مسند الإمام أميرالمؤمنین علي بن أبي طالب علیه السلام المجلد 7

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: العطاردي قوچانی، عزیزالله، 1307 .

عنوان المؤلف واسمه: مسند الامام امیرالمؤمنين علي بن ابي طالب علیه السلام / جمعه و رتبه عزيز الله العطاردي قوچاني.

تفاصيل النشر: طهران عطارد 1386.

مواصفات المظهر: 26 ج.

شابک : (ج.24) 6-53-7237-964-978 : (دوره) 8-46-7237-964-978

حالة الاستماع: فیپا

ملحوظة: العربية

ملحوظة: کتابنامه

موضوع : علي بن ابي طالب (علیه السلام) امام ،اول 23 قبل از هجرت - - 40 ق .

موضوع : علي بن ابي طالب (علیه السلام) امام ،اول 23 قبل از هجرت - - 40 ق. - - احادیث .

تصنيف الكونجرس: 5 م 6 ع / 37 BP

تصنيف ديوي: 951 / 297

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1064192

المحرر الرقمي: محسن غمخوار

ص: 1

اشارة

انتشارات عطارد

مرکز فرهنگی خراسان

84

اسم الكتاب: مسند الامام امیرالمؤمنین علی بن ابی طالب (علیه السلام)

(ج 7)

المؤلف: الشيخ عزيز الله العطاردي

الناشر: نشر عطارد

المطبعة: افست • الطبعة الاولى: 1386

العدد: 3000

مرکز پخش: تجریش خیابان در بند، نبش خیابان جعفرآباد، پلاک 340 و 342

تلفن: 22703362- تلفکس: 22709053

(حقوق الطبع محفوظة للمؤلف)

شابک: (ج 7) 6- 53- 7237- 964- 978 ؛ (دوره) 8- 46- 7237- 964- 978

ص: 2

باب ماجری بینه (علیه السلام) و المارقين

40- باب ماجری بینه (علیه السلام) و المارقين

بسم الله الرحمن الرحيم

1- قال الثقفي حدثنا أبو علي الحسين بن إبراهيم بن عبد الله بن منصور قال: حدّثنا محمّد بن يوسف، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: قال إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا عبد الغفّار بن القاسم بن قيس بن قهد من أصحاب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، قال: حدثنا المنصور بن عمرو عن زرّ بن حبيش، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبى طالب (علیه السلام) يخطب...

2-عنه قال إبراهيم: و أخبرني أحمد بن عمران بن محمد بن أبي ليلى الأنصاري قال: حدثني أبي قال: حدثني ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش قال: خطب علي (علیه السلام) بالنهروان ثم اتفقا يزيد أحدهما حرفا و ينقص حرفا و المعنى واحد.

قال: خطب فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: أيّها النّاس أما بعد أنا فقأت عين الفتنة و لم يكن أحد ليجترئ عليها غيري.

3- عنه في حديث ابن أبي ليلى: لم يكن ليفقأها أحد غيري و لو لم أك فيكم ما قوتل أصحاب الجمل وأهل النهروان، و أيم الله لو لا أن تنكلوا و تدعوا العمل لحدّثتكم بما قضى الله على لسان نبيكم (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لمن قاتلهم

ص: 3

مبصرا لضلالتهم عارفا للهدى الذي نحن عليه. ثم قال:

سلوني قبل أن تفقدوني إنّي ميت أو مقتول بل قتلا، ما ينتظر أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم و ضرب بيده إلى لحيته و الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة و لا عن فئة تضل مائة أو تهدى مائة إلا نبأتكم بناعقها و سائقها.

فقام إليه رجل فقال: حدثنا يا أمير المؤمنين عن البلاء قال: إنكم في زمان إذا سأل سائل فليعقل، و إذا سئل مسئول فليثبت، ألا و إن من ورائكم أمورا أتتكم جللا مزوّجا و بلاء مكلحا مبلحا، والذي فلق الحبة و برأ النسمة إن لو فقدتموني و نزلت كرائه الأمور وحقائق البلاء لقد أطرق كثير من السائلين و فشل كثير من المسئولين.

و ذلك إذا قلصت حربكم و شمرت عن ساق و كانت الدنيا بلاء عليكم و على أهل بيتي حتى يفتح الله لبقية الأبرار، فانصروا قوما كانوا أصحاب رايات يوم بدر و يوم حنين تنصروا و توجروا و لا تسبقوهم فتصرعكم البلية.

فقام إليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين حدثنا عن الفتن، قال: ان الفتن إذا أقبلت شبّهت و إذا أدبرت نبهت يشبهن مقبلات و يعرفن مدبرات، ان الفتن تحوم كالرياح يصبن بلدا و يخطئن أخرى، ألا ان أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بنى أميّة أنّها فتنة عمياء مظلمة مطيّنة عمّت فتنتها و خصت بليّتها، و أصاب البلاء من أبصر فيها، و أخطأ البلاء من عمى عنها، يظهر أهل باطلها على أهل حقها،

حتى يملأ الأرض عدوانا و ظلما و بدعا، و انّ أوّل من يضع جبروتها و يكسر عمدها و ينزع أوتادها الله ربّ العالمين، وأيم الله لتجدن بني أمية

ص: 4

أرباب سوء لكم بعدي كالنّاب الضّروس تعض بفيها و تخبط بيديها و تضرب برجليها و تمنع درها

لا يزالون بكم حتى لا يتركوا في مصركم الا تابعا لهم أو غير ضار، و لا يزال بلاؤهم بكم حتى لا يكون انتصار أحدكم منهم الا مثل انتصار العبد من ربه، إذا رآه أطاعه و إذا توارى عنه شتمه، وأيم الله لو فرّقوكم تحت كلّ حجر لجمعكم الله لشرّ يوم لهم ألا أنّ من بعدي جماع شتى ألا ان قبلتكم واحدة و حجّكم واحد، و عمرتكم واحدة، و القلوب مختلفة ثم أدخل أصابعه بعضها في بعض.

فقام رجل فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟

قال: هذا هكذا يقتل هذا هذا، و يقتل هذا هذا، قطعا جاهليّة ليس فيها هدى و لا علم يرى نحن أهل البيت منها بمنجاة و لسنا فيها بدعاة.

فقام رجل فقال يا أمير المؤمنين: ما نصنع في ذلك الزمان؟

قال: انظروا أهل بيت نبيّكم فان لبدوا فالبدوا و ان استصرخوكم فانصروهم توجروا و لا تسبقوهم فتصرعكم البلية.

فقام رجل آخر فقال: ثم ما يكون بعد هذا يا أمير المؤمنين؟

قال: ثم ان الله تعالى يفرّج الفتن برجل منا أهل البيت كتفريج الاديم، بأبي ابن خيرة الإماء يسومهم خسفا و يسقيهم بكأس مصبّرة فلا يعطيهم الا السيف هرجا هرجا يضع السيف على عاتقه ثمانية أشهر ودّت قريش عند ذلك بالدنيا و ما فيها.

لو يرونى مقاما واحدا قدر حلب شاة أو جزر جزور لأقبل منهم بعض الّذي يرد عليهم حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا، فيغريه الله ببني أمية فيجعلهم ملعونين أينما ثقفوا أخذوا و قتلوا تقتيلا

ص: 5

سنّة الله في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلا.

4- عنه حدّثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال حدثنا إبراهيم قال أخبرني إبراهيم ابن المبارك البجلي و إبراهيم بن العباس البصري الأزدي أيهما حدثني بهذا الحديث عن ابن المبارك قال: حدثنا بكر بن عيسى قال: حدثنا إسماعيل بن خالد البجلي عن عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو عن زرّ بن حبيش الأسدي أنه قال: سمعت عليا (علیه السلام) يقول:

أنا فقأت عين الفتنة و لو لا أنا ما قوتل أهل النهروان و لا أصحاب الجمل، و لو لا أنّى أخشى أن تنكلوا فتدعوا العمل لأخبرتكم بالّذي قضى الله على لسان نبيكم لمن قاتلهم مبصرا بضلالهم عارفا للهدى الذي نحن عليه.

5- الصدوق في حديث طويل عن علي (علیه السلام) قال: أما السابعة يا أخا اليهود فإن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) كان عهد إلي أن أقاتل في آخر الزمان من أيامي قوما من أصحابي يصومون النهار و يقومون الليل و يتلون الكتاب يمرقون بخلافهم على و محاربتهم إياي من الدين مروق السهم من الرمية فيهم ذو الثدية يختم لي بقتلهم بالسعادة.

فلما انصرفت إلى موضعي هذا يعني بعد الحكمين أقبل بعض القوم على بعض باللائمة فيما صاروا إليه من تحكيم الحكمين فلم يجدوا لأنفسهم من ذلك مخرجا إلا أن قالوا كان ينبغي لأميرنا أن لا يبايع من أخطأ و أن يقضي بحقيقة رأيه على قتل نفسه و قتل من خالفه منا فقد كفر بمتابعته إيانا و طاعته لنا فى الخطأ و أحل لنا بذلك قتله و سفك دمه.

فتجمعوا على ذلك و خرجوا راكبين رءوسهم ينادون بأعلى أصواتهم لا حكم إلا لله ثم تفرقوا فرقة بالنخيلة وأخرى بحروراء و أخرى راكبة

ص: 6

رأسها تخبط الأرض شرقا حتى عبرت دجلة فلم تمر بمسلم إلا امتحنته فمن تابعها استحيته و من خالفها قتلته.

فخرجت إلى الأوليين واحدة بعد أخرى أدعوهم إلى طاعة الله عز و جل و الرجوع إليه فأبيا إلا السيف لا يقنعهما غير ذلك فلما أعيت الحيلة فيهما حاكمتهما إلى الله عز و جل فقتل الله هذه و هذه وكانوا يا أخا اليهود لو لا ما فعلوا لكانوا ركنا قويا و سدا منيعا فأبى الله إلا ما صاروا إليه.

ثم كتبت إلى الفرقة الثالثة و وجهت رسلي تترى و كانوا من جلة أصحابي و أهل التعبد منهم و الزهد في الدنيا فأبت إلا اتباع أختيها و الاحتذاء على مثالهما و أسرعت في قتل من خالفها من المسلمين و تتابعت إلى الأخبار بفعلهم.

فخرجت حتى قطعت إليهم دجلة أوجه السفراء و النصحاء و أطلب العتبى بجهدي بهذا مرة و بهذا مرة و أومأ بيده إلى الأشتر و الأحنف بن قیس و سعيد بن قيس الأرحبي و الأشعث بن قيس الكندي.

فلما أبوا إلا تلك ركبتها منهم فقتلهم الله يا أخا اليهود عن آخرهم و هم أربعة آلاف أو يزيدون حتى لم يفلت منهم مخبر فاستخرجت ذا الثدية من قتلاهم بحضرة من ترى له ثدي كثدي المرأة.

ثم التفت (علیه السلام) إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال (علیه السلام) قد وفيت سبعا و سبعا يا أخا اليهود وبقيت الأخرى و أوشك بها فكان قد.

فبكى أصحاب علي (علیه السلام) و بكى رأس اليهود و قالوا يا أمير المؤمنين أخبرنا بالأخرى فقال الأخرى أن تخضب هذه و أومأ بيده إلى لحيته من هذه و أوماً بيده إلى هامته قال و ارتفعت أصوات الناس في المسجد الجامع

ص: 7

بالضجة و البكاء حتى لم يبق بالكوفة دار إلا خرج أهلها فزعا.

و أسلم رأس اليهود على يدي علي (علیه السلام) من ساعته و لم يزل مقيما حتى قتل أمير المؤمنين (علیه السلام) و أخذ ابن ملجم لعنه الله فأقبل رأس اليهود حتى وقف على الحسن (علیه السلام) و الناس حوله و ابن ملجم لعنه الله بين يديه فقال له يا أبا محمد اقتله قتله الله.

فإني رأيت في الكتب التي أنزلت على موسى (علیه السلام) أن هذا أعظم عند الله عز و جل جرما من ابن آدم قاتل أخيه و من القدار عاقر ناقة ثمود.

6- قال المفيد و من كلامه (علیه السلام) للخوارج حين رجع إلى الكوفة و هو بظاهرها قبل دخوله إياها بعد حمد الله و الثناء عليه اللهم هذا مقام من فلج فيه كان أولى بالفلج يوم القيامة و من نطف فيه أو عنت فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا نشدتكم بالله أتعلمون أنهم حين رفعوا المصاحف فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله.

قلت لكم إني أعلم بالقوم منكم إنهم ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن إني صحبتهم وعرفتهم أطفالا و رجالا فكانوا شر أطفال و شر رجال امضوا على حقكم و صدقكم إنما رفع القوم لكم هذه المصاحف خديعة و وهنا و مكيدة فرددتم على رأيي و قلتم لا بل نقبل منهم فقلت لكم اذكروا قولي لكم و معصيتكم إياي.

فلما أبيتم إلا الكتاب اشترطت على الحكمين أن يحييا على ما أحياه القرآن و أن يميتا ما أمات القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكم من حكم بما في الكتاب و إن أبيا فنحن من حكمهما برآء فقال له بعض الخوارج فخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء.

فقال (علیه السلام) إنا لم نحكم الرجال إنما حكمنا القرآن و هذا القرآن إنما هو

ص: 8

خط مسطور بين دفتين لا ينطق و إنما يتكلم به الرجال قالوا له فخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم قال ليتعلم الجاهل و يتثبت العالم و لعل الله أن يصلح في هذه الهدنة هذه الأمة ادخلوا مصركم رحمكم الله و دخلوا من عند آخرهم.

7- قال الرضي من كلامه (علیه السلام): في الخوارج لما سمع قولهم «لا حكم إلا لله» قال (علیه السلام).

كلمة حق يراد بها باطل نعم إنه لا حكم إلا لله و لكن هؤلاء يقولون لا إمرة إلا لله و إنه لا بد للناس من أمير بر أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن و يستمتع فيها الكافر و يبلغ الله فيها الأجل و يجمع به الفيء و يقاتل به العدو و تأمن به السبل و يؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح بر و يستراح من فاجر.

8- عنه في رواية أخرى أنه (علیه السلام) لما سمع تحكيمهم قال حكم الله أنتظر فيكم و قال أما الإمرة البرة فيعمل فيها التقي و أما الإمرة الفاجرة فيتمتع فيها الشقي إلى أن تنقطع مدته و تدركه منيته.

9- عنه قال (علیه السلام) كلم به الخوارج:

أصابكم حاصب و لا بقى منكم آثر أبعد إيماني بالله و جهادي مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أشهد على نفسى بالكفر قد ضللت إذا و ما أنا من المهتدين فأوبوا شر مآب و ارجعوا على أثر الأعقاب أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا و سيفا قاطعا و أثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة.

10- عنه قال: لما عزم (علیه السلام) على حرب الخوارج و قيل له إن القوم عبروا جسر النهروان:

مصارعهم دون النطفة و الله لا يفلت منهم عشرة و لا يهلك منكم

ص: 9

عشرة.

قال الشريف يعني بالنطفة ماء النهر و هي أفصح كناية وإن كان كثيرا جما.

11- عنه قال: لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم.

قال (علیه السلام): كلا والله إنهم نطف في أصلاب الرجال و قرارات النساء كلما نجم منهم قرن قطع حتى يكون آخرهم لصوصا سلابين.

قال (علیه السلام): لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه (يعني معاوية و أصحابه).

12- عنه قال: لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج، و قد قال له إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت، خشيت ألا تظفر بمرادك، من طريق علم النجوم فقال (علیه السلام):

أ تزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء و تخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن و استغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب و دفع المكروه و تبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع و أمن الضر.

ثم أقبل (علیه السلام) على الناس فقال:

أيها الناس إياكم و تعلم النجوم إلا ما يهتدى به فى بر أو بحر فإنها تدعو إلى الكهانة و المنجم كالكاهن و الكاهن كالساحر و الساحر كالكافر و الكافر في النار سيروا على اسم الله.

13- عنه و قد قام إليه رجل من أصحابه فقال نهيتنا عن الحكومة ثم

ص: 10

أمرتنا بها فلم ندر أي الأمرين أرشد فصفق (علیه السلام) إحدى يديه على الأخرى ثم قال:

هذا جزاء من ترك العقدة أما والله لو أني حين أمرتكم به حملتكم على المكروه الذي يجعل الله فيه خيرا فإن استقمتم هديتكم و إن اعوججتم قومتكم و إن أبيتم تداركتكم لكانت الوثقى و لكن بمن و إلى من أريد أن أداوي بكم و أنتم دائي كناقش الشوكة بالشوكة و هو يعلم أن ضلعها معها.

اللهم قد ملت أطباء هذا الداء الدوي و كلت النزعة بأشطان الركي أين القوم الذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه و قرءوا القرآن فأحكموه و هيجوا إلى الجهاد فولهوا وله اللقاح إلى أولادها و سلبوا السيوف أغادها و أخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا و صفا صفا.

بعض هلك و بعض نجا لا يبشرون بالأحياء و لا يعزون عن الموتى مره العيون من البكاء خمص البطون من الصيام ذبل الشفاه من الدعاء صفر الألوان من السهر على وجوههم غبرة الخاشعين أولئك إخواني الذاهبون.

فحق لنا أن نظمأ إليهم و نعض الأيدي على فراقهم إن الشيطان يسني لكم طرقه و يريد أن يحل دينكم عقدة عقدة و يعطيكم بالجماعة الفرقة و بالفرقة الفتنة فاصدفوا عن نزغاته ونفثاته و اقبلوا النصيحة ممن أهداها إليكم و اعقلوها على أنفسكم.

14- عنه قال: للخوارج و قد خرج إلى معسكرهم و هم مقيمون على إنكار الحكومة فقال (علیه السلام):

أ كلكم شهد معنا صفين فقالوا منا من شهد و منا من لم يشهد قال فإمتازوا فرقتين فليكن من شهد صفين فرقة و من لم يشهدها فرقة حتى أكلم كلا منكم بكلامه و نادى الناس فقال أمسكوا عن الكلام و أنصتوا

ص: 11

لقولي و أقبلوا بأفئدتكم إلي فمن نشدناه شهادة فليقل بعلمه فيها.

ثم كلمهم (علیه السلام) بكلام طويل منه:

أ لم تقولوا عند رفعهم المصاحف حيلة و غيلة و مكرا و خديعة إخواننا و أهل دعوتنا استقالونا و استراحوا إلى كتاب الله سبحانه فالرأي القبول منهم و التنفيس عنهم فقلت لكم هذا أمر ظاهره إيمان و باطنه عدوان و أوله رحمة و آخره ندامة.

فأقيموا على شأنكم و الزموا طريقتكم و عضوا على الجهاد بنواجذكم و لا تلتفتوا إلى ناعق نعق إن أجيب أضل و إن ترك ذل و قد كانت هذه الفعلة و قد رأيتكم أعطيتموها و الله لئن أبيتها ما وجبت علي فريضتها و لا حملني الله ذنبها.

و الله إن جئتها إني للمحق الذي يتبع و إن الكتاب لمعي ما فارقته مذ صحبته فلقد كنا مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و إن القتل ليدور على الآباء و الأبناء و الإخوان و القرابات فما نزداد على كل مصيبة و شدة إلا إيمانا و مضيا على الحق و تسليما للأمر و صبرا على مضض الجراح.

و لكنا إنما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ و الاعوجاج و الشبهة و التأويل فإذا طمعنا في خصلة يلم الله بها شعثنا و نتدانى بها إلى البقية فيما بيننا رغبنا فيها و أمسكنا عما سواها.

15- عنه قال (علیه السلام): فى معنى الحكمين:

فأجمع رأي ملئكم على أن اختاروا رجلين فأخذنا عليهما أن يجعجعا عند القرآن و لا يجاوزاه و تكون ألسنتهما معه و قلوبهما تبعه فتاها عنه و تركا الحق و هما يبصرانه و كان الجور هواهما و الاعوجاج رأيهما و قد سبق استثناؤنا عليهما في الحكم بالعدل و العمل بالحق سوء رأيهما و جور

ص: 12

حكمهما و الثقة فى أيدينا لأنفسنا حين خالفا سبيل الحق و أتيا بما لا يعرف من معكوس الحكم.

16- عنه و قد أرسل رجلا من أصحابه يعلم له علم أحوال قوم من جند الكوفة قد هموا باللحاق بالخوارج و كانوا على خوف منه (علیه السلام) فلما عاد إليه الرجل قال له أ أمنوا فقطنوا أم جبنوا فظعنوا فقال الرجل بل ظعنوا يا أمير المؤمنين فقال (علیه السلام):

بعدا لهم كما بعدت ثمود أما لو أشرعت الأسنة إليهم و صبت السيوف على هاماتهم لقد ندموا على ما كان منهم إن الشيطان اليوم قد استفلهم و هو غدا متبرئ منهم و متخل عنهم فحسبهم بخروجهم من بخروجهم من الهدى و ارتكاسهم في الضلال و العمى و صدهم عن الحق و جماحهم في التيه.

17- عنه قال (علیه السلام): للبرج بن مسهر الطائي و قد قال له بحيث يسمعه «لا حكم إلا لله» و كان من الخوارج:

اسکت قبحك الله يا أثرم فوالله لقد ظهر الحق فكنت فيه ضئيلا شخصک خفیا صوتك حتى إذا نعر الباطل نجمت نجوم قرن الماعز.

18- عنه قال (علیه السلام): لما اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومة:

أيها الناس إنه لم يزل أمري معكم على ما أحب حتى نهكتكم الحرب و قد و الله أخذت منكم و تركت و هي لعدوكم أنهك.

لقد كنت أمس أميرا فأصبحت اليوم مأمورا و كنت أمس ناهيا فأصبحت اليوم منهيا و قد أحببتم البقاء و ليس لي أن أحملكم على ما تكرهون.

19- عنه (علیه السلام) في شأن الحكمين:

جفاة طغام و عبيد أقزام جمعوا من كل أوب و تلقطوا من كل شوب

ص: 13

ممن ينبغي أن يفقه و يؤدب و يعلم و يدرب و يولى عليه و يؤخذ على يديه ليسوا من المهاجرين و الأنصار و لا من «الَّذِينَ تَبَوَّوُا الدَّارَ وَ الْإِيمَانَ».

ألا و إن القوم اختاروا لأنفسهم أقرب القوم مما يحبون و إنكم اخترتم لأنفسكم أقرب القوم مما تكرهون وإنما عهدكم بعبد الله بن قيس بالأمس يقول: إنها فتنة فقطعوا أو تاركم و شيموا سيوفكم فإن كان صادقا فقد أخطأ بمسيره غير مستكره و إن كان كاذبا فقد لزمته التهمة فادفعوا في صدر عمرو بن العاص بعبد الله بن العباس و خذوا مهل الأيام و حوطوا قواصي الإسلام ألا ترون إلى بلادكم تغزى و إلى صفاتكم ترمى.

20- عنه كتاب له (علیه السلام): لعبد الله بن العباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج:

لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه تقول و يقولون... و لكن حاججهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا.

21- قال الاربلي: و أما المارقون فهم الخارجون عن متابعة الحق المصرون على مخالفة الإمام المصرحون بخلعه و متى فعلوا ذلك تعين قتالهم كما فعل (علیه السلام) بأهل حروراء و النهروان و هم الخوارج.

22- عنه ذكر الإمام أبو داود سليمان بن الأشعث في مسنده المسمى بالسنن يرفعه إلى أبي سعيد الخدري و أنس بن مالك أن رسول الله (علیه السلام) قال سيكون في أمتي اختلاف و فرقة قوم يحسنون القيل و يسيئون الفعل يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية هم شر الخلق طوبى لمن قتلهم و قتلوه يدعون إلى كتاب الله و ليسوا منه في شيء من قاتلهم كان أولى بالله منهم.

23- عنه نقل مسلم بن حجاج في صحيحه و وافقه أبو داود بسندهما

ص: 14

عن زيد بن وهب أنه كان في الجيش الذي كانوا مع علي (علیه السلام) فقال علي (علیه السلام) أيها الناس إني سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قرآنكم إلى قرآنهم بشيء و لا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء و لا صيامكم إلى صيامهم بشيء.

يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم و هو عليهم لا تجاوز قراءتهم تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم لنكلوا عن العمل و آية ذلك أن فيهم رجلا له عضد ليس له ذراع على عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض فتذهبون إلى معاوية و أهل الشام و يتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم.

و الله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام و أغاروا على سرج الناس فسيروا قال سلمة فنزلني زيد بن وهب منزلا منزلا حتى قال مررنا على قنطرة فلما التقينا و على الخوارج يومئذ عبد الله ابن وهب الراسي فقال لهم ألقوا الرماح و سلوا السيوف من جفونها.

فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم أيام حروراء فرجعوا فوحشوا برماحهم و سلوا السيوف ثم شجرهم الناس بالرماح قال و قتل بعضهم على بعض و ما أصيب يومئذ من الناس إلا رجلان.

فقال علي (علیه السلام) التمسوا فيهم المخدج و هو الناقص فالتمسوه فلم يجدوه فقام علي (علیه السلام) بنفسه حتى أتى ناسا و قد قتل بعضهم على بعض قال أخرجوهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال (علیه السلام) صدق الله لنا و بلغ رسوله.

قال فقام إليه عبيدة السلماني فقال يا أمير المؤمنين بالله الذي لا إله إلا

ص: 15

هو أسمعت هذا الحديث من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال إي و الله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا و هو يحلف.

24- عنه نقل البخاري و مسلم و مالك في الموطأ أن أبا سعيد الخدري قال أشهد أني لسمعت هذا من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و أشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم و أنا معه و أمر بذلك الرجل فالتمس فوجد و أتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) الذي نعت.

25- عنه نقل البخاري و النسائي و مسلم و أبو داود في صحاحهم قال سويد بن غفلة قال علي (علیه السلام) إذا حدثتكم عن رسول الله حديثا فو الله لئن أخر من السماء لأحب إلي من أن أكذب عليه و في رواية من أن أقول عليه ما لم يقل و إذا حدثتكم فيما بيني و بينكم فإن الحرب خدعة و إني سمعت رسول الله يقول:

سيخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية و يقرءون القرآن لا يجاوز إيمانهم حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة.

26- روى الطبرى الامامي: عن الشعبي عن مسروق قال قالت لي عائشة يا مسروق هل عندك علم من المخدج قال قلت نعم قتله علي بن أبي طالب يا أمة أخبرني أنس سمعت من رسول الله يقول: فيه قالت سمعت رسول الله يقول: هم شر الخلق يقتلهم خير الخلق و الخليقة و أقربهم عند الله وسيلة يوم القيامة.

27- عنه حدثنا المبارك بن فضالة عن علي بن زيد قال حدثني رجل من الأنصار أن رجلا من الأنصار ولد له غلام على عهد النبي (علیه السلام) فدعا له

ص: 16

و وضع إبهامه بين عينيه فنبت غرة شعره كأنها أذناب الخيل غرة من أحسن في الأرض فشب الغلام و نشأ على خير ما ينشأ عليه واحد في الفقه و قراه القرآن حتى إذا خرج أهل النهروان مر بهم فسقطت الشعرة بين عينيه.

قال علي بن زيد أنا و الله ممن رآها حين طلعت و حين سقطت و حين عادت قال أبوه شر و رب الكعبة سقط أثر رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) من وجهك لا و الله ما سقط إلا من شيء أحدثته قال ثم أخذه فقيده فلما أقبل أهل النهروان عرف ضلالتهم و استبان له أمرهم تاب إلى الله عز و جل فجعل يبكي و يدعو الله أن يتوب عليه فقال لأبيه جزاك الله من أب خيرا فبك الذي حبسني الله فأطلقني رحمك الله قال كذبت و رب الكعبة لا أطلقك أبدا حتى تموت فيها أو يرجع أثر رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في وجهك قال فجعل يدعو و يبكي اللهم اللهم حتى اطلع الله عز و جل الشعر فأطلقه أبوه فلم يزل في عبادة حتى مات.

28- روی ابن شهر آشوب عن الحاتمي بإسناده عن ابن عباس أنه دخل أسود إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) و أقر أنه سرق فسأله ثلاث مرات قال يا أمير المؤمنين طهرني فإني سرقت فأمر (علیه السلام) بقطع يده فاستقبله ابن الكواء فقال من قطع يدك.

فقال ليث الحجاز و كبش العراق و مصادم الأبطال المنتقم من الجهال كريم الأصل شريف الفضل محل الحرمين وارث المشعرين أبو السبطين أول السابقين و آخر الوصيين من آل يس المؤيد بجبرائيل المنصور بميكائيل الحبل المتين المحفوظ بجند السماء أجمعين ذاك و الله أمير المؤمنين على رغم الراغمين.

ص: 17

قال ابن الكواء قطع يدك و تثني عليه قال لو قطعني إربا إربا ما ازددت له إلا حبا فدخل على أمير المؤمنين و أخبره بقصة الأسود. فقال يا ابن الكواء إن محبينا لو قطعناهم إربا إربا ما ازدادوا لنا إلا حبا و إن في أعدائنا من لو العقناهم السمن و العسل ما ازدادوا لنا إلا بغضا.

29- عنه قال للحسن (علیه السلام) عليك بعمك الأسود فأحضر الحسن الأسود إلى أمير المؤمنين و أخذ يده و نصبها في موضعها و تغطى بردائه و تكلم بكلمات يخفيها فاستوت يده و صار يقاتل بين يدي أمير المؤمنين إلى أن استشهد بالنهروان و يقال كان اسم هذا الأسود...

30- عنه روى فى معنى قوله تعالى: «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّه عَلى حَرْفٍ» أنه كان أبو موسی و عمرو.

و روی ابن مردويه بأسانيده عن سويد بن غفلة أنه قال كنت مع أبي موسى على شاطى الفرات فقال سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: إن بني إسرائيل اختلفوا فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالين ضل من اتبعهما و لا تنفك أموركم تختلف حتى تبعثوا حكمين يضلان و يضل من تبعهما.

فقلت أعيذك بالله أن تكون أحدهما قال فخلع قميصه فقال برأني الله من ذلك كما برأني من قميصي و لما جرى ليلة الهرير صاحوا يا معاوية هلكت العرب فقال معاوية يا عمرو نفر أو نستأمن قال نرفع المصاحف على الرماح و نقرأ «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتاب الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ» فإن قبلوا حكم القرآن رفعنا الحرب و رافعنا بهم إلى أجل و إن أبى بعضهم إلا القتال فللنا شوكتهم و تقع بينهم الفرقة و آمر بالنداء.

ص: 18

فلسنا و لستم من المشركين و لا المجمعين على الردة فإن تقبلوها ففيها البقاء للفرقتين و للبلدة و إن تدفعوها ففيها الفناء وكل بلاء إلى مدة.

فقال عوف بن عبد الله:

رمیناهم حتى أزلنا صفوفهم***فلم ير إلا بوجة و كابيا

وحتى استغاثوا بالمصاحف و القنا*** بها وقفات يختطفن المحاميا

الجماني العلوي:

هبلت أم قريش حين تدعون الهبل*** حين ناطوا بكتاب الله أطراف الأسل

31- عنه فقال مسعر بن فدكي و زيد بن حصين الطائي و الأشعث بن قيس الكندي أجب القوم إلى كتاب الله فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) و يحكم و الله إنهم ما رفعوا المصاحف إلا خديعة و مكيدة حين علوتموهم.

32- عنه قال خالد بن معمر السدوسي يا أمير المؤمنين أحب الأمور إلينا ما كفينا مئونته و أنشد رفاعة بن شداد البجلي.

و إن حكموا بالعدل كانت سلامة*** و إلا أثرناها بيوم قماطر

فقصد إليه عشرون ألف رجل يقولون يا علي أجب إلى كتاب الله إذا دعيت و إلا دفعناك برمتك إلى القوم أو نفعل بك ما فعلنا بعثمان فقال فاحفظوا عني مقالتي فإني آمركم بالقتال فإن تعصوني فافعلوا ما بدا لكم قالوا فابعث إلى الأشتر ليأتينك.

فبعث يزيد بن هاني السبيعي يدعوه فقال الأشتر إني قد رجوت أن

ص: 19

يفتح الله لا تعجلني و شدد في القتال فقالوا حرضته في الحرب فابعث إليه بعزيمتك ليأتيك و إلا و الله اعتزلناك قال يا يزيد عد إليه و قل له أقبل إلينا فإن الفتنة قد وقعت.

فأقبل الأشتر يقول: لأهل العراق يا أهل الذل و الوهن أحين علوتم القوم و علموا أنكم لهم قاهرون رفعوا لكم المصاحف خديعة و مكرا فقالوا قاتلناهم في الله فقال أمهلوني ساعة و أحسست بالفتح و أيقنت بالظفر قالوا لا قال أمهلوني عدوة فرسي قالوا إنا لسنا نطيعك و لا لصاحبك و نحن نرى المصاحف على رءوس الرماح ندعى إليها.

فقال خدعتم و الله فانخدعتم و دعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم فقام جماعة من بكر بن وائل فقالوا يا أمير المؤمنين إن أجبت القوم أجبنا و إن أبيت أبينا.

فقال (علیه السلام) نحن أحق من أجاب إلى كتاب الله و إن معاوية و عمرا و ابن أبي معيط و حبيب بن مسلمة و ابن أبي سرح و الضحاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين و قرآن أنا أعرف بهم منكم قد صحبتهم أطفالا و رجالا في كلام له.

فقال أهل الشام فإنا قد اخترنا عمرا فقال الأشعث و ابن الكواء و مسعر بن فدكي و زيد الطائي نحن اخترنا أبا موسى فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) فإنكم قد عصيتموني في أول الأمر فلا تعصوني الآن فقالوا إنه قد كان يحذرنا مما قد وقعنا فيه فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) إنه ليس بثقة قد فارقني و قد خذل الناس ثم هرب مني حتى أمنته بعد شهر و لكن هذا ابن عباس أوليه ذلك.

قالوا و الله ما نبالي أنت كنت أم ابن عباس قال فالأشتر قال الأشعث

ص: 20

و هل سعر الحرب غير الأشتر و هل نحن إلا في حكم الأشتر.

33- عنه قال الأعمش حدثني من رأى عليا (علیه السلام) يوم صفين يصفق بيديه و يقول: يا عجبا أعصى و يطاع معاوية و قال قد أبيتم إلا أبا موسى قالوا نعم قال فاصنعوا ما بدا لكم اللهم إني أبرأ إليك من صنيعهم.

و قال الأحنف إذا اخترتم أبا موسى فارقبوا ظهره.

فقال خزيم بن فاتك الأسدي:

لو كان للقوم رأيا يرشدون به*** أهل العراق رموكم بابن عباس

لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن*** لم يدر ما ضرب أسداس و أخماس

فلما اجتمعوا كان كاتب علي (علیه السلام) عبيد الله بن أبي رافع و كاتب معاوية عمير بن عباد الكلبي فكتب عبيد الله هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان فقال عمرو اكتبوا اسمه و اسم أبيه هو أميركم فأما أميرنا فلا فقال الأحنف لا تمح اسم إمارة المؤمنين امح ترحه من الله.

فقال على(علیه السلام) الله أكبر سنة بسنة و مثل بمثل و إني لكاتب يوم الحديبية

34- عنه روى أحمد في المسند أن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) امر أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو و هذا كتاب بيننا و بينك فافتحه بما نعرفه و اكتب باسمك اللهم فأمر بمحو ذلك و كتب باسمك اللهم هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله و سهيل بن عمرو و أهل مكة.

فقال سهيل لو أجبتك إلى هذا لأقررت لك بالنبوة فقال امحها يا علي

ص: 21

فجعل يتلكأ و يأبى فمحاها النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و كتب هذا ما اصطلح به محمد بن بن عبد المطلب و أهل مكة يقول الله في كتابه: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أَسْوَةٌ حَسَنَةٌ».

35- عنه روى محمد بن إسحاق عن بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب أن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لعلي فإن لك مثلها تعطاها و أنت مضطهد.

36- عنه الماوردي في أعلام النبوة أنه قال ستسام مثلها يوم الحكمين. و في رواية ستدعى إلى مثلها فتجيب و أنت على مضض. و في رواية إن لك يوما يا علي بمثل هذا أنا أكتبها للآباء و أنت تكتبها للأبناء.

37- عنه: فمضى أبو موسى و عمر و جالب الشر البراح بابان قد فتحا إلى شر يدوم على انفتاح.

فلما اجتمعا قال عمرو يا أبا موسى أنت أولى أن تسمي رجلا يلي أمر هذه الأمة فسم لي فإني أقدر أن أبايعك منك على أن تبايعني قال أبو موسى أسمی لک عبدالله بن عمر فيمن اعتزله فقال عمرو فإني أسمي لك معاوية بن أبي سفيان.

38- عنه في رواية قال عمرو إنهما ظالمان و إن عليا آوى قتلة عثمان و إن معاوية خاذله فنخلعهما و نبايع عبد الله بن عمر لزهادته و اعتزاله عن الحرب فقال أبو موسى نعم ما رأيت قال فإني قد خلعت معاوية فاخلع عليا إن شئت و إن شئت فاخلعه غدا فإنه يوم الإثنين.

قال فلما أصبحا خرجا إلى الناس فقالا قد اتفقنا فقال أبو موسى: لعمرو تقدم و اخلع صاحبك بحضرة الناس فقال عمر و سبحان الله أتقدم عليك و أنت في موضعك و سنك و فضلك مقدم في الإسلام و الهجرة و وفد رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إلى اليمن و صاحب مقاسم أبي بكر و عامل عمر و حاكم

ص: 22

أهل العراق فتقدم أنت فقدمه.

فقال أبو موسى: إنا و الله أيها الناس قد اجتهدنا رأينا لم نر أصلح للأمة من خلع هذين الرجلين و قد خلعت عليا و معاوية كخلع خاتمي هذا فقال عمرو و لكني خلعت صاحبه عليا كما خلع و اثبت معاوية كخاتمي هذا و جعله في شماله فقال كوفي:

لعمرك ما ألقى يد الدهر خالعا*** عليك بقول الأشعري و لا عمرو

فكتب عمرو إلى معاوية:

أتتك الخلافة من خدرها*** هنيئا مريئا تقر العيونا

39- عنه عن تفسير القشيري و إبانة العكبري عن سفيان عن الأعمش عن سلمة عن كهيل عن أبي الطفيل أنه سأل ابن الكواء أمير المؤمنين (علیه السلام) عن قوله تعالى «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالا» الآية.

فقال (علیه السلام) إنهم أهل حروراء.

ثم قال «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» في قتال علي بن أبي طالب.

«أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَاهُمْ فلا يقيم هُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا» بولاية علي و اتخذوا آيات القرآن و رسلي يعني محمدا هزوا و استهزءوا بقوله ألا من كنت مولاه فعلي مولاه و أنزل في أصحابه «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» الآية. فقال ابن عباس نزلت في أصحاب الجمل.

40- عنه عن تفسير الفلكي عن أبي أمامة قال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في قوله تعالى: «يَوْمَ تَبْيَضُ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ» الآية هم الخوارج.

ص: 23

41- عنه عن البخاري و مسلم و الطبري و الثعلبي في كتبهم أن ذا الخويصرة التميمي قال للنبي اعدل بالسوية فقال ويحك إن أنا لم أعدل قد وجنت و خسرت فمن يعدل فقال عمر ائذن لي أضرب عنقه فقال دعه فإن له أصحابا و ذكر وصفه فنزل «وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ».

42- عنه عن مسند أبي يعلى الموصلي و إبانة ابن بطة العكبري و عقد ابن عبد ربه الأندلسي و حلية أبي نعيم الأصفهاني و زينة أبي حاتم الرازي و كتاب أبي بكر الشيرازي أنه ذكر بين يدي النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بكثرة العبادة فقال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أعرفه فإذا هو قد طلع فقالوا هو هذا فقال النبي هذا فقال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أما إني أرى بين عينيه سفعة من الشيطان.

فلما رآه قال له هل حدثتك نفسك إذ طلعت علينا أنه ليس في القوم أحد مثلك قال نعم ثم دخل المسجد فوقف يصلي فقال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ألا رجل يقتله فحسر أبو بكر عن ذراعيه و صمد نحوه فرآه راكعا فقال اقتل رجلا يركع و يقول لا إله إلا الله فقال (صلی اللّه علیه و آله و سلم) اجلس فلست بصاحبه قم يا علي فإنك أنت قاتله فمضى و انصرف و قال ما رأيته.

فقال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و لو قتل لكان أول فتنة و آخرها و في رواية هذا أول قرن يطلع في أمتي لو قتلتموه ما اختلف بعدي اثنان.

43- عنه عن قال أنس بن مالك فأنزل الله تعالى: «ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ (الفتل) وَ نُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ» بقتال علي ابن أبي طالب. 44- عنه لما دخل أمير المؤمنين (علیه السلام) الكوفة جاء إليه زرعة بن البزرج الطائي و حرقوص بن زهير التميمي ذو الثدية فقال لا حكم إلا لله فقال (علیه السلام) كلمة حق يراد بها باطل قال حرقوص فتب من خطيئتك و

ص: 24

ارجع عن قصتك و أخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلق ربنا.

فقال (علیه السلام) قد أردتكم على ذلك فعصيتموني و قد كتبنا بيننا و بين القوم كتابا و شروطا و أعطينا عليها عهودا و مواثيق و قد قال الله تعالى: «وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ الله إِذا عَاهَدْتُمْ» الآية، فقال حرقوص ذلك ذنب ينبغي أن تتوب عنه.

فقال علي ما هو ذنب و لكنه عجز من الرأي و ضعف في العقل و قد تقدمت فنهيتكم عنه فقال ابن الكواء الآن صح عندنا أنك لست بإمام و لو كنت إماما لما رجعت فقال علي ويلكم قد رجع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) عام الحديبية عن قتال أهل مكة.

ففارقوا أمير المؤمنين (علیه السلام) و قالوا لا حكم إلا لله و لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق و كانوا اثني عشر ألفا من أهل الكوفة والبصرة و غيرهما و نادى مناديهم.

أن أمير القتال شبث بن ربعي و أمير الصلاة عبد الله بن الكواء و الأمر شورى بعد الفتح و البيعة الله على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و استعرضوا الناس و قتلوا عبد الله بن خباب بن الأرت و كان عامله (علیه السلام) على النهروان فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) يا ابن عباس امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه و لما ذا اجتمعوا فلما وصل إليهم قالوا ويلك يا ابن عباس أكفرت بربك كما كفر صاحبك علي بن أبي طالب و خرج خطيبهم عتاب بن الأعور الثعلبي.

فقال ابن عباس من بنى الإسلام فقال الله و رسوله فقال النبي أحكم أموره و دخل بين حدوده أم لا قال بلى قال فالنبي بقي في دار الإسلام أم ارتحل قال بل ارتحل قال فأمور الشرع ارتحلت معه أم بقيت بعده قال بل

ص: 25

بقيت قال و هل قام أحد بعده بعمارة ما بناه قال نعم الذرية و الصحابة قال أفعمروها أو خربوها قال بل عمروها.

قال فالآن هي معمورة أم خراب قال بل خراب قال خربها ذريته أم أمته قال بل أمته قال و أنت من الذرية أو من الأمة قال من الأمة قال أنت من الأمة و خربت دار الإسلام فكيف ترجو الجنة وجرى بينهم كلام كثير فحضر أمير المؤمنين (علیه السلام) في مائة رجل فلما قابلهم خرج ابن الكواء في مائة رجل فقال (علیه السلام) أنشدكم الله هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف.

فقلتم نجيبهم إلى كتاب الله فقلت لكم إني أعلم بالقوم منكم و ذكر مقاله إلى أن قال فلما أبيتم إلا الكتاب أشرطت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن و أن يميتا ما أمات القرآن فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكمه و إن أبيا فنحن منه براء.

فقالوا له أخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال فى الدماء فقال إنا لسنا الرجال حكمنا و إنما حكمنا القرآن و القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق إنما يتكلم به الرجال قالوا فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك و بينهم قال ليعلم الجاهل و يثبت العالم و لعل الله يصلح في هذه المدة لهذه الأمة و جرت بينهم مخاطبات فجعل بعضهم يرجع.

فأعطى أمير المؤمنين (علیه السلام) راية الأمان مع أبي أيوب الأنصاري فناداهم أبو أيوب من جاء إلى هذه الراية أو خرج من بين الجماعة فهو آمن فرجع منهم ثمانية آلاف رجل فأمرهم أمير المؤمنين (علیه السلام) أن يتميزوا منهم و أقام الباقون على الخلاف و قصدوا إلى النهروان فخطب أمير المؤمنين (علیه السلام) و استنفرهم فلم يجيبوه فتمثل:

أمرتكم أمري بمنعرج اللوى*** فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغد

ص: 26

ثم استنفرهم فنفر ألفا رجل يقدمهم عدي بن حاتم و هو يقول:

إلى شر خلق من شراة تحزبوا*** و عادوا إله الناس رب المشارق

فوجه أمير المؤمنين (علیه السلام) نحوهم وكتب إليهم على يدي عبد الله بن أبي عقب و فيها و السعيد من سعد به رعيته و الشقي من شقيت به رعيته و خير الناس خيرهم لنفسه و شر الناس شرهم لنفسه و ليس بين الله و بين أحد قرابة و كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ.

فلما أتاهم أمير المؤمنين (علیه السلام) فاستعطفهم فأبوا إلا قتاله و تنادوا أن دعوا مخاطبة علي و أصحابه و بادروا الجنة و صاحوا الرواح الرواح إلى الجنة و أمير المؤمنين يعبى أصحابه و نهاهم أن يتقدم إليهم أحد فكان أول من خرج أخنس بن العيزار الطائي و جعل يقول:

ثمانون من حي جديلة قتلوا*** على النهر كانوا يخضبون العواليا

ينادون لا حكم إلا لربنا*** حنانيك فاغفر حوبنا و المساويا

هم فارقوا من جار في الله حكمه*** فكل على الرحمن أصبح ثاويا

فقتله أمير المؤمنين (علیه السلام) و خرج عبد الله بن وهب الراسبي. يقول:

أنا ابن وهب الراسبي الشاري*** أضرب في القوم لأخذ النار

حتى تزول دولة الأشرار*** و يرجع الحق إلى الأخيار

و خرج مالك بن الوضاح و قال:

إني لبائع ما يفنى بباقية*** و لا يريد لدى الهيجاء تربيضا

و خرج إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) الوضاح بن الوضاح من جانب و ابن

ص: 27

عمه حرقوص من جانب فقتل الوضاح و ضرب ضربة على رأس الحرقوص فقطعه و وقع رأس سيفه على الفرس فشرد و أرجله في الركاب حتى أوقعه في دولاب خراب فصارت الحرورية كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف.

فكان المقتولون من أصحاب علي (علیه السلام) رؤبة بن وبر البجلي و رفاعة بن وائل الأرحبي و الفياض بن خليل الأزدي و كيسوم بن سلمة الجهني و حبيب بن عاصم الأزدي إلى تمام تسعة و انفلت من الخوارج تسعة كما تقدم ذكره و كان ذلك لتسع خلون من صفر سنة ثمان و ثلاثين.

45- عنه عن ابي نعيم الأصفهاني عن الثوري أن أمير المؤمنين (علیه السلام) أمر أن يفتش عن المخدج بين القتلى فلم يجدوه فقال رجل و الله ما هو فيهم فقال (علیه السلام) و الله ما كذبت و لا كذبت.

46- عنه عن تاريخ الطبري و إبانة ابن بطة و سنن أبي داود و مسند أحمد عن عبيد الله بن أبي رافع و أبي موسى و جندب و أبي الوضاح و اللفظ له قال علي (علیه السلام) اطلبوا المخدج فقالوا لم نجده فقال و الله ما كذبت و لا کذبت یا عجلان ايتني ببغلة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فأتاه بالبغلة فركبها و جال في القتلى ثم قال اطلبوه هاهنا قال فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين.

47- عنه في رواية أبي نعيم عن سفيان فقيل قد أصبناه فسجد لله تعالى (علیه السلام) فنصبها.

48- عنه عن تاريخ القمي أنه رجل أسود عليه شعرات عليه قريطق مخدج اليد أحد ثدييه كثدي المرأة عليه شعيرات مثل ما يكون على ذنب اليربوع وفي مسند الموصلي حبشي مثل البعير في منكبه مثل ثدي المرأة فقال صدق الله و رسوله.

ص: 28

49- عنه في رواية أبي داود و ابن بطة أنه قال علي (علیه السلام) من يعرف هذا فلم يعرفه أحد فقال رجل أنا رأيت هذا بالحيرة فقلت إلى أين تريد فقال إلى هذه و أشار إلى الكوفة و ما لي بها معرفة فقال علي (علیه السلام) صدق هو من الجان و في رواية هو من الجن.

50- عنه في رواية أحمد قال أبو الوضاح لا يأتينكم أحد يخبركم من أبوه قال فجعل الناس يقول هذا ملك هذا ملك هذا مالك و يقول علي ابن من.

51- عنه في مسند الموصلي في حديث من قال من الناس أنه رآه قبل مصرعه فإنه كاذب.

52- عنه في مسند أحمد بإسناده عن ابن الوضاح أنه قال علي (علیه السلام) أما إن خليلي أخبرني بثلاثة إخوة من الجن هذا أكبرهم و الثاني له جمع كثير و الثالث فيه ضعف.

53 عنه عن إبانة ابن بطة أنه ذكر المقتول بالنهروان فقال سعد بن أبي وقاص هو شيطان الردهة و زاد أبو يعلى في المسند شيطان الردهة رجل من بجيلة يقال له الأشهب أو ابن الأشهب علامة في قوم ظلمة.

54- عنه عن محمد بن عبد الله الرعيني بإسناده عن علي (علیه السلام) أنه قال لما انصرف الناس من صفين خاض الناس في أمر الحكمين فقال بعض الناس ما يمنع أمير المؤمنين (علیه السلام) من أن يأمر بعض أهل بيته فيتكلم.

فقال للحسن قم يا حسن فقل في هذين الرجلين عبد الله بن قيس و عمرو بن العاص فقام الحسن (علیه السلام) فقال أيها الناس إنكم قد أكثرتم في أمر عبد الله بن قيس و عمرو بن العاص فإنما بعثا ليحكما بكتاب الله فحكما بالهوى على الكتاب و من كان هكذا لم يسم حكما و لكنه محكوم عليه.

ص: 29

و قد أخطأ عبد الله بن قيس في أن أوصى إلى عبد الله بن عمر فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال في أن أباه لم يرضه لها و في أنه لم يستأمره و في أنه لم يجتمع عليه المهاجرون و الأنصار الذين نفذوها لمن بعده و إنما الحكومة فرض من الله و قد حكم رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) سعدا في بني قريظة فحكم فيهم بحكم الله لا شك فيه فنفذ رسول الله حكمه و لو خالف ذلك لم يجزه.

ثم جلس ثم قال علي (علیه السلام) لعبد الله بن العباس قم فتكلم فقام و قال أيها الناس إن للحق أهلا أصابوه بالتوفيق و الناس بين راض به و راغب عنه و إنما بعث عبد الله بن قيس لهدى إلى ضلالة و بعث عمرو بن العاص لضلالة إلى الهدى.

فلما التقيا رجع عبد الله عن هداه و ثبت عمرو على ضلالته و الله لئن حكما بالكتاب لقد حكما عليه و إن حكما بما اجتمعا عليه معا ما اجتمعا على شيء و إن كانا حكما بما سار إليه لقد سار عبد الله و إمامه علي و سار عمرو و إمامه معاوية فما بعد هذا من عيب ينتظر و لكنهم سئموا الحرب و أحبوا البقاء و دفعوا البلاء و رجا كل قوم صاحبهم.

ثم جلس ثم قال (علیه السلام) لعبد الله بن جعفر قم فتكلم فقام عبد الله و قال أيها الناس إن هذا الأمر كان النظر فيه إلى علي و الرضا فيه لغيره فجئتم بعبد الله بن قيس فقلتم لا نرضى إلا بهذا فارض به فإنه رضانا و ايم الله ما استفدناه علما و لا انتظرنا منه غائبا و لا أملنا ضعفه و لا رجونا به صاحبه و لا أفسدا بما عملا العراق و لا أصلحا الشام و لا أماتا حق علي و لا أحييا باطل معاوية و لا يذهب الحق رقية راق و لا نفخة شيطان و أنا اليوم لعلي ما كنا عليه أمس و جلس.

55- عنه عن نوف البكالي عن أمير المؤمنين (علیه السلام) أنه نادى بعد

ص: 30

الخطبة بأعلى صوته الجهاد الجهاد عباد الله ألا و إني معسكر في يومي هذا فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج قال نوف و عقد للحسين (علیه السلام) في عشرة آلاف و لقیس بن سعد في عشرة آلاف و لأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف و لغيرهم على أعداد أخر و هو يريد الرجعة إلى صفين فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم فتراجعت العساكر.

56- عنه روى أبو بصير عن أبي جعفر قال جاء المهاجرون و الأنصار و غيرهم بعد النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إلى علي (علیه السلام) فقالوا أنت و الله أمير المؤمنين و أنت و الله أحق الناس و أولاهم بالنبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) هلم يدك نبايعك فو الله لنموتن قدامك.

فقال علي (علیه السلام) إن كنتم صادقين فاغدوا علي محلقين فحلق علي و حلق سلمان و حلق المقداد و حلق أبوذر و لم يحلق غيرهم ثم انصرفوا فجاءوا مرة أخرى بعد ذلك فقالوا له مثل قولهم الأول و أجابهم مثله و ما حلق إلا هذه الثلاثة و كذلك.

57- عنه ذكر أبو جعفر الطوسي في كتاب اختيار الرجال أنه قال أبو جعفر (علیه السلام) كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة سلمان و أبو ذر و المقداد.

58- عنه في معرفة الرجال من الكشي في حديث عن الصادق (علیه السلام) ثم حلق أبو سنان و عمار و شتير و أبو عمرو فصاروا سبعة.

59- عنه في جمل أنساب الأشراف أنه قال الشعبي في خبر لما قتل عثمان أقبل الناس إلى علي ليبايعوه و مالوا إليه فمدوا يده فكفها و بسطوها فقبضها حتى بايعوه.

و في سائر التواريخ أن أول من بايعه طلحة بن عبید الله و كانت إصبعه أصيبت يوم أحد فشلت فبصر بها أعرابي حين بايع فقال ابتداء هذا

ص: 31

الأمر يد شلاء لا يتم ثم بايعه الناس في المسجد

60- عنه يروى أن الرجل كان عبيد بن ذويب فقال يد شلاء و بيعة لا تتم و هذا عنى البرقي في بيته:

و لقد تيقن من تيقن غدرهم*** إذ مد أولهم بدا شلاءا

61- عنه عن جبلة بن سحيم عن أبيه أنه قال لما بويع علي (علیه السلام) جاء إليه المغيرة بن شعبة فقال إن معاوية قد علمت و قد ولاه الشام من كان قبلك فوله أنت كيما تنسق عرى الإسلام ثم اعزله إن بدا لك فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) تضمن لي عمري يا مغيرة فيما بين توليته إلى خلعه قال لا قال (علیه السلام) لا يسألني الله عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا «وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً» الخبر.

62- قال ابوبكر بن أبي شيبة حدثنا ابن علية عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي قال: ذكر الخوارج، قال: فيهم رجل مخدج اليد أو مؤدن أو مشدون اليد لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قلت: انت سمعته من محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم)؟ قال: إلى و ربّ الكعبة، ثلاث مرات.

63- عنه حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أسير بن عمرو قال: سألت سهل بن حنيف: هل سمعت النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بذكر هؤلاء الخوارج؟ قال: سمعته و أشار بيده نحو المشرق، يخرج منه قوم يقرأون القرآن بالسنتهم لا يعدو تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

64- عنه حدثنا أبو بكر عن عاصم عن زر عن عبدالله قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول الناس يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم

ص: 32

يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، فمن لقيهم فليقتلهم فان قتلهم أجر عند الله.

65- عنه حدثنا إسحاق الأزرق عن الأعمش عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): الخوارج كلاب النار.

66- عنه حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: ذكروا الخوارج عند أبى هريرة قال: أولئك شرار الخلق.

67- عنه حدثنا وكيع عن عكرمة بن عمار عن عاصم بن شمخ قال: سمعت أبا سعيد الخدرى يقول و يداه هكذا، يعنى ترتعشان من الكبر: لقتال الخوارج أحب إلى من قتال عدتهم من أهل الشرك.

68- عنه حدثنا ابن نمير قال حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع قال: لما سمع ابن عمر بنحدة قد أقبل و أنه يريد المدينة و أنه يسبى النساء و يقتل الولدان، قال: إذا لا ندعه و ذلك، و هم بقتاله و حرض الناس، فقيل له: إن الناس لا يقاتلون معك، و نخاف أن تترك وحدك، فتركه.

69- عنه حدثنا عبدة عن الأعمش قال: سمعتم يذكرون أن ان عبدالله بن يزيد غزا الخوارج.

70- عنه حدثنا أبو أسامة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن عبدالله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله: إن بعدى أو سيكون بعدى من أمتى قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز حلوقهم، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، لا يعودون فيه هم شرار الخلق و الخليفة قال عبد الله بن الصامت فذكرت ذلك لرافع بن عمرو، أخى الغفاري فقال: و أنا أيضا قد سمعته من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم).

71- عنه حدثنا عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمة عن أبيه عن جده

ص: 33

قال كنا جلوسا عند باب عبدالله ننتظر أن يخرج إلينا فخرج، فقال: إن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) حدثنا أن قوما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية و أيم الله لا أدرى لعل أكثرهم منكم، قال: فقال عمرو بن سلمة فرأينا عامة أولئك يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.

72- عنه حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا عبدالرحمن بن حميد الرؤاسى قال حدثنا عمران بن ظيبان عن أبي يحيى قال: سمع رجلا من الخوارج و هو يصلى صلاة الفجر يقول، و لقد أوحى إليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين قال فترك سورته التي كانت فيها قال: وقرأ، «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذينَ لا يُوقِنُونَ».

73- عنه حدثنا قطن بن عبد الله أبو مرى عن أبى غالب، قال: كنت في مسجد دمشق فجاؤا بسبعين رأسا من رؤس الحرورية فنصبت على درج المسجد، فجاء أبو أمامة فنظر إليهم فقال: كلاب جهنم، شر قتلى قتلوا تحت ظل السماء، و من قتلو خير قتلى تحت السماء و بكى فنظر إلى و قال: يا أبا غالب إنك من بلد هؤلاء؟

قلت نعم قال: أعاذك قال أظنه قال الله منهم قال تقرأ آل عمران،قلت نعم، قال: «مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ اُمُّ الكِتاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ». قال: «يَوْمَ تَبْيَضُ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ»

ص: 34

قال: افترقت بنو إسرائيل على واحدة و سبعين فرقة، و تزيد هذه الامة فرقة واحدة، كلها فى النار إلا السواد الأعظم عليهم ما حلوا و عليكم ما حملتم، وإن تطيعوه تهتدوا؛ و ما على الرسول إلا البلاغ السمع و الطاعة خير من الفرقة و المعصية، فقال له رجل: يا أبا أمامة أمن رأيك تقول أم شيء سمعته من رسول الله قال اني اذ الجرئيى قال: بل سمعته من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): غير مرة و لا مرتين حتى ذكر سبعا.

74- عنه حدثنا يزيد بن هارون الواسطى قال حدثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز قال: نهى على أصحابه أن يسطوا على الخوارج حتى يحدثوا حدثا ثمروا بعبد الله بن خباب فأخذوه، فحر بعضهم على تمرة ساقطة من نخلة فاخذها فالقاها فى فيه فقال بعضهم: تمرة معاهد، فبم استحللتها؟ فألقاها من فيه.

ثم مروا على خنزير فنفخه بعضهم بسيفه فقال بعضهم خنزير معاهد، فبم استحللته؟ فقال عبدالله: ألا أدلكم لي ما هو أعظم عليكم حرمة من هذا؟ قالوا: نعم، قال: أنا فقدموه فضربوا عنقه، فأرسل إليهم على أن أقيدونا بعبد الله بن خباب فأرسلوا إليه و كيف نقيدك و كلنا قتله، قال: أو كلكم قتله؟ قالوا: نعم.

فقال: الله أكبر، ثم أمر أصحابه أن يسطوا عليهم، قال: والله لا يقتل منكم عشرة و لا يفلت منهم عشرة قال فقتلوهم فقال: اطلبوا فيهم ذا الثدية، فطلبوه فأتى به فقال من يعرفه فلم يجدوا أحد يعرفه إلا رجلا، قال: أنا رأيته بالحيوة، فقلت له: أين تريد؟ قال هذه و أشار إلى الكوفة، و مالى بها معرفة، قال: فقال علي (علیه السلام) صدق هو الجان.

75- عنه حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا عمران بن حدير عن

ص: 35

أبي مجلز قال؛ لما لقی على الخوارج أكب عليهم المسلمون، فوالله ما اصيب من المسلمين تسعة حتى أفنوهم.

76- عنه حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جهمان قال: كانت الخوارج قد دعونى حتى كدت أن أدخل فيهم، فرأيت أخت أبى بلال في المنام كأنها رأيت أبا بلال أهلب، فقلت: يا أخى؟ ما سنانك؟ قال: فقال يا أخى سنانك؟ قال: فقال: جعلنا بعدكم كلاب أهل النار.

77- عنه حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: حدثني رجل من عبد القيس قال: كنت مع الخوارج فرأيت شيئاً كرهته ففارقتهم على أن لا اكثر عليهم، فبينا أنا مع طائفة منهم إذ رأوا رجلا خرج كأنه قرع و بينهم و بينه نهر، فقطعوا إليه النهر، فقالوا: كأنا رعناك؟ قال: أجل، قالوا:

و من أنت؟ قالا: أنا عبدالله ابن خباب بن الأرت قالوا عندك حديث تحدثناه عن أبيك عن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، قال سمعته يقول: إنه سمع النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إن فتنة جائية، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي،

فاذا لقيتهم فان استطعت أن تكون عبدالله المقتول فلاتكن عبد الله القاتل، قال: فقربوه إلى النهرة فضربوا عنقه فرأيت دمه يسيل على الماء كأنه شراك ماء اندفر بالماء حتى توارى عنه، ثم دعوا بسرية له حبلى فبقروا عما في بطنها.

78- عنه حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن محمد الأنصارى، قال حدثني يحيى بن حبان عن جبلة بن سحيم و فلان بن نضلة قالا: بعث

ص: 36

علي(علیه السلام) إلى الخوارج فقال: لا تقاتلوهم حتى يدعوا إلى ما كانوا عليه من إعطاء رزق فى أمان من الله و رسوله فأبوا و سبونا.

79- عنه حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب قال خطبنا على بالمدائن بقنطرة فقال: قد ذكر لى ان خارجة تخرج من قبل المشرق فيهم ذو الثدية، و إنى لا أدرى أهم هؤلاء أم غيرهم، قال: فانطلقوا يلقى بعضهم بعضا، فقالت الحرورية: لا تكلموهم كما كلمتموهم يوم حروراء، فكلمه... قال:

فشجر بعضهم بعضا بالرماح، فقال بعض أصحاب على (علیه السلام): قطعوا العوالى قال فاستداروا فقتلوهم و قتل من أصحاب على أثنا عشر أو ثلاثة عشر، فقال: التمسوه.

فالتمسوه فوجدوه فقال: والله ما كذبت و لا كذبت اعملوا و اتكلوا فلولا أن تتكلموا لأخبرتكم بما قضى الله لكم على لسان نبيكم ثم قال: لقد شهدنا ناس باليمن قالوا: كيف ذاك يا أمير المؤمنين؟ فقال: كان هداهم الله معنا.

80- عنه حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو شيبة عن أبى اسحاق عن أبى بركة الصائدى قال: لما قتل علي ذا الثدية قال سعد: لقد قتل ابن أبي طالب جان الردهة.

81- عنه حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل بن سميع الحنفى عن أبى رزين قال: لما كانت الحكومة بصفين و باين الخوارج عليا رجعوا مباينين له و هم في عسكر، و علي فى عسكر، حتى دخل علي الكوفة مع الناس بعسكره و مضوا هم إلى حروراء في عسكرهم،

فبعث على إليهم ابن عباس فكلمهم فلم يقع منهم موقعا، فخرج على

ص: 37

إليهم فكلمهم حتى أجمعوا هم و هو على الرضا، فرجعوا حتى دخلوا الكوفة على الرضا منه و منهم، فأقاموا يومين أو نحو ذلك، قال:

فدخل الأشعث بن قيس و كان يدخل على علي فقال: ان الناس يتحدثون أنك رجعت لهم عن كفره، فلما أن كان الغد الجمعة صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه فخطب فذكرهم و مباينتهم الناس و أمرهم الذى فارقوه فيه، فعابهم و عاب أمرهم؛ قال: فلما نزل عن المنبر تنادوا من نواحى المسجد.

لا حكم إلا لله، فقال على حكم الله أنتظر فيكم، ثم قال بيده هكذا يسكتهم بالاشارة و هو على المنبر حتى أتى رجل منهم واضعا إصبعيه في دابته و هو يقول: لئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين.

82- عنه حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عبينة عن عبد أبي يزيد عن ابن عباس انه ذكر عنده الخوارج فذكر من عبادتهم و اجتهادهم فقال: ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود و النصارى ثم هم يصلون.

83- عنه حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا ابن عبينة عن معمر عن ربعي عن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أنه ذكر ما يلقى الخوارج عند القرآن فقال: يؤمنون عند محكمه و يهلكون عند متشابهه.

84- عنه حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن على ابن زيد عن بشر بن شفاف قال: سألني عبد الله بن سلام عن الخوارج فقلت: هم أطول الناس صلاة و أكثرهم صوما غير أنهم إذا خلفوا الجسر اهراقوا الدماء، وأخذوا الأموال.

فقال: لا سئل عنهم الاذى، أما إنى قد قلت لهم: لا تقتلوا عثمان، دعوه، فوالله لئن تركتموه إحدى عشرة ليلة ليموتن على فراشه موتا فلم

ص: 38

يفعلوا، فانه لم يقتل نبي إلا قتل به سبعون ألفا من الناس، و لم يقتل خليفة إلا قتل به خمسة و ثلاثون ألفا.

85- عنه حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا حماد بن سلمة عن على ابن زيد عن أبى الطفيل أن رجلا ولد له غلام على عهد النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فدعا و أخذ ببشرة جبهته فقال بها هكذا و غمز جبهته و دعا له بالبركة، قال: فنبت شعرة فى جبهته كأنها هلبة فرس، فشب الغلام فلما كان زمن الخوارج أحبهم؛ فسقطت الشعرة عن جبهة.

فأخذه أبوه فقيده مخافة أن يلحق بهم؛ قال: فدخلنا عليه فوعظناه و قلنا له فيما نقول: ألم تر أن بركة دعوة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قد وقعت من جبهتك فما زلنا به حتى رجع عن رأيهم قال فرد الله إليه الشعرة بعد في جبهته و تاب و أصلح.

86- عنه حدثنا أبو أسامة عن ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: ذكر الخوارج عند أبى هريرة فقال: اولئك شر الخلق.

87- عنه حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا أبو شيبة عن أبى إسحاق عن أبى بركة الصائدى قال: لما قتل على (علیه السلام) ذا الثدية قال سعد لقد قتل على جان الردهة.

88- عنه حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن أبى إسحاق قال سمعت عاصم بن ضمرة قال: إن خارجة خرجت على حكم، فقالوا لا حكم إلا لله، فقال على انه لا حكم إلا لله، و لكنهم يقولون: لا إمرة، و لا بد للناس من أمير بر أو فاجر، يعمل في إمارته المؤمن و يستمتع فيها الكافر، و يبلغ الله فيه الأجل.

89- عنه حدثنا جرير عن مغيرة قال: خاصم عمر بن عبدالعزيز

ص: 39

الخوارج، فرجع من رجع منهم، و أبت طائفة منهم أن يرجعوا، فأرسل عمر رجلا على خيل و أمره أن ينزل حيث يرحلون، و لايحركهم و لايهيجهم فان قتلوا و أفسدوا فى الأرض فاسط عليهم و قاتلهم، و إن هم لم يقتلوا و لم يفسدوا في الأرض فدعهم يسيرون.

9- عنه حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا محمد بن عمرو عن ابى سلمة قال: قلت لأبي سعيد الخدري هل سمعت من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يذكر فى الحرورية شيئاً؟ قال: نعم سمعته يذكر قوما يعبدون يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصومه مع صومهم.

يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أخذ سهمه فنظر في نصله فلم ير شيئاً، فنظر في رصافه فلم ير شيئاً فنظر في قدحه فلم ير شيئا، فنظر في القدد فتمارى هل يرى شيئاً أم لا.

91- عنه حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال: حدثنا أيوب عن غيلان بن جرير قال: أردت أن أخرج مع أبي قلابة إلى مكة، فاستأذنت عليه فقلت: أدخل؟ قال: إن لم تكن حروريا.

92- عنه حدثنا يزيد بن هارون عن حماد عن أبي عمران الجونى عن عبد الله بن رباح عن كعب قال الذى تقتله الخوارج له عشرة أنوار فضل ثمانية أنوار على نور الشهداء.

93- عنه حدثنا حميد عن الحسن عن أبي نعامة خالد:قال عن سمعت ابن عمر يقول: إنهم عرضوا بغير نار لو كنت فيها و معى سلاحي لقاتلت عليها، يعنى نجدة و أصحابة.

94- عنه حدثنا عن حسن عن أبيه قال: أشهد أن كتاب عمر بن عبدالعزيز قرئ علينا: إن سفكوا الدم الحرام و قطعوا السبيل فتبرأ في كتابه

ص: 40

من الحرورية و أمر بقتالهم.

95- عنه حدثنا ابن نمير قال حدثنا عبد العزيز بن سياه قال حدثنا حبيب ابن أبي ثابت عن أبي وائل قال اتيته فسألته عن هولاء القوم الذين قتلهم على قال: قلت فيم فارقوه و فيما استجابوا له و فيما دعاهم و فيم فارقوه ثم استحل دماءهم؟ قال: إنه لما استحر القتل فى أهل الشام بصفين اعتصم معاوية و أصحابه بحيل.

فقال عمرو بن العاص: ارسل إلى على بالمصحف فلا والله لا يرده عليك، قال: فجاء به رجل يحمله ينادى بيننا و بينكم كتاب الله: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ» قال: فقال على: نعم بيننا و بينكم كتاب الله، انا اولی به منكم.

قال فجاءت الخوارج و كنا نسميهم يومئذ القراء، قال: فجاؤا بأسيافهم على عواتقهم فقالوا: يا أمير المؤمنين، لا نمشى إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا و بينهم فقام سهل بن حنيف، فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم، لقد كنا مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوم الحديبية و لو نرى قتالا لقاتلنا، و ذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله و بين المشركين.

فجاء عمر فأتى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فقال: یا رسول الله ألسنا على حق؟ و هم على باطل؟ قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار؟ قال بلى قال: ففيهم نعطى الدنية في ديننا و نرجع و لما يحكم الله بيننا و بينهم؟ فقال يا ابن الخطاب إنى رسول الله و لن يضيعني الله ابداً.

قال: فانطلق عمر و لم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر ألسنا على حق و هم على باطل؟ فقال بلى قال: أليس قتلانا في الجنة و

ص: 41

قتلاهم فى النار؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطى الدنية في ديننا و نرجع و لما يحكم الله بيننا و بينهم؟ فقال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله و لن يضيعه الله ابداء قال:

فنزل القرآن على محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه، فقال: يا رسول الله أو فتح هو؟ قال: نعم، فطابت نفسه و رجع، فقال على: أيها الناس إن هذا فتح، فقبل على القضية و رجع، و رجع الناس، ثم إنهم خرجوا بحروراء أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفا.

فأرسل إليهم يناشدهم الله، فأبوا عليه فأتاهم صعصعة بن صوحان فناشدهم الله و قال: علام تقاتلون خليفكم قالوا نخاف الفتنة، قال: فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل فرجعوا فقاتلوا نسير على ناحيتنا، فان عليا قبل القضية، قاتلناهم يوم صفين و إن نقضها قاتلنا معه.

فساروا حتى بلغوا النهروان، فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس قتلا، فقال أصحابهم: ويلكم ما على هذا فارقنا عليا فبلغ عليا، أمرهم فقام فخطب الناس فقال: أما ترون أتسيرون إلى أهل الشام أم ترجعون إلى هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم.

فقالوا: لا، بل نرجع إليهم، فذكر أمرهم فحدث عنهم ما قال فيهم رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، إن فرقة تخرج عند اختلاف الناس تقتلهم أقرب الطائفتين بالحق، علامتهم رجل فيهم يده كندى المرأة، فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديداً، فجعلت خيل على لا تقوم لهم؛ فقام على فقال:

أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون لى فوالله ما عندى ما أجزيكم به و إن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكن هذا قتالكم، فحمل الناس حملة واحدة

ص: 42

فانجلت الخيل عنهم و هم مكبون على وجوههم فقال على اطلبو الرجل فيهم، قال: فطلب الناس فلم يجدوه حتى قال بعضهم: غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم.

فدمعت عين على (علیه السلام) قال: فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى و هدة فيها قتلى بعضهم على بعض فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم، فأخبروه فقال على: الله اكبر و فرح الناس و رجعوا، و قال على: لا أغزو العام، و رجع إلى الكوفة و قتل، و استخلف حسن فساروا بسيرة أبيه ثم بالبيعة إلى معاوية.

96- عنه أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن على (علیه السلام) قال: لما كان يوم النهروان لقى الخوارج فلم يبرحوا حتى شجروا بالرماح فقتلوا جميعاً، فقال على اطلبوا ذا الثدية فطلبوه فلم يجدوه فقال على ما كذبت و لا كذبت اطلبوه فطلبوه فوجدوه فى وهدة من الأرض عليه ناس من القتلى، فاذا رجل على يده مثل سبلات السنور قال فكبر على و الناس، و اعجب الناس و أعجب على (علیه السلام).

97- عنه عن وكيع قال حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبدالله ابن الحارث عن رجل من بنى نضر بن معاوية قال: كنا عند على فذكروا أهل النهر فسبهم رجل فقال على: لا تسبوهم، و لكن إن خرجوا على إمام عادل فقاتلوهم وإن خرجو على إمام جائر فلا تقاتلوهم، فان لهم بذلك مقالا.

98- عنه عن يونس بن محمد قال حدثنا حماد بن سلمه عن الأزرق ابن قيس عن شريك بن شهاب الحارثى قال: جعلت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يحدثني عن الخوارج، فلقيت أبا برزة الأسلمي في

ص: 43

نفر من أصحابه في يوم عرقة، فقلت: حدثني بشيء سمعته من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقوله فى الخوارج.

فقال أحدثكم بما سمعت أذناى ورأت عيناي أتى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بدنانير فجعل يقسمها و عنده رجل أسود مطموم الشعر، عليه ثوبان أبيضان، بين عينيه أثر السجود، و كان يتعرض لرسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فلم يعطه، فأتاه فعرض له من قبل وجهه فلم يعطه شيئاً، فأتاه من قبل يمينه فلم يعطه شيئا.

ثم أتاه من قبل شماله فلم يعطه شيئا، ثم أنا من خلفه فلم يعطه شيئا. فقال: يا محمد ما عدلت منذ اليوم في القسمة فغضب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) غضباً شديدا، ثم قال: والله لا تجدون أحداً أعدل عليكم منى ثلاث مرات.

ثم قال: يخرج عليكم رجال من قبل المشرق كأن هذا منهم، هديهم هكذا، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم.

يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يعودون إليه و وضع يده على صدره سيماهم التخلق لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال، فاذا رأيتموهم فاقتلوهم- ثلاثا، هم شر الخلق والخليقة- يقولها ثلاثا.

99- عنه عن زيد بن حباب قال حدثني قرة بن خالد السدوسي قال حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): يجئى قوم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية على فوقه.

100- عنه عن أبى الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم): ليقرآن القرآن ناس من أمتى يمرقون من

ص: 44

الاسلام كما يمرق السهم من الرمية.

101- عنه عن زيد بن حباب قال أخبرنى موسى بن عبيدة قال أخبرنى عبدالله بن دينار عن أبي سلمة و عطاء بن يسار قالا جئنا أبا سعيد الخدري فقلنا: سمعنا من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فى الحرورية شيئاً، فقال: ما أدرى ما الحرورية، و لكن سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: يأتى من بعدكم أقوام تحتقرون صلاتكم مع صلاتهم و صيامكم مع صيامهم و عبادتكم مع عبادتهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

102- عنه عن يحيى بن أبى بكير قال حدثنا ابن عيينة قال حدثنا العلاء ابن أبي العباس قال: سمعت أبا الطفيل يخبر عن بكر بن فوارس عن سعد ابن مالك قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و ذكر ذا الثدية الذي كان مع الله أصحاب النهر- فقال: شيطان الردهة يجتدره رجل من بجيلة.

يقال له الأشهب- أو ابن الأشهب- علامة سوء في قوم ظلمة، فقال عمار الدهنى حين كذب به جاء رجل من بجيلة، قال وأراه:قال من دهن، يقال له الأشهب أو ابن الأشهب.

103- عنه محمد بن بشر قال حدثنا عبيد الله بن الوليد عن عبيد بن الحسن قال قالت الخوارج لعمر بن عبدالعزيز: تريد ان تسير فينا بسيرة عمر بن الخطاب؟ فقال: ما لهم قاتلهم الله و والله ما زدت أن أتخذ رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) اماما.

104- عنه عن ابن علية عن التيمي عن أبى يجلز قال بينما عبد الله خباب في يد الخوارج إذ أتوا على نخل، فتناول رجل منهم تمرة فاقبل عليه أصحابه فقالوا له: أخذت تمرة من تمر أهل العهد و أتوا على خنزير فنفخه

ص: 45

رجل منهم بالسيف فأقبل عليه أصحابه فقالوا له قتلت خنزيراً من خنازير أهل العهد، قال:

فقال عبد الله ألا أخبركم من هو أعظم عليكم حقا من هذا؟ قالوا: من؟ قال: أنا ما تركت صلاة و لا تركت كذا و لا تركت كذا قال: فقتلوه

قال: فلما جاءهم على قال: أقيدونا بعبد الله بن خباب قالوا: كيف نقيدك به وكلنا قد شرك فى دمه فاستحل قتالهم.

105- عنه عن إسحاق بن منصور عن عبدالله بن عمرو بن مرة عن أبيه عن عبدالله بن سلمه قال: و قد كان شهد مع على الجمل و صفين و قال ما يسرنى كل ما على وجه الأرض.

106- عنه عن غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد، قال: سألت أبي عن هذه الآية: «قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْاَخْسَرينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَوةِ الدُّنْيا»، أهم الحرورية؟ قال: لا، هم أهل الكتاب اليهود و النصارى، أما اليهود فكذبوا بمحمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

و أما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا ليس فيها طعام و لا شراب، و لكن الحرورية «الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِةٍ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ». وكان سعد يسميهم الفاسقين.

107- عنه عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت مصعب بن سعد قال: سئل أبى عن الخوارج، قال: هم قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم.

108- عنه عن عبيد الله قال أخبرنا نعيم بن حكيم قال حدثني أبو مريم أن شبث بن ربعي و ابن الكواء خرجا من الكوفة إلى حرورا، فأمر على الناس أن يخرجوا بسلاحهم فخرجوا إلى المسجد حتى امتلاء المسجد،

ص: 46

فأرسل على بئس ما صنعتم حين تدخلون المسجد بسلاحكم، اذهبوا إلى جبانة مراد حتى يأتيكم أمرى، قال: قال أبو مريم.

فانطلقنا إلى جبانة مراد فكنا بها ساعة من نهار، ثم بلغنا أن القوم قد رجعوا و أنهم زاحفون قال: فقلت: أنطلق أنا فأنظر اليهم، قال: فانطلقت فجعلت أتخلل صفوفهم حتى انتهيت إلى شبث بن ربعی و ابن الكواء و هما واقفان متوركان على دابتيهما و عندهم رسل على يناشدونهما الله لما رجعوا و هم يقولون لهم: نعيذكم بالله أن تعجلوا بفتنة العلم خشية عام قابل.

فقام رجل منهم الى بعض رسل على فعقر دابته، فنزل الرجل و هو يسترجع، فحمل سرجه فانطلق به و هما يقولان ما طلبنا إلا منابذتهم و هم يناشدونهم الله فمكثوا ساعة ثم انصرفوا إلى الكوفة كأنه يوم أضحى أو يوم فطر، و كان على يحدثنا قبل ذلك أن قوما.

يخرجون من الاسلام يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية علامتهم رجل مخدج اليد قال: فسمعت ذلك منه مرارا كثيرة، قال: و سمعه نافع المخدج أيضا، حتى رأيته يتكره طعامه من كثرة ما سمعه منه، قال: و كان نافع معنا في المسجد يصلى فيه بالنهار و يبيت فيه بالليل، و قد كسوته برنسا فلقيته من الغد فسألته: هل كان خرج مع الغد فسألته هل كان خرج معنا الناس الذين خرجوا إلى حروراء؟ قال:

خرجت أريدهم حتى إذا بلغت إلى بني فلان لقبنى صبيان فنزعوا سلاحی، فرجعت حتى إذا كان الحول أو نحوه خرج أهل النهروان و سار على إليهم، فلم أخرج معه قال و خرج معه، قال: و خرج أخى أبو عبدالله و مولاه مع على، قال فأخبرني أبو عبد الله أن علياً سار إليهم حتى اذا كان حذاءهم على شاطئ النهروان أرسل إليهم يناشدهم الله و يأمرهم أن يرجعوا.

ص: 47

فلم تزل رسله تختلف إليهم حتى قتلوا رسوله، فلما رأى ذلك نهض إليهم فقاتلهم حتى فرغ منهم كلهم، ثم أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج فالتمسوه فقال بعضهم ما نجده حيا و قال بعضهم: ما هو فيهم، ثم إنه جاء رجل فبشره

فقال: يا أمير المؤمنين قد والله وجدنا تحت قتيلين في ساقية، فقال: اقطعوا يده المخدجة و أتونى بها، فلما أتى بها أخذنا بيده ثم رفعها ثم قال: والله ما كذبت و لا كذبت.

109- عنه عن شريك عن محمد بن قيس عن أبي موسى أن علياً لما أتى بالمخدج سجد.

110- عنه عن وكيع قال حدثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن حصين و كان صاحب شرطة على قال: قال على قاتلهم الله، أى حديث شابوا يعني الخوارج الذين قتلوا.

111- عنه عن ابن نيمر عن الأجلح عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمر قال بينا أنا فى الجمعة و على بن أبى طالب على المنبر إذ جاء رجل فقال: لا حكم إلا لله ثم قال آخر فقال: لا حكم إلا لله، ثم قاموا من نواحى المسجد يحكمون الله فأشار عليهم بيده أجلسوا نعم.

لا حكم إلا لله، كلمة حق يبتغى بها باطل، حكم الله ينتظر فيكم الآن لكم عندى ثلاث خلال ما كنتم معنا لن نمنعكم مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، و لا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلوا، ثم أخذ في خطبته.

112- عنه حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبدالعزيز عن عمر بن حسيل بن سعد بن حذيفة قال حدثنا حبيب أبو الحسن العبسى

ص: 48

عن أبى البختري قال: دخل رجل المسجد فقال: لا حكم الا لله، «إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذينَ لا يُوقِنُونَ» فما تدرون ما يقول هؤلاء؟ يقولون: لا أمارة، أيها الناس.

إنه لا يصلحكم إلا أمير بر أو فاجر، قالوا: هذا البر قد عرفناه، فما بال الفاجر؟ فقال: يعمل المؤمن و يملى الفاجر، و يبلغ الله الأجل، و نأمن سبلكم، تقوم أسواقكم، و يقسم فيئكم و يجاهد عدوكم و يؤخذ الضعيف من القوى أو قال من الشديد منكم.

113- عنه عن يحيى بن آدم قال حدثنا يزيد بن عبد العزيز قال حدثنا إسحاق بن راشد عن الزهري عن أبي سلمة بن عبدالرحمن و الضحاك بن قيس عن أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقسم مغنما يوم خيبر، فأتاه رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة فقال: يا رسول الله، أعدل.

فقال: ماك لقد خبت و خسرت إن لم أعدل، فقال عمر: دعني يا رسول الله أقتله؛ فقال: لا، إن لهذا أصحابا يخرجون عند اختلاف من الناس، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، تحقرون صلاتكم مع صلاتهم و صيامكم مع صيامهم، آيتهم رجل منهم كأن يده ثدى المرأة، و كأنها بضعة تدردر، قال فقال أبو سعيد فسمعت أذنى من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوم حنين و بصر عينى مع على حين قتلهم ثم استخرجه فنظرت إليه.

114- عنه أبو أسامة قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا مخالد بن سعيد عن عمير بن زوذى أبى كبير قال: خطبنا علي يوما، فقام الخوارج فقطعوا عليه كلامه قال: فنزل فدخل و دخلنا معه فقال: ألا انى إنما اكلت

ص: 49

يوم أكل الثور الأبيض، ثم قال: مثلى مثل ثلاثة أثوار و أسد اجتمعن في أجمة: أبيض و أحمر و أسود.

فكان إذا أراد شيئاً منهن اجتمعن فامتنعن منه فقال للاحمر و الأسود: إنه لا يفضحنا في أجمتنا هذه إلا مكان هذا الأبيض، فخليا بيني و بينه حتى آكله، ثم أخلو انا و أنتما في هذه الأجمة، فلونكما على لونى و لونى على لونكما قال ففعلا قال فوثب عليه فلم يلبثه أن قتله.

قال: فكان إذا أراد أحدهما اجتمعا، فامتنعامنه، و قال للاحمر: يا أحمر إنه لا يشهرنا فى أجمتنا هذه إلا مكان هذا الأسود، فخل بيني و بينه حتى آكله، ثم أخلو أنا و أنت فلونى على لونك و لونك على لونى، قال: فأمسك عنه فوثب عليه فلم يلبثه أن قتله، ثم لبث ما شاء الله ثم قال للاحمر.

يا أحمر إنى آكلك قال تأكلنى قال نعم، قال: أما لا فدعنى حتى أصوت ثلاثة أصوات ثم شأنك بي قال فقال: ألا إنى إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، قال: ثم قال على ألا وإنى إنما رهبت يوم قتل عثمان.

115- عنه عن ابن فضيل عن إسماعيل بن سميع عن الحكم قال: خمس على (علیه السلام) أهل النهر.

116- عنه حدثنا يزيد بن هارون عن الحجاج عن الحكم أن علياً قسم بين أصحابه رقيق أهل النهر و متاعهم كله.

117- عنه عن وكيع عن سفيان عن شبيب بن غرقدة عن رجل من بني تميم قال: سألت ابن عمر عن أموال الخوارج، قال: ليس فيها غنيمة و لا غلول.

