْفَ لَحِقَهُ عَلِيٌّ وَ قَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ زَعَمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّمَا خَلَّفْتَنِي اِسْتِثْقَالاً لِي فَقَالَ طَالَمَا آذَتِ اَلْأُمَمُ اَلْأَنْبِيَاءَ أَ مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَدْ رَضِيتُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى اَلْمَدِينَةِ وَ أَتَاهُ وَ هُوَ بِتَبُوكَ يُحَنَّةُ بْنُ رُوبَةَ صَاحِبُ أَيْلَةَ فَأَعْطَاهُ اَلْجِزْيَةَ وَ بَعَثَ خَالِداً إِلَى اَلْأُكَيْدِرِ صَاحِبِ دُومَةِ اَلْجَنْدَلِ وَ قَالَ لَعَلَّ اَللَّهَ يَكْفِيكَهُ بِصَيْدِ اَلْبَقَرِ فَتَأْخُذَهُ فَبَيْنَا خَالِدٌ فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانَةٍ (1) مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ أَقْبَلَتِ اَلْبَقَرَةُ تَنْطَحُ عَلَى بَابِ حِصْنِ أُكَيْدِرٍ وَ هُوَ مَعَ اِمْرَأَتَيْنِ لَهُ فَقَامَ فَرَكِبَ فِي نَاسٍ مِنْ أَهْلِهِ فَطَلَبُوهُ فَكَمَنَ خَالِدٌ وَ أَصْحَابُهُ فَأَخَذُوهُ وَ قَتَلُوا أَخَاهُ وَ أَفْلَتَ أَصْحَابُهُ فَأَغْلَقُوا اَلْبَابَ فَأَقْبَلَ خَالِدٌ بِأُكَيْدِرٍ فَسَأَلَهُمْ أَنْ يَفْتَحُوا فَأَبَوْا فَقَالَ أَرْسِلْنِي فَإِنِّي أَفْتَحُ اَلْبَابِ فَأَخَذَ عَلَيْهِ مَوْثِقاً وَ أَرْسَلَهُ فَدَخَلَ وَ فَتَحَ اَلْبَابَ حَتَّى دَخَلَ خَالِدٌ وَ أَصْحَابُهُ فَأَعْطَاهُ ثَمَانَمِائَةِ رَأْسٍ (2) وَ أَلْفَيْ بَعِيرٍ وَ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْعٍ وَ خَمْسَمِائَةِ سَيْفِ وَ صَالَحَ (3) عَلَى اَلْجِزْيَةِ (4) . و كانت تبوك آخر غزوات رسول صلّى اللّه عليه و آله و كانت غزوات كثيرة في خلال ما ذكرناه(5)
ص: 352
428 ثُمَّ نَزَلَتْ سُورَةُ بَرَاءَةٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فَدَفَعَهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَسَارَ بِهَا فَنَزَلَ
ص: 353
جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ إِنَّهُ لاَ يُؤَدِّي عَنْكَ إِلاَّ أَنْتَ أَوْ رَجُلٌ مِنْكَ فَبَعَثَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى نَاقَتِهِ اَلْعَضْبَاءِ فَلَحِقَهُ وَ أَخَذَ مِنْهُ اَلْكِتَابَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَ نَزَلَ فِيَّ شَيْ ءٌ فَقَالَ لاَ وَ لَكِنْ لاَ يُؤَدِّي عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ إِلاَّ هُوَ أَوْ أَنَا فَسَارَ بِهَا عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى أَدَّى بِمَكَّةَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ وَ كَانَ فِي عَهْدِهِ أَنْ يُنْبَذَ إِلَى اَلْمُشْرِكِينَ عَهْدُهُمْ وَ أَنْ لاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ وَ لاَ يَدْخُلَ اَلْمَسْجِدَ مُشْرِكٌ وَ مَنْ كَانَ لَهُ عَهْدٌ فَإِلَى مُدَّتِهِ وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدٌ فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَإِنْ أَخَذْنَاهُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قَتَلْنَاهُ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَإِذَا اِنْسَلَخَ اَلْأَشْهُرُ اَلْحُرُمُ اَلْآيَةَ وَ لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ وَ اَللَّهِ لاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ إِلاَّ ضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ فَطَافُوا وَ عَلَيْهِمُ اَلثِّيَابُ (1) .
429 ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ اَلثَّقَفِيُّ مُسْلِماً وَ اِسْتَأْذَنَ فِي اَلْخُرُوجِ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ أَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوكَ قَالَ إِنْ وَجَدُونِي نَائِماً مَا أَيْقَظُونِي(2) فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اَللَّهِ فَرَجَعَ إِلَى اَلطَّائِفِ وَ دَعَاهُمْ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ فَعَصَوْهُ ثُمَّ أَذَّنَ فِي دَارِهِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ وَ أَقْبَلَ بَعْدَ قَتْلِهِ مِنْ ثَقِيفٍ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَشْرَافِ ثَقِيفٍ فَأَسْلَمُوا فَأَكْرَمَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَّرَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانَ بْنَ اَلْعَاصِ بْنِ بَشِيرٍ وَ قَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ اَلشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنَ صَلاَتِي وَ قِرَاءَتِي قَالَ تَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَ اُتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ قَالَ فَفَعَلْتُ فَأَذْهَبَ اَللَّهُ عَنِّي فَلَمَّا أَسْلَمَتْ ثَقِيفٌ ضَرَبَتْ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ وُفُودُ اَلْعَرَبِ فَدَخَلُوا فِي دِينِ اَللَّهِ تَعَالَى أَفْوَاجاً (3) .
430 ثُمَّ قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً اَلْعَاقِبُ أَمِيرُهُمْ وَ اِسْمُهُ عَبْدُ اَلْمَسِيحِ وَ أَبُو حَارِثَةَ عَلْقَمَةُ اَلْأُسْقُفُّ وَ هُوَ حِبْرُهُمْ وَ إِمَامُهُمْ فَقَالَ اَلْأُسْقُفُّ مَا تَقُولُ يَا مُحَمَّدُ فِي اَلسَّيِّدِ اَلْمَسِيحِ قَالَ هُوَ عَبْدُ اَللَّهِ وَ رَسُولُهُ قَالَ بَلْ هُوَ كَذَا وَ كَذَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَلْ هُوَ كَذَا وَ كَذَا فَتَرَادَّا فَنَزَلَ إِنَّ مَثَلَ عِيسىٰ عِنْدَ اَللّٰهِ كَمَثَلِ آدَمَ فَقَالُوا نُبَاهِلُكَ غَداً فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ قَالَ أَبُو حَارِثَةَ لِأَصْحَابِهِ إِنْ كَانَ غَدَا بِوُلْدِهِ فَاحْذَرُوا مُبَاهَلَتَهُ وَ إِنْ غَدَا
ص: 354
بِأَصْحَابِهِ فَبَاهِلُوهُ فَغَدَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ آخِذاً بِيَدِ اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ تَتْبَعُهُ فَاطِمَةُ وَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَجَثَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ أَبُو حَارِثَةَ جَثَا كَمَا جَثَا اَلْأَنْبِيَاءُ لِلْمُبَاهَلَةِ فَكَعَّ وَ لَمْ يَقْدَمْ لِلْمُبَاهَلَةِ فَقَالُوا يَا أَبَا اَلْقَاسِمِ إِنَّا لاَ نُبَاهِلُكَ وَ لَكِنْ نُصَالِحُكَ (1) ثُمَّ بَعَثَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلِيّاً إِلَى اَلْيَمَنِ لِيَدْعُوَهُمْ إِلَى اَلْإِسْلاَمِ .