118- عنه عن ابن إدريس عن أبيه عن جده قال: فزع المسجد حين أصيب أهل النهر.

ص: 50

119- عنه عن يزيد بن هارون قال أنا العوام بن حوشب قال: حدثنى من سمع أبا سعيد الخدري يقول في قتال الخوارج لهو أحب إلى من قتال الديلم.

120- عنه عن يزيد بن هارون قال أنا العوام بن حوشب عن الشيباني عن أسير بن عمر عن سهل بن حنيف عن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال: يتيه قوم من قبل المشرق محلقة رؤسهم.

121- عنه عن يحيى بن ادم قال ثنا حماد بن زيد عن ابن عون عن الحسن قال: لما صنع على الحكمين قال أهل الحروراء: ما تزيد أن تجامع لهؤلاء، فخرجوا فأتاهم أبليس فقال: أين كان هؤلاء القوم الذين فارقنا المسلمين؟ لبئس الرأى الرأى رأينا و لئن كانوا كفاراً ليبغى لنا أن نناديهم قال الحسن: فوثب عليهم أبو الحسن فجذهم جذا.

122- حدثنا شبابة عن الهذيل بن بلال قال: كنت عند محمد ابن سيرين فأتاه رجل فقال: إن عندى غلام لى أريد بيعة، قد أعطيت به ستمائة درهم، و قد أعطانى الخوارج ثمانمائة، أفأبيعة منهم؟ قال كنت بايعه من يهودى أو نصرانى؟ قال: لا، قال فلا تبعه منهم.

123- عنه عن يحيى بن آدم قال ثنا معضل بن مهلهل عن الشيباني عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال كنت عند على فسئل عن أهل النهر أهم مشركون؟ قال: من الشرك فروا، قيل: فمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا قيل له: فما هم؟ قال: قوم بغوا علينا.

124- عنه عن يحيى بن آدم قال ثنا معضل عن أبى إسحاق عن عرفجة عن أبيه قال لما جيء على بما فى عسكر أهل النهر قال من عرف شيئاً فليأخذه، قال: فأخذت إلا قدرة، قال: ثم رأيتها بعد قد أخذت والله

ص: 51

أعلم بالصواب، و إليه المرجع و المآب.

125- قال الزبير بن بكار حدثني علي بن صالح قال لما استوى الصفان بالنهروان، تقدم أمير المؤمنين على بن أبى طالب (علیه السلام) بين الصفين ثم قال: أمّا بعد: أيتها العصابة التي أخرجتها عادة المراء و الضلالة، و صدف بها عن الحق الهوى و الزيغ، انى نذير لكم أن تصبحوا غدا صرعى باكناف هذا النهر أو بملطاط من الغائط بلا بينة من ربكم و لا سلطان مبين ألم أنهكم عن هذه الحكومة و أخذ ركموها أعلمكم أن طالب القوم لمها دهن منهم و مكيدة.

فخالتم أمري و جانبتم الحزم فعصيتمونى حتى أقررت بأن حكمت و أخذت على الحكمين فاستوثقت و أمرنهما ان يحيا ما أحيا القرآن و يميتا ما أمات القرآن فخالفا أمري و عملاً بالهوى و نحن على الأمر الأول، فأين تذهبون، و أين يتاه بكم؟ فقال خطيبهم

امّا بعد: يا علي فانا حين حكمنا كان ذلك كفراً منا، فان تبت كما تنبا فنحن معك و منك و ان أبيت فنحن منابذوك على سواء، ان الله لا يحب الخائنين، فقال على:

أصابكم حاصب و لا بقى منك وابر، أبعد ايماني بالله، و جهادى في سبيل الله و هجرتى مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، أقر بالكفر؟ لقد ضللت اذا و ما أنا من المهتدين، و لكن منيت بمعشر أخفاء الهام، سفهاء الأحلام والله المستعان، ثم حمل عليهم فهزمهم.

126- قال الدينوري قالوا و لما بلغ أهل العراق ما كان من أمر الحكمين لقيت الخوارج بعضها بعضا و اتعدوا ان يجتمعوا عند عبد الله بن وهب الراسبي، فاجتمع عنده عظماؤهم و عبادهم، فكان أول من تكلم منهم

ص: 52

عبد الله بن وهب.

فحمد الله و أثنى عليه ثم قال معاشر إخواني ان متاع الدنيا قليل و ان فراقها وشيك، فاخرجوا بنا منكرين لهذه الحكومة، فانه لا حكم الا لله و ان الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون

ثم تكلم حمزه بن سيار فقال الرأي ما رايتم، و منهج الحق فيما قلتم فولوا أمركم رجلا منكم، فانه لا بد لكم من قائد و سائس و راية تحفون بها، و ترجعون إليها.

فعرضوا الأمر على يزيد بن الحصين و كان من عبادهم، فأبى ان يقبلها، ثم عرضوها على ابن أبى اوفى العبسي، فأبى ان يقبلها، ثم عرضوها على عبد الله ابن وهب الراسبي فقال هاتوها فو الله ما اقبلها رغبة في الدنيا، و لا فرارا من الموت، و لكن اقبلها لما أرجو فيها من عظيم الاجر ثم مد يده، فقاموا اليه فبايعوه، فقام فيهم خطيبا.

فحمد الله و اثنى عليه، و صلى على النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ثم قال: أما بعد، فان الله أخذ عهودنا و مواثيقنا على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و القول بالحق و الجهاد في سبيله ان الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد، و قال الله عز و جل

و من لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الفاسقون، و اشهد على ان أهل دعوتنا من أهل ديننا ان قد اتبعوا الهوى و نبذوا حكم الكتاب و جاروا في الحكم، و ان جهادهم لحق، فاقسم بمن تعنو له الوجوه و تخشع له الابصار، لو لم أجد على قتالهم مساعدا لقاتلتهم وحدي حتى القى ربى شهيدا.

فلما سمع ذلك عبد الله بن السخبر، و كان من اصحاب البرانس استعبر باكيا، ثم قال لحى الله أمراً لا يكون تشريح ما بين عظمه و لحمه و

ص: 53

عصبه ايسر عنده من سخط الله عليه في لحظة يسعى بها على مقته، فكيف و انما تريدون بذلك وجه الله يا اخوتى

تقربوا إلى الله ببغض من عصاه و أخرجوا اليهم، فاضربوا وجوههم بالسيوف حتى يطاع الله يثبكم ثواب المطيعين العاملين بمرضاته القائمين بحقوقه، فان تظفروا فالغنيمة و الفتح، و ان تغلبوا فأي شيء افضل من المصير إلى رضوان الله و جنته ثم افترقوا يومهم ذلك.

فلما كان من الغد اقبل عبد الله بن وهب الراسبي في نفر من اصحابه حتى دخل على شريح بن أبى اوفى العبسى و كان من عظمائهم، فحمد الله و اثنى عليه ثم قال: أما بعد فان هذين الحكمين قد حكما بغير ما انزل الله، و قد كفر إخواننا حين رضوا بهما، و حكموا الرجال في دينهم، و نحن على الشخوص من بين اظهرهم، و قد أصبحنا و الحمد لله و نحن على الحق من بين هذا الخلق.

فقال شريح انذر أصحابك و اعلمهم خروجك، ثم أخرج بنا على بركة الله حتى ناتى المدائن فننزلها، ونرسل إلى إخواننا الذين بالبصرة فيقدموا علينا، فتكون ايديهم مع أيدينا.

فقال يزيد بن حصين الطائي انكم ان خرجتم بجماعتكم طلبتم و لكن أخرجوا فرادى مستخفين فاما المدائن فان بها من يمنع منها، و لكن توعدوا ان توافوا جسر النهروان فتقيموا هناك، و تكتبوا إلى إخوانكم من أهل البصرة ان يوافوكم بها. قالوا: هذا الرأي. فاتفقوا على ذلك، و انذروا جميعا اصحابهم، فاستعدوا للخروج فرادى و كتبوا إلى من كان منهم بالبصرة

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله بن وهب، و يزيد بن الحصين، و

ص: 54

حرقوص بن زهير و شريح ابن أبى اوفى إلى من بلغه كتابنا بالبصرة من المؤمنين المسلمين، سلام عليكم، فانا نحمد الله إليكم الذى لا اله الا هو، الذى جعل أحب عباده إليه اعملهم بكتابه، و اقومهم بالحق في طاعته، و اشدهم اجتهادا في مرضاته و أن أهل دعوتنا حكموا الرجال في أمر الله فحكموا بغير ما في كتاب الله و لا في سنة نبي الله، فكفروا لذلك، و صدوا عن سواء السبيل، و قد نابذناهم على سواء، ان الله لا يحب الخائنين، اما بعد، فقد اجتمعنا بجسر النهروان فسيروا إلينا رحمكم الله لتاخذوا نصيبكم من الاجر و الثواب و تأمروا بالمعروف و تنهوا عن المنكر، و كتابنا هذا إليكم مع رجل من إخوانكم ذي أمانه و دين

فسلوه عما أحببتم و اكتبوا إلينا بما رايتم و السلام ثم وجهوا كتابهم مع عبد الله بن سعد العبسي، فسار حتى البصرة، و اوصل الكتاب اصحابه، فاجتمعوا فقرؤوه، ثم كتبوا اليهم بوشك موافاتهم.

ثم ان القوم خرجوا من الكوفة عباديد، الرجل و الرجلين و الثلاثة، و خرج يزيد بن الحصين على بغلة يقود فرسا، و هو يتلو هذه الآية: «فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَ لَما تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ».

و سار حتى انتهى إلى السيب فاجتمع إليه جمع كثير من اصحابه و فيهم زيد بن عدی بن حاتم، فخرج عدى في طلب ابنه حتى انتهى الى المدائن، فلم يلحقه، فاتى سعد بن مسعود الثقفى و كان سعد عامل على على المدائن، فاخذ حذره، و تحاماه القوم.

و خرج عبد الله بن وهب الراسبي في جوف الليل، و التام إليه جميع اصحابه، فصاروا جمعا كبيرا منهم فأخذوا على الأنبار، و تبطنوا شط

ص: 55

الفرات حتى عبروا من قبل دير العاقول فاستقبله عدی بن حاتم و هو منصرف إلى الكوفة، فاراد عبد الله اخذه فمنعه منه عمرو بن مالك النبهاني و بشير بن يزيد البولانى و كانا من رؤساء الخوارج،

فاستخلف سعد بن مسعود على المدائن ابن أخيه المختار ابن أبي عبيد، و خرج في طلب عبد الله بن وهب و اصحابه، فلقيهم بكرخ بغداد مغيب الشمس، و سعد في خمس مائة فارس، و الخوارج ثلاثون رجلا، فتناوشوا ساعة فقال اصحاب سعد لسعد

ايها الأمير ما تريد إلى قتال هؤلاء، و لم يأتك فيهم أمر؟ خل سبيلهم، و اكتب إلى أمير المؤمنين تعلمه أمرهم، فمضی و ترکهم و سار عبد بن وهب، فمر ببغداد و أخذ دهاقينها بالمعابر، و ذلك قبل ان تبنى بغداد فأتاه الدهقان بها، فعبر إلى ارض جوخى ثم مضى من هناك حتى انضم إلى اصحابه و هم بنهروان و وافاهم من كان على رأيهم من أهل البصرة، و كانوا خمسمائة رجل.

و كان على البصرة يومئذ عبد الله بن العباس، فلما بلغه خروجهم وجه في طلبهم أبا الأسود الديلى في الف فارس، فلحقهم بجسر تستر، و حال بينهم الليل، ففاتوه و كانوا في جميع مسيرهم لا يلقون أحدا إلا قالوا له ما تقول في الحكمين؟ فان تبرا منهما تركوه و أن أبي قتلوه ثم أقبلوا حتى انتهوا إلى دجلة فعبروها من ناحيه صريفين حتى وافوا نهروان.

127- عنه قال: فكتب اليهم على (علیه السلام): بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله على أمير المؤمنين إلى عبد الله بن وهب الراسبي و يزيد بن الحصين و من قبلها، سلام عليكم، فان الرجلين اللذين ارتضيناهما للحكومة خالفا كتاب الله و اتبعا هواهما بغير هدى من الله

ص: 56

فلما لم يعملا بالسنة و لم يحكما بالقرآن تبرأنا من حكمها، و نحن على امرنا الاول، فاقبلوا إلى رحمكم الله فانا سائرون إلى عدونا و عدوكم لنعود لمحاربتهم حتى يحكم الله بيننا و بينهم، و هو خير الحاكمين.

فلما وصل اليهم كتابه كتبوا اليه أما بعد، فإنك لم تغضب لربك، و لكن غضبت لنفسك، فان شهدت على نفسك انك كفرت فيما كان من تحكيمك الحكمين و استانفت التوبة و الايمان نظرنا فيما سالتنا من الرجوع إليك، و ان تكن الاخرى فاننا ننابذك على سواء، ان الله لا يهدى كيد الخائنين.

فلما قرأ على كتابهم يئس منهم و راى ان يدعهم على حالهم و يسير إلى الشام، ليعاود معاوية الحرب، فسار بالناس حتى عسكر بالنخيلة و قال لأصحابه: تأهبوا للمسير إلى أهل الشام فانى كاتب إلى جميع إخوانكم ليقدموا عليكم، فإذا وافوا شخصنا ان شاء الله.

ثم كتب كتابه إلى جميع عماله ان يخلفوا خلفاءهم على اعمالهم، و يقدموا عليه، و كتب إلى عبد الله بن عباس، و كان على البصرة أما بعد فانا قد عسكرنا بالنخيلة، و قد أزمعنا على المسير إلى عدونا إلى أهل الشام فاشخص إلى فيمن قبلك حين يأتيك كتابي و السلام.

فقدم عليه عبد الله بن عباس في فرسان البصرة، و كانوا زهاء سبعه آلاف رجل فلما تهيأ للمسير أتاه عن الخوارج اخبار فظيعة، من قتلهم عبد الله بن خباب و إمرأته.

و ذلك انهم لقوهما، فقالوا لهما: أرضيتها بالحكمين؟ قالا: نعم. فقتلوهما، قتلوا أم سنان الصيداوية، و اعتراضهم الناس يقتلونهم. فلما بلغه ذلك بعث اليهم الحارث بن مرة الفقعسى ليأتيه بخبرهم، فاخذوه، فقتلوه.

فلما بلغ الناس ذلك اجتمعوا إلى على فقالوا: يا أمير المؤمنين أتدع

ص: 57

هؤلاء على ضلالتهم و تسير، فيفسدوا في الارض و يعترضوا الناس بالسيف؟ سر اليهم بالناس و ادعهم إلى الرجوع إلى الطاعة و الجماعة، فان تابوا و قبلوا فان الله يحب التوابين و ان أبوا فاذنهم بالحرب، فإذا ارحت الامة منهم سرت إلى الشام.

فنادى في الناس بالرحيل و سار حتى ورد عليهم، نهروان فعسكر على فرسخ منهم و ارسل اليهم قيس بن سعد بن عبادة و أبا أيوب الأنصاري فاتياهم، فقالا: عباد الله انكم قد ارتكبتم أمرا عظيما باستعراضكم الناس تقتلونهم، و شهادتكم علينا بالشرك، و الشرك ظلم عظيم.

فأجابهما عبد الله السخبر فقال: إليكما عنا، فان الحق قد أضاء لنا كالصبح، و لسنا بمتابعيكم و لا راجعين إليكم، أو تأتوا بمثل عمر بن الخطاب. فقال قيس بن سعد ما نعرفه فينا الا على بن أبي طالب فهل تعرفونه فيكم؟ قالا: لا. قال: فأنشدكم الله في انفسكم ان تهلكوها، فاني ارى الفتنة قد دخلت قلوبكم.

ثم تكلم أبو أيوب بنحو هذا، فقالوا يا أبا أيوب، انا ان بايعناكم اليوم حكمتم غدا آخر. قال: فانا ننشدكم الله ان تعجلوا فتنة العام مخافة ما ناتى به في قابل قالوا: إليكما عنا فقد نابذناكم على سواء.

فانصرفا إلى على (علیه السلام)، فأخبراه حتى وقف عليهم بحيث يسمعون كلامه، فنادى: أيتها العصابة التي أخرجتها اللجاجة، و صدها عن الحق الهوى، فأصبحت في لبس و خطا، انى نذير لكم ان تتمادوا في ضلالتكم فتلفوا مصرعين من غير بينه من ربكم و لا برهان ألم تعلموا انى شرطت على الحكمين ان يحكما بما في كتاب الله؟ و أخبرتكم ان طلب القوم الحكومة

ص: 58

مكيدة

فلما ابيتم الا الحكومة شرطت عليهم ان يحييا ما أحيا القرآن و يميتا ما أمات القرآن فخالفا الكتاب و السنة و عملا بالهوى فنبذنا أمرهما و نحن على أمرنا الاول فأين يتاه بكم، و من این اتيتم؟

فقالوا: انا كفرنا حين رضينا بالحكمين، و قد تبنا إلى الله من ذلك، فان تبت كما تبنا فنحن معك، و الا فائذن بحرب، فانا منابذوك على سواء.

فقال لهم على: اشهد على نفسي بالكفر...؟ لقد ضللت اذن و ما انا من المهتدين. ثم قال ليخرج إلى رجل منكم ترضون به حتى اقول و يقول فان وجبت على الحجة اقررت لكم و تبت إلى الله و ان وجبت عليكم فاتقوا الذى مردكم اليه.

فقالوا لعبد الله بن الكواء، و كان من كبرائهم: أخرج إليه حتى تحاجه فخرج اليه فقال على هل رضيتم؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، فكفى بك شهيدا.

فقال على (علیه السلام): يا ابن الكواء، ما الذى نقمتم على بعد رضاكم بولايتي و جهادكم معى و طاعتكم لي؟ فهلا برئتم منى يوم الجمل؟ قال ابن الكواء: لم يكن هناك تحكيم. فقال على (علیه السلام): يا ابن الكواء، انا اهدى أم رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)؟ قال ابن الكواء: بل رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم).

قال: فما سمعت قول الله عز و جل: فقل تعالوا ندع أبناءنا و ابناءكم، و نساءنا و نساءكم، و أنفسنا و انفسكم. كان الله يشك انهم هم الكاذبون؟ قال: ان ذلك احتجاج عليهم و أنت شككت في نفسك حين رضيت بالحكمين، فنحن أحرى ان نشك فيك.

قال: و ان الله تعالى يقول: «فَأْتُوا بِكِتَابِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُما

ص: 59

اتَّبِعْهُ ». قال ابن الكواء: ذلك أيضا احتجاج منه عليهم.

فلم يزل على (علیه السلام) يحاج ابن الكواء بهذا و شبهه، فقال ابن الكواء أنت صادق في جميع ما تقول، غير انك كفرت حين حكمت الحكمين.

قال على: ويحك يا ابن الكواء، انى انما حكمت أبا موسى وحده و حكم معاوية عمرا. قال ابن الكواء: فان أبا موسى كان كافرا.

فقال على ويحك متى كفر، أحين بعثته أم حين حكم؟ قال: لا، بل حين حكم.

قال: أفلا ترى انى انما بعثته مسلما، فكفر في قولك بعد ان بعثته؟

ا رايت لو ان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بعث رجلا من المسلمين إلى اناس من الكافرين، ليدعوهم إلى الله، فدعاهم إلى غيره هل كان على رسول الله من ذلك شيء؟ قال: لا.

قال: ويحك، فما كان على ان ضل أبو موسى؟ أفيحل لكم بضلالة أبي موسى ان تضعوا سيوفكم على عواتقكم فتعترضوا بها الناس؟

فلما سمع عظماء الخوارج ذلك قالوا لابن الكواء انصرف و دع مخاطبة الرجل. فانصرف إلى اصحابه و أبى القوم الا التمادي في الغى.

و أمر على بالنداء في الناس ان يأخذوا اهبة الحرب، ثم عبى جنوده فولى الميمنة حجر بن عدى و ولى الميسرة شبث بن ربعي، و ولى الخيل أبا أيوب الأنصارى، و ولى الرجالة أبا قتادة.

و استعد الخوارج فجعلوا على ميمنتهم يزيد بن حصين، و على ميسرتهم شريح ابن أبى اوفى العبسى و كان من نساكهم و على الرجالة حرقوص بن زهير و على الخيل كلها عبد الله بن وهب.

و رفع على راية و ضم إليها الفى رجل، و نادى من التجأ إلى هذه

ص: 60

الراية فهو آمن.

ثم تواقف الفريقان، فقال فروه بن نوفل الاشجعي و كان من رؤساء الخوارج لأصحابه يا قوم و الله ما ندري علام نقاتل عليا و ليست لنا في قتله حجة و لا بيان يا قوم انصرفوا بنا حتى تنفذ لنا البصيرة في قتاله او اتباعه.

فترك اصحابه في مواقفهم و مضى في خمسمائة رجل حتى اتى البندنيجين، و خرجت طائفة أخرى حتى لحقوا بالكوفة، و استامن الراية منهم الف رجل، فلم يبق مع عبد الله بن وهب الا اقل من اربعة آلاف رجل.

فقال على لأصحابه: لا تبدءوهم بالقتال حتى يبدءوكم، فتنادت الخوارج لا حكم الا لله و ان كره المشركون ثم شدوا على اصحاب على شده رجل واحد فلم تثبت خيل على لشدتهم و افترقت الخوارج فرقتين فرقه أخذت نحو الميمنة، و فرقه أخرى نحو الميسرة.

و عطف عليهم اصحاب علی و حمل قيس بن معاوية البرجمى من اصحاب على على شريح بن أبي أوفى فضربه بالسيف على ساقه فأبانها، فجعل يقاتل برجل واحدة و هو يقول: الفحل يحمى شوله معقولا، فحمل عليه قيس ابن سعد فقتله، و قتلت الخوارج كلها ربضة واحدة. قال: و أمر على بمن كان منهم ذا رمق ان يدفعوا إلى عشائرهم، و أمر بأخذ ما كان في معسكرهم من سلاح و دواب، فقسمه في اصحابه، و أمر بما سوى ذلك، فدفع إلى وراثهم.

فلما اراد على الانصراف من النهروان قام في اصحابه فقال ايها الناس، ان الله قد نصركم على المارقين فتوجهوا من فوركم هذا القاسطين

ص: 61

یعنی أهل الشام، فقام إليه رجال من اصحابه، فيهم الاشعث بن قيس، فقالوا: يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا و كلت سيوفنا و نصلت اسنة رماحنا فارجع بنا إلى مصرنا لنستعد باحسن عدتنا.

فرحل بالناس حتى نزل النخيلة فعسكر بها، فأقاموا أياما، فجعلوا يتسللون إلى الكوفة، فلم يبق معه في المعسكر الا زهاء الف رجل من الوجوه.

فلما راى ذلك دخل الكوفة، فأقام بها، و سار فروة بن نوفل بمن كان معه إلى حلوان فجعل يجبى خراجها و يقسمه في اصحابه.

128- عنه قالوا و لما راى على (علیه السلام) تثاقل اصحابه أهل الكوفة عن المسير معه الى قتال أهل الشام و انتهى إليه ورود خيل معاوية الأنبار، و قتلهم مسلحة على بها و الغارة عليها كتب كتابا و دفعه إلى رجل و أمره ان يقرأه على الناس يوم الجمعة إذا فرغوا من الصلاة، وكانت نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله على أمير المؤمنين إلى شيعته من أهل الكوفة، سلام عليكم، أما بعد فان الجهاد باب من أبواب الجنة من تركه البسه الله الذلة و شمله بالصغار، و سيم الخسف و سيل الضيم و انى قد دعوتكم إلى جهاد هؤلاء القوم ليلا و نهارا و سرا و جهارا و قلت لكم اغزوهم قبل ان يغزوكم

فما غزى قوم في عقر دارهم الا ذلوا و اجترأ عليهم عدوهم هذا أخو عن بني عامر قد ورد الأنبار، و قتل ابن حسان البكرى، و أزال مسالحكم مواضعها و قتل منكم رجالا صالحين، و قد بلغنى انهم كانوا يدخلون بيت المرأة المسلمة و الاخرى المعاهدة فينزع حجلها من رجلها، و قلائدها من عنقها، و قد انصرفوا، موفورين ما كلم رجل منهم كلما، فلو ان أحدا مات

ص: 62

من هذا أسفا ما كان عندي ملوما، بل كان جديرا،

يا عجبا من أمر يميت القلوب و يجتلب الهم و يسعر الأحزان من اجتماع القوم على باطلهم، و تفرقكم عن حقكم، فبعدا لكم و سحقا، قد صرتم غرضا، ترمون و لا ترمون و يغار عليكم و لا تغيرون و يعصى فترضون إذا قلت لكم سيروا في الشتاء قلتم كيف نغزو في هذا القر و الصر و ان قلت لكم سيروا في الصيف.

قلتم حتى ينصرم عنا حمارة، القيظ و كل هذا فرار من الموت، فإذا كنتم من الحر و القر تفرون فأنتم و الله من السيف افر، و الذي نفسي بيده، ما من ذلك تهربون و لكن من السيف تحيدون یا اشباه الرجال و لا رجال، و يا أحلام الأطفال و عقول ربات الحجال،

اما و الله لوددت ان الله أخرجني من بين أظهركم و قبضنى إلى رحمته من بينكم و وددت ان لم أركم و لم اعرفكم، فقد و الله ملأتم صدري غيظا، و جرعتموني الأمرين أنفاسا و افسدتم على رأيي بالعصيان و الخذلان حتى قالت قريش:

ان ابن أبى طالب رجل شجاع و لكن لا علم له بالحرب الله ابوهم هل كان فيهم رجل أشد لها مراسا و اطول مقاساه مني؟ و لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين وها انا ذا اليوم قد جنفت الستين. لا، و لكن لا راى لمن لا يطاع.

فقام إليه الناس من كل ناحية، فقالوا سر بنا، فو الله لا يتخلف عنك الا ظنين. فامر الحارث الهمداني بالنداء فى الناس ان يصبحوا غدا الرحبة، ولا يأتينا الا صادق النية.

فلما اصبح صلى الغداة و أقبل إلى الرحبة، فلم ير فيها الا نحو من

ص: 63

ثلاثمائة رجل، فقال: لو كانوا ألوفا لكان لي فيهم راى فمكث بعد ذلك يومين باد حزنه شدید كآبته.

فقام إليه حجر بن عدى و سعيد بن قيس الهمداني فقالا اجبر الناس على المسير و ناد فيهم، فمن تخلف فمر بمعاقبته. فامر مناديا، فنادى في الناس لا يتخلفن احد، و أمر معقل بن قيس ان يسير في الرساتيق فلا يدع أحدا من جنوده فيها الا حشره فلم ينصرف معقل بن قيس الا بعد ما قتل على (علیه السلام).

129- قال ابن قتيبة ذكروا أنه لما كان من الحكمين ما كان، لقيت الخوارج بعضها بعضا، فاجتمعوا في منزل عبد الله بن وهب الراسبي، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس ما ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن، و ينيبون إلى حكم القرآن أن تكون هذه الدنيا آثر عندهم من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و القول بالحق، و إن ضرّ و مرّ.

فإنه إن يضر و يمر في هذه الدنيا، فإن ثوابه يوم القيامة رضوان الله و خلود الجنة، فاخرجوا بنا من هذه القرية الظالم أهلها، إلى بعض هذه المدائن، منكرين لهذه البدعة المضلة، و الأحكام الجائرة.

فقال حرقوص بن زهير إن المتاع بهذه الدنيا قليل، و إن الفراق لها وشيك، فلا تدعوكم زينتها و بهجتها إلى المقام بها، ولا تلونكم عن طلب الحق، و إنكار الظلم، «فإِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُون»، يا قوم إن الرأي ما قد رأيتم، و الحق ما ذكرتم، فولوا أمركم رجلا منكم، فإنه لا بد لكم من عماد و سناد و من راية تحفّون حولها، و ترجعون إليها.

ثم اجتمعوا في منزل زفر بن حصين الطائي، فقالوا: إن الله أخذ عهودنا و مواثيقنا على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و القول بالحق

ص: 64

و الجهاد في تقويم السبيل، و قد قال عز و جل لنبيه عليه الصلاة و السلام:

«يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ، فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ، وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ الله لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ» و قال:

«وَ من لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون».

فاشهدوا على أهل دعوتنا أن قد اتبعوا الهوى، و نبذوا حكم القرآن، و جاروا في الحكم و العمل، و أن جهادهم على المؤمنين، فرض و أقسم بالذي تعنو له الوجوه، و تخشع دونه الأبصار، لو لم يكن أحد على تغيير المنكر و قتال القاسطين مساعدا لقاتلتهم وحدي فردا

حتى ألقی الله ربي، فيرى أني قد غيرت إرادة رضوانه بلساني، يا إخواننا اضربوا جباههم و وجوههم بالسيف حتى يطاع الرحمن عز و جل، فإن يطع الله كما أردتم أثابكم ثواب المطيعين له الأمرين بأمره، و إن قتلتم فأي شيء أعظم من المسير إلى رضوان الله و جنته و اعلموا أن هؤلاء القوم خرجوا لإقصاء حكم الضلالة،

فاخرجوا بنا إلى بلد نتعد فيه الاجتماع من مكاننا هذا، فإنكم قد أصبحتم بنعمة ربكم و أنتم أهل الحق بين الخلق، إذ قلتم بالحق، و صمتم لقول الصدق فاخرجوا بنا إلى المدائن نسكنها فنأخذ بأبواها، و نخرج منها سكانها و نبعث إلى إخواننا من أهل البصرة، فيقدمون علينا.

فقال زيد بن حصين الطائي: إن المدائن بها قوم يمنعونكم منها، و يمنعونها منكم و لكن اكتبوا إلى إخوانكم من أهل البصرة، فأعلموهم بخروجكم، و سيروا أنتم على المدائن فانزلوا بجسر النهروان قالوا: هذا هو الرأي فاجتمعوا على ذلك، و كتبوا إلى إخوانهم من أهل البصرة أما بعد

ص: 65

فإن أهل دعوتنا حكموا الرجال في أمر الله، و رضوا بحكم القاسطين على عباده، فخالفناهم و نابذناهم نريد بذلك الوسيلة إلى الله، و قد قعدنا بجسر النهروان و أحببنا إعلامكم لتأخذوا بنصيبكم من الأجر، و السلام.

الجواب

فكتبوا إليهم أما بعد فقد بلغنا كتابكم، و فهمنا ما ذكرتم و قد وهبنا لكم الرأي الذي جمعكم الله عليه من الطاعة، وإخلاص الحكم الله، و أعمالكم أنفسكم فيما يجمع الله به كلمتكم، و قد أجمعنا على المسير إليكم عاجلا.

و كان بدء خروجهم أنهم اجتمعوا في منزل حرقوص بن زهير ليلة الخميس، فقالوا: متى أنتم خارجون؟ قالوا: الليلة القابلة من يوم الجمعة، فقال لهم حرقوص: بل أقيموا ليلة الجمعة تتعبدوا لربكم و أوصوا فيها بوصاياكم، ثم أخرجوا ليلة السبت مثنى و وحدانا لا يشعر بكم.

130- عنه قالوا: فلما خرج جميع الخوارج، و توافروا إلى النهروان قام علي بالكوفة على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

أما بعد، فإن معصية العالم الناصح تورث الحسرة، و تعقب الندامة، و قد كنت أمرتكم في هذين الرجلين و في هذه الحكومة بأمري، فأبيتم إلا ما أردتم، فأحييا ما أمات القرآن و أماتا ما أحيا القرآن و اتبع كل واحد منهما هواه، يحكم بغير حجة، و لا سنة ظاهرة، و اختلفا في أمرهما و حكمها،

فكلاهما لم يرشد الله فبرئ الله منهما و رسوله و صالحو المؤمنين فاستعدوا للجهاد، و تأهبوا للمسير، ثم أصبحوا في معسكركم يوم الاثنين بالنخيلة، و إنما حكمنا إنما حكمنا من حكمنا، ليحكما بالكتاب، فقد علمتم أنهما حكما بغير الكتاب، و بغير السنة و و الله لأغزونهم و لو لم يبق أحد غيري

ص: 66

لجاهدتهم، و أعطى الناس العطاء و هم بالجهاد.

131- عنه قالوا فأجمع رأي علي و الناس على المسير إلى معاوية بصفين، فتجهز معاوية و خرج حتى نزل بصفين، و أصبح علي قد تجهز و عسكر، فقيل له: يا أمير المؤمنين إنه قد افترقت منا فرقة فذهبت قال: فكتب إليهم علي: أما بعد فإن هذين الرجلين الخاطئين الحاكمين، اللذين ارتضيتم حكمين، قد خالفا كتاب الله و اتبعا هواهما بغير هدى من الله، فلم يعملا بالسنة، و لم ينفذا للقرآن حكما

فبرئ الله منهما و رسوله و صالحو المؤمنين، إذا بلغكم كتابنا هذا فأقبلوا إلينا، فإنا سائرون إلى عدونا و عدوكم، و نحن على الأمر الذي كنا عليه، و السلام قال فكتبوا إليه:

أما بعد فإنك لم تغضب الله، إنما غضبت لنفسك و الله لا يهدي كيد الخائنين. قال: فلما رأى عليّ كتابهم أيس منهم، و رأى أن يدعهم، و يمضي بالناس إلى معاوية و أهل الشام فيناجزهم فقام علي خطيبا، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن من ترك الجهاد و داهن في أمر الله كان على شفا هلكة، إلا أن يتداركه الله برحمته، فاتقوا الله عباد الله، قاتلوا من حاد الله، و حاول أن يطق نور الله، قاتلوا الخاطئين، القاتلين لأولياء الله، المحرفين لدين الله، الذين ليسوا بقراء الكتاب و لا فقهاء في الدين، و لا علماء بالتأويل و لا لهذا الأمر بأهل في دين، و لا سابقة في الإسلام

و و الله لو ولوا عليكم لعملوا فيكم بعمل كسری و قیصر. فسیروا و تأهبوا للقتال و قد بعثت لأخوانكم من أهل البصرة، ليقدموا عليكم فإذا قدموا و اجتمعتم شخصنا إن شاء الله.

132- عنه قالوا: و كان على قد كتب إلى ابن عباس و إلى أهل البصرة:

ص: 67

أما بعد فإنا أجمعنا على المسير إلى عدونا من أهل الشام فأشخص إلي من قبلك من الناس، و أقم حتى آتيك، و السلام.

فلما قدم كتاب عليّ على ابن عباس قرأه على الناس ثم أمرهم بالشخوص مع الأحنف بن قيس، فشخص معه منهم ألف و خمس مائة رجل، فاستقبلهم ابن عباس فقام خطيبا فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: يا أهل البصرة، قد جاءني كتاب أمير المؤمنين يأمرني بإشخاصكم، فأمرتكم بالمسير إليه مع الأحنف بن قيس، فلم يشخص إليه منكم إلا ألف و خمس مائة، و أنتم في الديوان ستون ألفا سوى أبنائكم و عبدانكم و مواليكم ألا فانفروا و لا يجعل أمرؤ على نفسه سبيلا، فإنّي موقع بكل من وجدته تخلف عن دعوته، عاصيا لإمامه، حزنا يعقب ندما، و قد أمرت أبا الأسود بحشدكم، فلا يلم أمرؤ جعل السبيل على نفسه إلا نفسه.

133- عنه قال: فحشد أبو الأسود الناس بالبصرة، فاجتمع عليه ألف و سبع مائة فأقبل هو و الأحنف بن قيس حتى وافيا عليا بالنخيلة، فلما رأى عليّ أنه إنما قدم عليه من أهل البصرة ثلاثة آلاف و مائتا رجل، جمع إليه رؤساء الناس و أمراء الأجناد و وجوه القبائل، فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال:

يا أهل الكوفة أنتم إخواني و أنصاري و أعواني على الحق، و مجيبي إلى جهاد المحلين بكم أضرب المدبر، و أرجو إتمام طاعة المقبل، و قد بعثت إلى أهل البصرة، فاستنفرتهم، فلم يأتني منهم غير ثلاثة آلاف و مائتين، فأعينوني بمناصحة سمحة، خلية من الغش.

و إني آمركم أن يكتب إلي رئيس كل قوم منكم ما في عشيرته من

ص: 68

المقاتلة، و أبنائهم الذين أدركوا القتال و العبدان و الموالي و ارفعوا ذلك إلي تنظر فيه إن شاء الله. فقام سعد ابن قيس الهمداني، فقال: يا أمير المؤمنين سمعا و طاعة، و ودا و نصيحة أنا أول الناس و أول من أجابك بما سألت و طلبت.

ثم قام عدي بن حاتم و حجر بن عدي و أشراف القبائل، فقالوا: نحن كذلك، ثم كتبوا و رفعوا إلى علي فكان جميع ما رفعوا إليه أربعين ألف مقاتل و سبعة عشر ألفا من الأبناء، و ثمانية آلاف من عبيدهم و مواليهم و كانت العرب يومئذ سبعة و خمسين ألفا من أهل الكوفة، و من مماليكهم و مواليهم ثمانية آلاف و من أهل البصرة ثلاثة آلاف و مائتا رجل.

فقام علي فيهم خطيبا فقال: أما بعد، فقد بلغني قولكم لو أن أمير المؤمنين سار بنا إلى هذه الخارجة التي خرجت علينا، فبدأنا بهم، إلا أن غير هذه الخارجة أهم على أمير المؤمنين سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا في الأرض جبارين ملوكا و يتخذهم المؤمنون أربابا، و يتخذون عباد الله،خولا و دعوا ذكر الخوارج قال:

فنادى الناس من كل جانب سر بنا يا أمير المؤمنين حيث أحببت فنحن حزبك و أنصارك، نعادي من عاداك، و نشايع من أناب إليك و إلى طاعتك، فسر بنا إلى عدوك كائنا من كان فإنك لن تؤتى من قلة و لا ضعف، فإن قلوب شيعتك كقلب رجل واحد في الاجتماع على نصرتك، و الجد في جهاد عدوك،

فأبشر يا أمير المؤمنين بالنصر و اشخص إلى أى الفريقين أحببت فإنا شيعتك التي ترجو في طاعتك و جهاد من خالفك صالح الثواب من الله تخاف من الله في خذلانك، و التخلف عنك شديد الوبال.

ص: 69

فبايعوه على التسليم و الرضا و شرط عليهم كتاب الله و سنة رسوله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فجاءه رجل من خثعم فقال له الإمام علي تبايع على كتاب الله و سنة نبيه؟ قال: لا، و لكن أبايعك على كتاب الله و سنة نبيه و سنة أبي بکر و عمر.

فقال علي: و ما يدخل سنة أبي بكر و عمر مع كتاب الله و سنة نبيه؟ إنما كانا عاملين بالحق حيث عملا، فأبى الخثعمي إلا سنة أبي بكر و عمر، و أبى عليّ أن يبايعه إلا على كتاب الله و سنة نبيه (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فقال له حيث ألح عليه تبايع؟ قال: لا، إلا على ما ذكرت لك، فقال له علي: أما و الله لكأنّي بك قد نفرت في هذه الفتنة، و كأني بحوافر خيلي قد شدخت وجهك،

فلحق بالخوارج، فقتل يوم النهروان قال قبيصة: فرأيته يوم النهروان قتيلا، قد وطأت الخيل وجهه و شدخت رأسه و مثلث به فذكرت قول على (علیه السلام) و قلت لله در أبي الحسن ما حرك شفتيه قط بشيء إلا كان كذلك.

فأجمع علي و الناس على المسير إلى صفين، و تجهز معاوية حتى نزل صفين، فلما خرج علي بالناس عبر الجسر، ثم مضى حتى نزل دير أبي موسى على شاطئ الفرات، ثم أخذ على الأنبار. و إن الخارجة التي خرجت على عليّ بينما هم يسيرون، فإذا هم برجل يسوق أمرأته على حمار له، فعبروا إليه الفرات، فقالوا له: من أنت؟ قال: أنا رجل مؤمن، قالوا: فما تقول في علي بن أبي طالب؟ قال: أقول:

إنه أمير المؤمنين و أول المسلمين إيمانا بالله و رسوله. قالوا: فما اسمك؟ قال: أنا الله عبد بن خباب بن الأرت، صاحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فقالوا له: أفزعناك؟ قال: نعم، قالوا: لا روع عليك، حدثنا عن أبيك بحديث سمعه من رسول الله، لعل الله أن ينفعنا به قال: نعم، حدثني عن رسول (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، أنه

ص: 70

قال ستكون فتنة بعدي يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يمسي مؤمنا، و يصبح كافرا فقالوا: لهذا الحديث سألناك و الله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحدا، فأخذوه و كتفوه، ثم أقبلوا به و بامرأته و هي حبلى متم، حتى نزلوا تحت نخل، فسقطت رطبة منها، فأخذها بعضهم فقذفها في فيه،

فقال له أحدهم بغير حل، أو بغير ثمن أكلتها، فألقاها من فيه، ثم اخترط بعضهم سيفه فضرب به خنزيرا لأهل الذمة، فقتله، قال له بعض أصحابه إن هذا من الفساد في الأرض، فلقي الرجل صاحب الخنزير فأرضاه من خنزيرة، فلما رأى منهم عبد الله بن خباب ذلك، قال: لئن كنتم صادقين فيما أرى ما علي منكم بأس

و و الله ما أحدثت حدثا في الإسلام و إني لمؤمن، و قد أمنتموني و قلتم لا روع عليك فجاءوا به و بامرأته فأضجعوه على شفير النهر، على ذلك الخنزير، فذبحوه فسال دمه في الماء، ثم أقبلوا إلى أمرأته، فقالت: إنما أنا أمرأة، أما تتقون الله؟ قال فبقروا بطنها، و قتلوا ثلاثة نسوة، فيهم أم سنان قد صحبت النبي عليه الصلاة و السلام فبلغ عليا خبرهم فبعث إليهم الحارث بن مرة، لينظر فيما بلغه من قتل عبد الله بن خباب و النسوة، و يكتب إليه بالأمر، فلما انتهى إليهم ليسائلهم خرجوا إليه فقتلوه فقال الناس يا أمير المؤمنين تدع هؤلاء القوم وراءنا يخلفوننا في عيالنا و أموالنا سر بنا إليهم، فإذا فرغنا منهم نهضنا إلى عدونا من أهل الشام.

134- عنه قال: فسار علي و من معه حتى نزلوا المدائن، ثم خرج حتى أتى النهروان فبعث إليهم: أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم نقتلهم بهم، ثم أنا أفارقكم، و أكف عنكم، حتى ألقى أهل الشام، فبعثوا إليه: إنا كلنا قتلناهم، و

ص: 71

كلنا مستحل لدمائكم و دمائهم. ثم أتاهم علي، فوقف عليهم، فقال: أيتها العصابة، إني نذير لكم أن تصبحوا تلعنكم الأمة غدا، و أنتم صرعى بإزاء هذا النهر، بغير برهان، و لا سنة

ألم تعلموا أني نهيتكم عن الحكومة و أخبرتكم أن طلب القوم لها مكيدة، و أنبأتكم أن القوم ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن، و إني أعرف بهم منكم، قد عرفتهم أطفالا، و عرفتهم رجالا، فهم شر رجال، و شر أطفال، و هم أهل المكر و الغدر، و إنكم إن فارقتموني و رأيي، جانبتم الخير و الحزم، فعصيتموني و أكرهتمونى، حتى حكمت

فلما أن فعلت شرطت و استوثقت و أخذت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن و أن يميتا ما أمات القرآن فاختلفا، و خالفا حكم الكتاب و السنة، و عملا بالهوى، فنبذا أمرهم و نحن على أمرنا الأول، فما نبؤكم و من أين أتيتم؟ قالوا له: إنا حيث حكمنا الرجلين أخطأنا بذلك، و كنا كافرين و قد تبنا من ذلك،

فإن شهدت على نفسك بالكفر، و تبت كما تبنا و أشهدنا، فنحن معك منك، و إلا فاعتزلنا، و إن أبيت فنحن منابذوك على سواء. فقال علي: أبعد إيماني بالله و هجرتي و جهادي مع رسول الله، أبوء و أشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذا و ما أنا من المهتدين و يحكم بم استحللتم قتالنا و الخروج من جماعتنا؟ أن اختار الناس رجلين،

فقالوا لهما: انظرا بالحق فيما يصلح العامة ليعزل رجل، و يوضع آخر مكانه أحل لكم أن تضعوا سيوفكم على عواتقكم، تضربون بها هامات الناس و تسفكون دماءهم؟ إن هذا لهو الخسران المبين. قال: فتنادوا لا تخاطبوهم و لا تكلموهم، تهيئوا للقاء الحرب، الرواح الرواح إلى الجنة.

ص: 72

قال: فرجع عليّ، فعبأ أصحابه فجعل على الميمنة حجر بن عدي، و على الميسرة شيث بن ربعي و على الخيل أبا أيوب الأنصاري، و على الرجالة أبا قتادة و على أهل المدينة و هم ثمان مائة رجل من الصحابة قيس بن سعد بن عبادة، و وقف علي في القلب في مضر. قال: ثم رفع لهم راية أمان مع أبي أيوب الأنصاري

فناداهم أبو أيوب من جاء منكم إلى هذه الراية فهو آمن و من دخل المصر فهو آمن و من انصرف إلى العراق، و خرج من هذه الجماعة فهو آمن، فإنه لا حاجة لنا في سفك دمائكم، قال: و قدم الخيل دون الرجالة، وصف الناس صفين وراء الخيل، وصف الرماة صفا أمام صف، و قال لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدءوكم.

قال: و أقبلت الخوارج حتى إذا دنوا من الناس نادوا: لا حكم إلا لله ثم نادوا: الرواح الرواح إلى الجنة. قال: و شدوا على أصحاب علي شدة رجل واحدة، و الخيل أمام الرجال فاستقبلت الرماة وجوههم بالنبل فخمدوا.

135- عنه قال الثعلبي لقد رأيت الخوارج حين استقبلتهم الرماح و النبل كأنهم معز اتقت المطر بقرونها، ثم عطفت الخيل عليهم من الميمنة الميسرة، و نهض عليّ في القلب بالسيوف و الرماح، فلا و الله ما لبثوا فواقا حتى صرعهم الله، كأنما قيل لهم موتوا فماتوا. قال: و أخذ على ما كان في عسكرهم من كل شيء، فأما السلاح و الدواب فقسمه علي بيننا، و أما المتاع و العبيد و الإماء فإنه حين قدم الكوفة رده على أهلها.

136- عنه قال: و لما أراد علي الانصراف من النهروان، قام خطيبا، فحمد الله ثم قال: أما بعد فإن الله قد أحسن بلاءكم، و أعز نصركم

ص: 73

فتوجهوا من فوركم هذا إلى معاوية و أشياعه القاسطين، الذين نبذوا كتاب الله وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا به ثَمَناً قَلِيلًا، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون فقالوا: يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا، وكلت أذرعنا، و تقطعت سيوفنا و نصلت أسنة رماحنا،

فارجع بنا نحسن عدتنا، و لعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة، فإن ذلك أقوى لنا على عدونا فأقبل علي بالناس حتى نزل بالنخيلة، فعسكر بها، و أمر الناس أن يلزموا معه عسكرهم، و يوطنوا أنفسهم على الجهاد، و أن يقلوا من زيارة أبنائهم و نسائهم حتى يسيروا إلى عدوهم من أهل الشام، فأقاموا معه أياما، ثم رجعوا يتسللون و يدخلون الكوفة و يتلذذون بنسائهم و أبنائهم و لذاتهم، حتى تركوا عليا و ما معه إلا نفر من وجوه الناس يسير، و ترك العسكر خاليا.

137- عنه قال: فقام عليّ على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدوّ في جهاده القربة إلى الله، و درك الوسيلة عنده، فأعدوا له «مَا اسْتَطَعْتُمْ من قُوَّةٍ، وَ من رِبَاطِ الْخَيْلِ»، و توكلوا على الله، و كفى به وكيلا، ثم تركهم أياما، و دعا رؤساءهم و وجوههم، فسألهم عن رأيهم، و ما الذي ثبطهم؟

فمنهم المعتل و منهم المتكره، و أقلهم من نشط، فقال لهم علي عباد الله، ما لكم إذا أمرتكم أن تنفروا في سبيل الله «اثاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيا من الآخِرَةِ» بدلا، و رضيتم بالذل و الهوان من العز خلفا، كلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم، كأنكم من الموت في سكرة، و كانت قلوبكم قاسية فأنتم لا تعقلون

و كأن أبصاركم كمه، فأنتم لا تبصرون الله أنتم، ما أنتم إلا أسود

ص: 74

روّاعة، و ثعالب روّاغة عند الناس تكادون و لا تكيدون و تنتقص أطرافكم فلا تحاشون، و أنتم في غفلة ساهون، إن أخا الحرب اليقظان.

أما بعد: فإن لي عليكم حقا، و لكم علي حق أما حقكم علي: فالنصيحة في ذات الله و توفير فيئكم عليكم و تعليمكم كيلا تجهلوا، و تأديبكم كيما تعلموا

و أما حقي عليكم: فالوفاء بالبيعة و النصح لي في الإجابة حين أدعوكم، و الطاعة حين آمركم فإن يرد الله بكم خيرا تنزعوا عما أكره و ترجعوا إلى ما أحب تنالوا بذلك ما تحبون و تدركوا ما تأملون أيها الناس المجتمعة، أبدانهم المختلفة،أهواؤهم ما عزت دعوة من دعاكم، و لا استراح قلب من قاساكم، كلامكم يوهي الصم، و فعلكم يطمع فيكم عدوكم

إذا أمرتكم بالمسير قلتم كيت و كيت، أعاليل بأضاليل، هيهات، لا يدرك الحق إلا بالجد و الصبر أي دار بعد داركم تمنعون؟ و مع أي إمام بعدي تقاتلون؟ المغرور و الله من غررتموه و من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب، أصبحت لا أطمع في نصرتكم، و لا أصدق قولكم فرق الله بيني و بينكم، و أعقبني بكم من هو خير لي

و أعقبكم بعدي من هو شر لكم مني، أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا و سيفا قاتلا و أثرة يتخذها الظالمون بعدي عليكم سنة. تفرق جماعتكم و تبكي عيونكم و تدخل الفقر بيوتكم تمنون و الله عندها أن لو رأيتموني و نصرتموني و ستعرفون ما أقول لكم عما قليل استنفرتكم فلم تنفروا. و نصحت لكم فلم تقبلوا، و أسمعتكم فلم تعوا،

فأنتم شهود كأغياب و صم ذوو أسماع، أتلو عليكم الحكمة، و

ص: 75

أعظكم بالموعظة النافعة، و أحثكم على جهاد المحلين، الظلمة الباغين، فما آتي على آخر قولي حتى أراكم متفرقين، إذا تركتكم عدتم إلى مجالسكم حلقا، عزين تضربون الأمثال و تناشدون الأشعار تربت أيديكم، و قد نسيتم الحرب و استعدادها، و أصبحت قلوبكم فارغة عن ذكرها، و شغلتموها بالأباطيل و الأضاليل

ويحكم اغزوا عدوكم قبل أن يغزوكم، فو الله ما غزي قوم قط في عقر دارهم إلا ذلوا و ايم الله ما أظنكم تفعلون حتى يفعل بكم و ايم الله لوددت أني قد رأيتهم فلقيت الله على نيتي و بصيرتي، فاسترحت من مقاساتكم و مداراتكم ويحكم ما أنتم إلا كابل جامحة ضل عنها رعاؤها، فكلما ضمت من جانب انتشرت من جانب

والله لكأني انظر إليكم و قد حمي الوطيس، لقد انفرجتم عن علي انفراج الرأس و انفراج المرأة عن قبلها.

فقام إليه الأشعث بن قيس الكندي فقال: يا أمير المؤمنين فهلا فعلت كما فعل عثمان؟ قال له علي: ويلك و ما فعل عثمان، رأيتني عائذا بالله من شر ما تقول، و الله إن الّذي فعل عثمان لمخزاة على من لا دين له، و لا حجة معه، فكيف و أنا على بينة من ربي و الحق معي و الله إن إمراً أمكن عدوه من نفسه فنهش عظمه و سفك دمه العظيم عجزه، ضعيف قلبه.

أنت يا بن قيس فكن ذلك، فأما أنا فو الله دون أن أعطي ذلك ضرب بالمشرفي، يطير له فراش الرأس، و تطيح منه الأكف و المعاصم، و تجد به الغلاصم و يفعل الله بعد ذلك ما يشاء والله يا أهل العراق، ما أظن هؤلاء القوم من أهل الشام إلا ظاهرين عليكم فقالوا: أبعلم تقول ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: نعم

ص: 76

و الّذي فلق الحبة و برأ النسمة إني أرى أمورهم قد علت و أرى أموركم قد خبت و أراهم جادين في باطلهم، و أراكم وانين في حقكم، و أراهم مجتمعين، و أراكم متفرقين، و أراهم لصاحبهم معاوية مطيعين، و أراكم لى عاصين. أما والله لئن ظهروا عليكم بعدي لتجدنّهم أرباب سوء،

كأنهم و الله عن قريب قد شاركوكم في بلادكم، و حملوا إلى بلادهم منكم، و كأني انظر إليكم تكشون كشيش الضباب، لا تأخذون الله حقا، و لا تمنعون له حرمة و كأني انظر إليهم يقتلون صلحاءكم، و يخيفون علماءكم، و كأني انظر إليكم يحرمونكم و يحجبونكم، و يدينون الناس دونكم

فلو قد رأيتم الحرمان و لقيتم الذل و الهوان، و وقع السيف و نزل الخوف، لندمتم و تحسرتم على تفريطكم في جهاد عدوكم، و تذكرتم ما أنتم فيه من الخفض و العافية، حين لا ينفعكم التذكار.

فقال الناس قد علمنا يا أمير المؤمنين أن قولك كله و جميع لفظك يكون حقا، أترى معاوية يكون علينا أميرا؟ فقال: لا تكرهون إمرة معاوية، فإن إمرته سلم و عافية، فلو قد مات رأيتم الرءوس تندر عن كهولها كأنها الحنظل و عدا كان مفعولا فأما إمرة معاوية فلست أخاف عليكم شرّها، ما بعدها أدهى و أمر.

ثم قام أبو أيوب الأنصاري، فقال: إن أمير المؤمنين أكرمه الله قد أسمع من كانت له أذن واعية و قلب حفيظ، إن الله قد أكرمكم به كرامة ما قبلتموها حق قبولها، حيث نزل بين أظهركم ابن عم رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، و خير المسلمين و أفضلهم و سيدهم بعده، يفقهكم في الدين، و يدعوكم إلى جهاد المحلين

ص: 77

فو الله لكأنكم صم لا تسمعون، و قلوبكم غلف مطبوع عليها فلا تستجيبون عباد الله، أليس إنما عهدكم بالجور و العدوان أمس، و قد شمل العباد، و شاع في الإسلام فذو حق محروم و مشتوم عرضه و مضروب ظهره و ملطوم وجهه و موطوء بطنه، و ملق بالعراء،

فلما جاءكم أمير المؤمنين صدع بالحق، و نشر بالعدل و عمل بالكتاب، فاشكروا نعمة الله عليكم و لا تتولوا مجرمين و لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا و هم لا يسمعون. اشحذوا السيوف و جددوا آلة الحرب، و استعدوا للجهاد، فإذا دعيتم فأجيبوا، و إذا أمرتم فأطيعوا تكونوا بذلك من الصادقين.

138- عنه قال: ثم قام رجال من أصحاب علي فقالوا: يا أمير المؤمنين أعط هؤلاء هذه الأموال، و فضل هؤلاء الأشراف من العرب و قريش من الموالي، ممن يتخوف خلافه على الناس و فراقه و إنما قالوا له: هذا الذي كان معاوية يصنعه بمن أثاه، و إنما عامة الناس همهم الدنيا، و لها يسعون، و فيها يكدحون. فأعط هؤلاء الأشراف، فإذا استقام لك ما تريد عدت إلى أحسن ما كنت عليه من القسم، فقال علي (علیه السلام):

أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من الإسلام؟ فو الله لا أفعل ذلك ما لاح في السماء نجم، و الله لو كان لهم مال لسويت بينهم، فكيف و إنما هي أموالكم. (فقال رجل: يا أمير المؤمنين إن الموت نازل لا بد منه فإن حل فمن صاحبنا؟).

أحببت أن يدال هؤلاء القوم عليكم بإصلاحهم في أرضهم و فسادكم في أرضكم، و أدائهم الأمانة لمعاوية، و خيانتكم، و بطاعتهم له، و معصيتكم لي و اجتماعهم على باطلهم و تفرقكم عن حقكم و ايم الله لا

ص: 78

يدعون بعدي محرّما إلا استحلوه و لا يبقى بيت وبر و لا مدر إلا أدخلوه ظلمهم،

حتى يقوم الباكيان منكم باك لدينه و باك لدنياه، و حتى تكون نصرة أحدكم كنصرة العبد لسيده، إذا شهد أطاعه، و إذا غاب سبّه. فقال رجل يا أمير المؤمنين، أتظن ذلك كائنا؟ قال: ما هو بالظن و لكنه اليقين.

139- عنه قال: فقام حجر بن عدي و عمرو بن الحمق، و عبد الله بن وهب الراسبي، فدخلوا على عليّ، فسألوه عن أبي بكر و عمر: ما تقول فيها؟ و قالوا بين لنا قولك فيها و في عثمان قال علي (علیه السلام): و قد تفرغتم لهذا؟ و هذه مصر قد افتتحت و شيعتي فيها قد قتلت؟ إني مخرج إليكم كتابا أنبئكم فيه ما سألتموني عنه، فاقرءوه على عنه، فاقرءوه على شيعتي، فأخرج إليهم كتابا فيه: أما بعد،

فإن الله بعث محمد النذيرا للعالمين و أمينا على التنزيل، و شهيدا على هذه الأمة، و أنتم يا معشر العرب على غير دين، و في شر دار، تسفكون دماءكم، و تقتلون أولادكم، و تقطعون أرحامكم و تأكلون أموالكم بينكم بالباطل، فمن الله عليكم، فبعث محمدا إليكم بلسانكم، فكنتم أنتم المؤمنين و كان الرسول فيكم و منكم

تعرفون وجهه و نسبه، فعلمكم الكتاب و الحكمة و السنة و الفرائض و أمركم بصلة الأرحام، و حقن الدماء، و إصلاح ذات بينكم، و أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، و أن توفوا بالعقود، و أن تعاطفوا و تباروا و تراحموا، و نهاكم عن التظالم و التحاسد و التقاذف و التباغي، و عن شرب الحرام و عن بخس المكيال و الميزان و تقدم إليكم فيها أنزل عليكم أن لا تزنوا و لا تأكلوا أموال اليتامى ظلماء

ص: 79

فكل خير يبعدكم عن النار قد حضكم عليه، و كل شر يبعدكم عن الجنة قد نهاكم عنه، فلما استكمل رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) مدته من الدنيا توفاه الله و هو مشكور سعيه مرضي عمله مغفور له ذنبه شريف عند الله نزله فيا لوته مصيبة خصت الأقربين و عمت المؤمنين فلما مضى تنازع المسلمون الأمر بعده،

فو الله ما كان يلقى في روعي، و لا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر عني، فما راعني إلا إقبال الناس على أبي بكر، و إجفالهم عليه، فأمسكت يدي و رأيت أني أحق بمقام محمد في الناس ممن تولى الأمور عليّ، فلبثت بذلك ما شاء الله، حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محو دين محمد و ملة إبراهيم عليهما السلام

فخشيت إن لم أنصر الإسلام و أهله أن أرى في الإسلام ثلما و هدما. تكون المصيبة به على أعظم من فوت ولاية أمركم التي إنما هي متاع أيام قلائل. ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته و نهضت معه في تلك الأحداث، حتى زهق الباطل، و كانت كلمة الله هی العليا، و أن يرغم الكافرون،

فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسّر، و سدد، و قارب، و اقتصد، فصحبته مناصحا و أطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا، فلما احتضر بعث إلى عمر، فولاه فسمعنا و أطعنا و بايعنا و ناصحنا فتولى تلك الأمور، فكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة أيام حياته، فلما احتضر قلت في نفسي: ليس يصرف هذا الأمر عني. فجعلها عمر شورى و جعلني سادس ستة فما كانوا لولاية أحد منهم بأكره منهم لولايتي لأنهم كانوا يسمعونني و أنا أحاج أبا بكر فأقول: يا معشر قريش، أنا

ص: 80

أحق بهذا الأمر منكم ما كان منا من يقرأ القرآن و يعرف السنة، فخشوا إن وليت عليهم أن لا يكون لهم في هذا الأمر نصيب فبايعوا إجماع رجل واحد، حتى صرفوا الأمر عني لعثمان، فأخرجوني منها، رجاء أن يتداولوها. حين يئسوا أن ينالوها، ثم قالوا لي هلم فبايع عثمان. و إلا جاهدناك. فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا و قال قائلهم

إنك يابن أبي طالب على الأمر لحريص، قلت لهم: أنتم أحرص أما أنا إذا طلبت ميراث ابن أبي و حقه و أنتم إذ دخلتم بيني و بينه، و تضربون وجهي دونه، اللهم إني أستعين بك على قريش، فإنهم قطعوا رحمي، و صغروا عظيم منزلتي و فضلي و اجتمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه ثم قالوا:

اصبر كمدا و عش متأسفا، فنظرت فإذا ليس معي رفاق و لا مساعد إلا أهل بيتي فضننت بهم على الهلاك، فأغضيت عيني على القذى، و تجرعت رفيق على الشجا. و صبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم طعما، و آلم للقلب من حز الحديد، حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه، ثم جئتموني تبايعونني، فأبيت عليكم، و أبيتم عليّ،

فنازعتموني و دافعتموني و لم أمد يدي، تمنعا عنكم، ثم ازدحمتم عليّ، حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض و أنكم قاتلي، و قلتم لا نجد غيرك، و لا نرضى إلا بك، فبايعنا لا نفترق و لا نختلف فبايعتكم و دعوتم الناس إلى بيعتي، فمن بايع طائعا قبلت منه، و من أبي تركته، فأول من بايعني طلحة و الزبير، و لو أبيا ما أكرهتهما كما لم أكره غيرهما، فما لبثا إلا يسيرا حتى قيل لي:

قد خرجا متوجهين إلى البصرة في جيش ما منهم رجل إلا و قد

ص: 81

أعطاني الطاعة، و سمح لي بالبيعة فقاموا على عمالي بالبصرة و خزائن بيوت أموالي، و على أهل مصري، و كلهم في طاعتي و على شيعتي فشتتوا كلمتهم، و افسدوا على جماعتهم، ثم وثبوا على شيعتي، فقتلوا طائفة منهم غدرا، و طائفة صبرا، و طائفة عصرا بأسيافهم

فضاربوهم حتى لقوا الله صابرين محتسبين، فو الله لو لم يصيبوا منهم إلا رجلا واحدا متعمدين لقتله، لحل لي بذلك قتل الجيش كله، مع أنهم قد قتلوا من المسلمين أكثر من العدة التي دخلوا عليهم بها، فقد أدال الله منهم، فبعدا للقوم الظالمين. ثم إني نظرت بعد ذلك في أهل الشام، فإذا هم أعراب و أحزاب و أهل طمع، جفاة طغام، تجمعوا من كل أوب

ممن ينبغي أن يؤدب، و يولّى عليه، و يؤخذ على يديه، ليسوا من المهاجرين و الأنصار، و لا من التابعين بإحسان

فسرت إليهم و دعوتهم إلى الجماعة و الطاعة، فأبوا إلا شقاقا و نفاقا و نهضوا في وجوه المهاجرين و الأنصار و التابعين بإحسان، ينضحونهم بالنبل، و يشجونهم بالرماح، فهنالك نهضت إليهم فقاتلتهم، فلما عضهم السلاح، و وجدوا ألم الجراح، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها فنبأتكم أنهم ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن و إنما رفعوها إليكم خديعة و مكيدة، فامضوا على قتالهم، فاتهمتموني و قلتم اقبل منهم

فإنّهم إن أجابوا إلى ما في الكتاب و السنة جامعونا على ما نحن عليه من الحق، و إن أبوا كان أعظم لحجتنا عليهم، فقبلت منهم و خففت عنهم و كان صلحا بينكم و بينهم على رجلين حكمين يحييان ما أحيا القرآن و يميتان ما أمات القرآن، فاختلف رأيهما، و تفرق حكمها و نبذا حكم القرآن، و خالفا ما في الكتاب و اتبعا هواهما بغير هدى من الله،

ص: 82

فجنبهما الله السداد و أهوى بهما في غمرة الضلال، و كانا أهل ذلك، فانخذلت عنا فرقة منهم، فتركناهم ما تركونا، حتى إذا عاثوا في الأرض مفسدين، و قتلوا المؤمنين، أتيناهم فقلنا لهم: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا فقالوا كلنا قتلهم و كلنا استحللنا دماءهم و دماءكم، و شدت علينا خيلهم و رجالهم، فصرعهم الله مصارع القوم الظالمين.

ثم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوكم، فإنه أفزع لقلوبهم، و أنهك لمكرهم، و أهتك لكيدهم، فقلتم كلت أذرعنا لكيدهم، فقلتم كلت أذرعنا و سيوفنا، و نفدت نبالنا و نصلت أسنة رماحنا فأذن لنا، فلنرجع حتى نستعد بأحسن عدتنا و إذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة من هلك منا و من قد فارقنا، فإن ذلك قوة منا على عدونا.

فأقبلتم حتى إذا أطللتم على الكوفة، أمرتكم أن تلزموا معسكركم و تضموا قواصيكم، و تتوطنوا على الجهاد و لا تكثروا زيارة أولادكم و نسائكم فإن ذلك يرق قلوبكم و يلويكم، و إن أصحاب الحرب لا يتوجدون، و لا يتوجعون، و لا يسأمون من سهر ليلهم و لا من ظمأ نهارهم و لا من خمص بطونهم

حتى يدركوا بثأرهم، و ينالوا بغيتهم و مطلبهم، فنزلت طائفة منكم معي معذرة و دخلت طائفة منكم المصر عاصية فلا من نزل من نزل معي صبر فثبت و لا من دخل المصر عاد إلي و لقد نظرت إلى عسكري و ما فيه معي منكم إلا خمسون رجلا، فلما رأيت ما أتيتم دخلت إليكم فما قدرتم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا، لله آباؤكم فما تنتظرون؟

أما ترون إلى أطرافكم قد انتقصت، و إلى مصركم قد افتتح؟ فما بالكم تؤفكون ألا إن القوم قد اجتمعوا و جدوا و تناصحوا، و إنكم تفرقتم و

ص: 83

اختلفتم و تغاششتم فأنتم إن اجتمعتم تسعدوا، فأيقظوا رحمكم الله نائمكم و تحرزوا الحرب عدوكم، إنما تقاتلون الطلقاء و أبناء الطلقاء، ممن أسلم كرها و كان لرسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) حربا

أعداء السنة و القرآن، و أهل الأحزاب و البدع و الأحداث، و من كانت بوائقه تتق، و كان عن الدين منحرفا، و أكلة الرشا، و عبيد الدنيا، لقد نمى إلي أن ابن النابغة لم يبايع معاوية حتى شرط عليه أن يؤتيه أتاوة هي أعظم ما في يديه من سلطانه، فصفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا و تربت يد هذا المشتري نصرة غادر فاسق بأموال الناس.

و إن منهم لمن شرب فيكم الحرام و جلد حدا في الإسلام، فهؤلاء قادة القوم، و من تركت ذكر مساويه منهم شر و أضر، و هؤلاء الذين لو ولوا عليكم لأظهروا فيكم الغضب و الفخر. و التسلط بالجبروت، و التطاول بالغضب، و الفساد في الأرض و اتبعوا الهوى و حكموا بالرشا، و أنتم على ما فيكم من تخاذل و تواكل خير منهم و أهدى سبيلا، فيكم الحكماء، و العلماء و الفقهاء، وحملة القرآن و المتهجدون بالأسحار، و العباد، و الزهاد في الدنيا و عمار المساجد، و أهل تلاوة القرآن

أفلا تسخطون و تنقمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم، و الأراذل و الأشرار منكم اسمعوا قولى إذا قلت و أطيعوا أمري إذا أمرت و اعرفوا نصيحتي إذا نصحت و اعتقدوا جزمي إذا جزمت، و التزموا عزمي إذا عزمت و انهضوا لنهوضي و قارعوا من قارعت، و لئن عصيتموني لا ترشدوا و لا تجتمعوا خذوا للحرب أهبتها، وأعدوا لها التهيؤ

فإنّها قد وقدت نارها و علا سناها و تجرد لكم فيها الظالمون كيما يطفئوا نور الله و يقهروكم، عباد الله، ألا إنه ليس أولياء الشيطان من أهل

ص: 84

الطمع و الجفاء، بأولى في الجد في غيهم و ضلالهم و باطلهم، من أهل النزاهة و الحق و الإخبات بالجد في حقهم، و طاعة ربهم، مناصحة إمامهم، إني و الله لو لقيتهم وحيدا منفردا، و هم في أهل الأرض إن باليت بهم أو استوحشت منهم، إني في ضلالهم الذي هم فيه، و الهدى الذي أنا عليه، لعلى بصيرة و يقين و بينة من ربي،

و إني للقاء ربي لمشتاق و لحسن ثوابه لمنتظر راج، و لكن أسفا يعتريني، و جزعا يريبني من أن يلي هذه الأمة سفهاؤها و فجارها، فيتخذون مال الله دولا و عباد الله خولا و الصالحين حربا و القاسطين حزبا و ايم الله لو لا ذلك ما أكثرت تأليبكم و جمعكم و تحريضكم و لتركتكم

فو الله إني لعلى الحق و إني للشهادة لمحب، أنا نافر بكم إن شاء الله، فانفروا خفافا و ثقالا و جاهدوا بأموالكم و أنفسكم في سبيل الله، «إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ».

140- قال الطبرى قال أبو مخنف في حديثه عن أبى جناب، عن عمارة بن ربيعة، قال: و لما قدم على الكوفة و فارقته الخوارج، و ثبت إليه الشيعة فقالوا فى أعناقنا بيعة ثانية، نحن أولياء من واليت و أعداء من عاديت فقالت الخوارج استبقتم أنتم و أهل الشام إلى الكفر كفرسي رهان، بايع أهل الشام معاوية على ما أحبوا و كرهوا و بايعتم أنتم عليا على انكم أولياء من والى و أعداء من عادى

فقال لهم زياد بن النضر و الله ما بسط على يده فبايعناه قط الا على كتاب الله عز و جل و سنة نبيه (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و لكنكم لما خالفتموه جاءته شيعته، فقالوا: نحن أولياء من واليت و أعداء من عاديت، و نحن كذلك، و هو على

ص: 85

الحق و الهدى و من خالفه ضال مضل و بعث على ابن عباس اليهم

فقال: لا تعجل إلى جوابهم و خصومتهم حتى آتيك. فخرج اليهم حتى أتاهم، فاقبلوا يكلمونه فلم يصبر حتى راجعهم، فقال: ما نقمتم من الحكمين، و قد قال الله عز و جل: «إِنْ يُريدا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما». فكيف بامه محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فقالت الخوارج: قلنا:

اما ما جعل حكمه إلى الناس و أمر بالنظر فيه و الإصلاح له فهو اليهم كما أمر به، و ما حكم فأمضاه فليس للعباد ان ينظروا فيه، حكم في الزاني مائة جلدة و في السارق بقطع يده، فليس للعباد ان ينظروا في هذا قال ابن عباس: فان الله عز و جل يقول: «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ».

فقالوا: أو تجعل الحكم في الصيد و الحدث يكون بين المرأة و زوجها كالحكم في دماء المسلمين و قالت الخوارج قلنا له: فهذه الآية بيننا و بينك اعدل عندك ابن العاص و هو بالأمس يقاتلنا و يسفك دماءنا فان كان عدلا.

فلسنا بعدول و نحن أهل حربه و قد حكمتم في أمر الله الرجال، و قد امضى الله عز و جل حكمه في معاوية و حزبه ان يقتلوا أو يرجعوا، و قبل ذلك ما دعوناهم إلى كتاب الله عز و جل فأبوه، ثم كتبتم بينكم و بينه كتابا، و جعلتم بينكم و بينه الموادعة و الاستفاضة.

و قد قطع عز و جل الاستفاضة و الموادعة بين المسلمين و أهل الحرب منذ نزلت براءة، الا من اقر بالجزية. و بعث على زياد بن النضر اليهم فقال: انظر باى رءوسهم هم أشد اطافة، فنظر فأخبره انه لم يرهم عند رجل اكثر منهم عند يزيد بن قيس

فخرج على في الناس حتى دخل اليهم، فاتى فسطاط يزيد بن قيس،

ص: 86

فدخله فتوضأ فيه و صلى ركعتين و أمره على أصبهان و الري، ثم خرج حتى انتهى اليهم و هم يخاصمون ابن عباس

فقال: انته عن كلامهم ألم أنهك رحمك الله ثم تكلم فحمد الله عز و جل و اثنى عليه ثم قال: اللهم ان هذا مقام من افلج فيه كان اولى بالفلج يوم القيامه، و من نطق فيه و اوعث فهو في الآخرة اعمى و أضل سبيلا ثم قال لهم من زعيمكم؟ قالوا: ابن الكواء. قال على فما أخرجكم علينا؟ قالوا حكومتكم يوم صفين.

قال: أنشدكم بالله أتعلمون انهم حيث رفعوا المصاحف فقلتم: نجيبهم إلى كتاب الله قلت لكم انى اعلم بالقوم منكم انهم ليسوا باصحاب دين و لا قرآن انى صحبتهم و عرفتهم اطفالا و رجالا، فكانوا شر أطفال و شر رجال امضوا على حقكم و صدقكم، فإنما رفع القوم هذه المصاحف خديعه و دهنا و مكيدة فرددتم على رأيي و قلتم: لا بل نقبل منهم.

فقلت لكم: اذكروا قولي لكم و معصيتكم إياي، فلما أبيتم الا الكتاب اشترطت على الحكمين ان يحييا ما أحيا القرآن و ان يميتا ما أمات القرآن فان حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكما يحكم بما فى القرآن و ان أبيا فنحن من حكمهما برآء قالوا له: فخبرنا أتراه عدلا تحكيم الرجال في الدماء؟

فقال: انا لسنا حكمنا الرجال، انما حكمنا القرآن، و هذا القرآن انما هو خط مسطور بين دفتين لا ينطق انما يتكلم به الرجال، قالوا: فخبرنا عن الأجل، لم جعلته فيما بينك و بينهم؟ قال: ليعلم الجاهل، و يتثبت العالم، و لعل عز و جل يصلح في هذه الهدنة هذه الامة ادخلوا مصركم رحمكم الله فدخلوا من عند آخرهم.

ص: 87

141- عنه قال أبو مخنف حدثنى عبد الرحمن بن جندب الأزدي، عن ابيه بمثل هذا. و أما الخوارج فيقولون: قلنا: صدقت، قد كنا كما ذكرت، و فعلنا ما وصفت، و لكن ذلك كان منا كفرا، فقد تبنا إلى الله عز و جل منه فتب كما تبنا نبايعك و الا فنحن مخالفون فبايعنا على و قال ادخلوا فلنمكث ستة اشهر حتى يجبى المال و يسمن الكراع، ثم نخرج إلى عدونا و لسنا نأخذ بقولهم، و قد كذبوا.

و قدم معن بن يزيد بن الاخنس السلمى في استبطاء إمضاء الحكومة و قال لعلى ان معاوية قد وفى، فف أنت لا يلفتنك عن رأيك أعاريب بكر و تميم فامر على بإمضاء الحكومة، و قد كانوا افترقوا من صفين على ان يقدم الحكمان في أربعمائة أربعمائة إلى دومة الجندل.

142- عنه زعم الواقدى أن سعدا قد شهد مع من شهد الحكمين و ان ابنه عمر لم يدعه حتى احضره اذرح فندم فاحرم من بيت المقدس بعمرة.

143- عنه قال أبو مخنف حدثنى المجالد بن سعيد عن الشعبي عن زياد بن النضر الحارثي، ان عليا بعث أربعمائة رجل عليهم شريح بن هانئ الحارثى، و بعث معهم عبد الله بن عباس و هو يصلى بهم، و يلى أمورهم، و أبو موسى الأشعري معهم و بعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من أهل الشام، حتى توافوا بدومة الجندل باذرح، قال:

فكان معاوية إذا كتب إلى عمرو جاء الرسول و ذهب لا يدرى بما جاء به، و لا بما رجع به و لا يسأله أهل الشام عن شيء، و إذا جاء رسول على جاءوا إلى ابن عباس فسألوه: ما كتب به إليك أمير المؤمنين؟ فان كتمهم ظنوا به الظنون فقالوا ما نراه كتب الا بكذا و فقال ابن عباس: أما تعقلون أما ترون

ص: 88

رسول معاوية يجيء لا يعلم بما جاء به، و يرجع لا يعلم ما رجع به، و لا يسمع لهم صياح و لا لفظ، و أنتم عندي كل يوم تظنون الظنون قال: و شهد جماعتهم تلك عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير، و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي و عبد الرحمن بن عبد يغوث الزهري و جهم بن حذيفة العدوى و المغيرة بن شعبه الثقفى و خرج عمر بن سعد حتى أتى أباه على ماء لبنى سليم بالبادية

فقال يا أبت قد بلغك ما كان بين الناس بصفين، و قد حكم الناس أبا موسى الأشعري و عمرو بن العاص و قد شهدهم نفر من قريش فاشهدهم فإنك صاحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و احد الشورى، و لم تدخل في شيء كرهته هذه الامة فاحضر فإنك أحق الناس بالخلافة.

فقال: لا افعل اني سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: انه تكون فتنة، خير الناس فيها الخفى التقی، و الله لا اشهد شيئا من هذا الأمر ابدا.

و التقى الحكمان فقال عمرو بن العاص يا أبا موسى ألست تعلم ان عثمان قتل مظلوما؟ قال: اشهد قال: ألست تعلم ان معاوية و آل معاوية اولياؤه؟ قال بلى قال: فان الله عز و جل قال: «وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيهِ سُلْطَانًا».

فما يمنعك من معاوية ولى عثمان يا أبا موسى، و بيته في قريش كما قد علمت؟ فان تخوفت ان يقول الناس: ولى معاوية و ليست له سابقة، فان لك بذلك حجة، تقول: انى وجدته ولى عثمان الخليفة المظلوم و الطالب بدمه، الحسن السياسة الحسن التدبير، و هو أخو أم حبيبه زوجة النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، و قد صحبه، فهو احد الصحابة ثم عرض له بالسلطان، فقال: ان ولى اكرمك كرامة لم يكرمها خليفة فقال أبو موسى

ص: 89

يا عمرو، اتق الله عز و جل فاما ما ذكرت من شرف معاوية فان هذا ليس على الشرف يولاه اهله و لو كان على الشرف لكان هذا الأمر لال أبرهة بن الصباح، انما هو لأهل الدين و الفضل، مع انى لو كنت معطيه افضل قريش شرفا اعطيته على بن أبى طالب (علیه السلام).

و أما قولك: أن معاوية ولى دم عثمان فوله هذا الأمر، فانى لم أكن لاوليه معاوية و ادع المهاجرين الأولين و أما تعريضك لي بالسلطان فو الله لو خرج لي من سلطانه كله ما وليته، و ما كنت لارتشى في حكم الله عز و جل، و لكنك ان شئت أحيينا اسم عمر بن الخطاب.

144- عنه قال أبو مخنف حدثني أبو جناب الكلبي انه كان يقول: قال أبو موسى أما و الله لئن استطعت لاحيين اسم عمر بن الخطاب. فقال له عمرو: ان كنت تحب بيعة ابن عمر فما يمنعك من ابنى و أنت تعرف فضله و صلاحه فقال: ان ابنك رجل صدق و لكنك قد غمسته في هذه الفتنة.

145- عنه قال أبو مخنف: حدثني محمد بن إسحاق، عن نافع مولى ابن عمر، قال: قال عمرو بن العاص: ان هذا الأمر لا يصلحه الا رجل له ضرس يأكل و يطعم، و كانت في ابن عمر غفلة، فقال له عبد الله بن الزبير: افطن فانتبه فقال عبد الله بن عمر: لا والله لا ارشو عليها شيئا ابدا و قال يا بن العاص، ان العرب اسندت إليك أمرها بعد ما تقارعت بالسيوف و تناجزت بالرماح فلا تردنهم في فتنة.

146- عنه قال أبو مخنف حدثنى النضر بن صالح العبسي، قال: كنت مع شريح بن هانئ في غزوة سجستان، فحدثني ان عليا اوصاه بكلمات عمرو بن العاص، قال: قل له إذا أنت لقيته: ان عليا يقول لك: ان افضل الناس عند الله عز وجل من كان العمل بالحق أحب إليه و ان نقصه

ص: 90

و كرثه من الباطل و ان حن إليه و زاده

يا عمرو، و الله انك لتعلم اين موضع الحق، فلم تجاهل؟ أن أوتيت طمعا يسيرا كنت به لله و اولیائه عدوا فكان و الله ما أوتيت قد زال عنك، ويحك فلا تكن للخائنين خصيما و لا للظالمين ظهيرا أما انى اعلم بيومك الذى أنت فيه نادم و هو يوم وفاتك تمنى انك لم تظهر لمسلم عداوة، و لم تأخذ على حكم رشوة.

قال: فبلغته ذلك، فتمعر وجهه ثم قال متى كنت أقبل مشورة على او انتهى إلى أمره، أو اعتد برايه فقلت له: و ما يمنعك يا بن النابغة ان تقبل من مولاك و سيد المسلمين بعد نبيهم مشورته فقد كان من هو خير منك ابو بكر و عمر يستشيرانه و يعملان برایه

فقال: ان مثلي لا يكلم مثلك، فقلت له و باى ابويك ترغب عنى بابيك الوشيظ أم بامك النابغة قال: فقام عن مكانه و قمت معه.

147- عنه قال أبو مخنف حدثني أبو جناب الكلبى ان عمرا و أبا موسى حيث التقيا بدومة الجندل أخذ عمرو يقدم أبا موسى في الكلام، يقول: انك صاحب رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و أنت اسن منی، فتكلم و اتكلم فكان عمرو قد عود أبا موسى ان يقدمه في كل شيء، اغتزى بذلك كله ان يقدمه فيبدأ بخلع على قال:

فنظر في أمرهما و ما اجتمعا عليه فأراده عمرو على معاوية فأبى، و اراده على ابنه فأبي و اراد أبو موسى عمرا على عبد الله ابن عمر فأبى عليه، فقال له عمرو: خبرني ما رأيك؟ قال: رأيي ان نخلع هذين الرجلين، و نجعل الأمر شورى بين المسلمين فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبوا فقال له عمرو:

ص: 91

فان الرأي ما رايت فاقبلا إلى الناس و هم مجتمعون فقال يا أبا موسی اعلمهم بان رأينا قد اجتمع و اتفق، فتكلم أبو موسى فقال: ان رأيي و راى عمرو: قد اتفق على أمر نرجو ان يصلح الله عز و جل به أمر هذه الامة فقال عمرو

صدق و بر يا أبا موسى تقدم فتكلم فتقدم أبو موسى ليتكلم، فقال له ابن عباس: ويحك و الله انى لاظنه قد خدعك ان كنتها قد اتفقتها على امر فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك، ثم تكلم أنت بعده، فان عمرا رجل غادر و لا آمن ان يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك و بينه، فإذا قمت في الناس خالفك- وكان أبو موسى مغفلا-

فقال له: انا قد اتفقنا فتقدم أبو موسى فحمد الله عز و جل و اثنى عليه ثم قال ايها الناس انا قد نظرنا في أمر هذه الامة فلم نر اصلح لأمرها، و لا الم لشعثها من أمر قد اجمع رأيي و راى عمرو عليه، و هو ان نخلع عليا و معاوية، و تستقبل هذه الامه هذا الأمر فيولوا منهم من أحبوا عليهم، و انى قد خلعت عليا و معاوية، فاستقبلوا أمركم، و ولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلا ثم تنحى و اقبل عمرو بن العاص فقام مقامه،

فحمد الله و اثنى عليه و قال ان هذا قد قال ما سمعتم و خلع صاحبه و انا اخلع صاحبه كما خلعه و اثبت صاحبي معاوية، فانه ولى عثمان بن عفان و الطالب بدمه و أحق الناس بمقامه فقال أبو موسى: مالك لا وفقك الله غدرت و فجرت انما مثلك كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث قال عمرو:

انما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفارا و حمل شريح بن هاني على عمرو فقنعه بالسوط، و حمل على شريح ابن لعمرو فضربه بالسوط، و قام الناس

ص: 92

فحجزوا بينهم و كان شريح بعد ذلك يقول: ما ندمت على شيء ندامتى على ضرب عمرو بالسوط الا أكون ضربته بالسيف آتیا به الدهر ما اتى و التمس أهل الشام أبا موسى فركب راحلته و لحق بمكة.

قال ابن عباس: قبح الله راى أبي موسى حذرته و أمرته بالرأي فما عقل. فكان أبو موسى يقول: حذرني ابن عباس غدره الفاسق، و لكنى اطمأننت اليه و ظننت انه لن يؤثر شيئا على نصيحة الامة ثم انصرف عمرو و أهل الشام إلى معاوية، و سلموا عليه بالخلافة،

و رجع ابن عباس و شريح بن هانئ إلى على، و كان إذا صلى الغداة يقنت فيقول: اللهم العن معاوية و عمرا و أبا الأعور السلمى و حبيبا و عبد الرحمن بن خالد و الضحاك بن قيس و الوليد. فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت لعن عليا و ابن عباس و الاشتر و حسنا و حسينا.

148- عنه زعم الواقدى ان اجتماع الحكمين كان في شعبان سنة ثمان و ثلاثين من الهجره.

149- عنه قال أبو مخنف عن أبي المغفل عن عون بن أبي جحيفة، ان عليا لما اراد ان يبعث أبا موسى للحكومة أتاه رجلان من الخوارج زرعة ابن البرج الطائي و حرقوص بن زهير السعدي فدخلا عليه فقالا له: لا حكم الا لله، فقال على: لا حكم الا لله، فقال له حرقوص: تب من خطيئتك، و ارجع عن قضيتك، و أخرج بنا إلى عدونا نقاتلهم حتى نلقى ربنا.

فقال لهم على قد أردتكم على ذلك فعصيتموني، و قد كتبنا بيننا بينهم كتابا و شرطنا شروطا، و أعطينا عليها عهودنا و مواثيقنا، و قد قال الله عز و جل: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَ لَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا

ص: 93

وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفَيلا إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ»، فقال له حرقوص ذلك ذنب ينبغى ان تتوب منه، فقال على ما هو ذنب، و لكنه عجز من الرأي، و ضعف من الفعل، و قد تقدمت إليكم فيما كان منه، و نهيتكم عنه فقال له زرعة بن البرج أما و الله يا على لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله عز وجل قاتلتك. اطلب بذلك وجه الله و رضوانه فقال له على بؤسا لك، ما أشقاك كأني بك قتيلا تسفى عليك الريح قال: وددت ان قد كان ذلك، فقال له على لو كنت محقا كان في الموت على الحق تعزية عن الدنيا، ان الشيطان قد استهواكم، فاتقوا الله عز و جل، انه لا خير لكم في دنيا تقاتلون عليها، فخرجا من عنده يحكمان.

150- عنه قال أبو مخنف فحدثني عبد الملك بن أبى حرة الحنفي، ان عليا خرج ذات يوم يخطب فانه لفى خطبته إذ حكمت المحكمة في جوانب المسجد، فقال على الله اكبر كلمة حق يراد بها باطل ان سكتوا عممناهم و ان تكلموا حججناهم و ان خرجوا علينا قاتلناهم فوثب يزيد بن عاصم المحاربي

فقال: الحمد لله غير مودع ربنا و لا مستغنى عنه اللهم انا نعوذ بك من إعطاء الدنية في ديننا، فان إعطاء الدنية في الدين ادهان في أمر الله عز و جل، و ذل راجع باهله إلى سخط الله يا على أبالقتل تخوفنا.

اما و الله انى لأرجو ان نضربكم بها عما قليل غير مصفحات، ثم لتعلمن أينا اولى بها صليا ثم خرج بهم هو و اخوه له ثلاثة هو رابعهم، فأصيبوا مع الخوارج بالنهر و اصيب احدهم بعد ذلك بالنخيلة.

151- عنه قال أبو مخنف: حدثنى الاجلح بن عبد الله عن سلمه بن كهيل، عن كثير بن بهز الحضرمى قال قام على في الناس يخطبهم ذات

ص: 94

يوم فقال رجل من جانب المسجد لا حكم الا لله، فقام آخر فقال مثل ذلك، ثم توالى عدة رجال يحكمون فقال على الله اكبر كلمة حق يلتمس بها باطل أما ان لكم عندنا ثلاثا ما صحبتمونا:

لا نمنعكم مساجد الله ان تذكروا فيها اسمه و لا نمنعكم الفيء ما دامت ايديكم مع أيدينا، و لا نقاتلكم حتى تبدءونا، ثم رجع إلى مكانه الذي كان فيه من خطبته.

152- عنه قال أبو مخنف و حدثنا عن القاسم بن الوليد، ان حكيم بن عبد الرحمن بن سعيد البكائى كان يرى راى الخوارج، فاتى عليا ذات يوم و هو يخطب، فقال: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ»، فقال على: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذينَ لا يُوقِنُونَ».

153- عنه حدثنا أبو كريب قال حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت إسماعيل ابن سميع الحنفي، عن أبي رزين قال: لما وقع التحكيم و رجع على من صفين رجعوا مباينين له، فلما انتهوا إلى النهر أقاموا به، فدخل على في الناس الكوفة، و نزلوا بحروراء، فبعث اليهم عبد الله بن عباس فرجع و لم يصنع شيئا،

فخرج اليهم على فكلمهم حتى وقع الرضا بينه و بينهم فدخلوا الكوفة، فأتاه رجل فقال: ان الناس قد تحدثوا انك رجعت لهم عن كفرك.

فخطب الناس في صلاة الظهر، فذكر أمرهم،فعابه فوثبوا من نواحی المسجد يقولون: لا حكم الا لله و استقبله رجل منهم واضع إصبعيه في أذنيه، فقال: «وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ»، فقال على: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ

ص: 95

وَ لَا يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذينَ لا يُوقِنُونَ».

154- عنه حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليث ابن أبي سليم يذكر عن اصحابه، قال جعل على يقلب يديه يقول يديه هكذا و هو على المنبر فقال: حكم الله عز و جل ينتظر فيكم مرتين، أن لكم عندنا ثلاثا: لا نمنعكم صلاة في هذا المسجد، و لا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما كانت ايديكم مع أيدينا، و لا نقاتلكم حتى تقاتلونا.

155- عنه قال أبو مخنف عن عبد الملك بن أبي حره: ان عليا لما بعث أبا موسى لانفاذ الحكومة لقيت الخوارج بعضها بعضا، فاجتمعوا في منزل عبد الله بن وهب الراسبي فحمد الله عبد الله بن وهب و اثنى عليه ثم قال: أما بعد، فو الله ما ينبغي لقوم يؤمنون بالرحمن و ينيبون إلى حكم القرآن، ان تكون هذه الدنيا، التي الرضا بها و الركون بها و الايثار إياها عناء و تبار

آثر عندهم من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و القول بالحق، و ان من و ضر فانه من يمن و يضر في هذه الدنيا فان ثوابه يوم القيامة رضوان الله عز و جل و الخلود في جناته فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى بعض كور الجبال أو إلى بعض هذه المدائن، منكرين لهذه البدع المضلة.

فقال له حرقوص بن زهير ان المتاع بهذه الدنيا قليل، و ان الفراق لها وشيك، فلا تدعونكم زينتها و بهجتها إلى المقام بها، و لا تلفتنكم عن طلب الحق و انكار الظلم، فان الله مع الذين اتقوا و الذين هم محسنون فقال حمزة ابن سنان الأسدي يا قوم ان الرأي ما رايتم فولوا أمركم رجلا منکم

ص: 96

فانه لا بد لكم من عماد و سناد و راية تحفون بها، و ترجعون إليها فعرضوها على زيد بن حصين الطائي فأبى، و عرضوها على حرقوص بن زهير فأبى، و على حمزة بن سنان و شريح بن اوفى العبسى فأبيا، و عرضوها على عبد الله ابن وهب، فقال: هاتوها، أما و الله لا آخذها رغبة في الدنيا، و لا ادعها فرقا من الموت.

فبايعوه لعشر خلون من شوال- وكان يقال له ذو الثفنات- ثم اجتمعوا في منزل شريح بن اوفى العبسي، فقال ابن وهب أشخصوا بنا بلدة تجتمع فيها لانفاذ حكم الله، فإنكم أهل الحق قال شريح: نخرج إلى المدائن فننزلها، و نأخذ بأبوابها، و نخرج منها سكانها، و نبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيقدمون علينا.

فقال زيد بن حصين انكم ان خرجتم مجتمعين اتبعتم، و لكن أخرجوا وحدانا مستخفين، فاما المدائن فان بها من يمنعكم و لكن سيروا حتى تنزلوا جسر النهروان و تكاتبوا إخوانكم من أهل البصرة قالوا هذا الرأي.

و كتب عبد الله بن وهب إلى من بالبصرة منهم يعلمهم ما اجتمعوا عليه، و يحثهم على اللحاق بهم و سير الكتاب اليهم، فأجابوه انهم على اللحاق به فلما عزموا على المسير تعبدوا ليلتهم- وكانت ليلة الجمعة و يوم الجمعة- و ساروا يوم السبت، فخرج شريح بن اوفى العبسى و هو يتلو قول الله تعالى

«فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَبُ قَالَ رَبِّ نَجنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمينَ، وَلما تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّيَ أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ». و خرج معهم طرفة بن عدی بن حاتم الطائي، فاتبعه أبوه فلم يقدر عليه، فانتهى المدائن

ص: 97

ثم رجع، فلما بلغ ساباط لقيه عبد الله بن وهب الراسبي في نحو عشرين

فارسا

فأراد عبد الله، قتله فمنعه عمرو بن مالك النبهاني و بشر بن زيد البولانی و ارسل عدى إلى سعد بن مسعود عامل على على المدائن يحذره امرهم فحذر و أخذ أبواب المدائن و خرج في الخيل و استخلف بها ابن أخيه المختار بن أبي عبيد و سار في طلبهم،

فأخبر عبد الله بن وهب خبره فرابا طريقه و سار على بغداد، و لحقهم سعد بن مسعود بالكرخ في خمسمائة فارس عند المساء، فانصرف اليهم عبد الله في ثلاثين فارسا فاقتتلوا ساعة و امتنع القوم منهم، و قال اصحاب سعد لسعد: ما تريد من قتال هؤلاء و لم يأتك فيهم أمر خلهم فليذهبوا، و اكتب إلى أمير المؤمنين،

فان أمرك باتباعهم اتبعتهم و أن كفاكهم غيرك كان في ذلك عافية لك فأبى عليهم، فلما جن عليهم الليل خرج عبد الله بن وهب فعبر دجلة الى ارض جوخي، و سار إلى النهروان، فوصل إلى اصحابه و قد ايسوا منه و قالوا: إن كان هلك ولينا الأمر زيد بن حصين أو حرقوص بن زهير،

و سار جماعة من أهل الكوفة يريدون الخوارج ليكونوا معهم فردهم أهلوهم كرها، منهم القعقاع بن قيس الطائي عم الطرماح بن حكيم و عبد الله بن حكيم بن عبد الرحمن البكائى و بلغ عليا ان سالم بن ربيعة العبسى يريد الخروج فاحضره عنده و نهاه فانتهى.

و لما خرجت الخوارج من الكوفة أتى عليا اصحابه و شيعته فبايعوه و قالوا: نحن أولياء من واليت و أعداء من عاديت فشرط لهم فيه سنة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعمي- و كان شهد معه

ص: 98

الجمل و صفين و معه راية خثعم- فقال له: بايع على كتاب الله و سنة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)،

فقال ربيعة على سنة أبي بكر و عمر، قال له على ويلك لو أن أبا بکر و عمر عملا بغير كتاب الله و سنة رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لم يكونا على شيء من الحق، فبايعه، فنظر إليه على و قال:

اما و الله لكأني بك و قد نفرت مع هذه الخوارج فقتلت، و كأني بك و قد وطئتك الخيل بحوافرها فقتل يوم النهر مع خوارج البصرة.

و أما خوارج البصرة فإنهم اجتمعوا في خمسمائة رجل، و جعلوا عليهم مسعر ابن فدكي التميمي فعلم بهم ابن عباس فاتبعهم أبا الأسود الدولى، فلحقهم بالجسر الاكبر فتوافقوا حتى حجز بينهم الليل و ادلج باصحابه و اقبل يعترض الناس و على مقدمته الاشرس بن عوف الشيباني، و سار حتى لحق بعبد الله بن وهب بالنهر.

فلما خرجت الخوارج و هرب أبو موسى إلى مكة، ورد على (علیه السلام) ابن عباس إلى البصرة، قام في الكوفة فخطبهم فقال:

الحمد لله و ان أتى الدهر بالخطب الفادح و الحدثان الجليل، و اشهد ان لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله، أما بعد فان المعصية تورث الحسرة، و تعقب الندم، و قد كنت أمرتكم في هذين الرجلين و في هذه الحكومة أمرى، و نحلتكم رأيي لو كان لقصير أمر و لكن ابيتم الا ما أردتم فكنت انا و أنتم كما قال أخو هوازن:

أمرتهم أمرى بمنعرج اللوى*** فلم يستبينوا الرشد الاضحى الغد

الا ان هذين الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما و احييا ما أمات القرآن و اتبع كل واحد منهما هواه بغير

ص: 99

هدى من الله، فحكما بغير حجة بينة، و لا سنة ماضية، و اختلفا في حكمهما، و كلاهما لم يرشد فبرئ الله منهما و رسوله و صالح المؤمنين.

استعدوا و تأهبوا للمسير إلى الشام و أصبحوا في معسكركم ان شاء الله يوم الاثنين ثم نزل.

و كتب إلى الخوارج بالنهر: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله على أمير المؤمنين، إلى زيد بن حصين و عبد الله بن وهب و من معهما من الناس. أما بعد، فان هذين الرجلين اللذين ارتضينا حكمهما قد خالفا كتاب الله و اتبعا اهواءهما بغير هدى من الله، فلم يعملا بالسنة، و لم ينفذا للقرآن حكما، فبرئ الله و رسوله منهما و المؤمنون.

فإذا بلغكم كتابي هذا فاقبلوا فانا سائرون إلى عدونا و عدوكم، و نحن على الأمر الأول الذي كنا عليه و السلام.

و كتبوا اليه أما بعد فإنك لم تغضب لربك، انما غضبت لنفسك، فان شهدت على نفسك بالكفر و استقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا و بينك و الا فقد نابذناك على سواء ان الله لا يحب الخائنين فلما قرأ كتابهم ايس منهم فراى ان يدعهم و يمضى بالناس إلى أهل الشام حتى يلقاهم فيناجزهم.

156- عنه قال أبو مخنف، عن المعلى بن كليب الهمداني عن جبر بن نوف أبى الوداك الهمداني: ان عليا لما نزل بالنخيلة و ايس من الخوارج قام فحمد الله و اثنى عليه ثم قال: أما بعد فانه من ترك الجهاد في الله و ادهن في أمره كان على شفا هلكة الا ان يتداركه الله بنعمة،

فاتقوا الله و قاتلوا من حاد الله و حاول ان يطفى نور الله، قاتلوا الخاطئين الضالين، القاسطين المجرمين، الذين ليسوا بقراء للقرآن، و لا فقهاء في الدين و لا علماء في التأويل، و لا لهذا الأمر باهل سابقة في الاسلام

ص: 100

و الله لو ولوا عليكم لعملوا فيكم باعمال كسری و هرقل تیسروا و تهيئوا للمسير إلى عدوكم من أهل المغرب، و قد بعثنا إلى إخوانكم من أهل البصرة ليقدموا عليكم، فإذا قدموا فاجتمعتم شخصنا ان شاء الله، و لا حول ولا قوة الا بالله.

و كتب على إلى عبد الله بن عباس مع عتبة بن الاخنس بن قيس من بنى سعد بن بكر أما بعد فانا قد خرجنا إلى معسكرنا بالنخيلة، و قد اجمعنا على المسير إلى عدونا من أهل المغرب فاشخص بالناس حتى يأتيك رسولي، و أقم حتى يأتيك أمرى و السلام.

فلما قدم عليه الكتاب قراه على الناس و أمرهم بالشخوص مع الأحنف ابن قيس، فشخص معه منهم الف و خمسمائة رجل، فاستقلهم عبد الله بن عباس، فقام في الناس، فحمد الله و اثنى عليه ثم قال: أما بعد يا أهل البصرة، فانه جاءني أمر أمير المؤمنين يأمرني باشخاصكم،

فامرتكم بالنفير إليه مع الأحنف بن قيس، و لم يشخص معه منكم الا الف و خمسمائة، و أنتم ستون ألفا سوى أبنائكم و عبدانكم و مواليكم الا انفروا مع جارية بن قدامه السعدي، و لا يجعلن رجل على نفسه سبيلا،

فانى موقع بكل من وجدته متخلفا عن مكتبه، عاصيا لإمامه، و قد امرت أبا الأسود الدولى بحشركم، فلا يلم رجل جعل السبيل على نفسه الا نفسه.

فخرج جارية فعسكر و خرج أبو الأسود فحشر الناس، فاجتمع الى جارية الف و سبعمائة، ثم اقبل حتى وافاه على بالنخيلة، فلم يزل بالنخيلة حتى وافاه هذان الجيشان من البصرة ثلاثة آلاف و مائتا رجل فجمع إليه رءوس أهل الكوفة، و رءوس الاسباع، و رءوس القبائل، و

ص: 101

وجوه الناس فحمد الله و اثنى عليه ثم قال:

يا أهل الكوفة، أنتم إخواني و انصارى، و أعواني على الحق، و صحابتي على جهاد عدوى المحلين بكم اضرب المدبر، و أرجو تمام طاعه المقبل، و قد بعثت إلى أهل البصرة فاستنفرتهم إليكم، فلم يأتني منهم الا ثلاثة آلاف و مائتا رجل، فأعينوني بمناصحة جلية خلية من الغش انكم... مخرجنا إلى صفين

بل استجمعوا باجمعكم و انى أسألكم ان يكتب لي رئيس كل قوم ما في عشيرته من المقاتلة و أبناء المقاتلة الذين أدركوا القتال و عبدان عشيرته و مواليهم، ثم يرفع ذلك إلينا.

فقام سعيد بن قيس الهمدانى فقال يا أمير المؤمنين سمعا و طاعة، و ودا و نصيحة انا أول الناس جاء بما سالت و بما طلبت و قام معقل بن قيس الرياحي فقال له نحوا من ذلك، و قام عدي بن حاتم و زیاد بن خصفة و حجر بن عدی و اشراف الناس و القبائل فقالوا مثل ذلك.

ثم ان الرءوس كتبوا من فيهم ثم رفعوهم اليه، و أمروا ابناءهم و عبيدهم و مواليهم ان يخرجوا معهم، و الا يتخلف منهم عنهم احد، فرفعوا اليه اربعين الف مقاتل و سبعة عشر ألفا من الأبناء ممن أدرك، و ثمانية آلاف من مواليهم و عبيدهم و قالوا يا أمير المؤمنين، أما عندنا المقاتلة و أبناء المقاتلة ممن قد بلغ الحلم، و اطاق القتال،

فقد رفعنا إليك منهم ذوى القوة و الجلد و أمرناهم بالشخوص معنا و منهم ضعفاء، و هم في ضياعنا و أشياء مما يصلحنا و كانت العرب سبعة و خمسين ألفا من أهل الكوفة و من مواليهم و مماليكهم ثمانية آلاف، و كان جميع أهل الكوفة خمسة و ستين ألفا، و ثلاثة آلاف و مائتي رجل من أهل

ص: 102

البصرة، و كان جميع من معه ثمانية و ستين ألفا و مائتي رجل.

157- عنه قال أبو مخنف، عن أبي الصلت التيمي: ان عليا كتب الى سعد ابن مسعود الثققی و هو عامله على المدائن أما بعد فانى قد بعثت إليك زياد ابن خصفة فاشخص معه من قبلك من مقاتلة أهل الكوفة، و عجل ذلك ان شاء الله و لا قوة الا بالله.

قال و بلغ عليا ان الناس يقولون: لو سار بنا إلى هذه الحرورية فبدانا بهم فإذا فرغنا منهم وجهنا من وجهنا ذلك إلى المحلين فقام في الناس فحمد الله و اثنى عليه ثم قال: أما بعد فانه قد بلغنى قولكم لو ان أمير المؤمنين سار بنا إلى هذه الخارجة التي خرجت عليه فبدانا بهم.

فإذا فرغنا منهم وجهنا إلى المحلين و ان غير هذه الخارجة أهم إلينا منهم، فدعوا ذكرهم و سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين ملوكا، و يتخذوا عباد الله خولا.

فتنادى الناس من كل جانب سر بنا يا أمير المؤمنين حيث احببت قال: فقام إليه صيفي بن فسيل الشيباني فقال: يا أمير المؤمنين، نحن حزبك و أنصارك، نعادي من عاديت و نشايع من أناب إلى طاعتك، فسر بنا عدوك، من كانوا و أينما كانوا

فإنك ان شاء الله لن تؤتى من قلة عدد و لا ضعف نية اتباع و قام اليه محرز بن شهاب التميمي من بنى سعد فقال يا أمير المؤمنين شيعتك كقلب رجل واحد في الإجماع على نصرتك، و الجد في جهاد عدوك،

فابشر بالنصر و سر بنا إلى اى الفريقين، احببت فانا شيعتك الذين نرجو في طاعتك و جهاد من خالفك صالح الثواب، و نخاف في خذلانك و التخلف عنك شدة الوبال

ص: 103

158- عنه حدثني يعقوب، قال: حدثني إسماعيل، قال: أخبرنا أيوب عن حميد بن هلال، عن رجل من عبد القيس كان من الخوارج ثم فارقهم قال دخلوا قرية فخرج عبد الله بن خباب صاحب رسول الله ذعرا يجر رداءه، فقالوا: لم ترع؟ فقال: و الله لقد ذعرتمونى، قالوا: أ أنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)؟ قال: نعم، قالوا:

فهل سمعت من ابيك حديثا يحدث به عن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) انه ذكر فتنة، القاعد فيها خير من القائم، و القائم فيها خير من الماشي و الماشي فيها خير من الساعي؟ قال: فان أدركتم ذلك فكن يا عبد الله المقتول- قال أيوب و لا اعلمه الا قال و لا تكن يا عبد الله القاتل- قال: نعم، قال:

فقدموه على ضفة النهر، فضربوا عنقه، فسال دمه كأنه شراك نعل و بقروا بطن أم ولده عما في بطنها.

159- عنه قال أبو مخنف عن عطاء بن عجلان، عن حميد بن هلال ان الخارجة التي اقبلت من البصرة جاءت حتى دنت من إخوانها بالنهر فخرجت عصابة منهم، فإذا هم برجل يسوق بامرأة على حمار فعبروا اليه فدعوه فتهددوه و افزعوه و قالوا له: من أنت؟ قال: انا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)،

ثم اهوى إلى ثوبه يتناوله من الارض و كان سقط عنه لما افزعوه- فقالوا له: أفزعناك؟ قال: نعم، قالوا له: لا روع عليك، فحدثنا عن ابيك بحديث سمعه من النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، لعل الله ينفعنا به قال:

حدثني أبي، عن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ان فتنة تكون، يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه يمسى فيها مؤمنا و يصبح فيها كافرا، و يصبح فيها كافرا و يمسى فيها مؤمنا فقالوا: لهذا الحديث سألناك، فما تقول في أبي

ص: 104

بکر و عمر؟ فاثنى عليهما خيرا قالوا: ما تقول في عثمان في أول خلافته و في آخرها؟ قال:

انه كان محقا في أولها و في آخرها قالوا فما تقول في على قبل التحكيم و بعده؟ قال: انه اعلم بالله منكم و أشد توقيا على دينه، و انفذ بصيرة فقالوا انك تتبع الهوى، و توالى الرجال على أسمائها لا على افعالها و الله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحدا

فاخذوه فكتفوه ثم أقبلوا به و بامراته و هي حبلى متم حتى نزلوا تحت نخل مواقر فسقطت منه رطبة، فأخذها احدهم فقذف بها في فمه، فقال احدهم بغير حلها، و بغير ثمن، فلفظها و ألقاها من فمه، ثم أخذ سيفه فاخذ يمينه، فمر به خنزير لأهل الذمة فضربه بسيفه، فقالوا: هذا فساد في الارض

فاتى صاحب الخنزير فارضاه من خنزيرة، فلما راى ذلك منهم ابن خباب قال: لئن كنتم صادقين فيما ارى فما على منكم باس انى لمسلم ما احدثت في الاسلام حدثا، و لقد امنتموني قلتم: لا روع عليك، فجاءوا به فأضجعوه فذبحوه، و سال دمه في الماء، و أقبلوا إلى المرأة،

فقالت انى انما انا إمرأة، الا تتقون الله، فبقروا بطنها، و قتلوا ثلاث نسوة من طيّئ، و قتلوا أم سنان الصيداوية، فبلغ ذلك عليا و من معه من المسلمين من قتلهم عبد الله بن خباب و اعتراضهم الناس، فبعث اليهم الحارث بن مرة العبدى ليأتيهم فينظر فيما بلغه عنهم، و يكتب به إليه على وجهه، و لا يكتمه

فخرج حتى انتهى إلى النهر ليسائلهم، فخرج القوم إليه فقتلوه، و أتى الخبر أمير المؤمنين و الناس، فقام إليه الناس، فقالوا:

ص: 105

يا أمير المؤمنين علام تدع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في أموالنا و عيالنا، سر بنا إلى القوم فإذا فرغنا مما بيننا و بينهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام. و قام إليه الاشعث بن قيس الكندى فكلمه بمثل ذلك.

و كان الناس يرون ان الاشعث يرى رأيهم لأنه كان يقول يوم صفين: انصفنا قوم يدعون إلى كتاب الله، فلما أمر عليا بالمسير اليهم علم الناس انه لم يكن يرى رأيهم فاجمع على ذلك، فنادى بالرحيل، و خرج فعبر الجسر فصلى ركعتين بالقنطره

ثم نزل دير عبد الرحمن، ثم دير أبي موسى، ثم أخذ على قرية شاهي، ثم على دباها، ثم على شاطئ الفرات فلقيه في مسيره ذلك منجم، اشار عليه بسير وقت من النهار، و قال له ان سرت في غير ذلك الوقت لقيت أنت و أصحابك ضرا شديدا فخالفه

و سار في الوقت الذى نهاه عن السير فيه، فلما فرغ من النهر حمد الله و اثنى عليه ثم قال: لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها المنجم لقال الجهال الذين لا يعلمون: سار في الساعة التي أمره بها المنجم فظفر.

160- عنه قال أبو مخنف حدثني يوسف بن يزيد، عن عبد الله بن عوف، قال: لما اراد على المسير إلى أهل النهر من الأنبار، قدم قيس بن سعد بن عبادة و أمره ان ياتى المدائن فينزلها حتى يأمره بامره، ثم جاء مقبلا اليهم، و وافاه قیس و سعد بن مسعود الثقفى بالنهر، و بعث إلى أهل النهر: ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم نقتلهم بهم، ثم انا تارككم و كاف عنكم حتى القى أهل الشام، فلعل الله يقلب قلوبكم، و يردكم إلى خير مما أنتم عليه من أمركم فبعثوا اليه فقالوا: كلنا قتلتهم، و كلنا نستحل دماءهم و دماءكم.

ص: 106

161- عنه قال أبو مخنف فحدثني الحارث بن حصيرة، عن عبد الرحمن بن عبيد أبى الكنود، ان قيس بن سعد بن عبادة قال لهم: عباد الله، أخرجوا إلينا طلبتنا منكم و ادخلوا في هذا الأمر الذى منه خرجتم و عودوا بنا إلى قتال عدونا و عدوكم، فإنكم ركبتم عظيما من الأمر، تشهدون علينا بالشرك، و الشرك ظلم عظيم و تسفكون دماء المسلمين و تعدونهم مشركين.

فقال عبد الله بن شجرة السلمى ان الحق قد أضاء لنا، فلسنا نتابعكم أو تأتونا بمثل عمر، فقال: ما نعلمه فينا غير صاحبنا، فهل تعلمونه فيكم؟ و قال نشدتكم بالله في انفسكم ان تهلكوها فانى لأرى الفتنة قد غلبت عليكم. و خطبهم أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري، فقال:

عباد الله انا و إياكم على الحال الاولى التي كنا عليها، ليست بيننا و بينكم فرقة فعلام تقاتلوننا؟ فقالوا: انا لو بايعناكم اليوم حكمتم غدا قال: فانى أنشدكم الله ان تعجلوا فتنة العام مخافة ما ياتى في قابل.

162- عنه قال أبو مخنف: حدثني مالك بن اعين، عن زيد بن وهب، ان عليا أتى أهل النهر فوقف عليهم فقال: أيتها العصابة التي أخرجتها عداوة المراء و اللجاجه و صدها عن الحق الهوى و طمح بها النزق، و اصبحت في اللبس و الخطب العظيم

انى نذير لكم ان تصبحوا تلفيكم الامة غدا صرعى بأثناء هذا النهر، و باهضام هذا الغائط، بغير بينة من ربكم، و لا برهان بين ألم تعلموا انى نهيتكم عن الحكومة، و أخبرتكم ان طلب القوم إياها منكم دهن و مكيدة لكم، و نباتكم ان القوم ليسوا باصحاب دين و لا قرآن و انى اعرف بهم منكم عرفتهم اطفالا و رجالا،

ص: 107

فهم أهل المكر و الغدر و انكم ان فارقتم رأيي جانبتم الحزم فعصيتموني، حتى اقررت بان حکمت، فلما فعلت شرطت و استوثقت فأخذت على الحكمين ان يحييا ما أحيا القرآن و ان يميتا ما أمات القرآن فاختلفا و خالفا حكم الكتاب و السنة فنبذنا أمرهما، و نحن على أمرنا الاول، فما الذى بكم؟ و من این اتيتم قالوا:

انا حكمنا، فلما حكمنا اثمنا و كنا بذلك كافرين و قد تبنا فان تبت كما تبنا فنحن منك و معك و ان أبيت فاعتزلنا فانا منابذوك على سواء ان الله لا يحب الخائنين.

فقال على أصابكم حاصب و لا بقي منكم وابر، ابعد ايماني برسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و هجرتي معه، و جهادي في سبيل الله اشهد على نفسي بالكفر لقد ضللت إذا و ما انا من المهتدين ثم انصرف عنهم.

163- عنه قال أبو مخنف: حدثني أبو سلمة الزهري – و كانت أمه بنت انس ابن مالك- ان عليا قال لأهل النهر يا هؤلاء، ان انفسكم قد سولت لكم فراق هذه الحكومة التي أنتم ابتداتموها و سالتموها و انا لها کاره و أنبأتكم ان القوم سالوكموها مكيدة ود هنا فابيتم على إباء المخالفين، و عدلتم عنى عدول النكداء العاصين،

حتى صرفت رأيي إلى رأيكم و أنتم و الله معاشر إخفاء الهام، سفهاء الأحلام، فلم آت-لا أبا لكم- حراما و الله ما خبلتكم عن أموركم، و لا اخفيت شيئا من هذا الأمر عنكم و لا أوطأتكم عشوة و لا دنيت لكم الضراء، و إن كان أمرنا لامر المسلمين،ظاهرا فاجمع راى ملئكم على ان اختاروا رجلين

فأخذنا عليهما ان يحكما بما في القرآن و لا يعدواه، فتاها و تركا الحق

ص: 108

و هما يبصرانه و كان الجور هواهما و قد سبق استيثاقنا عليهما في الحكم بالعدل، و الصد للحق سوء رأيهما، و جور حكمها و الثقة فى أيدينا لأنفسنا حين خالفا سبيل الحق و أتيا بما لا يعرف

فبينوا لنا بماذا تستحلون قتالنا و الخروج من جماعتنا، ان اختار الناس رجلين ان تضعوا أسيافكم على عواتقكم، ثم تستعرضوا الناس تضربون رقابهم و تسفكون دماءهم ان هذا هو الخسران المبين و الله لو قتلتم على هذا دجاجة لعظم عند الله قتلها، فكيف بالنفس التي قتلها عند الله حرام.

فتنادوا لا تخاطبوهم و لا تكلموهم، و تهيئوا للقاء الرب، الرواح الرواح إلى الجنة، فخرج على فعبا الناس فجعل على ميمنته حجر بن عدی، و على ميسرته شبث بن ربعي- أو معقل بن قيس الرياحي- و على الخيل أبا أيوب الأنصاري، و على الرجالة أبا قتادة الأنصاري، و على أهل المدينة- و هم سبعمائة أو ثمانمائة رجل- قيس بن سعد بن عبادة.

قال: و عبات الخوارج، فجعلوا على ميمنتهم زيد بن حصين الطائي و على الميسرة شريح بن أوفى العبسي و على خيلهم حمزة بن سنان الأسدي، و على الرجالة حرقوص بن زهير السعدي.

قال: و بعث على الأسود بن يزيد المرادى في الفى فارس حتى أتى حمزة بن سنان و هو في ثلاثمائة فارس من خيلهم، و رفع على راية أمان مع ابى أيوب، فناداهم أبو أيوب من جاء هذه الراية منكم ممن لم يقتل و لم يستعرض فهو آمين، و من انصرف منكم إلى الكوفة أو إلى المدائن و خرج من هذه الجماعة فهو آمين انه لا حاجه لنا بعد أن نصيب قتلة إخواننا منكم في سفك دمائكم

ص: 109

فقال فروة بن نوفل الاشجعي و الله ما ادرى على أى شيء نقاتل عليا، لا ارى الا ان انصرف حتى تنفذ لي بصيرتي في قتاله أو اتباعه.

و انصرف في خمسمائة فارس حتى نزل البندنيجين والد سكرة، و خرجت طائفة أخرى متفرقين فنزلت الكوفة،

و خرج إلى على منهم نحو من مائة و كانوا اربعة آلاف فكان الذين بقوا مع عبد الله بن وهب منهم الفين و ثمانمائه و زحفوا إلى على، و قدم على الخيل دون الرجال وصف الناس وراء الخيل صفين وصف المرامية امام الصف الاول، و قال لأصحابه:

كفوا عنهم حتى يبدءوكم، فإنهم لو قد شدوا عليكم- و جلهم رجال- لم ينتهوا إليكم الا لاغبين و أنتم رادون حامون و اقبلت الخوارج فلما ان دنوا من الناس نادوا يزيد بن قيس فكان يزيد بن قيس على أصبهان فقالوا: يا يزيد بن قيس، لا حكم الا لله و ان كرهت أصبهان فناداهم عباس ابن شريك و قبيصة بن ضبيعة العبسيان:

يا أعداء الله، أليس فيكم شريح ابن اوفى المسرف على نفسه؟ هل أنتم الا أشباهه، قالوا: و ما حجتكم على رجل كانت فيه فتنة، و فينا توبة، ثم تنادوا الرواح الرواح إلى الجنة، فشدوا على الناس و الخيل أمام الرجال

فلم تثبت خيل المسلمين لشدتهم و افترقت الخيل فرقتين: فرقه نحو الميمنة، و أخرى نحو الميسرة، و أقبلوا نحو الرجال، فاستقبلت المرامية وجوههم بالنبل و عطفت عليهم الخيل من الميمنة و الميسرة، و نهض اليهم الرجال بالرماح و السيوف فو الله ما لبثوهم ان اناموهم.

ثم ان حمزة بن سنان صاحب خيلهم لما راى الهلاك نادى اصحابه ان انزلوا، فذهبوا لينزلوا فلم يتقاروا حتى حمل عليهم الأسود بن قيس

ص: 110

المرادى، و جاءتهم الخيل من نحو على فاهمدوا في الساعة.

164- عنه قال أبو مخنف: فحدثني عبد الملك بن مسلم بن سلام بن ثمامة الحنفي، عن حكيم بن سعد، قال ما هو الا ان لقينا أهل البصرة، فما لبثناهم، فكأنما قيل لهم موتوا فماتوا قبل ان تشتد شوكتهم و تعظم نكايتهم.

165- عنه قال أبو مخنف فحدثني أبو جناب، أن أبا أيوب أتى عليا فقال: يا أمير المؤمنين قتلت زيد بن حصين قال: فما قلت له و ما قال لك؟ قال: طعنته بالرمح في صدره حتى نجم من ظهره، قال: و قلت له: ابشر يا عدو الله بالنار، قال: ستعلم أينا اولى بها صليا، فسكت على (علیه السلام) عليها.

166- عنه قال أبو مخنف، عن أبى جناب ان عليا قال له: هو اولى لها صليا. قال: وجاء عائذ بن حملة التميمي، فقال: يا أمير المؤمنين، قتلت كلابا قال احسنت، أنت محق قتلت مبطلا و جاء هاني بن خطاب الارحبي و زياد بن خصفة يحتجان في قتل عبد الله بن وهب الراسبي، فقال لهما: كيف صنعتما؟ فقالا:

يا أمير المؤمنين، لما رأيناه، عرفناه و ابتدرناه فطعناه برمحينا، فقال على لا تختلفا، كلاكما قاتل و شد جيش بن ربيعة أبو المعتمر الكناني على حرقوص بن زهير فقتله، و شد عبد الله بن زحر الخولاني على عبد الله بن شجرة السلمى فقتله، و وقع شريح بن اوفى إلى جانب جدار، فقاتل على ثلمة فيه طويلا من نهار و كان قتل ثلاثة من همدان، فاخذ يرتجز و يقول:

قد علمت جارية عبسية*** ناعمة في أهلها مكفية

انى ساحمى ثلمتى العشية

فشد عليه قيس بن معاوية الدهني فقطع رجله، فجعل يقاتلهم و

ص: 111

يقول:

القرم يحمى شوله معقولا.

ثم شد عليه قيس بن معاوية فقتله، فقال الناس:

اقتتلت همدان یوما و رجل*** اقتتلوا من غدوه حتى الأصل

ففتح الله لهمدان الرجل و قال شريح:

اضربهم و لو ارى أبا حسن*** ضربته بالسيف حتى يطمئن

و قال:

اضربهم و لو ارى عليا*** البسته ابيض مشرفيا

167- عنه قال أبو مخنف حدثني عبد الملك بن أبى حرة، أن عليا خرج في طلب ذي الثدية و معه سليمان بن ثمامة الحنفي أبو جبرة، و الريان بن صبرة ابن هوذة، فوجده الريان بن صبرة بن هوذة في حفرة على شاطئ النهر في اربعين أو خمسين قتيلا قال:

فلما استخرج نظر إلى عضده، فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدي المرأة، له حلمة عليها شعرات سود فإذا مدت امتدت حتى تحاذى طول يده الاخرى، ثم تترك فتعود إلى منكبه كثدي المرأة، فلما استخرج قال على (علیه السلام):

الله اكبر و الله ما كذبت و لا كذبت أما و الله لولا ان تنكلوا عن العمل، لأخبرتكم بما قضى الله على لسان نبيه (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لمن قاتلهم مستبصرا في قتالهم عارفا للحق الذى نحن عليه. قال: ثم مر و هم صرعى فقال: بؤسا لكم، لقد ضركم من غركم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، من غرهم؟ قال:

الشيطان و انفس بالسوء أمارة، غرتهم بالأماني و زينت لهم المعاصي، و نباتهم انهم ظاهرون قال و طلب من به رمق منهم فوجدناهم أربعمائة رجل فامر بهم على فدفعوا إلى عشائرهم و قال احملوهم معكم

ص: 112

فداووهم، فإذا برئوا فوافوا بهم الكوفة وخذوا ما في عسكرهم من شيء. قال: و أما السلاح و الدواب و ما شهدوا به عليه الحرب فقسمه بين المسلمين و أما المتاع و العبيد و الإماء فانه حين قدم رده على اهله.

و طلب عدی بن حاتم ابنه طرفة فوجده، فدفنه، ثم قال: الحمد لله الذي ابتلاني بيومك على حاجتي إليك و دفن رجال من الناس قتلاهم

فقال أمير المؤمنين حين بلغه ذلك: ارتحلوا إذا، أتقتلونهم ثم تدفنونهم، فارتحل الناس.

168- عنه قال أبو مخنف عن مجاهد، عن المحل بن خليفة: ان رجلا منهم من بنى سدوس يقال له العيزار بن الاخنس كان يرى راى الخوارج خرج اليهم، فاستقبل وراء المدائن عدى بن حاتم و معه الأسود بن قيس و الأسود بن يزيد المراديان، فقال له العيزار حين استقبله أسالم غانم أم ظالم آثم؟ فقال عدى: لا، بل سالم غانم.

فقال له المراديان: ما قلت هذا الا لشر في نفسك، و انك لنعرفك يا عيزار برای القوم فلا تفارقنا حتى نذهب بك إلى أمير المؤمنين فنخبره خبرك فلم يكن باوشك ان جاء على فأخبراه خبره و قالا يا أمير المؤمنين، أنه يرى رأى القوم، قد عرفناه بذلك،

فقال: ما يحل لنا دمه، و لكنا نحبسه فقال عدي بن حاتم يا أمير المؤمنين، ادفعه إلى و انا اضمن الا يأتيك من قبله مكروه فدفعه اليه.

169- عنه قال أبو مخنف حدثني عمران بن حدير، عن أبي مجلز، عن عبد الرحمن بن جندب بن عبد الله انه لم يقتل من اصحاب على الا سبعة.

170- عنه قال أبو مخنف، عن نمير بن وعلة اليناعي، عن أبي درداء قال: كان على لما فرغ من أهل النهروان حمد الله و اثنى عليه ثم قال: ان الله

ص: 113

قد احسن بكم، و أعز نصركم، فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم قالوا:

يا أمير المؤمنين، نفدت نبالنا و كلت سيوفنا، و نصلت اسنة رماحنا، و عاد أكثرها قصدا فارجع إلى مصرنا

فلنستعد باحسن عدتنا، و لعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من هلك منا، فانه اوفى لنا على عدونا و كان الذى تولى ذلك الكلام الاشعث بن قيس، فاقبل حتى نزل النخيلة، فامر الناس ان يلزموا عسكرهم، و يوطنوا على الجهاد انفسهم، و ان يقلوا زيارة نسائهم و ابنائهم حتى يسيروا الى عدوهم

فأقاموا فيه أياما، ثم تسللوا من معسكرهم، فدخلوا الا رجالا من وجوه الناس قليلا و ترك العسكر خاليا فلما راى ذلك دخل الكوفة، و انكسر عليه رايه في المسير.

171- عنه قال أبو مخنف عمن ذكره، عن زيد بن وهب: ان عليا قال للناس- و هو أول كلام قاله لهم بعد النهر:

ايها الناس، استعدوا للمسير إلى عدو في جهاده القربة إلى الله و درك الوسيلة عنده حيارى في الحق، جفاة عن الكتاب، نكب عن الدين، يعمهون في الطغيان، و يعكسون في غمرة الضلال، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل و توكلوا على الله و كفى بالله وكيلا، و كفى بالله نصيرا.

قال: فلاهم نفروا و لا تيسروا فتركهم أياما حتى إذا ايس من ان يفعلوا، دعا رؤساءهم و وجوههم، فسألهم عن رأيهم، و ما الذى ينظرهم، فمنهم المعتل، و منهم المكره، و أقلهم من نشط فقام فيهم خطيبا، فقال:

عباد الله، ما لكم إذا أمرتكم ان تنفروا اثاقلتم إلى الارض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، و بالذل و الهوان من العز، أو كلما ندبتكم الجهاد

ص: 114

دارت اعينكم كأنكم من الموت في سكرة، و كان قلوبكم مالوسة فأنتم لا تعقلون، و كان أبصاركم كمه.

فأنتم لا تبصرون لله أنتم ما أنتم الا اسود الشرى في الدعة، و ثعالب رواغة حين تدعون إلى الباس. ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي، ما أنتم يركب يصال بكم، و لا ذي عز يعتصم إليه لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم انكم تكادون و لا تكيدون و يتنقص اطرافكم و لا تتحاشون، و لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون

ان أخا الحرب اليقظان ذو عقل و بات لذل من وادع و غلب المتجادلون، و المغلوب مقهور و مسلوب ثم قال: أما بعد فان لي عليكم حقا، و ان لكم على حقا، فاما حقكم على فالنصيحة لكم ما صحبتكم، و توفير فيئكم عليكم و تعليمكم كيما لا تجهلوا، و تأديبكم کی تعلموا

و أما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، و النصح لي في الغيب و المشهد، و الإجابة حين ادعوكم و الطاعة حين آمركم فان يرد الله بكم خيرا انتزعتم عما اكره، و تراجعوا إلى ما أحب تنالوا ما تطلبون، و تدركوا ما تاملون.

172- عنه قال: كان غير أبي مخنف يقول: كانت الوقعه بين على و أهل النهر سنة ثمان و ثلاثين و هذا القول عليه اكثر أهل السير.

173- عنه مما يصححه أيضا ما حدثني به عمارة الأسدي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسی قال: أخبرنا نعيم، قال: حدثني أبو مريم ان شبث بن ربعي و ابن الكواء خرجا من الكوفة إلى حروراء، فامر على الناس أن يخرجوا بسلاحهم، فخرجوا إلى المسجد حتى امتلا بهم فأرسل اليهم: بئس ما صنعتم حين تدخلون المسجد بسلاحكم اذهبوا إلى جبانة مراد حتى

ص: 115

ياتيكم أمرى.

قال أبو مريم: فانطلقنا إلى جبانة مراد فكنا بها ساعه من نهار، ثم بلغنا ان القوم قد رجعوا و هم زاحفون قال: فقلت: انطلق انا حتى انظر اليهم، فانطلقت حتى اتخلل صفوفهم حتى انتهيت إلى شبث بن ربعي و ابن الكواء و هما واقفان متوركان على دابتيهما، و عندهما رسل على (علیه السلام) و هم يناشدونهما الله لما رجعا بالناس، و يقولون لهم:

نعيذكم بالله ان تعجلوا بفتنة العام خشية عام قابل فقام رجل الى بعض رسل على فعقر دابته فنزل الرجل و هو يسترجع، فحمل سرجه فانطلق به و هم يقولون ما طلبنا الا منابذتهم و هم يناشدونهم الله فمكثنا ساعة، ثم انصرفوا إلى الكوفة كأنه يوم فطر أو اضحى.

قال: و كان على يحدثنا قبل ذلك ان قوما يخرجون من الاسلام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية علامتهم رجل مخدج اليد قال: و سمعت ذلك منه مرارا كثيرة، قال: و سمعه نافع المخدج أيضا- حتى رايته يتكره طعامه من كثرة ما سمعه يقول: و كان نافع معنا يصلى في المسجد بالنهار و يبيت فيه بالليل و قد كنت كسوته برنسا.

فلقيته من الغد، فسألته هل كان خرج مع الناس الذين خرجو احروراء؟ فقال: خرجت أريدهم حتى إذا بلغت إلى بني سعد، لقيني صبيان فنزعوا سلاحي و تلعبوا بي فرجعت حتى إذا كان الحول أو نحوه خرج أهل النهر و سار على اليهم، فلم أخرج معه و خرج أخي أبو عبد الله قال:

فأخبرني أبو عبد الله ان عليا سار اليهم حتى إذا كان حذاءهم على شط النهروان ارسل اليهم يناشدهم الله و يأمرهم ان يرجعوا، فلم تزل رسله

ص: 116

تختلف اليهم حتى قتلوا رسوله، فلما راى ذلك نهض اليهم فقاتلهم حتى فرغ منهم

ثم أمر اصحابه ان يلتمسوا المخدج فالتمسوه، فقال بعضهم: ما نجده، حتى قال بعضهم: لا ما هو فيهم ثم انه جاء رجل فبشره و قال: يا أمير المؤمنين، قد وجدناه تحت قتيلين في ساقية فقال اقطعوا يده المخدجة، و أتوني بها، فلما أتى بها أخذها ثم رفعها و قال: و الله ما كذبت و لا كذبت.

174- عنه قال أبو جعفر فقد أنبأ أبو مريم بقوله: فرجعت حتى إذا كان الحول أو نحوه خرج أهل النهر، ان الحرب التي كانت بين على و أهل حروراء كانت في السنة التي بعد السنة التي كان فيها انكار أهل حروراء على على التحكيم، و كان ابتداء ذلك في سنة سبع و ثلاثين على ما قد ثبت قبل، و إذا كان كذلك، و كان الأمر على ما روينا من الخبر عن أبي مريم كان معلوما ان الوقعة كانت بينه و بينهم في سنة ثمان و ثلاثين.

175- عنه ذكر على بن محمد، عن عبد الله بن میمون عن عمرو بن شجيره عن جابر عن الشعبي قال: بعث على بعد ما رجع من صفين جعدة ابن هبيرة المخزومي، و أم جعدة أم هانئ بنت أبى طالب-خراسان، فانتهى إلى ابرشهر و قد كفروا و امتنعوا، فقدم على على فبعث خليد بن قرة اليربوعي فحاصر أهل نيسابور حتى صالحوه، و صالحه أهل مرو.

176- عنه حج بالناس في هذه السنة- اعنى سنة سبع و ثلاثين- عبيد الله بن عباس و كان عامل على على اليمن و مخاليفها و كان على مكة و الطائف قثم بن العباس و على المدينة سهل بن حنيف الأنصاري، و قيل: كان عليها تمام ابن العباس و كان على البصرة عبد الله ابن العباس و على قضائها أبو الأسود الدؤلى، و على مصر محمد بن أبي بكر، و على خراسان

ص: 117

خليد بن قرة اليربوعي.

177- عنه قيل: ان عليا لما شخص إلى صفين استخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري، حدثني احمد بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت ليثا ذكر عن عبد العزيز بن رفيع، أنه لما خرج على إلى صفين استخلف على الكوفة أبا مسعود الأنصاري عقبة بن عمرو و أما الشام فكان بها معاوية بن أبي سفيان.

178- قال ابن عبد ربه قالوا: إن عليا لما أختلف عليه أهل النهروان و القراء و أصحاب البرانس و نزلوا قرية يقال لها حروراء، و ذلك بعد وقعة صفين، فرجع اليهم على بن أبى طالب (علیه السلام) فقال لهم يا هؤلاء من زعيمكم؟ قالوا: ابن الكواء، قال: فليبرز إلى فخرج إليه ابن الكواء، فقال له على: يابن الكواء ما أخرجكم علينا بعد رضاكم بالحكمين، و مقامكم بالكوفة؟

قال: قاتلت بنا عدوا لا نشك في جهاده، فزعمت أن قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار، فبينما نحن كذلك اذ أرسلت منافقاً و حكمت كافرا و كان مما شكك في أمر الله أن قلت للقوم حين دعوتهم: كتاب الله بيني و بينكم فان قضى على بايعتكم و إن قضى عليكم بايعتمونى. فلولا شكك لم تفعل هذا و الحق في يدك.

قال علي: يابن الكواء، إنما الجواب بعد الفراغ، أفرغت فأجيبك؟ قال نعم. قال عليّ أما قتالك معى عدوا لا نشك في جهاده فصدقت و لو شككت فيهم لم أقاتلهم و أما قتلانا و قتلاهم، فقد قال الله في ذلك ما يستغنى به عن قولى؛ و أما إرسالى المنافق و تحكيمي الكافر، فأنت أرسلت أبا موسى مبرنسا، و معاوية حكم عمراً، أتيت بأبي موسى مبرنسا.

ص: 118

فقلت: لا نرضى إلا أبا موسى، فهلا قام إلى رجل منكم؟ فقال: يا علي، لا نعطى هذه الدنية فإنها ضلالة. و أما قولى لمعاوية: إن جرنى إليك كتاب الله تبعتك، و إن جرك إلى تبعتني. زعمت أني لم أعط ذلك إلا من شك، فقد علمت أن أوثق ما في يدك هذا الأمر.

فحدثني ويحك عن اليهودى و النصرانى و مشركي العرب، أهم أقرب إلى كتاب الله أم معاوية و أهل الشام؟ قال: بل معاوية و أهل الشام أقرب قال علي: أفرسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) كان أوثق بما في يديه من كتاب الله أو أنا؟ قال: بل رسول الله. قال: أفرأيت الله تبارك و تعالى حين يقول: «قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ».

أما كان رسول الله يعلم أنه لا يؤتى بكتاب هو أهدى مما في يديه؟ قال: بلى. قال: فلم أعطى رسول الله القوم ما أعطاهم؟ قال: إنصافاً و حجة قال: فاني أعطيت القوم ما أعطاهم رسول الله. قال ابن الكواء: فإني أخطات هذه واحدة زدنى.

قال علي: فما أعظم ما نقمتم على؟ قال: تحكيم الحكمين، فظرنا في أمرنا فوجدنا تحكيمهما شكا و تبذيراً. قال على (علیه السلام): فمتى سمى ابو موسى حكما: حين أرسل أو حين حكم؟ قال: حين أرسل. قال أليس قد سار و هو مسلم، و أنت ترجو أن يحكم بما أنزل الله؟ قال: نعم.

قال علي: فلا أرى الضلال في إرساله. فقال ابن الكواء: سمى حکما حين حكم. قال: نعم، اذا فإرساله كان عدلا أرأيت يابن الكواء لو أن رسول الله بعث مؤمنا إلى قوم مشركين يدعوهم إلى كتاب الله، فارتد على عقبه كافراً، كان يضر نبي الله شيئاً؟ قال: لا. قال علي (علیه السلام):

فما كان ذنبي أن كان أبو موسى ضل، هل رضيت حكومته حين

ص: 119

حكم، أو قوله: إذ قال ابن الكواء: لا، و لكنك جعلت مسلماً و كافراً يحكمان فى كتاب الله. ويلك يا بن الكواء، هل بعث عمراً غير معاوية، و كيف أحكمه و حكمه على صرب عنقی؟

إنما رضى به صاحبه كما رضيت أنت بصاحبك، و قد يجتمع المؤمن و الكافر يحكمان فى أمر الله أرأيت لو أن رجلا مؤمناً تزوج يهودية أو نصرانية فخافا شقاق بينهما، ففزع الناس إلى كتاب الله، و في كتابه: «فَابْعَثُوا حَكَما مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَما مِنْ أَهْلِها».

فجاء رجل من اليهود أو رجل من النصارى و رجل من المسلمين الذين يجوز لهما أن يحكما في كتاب الله، فحكما، قال ابن الكواء وهذه أيضا، أمهلنا حتى ننظر. فانصرف عنهم علي. فقال له صعصعة بن صوحان: يا أمير المؤمنين، أئذن لى فى كلام القوم. قال: نعم، ما لم تبسط يدا.

قال: فنادى صعصعة ابن الكواء، فخرج إليه، فقال أنشدكم بالله یا معشر الخارجين ألا تكونوا عاراً على من يغز و لغيره، و ألا تخرجوا بأرض تسموا بها بعد اليوم، و لا تستعجلوا ضلال العام خشية ضلال عام قابل فقال له ابن الكواء: إن صاحبك لقينا بأمر قولك فيه صغير، فأمسك.

179- عنه قالوا: إن عليّاً خرج بعد ذلك إليهم فخرج إليه ابن الكواء، فقال له علي: يابن الكواء، إنه من أذنب فى هذا الدين ذنباً يكون فى الإسلام حدثا استتبناه من ذلك الذنب بعينه، و إن توبتك أن تعرف هدى ما خرجت منه و ضلال ما دخلت فيه. قال ابن الكواء: إننا لا ننكر أنا قد فتنا.

فقال له عبد الله بن عمرو بن جرموز: أدركنا والله هذه الآية: «اَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ» و كان عبد الله من

ص: 120

قراء أهل حروراء، فرجعوا فصلوا خلف على الظهر، و أنصرفوا معه إلى الكوفة، ثم اختلفوا بعد ذلك في رجعتهم و لام بعضهم بعضاً. فقال زيد بن عبدالله الراسي و كان من أهل حروراء، يشككهم:

شككتم و من أرسى تبيرا مكانه*** ولو لم تشكوا ما انثنيتم عن الحرب

و تحكيمكم عمرا على غير توبة*** و كان لعبد الله خطبا من الخطب فأنكصه للعقب لما خلا به*** فأصبح يهوى من ذرى حالق صعب

و قال الرياحي:

ألم تر أن الله أنزل حكمه*** و عمرو و عبدالله مختلفان

و قال مسلم بن يزيد الثقفى و كان من عباد حروراء:

و إن كان ما عبناه عيبا فحسبنا*** خطايا بأخذ النصح من غير ناصح

و إن كان عيبا فاعظمن بتركنا*** عليّا على أمر من الحق واضح

و نحن أناس بين بين و علنا*** سررنا بأمر غبه غير صالح

ثم خرجوا على على فقتلهم بالنهروان.

180- قال البلاذرى: حدثني عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي حدثني يحيى بن آدم، أنبأنا سفيان عن الأعمش و غيره، قالوا: خرج علي إلى أهل حروراء فكلمهم و حاجهم و ذلك بعد بعثته ابن عباس إليهم فدخلوا جميعا إلى الكوفة، و كان الرجل منهم يذكر القضية فيخرج فيحكم و كان علي يقول: إنا لا نمنعهم الفيء و لا نحول بينهم و بين دخول مساجد الله و لا نهيّجهم ما لم يسفكوا دما و ما لم ينالوا محرما.

181- عنه حدثني عبد الله بن صالح، عن ابن مجالد بن سعيد، عن أبيه، عن عامر الشعبي قال لما أراد علي إمضاء أمر أبي موسى الأشعري أتاه حرقوص بن زهير التميمي، و شريح بن أوفى العبسي، و فروة بن نوفل

ص: 121

الأشجعي، و عبدالله بن شجرة السلمي، وحمزة بن سنان الأسدي و عبدالله ابن وهب الراسبي- و كان يقال له: ذو الثفنات لأثر سجوده بوجهه و يديه و شبه ذلك بثفنات البعير-.

فسألوه أن لا يوجه أبا موسى و أن يسير إلى الشام، فأبا علي (علیه السلام) ذلك و قال: فارقنا القوم على شيء فلا يجوز نقضه. فانصرفوا إلى منزل عبد الله بن وهب من فورهم -أو منزل زيد بن حصين يذكروا من أصيب من أصحاب علي بصفين.

مثل عمار بن ياسر و هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، و خزيمة بن ثابت و أبي الهيثم بن التيهان و أشباههم و ذكروا أمر الحكمين، و كفروا من رضي بالحكومة و برءوا من علي. ثم مشى بعض الحرورية إلى بعض، و قال لهم عبد الله بن شجرة: يا قوم اخرجوا إلى المدائن.

فأقيموا بها حتى يجتمع لكم ما تحاولون أن يجتمع و فارقوا هذه القرية الظالم أهلها. فقال زيد بن حصين: إن سعد بن مسعود على المدائن و هو يمنعنها منكم و يحول بينكم و بينها.

و عرضوا رئاستهم على وجوههم فلم يقبلوها و دفعوها حتى قبلها ذو الثفنات عبد الله بن وهب الراسبي و قال و الله لا آخذها رغبة في الدنيا و لا أتركها جزعا من الموت. ثم إنهم مضوا إلى النهروان.

182- عنه حدثني عبد الله بن صالح، عن يحيى بن آدم، عن رجل عن مجالد عن الشعبي قال: بعث علي عبد الله بن عباس إلى الحرورية، فقال: يا قوم ما ذا نقمتم على أمير المؤمنين؟ قالوا: ثلاثا: حكم الرجال في دين الله، و قاتل فلم يسب و لم يغنم، و محا من اسمه حين كتبوا القضية أمير المؤمنين و اقتصر على اسمه.

ص: 122

فقال عبد الله بن عباس: أما قولكم حكم الرجال. فإن الله قد صيّر حكمه إلى الرجال في ارنب ثمنه ربع درهم و ما أشبه ذلك يصيبه المحرم. و في المرأة و زوجها فنشدتكم الله أحكم الرجال في بضع المرأة و ارنب بربع درهم أفضل؟ أم حكمه في صلاح المسلمين و حقن دمائهم؟ قالوا: بل هذا.

قال:

و أما قولكم قاتل و لم يسب و لم يغنم أفتسبون أمكم عائشة بنت أبي بكر؟ قالوا: لا. قال: و أما قولكم محا من اسمه إمرة المؤمنين. فإن المشركين يوم الحديبية قالوا الرسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): لو علمنا أنك رسول الله لم نقاتلك. فقال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): امح يا علي و اكتب محمد بن عبد الله. و رسول الله خير من علي (علیهما السلام).

فرجع منهم الفان و أقام الآخرون على حالهم فلما أراد على توجيه الأشعري إلى الشام لإمضاء القضية، أتاه حرقوص بن زهير السعدي و زيد بن حصين، و زرعة بن البرج الطائيان في جماعة فسألوه أن لا يوجّه أبا موسى و أن يسير بهم إلى الشام فيقاتلوا معاوية و عمرو بن العاص، فأبا ذلك.

و سار أبو موسى في شهر رمضان فاجتمع المحكمة في منزل زيد بن حصين الطائي فبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي و كان يدعى ذات الثفنات- شبه أثر سجود بجبهته و أنفه و يديه و ركبتيه بثفنات البعير- و كانت بيعتهم له لعشر خلون من شوال.

ثم خرجوا فتوافوا بالنهروان و أقبلوا يحكمون، فقال على: إنّ هؤلاء يقولون: لا إمرة. و لا بد من أمير يعمل في إمرته المؤمن و يستمتع الفاجر، و يبلغ الكتاب الأجل، و إنها لكلمة حتى يعتزون بها الباطل، فإن تكلموا

ص: 123

حججناهم و أن سكتوا عممناهم.

فلما تفرق الحكمان كتب علي إليهم و هم مجتمعون بالنهروان: إن الحكمين تفرقا على غير رضا فارجعوا إلى ما كنتم عليه، و سيروا بنا إلى الشام للقتال. فأبوا ذلك و قالوا لا حتى تتوب و تشهد على نفسك بالكفر. فابا.

و كان مسعر بن فدكي توجه إلى النهروان في ثلاثمأة من المحكمة، فمر ب-«بهر سير» و عليها عدي بن الحرث بن يزيد بن رويم الشيباني فخرج إليهم ليمنعهم فقتله أشرس بن عوف الشيباني، فطعنه فقال: خذها إليك من ابن عم لك مفارق لولا نصرة الحق كان بك ظنينا.

و يقال إنه سلم من طعنته و بقي بعد علي. و ولاه الحسن بهر سير، و كان فيمن أتى أشرس بن عوف- حين خرج بعد النهروان- فضربه و قال: خذها من ابن عمّ لك شأن.

و لقوا عبد الله بن خباب بن الأرت و معه أم ولد له يسوق بها. فأخذوه و ذبحوه و أم ولده فأرسل إليهم علي: أن ابعثوا إلي بقاتل ابن الحرث و ابن خباب حتى أترككم و أمضي إلى الشام فأبوا و قالوا كلنا قتله.

فسار إليهم علي في محرم سنة ثمان و ثلاثين فدعاهم فاعتزل بعضهم فلم يقاتلوه، و بقي الآخرون فقاتلهم بالنهروان فقتلوا لتسع خلون من صفر سنة ثمان و ثلاثين و قتل عبد الله بن وهب الراسبي قتله زياد بن بن خصفة و هانى ابن الخطاب الهمداني جميعا. ويقال:

إن شبث بن ربعي شاركهما في قتله و كان شبث على ميسرة علي و كان فيمن رجع عن التحكيم بعد محاجة ابن عباس المحكمة و قتل شريح بن

ص: 124

أبي أوفى. و اعتزل ابن الكواء فلم يقاتل عليا، و قتل حرقوص بن زهير. و قتل ذو الثدية و كانت في عضده شامة كهيئة الثدي.

183- عنه حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن أبي مخنف لوط بن يحي عن عبد الملك بن أبي حرة الحنفي: ان وجوه الخوارج اجتمعوا عند عبدالله بن وهب الراسبي فخطبهم و دعاهم إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و القول بالحق و إن أمرّ و ضرّ، و قال:

اخرجوا بنا معشر إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى بعض السواد و بعض كور الجبل منكرين لهذه البدع المكروهة.

ثم قام حرقوص بن زهير السعدي فتكلم و تكلموا جميعا بذم الدنيا و الدعاء إلى رفضها و الجد في طلب الحق و انكار البدع و الظلم و عرضوا رئاستهم على غير واحد منهم فأبوها و قبلها عبد الله بن وهب الراسبي فبايعوه و ذلك ليلة الجمعة لعشر ليال بقين من شوال سنة سبع و ثلاثين، في منزل زيد بن حصين.

184- عنه قال أبو مخنف حدثني النضر بن صالح أن الحرورية اجتمعوا في منزل شريح بن أوفى العبسي بعد أن ولّوا أمرهم عبد الله بن وهب، و بعد شخوص أبي موسى للحكومة، فقال ابن وهب إن هؤلاء القوم قد خرجوا لإمضاء حكمهم حكم الضلال، فاخرجوا بنا رحمكم الله إلى بلدة نبعد بها عن مكاننا هذا،

فإنكم أصبحتم بنعمة ربكم أهل الحق. فقال شريح: فما تنتظرون؟ أخرجوا بنا إلى المدائن لننزلها و نبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيوافونا. فأشار عليهم زيد بن حصين أن لا يعتمدوا دخول المدائن،

و أن يخرجوا وحدانا مستخفين لئلا يرى لهم جماعة فيتبع و أن

ص: 125

ينزلوا بحصن المدائن فعملوا على ذلك و كتبوا إلى من بالبصرة من إخوانهم يستنهضونهم و بعثوا بالكتاب مع رجل من بني عبس.

و خرج زید بن حصين و شريح بن أوفى من منزلهما على دابتيهما و خرج الناس و ترافدوا بالمال و العتاق و خرج عتريس بن عرقوب الشيباني صاحب عبد الله بن مسعود، مع الخوارج فاتبعه صيفي بن فشيل الشيباني في رجال من قومه فطلبوه ليردوه فلم يقدروا عليه.

185- عنه حدثني حفص بن عمر عن الهيثم عن المجالد و غيره قالوا: كان أول من خرج شريح بن أوفى صلاة الغداة و هو يتلو «ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها» فخرج قومه من المسجد ليمنعوه، فقال و الله لا يعرض لي أحد منكم إلا أنفذت رمحي فيه فقالوا: أبعدك الله إنما أشفقنا عليك.

و خرج زيد بن حصين و هو يقرأ «اخرج اني لك من الناصحين» فخرج منها خائفا يترقب، قال: «رب نجني من القوم الظالمين».

فلما عبر الفرات قرأ «و لما توجه تلقاء مدين» قال: «عسى ربي أن يهديني سواء السبيل» ثم تتابعوا يخرجون و خرج القعقاع بن نفر الطائي فاستعان عليه أخوه حكم بن نفر بن قيس بن جحدر بن ثعلبة برجال فحبسوه- و حكم هذا جد الطرماح الشاعر ابن حكيم بن حكم- و كان يقال للقعقاع الطرماح الأكبر فقال:

و إني لمقتاد جوادي فقاذف*** به و بنفسي اليوم إحدى المتالف

فيا رب إن كانت وفاتي فلا تكن*** على شرجع تعلوه خضر المطارف

و لكن اجن يومي شهيدا بعصبة*** يصابون في فج من الأرض خائف ليصبح لحدي بطن نسر مقيله*** بجوّ السماء في نسور عواكف

ص: 126

يوافون من شتى و يجمع بينهم*** تقى الله نزالون عند التزاحف

في أبيات. و قوم يقولون: إن هذا الشعر للطرماح الأصغر. و ذلك باطل.

و خرج عتريس بن عرقوب الشيباني و خرج في طلبه صيفي بن فشيل الشيباني ابن عمه في جماعة من قومه ليردوه، ففاتهم.

و خرج زید بن عدي بن حاتم فاتبعه أبوه عدي بن حاتم ففاته فلم يقدر عليه، فانصرف عدي إلى علي (علیه السلام) بخبرهم.

و قوم يقولون: ان الذي خرج فاتبعه عدي ابنه طريف و ذلك باطل قتل طريف مع على يوم الجمل وفقئت فيه عين أبيه و قتل طرفة مع على يوم النهروان و الذي خرج مع الحرورية هو زيد بن عدي و خرج كعب بن عميرة فاشترى فرسا و سلاحا و قال:

هذا عتادي للحروب و إنني*** لأمل أن التي المنية صابرا

و بالله حولي و احتيالي و قوتي*** إذا لقحت حرب يشيب الحزاورا

و مازلت مذ كنت ابن عشرين حجة*** أهم بأن القی الكماة مغاورا

و أصنع للهيجاء محبوكة القزا*** معقربة الا نساء تحسب طائرا

إذا عضها سوطي تمطت ملحة*** بأروع مختال يروق النواظرا

في أبيات. فقال له عبد الله بن وهب جزيت خيرا، فربّ سريعة موت تنجيك من النار و توردك موردا لا تظمأ بعده. فأخذه أهل بيته فحبسوه حتى قتل أهل النهروان، فقال في محبسه:

أعوذ بربي بربي أن أعود لمثل ما*** هممت به يا عمرو ما حنت الابل

فيا عمرو ثق بي اتق الله وحده*** فقد خفت أن أردى بما عضني الكبل

في أبيات. و خرج عبيدة بن خالد المحاربي و هو يتمثل بشعر شعبة

ص: 127

ابن عريض:

إن امرأ أمن الحوادث سالما*** و رجا الحياة كضارب بقداح

فأراد عمّه ردّه فأبا

186- عنه حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي مخنف، عن أبي روق الهمداني عن عامر الشعبي و عن المعلى بن كليب، عن أبي الوداك جبر بن نوف و غيرهما: قالوا: لما هرب أبو موسى إلى مكة و رجع ابن عباس واليا على البصرة، و أتت الخوارج النهروان،

خطب علي النّاس بالكوفة فقال: الحمد لله و إن أتى الدهر بالخطب الفادح و الحدث الجليل، و أشهد أن لا إله إلا الله، و أن محمدا عبده و

رسوله.

أما بعد فإن معصية الناصح الشفيق المجرب تورث الحسرة، و تعقب الندم، و قد كنت أمرتكم في هذين الرجلين و هذه الحكومة بأمري، و نخلت لكم رأيي لو يطاع لقصير رأي، و لكنكم أبيتم إلا ما أردتم فكنت و أنتم كما قال أخو هوازن.

أمرتهم أمري بمنعرج اللوا*** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

الا إن الرجلين الذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم الكتاب وراء ظهورهما، و ارتأيا الرأي من قبل أنفسهما، فأماتا ما أحيا القرآن، و أحييا ما أمات القرآن، ثم اختلفا في حكمهما، فكلاهما لا يرشد و لا يسدد، فبرئ الله منهما و رسوله و صالح المؤمنين، فاستعدوا للجهاد، و تأهبوا للمسير، و أصبحوا في معسكركم يوم الاثنين إن شاء الله.

187- عنه حدثني وهب بن بقية عن يزيد بن هارون، عن سليمان التيمي عن أبي مجلز ان عليا نهى أصحابه أن يسطوا على الخوارج حتى

ص: 128

يحدثوا حدثا، فمروا بعبد الله بن خباب فأخذوه، فمر بعضهم بتمرة ساقطة من نخلة فأخذها واحد منهم فأدخلها فمه، فقال بعضهم بما استحللت هذه التمرة. فألقاها من فيه ثم مروا بخنزير فقتله بعضهم فقالوا له: بما استحللت قتل هذا الخنزير و هو لشخص معاهد فقال لهم ابن خباب:

ألا أدلكم على من هو أعظم حرمة من الخنزير؟ قالوا: من هو؟ قال: أنا فقتلوه، فبعث علي إليهم أن ابعثوا إلي بقاتل ابن خباب.

فقالوا: كلنا قتله. فأمر بقتالهم.

188- عنه قال أبو مجلز و بعث علي إلى الخوارج أن سيروا إلى حيث شئتم و لا تفسدوا في الأرض فإني غير هائجكم ما لم تحدثوا حدثا فساروا حتى أتوا النهروان و أجمع عليّ على إتيان صفين، و بلغ ذلك معاوية فسار حتى أتى صفين.

189- عنه كتب علي إلى الخوارج بالنهروان: «أما بعد فقد جاءكم ما كنتم تريدون، قد تفرق الحكمان على غير حكومة و لا اتفاق فارجعوا إلى ما كنتم عليه فإني أريد المسير إلى الشام فأجابوه أنه لا يجوز لنا أن نتخذك إماما و قد كفرت حتى تشهد على نفسك بالكفر و تتوب كما تبنا، فإنك لم تغضب الله، إنما غضبت لنفسك.

فلما قرأ جواب كتابه إليهم يئس منهم فراى أن يمضي من معسكره بالنخيلة و قد كان عسكر بها حين جاء خبر الحكمين ليسير إلى الشام و كتب إلى أهل البصرة في النهوض معه، فأتاه الأحنف بن قيس في ألف و خمسمائة، و أتاه جارية بن قدامة في ثلاثة آلاف.

و يقال: إن ابن قدامة جاء في خمسة آلاف و يقال في أكثر من ذلك. فوافاه بالنخيلة، فسار بهم علي إلى الأنبار، و أخذ على قرية «شاهي» ثم

ص: 129

على «دباها» من الفلوجة، ثم إلى «دمما».

و كان الخوارج الذين قدموا من البصرة مع مسعر بن فدكي استعرضوا الناس في طريقهم، فإذا هم برجل يسوق بامرأته على حمار له فدعوه و انتهروه و رعبوه و قالوا له من أنت؟ فقال: رجل مؤمن.

قالوا: فما اسمك؟ قال: أنا عبد الله بن خباب بن الأرت صاحب رسول استحللت قتل هذا الخنزير و هو لشخص معاهد فقال لهم ابن خباب ألا أدلّكم على من هو أعظم حرمة من الخنزير؟ قالوا: من هو؟ قال: أنا. فقتلوه، فبعث علي إليهم: أن ابعثوا إلي بقاتل ابن خباب. فقالوا: كلنا قتله. فأمر بقتالهم.

190- عنه قال أبو مجلز و بعث علي إلى الخوارج أن سيروا إلى حيث شئتم و لا تفسدوا في الأرض فإني غير هائجكم ما لم تحدثوا حدثا فساروا حتى أتوا النهروان و أجمع عليّ على إتيان صفين، و بلغ ذلك معاوية فسار حتى أتى صفين.

و كتب علي إلى الخوارج بالنهروان: «أما بعد فقد جاءكم ما كنتم تریدون، قد تفرق الحكمان على غير حكومة و لا اتفاق فارجعوا إلى ما كنتم عليه فإني أريد المسير إلى الشام». فأجابوه أنه لا يجوز لنا أن نتخذك إماما و قد كفرت حتى تشهد على نفسك بالكفر و تتوب كما تبنا، فإنك لم تغضب الله، إنما غضبت لنفسك. فلما قرأ جواب كتابه إليهم يئس منهم، فرأى أن يمضى من معسكره بالنخيلة و قد كان عسكر بها حين جاء خبر الحكمين ليسير إلى الشام، و كتب إلى أهل البصرة في النهوض معه، فأتاه الأحنف بن قيس في ألف و خمسمائة و أتاه جارية بن قدامة في ثلاثة آلاف. و يقال: إن ابن قدامة جاء في خمسة آلاف. و يقال: في أكثر من ذلك. فوافاه

ص: 130

بالنخيلة، فسار بهم علي إلى الأنبار، و أخذ على قرية «شاهي» ثم على «دباها» من الفلوجة، ثم إلى «دمما».

و كان الخوارج الذين قدموا من البصرة مع مسعر بن فدكي استعرضوا الناس في طريقهم، فإذا هم برجل يسوق بامرأته على حمار له فدعوه و انتهروه و رعبوه و قالوا له من أنت؟ فقال: رجل مؤمن. قالوا: فما اسمك؟ قال: أنا عبد الله بن خباب بن الأرت صاحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فكفوا عنه ثم قالوا له: ما تقول في علي؟ قال:

أقول: إنه أمير المؤمنين و إمام المسلمين، و قد حدثني أبي عن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) انه قال: ستكون فتنة يموت فيها قلب الرجل فيصبح مؤمنا و يمسي كافرا، و يمسي مؤمنا و يصبح كافرا فقالوا: والله لنقتلنك قتلة ما قتلها أحد، و أخذوه فكتفوه ثم أقبلوا به و بامرأته و هي حبلى متم.

حتى نزلوا تحت نخل مواقير فسقطت رطبة منها فقذفها بعضهم في فيه فقال له رجل منهم أبغير حلها و لا ثمن لها؟ فألقاها من فيه و اخترط سیفه و جعل يهزه فمر به خنزیر لذمي فقتله بسيفه، فقال له بعض أصحابه: إن هذا لمن الفساد في الأرض. فطلب صاحب الخنزير حتى أرضاه

فقال ابن خباب: لئن كنتم صادقين فيما أرى و أسمع إني لآمن من شركم. قال: فجاؤا به فأضجعوه على شفير نهر و القوه على الخنزير المقتول فذبحوه عليه، فصار دمه مثل الشراك قد امذ قر في الماء و أخذوا امرأته فبقروا بطنها و هي تقول: أما تتقون الله؟ و قتلوا ثلاث نسوة كن معها.

فبلغ عليا خبر ابن خباب و امرأته و النسوة، و خبر سوادي لقوه بنفّر فقتلوه، فبعث علي إليهم الحرث بن مرّة العبدي ليتعرف حقيقة ما بلغه عنهم، فلما أتى النهروان و قرب منهم خرجوا إليه فقتلوه، و بلغ ذلك عليا و

ص: 131

من معه فقالوا له: ما تركنا هؤلاء وراءنا يخلفونا في أموالنا و عيالاتنا بما نكره، سر بنا إليهم.

فإذا فرغنا منهم سرنا إلى عدونا من أهل المغرب، فإن هؤلاء أحضر عداوة و أنكى حدّا.- و الثبت: انه بعث ابن الحرث رجلا من أصحابه، لأن الحرث بن مرّة قتل بالقيقان من أرض السند في سنة اثنتين وأربعين- و قام الأشعث بن قيس فكلمه بمثل ذلك، فنادى علي بالرحيل،

فأتاه مسافر بن عفيف الأزدي فقال: يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة فقال له: و لم أتدري ما في بطن هذه الفرس؟ قال: ان نظرت علمت. فقال على ان من صدقك في هذا القول يكذب بكتاب الله لأن الله يقول في كتابه:

«إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الأرحام، و ما تدري نفس ما ذا تكسب غدا و ما تدري نفس بأيّ أرض تموت» و تكلم في ذلك بكلام كثير و قال لئن بلغني أنك تنظر في النجوم لأخلدنك الحبس مادام لي سلطان فو الله ما كان محمد منجم و لا كاهن أو كما قال.

191- عنه حدثنا شريح بن يونس، حدثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب عن حميد بن هلال، عن رجل من عبد القيس كان مع الخوارج ثم فارقهم أنهم دخلوا قرية فخرج عبد الله بن خباب مذعورا فقالوا له: أنت ابن صاحب رسول الله فهل سمعت من ابيك عن رسول الله حديثا؟ قال: نعم سمعته يقول قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم):

يكون فتنة القاعد فيها خير من القائم و الماشي خير من الساعي فإذا أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول و لا تكن عبد الله القاتل. قالوا: أنت سمعت هذا من أبيك عن رسول الله؟ قال: نعم فقدموه فقتلوه فسال دمه

ص: 132

حتى كأنه شراك نعل قد امذقرّ في الماء و بقروا بطن أم ولده.

و أتى علىّ المدائن و قد قدمها قيس بن سعد بن عبادة، و كان عليّ قدمه إليها. ثم أتى عليّ النهروان فبعث إلى الخوارج أن أسلموا لنا قتلة ابن خباب و رسولي و النسوة لأقتلهم ثم أنا تارككم إلى فراغي من أمر أهل المغرب فلعل الله يقبل بقلوبكم و يردكم إلى ما هو خير لكم و أملك بكم.

فبعثوا إليه أنه ليس بيننا و بينك إلا السيف إلا أن تقرّ بالكفر و تتوب كما تبنا فقال علي: أبعد جهادي مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و إيماني أشهد على نفسي بالكفر؟ لقد ضللت إذا و ما أنا من المهتدين ثم قال:

يا شاهدا لله علي فاشهد*** آمنت بالله ولى أحمد

من شك في الله فإني مهتد

و كتب إليهم: «أما بعد فإني أذكركم أن تكونوا من الذين فارقوا دينهم و كانوا شيعا بعد أن أخذ الله ميثاقكم على الجماعة، و ألف بين قلوبكم على الطاعة، و أن تكونوا كالذين تفرّقوا و اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات».

و دعاهم إلى تقوى الله و البر و مراجعة الحق. فكتب إليه ابن وهب الراسبي «إن الله لأيغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»

ان الله بعث محمدا بالحق و تكفل له بالنصر كما بلغ رسالاته، ثم توفاه إلى رحمته، و قام بالأمر بعده أبو بكر بما قد شهدته و عاينته متمسكا بدین الله مؤثرا لرضاه حتى أتاه أمر ربه، فاستخلف عمر، فكان من سيرته ما أنت عالم به، لم تأخذه في الله لومة لائم، و ختم الله له بالشهادة، و كان من أمر عثمان ما كان حتى سار إليه قوم قتلوه لما أثر الهوى و غير حكم الله، ثم استخلفك الله على عباده فبايعك المؤمنون و كنت لذلك عندهم أهلا لقرابتك بالرسول و قدمك في الاسلام و وردت صفين غير مداهن و

ص: 133

لا و ان، مبتذلا نفسك فى مرضاة ربك فلما حميت الحرب و ذهب الصالحون عمار بن ياسر و أبو الهيثم بن التيهان و أشباههم.

اشتمل عليك من لا فقه له في الدين و لا له رغبة في الجهاد، مثل الأشعث بن قيس و أصحابه و استنزلوك حتى ركنت إلى الدنيا حين رفعت لك المصاحف مكيدة فتسارع إليهم الذين استنزلوك و كانت منا في ذلك هفوة ثم تداركنا الله منه برحمته، فحكمت في كتاب الله و في نفسك،

فكنت في شك من دينك و ضلال عدوك و بغيه عليك كلا و الله يا ابن أبي طالب، و لكنكم ظننتم ظن السوء و كنتم قوما بورا، و قلت لي قرابة من الرسول و سابقة في الدين فلا يعدل الناس بي معاوية، فالآن فتب إلى الله و أقر بذنبك، فإن تفعل نكن يدك على عدوك، و إن أبيت ذلك فالله يحكم بيننا و بينك.

192- عنه قالوا: و خرج إليهم قيس بن سعد بن عبادة فناداهم فقال: يا عباد الله اخرجوا إلينا طلبتنا و انهضوا إلى عدوكم و عدونا معا. فقال له: عبد الله بن شجرة السلمي: إن الحق قد أضاء لنا فلسنا متابعيكم أبدا أو تأتونا بمثل عمر فقال له قيس:

و الله ما نعلم على الأرض مثل عمر إلا أن يكون صاحبنا و قال لهم علي: «يا قوم انه قد غلب عليكم اللجاج و المراء و اتبعتم أهواءكم فطمح بكم تزيين الشيطان لكم و أنا أنذركم أن تصبحوا صرعى بأهضام هذا الغائط و أثناء هذا النهر».

193- عنه قالوا: فلم يزل يعظهم و يدعهم فلما لم ير عندهم انقيادا- و كان في أربعة عشر ألفا- عبّأ الناس فجعل على ميمنته حجر بن عدي الكندي و على ميسرته شبث بن ربعي و على الخيل أبا أيوب خالد بن زيد

ص: 134

الأنصاري، و على الرجالة أبا قتادة الأنصاري- و اسمه النعمان بن ربعي بن بلدمة الخزرجي- و على أهل المدينة و هم سبعمائة- أو ثمان مائة- قيس بن سعد ابن عبادة الأنصاري.

ثم بسط لهم عليّ الأمان و دعاهم إلى الطاعة، فقال فروة بن نوفل الأشجعي: و الله ما ندري على ما نقاتل عليا؟ فانصرف في خمسمائة فارس حتى نزل البند نيجين و الدسكرة و خرجت طائفة منهم أخرى متفرقين إلى الكوفة، و أتى مسعر بن فدكي التميمي راية أبي أيوب الأنصاري- في ألف، و اعتزل عبد الله بن الحوساء- و يقال:

ابن أبي الحوساء الطائي -في ثلاثماًة و خرج إلى علي منهم ثلاثمأة فأقاموا معه، و كانوا أربعة آلاف فارس و معهم خلق من الرجالة. و اعتزل حوثرة بن وداع في ثلاثمأة و اعتزل أبو مريم السعدي في مأتين، و اعتزل غيرهم، حتى صار مع ابن وهب الراسبي ألف و ثمان مائة فارس، و رجالة يقال: إنهم ألف وخمسمائة.

و قال علي لأصحابه: كفوا عنهم حتى يبدوكم. و نادى جمرة بن سنان: روحوا إلى الجنة. فقال ابن وهب: و الله ما ندري أنروح إلى الجنة أم إلى النار و تنادي الحرورية: الرواح إلى الجنة معاشر المخبتين و أصحاب البرانس المصلين. فشدوا على أصحاب علي شدّة واحدة، فانفرقت خيل على منفرقين:

فرقة نحو الميمنة و فرقة نحو الميسرة و أقبلوا نحو الرجالة فاستقبلت الإماة وجوههم بالنبل حتى كأنهم معزى يتقی المطر بقرونها، ثم عطفت الخيل عليهم من الميمنة و الميسرة، و نهض علي إليهم من القلب بالرماح و السيوف فما لبثوا أن أهمدوا في ساعة.

ص: 135

و قتل أبو أيوب الأنصاري زيد بن حصين الطائي. و يقال: بل قتله قيس بن سعد، و اختصم هانی بن خطاب و زید بن خصفة التميمي في قتل عبد الله بن وهب الراسبي فادعى كل واحد منها قتله، و قتل حنش بن ربيعة حرقوص بن زهير السعدي و قتل عبد الله بن دجن الخولاني عبد الله بن شجرة السلمي. و كان على ميمنة الخوارج زيد بن حصين، و على میسرتهم عبد الله بن شجرة.

و وقف جمرة بن سنان الأسدي في ثلاث مائة، فوقف علي بإزائه الأسود ابن يزيد المرادي في ألفين. و يقال: أقل من ذلك.

و صار شريح بن أوفى العبسي إلى جانب جدار فقاتله على ثلمته قوم من همدان مليا من النهار، و هو يرتجز و يقول:

قد علمت جارية عبسية*** ناعمة في أهلها مكفية

أني سأحمي ثلمتي العشية

فشدّ عليه قيس بن معاوية المرهبي فضربه فقطع رجله، فأقبل يضاربهم و يقول:

الفحل يحمي شوله معقولا*** تمنعني نفسي أن أزولا

ثم شدّ عليه أيضا قيس بن معاوية فقتله، فقال الشاعر:

اقتتلت همدان يوما و رجل*** اقتتلوا من غدوة حتى الأصل

ففتح الله لهمدان الزجل

و كان من رجز ابن أوفى يومئذ:

أضربهم و لو أرى أبا حسن*** ضربته بالسيف حتى يطمئن

و من رجزه أيضا:

أضربهم و لو أرى عليا*** جلأت ابيض مشرفيا

ص: 136

194- عنه حدثني روح بن عبد المؤمن حدثني عارم بن الفضل، حدثنا حماد ابن زيد، عن عاصم قال: قال رجل يوم النهروان و هو يرتجز: أضربهم و لا أرى عليا*** و لم أكن عن قتلهم ونيا

أكسوهم أبيض مشرفيا

قال: و قال آخر:

أضربهم و لا أرى أبا حسن*** ها إن هذا حزن من الحزن

قال: و لم يقتل من أصحاب علي إلا عشرة نفر أو اقل، و كان ممن قتل معه عروة بن أناف بن شريح الطائي. و الصلت بن قتادة بن سلمة بن خلادة الكندي من ولد حوت بن الحرث.

195- عنه روى بعضهم ان الذي قاتل على الثلمة هو عبد الرحمان بن قيس الحداني و الثبت ان شريح بن أوفى هو الذي كان قاتل عليها.

و قاتل عدان بن المعذذ و هو يقول:

ليس من الموت نجاة للفتى*** صبرا أبا المنهال صبرا للقضا

إن مصير الخلق طرا للبلى*** و ليس ينجيك حذار من ردى

فاركب لك الخيرات أطراف القنى*** و اصبر فإن الصبر أولى بالفتى

فقتل.

و قتل مع علي أيضا زائدة بن سمير بن عبد الله بن نهار المرادي.

196- عنه قالوا: و وجد علي عليه السلام ممن به رمق أربعمائة فدفعهم إلى عشائرهم و لم يجهز عليهم و ردّ الرقيق على أهله حين قدم الكوفة و قسم الكراع و السلاح و ما قوتل به بين أصحابه.

و وجد عدي بن حاتم ابنه الذي خرج مع الحرورية قتيلا فدفنه بالنهروان.

ص: 137

و قتل جواد بن بشر- و هو أخو الزبرقان بن بدر- مع الخوارج، و قتل يزيد بن عاصم المحاربي و أربعة إخوة له معه، و قتل جمرة بن سنان الأسدي و شهد ابن الكواء النهروان و كان ممن اعتزل و يقال: إنه اعتزل قبل أن يصيروا إلى النهروان و كان مقتل أهل النهروان لتسع خلون من صفر سنة ثمان و ثلاثين.

197- عنه و قال ابن الكلبي: استعمل عليّ على الكوفة حين شخص عنها و حارب أهل النهروان هانى بن هوذة بن عبد يغوث بن عمرو بن عدي النخعي.