431 وَ خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنَ اَلْمَدِينَةِ مُتَوَجِّهاً إِلَى اَلْحَجِّ فِي اَلسَّنَةِ اَلْعَاشِرَةِ فَلَمَّا اِنْتَهَى إِلَى ذِي اَلْحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ فَأَقَامَ تِلْكَ اَللَّيْلَةَ مِنْ أَجْلِهَا وَ أَحْرَمَ مِنْ ذِي اَلْحُلَيْفَةِ وَ أَحْرَمَ اَلنَّاسُ مَعَهُ وَ كَانَ قَارِناً لِلْحَجِّ بِسِيَاقِ اَلْهَدْيِ وَ قَدْ سَاقَ مَعَهُ سِتّاً وَ سِتِّينَ بَدَنَةً وَ حَجَّ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنَ اَلْيَمَنِ وَ سَاقَ مَعَهُ أَرْبَعاً وَ ثَلاَثِينَ بَدَنَةً وَ خَرَجَ مَنْ مَعَهُ مِنَ اَلْعَسْكَرِ وَ لَمَّا قَدِمَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَكَّةَ وَ طَافَ وَ سَعَى نَزَلَ جَبْرَئِيلُ وَ هُوَ عَلَى اَلْمَرْوَةِ بِقَوْلِهِ وَ أَتِمُّوا اَلْحَجَّ وَ اَلْعُمْرَةَ لِلّٰهِ فَخَطَبَ اَلنَّاسَ وَ قَالَ دَخَلَتِ اَلْعُمْرَةُ فِي اَلْحَجِّ هَكَذَا إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ قَالَ لَوِ اِسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اِسْتَدْبَرْتُ (2) مَا سُقْتُ اَلْهَدْيَ ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى مَنْ لَمْ يَسُقْ مِنْكُمْ هَدْياً فَلْيُحِلَّ وَ لْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً وَ مَنْ سَاقَ مِنْكُمْ هَدْياً فَلْيَقُمْ عَلَى إِحْرَامِهِ وَ لَمَّا قَضَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نُسُكَهُ وَ قَفَلَ إِلَى اَلْمَدِينَةِ وَ اِنْتَهَى إِلَى اَلْمَوْضِعِ اَلْمَعْرُوفِ بِغَدِيرِ خُمٍّ نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى يٰا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ بَلِّغْ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ
ص: 355
رَبِّكَ (1) وَ كَانَ يَوْماً شَدِيدَ اَلْحَرِّ فَنَزَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَمَرَ بِدَوْحَاتٍ هُنَاكَ فَقُمَّ مَا تَحْتَهَا وَ أَمَرَ بِجَمْعِ اَلرِّحَالِ فِي ذَلِكَ اَلْمَكَانِ وَ وَضْعِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَنَادَى فِي اَلنَّاسِ بِالصَّلاَةِ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَ إِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَيَلُفُّ رِدَاءَهُ عَلَى قَدَمَيْهِ مِنْ شِدَّةِ اَلرَّمْضَاءِ فَصَعِدَ عَلَى تِلْكَ اَلرِّحَالِ حَتَّى صَارَ فِي ذِرْوَتِهَا وَ دَعَا عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَرَقِيَ مَعَهُ حَتَّى قَامَ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ خَطَبَ فَحَمِدَ اَللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ وَ وَعَظَ وَ نَعَى إِلَى اَلْأُمَّةِ نَفْسَهُ فَقَالَ إِنِّي دُعِيتُ وَ يُوشِكُ أَنْ أُجِيبَ فَقَدْ حَانَ (2) مِنِّي خُفُوقٌ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ وَ إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اَللَّهِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي فَإِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ اَلْحَوْضَ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَ لَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْكُمْ بِأَنْفُسِكُمْ قَالُوا بَلَى فَقَالَ لَهُمْ عَلَى اَلنَّسَقِ وَ قَدْ أَخَذَ بِضَبْعَيْ عَلِيٍّ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِمَا مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَعَلِيٌّ مَوْلاَهُ اَللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَ اُنْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اُخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ ثُمَّ نَزَلَ وَ أَمَرَ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ يَجْلِسَ فِي خَيْمَةٍ ثُمَّ أَمَرَ اَلنَّاسَ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ فَوْجاً فَوْجاً وَ يُهَنِّئُوهُ بِالْإِمَامَةِ وَ يُسَلِّمُوا عَلَيْهِ بِإِمْرَةِ اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْشَأَ حَسَّانُ يَقُولُ
يُنَادِيهِمْ يَوْمَ اَلْغَدِيرِ نَبِيُّهُمْ *** بِخُمٍّ وَ أَسْمَعَ بِالرَّسُولِ مُنَادِياً
اَلْأَبْيَاتَ (3)
ص: 356
وَ لَمْ يَبْرَحْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنَ اَلْمَكَانِ حَتَّى نَزَلَ اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلاٰمَ دِيناً(1)إعلام الورى ص (133) و اثبات الهداة (615/1)، برقم: (636).(2) فَقَالَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كَمَالِ اَلدِّينِ وَ تَمَامِ اَلنِّعْمَةِ وَ رِضَا اَلرَّبِّ بِرِسَالَتِي وَ اَلْوَلاَيَةِ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ بَعْدِي (3) .
432 وَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْمَدِينَةَ مِنْ حَجَّةِ اَلْوَدَاعِ بَعَثَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَ أَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ إِلَى حَيْثُ قُتِلَ أَبُوهُ وَ أَمَرَهُ عَلَى وُجُوهِ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَ عُمَرُ وَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَ عَسْكَرُ أُسَامَةَ بِالْجُرْفِ وَ اِشْتَكَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ شِكَايَتَهُ اَلَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا وَ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ نَفِّذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ وَ يُكَرِّرُ ذَلِكَ . و إنما فعل صلّى اللّه عليه و آله لئلا يبقى بالمدينة عند وفاته من يختلف في الإمامة و يطمع في الإمارة و يستوثق الأمر لأهل بيته لعلي و من بعده(3)
433 وَ لَمَّا أَحَسَّ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْمَرَضِ اَلَّذِي اِعْتَرَاهُ (4) أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَالَ أَقْبَلَتِ اَلْفِتَنُ كَقِطَعِ اَللَّيْلِ اَلْمُظْلِمِ وَ إِنَّ جَبْرَئِيلَ كَانَ يَعْرِضُ اَلْقُرْآنَ عَلَيَّ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً وَ قَدْ عَرَضَ عَلَيَّ اَلْعَامَ مَرَّتَيْنِ وَ لاَ أَرَاهُ إِلاَّ لِحُضُورِ أَجَلِي ثُمَّ قَالَ إِنِّي خُيِّرْتُ يَا عَلِيُّ بَيْنَ خَزَائِنِ اَلدُّنْيَا وَ اَلْخُلُودِ فِيهَا أَوِ اَلْجَنَّةِ فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ رَبِّي وَ اَلْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَاغْسِلْنِي وَ اُسْتُرْ عَوْرَتِي فَإِنَّهُ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ إِلاَّ أُكْمِهَ فَمَكَثَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مَوْعُوكاً(5) ثُمَّ خَرَجَ إِلَى اَلْمَسْجِدِ مَعْصُوبَ اَلرَّأْسِ مُتَّكِئاً عَلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِيَمِينِهِ وَ عَلَى اَلْفَضْلِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ بِالْيَدِ اَلْأُخْرَى فَجَلَسَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ وَ خَطَبَ ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ اَللَّهِ وَ بَيْنَ أَحَدٍ شَيْ ءٌ يُعْطِيهِ بِهِ خَيْراً وَ يَصْرِفُ عَنْهُ شَرّاً إِلاَّ اَلْعَمَلُ اَلصَّالِحُ (6) أَيُّهَا اَلنَّاسُ لاَ يَدَّعِ مُدَّعٍ وَ لاَ يَتَمَنَّ (7) مُتَمَنٍّ وَ اَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً
ص: 357
لاَ يُنْجِي إِلاَّ عَمَلٌ مَعَ وَجْهِ اَللَّهِ (1) وَ لَوْ عَصَيْتُ لَهَوَيْتُ .
ثُمَّ نَزَلَ وَ دَخَلَ بَيْتَهُ وَ كَانَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَجَاءَتْ عَائِشَةُ تَسْأَلُهُ أَنْ يَنْتَقِلَ إِلَيْهَا لِتَتَوَلَّى تَعْلِيلَهُ فَأَذِنَ لَهَا وَ اِنْتَقَلَ إِلَى اَلْبَيْتِ اَلَّذِي أَسْكَنَهُ عَائِشَةَ فَاسْتَمَرَّ اَلْمَرَضُ بِهِ أَيَّاماً وَ ثَقُلَ فَجَاءَ بِلاَلٌ عِنْدَ صَلاَةِ اَلصُّبْحِ فَنَادَى اَلصَّلاَةَ فَقَالَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ بَعْضُهُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ وَ قَالَتْ حَفْصَةُ مُرُوا عُمَرَ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اُكْفُفْنَ فَإِنَّكُنَّ كَصُوَيْحِبَاتِ يُوسُفَ ثُمَّ قَالَ وَ هُوَ لاَ يَسْتَقِلُّ عَلَى اَلْأَرْضِ مِنَ اَلضَّعْفِ وَ قَدْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُمَا خَرَجَا إِلَى أُسَامَةَ فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ اَلْفَضْلِ فَاعْتَمَدَهُمَا(2) وَ رِجْلاَهُ يَخُطَّانِ اَلْأَرْضَ مِنَ اَلضَّعْفِ فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى اَلْمَسْجِدِ وَجَدَ أَبَا بَكْرٍ قَدْ سَبَقَ إِلَى اَلْمِحْرَابِ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَيْهِ فَتَأَخَّرَ أَبُو بَكْرٍ وَ قَامَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَبَّرَ وَ اِبْتَدَأَ بِالصَّلاَةِ فَلَمَّا سَلَّمَ وَ اِنْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ اِسْتَدْعَى أَبَا بَكْرٍ وَ عُمَرَ وَ جَمَاعَةً مِمَّنْ حَضَرَ اَلْمَسْجِدَ قَالَ أَ لَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُنَفِّذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنِّي كُنْتُ خَرَجْتُ ثُمَّ عُدْتُ لِأُحَدِّثَ (3) بِكَ عَهْداً وَ قَالَ عُمَرُ إِنِّي لَمْ أَخْرُجْ لِأَنِّي لَمْ أُحِبَّ أَنْ أَسْأَلَ عَنْكَ اَلرَّكْبَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَفِّذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ يُكَرِّرُهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ مِنَ اَلتَّعَبِ اَلَّذِي لَحِقَهُ ثُمَّ أَفَاقَ وَ قَالَ اِئْتُونِي بِدَوَاةٍ وَ كَتِفٍ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَداً فَقَالَ عُمَرُ لِمَنْ قَامَ يَلْتَمِسُ اَلدَّوَاةَ وَ اَلْكَتِفَ اِرْجِعْ فَإِنَّهُ يَهْجُرُ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ بَعْضُهُمْ أَ لاَ نَأْتِيكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ بِدَوَاةٍ وَ كَتِفٍ قَالَ بَعْدَ اَلَّذِي قُلْتُمْ لاَ وَ لَكِنِ اِحْفَظُونِي فِي أَهْلِ بَيْتِي(4) وَ أَطْعِمُوا اَلْمَسَاكِينَ وَ حَافِظُوا عَلَى اَلصَّلاَةِ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُ ذَلِكَ ثُمَّ أَعْرَضَ بِوَجْهِهِ عَنِ اَلْقَوْمِ فَنَهَضُوا وَ بَقِيَ عِنْدَهُ عَلِيٌّ وَ اَلْعَبَّاسُ وَ اَلْفَضْلُ وَ أَهْلُ بَيْتِهِ فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنْ يَكُنْ هَذَا اَلْأَمْرُ مُسْتَمِرّاً فِينَا مِنْ بَعْدِكَ (5) فَبَشِّرْنَا وَ إِنْ كُنْتَ
ص: 358
تَعْلَمُ أَنَّا نُغْلَبُ عَلَيْهِ فَأَوْصِ بِنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْتُمُ اَلْمُسْتَضْعَفُونَ مِنْ بَعْدِي وَ أَصْمَتَ (1) وَ نَهَضَ اَلْقَوْمُ وَ هُمْ يَبْكُونَ فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ رُدُّوا عَلَيَّ أَخِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ عَمِّي فَلَمَّا اِسْتَقَرَّ بِهِمَا اَلْمَجْلِسُ قَالَ يَا عَمِّ تَقْبَلُ وَصِيَّتِي وَ تُنْجِزُ وَعْدِي وَ تَقْضِي دَيْنِي فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ عَمُّكَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ذُو عِيَالٍ وَ أَنْتَ تُبَارِي اَلرِّيحَ سَخَاءً ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا عَلِيُّ تَقْبَلُ وَصِيَّتِي وَ تُنْجِزُ عِدَتِي وَ تَقْضِي دَيْنِي فَقَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ اُدْنُ مِنِّي فَدَنَا مِنْهُ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَ نَزَعَ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَا فَضَعْهُ فِي يَدِكَ وَ دَعَا بِسَيْفِهِ وَ دِرْعِهِ وَ جَمِيعِ لَأْمَتِهِ فَدَفَعَ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَ اِلْتَمَسَ عِصَابَةً كَانَ يَشُدُّهَا عَلَى بَطْنِهِ إِذَا لَبِسَ دِرْعَهُ نَزَلَ بِهَا جَبْرَئِيلُ فَجِيءَ بِهَا فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ وَ قَالَ اِقْبِضْ هَذَا فِي حَيَاتِي وَ دَفَعَ إِلَيْهِ بَغْلَتَهُ وَ سَرْجَهَا وَ قَالَ اِمْضِ عَلَى خِيَرَةِ اَللَّهِ تَعَالَى إِلَى مَنْزِلِكَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ اَلْغَدِ حُجِبَ اَلنَّاسُ عَنْهُ وَ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ وَ كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ يُفَارِقُهُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ فَلَمَّا قَرُبَ خُرُوجُ نَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ ضَعْ رَأْسِي يَا عَلِيُّ فِي حَجْرِكَ فَقَدْ جَاءَ أَمْرُ اَللَّهِ فَإِذَا فَاضَتْ رُوحِي فَتَنَاوَلْهَا بِيَدِكَ وَ اِمْسَحْ بِهَا وَجْهَكَ ثُمَّ وَجِّهْنِي إِلَى اَلْقِبْلَةِ وَ تَوَلَّ أَمْرِي وَ صَلِّ عَلَيَّ أَوَّلَ اَلنَّاسِ وَ لاَ تُفَارِقْنِي حَتَّى تُوَارِيَنِي فِي رَمْسِي (2) .
434 وَ تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ عَشْرٍ(3) مِنَ اَلْهِجْرَةِ وَ لَمَّا أَرَادَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ غُسْلَهُ اِسْتَدْعَى بِالْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَاوِلَهُ اَلْمَاءَ بَعْدَ أَنْ عَصَّبَ عَيْنَيْهِ فَشَقَّ قَمِيصَهُ مِنْ قِبَلِ جَيْبِهِ حَتَّى بَلَغَ إِلَى سُرَّتِهِ وَ تَوَلَّى غُسْلَهُ وَ تَحْنِيطَهُ وَ تَكْفِينَهُ وَ اَلْفَضْلُ يُنَاوِلُهُ اَلْمَاءَ
ص: 359
فَلَمَّا فَرَغَ تَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ اَلنَّاسُ كَيْفَ اَلصَّلاَةُ عَلَيْهِ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِمَامُنَا حَيّاً وَ مَيِّتاً فَدَخَلَ عَشَرَةَ عَشَرَةً فَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثُمَّ خَاضُوا فِي مَوْضِعِ دَفْنِهِ (1) فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقْبِضْ نَبِيَّهُ فِي مَكَانٍ إِلاَّ وَ رَضِيَهُ لِمَضْجَعِهِ فَرَضِيَ اَلنَّاسُ أَنْ يُدْفَنَ فِي اَلْحُجْرَةِ اَلَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا وَ حَفَرَ أَبُو طَلْحَةَ وَ كَانَ عَلِيٌّ وَ اَلْعَبَّاسُ وَ اَلْفَضْلُ وَ أُسَامَةُ يَتَوَلَّوْنَ دَفْنَهُ وَ أَدْخَلَ عَلِيٌّ مِنَ اَلْأَنْصَارِ أَوْسَ بْنَ خَوَلِيٍّ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ اَلْخَزْرَجِ وَ كَانَ بَدْرِيّاً فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِنْزِلِ اَلْقَبْرَ فَنَزَلَ وَ وَضَعَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى يَدَيْهِ ثُمَّ دَلاَّهُ فِي حُفْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ اُخْرُجْ فَخَرَجَ وَ نَزَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ وَضَعَ خَدَّهُ عَلَى اَلْأَرْضِ مُوَجَّهاً إِلَى اَلْقِبْلَةِ عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ وَضَعَ عَلَيْهِ اَللَّبِنَ وَ هَالَ عَلَيْهِ اَلتُّرَابَ وَ اِنْتَهَزَتِ اَلْجَمَاعَةُ اَلْفُرْصَةَ لاِشْتِغَالِ بَنِي هَاشِمٍ بِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ جُلُوسِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِلْمُصِيبَةِ (2) .
435 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ جَعْفَرٍ اَلْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا اِبْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ غِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ : سُئِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ اَلثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اَللَّهِ وَ عِتْرَتِي مَنِ اَلْعِتْرَةُ فَقَالَ أَنَا وَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ وَ اَلْأَئِمَّةُ اَلتِّسْعَةُ مِنْ وُلْدِ اَلْحُسَيْنِ تَاسِعُهُمْ مَهْدِيُّهُمْ وَ قَائِمُهُمْ لاَ يُفَارِقُونَ كِتَابَ اَللَّهِ وَ لاَ يُفَارِقُهُمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ حَوْضَهُ (3) .
436 قَالَ وَ حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هَمَّامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَالِكٍ اَلْفَزَارِيِّ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ اَلْحَارِثِ عَنِ اَلْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنْ يُونُسَ بْنِ ظَبْيَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ اَلْجُعْفِيِّ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ
ص: 360
عَبْدِ اَللَّهِ رض يَقُولُ : لَمَّا أَنْزَلَ اَللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَمَنْ أُولُو اَلْأَمْرِ اَلَّذِينَ قَرَنَ اَللَّهُ طَاعَتَهُمْ بِطَاعَتِكَ فَقَالَ هُمْ خُلَفَائِي يَا جَابِرُ وَ أَئِمَّةُ اَلْمُسْلِمِينَ بَعْدِي أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ اَلْحَسَنُ ثُمَّ اَلْحُسَيْنُ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْمَعْرُوفُ فِي اَلتَّوْرَاةِ بِالْبَاقِرِ وَ سَتُدْرِكُهُ يَا جَابِرُ فَإِذَا لَقِيتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي اَلسَّلاَمَ ثُمَّ اَلصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ سَمِيِّي وَ كَنِيِّي حُجَّةُ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ بَقِيَّتُهُ فِي عِبَادِهِ اِبْنُ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ذَلِكَ اَلَّذِي يَفْتَحُ اَللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ مَشَارِقَ اَلْأَرْضِ وَ مَغَارِبَهَا وَ ذَلِكَ اَلَّذِي يَغِيبُ عَنْ شِيعَتِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ غَيْبَةً لاَ يَثْبُتُ فِيهَا عَلَى اَلْقَوْلِ بِإِمَامَتِهِ إِلاَّ مَنِ اِمْتَحَنَ اَللَّهُ قَلْبَهُ لِلْإِيمَانِ قَالَ جَابِرٌ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَهَلْ يَقَعُ لِشِيعَتِهِ اَلاِنْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ قَالَ إِي وَ اَلَّذِي بَعَثَنِي بِالنُّبُوَّةِ إِنَّهُمْ لَيَسْتَضِيئُونَ بِنُورِهِ وَ يَنْتَفِعُونَ بِوَلاَيَتِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَانْتِفَاعِ اَلنَّاسِ بِالشَّمْسِ وَ إِنْ تَجَلاَّهَا سَحَابٌ (1) .
437قَالَ وَ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ اَلدَّوَالِيبِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اَلْفَضْلِ اَلنَّحْوِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَلصَّمَدِ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ آبَائِهِ عَنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عِنْدَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ لِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَرْحَباً بِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ زَيْنَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ قَالَ أُبَيٌّ فَكَيْفَ يَكُونُ زَيْنُ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ (2) غَيْرَكَ قَالَ يَا أُبَيُّ وَ اَلَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً إِنَّ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ ذِكْرُهُ فِي اَلسَّمَاءِ أَكْثَرُ مِمَّا فِي اَلْأَرْضِ وَ إِنَّهُ لَمَكْتُوبٌ عَلَى يَمِينِ عَرْشِ اَللَّهِ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى رَكَّبَ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً طَيِّبَةً مُبَارَكَةً وَ لَقَدْ لُقِّنَ دَعَوَاتٍ مَا يَدْعُو بِهِنَّ مَخْلُوقٌ إِلاَّ حَشَرَهُ اَللَّهُ مَعَهُ وَ فَرَّجَ عَنْهُ كَرْبَهُ فَقَالَ لَهُ مَا هَذِهِ اَلدَّعَوَاتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ صَلاَتِكَ وَ أَنْتَ قَاعِدٌ فَقُلْ اَللَّهُمَّ
ص: 361
إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَكَانِكَ وَ مَعَاقِدِ عِزِّكَ وَ سُكَّانِ سَمَاوَاتِكَ وَ أَنْبِيَائِكَ وَ رُسُلِكَ قَدْ رَهِقَنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرٌ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَجْعَلَ مِنْ عُسْرِي يُسْراً فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُسَهِّلُ أَمْرَكَ وَ يَشْرَحُ صَدْرَكَ وَ يُلَقِّنُكَ شَهَادَةَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ عِنْدَ خُرُوجِ نَفْسِكَ قَالَ أُبَيٌّ فَمَا هَذِهِ اَلنُّطْفَةُ اَلَّتِي فِي صُلْبِ اَلْحُسَيْنِ وَ مَا اِسْمُهُ قَالَ اِسْمُهُ عَلِيٌّ وَ دُعَاؤُهُ يَا دَائِمُ يَا دَيْمُومُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا كَاشِفَ اَلْغَمِّ يَا فَارِجَ اَلْهَمِّ وَ يَا بَاعِثَ اَلرُّسُلِ يَا صَادِقَ اَلْوَعْدِ مَنْ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ حَشَرَهُ اَللَّهُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ وَ كَانَ قَائِدَهُ إِلَى اَلْجَنَّةِ قَالَ أُبَيٌّ وَ هَلْ لَهُ مِنْ خَلَفٍ وَ وَصِيٍّ قَالَ نَعَمْ لَهُ مِيرَاثُ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ قَالَ وَ مَا مَعْنَى ذَلِكَ قَالَ اَلْقَضَاءُ بِالْحَقِّ وَ تَأْوِيلُ اَلْأَحْكَامِ وَ بَيَانُ مَا يَكُونُ قَالَ فَمَا اِسْمُهُ قَالَ اِسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَ دُعَاؤُهُ اَللَّهُمَّ إِنْ كَانَ لِي عِنْدَكَ رِضْوَانٌ وَ وُدٌّ فَاغْفِرْ لِي وَ لِمَنِ اِتَّبَعَنِي مِنْ إِخْوَانِي وَ شِيعَتِي وَ طَيِّبْ مَا فِي صُلْبِي فَرَكَّبَ اَللَّهُ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً مُبَارَكَةً زَاكِيَةً اِسْمُهُ جَعْفَرٌ وَ دُعَاؤُهُ يَا دَيَّانُ غَيْرَ مُتَوَانٍ (1) يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ اِجْعَلْ لِشِيعَتِي وِقَاءً (2) وَ لَهُمْ عِنْدَكَ رِضًى وَ اِغْفِرْ ذُنُوبَهُمْ وَ اُسْتُرْ عَوْرَاتِهِمْ وَ هَبْ لَهُمُ اَلْكَبَائِرَ اَلَّتِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ يَا مَنْ لاَ يَخَافُ اَلضَّيْمَ وَ لاٰ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لاٰ نَوْمٌ اِجْعَلْ لِي مِنْ كُلِّ غَمٍّ فَرَجاً مَنْ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ حَشَرَهُ اَللَّهُ أَبْيَضَ اَلْوَجْهِ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي اَلْجَنَّةِ يَا أُبَيُّ إِنَّ اَللَّهَ رَكَّبَ عَلَى هَذِهِ اَلنُّطْفَةِ نُطْفَةً زَكِيَّةً سَمَّاهَا مُوسَى فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ كَأَنَّهُمْ يَتَنَاسَلُونَ وَ يَتَوَارَثُونَ وَ يَصِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَالَ وَصَفَهُمْ لِي جَبْرَئِيلُ عَنْ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ قَالَ فَهَلْ لِمُوسَى مِنْ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا قَالَ نَعَمْ دُعَاؤُهُ يَا خَالِقَ اَلْخَلْقِ وَ يَا بَاسِطَ اَلرِّزْقِ وَ يَا فَالِقَ اَلْحَبِّ وَ بَارِئَ اَلنَّسَمِ وَ مُحْيِيَ اَلْمَوْتَى وَ مُمِيتَ اَلْأَحْيَاءِ وَ دَائِمَ اَلثَّبَاتِ وَ مُخْرِجَ اَلنَّبَاتِ اِفْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ مَنْ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ قَضَى اَللَّهُ حَوَائِجَهُ وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى رَكَّبَ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً مُبَارَكَةً مَرْضِيَّةً وَ سَمَّاهَا عَلِيّاً وَ دُعَاؤُهُ اَللَّهُمَّ أَعْطِنِي اَلْهُدَى وَ ثَبِّتْنِي عَلَيْهِ وَ اُحْشُرْنِي عَلَيْهِ آمِناً
ص: 362
أَمْنَ مَنْ لاَ خَوْفَ عَلَيْهِ وَ لاَ حُزْنَ وَ لاَ جَزَعَ إِنَّكَ أَهْلُ اَلتَّقْوىٰ وَ أَهْلُ اَلْمَغْفِرَةِ وَ إِنَّ اَللَّهَ رَكَّبَ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً مُبَارَكَةً وَ سَمَّاهَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فَهُوَ شَفِيعُ شِيعَتِهِ إِذَا وُلِدَ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اَللَّهِ وَ دُعَاؤُهُ يَا مَنْ لاَ شَبِيهَ لَهُ وَ لاَ مِثَالَ أَنْتَ اَللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَ لاَ خَالِقَ إِلاَّ أَنْتَ تُفْنِي اَلْمَخْلُوقِينَ وَ تَبْقَى أَنْتَ حَلُمْتَ عَمَّنْ عَصَاكَ وَ فِي اَلْمَغْفِرَةِ رِضَاكَ مَنْ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ شَفِيعَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ إِنَّ اَللَّهَ رَكَّبَ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً لاَ بَاغِيَةً وَ لاَ طَاغِيَةً بَارَّةً طَاهِرَةً سَمَّاهَا عِنْدَهُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ فَأَلْبَسَهُ اَلسَّكِينَةَ وَ اَلْوَقَارَ وَ أَوْدَعَهَا اَلْعُلُومَ وَ كُلَّ سِرٍّ مَكْنُونٍ .