198- عنه قالوا: و طلب علي ذا الثدية فوجد في حفيرة ذالية مع القتلى و كانت في عضده شامة تمتد كهيئة الثدي عليها شعر كشعر شارب السنور و كان مخدجا و كان يسمّى نافعا.

199- عنه روى عن نعيم بن حكيم، عن أبي مريم، عن علي عن النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) انه قال: إن قوما يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية طوبى لمن قتلهم و قتلوه، علامتهم ان فيهم رجل مخدج اليد.

و قال أبو مريم و الله إن كان المخدج لمعنا يومئذ في المسجد، و كان يجالس عليا (علیه السلام) في الليل و النهار، و لقد كان فقيرا يشهد طعام علي.

200- عنه حدثني الحسين بن علي بن الأسود، عن يحيى بن آدم، عن إسرائيل عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن طارق بن زياد، قال: قام علي بالنهروان فقال: إن نبي الله قال لي: سيخرج قوم يتكلمون بكلام الحق لا يجاوز حلوقهم، يخرجون من الحق خروج السهم- أو مروق السهم- سيماهم ان فيهم رجلا مخدج اليد في يده شعرات سود فإن كان فيهم فقد

ص: 138

قتلتم شر الناس.

قال طارق فطلب فوجد فخرّ على (علیه السلام) و أصحابه سجودا.

201- عنه روى حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن غلام لأبي جحيفة السوائي قال: لما قتل علي أهل النهروان جعل لا يستقر جالسا و يقول: ويحكم أطلبوا رجلا ناقص اليدين في يديه عظم طرفها حلمة كحلمة الثدي من المرأة عليها خمس شعرات - أو سبع شعرات- رءوسها معقفة. قالوا قد طلبناه فلم نجده فقال: أليس هذا النهروان؟

قالوا: بلى قال فو الله ما كذبت و لا كذبت فاطلبوه قال فطلبناه فوجدناه قتيلا في ساقية، ففرح علي (علیه السلام) فرحا شديدا.

202- عنه قال الأخنس بن العيزار الطائي ثم السنبسي يرثي أهل النهروان من الخوارج و يذكر زيد بن حصين:

إلى الله اشكو ان كل قبيلة*** من الناس فدافنى الجلاد خيارها

سقى الله زيدا كلما ذر شارق*** و اسكن من جنات عدن قرارها

و قال حبيب بن حذرة في قصيدة له طويلة:

يا رب إنهم عصوك و حكموا*** في الدين كل ملعن جبار

يدعو إلى سبل الضلالة و الردى*** و الحق ابلج مثل ضوء نهار

فهم يرون سبيل طاغيهم هدى*** و أرى سبيلهم سبيل النار

يا رب باعد في الولاية بيننا*** إني على ما يفعلون لزار

و سبيل يوم النهر حين تتابعوا*** متوازيين على رضا الجبار

و قال في قصيدة له أيضا.

ألا ليتني يا أم صفوان لم أوب*** و غودرت في القتلى بصفين ثاريا

فو الله رب الناس ما هاب معشر*** على النهر في الله المنايا القواضيا

ص: 139

تذكرت زيدا منهم و ابن حاتم*** فتى كان يوم الروح أروج ماضيا

203- عنه روي ان النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) قسم دنانير فسأله المخدج فلم يعطه فقال: و الله ما عدلت في القسم. فقال: ويلك فمن يعدل؟

204- عنه حدثني روح بن عبد المؤمن، حدثنا أبو الوليد الطيالسي أنبأنا شعبة، أنبأنا أبو إسحاق قال: سمعت عاصما يقول: إن حرورية على عهد على (علیه السلام) قالوا لا حكم إلا لله. فقال علي إنه كذلك و لكنهم يقولون: لا إمرة. و لا بدّ للناس من أمير برّ أو فاجر يعمل في امرته المؤمن و يستمتع الكافر و يبلغ الكتاب أجله.

205- عنه قالوا: و أمر علي عليه السلام الناس بالرحيل من النهروان فقال لهم: إن الله قد أعزكم و أذهب ما كنتم تخافون عنكم فامضوا من وجهكم هذا إلى الشام.

فقال الأشعث بن قيس يا أمير المؤمنين نفدت سهامنا و كلّت سيوفنا و نصلت رماحنا فلو أتينا مصرنا حتى نريح و نستعد ثم نسير إلى عدونا فركن الناس إلى ذلك، و كان الأشعث ظنينا و سماه علي عرف النار.

206- عنه قالوا: و سار علي حتى أتى المدائن ثم مضى حتى نزل النخيلة، و جعل أصحابه يدخلون الكوفة حتى بقي في أقل من ثلاثماة، فلما راى ذلك دخل الكوفة و قد بطل عليه ما دبّر من اتيان الشام قاصدا إليها من النهروان، فخطب الناس فقال:

«أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدوكم ففي جهاده القربة إلى الله و درك الوسيلة عنده، و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل و توكلوا على الله و كفى بالله وكيلا و كفى بالله نصيرا» فلم يصنعوا شيئا، فتركهم أياما حتى إذا يئس منهم خطبهم فحمد الله و أثنى عليه و صلى على

ص: 140

نبیه (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم قال:

«يا عباد الله ما بالكم إذا أمرتكم أن تنفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة بدلا و بالذل و الهوان من العزّ و الكرامة خلفا أكلما دعوتكم إلى الجهاد دارت أعينكم في رؤسكم كأنكم من الموت في سكرة و كأن قلوبكم قاسية.

فأنتم أسود الشرى عند الدعة و حين تنادون للبأس ثعالب رواغة، تنتقص أطرافكم فلا تتحاشون و لا ينام عدوكم عنكم و أنتم في غفلة ساهون.

إن لكم عليّ حقا، وإن لي عليكم حقا، فأما حقكم فالنصيحة لكم ما نصحتم، و توفير فيئكم عليكم و أن أعلمكم كيلا تجهلوا، و أؤدبكم كما تعلموا و أما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة و النصح في المغيب و المشهد، و الإجابة حين أدعوكم، و الطاعة حين آمركم.

207- عنه حدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن أبي مخنف، عن الحرث بن حصيرة، عن أبي صادق عن جندب بن عبد الله الأزدي ان عليا خطبهم حين استنفرهم إلى الشام بعد النهروان، فلم ينفروا فقال:

أيها الناس المجتمعة أبدانهم المختلفة قلوبهم و أهواؤهم ما عزّت دعوة من دعاكم و لا استراح قلب من قاساكم كلامكم يوهن الصم الصلاب و فعلكم يطمع فيكم عدوكم، إذا دعوتكم إلى الجهاد قلتم کیت و کیت و ذيت و ذيت أعاليل بأباطيل و سألتموني التأخير فعل ذي الدين المطول حيدي حياد.

لا يدفع الضيم الذليل و لا يدرك الحق إلا بالجد و العزم و استشعار الصبر، أيّ دار بعد داركم تمنعون و مع أي إمام بعدي تقاتلون المغرور و الله

ص: 141

من غررتموه و من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب، أصبحت لا أطمع في نصركم و لا أصدق قولكم فرق الله بيني و بينكم و أبدلني بكم من هو خير لي منكم.

أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا و سيفا قاطعا و أثرة يتخذها الظالمون فيكم سنة، فيفرق جماعتكم و يبكي عيونكم و يدخل الفقر بيوتكم و تتمنون عن قليل أنكم رأيتموني فنصرتموني فستعلمون حق ما أقول لكم و لا يبعد الله إلا من ظلم و أثم.

208- عنه قالوا و خطبهم بعد ذلك خطبا كثيرة و ناجاهم و ناداهم فلم يربعوا إلى دعوته و لا التفتوا إلى شيء من قوله و كان يقول لهم كثيرا:

«إنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا.

و قال أبو أيوب الأنصاري و ذلك قبل تولية علي إياه المدينة بيسير فقال: إن أمير المؤمنين قد أسمع من كانت له أذنان و قلب حفيظ، إن الله قد أكرمكم به كرامة بينة فاقبلوها حق قبولها، إنه أنزل ابن عم نبيكم بين ظهرانيكم يفقهكم و يرشدكم و يدعوكم إلى ما فيه الحظ لكم.

و أما حجر بن عدي الكندي و عمرو بن الحمق الخزاعي و حبة بن جوين البجلي ثم العرني و عبد الله بن وهب الهمداني -و هو ابن سبأ- فإنهم أتوا عليا عليه السلام فسألوه عن أبي بكر و عمر فقال: أو قد تفرغتم هذا؟ و هذه مصر.

قد افتتحت و شيعتي بها قد قتلت و كتب كتابا يقرأ على شيعته في كلّ أيام فلم ينتفع علي بذلك الكتاب و كان عند ابن سبا منه نسخة حرفها.

209- عنه حدثني هشام بن عمار الدمشقي أبو الوليد، حدثني صدقة بن خالد، عن زيد بن واقد، عن أبيه، عن أشياخهم: ان معاوية لما بويع و بلغه

ص: 142

قتال عليّ أهل النهروان، كاتب وجوه من معه مثل الأشعث بن قيس و غيره، و وعدهم و منّاهم و بذل لهم حتى مالوا إليه و تثاقلوا عن المسير مع علي عليه السلام.

فكان يقول فلا يلتفت إلى قوله و يدعو فلا يسمع لدعوته، فكان معاوية يقول: لقد حاربت عليا بعد صفين بغير جيش و لا عناء أو قال و لا عتاد.

210- عنه حدثني يحيى بن معين حدثنا سليمان بن داود الطيالسي أنبأنا شعبة بن الحجاج، أنبأنا محمد بن عبيد الله الثقفي قال: سمعت أبا صالح يقول: شهدت عليا و وضع المصحف على رأسه حتى سمعت تقعقع الورق فقال:

«اللهم إني سألتهم ما فيه فمنعوني ذلك، اللهم إني قد مللتهم و ملّوني و أبغضتهم و أبغضوني و حملوني على غير خلقي و على أخلاق لم تكن تعرف لي فأبدلني بهم خيرا لي منهم و أبدلهم بي شرا مني، و مث قلوبهم ميث الملح في الماء».

211- عنه حدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن لوط بن يحيى أبي مخنف ان عمارة بن عقبة بن أبي معيط كتب إلى معاوية من الكوفة يعلمه انه خرج على علي أصحابه و نساكهم فسار إليهم فقتلهم فقد فسد عليه جنده و أهل مصره و وقعت بينهم العداوة و تفرقوا أشد الفرقة.

فقال معاوية للوليد ابن عقبة أترضى أخوك بأن يكون لنا عينا- و هو يضحك- فضحك الوليد و قال: إن لك في ذلك حظا و نفعا، و قال الوليد لأخيه عبارة:

إن يك ظني بابن أمي صادقا*** عمارة لا يطلب بذحل و لا وتر

ص: 143

مقيم و اقبال ابن عفان حوله*** يمشى بها بين الخورنق و الجسر

و تمشي رخي البال منتشر القوى*** كأنك لم تشعر بقتل أبي عمرو

ألا إن خير الناس بعد ثلاثة*** قتيل التجيبي الذی جاء من مصر

212- عنه حدثني العمري، عن الهيثم بن عدي، عن عوانة و غيره قالوا: لما بلغ معاوية ان عليا يدعو الناس إلى غزوه و إعادة الحرب بينه و بينه هاله ذلك، فخرج من دمشق معسكرا و بعث إلى نواحي الشام الصرخاء ينادون ان عليا قد أقبل إليكم ظالما ناكتا باغيا و من نكت فإنما ينكث على نفسه.

فتجهزوا رحمكم الله للحرب بأحسن الجهاز و كتب إليهم كتبا قال فيها إنا كنا كتبنا بيننا و بين علي كتابا و اشترطنا فيه شروطا، و حكمنا الرجلين ليحكما بحكم الكتاب علينا و إن حكمي أثبتني و خلعه حكمه،

و قد أقبل إليكم ظالما ناكثا، باغيا فمن نكث فإنما ينكث على نفسه، فتجهزوا رحمكم الله للحرب بأحسن الجهاز و استعدوا لها بأكمل العدّة و انفروا خفافا و ثقالا.

فاجتمعوا له من كل أوب، و أرادوا المصير إلى صفين ثانية حتى بلغهم اختلاف أصحاب علي، و كتب إليه بذلك عمارة بن عقبة، فعسكر ينتظر ما يكون، إلى أن جاءه خبر مقتله (علیه السلام).

213- قال المسعودي كان أبو موسى الأشعري يحدث قبل وقعة صفين و يقول: ان الفتن لم تزل في بني إسرائيل ترفعهم و تخفضهم حتى بعثوا الحكمين يحكمان بحكم لا يرضى به من اتبعهما و ان هذه الأمة لا تزال بها الفتن ترفعها و تخفضها حتى يبعثوا حكمين يحكمان بما لا يرضى به من اتبعهما، فقال له سويد بن غفلة: إياك ان أدركت ذلك الزمان أن تكون احد

ص: 144

الحكمين

قال: أنا؟ قال: نعم أنت، قال: فكان يخلع قميصه و يقول: لا جعل الله لي اذاً في السماء مصعداً، و لا في الأرض مقعداً، فلقيه سويد بن غَفَلة بعد ذلك فقال: يا أبا موسى أتذكر مقالتك؟ قال: سل ربك العافية.

و كان فيما كتب في الصحيفة أن يحيي الحكمان ما أحيا القرآن و يميتا ما أمات القرآن و لا يتبعان الهوى و لا يُدَاهنان في شيء من ذلك فإن فعلا فلا حكم لهما، و المسلمون من حكمهما بَرَاء، و قال علي للحكمين حين أكره على أمرهما، ورد الأشتر و كان قد أشرف في ذلك اليوم على الفتح فأخبره مخبر بما قالوا في علي و أنه إن لم يُرِده سُلم إلى معاوية يفعل به ما فعل بابن عفان،

فانصرف الأشتر خوفاً على عليّ فقال لهما علي: على ان تحكما بما في کتاب الله و كتاب الله كله لي فإن لم تحكما بما في كتاب فلا حكم لكما و صيروا الأجل إلى شهر رمضان على اجتماع الحكمين في موضع بين الكوفة و الشام، و كان الوقت الذي كتبت فيه الصحيفة لأيام بقين من صفر سنة سبع و ثلاثين و قيل بعد هذا الشهر منها

و مرَّ الأشعث بالصحيفة يقرؤها على الناس فرحاً مسروراً حتى انتهى إلى مجلس لبني تميم، فيه جماعة من زعمائهم، منهم عروة ابن أذية التميمي، و هو أخو بلال الخارجي، فقرأها عليهم، فجرى بين الأشعث و بين أناس منهم خطب طويل و إن الأشعث كان بدء هذا الأمر و المانع لهم من قتال عدوهم حتى يفيئوا إلى أمر الله،

و قال له عروة بن أذية: أتحكمون في دين الله و أمره ونهيه الرجال؟ لا حكم إلا لله، فكان أول من قالها و حكم بها و قد تنوزع في ذلك، و شد

ص: 145

بسيفه عَلَى الأشعث فصم فرسه عن الضربة فوقعت في عجز الفرس و نجا الأشعث، وكادت العصبية أن تقع بين النزارية و اليمانية، لولا اختلاف كلمتهم في الديانة و التحكيم، و في فعل عروة ابن أذية بالأشعث، يقول رجل من بني تميم في أبيات:

عُرْو يا عرو كلّ فتنة قوم*** سلفت إنما تكون فتِيَّهْ

ثم تَنْمِي و يعظم الخطب فيها*** فاحذرن غِبَّ ما أتيت عُرَيّهْ

أ عَلَى الأشعث المعصب بالتا*** ج حملت السلاح يا ابن أذيه

إنها فتنة كفتنة ذي العجل*** أيا عروة العصا و العصيّة

فانظر اليوم ما يقول علي*** و اتَّبِعه فذاك خير البريه

214- عنه قال و قد تنوزع في مقدار من قتل من أهل الشام و العراق بصفين، فذكر احمد بن الدورقي عن يحيى بن معين ان عدة من قتل بها من الفريقين في مائة يوم و عشرة ايام مائة الف و عشرة آلاف من الناس من اهل الشام تسعون الفاً، و من اهل العراق عشرون الفا، و نحن نذهب إلى ان عدد من حضر الحرب من اهل الشام بصفين اكثر مما قيل في هذا الباب

و هو خمسون و مائة الف مقاتل، سوى الخدم و الاتباع، و على هذا يجب ان يكون مقدار القوم جميعاً من قاتل منهم و من لم يقاتل من الخدم و غيرهم ثلثمائة الف بل اكثر من ذلك، لأن اقل من فيهم معه واحد يخدمه، و فيهم من معه الخمسة و العشرة من الخدم و الاتباع و اكثر من ذلك و اهل العراق كانوا في عشرين و مائة الف مقاتل دون الأتباع و الخدم.

215- عنه قال: أما الهيثم بن عدي الطائي و غيره مثل الشرقي بن القطامي و أبي مخنف لوط بن يحيى فذكروا ما قدمنا، و هو أن جملة من قتل من الفريقين جميعاً سبعون الفاً من أهل الشام خمسة و أربعون الفاً، و من

ص: 146

أهل العراق خمسة و عشرون الفاً، فيهم خمسة وعشرون بدريا

و أن العدد كان يقع بالتقصي و الإحصاء للقتلى في كل وقعة، و تحصيل هذا يتفاوت، لأن في قتلى الفريقين من يُعرَف و من لا يعرف، و فيهم من غرق، و فيهم من قتل في البر، فأكلته السباع فلم يدركهم الإحصاء، و غير ذلك مما يعتور ما وصفنا و سمعت امرأة بصفين من أهل العراق و قد قتل لها ثلاثة أولاد و هي تقول:

أعينيّ جُودا بدمع سرب*** على فتية من خيار العرب

و ما ضرهم غير حنّ النفوس*** بأي امرئ من قريش غلب

و لما وقع التحكيم تباغض القوم جميعاً و أَقْبَلَ بعضهم يتبرأ من بعض يتبرأ الأخ من أخيه و الابن من أبيه، و أمر على بالرحيل، لعلمه باختلاف الكلمة، و تفاوت الرأي و عدم النظام لأمورهم، و ما لحقه من الخلاف منهم، و كثر التحكيم في جيش أهل العراق

و تضارب القوم بالمقارع و نعال السيوف و تسابوا، و لام كل فريق منهم الآخر في رأيه، و سار علي يؤم الكوفة و لحق معاوية بدمشق من أرض الشام و فرق عساكره فلحق كل جند منهم ببلده.

و لما دخل علي (علیه السلام) الكوفة انحاز عنه اثنا عشر ألفاً من القراء و غيرهم فلحقوا بحرُوراءَ- قرية من قرى الكوفة- و جعلوا عليهم شبيب بن ربعي التميمي، و على صلاتهم عبد الله بن الكواء اليشكري من بكر بن وائل، فخرج علي اليهم و كانت له معهم مناظرات، فدخلوا جميعاً الكوفة، و إنما سموا الحرورية لاجتماعهم في هذه القرية، و انحيازهم إليها.

216- عنه قد ذكر يحيى بن معين:قال حدثنا وهب بن جابر بن حازم، عن الصلت بن بهرام قال: لما قدم علي الكوفة جعلت الحرورية

ص: 147

تناديه و هو على المنبر جزعت من البلية و رضيت بالقضية و قبلت الدنية، لا حكم إلا لله، فيقول: حُكم الله أنتظر فيكم، فيقولون:

(و لقد أوحي إليك و إلى الذين من قبلك لأن أشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين) فيقول علي: (فاصبر إن وعد الله حق، و لا يستخفنك الذين لا يوقنون).

217- عنه قال: في سنة ثمان و ثلاثين كان التقاء الحكمين بدومة الجندل، و قيل: بغيرها على ما قدمنا من وصف التنازع في ذلك، و بعث علي بعبد الله العباس و شريح ابن هانئ الهمداني في أربعمائة رجل فيهم أبو موسى الأشعري، و بعث معاوية بعمرو بن العاص و معه شرحبيل بن السمط في أربعمائة، فلما تدانى القوم من الموضع الذي كان فيه الاجتماع.

قال ابن عباس لأبي موسى إن علياً لم يرض بك حكما لفضل عندك و المتقدمون عليك كثير، و إن الناس أبوا غيرك، و إني لأظن ذلك لشر يراد بهم، و قد ضم داهية العرب معك، إن نسيت فلا تنس أن علياً بايعه الذين بايعوا أبا بكر و عمر و عثمان و ليس فيه خصلة تباعده من الخلافة، و ليس في معاوية خصلة تقربه من الخلافة

و وصى معاوية عمراً حين فارقه و هو يريد الاجتماع بأبي موسى، فقال: يا أبا عبد الله ان أهل العراق قد أكرهوا علياً على أبي موسى و أنا و أهل الشام راضونَ بك، و قد ضم إليك رجل طويل اللسان قصير الرأي، فأخّر الحزَّ، و طبق المفصل، و لا تلقه برأيك كله، و وافاهم سعد بن أبي وقاص و عبد الله بن عمرو و عبد الرحمن بن عوف الزهري و المغيرة بن شعبة الثقفي و غيرهم،

و هؤلاء ممن قَعَدَ عن بيعة علي، في آخرين من الناس و ذلك في

ص: 148

شهر رمضان من سنة ثمان و ثلاثين فلما التقى أبو موسى و عمرو قال عمرو لأبي موسى تكلم و قل خيراً، فقال أبو موسى:

بل تكلم أنت يا عمرو، فقال عمرو: ما كنت لأفعل و أقدم نفسي قبلك، و لك حقوق كلها واجبة لسنك و صحبتك رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، و أنت ضيف

فحمد الله أبو موسى و أثنى عليه، و ذكر الحدث الذي حَلَّ بالإسلام و الخلاف الواقع بأهله، ثم قال: يا عمرو:

هلم إلى أمر يجمع الله به الألفة، و يلم الشَّعَثَ، و يصلح ذات البين فجزاه عمرو خيراً، و قال: إن للكلام أولاً و آخراً، و متى تنازعنا الكلام خطباً لم نبلغ آخره حتى ننسى أوله،

فاجعل ما كان من كلام بيننا في كتاب يصير إليه أمرنا قال فاكتب فدعا عمرو بصحيفة و كاتب و كان الكاتب غلاماً لعمرو، فتقدم إليه ليبدأ به أولًا دون أبي موسى لما أراد من المكر به، ثم قال له بحضرة الجماعة: اكتب فإنك شاهد علينا و لا تكتب شيئاً يأمرك به أحدنا حتى تستأمر الآخر فيه، فإذا أمرك فاكتب، و إذا نهاك فانته حتى يجتمع رأينا أكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تقاضى عليه فلان و فلان فكتب، و بدأ بعمرو، فقال له عمرو: لا أم لك، أتقدمني قبله كأنك جاهل بحقه؟ فبدأ باسم عبد الله بن قيس و كتب تقاضيا على أنهما يشهدان أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون، ثم قال عمرو:

و نشهد أن أبا بكر خليفة رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) عمل بكتاب الله و سنة رسول الله حتى قبضه الله إليه، و قد أدى الحق الذي عليه قال أبو موسى:

ص: 149

اكتب، ثم قال في عمر مثل ذلك، فقال أبو موسى: اكتب، ثم قال عمرو: و اكتب «و أن عثمان ولي هذا الأمر بعد عمر على إجماع من المسلمين و شورى من أصحاب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و رِضًا منهم، و أنه كان مؤمناً،

فقال أبو موسى الأشعري: ليس هذا مما قعدنا له، قال عمرو: و الله لا بد من أن يكون مؤمناً أو كافراً، فقال أبو موسى كان مؤمناً قال عمرو فَمُره يكتب: قال أبو موسى اكتب قال عمرو فظالما قُتل عثمان أو مظلوماً، قال أبو موسى بل قتل مظلوماً، قال عمرو أفليس قد جعل الله لولي المظلوم سلطاناً يطلب بدمه؟ قال أبو موسى: نعم، قال عمرو:

فهل تعلم لعثمان ولياً أولى من معاوية؟ قال أبو موسى: لا، قال عمرو: أفليس لمعاوية أن يطلب قاتله حيثما كان حتى يقتله أو يعجز عنه؟ قال أبو موسى بلى قال عمرو للكاتب اكتب و أمره أبو موسى فكتب قال عمرو: فإنا نقيم البينة أن علياً قتل عثمان، قال أبو موسى:

هذا أمر قد حَدَثَ فى الإسلام، و إنما اجتمعنا لغيره فهلم إلى أمر يصلح الله به أمر أمة محمد، قال عمرو: و ما هو؟ قال: أبو موسى: قد علمت ان أهل العراق لا يحبون معاوية أبداً، و ان أهل الشام لا يحبون علياً أبداً، فهلم نخلعهما جميعاً و نستخلف عبد الله ابن عمر؟

و كان عبد الله بن عمر على بنت أبي موسى، قال عمرو: أيفعل ذلك عبد الله بن عمر؟ قال أبو موسى: نعم إذا حَمَلَه الناس على ذلك فعل، فعمد عمرو إلى كل ما مال إليه أبو موسى فصَوَّبه، و قال له: هل لك في سعد؟ قال له أبو موسى: لا، فعدد له عمر و جماعة و أبو موسى يأبى ذلك إلا ابن عمر،

فأخذ عمرو الصحيفة و طواها و جعلها تحت قدمه بعد ان ختماها جميعاً، و قال عمرو: أرأيت إن رضي أهل العراق بعبد الله بن عمر و أباه أهلُ

ص: 150

الشام أتقاتل أهل الشام؟ قال أبو موسى: لا،

قال عمرو: فإن رضي أهل الشام و أبى أهل العراق أتقاتل أهل العراق؟ قال أبو موسى: لا، قال عمرو أما إذا رأيت الصلاح في هذا الأمر و الخير للمسلمين فقم فاخْطُبِ الناس و اخلع صاحبينا معاً و تكلم باسم هذا الرجل الذي تستخلفه فقال أبو موسى بل أنت قم فاخطب فأنت أحق بذلك، قال عمرو: ما أحب أن أتقدمك، و ما قولي و قولك للناس إلا قول واحد، فقم راشداً.

فقام أبو موسى فحمد الله و أثنى عليه، و صلى على نبيه (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ثم قال: أيها الناس إنا قد نظرنا فى أمرنا فرأينا أقرب ما يحضرنا من الأمن و الصلاح و لم الشعث و حقن الدماء و جمع الألفة خلعنا علياً و معاوية، و قد خلعت عليا كما خلعت عمامتي هذه

ثم أهوى إلى عمامته فخلعها واستخلفنا رجلًا قد صحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بنفسه، و صحب أبوه النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فبرز في سابقته، و هو عبد الله بن عمر، و أطراه، و رغب الناس فيه، ثم نزل.

فقام عمرو فحمد الله و أثنى عليه، و صلى على رسوله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ثم قال: أيها الناس إن أبا موسى عبد الله بن قيس قد خلع عليا و أخرجه من هذا الأمر الذي يطلب، و هو أعلم به، ألا و إني قد خلعت عليا معه، و أثبتُ معاوية علي و عليكم، و إن أبا موسى قد كتب في الصحيفة أن عثمان قد قتل مظلوماً شهيداً و ان لوليه سلطانا أن يطلب بدمه حيث كان.

و قد صحب معاوية رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) بنفسه، و صحب أبوه النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و أطراه، و رغب الناس فيه، و قال هو الخليفة علينا، و له طاعتنا و بيعتنا على الطلب بدم عثمان، فقال أبو موسى: كذب عمرو، لم نستخلف

ص: 151

معاوية، و لكنا خلعنا معاوية و علياً معا فقال عمرو: بل كذب عبد الله بن قيس، قد خلع عليا و لم أخلع معاوية.

218- قال المسعودي رحمه الله: و وجدت في وجه آخر من الروايات أنهما اتفقا على خلع علي و معاوية، و أن يجعلا الأمر بعد ذلك شورى: يختار الناس رجلا يصلح لهم فقدم عمرو أبا موسى فقال أبو موسى: إني قد خلعت علياً و معاوية، فاستقبلوا أمركم، و تنحى و قام عمرو مكانه فقال: إن هذا قد خلع صاحبه و أنا أخلع صاحبه كما خلعه، و أثبت صاحبي معاوية، فقال أبو موسى: ما لك لا وفقك الله غدرت و فجَرْت؟ إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفاراً، فقال له عمرو بل إياك يلعن الله، كذبت و غدرت، إنما مثلك مثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، ثم وكز أبا موسى فألقاه لجنبه،

فلما رأى ذلك شريح بن هانئ قنَّع عمراً بالسوط و انخزل أبو موسى فاستوى على راحلته و لحق بمكة، و لم يعد إلى الكوفة، و قد كانت خطته أهله و ولده بها، و آلى أن لا ينظر إلى وجه علي الا ما بقي، و مضى ابن عمر و سعد إلى بيت المقدس فأحرما.

و في فعل الحكمين يقول أيمن بن خزيم بن فاتك الأسدي:

لو كان للقوم رأي يعصمون به*** عند الخطوب رَمَوْكم بابن عباس

لكن رموكم بوغدٍ من ذوي يمن*** لم يدر ما ضَرْبُ أخماس لأسداس

و في اختلاف الحكمين و المحكمة يقول بعض من حضر ذلك:

رضينا بحكم الله لا حكم غيره*** و بالله رباً و النبي و بالذكر

و بالأصلح الهادي علي إمامنا*** رضينا بذاك الشيخ في العسر و اليسر

رضینا به حيا و ميتاً فإنه*** إمام الهدى في موقف النهي و الأمر

ص: 152

و لأبي موسى يقول ابن أعين:

أبا موسى بليت و أنت شيخ*** قريب العفو مخزون اللسان

و ما عمرو صَفَاتُكَ يا ابن قيس*** فيا لله من شيخ يماني

فأمسيت العشيّة ذا اعتذار*** ضعيف الركن منكوب الجنان

تعض الكف من ندم و ماذا*** يرد عليك عضك للبنان؟

219- عنه قيل: إنه لم يكن بينهما غير ما كتبناه في الصحيفة و إقرار أبي موسى بأن عثمان قتل مظلوماً و غير ذلك مما قدمنا، و إنهما لم يخطبا، و ذلك أن عمراً قال لأبي موسى: سم من شئت حتى أنظر معك، فسمى أبو موسى ابن عمر و غيره ثم قال لعمرو: قد سميت أنا فسم أنت، قال: نعم

أسمي لك أقوى هذه الأمة عليها، و أسدّها رأياً، و أعلمها بالسياسة، معاوية بن أبي سفيان، قال: لا و الله ما هو لذلك بأهل، قال: فآتيك بآخر ليس هو بدونه قال: من هو؟ قال أبو عبد الله عمرو بن العاص، فلما قالها علم أبو موسى انه يلعب به، فقال: فعلتها لعنك الله و لعن الذي أرسلك، فتسابا، فلحق ابو موسى بمكة.

فلما انصرف ابو موسى انصرف عمرو بن العاص إلى منزله و لم يأت إلى معاوية، فأرسل اليه معاوية يدعوه، فقال: إنما كنت أجيئك إذ كانت لي إليك حاجة، فأما إذا كانت الحاجة إلينا فأنت أحق ان تأتينا، فعلم معاوية ما قد دفع اليه فخمر الرأي و اعمل الحيلة و أمر معاوية بطعام كثير فصنع، ثم دعا بخاصته و موالیه و اهله

فقال: اني سأغدو إلى عمرو فإذا دعوت بالطعام فدعوا مواليه و اهله، فليجلسوا قبلكم، فإذا شبع رجل منهم و قام فليجلس رجل منكم مكانه فإذا خرجوا و لم يبق في البيت أحد منهم فأغلقوا باب البيت و احذروا أن

ص: 153

يدخل أحد منهم إلا أن آمركم.

غدا إليه معاوية و عمرو جالس علی فرشه، فلم يقم له عنها، و لا دعاه إليها فجاء مُعاوية و جلس على الأرض، و اتكأ على ناحية الفراش، و ذلك أن عمرا كان يحدث نفسه أنه قد ملك الأمر و إليه العقد، يضعها فيمن يرى و يندب للخلافة من يشاء، فجرى بينهما كلام كثير و كان مما قال له عمرو:

هذا الكتاب الذي بيني و بينه عليه خاتمي و خاتمه، و قد أقر بأن عثمان قتل مظلوماً، و أخرج علياً من هذا الأمر، و عَرَض عليَّ رجالا لم أرهم أهلا لها، و هذا الأمر إلى أن أستخلف من شئته، و قد أعطاني أهل الشام عهودهم و مواثيقهم، فحادثه معاوية ساعة و أخرجه عما كانوا عليه، و ضاحكه و داعبه

ثم قال: يا أبا عبد الله هل من غداء؟ قال: أما و الله شيء يشبع من ترى فلا فقال معاوية: هلم يا غلامي غداءك؟ فجيء بالطعام المستعد، فوضع، فقال: يا أبا عبد الله ادع مواليك و أهلك، فدعاهم ثم قال له عمرو: و ادع أنت أصحابك، قال: نعم يأكل أصحابك أولا ثم يجلس هؤلاء بعد،

فجعلوا كلما قام رجل من حاشية عمرو قعد موضعه رجل من حاشية معاوية، حتى خرج أصحاب عمرو و بقي أصحاب معاوية، فقام الذي وكله بغلق الباب، فأغلق الباب، فقال له عمرو: فعلتها فقال: إي و الله بيني و بينك أمران فاختر أيهما شئت البيعة لي، أو أقتلك، ليس و الله غيرهما،

قال عمرو: فأذَنْ لغلامي وردان حتى أشاوره و أنظر رأيه، قال: لا تراه و الله و لا يراك إلا قتيلا أو على ما قلت لك، قال: فالوفاء إذن بطعمة

ص: 154

مصر قال: هي لك ما عشت فاستوثق كل واحد منهما من صاحبه و أحضر معاوية الخواص من أهل الشام و منع أن يدخل معهم أحد من حاشية عمرو،

فقال لهم عمرو: قد رأيت أن أبايع معاوية، فلم أر أحداً أقوى على هذا الأمر منه، فبايعه أهل الشام و انصرف معاوية إلى منزله خليفة.

220- عنه قال: لما بلغ علياً ما كان من أمر أبي موسى و عمرو قال: إني كنت تقدمت إليكم في هذه الحكومة و نهيتكم عنها، فأبيتم إلا عصياني فكيف رأيتم عاقبة أمركم إذا أبيتم علي؟ و الله إني لأعرف من حملكم على خلافي و الترك لأمري، و لو أشاء أخذه لفعلت، و لكن الله من ورائه، يريد بذلك الأشعث بن قيس و الله أعلم، و كنت فيما أمرت به كما قال أخو بني خثعم:

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى*** فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

من دعا إلى هذه الحكومة فاقتلوه قتله الله و لو كان تحت عمامتي هذه، ألا إن هذين الرجلين الخاطئين اللذين اخترتموهما حكمين قد تركا حكم الله، و حكما بهوى أنفسهما بغير حجة و لا حق، معروف فأماتا ما أحيا القرآن، و أحييا ما أماته و اختلف في حكمهما كلامهما، و لم يرشدهما الله و لم يوفقهما، فبرئ الله منهما و رسوله و صالح المؤمنين، فتأهبوا للجهاد و استعدوا للمسير، و أصبحوا في عساكركم، إن شاء الله تعالى.

221- قال المسعودي و قد اختلفت الفرق من أهل ملتنا في الحكمين، و قالوا في ذلك أقاويل كثيرة، و قد أتينا على ما ذهبوا اليه في ذلك و ما قاله كل فريق منهم، و من أيد قوله من الخوارج و المعتزلة و الشيعة و غيرهم من فرق هذه الأمة في كتابنا في «المقالات في أصول الديانات».

ص: 155

و ذكرنا في كتاب «أخبار الزمان» قول علي في مواقفه و خطبه، و ما قاله في ذلك، و ما اكره عليه، و تأنيبه لهم بعد الحكومة، و ما تقدم الحكومة من تحذيره إياهم منها حين ألحوا في تحكيم أبي موسى الأشعري و عمرو، و حيث قال: ألا إن القوم قد اختاروا لأنفسهم أقرب الناس مما يحبون

و اخترتم لأنفسكم أقرب الناس مما تكرهون، إنما عهدكم بعبد الله بن قيس بالأمس و هو يقول: ألا إنها فتنة فقطعوا فيها أوتاركم و كسروا قسيّكم، فإن يك صادقاً فقد أخطأ في مسيره غير مستكره عليه، و إن يك كاذباً فقد لزمته التهمة، و هذا كلام أبي موسى في تخذيله الناس، و تحريضهم على الجلوس و تثبيطهم عن أمير المؤمنين علي في حروبه و مسيره إلى الجمل و غيره

ثم ما قاله في بعض مقاماته في معاتبته لقريش، و قد بلغه عن أناس منهم ممن قعد عن بيعته و نافق في خلافته كلام كثير، فقال: و قد زعمت قريش أن ابن أبي طالب شجاع و لكن لا علم له بالحروب، تربت أيديهم، و هل فيهم أشد مراساً لها مني؟ لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين، و ها أنا ذا قد أربيت على نيف و ستين، و لكن لا رأي لمن لا يُطاع.

222- قال المسعودي و إذا قد تقدم ذكرنا لجمل من أخبار الجمل و صفين و الحكمين، فلنذكر الآن جوامع من أخبار يوم النهروان و نعقب ذلك بذكر مقتله عليه السلام، و إن كنا قد أتينا على مبسوط سائر ما تقدم لنا في هذا الكتاب و ما تأخر، فيما سلف من كتبنا و الله أعلم.

223- عنه اجتمعت الخوارج في أربعة آلاف، فبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي و الحقوا بالمدائن و قتلوا عبد الله بن حباب عامل علي عليها: ذبحوه ذبحاً، و بقروا بطن امرأته و كانت حاملا و قتلوا غيرها من النساء،

ص: 156

و قد كان علي انفصل عن الكوفة في خمسة و ثلاثين ألفاً، و أتاه من البصرة من قبل ابن عباس- و كان عامله عليها- عشرة آلاف.

فيهم الأحنف بن قيس و حارثة بن قدامة السعدي، و ذلك في سنة ثمان و ثلاثين، فنزل علي الأنبار، و التأمت اليه العساكر، فخطب الناس و حرضهم على الجهاد و قال سيروا إلى قتلة المهاجرين و الأنصار قدماً، فإنهم طالما سعوا في إطفاء نور الله، و حرضوا على قتال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و من معه

الا ان رسول الله امرني بقتال القاسطين و هم هؤلاء الذين سرنا اليهم، و الناكثين و هم هؤلاء الذين فرغنا منهم، و المارقين و لم نلقهم بعد فسيروا إلى القاسطين، فهم أهم علينا من الخوارج، سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين يتخذهم الناس ارباباً و يتخذون عباد الله خوَلًا و ما لهم دولًا، فأبوا إلا ان يبدءوا بالخوارج،

فسار علي اليهم حتى أتى النهروان، فبعث اليهم الحارث بن مرة العبدي رسولا يدعوهم إلى الرجوع، فقتلوه، و بعثوا إلى علي: إن تُبت من حكومتك و شهدت على نفسك بالكفر بايعناك، و إن أبيت فاعتزلنا حتى نختار لأنفسنا إماماً فإنا منك براء، فبعث اليهم علي أن ابعثوا الي بقتلة اخواني فأقتلهم ثم أتارككم إلى أن أفرغ من قتال اهل المغرب و لعل الله يقلب قلوبكم، فبعثوا اليه كلنا قتلة اصحابك و كلنا مستحلّ لدمائهم مشتركون في قتلهم و أخبره الرسول و كان من يهود السواد- ان القوم قد عبروا نهر طرزستان و هذا النهر عليه قنطرة، تعرف بقنطرة طرزستان، بين حلوان و بغداد من بلاد خراسان

فقال علي (علیه السلام): و الله ما عبروه و لا يقطعونه، حتى نقتلهم بالرميلة

ص: 157

دونه، ثم تواترت عليه الأخبار بقطعهم لهذا النهر، و عبورهم هذا الجسر، و هو يأبى ذلك، و يحلف انهم لم يعبروه، و أن مصارعهم دونه ثم قال: سيروا إلى القوم، فو الله لا يفلت منهم الا عشرة، و لا يقتل منكم عشرة،

فسار علي، فأشرف عليهم، و قد عسكروا بالموضع المعروف بالرميلة على حسب ما قال لأصحابه. فلما أشرف عليهم قال: الله اکبر، صدق الله و رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فتصافَ القوم، و وقف عليهم بنفسه، فدعاهم إلى الرجوع و التوبة، فأبوا و رموا أصحابه، فقيل له: قد رمونا فقال: كفوا

فكرروا القول عليه ثلاثاً و هو يأمرهم بالكف، حتى أتى برجل قتيل متشحط بدمه، فقال علي الله اكبر الآن حل قتالهم احملوا على القوم فحمل رجل من الخوارج على اصحاب علي فجرح فيهم، و جعل يغشى كل ناحية و يقول:

أضربهم و لو أرى عليا*** ألبسته أبيض مشرفيا

فخرج اليه علي (علیه السلام)، و هو يقول:

يا أيهذ المبتغي علياً*** إني أراك جاهلا شقيا

قد كنت عن كفاحه غنيا*** هلم فابرز هاهنا إليا

و حمل عليه علي، فقتله.

ثم خرج منهم آخر، فحمل على الناس، ففتك فيهم، و جعل يكر عليهم، و هو يقول:

أضربهم و لو أرى أبا حَسَن*** ألبسته بصارمي ثوب غَبن

فخرج اليه علي و هو يقول:

يا أيهذا المبتغي أبا حسن*** إليك فانظر أينا يلق الغبن

و حمل عليه علي و شكه بالرمح و ترك الرمح فيه، فانصرف علي و هو

ص: 158

يقول: لقد رأيت أبا حسن فرأيت ما تكره.

و حمل أبو أيوب الأنصاري على زيد بن حصن فقتله، و قتل عبد الله ابن وهب الراسبي، قتله هائى بن حاطب الأزدي و زياد بن حفصة، و قتل حرقوص بن زهير السعدي و كان جملة من قتل من أصحاب على تسعة و لم يفلت من الخوارج إلا عشرة، و أتى علي على القوم، و هم أربعة آلاف فيهم المخدج ذو الثدية إلا من ذكرنا من هؤلاء العشرة، و أمر علي بطلب المخدج، فطلبوه

فلم يقدروا عليه، فقام علي عليه أثر الحزن لفقد المخدج، فانتهى إلى قتلى بعضهم فوق بعض فقال: أفرجوا، ففرجوا يميناً و شمالا و استخرجوه. فقال علي: الله أكبر، ما كذَبْتُ على محمد، و إنه لناقص اليد ليس فيها عظم، طرفها حلمة مثل ثدي المرأة عليها خمس شعرات أو سبع، رءوسها معقفة

ثم قال: ائتوني به فنظر إلى عضده، فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدي المرأة عليه شعرات سود إذا مدت اللحمة امتدت حتى تحاذي بطن يده الأخرى، ثم تترك فتعود إلى منكبه، فتَنى رجله و نزل و خر لله ساجداً.

ثم ركب و مر بهم و هم صَرْعى، فقال لقد صرعكم من غركم، قيل: و من غرهم؟ قال: الشيطان و أنفُسُ السوء، فقال أصحابه قد قطع الله دابرهم إلى آخر الدهر، فقال: كلا و الذي نفسي بيده، و إنهم لفي أصلاب الرجال و أرحام النساء، لا تخرج خارجة إلا خرجت بعدها مثلها حتى تخرج خارجة بين الفرات و دجلة مع رجل يقال له الأشمط يخرج اليه رجل منا أهل البيت فيقتله، و لا تخرج بعدها خارجة إلى يوم القيامة.

و جمع علي ما كان في عسكر الخوارج، فقسم السلاح و الدواب بين

ص: 159

المسلمين، و رد المتاع و العبيد و الإماء إلى أهلهم، ثم خطب الناس، فقال: إن الله قد أحسن إليكم و أعز نصركم، فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم فقالوا: يا أمير المؤمنين قد كلت سيوفنا و نفدت نبالنا و نصلت أسنة رماحنا فدعنا نستعد بأحسن عدّتنا، و كان الذي كلمه بهذا الأشعث بن قيس، فعسكر علي بالنخيلة.

فجعل أصحابه يتسللون و يلحقون بأوطانهم، فلم يبق معه الا نفر يسير، و مضى الحارث بن راشد الناجي في ثلاثمائة من الناس فارتدوا إلى دین النصرانية، و هم من ولد سامة بن لؤي بن غالب من ولد إسماعيل عند أنفسهم، و قد أبى ذلك كثير من الناس، و ذكروا أن سامة بن لؤي ما أعقب، و قد حكي عن علي فيهم ما قد ذكرناه في كتابنا في «أخبار الزمان».

و لست تكاد ترى سامياً إلا منحرفاً عن علي من ذلك ما ظهر من علي بن الجهم الشاعر السامي من النصب و الانحراف، و قد أتينا على لمع من شعره و أخباره في الكتاب الأوسط، و لقد بلغ من انحرافه و نصبه العداوة لعلي عليه السلام أنه كان يلعن أباه. فسئل عن ذلك، و بم استحق اللعن منه؟ فقال: بتسميته إياي عليا.

فسرح إليهم على معقل بن قيس الرياحي، فقتل الحارث و من معه من المرتدين بسيف البحر، و سبى عيالهم و ذراريهم، و ذلك بساحل البحرين، فنزل معقل بن قيس بعض كُورِ الأهواز بسبي القوم، و كان هنالك مصقلة بن هبيرة الشيباني عاملا لعلي فصاح به النسوة: امنن علينا،

فاشتراهم بثلاثمائة ألف درهم و أعتقهم، و أدى من المال مائتي ألف و هَرَب إلى معاوية، فقال علي: قبح الله مصقلة، فعل فعل السيد و فر فرار العبد، لو أقام أخذنا ما قَدَرْنا على أخذه، فإن أعسر أنظرناه، و إن عجز لم

ص: 160

نأخذه بشيء، و أنفذ العتق، و في ذلك يقول مصقلة بن هبيرة، من أبيات:

تركت نساء الحي بكر بن وائل*** و أعتقت سَبياً من لؤي بن غالب

و فارقت خير الناس بعد محمد*** لمال قليل لا محالة ذاهب

و في ذلك يقول الآخر:

و مصقلة الذي قد باع بيعاً*** ربيحاً يوم ناجية بن سامه

و لمصقلة أفعال أتاها، و حيل عملها قد ذكرناها و ما قال في ذلك من الشعر فى الكتاب الأوسط.

و قال علي بن محمد بن جعفر العلوي فيمن انتمى إلى سامة بن لؤي ابن غالب:

و سامة منَّا فأما بنوه*** فأمرهم عندنا مظلم

أناس أتونا بأنسابهم*** خرافة مضطجع يحلم

و قلنا لهم مثل قول الوصي*** و كلُّ أقاويله محكم

إذا ما سئلت فلم تدر ما*** تقول فقل: ربنا أعلم

224- قال الحاكم: حدثني سعيد بن أحمد بن محمد النخعي ثنا عبدان الاهوازى ثنا علي بن المنذر ثنا محمد بن فضيل عن الاعمش عن أبي وائل ان عبدالله بن الكواء و شبیب بن ربعی و ناسامعهما اعتزلوا عليا بعد انصرافه من صفين إلى الكوفة لما انكر عليهم من سبب ابي بكر و عمر فمن بعد هما من أصحاب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فخالفوه و خرجوا عليه فخرج اليهم علي و حاجهم و رجع عن غير قتال.

225- عنه و في حديث أبي إسحاق الفزاري عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي جحيفة زيادة الفاظ منها ايمان علي اني لا اساكنكم في بلدة حتى القى الله عزّوجلّ.

ص: 161

226- عنه حدثنا أبو سعيد النخعى ثنا عبدان الاهوازي ثنا محمد بن عبدالله بن نمير انا عامر بن السرى عن أبى الجحاف عن معاوية بن ثعلبه عن أبي ذر رضی الله عنه قال قال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي من فارقني فقد فارق الله و من فارقك فقد فارقنى.

227- عنه حدثنا على بن حمشاذ العدل ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا يحيى بن عبد الحميد ثنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي يحيى قال نادى رجل من الغالين عليا و هو في الصلاة صلاة الفجر فقال و لقد اوحى اليك و إلى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك و لتكونن من الخاسرين فاجابه علي و هو في الصلاة فاصبر أن وعد الله حق و لا يستفخنك الذين لا يوقنون هذا احاديث صحيحة الاسانيد و بمسندة فكنت احكم عليها على ماجرى به الرسم.

228- قال الجويني أن الإمام بالحق هو علي أمير المؤمنين، و من نازعه في الخلافة هم من الزاغة الباغين لأن قتلة عمارهم الفئة الباغية و الزمرة الطاغية و أن أمير المؤمنين (علیه السلام) كان بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين مأموراً، و كان ذلك في الكتاب مسطوراً.

229- عنه أخبرني الشيخ الإمام مجد الدين عبدالله بن محمود بن مودود الموصلي بسماعى عليه ببغداد في شهر ربيع الأول سنة اثنيتن و سبعين و ست مأة و المشايخ أمين الدين أبو اليمن عبدالصمد بن عبد الوهاب بن عساكر و الحكيم الفاضل العلامة نصير الدين محمد بن الحسن المشهدى الطوسي و الأديب البارع نجم الدين أبو عبدالله محمد ابن أبي بكر ابن أبي القاسم بيراية الجويني بإجازتهم.

عن المشايخ الثلاثة المؤيد بن محمد بن علي الطوسي و أبي بكر القاسم

ص: 162

ابن أبى سعد و أبي الفتح المنصور بن عبدالمنعم الفراوي بسماعهم عن المشايخ العشرين: أبى بكر وجيه ابن طاهر، و عبد الكريم بن خلف، عبدالخالق بن زاهر الشحامى و أبي حفص عمر بن أبي نصر الصفار و أبي البركات ابن محمد الفراوي و أبى بكر جامع الفارسي.

و أبي القاسم و أحمد ابني الحسن بن أحمد الكاتب، أبي الفتوح عبدالله بن علي بن العباس الحسين بن إسماعيل العماني، أبي علي الحارث بن محمد السحسبي و أبى حضر ابن محمد الهلالي، و عرفة بن أبى الحسن الصوفي، أبى الفتوح عبدالرزاق بن الشافعي النيسابورى، و جامع بن أبي السقاء و أسعد بن أبي بكر خياط الصوف.

و أبي القاسم ابن علي الكرماني، أحمد بن إسماعيل الخيرباران، و أبى خصر ابن أبى بكر الشعري و عبد الوهاب بن إسماعيل الصيرفي بروايتهم عن أحمد بن خلف، و بروايته عن وجيه الشحامي أيضاً عن أبي بكر يعقوب ابن أحمد الصيرفي كلاهما عن الحاكم محمد بن عبدالله بن محمد البيع رحمهم الله تعالى قال:

اعتقاد المسلم فيما بينه و بين الله تعالى أن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب (علیه السلام) كأن محقاً مصيباً في قتاله الناكثين و القاسطين و المارقين، بأمر رسول الله رب العالمين(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، خلاف قول الخوارج والنواصب.

و هذا يجب على المسلم معرفته كما قال أبو داود السجستاني: أحب أبا كبر و عمر و لا تكن ناصبياً و أحب علياً و لا تكن رافضياً.

230- عنه و بالسند المتقدم قال الحاكم: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعى ببغداد، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، قال: حدثنا سلمة بن

ص: 163

کهیل قال:

حدثني زيد بن وهب الجهني، أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي ابن ابي طالب الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي: أيها الناس، إني سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليست قراءتكم إلى قراءتهم بشيء و لا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء و لا صيامكم إلى صيامهم بشيء.

يقرءون القرآن لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرّميّة لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي الله لهم على لسان نبيهم (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لاتكلوا عن العمل و آية ذلك أن فيهم رجلا له عضد و ليس له ذراع.

على رأس عضده مثل حلمة المرأة عليها شعرات بيض أتذهبون إلى معاوية و أهل الشام و تتركون هؤلاء يخلفونكم فى ذراريكم و أموالكم. و الله إنّي لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم. فإنهم قد سفكوا الدم الحرام و أغاروا على سرح النّاس فسيروا على اسم الله تعالى.

قال سلمة بن كهيل فنزلت و زید بن وهب منزلا حتى مررنا على قنطرة فلما التقينا- و على الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب الراسبي- فقال لهم: ألقوا الرماح و سلوا سيوفكم و كسروا جفونها فاني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء.

فرجعوا فوحشوا برماحهم و سلوا السيوف فشجرهم الناس برماحهم. و قتل بعضهم على بعض و ما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان.

فقال على التمسوا فيهم المخدج فالتمسوه فلم يجدوه، فقام على بنفسه

ص: 164

حتى أتى ناسا بعضهم إلى بعض، قال: أخروه فأخروهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر على (علیه السلام) ثم قال: صدق الله و بلغ رسوله.

فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين و الله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال: أي و الله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلفه ثلاثا و هو يحلف له قال الحاكم: رواه مسلم في الصحيح عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق.

231- عنه و أيضاً قال الحاكم أخبرنا أبو نصر أحمد بن سهل الفقيه ببخاری قال: حدثنا أبو على صالح بن محمد بن حبيب الحافظ البغدادي قال: حدثنا إبراهيم بن منذر الحزامي قال: حدثنا عبدالله بن وهب.

حيلولة: و حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ و اللفظ له- قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن مهران قال حدثنا أبو طاهر، قال حدثنا ابن وهب، عن عمر بن الحرث، عن بكر بن الأشج:

عن بشر بن سعيد: عن عبيدالله بن أبي رافع مولى النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ان الحروية لما خرجت و هو مع علي بن أبي طالب قالوا: لاحكم إلا لله. فقال علي كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) وصف ناسا إلى لاعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم- و أشار إلى حلقه- هم أبغض خلق الله إليه منهم أسود على يديه مثل حلمة ثدى المرأة.

فلما قتلهم قال: انظروا، فنظروا فلم يجدوا شيئاً، قال: ارجعوا فو الله ما كذبت و لا كذبت- مرتين أو ثلاثا- ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى و ضعوه بين يديه. قال عبيد الله و أنا حضر ذلك من أمرهم و قول علي فيهم، قال الحاكم: رواه مسلم في الصحيح عن أبي الطاهر. و قد ذكر مسلم

ص: 165

لهذا الحديث شواهد غير ما ذكر.

232- أخبرنا الشيخ الصالح تاج الذين عبدالله ابن أبي القاسم بن ورخر بسماعي عليه ببغداد في ربيع الآخر سنة اثنين و سبعين و ست مأة، قال: أنبأنا ربيع أبو الفرج: الفتح بن عبدالله بن عبد السلا في السادس عشر من شهر ربيع الأول سنة إحدى و عشرين و ست مأة قال: أنبأنا أبو العباس الميهني سماعا عليه، أنبأنا أبو بكر أحمد بن خلف:

أنبأنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع النيسابوري قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام)، بخطب ذوات عدد يذكر فيها أمر رسول الله إياه بقتالهم.

233- عنه و أيضاً بالسند المتقدم قال الحاكم أخبرنا أبو الحسن محمد ابن أحمد بن تميم الحنظلي بقنطرة بردان، قال: حدثنا محمد بن سعد عن أخيه الحسن بن عطية قال: حدثني جدي سعد بن جنادة:

عن علي (علیه السلام) قال: أمرت بقتال ثلاثة: القاسطين و الناكثين و المارقين فأما القاسطون، فأهل الشام، و أمّا الناكثون فذكرهم و أما المارقون فأهل النهروان يعني الحرورية.

234- عنه و بالسند المتقدم قال الحاكم أخبرنا أحمد بن كامل بن خلف القاضي قال: حدثنا أحمد بن العباس البرني قال: حدثنا سعيد بن يحيى بن الأزهر، قال: حدثنا محمد بن فضيل عن سالم بن أبي حفصة، عن مازن العابدي قال:

قال علي بن أبي طالب (علیه السلام): ما وجدت من قتال القوم بدّاً أو الكفر بما انزل الله على محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم). قال الحاكم و قد شهد أبو سعيد الخدرى و أبو ايوب الانصاري و ابن مسعود لعلى بن أبي طالب (علیه السلام)أن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم)

ص: 166

أمره بذلك.

235- عنه حدثناه أبو الباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله. قال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا و لكن خاصف النعل.

قال أبو سعيد و كان أعطى علياً نعله يخصفها، قال الحاكم هذا إسناد صحيح قد احتج بمثله البخاري ومسلم في الصحيح.

236- قال الحاكم: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني بالكوفة، قال: حدثنا الحسين بن الحكم الحبري قال: حدثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي عن أبي هارون العبدي.

عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين، فقلنا: يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من تقاتلهم قال: مع على بن أبي طالب معه بقتل عمار بن ياسر.

237- عنه حدثنا أبو الحسن علي بن حمشاذ العدل، قال: حدثنا إبراهيم ابن الحسن بن ديزيل قال حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، قال: حدثنا محمد بن كثير عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن مخنف ابن سليم قال:

أنبنانا ابو ايوب فقلنا قاتلت بيفك المشركين. مع النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم جئت تقاتل المسلمين قال: أمرني رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين و القاسطين.

238- عنه قال الحاكم وحدثنا أيضا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه قال حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري قال: حدثنا محمد بن حميد

ص: 167

قال: حدثنا سلمة بن الفضل قال: حدثنا أبو زيد الأحول، عن عتاب بن ثعلبة:قال

حدثني أبو ايوب الأنصارى في خلافة عمر بن الخطاب، قال: أمرني النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين مع علي بن أبي طالب (علیه السلام).

239- عنه حدثناه الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا زكريا بن يحيى الخراز المقري قال حدثنا إسماعيل بن عباد المقري قال: حدثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة.

عن عبد الله قال: خرج رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) من بيت زينب فأتى منزل أم سلمة، فجاء علي فقال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم): يا أم سلمة هذا والله قاتل القاسطين و الناكثين و المارقين.

240- عنه في نصوص أخر واردة عن باب مدينة علم النبي و خيرة أصحاب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بأنه أمر عليا (علیه السلام) يقتال الناكثة و القاسطة و المارقة.

241- عنه أخبرني العزيز محمد بن أبي القاسم عن والده أبي القاسم ابن أبي الفضل إجازة عن أبي منصور ابن أبى شجاع ابن شهردار الديلمي إجازة.

حيلولة و أنبأني العدل تاج الدين علي بن أنجب عن الحافظ محبّ الدين ابن النجار، إجازة عن ناصر بن أبي المكارم إجازة عن أبي المؤيد ابن أحمد المكي- إجازة إن لم يكن سماعاً- قال: أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب الي من همدان

قال: انبأنا الشيخ العالم محى السنة أبو الفتح عبدوس بن عبدالله بن

ص: 168

عبدوس الهمداني كتابة أخبرني أبو الحسين أحمد بن إسحاق بن محمد بن تميم الحنظلى بقنطرة بردان حدثني محمد بن سعيد بن الحسن ابن عطية بن سعيد العوفى حدثني أبي حدثني عمي عمرو بن عطية بن سعيد عن أخيه الحسن بن عطية حدثنى جدى سعد بن عبادة.

عن على (علیه السلام) قال أمرت بقتال ثلاثة الناكثين القاسطين و المارقين، فأما القاسطون فأهل الشام و أما الناكثون فأهل الجمل فذكرهم و أما المارقون فأهل النهروان.

242- عنه بهذا الإسناد إلى صدر الأئمة أخطب خوارزم ضياء الدين أبى المؤيد الموفق بن أحمد المكي ثم الخوارزمي، قال: أنبأنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي أنبأنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أنبأنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي.

حيلولة: أنبأنا أبو طالب ابن أنجب و غيره، عن أبي أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي إجازة عن أبي عبدالله محمد بن الفضل الفراوي إجازة عن أحمد بن الحسين البيهقي- اجازة إن لم يكن سماعاً- قال: أنبأنا أبو عبدالله الحافظ أنبأنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن الدقاق، حدثنا عبدالملك بن محمد الرقاشي حدثنا وهب بن جرير، و أبو الوليد، عن شعبة، عن عمرو بن مرّة قال: سمعت عمرو بن سلمة يقول:

سمعت عمار بن ياسر- يوم صفين شيخاً آدم طويلا أخذ الحربة بيده و يده ترعد قال: و الذي نفسي بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر العرفنا أننا على الحق و هم على الضلالة.

243- عنه قال الخوارزمى بهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني أبو عبدالله الحافظ أخبرني أبو عبدالله مكي بن بندار الزنجاني

ص: 169

ببغداد حدثني أبو عبدالله محمد بن أحمد بن رجاء الحنفي بمصر حدثنى هارون بن محمد بن أبى الهندام العسقلاني حدثني عثمان بن طالوت بن عباد الجحدري حدثنى بشر ابن أبي عمرو بن العلا حدثني أبي حدثني الذيال بن حرملة قال:

سمعت صعصعة بن صوحان. يقول: لما عقد على بن أبى طالب (علیه السلام) الألوية لاجل حرب صفين أخرج لواء رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و لم ير ذلك اللواء منذ قبض رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فعقده على (علیه السلام) و دعا قيس ابن سعد بن عبادة فدفعت إليه و اجتمعت الانصار و أهل بدر فلما نظروا إلى لواء رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بكوا فانشأ قيس ابن سعد بن عبادة يقول: هذا اللواء الذي كنا نحف به*** مع النبي و جبريل لنا مدد

ما ضر من كانت الانصار عيبته*** أن لا يكون لهم من غير هم عضد

244- المؤيد الخوارزمي أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن على بن أحمد العاصمي أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ أخبرني والدى شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أخبرني أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك.

أخبرني أبو عبدالله بن جعفر الاصبهاني حدثني يونس بن حبيب حدثني أبو داود حدثنى القاسم بن الفضل حدثني أبو نصر عن أبي سعيد ان النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال يكون فرقة بين طائفتين من أمتى تمرق بينهما مارقة يقتلها اولى الطائفتين بالحق رواه مسلم في الصحيح.

245- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني محمد بن عبد الله الحافظ، أخبرني أبو محمد المزني أخبرني علي بن محمد بن عيسى حدثني أبو اليمان أخبرني شعيب عن الزهرى أخبرني أبو سلمة بن

ص: 170

عبد الرحمان ان أبا سعيد الخدري قال بينا نحن عند رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و هو يقسم قسما اذ أتاه ذو الخويصرة و هو رجل من بني تميم.

فقال يا رسول الله اعدل فقال ويحك و من يعدل ان لم اعدل لقد خبت و خسرت ان لم اعدل، فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله إذن لى فاضرب عنقه فقال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) دعه فان له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته و صيامه مع صيامه يقرؤن القرآن لا يجاور تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرميه.

ينظر إلى نصله فلا يوجد منه شيء ثم نظر إلى وصافته فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث و الدم آيتهم رجل اسود و احدى يديه مثل يدى المرأة و مثل البضعة تدر در يخرجون على خير فرقة من الناس.

قال أبو سعيد فاشهد أني سمعته من رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و اشهد ان على بن أبى طالب(علیه السلام) قاتلهم و انا معه فأمر بذلك الرجل فالتمس فاتى به حتى نظرت اليه على ما نعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) الذي نعته.

246- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني أبو عبدالله الحافظ أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة من أصل كتابه حدثني أحمد بن حازم عن أبى عروة حدثني أبو غسان عبدالسلام بن حرب حدثنى الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبى سعید و حدثنا ابن أبي غرزة حدثني عبيدالله بن موسى أخبرنا قمطر بن خليفة عن إسماعيل بن رجاء عن ابيه عن أبي سعيد قال:

كنا مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فانقطعت نعله فخلف عليا (علیه السلام) يصلحها فمشى قليلا ثم قال ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على

ص: 171

تنزيله فاستشرف لها القوم و فيهم أبو بكر و عمر فقال أبو بكر أنا هو؟ قال لا قال عمر انا هو؟ قال لا و لكن هو خاصف النعل يعنى علياً (علیه السلام) فأتيناه فبشرناه فلم يرفع رأسه كأنه كان قد سمع من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم).

247- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني أبو الحسين الفضل القطان ببغداد أخبرني أبو عبدالله بن جعفر بن درستويه حدثنى يعقوب بن سفيان حدثنى موسى بن مسعود حدثني عكرمة بن عثمان عن سماك و ابن زميل الدؤلى كان هو بجدة قال: قال ابن عباس أنه لما اعتزلت الخوارج دخلوا داراً و هم ستة آلاف.

و اجمعوا على ان يخرجوا على علي (علیه السلام) و أصحاب النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) معه يعنى مع على (علیه السلام) قال و كان لا يزال يجىء انسان فيقول يا أمير المؤمنين ان القوم خارجون عليك فيقول دعوهم فانى لست قاتلهم حتى يقاتلونى و سوف يفعلون فلما كان ذات يوم أتيته قبل صلاة الظهر فقلت يا أمير المؤمنين ابرد بالصلاة لعلى ادخل على هؤلاء القوم فاكلمهم.

فقال أنى اخافهم عليك فقلت كلا و كنت رجلا حسن الخلق و لا او ذى احداً فأذن لى. فلبست حلة من أحسن ما يكون من اليمنية و ترجلت و دخلت عليهم نصف النهار فدخلت على قوم لم ار قط أشد منهم اجتهاداً جباههم قرحة من السجود و ايديهم كلها ثفن الابل و عليهم قمص مرخصة مشمر بن مهشمة وجوهم من السهر فسلمت عليهم.

فقالوا مرحبا يابن عباس ما جاء بك قلت أتيتكم من عند المهاجرين و الانصار و من عند صهر رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) على بن أبي طالب (علیه السلام) و عليهم نزل القرآن و هو أعلم بتأويله منكم فقالت طائفة منهم لا تخاصموا قريشاً فان الله عز و جل قال: «بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ».

ص: 172

قال: اثنان أو ثلاثة لنكلمنه فقالت هاتوا ما نقمتم على صهر رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و الأنصار و عليهم نزل القرآن و ليس فيكم أحد منهم و هم اعلم بتأويله منكم قالوا ثلاثاً قلت هاتوا قالوا اما احديهن فانه حكم الرجال في امر الله و قد قال الله عز وجلّ:

ان الحكم إلا لله فما شأن الرجال و الحكم بعيد قول الله عزوجل فقلت هذه واحدة فما الثانية قالوا اما الثانية فانه قاتل و لم يسب و لم يغنم فلئن كانوا مؤمنين ما حل لنا قتالهم فقلت و ما الثالثة قالوا أنه محا نفسه من إمرة المؤمنين فان لم يكن أمير المؤمنين فانه لأمير الكافرين.

قلت هل عندكم غير هذا قالوا كفانا هذا قلت لهم اما قولكم حكم الرجال في امر الله فانا اقرأ عليكم ما ينقض قولكم اترجعون اليه قالوا نعم قلت فان الله قد صير من حكمه إلى الرجال في ربع درهم ثمن ارنب و تلا هذه الآية: «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ» إلى قوله « يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ» و قال في المراة زوجها «وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَما مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَما مِنْ أَهْلِها» الآية.

فناشدتكم الله هل تعلمون حكم الرجال فى اصلاح ذات بينهم و في حقن دمائهم أفضل أم حكمهم في أرنب و بضع امرأة فايهما ترون أفضل قالوا بل هذه قلت أخرجت من هذه؟ قالوا نعم قلت و اما قولكم قاتل و لم يسب و لم يغنم افتسبون أمكم عائشة فوالله ان قلتم ليست بأمنا لقد خرجتم من الإسلام.

و الله و ان قلتم نسبيها و نستحل منها ما نستحل من غيرها لقد خرجتم من الاسلام و انتم بين ضلالتين ان الله عزو جل قال النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم و ازواجه أمهاتهم فان قلتم ليست بأمنا لقد خرجتم

ص: 173

من الإسلام اخرجت من هذه؟ قالوا نعم قلت و اما قولكم محى نفسه من امرة المؤمنين.

فانا آتيكم بما ترضون ان النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوم الحديبية كانت المشركين أبا سفيان بن حرب و سهیل بن عمرو و قال يا على اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله ما قاتلناك.

فقال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) اللهم أنك تعلم إنى رسولك امح يا على اكتب هذا ما كاتب عليه محمد بن عبد الله فوالله لرسول الله خير من علي فلقد محى نفسه قال فرجع منهم الفان و خرج سائرهم فقتلوا.

248- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني أبو بكر محمد بن الحسين ابن على بن المؤمل أخبرني أبو أحمد الحافظ أخبرني أبو عروبة حدثني إسماعيل ابن يعقوب حدثنى عقبة بن مكرم حدثني عبدالله بن عيسى حدثني يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني أن علياً (علیه السلام) خطب أهل الكوفة فقال:

يا أهل الكوفة لو لا أن تبطروا الحدثتكم بما وعدكم الله على لسان نبيه(صلی اللّه علیه و آله و سلم) الذين تقتلونه منهم المخدج اليد و هو صاحب الثدية فوالله لا يقتل منكم عشرة و لا يفلت منهم عشرة فاطلبوه فطلبوه فلم يقدروا عليه ثم قال اطلبوه و الله ما كذبت و لا كذبت.

فطلبوه فوجدوه منكباً على وجهه فى جدول من تلك الجداول فأخذوا برجله فجروه فأتوا به أمير المؤمنين (علیه السلام) فكبر و حمد الله و خر ساجداً و من معه من المسلمين.

249- قال ابن الغضائري: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد البيع أخبرنا أبو الحسن أحمد بن موسى بن الصلت المالكي، حدثنا محمد بن

ص: 174

القاسم بن بشار الأنباري النحوى حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك بن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي سعيد قال:

قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): يكون فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم و أعمالكم مع أعمالهم، يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ينظر في النصل فلا يرى شيئاً ثم ينظر في القدح فلا يرى شيئاً ثم ينظر في الريش فلا يرى شيئا ثم يتمادى في الفسوق.

250- أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى الحافظ حدثنا سعيد حدثنا علي بن أحمد بن مسعدة الوراق حدثنا محمد بن منصور الطوسي حدثنا موسى الهروي حدثنا يزيد بن هارون عن شعبة عن منصور عن ربعي عن علي (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): ان منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فقال أبوبكر: أنا؟ قال: لا، قالا: عمر فأنا؟ قال: لا ولكن خاصف النعل، يعنى العليا (علیه السلام).

251- عنه أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدالوهاب بن طاوان أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد العلوى العدل حدثنا أحمد بن محمد الجواربي قال: حدثنا أحمد بن حازم حدثنا سهل بن عامر البجلي حدثنا أبو خالد الأحمر، عن مجالد عن الشعبي عن مسروق قال: قال عائشة:

يا مسروق إنك من ولدى و إنك من أحبهم إلى، فهل عندك علم من المخدج؟ قال قلت نعم قتله على بن أبى طالب على نهر يقال لأعلاه تأمرا و لأسفله النهروان بين حقايق و طرفاء قالت أبغنى على ذلك بينة فأتيتها بخمسين رجلا من كل خمسين بعشرة- وكان الناس إذ ذاك أخماساً-

ص: 175

يشهدون أن علياً (علیه السلام) قتله على نهر يقال لأعلاه تامرا و لأسفله النهروان بين حقايق و طرفاء فقلت يا امه أسألك بالله و بحق رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و بحقی - فاني من ولدك - أي شيء سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول فيه؟ قالت: سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: هم شر الخلق و الخليقة، يقتلهم خير الخلق و الخليقة، و أقربهم عند الله وسيلة.

252- عنه أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدالوهاب حدثنا أبو عبدالله الحسين بن محمد العلوي العدل حدثنا الجواربي حدثنا ربيع بن سليمان حدثنا أسد هو ابن موسى حدثنا أبو هلال الراسبي حدثنا محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي (علیه السلام) قال: لو لا أن تبطروا لحدثتكم بما سبق على لسان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لمن قتل هؤلاء يعنى الخوارج.

253- عنه أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا الحسين بن محمد العلوى العدل حدثنا أحمد بن محمد الصيدلاني حدثنا شعيب بن أيوب الصريفيني حدثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش عن خيثمة عن سويد ابن غفلة قال: قال علي (علیه السلام): إذا حدثتكم عن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فانى و الله لأن أخر من السماء أحب إلى من أن أكذب على رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و إذا حدثتكم فيما بيننا.

فان الحرب خدعة و إنى سمعته (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة.

254- عنه حدثنا أحمد بن محمد حدثنا الحسين بن محمد حدثنا الجواربي حدثنا شعبة عن أبى إسحاق عن حامد الهمداني قال: سمعت سعد ابن مالك يقول: قتل على (علیه السلام) شيطان الردهة، يعنى المخدج.

ص: 176

255- عنه أخبرنا أحمد بن طاوان قال: حدثنا الحسين بن محمد العدل حدثنا الجواربي قال: حدثني أبي حدثنا محمد بن عقبة بن هرم حدثنا سفيان بن عيينة عن العلاء بن أبي العباس عن أبي الطفيل عن بكر بن قيرواش عن سعد قال ذكروا عنده ذا الثدية فقال:

قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): شيطان الردهة زاغ الجبل أوراعى الخيل يحتدره رجل من بجبلة يقال له الأشهب أو اين الأشهب علامة في قوم ظلمة، قال سفيان: قال عمار الدهني جاء رجل منا يقال له الأشهب أو ابن الأشهب.

256- عنه قال: و حدثنا الجواربي حدثنا أبن زنجويه حدثنا عبد الرزاق حدثنا الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل قال مر ابن الكواء إلى على (علیه السلام) فقال له: «مَنِ الْأَخْسرينَ أَعْمالاً»؟ قال: ويلك هم أهل حرورا.

257- عنه حدثنا الفيريابي:قال حدثنا سفيان يعني ابن عيينية عن سلمة عن أبي الطفيل قال: سئل علي (علیه السلام) عن هذه الأية فذكر مثله.

258- عنه أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا الحسين بن محمد العلوي العدل حدثنا على بن عبدالله بن مبشر حدثنا محمد بن حرب حدثنا علي بن عام حدثنا حصين عن هلال بن يساف عن عبدالله قال: جاء رجل إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل و قال أحببت علياً حبّاً لم يحبّه رجل قط، قال: أحببت رجلا من أهل الجنة.

259- عنه أخبرنا القاضي أبو علي إسماعيل بن محمد بن أحمد بن الطبيب ابن كماري الفقيه الغرافي حدثنا أبوبكر أحمد بن عبيد الله بن الفضل ابن سهل بن پيرى و أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب ابن طاوان

ص: 177

حدثنا القاضي أبو الفرج أحمد بن علي بن جعفر بن محمد المعلى الخيوطي.

و أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوى حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الحدادي الطحان قال و حدثنا أبو بكر محمد بن سمعان العدل الحافظ حدثنا أبو الحسن أسلم بن سهل بن أسلم الرزاز الواسطي المعروف ببحشل حدثنا القاسم بن عيسى.

حدثنا أبو سلمة الخواص الواسطي: عيسى بن ميمون قال: حدثنا العوام ابن حوشب، عن أبيه، عن جده قال: كنت مع علي بن أبي طالب (علیه السلام) فأتاه رجل فقال: إن الخوارج قتلوا عبدالله بن خباب و قد عبروا الجسرو قال: دعوهم فان عبروا لم يفلت منهم عشرة و لم يقتل منكم عشرة.

ثم جاء آخر فقال: قد عبروا الجسر، فقال لي: يا يزيد اقطع لي خمسة ألف خسة أو قصبة ثم ركب بغلة النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فأتاهم فقاتلهم و أنا بين يديه.

فلما فرغ من قتالهم جعل لا يمر على قتل إلا قال لي: ضع عليه قصبة أو خسة، ثم جعل كأنه يطلب شيئاً لا يجده فرأيت وجهه يتريد و يقول: والله ما كذبت و لا كذبت، حتى انتهى إلى موضع دالية فيه ماء مستنقع، فاذا فيه رجل.

فأخذ هو برجل و أخذت برجل فأخرجناه، فاذا رجل في عضده شعرات إذا مدت امتدت و إذا تركت قلصت قال الله أكبر الله أكبر و الله ما كذبت و كذبت فرجع وجهه إلى ما كان قبل ذلك.

260- عنه أخبرنا القاضي أخبرنا القاضي أبو الخطاب عبد الرحمن بن عبدالله الأسكافي الشافعي قدم علينا واسطاً حدثنا أبو محمد عبدالله بن عبيد الله بن يحيى قال حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي حدثنا

ص: 178

أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد حدثنا زيد بن الحباب حدثنى موسى ابن عبيدة حدثني يحيى بن الشبل عن جده عبدالله بن جبير و كان من كتاب علی(علیه السلام).

قال: دخل علينا الخوارج فقالوا: اشفعوا لنا إلى على يذرنا نقاتل معاوية، قال فذكرنا لعلي(علیه السلام) فقال: ما كذبت و لا كذبت، لاجاهدتهم قال: فحكموا، فقال: كلمة حق يراد بها الباطل، فقاتلهم فقتلهم و هزمهم، فقال: التمسوا لى المخدج فوجد قتيلا فقال علي (علیه السلام): من يعرف هذا؟ فقال رجل:

أنا أعرفه، قال: بم تعرفه قال خرجت في ظهر لى أريد العراق فمررت بمنصفا و هو مدلى رجليه فقال: يا عبدالله ما أنت مبلغى إلى العراق؟ فقلت: نعم، قال: فبلغته قال: صدقت.

261- عنه أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر العطار الفقيه الشافعي أخبرنا أبو محمد عبدالله بن محمد بن عثمان الملقب بابن السقاء الحافظ الواسطى اجازة أن أبا العباس سهل بن أحمد بن عثمان بن مخلد الأسلمي حدثهم من أصل كتابه قال: حدثنا أبو الخطاب زياد بن يحيى بن كنانة.

حدثنا داود بن الفضل حدثنى الأسود بن رزين حدثنا عبيدة بن بشر الخثعمي عن أبيه قال: خرج علي بن أبي طالب (علیه السلام) يريد الخوارج إذ أقبل رجل يركض حتى انتهى إلى أمير المؤمنين علي (علیه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين البشرى قال هات ما بشراك؟ قال قد عبر القوم النهروان لما بلغهم عنك، و قد منحك الله أكتافهم.

فقال الله لأنت رأيتهم قد عبروا؟ فقال: و الله لأنا رأيتهم حين عبروا فحلقه ثلاث مرات في كلّ ذلك يحلف له، فقال له أمير المؤمنين: كذبت و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما عبروا النهروان، و لن يبغلو الأثلاث و

ص: 179

لاقصر بوران حتى تقتلهم الله على يدى، لا ينجو منهم تمام عشرة و لا يقتل منا عشرة عهداً معهودا، و قدراً مقدورا و قضاء مقضياً، قد خاب من افترى.

ثم أقبل أيضاً آخر حتى جاءه ثلاثة كلهم يقولون مقالة الأول و يقول لهم مثل ذلك، ثم ركب فأجال في ظهر بغلته و نهض الشاب و أجال في ظهر فرسه و هو يقول في نفسه والله لا نطلقن مع علي فان كان القوم قد عبرها لأكونن من أشد الناس على على (علیه السلام):

فلما انتهى إلى النهروان أصابوا القوم قد كسروا جفون سيوفهم و عرقبوا دوابهم و جثوا على ركبهم و حكموا بحكم رجل واحد و استقبلوا علياً بصدور الرماح فقال على (علیه السلام) حكم الله انتظر فيكم، فنزل إليه الشاب فقال: يا أمير المؤمنين إنى قد كنت شككت في قتال القوم فاغفر ذلك لى، فقال علي (علیه السلام): بل يغفر الله الذنوب فاستغفره.

ثم نادى على(علیه السلام) قنبر فقال: يا قنبر ناد القوم ما نقمتم على أمير المؤمنين؟ ألم يعدل في قسمتكم و يقسط في حكمكم و يرحم مسترحمكم؟ لم يتخذ ما لكم دولا و لم يأخذ منكم إلا السهمين اللذين جعلهما الله: سهما في الخاصة و سهما في العامة.

فقالت: الخوارج يا قنبر إن مولاك جدل و رجل خصم، و قد قال الله تعالى: «بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ» و هو منهم، و قد ردنا بكلامه الحلو في غير موطن، و جعلوا يقولون: والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين.

قال علي (علیه السلام) يا ابن عباس انهض إلى القوم فادعهم بمثل الذي دعاهم به قنبر فاني أرجو أن يجيبوك فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين

ص: 180

القی علي حلتى و ألبس علي سلاحي؟ فاني أخافهم على نفسي، قال: بلى فانهض إليهم في حلتك، فمن أى يوميك من الموت تفر؟ يوم لم يقدر أو يوم قد قدر؟

قال: فنهض ابن عباس إليهم، و ناداهم بمثل الذي أمره به فقالت طائفة: والله لا نجيبه حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين و قال أصحاب الحجج في أنفسهم منهم: والله لنجيبنه و لنخصمنه و لنكفرنه و صاحبه لا ينكر ذلك.

فقالوا: ننقم عليه خصالا كلها موبقة مكفرة أما أولهن فانه محا اسمه من اميرالمؤمنين حيث كتب إلى معاوية، فان لم يكن أميرالمؤمنين فانه أمير الكافرين، لأنه ليس بينهما منزلة، و نحن مؤمنون و ليس نرضى أن يكون علينا أميراً، و نقمنا عليه أن قسم علينا يوم البصرة ماحوى العسكر قد سفك الدماء و منعنا النساء و الذراري فلعمري إن كان حلّ هذا فما حرم هذا و نقمنا عليه يوم سفين أنه أحب الحيوة و ركن المصاحف فهلا ثبت و حرض على قتال القوم و ضرب بسيفه حتى يرجع إلى أمر الله و نقاتلهم، و الله يقول: «وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ».

و ننقم عليه أنه حكم الحكمين فحكما بجور لزمه وزره و نقمنا عليه أنه ولى الحكم غيره، و هو عندنا من أحكم الناس و نقمنا عليه أنه شك في نفسه حين أمر الحكمين أن ينظرا في كتاب الله:

فان كان معاوية أولى بالأمر ولوه. فان شك في نفسه فنحن أعظم فيه شكا، و نقمنا عليه أنه كان وصيّا فضيع الوصية و نقمنا أعظم فيه شكا، و نقمنا عليك يابن عباس حيث جئت ترفل إلينا في حلة حسنه تدعونا إليه.

ص: 181

فقال: ابن عباس: يا أمير المؤمنين قد سمعت ما قال القوم، و أنت أولى بالجواب منى؟ فقال علي (علیه السلام): لا ترتابن ظفرت بهم و الذي فلق الحبة و برأ النسمة نادهم ألستم ترضون بما انبئكم به من كتاب الله لا تجهلون به و سنة رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لا تنكرونه؟ قالوا:

اللهم بلى قال: أبداً بما بدأتم به، علي مدار الأمر أنا كاتب رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) حيث كتبت بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إلى سهيل بن عمرو صخر بن حرب و من قبلهما من المشركين عهداً إلى مدة فكتب المشركون إنا لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك.

فاكتب إلينا باسمك اللهم فانه الذي نعرف و اكتب إلينا ابن عبدالله فأمرنى فمحوت رسول الله و كتبت ابن عبدالله، و كتب إلى معاوية من علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و من قبلهما من الناكثين عهدا إلى مدة، فكتبوا: إنا لو علمنا أنك أمير المؤمنين ما قاتلناك فاكتب إلينا من على بن أبي طالب نجبك.

فمحوت أمير المؤمنين و كتبت ابن أبي طالب، كما محا رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و كما كتب، فان كنتم تلغون بسم الله الرحمن الرحيم أن محاها، و تلغون رسول الله محاها، و لا تثبتونه فالغونى و لا تثبتوني، و إن أتبتموه فان الله تعالى قال: «أتيكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهْيكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» و قال: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أَسْوَةٌ حَسَنَةٌ» فاستننت برسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قالوا: صدقت هذه بحجتنا هذه.

قال: و أما قولكم أني قسمت بينكم ما حوى العسكر يوم البصرة فأحللت الدماء و منعتكم النساء و الذرية، فاني منت على أهل البصرة لما افتتحتها و هم يدعون الاسلام، كما من رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) على أهل مكة و

ص: 182

هم مشركون لما افتتحها و كانو أولادهم ولدوا على الفطرة قبل الفرقة بدينهم، و إن عدوا علينا أخذناهم بذنوبهم.

فلم نأخذ صغيراً بذنب كبير، و قد قال الله تعالى في كتابه: «و من يغلل يأت بما غل يوم القيامة» و قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): لو أن رجلاً غل عقالاً من الحرب لأتى الله يوم القيامة و هو مغلول به، حتى يؤديه، و كانت أم المؤمنين أثقل من عقال فلو غللتها و قسمت سوى ذلك.

فانه غلول و لو قسمتها لكم و هي امكم لاستحل منها ما حرم الله فأيكم كان يأخذ أم المؤمنين في سهمه و هي أمه؟ قالوا: لا أحد و هذه بحجتنا هذه.

قال: و أما قولكم أنى حكمت الحكمين فقد عرفتم كراهتى لهما إلا أن تكذبوا، و قولي لكم ولوها رجلا من قريش فان قريش لا تخدع فأبيتم إلا أن وليتموها من وليتم فان قلتم سكت حيث فعلنا و لم تنكر... فأنما جعل الله الإقرار على النساء في بيوتهن و لم يجعله على الرجال في بيوتهم فان كذبتم و قلتم.

أنت حكمت و رضيت فان الله قد حكم في دينه الرجال و هو أحكم الحاكمين، فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءً مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ» و قال: «وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَما مِنْ أَهْلِهَا» فانما على الانسان الإجتهاد في استصلاح الحكمين فان عدلا كان العدل فيما أرياه أولى و إن لم يعدلا فيه و جاراً، كان الوزر عليهما «وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى» قالوا: صدقت و هذه بحجتنا هذه.

قال و أما قولكم إني قلت للحكمين انظروا في كتاب الله فان كان

ص: 183

معاوية أحق بها منى فأثبتوه، و إن كنت أولى بها فأثبتوني فلو أن الحكمين اتقيا الله و نظرا فى القرآن عرفا أنى كنت من السابقين باسلامي قبل معاوية، و معاوية مشرك، و عرفت أنهم إذا نظروا في كتاب الله وجدوني يجب لي على معاوية الاستغفار.

لأنى سبقته بالإيمان و لا يجب لمعاوية على الإستغفار و وجدوني يجب لى على معاوية خمس ما غنمتم لأن الله تبارك و تعالى أمر بذلك إذ يقول: «وَ اعْلَمُوا أَمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ» الآية، فاذا حكماً بما أنزل الله أثبتونى و لو قلت احكموا و أثبتوني أبي معاوية.

لكنى أظهرت لهم النصفة حتى رضى كما أن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لو قال: أجعل لعنت الله عليكم أبوا أن يباهلوا، و لكن جعل لعنة الله على الكاذبين، فهم الكاذبون اللعنة عليهم، و لكن أظهر لهم النصفة، فقبلوا قالوا: صدقت هذه بحجتنا هذه.