وَ دُعَاؤُهُ يَا نُورُ يَا بُرْهَانُ يَا مُبِينُ يَا مُنِيرُ يَا رَبِّ اِكْفِنِي شَرَّ اَلشُّرُورِ وَ آفَاتِ اَلدُّهُورِ وَ أَسْأَلُكَ اَلنَّجَاةَ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي اَلصُّورِ مَنْ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ كَانَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ شَفِيعَهُ وَ قَائِدَهُ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ إِنَّ اَللَّهَ رَكَّبَ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً وَ سَمَّاهَا عِنْدَهُ اَلْحَسَنَ فَجَعَلَهُ نُوراً فِي بِلاَدِهِ وَ دُعَاؤُهُ يَا عَزِيزَ اَلْعِزِّ فِي عِزِّهِ يَا أَعَزَّ(1) عَزِيزِ اَلْعِزِّ فِي عِزِّهِ يَا عَزِيزُ أَعِزَّنِي بِعِزِّكَ وَ أَيِّدْنِي بِنَصْرِكَ وَ أَبْعِدْ عَنِّي هَمَزَاتِ اَلشَّيَاطِينِ وَ اِدْفَعْ عَنِّي بِدَفْعِكَ وَ اِمْنَعِ عَنِّي بِصُنْعِكَ وَ اِجْعَلْنِي مِنْ خِيَارِ خَلْقِكَ يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ مَنْ دَعَا بِهَذَا اَلدُّعَاءِ نَجَّاهُ اَللَّهُ مِنَ اَلنَّارِ وَ لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَ إِنَّ اَللَّهَ رَكَّبَ فِي صُلْبِهِ نُطْفَةً مُبَارَكَةً زَكِيَّةً يَرْضَى بِهَا كُلُّ مُؤْمِنٍ يَحْكُمُ بِالْعَدْلِ وَ يَأْمُرُ بِهِ يَخْرُجُ مِنْ تِهَامَةَ حِينَ تَظْهَرُ اَلدَّلاَئِلُ وَ اَلْعَلاَمَاتُ وَ لَهُ بِالطَّالَقَانِ (2) كُنُوزٌ لاَ ذَهَبٌ وَ لاَ فِضَّةٌ إِلاَّ خُيُولٌ مُطَهَّمَةٌ وَ رِجَالٌ مُسَوَّمَةٌ يَجْمَعُ اَللَّهُ لَهُ مِنْ أَقْصَى اَلْبِلاَدِ عَلَى عَدَدِ أَهْلِ بَدْرٍ ثَلاَثَمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً مَعَهُ صَحِيفَةٌ مَخْتُومَةٌ فِيهَا عَدَدُ أَصْحَابِهِ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَنْسَابِهِمْ وَ بُلْدَانِهِمْ وَ كَلاَمِهِمْ وَ كُنَاهُمْ كَدَّادُونَ مُجِدُّونَ فِي طَاعَتِهِ فَقَالَ لَهُ أُبَيٌّ وَ مَا عَلاَمَاتُهُ وَ دَلاَئِلُهُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ لَهُ عَلَمٌ إِذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ اِنْتَشَرَ ذَلِكَ اَلْعَلَمُ مِنْ نَفْسِهِ فَنَادَاهُ اَلْعَلَمُ اُخْرُجْ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ فَاقْتُلْ أَعْدَاءَ اَللَّهِ فَهُمَا رَايَتَانِ
ص: 363
وَ عَلاَمَتَانِ وَ لَهُ سَيْفٌ مُغْمَدٌ فَإِذَا حَانَ وَقْتُ خُرُوجِهِ قَالَ يَا وَلِيَّ اَللَّهِ لاَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَقْعُدَ عَنْ أَعْدَاءِ اَللَّهِ فَيَخْرُجُ وَ يَقْتُلُ أَعْدَاءَ اَللَّهِ حَيْثُ ثَقِفَهُمْ وَ يُقِيمُ حُدُودَ اَللَّهِ وَ يَحْكُمُ بِحُكْمِ اَللَّهِ يَخْرُجُ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَ مِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ وَ شُعَيْبُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ سَوْفَ تَذْكُرُونَ مٰا أَقُولُ لَكُمْ وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ وَ لَوْ بَعْدَ حِينٍ يَا أُبَيُّ طُوبَى لِمَنْ لَقِيَهُ وَ طُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُ وَ طُوبَى لِمَنْ قَالَ بِهِ وَ بِهِ يُنْجِيهِمُ اَللَّهُ مِنَ اَلْهَلَكَةِ وَ بِالْإِقْرَارِ بِهِ وَ بِرَسُولِ اَللَّهِ وَ بِجَمِيعِ اَلْأَئِمَّةِ يَفْتَحُ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ مَثَلُهُمْ فِي اَلْأَرْضِ كَمَثَلِ اَلْمِسْكِ اَلَّذِي يَسْطَعُ رِيحاً وَ لاَ يَتَغَيَّرُ أَبَداً وَ مَثَلُهُمْ فِي اَلسَّمَاءِ كَمَثَلِ اَلْقَمَرِ اَلْمُنِيرِ اَلَّذِي لاَ يُطْفَأُ نُورُهُ أَبَداً قَالَ أُبَيٌّ يَا رَسُولَ اَللَّهِ كَيْفَ حَالُ بَيَانِ هَذِهِ اَلْأَئِمَّةِ عَنِ اَللَّهِ قَالَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيَّ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ صَحِيفَةً وَ اِثْنَيْ عَشَرَ خَاتَماً اِسْمُ كُلِّ إِمَامٍ عَلَى خَاتَمِهِ وَ صِفَتُهُ فِي صَحِيفَتِهِ (1)
ص: 364
وَ دُعَاؤُهُ اَللَّهُمَّ عَظُمَ اَلْبَلاَءُ وَ بَرِحَ اَلْخَفَاءُ وَ اِنْقَطَعَ اَلرَّجَاءُ وَ اِنْكَشَفَ اَلْغِطَاءُ وَ ضَاقَتِ اَلْأَرْضُ وَ مُنِعَتِ اَلسَّمَاءُ وَ أَنْتَ اَلْمُسْتَعَانُ وَ إِلَيْكَ اَلْمُشْتَكَى وَ عَلَيْكَ اَلتَّوَكُّلُ فِي اَلشِّدَّةِ وَ اَلرَّخَاءِ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ عَلَى أُولِي اَلْأَمْرِ اَلَّذِينَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَ عَرَّفْتَنَا بِذَلِكَ مَنْزِلَتَهُمْ فَفَرِّجْ عَنَّا بِحَقِّهِمْ فَرَجاً عَاجِلاً قَرِيباً كَلَمْحِ اَلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (1) وَ مِنْ دُعَائِهِ يَا مَنْ إِذَا تَضَايَقَتِ اَلْأُمُورُ فَتَحَ لَنَا بَاباً لَمْ تَذْهَبْ إِلَيْهِ اَلْأَوْهَامُ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ اِفْتَحْ لِأُمُورِيَ اَلْمُتَضَايَقَةِ بَاباً لَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ وَهْمٌ يَا أَرْحَمَ اَلرَّاحِمِينَ .