قال و أما قولكم إن كان معاوية أهدى منى فأثبتوه، فانني قد عرفت أنهم لا يجدونه أهدى منى و قد قال تعالى لنبيه: «قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ». فقد عرفتم أنهم لا يأتون بكتاب من عند الله هو أهدى من القرآن فكذلك عرفت أنهم لا يجدون معاوية أهدى منى.

و أما قولكم إن الحكمين كانا رجلاً سوء فلم حكمتهما؟ فانهما لو حكما بالعدل لدخلا فيما نحن فيه، و خرجنا من سوئهما، كما أن أهل الكتاب لو حكموا بما أمر الله حيث يقول: «وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ» خرجوا من كفرهم إلى ديننا، قالوا: صدقت و هذه بحجتنا هذه.

قال: و أما قولكم إنى كنت وصياً فضيعت الوصية فان الله تعالى قال

ص: 184

في كتابه: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» و لو ترك الحج من استطاع إليه سبيلا كفر. و لم يكن البيت ليكفر و لو تركه الناس لا يأتونه، و لكن كان يكفر من كان يستطيع إليه السبيل فلا يأتيه، و كذلك أنا: إن أكن وصيّاً فانكم كفرتم بى، لا أنا كفرت بكم بما تركتمونى، قالوا: صدقت هذه بحجتنا هذه.

قال: و أما قولكم إن ابن عباس جاء يرفل في حلة حسنة يدعوكم إلى ما يدعوكم إليه، فقد رأيت أحسن منها على رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوم حرب.

فرجع إليه من الخوارج أكثر من أربعة آلاف و ثبت على قباله أربعة آلاف، و أقبلوا يحكمون، فقال علي: حكم الله أنتظر فيكم يا هؤلاء؟ أيكم قتل عبدالله بن خباب بن الارت و زوجته و ابنته يظهر لى أقتله بهم و أنصرف عهداً إلى مدة حكم الله أنتظر فيكم. فنادوا كلنا قتل ابن خباب و زوجته و ابنته، و أشرك في دمائهم.

فناداهم أمير المؤمنين اظهروا لي كتائب و شافهوني بذلك فاني أكره أن يقر به بعضكم في الضوضاء و لا يقر بعض، و لا أعرف ذلك في الضوضاء و لا أستحل قتل من لم يقر. بقتل من أقر لكم الأمان حتى ترجعو إلى مراكزكم كما كنتم ففعلوا و جعلوا كلما جاء كتيبة سألهم عن ذلك.

فاذا أقروا عزلهم ذات اليمين حتى أتى على آخرهم ثم قال ارجعوا إلى مراكزكم فلما رجعوا ناداهم ثلاث مرات رجعتم كما كنتم قبل الأمان من صفوفكم؟ فنادوا كلهم: نعم.

فالتفت إلى الناس فقال: الله اكبر الله أكبر، والله لو أقر بقتلهم أهل الدنيا و أقدر على قتلهم لقتلتهم، شدوا عليهم، فأنا أول من شد عليهم و

ص: 185

عزل بسيف رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثلاث مرات كل ذلك يسويه على ركبتيه من إعوجاجه ثم شدّ الناس معه فقتلوهم فلم ينج منهم تمام عشرة.

فقال آتوني بذى الثدية فانه في القوم، فقلب الناس القتلى فلم يقدروا عليه، فاتى فاخبر بذلك فقال: الله اكبر والله ما كذبت و لا كذبت و إنه لغي القوم، ثم قال: ائتونى بالبغلة فانها هادية مهدية فركبها ثم انطلق حتى وقف على قليب ثم قال:

قلبوا فقلبوا سبعة من القتلى فوجده ثامنهم. فقال: الله اكبر هذا ذو الثدية الذي خبرنى رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أنه مع شرخيل ثم قال: تفرقوا فوا لم يقاتل معه الذين كانوا اعتزلوا كانوا وقوفا في عسكره على حدة.

262- عنه أخبرنا أحمد بن المظفر بن أحمد أخبرنا عبدالله بن محمد بن أحمد بن عثمان الحافظ إجازة أن أبا عبدالله محمود بن محمد و جعفر بن سنان الواسطيين حدثناه قولا: حدثنا القاسم بن عيسى الطائي حدثنا أبو سلمة عيسى بن ميمون الخواص عن العوام بن حوشب عن أبيه عن جده يزيد بن رويم قال: كنت عاملا لعلي بن أبي طالب الل(علیه السلام) على باروسما و نهر الملك فأتاه من أخبر.

أن الخوارج الذين قتلوا عبدالله بن الخباب قد عبروا النهروان فقال له علي (علیه السلام): لم يعبروا و لن يعبروا و إن عبروا لم ينج منهم عشرة، و لن يقتل منكم عشرة قال: ثم جاء القوم فبرز إليهم فقال: يا يزيد بن رويم اقطع أربعة آلاف خشبة أو قصبة قال: فقطع له ثم أوقفهم قال فقاتلهم

فلما فرغ من قتالهم قال لي يا يزيد اطرح على كل قتيل خشبة أو قصبة، قال: فركب بغلة رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و أناس بين يديه و نحن على ظهر نهر لا يمر بقتيل إلا طرحت عليه خشبة أو قصبة قال: حتى بقيت في يدى

ص: 186

واحدة قال فنظرت إليه فاذا وجهه أربد و هو يقول:

والله ما كذبت و لا كذبت قال فبينا أنا أمر بين يديه إذا خرير ماء عند موضع دالية فقلت: يا أمير المؤمنين هذا خرير ماء، قال: فقال لي: فتشه فقتشته فاذا رجل قد صارت في يدي فقلت: هذه رجل فنزل إلى فأخذنا الرجل الاخرى و جرها و جررت.

فاذا رجل قال: فقال لي مديده فمددتها فاستوت قال ثم قال خلها فخليتها، فاذا هي كأنها الثدي في صدره.

263- عنه أخبرنا أحمد بن المظفر أخبرنا عبدالله بن محمد بن عثمان الحافظ الواسطى إجازة أن أحمد بن هارون بن أبي موسى حدثهم قال: حدثنا أبوبكر بن محمد حدثنا وكيع و هو ابن الجراح عن جرير بن حازم و أبي عمرو بن المعلي عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني.

قال: ذكر على (علیه السلام) الخوارج فقال: فيهم رجل مخدج اليد أو مثدن اليد، فقال: لو لا أن تبطروا لأخبرتكم بما وعد الله على لسان نبيه (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لمن قتلهم، فقلت لعلي: أسمعته من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)؟ قال: إي و رب الكعبة إي و ربّ الكعبة إي و ربّ الكعبة.

264- عنه في حديث ابن موسى قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) سيخرج قوم فيهم رجل مخدج اليد او مثدون اليد و ذكر مثله.

265- قال ابن أبى الحديد: خطب أمير المؤمنين (علیه السلام) بهذه الخطبة بعد فراغه من أمر الخوارج و قد كان قام بالنهروان فحمد الله و أثنى عليه و قال:

أما بعد فإن الله قد أحسن نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام.

ص: 187

فقاموا إليه فقالوا يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا و كلت سيوفنا و انصلتت أسنة رماحنا و عاد أكثرها قصدا ارجع بنا إلى مصرنا نستعد بأحسن عدتنا و لعل أمير المؤمنين يزيد في عددنا مثل من هلك منا فإنه أقوى لنا على عدونا.

فكان جوابه (علیه السلام) «يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم و لا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين».

فتلكئوا عليه و قالوا إن البرد شديد فقال إنهم يجدون البرد كما تجدون فتلكئوا و أبوا فقال أف لكم إنها سنة جرت ثم تلا قوله تعالى (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ».

فقام منهم ناس فقالوا يا أمير المؤمنين الجراح فاشية في الناس و كان أهل النهروان قد أكثروا الجراح في عسكر أمير المؤمنين (علیه السلام) فارجع إلى الكوفة فأقم بها أياما ثم اخرج خار الله لك فرجع إلى الكوفة عن غير رضا.

266- عنه روى نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن نمير بن وعلة عن أبي وداك قال لما كره القوم المسير إلى الشام عقيب واقعة النهروان أقبل بهم أمير المؤمنين فأنزلهم النخيلة و أمر الناس أن يلزموا معسكرهم و يوطنوا على الجهاد أنفسهم و أن يقلوا زيارة النساء و أبنائهم حتى يسير بهم إلى عدوهم و كان ذلك هو الرأي لو فعلوه.

لكنهم لم يفعلوا و أقبلوا يتسللون و يدخلون الكوفة فتركوه (علیه السلام) و ما معه من الناس إلا رجال من وجوههم قليل و بقي المعسكر خاليا فلا من دخل الكوفة خرج إليه و لا من أقام معه صبر فلما رأى ذلك دخل الكوفة.

ص: 188

267- عنه قال نصر بن مزاحم فخطب الناس بالكوفة و هي أول خطبة خطبها بعد قدومه من حرب الخوارج فقال.

أيها الناس استعدوا لقتال عدو في جهادهم القربة إلى الله عز وجل و درك الوسيلة عنده قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه موزعين بالجور و الظلم لا يعدلون به جفاة عن الكتاب نكب عن الدين يعمهون في الطغيان و يتسكعون في غمرة الضلال فأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ و توكلوا على الله و كفى بالله وكيلا

قال فلم ينفروا و لم ينشروا فتركهم أياما ثم خطبهم فقال أف لكم لقد سئمت عتابكم أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة عوضا- الفصل الذي شرحناه آنفا إلى آخره و زاد فيه- أنتم أسود الشرى في الدعة و ثعالب رواغة حين البأس إن أخا الحرب اليقظان ألا إن المغلوب مقهور و مسلوب.

268- عنه روى الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم قال سمعت عليا (علیه السلام) على منبر الكوفة و هو يقول:

يا أبناء المهاجرين انفروا إلى أئمة الكفر و بقية الأحزاب و أولياء الشيطان انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا فو الله الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئا.

قلت هذا قيس بن أبي حازم و هو الذي روى حديث إنكم لترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا نضامون في رؤيته و قد طعن مشايخنا المتكلمون فيه و قالوا إنه فاسق و لا تقبل روايته لأنه قال إني سمعت عليا يخطب على منبر الكوفة و يقول انفروا إلى بقية الأحزاب فأبغضته و دخل بغضه في قلبي و من يبغض عليا (علیه السلام) لا تقبل روايته.

269- عنه روي أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أبو عاصم الثقفي قال

ص: 189

جاءت امرأة من بني عبس إلى علي (علیه السلام) و هو يخطب بهذه الخطبة على منبر الكوفة فقالت يا أمير المؤمنين ثلاث بلبلن القلوب عليك قال و ما هن ويحك قالت رضاك بالقضية و أخذك بالدنية و جزعك عند البلية فقال إنما أنت امرأة فاذهبي فاجلسي على ذيلك فقالت لا و الله ما من جلوس إلا تحت ظلال السيوف.

270- عنه روى عمرو بن شمر الجعفي عن جابر عن رفيع بن فرقد البجلي قال سمعت عليا (علیه السلام) يقول:

يا أهل الكوفة لقد ضربتكم بالدرة التي أعظ بها السفهاء فما أراكم تنتهون و لقد ضربتكم بالسياط التى أقيم بها الحدود فما أراكم ترعوون فلم يبق إلا أن أضربكم بسيفي و إني لأعلم ما يقومكم و لكني لا أحب أن ألي ذلك منكم وا عجبا لكم و لأهل الشام أميرهم يعصي الله و هم يطيعونه و أميركم يطيع الله و أنتم تعصونه و الله لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني و لو سقت الدنيا بحذافيرها إلى الكافر لما أحبني.

و ذلك أنه قضى ما قضى على لسان النبي الأمي أنه لا يبغضني مؤمن و لا يحبني كافر و قد خاب من حمل ظلما و الله لتصبرن يا أهل الكوفة على قتال عدوكم أو ليسلطن الله عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم فليعذبنكم أفمن قتلة بالسيف تحيدون إلى موتة على الفراش و الله لموتة على الفراش أشد من ضربة ألف سيف.

271- عنه قال (علیه السلام): فأنا نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأثناء هذا النهر و بأهضام هذا الغائط على غير بينة من ربكم و لا سلطان مبين معكم قد طوحت بكم الدار و احتبلكم المقدار.

و قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فأبيتم علي إباء المخالفين حتى

ص: 190

صرفت رأيي إلى هواكم و أنتم معاشر أخفاء الهام سفهاء الأحلام و لم آت لا أبا لكم بجرا و لا أردت بكم ضرا.

272- عنه قد تظافرت الأخبار حتى بلغت حد التواتر بما وعد الله تعالى قاتلي الخوارج من الثواب على لسان رسوله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و في الصحاح المتفق عليها أن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بينا هو يقسم قسما جاء رجل من بني تميم يدعى ذا الخويصرة فقال اعدل يا محمد فقال (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قد عدلت فقال له ثانية اعدل يا محمد فإنك لم تعدل.

فقال (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ويلك و من يعدل إذا لم أعدل فقام عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه فقال دعه فسيخرج من ضئضى هذا قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر أحدكم إلى نصله فلا يجد شيئا فينظر إلى نضيه فلا يجد شيئا.

ثم ينظر إلى القذذ فكذلك سبق الفرث و الدم يخرجون على حين فرقة من الناس تحتقر صلاتكم في جنب صلاتهم و صومكم عند صومهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم آيتهم رجل أسود أو قال أدعج مخدج اليد إحدى يديه كأنها ثدي امرأة أو بضعة تدردر.

273- عنه في بعض الصحاح أن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لأبي بكر و قد غاب الرجل عن عينه قم إلى هذا فاقتله فقام ثم عاد و قال وجدته يصلي فقال لعمر مثل ذلك فعاد و قال وجدته يصلي فقال لعلي (علیه السلام) مثل ذلك فعاد فقال لم أجده فقال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لو قتل هذا لكان أول فتنة و آخرها أما إنه سيخرج من ضئضى هذا قوم... الحديث.

274- عنه في بعض الصحاح يقتلهم أولى الفريقين بالحق.

275- عنه في مسند أحمد بن حنبل عن مسروق قال قالت لي عائشة

ص: 191

إنك من ولدي و من أحبهم إلي فهل عندك علم من المخدج فقلت نعم قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لأعلاه تامرا و لأسفله النهروان بين لخاقيق و طرفاء قالت ابغني على ذلك بينة فأقمت رجالا شهدوا عندها بذلك.

قال فقلت لها سألتك بصاحب القبر ما الذي سمعت من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فيهم فقالت نعم سمعته يقول إنهم شر الخلق و الخليقة يقتلهم خير الخلق و الخليقة و أقربهم عند الله وسيلة.

276- عنه في كتاب صفين للواقدي عن علي (علیه السلام) لو لا أن تبطروا فتدعوا العمل لحدثتكم بما سبق على لسان رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لمن قتل هؤلاء.

277- عنه فيه قال علي (علیه السلام) إذا حدثتكم عن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فلأن أخر من السماء أحب إلى من أن أكذب على رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و إذا حدثتكم فيما بيننا عن نفسي فإن الحرب خدعة و إنما أنا رجل محارب سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام قولهم من خير أقوال أهل البرية صلاتهم أكثر من صلاتكم و قراءتهم أكثر من قراءتكم لا يجاوز إيمانهم تراقيهم أو قال حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.

278- عنه في كتاب صفين أيضا للمدائني عن مسروق أن عائشة قالت له لما عرفت أن عليا (علیه السلام) قتل ذا الثدية لعن الله عمرو بن العاص فإنه كتب إلي يخبرني أنه قتله بالإسكندرية ألا إنه ليس يمنعني ما في نفسي أن أقول ما سمعته من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: يقتله خير أمتي من بعدي.

279- عنه روى ابن ديزيل في كتاب صفين قال كانت الخوارج في أول ما انصرفت عن رايات علي (علیه السلام) تهدد الناس قتلا قال فأتت طائفة منهم

ص: 192

على النهر إلى جانب قرية فخرج منها رجل مذعورا آخذا بثيابه فأدركوه فقالوا له رعبناك قال أجل فقالوا له قد عرفناك أنت عبد الله بن خباب صاحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال نعم قالوا فما سمعت من أبيك يحدث عن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

قال ابن ديزيل فحدثهم أن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال إن فتنة جائية القاعد فيها خير من القائم... الحديث.

280- عنه قال غيره بل حدثهم أن طائفة تمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية يقرءون القرآن صلاتهم أكثر من صلاتكم الحديث. فضربوا رأسه فسال دمه في النهر ما امذقر أي ما اختلط بالماء كأنه شراك ثم دعوا بجارية له حبلى فبقروا عما في بطنها.

281- عنه روی ابن ديزيل قال عزم علي(علیه السلام) على الخروج من الكوفة إلى الحرورية و كان في أصحابه منجم فقال له يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة و سر على ثلاث ساعات مضين من النهار فإنك إن سرت في هذه الساعة أصابك و أصحابك أذى و ضر شديد و إن سرت في الساعة التي أمرتك بها ظفرت و ظهرت و أصبت ما طلبت.

فقال له علي (علیه السلام) أتدري ما في بطن فرسي هذه أذكر هو أم أنثى قال إن حسبت علمت فقال علي (علیه السلام) من صدقك بهذا فقد كذب بالقرآن قال الله تعالى «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَ يُنَزِّلُ الْغَيْتَ وَ يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ» الآية ثم قال(علیه السلام).

إن محمدا(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ما كان يدعي علم ما ادعيت علمه أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي يصيب النفع من سار فيها و تصرف عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها فمن صدقك بهذا فقد استغنى عن الاستعانة بالله جل

ص: 193

ذكره في صرف المكروه عنه و ينبغي للموقن بأمرك أن يوليك الحمد دون الله جل جلاله

لأنك بزعمك هديته إلى الساعة التي يصيب النفع من سار فيها و صرفته عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها فمن آمن بك في هذا لم آمن عليه أن يكون كمن اتخذ من دون الله ضدا و ندا اللهم لا طیر إلا طيرك و لا ضر إلا ضرك و لا إله غيرك ثم قال:

نخالف و نسير في الساعة التي نهيتنا عنها ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس إياكم و التعلم للنجوم إلا ما يهتدى به في ظلمات البر و البحر إنما المنجم كالكاهن و الكاهن كالكافر و الكافر في النار أما و الله لئن بلغني أنك تعمل بالنجوم لأخلدنك السجن أبدا ما بقيت و لأحر منك العطاء ما كان لي من سلطان.

ثم سار في الساعة التي نهاه عنها المنجم فظفر بأهل النهر و ظهر عليهم ثم قال لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها المنجم لقال الناس سار في الساعة التي أمر بها المنجم فظفر و ظهر أما إنه ما كان لمحمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم) منجم و لا لنا من بعده حتى فتح الله علينا بلاد كسرى و قيصر أيها الناس توكلوا على الله و تقوا به فإنه يكفي ممن سواه.

282- عنه قال فروى مسلم الضبي عن حبة العرني قال لما انتهينا إليهم رمونا فقلنا لعلي (علیه السلام) يا أمير المؤمنين قد رمونا فقال لنا كفوا ثم رمونا فقال لنا (علیه السلام) كفوا ثم الثالثة فقال الآن طاب القتال احملوا عليهم.

283- عنه روى أيضا عن قيس بن سعد بن عبادة أن عليا (علیه السلام) لما انتهى إليهم قال لهم أقيدونا بدم عبد الله بن خباب فقالوا كلنا قتله فقال احملوا عليهم.

ص: 194

284- عنه ذكر أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل أن أول من قال لا حكم إلا لله عروة بن حدير قالها بصفين و قيل زيد بن عاصم المحاربي قال و كان أميرهم أول ما اعتزلوا ابن الكواء ثم بايعوا لعبد الله بن وهب الراسبي و كان أحد الخطباء فقال لهم عند بيعتهم إياه إياكم و الرأي الفطير و الكلام الفضيب دعوا لرأي يغب.

فإن غبوبه يكشف للمرء عن قضته و ازدحام الجواب مضلة للصواب و ليس الرأي بالارتجال و لا الحزم بالاقتضاب فلا تدعونكم السلامة من خطأ موبق و غنيمة نلتموها من غير صواب إلى معاودته و التماس الربح من جهته إن الرأي ليس بنهنهي و لا هو ما أعطتك البديهة و إن خمير الرأي خير من فطيره و رب شيء غابه خير من طريئه و تأخيره خير من تقديمه.

285- عنه ذكر المدائني في كتاب الخوارج قال لما خرج علي (علیه السلام) إلى أهل النهر أقبل رجل من أصحابه ممن كان على مقدمته يركض حتى انتهى إلى علي (علیه السلام) فقال البشرى يا أمير المؤمنين قال ما بشراك قال إن القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك فأبشر فقد منحك الله أكتافهم.

فقال له الله أنت رأيتهم قد عبروا قال نعم فأحلفه ثلاث مرات في كلها يقول نعم فقال على (علیه السلام) و الله ما عبروه و لن يعبروه و إن مصارعهم لدون النطفة و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لن يبلغوا الأ ثلاث.

و لا قصر بوران حتى يقتلهم الله و قد خاب من افترى قال ثم أقبل فارس آخر يركض فقال كقول الأول فلم يكترث على (علیه السلام) بقوله و جاءت الفرسان تركض كلها تقول مثل ذلك.

فقام علي (علیه السلام) فجال في متن فرسه قال فيقول شاب من الناس و الله

ص: 195

لأكونن قريبا منه فإن كانوا عبروا النهر لأجعلن سنان هذا الرمح في عينه أيدعي علم الغيب فلما انتهى (علیه السلام) إلى النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم و عرقبوا خيلهم و جثوا على ركبهم و حكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل فنزل ذلك الشاب فقال يا أمير المؤمنين إني كنت شككتك فيك آنفا و إني تائب إلى الله و إليك فاغفر لي فقال علي (علیه السلام) إن الله هو الذي يغفر الذنوب فاستغفره.

286- عنه ذكر أبو العباس محمد بن يزيد المبرد في الكامل قال لما واقفهم علي (علیه السلام) بالنهروان قال لا تبدءوهم بقتال حتى يبدءوكم فحمل منهم رجل على صف على (علیه السلام) فقتل منهم ثلاثة ثم قال:

أقتلهم و لا أرى عليا*** و لو بدا أوجرته الخطيا

فخرج إليه علي (علیه السلام) فضربه فقتله فلما خالطه سیفه قال يا حبذا الروحة إلى الجنة فقال عبد الله بن وهب و الله ما أدري إلى الجنة أم إلى النار فقال رجل منهم من بني سعد إنما حضرت اغترارا بهذا الرجل يعني عبد الله و أراه قد شك و اعتزل عن الحرب بجماعة من الناس.

و مال ألف منهم إلى جهة أبي أيوب الأنصاري و كان على ميمنة علي (علیه السلام) فقال علي (علیه السلام) لأصحابه احملوا عليهم فو الله لا يقتل منكم عشرة و لا يسلم منهم عشرة فحمل عليهم فطحنهم طحنا قتل من أصحابه (علیه السلام) تسعة و أفلت من الخوارج ثمانية.

287- عنه ذكر أبو العباس و ذكر غيره أيضا أن أمير المؤمنين (علیه السلام) لما وجه إليهم عبد الله بن عباس ليناظرهم قال لهم ما الذي نقمتم على أمير المؤمنين قالوا له قد كان للمؤمنين أميرا فلما حكم في دين الله خرج من الإيمان فليتب بعد إقراره بالكفر نعد إليه قال ابن عباس ما ينبغي لمؤمن لم

ص: 196

يشب إيمانه بشك أن يقر على نفسه بالكفر.

قالوا إنه حكم قال إن الله أمر بالتحكيم في قتل صيد فقال «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ» فكيف في إمامة قد أشكلت على المسلمين فقالوا إنه حكم عليه فلم يرض فقال إن الحكومة كالإمامة و متى فسق الإمام وجبت معصيته و كذلك الحكمان لما خالفا نبذت أقاويلهما.

فقال بعضهم لبعض اجعلوا احتجاج قريش حجة عليهم فإن هذا من الذين قال الله فيهم «بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ» و قال جل ثناؤه «وَ تُنْذِرَ بهِ قَوْماً لُدَّا».

قال أبو العباس و يقال إن أول من حكم عروة بن أدية و أدية جدة له جاهلية و هو عروة بن حدير أحد بني ربيعة بن حنظلة و قال قوم أول حكم رجل من بني محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان يقال له سعيد و لم يختلفوا في اجتماعهم على عبد الله بن وهب الراسبي و أنه امتنع عليهم و أوماً إلى غيره فلم يقنعوا إلا به.

فكان إمام القوم و كان يوصف برأي فأما أول سيف سل من سيوف الخوارج فسيف عروة بن أدية و ذاك أنه أقبل على الأشعث فقال له ما هذه الدنية يا أشعث و ما هذا التحكيم أشرط أوثق من شرط الله عز و جل ثم شهر عليه السيف و الأشعث مول فضرب به عجز بغلته.

قال أبو العباس و عروة بن حدير هذا من النفر الذين نجوا من حرب النهروان فلم يزل باقيا مدة من أيام معاوية ثم أتي به زياد و معه مولى له فسأله عن أبي بكر و عمر فقال خيرا فقال له فما تقول في أمير المؤمنين عثمان و في أبي تراب فتولى عثمان ست سنين من خلافته ثم شهد عليه بالكفر و فعل في أمر علي (علیه السلام) مثل ذلك إلى أن حكم ثم شهد عليه بالكفر.

ص: 197

ثم سأله عن معاوية فسبه سبا قبيحا ثم سأله عن نفسه فقال له أولك لزنية و آخرك لدعوة و أنت بعد عاص لربك فأمر به فضربت عنقه ثم دعا مولاه فقال له صف لي أموره قال أأطنب أم أختصر قال بل اختصر قال ما أتيته بطعام بنهار قط و لا فرشت له فراشا بليل قط.

قال أبو العباس و سبب تسميتهم الحرورية أن عليا (علیه السلام) لما ناظرهم بعد مناظرة ابن عباس إياهم كان فيما قال لهم ألا تعلمون أن هؤلاء القوم لما رفعوا المصاحف قلت لكم إن هذه مكيدة و وهن و إنهم لو قصدوا إلى حكم المصاحف لأتوني و سألوني التحكيم أفتعلمون أن أحدا كان أكره للتحكيم مني قالوا صدقت.

قال فهل تعلمون أنكم استكرهتموني على ذلك حتى أجبتكم إليه فاشترطت أن حكمهما نافذ ما حكما بحكم الله فمتى خالفاه فأنا و أنتم من ذلك برآء و أنتم تعلمون أن حكم الله لا يعدوني قالوا اللهم نعم قال و كان معهم في ذلك الوقت ابن الكواء قال و هذا من قبل أن يذبحوا عبد الله بن خباب و إنما ذبحوه في الفرقة الثانية بكسكر.

فقالوا له حكمت في دين الله برأينا و نحن مقرون بأنا كنا كفرنا و لكنا الآن تائبون فأقر بمثل ما أقررنا به و تب ننهض معك إلى الشام فقال أما تعلمون أن الله تعالى قد أمر بالتحكيم في شقاق بين الرجل و امرأته فقال سبحانه «فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها» و في صيد أصيب كأرنب يساوي نصف درهم.

فقال «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ» فقالوا له فإن عمرا لما أبي عليك أن تقول في كتابك هذا ما كتبه عبد الله علي أمير المؤمنين محوت اسمك من الخلافة و كتبت علي بن أبي طالب فقد خلعت نفسك فقال لي في رسول

ص: 198

الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) عليه أسوة حين أبى عليه سهيل بن عمرو أن يكتب.

هذا كتاب كتبه محمد رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و سهيل بن عمرو و قال له لو أقررت بأنك رسول الله ما خالفتك و لكني أقدمك لفضلك فاكتب محمد بن عبد الله فقال لي يا علي امح رسول الله فقلت يا رسول الله لا تشجعني نفسي على محو اسمك من النبوة قال فقضى عليه فمحاه بيده ثم قال:

اكتب محمد بن عبد الله ثم تبسم إلي و قال يا علي أما إنك ستسام مثلها فتعطي فرجع معه منهم معه منهم ألفان من حروراء و قد كانوا تجمعوا بها فقال لهم على ما نسميكم ثم قال أنتم الحرورية لاجتماعكم بحروراء.

288- عنه روى جميع أهل السير كافة أن عليا (علیه السلام) لما طحن القوم طلب ذا الثدية طلبا شديدا و قلب القتلى ظهرا لبطن فلم يقدر عليه فساءه ذلك و جعل يقول والله ما كذبت و لا كذبت اطلبوا الرجل و إنه لفي القوم فلم يزل يتطلبه حتى وجده و هو رجل مخدج اليد كأنها ثدي في صدره.

289- عنه روى إبراهيم بن ديزيل في كتاب صفين عن الأعمش عن زيد بن وهب قال لما شجرهم علي (علیه السلام) بالرماح قال اطلبوا ذا الثدية فطلبوه طلبا شديدا حتى وجدوه في وهدة من الأرض تحت ناس من القتلى فأتي به و إذا رجل على ثديه مثل سبلات السنور فكبر علي (علیه السلام) و كبر الناس معه سرورا بذلك.

290- عنه روى أيضا عن مسلم الضبي عن حبة العرني قال كان رجلا أسود منتن الريح له ثدي كندي المرأة إذا مدت كانت بطول اليد الأخرى و إذا تركت اجتمعت و تقلصت و صارت كثدي المرأة عليها شعرات مثل شوارب الهرة فلما وجدوه قطعوا يده و نصبوها على ربح ثم جعل على (علیه السلام) ينادي صدق الله و بلغ رسوله لم يزل يقول ذلك هو و أصحابه بعد العصر

ص: 199

إلى أن غربت الشمس أو كادت.

291- عنه روى ابن ديزيل أيضا قال لما عيل صبر علي (علیه السلام) في طلب المخدج قال ائتوني ببغلة رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فركبها و اتبعه الناس فرأى القتلى و يقول اقلبوا فيقلبون قتيلا عن قتيل حتى استخرجوه فسجد علي (علیه السلام).

292- عنه روى كثير من الناس أنه لما دعا بالبغلة ليركبها قال ائتوني بها فإنها هادئة فوقفت به على المخدج فأخرجه من تحت قتلى كثيرين.

293- عنه روى العوام بن حوشب عن أبيه عن جده يزيد بن رويم قال قال علي (علیه السلام) يقتل اليوم أربعة آلاف من الخوارج أحدهم ذو الثدية فلما طحن القوم و رام استخراج ذي الثدية فأتبعه أمرني أن أقطع له أربعة آلاف قصبة و ركب بغلة رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و قال اطرح على كل قتيل منهم قصبة فلم أزل كذلك و أنا بين يديه و هو راكب خلفي و الناس يتبعونه حتى بقيت في يدي واحدة.

فنظرت إليه و إذا وجهه أربد و إذا هو يقول والله ما كذبت و لا كذبت فإذا خرير ماء عند موضع دالية فقال فتش هذا ففتشته فإذا قتيل قد صار في الماء و إذا رجله في يدي فجذبتها و قلت هذه رجل إنسان فنزل عن البغلة مسرعا فجذب الرجل الأخرى و جررناه حتى صار على التراب فإذا هو المخدج فكبر علي (علیه السلام) بأعلى صوته ثم سجد فكبر الناس كلهم.

294- عنه قد روى كثير من المحدثين أن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لأصحابه يوما إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فقال أبو بكر أنا يا رسول الله فقال لا فقال عمر أنا يا رسول الله فقال لا بل خاصف النعل و أشار إلى علي (علیه السلام).

295- عنه قال أبو العباس في الكامل يقال إن أول من لفظ بالحكومة

ص: 200

و لم يشد بها رجل من بني سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر من بني صريم يقال له الحجاج بن عبد الله و يعرف بالبرك و هو الذي ضرب آخرا معاوية على أليته يقال إنه لما سمع بذكر الحكمين قال أيحكم أمير المؤمنين الرجال في دين الله لا حكم إلا لله فسمعه سامع فقال طعن و الله فأنفذ.

قال أبو العباس و أول من حكم بين الصفين رجل من بني يشكر بن بكر بن وائل كان من أصحاب علي(علیه السلام) فحمل على رجل منهم فقتله غيلة ثم مرق بين الصفين يحكم و حمل على أصحاب معاوية فكثروه فرجع إلى ناحية علي (علیه السلام) فخرج إليه رجل من همدان فقتله فقال شاعر همدان.

و ما كان أغنى اليشكري عن التي*** تصلى بها جمرا من النار حاميا

غداة ينادي و الرماح تنوشه*** خلعت عليا بادئا و معاويا

296- عنه قال أبو العباس و قد روى المحدثون أن رجلا تلا بحضرة علي (علیه السلام) « قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً»، فقال على (علیه السلام) أهل حروراء منهم.

297- عنه قال أبو العباس و من شعر أمير المؤمنين (علیه السلام) الذي لا اختلاف فيه أنه قاله و كان يردده أنهم لما ساموه أنه يقر بالكفر و يتوب حتى يسيروا معه إلى الشام فقال أبعد صحبة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و التفقه في الدين أرجع كافرا ثم قال:

یا شاهد الله علي فاشهد*** أني على دين النبي أحمد

من شك في الله فإني مهتد

298- عنه ذكر أبو العباس أيضا في الكامل أن عليا (علیه السلام) في أول خروج القوم عليه دعا صعصعة بن صوحان العبدي و قد كان وجهه إليهم و زياد

ص: 201

ابن النضر الحارثي مع عبد بن عباس فقال لصعصعة بأي القوم رأيتهم أشد إطافة قال بيزيد بن قيس الأرحبي فركب علي (علیه السلام) إلى حروراء فجعل يتخللهم حتى صار إلى مضرب يزيد بن قيس فصلى فيه ركعتين.

ثم خرج فاتكأ على قوسه و أقبل على الناس فقال هذا مقام من فلج فيه فلج يوم القيامة ثم كلمهم و ناشدهم فقالوا إنا أذنبنا ذنبا عظيما بالتحكيم و قد تبنا فتب إلى الله كما تبنا نعد لك فقال علي (علیه السلام) أنا أستغفر الله من كل ذنب فرجعوا معه و هم ستة آلاف.

فلما استقروا بالكوفة أشاعوا أن عليا (علیه السلام) رجع عن التحكيم و راه ضلالا و قالوا إنما ينتظر أمير المؤمنين أن يسمن الكراع و تجبى الأموال ثم ينهض بنا إلى الشام فأتى الأشعث عليا (علیه السلام) فقال يا أمير المؤمنين إن الناس قد تحدثوا أنك رأيت الحكومة ضلالا و الإقامة عليها كفرا.

فقام علي (علیه السلام) يخطب فقال من زعم أني رجعت عن الحكومة فقد كذب و من رآها ضلالا فقد ضل فخرجت حينئذ الخوارج من المسجد فحكمت.

299- عنه قلت كل فساد كان في خلافة علي (علیه السلام) و كل اضطراب حدث فأصله الأشعث و لو لا محاقته أمير المؤمنين (علیه السلام) في معنى الحكومة في هذه المرة لم تكن حرب النهروان و لكان أمير المؤمنين (علیه السلام) ينهض بهم إلى معاوية و يملك الشام فإنه (علیه السلام) حاول أن يسلك معهم مسلك التعريض و المواربة. و في المثل النبوي صلوات الله على قائله الحرب خدعة و ذاك أنهم قالوا له:

تب إلى الله مما فعلت كما تبنا ننهض معك إلى حرب أهل الشام فقال لهم كلمة مجملة مرسلة يقولها الأنبياء و المعصومون و هي قوله أستغفر الله

ص: 202

من كل ذنب فرضوا بها و عدوها إجابة لهم إلى سؤلهم وصفت له (علیه السلام) نياتهم و استخلص بها ضمائرهم من غير أن تتضمن تلك الكلمة اعترافا يكفر أو ذنب.

فلم يتركه الأشعث و جاء إليه مستفسرا و كاشفا عن الحال و هاتكا ستر التورية و الكناية و مخرجا لها من ظلمة الإجمال و ستر الحيلة إلى تفسيرها بما يفسد التدبير و يوغر الصدور و يعيد الفتنة و لم يستفسره (علیه السلام) عنها إلا بحضور من لا يمكنه أن يجعلها معه هدنة على دخن و لا ترقيقا عن صبوح.

و ألجأه بتضييق الخناق عليه إلى أن يكشف ما في نفسه ولا يترك الكلمة على احتمالها و لا يطويها على غرها فخطب بما صدع به عن صورة ما عنده مجاهرة فانتقض ما دبره و عادت الخوارج إلى شبهتها الأولى و راجعوا التحكيم و المروق و هكذا الدول التي تظهر فيها أمارات الانقضاء و الزوال يتاح لها أمثال الأشعث من أولي الفساد في الأرض، «سُنَّةَ الله في الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا».

300- عنه قال أبو العباس ثم مضى القوم إلى النهروان وقد كانوا أرادوا المضي إلى المدائن فمن طريف أخبارهم أنهم أصابوا في طريقهم مسلما و نصرانيا فقتلوا المسلم لأنه عندهم كافر إذ كان على خلاف معتقدهم و استوصوا بالنصراني و قالوا احفظوا ذمة نبيكم

301- عنه قال أبو العباس و نحو ذلك أن واصل بن عطاء رحمه الله تعالى أقبل في رفقة فأحسوا بالخوارج فقال واصل لأهل الرفقة إن هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا و دعوني و إياهم و كانوا قد أشرفوا على العطب فقالوا شأنك فخرج إليهم فقالوا ما أنت و أصحابك فقال قوم مشركون

ص: 203

مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله و يفهموا حدوده قالوا قد أجرناكم قال فعلمونا.

فجعلوا يعلمونهم أحكامهم و يقول واصل قد قبلت أنا و من معي قالوا فامضوا مصاحبين فقد صرتم إخواننا فقال بل تبلغوننا مأمننا لأن الله تعالى يقول: «وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ الله ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ» قال فينظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا ذاك لكم فساروا معهم يجمعهم حتى أبلغوهم المأمن.

302- عنه قال أبو العباس و لقيهم عبد الله بن خباب في عنقه مصحف على حمار و معه امرأته و هي حامل فقالوا له إن هذا الذي في عنقك ليأمرنا بقتلك فقال لهم ما أحياه القرآن فأحيوه و ما أماته فأميتوه فوثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه فصاحوا به فلفظها تورعا و عرض لرجل منهم خنزير فضربه فقتله فقالوا هذا فساد في الأرض و أنكروا قتل الخنزير.

ثم قالوا لابن خباب حدثنا عن أبيك فقال إني سمعت أبي يقول سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول ستكون بعدي فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه يمسي مؤمنا و يصبح كافرا فكن عبد الله المقتول و لا تكن القاتل قالوا فما تقول في أبي بكر و عمر فأثنى خيرا.

قالوا فما تقول في علي قبل التحكيم و في عثمان في السنين الست الأخيرة فأثنى خيرا قالوا فما تقول في علي بعد التحكيم و الحكومة قال إن عليا أعلم بالله و أشد توقيا على دينه و أنفذ بصيرة فقالوا إنك لست تتبع الهدى إنما تتبع الرجال على أسمائهم ثم قربوه إلى شاطئ النهر فأضجعوه فذبحوه.

ص: 204

قال أبو العباس و ساوموا رجلا نصرانيا بنخلة له فقال هي لكم فقالوا ما كنا لنأخذها إلا بثمن فقال وا عجباه أتقتلون مثل عبد الله بن خباب و لا تقبلون جنا نخلة إلا بثمن.

303- عنه روى أبو عبيدة معمر بن المثنى قال طعن واحد من الخوارج يوم النهروان فمشى في الرمح و هو شاهر سيفه إلى أن وصل إلى طاعنه فضربه فقتله و هو يقرأ «وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى».

304- عنه روى أبو عبيدة أيضا قال استنطقهم على (علیه السلام) بقتل عبد الله بن خباب فأقروا به فقال انفردوا كتائب لأسمع قولكم كتيبة كتيبة فتكتبوا كتائب و أقرت كل كتيبة بمثل ما أقرت به الأخرى من قتل ابن خباب و قالوا و لنقتلنك كما قتلناه فقال علي و الله لو أقر أهل الدنيا كلهم بقتله هكذا و أنا أقدر على قتلهم به لقتلتهم ثم التفت إلى أصحابه.

فقال لهم شدوا عليهم فأنا أول من يشد عليهم و حمل بذي الفقار حملة منكرة ثلاث مرات كل حملة يضرب به حتى يعوج متنه ثم يخرج فيسويه بركبتيه ثم يحمل به حتى أفناهم.

305- عنه روی محمد بن حبيب قال خطب على (علیه السلام) الخوارج يوم النهر فقال لهم نحن أهل بيت النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و عنصر الرحمة و معدن العلم و الحكمة نحن أفق الحجاز بنا يلحق البطيء و إلينا يرجع التائب أيها القوم إني نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأهضام هذا الوادي... إلى آخر الفصل

306- عنه ذكر أبو العباس المبرد في الكتاب الكامل أن عروة بن أدية أحد بني ربيعة حنظلة- و يقال إنه أول من حكم- حضر حرب النهروان و نجا فيها فيمن نجا فلم يزل باقيا مدة من خلافة معاوية ثم أخذ

ص: 205

فأتي به زياد و معه مولى له فسأله عن أبي بكر و عمر فقال خيرا فقال له فما تقول في عثمان و في أبي تراب فتولي عثمان ست سنين من خلافته.

ثم شهد عليه بالكفر وفعل في أمر على (علیه السلام) مثل ذلك إلى أن حكم ثم شهد عليه بالكفر ثم سأله عن معاوية فسبه سبا قبيحا ثم سأله عن نفسه فقال أولك لزنية و آخرك لدعوة و أنت بعد عاص ربك فأمر فضربت عنقه ثم دعا مولاه فقال صف لي أموره فقال أأطنب أم أختصر قال بل اختصر قال ما أتيته بطعام في نهار قط و لا فرشت له فراشا في ليل قط.

307- قال الخطيب مسلم بن أبي مسلم من تابعى أهل الكوفة. شهد مع على بن أبي طالب حرب الخوارج و حدث عن عبدالله بن مسعود و حذيفة بن اليمان روى عنه اليمان روى عنه أبو اسحاق السبيعي، أخبرنا الأزهرى حدثنا على بن عبدالرحمن البكائي بالكوفة حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي حدثنا أحمد بن عثمان حدثنا عبدالرحمن بن شريك حدثني أبي حدثنا أبو اسحاق عن مسلم بن أبى مسلم.

قال: كنت مع على بن أبى طالب حين قاتل الحرورية، فقال اطلبوا ذا الثدية، فطلبناه فلم نجده، ثم قال اطلبوه فوالله ما كذبت و لا كذبت قال فطلبناه فاستخرجناه من بين القتلى قال فأخذ بيده فمدها على طرفها شعرات ليس فيها عظم.

308- عنه قال: مالك بن الحارث أبو موسى الهمداني يعد في أهل الكوفة سمع على بن أبي طالب و حضر معه الحرب بالنهروان. روى عنه محمد بن قيس الأسدى. أخبرنا علي بن محمد بن عبدالله المعدل أخبرنا علي بن محمد بن أحمد المصري حدثنا عبد الله بن أبي مريم حدثنا الفريابي. و أخبرنا أبو القاسم على بن الحسن ابن أحمد وزير الخليفة القائم بأمر الله

ص: 206

أخبرنا إسماعيل بن الحسن الصرصرى حدثنا الحسين بن إسماعيل.

حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا مالك بن إسماعيل قالا حدثنا إسرائيل حدثنا محمد بن قيس- زاد الفريابي الهمداني ثم- اتفقا أنه سمع مالك بن الحارث قال شهدت عليا يوم النهروان قد طلب المخدج فلم يقدر عليه، فجعل جبينه يعرق و أخذ الكرب ثم قدر عليه فخر ساجداً. ثم قال: والله ما كذبت و لا كذبت.

رواه سفيان الثورى عن محمد بن قيس عن أبي موسى الهمداني، و سماه البخاري و مسلم بن الحجاج الحارث بن قيس.

309- عنه أخبرني الحسن بن على بن عبدالله المقري حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن جعفر المطيري حدثنا أحمد بن عبدالله حدثنا المؤدب- بسر من رأى- حدثنا المعلى بن عبدالرحمن- ببغداد- حدثنا شريك عن سليمان بن مهران الاعمش قال حدثنا إبراهيم عن علقمة و الاسود قالا اتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين فقلنا له:

يا أبا أيوب إن الله أكرمك بنزول محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و بمجئ تاقته تفضلا من الله و اكراما لك حتى أناخت ببابك دون الناس، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله؟ فقال يا هذا إن الرائد لا يكذب أهله، و إن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال ثلاثة مع على بقتال الناكثين والقاسطين و المارقين.

فاما الناكثون فقد قابلناهم أهل الجمل طلحة و الزبير، و أما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم- يعنى معاوية و عمراً- و أما المارقون فهم أهل الطرفاوات و أهل السعيفات و أهل النخيلات و أهل النهروانات، والله ما أدري أين هم ولكن لا بد من قتالهم إن شاء الله قال:

ص: 207

سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول لعمار: يا عمار تقتلك الفئة الباغية، و أنت إذ ذاك مع الحق و الحق معك يا عمار بن ياسر، إن رأيت علياً قد سلك وادیا و سلك الناس واديا غيره، فاسلك مع على فانه لن يدليك في ردى، و لن يخرجك من هدى.

يا عمار من تقلد سيفا أعان به علياً على عدوه قلده الله يوم القيامة و شاحين من در، و من تقلد سيفا أعان به علياً عليه قلده الله يوم القيامة و شاحين من نار قلنا يا هذا حسبك رحمك الله، حسبك رحمك الله.

310- عنه أخبرنا أبو عمر عبدالواحد بن محمد بن عبدالله بن مهدی حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن بن سعيد الكوفى - مولى بني هاشم- املاء- حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد حدثنا نصر بن مزاحم حدثنا عبدالعزيز بن سياه عن عامر بن السمط عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن عليم عن سلمان.

قال قال علي: لقد علم ذو العلم من آل محمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن أصحاب الاسود ذى الثدية ملعونون على لسان النبي الامى(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و قد خاب من افترى.

311- عنه عن علي بن أحمد بن إبراهيم البزاز حدثنا الحسن بن محمد بن عثمان النسوى حدثنا يعقوب بن سفيان حدثنا أصبغ بن الفرج حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): أن الحرورية لما خرجت و هم مع على بن أبي طالب فقالوا: لا حكم إلا لله.

قال على كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) وصف ناسا إنى لاعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم- و

ص: 208

أشار إلى حلقه- هم أبغض خلق الله إليه منهم أسود على يديه مثل حلمة ثدى.

فلما قتلهم قال: انظروا، فنظروا فلم يجدوا شيئاً، قال: ارجعوا فو الله ما كذبت و لا كذبت، مرتين أو ثلاثا، ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه. قال عبيد الله و أنا حضر ذلك من أمرهم و قول علي فيهم.

312- عنه أخبرني أبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر الغزال أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران حدثنا فارس بن محمد بن عمر البزاز- بسوق قطوطا بحضرة نهر المهدى- حدثنا أبو بكر أحمد بن الصباح بن محمد حدثنا شبابة بن سوار حدثنا أبو عمرو بن العلاء.

قال حدثني محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي قال: لولا أن تبطروا لحدثتكم بما أعده الله على لسان نبيه (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لمن يقتلونهم. قال قلت لعبيدة: أنت سمعته من على؟ قال نعم فيهم رجل مخدج اليد أو مئدون اليد- أو مودن اليد و المودن الناقص اليد.

313- عنه أخبرني الأزهرى حدثنا محمد بن المظفر حدثنا عبدالرحمن ابن إسماعيل بن على الكوفي حدثنا محمد بن عمر بن يونس السوسي حدثنا أبو اسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: شهدت النهروان مع على. فقال على اطلبوا ذا الثدية قال فطلبوه فلم يوجد.

فقال على أئتوني ببغلة حبيبي رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فاتوه بها، فركبها، فانتها إلى جدول، فقال استخرجوه، فاستخرجوا نيفا و عشرين قتيلا و إذا في أسفل الجدول رجل أسود أدلم طويل عليه قميص حديد، فقال على: شقوا عنه، فاذا له حلمة كثدى المرأة، عليها طاقان شعر.

ص: 209

فكنا اذا جررناها استوت مع يده الأخرى، فاذا سيبناها رجعت. قال فخر على ساجداً ثم قال: و الله ما كذبت و لا كذبت و لو لا ان تتكلوا فتتركوا العمل لنبأتكم بما قضى الله على لسان نبيكم(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لمبصر الهدى الذى نحن عليه عارفا بضلالتهم.

314- عنه قال: كثير أبو الحسن البجلي الأحمسي يعد في الكوفيين. سمع على بن أبي طالب و زيد بن أرقم و حضر مع على الحرب بالنهروان، روى عنه ابنه الحسن أخبرنا ولاد بن علي الكوفي أخبرنا محمد بن على بن دحيم الشيباني حدثنا أحمد ابن حازم أخبرنا عبيد الله بن موسى أخبرنا الحسن بن كثير عن أبيه قال:

لما قتل على أهل النهروان خطب الناس فقال: ألا إن الصادق المصدوق(صلی اللّه علیه و آله و سلم) حدثنى أن هؤلاء القوم يقولون الحق بافواههم لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ألا و إن علامتهم ذو الخداجة. فطلبه الناس فلم يجدوا شيئا قال: عودوا فاني فو الله ما كذبت و لا كذبت، فعادوا فجئ به حتى ألقى بين يديه فنظرت اليه و في يده شعرات سود.

315- عنه قال: أبو المؤمن الوائلي سمع علي بن أبي طالب (علیه السلام) و حضر معه حرب الخوارج بالنهروان روى عنه سويد بن عبيد العجلي أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبدالله بن حسنويه الكاتب -بأصبهان حدثنا أبو جعفر أحمد بن جعفر بن أحمد بن سعيد السمسار حدثنا يحيى بن مطرف حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا سويد بن عبيد العجلي حدثنا أبو المؤمن الوائلى.

قال سمعت على بن أبى طالب حين قتل الحرورية. قال: أنظروا فيهم

ص: 210

رجلا كأن ثديه مثل ثدى المرأة، أخبرنى النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أنى صاحبه. فقلبوا القتلى فلم يجدوه قالوا ما وجدناه. قال لئن كنتم صدقتم لقد قتلتم خيار الناس. قالوا يا أمير المؤمنين سبعة تحت نخلة لم نقلبهم، قال فأتوهم فقلبوهم فوجدوه.

قال أبو المؤمن فرأيته حين جاؤا به يجرونه في رجله حبل، قال فرأيت علياً حين جاؤا به خر ساجداً. و قال قتلاكم في الجنة و قتلاهم في النار.

316- عنه قال: أبو كثير الأنصاري مولاهم، حضر مع على وقعة الخوارج بالنهروان روى عنه إسماعيل بن مسلم العبدي أخبرنا الحسن بن على التميمي و الحسن بن على الجوهرى قالا: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي حدثنا أبو كثير مولى الانصار.

قال كنت مع سيدى مع على بن أبى طالب (علیه السلام) حين قتل أهل النهروان فكأن الناس وجدوا في أنفسهم عليه من قتلهم. فقال على يا أيها الناس إن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) قد حدثنا باقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية على فوقه و إن آية ذلك أن فيهم رجلا أسود مخدج اليد احدى يديه كثدى المرأة بها حلمة كحلمة ثدى المرأة، حوله سبع هلبات فالتمسوه فاني أراه فيهم.

فالتمسوه فوجدوه إلى شفير النهر تحت القتلى فاخرجوه فكبر على فقال: الله اكبر صدق الله و رسوله و إنه لمتقلد قوسا له عرنية فاخذها بيده فجعل يطعن بها في مخدجته و يقول صدق الله و رسوله و كبر الناس حين رأوه و استبشروا و ذهب عنهم ما كانوا يجدون.

ص: 211

317- عنه قال: أبو سليمان المرعشى سمع على بن أبي طالب و حضر معه قتال الخوارج بالنهروان و روى عنه الجعد بن عثمان اليشكري أخبرنا الحسين بن أبى بكر أخبرنا عبد الصمد بن على الطستى حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر حدثنا شهاب بن عباد حدثنا جعفر بن سليمان عن الجعد أبي عثمان عن أبي سليمان المرعشى.

قال: لما سار على إلى أهل النهر سرت معه، فلما نزلنا بحضرتهم أخذنى غم لقتالهم لا يعلمه إلا الله تعالى قال حتى سقطت الماء مما أخذنى من الغم، قال فخرجت من الماء و قد شرح الله صدرى لقتالهم. قال فقال على لاصحابه: لا تبدؤوهم قال فبدأ الخوارج فرموا، فقيل يا أمير المؤمنين قد رموا قال فاذن لهم بالقتال. قال فحملت الخوارج على الناس جملة حتى بلغوا منهم شدة.

ثم حملوا عليهم الثانية فبلغوا من الناس أشد من الاولى ثم حملوا الثانية حتى ظن الناس أنها الهزيمة. قال فقال علي: و الذي فلق الحبة، و برأ النسمة، لا يقتلون منكم عشرة، و لا يبقى منهم عشرة، قال فلما سمع الناس ذلك حملوا عليهم فقتلوا. قال فقال علي: إن فيهم رجلاً مخدج اليد، أو مثدون، أو مودن اليد.

قال فاتی به قال فقال علي: من رأى منكم هذا؟ فاسكت القوم. ثم قال علي: من رأى منكم هذا؟ فاسكت القوم. ثم قال علي: من رأى منكم هذا؟ فقال رجل يا أمير المؤمنين رأيته جاه لكذا و كذا قال كذبت ما رأيته و لكن هذا أمير خارجة خرجت من الجن.

318- عنه قال: أبو خليفة، الطائى، سمع على بن أبي طالب، و ورد المدائن، و حضر قتال أهل النهر. أخبرنا أبراهيم بن عمر عمر البرمكي حدثنا

ص: 212

أحمد بن إبراهيم بن الحسن أخبرنا محمد بن أحمد بن يوسف الحريري حدثنا أحمد بن الحارث الخزاز أخبرنا أبو الحسن المدائني عن عمرو بن المقدام عمن حدثه عن أبى خليفة الطائي.

قال: لما رجعنا من النهروان لقينا قبل أن ننتهى إلى المدائن أبا العيزار الطائي، فقال لعدي يا أبا طريف أغانم سالم، أم ظالم آثم؟ قال بل غانم سالم. قال: الحكم اذا اليك. فقال الاسود بن يزيد و الاسود بن قيس المراديان- و كانا مع عدى- ما أخرج هذا الكلام منك الاشر. و إنا لنعرفك برأى القوم. فاخذاه فاتيا به علياً.

فقالا: إن هذا يرى رأى الخواج، و قد قال كذا و كذا لعدى. قال فما أصنع به؟ قال: تقتله. قال أقتل من لا يخرج علي، قالا فتجسه، قال و ليست له جناية أحبسه عليها. خليا سبيل الرجل.

319- ابن عساكر أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد المزكي و أبو المعالي ثعلب بن جعفر بن أحمد السراج، قالا: أنبأنا أبو الحسن عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله القطان، أنبأنا أبو الحسن عبدالوهاب بن الحسن، أنبأنا أبو العباس عبدالله ابن عتاب أنبأنا بكار بن قتيبة البكراوي أنبأنا عمر بن يونس أنبأنا عكرمة بن عمار.

حدثني أبو زميل، حدثني ابن عباس قال: لما اجتمعت الخوارج في دارها و هم ستة الف أو نحوها قلت لعلي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي ألقى هؤلاء القوم فقال: إني أخافهم عليك. قال: فقلت كلا، قال ثم لبس حلتين من أحسن الحلل- قال: و كان ابن عباس جميلاً جهيراً- قال: فأتيت القوم.

فلما نظروا إلي قالوا: مرحباً مرحباً بابن عباس، فما هذا الحلة؟ قال:

ص: 213

قلت: و ما تنكرون من ذلك؟ لقد رأيت علي رسول الله حلة من أحسن الحلل، قال: ثم تلوت عليه: «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ»: قالوا فما جاء بك.

قلت: جئتكم من عند أمير المؤمنين و من عند أصحاب رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و من عند المهاجرين و الأنصار و لا أرى فيكم أحداً منهم- لا بلغكم ما قالوا: و أبلغهم ما تقولون فما تنقمون من علي ابن عم رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و صهره؟ قال:

فأقبل بعضهم على بعض و قالوا: لا تكلموه فإن الله يقول: «بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ» و قال بعضهم و ما يمنعنا من كلامه و هو ابن عم رسول الل(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و يدعونا إلى كتاب الله قال: قالوا: نتقم عليه خلال ثلاث.

قال: قلت: و ما هن قالوا: أما إحداهن فإنه حكم الرجال في أمر الله، و ما للرجال و لحكم الله، و أما الثانية فإنه قاتل و لم يسب و لم يغنم، فإن كان الذي قاتل قد حل قتالهم فقد حل سبيهم، و إن لم يكن حل سبيهم ما حل قتالهم.

قالوا: و أما الثالثة فإنه محي اسمه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فإنه أمير المشركين.

قال: قلت لهم هل غير هذا؟ قالوا: حسبنا هذا، قال: قلت لهم أرأيتم إن خرجت إليكم من هذا من كتاب الله وسنة رسوله أراجعون أنتم؟ قالوا: و ما يمنعنا؟ قال: قلت: أما قولكم إنه حكم الرجال في أمر الله و ما للرجال و لحكم الله. فإني سمعت الله يقول في كتابه: «يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ»، فى ثمن صيد أرنب أو نحوه يكون قيمته ربع درهم.

فوض الله الحكم فيه إلى الرجال و لو شاء أن يحكم لحكم. و قال: «وَ

ص: 214

اِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَما مِنْ أَهْلِها إِنْ يُريدا إصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما» أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

قال: قلت و أما قولكم قاتل و لم يسب و لم يغنم. فإنه قاتل أمكم و قال الله: «النَّبِيُّ اَوْلَى بِالْمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ» فإن زعمتم أنها ليس بأمكم فقد كفرتم، و إن زعمتم أنها أمكم فما حل سباؤها فأنتم بين ضلالتين، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

قال: و أما قولكم فإنه محا اسمه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فإنه أمير المشركين فإنى أنبئكم بذلك عن من ترضون و اراكم قد منعتموه، أما تعلمون أن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوم الحديبية و قد جرى الكتاب بینه و بنى سهيل بن عمرو، فقال يا على أكتب هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله و سهيل بن عمرو.

قال: فقالوا: لو نعلم بأنك رسول الله ما قاتلناك، و لكن اكتب اسمك و اسم ابيك قال: فقال: اللهم أني رسولك. قال: ثم أخذ الصحيفة فمحاها بیده ثم قال: يا علي اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبدالله و سهيل بن عمرو و. فوالله ما أخرجه الله بذلك من النبوة، أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

قال: فرجع ثلثهم و انصرف ثلثهم و قتل سائرهم على ضلالة.

320- عنه أخبرنا أبو المظفر عبدالمنعم بن عبدالكريم، و أبو القاسم زاهر بن طاهر، قالا: أنبأنا أبو سعد محمد بن عبدالرحمان، أنبأنا أبو سعيد محمد بن بشر بن العباس، أنبأنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي، أنبأنا سويد بن سعيد، أنبأنا يحيى بن سليم، عن ابن خيثم.

عن عبيد الله بن عياض، قال: خرج عبدالله بن شداد بن الهاد على عائشة -و نحن عندها- مرجعه من العراق ليالى قتل علي فقالت يا

ص: 215

عبدالله بن شداد هل أنت صادقي عما أسألك عنه؟ قال: و ما لي لا أصدقك. قالت: حدثني عن هؤلاء الذين علي (علیه السلام) قال: و مالي لا اصدقك قالت فحدثني عن قصتهم قال إن علياً لما كاتب معاوية و حكم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس حتى نزلوا بأرض يقال لها حروراء جانب الكوفة عتبوا عليه و قالوا: انسلخت من قميص ألبسك الله و اسم سماك الله به ثم انطلقت فحكمت في دين الله الرجال، فلا حكم إلا لله.

فلما أن بلغ علياً ما عتبوا عليه و فارقوا أمره، أذن مؤذن أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد قرأ القرآن فلما أمتلأت الدار من قراء الناس جاء بالمصحف إماماً عظيما فوضعه علي بين يديه فطفق يحركه بيده يقول: أيها المصحف حدث الناس فناداه الناس ما تسأل عنه؟ إنما هو مداد و ورق و نحن نتكلم بما روينا منه فماذا تريد؟

فقال: أصحابكم الذين خرجوا بيني و بينهم كتاب الله، يقول الله في كتابه في امرأة و رجل: «وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِها فَابْعَثُوا حَكَما مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَما مِنْ أَهْلِهَا» إلى قوله: «يُوَفِّق اللهُ بَيْنَهُما». الآية: فأمة محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أعظم حقاً و حرمة من امرأة و رجل و نقما على أني كاتبت معاوية و كتبت علي بن أبي طالب و قد جاءنا سهيل بن عمرو و نحن مع رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) بالحديبية حين صالح قومه قريشاً.

فكتب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بسم الله الرحمن الرحيم، قال سهيل لا أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: كيف نكتب فقال: بسمك اللهم. فقال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) اكتب محمد رسول الله، فقال: لو نعلم أنك رسول الله ما خالفناك. فكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشاً. يقول الله في كتابه: «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أَسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ».

ص: 216

فبعث إليهم عبد الله بن العباس فخرجت معه حتى توسطنا عسكرهم فقال عبد الله بن شداد فقام ابن الكواء فخطب الناس فقال: يا حملة القرآن هذا عبدالله بن عباس فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله، هو الذي نزل فيه و في قومه: «بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ».

فردوه إلى صاحبه و لا تواضعوه كتاب الله. فقام خطباؤهم، فقالوا: بلى والله لنواضعنه كتاب الله فإن جاء بحق لنتبعنه وإن جاء بباطل لنسكتنه بباطله و لنردنه إلى صاحبه فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام، قالوا كيف قلت يا ابن عباس قال قلت ما الذي تتكلمون على صهر رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و ابن عمه؟ قالوا ثلاث خصال. قال: فما هي؟ قالوا:

اما واحده فإنه قاتل و لم يسب و لم يغنم، فإن كان القوم كفاراً فقد أحل الله دماءهم و نساءهم، و إن كانوا غير ذلك فقد استحل ما صنع بهم.

و اما الثانية فإنه حكم الرجال فى أمر الله و في دين الله، فما للرجال و الحكم في دين الله بعد قوله: «اِنِ الْحُكْمُ إِلَّا للَّه».

و أما الثالثة فإنه محا نفسه و هو أمير المؤمنين فان لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.

قال ابن عباس: هل عندكم غير هذا؟ قالوا حسبنا خصلة من هذا الخصال، قال: فأنا آتيكم من كتاب الله ما ينقض قولكم هذا فترجعون؟ قالوا: نعم. قال: فإن الله قد صير مع حكمه حكم الرجال ما لا يقبل غيره «يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ»

و قال في آية أخرى: «وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمَا مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَما مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُريدا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما» أخرجت لكم من

ص: 217

هذه؟ قالوا: نعم. قال: و أما قولكم

قاتل و لم يسب و لم يغنم. فأيكم كان يسبي عائشة؟ فإن قلتم: إنما يستحل منها ما يستحل من المشركات بعد قول الله تعالى: «وَاَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ» فقد خرجتم من الإسلام فأنتم بين ضلالتين فاخرجوا من إحداهما إن كنتم صادقي؟ قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم.

قال و أما قولكم إنه محي اسمه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فإنه أمير الكافرين.

فإني آتيكم برجال ممن ترضون أن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوم الموادعة كتب هذا ما اصطلح عليه رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و أبو سفيان و سهيل بن عمرو.

فمحوا ان رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) بعد الوحي و النبوة أعظم أو محو علي بن أبى طالب نفسه يوم الحكمين؟ قالوا بلى محو رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم). قال: و أخرجت من هذه؟ قالوا: نعم. قال عبدالله ابن شداد فرجع منهم أربعة آلاف فيهم ابن الكواء حتى أدخلناهم على عليّ بالكوفة.

فبعث علي إلى بقيتهم فقال: قد كان من أمرنا و أمر الناس ما قد رأيتم فاعتزلوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فترحلوا منها حيث شئتم بيننا و بينكم أن تسفكوا دما حراماً أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا الأمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين. فقالت عائشة:

یا ابن شداد فلم قتلهم؟ قال: فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل و سفكوا الدم و استحلوا أهل الذمة قالت: الله الذى لا إله إلا هو لقد كان؟ قال نعم قالت: فما شيء يبلغنى عن أهل العراق: يتحدثون ذو الثدية؟ قال: قد رأيته و قمت عليه مع علي في القتلي، فدعا الناس فقال:

ص: 218

هل تعرفون هذا؟ فما أكثر من قال: رأيته في مسجد نبى فلان يصلي و رأيته في مسجد نبي فلان يصلي. قالت: فما قال علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق؟ قال: سمعته يقول صدق الله و رسوله.

قالت: نعم. صدق الله و رسوله، رحم الله علياً لأن كان من قوله إذ رأى شيئاً يعجبه قال صدق الله و رسوله قال فذهب أهل العراق فيكذبون عليه و يزيدون عليه الحديث.

321- عنه أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو سعد الأديب أنبأنا السيد أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين، أنبأنا محمد بن أحمد الصوفي، أنبأنا محمد بن عمرو الباهلي، أنبأنا كثير بن يحيى، أنبأنا أبو عوانة، عن أبي الجارود:

عن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه، عن جده عن علي (علیه السلام) قال: أمرنى رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين والقاسطين و المارقين.

322- عنه أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبى الرجاء، أنبأنا منصور بن الحسين، و أحمد بن محمود، قالا: أنبأنا أبو بكر بن المقري، أنبأنا إسماعيل بن عباد البصري ببغداد، أنبأنا عباد بن يعقوب أنبأنا الربيع بن سهل الفزاري عن سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة قال: سمعت عليا (علیه السلام) يقول: عهد إلى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين.

323- عنه أخبرنا أبو المظفر بن القشيري، أنبأنا أبو سعد المجنزرودى، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان.

حيلولة و أخبرنا أبو سهل بن سعدويه، أنبأنا إبراهيم بن منصور- سبط بحرويه- أنبأنا أبو بكر بن المقرىء، قالا: أنبأنا أبو يعلى الموصلى أنبأنا إسماعيل بن موسى، أنبأنا الربيع بن سهل، عن سعيد بن عبيد، عن

ص: 219

علي بن ربيعة، قال: سمعت عليّاً على منبركم هذا يقول: عهد إلى رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن أقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين.

324- عنه أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبد الملك الفقيه، و أبو نصر أحمد بن علي بن محمد بن إسماعيل، قالا: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف، أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي بقنطرة برذان، أنبأنا محمد بن سعد بن الحسن ابن عطية بن سعد العوفي حدثني أبي حدثني عمي عمرو بن عطية بن سعد عن أخيه الحسن بن عطية ابن سعد:

حدثني جدي سعد بن جنادة عن عليّ قال: أمرت بقتال ثلاثة القاسطين و الناكثين و المارقين، فأما القاسطون فأهل الشام، و أما الناكثون فذكرهم و أما المارقون فأهل النهروان يعنى الحرورية.

325- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمر قندي، أنبأنا أبو القاسم عبد الله ابن الحسن بن محمد، أنبأنا أبو الحسن محمد بن عثمان بن محمد بن عثمان أنبأنا محمد بن نوح بن عبدالله الجنديسابوري، أنبأنا هارون بن إسحاق، أنبأنا أبو غسان، عن جعفر- أحسبه الأحمر- عن عبدالجبار الهمداني، عن أنس بن عمرو عن أبيه، عن علي (علیه السلام) قال: أمرت بقتال ثلاثة: المارقين و القاسطين و الناكثين.

326- عنه أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن عبد الله، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد أنبأنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى أنبأنا أبو العباس بن عقدة، أنبأنا الحسن بن عبيد بن عبد الرحمان الكندي.

أنبأنا بكار بن بشر، أنبأنا حمزة الزيات عن الأعمش عن إبراهيم عن علي و عن أبي سعيد التيمي عن علي(علیه السلام) قال: أمرت بقتال الناكثين و

ص: 220

القاسطين و المارقين.

327- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا عبد الله بن عدي، أنبأنا أحمد بن جعفر البغدادي بحلب أنبأنا سليمان بن سيف، أنبأنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا مطر عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن علقمة عن علي (علیه السلام) قال: أمرت بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين.

328- عنه أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس، أنبأنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، أخبرني الأزهرى، أنبأنا محمد بن المظفر، أنبأنا محمد بن أحمد بن ثابت قال وجدت في كتاب جدي محمد بن ثابت: أنبأنا أشعث بن الحسن السلمي عن جعفر الأحمر عن يونس بن ابن أرقم، عن أبان:

عن خليد القصري قال: سمعت أمير المؤمنين علياً (علیه السلام) يقول: يوم النهروان أمرنى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين و المارقين و القاسطين.

329- عنه أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد بن عبدالملك، و أبو نصر أحمد بن علي بن محمد، قالا: أنبأنا أبو بكر بن خلف، أنبأنا الحاكم أبو عبدالله، أنبأنا الإمام أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أنبأنا الحسن بن علي، أنبأنا زكريا بن يحيى الحرار المقريء أنبأنا إسماعيل بن عباد المقريء أنبأنا شريك، عن منصور عن إبراهيم: عن علقمة عن عبدالله قال خرج رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فأتى منزل أم سلمة فجاء علي فقال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): يا أم سلمة هذا والله قاتل القاسطين و الناكثين و المارقين بعدي.

330- عنه أنبأنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني أنبأنا أبو الحسن بن الحسين بن علي بن أيوب، أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن

ص: 221

إبراهيم بن شاذان، أنبأنا أبو بكر بن كامل بن خلف بن شجرة، أنبأنا أبو القاسم بن العباس المعسري أنبأنا زكريا بن يحيى الحرار المقرىء أنبأنا إسماعيل بن عباد، أنبأنا شريك عن منصور عن إبراهيم.

عن علقمة عن عبدالله قال: خرج رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) من بيت زينب بنت حجش و أتى بيت أم سلمة- و كان يومها من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فلم يلبث أن جاء علي فدق الباب دقاً خفيفاً، فأنتبه النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم)- للدق و أنكرته أم سلمة، فقال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): قومي فافتح له الباب.

قالت یا رسول الله من هذا الذي من خطره ما يفتح له الباب؟ أتلقاه بمعاصمي و قد نزلت في آية من كتاب الله بالأمس؟ فقال لها كهيئة المغضب إن طاعة الرسول طاعة الله و من عصى رسول الله فقد عصى الله، إن بالباب رجلاً ليس بعرق و لا علق يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله لم يكن ليدخل حتى ينقطع الوطىء.

قالت: فقمت و أنا أختال في مشيي و أنا أقول: بخ بخ من ذا الذي يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله ففتحت الباب، فأخذ بعضادتي الباب حتى إذا لم يسمع حسا و لا حركة و صرت في خدري أستأذن فدخل فقال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): يا أم سلمة أتعرفينه؟ قالت: نعم يا رسول الله هذا علي بن أبي طالب. قال صدقت هو سيد أحبّه لحمه من لحمى و دمه من دمي و هو عيبة بيتي.

اشهدي و اسمعي و هو قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين من بعدى فاسمعي و اشهدي و هو قاضي عداتي فاسمعي و اشهدى و هو والله يحيي سنتي.

فاسمعي و اشهدي لو أنّ عبداً عبد الله ألف عام بعد ألف عام و ألف عام بين الركن و المقام ثم لقى الله مبغضاً لعلي بن أبى طالب و عترتي أكبه الله

ص: 222

على منخريه يوم القيامة في نار جهنم.

331- عنه أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح و أبو منصور أحمد ابن علي بن محمد قالا: أنبأنا أحمد بن علي بن عبدالله، أنبأنا محمد بن عبدالله الحافظ، أنبأنا أبو جعفر محمد بن على بن دحيم الشيباني أنبأنا الحسين بن الحكم الحبري أنبأنا إسماعيل بن أبان، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي:

عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: أمرنا رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين. فقلنا: يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من؟ قال: مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر.

قال: و أنبأنا محمد بن عبد الله، أنبأنا أبو الحسن على بن حمشاد العدل أنبأنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، أنبأنا عبد العزيز بن الخطاب، أنبأنا محمد بن كثير، عن الحرث بن حصيرة، عن أبي صادق

عن مخنف بن سليمان قال أتينا أبا أيوب، فقلنا: قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم جئت تقاتل المسلمين، فقال: أمرنى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين.

قال و أنبأنا محمد بن عبد الله أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه أنبأنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، أنبأنا محمد بن حميد، أنبأنا سلمة ابن الفضل، حدثني أبو زيد الأحول

عن عتاب بن ثعلبة، حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال: أمرنى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين مع علي بن أبى طالب (علیه السلام).

332- عنه أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنبأنا و أبو منصور بن

ص: 223

خيرون، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أخبرني الحسن بن علي بن عبد الله المقري، أنبأنا أحمد بن محمد بن يوسف، أنبأنا محمد بن جعفر المطيري، أنبأنا أحمد ابن عبد الله المؤدب- بسر من رأى- أنبأنا المعلى بن عبدالرحمان- ببغداد- أنبأنا شريك، عن سليمان بن مهران الأعمش، أنبأنا إبراهيم

عن علقمة و الأسود، قالا أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين فقلنا له: يا أبا أيوب إنّ الله أكرمك ينزول محمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم) عليك و بمجيء ناقته تفضلاً من الله و إكراماً لك حتى أناخت ببابك دون الناس، ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله؟ فقال يا هذان إن الرائد لا يكذب أهله و إن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)

أمرنا بقتال ثلاثة طوائف مع علي (علیه السلام) بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين فأما الناكثون فقد قاتلناهم و هم أهل الجمل طلحة و الزبير، و أما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم يعنى معاوية و عمرو و أما المارقون فهم أهل الطفاوات و أهل السعيفات و أهل النخيلات، و أهل النهروانات، والله ما أدري أين هم و لكن لا بد من قتالهم إن شاء الله.

قال: سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول لعمار يا عمار تقتلك الفئة الباغية و أنت إذ ذاك مع الحق و الحق معك يا عمار بن ياسر إن رأيت علياً قد سلك وادياً و سلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي (علیه السلام) فإنه لن يدليك في ركي و لن يخرجك من هدى.

يا عمار من تقلد سيفاً أعان به علياً على عدوّه قلده الله يوم القيامة و شاحين من درّ و من تقلد سيفاً أعان به عدو علي قلده الله يوم القيامة و شاحين من نار قلنا يا هذا حسبك رحمك الله، حسبك رحمك الله.

المنابع:

ص: 224

(1) الغارات 1/1، إلى 29 (2) الخصال: 381 (3) الارشاد 129، (4) نهج البلاغة: خ 39- 57- 58- 76- 117 - 118- 172- 179- 179- 203- 233- و الرسائل 77- 78،

(5) كشف الغمة: 1/128 (6) بشارة المصطفي: 298- 301

(7) مناقب ابن شهر آشوب 1/473 628، إلى 638

(8) مصنف ابن ابى شيبة: 15/303، إلى 332، (9) الموفقيات: 325،

(10) الاخبار الطوال،202، إلى 213 (11) الإمامة و السياسة 121، إلى 136 (12) تاريخ الطبري: 5/64 إلى 93،

(13) العقد الفريد: 4/351، إلى 353 (14) انساب الاشراف: 359، إلى 385 (15) مروج الذهب: 2/403، إلى 430،

(16) مستدرك الحاكم: 3/146 (17) فرائد السمطين: 286،274، (18) مناقب الخوارزمي 182 (19) مناقب ابن المغازلي 53 إلى 62، 406 إلى 416

(20) شرح نهج البلاغة،2/192، إلى 196، 265 إلى 283 و 5/80، تاریخ بغداد 13/96- 157- 282- 186 و 10/305 و 12/390- 452- 480 و 14/362- 363- 365،

(21) ترجمة الإمام علي (علیه السلام) من تاريخ دمشق: 3/150، إلى 172.

ص: 225

باب وصاياه عليه السلام

41- باب وصاياه عليه السلام

1- الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الصمد بن بشير عن أبي الجارود عن أبي جعفر (علیه السلام) قال إن أمير المؤمنين(علیه السلام) لما حضره الذي حضره قال لابنه الحسن ادن مني حتى أسر إليك ما أسر رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إلي و أئتمنك على ما ائتمنني عليه ففعل.

2- عنه عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي قال حدثني الأجلح و سلمة بن كهيل و داود بن أبي يزيد و زيد اليمامي قالوا حدثنا شهر بن حوشب أن عليا (علیه السلام) حين سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه و الوصية فلما رجع الحسن (علیه السلام) دفعتها إليه.

3- عنه في نسخة الصفواني أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف عن أبي بكر عن أبي عبد الله (علیه السلام) أن عليا صلوات الله عليه حين سار إلى الكوفة استودع أم سلمة كتبه و الوصية فلما رجع الحسن دفعتها إليه.

4- عنه عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (علیه السلام) قال أوصى أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى الحسن و أشهد على وصيته الحسين(علیه السلام) و محمدا و جميع ولده و رؤساء شيعته و أهل بيته ثم دفع إليه الكتاب و السلاح.

ص: 226

ثم قال لابنه الحسن يا بني أمرني رسول الله أن أوصي إليك و أن أدفع إليك كتبي و سلاحي كما أوصى إلي رسول الله و دفع إلى كتبه و سلاحه و أمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعه إلى أخيك الحسين ثم أقبل على ابنه الحسين و قال

أمرك رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن تدفعه إلى ابنك هذا ثم أخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين ثم قال لعلي بن الحسين يا بني و أمرك رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن تدفعه إلى ابنك محمد بن علي و أقرئه من رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و مني السلام ثم أقبل على ابنه الحسن فقال يا بني أنت ولي الأمر و ولي الدم فإن عفوت فلك و إن قتلت فضربة مكان ضربة و لا تأثم.

5- عنه عن الحسين بن الحسن الحسني رفعه و محمد بن الحسن عن إبراهيم بن إسحاق الأحمري رفعه قال لما ضرب أمير المؤمنين(علیه السلام) حف به العواد و قيل له يا أمير المؤمنين أوص فقال اثنوا لي وسادة ثم قال الحمد لله حق قدره متبعين أمره و أحمده كما أحب و لا إله إلا الله الواحد الأحد الصمد كما انتسب.

أيها الناس كل امرئ لاق في فراره ما منه يفر و الأجل مساق النفس إليه و الهرب منه موافاته كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله عز ذكره إلا إخفاءه هيهات علم مكنون أما وصيتي فأن لا تشركوا بالله جل ثناؤه شيئا و محمدا (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فلا تضيعوا سنته أقيموا هذين العمودين و أوقدوا هذين المصباحين و خلاكم ذم ما لم تشردوا حمل كل امرئ مجهوده و خفف عن الجهلة رب رحيم و إمام عليم و دين قويم.

أنا بالأمس صاحبكم و أنا اليوم عبرة لكم و غدا مفارقكم إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد و إن تدحض القدم فإنا كنا في أفياء أغصان

ص: 227

و ذرى رياح و تحت ظل غمامة اضمحل في الجو متلفقها و عفا في الأرض محطها و إنما كنت جارا جاوركم بدني أياما و ستعقبون مني جثة خلاء ساكنة بعد حركة و كاظمة بعد نطق ليعظكم هدوي و خفوت إطراقي و سكون أطرافى.

فإنه أوعظ لكم من الناطق البليغ و دعتكم وداع مرصد للتلاقي غدا ترون أيامي و يكشف الله عز و جل عن سرائري و تعرفوني بعد خلو مكاني و قيام غيري مقامي إن أبق فأنا ولي دمي و إن أفن فالفناء ميعادي و إن أعف فالعفو لي قربة و لكم حسنة فاعفوا و اصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم.

فيا لها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو تؤديه أيامه إلى شقوة جعلنا الله و إياكم ممن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة أو تحل به بعد الموت نقمة فإنما نحن له و به ثم أقبل على الحسن (علیه السلام) فقال يا بني ضربة مكان ضربة و لا تأثم.

6- عنه عن محمد بن يحيى عن علي بن الحسن عن علي بن إبراهيم العقيلي يرفعه قال قال لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين (علیه السلام) قال للحسن يا بني إذا أنا مت فاقتل ابن ملجم و احفر له في الكناسة و وصف العقيلي الموضع على باب طاق المحامل موضع الشواء و الرؤاس ثم ارم به فيه فإنه واد من أودية جهنم.

7- عنه عن أبي على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال بعث إلي أبو الحسن موسى (علیه السلام) بوصية أمير المؤمنين (علیه السلام) و هي:

ص: 228

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به و قضى به في ماله عبد الله علي ابتغاء وجه الله ليولجني به الجنة و يصرفني به عن النار و يصرف النار عني يوم تبيض وجوه و تسود وجوه أن ما كان لي من مال بينبع يعرف لي فيها و ما حولها صدقة و رقيقها غير أن رباحا و أبا نيزر و جبيرا عتقاء ليس لأحد عليهم سبيل.

فهم موالي يعملون في المال خمس حجج و فيه نفقتهم و رزقهم و أرزاق أهاليهم و مع ذلك ما كان لي بوادي القرى كله من مال لبني فاطمة و رقيقها صدقة و ما كان لي بديمة و أهلها صدقة غير أن زريقا له مثل ما كتبت لأصحابه و ما كان لي بأذينة و أهلها صدقة و الفقيرين كما قد علمتم صدقة في سبيل الله.

و إن الذي كتبت من أموالي هذه صدقة واجبة بتلة حيا أنا أو ميتا ينفق في كل نفقة يبتغي بها وجه الله في سبيل الله و وجهه و ذوي الرحم من بني هاشم و بني المطلب و القريب و البعيد فإنه يقوم على ذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفقه حيث يراه الله عز و جل في حل محلل لا حرج عليه فيه.

فإن أراد أن يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل إن شاء و لا حرج عليه فيه و إن شاء جعله سري الملك و إن ولد علي و مواليهم و أموالهم إلى الحسن بن علي و إن كانت دار الحسن بن علي غير دار الصدقة فبدا له أن يبيعة فليبع إن شاء لا حرج عليه فيه و إن باع فإنه يقسم ثمنها ثلاثة أثلاث

فيجعل ثلثا في سبيل الله و ثلثا و ثلثا في بني هاشم و بني المطلب و يجعل الثلث في آل أبي طالب و إنه يضعه فيهم حيث يراه الله و إن حدث بحسن

ص: 229

حدث و حسين حي فإنه إلى الحسين بن علي و إن حسينا يفعل فيه مثل الذي أمرت به حسنا له مثل الذي كتبت للحسن و عليه مثل الذي على الحسن.

و إن لبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي و إني إنما جعلت الذي جعلت لابني فاطمة ابتغاء وجه الله عز و جل و تكريم حرمة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و تعظيمها و تشريفهما و رضاهما و إن حدث بحسن و حسين حدث فإن الآخر منها ينظر في بني علي.

فإن وجد فيهم من يرضى بهداه و إسلامه و أمانته فإنه يجعله إليه إن شاء و إن لم ير فيهم بعض الذي يريده فإنه يجعله إلى رجل من آل أبي طالب يرضى به فإن وجد آل أبي طالب قد ذهب كبراؤهم و ذوو آرائهم فإنه يجعله إلى رجل يرضاه من بني هاشم و إنه يشترط على الذي يجعله إليه أن يترك المال على أصوله و ينفق ثمره حيث أمرته به من سبيل الله و وجهه.

و ذوي الرحم من بني هاشم و بني المطلب و القريب و البعيد لا يباع منه شيء و لا يوهب و لا يورث و إن مال محمد بن علي على ناحيته و هو إلى ابني فاطمة و إن رقيق الذين في صحيفة صغيرة التي كتبت لي عتقاء.

هذا ما قضى به علي بن أبي طالب في أمواله هذه الغد من يوم قدم مسكن ابتغاء وجه الله و الدار الآخرة والله المستعان على كل حال و لا يحل لامرئ مسلم يؤمن بالله و اليوم الآخر أن يقول في شيء قضيته من مالي و لا يخالف فيه أمري من قريب أو بعيد.

أما بعد فإن ولائدي اللائى أطوف عليهن السبعة عشر منهن أمهات أولاد معهن أولادهن و منهن حبالى و منهن من لا ولد له فقضاي فيهن إن

ص: 230

حدث بي حدث أنه من كان منهن ليس لها ولد و ليست بحبلى فهي عتيق لوجه الله عز و جل ليس لأحد عليهن سبيل و من كان منهن لها ولد أو حبلى فتمسك على ولدها و هي من حظه.

فإن مات ولدها و هي حية فهي عتيق ليس لأحد عليها سبيل هذا ما قضى به علي في ماله الغد من يوم قدم مسكن شهد أبو شمر بن أبرهة و صعصعة بن صوحان و يزيد بن قيس و هياج بن أبي هياج و كتب علي بن أبي طالب بيده لعشر خلون من جمادى الأولى سنة سبع و ثلاثين.

8- عنه قال: و كانت الوصية الأخرى مع الأولى بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين.

ثم إني أوصيك يا حسن و جميع أهل بيتي و ولدي و من بلغه كتابي بتقوى الله ربكم و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا فإني سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام و أن المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين و لا قوة إلا بالله العلي العظيم انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم فقد سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله عز و جل له بذلك الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار.

الله الله في القرآن فلا يسبقكم إلى العمل به أحد غيركم.

ص: 231

الله الله في جيرانكم فإن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أوصى بهم و ما زال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.

الله الله في بيت ربكم فلا يخلو منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا و أدنى ما يرجع به من أمه أن يغفر له ما سلف.

الله الله في الصلاة فإنها خير العمل إنها عمود دينكم.

الله الله في الزكاة فإنها تطفى غضب ربكم الله الله في شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار.

الله الله في الفقراء والمساكين فشاركوهم في معايشكم.

الله الله في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم فإنما يجاهد رجلان إمام هدى أو مطيع له مقتد بهداه.

الله الله في ذرية نبيكم فلا يظلمن بحضرتكم و بين ظهرانيكم و أنتم تقدرون على الدفع عنهم.

الله الله في أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا و لم يؤووا محدثا فإن رسول الله و أوصى بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث.

الله الله في النساء و فيما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به نبيكم (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن قال أوصيكم بالضعيفين النساء و ما ملكت أيمانكم.

الصلاة الصلاة الصلاة لا تخافوا في الله لومة لائم يكفكم الله من آذاكم و بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز و جل و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي الله أمركم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليهم وعليكم يا بنى بالتواصل والتباذل والتبار.