438 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْوَرَّاقُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ اَلصُّوفِيُّ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اَلْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْحَسَنِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ اَلثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي خَالِدٍ اَلْكَابُلِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى سَيِّدِي عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْتُ لَهُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنِ اَلَّذِينَ فَرَضَ اَللَّهُ طَاعَتَهُمْ وَ مَوَدَّتَهُمْ وَ أَوْجَبَ عَلَى عِبَادِهِ اَلاِقْتِدَاءَ بِهِمْ بَعْدَ رَسُولِ اَللَّهِ فَقَالَ يَا كَنْكَرُ إِنَّ أُولِي اَلْأَمْرِ اَلَّذِينَ جَعَلَهُمُ اَللَّهُ أَئِمَّةً لِلنَّاسِ وَ أَوْجَبَ طَاعَتَهُمْ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ثُمَّ اَلْحَسَنُ ثُمَّ اَلْحُسَيْنُ ثُمَّ اِنْتَهَى اَلْأَمْرُ إِلَيْنَا ثُمَّ سَكَتَ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي قَدْ رُوِيَ لَنَا عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ أَنَّ اَلْأَرْضَ لاَ تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ عَلَى عِبَادِهِ فَمَنِ اَلْحُجَّةُ وَ اَلْإِمَامُ بَعْدَكَ قَالَ اِبْنِي مُحَمَّدٌ وَ اِسْمُهُ فِي اَلتَّوْرَاةِ بَاقِرٌ يَبْقُرُ اَلْعِلْمَ بَقْراً هُوَ اَلْحُجَّةُ
ص: 365
وَ اَلْإِمَامُ بَعْدِي وَ مِنْ بَعْدِ مُحَمَّدٍ اِبْنُهُ جَعْفَرٌ وَ اِسْمُهُ عِنْدَ أَهْلِ اَلسَّمَاءِ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْتُ لَهُ يَا سَيِّدِي فَكَيْفَ صَارَ اِسْمُهُ اَلصَّادِقَ وَ كُلُّكُمْ صَادِقُونَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ إِذَا وُلِدَ اِبْنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَسَمُّوهُ اَلصَّادِقَ فَإِنَّ لِلْخَامِسِ مِنْ وُلْدِهِ وَلَداً اِسْمُهُ جَعْفَرٌ يَدَّعِي اَلْإِمَامَةَ اِجْتِرَاءً عَلَى اَللَّهِ وَ كَذِباً عَلَيْهِ فَهُوَ عِنْدَ اَللَّهِ جَعْفَرٌ اَلْكَذَّابُ اَلْمُفْتَرِي عَلَى اَللَّهِ وَ اَلْمُدَّعِي لِمَا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ اَلْمُخَالِفُ عَلَى اَللَّهِ اَلْحَاسِدُ عَلَى أَخِيهِ ذَلِكَ اَلَّذِي يَرُومُ كَشْفَ (1) سِرِّ اَللَّهِ عِنْدَ غَيْبَةِ وَلِيِّ اَللَّهِ ثُمَّ بَكَى عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بُكَاءً شَدِيداً ثُمَّ قَالَ كَأَنِّي بِجَعْفَرٍ اَلْكَذَّابِ وَ قَدْ حَمَلَ طَاغِيَةَ زَمَانِهِ عَلَى تَفْتِيشِ أَمْرِ وَلِيِّ اَللَّهِ وَ اَلْمُغَيَّبِ فِي حِفْظِ اَللَّهِ وَ اَلتَّوْكِيلِ بِحُرْمَةِ اَللَّهِ جَهْلاً(2) مِنْهُ لِوِلاَدَتِهِ وَ حِرْصاً عَلَى قَتْلِهِ إِنْ ظَفِرَ بِهِ طَمَعاً فِي مِيرَاثِ أَبِيهِ حَتَّى يَأْخُذَ بِغَيْرِ حَقِّهِ قَالَ أَبُو خَالِدٍ فَقُلْتُ لَهُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَكَائِنٌ قَالَ إِي وَ رَبِّي إِنَّ ذَلِكَ لَمَكْتُوبٌ عِنْدَنَا فِي اَلصَّحِيفَةِ اَلَّتِي فِيهَا ذِكْرُ اَلْمِحَنِ اَلَّتِي تَجْرِي عَلَيْنَا بَعْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقُلْتُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ ثُمَّ مَا ذَا يَكُونُ قَالَ ثُمَّ تَمْتَدُّ اَلْغَيْبَةُ بِوَلِيِّ اَللَّهِ اَلثَّانِي عَشَرَ مِنْ أَوْصِيَاءِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اَلْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ يَا أَبَا خَالِدٍ إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ اَلْغَيْبَةِ اَلْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ وَ اَلْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ أَفْضَلُ كُلِّ زَمَانٍ لِأَنَّ اَللَّهَ أَعْطَاهُمْ مِنَ اَلْعُقُولِ وَ اَلْأَفْهَامِ وَ اَلْمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ اَلْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ اَلْمُشَاهَدَةِ وَ جَعَلَهُمْ فِي ذَلِكَ اَلزَّمَانِ بِمَنْزِلَةِ اَلْمُجَاهِدِينَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِهِ بِالسَّيْفِ أُولَئِكَ هُمُ اَلْمُخْلِصُونَ حَقّاً وَ شِيعَتُنَا صِدْقاً وَ اَلدُّعَاةُ إِلَى دِينِ اَللَّهِ سِرّاً وَ جَهْراً (3) .
439 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ
ص: 366
اَلْبَرْقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْجَارُودِ اَلْعَبْدِيِّ عَنِ اَلْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ ذَاتَ يَوْمٍ وَ يَدُهُ فِي يَدِ اِبْنِهِ اَلْحَسَنِ وَ هُوَ يَقُولُ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَ يَدُهُ فِي يَدِ هَذَا وَ هُوَ يَقُولُ خَيْرُ اَلْخَلْقِ بَعْدِي وَ سَيِّدُهُمْ هَذَا هُوَ إِمَامُ كُلِّ مُسْلِمٍ وَ أَمِيرُ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدَ وَفَاتِي أَلاَ وَ إِنِّي أَقُولُ إِنَّ خَيْرَ اَلْخَلْقِ بَعْدِي وَ سَيِّدَهُمْ اِبْنِي هَذَا وَ هُوَ إِمَامُ كُلِّ مُسْلِمٍ وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدَ وَفَاتِي أَلاَ وَ إِنَّهُ سَيُظْلَمُ بَعْدِي كَمَا ظُلِمْتُ بَعْدَ رَسُولِ اَللَّهِ وَ خَيْرُ اَلْخَلْقِ وَ سَيِّدُهُمْ بَعْدَ اَلْحَسَنِ اِبْنِي أَخُوهُ اَلْحُسَيْنُ اَلْمَظْلُومُ بَعْدَ أَخِيهِ اَلْمَقْتُولُ فِي أَرْضِ كَرْبٍ وَ بَلاَءٍ أَمَا إِنَّهُ وَ أَصْحَابَهُ سَادَةُ اَلشُّهَدَاءِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ مِنْ بَعْدِ اَلْحُسَيْنِ تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِهِ خُلَفَاءُ اَللَّهِ فِي أَرْضِهِ وَ حُجَجُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَ أُمَنَاؤُهُ عَلَى وَحْيِهِ أَئِمَّةُ اَلْمُسْلِمِينَ وَ قَادَةُ اَلْمُعْتَصِمِينَ وَ سَادَةُ اَلْمُتَّقِينَ تَاسِعُهُمْ اَلْقَائِمُ اَلَّذِي يَمْلَأُ اَللَّهُ بِهِ اَلْأَرْضَ نُوراً بَعْدَ ظُلْمَةٍ وَ عَدْلاً بَعْدَ جَوْرٍ وَ عِلْماً بَعْدَ جَهْلٍ وَ اَلَّذِي بَعَثَ أَخِي مُحَمَّداً بِالنُّبُوَّةِ وَ اِخْتَصَّنِي بِالْإِمَامَةِ لَقَدْ نَزَلَ بِذَلِكَ اَلْوَحْيُ مِنَ اَلسَّمَاءِ عَلَى لِسَانِ رُوحِ اَلْأَمِينِ جَبْرَئِيلَ وَ لَقَدْ سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَنَا عِنْدَهُ عَنِ اَلْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ فَقَالَ لِلسَّائِلِ وَ اَلسَّمٰاءِ ذٰاتِ اَلْبُرُوجِ (1) إِنَّ عَدَدَهُمْ كَعَدَدِ اَلْبُرُوجِ وَ رَبِّ اَللَّيَالِي وَ اَلْأَيَّامِ وَ اَلشُّهُورِ إِنَّ عِدَّتَهُمْ كَعِدَّةِ اَلشُّهُورِ قَالَ اَلسَّائِلُ فَمَنْ هُمْ فَوَضَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي وَ قَالَ أَوَّلُهُمْ هَذَا وَ آخِرُهُمُ اَلْمَهْدِيُّ مَنْ وَالاَهُمْ فَقَدْ وَالاَنِي وَ مَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَانِي وَ مَنْ أَحَبَّهُمْ فَقَدْ أَحَبَّنِي وَ مَنْ أَبْغَضَهُمْ فَقَدْ أَبْغَضَنِي وَ مَنْ أَنْكَرَهُمْ فَقَدْ أَنْكَرَنِي وَ مَنْ عَرَفَهُمْ فَقَدْ عَرَفَنِي بِهِمْ يَحْفَظُ اَللَّهُ دِينَهُ وَ بِهِمْ يَعْمُرُ بِلاَدَهُ وَ بِهِمْ يَرْزُقُ عِبَادَهُ وَ بِهِمْ يُنْزِلُ اَلْقَطْرَ مِنَ اَلسَّمَاءِ وَ بِهِمْ تَخْرُجُ بَرَكَاتُ اَلْأَرْضِ هَؤُلاَءِ أَوْصِيَائِي وَ خُلَفَائِي وَ أَئِمَّةُ اَلْمُسْلِمِينَ وَ مَوَالِي اَلْمُؤْمِنِينَ (2) .
ص: 367
440 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ اَلْمُتَوَكِّلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ اَلنَّخَعِيُّ حَدَّثَنَا عَمِّيَ اَلْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَدَّثَنِي جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ رَبِّ اَلْعِزَّةِ جَلَّ جَلاَلُهُ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ عَلِمَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا وَحْدِي وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدِي وَ رَسُولِي وَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَلِيفَتِي وَ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ حُجَجِي أُدْخِلُهُ اَلْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَ نَجَّيْتُهُ مِنَ اَلنَّارِ بِعَفْوِي وَ أَبَحْتُ لَهُ جِوَارِي وَ أَوْجَبْتُ لَهُ كَرَامَتِي وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْهِ نِعْمَتِي وَ جَعَلْتُهُ مِنْ خَاصَّتِي وَ خَالِصَتِي إِنْ نَادَانِي لَبَّيْتُهُ وَ إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ وَ إِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُهُ وَ إِنْ سَكَتَ اِبْتَدَأْتُهُ وَ إِنْ أَسَاءَ رَحِمْتُهُ وَ إِنْ فَرَّ مِنِّي دَعَوْتُهُ وَ إِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدِي وَ رَسُولِي أَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَلِيفَتِي أَوْ شَهِدَ بِذَلِكَ وَ لَمْ يَشْهَدْ أَنَّ اَلْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِهِ حُجَجِي فَقَدْ جَحَدَ نِعْمَتِي وَ صَغَّرَ عَظَمَتِي وَ كَفَرَ بِآيَاتِي وَ كُتُبِي إِنْ قَصَدَنِي حَجَبْتُهُ وَ إِنْ سَأَلَنِي حَرَمْتُهُ وَ إِنْ نَادَانِي لَمْ أَسْمَعْ نِدَاءَهُ وَ إِنْ دَعَانِي لَمْ أَسْتَجِبْ دُعَاءَهُ وَ إِنْ رَجَانِي خَيَّبْتُهُ وَ ذَلِكَ جَزَاؤُهُ مِنِّي وَ مٰا أَنَا بِظَلاّٰمٍ لِلْعَبِيدِ فَقَامَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ مَنِ اَلْأَئِمَّةُ بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالَ اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ ثُمَّ سَيِّدُ اَلْعَابِدِينَ فِي زَمَانِهِ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ ثُمَّ اَلْبَاقِرُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ سَتُدْرِكُهُ يَا جَابِرُ فَإِذَا أَدْرَكْتَهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي اَلسَّلاَمَ ثُمَّ اَلصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ اَلْكَاظِمُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ ثُمَّ اَلرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى ثُمَّ اَلتَّقِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ثُمَّ اَلنَّقِيُّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ اَلزَّكِيُّ ثُمَّ اِبْنُهُ اَلْقَائِمُ بِالْحَقِّ مَهْدِيُّ أُمَّتِي اَلَّذِي يَمْلَأُ اَلْأَرْضَ قِسْطاً وَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ ظُلْماً هَؤُلاَءِ يَا جَابِرُ خُلَفَائِي وَ أَوْصِيَائِي وَ أَوْلاَدِي وَ عِتْرَتِي مَنْ أَطَاعَهُمْ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَ مَنْ عَصَاهُمْ فَقَدْ عَصَانِي وَ مَنْ أَنْكَرَهُمْ أَوْ أَنْكَرَ وَاحِداً مِنْهُمْ فَقَدْ أَنْكَرَنِي بِهِمْ يُمْسِكُ اَللَّهُ اَلسَّمٰاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى اَلْأَرْضِ إِلاّٰ بِإِذْنِهِ وَ بِهِمْ يَحْفَظُ اَللَّهُ اَلْأَرْضَ أَنْ تَمِيدَ بِأَهْلِهَا (1) .
ص: 368
441 وَ عَنِ اِبْنِ بَابَوَيْهِ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبَانَ (1) حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ اَلْعَمِّيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ اَلْغَلاَبِيُّ (2) حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سُلَيْمَانَ (3) بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : كُنْتُ يَوْماً عِنْدَ اَلرَّشِيدِ فَذُكِرَ اَلْمَهْدِيُّ وَ عَدْلُهُ فَأُطْنِبَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِيَ اَلْمَهْدِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ اَلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ يَا عَمِّ يَمْلِكُ مِنْ وُلْدِي اِثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً ثُمَّ تَكُونُ أُمُورٌ كَرِيهَةٌ وَ شِدَّةٌ عَظِيمَةٌ ثُمَّ يَخْرُجُ اَلْمَهْدِيُّ مِنْ وُلْدِي يُصْلِحُ اَللَّهُ أَمْرَهُ فِي لَيْلَةٍ يَمْلَأُ اَلْأَرْضَ عَدْلاً كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَ يَمْكُثُ فِي اَلْأَرْضِ مَا شَاءَ اَللَّهُ ثُمَّ يَخْرُجُ اَلدَّجَّالُ (4) .
442 وَ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ خَيْثَمَةَ (5) عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْدٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ عَنِ اَلْأَسْوَدِ بْنِ سَعِيدٍ اَلْهَمْدَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ يَكُونُ بَعْدِي اِثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا ثُمَّ مَا ذَا يَكُونُ قَالَ ثُمَّ يَكُونُ اَلْهَرْجُ (6) .
443وَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ اِبْنِ سَمُرَةَ اَلْعَدَوِيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : لاَ يَزَالُ اَلدِّينُ قَائِماً حَتَّى يَكُونَ اِثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ يَخْرُجُ
ص: 369
كَذَّابُونَ بَيْنَ يَدَيِ اَلسَّاعَةِ وَ أَنَا اَلْفَرَطُ عَلَى اَلْحَوْضِ (1).
444 وَ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ : كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَ حَدَّثَكُمْ نَبِيُّكُمْ كَمْ يَكُونُ بَعْدَهُ مِنَ اَلْخُلَفَاءِ قَالَ نَعَمْ وَ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ وَ إِنَّكَ لَأَحْدَثُ اَلْقَوْمِ سِنّاً سَمِعْتُهُ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَكُونُ بَعْدِي مِنَ اَلْخُلَفَاءِ عَدَدَ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ اِثْنَا عَشَرَ كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ (2) .