و إياكم و التقاطع و التدابر و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و لا

ص: 232

تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيكم أستودعكم الله و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

ثم لم يزل يقول لا إله إلا الله لا إله إلا الله حتى قبض صلوات الله عليه و رحمته في ثلاث ليال من العشر الأواخر ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة و كان ضرب ليلة إحدى و عشرين من شهر رمضان.

9- قال الصدوق روي عن سليم بن قيس الهلالي قال شهدت وصية علي بن أبي طالب (علیه السلام) حين أوصى إلى ابنه الحسن و أشهد على وصيته الحسين و محمدا و جميع ولده و رؤساء أهل بيته و شيعته (علیه السلام) ثم دفع إليه الكتاب و السلاح ثم قال (علیه السلام) يا بني أمرني رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن أوصي إليك و أن أدفع إليك كتبي و سلاحي كما أوصى إلى رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و دفع إلي كتبه و سلاحه و أمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعه إلى أخيك الحسين.

قال ثم أقبل على ابنه الحسين (علیه السلام) فقال و أمرك رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن تدفعه إلى ابنك علي بن الحسين ثم أقبل على ابنه علي بن الحسين (علیه السلام) فقال و أمرك رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن تدفع وصيتك إلى ابنك محمد بن علي فأقرئه من رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و مني السلام.

ثم أقبل على ابنه الحسن (علیه السلام) فقال يا بني أنت ولي الأمر و ولي الدم فإن عفوت فلك و إن قتلت فضربة مكان ضربة و لا تأثم ثم قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى

ص: 233

و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون.

ثم إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين ثم إني أوصيك يا حسن و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى الله ربكم و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون.

و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فإني سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام و إن البغضة حالقة الدين و فساد ذات البين و لا قوة إلا بالله.

انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

الله الله في الأيتام فلا تعر أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم فإني سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله له الجنة كما أوجب لأكل مال اليتيم النار.

الله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم.

الله الله في جيرانكم فإن الله ورسوله أوصيا بهم.

و الله الله فى بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا فإن أدنى ما يرجع به- من أمه أن يغفر له ما سلف من ذنبه.

و الله الله في الصلاة فإنها خير العمل و إنها عمود دينكم.

و الله الله في الزكاة فإنها تطفى غضب ربكم.

و الله الله في صيام شهر رمضان فإن صيامه جنة من النار.

و الله الله فى الفقراء و المساكين فشاركوهم في معيشتكم.

و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم فإنما يجاهد في

ص: 234

سبيل الله رجلان إمام هدى و مطيع له مقتد بهداه.

و الله الله في ذرية نبيكم فلا تظلمن بين أظهركم و أنتم تقدرون على الدفع عنهم.

و الله الله فى أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا و لم يؤووا محدثا فإن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أوصى بهم و لعن المحدث منهم و من غيرهم و المؤوي للمحدث.

و الله الله في النساء و ما ملكت أيمانكم لا تخافن في الله لومة لائم يكفيكم الله من أرادكم و بغى عليكم قولوا للناس حسنا كما أمركم الله عز و جل لا تتركن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي الله الأمر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

عليكم يا بني بالتواصل و التباذل و التبار و إياكم و التقاطع و التدابر و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب.

حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيكم و أستودعكم الله و أقرأ عليكم السلام.

ثم لم يزل يقول لا إله إلا الله حتى قبض صلوات الله عليه و سلامه في أول ليلة من العشر الأواخر ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة لأربعين سنة مضت من الهجرة.

10- قال أبو جعفر الطوسي و أخبرنا أحمد بن عبدون عن ابن أبي الزبير القرشي عن علي بن علي بن الحسن بن فضال عن محمد بن عبد الله بن زرارة عمن رواه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر (علیه السلام) قال هذه وصية أمير المؤمنين(علیه السلام) إلى الحسن (علیه السلام) و هي نسخة كتاب سليم بن قيس الهلالي

ص: 235

رفعها إلى أبان و قرأها عليه قال أبان و قرأتها على على بن الحسين (علیه السلام) فقال صدق سليم رحمه الله.

قال سليم فشهدت وصية أمير المؤمنين (علیه السلام) حين أوصى إلى ابنه الحسن (علیه السلام) و أشهد على وصيته الحسين (علیه السلام) و محمدا و جميع ولده و رؤساء شيعته و أهل بيته و قال يا بني أمرني رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن أوصي إليك و أن أدفع إليك كتبي و سلاحي ثم أقبل عليه فقال يا بني أنت ولي الأمر و ولي الدم فإن عفوت فلك و إن قتلت فضربة مكان ضربة و لا تأثم ثم ذكر الوصية إلى آخرها.

فلما فرغ من وصيته قال حفظكم الله و حفظ فيكم نبيكم أستودعكم الله و أقرأ عليكم السلام و رحمة الله ثم لم يزل يقول لا إله إلا الله حتى قبض ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان ليلة الجمعة سنة أربعين من الهجرة و كان ضرب ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان.

11- عنه و في رواية أخرى أنه قبض ليلة إحدى و عشرين و ضرب ليلة تسع عشرة و هي الأظهر.

12- قال أبو الفرج الاصفهاني: حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثني الحسن بن نصر قال حدثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب، عن مخنف، قال: حدثني عطية بن الحرث، عن عمر بن تميم و عمرو بن أبي بكار أن عليا لما ضرب جمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن بن عمرو بن هانئ السكوني و كان متطبّبا صاحب كرسي يعالج الجراحات

و كان من الأربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم و إن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين- عليه السلام- دعا

237

ص: 236

برئة شاة حارة و استخرج عرقا منها، فأدخله في الجرح ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ فقال له: يا أمير المؤمنين إعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك فدعا علي عند ذلك بصحيفة و دواة و كتب وصيته:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون صلوات الله و بركاته عليه.

إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين.

أوصيك يا حسن و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغه كتابي هذا بتقوى الله ربنا و لا تموتن و إلّا أنتم مسلمون، و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله يقول: إصلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام، و إن المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

انظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب.

الله الله في الأيتام فلا تغيّرن أفواههم بجفوتكم،

و الله الله في جيرانكم فإنها وصية رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.

و الله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم و الله الله في الصلاة فإنها عماد دينكم.

ص: 237

و الله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا و إنه إن خلا منكم لم تنظروا.

و الله الله في صيام شهر رمضان فإنه جنة من النار،

و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم.

و الله الله في زكاة أموالكم فإنها تطفئ غضب ربكم.

و الله الله في أمة نبيكم فلا يظلمن بين أظهركم.

و الله الله في أصحاب نبيكم فإن رسول الله أوصى بهم.

و الله الله فى الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم.

و الله الله فيما ملكت أيمانكم فإنها كانت آخر وصية رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إذ قال: أوصيكم بالضعيفين فيما ملكت أيمانكم.

ثم قال الصلاة الصلاة. لا تخافوا في الله لومة لائم فإنه يكفكم من بغى عليكم و أرادكم بسوء قولوا للناس حسنا كما أمركم الله و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فيولي الأمر عنكم و تدعون فلا يستجاب لكم.

عليكم بالتواضع و التباذل و التبار، و إياكم و التقاطع و التفرق و التدابر و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إنّ الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيه استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم سلام الله و رحمته.

13- قال المسعودى و قد ذكرت طائفة من الناس أن علياً (علیه السلام) أوصى الى ابنيه الحسن و الحسين، لأنهما شريكاه في آية التطهير، و هذا قول كثير ممن ذهب إلى القول بالنص.

و دخل عليه الناس يسألونه، فقالوا يا أمير المؤمنين، أرأيت إن

ص: 238

فقدناك، و لا نفقدك، أنبايع الحسن؟ قال: لا آمركم و لا أنهاكم و أنتم أبصر ثم دعا الحسن و الحسين، فقال لهما:

أوصيكما بتقوى الله وحده و لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما، و لا تأسفا على شيء منها قولا الحق و ارحما اليتيم و أعينا الضعيف، و كونا للظالم خصما و للمظلوم عوناً، و لا تأخذكما في الله لومة لائم، ثم نظر إلى ابن الحنفية فقال: هل سمعت ما أوصيت به أخويك؟ قال:

نعم، قال: أوصيك بمثله، و أوصيك بتوقير أخويك؟ و تزيين أمرهما، و لا تقطعن أمراً دونهما، ثم قال لهما أوصيكما به، فانه سيفكما و ابن أبيكما، فأكرماه و اعرفا حقه.

فقال له رجل من القوم: ألا تعهد يا امير المؤمنين؟ قال: لا، و لكني أتركهم كما تركهم رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال:

فماذا تقول لربك إذا أتيته؟ قال: أقول: اللهم إنك أبقيتني فيهم ما شئت أن تبقيني، ثم قبضتني و تركتك فيهم فإن شئت أفسدتهم، و إن شئت أصلحتهم، ثم قال: أما والله إنها الليلة التي ضرب فيها يوشع بن نون ليلة سبع عشرة، وقبض ليلة إحدى وعشرين.

14- قال البلاذري: حدثني الحسين بن الأسود، عن يحيى بن آدم عن شريك و غيره، قال: أوصى علي: هذا ما وقف علي بن أبي طالب أوصى به أنه أوقف أرضه القائمة بين الجبل و البحر أن ينكح منها الأيّم، و يفك الغارم فلا تباع و لا تشترى و لا توهب حتى يرثها الله الذي يرث الأرض و من عليها و أوصى إلى الحسن بن على غير طاعن عليه في بطن و لا فرج.

15- عنه قالوا: و أوصى أن يقوم في أرضه ثلاثة من مواليه و لهم قوتهم، و إن هلك الحسن قام بأمر وصيتي الأكبر فالأكبر من ولدي ممن لا

ص: 239

يطعن عليه.

16- ابن عساكر: أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمد بن علي بن محمد ابن المحلي أنبأنا محمد بن أحمد العكبري، أنبأنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان.

حيلولة قال: و أنبأنا القاضي أبو محمد عبدالله بن علي بن أيوب، أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الجراح قالا أنبأنا أبوبكر بن دريد، عن إبراهيم بن بسطام الأزدي الوراق، أخبرني عقبة بن أبي الصهباء، قال:

لما ضرب ابن ملجم علياً دخل عليه الحسن و هو باك، فقال له: ما يبكيك يا بني؟ قال: و ما لي لا أبكي و انت في أول يوم من الآخرة و آخر يوم من من الدنيا. فقال: يا بني احفظ أربعاً و أربعاً لا يضرك ما عملت معهن. قال: و ما هن يا أبة؟ قال إن أغنى الغني العقل، أكبر الفقر الحمق، و أوحش الوحشة العجب، و أكرم الحسب الكرم وحسن الخلق.

قال الحسن: قلت: يا أبة هذه الأربع، فأعطني الأربع الآخر. قال إياك و مصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك و إياك و مصادقة الكذاب فإنه يقرب إليك البعيد و يبعد عليك القريب و إياك و مصادقة البخيل فإنه يقعد عنك أحوج ما يكون إليه، و إياك و مصادقة الفاجر، فإنه يبيعك بالتافه.

17- عنه أنبأنا أبو علي الحداد و جماعة قالوا: أنبأنا أبوبكر بن ريده أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني، أنبأنا القاسم بن عباد الخطابي البصري أنبأنا سعيد بن صبيح، قال: قال هشام بن الكلبي:

عن عوانة بن الحكم قال: لما ضرب عبدالرحمان بن ملجم علياً و حمل إلى منزله أتاه العواد، فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم

ص: 240

قال: كل امری ملاق ما يفر منه في فراره، و الأجل مساق النفس و اهرب من آفاته كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا اخفاءه هيهات علم مخزون.

أما وصيتي إياكم فالله عز و جل لا تشركوا به شيئاً، و محمدا(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذم ما لم تشردوا، حمل كل امریء مجهوده و خفف عن الجهلة برب رحيم و دين قويم و إمام عليم.

كنا في مهب رياح و ذرى أغصان و تحت ظل غمامة اضمحل مركدها فمحطها عاف جاوركم بدني أياماً تباعاً ثم هوى فستعقبون من بعده جئة حواءاً ساكنة بعد حركة، كاظمة بعد نطوق ليعظكم هدوئي و خفوت إطرافي و سكون أطرافي إنه أوعظ للمعتبرين من نطق البليغ وداعيكم و داع امرىء مرصد للتلاق.

غداً ترون أيامي و يكشف لكم عن سرائري، لن يحاشي الله إلا أن أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود عليكم السلام إلى يوم اللزام إن أبق فأنا ولي دمي، و إن أفن فالفناء ميعادي، العفو لي قربة و لكم حسنه، فاعفوا عفا الله عنا و عنكم، ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم.

ثم قال (علیه السلام):

عش ما بدا لك قصرك الموت*** لا مرحل عنه و لا فوت

بينا غنى يبت بهجته*** زال الغنى و تقوض البيت

يا ليت شعري ما يراد بنا*** و لقلما يجدى لنا ليت

18- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني عبدالله بن يونس بن بكير، حدثني أبي، عن أبي

ص: 241

عبدالله الجعفي عن جابر عن محمد بن علي (علیه السلام) قال: إن علياً لما ضربه ابن ملجم أوصى بينه ثم لم ينطق إلا ب- لا إله إلا الله حتى قبضه الله.

19- عنه أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد، و أبو علي الحسن بن أحمد، قالا: أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبدالله، أنبأنا عبدالله بن محمد بن جعفر، أنبأنا محمد بن عبدالله بن أحمد، أنبأنا محمد بن بشر أخي خطاب، أنبأنا عمر بن زرارة الحدثي أنبأنا الفياض بن محمد الرقي، عن عمرو بن عيسى الأنصاري، عن أبي مخنف، عن عبدالرحمان بن جندب بن عبدالله، عن أبيه قال:

لما فرغ علي من وصيته قال: أقرأ عليكم السلام ورحمة الله و بركاته.

ثم لم يتكلم بشيء إلا ب- لا إله إلا الله حتى قبضه الله رحمة الله و رضوانه عليه و غسله ابناه الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر، و صلى عليه الحسن و كبر عليه أربعا و كفن فى ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و دفن في السحر.

20- عنه أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا حميد بن عبدالرحمان، عن حسن بن صالح، عن هارون بن سعد قال: كان عند علي مسك أوصى أن يحنط به، و قال: فضل من حنوط رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم).

21- روى الهيتمي عن عوانة بن الحكم قال: لما ضرب عبدالرحمان ابن ملجم علياً و حمل إلى منزله أتاه العواد، فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم قال: كل امرىء ملاق ما يفر منه في فراره، و الأجل مساق النفس و الهرب من آفاته كم أطردت الأنام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله عزو جل إلا اخفاءه هيهات علم مخزون.

ص: 242

أما وصيتى إياكم فالله عزو جل لا تشركوا به شيئاً، ومحمدا(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أنا لا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذم ما لم تشردوا، حمل كل امریء مجهوده و خفف عن الجهلة برب رحيم و دين قويم و إمام عليم كنا في مهب رياح و ذرى أغصان و تحت ظل غمامة اضمحل مركدها فمحطها عاف جاوركم بدني أياماً تباعاً.

ثم هوى فستعقبون من بعده جئة حواءاً ساكنة بعد حركة كاظمة بعد نطوق ليعظكم هدوئي و خفوت إطرافي و سكون أطرافي إنه أوعظ للمعتبرين من نطق البليغ وداعيكم وداع امرىء مرصد للتلاق غداً ترون أيامي، و يكشف لكم عن سرائرى لن يحاشي الله إلا أن أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود عليكم السلام إلى يوم اللزام.

إن أبق فأنا ولي دمي و إن أفن فالفناء ميعادي، العفو لي قربة و لكم حسنة، فاعفوا عفا الله عنا و عنكم، ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم. ثم قال (علیه السلام):

عش ما بدا لك قصرك الموت*** لا مرحل عنه و لا فوت

بينا غنى يبت بهجته*** زال الغنى و تقوض البيت

يا ليت شعري ما يراد بنا*** و لقلما يجدى لنا ليت

22- قال المؤيد الخوارزمي: ذكروا ان جندب بن عبدالله دخل على علي يسليه فقال يا أمير المؤمنين ان فقدناك فلا نفقدك فنبايع الحسن قال: نعم ثم دعا حسنا و حسينا فقال: أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا الفانية و ان بغتكما و لا تبكيا على شيء زوى عنكما، و قولا الحق و ارحما اليتيم و اغيثا الضايع و اصنعا للآخرة، و كونا للظالم خصما، و للمظلوم ناصرا، و اعملا بما في الكتاب، و لا تأخذ كما في الله لومه لائم.

ص: 243

ثم نظر إلى محمد بن الحنفية، فقال: هل حفظت ما اوصیت به أخويك؟ قال: نعم، قال: فاني اوصيك بمثله و اوصيك بتوقير أخويك، لعظيم حقهما عليك، و لا توثر امراً دونهما ثم قال للحسن و الحسين اوصيكما به فأنه أخوكما و ابن أبيكما و قد علمتما أن أباكما كان يحبّه. و قال للحسن:

أي بني أوصيك بتقوى الله، و إقام الصلاة لوقتها، و إيتاء الزكاة عند محلّها، فإنّه لا صلاة إلا بطهور، و لا تقبل الصلاة من مانع زكاة، و اوصيك بغفر الذنب، و كظم الغيظ و صلة الرحم و الحلم عند الجهل، و التفقه في الدين، و التثبت في الأمر، و التعاهد للقرآن، و حسن الجوار، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و اجتناب الفواحش.

فلما حضرته الوفاة أوصى، فكانت وصيته:

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اوصى به علی بن ابی طالب، اوصی انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله ارسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم ان صلاتی و نسکی و محیای و مماتي لله رب العالمين، لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين،

ثم اوصيك يا حسن و جميع ولدی و اهلی و من يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا، فاني سمعت أبا القاسم (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: ان صلاح ذات البين افضل من عامه الصلاة و الصيام، انظروا إلى ذوى أرحامكم فصلوهم يهون عليكم الحساب الله الله في الأيتام

فلا تعنوا أفواههم، و لا يضيعن بحضرتكم.

ص: 244

و الله الله في جيرانكم، فإنهم وصية نبيكم (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ما زال يوصى بهم حتى ظننا أنه سيورثهم الله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم الله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم الله الله في بيت ربكم فلا تخلون ما بقيتم فانه ان ترك لم يناظروا الله الله في شهر رمضان فان صيامه جنة من النار.

الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و انفسكم والله الله في الزكاة فإنها تطق غضب الرب، و الله الله في ذمه أهل بيت نبيكم، فلا يظلموا بين ظهرانيكم الله الله في اصحاب نبيكم فان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) اوصى بهم، الله الله في الفقراء و المساكين فاشركوهم في معايشكم الله الله فيما ملكت ايمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن قال أوصيكم بالضعيفين نساؤكم و ما ملكت أيمانكم.

الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم، يكفيكم من ارادكم و بغى عليكم و قولوا للناس حسنا كما امركم الله و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيتولى الأمر شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل و التباذل و إياكم و التدابر و التقاطع و التفرق، و تعاونوا على البر و التقوى، و لا تعاونوا على الإثم و العدوان، و اتقوا الله ان الله شديد العقاب.

حفظكم الله من اهل بیت و حفظ فيكم نبيكم استودعكم الله و اقرا عليكم السلام و رحمه الله.

ثم لم ينطق الا بلا اله الا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة اربعين و غسله ابناه الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر، و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، و كبر عليه الحسن تسع تكبيرات، ثم ولى الحسن عمله ستة اشهر و قد كان على (علیه السلام) نهي عن المثلة.

ص: 245

و قال: يا بني عبد المطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين، تقولون قتل امير المؤمنين، لا يقتل بي الا قاتلى انظر یا حسن ان انامت من ضربته هذه فاضربه ضربة و لا تمثل بالرجل، فاني سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): يقول: إياكم و المثلة، و لو انها بالكلب العقور.

فلما قبض (علیه السلام) يبعث الحسن إلى ابن ملجم، فقال للحسن: هل لك في خصلة؟ انى و الله ما اعطيت الله عهدا الا وفيت به انى كنت قد اعطيت الله عهدا أن اقتل عليا و معاوية او اموت دونهما، فان شئت خليت بيني و بينه و لك الله على ان لم اقتله ان قتلته لآتينك حتى أضع يدي في يدك فقال لا والله حتى تعاين النار ثم قدمه فقتله، ثم قدمه الناس فادرجوه في بواري، ثم احرقوه بالنار.

23- قال ابن ابي الحديد قال أبو الفرج و روى أبو مخنف، عن أبي الطفيل أن صعصعة بن صوحان استأذن على علي (علیه السلام)، و قد أتاه عائدا لما ضربه ابن ملجم- فلم يكن عليه إذن- فقال صعصعة للآذن: قل له: يرحمك الله يا أمير المؤمنين حياً و ميتا فلقد كان الله في صدرك عظيما، و لقد كنت بذات الله عليما. فابلغه الآذن مقالته، فقال: قل له: و أنت يرحمك الله فلقد كنت خفيف المؤنة، كثير المعونة.

24- قال ابن الاثير و دخل جندب بن عبد الله على عليّ فقال: إن فقدناك، و لا نفقدك، فنبايع الحسن؟ قال: ما آمركم و لا أنهاكم أنتم أبصر. ثم دعا الحسن و الحسين فقال لهما: أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما، و لا تبكيا على شيء زوى عنكما، و قولا الحق و ارحما اليتيم و أعينا الضائع و اصنعا للآخرة، و كونا للظالم خصيما، و للمظلوم ناصرا، و اعملا بما في كتاب الله و لا تأخذ كما في الله لومة لائم.

ص: 246

ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال: هل حفظت ما أوصيت به أخويك؟ قال: نعم قال فإنّي أوصيك بمثله و أوصيك بتوقير أخويك لعظيم حقهما عليك فاتبع أمرهما و لا تقطع أمرا دونهما. ثم قال: أوصيكما به، فإنّه شقيقكما و ابن أبيكما و قد علمتها أن أبا كما كان يحبّه. و قال للحسن:

أوصيك أي بني بتقوى الله، و إقام الصلاة لوقتها، و إيتاء الزكاة عند محلّها، و حسن الوضوء، فإنّه لا صلاة إلّا بطهور، و أوصيك بغفر الذنب، و كظم الغيظ و صلة الرحم، و الحلم عن الجاهل و التفقه في الدين و التثبت في الأمر، و التعاهد للقرآن، و حسن الجوار، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و اجتناب الفواحش.

ثم كتب وصيته و لم ينطق إلّا بلا إله إلا الله، حتى مات (علیه السلام) و أرضاه.

المنابع

(1) الكافي: 1/297 و 7/49، (2) الفقيه: 4/189،

(3) غيبة الشيخ: 117، (4) مقاتل الطالبيين: 24،

(5) مروج الذهب: 2/425، (6) انساب الاشراف: 504،

(7) ترجمة الإمام علي (علیه السلام): 3/304، (8) مجمع الزوائد: 9/39

(9) مناقب الخوارزمي 28، (10) شرح نهج البلاغة: 6/116،

(11) كامل التواريخ: 3/391

ص: 247

باب شهادته عليه السلام

42- باب شهادته عليه السلام

1- قال الثقفي حدثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال أخبرنا محمّد بن إسماعيل مولى قريش قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري قال: حدثنا عمر بن سعد عن نمير بن وعلة عن أبي الوداك أنّ علي بن أبي طالب (علیه السلام) لما فرغ من حرب الخوارج قام في الناس بالنهروان خطيبا فحمد الله و أثنى عليه بما هو أهله ثم قال:

أما بعد فإنّ الله قد أحسن بكم و أعزّ نصركم فتوجهوا من فوركم هذا الى عدوّكم من أهل الشّام فقاموا اليه فقاموا يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا، و كلّت سيوفنا، و نصلت أسنّة رماحنا و عاد أكثرها قصدا ارجع بنا مصرنا نستعد بأحسن عدّتنا، و لعلّ أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة هلك منا فأنّه أقوى لنا على عدوّنا، و كان الذي ولي كلام الناس يومئذ الأشعث بن قيس.

2- عنه حدّثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال حدثنا إبراهيم قال و حدثني البصري إبراهيم بن العباس قال: حدثنا ابن المبارك البجلي عن بكر بن عيسى قال: حدّثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن أنه قال: سمعت عليا (علیه السلام) يقول و نحن بمسكن يا معشر المهاجرين «ادْخُلُوا الْأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ الله لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ» فتلكئوا و قالوا: البرد شديد و كان غزاتهم في البرد، فقال (علیه السلام):

ص: 248

ان القوم يجدون البرد كما تجدون.

قال: فلم يفعلوا و أبوا فلما رأى ذلك منهم قال: أفّ لكم أنّها سنّة جرت عليكم.

3- عنه سمعت أصحابنا عن أبي عوانة عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن قال: قال على (علیه السلام):

یا قوم «ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ الله لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ» فاعتلوا عليه فقال: أفّ لكم انها سنة جرت.

4- عنه حدّثنا محمّد قال: حدثنا الحسن قال: حدّثنا إبراهيم قال: و حدثنى إبراهيم بن العبّاس البصري قال: حدثنا ابن المبارك البجلي عن بكر بن عيسى قال: حدثنا عمر بن عمير الهجري عن طارق بن شهاب أنّ عليّا عليه السّلام انصرف من حرب النهروان حتى إذا كان في بعض الطريق نادى فى الناس فاجتمعوا

فحمد الله و أثنى عليه و رغبهم في الجهاد و دعاهم إلى المسير الشّام من وجهه ذلك، فأبوا و شكوا البرد و الجراحات و كان أهل النهروان قد أكثروا الجراحات في النّاس فقال:

«انّ عدوّكم يَأْلُمونَ كَما تَأْلُمونَ» و يجدون البرد كما تجدون فأعيوه و أبوا، فلما رأى كراهيتهم رجع إلى الكوفة و أقام بها أياما و تفرّق عنه ناس كثير من أصحابه، فمنهم من أقام يرى رأى الخوارج، و منهم من أقام شاكا في أمره.

5- عنه حدّثنا محمّد، قال حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال: أخبرني محمّد بن إسماعيل، قال حدثنا نصر بن مزاحم، قال: حدثنا عمر بن سعد، عن نمير بن وعلة، عن أبي الوداك قال: لما كره النّاس المسير إلى الشّام

ص: 249

أقبل بهم علي(علیه السلام) حتى نزل النخيلة و أمر الناس أن يلزموا معسكرهم و بوطنوا على الجهاد أنفسهم و أن يقلوا زيارة أبنائهم و نسائهم حتى يسيروا الى عدوّهم.

6- عنه حدثنا محمد قال حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل قال: حدّثنا نصر بن مزاحم، قال: حدثنا عمر بن سعد، عن نمير العبيسي:قال مرّ علي- (علیه السلام)- على الشفار من همدان فاستقبلته قوم فقالوا: أقتلت المسلمين بغير جرم، و داهنت في أمر الله، و طلبت الملك، و حكمت الرجال في دين الله؟ لا حكم الّا لله.

فقال علي- (علیه السلام)- حكم الله في رقابكم ما يحبس أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم انّى ميت أو مقتول بل قتلا، ثم جاء حتى دخل القصر.

7- عنه حدثنا محمّد، قال حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا محمّد بن إسماعيل، قال: أخبرنا نصر بن مزاحم، قال: حدثني عمر بن سعد، عن نمير بن وعلة، عن أبى الودّاك أنّ النّاس أقاموا بالنخيلة مع علي -عليه السّلام- أياما ثم أخذوا يتسلّلون و يدخلون المصر فنزل و ما معه من النّاس الّا رجال من وجوههم قليل و ترك المعسكر خاليا فلا من دخل الكوفة خرج اليه و لا من أقام معه صبر، فلما رأى ذلك دخل الكوفة.

8- عنه حدّثنا محمد قال حدثنا الحسن، قال: حدثنا إبراهيم، قال: أخبرنا علي بن قادم قال: حدثنا شريك، عن شبيب بن غرقدة عن المستظل بن حصين قال: قال علي (علیه السلام):

يا أهل الكوفة و الله لتجدّنّ في الله و لتقاتلن على طاعته أو ليسوسنّكم قوم أنتم أقرب إلى الحق منهم فليعذبنّكم و ليعذبنّهم الله.

9- عنه حدثنا محمّد، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا إبراهيم، قال:

ص: 250

و حدثني محمّد بن إسماعيل قال أخبرنا زيد بن معدل النمري عن نمير بن وعلة، عن أبي الوداك قال:

لما تفرّق النّاس عن علي- (علیه السلام)- بالنخيلة و دخل الكوفة جعل يستنفرهم على جهاد أهل الشام حتى بطلت الحرب تلك السنّة.

10- عنه حدّثنا محمد قال: حدّثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن المبارك البجلي قال: حدثني أبي عن بكر بن عيسى قال: حدثني مالك بن أعين عن زيد بن وهب أن عليا- (علیه السلام)- قال للنّاس و هو أول كلام له بعد النهروان و أمور الخوارج التي كانت فقال:

يا أيها الناس استعدّوا إلى عدوّ في جهادهم القربة من الله و طلب الوسيلة اليه حيارى عن الحق لا يبصرونه و موزعين بالكفر و الجور لا يعدلون به، جفاة عن الكتاب نكب عن الدّين، يعمهون في الطغيان، و يتسكعون في غمرة الضّلال، فأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ من قُوَّةٍ وَ من رِبَاطِ الْخَيْلِ» و توكَّلوا على الله «وَ كَفَىٰ بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِالله نَصِيراً».

قال: فلم ينفروا و لم ينتشروا فتركهم أياما حتى أيس من أن يفعلوا، فدعا رءوسهم و وجوههم فسألهم عن رأيهم و ما الذي يثبطهم، فمنهم المعتل و منهم المنكر و أقلهم النشيط فقام فيهم ثانية فقال:

عباد الله ما لكم إذا أمرتكم أن تنفروا «اثاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيا من الآخِرَةِ ثوابا »؟ و بالذل والهوان من العزّ خلفا؟ أو كلّما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة يرتج عليكم فتبكمون فكأنّ قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون، و كأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون

لله أنتم.!؟ ما أنتم الا اسود الشرى في الدعة و ثعالب رواغة حين

ص: 251

تدعون، ما أنتم بركن يصال به، و لا زوافر عزّ يعتصم اليها، لعمر الله لبئس حشاش نار الحرب أنتم أنكم تكادون و لا تكيدون، و تنتقص أطرافكم و لا تتحاشون، و لا ينام عنكم و أنتم في غفلة ساهون ان أخا الحرب اليقظان، أودى من غفل و يأتى الذلّ من وادع، غلب المتخاذلون و المغلوب مقهور و مسلوب.

أمّا بعد فانّ لي عليكم حقا و لكم علي حق، فأما حق عليكم فالوفاء بالبيعة و النصح لي في المشهد و المغيب و الاجابة حين أدعوكم، و الطاعة حين آمركم و ان حقكم علي النصيحة لكم ما صحبتكم، و التوفير عليكم و تعليمكم كيلا تجهلوا، و تأديبكم كي تعلموا فان يرد الله بكم خيرا تنزعوا عما أكره و ترجعوا إلى ما أحبّ تنالوا ما تحبّون و تدركوا ما تأملون.

11- عنه حدثنا محمد، قال حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا أبو عاصم التقني محمد بن أبى أيوب قال: حدثنا أبو عون الثقني بن عبيد الله قال: جاءت امرأة من بنى عبس و علي- (علیه السلام)- على المنبر فقالت: يا أمير المؤمنين ثلاث بلبلن القلوب قال: و ما هنّ؟ قالت رضاك بالقضية و أخذك بالدنية، و جزعك عند البلية، قال(علیه السلام): ويحك أنما أنت امرأة انطلق فاجلسي على ذيلك، قالت: لا و الله ما من جلوس الا في ظلال السّيوف.

12- عنه حدثنا محمد، قال: حدثنا الحسن، قال: حدثنا إبراهيم قال: و حدّثنى إبراهيم بن العبّاس قال: حدثنا ابن المبارك البجلي، عن بكر بن عيسى انّ عليا- (علیه السلام)- كان يخطب الناس و يحضّهم على المسير إلى معاوية و أهل الشام فجعلوا يتفرّقون عنه و يتثاقلون عليه و يعتلون بالبرد مرّة و

ص: 252

بالحرّ اخرى.

13- عنه قال بكر بن عيسى: حدّثنا الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت عليا- (علیه السلام)- يقول: يا معشر المسلمين يا أبناء المهاجرين انفروا إلى أئمة الكفر و بقيّة الأحزاب و أولياء الشيطان، انفروا إلى من يقاتل على دم حمال- الخطايا، فو الذي فلق الحبة و برأ النّسمة أنّه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقص من أو زارهم شيئا.

14- عنه حدّثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال حدثنا إبراهيم قال: حدثنا بهذا الكلام عن قول أمير المؤمنين (علیه السلام)- غير واحد من العلماء كتبناه في غير هذا الموضع.

15- عنه حدّثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان الأزدي، قال: حدثنا عمرو بن شمر الجعفي، عن جابر عن رفيع، عن فرقد البجلي قال: سمعت عليا- (علیه السلام)- يقول: ألا ترون يا معاشر أهل الكوفة و الله لقد ضربتكم بالدّرّة التي أعظ بها السفهاء فما أراكم تنتهون، و لقد ضربتكم بالسياط التي أقيم بها الحدود فما أراكم ترعوون فما بقي الا سيفي، و انّى لأعلم الذي يقومكم باذن الله و لكنّى لا أحبّ أن ألي تلك منكم.

و العجب منكم و من أهل الشام أنّ أميرهم يعصى الله و هم يطيعونه، و انّ أميركم يطيع الله و أنتم تعصونه.. ان قلت لكم انفروا إلى عدوّكم قلتم: القرّ يمنعنا، أفترون عدوّكم لا يجدون القرّ كما تجدونه؟ و لكنّكم أشبهتم قوما قال لهم رسول الله-(صلی اللّه علیه و آله و سلم)- انفروا في سبيل الله فقال كبراؤهم: «لا تَنْفِرُوا في الْحَرِّ» فقال الله لنبيه: «قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ»،

و الله لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما

ص: 253

أبغضنى، و لو صببت الدنيا بحذافيرها على الكافر ما أحبنى و ذلك أنه قضی ما قضى على لسان النّبي الأمي أنّه لا يبغضك مؤمن و لا يحبّك كافر «وَ قَدْ خابَ من حَمَلَ ظُلْماً» و افترى.

يا معاشر أهل الكوفة و الله لتصبرنّ على قتال عدوّكم أو ليسلّطن الله عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم فليعذبنكم و ليعذبنهم الله بأيديكم أو بما شاء من عنده، أفمن قتلة بالسيف تحيدون إلى موتة على الفراش؟ فاشهدوا أني سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: موتة على الفراش أشدّ من ضربة ألف سيف.

أخبرنى به جبرئيل، فهذا جبرئيل يخبر رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) بما تسمعون.

16- عنه قال عمرو: عن جابر عن رفيع عن فرقد أنه سمع هذا الكلام من علي- (علیه السلام)- على المنبر.

17- عنه حدّثنا محمد قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا إبراهيم قال و أخبرنى محرز بن هشام المرادي قال: حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن المغيرة الضّبّيّ قال: كان أشراف أهل الكوفة غاشين لعلي- (علیه السلام)- و كان هواهم مع معاوية و ذلك أنّ عليا كان لا يعطى أحدا من الفيء أكثر من حقه، و كان معاوية بن أبي سفيان جعل الشّرف في العطاء ألفى درهم.

18- روى الحميري عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا(علیه السلام) خرج يوقظ الناس لصلاة الصبح فضربه عبد الرحمن بن ملجم بالسيف على أم رأسه فوقع على ركبتيه فأخذه فالتزمه حتى أخذه الناس و حمل علي حتى أفاق ثم قال للحسن و الحسين (علیهما السلام) احبسوا هذا الأسير و أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره فإن عشت فأنا أولى بما صنع بي إن شئت استنقذت و إن شئت عفوت و إن شئت صالحت و إن مت فذلك إليكم فإن بدا لكم أن

ص: 254

تقتلوه فلا تمثلوا به.

19- الكليني عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن عبد الحميد عن الحسن بن الجهم قال قلت للرضا (علیه السلام) إن أمير المؤمنين (علیه السلام) قد عرف قاتله و الليلة التي يقتل فيها و الموضع الذي يقتل فيه و قوله لما سمع صياح الإوز في الدار صوائح تتبعها نوائح و قول أم كلثوم.

لو صليت الليلة داخل الدار و أمرت غيرك يصلي بالناس فأبى عليها و کثر دخوله و خروجه تلك الليلة بلا سلاح و قد عرف (علیه السلام) أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف كان هذا مما لم يجز تعرضه فقال ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عز وجل.

20- عنه ولد أمير المؤمنين (علیه السلام) بعد عام الفيل بثلاثين سنة و قتل (علیه السلام) في شهر رمضان لتسع بقين منه ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة و هو ابن ثلاث و ستين سنة بقي بعد قبض النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثلاثين سنة و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف و هو أول هاشمي ولده هاشم مرتين.

21- عنه عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن البرقي عن أحمد بن زيد النيسابوري قال حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي عن عبد الملك بن عمر عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال:

لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين (علیه السلام) ارتج الموضع بالبكاء و دهش الناس كيوم قبض النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لو جاء رجل باكيا و هو مسرع مسترجع و هو يقول اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال:

رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما و أخلصهم إيمانا و أشدهم يقينا و أخوفهم لله و أعظمهم عناء و أحوطهم على رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)

ص: 255

و آمنهم على أصحابه و أفضلهم مناقب و أكرمهم سوابق و أرفعهم درجة و أقربهم من رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و أشبههم به هديا و خلقا و سمتا و فعلا و أشرفهم منزلة و أكرمهم عليه فجزاك الله عن الإسلام و عن رسوله و عن المسلمين خيرا.

قويت حين ضعف أصحابه و برزت حين استكانوا و نهضت حين وهنوا و لزمت منهاج رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إذ هم أصحابه و كنت خليفته حقا لم تنازع و لم تضرع برغم المنافقين و غيظ الكافرين و کره الحاسدین و صغر الفاسقين.

فقمت بالأمر حين فشلوا و نطقت حين تتعتعوا و مضيت بنور الله إذ وقفوا فاتبعوك فهدوا و كنت أخفضهم صوتا و أعلاهم قنوتا و أقلهم كلاما و أصوبهم نطقا و أكبرهم رأيا و أشجعهم قلبا و أشدهم يقينا و أحسنهم عملا و أعرفهم بالأمور.

كنت و الله يعسوبا للدين أولا و آخرا الأول حين تفرق الناس و الآخر حين فشلوا كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا و حفظت ما أضاعوا و رعيت ما أهملوا و شمرت إذا اجتمعوا و علوت إذ هلعوا و صبرت إذ أسرعوا و أدركت أوتار ما طلبوا و نالوا بك ما لم يحتسبوا.

كنت على الكافرين عذابا صبا و نهبا و للمؤمنين عمدا و حصنا فطرت و الله بنعمائها و فزت بحبائها و أحرزت سوابغها و ذهبت بفضائلها لم تفلل حجتك و لم يزغ قلبك و لم تضعف بصيرتك و لم تجبن نفسك و لم تخر.

كنت كالجبل لا تحركه العواصف و كنت كما قال (صلی اللّه علیه و آله و سلم) آمن الناس في صحبتك و ذات يدك و كنت كما قال (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله

ص: 256

متواضعا في نفسك عظيما عند الله كبيرا في الأرض جليلا عند المؤمنين لم يكن لأحد فيك مهمز و لا لقائل فيك مغمز و لا لأحد فيك مطمع و لا لأحد عندك هوادة الضعيف الذليل عندك قوي عزيز.

حتى تأخذ له بحقه و القوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق و القريب و البعيد عندك في ذلك سواء شأنك الحق و الصدق و الرفق و قولك حكم و حتم و أمرك حلم و حزم و رأيك علم و عزم فيما فعلت و قد نهج السبيل و سهل العسير و أطفئت النيران و اعتدل بك الدين و قوي بك الإسلام.

فظهر أمر الله و لو كره الكافرون و ثبت بك الإسلام و المؤمنون و سبقت سبقا بعيدا و أتعبت من بعدك تعبا شديدا فجللت عن البكاء و عظمت رزيتك في السماء و هدت مصيبتك الأنام فإنا لله و إنا إليه راجعون رضينا عن الله قضاه و سلمنا لله أمره فو الله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا كنت للمؤمنين كهفا و حصنا و قنة راسيا و على الكافرين غلظة و غيظا فألحقك الله بنبيه و لا أحرمنا أجرك و لا أضلنا بعدك و سكت القوم حتى انقضى كلامه و بکی و بكى أصحاب رسول الله ثم طلبوه فلم يصادفوه.

22- عنه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد و علي بن محمد عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن أبي حمزة عن أبي جعفر (علیه السلام) قال لما قبض أمير المؤمنين (علیه السلام) قام الحسن بن علي (علیه السلام) في مسجد الكوفة فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم قال أيها الناس إنه قد قبض في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون.

إنه كان لصاحب راية رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) عن يمينه جبرئيل و عن

ص: 257

يساره ميكائيل لا ينثني حتى يفتح الله له و الله ما ترك بيضاء و لا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه أراد أن يشتري بها خادما لأهله و الله لقد قبض في الليلة التي فيها قبض وصي موسى يوشع بن نون و الليلة التي عرج فيها بعيسى ابن مريم و الليلة التي نزل فيها القرآن.

23- عنه عن علي بن محمد رفعه قال قال أبو عبد الله (علیه السلام) لما غسل أمير المؤمنين (علیه السلام) نودوا من جانب البيت إن أخذتم مقدم السرير كفيتم مؤخره و إن أخذتم مؤخره كفيتم مقدمه.

24- عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن عبد الله الوليد الجعني عن رجل عن أبيه قال لما أصيب أميرالمؤمنين (علیه السلام) نعى الحسن إلى الحسين (علیه السلام) و هو بالمدائن فلما قرأ الكتاب قال يا لها ما أعظمها مع أن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال من أصيب منكم بمصيبة فليذكر مصابه بي فإنه لن يصاب بمصيبة أعظم منها و صدق(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

25- الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم قال حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال حدثنا علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عن أبيه الباقر محمد بن علي عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن علي عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیهم السلام) قال إن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) خطبنا ذات يوم.

فقال أيها الناس إنه قد أقبل إليكم شهر الله بالبركة و الرحمة و المغفرة شهر هو عند الله أفضل الشهور و أيامه أفضل الأيام و لياليه أفضل الليالي و ساعاته أفضل الساعات هو شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله و جعلتم فيه من

ص: 258

أهل كرامة الله أنفاسكم فيه تسبيح و نومكم فيه عبادة و عملكم فيه مقبول و دعاؤكم فيه مستجاب فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة و قلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه و تلاوة كتابه.

فإن الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم و اذكروا بجوعكم و عطشكم فيه جوع يوم القيامة و عطشه و تصدقوا على فقرائكم و مساكينكم و وقروا كباركم و ارحموا صغاركم و صلوا أرحامكم و احفظوا ألسنتكم و غضوا عما لا يحل النظر إليه أبصاركم و عما لا يحل الاستماع إليه أسماعكم و تحننوا على أيتام الناس يتحنن على أيتامكم و توبوا إلى الله ذنوبكم و ارفعوا إليه أيديكم بالدعاء في أوقات صلاتكم.

فإنها أفضل الساعات ينظر الله عز و جل فيها بالرحمة إلى عباده يجيبهم إذا ناجوه و يلبيهم إذا نادوه و يعطيهم إذا سألوه و يستجيب لهم إذا دعوه أيها الناس إن أنفسكم مرهونة بأعمالكم فكفوها باستغفاركم و ظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم و اعلموا أن الله تعالى ذكره أقسم بعزته أن لا يعذب المصلين و الساجدين و أن لا يروعهم بالنار.

يوم يقوم الناس لرب العالمين أيها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق نسمة و مغفرة لما مضى من ذنوبه فقيل يا رسول الله و ليس كلنا يقدر على ذلك فقال اتقوا النار و لو بشق تمرة اتقوا النار و لو بشربة من ماء أيها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام.

و من خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه و من كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه.

ص: 259

و من أكرم فيه يتيما أكرمه الله يوم يلقاه و من وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه و من قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه و من تطوع فيه بصلاة كتب الله له براءة من النار و من أدى فيه فرضا كان له ثواب من أدى سبعين فريضة فيما سواه من الشهور.

و من أكثر فيه من الصلوات علي ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين و من تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور أيها الناس إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا ربكم أن لا يغلقها عليكم و أبواب النيران مغلقة.

فاسألوا ربكم أن لا يفتحها عليكم و الشياطين مغلولة فاسألوا ربكم أن لا يسلطها عليكم قال أمير المؤمنين (علیه السلام) فقمت فقلت يا رسول الله ما أفضل الأعمال في هذا الشهر.

فقال يا أبا الحسن أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز و جل ثم بكى فقلت يا رسول الله ما يبكيك فقال يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر كأني بك و أنت تصلي لربك و قد انبعث أشقى الأولين و الآخرين شقيق عاقر ناقة ثمود فضربك ضربة على قرنك فخضب منها لحيتك قال أمير المؤمنين (علیه السلام) قلت يا رسول الله و ذلك في سلامة من ديني فقال فقال في سلامة من دينك.

ثم قال(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يا علي من قتلك فقد قتلني و من أبغضك فقد أبغضني من سبك فقد سبني لأنك مني كنفسي روحك من روحي و طينتك من طينتي إن الله تبارك و تعالى خلقني و إياك و اصطفاني و إياك و اختارني للنبوة و اختارك للإمامة فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي يا علي.

أنت وصیي و أبو ولدي و زوج ابنتي و خليفتي على أمتي في حياتي و

ص: 260

بعد موتي أمرك أمري و نهيك نهيي أقسم بالذي بعثني بالنبوة و جعلني خير البرية إنك لحجة الله على خلقه و أمينه على سره و خليفته على عباده

26- عنه أبي قال حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي قال حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر الخزاز عن عمرو بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي حمزة الثمالي عن حبيب بن عمرو قال دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) في مرضه الذي قبض فيه فحل عن جراحته فقلت يا أمير المؤمنين ما جرحك هذا بشيء و ما بك من بأس.

فقال لي يا حبيب أنا و الله مفارقكم الساعة قال فبكيت عند ذلك و بكت أم كلثوم و كانت قاعدة عنده فقال لها ما يبكيك يا بنية فقالت ذكرت يا أبة أنك تفارقنا الساعة فبكيت فقال لها يا بنية لا تبكين فو الله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت قال حبيب فقلت له و ما الذي ترى يا أمير المؤمنين فقال

يا حبيب أرى ملائكة السماوات و النبيين و الأرضين بعضهم في أثر بعض وقوفا إلى أن تتلقوني و هذا أخي محمد رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) جالس عندي يقول أقدم فإن أمامك خير لك مما أنت فيه قال فما خرجت من عنده حتى توفي (علیه السلام) فلما كان من الغد و أصبح الحسن (علیه السلام) قام خطيبا على المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

أيها الناس في هذه الليلة نزل القرآن و في هذه الليلة رفع عيسى مريم (علیه السلام) و في هذه الليلة قتل يوشع بن نون و في هذه الليلة مات أبي أميرالمؤمنين (علیه السلام) و الله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الأوصياء إلى الجنة و لا من يكون بعده و إن كان رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل

ص: 261

عن يمينه و ميكائيل عن يساره و ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادما لأهله.

27- قال المفيد: كانت وفاة أمير المؤمنين (علیه السلام) قبيل الفجر من ليلة الجمعة ليلة إحدى و عشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف قتله ابن ملجم المرادي لعنه الله في مسجد الكوفة و قد خرج (علیه السلام) يوقظ الناس لصلاة الصبح ليلة تسع عشرة من شهر رمضان.

و قد كان ارتصده من أول الليل لذلك فلما مر به في المسجد و هو مستخف بأمره مماكر بإظهار النوم في جملة النيام ثار إليه فضربه على أم رأسه بالسيف و كان مسموما فمكث يوم تسعة عشر و ليلة عشرين و يومها و ليلة إحدى و عشرين إلى نحو الثلث الأول من الليل ثم قضى نحبه (علیه السلام) شهيدا و لقي ربه تعالى مظلوما

و قد كان (علیه السلام) يعلم ذلك قبل أوانه و يخبر به الناس قبل زمانه و تولی غسله و تكفينه ابناه الحسن و الحسين (علیهما السلام) بأمره و حملاه إلى الغري من نجف الكوفة فدفناه هناك و عفيا موضع قبره بوصية كانت منه إليهما في ذلك.

لما كان يعلمه (علیه السلام) من دولة بني أمية من بعده و اعتقادهم في عداوته و ما ينتهون إليه بسوء النيات فيه من قبيح الفعال و المقال بما تمكنوا من ذلك فلم يزل قبره (علیه السلام) مخفيا حتى دل عليه الصادق جعفر بن محمد (علیه السلام) في الدولة العباسية و زاره عند وروده إلى أبي جعفر و هو بالحيرة فعرفته الشيعة و استأنفوا إذ ذاك زيارته (علیه السلام) و على ذريته الطاهرين و كان سنة (علیه السلام) يوم وفاته ثلاثا و ستين سنة.

28- عنه فمن الأخبار التي جاءت بذكره (علیه السلام) الحادث قبل كونه و

ص: 262

علمه به قبل حدوثه، ما أخبر به علي بن المنذر الطريقي عن ابن الفضيل العبدي عن فطر عن أبي الطفيل عامر بن وائلة رحمه الله عليه قال جمع أمير المؤمنين (علیه السلام) الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله فرده مرتين أو ثلاثا ثم بايعه و قال عند بيعته له ما يحبس أشقاها فو الذي نفسي بيده لتخضين هذه من هذا و وضع يده على لحيته و رأسه (علیه السلام) فلما أدبر ابن ملجم عنه منصرفا قال (علیه السلام) متمثلا.

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيك

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بواديك

كما أضحكك الدهر*** كذاك الدهر يبكيك

29- عنه روى الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي عن أبي إسحاق السبيعي عن الأصبغ بن نباتة قال أتى ابن ملجم أمير المؤمنين (علیه السلام) فبايعه فيمن بايع ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين (علیه السلام) فتوثق منه و توكد عليه ألا يغدر و لا ينكث ففعل ثم أدبر عنه.

فدعاه أمير المؤمنين (علیه السلام) الثانية فتوثق منه و توكد عليه ألا يغدر و لا ينكث ففعل ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين (علیه السلام) الثالثة فتوثق منه و توكد عليه ألا يغدر و لا ينكث فقال ابن ملجم و الله يا أمير المؤمنين ما رأيتك فعلت هذا بأحد غيري فقال أمير المؤمنين (علیه السلام).

أريد حباءه و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

امض يا ابن ملجم فو الله ما أرى أن تفي بما قلت.

30- عنه روی جعفر بن سلمان الضبعي عن المعلى بن زياد قال جاء عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) يستحمله فقال يا أمير المؤمنين احملني فنظر إليه أمير المؤمنين (علیه السلام) ثم قال له أنت عبد الرحمن بن

ص: 263

ملجم المرادي قال نعم ثم قال أنت عبد الرحمن بن ملجم المرادي قال نعم قال يا غزوان احمله على الأشقر فجاء بفرس أشقر فركبه ابن ملجم المرادي و أخذ بعنانه فلما ولى قال أمير المؤمنين (علیه السلام).

أريد حباءه و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

قال فلما كان من أمره ما كان و ضرب أمير المؤمنين (علیه السلام) قبض عليه و قد خرج من المسجد فجيء به إلى أمير المؤمنين فقال (علیه السلام) و الله لقد كنت أصنع بك ما أصنع و أنا أعلم أنك قاتلي و لكن كنت أفعل ذلك بك لأستظهر بالله عليك.

31- عنه من الأخبار التي جاءت بنعيه نفسه (علیه السلام) إلى أهله و أصحابه قبل قتله: و ما رواه أبو زيد الأحول عن الأجلح عن أشياخ كندة قال سمعتهم أكثر من عشرين مرة يقولون سمعنا عليا (علیه السلام) على المنبر يقول ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم و يضع يده على لحيته.

32- عنه روى علي بن الحزور عن الأصبغ بن نباتة قال خطبنا أمير المؤمنين (علیه السلام) في الشهر الذي قتل فيه فقال أتاكم شهر رمضان و هو سيد الشهور و أول السنة و فيه تدور رحى السلطان ألا و إنكم حاج العام صفا واحدا و آية ذلك أني لست فيكم قال فهو ينعى نفسه لا و نحن لا ندري.

33- عنه روى الفضل بن دكين عن حيان بن العباس عن عثمان بن المغيرة قال لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد الله بن جعفر و كان لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ليلة من تلك الليالي في ذلك فقال يأتيني أمر الله و أنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب (علیه السلام) في آخر الليل.

34- عنه روى إسماعيل بن زياد قال حدثتني أم موسى خادمة

ص: 264

علی(علیه السلام) و هي حاضنة فاطمة ابنته (علیه السلام) قال سمعت عليا (علیه السلام) يقول لابنته أم كلثوم يا بنية إني أراني قل ما أصحبكم قالت و كيف ذلك يا أبتاه قال إني رأيت نبي الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) في منامي و هو يمسح الغبار عن وجهي و يقول:

يا علي لا عليك قد قضيت ما عليك قالت فما مكتنا إلا ثلاثا حتى ضرب تلك الضربة فصاحت أم كلثوم فقال يا بنية لا تفعلي فإني أرى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يشير إلي بكفه يا علي هلم إلينا فإن ما عندنا هو خير لك

35- عنه روى عمار الدهني عن أبي صالح الحنفي قال سمعت عليا (علیه السلام) يقول رأيت النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في منامي فشكوت إليه ما لقيت من أمته من الأود و اللدد و بكيت فقال لا تبك يا علي و التفت فالتفت فإذا رجلان مصفدان و إذا جلاميد ترضخ بها رءوسهما فقال أبو صالح فغدوت إليه من الغد كما كنت أغدو كل يوم حتى إذا كنت في الجزارين لقيت الناس يقولون قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين (علیه السلام).

36- عنه روى عبيد الله بن موسى عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري قال سهر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام) في الليلة التي قتل في صبيحتها و لم يخرج إلى المسجد لصلاة الليل على عادته فقالت له ابنته أم كلثوم رحمة الله عليها ما هذا الذي قد أسهرك فقال إني مقتول لو قد أصبحت و أتاه ابن النباح فآذنه بالصلاة فمشى غير بعيد ثم رجع.

فقالت له ابنته أم كلثوم مر جعدة فليصل بالناس قال نعم مروا جعدة فليصل ثم قال لا مفر من الأجل فخرج إلى المسجد و إذا هو بالرجل قد سهر ليلته كلها يرصده فلما برد السحر نام فحركه أمير المؤمنين (علیه السلام) برجله و قال له الصلاة فقام إليه فضربه.

37- عنه روي في حديث آخر أن أمير المؤمنين(علیه السلام) سهر تلك الليلة

ص: 265

فأكثر الخروج و النظر في السماء و هو يقول والله ما كذبت و لا كذبت و إنها الليلة التي وعدت بها ثم يعاود مضجعه فلما طلع الفجر شد ازاره و خرج و هو يقول:

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيك

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بواديك

فلما خرج إلى صحن الدار استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردونهن فقال دعوهن فإنهن نوائح ثم خرج فأصيب (علیه السلام).

38- عنه من الأخبار الواردة بسبب قتله و كيف جرى الأمر في ذلك ما رواه جماعة من أهل السير منهم أبو مخنف لوط بن يحيى و إسماعيل بن راشد و أبو هشام الرفاعي و أبو عمرو الثقفي و غيرهم أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا الأمراء فعابوهم و عابوا أعمالهم عليهم و ذكروا أهل النهروان و ترحموا عليهم.

فقال بعضهم لبعض لو أنا شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم فأرحنا منهم العباد و البلاد و ثأرنا بإخواننا للشهداء بالنهروان فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك فقال عبد الرحمن بن ملجم أنا أكفيكم عليا و قال البرك بن عبد الله التميمي أنا أكفيكم معاوية و قال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص و تعاقدوا على ذلك و توافقوا عليه و على الوفاء.

و اتعدوا لشهر رمضان في ليلة تسع عشرة ثم تفرقوا فأقبل ابن ملجم و كان عداده في كندة حتى قدم الكوفة فلق بها أصحابه فكتمهم أمره مخافة أن ينتشر منه شيء فهو في ذلك إذ زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب فصادف عنده قطام بنت الأخضر التيمية و كان أمير

ص: 266

المؤمنين (علیه السلام) قتل أباها و أخاها بالنهروان و كانت من أجمل نساء زمانها.

فلما رآها ابن ملجم شغف بها و اشتد إعجابه بها فسأل في نكاحها و خطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق فقال لها احتكمي ما بدا لك فقالت له أنا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم و وصيفا و خادما و قتل علي أبي طالب فقال لها لك جميع ما سألت و أما قتل علي بن أبي طالب فأنى لي بذلك فقالت تلتمس غرته فإن أنت قتلته شفيت نفسي و هنأك العيش معي و إن قتلت فما عند الله خير لك من الدنيا.

فقال أما والله ما أقدمني هذا المصر و قد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله إلا ما سألتني من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت قالت فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك و يقويك. ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر

و سألته معونة ابن ملجم فتحمل ذلك لها و خرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة.

فقال يا شبيب هل لك في شرف الدنيا و الآخرة قال و ما ذاك قال تساعدني على قتل علي بن أبي طالب و كان شبيب على رأى الخوارج فقال له يا ابن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شيئا إذا و كيف تقدر على ذلك فقال له ابن ملجم نكمن له في المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به و إن نحن قتلناه شفينا أنفسنا و أدركنا ثأرنا فلم يزل به حتى أجابه.

فأقبل معه حتى دخلا المسجد على قطام و هي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة فقال لها قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل قالت لهما فإذا أردتما ذلك فالقياني في هذا الموضع. فانصرفا من عندها فلبثا أياما ثم أتياها و معهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلت من شهر

ص: 267

رمضان سنة أربعين من الهجرة.

فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم و تقلدوا أسيافهم و مضوا و جلسوا مقابل السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى الصلاة و قد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في نفوسهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (علیه السلام) و واطأهم عليه و حضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما اجتمعوا عليه و كان حجر بن عدي رحمة الله عليه في تلك الليلة بائتا في المسجد.

فسمع الأشعث يقول لابن ملجم النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح فأحس حجر بما أراد الأشعث فقال له قتلته يا أعور و خرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فيخبره الخبر و يحذره من القوم و خالفه أمير المؤمنين (علیه السلام) فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف و أقبل و الناس يقولون قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين.

39- عنه ذكر عبد الله بن محمد الأزدي قال إني لأصلي في تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أوله إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة و خرج علي بن أبي طالب(علیه السلام) لصلاة الفجر فأقبل ينادي الصلاة الصلاة فما أدري أنادى أم رأيت بريق السيوف و سمعت قائلا يقول:

لله الحكم يا علي لا لك و لا لأصحابك و سمعت عليا (علیه السلام) يقول لا يفوتنكم الرجل فإذا علي (علیه السلام) مضروب و قد ضربه شبيب بن بجرة فأخطأه و وقعت ضربته في الطاق و هرب القوم نحو أبواب المسجد و تبادر الناس لأخذهم. فأما شبيب بن بجرة فأخذه رجل فصرعه و جلس على صدره و أخذ السيف من يده ليقتله به فرأى الناس يقصدون نحوه.

ص: 268

فخشي أن يعجلوا عليه و لا يسمعوا منه فوتب عن صدره و خلاه و طرح السيف من يده و مضی شبیب هاربا حتى دخل منزله و دخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره فقال له ما هذا لعلك قتلت أمير المؤمنين فأراد أن يقول لا فقال نعم فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.

و أما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه فطرح عليه قطيفة كانت في يده ثم صرعه و أخذ السيف من يده و جاء به إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) و أفلت الثالث فانسل بين الناس فلما أدخل ابن ملجم على أمير المؤمنين (علیه السلام) نظر إليه ثم قال النفس بالنفس.

فإن أنا مت فاقتلوه كما قتلني و إن سلمت رأيت فيه رأيي.

فقال ابن ملجم و الله لقد ابتعته بألف و سممته بألف فإن خانني فأبعده الله قال و نادته أم كلثوم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين (علیه السلام) قال إنما قتلت أباك قالت يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس قال لها فأراك إنما تبكين علي إذا لقد و الله ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم.

فأخرج من بين يدي أمير المؤمنين (علیه السلام) و أن الناس لينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع و هم يقولون يا عدو الله ماذا فعلت أهلكت أمة محمد و قتلت خير الناس و أنه لصامت ما ينطق فذهب به إلى الحبس.

و جاء الناس إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فقالوا له يا أمير المؤمنين مرنا بأمرك في عدو الله فلقد أهلك الأمة و أفسد الملة فقال لهم أمير المؤمنين(علیه السلام).

إن عشت رأيت فيه رأيي و إن هلكت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار.

ص: 269

قال فلما قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) و فرغ أهله من دفنه جلس الحسن (علیه السلام) و أمر أن يؤتى بابن ملجم فجيء به فلما وقف بين يديه قال له يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين و أعظمت الفساد في الدين ثم أمر به فضربت عنقه و استوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه لتتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار. و في أمر قطام و قتل أمير المؤمنين (علیه السلام) يقول الشاعر:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** كمهر قطام من فصيح و أعجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المصمم

و لا مهر أغلى من علي و إن غلى*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

و أما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم لعنهم الله أجمعين في العقد على قتل معاوية و عمرو بن العاص فإن أحدهما ضرب معاوية و هو راكع فوقعت ضربته في أليته و نجا منها و أخذ و قتل من وقته.

و أما الآخر فإنه وافى عمرا في تلك الليلة و قد وجد علة فاستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة العامري فضربه بسيفه و هو يظن أنه عمرو فأخذ و أتي به عمرو فقتله و مات خارجة في اليوم الثاني.

40- روى الرضي في نهج البلاغة انه (علیه السلام) قال ملكتني عيني و أنا جالس فسنح لي رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فقلت يا رسول الله ما ذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد فقال ادع عليهم فقلت أبدلني الله بهم خيرا منهم و أبدلهم بي شرا لهم مني.

قال الشريف يعني بالأود الاعوجاج و باللدد الخصام و هذا من أفصح الكلام.

41- قال أبو جعفر الطوسي: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بن عبد

ص: 270

المطلب بن هاشم بن عبد مناف و هو وصي رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و خليفته الإمام العادل و السيد المرشد و الصديق الأكبر سيد الوصيين كنيته أبو الحسن (علیه السلام) ولد بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة.

و قبض (علیه السلام) قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة و له يومئذ ثلاث و ستون سنة و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف و هو أول هاشمي ولد بين هاشميين و قبره بالغري من نجف الكوفة.

42- قال الطبرسى: قبض ليلة الجمعة لتسع بقين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا شهيدا قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي و قد خرج لصلاة الفجر ليلة تسعة عشر من شهر رمضان و هو ينادي الصلاة الصلاة في المسجد الأعظم بالكوفة فضربه بالسيف على أم رأسه و قد كان ارتصده من أول الليل لذلك و كان سيفه مسموما.

فمكث يوم التاسع عشر و ليلة العشرين و يومها و ليلة الحادي و العشرين إلى نحو الثلث من الليل ثم قضى نحبه و قد كان يعلم لذلك و أنه يخبر به الناس قبل أوانه.

43- عنه فقد اشتهر في الرواية أنه كان لما دخل شهر رمضان يتعشى ليلة عند الحسن (علیه السلام) و ليلة عند الحسين (علیه السلام) و ليلة عند عبد الله بن العباس و الأصح عبد الله بن جعفر و كان لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ذلك فقال أريد أن يأتيني أمر ربي و أنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب (علیه السلام) في آخر تلك الليلة.

44- عنه روى الأصبغ بن نباته قال خطبنا أمير المؤمنين (علیه السلام) في

ص: 271

الشهر الذي قتل فيه فقال أتاكم شهر رمضان و هو سيد الشهور و أول السنة و فيه تدور رحى السلطان ألا و إنكم حاجوا العام صفا واحدا و آية ذلك أني لست فيكم قال فهو ينعى نفسه و نحن لا ندري.

45- عنه روى عنه جماعة أنه كان يقول على المنبر ما يمنع أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم و يضع يده على رأسه و لحيته.

46- عنه روي عن أبي صالح الحنفي قال سمعت عليا يقول رأيت النبي في منامي فشكوت إليه ما لقيته من أمته من الأود و اللدد فبكيت فقال لا تبك يا علي و التفت فإذا رجلان مصفدان و إذا جلاميد ترضخ بها رءوسهما قال أبو صالح فغدوت إليه من الغد فلقيت الناس يقولون قتل أمير المؤمنين (علیه السلام).

47- عنه روى الحسن البصري قال سهر أمير المؤمنين (علیه السلام) في الليلة التي قتل في صبيحتها و لم يخرج إلى المسجد لصلاة الليل على عادته فقالت له أم كلثوم ابنته ما هذا الذي قد أسهرك فقال إني مقتول لو قد أصبحت أتاه ابن النباح فأذنه بالصلاة فمشى غير بعيد ثم رجع فقالت له أم كلثوم مر جعدة فليصل بالناس قال:

نعم مروا جعدة ليصلي ثم قال لا مفر من الأجل فخرج إلى المسجد فإذا هو بالرجل قد سهر ليلته كلها يرصده فلما برد السحر نام فحركه أمير المؤمنين (علیه السلام) برجله و قال له الصلاة فقام إليه فضربه.

48- عنه روي في حديث آخر أنه(علیه السلام) سهر في تلك الليلة و كان يكثر الخروج و النظر إلى السماء و هو يقول و الله ما كذبت و لا كذبت و إنها الليلة التي وعدت بها ثم يعاود مضجعه فلما طلع الفجر شد ازاره و خرج و هو يقول:

ص: 272

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت آتيكا ***و لا تجزع من الموت إذا حل بواديكا

فلما خرج إلى صحن الدار استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردونهن فقال دعوهن فإنها صوائح تتبعها النوائح ثم خرج فأصيب (علیه السلام).

49- عنه كان سنة يوم استشهد ثلاثا و ستين سنة و كان مقامه مع رسول الله ثلاثا و ثلاثين سنة عشرتها قبل البعثة آمن و هو ابن عشر سنين فقد صحت الرواية عن حبة العربي عنه قال بعث النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوم الإثنين و أسلمت يوم الثلاثاء و بعد البعثة بمكة ثلاث عشرة سنة و بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين و عاش بعد ما قبض النبي ثلاثين سنة إلا خمسة أشهر و أياما.

و تولى غسله و تكفينه ابناه الحسن و الحسين بأمره و حملاه إلى الغريين من نجف الكوفة و دفنوه هناك ليلا و عميا موضع قبره بوصيته لهما في ذلك المكان كان يعلم من دولة بني أمية من بعده و أنهم لا ينتهون عما يقدرون عليه من قبيح الأفعال و لئيم الخلال فلم يزل مخفيا حتى دل عليه الصادق (علیه السلام) في الدولة العباسية و زاره عند وروده إلى أبي جعفر و هو بالحيرة.

50- الطبرى الامامي عن محمد بن محمد قال أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي قال حدثنا محمد بن سليمان المقري الكندي عن عبد الصمد بن علي النوفلي عن أبي إسحاق السبيعي عن الأصبغ بن نباتة العبدي قال:

لما ضرب ابن ملجم عليه اللعنة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام)

ص: 273

عدونا عليه نفر من أصحابنا أنا و الحرث و سويد بن غفلة و جماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعت البكاء فبكينا فخرج إلينا الحسن بن علي (علیهما السلام) فقال يقول لكم أمير المؤمنين انصرفوا إلى منازلكم.

فانصرف القوم غيري و اشتد البكاء من منزله فبكيت و خرج الحسن و قال ألم أقل لكم انصرفوا فقلت لا و الله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي و لا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين (علیه السلام) قال و بكيت فدخل و لم يلبث أن خرج فقال لي ادخل.

فدخلت على أمير المؤمنين فإذا هو مستند معصوب الرأس بعامة صفراء قد نزف دمه و اصفر وجهه فما أدري وجهه أصفر أم العامة فأكببت عليه فقبلته و بكيت فقال لي لا تبك يا أصبغ فإنها و الله الجنة.

فقلت له جعلت فداك إني أعلم أنك تصير إلى الجنة و أنا أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فإني أراني لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا.

فقال نعم يا أصبغ دعاني رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوما فقال لي يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي ثم تصعد منبري ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله و تثني عليه و تصلي علي صلاة كثيرة و تقول أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم و هو يقول إن لعنة الله و لعنة ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين.

و لعنتي على من انتمي إلى غير أبيه و ادعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره فأتيت مسجده و صعدت منبره فلما رأتني قريش و كانوا في المسجد أقبلوا نحوي فحمدت الله و أثنيت عليه و صليت على رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) الصلاة كثيرة.

ثم قلت أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم و هو يقول لكم ألا

ص: 274

لعنة الله و لعنة ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و لعنتي على من انتمي إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره قال فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب فإنه قال قد بلغت يا أبا الحسن و لكنك جئت بكلام غير مفسر.

فقلت أبلغ ذلك رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فرجعت إلى النبي فأخبرته الخبر فقال ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري فاحمد الله و أثن عليه و صل علي ثم قل أيها الناس ما كنا لنجيئكم بشيء إلا و عندنا تأويله و تفسيره ألا و إني أبوكم ألا و إني مولاكم ألا و إني أجيركم.

51- ابن شهر آشوب:

عن تفسير وكيع و سدي و سفيان و أبي صالح أن عبد الله بن عمر قرأ قوله تعالى أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِها يوم قتل أمير المؤمنين و قال لقد كنت يا أمير المؤمنين الطرف الأكبر في العلم اليوم نقص علم الإسلام و مضى ركن الإيمان.

52- عنه عن الزعفراني عن المزني عن الشافعي عن مالك عن سمي عن أبي صالح قال لما قتل علي بن أبي طالب (علیه السلام) قال ابن عباس هذا نقص الفقه و العلم من أرض المدينة ثم قال إن نقصان الأرض نقصان علمائها و خيار أهلها إن الله لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال و لكنه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رءوسا جهالا فيسألوا فيفتوا بغير علم فيضلوا و أضلوا.

53- عنه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَ لَمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً» و قد كان قبر علي بن أبي طالب مع نوح في السفينة فلما خرج من السفينة ترك قبره خارج الكوفة فسأل نوح ربه

ص: 275

المغفرة لعلي و فاطمة قوله: «وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ» ثم قال: «وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ» يعني الظلمة لأهل بيت محمد «إِلَّا تَباراً».

54- عنه روي أنه نزل فيه: «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ».

55- عنه عن أبي بكر بن مردويه في فضائل أمير المؤمنين و أبو بكر الشيرازي في نزول القرآن أنه قال سعيد بن المسيب كان علي يقرأ إِذِ انْبَعَتَ أشقاها قال فو الذي نفسي بيده لتخضبن هذه من هذا و أشار إلى لحيته و رأسه.

56- عنه روى الثعلبي و الواحدي بإسنادهما عن عمار و عن عثمان ابن صهيب عن الضحاك و روى ابن مردويه بإسناده عن جابر بن سمرة و عن صهيب و عن عمار و عن ابن عدي و عن الضحاك و الخطيب في التاريخ عن جابر بن سمرة و روى الطبري و الموصلي عن عمار و روى أحمد ابن حنبل عن الضحاك أنه قال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يا علي أشقى الأولين عاقر الناقة و أشقى الآخرين قاتلك و في رواية من يخضب هذه من هذا.

57- عنه قال: كان عبد الرحمن بن ملجم التجوبي عداده من مراد قال ابن عباس كان من ولد قدار عاقر ناقة صالح و قصتهما واحدة لأن قدار عشق امرأة يقال لها رباب كما عشق ابن ملجم قطاما سمع ابن ملجم و هو يقول لأضربن عليا بسيفي هذا فذهبوا به إليه (علیه السلام) فقال ما اسمك قال عبد الرحمن بن ملجم قال نشدتك بالله عن شيء تخبرني قال نعم.

قال هل مر عليك شيخ يتوكأ على عصاه و أنت في الباب فشقك بعصاه ثم قال بؤسا لك لشقي من عاقر ناقة ثمود قال نعم قال هل كان الصبيان يسمونك ابن راعية الكلاب و أنت تلعب معهم قال نعم قال هل

ص: 276

أخبرتك أمك أنها حملت بك و هي طامث قال نعم قال فبايع فبايع ثم قال خلوا سبيله.

58- عنه روي أنه جاءه ليبايعه فرده مرتين أو ثلاثا فبايعه و توثق منه الا يغدر و لا ينكث فقال و الله ما رأيتك تفعل هذا بغيري فقال يا غزوان احمله على الأشقر فأركبه فتمثل أمير المؤمنين (علیه السلام):

أريد حياته و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

امض يا ابن ملجم فو الله ما أرى تفي بما قلت وفي رواية و الذي نفسي بيده لتخضين هذه من هذا.

59- عنه عن الحسن البصري أنه (علیه السلام) سهر في تلك الليلة و لم يخرج لصلاة الليل على عادته فقالت أم كلثوم ما هذا السهر قال إني مقتول لو قد أصبحت فقالت مر جعدة فليصل بالناس قال نعم مروا جعدة ليصل ثم مر و قال لا مفر من الأجل و خرج قائلا:

خلوا سبيل الجاهد المجاهد*** في الله ذي الكتب و ذي المشاهد

في الله لا يعبد غير الواحد*** و يوقظ الناس إلى المساجد

60- عنه روي أنه (علیه السلام) سهر في تلك الليلة فأكثر الخروج و النظر إلى السماء و هو يقول و الله ما كذبت و لا كذبت و إنها الليلة التي وعدت بها ثم يعاود مضجعه فلما طلع الفجر أتاه ابن النباح و نادى الصلاة فقام فاستقبله الإوز فصحن في وجهه فقال دعوهن فإنهن صوائح تتبعها نوائح و تعلقت حديدة على الباب في ميزره فشد إزاره و هو يقول:

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيكا

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بواديكا

فقد أعرف أقواما*** و إن كانوا صعاليكا

ص: 277

مساريع إلى الخير*** و للشر متاريكا

61- عنه أبي صالح الحنفي سمعت عليا (علیه السلام) يقول رأيت النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في منامي فشكوت إليه ما لقيت من أمته من الأود و اللدد و بكيت فقال لا تبك يا علي و التفت فالتفت فإذا رجلان مصفدان و إذا جلاميد يرضخ بها رءوسهما.

62- عنه روي أنه (علیه السلام) قال لأم كلثوم يا بنية إني أراني قل ما أصحبكم قالت و كيف ذاك يا أبتاه قال إني رأيت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فی منامي هو يمسح الغبار عن وجهي و يقول يا علي لا عليك قد قضيت ما عليك قالت فما مكتنا حتى ضرب تلك الليلة الضربة.

63- عنه في رواية أنه قال يا بنية لا تفعلي فإني أرى رسول الله يشير إلي بكفه يا علي إلينا فإن ما عندنا هو خير لك.

64- عنه أبي مخنف الأزدي و ابن راشد و الرفاعي و الثقفي جميعا أنه اجتمع نفر من الخوارج بمكة فقالوا إنا شرينا أنفسنا لله فلو أتينا أئمة الضلال و طلبنا غرتهم فأرحنا منهم البلاد و العباد فقال عبد الرحمن بن ملجم أنا أكفيكم عليا و قال الحجاج بن عبد الله السعدي الملقب بالبرك أنا أكفيكم معاوية فقال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص و اتعدوا التاسع عشر من شهر رمضان ثم تفرقوا.

فدخل ابن ملجم الكوفة فرأى رجلا من أهل التيم تيم الرباب عند قطام التميمية و كان أمير المؤمنين (علیه السلام) قتل أباها الأخضر و أخاها الأصبغ بالنهروان فشغف بها ابن ملجم و خطبها فأجابته بمهر ذكره العبدي في كلمة له فقال:

ص: 278

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** کمهر قطام من فصيح و أعجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المسمم

فلا مهر أغلى من علي و إن غلا*** و لا قتل إلا دون قتل ابن ملجم

فقبل ابن ملجم ذلك قالت ويحك من يقدر على قتل علي و هو فارس الفرسان و مغالب الأقران و السباق إلى الطعان و أما المالية فلا بأس علي منها قال أقبل فبعثت إلى وردان بن مجالد التميمي و سألته معونة ابن ملجم و استعان ابن ملجم بشبيب بن بجرة فأعانه و أعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص بخط فيه مائة ألف درهم.

فجعله مهرها فأطعمت لهما اللوزينج و الجوزينق و سقتها الخمر العكبري فنام شبيب و تمتع ابن ملجم معها ثم قامت فأيقظتها و عصبت صدورهم بحریر و تقلدوا أسيافهم و كمنوا له مقابل السدة و حضر الأشعث بن قيس لمعونتهم.

فقال لابن ملجم النجا النجا لحاجتك فقد ضحك الصبح فأحس حجر بن عدي بما أراد الأشعث فقال له قتلته يا أشعث و خرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف.

و قال محمد بن عبد الله الأزدي أقبل أمير المؤمنين ينادي الصلاة الصلاة فإذا هو مضروب و سمعت قائلا يقول الحكم لله يا علي لا لك و لا لأصحابك. و سمعت عليا يقول فزت و رب الكعبة ثم يقول لا يفوتنكم الرجل.

ص: 279

و كان قد ضربه شبيب فأخطأه و وقعت ضربته في الطاق و مضى هاربا حتى دخل منزله و دخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره فقال ما هذا لعلك قتلت أمير المؤمنين فأراد أن يقول لا فقال نعم فقتله الأزدي. و أما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه و طرح عليه قطيفة و صرعة و انسل الثالث بين الناس.

فلما رآه أمير المؤمنين قال النفس بالنفس إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني و إن سلمت رأيت فيه رأيي و في رواية إن عشت رأيت فيه رأيي و إن هلکت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي فسئل عن معناه فقال اقتلوه ثم أحرقوه بالنار.

فقال ابن ملجم لقد ابتعته بألف و سممته بألف فإن خانني فأبعده الله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم.

65- عنه في محاسن الجوابات عن الدينوري أنه قال سألت الله أن يقتل به شر خلقه فقال علي (علیه السلام) قد أجاب الله دعوتك يا حسن إذا مت فاقتله بسيفه و روي أنه قال أطعموه و اسقوه أنه قال أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره فإن أصح فأنا ولى دمي إن شئت عفوت و إن شئت استنفذت و إن هلكت فاقتلوه ثم أوصى فقال يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي و نهى عن المثلة.

66- عنه روى أبو عثمان المازني أنه قال(علیه السلام):

تلكم قريش تمناني لتقتلني*** فلا و ربك ما فازوا و ماظفروا

فإن بقيت فرهن ذمتي لهم*** بذات ودقين لا يعفو لها أثر

وإن هلكت فإني سوف أوترهم*** ذل الممات فقد خانوا و قد غدروا

و أمر الحسن (علیه السلام) أن يصلي الغداة بالناس و روي أنه دفع في ظهره

ص: 280

جعدة فصلى بالناس الغداة.

67- عنه عن الأصبغ في خبر أن عليا (علیه السلام) قال لقد ضربت في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون و لأقبض في الليلة التي رفع فيها عيسى ابن مریم.

68- عنه عن الحسن بن علي (علیهما السلام) في خبر و لقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا. فلما توفي أمير المؤمنين و دفن جلس الحسن و أمر به فضرب عنقه و استوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته لتتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار

و أما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم في العقد على معاوية و عمرو فإن أحدهما ضرب معاوية على أليتيه و هو راكع و أما الآخر فإنه قتل خارجة بن أبي حنيفة العامري و هو يظن أنه عمرو و كان قد استخلفه لعلة وجدها.

69- عنه قال الحسن بن علي(علیهما السلام):

أین من كان لعلم*** المصطفى في الناس بابا

أين من كان إذا*** ما قحط الناس سحابا

أين من كان إذا نودي*** فى الحرب أجابا

أين من كان دعاه*** مستجابا و مجابا

و له(علیه السلام):

خل العيون و ما أردن*** من البكاء على علي

لا تقبلن من الخلي*** فليس قلبك بالخلي

لله أنت إذا الرجال*** تضعضعت وسط الندي

فرجت غمته و لم تركن*** إلى فشل و عي

ص: 281

و له (علیه السلام):

خذل الله خاذليه و لا*** أغمد عن قاتليه سيف الفناء

70- عنه عن زيد بن علي قال الحسين لما قتل أمير المؤمنين سمعت جنية ترثيه بهذه الأبيات:

لقد هد ركني أبو شبر*** فما ذاقت العين طيب الوسن

و لا ذاقت العين طيب الكرى*** و ألقيت دهري رهين الحزن

و أقلقني طول تذكاره*** حرارة لكل الرقوب الشثن

71- عنه قال أنس بن مالك سمعت صوت هاتف من الجن:

يا من يؤم إلى مدينة قاصدا*** أد الرسالة غير ما متوان

قتلت شرار بني أمية سيدا*** خير البرية ماجدا ذا شأن

رب المفضل في السماء و أرضها*** سيف النبي و هادم الأوثان

بكت المشاعر و المساجد بعد ما*** بكت الأنام له بكل مكان

72- عنه في شرف النبوة أنه سمع منهم:

لقد مات خير الناس بعد محمد*** و أكرمهم فضلا و أوفاهم عهدا

و أضربهم سيفا في مهج العدى*** و أصدقهم قيلا و أنجزهم وعدا

73- عنه عن صعصعة بن صوحان:

إلى من لي بأنسك يا أخيا*** ومن لي أن أبنك ما لديا

طوتك خطوب دهر قد توالى*** لذاك خطوبه نشرا و طيا

فلو نشرت قواك إلى المنايا*** شكوت إليك ما صنعت إليا

بكيتك يا علي لدر عيني*** فلم يغن البكاء عليك شيئا

كفى حزنا بدفنك ثم إني*** نفضت تراب قبرك من يديا

و كانت في حياتك لي عظات*** و أنت اليوم أوعظ منك حيا

ص: 282

فيا أسفا عليك و طول شوقي*** إلي لو أن ذلك رد شیا

و له:

هل خبر القبر سائليه*** أم قر عينا بزائريه

أم هل تراه أحاط علما*** بالجسد المستكن فيه

لو علم القبر من يواري*** تاه على كل من يليه

یا موت ماذا أردت مني*** حققت ما كنت أتقيه

یا موت لو تقبل افتداء*** لكنت بالروح أفتديه

دهر زماني بفقد إلفي*** أذم دهري و أشتكيه

أبو الأسود الدؤلي:

ألا يا عين ويحك فاسعدينا*** ألا أبكي أمير المؤمنينا

رزينا خير من ركب المطايا*** وحثحثها و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاها*** و من قرأ المثاني و المبينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين*** رأيت البدر راق الناظرينا

يقيم الحد لا يرتاب فيه*** و يقضي بالفرائض مستبينا

ألا أبلغ معاوية بن حرب*** فلا قرت عيون الشامتينا

أفي الشهر الحرام فجعتمونا*** بخير الناس طرا أجمعينا

و من بعد النبي فخير نفس*** أبو حسن و خير الصالحينا

كأن الناس إذ فقدوا عليا*** نعام جال في بلد سنينا

و كنا قبل مهلكه بخير*** نرى فينا وصي المسلمينا

فلا و الله لا أنسى عليا*** و حسن صلاته في الراكعينا

لقد علمت قريش حيث كانت*** بأنك خيرهم حسبا و دينا

فلا تشمت معاوية بن حرب*** فإن بقية الخلفاء فينا

ص: 283

74- قال الفتال: اعلم أن وفاة أمير المؤمنين (علیه السلام) كانت ليلة الجمعة ليلة إحدى و عشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف قتله ابن ملجم لعنه الله ليلة تسع عشرة في مسجد الكوفة و كانت سنه يوم وفاته ثلاثا و ستين سنة.

75- عنه روي أن أمير المؤمنين (علیه السلام) جمع الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله فرده مرتين أو ثلاثا ثم بايعه و قال عند بيعته له ما يحبس أشقاها فو الذي نفسي بيده لتخضين هذه من هذا و وضع يده على لحيته و رأسه الله فلما أدبر ابن ملجم لعنه الله منصرفا قال (علیه السلام):

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيكا

اعلم أن وفاة أمير المؤمنين (علیه السلام) كانت ليلة الجمعة ليلة إحدى و عشرين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة قتيلا بالسيف قتله ابن ملجم لعنه الله ليلة تسع عشرة في مسجد الكوفة و كانت سنة يوم وفاته ثلاثا و ستين سنة.

و روي أن أمير المؤمنين(علیه السلام) جمع الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله فرده مرتين أو ثلاثا ثم بايعه و قال عند بيعته له ما يحبس أشقاها فو الذي نفسي بيده لتخضين هذه من هذا و وضع يده على لحيته و رأسه (علیه السلام) فلما أدبر ابن ملجم لعنه الله منصرفا قال (علیه السلام).

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكا*** و لا تجزع من الموت إذا حل بواديكا

76- عنه روي أن ابن ملجم المرادي لعنه الله أتى أمير المؤمنين (علیه السلام) يبايعه فيمن بايعه ثم أدبر عنه فدعاه أمير المؤمنين (علیه السلام) فتوثق منه و توكد عليه أن لا يغدر و لا ينكث ففعل فقال ابن ملجم و الله يا أمير المؤمنين ما

ص: 284

رأيتك فعلت هذا بأحد غيري فقال (علیه السلام):

أريد حياته و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مرادي

امض يا ابن ملجم فو الله ما أرى أن تفى بما قلت.

77- عنه روي أن نفرا من الخوارج اجتمعوا بمكة فتذاكروا الأمراء فعابوهم و عابوا أعمالهم عليهم و ذكروا أهل النهروان و ترحموا عليهم فقال بعضهم لبعض لو أنا شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال فطلبنا غرتهم و أرحنا منهم العباد و البلا و ثارنا بإخواننا الشهداء بالنهروان فتعاهدوا عند انقضاء الحج على ذلك.

فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله أنا أكفيكم عليا و قال المبارك بن عبد الله التميمي أنا أكفيكم معاوية و قال عمرو بن البكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص و تعاقدوا على ذلك و تواثقوا على الوفاء و اتعدوا لشهر رمضان في ليلة التسع عشرة ثم تفرقوا فأقبل ابن ملجم و كان عداده في كندة حتى قدم الكوفة فلقي أصحابه و كتمهم أمره مخافة أن ينتشر منهم شيء فهو في ذلك إذ رأى رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب.