445 وَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ وَ زَادَ فِيهِ قَالَ : كُنَّا جُلُوساً إِلَى عَبْدِ اَللَّهِ يُقْرِؤُنَا اَلْقُرْآنَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ هَلْ سَأَلْتُمْ رَسُولَ اَللَّهِ كَمْ يَمْلِكُ أَمْرَ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مِنْ خَلِيفَةٍ بَعْدَهُ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اَللَّهِ مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ قَدِمْتُ اَلْعِرَاقَ نَعَمْ سَأَلْنَا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ اِثْنَا عَشَرَ عَدَدَ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ (3) .
446وَ رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ يَزِيدَ اَلرَّقَاشِيِّ (4) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَنْ يَزَالَ هَذَا اَلدِّينُ قَائِماً إِلَى اِثْنَيْ عَشَرَ مِنْ قُرَيْشٍ فَإِذَا مَضَوْا مَاجَتِ اَلْأَرْضُ بِأَهْلِهَا(5).
447 وَ عَنِ اِبْنِ مُثَنًّى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّهُ سَأَلَهَا كَمْ خَلِيفَةً يَكُونُ لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَتْ أَخْبَرَنِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَكُونُ بَعْدِي اِثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً فَقُلْتُ لَهَا مَنْ هُمْ فَقَالَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي اَلْوَصِيَّةِ مِنْ لَدُنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (6) .
ص: 370
448وَ رُوِيَ لَنَا بِالْإِسْنَادِ اَلْمُتَقَدِّمِ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَا سَيِّدُ اَلنَّبِيِّينَ وَ وَصِيِّي سَيِّدُ اَلْوَصِيِّينَ وَ أَوْصِيَاؤُهُ سَادَاتُ اَلْأَوْصِيَاءِ إِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَأَلَ اَللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ وَصِيّاً صَالِحاً فَأَوْحَى اَللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي أَكْرَمْتُ اَلْأَنْبِيَاءَ بِالنُّبُوَّةِ ثُمَّ اِخْتَرْتُ خَلْقِي وَ جَعَلْتُ خِيَارَهُمُ اَلْأَوْصِيَاءَ وَ أَوْحَى اَللَّهُ إِلَى آدَمَ يَا آدَمُ أَوْصِ إِلَى شِيثٍ فَأَوْصَى آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى شِيثٍ وَ هُوَ هِبَةُ اَللَّهِ بْنُ آدَمَ وَ أَوْصَى شِيثٌ إِلَى اِبْنِهِ شَبَّانَ وَ هُوَ اِبْنُ نَزْلَةَ اَلْحَوْرَاءِ اَلَّتِي أَنْزَلَهَا اَللَّهُ عَلَى آدَمَ مِنَ اَلْجَنَّةِ فَزَوَّجَهَا شِيثاً اِبْنَهُ وَ أَوْصَى شَبَّانُ إِلَى محلثَ وَ أَوْصَى محلثُ إِلَى مخوقَ وَ أَوْصَى مخوقُ إِلَى عتميثا وَ أَوْصَى عتميثا إِلَى أَخْنُوخَ وَ هُوَ إِدْرِيسُ اَلنَّبِيُّ وَ أَوْصَى إِدْرِيسُ إِلَى نَاخُورَ وَ أَوْصَى نَاخُورُ إِلَى نُوحٍ وَ أَوْصَى نُوحٌ إِلَى سَامٍ وَ أَوْصَى سَامٌ إِلَى عنام وَ أَوْصَى عنام إِلَى عنيشاشا وَ أَوْصَى عنيشاشا إِلَى يَافِثَ وَ أَوْصَى يَافِثُ إِلَى بَرَّةَ وَ أَوْصَى بَرَّةُ إِلَى جعشيه وَ أَوْصَى جعشيه إِلَى عِمْرَانَ وَ دَفَعَهَا عِمْرَانُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلِ وَ أَوْصَى إِبْرَاهِيمُ إِلَى اِبْنِهِ إِسْمَاعِيلَ وَ أَوْصَى إِسْمَاعِيلُ إِلَى إِسْحَاقَ وَ أَوْصَى إِسْحَاقُ إِلَى يَعْقُوبَ وَ أَوْصَى يَعْقُوبُ إِلَى يُوسُفَ وَ أَوْصَى يُوسُفُ إِلَى مثريا وَ أَوْصَى مثريا إِلَى شُعَيْبٍ وَ دَفَعَهَا شُعَيْبٌ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَ أَوْصَى مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ وَ أَوْصَى يُوشَعُ إِلَى دَاوُدَ وَ أَوْصَى دَاوُدُ إِلَى سُلَيْمَانَ وَ أَوْصَى سُلَيْمَانُ إِلَى آصَفَ بْنِ بَرْخِيَا وَ أَوْصَى آصَفُ إِلَى زَكَرِيَّا وَ دَفَعَهَا زَكَرِيَّا إِلَى عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ وَ أَوْصَى عِيسَى إِلَى شَمْعُونَ بْنِ حَمُّونَ اَلصَّفَا وَ أَوْصَى شَمْعُونُ إِلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَ أَوْصَى يَحْيَى إِلَى مُنْذِرٍ وَ أَوْصَى مُنْذِرٌ إِلَى سُلَيْمَةَ وَ أَوْصَى سُلَيْمَةُ إِلَى بُرْدَةَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ دَفَعَهَا بُرْدَةُ إِلَيَّ وَ أَنَا أَدْفَعُهَا إِلَيْكَ يَا عَلِيُّ وَ أَنْتَ تَدْفَعُ إِلَى وَصِيِّكَ وَ يَدْفَعُ وَصِيُّكَ إِلَى أَوْصِيَائِكَ مِنْ وُلْدِكَ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ حَتَّى تُدْفَعَ إِلَى خَيْرِ أَهْلِ اَلْأَرْضِ بَعْدَكَ وَ لَتَكْفُرَنَّ بِكَ اَلْأُمَّةُ وَ لَتَخْتَلِفَنَّ عَلَيْكَ اِخْتِلاَفاً شَدِيداً اَلثَّابِتُ
ص: 371
عَلَيْكَ كَالْمُقِيمِ مَعِي وَ اَلشَّاذُّ عَنْكَ فِي اَلنَّارِ وَ اَلنَّارُ مَثْوَى اَلْكَافِرِينَ (1)أخرجه الشّيخ الحرّ في إثبات الهداة الجزء (465/1-466) عن الفقيه ثمّ قال: و رواه الرّاوندي في قصص الأنبياء مرسلا.(2).
449 وَ وَرَدَتِ اَلْأَخْبَارُ اَلصَّحِيحَةُ بِالْأَسَانِيدِ اَلْقَوِيَّةِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَوْصَى بِأَمْرِ اَللَّهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَوْصَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى اِبْنِهِ اَلْحَسَنِ وَ أَوْصَى اَلْحَسَنُ إِلَى أَخِيهِ اَلْحُسَيْنِ وَ أَوْصَى اَلْحُسَيْنُ إِلَى وَلَدِهِ عَلِيٍّ وَ أَوْصَى عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ إِلَى اِبْنِهِ مُحَمَّدٍ وَ أَوْصَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى اِبْنِهِ جَعْفَرٍ وَ أَوْصَى جَعْفَرٌ إِلَى اِبْنِهِ مُوسَى وَ أَوْصَى مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ إِلَى اِبْنِهِ عَلِيٍّ اَلرِّضَا وَ أَوْصَى اَلرِّضَا إِلَى وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ وَ أَوْصَى مُحَمَّدٌ إِلَى وَلَدِهِ عَلِيٍّ وَ أَوْصَى عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ إِلَى وَلَدِهِ اَلْحَسَنِ وَ أَوْصَى اَلْحَسَنُ إِلَى اِبْنِهِ اَلْحُجَّةِ اَلْقَائِمِ بِالْحَقِّ اَلَّذِي لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ اَلدُّنْيَا إِلاَّ يَوْمٌ وَاحِدٌ لَطَوَّلَ اَللَّهُ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ حَتَّى يَخْرُجَ فَيَمْلَأَهَا عَدْلاً وَ قِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَ جَوْراً (2) .
450وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِائَةَ أَلْفِ نَبِيٍّ وَ أَرْبَعَةً وَ عِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ أَنَا سَيِّدُهُمْ وَ أَفْضَلُهُمْ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اَللَّهِ وَ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيٌّ أَوْصَى إِلَيْهِ مِنَ اَللَّهِ وَ إِنَّ وَصِيِّي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَسَيِّدُهُمْ وَ أَفْضَلُهُمْ وَ أَكْرَمُهُمْ عَلَى اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى جَلَّ ذِكْرُهُ (3). .
ص: 372