فصادف عنده قطام بنت الأخضر التميمية و كان أمير المؤمنين (علیه السلام) قتل أباها و أخاها بالنهروان و كانت من أجمل نساء زمانها فلما رآها ابن ملجم لعنه الله شغف بها و اشتد إعجابه فسأل في نكاحها و خطبها فقالت له ما الذي تسمي لي من الصداق فقال لها احكمي ما بدا لك قالت أنا محكمة عليك بثلاثة آلاف درهم و وصيفا و خادما و قتل علي بن أبي طالب فقال لها جميع ما سألت.

و أما قتل علي بن أبي طالب فأنى لي بذلك فقالت تلتمس غرته فإن أنت قتلته شفيت نفسي و هناك العيش معي و إن قتلت فما عند الله خير و

ص: 285

أبقى فقال و ايم الله ما أقدمني هذا المصر إلا هذا و قد كنت هاربا منه لأمن مع أهله إلا ما سألتني من قتل علي بن أبي طالب فلك ما سألت قالت فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك و يقويك.

ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرئاب فخبرته الخبر و سألته معونة ابن ملجم فتحمل ذلك لها و خرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع الناس يقال له شبيب بن بحرة فقال له يا شبيب هل لك في شرف الدنيا و الآخرة قال و ما ذاك قال تساعدني على قتل علي و كان شبيب على رأي الخوارج فقال له يا ابن ملجم هبلتك الهبول لقد جئت شيئا إدا و كيف تقدر على ذلك فقال له ابن ملجم نكمن له في المسجد الأعظم.

فإذا خرج لصلاة الفجر قتلناه فإن نحن قتلناه شفينا أنفسنا و أدركنا ثارنا فلم يزل به حتى أجابه فأقبل معه حتى دخل المسجد على قطام و هي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة فقال لها قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل قالت لهما فإذا أردتما ذلك فالقوني في هذا الموضع فانصرفا من عندها فلبث أياما ثم أتياها و معهما الآخر ليلة الأربعاء لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة.

فدعت لهما بحرير فعصبت به صدورهم و تقلدوا أسيافهم و مضوا فجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها أمير المؤمنين (علیه السلام) إلى الصلاة و قد كانوا قبل ذلك ألقوا إلى الأشعث بن قيس ما في قلوبهم من العزيمة على قتل أمير المؤمنين (علیه السلام) و واطأهم عليه و حضر الأشعث بن قيس في تلك الليلة لمعونتهم على ما أجمعوا عليه و كان حجر بن عدي رحمه الله بائنا في المسجد فسمع الأشعث يقول لابن ملجم

النجا النجا لحاجتك فقد ضحك الصبح فأحس الرجل بما أراد

ص: 286

الأشعث فقال له قتلته يا أعور و خرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين فدخل المسجد فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف و أقبل حجر و الناس يقولون قتل أمير المؤمنين (علیه السلام).

78- عنه ذكر عبد الله بن محمد الأزدي قال إني لأصلي في تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل مصر كانوا يصلون في ذلك الشهر من أوله إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون في تلك الليلة في المسجد قريبا من السدة و خرج علي بن أبي طالب (علیه السلام) لصلاة الفجر فأقبل ينادي الصلاة الصلاة.

فما أدري أنادي أم رأيت بريق السيف و سمعت قائلا يقول لله الحكم يا على لا لك و لا لأصحابك و سمعت عليا يقول لا يفوتنكم الرجل فإذا علي(علیه السلام) المضروب و قد ضربه شبيب بن بحرة فأخطأه و وقعت ضربته في الطاق و هرب القوم نحو أبواب المسجد و بادر الناس لأخذهم فأما شبيب بن بحرة فأخذه رجل فصرعه و جلس على صدره و أخذ السيف من يده ليقتله به فرأى الناس يقصدون نحوه.

فخشي أن يعجلوا عليه و لا يسمعوا منه فوثب عن صدره و خلاه و طرح السيف من يده و مضى شبيب هاربا حتى دخل منزله و دخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره فقال له ما هذا لعلك قتلت أمير المؤمنين فأراد أن يقول لا فقال نعم فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه به حتى قتله و أما ابن ملجم فإن رجلا من همدان لحقه و طرح عليه قطيفة كان في يده.

ثم صرعه و أخذ السيف من يده و جاء به إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) و أفلت الثالث فانسل بين الناس فلما دخل ابن ملجم على أمير المؤمنين (علیه السلام)

ص: 287

نظر إليه ثم قال النفس بالنفس إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني و إن سلمت رأيت فيه رأيي فقال ابن ملجم لعنه الله و الله لقد ابتعته بألف و سممته بألف فإن خانني فأبعده الله قال و نادته أم كلثوم.

يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال إنما قتلت أباك قالت يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس قال لها فأراك إنما تبكين على علي إذا و الله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم فأخرج من بين يدي أمير المؤمنين (علیه السلام) و إن الناس ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع و هم يقولون يا عدو الله ماذا فعلت أهلكت أمة محمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و قتلت خير الناس و إنه لصامت ما ينطق.

فذهب به إلى الحبس و جاء الناس إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) فقالوا له يا أمير المؤمنين أمرنا بأمرك في عدو الله فقد أهلك الأمة و أفسد الملة فقال أمير المؤمنين (علیه السلام) إن عشت رأيت فيه رأيي و إن هلكت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) اقتلوه ثم أحرقوه بالنار بعد ذلك قال فلما قضى أمير المؤمنين (علیه السلام) نحبه و فرغ أهله من دفنه جلس الحسن هو أمر أن يؤتى بابن ملجم لعنه الله فجيء به.

فلما وقف بين يديه قال له يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين و أعظمت الفساد في الدين ثم أمر به فضرب عنقه و استوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته لتتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار و أما الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم في العقد على قتل معاوية و عمرو بن العاص.

فإن أحدهما ضرب معاوية و هو راكع فوقعت ضربته في أليتيه و نجا منها فأخذ وقتل في وقته و أما الآخر فإنه وافى عمرا في تلك الليلة و قد وجد علة فاستخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة

ص: 288

العامري فضربه بالسيف و هو يظن أنه عمرو و أخذ و أتي به عمرو فقتله و مات خارجة في يوم الثاني.

79- عنه روى الأصبغ بن نباتة قال خطبنا أمير المؤمنين (علیه السلام) في الشهر الذي قتل فيه فقال أتاكم شهر رمضان و هو سيد الشهور و أول السنة و فيه يدور رحى السلطان ألا و إنكم الحاج العام صفا واحدا و آية ذلك أني لست فيكم فهو ينعى بنفسه إلينا و نحن لا ندري.

80- عنه روي أنه لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن وليلة عند عبد الله بن جعفر فكان لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ليلة من الليالي ما لك لا تأكل فقال يأتيني أمر ربي و أنا خميص إنما هى ليلة أو ليلتان فأصيب (علیه السلام) في آخر الليل.

81- عنه روي أن عليا (علیه السلام) يقول لابنته أم كلثوم يا بنية إنني أراني قل ما أصحبكم قالت فكيف ذلك يا أبتاه قال إني رأيت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في منامي و هو يمسح الغبار عن وجهي و يقول يا علي لا عليك قضيت عليك قالت فما مكتنا إلا ثلاثا حتى ضرب تلك الليلة فصاحت أم كلثوم فقال يا بنية لا تفعلين فإني رأيت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يشير إلي بكفه و يقول يا علي إلينا فإن ما عندنا هو خير لك.

82- عنه روي أن أمير المؤمنين (علیه السلام) سهر في الليلة التي قتل في صبيحتها و لم يخرج لصلاة الليل على عادته فقالت له ابنته أم كلثوم ما هذا الذي أسهرك فقال إني مقتول لو قد أصبحت و أتاه ابن النباح فأذنه بالصلاة فمشى غير بعيد ثم رجع.

فقالت له أم كلثوم مر جعدة فليصل قال نعم مروا جعدة ليصلي ثم قال لا مفر من الأجل فخرج إلى المسجد فإذا هو بالرجل قد سهر ليلة كلها

ص: 289

يرصده فلما برد السحر نام فحركه أمير المؤمنين (علیه السلام) برجله و قال له الصلاة فقام إليه فضربه.

83- عنه روي في حديث آخر أن أمير المؤمنين (علیه السلام) سهر في تلك الليلة و أكثر الخروج و النظر إلى السماء و هو يقول و الله ما كذبت و لا كذبت و إنها الليلة التي وعدت بها ثم يعاود مضجعه فلما طلع الفجر شد إزاره و هو يقول:

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكا*** و لا تجزع من الموت إذا حل بواديكا

فلما خرج إلى صحن الدار استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردوهن فقال دعوهن فإنهن صوايح تتبعها نوائح ثم خرج فأصيب (علیه السلام).

84- عنه روي أن أمير المؤمنين (علیه السلام) لما حضرته الوفاة قال للحسن و الحسين (علیهما السلام) إذا أنا مت فاحملاني على سرير ثم أخرجاني و احملا مؤخر السرير فإنكما تكفيا مقدمه ثم أتيا بي الغريين فإنكما ستريان صخرة بيضاء فاحتفروا فيها فإنكما تجدان فيها شيئا فادفناني فيه قال فلما مات أخرجنا و جعلنا نحمل بمؤخر السرير و يكفي مقدمه و جعلنا نسمع دويا و حفيفا حتى أتينا الغريين.

فإذا صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها مما ادخرها نوح لعلي بن أبي طالب (علیه السلام) فدفناه فيها و انصرفنا و نحن مسرورون بإكرام الله لأمير المؤمنين (علیه السلام) فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه فأخبرناهم بما جرى و بإكرام الله لأمير المؤمنين (علیه السلام) فقالوا نحب أن نعاين من أمره ما عاينتم فقلنا لهم إن الموضع قد عني أثره بوصية منه (علیه السلام) فمضوا إنهم احتفروا فلم يروا شيئا.

ص: 290

و قال الباقر (علیه السلام) دفن أمير المؤمنين (علیه السلام) بناحية الغريين و دفن قبل طلوع الفجر و دخل قبره الحسن و الحسين و محمد بنو علي (علیه السلام) و عبد الله بن جعفر

85- عنه روي أنه لما ضربه ابن ملجم عليه لعائن الله قال للحسن و الحسين (علیهما السلام) أوصيكما بتقوى الله و أن لا تبغيا الدنيا و لا تأسفا على شيء منها زوي عنكما و قولا بالحق و اعملوا للآخرة و كونا للظالم خصما و للمظلوم عونا أوصيكما و جميع ولدي و أهلي و من بلغه كتابي بتقوى الله و نظم أمركم. و صلاح ذات بينكم.

فإني سمعت جدكما(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم و لا تضيعوا بحضرتكم الله الله في جيرانكم فإنه وصية نبيكم ما زال يوصي بهم حتى ظننت أنه سيورثهم الله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم الله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم.

الله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا الله الله في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم في سبيل الله و عليكم بالتواصل و التباذل و إياكم و التدابر و التقاطع لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولي عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة و لا يمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول إياكم و المثلة و لو بالكلب العقور قال الشاعر في أمر قطام التي استدعت ابن ملجم إلى قتل أمير

ص: 291

المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام).

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** کمهر قطام من فصيح و أعجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المصمصم

فلا مهر أغلى من علي و إن غلى*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

86- عنه روي أنه لما ضربه ابن ملجم قال (علیه السلام) أطعموه و اسقوه و أحسنوا إساره و إن أصح فأنا ولي دمي إن شئت أعفو و إن شئت استقدت منه و إن أنا هلكت فبدا لكم أن تقتلوه فلا تمثلوا به

87- عنه قال جعفر بن محمد الصادق (علیهما السلام) لما قتل أمير المؤمنين (علیه السلام) قال صعصعة بن صوحان:

ألا من لي بنشرك يا أخيا*** و من لي أن أبثك ما أريا

طوتك خطوب دهر قد تولى*** كذاك خطوبه نشرا و طيا

و كانت في حياتك لي عظات*** و أنت اليوم أوعظ منك حيا

و قال أبو الأسود الدولي في مقتله (علیه السلام) و قيل لأروى بنت أبي سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب:

ألا أبلغ معاوية بن حرب*** فلا قرت عيون الشامتينا

أفي الشهر الحرام فجعتمونا*** بخير الناس طرا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا*** و أكرمهم و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاها*** و من قرأ المثاني و المبينا

إذا استقبلت وجه أبي حسين*** رأيت البدر راع الناظرينا

ص: 292

لقد علمت قريش حيث كانت*** بأنك خيرهم حسبا و دينا

88- عنه قال حبيب بن عمرو دخلت على أمير المؤمنين (علیه السلام) في مرضه الذي قبض فيه فحل عن جراحه فقلت يا أمير المؤمنين ما جرحك هذا بشيء و ما بك من بأس فقال يا حبيب أنا و الله مفارقكم الساعة قال فبكيت عند ذلك و بكت أم كلثوم و كانت قاعدة عنده فقال لها ما يبكيك يا بنية فقالت ذكرت يا أبت إنك تفارقنا الساعة فبكيت فقال لها يا بنية لا تبكين.

فو الله لو ترين ما يرى أبوك ما بكيت قال حبيب فقلت له و ما الذي ترى يا أمير المؤمنين قال يا حبيب أرى ملائكة السماوات و النبيين بعضهم في أثر بعض وقوفا إلي يتلقوني و هذا أخي محمد رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) جالس عندي يقول اقدم فإن أمامك خير لك مما أنت فيه قال فما خرجت من عنده حتى توفي.

فلما كان الغد و أصبح الحسن (علیه السلام) قام خطيبا على المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس في هذه الليلة نزل القرآن و في هذه الليلة رفع عيسى ابن مريم (علیه السلام) و في هذه الليلة قتل يوشع بن نون و في هذه الليلة قتل أبي أمير المؤمنين (علیه السلام).

و الله لا يسبق أبي أحد كان قبله من الأوصياء إلى الجنة و لا من يكون بعده و كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ليبعثه في السرية فيقاتل جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه كان يجمعها ليشتري بها خادما لأهله.

89- عنه كانت إمامة أمير المؤمنين (علیه السلام) بعد النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثلاثين سنة منها أربع و عشرون سنة و أشهر ممنوعا من التصرف مستعملا للتقية و

ص: 293

المداراة و منها خمس سنين و أشهر ممتحنا بجهاد الناكثين و القاسطين و المارقين. و النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) كان بمكة كذلك ممنوعا.

ثم هاجر فتمكن من الجهاد لأعدائه و كانت سن أمير المؤمنين ثلاثا و ستين سنة و لم يزل قبره (علیه السلام) مخفيا بوصية منه لما علم من دولة بني أمية من بعده و اعتقادهم عداوته حتى دخل عليه الصادق (علیه السلام) في الدولة العباسية فعرفته الشيعة و استأنفوا إدراك زيارته (علیه السلام).

90- قال ورام بن أبي فراس حدثنا محمد بن الحسن القصباني عن إبراهيم بن محمد بن مسلم الثقفي قال حدثنا عبد الله بن بلج المنقري عن شريك عن جابر عن أبي حمزة اليشكري عن قدامة الأودي عن إسماعيل بن عبد الله الصلعي و كانت له صحبة قال لما كثر الاختلاف بين أصحاب رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و قتل عثمان بن عفان تخوفت على نفسي الفتنة فاعتزمت على اعتزال الناس فتنحيت إلى ساحل البحر.

فأقمت فيه حينا لا أدري ما فيه الناس معتزلا لأهل الهجر و الإرجاف فخرجت من بيتي لبعض حوائجي و قد هدأ الليل و نام الناس فإذا أنا برجل على ساحل البحر يناجي ربه و يتضرع إليه بصوت شجي و قلب حزين فنضت إليه و أصغيت إليه من حيث لا يراني فسمعته يقول: يا حسن الصحبة يا خليفة النبيين يا أرحم الراحمين البديء البديع الذي ليس مثلك شيء و الدائم غير الغافل و الحي الذي لا يموت أنت كل يوم في شأن أنت خليفة محمد و ناصر محمد و مفضل محمد أنت الذي أسألك محمد و خليفة محمد و القائم بالقسط بعد محمد اعطف عليه أن تنصر وصي بنصر أو توفاه برحمة قال:

ثم رفع رأسه و قعد مقدار التشهد ثم إنه سلم فيما أحسب تلقاء وجهه

ص: 294

ثم مضى فمشى على الماء فناديته من خلفه كلمني يرحمك الله فلم يلتفت و قال الهادي خلفك فاسأله عن أمر دينك فقلت من هو يرحمك الله فقال وصي محمد من بعده فخرجت متوجها إلى الكوفة فأمسيت دونها فبت قريبا من الحيرة.

فلما أجنني الليل إذا أنا برجل قد أقبل حتى استتر برابية ثم صف قدميه فأطال المناجاة و كان فيما قال:

اللهم إني سرت فيهم ما أمرني رسولك و صفيك فظلموني فقتلت المنافقين كما أمرتني فجهلوني و قد مللتهم و ملوني و أبغضتهم و أبغضوني و لم تبق خلة أنتظرها إلا المرادي اللهم فعجل له الشقاوة و تغمدني بالسعادة.

اللهم قد وعدني نبيك أن تتوفاني إليك إذا سألتك اللهم و قد رغبت إليك في ذلك ثم مضى فقفوته فدخل منزله فإذا هو علي بن أبي طالب (علیه السلام) قال فلم ألبث إذ نادى المنادي بالصلاة فخرج و اتبعته حتى دخل المسجد فعممه ابن ملجم لعنه الله بالسيف.

91- عنه عن لما احتضر أمير المؤمنين (علیه السلام) جمع بنيه حسنا و حسینا و محمد بن الحنفية و الأصاغر من ولده فوصى لهم و كان في آخر وصيته يا بني عاشروا الناس عشرة إن غبتم حنوا إليكم و إن فقدتم بكوا عليكم يا بني إن القلوب جنود مجندة تتلاحظ بالمودة و تتناجى بها و كذلك هي في البغض فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه فإذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه.

92- قال الاربلي: قال أبو المؤيد الخوارزمي رحمه الله في كتاب المناقب يرفعه إلى أبي سنان الدولي أنه عاد عليا في شكوى اشتكاها قال فقلت له لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه فقال لكني و الله

ص: 295

ما تخوفت على نفسي لأني سمعت رسول الله الصادق المصدق (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول إنك ستضرب ضربة هاهنا و أشار إلى صدغيه فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك و يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشق نمود.

93- عنه من المناقب مرفوعا إلى إسماعيل بن راشد قال كان من حديث ابن ملجم لعنه الله و أصحابه أن عبد الرحمن بن ملجم و البرك بن عبد الله التميمي و عمرو بن بكر التميمي اجتمعوا بمكة فذكروا أمر الناس و عابوا على ولاتهم ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم و قالوا.

و الله ما نصنع بالحياة بعدهم شيئا و قالوا إخواننا الذين كانوا دعاة الناس إلى عبادة ربهم الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد و ثأرنا بهم إخواننا فقال ابن ملجم أنا أكفيكم أمر علي بن أبي طالب و كان من أهل مصر و قال البرك بن عبد الله أنا أكفيكم معاوية بن أبي سفيان.

و قال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا و توافقوا الله لا ينكل الرجل عن صاحبه الذي وجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه فأخذوا أسيافهم فسموها و اتعدوا لتسع عشرة ليلة من رمضان يثب كل واحد منهم إلى صاحبه الذي توجه إليه فأقبل كل واحد إلى المصر الذي فيه صاحبه.

فأما ابن ملجم المرادي فخرج فلقي أصحابه بالكوفة فكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئا من أمره فرأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب و كان علي القتل منهم يوم النهروان عددا فذكروا قتلاهم و لقي من يومه ذلك امرأة منهم يقال لها قطام و كان علي(علیه السلام) قتل أباها و أخاها و كانت فائقة الجمال فلما رآها التبس عقله فنسي حاجته التي جاء لها فخطبها.

ص: 296

فقالت لا أتزوجك حتى تشتفي لي قال و ما تشاءين قالت ثلاثة آلاف و عبدا و قينة و قتل علي بن أبي طالب قال هو مهرك فأما قتل علي فلا أراك تدركينه و لكن أضربه ضربة قالت فالتمس غرته فإن أصبته انتفعت بنفسك و نفسي و إن هلكت فما عند الله خير و أبقى لك من الدنيا و زبرج أهلها.

فقال و الله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب قالت فإذا أدركت ذلك فإني أطلب لك من يشد ظهرك و يساعدك على أمرك فبعثت إلى رجل من أهلها من تيم الرباب يقال له وردان فكلمته فأجابها و جاء ابن ملجم رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة فقال له هل لك في شرف الدنيا و الآخرة قال و ما ذاك قال قتل علي بن أبي طالب.

قال: ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إذا كيف تقدر على ذلك قال أكمن له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فإن نجونا شفيت أنفسنا و أدركنا ثأرنا و إن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا فقال له ويحك لو كان غير علي كان أهون علي قد عرفت بلاؤه في الإسلام و سابقته مع النبی(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و ما أجدني أنشرح لهذا.

قال ألم تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد المصلين قال بلى قال فنقتله بمن قتل من إخواننا.

فأجابه فجاءوا حتى دخلوا على قطام و هي في المسجد الأعظم معتكفة فيه فقالوا لها قد أجمع رأينا على قتل علي بن أبي طالب قالت فإذا أردتم ذلك فأتوني ثم عادوا ليلة الجمعة التي قتل علي في صبيحتها سنة أربعين فقال هذه الليلة التي وعدت فيها صاحبي أن يقتل كل واحد منا صاحبه.

ص: 297

فأخذوا أسيافهم و جلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي فلما خرج شد علیه شبیب فضربه بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب أو بالطاق و ضربه ابن ملجم بالسیف و هرب وردان فدخل منزله و دخل عليه رجل من بني أمية و رأى سيفه.

فسأله فعرفه فقتله و خرج شبيب نحو أبواب كندة فلقيه رجل من حضرموت و في يد شبيب السيف فقبض عليه الحضرمي و أخذ سيفه فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه و سيف شبيب في يده خاف على نفسه فتركه فنجا في غمار الناس.

فشدوا على ابن ملجم فأخذوه و شد عليه رجل من همدان فضرب رجله فصرعه و تحامل علي (علیه السلام) فصلى بالناس الغداة و قال علي بالرجل فأدخل عليه فقال أي عدو الله ألم أحسن إليك قال بلى قال فما حملك على هذا قال شحذته أربعين صباحا و سألت الله أن يقتل به شر خلقه قال علي فلا أراك إلا مقتولاً به و ما أراك إلا من شر خلق الله عز وجل.

94- عنه فذكروا أن محمد بن حنيف قال و الله إني لأصلي تلك الليلة في رجال كثير من المصر قريبا من السدة من أول الليل إلى آخره إذ خرج الصلاة الغداة فجعل ينادي أيها الناس الصلاة الصلاة فنظرت إلى بريق السيوف و سمعت قائلا يقول الحكم لله لا لك يا علي و لا لأصحابك فرأيت سيفا.

ثم رأيت ثانيا و سمعت عليا يقول لا يفوتنكم الرجل و شد عليه الناس من كل جانب فلم أبرح حتى أخذ و أدخل على علي فدخلت فسمعت عليا يقول النفس بالنفس فإن هلكت فاقتلوه كما قتلني فإن بقيت رأيت فيه رأيي

ص: 298

و دخل الناس على الحسن فزعين و ابن ملجم مكتوف بين يديه فنادت أم كلثوم بنت علي أي عدو الله إنه لا بأس على أمير المؤمنين و الله مخزيك فقال لعنه الله على ما تبكين إذا و الله لقد اشتريته بألف و سممته بألف و لو كانت هذه الضربة بجميع أهل المصر ما بقي منهم أحد.

95- عنه قال و دعا على حسنا و حسینا (علیهما السلام) فقال أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و إن بغتكما و لا تبكيا على شيء زوي عنكما و قولا بالحق و ارحما اليتيم و أعينا الضائع و اصنعا للأخرى و كونا للظالم خصما و للمظلوم ناصرا اعملا بما في كتاب الله و لا تأخذكما في الله لومة لائم.

96- في البحار عن أبي طاهر المقلد بن غالب عن رجاله بإسناده المتصل إلى علي بن أبي طالب (علیه السلام) و هو ساجد يبكي حتى علا نحيبه و ارتفع صوته بالبكاء فقلنا يا أمير المؤمنين لقد أمرضنا بكاؤك و أمضنا و شجانا و ما رأيناك قد فعلت مثل هذا الفعل قط فقال كنت ساجدا أدعو ربي بدعاء الخيرات في سجدتي فغلبني عيني فرأيت رؤيا هالتني و فضعتني.

رأيت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قائما و هو يقول يا أبا الحسن طالت غيبتك فقد اشتقت إلى رؤياك و قد أنجز لي ربي ما وعدني فيك فقلت يا رسول الله و ما الذي أنجز لك في قال أنجز لي فيك و في زوجتك و ابنيك و ذريتك في الدرجات العلى في عليين قلت بأبي أنت و أمي يا رسول الله فشيعتنا.

قال شيعتنا معنا و قصورهم بحذاء قصورنا و منازلهم مقابل منازلنا قلت يا رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فما لشيعتنا في الدنيا قال الأمن و العافية قلت فما هم عند الموت قال يحكم الرجل في نفسه و يؤمر ملك الموت بطاعته قلت فما لذلك حد يعرف.

قال بلى إن أشد شيعتنا لنا حبا يكون خروج نفسه كشراب أحدكم

ص: 299

في يوم الصيف الماء البارد الذي ينتقع به القلوب و إن سائرهم ليموت كما يغبط أحدكم على فراشه كأقر ما كانت عينه بموته.

97- عنه روي أنه جرح عمرو بن عبد ود رأس علي (علیه السلام) يوم الخندق فجاء إلى رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) شده و نفث فيه فبرأ و قال أين أكون إذا خضبت هذه من هذه.

98- عنه عن كتاب تذكرة الخواص ليوسف الجوزي قال أحمد في الفضائل قال قال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يا علي أتدري من أشقی الأولين و الآخرين قلت الله و رسوله أعلم قال من يخضب هذه من هذه يعني لحيته من هامته.

99- عنه قال الزهري كان أمير المؤمنين (علیه السلام) يستبطى القاتل فيقول متى يبعث أشقاها و قال قدم وفد من الخوارج من أهل البصرة فيهم رجل يقال له الجعد بن نعجة فقال له يا علي اتق الله فإنك ميت فقال له بل أنا مقتول بضربة على هذا فتخضب هذه يعني لحيته من رأسه عهد معهود و قضاء مقضي «وَ قَدْ خَابَ مَنِ افْتَرى».

100- عنه عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري و كان أبو فضالة من أهل بدر قتل بصفين مع أمير المؤمنين (علیه السلام) قال فضالة خرجت مع أبي فضالة عائدا أمير المؤمنين (علیه السلام) من مرض أصابه بالكوفة فقال له أبي ما يقيمك هاهنا بين أعراب جهينة تحمل إلى المدينة فإن أصابك أجلك وليك أصحابك و صلوا عليك فقال إن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) عهد إلي أن لا أموت حتى تخضب هذه من هذه أي لحيته من هامته.

101- عنه ذكر ابن سعد في الطبقات أن أمير المؤمنين (علیه السلام) لما جاء ابن ملجم و طلب منه البيعة طلب منه فرسا أشقر فحمله عليه فركبه فأنشد

ص: 300

أمير المؤمنين أريد حباءه البيت.

102- عنه عن محمد بن عبيدة قال قال أمير المؤمنين (علیه السلام) ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلني اللهم إني قد سئمتهم و سئموني فأرحهم مني و أرحني منهم قالوا يا أمير المؤمنين أخبرنا بالذي يخضب هذه من هذه نبيد عشيرته فقال إذا و الله تقتلون بي غير قاتلي.

103- عنه عن أبي محمد عن عمران بن موسى عن إبراهيم بن مهزيار عن محمد بن عبد الوهاب عن إبراهيم بن أبي البلاد عن ابيه عن بعض أصحاب أمير المؤمنين (علیه السلام) قال دخل عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله على أمير المؤمنين (علیه السلام) في وفد مصر الذي أوفدهم محمد بن أبي بكر و معه كتاب الوفد قال فلما مر باسم عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله قال أنت عبد الرحمن لعن الله عبد الرحمن.

قال نعم يا أمير المؤمنين أما و الله يا أمير المؤمنين إني لأحبك قال كذبت و الله ما تحبني ثلاثا قال يا أمير المؤمنين أحلف ثلاثة أيمان أني أحبك و تحلف ثلاثة أيمان أني لا أحبك قال ويلك أو ويحك إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فأسكنها الهواء.

فما تعارف منها هنالك ائتلف في الدنيا و ما تناكر منها هناك اختلف في الدنيا و إن روحي لا تعرف روحك قال فلما ولى قال إذا سركم أن تنظروا إلى قاتلي فانظروا إلى هذا قال بعض القوم أو لا تقتله أو قال نقتله فقال ما أعجب من هذا تأمروني أن أقتل قاتلي لعنه الله.

104- عنه عن أحمد بن الحسن عن ابن أسباط يرفعه إلى أمير المؤمنين (علیه السلام) قال دخل أمير المؤمنين (علیه السلام) الحمام فسمع صوت الحسن و الحسين (علیهما السلام) قد علا فقال لهما ما لكما فداكما أبي و أمي فقالا اتبعك هذا

ص: 301

الفاجر فظننا أنه يريد أن يضرك قال دعاه و الله ما أطلق إلا له.

105- عنه عن فرحة الفرى رأيت في كتاب عن حسن بن الحسين بن طحال المقدادي قال روى الخلف عن السلف عن ابن عباس أن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

قال لعلي (علیه السلام): يا علي إن الله عز و جل عرض مودتنا أهل البيت على السماوات و الأرض فأول من أجاب منها السماء السابعة فزينها بالعرش و الكرسي ثم السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور ثم السماء الدنيا فزينها بالنجوم.

ثم أرض الحجاز فشرفها بالبيت الحرام ثم أرض الشام فزينها ببيت المقدس ثم أرض طيبة فشرفها بقبري ثم أرض كوفان فشرفها بقبرك يا علي. فقال له يا رسول الله أقبر بكوفان العراق فقال نعم يا علي تقبر بظاهرها قتلا بين الغربين و الذكوات البيض.

يقتلك شقي هذه الأمة عبد الرحمن بن ملجم فو الذي بعثني بالحق نبيا ما عاقر ناقة صالح عند الله بأعظم عقابا منه يا علي ينصرك من العراق مائة ألف سيف.

106- عنه عن الخرائج من معجزاته (علیه السلام) ما روي عن حنان بن سدير عن رجل من مزينة قال كنت جالسا عند علي (علیه السلام) فأقبل إليه قوم من مراد و معهم ابن ملجم قالوا يا أمير المؤمنين طرأ علينا و لا و الله ما جاءنا زائرا و لا منتجعا و إنا لنخافه عليك فاشدد يدك به فقال له على (علیه السلام).

اجلس فنظر في وجهه طويلا ثم قال أرأيتك إن سألتك عن شيء و عندك منه علم هل أنت مخبري عنه قال نعم و حلفه عليه فقال أكنت تراضع الغلمان و تقوم عليهم فكنت إذا جئت فرأوك من بعيد قالوا قد جاءنا

ص: 302

ابن راعية الكلاب قال:

اللهم نعم فقال له مررت برجل و قد أيفعت فنظر إليك و أحد النظر فقال أشقى من عاقر ناقة ثمود قال نعم قال قد أخبرتك أمك أنها حملت بك في بعض حيضها فتعتع هنيهة ثم قال نعم قد حدثتني بذلك و لو كنت كاتما شيئا لكتمتك هذه المنزلة.

فقال له علي (علیه السلام) قم فقام ثم قال سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول إن قاتلك شبه اليهودي بل هو يهودي.

107- عنه قال منها ما تواترت به الروايات من نعيه نفسه قبل موته و أنه يخرج من الدنيا شهيدا من قوله و الله ليخضبنها من فوقها يومى إلى شيبته ما يحبس أشقاها أن يخضبها بدم و قوله أتاكم شهر رمضان و فيه تدور رحى السلطان ألا و إنكم حاجو العام صفا واحدا و آية ذلك أني لست فيكم و كان يفطر في هذا الشهر ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد الله بن جعفر زوج زينب بنته لأجلها.

لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ذلك فقال يأتيني أمر الله و أنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب من الليل و قد توجه إلى المسجد في ليلة ضربه الشقي في آخرها فصاح الإوز في وجهه و طردهن الناس فقال دعوهن فإنهن نوائح

108- عنه عن كتاب الذخيرة جرح أمير المؤمنين (علیه السلام) لتسع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة أربعين و توفي في ليلة الثاني و العشرين منه.

و في كتاب عتيق ليلة الأحد لسبع بقين من شهر رمضان سنة أربعين. في مواليد الأئمة ليلة الأحد لتسع بقين من شهر رمضان.

ص: 303

في كتاب أسماء حجج الله قبض في إحدى و عشرين ليلة من رمضان في عام الأربعين

109- عنه في تاريخ المفيد في ليلة إحدى و عشرين من رمضان سنة أربعين من الهجرة وفاة أمير المؤمنين (علیه السلام) و قيل يوم الإثنين لتسع عشرة من رمضان إحدى و أربعين دفن بالغري و عمره ثلاث و ستون سنة كان مقامه مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بعد البعثة ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة مشاركا له في محنه كلها محتملا عنه أثقاله و عشر سنين بعد الهجرة بالمدينة.

يكافح عنه المشركين و يجاهد دونه الكافرين و يقيه بنفسه فمضى (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و لأمير المؤمنين ثلاث و ثلاثون سنة و كانت إمامته (علیه السلام) ثلاثون سنة منها أربع و عشرون سنة ممنوع من التصرف للتقية و المداراة و منها خمس سنين و أشهر ممتحنا بجهاد المنافقين.

و قيل مدة ولايته أربع سنين و تسعة أشهر و قيل عمره أربع و ستون سنة و أربعة شهور و عشرون يوما و قيل قتل (علیه السلام) في شهر رمضان لتسع مضين منه و قيل لتسع بقين منه ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة.

110- عنه اختلف في الليلة التي استشهد فيها أحدها آخر الليلة السابعة عشرة من شهر رمضان صبيحة الجمعة بمسجد الكوفة قاله ابن عباس الثاني ليلة إحدى و عشرين من رمضان فبقي الجمعة ثم يوم السبت و توفي ليلة الأحد قاله مجاهد و الثالث أنه قتل في الليلة السابعة و العشرين من شهر رمضان قاله الحسن البصري و هي ليلة القدر و فيها عرج بعيسى ابن مريم (علیه السلام) و فيها توفي يوشع بن نون و هذا أشهر.

111- عنه عن المفيد عن محمد بن عمر الجعابي عن ابن عقدة عن موسى بن يوسف القطان عن محمد بن سليمان المقري عن عبد الصمد بن

ص: 304

علي النوفلي عن أبي إسحاق السبيعي عن الأصبغ بن نباتة قال لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) عدونا نفر من أصحابنا أنا و الحارث و سويد بن غفلة و جماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء فبكينا

فخرج إلينا الحسن بن علي (علیه السلام) فقال يقول لكم أمير المؤمنين (علیه السلام) انصرفوا إلى منازلكم فانصرف القوم غيري فاشتد البكاء من منزله فبكيت و خرج الحسن (علیه السلام) و قال ألم أقل لكم انصرفوا فقلت لا و الله يا ابن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لا يتابعني نفسي و لا يحملني رجلي أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

قال فبكيت و دخل فلم يلبث أن خرج فقال لي ادخل فدخلت على أمير المؤمنين (علیه السلام) فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف و اصفر وجهه ما أدري وجهه أصفر أو العمامة فأكببت عليه فقبلته و بكيت فقال لي لا تبك يا أصبغ فإنها و الله الجنة.

فقلت له جعلت فداك إني أعلم و الله أنك تصير إلى الجنة و إنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فإني أراك لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا.

قال نعم يا أصبغ دعاني رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يوما فقال لي يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي ثم تصعد منبري ثم تدعو الناس إليك فتحمد الله تعالى و تثني عليه و تصلي علي صلاة كثيرة ثم تقول أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم و هو يقول لكم.

إن لعنة الله و لعنة ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و لعنتي على من انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره فأتيت

ص: 305

مسجده(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و صعدت منبره فلما رأتني قريش و من كان في المسجد أقبلوا نحوي

فحمدت الله و أثنيت عليه و صليت على رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) صلاة كثيرة ثم قلت أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم و هو يقول لكم ألا إن لعنة الله و لعنة ملائكته المقربين و أنبيائه المرسلين و لعنتي إلى من انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره.

قال فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب فإنه قال قد أبلغت يا أبا الحسن و لكنك جئت بكلام غير مفسر فقلت أبلغ ذلك رسول الله فرجعت إلى النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فأخبرته الخبر فقال ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري فاحمد الله و أثن عليه و صل علي.

ثم قل أيها الناس ما كنا لنجيئكم بشيء إلا و عندنا تأويله و تفسيره ألا و إني أنا أبوكم ألا و إني أنا مولاكم ألا و إني أنا أجيركم.

112- عنه بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين (علیهما السلام) قال لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) كان معه آخر فوقعت ضربته على الحائط و أما ابن ملجم فضربه فوقعت الضربة و هو ساجد على رأسه على الضربة التي كانت

فخرج الحسن و الحسين (علیهما السلام) و أخذا ابن ملجم و أوثقاه و احتمل أمير المؤمنين (علیه السلام) فأدخل داره فقعدت لبابة عند رأسه و جلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر إليهما فقال الرفيق الأعلى خير مستقرا و أحسن مقيلا ضربة بضربة أو العفو إن كان ذلك ثم عرق ثم أفاق فقال رأيت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يأمرني بالرواح إليه عشاء ثلاث مرات.

113- ابن ابي شيبة حدثنا حسين بن علي عن سفيان قال سمعت

ص: 306

الهذلي سأل جعفر كم كان لعلي حين هلك؟ قال: قتل و هو ابن ثمان و خمسين و مات لها الحسن و قتل الحسين.

114- قال ابن سعد: أخبرنا الفضل بن دكين أبو نعيم عن؛ فطر بن خليفة قال حدثني أبو الطفيل قال دعا على الناس إلى البيعة فجاء عبدالرحمن بن ملجم المرادى فرده مرتين ثم اتاه فقال ما يحبس اشقاها لتخضين أو لتصبغن هذه من هذا یعنی لحيته من رأسه ثم تمثل بهذين البيتين:

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيك

و لا تجزع من القتل*** إذا حل بواديك

115- قال محمد بن سعد و زادنى غير أبي نعيم في هذا الحديث بهذا الإسناد عن علي بن أبي طالب و الله انه لعهد النبي الامي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إلى.

116- عنه أخبرنا أبو اسامة حماد بن اسامة عن يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين، قال علي بن أبي طالب للمرادي.

أريد حباءه و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

117- عنه أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن عمارة بن أبي حفصة عن أبي مجلز قال: جاء رجل من مراد إلى علي و هو يصلي في المسجد فقال: احترس فإن ناسا من مراد يريدون قتلك. فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه مما لم يقدر فإذا جاء القدر خليا بينه و بينه و إن الأجل جنة حصينة.

118- عنه قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسان عن محمد عن عبيدة قال: قال علي: ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلني؟

اللهم قد سئمتهم و سئموني فأرحهم مني و أرحني منهم.

ص: 307

119- عنه قال: أخبرنا وكيع بن الجراح. قال أخبرنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع قال: سمعت عليا يقول: لتخضين هذه من هذه فما ينتظر بالأشقی. قالوا: يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نبير عترته. فقال: إذا و الله تقتلوا بي غير قاتلي قالوا: فاستخلف علينا. فقال: لا و لكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) قالوا: ما تقول لربك إذا أتيته؟ قال: أقول اللهم تركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم.

120- عنه قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا إسرائيل عن سنان بن حبيب عن نبل بنت بدر عن زوجها قال سمعت عليا يقول لتخضين هذه من هذا يعني لحيته من رأسه.

121- عنه قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال أخبرنا قال أخبرنا موسى بن عبيدة عن أبي بكر بن عبيد الله بن أنس أو أيوب بن خالد أو كليهما. أخبرنا عبيد الله أن النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لعلي يا علي من أشقى الأولين و الآخرين؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: أشقی الأولين عاقر الناقة. و أشقى الآخرين الذي يطعنك يا علي. و أشار إلى حيث يطعن.

122- عنه قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا سليمان بن القاسم الثقفي قال: حدثتني أمي عن أم جعفر سرية علي قالت: إني لأصب على يديه الماء إذ رفع رأسه فأخذ بلحيته فرفعها إلى أنفه فقال: واها لك لتخضبن بدم، قالت فأصيب يوم الجمعة.

123- عنه قال: أخبرنا خالد بن مخلد و محمد بن الصلت قالا: أخبرنا الربيع بن المنذر عن أبيه عن ابن الحنفية قال: دخل علينا ابن ملجم الحمام و أنا و حسن و حسين جلوس في الحمام. فلما دخل كأنهما اشمأزا منه و قالا:

ما أجرأك تدخل علينا؟

ص: 308

قال فقلت لهما دعاه عنكما فلعمري ما يريد بكما أحشم من هذا. فلما كان يوم أتي به أسيرا قال ابن الحنفية ما أنا اليوم بأعرف به مني يوم دخل علينا الحمام. فقال علي: إنه أسير فأحسنوا نزله و أكرموا مثواه فإن بقيت قتلت أو عفوت و إن مت فاقتلوه قتلتى و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.

124- عنه قال: أخبرنا جرير عن مغيرة عن قثم مولى لابن عباس قال: كتب علي في وصيته إلى أكبر ولدي غير طاعن عليه في بطن و لا فرج

125- عنه قالوا: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج عبد الرحمن بن ملجم المرادي. و هو من حمير و عداده في مراد. و هو حليف بني جبلة من كندة. و البرك بن عبد الله التميمي. و عمرو بن بكير التميمي. فاجتمعوا بمكة و تعاهدوا و تعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفیان و عمرو بن العاص و يريحن العباد منهم.

فقال عبد الرحمن بن ملجم أنا لكم بعلي بن أبي طالب. و قال البرك: و أنا لكم بمعاوية. و قال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص. فتعاهدوا على ذلك و تعاقدوا و تواثقوا لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سمي و يتوجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه. فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من شهر رمضان.

ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة فلق أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد. و كان یزورهم و يزورونه فزار يوما نفرا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب و كان علي قتل أباها و أخاها يوم نهروان فأعجبته فخطبها.

ص: 309

فقالت: لا أتزوجك حتى تسمي لي. فقال: لا تسألينني شيئا إلا أعطيتك. فقالت: ثلاثة آلاف و قتل علي بن أبي طالب. فقال: و الله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب و قد آتيتك ما سألت. و لقی عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد و دعاه إلى أن يكون معه،

فأجابه إلى ذلك. و بات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى كاد أن يطلع الفجر. فقال له الأشعث: فضحك الصبح فقم. فقام عبد الرحمن بن ملجم و شبیب بن بجرة فأخذا أسيافهما.

ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي قال الحسن بن علي: و أتيته سحرا فجلست إليه فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي فملكتني عيناي و أنا جالس فسنح لي رسول الله فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود و اللدد. فقال لي: ادع الله عليهم. فقلت:

اللهم أبدلني بهم خيرا لي منهم و أبدلهم شرا لهم مني. و دخل ابن النباح المؤذن على ذلك فقال: الصلاة. فأخذت بيده فقام يمشي و ابن النباح بين يديه و أنا خلفه. فلما خرج من الباب نادى: أيها الناس الصلاة الصلاة. كذلك كان يفعل في كل يوم يخرج و معه درته يوقظ الناس.

فاعترضه الرجلان. فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف و سمعت قائلا يقول: لله الحكم يا علي لا لك، ثم رأيت سيفا ثانيا فضربا جميعا فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه و وصل دماغه. و أما سيف شبيب فوقع في الطاق. و سمعت عليا يقول:

لا يفوتنكم الرجل. و شد الناس عليهما من كل جانب. فأما شبيب

ص: 310

فأفلت. و أخذ عبد الرحمن بن ملجم فأدخل على علي. فقال: أطيبوا طعامه و ألينوا فراشه فإن أعش فأنا أولى بدمه عفوا و قصاصا و إن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين.

فقالت أم كلثوم بنت علي يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال: ما قتلت إلا أباك. قالت: فو الله إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس. قال: فلم تبكين إذا؟ ثم قال: و الله لقد سممته شهرا. يعني سيفه. فإن أخلفني فأبعده الله و أسحقه. و بعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي عليه السلام.

فقال: أي بني انظر كيف أصبح أمير المؤمنين: فذهب فنظر إليه ثم رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه. فقال الأشعث: عيني دميغ و رب الكعبة. قال و مكث علي يوم الجمعة و ليلة السبت.

و توفي (علیه السلام) ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين. و غسله الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر. و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص.

126- عنه قال: أخبرنا وكيع بن الجراح عن يحيى بن مسلم أبي الضحاك عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: و أخبرنا عبد الله بن نمير عن عبد السلام رجل من بني مسيلمة عن بيان عن عامر الشعبي قال: و أخبرنا عبد الله بن نمير عن سفيان عن أبي روق عن رجل قال و أخبرنا الفضل بن دكين قال أخبرنا خالد بن إلياس عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص.

قال و أخبرنا شبابة بن سوار الفزاري قال: أخبرنا قيس بن الربيع عن بيان عن الشعبي أن الحسن بن علي صلى على علي بن أبي طالب فكبر

ص: 311

عليه أربع تكبيرات و دفن علي بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة مما يلى أبواب كندة قبل أن ينصرف الناس من صلاة الفجر.

ثم انصرف الحسن بن علي من دفنه فدعا الناس إلى بيعته فبايعوه. و كانت خلافة علي أربع سنين و تسعة أشهر.

127- عنه قال: أخبرنا الفضل بن دكين عن شريك عن أبي إسحاق قال: توفي علي و هو يومئذ ابن ثلاث و ستين سنة.

128- عنه قال: أخبرنا محمد بن عمر قال أخبرنا علي بن عمر و أبو بكر بن أبي سبرة عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت محمد ابن الحنفية يقول سنة الجحاف حين دخلت إحدى و ثمانون هذه لي خمس و ستون سنة و قد جاوزت سن قد جاوزت سن أبي قلت و كم كانت سنه يوم قتل يرحمه الله؟ قال: ثلاثا و ستين سنة. قال محمد بن عمر: و هو الثبت عندنا.

129- عنه قال: أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي عن طلق الأعمى عن جدته قالت: كنت أنوح أنا و أم كلثوم بنت علي على علي(علیه السلام).

130- عنه قال: أخبرنا عبد الله بن نمير و عبيد الله بن موسى قالا: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: سمعت الحسن بن علي قام يخطب الناس فقال يا أيها الناس لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون و لا يدركه الآخرون. لقد كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرد حتى يفتح الله عليه. إن جبريل عن يمينه و ميكائيل عن يساره. ما ترك صفراء و لا بيضاء. إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما.

131- عنه قال: أخبرنا عبد الله بن نمير عن الأجلح عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم قال: لما توفي علي بن أبي طالب قام الحسن بن علي

ص: 312

فصعد المنبر فقال: أيها الناس قد قبض الليلة رجل لم يسبقه الأولون و لا يدركه الآخرون قد كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يبعثه المبعث.

فيكتنفه جبريل عن يمينه و ميكائيل عن شماله فلا ينثني حتى يفتح الله له. و ما ترك إلا سبعمائة درهم أراد أن يشتري بها خادما. و لقد قبض في الليلة التي عرج فيها بروح عيسى ابن مريم ليلة سبع و عشرين من رمضان.

132- عنه قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير عن حجاج عن أبي إسحاق عن عمرو بن الأصم قال: قيل للحسن بن علي إن ناسا من شيعة أبي الحسن علي (علیه السلام) يزعمون أنه دابة الأرض و أنه سيبعث قبل يوم القيامة. فقال: كذبوا ليس أولئك شيعته. أولئك أعداؤه. لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه و لا أنكحنا نساءه. قال ابن سعد هكذا قال عن عمرو بن الأصم.

133- عنه قال: أخبرنا أسباط بن محمد عن مطرف عن أبي إسحاق عن عمرو بن الأصم قال: دخلت على الحسن بن علي و هو في دار عمرو بن حريث فقلت له: إن ناسا يزعمون أن عليا يرجع قبل يوم القيامة. فضحك و قال سبحان الله لو علمنا ذلك ما زوجنا نساءه و لا ساهمنا ميراثه.

قالوا و كان عبد الرحمن بن ملجم في السجن. فلما مات علي رضوان الله عليه و رحمته و بركاته. و دفن بعث الحسن بن علي إلى عبد الرحمن بن ملجم فأخرجه من السجن ليقتله. فاجتمع الناس و جاؤوه بالنفط البواري و النار فقالوا نحرقه.

فقال عبد الله بن جعفر و حسين بن علي و محمد ابن الحنفية: دعونا حتى نشفي أنفسنا منه. فقطع عبد الله بن جعفر يديه و رجليه فلم يجزع و لم

ص: 313

يتكلم. فكحل عينيه بمسمار محمى فلم يجزع و جعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك بملمول مص. و جعل يقول:

«اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ» حتى أتى على آخر السورة كلها و إن عينيه لتسيلان. ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه فجزع. فقيل له: قطعنا يديك و رجليك و سملنا عينيك يا عدو الله فلم تجزع.

فلما صرنا إلى لسانك جزعت؟ فقال: ما ذاك مني من جزع إلا أني أكره أن أكون في الدنيا فواقا لا أذكر الله. فقطعوا لسانه ثم جعلوه في قوصرة و أحرقوه بالنار. و العباس بن علي يومئذ صغير فلم يستأن به بلوغه. و كان عبد الرحمن بن ملجم رجلا أسمر حسن الوجه أفلج شعره مع شحمة أذنيه. في جبهته أثر السجود.

قالوا و ذهب بقتل علي(علیه السلام) إلى الحجاز سفيان بن أمية بن أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس فبلغ ذلك عائشة فقالت:

فألقت عصاها و استقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر.

134- قال الدينورى عنه قالوا: و اجتمع في العام الذي قتل فيه على (علیه السلام) بالموسم عبد الرحمن ابن ملجم المرادى، و النزال بن عامر، و عبد الله بن مالك الصيداوى، و ذلك بعد وقعه النهر باشهر، فتذكروا ما فيه الناس من تلك الحروب، فقال بعضهم لبعض: ما الراحة الا في قتل هؤلاء النفر الثلاثة على بن ابى طالب و معاوية ابن ابي سفيان و عمرو بن العاص

فقال ابن ملجم على قتل على و قال النزال و على قتل معاوية و قال عبد الله و على قتل عمرو.

فاتعدوا لليلة واحده يقتلونهم فيها و اقبل عبد الرحمن حتى قدم

ص: 314

الكوفة، فخطب إلى قطام ابنتها الرباب، و كانت قطام تری رای الخوارج و قد كان على قتل أباها و أخاها و عمها يوم النهر، فقالت لابن ملجم: لا ازوجك الا على ثلاثة آلاف درهم و عبد و قينة، و قتل على ابن ابى طالب. فأعطاها ذلك و أملكها.

و كان ابن ملجم يجلس في مجلس تيم الرباب من صلاة الغداة إلى ارتفاع النهار و القوم يفيضون في الكلام، و هو ساكت، لا يتكلم بكلمة، للذي اجمع عليه من قتل علي (علیه السلام).

فخرج ذات يوم إلى السوق متقلدا سيفه فمرت به جنازة يشيعها اشراف العرب و معها القسيسون يقرءون الانجيل، فقال: ويحكم، ما هذا؟ فقالوا: هذا ابجر بن جابر العجلى مات نصرانيا و ابنه حجار بن ابجر سید بكر ابن وائل فاتبعها اشراف الناس لسؤدد ابنه و اتبعها النصارى لدينه.

فقال: و الله لو لا انى ابقى نفسي لامر هو اعظم عند الله من هذا لاستعرضتهم بسيفي فلما كانت تلك الليلة تقلد سيفه، و قد كان سمه، و قعد مغلسا ينتظر ان يمر به على (علیه السلام) مقبلا إلى المسجد لصلاة الغداة.

فبينا هو في ذلك إذ أقبل على، و هو ينادى الصلاة ايها الناس فقام اليه ابن ملجم فضربه بالسيف على راسه و أصاب طرف السيف الحائط فئلم فيه و دهش ابن ملجم فانكب لوجهه و بدر السيف من يده فاجتمع الناس فاخذوه، فقال الشاعر في ذلك:

و لم أر مهرا ساقه ذو سماحه*** كمهر قطام من فصيح و اعجم

ثلاثة آلاف و عبدا و قينة*** و ضرب على بالحسام المصمم

فلا مهر اغلى من على و ان غلا*** و لا فتك الا دون فتك ابن ملجم

و حمل على (علیه السلام) إلى منزله و ادخل عليه ابن ملجم فقالت له أم

ص: 315

كلثوم ابنه على: يا عدو الله اقتلت امير المؤمنين؟ قال: لم اقتل امير المؤمنين، و لكنى قتلت اباك.

قالت: اما و الله انى لأرجو الا يكون عليه باس قال: فعلا م تبكين إذن؟ اما و الله لقد سممت السيف شهرا فان اخلفني ابعده الله فلم يمس على (علیه السلام) يومه ذلك حتى مات رحمه الله و رضى عنه.

فدعا عبد الله بن جعفر بابن ملجم فقطع يديه و رجليه و سمل عينيه، فجعل يقول انك يا ابن جعفر لتكحل عيني بملمول مض. ثم امر بلسانه ان يخرج ليقطع، فجزع من ذلك.

فقال له ابن جعفر: قطعنا يديك و رجليك و سملنا عينيك، فلم تجزع، فكيف تجزع من قطع لسانك؟

135- قال الطبري: قتل على بن ابى طالب(علیه السلام)، و اختلف في وقت قتله، فقال ابو معشر ما حدثنی به احمد بن ثابت قال: حدثت عن إسحاق بن عيسى، عن أبي معشر قال: قتل على في شهر رمضان يوم الجمعة لسبع عشرة خلت منه سنة اربعين.

136- عنه قال الواقدي، حدثنى بذلك الحارث، عن ابن سعد عنه، و اما ابو زيد فحدثني عن على بن محمد انه قال: قتل على بن ابى طالب بالكوفة يوم الجمعة لإحدى عشرة قال: و يقال لثلاث عشره بقيت من شهر رمضان سنة اربعين قال و قد قيل في شهر ربيع الآخر سنة اربعين.

137- عنه حدثنى موسى بن عثمان بن عبد الرحمن المسروقى، قال: حدثنا عبد الرحمن الحراني ابو عبد الرحمن قال: أخبرنا إسماعيل بن راشد. قال: كان من حديث ابن ملجم و اصحابه ان ابن ملجم و البرك بن عبد الله و عمرو بن بكر التميمى اجتمعوا فتذاكروا أمر الناس، و عابوا على ولاتهم،

ص: 316

ثم ذكروا اهل النهر، فترحموا عليهم و قالوا: ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئا، إخواننا الذين كانوا دعاة الناس لعبادة ربهم، و الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، فلو شرينا أنفسنا فأتينا ائمه الضلالة فالتمسنا قتلهم، فأرحنا منهم البلاد، و ثارنا بهم إخواننا.

فقال ابن ملجم: انا أكفيكم على بن ابى طالب- وكان من اهل مصر- و قال البرك بن عبد الله: انا أكفيكم معاوية بن ابي سفيان، و قال عمرو بن بكر: انا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا و تواثقوا بالله لا ينكص رجل منا عن صاحبه الذى توجه اليه حتى يقتله او يموت دونه.

فأخذوا أسيافهم، فسموها و اتعدوا لسبع عشرة تخلو من رمضان ان يثب كل واحد منهم على صاحبه الذى توجه اليه و اقبل كل رجل منهم الى المصر الذى فيه صاحبه الذى يطلب.

فاما ابن ملجم المرادى فكان عداده في كندة، فخرج فلقی اصحابه بالكوفة، و كاتمهم أمره كراهة ان يظهروا شيئا من أمره فانه رای ذات يوم أصحابا من تيم الرباب- و كان على قتل منهم يوم النهر عشرة- فذكروا قتلاهم، و لقى من يومه ذلك امراه من تيم الرباب يقال لها قطام ابنة الشجنة- و قد قتل أباها و أخاها يوم النهر، و كانت فائقة الجمال-

فلما رآها التبست بعقله و نسى حاجته التي جاء لها، ثم خطبها فقالت: لا اتزوجك حتى تشفى لي قال: و ما يشفيك؟ قالت: ثلاثة آلاف و عبد وقينة و قتل على بن ابى طالب قال هو مهر لك، فاما قتل على فلا أراك ذكرته لي و أنت تريديني، قالت: بلى، التمس غرته،

فان اصبت شفيت نفسك و نفسي و يهنئك العيش معى، و ان قتلت فما عند الله خير من الدنيا و زينتها و زينه أهلها، قال: فو الله ما جاء بي إلى

ص: 317

هذا المصر الا قتل على فلك ما سالت قالت: انى اطلب لك من يسند ظهرك، ويساعدك على امرك

فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له: وردان فكلمته فأجابها و اتى ابن ملجم رجلا من اشجع يقال له شبيب بن بجرة فقال له: هل لك في شرف الدنيا و الآخرة؟ قال: و ما ذاك؟ قال: قتل على بن ابى طالب، قال: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئا اداء

كيف تقدر على على قال اكمن له في المسجد، فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فان نجونا شفينا أنفسنا، و أدركنا ثارنا، و ان قتلنا فما عند الله خير من الدنيا و ما فيها قال: ويحك، لو كان غير على لكان اهون على

قد عرفت بلاءه في الاسلام و سابقته مع النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و ما أجدني انشرح لقتله قال: اما تعلم انه قتل اهل النهر العباد الصالحين قال بلى قال: فنقتله بمن قتل من إخواننا فأجابه- فجاءوا قطام- و هي في المسجد الأعظم معتكفه- فقالوا لها: قد اجمع رأينا على قتل على،

قالت: فإذا أردتم ذلك فأتوني، ثم عاد إليها ابن ملجم في ليلة الجمعة التي قتل في صبيحتها على سنة اربعين- فقال: هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبي ان يقتل كل منا صاحبه، فدعت لهم بالحرير فعصبتهم به، و أخذوا أسيافهم و جلسوا مقابل السدة التي يخرج منها على.

فلما خرج ضربه شبيب بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب او الطاق و ضربه ابن ملجم في قرنه بالسيف و هرب وردان حتى دخل منزله فدخل عليه رجل من بنى ابيه و هو ينزع الحرير عن صدره، فقال: ما هذا الحرير و السيف؟ فاخبره بما كان و انصرف فجاء بسيفه فعلا به وردان

ص: 318

حتى قتله، و خرج شبيب نحو أبواب كندة في الغلس، و صاح الناس، فلحقه رجل من حضرموت يقال له عويمر، و في يد شبيب السيف فأخذه، و جثم عليه الحضرمي فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه، و سيف شبيب في يده، خشي على نفسه فتركه و نجا شبيب في غمار الناس فشدوا على ابن ملجم فاخذوه، الا ان رجلا من همدان يكنى أبا ادماء أخذ سيفه فضرب رجله

فصرعه و تأخر على، و رفع في ظهره جعدة بن هبيرة بن ابى وهب، فصلي بالناس الغداة، ثم قال على (علیه السلام):

على بالرجل، فادخل عليه ثم قال اي عدو الله ا لم احسن إليك، قال بلى قال فما حملك على هذا؟ قال: شحذته اربعين صباحا، و سالت الله ان يقتل به شر خلقه، فقال (علیه السلام): لا أراك الا مقتولا به و لا أراك الا من شر خلقه.

138- عنه ذكروا ان ابن ملجم قال قبل ان يضرب عليا و كان جالسا في بني بكر ابن وائل إذ مر عليه بجنازة ابجر بن جابر العجلى ابي حجار، و كان نصرانيا و النصارى حوله و اناس مع حجار لمنزلته فيهم يمشون في جانب و فيهم شقيق ابن ثور- فقال ابن ملجم ما هؤلاء؟ فاخبر الخبر، فأنشأ يقول:

لئن كان حجار بن ابجر مسلما*** لقد بوعدت منه جنازة ابجر

و ان كان حجار بن ابجر كافرا*** فما مثل هذا من كفور بمنكر

ا ترضون هذا ان قيسا و مسلما*** جميعا لدى نعش فيا قبح منظر !

فلو لا الذى انوى لفرقت جمعهم*** بابيض مصقول الدياس مشهر

و لكنني انوى بذاك وسيلة*** الى الله او هذا فخذ ذاك او ذر

ص: 319

139- عنه ذكر ان محمد بن الحنفية، قال: كنت و الله انى لا صلى تلك الليلة التي ضرب فيها على في المسجد الأعظم، في رجال كثير من اهل المصر، يصلون قريبا من السدة، ما هم الا قيام و رکوع و سجود و ما يسامون من أول الليل إلى آخره، إذ خرج على لصلاة الغداة، فجعل ينادي: ايها الناس، الصلاة الصلاة.

فما ادرى اخرج من السدة فتكلم بهذه الكلمات أم لا، فنظرت بريق و سمعت الحكم لله يا على لا لك و لا لأصحابك، فرايت سيفا، ثم رايت ثانيا، ثم سمعت عليا يقول: لا يفوتنكم الرجل و شد الناس عليه من كل جانب قال:

فلم ابرح حتى أخذ ابن ملجم و ادخل على على، فدخلت فيمن دخل من الناس فسمعت عليا يقول النفس بالنفس ان انا مت فاقتلوه كما قتلني، و ان بقيت رايت فيه رأيي.

140- عنه ذكر ان الناس دخلوا على الحسن فزعين لما حدث من امر على، فبينما هم عنده و ابن ملجم مكتوف بين يديه، إذ نادته أم كلثوم بنت على و هي تبكى اى عدو الله لا باس على ابى و الله مخزيك، قال: فعلى من تبكين؟ و الله لقد اشتريته بألف و سممته بألف و لو كانت هذه الضربه على جميع اهل المصر ما بقي منهم احد.

141- عنه ذكر ان جندب بن عبد الله دخل على على فسأله فقال: يا امير المؤمنين، أن فقدناك -و لا نفقدك- فنبايع الحسن؟ فقال: ما آمركم و لا انهاكم أنتم ابصر فرد عليه مثلها، فدعا حسنا و حسينا.

فقال: أوصيكما بتقوى الله، و الا تبغيا الدنيا و ان بغتكما، و لا تبكيا على شيء زوى عنكما، و قولا الحق و ارحما اليتيم، و اغيثا الملهوف، و

ص: 320

اصنعا للآخرة، و كونا للظالم خصما، و للمظلوم ناصرا، و اعملا بما في الكتاب، و لا تأخذ كما في الله لومة لائم.

ثم نظر إلى محمد بن الحنفية، فقال هل حفظت ما اوصیت به أخويك؟ قال: نعم، قال: فانى اوصيك بمثله و اوصيك بتوقير أخويك، لعظيم حقهما عليك فاتبع امرهما، و لا تقطع امرا دونهما. ثم قال: أوصيكما،به فانه شقيقكما، و ابن أبيكما، و قد علمتها أن أباكما كان يحبه و قال للحسن

اوصيك اى بنى بتقوى الله، و اقام الصلاة لوقتها، و إيتاء الزكاة عند محلها، و حسن الوضوء، فانه لا صلاه الا بطهور، و لا تقبل صلاة من مانع زكاة، و اوصيك بغفر الذنب و كظم الغيظ و صلة الرحم، و الحلم عند الجهل و التفقه في الدين و التثبت في الأمر، و التعاهد للقرآن، و حسن الجوار، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و اجتناب الفواحش.

142- عنه فلما حضرته الوفاة أوصى فكانت وصيته

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اوصى به علی بن ابی طالب، اوصی انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله ارسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم ان صلاتی و نسکی و محیای و مماتي لله رب العالمين، لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين

ثم اوصيك يا حسن و جميع ولدى و اهلى بتقوى الله ربكم، و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا، فاني سمعت أبا القاسم (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: ان صلاح ذات البين افضل من عامة الصلاة و الصيام، انظروا إلى ذوى أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب الله الله في الأيتام

ص: 321

فلا تعنوا أفواههم، و لا يضيعن بحضرتكم. و الله الله في جيرانكم فإنهم وصيه نبيكم، ما زال يوصى به حتى ظننا انه سيورثه و الله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم و الله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم و الله الله في بيت ربكم فلا تخلوه ما بقيتم فانه ان ترك لم يناظر

و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و انفسكم، و الله الله في الزكاة، فإنها تطفئ غضب الرب، و الله الله في ذرية نبيكم، فلا يظلمن بين أظهركم، و الله الله في اصحاب نبيكم، فان رسول الله اوصى بهم

و الله الله في الفقراء والمساكين فاشركوهم في معايشكم و الله الله فيما ملكت ايمانكم الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم، يكفيكم من ارادكم و بغى عليكم و قولوا للناس حسنا كما امركم الله و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولى الأمر شراركم

ثم تدعون فلا يستجاب لكم و عليكم بالتواصل و التبادل، و إياكم و التدابر و التقاطع و التفرق، و تعاونوا على البر و التقوى، و لا تعاونوا على الإثم و العدوان، و اتقوا الله ان الله شديد العقاب حفظكم الله من اهل بيت، و حفظ فيكم نبيكم استودعكم الله و اقرا عليكم السلام و رحمه الله.

ثم لم ينطق الا بلا اله الا الله حتى قبض (علیه السلام)، و ذلك في شهر رمضان سنة اربعين و غسله ابناه الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر، و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و كبر عليه الحسن تسع تكبيرات، ثم ولى الحسن ستة اشهر.

و قد كان على نهى الحسن عن المثلة و قال يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قتل امير المؤمنين، قتل امير

ص: 322

المؤمنين الا لا يقتلن الا قاتلی انظر یا حسن ان انامت من ضربته هذه فاضربه ضربة بضربة و لا تمثل بالرجل، فانى سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم): يقول: إياكم و المثلة و لو انها بالكلب العقور

فلما قبض (علیه السلام) بعث الحسن إلى ابن ملجم، فقال للحسن: هل لك في خصلة؟ انى و الله ما اعطيت الله عهدا الا وفيت به انى كنت قد اعطيت الله عهدا عند الحطيم ان اقتل عليا و معاوية او اموت دونهما، فان شئت خليت بيني و بينه، و لك الله على ان لم اقتله- او قتلته ثم بقيت- ان آتيك حتى أضع يدي في يدك.

فقال له الحسن اما و الله حتى تعاين النار فلا ثم قدمه فقتله، ثم اخذه الناس فادرجوه في بواري، ثم احرقوه بالنار. و اما البرك بن عبد الله، فانه في تلك الليلة التي ضرب فيها على قعد لمعاوية، فلما خرج ليصلي الغداة شد عليه بسيفه، فوقع السيف في اليته فاخذ فقال ان عندي خيرا اسرك به فان اخبرتك فنافعى ذلك عندك؟ قال:

نعم، قال: ان أخا لي قتل عليا في مثل هذه الليلة، قال: فلعله لم يقدر على ذلك قال بلى ان عليا يخرج ليس معه من يحرسه فامر به معاوية فقتل و بعث معاوية إلى الساعدي- و كان طبيبا- فلما نظر اليه قال: اختر احدى خصلتين اما ان احمى حديدة فأضعها موضع السيف، و اما ان اسقيك شربة تقطع منك الولد و تبرا منها فان ضربتك مسمومة، فقال معاوية اما النار فلا صبر لي عليها، و اما انقطاع الولد فان في يزيد و عبد الله ما تقر به عيني فسقاه تلك الشربة فبرأ و لم يولد له بعدها و امر معاوية عند ذلك

ص: 323

بالمقصورات و حرس الليل و قيام الشرطه على راسه إذا سجد.

و اما عمرو بن بكر فجلس لعمرو بن العاص تلك الليلة، فلم يخرج و كان اشتكى بطنه فامر خارجة بن حذافة و كان صاحب شرطته و كان من بني عامر بن لؤي، فخرج ليصلى فشد عليه و هو يرى انه عمرو، فضربه فقتله، فأخذه الناس، فانطلقوا به إلى عمرو يسلمون عليه بالإمرة

فقال: من هذا؟ قالوا: عمرو، قال: فمن قتلت؟ قالوا خارجة بن حذافة، قال: اما و الله يا فاسق ما ظننته غيرك، فقال عمرو: أردتني و اراد الله خارجة، فقدمه عمرو فقتله، فبلغ ذلك معاوية، فكتب اليه:

و قتل و اسباب المنايا كثيرة*** منية شيخ من لؤى بن غالب

فيا عمرو مهلا انما أنت عمه*** و صاحبه دون الرجال الاقارب

نجوت و قد بل المرادى سيفه*** من ابن ابى شيخ الأباطح طالب

و يضربني بالسيف آخر مثله*** فكانت علينا تلك ضربة لازب

و أنت تناغى كل يوم و ليلة*** بمصرك بيضا كالظباء السوارب

و لما انتهى إلى عائشة قتل على (علیه السلام) قالت:

فالقت عصاها و استقرت بها النوى*** كما قر عينا بالإياب المسافر

فمن قتله؟ فقيل: رجل من مراد فقالت

فان يك نائيا فلقد نعاه*** غلام ليس في فيه التراب

فقالت زينب ابنة ابي سلمة: العلى تقولين هذا؟ فقالت انى انسى، فإذا نسيت فذكروني و كان الذي ذهب بنعيه سفيان بن عبد شمس بن ابی وقاص الزهري و قال ابن ابي عباس المرادى في قتل على:

و نحن ضربنا يا لك الخير حيدرا*** أبا حسن مامومه فتفطرا

ص: 324

و نحن خلعنا ملكه من نظامه*** بضربة سيف إذ علا و تجبرا

و نحن كرام في الصباح اعزة*** إذا الموت بالموت ارتدی و تازرا

و قال أيضا:

و لم أر مهرا ساقه ذو سماحه*** کمهر قطام من فصيح و اعجم

ثلاثة آلاف و عبد وقينة*** و ضرب على بالحسام المصمم

فلا مهر اغلى من على و ان غلا*** و لا قتل الا دون قتل ابن ملجم

و قال ابو الأسود الدولى:

الا ابلغ معاوية بن حرب*** فلا قرت عيون الشامتينا

أ في شهر الصيام فجعتمونا*** بخير الناس طرا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا*** و رحلها و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاها*** و من قرأ المثاني و المبينا

إذا استقبلت وجه ابي حسين*** رايت البدر راع الناظرينا

لقد علمت قريش حيث كانت*** بانك خيرها حسبا و دينا

و اختلف في سنة يوم قتل فقال بعضهم قتل و هو ابن تسع و خمسين سنة.

143- عنه حدثت عن مصعب بن عبد الله، قال: كان الحسن بن على يقول: قتل ابى و هو ابن ثمان و خمسين سنة.

144- عنه حدثنا عن بعضهم قال: قتل و هو ابن خمس و ستين سنة.

145- عنه حدثني ابو زيد قال حدثني ابو الحسن، قال: حدثني أيوب بن عمر بن ابى عمرو، عن جعفر بن محمد (علیه السلام) قال: قتل على و هو ابن ثلاث و ستين سنة قال و ذلك اصح ما قيل فيه.

146- عنه حدثني عمر، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال:

ص: 325

حدثنا شريك، عن ابى إسحاق، قال: قتل على (علیه السلام) و هو ابن ثلاث و ستين سنه.

147- عنه قال هشام ولی علی و هو ابن ثمان و خمسين سنة و اشهر و كانت خلافته خمس سنين الا ثلاثة اشهر ثم قتله ابن ملجم- و اسمه عبد الرحمن ابن عمرو- في رمضان لسبع عشرة مضت منه، و كانت ولايته اربع سنين و تسعه اشهر و قتل سنة أربعين و هو ابن ثلاث و ستين سنة.

148- عنه حدثني الحارث قال: حدثني ابن سعد، عن محمد بن عمر، قال: قتل على (علیه السلام) و هو ابن ثلاث و ستين سنة صبيحة ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة اربعين، و دفن عند مسجد الجماعة في قصر الإمارة.

149- عنه حدثني الحارث، قال حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر قال ضرب على (علیه السلام) ليلة الجمعة، فمكث يوم الجمعة و ليلة السبت، و توفى ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة اربعين و هو ابن ثلاث و ستين سنة.

150- عنه حدثني الحارث قال: حدثنا ابن سعد قال أخبرنا محمد ابن عمر قال: حدثنا على بن عمر و ابو بكر السبرى عن عبد الله بن محمد ابن عقیل، قال: سمعت محمد بن الحنفية يقول سنة الجحاف حين دخلت سنة احدى و ثمانين هذه ولى خمس و ستون سنة، قد جاوزت سن ابى قيل و كم كانت سنة يوم قتل؟ قال: قتل و هو ابن ثلاث و ستين سنة. و قال الحارث قال ابن سعد قال محمد بن عمر كذلك، و هو الثبت عندنا.

151- عنه حدثنى احمد بن ثابت قال حدثت عن إسحاق بن عيسى عن ابي معشر قال: كانت خلافة على خمس سنين الا ثلاثة اشهر.

ص: 326

152- عنه حدثني الحارث قال: حدثني ابن سعد قال: قال محمد بن عمر كانت خلافة على خمس سنين الا ثلاثة اشهر.

153- عنه حدثني ابو زيد قال: قال ابو الحسن كانت ولاية على اربع سنين و تسعة اشهر و يوما أو غير يوم.

154- قال المسعودي: في سنة أربعين اجتمع بمكة جماعة من الخوارج فتذاكروا الناس و ما هم فيه من الحرب و الفتنة، و تعاهد ثلاثة منهم على قتل علي، و معاوية، و عمرو ابن العاص و تواعدوا و اتفقوا على أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي يتوجه إليه، حتى يقتله أو يُقتل دونه، و هم عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله و كان من تجيب، و كان عدادهم في مراد

فنسب اليهم، و حجاج بن عبد الله الصريمي، و لقبه البرك و زادويه مولى بني العنبر، فقال ابن ملجم- لعنه الله-: أنا أقتل علياً، و قال البرك أنا أقتل معاوية و قال زادويه: أنا أقتل عمرو بن العاص و اتَّعدوا أن يكون ذلك ليلة سبع عشرة من شهر رمضان و قيل: ليلة إحدى و عشرين.

155- عنه فخرج عبد الرحمن بن ملجم المرادي إلى عليّ، فلما قدم الكوفة أتى قطام بنت عمه، و كان علي قد قتل أباها و أخاها يوم النهروان و كانت أجمل أهل زمانها، فخطبها فقالت:

لا أتزوج حتى تسمي لي، قال: لا تسأليني شيئاً الا أعطيته، فقالت: ثلاثة آلاف و عبداً و قينة، و قتل عليّ، فقال: ما سألت هو لك مهر الا قتل علي فلا أراك تدركينه قالت فالتمس غرته، فإن أصبته شفيت نفسي و نفعك العيش معي و ان هلكت فما عند الله خير لك من الدنيا فقال: و الله ما جاء بي إلى هذا المصر و قد كنت هارباً منه الا ذلك، و قد

ص: 327

أعطيتك ما سألت و خرج من عندها و هو يقول:

ثلاثة آلاف و عبد و قينةٌ*** و قتل علي بالحسام المصمم

فلامهر أغلى من علي وإن غلا*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

فلقيه رجل من أشجع يقال له شبيب بن نجدة من الخوارج، فقال له: هل لك في شرف الدنيا و الآخرة؟ فقال: و ما ذاك؟

قال: تساعدني على قتل علي قال: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئاً إداً، قد عرفت غناءه في الإسلام، و سابقته مع النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فقال ابن ملجم ويحك، أما تعلم أنه قد حكم الرجال في كتاب الله، و قتل إخواننا المصلين؟ فنقتله ببعض إخواننا،

فاقبل معه حتى دخل على قطام و هي في المسجد الأعظم و قد ضربت كلةً لها و هي معتكفة يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، فأعلمتهما أن مجاشع بن وردان بن علقمة قد انتدب لقتله معهما، فدعت لهما بحرير فعصبتهما و أخذوا أسيافهم و قعدوا مقابلين لباب السدة التي يخرج منها علي للمسجد، و كان علي يخرج كل غداة أول الآذان.

يوقظ الناس للصلاة، و قد كان ابن ملجم مر بالأشعث و هو في المسجد فقال له فضَحَك الصبح، فسمعها حُجر بن عدي، فقال: قتلته يا أعور قتلك الله، و خرج علي (علیه السلام) ينادي: أيها الناس، الصلاة، فشد عليه ابن ملجم و أصحابه و هم يقولون:

الحكم لله، لا لك و ضربه ابن ملجم على رأسه بالسيف في قرنه و أما شبيب فوقعت ضربته بعضادة الباب و أما مجاشع بن وردان فهرب، و قال علي: لا يفوتنكم الرجل و شدَّ الناس على ابن ملجم يرمونه بالحصباء، و يتناولونه و يصيحون

ص: 328

فضرب ساقه رجل من همدان،برجله و ضرب المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وجهه فصرعه و أقبل به إلى الحسن، و دخل ابن وردان بين الناس فنجا بنفسه و هرب شبيب حتى أتى رحله، فدخل اليه عبد الله بن نجدة و هو أحد بني أبيه

فرآه ينزع الحرير عن صدره، فسأله عن ذلك، فخبره خبره فانصرف عبد الله إلى رحله و أقبل اليه بسيفه فضربه حتى قتله.

156- عنه قيل: إن علياً لم ينم تلك الليلة، و إنه لم يزل يمشي بين الباب و الحجرة، و هو يقول: و الله ما كذبت و لا كذبت، و إنها الليلة التي وعدت فيها، فلما خرج صاح بط كان للصبيان، فصاح بهنَّ بعض من في الدار، فقال علي: ويحك، دعهن فإنهن نوائح.

157- قال ابن قتيبة: قال المدائني حج ناس من الخوارج سنة تسع و ثلاثين، و قد اختلف عامل علي و عامل معاوية، فاصطلح الناس على شبيب بن عثمان، فلما انقضى الموسم أقام النفر من الخوارج مجاورين بمكة، فقالوا: كان هذا البيت معظما في الجاهلية، جليل الشأن في الإسلام و قد انتهك هؤلاء حرمته، فلو أن قوما شروا أنفسهم فقتلوا هذين الرجلين اللذين قد أفسدا في الأرض و استحلا حرمة هذا البيت، استراحت الأمة، و اختار الناس لهم إماما.

فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله: أنا أكفيكم أمر علي و قال الحجاج بن عبد الله الصريمي، و هو البرك: أنا أقتل معاوية. فقال أذويه مولى بني العنبر و اسمه عمرو بن بكر و الله ما عمرو بن العاص بدونهما، فأنا به فتعاقدوا على ذلك ثم اعتمروا عمرة رجب و اتفقوا على يوم واحد يكون فيه وقوع القتل منهم في علي و معاوية و عمرو،

ص: 329

ثم سار كل منهم في طريقه فقدم ابن ملجم الكوفة و كتم أمره، و تزوج امرأة يقال لها قطام بنت علقمة، و كانت خارجية، و كان علي قد قتل أخاها في حرب الخوارج و تزوجها على أن يقتل عليا. فأقام عندها مدة، فقالت له في بعض الأيام و هو مختف لطالما أحببت المكث عند أهلك و أضربت عن الأمر الذي جئت بسببه،

فقال: إن لي وقتا و أعدت فيه أصحابي و لن أجاوزه فلما كان اليوم الذي تواعدوا فيه، خرج عدو الله، فقعد لعلي حين خرج عليّ لصلاة الصبح صبيحة نهار الجمعة ليلة عشر بقيت من رمضان سنة أربعين فلما خرج للصلاة وثب عليه، و قال الحكم لله لا لك يا علي، و ضربه على قرنه بالسيف، فقال علي فزت و رب الكعبة ثم قال: لا يفوتنكم الرجل، فشدّ الناس عليه، فأخذوه.

و كان علي(علیه السلام) شديد الأدمة ثقيل العينين، ضخم البطن، أصلع، ذا عضلات، في أذنيه شعر يخرج منهما، و كان إلى القصر أقرب. و كان ابن ملجم يعرض سيفه، فإذا أخبر أن فيه عيبا أصلحه، فلما قتل عليا قال: لقد أحددت سيقي بكذا وكذا، و سممته بكذا و ضربت به عليا ضربة لو كانت بأهل المصر لأتت عليهم.

158- عنه روي عن الحسن أنه قال: أتيت أبي فقال لي: أرقت الليلة، ثم ملكتني عيني. فسنح لي رسول (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فقلت له: يا رسول الله، ما ذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد؟ فقال: ادع عليهم، فقلت:

اللّهمّ أبدلني بهم خيرا لي منهم و أبدلهم بي شرا لهم مني، و خرج إلى الصلاة فاعترضه ابن ملجم، و أدخل ابن ملجم على علي بعد ضربه إياه، فقال: أطيبوا طعامه و ألينوا فراشه فإن أعش فأنا وليّ دمى، إما عفوت و

ص: 330

إما اقتصصت، و إن أمت فالحقوه بي، «وَ لا تَعْتَدُوا، إِنَّ الله لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».

159- عنه قالوا: و بكت أم كلثوم، و قالت لابن ملجم يا عدو قتلت أمير المؤمنين، قال: ما قتلت أمير المؤمنين، و لكني قتلت أباك. قالت: و الله إني لأرجو ألا يكون عليه بأس، قال: و لم تبكين إذا؟ و الله لقد أرهفت السيف و نفيت الخوف و جبت الأجل، و قطعت الأمل و ضربت ضربة لو كانت بأهل المشرق لأتت عليهم.

و مكث علي يوم الجمعة و يوم السبت و توفي ليلة الأحد، و غسله الحسن و الحسين و محمد بن الحنفية و عبد الله بن جعفر، و كفن في ثلاثة أثواب، ليس فيها، قميص و صلّى عليه الحسن ابنه و دفن في قصر الإمارة بالكوفة، و غمي قبره مخافة أن ينبشه الخوارج.

و قيل إنه نقل بعد صلح معاوية و الحسن إلى المدينة و أخذ ابن ملجم، فقطعت يداه و رجلاه و أذناه و أنفه، و أتوا يقطعون لسانه، فصرخ، فقيل له: قد قطعت منك أعضاء و لم تنطق، فلما أتوا يقطعون لسانك صرخت؟ قال: إني أذكر الله به، فلم يسهل علي قطعه، ثم قتلوه بعد هذه المثلة

كانت خلافة علي أربع سنين و تسعة أشهر، و كان عمره ثلاثا و ستين سنة.

و أما البرك: فإنه انطلق ليلة ميعادهم، فقعد لمعاوية، فلما خرج لصلاة الصبح شد عليه سيفه فأدبر معاوية، فضرب رائفة أليته ففلقها، و وقع السيف في لحم كثير، و أخذ فقال لمعاوية: إن لك عندي لخبرا سارا، قد قتل الليلة عليّ، وحدثه الحديث، و عولج معاوية فبرئ، و أمر بقتل البرك، و

ص: 331

قيل: ضرب البرك معاوية و هو ساجد، فمذ ذاك جعل الحرس على رءوس الخلفاء، و اتخذ معاوية المقصورة.

و أما الثالث فقصد عمرو بن العاص ليلة الميعاد، فلم يخرج تلك الليلة، لعلة وجدها في بطنه، و صلّى بالناس خارجة بن حذافة العدوي، فشد عليه الخارجي، و هو يظن أنه ابن العاص فقتله و أخذ، فأتي به عمرو بن العاص، فلما رآه قال و من المقتول؟ قالوا خارجة فقال: أردت عمرا و أراد الله خارجة

ثم قال لعمرو بن العاص الحديث، و ما كان من اتفاقه مع صاحبيه، فأمر بقتله. فلما قتل عليّ تداعى أهل الشام إلى بيعة معاوية، و قال له عبد الرحمن بن خالد الوليد نحن المؤمنون و أنت أميرنا، فبايعوه و هو بإيلياء لخمس ليال خلون من شوال سنة أربعين.

160- عنه روي عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال: يا علي أتدري من أشقى الأولين و الآخرين؟ قال: الله و رسوله أعلم. قال: «أشقى الأولين: عاقر الناقة و أشق الآخرين الذي يطعنك و أشار إلى حيث طعن. قال: و خرج علي في ليلة قتله و هو يقول:

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيكا

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بواديكا

و قال الشاعر في قتل ابن ملجم عليا:

تضمن للآثام لا در درّه*** و لاقى عقابا غير ما متصرّم

فلا مهر أغلى من على و إن غلا*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المسمّم

161- عنه قال هبيرة بن شريم: سمعت الحسن (علیه السلام) يخطب، فذكر أباه و

ص: 332

فضله و سابقته، ثم قال: و الله ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يشتري بها خادما.

و جاء رجل من مراد إلى علي، فقال له: يا أمير المؤمنين احترس فإن هنا قوما يريدون قتلك. فقال: إن لكل إنسان ملكين يحفظانه، فإذا جاء القدر خلياه.

162- عنه قيل: و لما ضرب علي دعا أولاده، و قال لهم: عليكم بتقوى الله و طاعته و ألا تأسوا على ما صرف عنكم منها، و انهضوا إلى عبادة ربكم، و شمروا عن ساق الجد، و لا تثاقلوا إلى الأرض و تقروا بالخسف و تبوءوا بالذلّ، اللهم اجمعنا و إياهم على الهدى، و زهدنا و إياهم في الدنيا، و اجعل الآخرة خيرا لنا و لهم من الأولى، و السلام.

163- قال أبو الفرج: حدثني أحمد بن عيسى العجلي العطار قال حدثني الحسين بن نصر بن مزاحم قال حدثنا زيد بن المعدل النمري قال حدثنا يحيى بن سعيد الجزار عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد.

عن عبد الرحمن بن عبيد الله عن جماعة من الرواة قد ثبت ما رووه في مواضعة و حدثني أيضا بمقتله عليه السلام محمد بن الحسين الأشناني.

قال حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الحراني قال حدثنا إسماعيل بن راشد و دخل حديثه في حديث من قدمت ذكره، و حدثنا ببعضه أحمد بن محمد بن بن دلّان الخيشي و أحمد بن الجعد الوشاء و محمد بن جرير الطبري و جماعة غيرهم قالوا حدثنا أبو هشام الرفاعي.

قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا أبو حباب قال حدثنا أبو عون الثقفي عن أبي عبد الرحمن السلمي حديثا ذكر فيه مقتله فأتيت بأشياء منه في

ص: 333

مواضعها من سياقة الأحاديث و أكثر اللفظ في ذلك لأبي مخنف، إلّا ما عسى أن يقع فيه خلاف فأبينه قال:

اجتمع بمكة نفر من الخوارج فتذاكروا أمر المسلمين فعابوهم و عابوا أعمالهم عليهم و ذكروا أهل النهروان و ترحموا عليهم و قال بعضهم لبعض فلو أنا شرينا أنفسنا لله فأتينا أئمة الضلال و طلبنا غرتهم فأرحنا منهم العباد و البلاد و ثأرنا بإخواننا الشهداء بالنهروان، فتعاقدوا على ذلك عند انقضاء الحج، فقال عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله أنا أكفيكم عليا، و قال أحد الآخرين أنا أكفيكم معاوية و قال الثالث: أنا أكفيكم عمرو بن العاص، فتعاقدوا و تواثقوا على الوفاء ألا ينكل واحد منهم عن صاحبه الذي يتوجه إليه و لا عن قتله و اتعدوا لشهر رمضان في الليلة التي قتل فيها ابن ملجم عليا عليه السلام.

164- عنه قال أبو مخنف قال أبو زهير العبسي الرجلان الآخران، البرك بن عبد الله التميمي و هو صاحب معاوية، و الآخر عمرو بن بكر التميمي و هو صاحب عمرو بن العاص.

فأما صاحب معاوية فإنه قصده فلما وقعت عينه عليه ضربه فوقعت ضربته في إليته، و أخذ، فجاء الطبيب إليه فنظر إلى الضربة، فقال إسماعيل بن راشد في حديثه: فقال: إن السيف مسموم فاختر إما أن أحمي لك حديدة فأجعلها في الضربة فتبرأ و إما أن أسقيك دواء فتبرأ و ينقطع نسلك. قال أما النار فلا أطيقها، و أما النسل ففي يزيد و عبد الله ما يقر عيني و حسبي بهما، فسقاه الدواء، فعوفي و عالج جرحه حتى التأم و لم يولد له بعد ذلك.

قال و قال له البرك بن عبد الله إن لك عندي بشارة، قال: و ما هي؟ فأخبره بخبر صاحبيه و قال له: إن عليا يقتل في هذه الليلة

ص: 334

فاحبسني عندك فإن قتل فأنت ولي ما تراه في أمري، و إن لم يقتل أعطيتك العهود و المواثيق أن أمضي فأقتله ثم أعود إليك فأضع يدي في يدك حتى تحكم في بما تراه فحبسه عنده، فلما أتاه أن عليا قد قتل خلى سبيله. و قال غيره من الرواة بل قتله من وقته.

قال و أما صاحب عمرو بن العاص فإنه وافاه في تلك الليلة و قد وجد علة فأخذ دواء و استخلف رجلا يصلي بالناس يقال له خارجة بن أبي حبيبة أحد بني عامر بن لؤي فخرج للصلاة و شد عليه عمرو بن بكر فضربه بسيفه، فأثبته، و أخذ الرجل فأتى به عمرو العاص فقتله، و دخل من غد إلى خارجة و هو يجود بنفسه فقال له: أما و الله أبا عبد الله ما أراد غيرك، قال عمرو: و لكن الله أراد خارجة.

165- عنه رجع الحديث إلى خبر ابن ملجم لعنه الله. فحدثني محمد بن الحسين الأشناني و غيره قالوا حدثنا علي بن المنذر الطريق قال حدثنا ابن فضيل قال حدثنا فطر عن أبي الطفيل قال: جمع أمير المؤمنين علي الناس للبيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم فرده مرتين أو ثلاثا ثم بايعه، فقال له: علي ما يحبس أشقاها؟ فو الذي نفسي بيده لتخضين هذه من هذه، ثم قال:

أشدد حيازيمك للمو ت*** فإن الموت لاقيك

و لا تجزع من المو ت*** إذا حل بواديك

166- عنه قال: و روى غيره أن عليا أعطى الناس فلما بلغ إلى ابن ملجم قال:

أريد حياته و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

167- عنه أخبرنا الحسن بن علي الوشاء في كتابه إلي قال حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا فطر عن أبي الطفيل بنحو من هذا الحديث.

ص: 335

168- عنه حدثني أحمد بن عيسى العجلي قال حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم قال حدثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب عن أبي مخنف عن أبي زهير العبسي قال: كان ابن ملجم من مراد و عداده في كندة فأقبل حتى قدم الكوفة فلقي بها أصحابه و كتمهم أمره و طوى عنهم ما تعاقد هو و أصحابه عليه بمكة من قتل أمراء المسلمين مخافة أن ينشر منه شيء و أنه زار رجلا من أصحابه ذات يوم من تيم الرباب.

فصادف عنده قطام بنت الأخضر بن شجنة من تيم الرباب، و كان علي قتل أباها و أخاها بالنهروان و كانت من أجمل نساء أهل زمانها، فلما رآها ابن ملجم لعنه الله شغف بها و اشتد إعجابه، فخبر خبرها فخطبها فقالت له: ما الذي تسمى لي من الصداق فقال لها؟ احتكمي ما بدا لك. فقالت: أنا محتكمة عليك ثلاثة آلاف درهم و وصيفا و خادما و قتل علي ابن أبي طالب

فقال لها لك جميع ما سألت، فأما قتل علي فأنى لي بذلك؟ فقالت: تلتمس غرته فإن أنت قتلته شفيت نفسي و هنأك العيش معي، و إن قتلت فما عند الله خير لك لك من الدنيا، قال لها: أما و الله أقدمني هذا المصر و قد كنت هاربا منه لا آمن مع أهله إلّا ما سألتني من قتل علي فلك ما سألت

قالت له فأنا طالبة لك بعض من يساعدك على ذلك و يقويك ثم بعثت إلى وردان بن مجالد من تيم الرباب فخبرته الخبر و سألته معونة ابن ملجم لعنه الله، فتحمل ذلك لها، و خرج ابن ملجم فأتى رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة.

فقال له يا شبيب هل لك في شرف الدنيا و الآخرة؟ قال: و ما هو قال تساعدني على قتل علي بن أبي طالب، و كان شبيب على رأي

ص: 336

الخوارج، فقال له: يا بن ملجم هبلتك الهبول. لقد جئت شيئا إدا، و كيف نقدر على ذلك؟

قال له ابن ملجم نكمن له في المسجد الأعظم فإذا خرج لصلاة الفجر فتكنا به فقتلناه، فإذا نحن قتلناه شفينا أنفسنا و أدركنا ثأرنا، فلم يزل به حتى أجابه، فأقبل معه حتى دخل على قطام و هي معتكفة في المسجد الأعظم قد ضربت عليها قبة فقالا لها قد اجتمع رأينا على قتل هذا الرجل.

قالت لهما: فإذا أردتما ذلك فألقياني في هذا الموضع. فانصرفا من عندها فلبثا أياما. ثم أتياها ليلة الجمعة لتسع عشرة خلت من شهر رمضان سنة أربعين. هكذا في حديث أبي مخنف، و في حديث أبي عبد الرحمن السلمي أنها كانت ليلة سبع عشرة خلت من شهر رمضان، و هو أصح.

فقال لها ابن ملجم هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبيّ و واعداني أن يقتل كل واحد منا صاحبه الذي يتوجه إليه. فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم و تقلدوا سيفهم و مضوا فجلسوا مما يلي السدة التي كان يخرج منها أمير المؤمنين إلى الصلاة.

169- عنه حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسين بن نصر، قال: حدثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، عن الأسود و الأجلح أن ابن ملجم أتى إلى الأشعث بن قيس- لعنهما الله- في الليلة التي أراد فيها بعلي ما أراد، و الأشعث في بعض نواحي المسجد.

فسمع حجر بن عدي الأشعث يقول لابن ملجم- لعنه الله- النجاء النجاء لحاجتك فقد فضحك الصبح فقال له حجر قتلته يا أعور و خرج مبادرا إلى علي و أسرج دابته و سبقه ابن ملجم- لعنه الله- فضرب عليا. و

ص: 337

أقبل حجر و الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين.

170- عنه قال أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصفهاني: و للأشعث بن قيس في انحرافه عن أمير المؤمنين- عليه السلام- أخبار يطول شرحها منها ما حدثنيه محمد بن الحسين الأشناني قال: حدثنا إسماعيل بن موسى بن بنت السدي قال: حدثنا علي بن مسهر، عن الأجلح عن موسى بن أبي النعمان قال:

جاء الأشعث إلى علي يستأذن عليه فردّه قنبر، فأدمى الأشعث أنفه. فخرج علي و هو يقول: ما لي و لك يا أشعث، أما و الله لو بعبد ثقيف تمرست لا قشعرت شعيراتك، قيل: يا أمير المؤمنين و من غلام ثقيف؟ قال: غلام يليهم لا يبقى أهل بيت من العرب إلّا أدخلهم ذلا قيل يا أمير المؤمنين: كم يلي؟ و كم يمكث؟ قال: عشرين إن بلغها.

171- عنه حدثني محمد بن الحسين الأشناني. قال: حدثني إسماعيل بن موسى قال: حدثني رجل، عن سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد(علیهما السلام) قال: حدثتني امرأة منا قالت رأيت الأشعث بن قيس دخل على علي -عليه السلام- فأغلظ له علي فعرض له الأشعث بأن يفتك به. فقال له علي عليه السلام أبا لموت تهددني فو الله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع الموت عليّ.

172- عنه حدثني أبو عبيد محمد بن أحمد بن المؤمل الصيرفي بهذين الحديثين، عن فضل المصري عن إسماعيل ابن بنت السدي.

رجع الحديث إلى مقتل أمير المؤمنين.

173- عنه قال أبو مخنف: فحدثني أبي عن عبد الله بن محمد الأزدي قال: إني لأصلي تلك الليلة في المسجد الأعظم مع رجال من أهل المصر

ص: 338

كانوا يصلون في ذلك الشهر من أول الليل إلى آخره إذ نظرت إلى رجال يصلون قريبا من السدة قياما و قعودا و ركوعا و سجودا، ما يسأمون، إذ خرج على لصلاة الفجر

فأقبل ينادي الصلاة الصلاة، فما أدري أنادى أم رأيت بريق السيف؟ و سمعت قائلا يقول: الحكم لله يا علي لا لك و لا لأصحابك، ثم رأيت بريق سيف آخر ثانيا و سمعت عليا يقول: لا يفوتنكم الرجل.

174- عنه قال إسماعيل بن راشد في حديثه و وافقه في معناه حديث أبي عبد الرحمن السلمي أن شبيب بن بجرة ضربه فأخطأه و وقعت ضربته في الطاق، و ضربه ابن ملجم- لعنه الله- فأثبت الضربة في وسط رأسه.

175- عنه قال عبد الله بن محمد الأزدي في حديثه و شد الناس عليه من كل ناحية حتى أخذوه.

176- عنه قال أبو مخنف فذكرت همدان أن رجلا منهم يكنى أبا أدماء من مرهبة أخذه، و قال يزيد بن أبي زياد أخذه المغيرة بن الحرث بن عبد المطلب طرح عليه قطيفة ثم صرعه. و أخذ السيف من يده و جاء به.

و أما شبيب بن بجرة فإنه خرج هاربا، فأخذه رجل فصرعه و جلس على صدره و أخذ السيف من يده ليقتله، فرأى الناس يقصدون نحوه، فخشي أن يعجلوا عليه و لا يسمعوا منه، فوئب عن صدره و خلاه، و طرح السيف من يده و مضى الرجل هاربا حتى دخل منزله و دخل عليه ابن عم له.

فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له: ما هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين، فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم. فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.

ص: 339

177- عنه قال أبو مخنف: حدثني أبي، عن عبد الله بن محمد الأزدي، قال: ادخل ابن ملجم لعنه الله على علي، و دخلت عليه فيمن دخل فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس إن أنا مت فاقتلوه كما قتلني، و إن سلمت رأيت فيه رأيي فقال ابن ملجم- لعنه الله- و الله لقد ابتعته بألف، و سممته بألف فإن خانني فأبعده الله. قال: و نادته أم كلثوم

يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال: إنما قتلت أباك. قالت يا عدو الله إني لأرجو أن ألا يكون عليه بأس. قال لها فأراك إنما تبكين عليا. إذا و الله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم.

178- عنه قال و أخرج ابن ملجم- لعنه الله- و هو يقول: قال إسماعيل بن راشد في حديثه و الشعر لابن أبي مياس الفزاري:

و نحن ضربنا يا بنة الخير إذ طغى*** أبا حسن مأمومة فتقطرا

هذا البيت لأبي مخنف وحده، و زاد إسماعيل هذين البيتين:

و نحن خلعنا ملكه عن نظامه*** بضربة سيف إذ علا و تجبرا

و نحن كرام في الصباح أعزة*** إذا المرء بالموت ارتدى و تأزرا

179- عنه قال أبو مخنف. حدثني بعض أصحابنا، عن صالح بن ميثم، عن أخيه عمران قال: لقد رأيت الناس حين انصرفوا من صلاة الصبح أتوا بابن ملجم لعنه الله ينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع و هم يقولون له: يا عدو الله، ماذا فعلت؟ أهلكت أمة محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و قتلت خير الناس. و إنه لصامت ما ينطق.

180- عنه قال أبو مخنف: و حدثني معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل أن صعصعة بن صوحان استأذن على أمير المؤمنين علي و قد أتاه عائدا، فلم يكن له عليه إذن، فقال صعصعة للآذن: قل له يرحمك الله يا أمير المؤمنين

ص: 340

حيا و ميتا فو الله لقد كان الله في صدرك عظيما، و لقد كنت بذات الله عليما، فأبلغه الآذن مقالة صعصعة، فقال له علي قل له و أنت يرحمك الله، فلقد كنت خفيف المؤونة، كثير المعونة.

181- عنه قال: و قال رجل يذكر أمر قطام و ابن ملجم لعنهما الله و قال محمد بن الحسين الأشناني في حديثه عن المسروقي و هو ابن أبي مياس الفزاري:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** كمهر قطام من فصيح و أعجم

ثلاثة آلاف و عبد وقينة*** و ضرب علي بالحسام المصمم

و لا مهر أغلى من علي و إن علا*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

و أنشدنا حبيب بن نصر المهلبي، قال: أنشدنا الرياشي أحسبه عن أبي عبيدة لعمران بن حطان- لعنه الله- يمدح ابن ملجم لعنه الله و غضب عليهما بقتل أمير المؤمنين عليه السلام:

یا ضربة من كمي ما أراد بها*** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

أني لأنكر فيه ثم أحسبه*** في البرية عند الله ميزانا

كذب. لعنهما الله و عذبهما.

182- عنه حدثني أحمد بن عيسى، قال: حدثني الحسن بن نصر، قال: حدثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، قال: حدثني عطية بن الحرث، عن عمر بن تميم و عمرو بن أبي بكار أن عليا لما ضرب جمع له أطباء الكوفة فلم يكن منهم أحد أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هانئ السكوني، و كان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات

و كان من الأربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد أصابهم في عين التمر فسباهم و إن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين- عليه السلام- دعا

ص: 341

برئة شاة حارة و استخرج عرقا منها فأدخله في الجرح ثم استخرجه فإذا عليه بياض الدماغ فقال له: يا أمير المؤمنين إعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك فدعا علي عند ذلك بصحيفة و دواة و كتب وصيته.

183- ابن عبد ربه عن سفيان بن عيينة قال: كان علي بن أبي طالب (علیه السلام) يخرج بالليل إلى المسجد فقال أناس من أصحابه: نخشى أن يصيبه بعض عدوه و لكن تعالوا نحرسه فخرج ذات ليلة فإذا هو بنا. فقال: ما شأنكم؟ فكتمناه فعزم علينا. فأخبرناه. فقال: تحرسونى من أهل السماء أو من أهل الأرض؟ قلنا من أهل الأرض. قال: إنه ليس يقضى في الأرض حتى يقضى في السماء.

184- عنه عن التميمي بإسناد له قال: لما تواعد ابن ملجم و صاحباه بقتل على و معاوية و عمرو بن عاص دخل ابن ملجم المسجد في بزوغ الفجر الأول، فدخل في الصلاة تطوعا ثم افتتح في القراءة، و جعل يكرر هذه الآيه: «وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ». فأقبل ابن أبى طالب بيده مخفقة و هو يوقظ الناس للصلاة، و يقول:

أيها الناس، الصلاة، الصلاة، فمر بابن ملجم و هو يردد هذه الآية فظن على أنه ينسى فيها، ففتح عليه، فقال: «وَ اللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبَادِ». ثم انصرف علي و هو يريد أن يدخل الدار، فاتبعه فضربه على قرنه و وقع السيف فى الجدار، فأطار فدرة من آخره، فابتدره الناس فأخذوه و وقع السيف منه، فجعل يقول: أيها الناس احذروا السيف فإنه مسموم قال فأتى به عليّ فقال:

احبسوه ثلاثا و أطعموه و اسقوه، فإن أعش أر فيه رأيي، و إن أمت

ص: 342

فاقتلوه و لا تمثلوا به. فمات من تلك الضربة. فأخذه عبدالله بن جعفر فقطع يديه و رجليه، فلم يفزع، ثم أراد قطع لسانه ففزع. فقيل له: لم لم نفزع لقطع يديك و رجليك و فزعت لقطع لسانك؟ قال: إنى أكره أن لا تمر بي ساعة لا أذكر الله فيها. ثم قطعوا لسانه و ضربوا عنقه.

و توجه الخارجى الآخر إلى معاوية فلم يجد إليه سبيلا. و توجه الثالث إلى عمرو فوجده قد أغفل تلك الليلة فلم يخرج إلى الصلاة، و قدم مكانة رجلا يقال له خارجة، فضربه الخارجى بالسيف و هو يظنه عمرو بن العاص، فقتله. فأخذه الناس فقالوا: قتلت خارجة. قال أو ليس عمراً؟ قالوا له: لا. قال: أردت عمراً و أراد الله خارجة.

185- عنه في الحديث: إن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لعلي: ألا أخبرك بأشد الناس عذاباً يوم القيامة؟ قال: أخبرني يا رسول الله. قال: فإن أشد الناس عذاباً يوم القيامة عاقر ناقة ثمود و خاضب لحيتك بدم رأسك. و قال كثير عزة:

الا ان الأئمة من قريش*** ولاة الحق اربعة سواء

على و الثلاثة من بنيه*** هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان و بر*** و سبط غيبته كربلاء

و سبط لا يذوق الموت حتى*** يقود الخيل يقدمها اللواء

تغيب لا يرى فيهم زمانا*** برضوی عنده عسل و ماء

186- عنه قال الحسن بن علي صبيحة الليلة التي قتل فيها علي بن أبى طالب(علیه السلام): حدثني أبي البارحة في هذا المسجد، فقال: يا بني إنى صليت البارحة ما رزق الله، ثم نمت نومة فرأيت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فشكوت له ما أنا فيه من مخالفة أصحابي و قلة رغبتهم في الجهاد، فقال لي: ادع الله أن

ص: 343

يريحك منهم، فدعوت الله.

187- عنه قال الحسن صبيحة تلك الليلة: أيها الناس إنه قتل فيكم الليلة رجل كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يبعثه فيكتنفه جبريل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، فلا ينثنى حتى يفتح الله له ما ترك إلا ثلثمائة درهم.

188- أبو نعيم عن جعفر بن محمد بن أبان الخراساني نزيل إصبهان فيما ذكره أحمد بن موسی ثنا محمد بن الحسين ثنا جعفر بن محمد بن أبان الخراساني نزيل إصبهان و ذكر أنه ولد في زمن هارون الرشيد قال كنت بحلوان و الناس يغدون و يزدحمون فقلت ما لهؤلاء يغدون قالوا هاهنا رجل يقال له أبو جحش المغربي و قد رأى على بن أبي طالب.

فذهبت معهم إلى عند أبي جحش المغربي شيخ أسود مثل القبر طويل فقلت له أنت رأيت علي بن أبي طالب ابن عمّ المصطفي قال نعم قلت و ابن كم كنت قال ابن عشر سنين أقل أو أكثر فحسبنا عمره و اذا قد أتى عليه مائة و خمس و ثمانون سنة.

قلت و أى يوم رأيته قال رأيته وقت الفتن حين طعن و هو عليل و وصف لنا خلقته قال كان رجلاً عظيم الهامة دقيق الساقين كبير البطن طويل اليدين و الأصابع قال و وجه علي بن أبي طالب(علیه السلام). الرسالة إلى ابنيه يقول لهم لا تظلموه و اضربوه ضربة في المكان الذي ضربني فإن هذا وصية رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) الذي أوصانى به قبل هذا.

189- قال الخطيب أخبرنا على بن محمد المعدل قال أنبأنا الحسين بن صفوان البرذعي قال نبأنا عبدالله بن محمد بن أبي الدنيا قال نبأنا محمد بن سعد قال أنبأنا محمد بن عمر قال نبأنا أبوبكر قال: نبأنا أبوبكر بن عبدالله بن أبي سبرة عن اسحاق بن عبدالله بن أبي فروة. قال:

ص: 344

سألت أبا جعفر محمد بن على (علیه السلام) كم كان سن على يوم قتل؟ قال: ثلاثا و ستين سنة. قلت: ما كانت صفته؟ قال: رجل آدم شديد الأدمة ثقيل العينين عظيمهما، ذو بطن، أصلع هو إلى القصر أقرب قلت أين دفن؟ فقال: بالكوفة ليلا و قد غبى عنى دفنه.

190- عنه أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقري قال أنبأنا على بن أحمد بن أبي قيس الرفا قال نبأنا أبوبكر بن أبي الدنيا قال نبأنا عباس بن هشام عن أبيه. قال بويع على بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بالمدينة يوم الجمعة حين قتل عثمان، لاثنتى عشرة ليلة بقين من ذى الحجة؛ فاستقبل المحرم سنة ست و ثلاثين.

قال غير عباس و كانت بيعته في دار عمرو بن محصن الأنصارى ثم أحد بني عمرو بن مبذول يوم الجمعة ثم الجمعة ثم بويع بيعته العامة من الغد يوم السبت في مسجد رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أخبرنا علي بن محمد القرشي قال نبأنا أبو عمر الزاهد محمد بن عبدالواحد قال أخبرني السياري قال أخبرني أبو العباس بن مسروق الطوسي.

قال أخبرني عبدالله بن أحمد بن حنبل قال: كنت بين يدى أبي جالسا ذات يوم؛ فجاءت طائفة من الكرخيين فذكروا خلافة أبي بكر و خلافة عمر بن الخطاب و خلافة عثمان بن عفان فأكثروا و ذكروا خلافة علي بن أبى طالب (علیه السلام) و زادوا فأطالوا، فرفع أبى رأسه اليهم. فقال: يا هؤلاء، قد أكثرتم القول في علي و الخلافة و الخلافة و على أن الخلافة لم تزين علياً بل على زينها.

191- قال السياري: فحدثت بهذا بعض الشيعة. فقال لي: قد أخرجت نصف ما كان في قلبي على أحمد بن حنبل من البغض.

ص: 345

192- عنه أخبرنا على بن القاسم البصري قال نبأنا على بن اسحاق المادرائي قال أنبأنا الصفاتي محمد بن اسحاق قال نبأنا إسماعيل بن أبان الوراق قال حدثنا أبو عبدالله المحلمي عن سماك عن جابر بن سمرة. قال قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي: من أشقى الأولين؟ قال: عاقر الناقة. قال: فمن أشقی الآخرين. قال الله و رسوله أعلم، قال: قاتلك.

193- عنه أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق البزاز، قال أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق، قال: أنبأنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبدالله -يعني أحمد بن حنبل، قال: حدثنا اسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال: و قتل علي بن أبي طالب، في رمضان يوم الجمعة السبع عشرة ليلة من رمضان سنة أربعين و كانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.

194- عنه أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقري، قال: أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قيس، قال: نبأنا عبدالله بن محمد بن عبيد، قال: نبأنا الحسين ابن علي العجلي قال نبأنا حسين الجعفي، قال: سمعت سفيان ابن عيينة يسأل جعفر بن محمد: كم كان لعلي يوم قتل؟ قال: ثمان و خمسون

195- عنه أخبرنا ابن بشران: قال أنبأنا الحسين بن صفوان قال أنبأنا ابن ابي الدنيا، قال: أنبأنا محمد بن سعد قال: أنبأنا محمد بن عمر قال: أنبأنا على بن عمر، قال: أنبأنا علي بن عمر بن علي بن حسين عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال سمعت ابن الحنفية يقول: سنة الجحاف، حين دخلت إحدى و ثمانون: هذه لي خمس و ستون سنة و قد جاوزت سن أبي. قلت: و كم كانت سنه يوم قتل. قال: ثلاث و ستون.

196- عنه أخبرنا ابن زرق قال أنبأنا علي بن عبدالرحمان بن عيسى الكوفي قال نبأنا محمد بن منصور المرادي قال حدثني أبو الطاهر - يعني

ص: 346

أحمد بن عيسى العلوي- قال حدثني أبي عن أبي عن جده عن الحسن بن علي. قال: دفنت أبيه على بن أبي طالب فى حجلة، أو قال - في حجرة- من دور آل جعدة بن هبيرة.

197- عنه أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق قال أنبأنا الوليد بن بكر الأندلسي قال حدثنا على بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلى قال حدثني أبى. قال: و علي بن أبى طالب قتل بالكوفة، قتله عبدالرحمن بن ملجم المرادي و قتل عبدالرحمن أبى الحسن بن علي، و دفن علي بالكوفة فلا يعلم أين موضع قبره.

198- قال البلاذري روى المدائني عن مسلمة بن محارب، عن داود بن هند عن الشعبي قال: حج ناس من الخوارج سنة تسع و ثلاثين، و قد اختلف عامل علي و عامل معاوية، فاصطلح الناس على شبيب بن عثمان، فلما انقضى الموسم أقام الخوارج مجاورين فقالوا: كان هذا البيت معظما في الجاهلية، جليل الشأن في الإسلام، و قد انتهك هؤلاء حرمته، فلو أن قوما شروا أنفسهم فقتلوا هذين الرجلين اللذين.

قد أفسدا في الأرض، و استحلا حرمة هذا البيت، استراحت الأمة، و اختار الناس لهم إماما. فقال عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله: أنا أكفيكم أمر عليّ. و قال الحجاج بن عبد الله الصريمي، و هو البركة: أنا أقتل معاوية. فقال دأذويه مولى بني حارثة بن كعب بن العنبر و اسمه عمرو بن بكر: و الله ما عمرو بن العاص بدونهما، فأنا له فتعاقدوا على ذلك، ثم إنهم اعتمروا عمرة رجب.

فقدم ابن ملجم الكوفة و جعل يكتم أمره، فتزوج قطام بنت علقمة من تيم الرباب- و كان علي قتل أخاها- فأخبرها بأمره، و كان أقام عندها

ص: 347

ثلاث ليال فقالت له في الليلة الثالثة لشدّ ما أحببت لزوم أهلك و بيتك و أضربت عن الأمر الذي قدمت له.

فقال: إن لي وقتا و اعدت عليه أصحابي و لن أجاوزه. ثم إنه قعد لعلي فقتله، ضربه على رأسه و ضرب ابن عم له عضادة الباب، فقال على- حين وقع به السيف- فزت و رب الكعبة.

199- عنه قال الكلبي: هو عبد الرحمان بن عمرو بن ملجم بن المكشوح ابن نفر بن كلدة من حمير، و كان كلدة أصاب دما في قومه من حمير، فأتى مراد فقال أتيتكم تجوب بي ناقتي الأرض فسمي تجوب

200- عنه حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، و عمرو بن محمد الناقد، قال: حدثني أبو داود الطيالسي أنبأنا شعبة، أنبأنا سعد بن إبراهيم قال: سمعت عبيد الله بن أبي رافع قال شهدت عليا و قد اجتمع الناس عليه أدموا رجله فقال: اللهم إني قد كرهتهم و كرهوني فأرحني منهم و أرحهم مني قال عبيد الله بن أبي رافع فما بات إلا تلك الليلة.

201- عنه حدثنا زهير بن حرب أبو خيثمة، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا ابن جعدبة عن صالح بن كيسان: قال مكث معاوية بالشام و علي بالعراق و عمرو ابن العاص بمصر، بعد أن قتل ابن حديج محمد بن أبي بكر بمصر. ثم إن نفرا اجتمعوا على أن يعدوا عليهم في ساعة واحدة فيقتلوهم ليريحوا الأمة منهم زعموا ذلك. فأما صاحب علي فقتله حين خرج لصلاة الصبح، و الصلاة الصبح و أما صاحب معاوية فطعنه و هو دارع- فلم يضره، و أما عمرو بن العاص فخرج أمامه خارجة ابن أبي خارجة من بني عدي بن كعب، فظن الرجل انه عمرو بن العاص، فشد عليه فقتله، و رجع عمرو وراءه.

ص: 348

فلما قتل علي تداعى أهل الشام إلى بيعة معاوية، فقال عبد الرحمان بن خالد بن الوليد نحن المؤمنون و معاوية أميرنا و هو أمير المؤمنين فبايع له أهل الشام و هو بإيليا لخمس ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة أربعين، فكان ما بين قتل عثمان و بيعة الناس لمعاوية أربع سنين و شهرين و سبع عشرة ليلة.

202- عنه حدثني عباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن عوانة قال: قال الشعبي لم يزل الناس خائفين لهذه الخوارج على علي مذ حكم الحكمين و قتل أهل النهروان حتى قتله ابن ملجم- لعن الله ابن ملجم-

203- عنه حدثني محمد بن سعد، عن الواقدي و حدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه، عن لوط بن يحيى و عوانة ابن الحكم و غيرهما: قالوا اجتمع ثلاثة نفر من الخوارج بمكة، و هم عبد الرحمان بن ملجم الحميري- و عداده في مراد و هو حليف بني جبلة من كندة و يقال

إن مراد أخواله- و البرك بن عبد الله التميمي ثم الصريمي صريم مقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة ابن تميم- و يقال: إن اسم البرك الحجاج- و عمرو بن بكير- و يقال: بكر أحد بني سعد بن زيد مناة بن تميم- فتذاكروا أمر إخوانهم الذين قتلوا بالنهروان، و قالوا:

و الله ما لنا خير في البقاء بعدهم فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال و الفتنة فأرحنا العباد منهم ثائرين بإخواننا لرجونا الفوز عند الله غدا فتعاهدوا و تعاقدوا ليقتلن علي بن أبي طالب، و معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص، ثم توجه كل رجل منهم إلى البلد الذي فيه صاحبه

فقدم عبد الرحمان بن ملجم الكوفة و شخص البرك إلى الشام و شخص عمرو بن بكير- و يقال بكر- إلى مصر و جعلوا ميعادهم ليلة

ص: 349

واحدة و هي ليلة سبع عشرة من شهر رمضان.

فأما البرك فإنه انطلق في ليلة ميعادهم فقعد لمعاوية، فلما خرج ليصلى الغداة شد عليه بسيفه، فأدبر معاوية فضرب طرف إليته ففلقها و وقع السيف في لحم كثير، و أخذ البرك فقال: إن لك عندي خبرا سارا:

قد قتل في هذه الليلة علي بن أبي طالب، و حدثه بحديثهم. و عولج معاوية حتي برأ و أمر بالبرك فقتل.

و قيل: ضرب البرك معاوية و هو ساجد، فمذ ذاك جعل الحرس يقومون علي رؤس الخلفاء في الصلاة و اتخذ معاوية بعد ذلك المقصورة. و روى بعضهم أن معاوية لم يولد له بعد الضربة، و أن معاوية كان أمر بقطع يد البرك و رجله ثم تركه فصار إلى البصرة فولد له في زمن زياد فقتله و صلبه و قال له ولد لك و تركت أمير المؤمنين لا يولد له.

و أما عمرو بن بكير- و يقال: بكر- فرصد عمرو بن العاص في ليلة سبع عشرة من شهر رمضان «فلم يخرج في تلك الليلة لعلة وجدها في بطنه و صلي بالناس خارجة بن حذافة العدوي فشد عليه و هو يظنه عمرا فقتله، و أخذ فأتي به عمرو فقتله و قال أردت عمرا و أراد الله خارجة فذهبت مثلا

و أما ابن ملجم قاتل علي فإنه أتى الكوفة، فكان يكتم أمره، و لا يظهر الذي قصد له، و هو في ذلك يزور أصحابه من الخوارج فلا يطلعهم على إرادته، ثم إنه أتى يوما قوما من تيم الرباب فرأى امرأة منهم جميلة يقال لها قطام بنت شجنة- و كان علي قتل أباها شجنة بن عدي، و أخاها الأخضر بن شجنة يوم النهروان- فهواها حتى أذهلته عن أمره.

فخطبها، فقالت لا أتزوجك إلا على عبد و ثلاثة آلاف درهم و قينة

ص: 350

و قتل علي بن أبي طالب فقال: أما الثلاثة الألاف و العبد و القينة فمهر، و أما قتل علي بن أبي طالب فما ذكرته و أنت تريدينه فقالت بلى تلتمس غرته فإن أصبته و سلمت شفيت نفسي و نفعك العيش معي و إلا فما عند الله خير لك مني. فقال: و الله ما جاءني إلا قتل علي.

و لقي ابن ملجم رجلا من اشجع يقال له شبيب بن بجرة فدعاه إلى مظاهرته على قتل علي فقال: أقتل عليا مع سابقته و قرابته مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)؟ فقال: إنه قتل إخواننا فنحن نقتله ببعضهم.

فأجابه. و جاء ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين و هذا هو الثبت. و بعضهم يقول: جاء لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان و يقال: لإحدى عشرة ليلة خلت من غيره. و ذلك باطل و كانت تلك الليلة الميعاد الذي ضربه ابن ملجم و صاحباه في قتل علي و معاوية و عمرو،

فجلس ابن ملجم مقابل السدة التي كان على يخرج منها- و لم يكن ينزل القصر إنما نزل في أخصاص في الرحبة التي يقال لها رحبة على- فلما خرج لصلاة الصبح وثب ابن ملجم

فقال: الحكم لله يا علي لا لك فضربه على قرنه فجعل علي يقول: لا يفوتنكم الرجل و شد الناس عليه فأخذوه. و يقال: إن المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب استقبله بقطيفة فضرب بها وجهه ثم اعترضه فصرعه و اوثقه.

و ضرب شبيب بن بجرة ضربة أخطأت عليا و وقعت بالباب و دخل بين الناس فنجا- ثم إنه بعد ذلك خرج يعترض الناس بقرب الكوفة، فبعث إليه المغيرة بن شعبة و هو واليها خيلا فقتله.

ص: 351

و كان مع ابن ملجم و شبيب رجلا يقال له وردان بن المجالد التيمي- و هو ابن عم قطام بنت شجنة- فهرب و تلقاه عبد الله بن نجبة ابن عبيد، أحد بني تيم الرباب أيضا، فقال له: مالي أرى السيف معك- و كان معصبا بالحرير لكي يفلت إذا تعلق به- فلما سأله عن السيف لجلج و قال: قتل ابن ملجم و شبيب بن بجرة أمير المؤمنين. فأخذ السيف منه فضرب به عنقه فأصبح قتيلا في الرباب.

و كان علي شديد الأدمة ثقيل العينين ضخم البطن أصلع ذا عضلات و مناكب، في أذنيه شعر قد خرج من أذنه، و كان إلى القصر أقرب.

204- عنه قالوا: لم يزل ابن ملجم تلك الليلة عند الأشعث بن قيس يناجيه حتى قال له الأشعث: قم فقد فضحك الصبح. و سمع ذلك من قوله حجر ابن عدي الكندي فلما قتل علي قال له:حجر يا أعور أنت قتلته.

205- عنه قال المدائني قال مسلمة بن المحارب: سمع الكلام عفيف عم الاشعث فلما قتل علي قال عفيف هذا من عملك و كيدك يا أعور

و يقال: إن رجلا من حضرموت لحق ابن بجرة فصرعه و أخذ سيفه فقال الناس: خذوا صاحب السيف. فخاف أن ينقاووا عليه و لا يسمعوا منه فألقی السيف و مضى و هرب ابن بجرة.

206- عنه حدثني أبو مسعود الكوفي، و غيره أن عوانة بن الحكم حدث أن ابن ملجم كان في بكر بن وائل فمرت به جنازة أبجر بن جابر العجلي- و كان نصرانيا و نصارى الحيرة يحملونه- و مع ابنه حجار بن أبجر شقيق بن ثور و خالد بن المعمر و حريث بن جابر و جماعة من المسلمين يمشون في ناحية إكراما لحجار،

قلما رأهم ابن ملجم أعظم ذلك و أراد غيرا منهم، ثم قال لو لا أني

ص: 352

أعد سيفى لضربة هي أعظم عند الله أجرا و ثوابا من ضرب هؤلاء، لاعترضتهم فإنهم قد أتوا أمرا عظيما، فأخذ و أتي به إلى علي فقال: هل أحدث حدثا؟ قالوا: لا. فخلى سبيله.

207- عنه قالوا: و كان ابن ملجم يعرض سيفه فإذا أخبر أن فيه عيبا أصلحه، فلما قتل علي قال: لقد أحددت سيفي بكذا و سعمته بكذا، و ضربت به عليا ضربة لو كانت بأهل المصر، لأتت عليهم.

208- عنه روي عن الحسن بن علي قال أتيت أبي سحيرا فجلست إليه فقال: إني بتّ الليلة أرقا، ثم ملكتني عيني و انا جالس فسنح لي رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فقلت له: يا رسول الله ما ذا لقيت أمتك من الأود و اللدد؟ فقال: ادع عليهم فقلت:

اللهم أبدلني بهم خيرا لي منهم و أبدلهم بي شرا لهم مني و دخل ابن النباح عليه فقال الصلاة. فأخذت بيده فقام و مشى ابن النباح بين يديه و مشيت خلفه، فلما خرج من الباب نادى أيها الناس الصلاة الصلاة، و كذلك كان يصنع في كل يوم و يخرج و معه درته يوقظ الناس،

فاعترضه الرجلان فرأيت بريق السيف و سمعت قائلا يقول: الحكم يا علي لله لا لك. ثم رأيت سيفا ثانيا، فأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته إلي قرنه و وصل إلى دماغه و أما سيف ابن بجرة فوقع في الطاق و قال على: لا يفوتنكم الرجل.

فشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب بن بجرة فأفلت و أما ابن ملجم فأخذ و أدخل على علي، فقال أطيبوا طعامه و ألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي فإما عفوت و إما اقتصصت، و إن أمت فألحقوه بي و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.

ص: 353

209- عنه قالوا: و بكت أم كلثوم بنت علي و قالت لابن ملجم- و هو أسير-: يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين؟ قال: لم أقتل أمير المؤمنين و لكني قتلت أباك فقالت: و الله إني لأرجو أن لا يكون عليه بأس. قال فلم تبكين إذا أعلى تبكين؟

و الله لقد أرهقت السيف و نفيت الخوف و خنثت الأجل و قطعت الأمل و ضربته ضربة لو كانت بأهل عكاظ- و يقال: بربيعة و مضر- لأتت عليهم، و الله لقد سعمته شهرا فإن أخلفني فأبعده الله سيفا و أسحقه.

210- عنه و يقال: إن أمامة بنت أبي العاص بن الريبع و ليلى بنت مسعود النهشلية، و أم كلثوم بكين عليه و قلن: يا عدوا الله لا بأس على أمير المؤمنين فقال فعلى من تبكين إذا أعلي تبكين؟

211- عنه قالوا: و بعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي فقال أي بني انظر كيف أصبح الرجل و كيف تراه، فنظر إليه ثم رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه فقال الأشعث: عينا دميغ و رب الكعبة.

212- عنه قالوا: و مكث على يوم الجمعة و يوم السبت، و توفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين، و غسله الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر و ابن الحنفية، و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و نزل في قبره هؤلاء جميعا، و دفنه معهم عبيد الله بن العباس، و حضره جماعة من أهل بيته و الناس بعد، و صلي عليه الحسن ابنه و كبر عليه أربعا.

213- عنه حدثني الحسين بن علي بن الأسود، و غيره قالوا: حدثنا وكيع، عن يحي بن مسلم، عن عاصم بن كليب، عن أبيه. و حدثني عمرو

ص: 354

الناقد عن شبابة بن سوار، عن قيس بن الربيع، عن بيان، عن الشعبي: أن الحسن بن علي صلى على علي و كبّر أربعا.

214- عنه حدثني بكر بن الهيثم عن عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي، عن أبي صالح، قال: لما قتل علي صلى عليه الحسن و إليه أوصى و كبر عليه أربعا.

215- عنه حدثني عمرو بن محمد، و بكر بن الهيثم، و أبو بكر ابن الأعين قالوا: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين عن خالد بن إلياس، عن إسماعيل ابن عمرو بن سعيد بن العاص بمثله.

216- عنه قالوا: و دفن علي بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة مما يلي أبواب كندة قبل انصراف الناس من صلاة الفجر و يقال دفن في الغري و يقال في الكناسة. و يقال: بالسدة. و غمي قبره مخافة أن ينبشه الخوارج فلم يعرف.

217- عنه روي عن شريك بن عبد الله انه قال: حمل الحسين ابن علي بعد صلح الحسن معاوية أباه في تابوت فدفن بالمدينة عند فاطمة عليها السلام

218- عنه قالوا: و كان الحسين بالمدائن قد قدمه أبوه إليها و هو يريد المسير إلى الشام، فكتب إليه الحسن بما حدث من أمر أبيه مع زجر بن قيس الجعني فلما أتاه زحر بالكتاب انصرف بالناس إلى الكوفة. و قال بعضهم: إن الحسين كان حاضرا قتل أبيه. و كانت خلافته الا أربع سنين و تسعة أشهر. و يقال: عشرة أشهر.

و كان له يوم توفي ثلاث و ستون سنة- و ذلك هو الثبت-. و يقال: إنه توفي و له تسع و خمسون سنة.

ص: 355

219- عنه حدثنا محمد بن سعد عن الواقدي، عن ابن أبي سبرة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت ابن الحنفية يقول حين دخلت سنة إحدى و ثمانون- و هي سنة الجحاف و نوه لي خمس و ستون، قد جاوزت عمر أبي قلت فكم كانت سنة يوم قتل؟ قال: قتل و له ثلاث و ستون سنة.

220- عنه حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، و عبد الله بن أبي شيبة،:قالا حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين عن شريك، عن أبي إسحاق قال: توفي علي و له ثلاث و ستون سنة.

221- عنه حدثنا محمد بن ربيعة الكلابي، عن طلق الأعمى عن جدته قالت كنت أنوح أنا و أم كلثوم بنت علي علی علي (علیه السلام).

222- عنه حدثنا عمرو بن محمد الناقد، و إسحاق الفروي أبو موسى قالا: حدثنا عبد الله بن نمير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، قال: سمعت الحسن يخطب فذكر أباه و فضله و سابقته ثم قال: و الله ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا سبع مائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادما.

223- عنه عن المدائني عن يعقوب بن داود الثقفي، عن الحسن بن بزيع ان عليا خرج في الليلة التي ضرب في صبيحتها في السحر و هو يقول:

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيك

و لا تجزع من الموت*** إذا حلّ بواديك

فلما ضربه ابن ملجم قال فزت و رب الكعبة. و كان أخر ما تكلم به «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ»

ص: 356

224- عنه حدثنا محمد بن سعد، أنبأنا عبيد الله بن موسى عن موسى ابن عبيدة عن أبي بكر ابن عبد الله بن أنس- أو أيوب بن خالد أو كليهما- شك عبيد الله بن موسى- ان النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال: أشقی الأولين عاقر الناقة، و أشقی الآخرين من هذه الأمة الذي يطعنك يا علي و أشار إلى حيث طعن.

225- عنه حدثني محمد بن سعد، عن أبي نعيم، عن فطر، حدثني أبو الطفيل قال: دعا علي الناس للبيعة فجاءه عبد الرحمان بن ملجم المرادي فرده مرتين ثم أتاه و قال ما يجلس أشقاها ليخضبن أو قال: ليصبغن هذه اللحية من جبهته ثم تمثل:

أشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيك

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بواديك

226- عنه قال محمد و في حديث آخر: و الله إنه لعهد النبي الأمي إليّ

227- عنه حدثني عمرو بن محمد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الاسري عن عمارة ابن أبي حفصة، عن أبي مجلز، قال: جاء رجل من مراد إلى علي و هو في المسجد فقال: احترس فإن ها هنا قوما من مراد يريدون قتلك. فقال: إن مع كل إنسان ملكين موكلين يحفظانه، فإذا جاء القدر خليا بينه و بينه و إن الأجل جنّة حصينة.

228- عنه حدثني أبو بكر الأعين و محمد بن سعد، قالا حدثنا الفضل بن دكين أبو نعيم، حدثنا سليمان بن القاسم الثقفي، قال حدثتني أمي عن أم جعفر سرية علي قالت إني لأصبّ على يديه الماء إذ رفع رأسه فأخذ بلحيته فرفعها إلى أنفه ثم قال: واها لك لتخضين بدم. قالت فأصيب يوم الجمعة.

ص: 357

229- عنه حدثنا عباس بن هشام، عن أبيه، عن جده قال: رفع علي لحيته إلى أنفه ثم قال: لتخضين هذه بدم هذه يعني لحيته من دم جبهته.

230- عنه حدثنا وهب بن بقية عن ابن هارون عن هشام بن حسان، عن محمد بن عبيدة قال: قال على ما يحبس أشقاكم أن يجيء فيقتلني اللهم إني قد سئمتهم و سأموني فأرحني منهم و أرحهم مني.

231- عنه حدثنا محمد بن سعد، حدثنا خالد بن مخلد و محمد بن الصلت قال: حدثنا الربيع بن المنذر، عن أبيه عن ابن الحنفية قال: دخل علينا ابن ملجم الحمام، و أنا و الحسن و الحسين جلوس في الحمام فكأنهما اشمازًا منه فقالا: ما أجرأك ما أدخلك علينا؟ فقلت لها: دعاه عنكما فلعمري إنّ ما يريد بكما لأجسم من هذا.

فلما كان يوم أتي به أسيرا قال ابن الحنفية ما أنا اليوم بأعرف به مني يوم دخل علينا الحمام فقال علي: إنه أسير فأحسنوا نزله و أكرموا مثواه فإن بقيت قتلت أو عفوت و إن مت فاقتلوه قتلتي و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.

232- عنه حدثنا محمد بن سعد، حدثنا عفان، حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري، عن محمد بن سيرين قال قال علي عليه السلام للمرادي

أريد حباءه و يريد قتلي*** عذيرك من خليلك من مراد

233- عنه حدثنا عمر و الناقد، حدثنا أبو معاوية، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الأصم قال: قيل للحسن بن علي: إن ناسا من شيعة أبي الحسن يزعمون أنه دابة الأرض و أنه سيبعث قبل يوم القيامة. فقال: كذبوا ليس أولئك شيعته و لكنهم أعداؤه، و لو علمنا ذلك ما قسمنا ميراثه و لا أنكحنا نساءه.

ص: 358

234- عنه حدثنا يوسف بن موسى القطان، و شجاع بن مخلد الفلاس قالا: حدثنا جرير بن عبد الحميد الضبي حدثنا مغيرة، عن قثم مولى علي قال: كتب علي في وصيته إن وصيتي إلى أكبر ولدي غير طاعن عليه في بطن و لا فرج.

235- عنه حدثني عمر بن بكير، عن الهيثم بن عدي، عن مجالد، عن الشعبي، عن زحر بن قيس قال: لما قتل علي أتيت المدائن فلقيني رجل فسألني عن الخبر فأعلمته بمقتل علي فقال: لو جئتنا بدماغه في صرّة لعلمنا أنه لا يموت حتى يذودكم بعصاه.

236- عنه حدثني محمد بن عبد الله بن خالد الطحان، عن أبيه، عن ابن أبي ليلى عن عبد الرحمان بن جندب قال: لما ضرب على قلت يا أمير المؤمنين أبايع حسنا؟ قال: لا آمرك و لا أنهاك. ثم دعا ولده فأمرهم بتقوى الله و الزهد في الدنيا و أن لا يأسوا على ما صرف عنهم منها.

237- عنه عن المدائني عن علي بن هاشم، عن الضحاك بن عميرة أو عمير و قال: رأيت قميص علي الذي أصيب فيه كرابيس سنبلاني، و رأيت أثر دمه فيه كالذي قال علي (علیه السلام).

238- عنه حدثني الحسين بن الأسود، عن يحيى بن آدم، عن شريك و غيره، قال: أوصى علي هذا ما وقف علي بن أبي طالب أوصى به أنه أوقف أرضه القائمة بين الجبل و البحر أن ينكح منها الأيّم، و يفكّ الغارم فلا تباع و لا تشترى و لا توهب حتى يرثها الله الذي يرث الأرض و من عليها و أوصى إلى الحسن بن على غير طاعن عليه في بطن و لا فرج.

239- عنه قالوا و أوصى أن يقوم في أرضه ثلاثة من مواليه و لهم قوتهم، و إن هلك الحسن قام بأمر وصيتي الأكبر فالأكبر من ولدي ممن لا

ص: 359

يطعن عليه.

240- عنه قالوا: و كان ابن ملجم رجلا أسمر حسن الوجه أبلج، شعره من شحمة أذنيه، مسجدا يعنون أن في وجهه أثر السجود- فلما فرغ من أمر علي و دفنه، أخرج إلى الحسن ليقتله، فاجتمع الناس و جاؤا بالنفط و البواري و النار فقالوا نحرقه فقال ولده و عبد الله بن جعفر دعونا نشف أنفسنا منه.

فقالت أم كلثوم بنت علي يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين؟ قال: لو كان أمير المؤمنين ما قتلته. ثم بدر عبد الله بن جعفر فقطع يديه و رجليه و هو ساكت لا يتكلم ثم عمد إلى مسمار محميّ فكحل به عينيه فلم يجزع و جعل يقول: كحلت عمك بملول له مض بملمول ممض ثم قرأ: «أَقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ».

حتى فرغ منها و عيناه تسيلان ثم عولج عن لسانه ليقطع فجزع و مانعهم فقيل له: أجزعت؟ قال: لا و لكني أكره أن أبقى فواقا- أو قال: رفغا- لا أذكر الله فيه بلساني.

فقطعوا لسانه ثم إنهم جعلوه في قوصرة كبيرة و يقال: في بواري و أحرق بالنار، و العباس بن على يومئذ صغير لا يستأن بلوغه. و يقال: إن الحسن ضرب عنقه و قال: لا أمثل به

و مضى إلى الحجاز بمقتل علي سفيان بن أمية بن أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس و لا عتب له فلما بلغت عائشة خبره أنشدت قول البارقي معقر ابن حمار

فألقت عصاها و استقرت بها النوى*** كما قرّ عينا بالإياب المسافر

241- عنه روى بعضهم أن سيف ابن ملجم وقع في الحائط، وأن سيف

ص: 360

ابن بجرة وقع بعلي و ذلك باطل.

242- عنه قال المدائني في بعض روايته ذكر بنو ملجم عبد الرحمان و قيس و يزيد أمر النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و أبي بكر و عمر و عثمان، و ما بعدهم و أمر الحكمين فأجمعوا على قتل علي و معاوية و عمرو بن العاصي فنهاهم أبوهم عن ذلك و أمرتهم أمهم به.

فقال أبوهم: ودّعوا أهلكم فإنكم غير راجعين. فمضوا فخرج عبد الرحمان إلى الكوفة و قيس إلى الشام و يزيد إلى مصر فتولوا أمرهم، و وثب رجل من كلب على قيس فقتله.

و هذا خبر شاذ لا يرويه إلا قوم من الخوارج، و زعم من روى هذا الخبر أن ملجم قال:

لقد حملتكم أمّكم بجهالة*** على لمة شنعاء من كل جانب

فما تركت فيكم لها من مؤمّل*** يؤمّله إلا باس رجع غائب

و قال الشاعر في قتل ابن ملجم عليا عليه السلام:

تضمّن للحسناء لا درّ درّه*** فلاقى عقابا عزّها غير مضرم

و لا مهر أغلا من علي و إن غلا*** و لافتك إلا دون فتك ابن ملجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب عليّ بالحسام المصمّم

و قالت أم العريان بنت الهيثم في علي:

و كنا قبل مقتله بخير*** نری مولى رسول الله فينا

يقيم الحد لا يرتاب فيه*** بعدل في البعيد و الأقربينا

و قال الكميت يذكر قتل علي:

و الوصي الذي أمال التجوبي*** به عرش أمة الانهدام

قتلوا يوم ذاك إذ قتلوه*** حكما لا كسائر الحكام

ص: 361

يعني بالتجوبي ابن ملجم لأن جده تجوب، و الذي قتل عثمان التجيبي و قد ذكرنا خبره

حدثني عبد الرحمان بن صالح الأزدي، عمن حدثه عن الشعبي عمن سمع النادبة تندب عليا بشعر كعب بن زهير و هو

إنّ عليّا لميمونة نقيبته*** بالصالحات من الأعمال محصور

صهر النبي و خير الناس كلهم*** فكل من رامه بالفخر مفخور

صلى الإله على الأمّي أولهم*** قبل العباد و ربّ الناس مكفور

بالعدل قام صليبا حين فارقه*** أهل الهوى من ذوي البهتان و الزور

يا خير من حملت نعلا له قدم*** الأنبياء لديه البغي مهجور

و قال أبو الأسود الدؤلي:

ألا أبلغ معاوية بن حرب*** فلا قرّت عيون الشامتينا

قتلتم خير من ركب المطايا*** و أكرمهم و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاها*** و من قرأ المثاني و المئينا

و قد علمت قريش حيث كانت*** بأنك خيرهم حسبا و دينا

و قال هشام بن الكلبي: قال ابن ميناس المرادي

و نحن ضربنا يا ابنة الخير حيدرا*** أبأحسن مأمومة فتفطرا

نحن خلعنا ملكه عن نصابه*** بضربة فصل إذ علا و تجبرا

و عادتنا قتل الملوك و عزّنا*** صدور القنا لما لبسنا السنورا

و نحن كرام في الصباح أعزّة*** إذا الموت بالموت ارتدا و تأزرا

و قال النجاشي الشاعر:

و كنا إذا ماحية أعيت الرتا*** و آبت بصر يقطر السم نابها

دسسنا لها تحت العجاج ابن ملجم*** جرباء إذا ماجاء نفسا كتابها

ص: 362

243- عنه حدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن عوانة، عن عبد الملك بن عمير ان الحجاج بن يوسف عمل في القصر بالكوفة عملا فوجد شيخا أبيض الرأس و اللحية مدفونا فقال أبو تراب و الله و أراد أن يصلبه فكلمه عنبسة بن سعيد في ذلك و سأله أن لا يفعل فأمسك.

و قال مصقلة بن هبيرة:

قضى وطرا منها علي فأصبحت*** إمارته فينا أحاديث راكب

244- قال ابن عساكر: أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو بكر الشامي أخبرنا أبو الحسن العقيق، أنبأنا يوسف بن أحمد بن الدخيل، أنبأنا محمد بن عمر العقيلي، أنبأنا الحسن بن محمد بن مصعب، أنبأنا عباد بن يعقوب، أنبأنا حسين بن حماد

أنبأنا فطر بن خليفة عن أبي وائل قال: قال علي (علیه السلام): و الله ما ضل و لا ضل بي و لا نسيت الذي قيل لي و إني لعلي بينة من ربي تبعني من تبعني و تركنى من تركني.

245- عنه أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، أنبأنا أحمد بن الحسن بن محمد أنبأنا الحسن بن أحمد المخلدي، أنبأنا أبو بكر الإسفراينى، أنبأنا موسى بن... أنبأنا نعيم بن حماد، أنبأنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه:

عن عبيد الله بن أبي رافع قال: لقد سمعت علياً و قد وطيء الناس على عقبيه حتى أدموهما و هو يقول: اللهم إني قد مللتهم و ملوني فأبدلني خيراً منهم و أبدلهم بي شراً مني.

قال عبیدالله ابن أبي رافع فما كان إلا ذلك اليوم حتى ضرب على رأسه.

246- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو بكر بن

ص: 363

الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب ابن عبد العزيز بن عبدالله الأويسي، أنبأنا إبراهيم بن سعد عن شعبة، عن أبي عون محمد بن عبدالله الثقفي.

عن أبي صالح الحنفي قال: رأيت علي بن أبي طالب (علیه السلام) آخذاً بمصحف فوضعه على رأسه حتى إنى لأرى ورقه تتقعقع ثم قال: اللهم إنهم منعوني ما فيه فأعطني ما فيه.

ثم قال: اللهم إني قد مللتهم و ملوني و أبغضتهم و أبغضوني و حملوني على غير خلقي و على أخلاق لم تكن تعرف لي فأبدلني بهم خيرا لي منهم و أبدلهم بي شرًا مني، اللهم أمث قلوبهم ميث الملح في الماء. قال إبراهيم: يعني أهل الكوفة.

247- عنه أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، و أبو المظفر بن القشيري، قالا: أنبأنا أبو عثمان البحيري، أنبأنا جدي أبو الحسين، أنبأنا أبو محمد أحمد بن إبراهيم بن عبد الله، أنبأنا نصر بن زياد، أنبأنا جرير، عن الأعمش عن عمرو بن مرة، عن عبدالله بن الحرث عن زهير بن الأقمر الزبيدي قال: خطبنا علي فقال:

أنبئت بسراً قد أطلع اليمن و إنى و الله قد حسبت أن يدخل هؤلا القوم عليكم، و ما بي أن يكونوا أولى بالحق منكم و لن تطيعوني في الحق كما يطيعون أمامهم فى الباطل، و ما ظهروا عليكم و لكن بصلاحهم في أرضهم و فسادكم في أرضكم و طواعيتهم إمامهم و عصيانكم امامكم، و بأدائهم الأمانة و خيانتكم.

استعملت فلاناً فخان و غدر و استعملت فلانا فخان و غدر و استعملت فلانا فخان و غدر و حمل المال إلى معاوية، فو الله لو أني أمنت

ص: 364

أحدكم على قدح لخشيت أن يذهب بعلاقته.

اللهم قد كرهتهم و كرهوني و سئمتهم و سأموني اللهم فأرحني منهم و أرحهم مني، قال زهير بن الأقمر فما جمع أمير المؤمنين (علیه السلام) بعد هذا الكلام.

248- عنه أخبرنا أبو الوفاء عمرو بن الفضل بن أحمد بن المميز أنبأنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، أنبأنا إبراهيم بن عبدالله بن خرشيد قوله، أنبأنا عمر بن الحسن؛ أنبأنا أبو يعلى المسمعي، أنبأنا عبدالعزيز بن الخطاب، أنبأنا ناصح بن عبدالله المحلمي عن عطاء بن السائب عن أنس بن مالك، قال مرض علي بن أبي طالب (علیه السلام) فدخل عليه النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فتحولت عن مجلسي فجلس النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) حيث كنت جالساً و ذكر كلاماً فقال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم): إن هذا لا يموت حتى يملأ غيظاً و لن يموت إلا مقتولا.

249- عنه أخبرنا أبو غالب ابن البناء أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون، أنبأنا أبو الحسن الدار قطني، أنبأنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن بشر البجلي الكوفي الحرار، أنبأنا علي بن الحسين بن عبيد بن كعب، أنبأنا إسماعيل بن ابان، عن ناصح أبي عبدالله:

عن سماك بن حرب، عن أنس بن مالك، قال: كان على بن أبى طالب (علیه السلام) مريضاً فدخلت عليه و عنده أبو بكر و عمر جالسان، قال فجلست عنده فما كان إلا ساعة حتى دخل نبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فتحولت عن مجلسي فجاء النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) حتى جلس في مكاني و جعل ينظر في وجهه، فقال أبو بكر أو عمر يا نبي الله لا نراه إلا لما به فقال: لا يموت هذا الآن و لن يموت إلا مقتولا.

250- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن

ص: 365

مسعدة الجرجاني أنبأنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي أنبأنا أبو أحمد عبدالله بن عدي الجرجاني أنبأنا أحمد بن الحسين الصوفي أنبأنا عباد بن يعقوب، أنبأنا علي بن هاشم عن ناصح - يعني ابن عبدالله المحلمي-:

عن سماك عن جابر بن سمرة. قال قال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي: إنك مستخلف و مقتول و إن هذه مخضوب من هذه يعنى لحيته من رأسه.

251- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو القاسم بن مسعدة أنبأنا حمزة بن يوسف أنبأنا أبو أحمد بن عدي أنبأنا محمد بن الحسن بن حفص، أنبأنا عباد بن يعقوب، أنبأنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبيدالله عن أبيه عن جده أبى رافع أن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لعلي: أنت تقتل على سنتي.

252- عنه أخبرنا أبو القاسم الشحامي، أنبأنا أبو سعد الجنزودي أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، أنبأنا أبو جعفر محمد بن عبد الرحمان الارزناني الإصبهاني أنبأنا إبراهيم بن سعدان أنبأنا بكر بن بكار، أنبأنا حمزة بن حبيب الزيات أنبأنا حكيم بن جبير:

عن سالم بن أبي الجعد، عن علي قال: ألم يأن لأشقاها لتخصين هذه من هذه، يعنى لحيته من رأسه. قالوا: يا أمير المؤمنين أفلا تستخلف علينا؟ قال: لا و لكن أكلكم إلى ما وكلكم إليه نبيكم(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

253- عنه أخبرنا أبو نصر الله بن محمد الفقيه، و أبو محمد بن طاووس قالا: أنبأنا علي بن محمد بن محمد بن الخطيب بالأنبار، أنبأنا أبو عمر بن مهدي، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار أنبأنا محمد بن مندة، أنبأنا بكر بن بكار، أنبأنا حمزة الزيات، أنبأنا حكيم بن جبير:

عن سالم بن أبي الجعد، عن علي أنه قال: ليخصبن هذه من هذه، يعنى

ص: 366

لحيته من رأسه. قالوا: يا أمير المؤمنين فلا أحد يفعل ذلك لا أبرنا عترته قال: أذكر الله عبداً قتل بي غير قاتلي قالوا: يا أمير المؤمنين أفلا تستخلف علينا؟ قال: لا و لكني أكلكم إلى ما أكلكم إليه نبي الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم). قالوا: فما تقول لربك إذا اتيته؟ قال: أقول: اللهم أبقيتني فيهم ما بدا لك أن تبقيني ثم توفيتنى فتركنتك فيهم إن شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

254- عنه أنبأنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الحداد و أخبرني أبو المعالي عبدالله بن أحمد بن محمد الحلواني عنه أنبأنا أبو علي احمد بن محمد بن إبراهيم بن يزداد أنبأنا عبدالله بن جعفر بن أحمد بن فارس، أنبأنا أحمد بن يونس بن المسيب الضبي، أنبأنا محاضر أنبأنا الأعمش:

عن سالم عن عبد الله بن سبع قال: سمعت عليا يقول: لتخضبن هذه من هذه قالوا يا أمير المؤمنين أخبرنا به و الله لنبيرن عترته فقال: أنشد الله أن يقتل بي غير قاتلي. قالوا: استخلف علينا. قال: لا أدعكم إلى ما ودعكم رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم). قالوا: ما تقول لربك؟ قال: أقول:

اللهم تركتني فيهم ما بدالك فلما قبضتني تركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

255- عنه و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، و أبو البركات ابن الأنماطى قالا: أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أنبأنا محمد بن هارون الحضرمي:

أنبأنا اسحاق بن إبراهيم الشهيدي قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: خطب علي بن ابي طالب(علیه السلام) فقال ما يمنعه أن يقوم يخضب هذه من هذا، قالوا يا أمير المؤمنين أما اذ عرفته فأرناه نبير عترته قال: أنشد الله

ص: 367

رجلا قتل بي غير قاتلي قالوا فأوصه قال: أكلكم إلى ما أكلكم الله و رسوله قالوا فما تقول لربك إذا قدمت عليه؟ قال: أقول: كنت فيهم حى توفيتني و هم عبادك ان شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

كذا رواه وكيع، و محاضر بن المورع عن الأعمش. و رواه الشهيدي عن أبي بكر بن عياش و رواه الأسود بن عامر عن شاذان عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل و رواه جرير بن عبدالحمید و الحربي: عبد الله بن داوود، عن الأعمش، عن سلمة، عن سالم.

256- عن فأما حديث أسود بن عامر فأخبرناه أبو القاسم ابن الحصين، أنبأنا أبو علي بن المذهب.

حيلولة و أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر، أنبأنا أبو محمد الجوهري، قالا: أنبأنا أبو بكر بن مالك، أنبأنا عبدالله بن أحمد، حدثني أبي، أبنأنا أسود بن عامر، أنبأنا أبو بكر، عن الأعمش

عن سلمة بن كهيل، عن عبدالله بن سبع قال خطبنا علي فقال:

و الذي فلق الحبة و براً النسمة لتخضين هذه من هذه، قال: قال الناس فأعلمنا من هو و الله لنبيرنه أو لنبيرن عترته. قال: أنشدكم بالله أن يقتل بي غير قاتلي قالوا: إن كنت قد علمت ذلك استخلف إذن. قال: لا و لكن أكلكم إلى ما وكلكم إليه رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

257- عنه أخبرناه أبو المظفر بن القشيري، أنبأنا أبو سعد الأديب، أنبأنا أبو عمرو بن حمدان.

حيلولة و أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه، و أبو منصور الحسين بن طلحة بن الحسين الصالحاني، قالا: أنبأنا قالا: أنبأنا إبراهيم بن منصور أنبأنا أبو بكر ابن المقري قال: أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا زهير - و قال

ص: 368

ابن المقرئ: أنبأنا أبو خيثمة.

عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع، قال: خطبنا علي بن أبي طالب (علیه السلام) فقال: و الذي فلق الحبة و برئ النسمة لتخضين هذه من هذه يعنى لحيته من دم رأسه.

قال: فقال رجل و الله لا يفعل ذلك أحد إلا أبرنا عترته فقال: أذكر الله أو أنشد الله أن يقتل بي إلا قاتلى. فقال رجل: ألا تستخلف يا أمير المؤمنين قال: لا و لكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم). قالوا: فما تقول لله إذا لقيته. قال: أقول: اللهم تركتني فيهم ما بدالك ثم توفيتني و تركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

258- عنه أخبرناه أبو محمد بن طاووس، أنبأنا أبو الغنائم ابن أبي عثمان، أنبأنا عبد الله بن عبيدالله بن يحيى بن زكريا، أنبأنا البيع أنبأنا أبو عبد الله المحاملي أنبأنا يوسف بن موسى القطان، أنبأنا جرير عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل:

عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع -هكذا قال جرير -قال: قام علي (علیه السلام) فقال: و الذي فلق الحبة و برئ النسمة لتخضين هذه من دم هذا، قال: لحيته من دم رأسه.

قال: فقال رجل: و الله لا يفعل ذلك أحد إلا أبرنا عترته قال: أذكر الله أو أنشد الله أن يقتل إلا قاتلى. قال: فقال رجل: ألا تستخلف يا أمير المؤمنين.

قال: لا و لكن أترككم إلى ما تركني إليه رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم). قالوا: فما تقول لله إذا لقيته. قال: أقول: اللهم تركتني فيهم ما بدالك أن تركتني ثم توفيتني و تركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

ص: 369

259- عنه أخبرناه أبو القاسم الواسطي و أبو منصور محمد بن عبدالملك بن خيرون قالا: أنبأنا أبو الحسن بن سعد، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبدالله، أنبأنا القاضي أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل المحاملي أنبأنا علي بن محمد بن معاوية، أنبأنا عبدالله بن داوود عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل:

عن سالم بن أبي الجعد عن عبدالله بن سبع قال سمعت علياً على المنبر و هو يقول: ما ينظر أشقاها عهد إلى رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لتخضين هذه من دم هذا، و أشار عبدالله بن داوود إلى لحيته و رأسه- فقالوا: يا أمير المؤمنين أخبرنا من هو حتى نهتدره، فقال: أنشد الله رجلا قتل بي غير قاتلى. قالوا: ألا تستخلف.

260- عنه أنبأناه أبو بكر الشيروي و حدثنا أبو المحاسن عبد الرزاق ابن محمد عنه.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم الواسطي، أنبأنا أبو بكر الخطيب، قالا: أنبأنا القاضي أبو بكر الحيري، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن حبيبة القرشي، أنبأنا يحيى بن الحسن بن الفرات العرار، أنبأنا محمد بن عمر، عن أبان بن تغلب:

عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع قال: قال: علي بن أبي طالب قبل أن يضرب بثلاث: أين شقيكم هذا؟ أم و الله لتخضين هذه من هذه فلما ضرب دخلت عليه فقلت: يا أمير المؤمنين استخلف قال: لا و لكن تركتم كما تركهم رسولك- وفي حديث الخطيب: رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) إن شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

261- عنه أخبرناه أبو الوفاء عمر بن الفضل بن أحمد بن المميز

ص: 370

بإصبهان، أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الطيان أنبأنا أبو اسحاق إبراهيم بن عبدالله ابن خرشيد قوله أنبأنا أبو الحسين عمر بن الحسن بن علي الشيباني، أنبأنا أبو الحسن بن العباس المقرئ أنبأنا محمد بن حميد، أنبأنا هارون بن المغيرة، أنبأنا عنبسة عن الزبير بن عدي عن أبيه عن علي قال: عهد إلى النبي الأمي أن تخضب هذا من دم هذه. يعنى لحيته.

262- عنه أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأنا محمد بن إسحاق الصنعاني أنبأنا أبو الجواب الأحوص بن جواب، أنبأنا عمار بن زريق عن الأعمش:

عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد، قال: قال علي: و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لتخضين هذه من هذه- للحيته من رأسه- فما يخبتن أشقاها. فقال عبد الله بن سبع و الله يا أمير المؤمنين لو أن رجلاً فعل ذلك لأبرنا عترته. فقال: أنشد بالله أن يقتل بي غير قاتلي. قالوا: يا أمير المؤمنين ألا تستخلف.

قال: لا و لكني أترككم كما ترككم رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال فما تقول لربك إذا لقيته و قد تركتنا هملاً قال: أقول: اللهم استخلفتني فيهم ما بدا لك، ثم قبضتنى و تركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

263- عنه أخبرناه أبو المظفر بن القشيري، أنبأنا أبو سعد الأديب أنبأنا أبو عمرو بن حمدان.

حيلولة و أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم، أنبأنا إبراهيم بن منصور أنبأنا أبو بكر ابن المقري قال أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا عبيد الله و هو القواريري أنبأنا عبد الله بن جعفر أخبرني زيد بن أسلم عن أبي سنان

ص: 371

يزيد بن مرة الدئلي قال مرض علي بن أبي طالب مرضاً شديداً حتى أدنف و خفنا عليه ثم انه برأ (قال) ابن حمدان نخاف عليك قال لكنى لم أخف على نفسي حدثني.

و قال ابن حمدان أخبرنى الصادق المصدق(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أني لا أموت حتى أضرب على هذه- و أشار إلى مقدم رأسه الأيسر- فتخضب هذه منها بدم -و أخذ بلحيته- و قال لي: يقتلك أشقي هذه الأمة كما عقر ناقة الله أشقی بنى فلان من ثمود قال: فنسبه- زاد ابن حمدان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قالا: إلى جده الدنيا دون ثمود.

264- عنه أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر البيهقي. أنبأنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأنا إبراهيم بن إسماعيل القارىء أنبأنا عثمان بن سعيد الدارمي، أنبأنا عبدالله بن صالح، حدثني الليث بن سعد، أخبرني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال:

عن زيد بن اسلم أن أبا سنان الدولي حدثه أنه عاد علياً في شكوى اشتكاها قال: فقلت له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذه فقال: لكنى و الله ما تخوفت على نفسي لأني سمعت رسول الله الصادق المصدق (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول إنك ستضرب ضربة هاهنا و أشار إلى صدغيه فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك و يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقی ثمود.

265- عنه أخبرنا أبو غالب ابن البناء أنبأنا أبو الغنائم ابن المأمون، أنبأنا أبو الحسن الدار قطني، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عبدالله بن يحيى بن داهر بن يحيى الرازي بالبصرة، حدثني أحمد بن محمد بن زياد القطان الرازي، أنبأنا عبد الله بن داهر بن يحيى، أنبأنا أبي عن

ص: 372

الأعمش:

عن زيد بن أسلم، عن أبي سنان الدولي، عن علي قال: حدثني الصادق المصدق قال: لاتموت حتى تضرب ضربة على هذه فتخضب من هذه -و أومي إلى لحيته و هامته -و يقتلك- أشقاها كما عقر ناقة الله أشقی بنى فلان من ثمود.

قال الدار قطني غريب من حديث الأعمش، عن زيد بن أبي سنان الدولي- و اسمه يزيد بن أمية- عن علي تفرد به عبدالله بن داهر الرازي عن أبيه عنه. من وجه آخر.

266- عنه أخبرنا أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين، و أبو الفتح المختار بن عبدالحميد و أبو عبدالله محمد بن العمركي بن نصر، و أبو المحاسن أسعد بن علي قالوا أنبأنا عبدالرحمان بن المظفر الداوودي أنبأنا عبدالله بن احمد بن حمويه أنبأنا إبراهيم بن خريم الشاشي، أنبأنا عبد بن حميد الكشى، أنبأنا محمد بن بشر، أنبأنا ابن أبي الزناد

عن زيد بن أسلم عن أبي سنان الدولي يزيد بن أمية، قال: مرض علي مرضاً خفنا عليه منه، ثم أنه نقه و صح فقلنا: الحمد لله الذي أصحك يا أمير المؤمنين قد كنا خفنا عليك في مرضك هذا فقال و لكنى لم اخف على نفسی

حدثني الصادق المصدق قال: لا تموت حتى تضرب ضربة هذا منك- يعني رأسه- و تخضب هذا دما- يعنى لحيته - و يقتلك أشقاها كما عقر ناقة الله أشقی بنى فلان.

267- عنه أخبرنا أبو علي بن المظفر، أنبأنا أبو محمد الجوهرى.

حيلولة و أخبرناه أبو القاسم ابن الحصين، أنبأنا أبو علي بن

ص: 373

المذهب، قالا: أنبأنا أحمد بن جعفر، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني علي بن حكيم الأودي، أنبأنا شريك:

عن عثمان بن أبي زرعة عن زيد بن وهب قال: قدم على علي قوم من أهل البصرة من الخوارج فيهم رجل يقال له: الجعد بن بعجة، فقال له: اتق الله يا علي فإنك ميت فقال علي بل مقتول ضربة على هذا يخضب هذه - يعنى لحييه من رأسه- عهد معهود و قضاء مقضي و قد خاب من افترى

و عاتبه البصرى في لباسه فقال على (علیه السلام) ما لكم و لباسي، هو أبعد من الكبر و أجدر بأن يقتدى بي مسلم.

268- عنه أخبرنا أبو غالب ابن البناء أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون أنبأنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبدالله السراج، أنبأنا عبدالله بن أبى داوود، أنبأنا اسحاق بن إسماعيل، أنبأنا اسحاق بن سليمان:

عن قطر بن خليفة، عن أبي الطفيل، أن علياً لما جمع الناس للبيعة جاء عبدالرحمان بن ملجم فرده مرتين ثم قال علي: ما يحبس أشقاها فوالله لتخضين هذه من هذا ثم تمثل

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيك

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بواديك

269- عنه أخبرنا أبو سهل بن سعدويه، أنبأنا إبراهيم بن منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقري.

حيلولة و أخبرنا أبو المظفر، أنبأنا أبو سعد، أنبأنا أبو عمرو الفقيه قالا: أنبأنا أبو يعلى أنبأنا اسحاق بن أبي اسرائيل، أنبأنا سفيان، عن عبدالملك بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي، عن أبيه عن علي،

ص: 374

قال:

أتاني عبدالله بن سلام و قد وضعت قدمى في الغرز فقال لي: لا تقدم العراق فإني أخشى أن يصيبك بها ذباب السيف. فقال علي: و أيم الله لقد أخبرني به رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، قال أبو الأسود: فما رأيت كاليوم قط محارباً يخبر بهذا عن نفسه.

270- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب بن سفيان، أنبأنا أبو بكر الحميدي أنبأنا سفيان:

أنبأنا عبدالملك بن أعين و كان شيعياً و كان عندنا رافضياً صاحب رأي من أبي حرب بن أبي الأسود، يحدث عن أبيه، قال: سمعت علياً يقول: عبدالله بن سلام و قد أدخلت رجلي في الغرز، فقال لي: أين تريد؟ فقلت: فقال: أما إنك إن جئتها ليصيبك بها ذباب السيف ثم قال: و أيم الله لقد رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، مثله يقوله.

قال أبو حرب فسمعت أبي يقول: فتعجبت منه و قلت: رجل محارب بهذا عن نفسه

271- عنه أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم، أنبأنا أبو الفضل الرازي أنبأنا جعفر بن عبد الله، أنبأنا محمد بن هارون أنبأنا محمد بن إسحاق، أنبأنا سعيد بن عفير، أنبأنا ابن لهيعة، عن ابن الهاد:

عن عثمان بن صهيب عن أبيه أن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لعلي بن أبي طالب من أشقى الأولين؟ قال: عاقر الناقة، قال: فمن أشقی الآخرين؟ قال: لا أدري. قال: الذي يضربك على هذا- و أشار إلى رأسه، قال: فكان علي يقول: يا أهل العراق و لوددت أن لو قد انبعث اشقاها فخضب و من هذا

ص: 375

272- عنه أخبرنا أبو المظفر القشيري و أبو القاسم الشحامي قالا: أنبأنا سعد الأديب، أنبأنا أبو سعيد الكرابيسي، أنبأنا أبو لبيد الشامي، أنبأنا سويد بن رشيد، عن يزيد بن عبدالله بن أبي أسامة:

عن عثمان بن صهيب عن عبد الله:قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) من أشقی الأولين؟ قال: عاقر الناقة. قال: صدقت ثم قال فما أشقی الآخرين؟ قال: قلت: لا أعلم يا رسول الله. قال: الذى يضربك على هذه و أشار بيده إلى يا فوخه

273- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن على أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا سويد بن سعيد أنبأنا ابن سعد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد:

عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال: قال: رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم): من أشقی الأولين؟ قال: عاقر الناقة، قال: فمن أشقی الآخرين؟ قال لي: يا رسول الله. قال: الذي يضربك على هذه- و أشار بيده إلى يافوخه- و هذه من هذه- يعنى لحيته- فكان علي يقول: ألا يخرج الأشقی الذي هذه - يعنى لحيته من هذه؟- يعين مفرق رأسه-

و رواه أبو يعلى الموصلي عن سويد، فجعله من مسند علي.

274- عنه أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبدالكريم، أنبأنا محمد بن عبدالرحمان، أنبأنا محمد بن أحمد بن حمدان.

حيلولة و أخبرنا أبو سهل بن سعدويه، أنبأنا إبراهيم بن منصور أنبأنا إبراهيم بن المقرىء، قالا: أنبأنا أبو يعلى أنبأنا سويد بن سعيد، أنبأنا ابن سعد، عن يزيد بن عبدالله بن الهاد

عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال: قال علي قال لي رسول

ص: 376

الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم): من أشقى الأولين؟ قلت: عاقر الناقة، قال صدقت: فمن الآخرين؟ قلت: لا علم لي يا رسول الله. قال: الذي يضربك على هذا - و أشار إلى يافوخه -. و كان علي يقول: وددت أنه قد انبعث أشقاكم فخضب من هذه. يعنى لحيته من دم رأسه.

275- عنه أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر أنبأنا الحسن بن علي.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم ابن الحصين، أنبأنا أبو على التميمي قالا: أنبأنا أحمد بن جعفر، أنبأنا عبدالله بن أحمد، حدثني أبي، أنبأنا هاشم ابن القاسم، أنبأنا محمد يعني ابن راشد ابن راشد عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري- و كان أبو فضالة من أهل بدر- قال: خرجت مع أبى عائداً لعلى من مرض أصابه ثقل منه، قال: فقال له أبي: ما يقيمك بمنزلك هذا؟ لو أصابك أجلك لم يلك إلا أعراب جهينة تجمل إلى المدينة، فإن أصابك أجلك وليك أصحابك و صلوا عليك.

فقال علي: إن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) عهد إلى أن لا أموت حتى أومر ثم يخضب هذه -يعنى لحيته من دم هذه- يعنى هامته-. فقتل و قتل أبو فضالة مع علي (علیه السلام) يوم صفين.

276- عنه أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين، أنبأنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنبأنا الحسن بن مكرم أنبأنا أبو منصور، أنبأنا محمد بن راشد، عن عبدالله بن محمد بن عقيل

عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري- و كان أبو فضالة من أهل بدر- قال: خرجت مع أبي عائداً لعلي بن أبي طالب في مرض أصابه ثقل منه، قال: فقال له أبي و ما يقيمك بمنزلك هذا؟ لو أصابك أجلك لم يلك إلا

ص: 377

أعراب جهينة تجمل فإن أصابك أجلك وليك أصحابك و صلوا عليك.

فقال علي: إن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) عهد إلى أن لا أموت حتى أومر ثم يخضب هذه - يعني من دم هذه - يعنى- هامته-. فقتل علي (علیه السلام) و قتل أبو فضالة مع علي صفين.

277- عنه أخبرنا أبو غالب ابن البناء أنبأنا أبو الحسين ابن النرسي أنبأنا موسى بن عيسى السراج، أنبأنا عبدالله بن أبي داوود، أنبأنا اسحاق بن منصور، أنبأنا النعمان محمد بن الفضل، أنبأنا محمد بن راشد الحراني أنبأنا عبدالله بن عقيل:

عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري أن علي بن أبي طالب مرض بيتبع مرضاً فثقل قال: فخرج أبي عائدا له و أنا معه فقال له: و ما يقيمك بهذا المنزل إن أصابك أجلك وليك أعراب جهينة إرحل إلى منزلك بالمدينة أصابك أجلك وليك إخوانك و صلوا عليك.

فسمعت علياً يقول: إنى لست من وجعي هذا، إن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) خبرني أن لا أموت حتى أومر ثم يخضب هذه من دم هذا. - يعنى لحيته من دم هامته-. قال أبو فضالة: فصحبه يوم صفين فقتل فيمن قتل و كان أبو فضالة من أهل بدر.

278- عن كتب إلى أبو الغنائم محمد بن محمد بن أحمد، و حدثني أبو الحسن يوسف بن مكي بن يوسف عنه أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن هارون الآجري، أنبأنا أبو جعفر محمد ابن عمرو بن البختري أنبأنا أحمد بن الوليد العجام، أنبأنا الوليد بن صالح، أنبأنا أبو ليلي الخراساني:

عن أبي جرير عن سعيد بن المسيب، قال رأيت علياً على المنبر و هو

ص: 378

يقول: لتخصين هذه من هذه و أشار بيده إلى لحيته و جنينه- فما يحبس أشقاها؟ قال: فقلت: لقد ادعى علي علم الغيب، فلما قتل علمت أنه قد كان عهد إليه.

279- عنه أخبرنا أبو المظفر بن أبي القاسم، أنبأنا أبو سعد أنبأنا أبو عمرو، أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا سويد بن سعيد، أنبأنا محمد بن عبدالرحيم بن شروس اليماني عن ابن ميثا، عن أبيه، عن عائشة قالت رأيت النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) التزم علياً و قبله و هو يقول: بأبي الوحيد الشهيد بأبي الوحيد الشهيد.

280- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلص، أنبأنا أبو الحسين رضوان بن أحمد.

أنبأنا أبو بكر الشيروي- و حدثنا أبو بكر محمد بن عبدالله بن حبيب عنه أنبأنا أبو بكر الحيري أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قالا: أنبأنا أحمد بن عبد الجبار، أنبأنا يونس بن بكير، عن ابن اسحاق، حدثني عبدالجبار، يزيد ابن محمد خيثم، عن محمد بن كعب القرظي قال: حدثني أبوك محمد بن خيثم المحاربي:

عن عمار بن ياسر، قال: كنت أنا و علي بن أبي طالب (علیه السلام) رفيقين في غزوة العشيرة من بطن ينبع، فلما نزلها رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أقام بها شهراً فصالح بها بني مدلج و كان رجال منهم يعملون في عين لهم فقال لي علي: يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء ننظر كيف يعملون؟ قال: فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا النوم، فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض فنمنا فيه، فو الله ما أهبنا إلا رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) بقدمه فجلسنا و قد تتربنا من تلك الدقعاء.

فيومئذ قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي: يا أبا تراب؟

ص: 379

- لما عليه من التراب- فأخبرناه بما كان من أمرنا فقال ألا أخبركم بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، فقال: أحمير ثمود الذي عقر الناقة و الذي يضربك يا علي على هذه- فوضع رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يده على رأسه- حتى يبل منه هذه - و وضع يده على لحيته-.

281- عنه أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا أبو خيثمة أنبأنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن ابن إسحاق.

حيلولة: قال: حدثني زهير بن محمد، أخبرني صدقة بن سابق، عن ابن اسحاق، قال: حدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خيثم أبي يزيد عن عمار بن ياسر قال: كنت أنا و علي ابن أبي طالب (علیه السلام) في غزوة العشيرة نائمين في صور من النخل دقعاء،

فو الله ما أهبنا إلا رسول الله يحركنا برجله و قد تتربنا من الدقعاء، فقال ألا أحدثكم بأشقی الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله:قال أحمير ثمود الذي عقر الناقة و الذي يضربك يا على هذه -و وضع يده على قرنه- حتى يبل منها هذه- و أخذ لحيته-.

تلك

282- أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي، أبو العز أحمد بن عبيدالله و ابو علي الحسن بن المظفر، أبو غالب أحمد بن الحسن، قالوا: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال أنبأنا أبو بكر املاءاً، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن يحي المعطشي، أنبأنا اسحاق بن بنان بن معن الأنماطي، أنبأنا يوسف بن موسى أنبأنا إسماعيل بن أبان، أنبأنا ناصح

عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم):

ص: 380

من أشقی ثمود؟ قالوا عاقر الناقة، قال فمن أشقی هذه الأمة؟ قالوا: الله و رسوله أعلم. قال: قاتلك يا علي.

283- أخبرنا أبو الحسن بن أحمد الفقيه، أنبأنا أبو منصور عبد الرحمان ابن محمد، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا علي بن القاسم البصري، أنبأنا على ابن اسحاق المادرائي أنبأنا محمد بن اسحاق، أنبأنا إسماعيل بن أبان الوراق أنبأنا ناصح بن عبدا المحلمي.

عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي: من أشقى الأولين؟ قال عاقر الناقة. قال: فمن اشقی الآخرين؟ قال الله و رسوله أعلم. قال: قاتلك.

284- أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر، أنبأنا عمر بن أحمد بن عمر بن مسرور، أنبأنا الشيخ الزاهد أبو العباس عبيد الله بن محمد بن نافع حدثني أبو عبدالله خلف بن محمد بن سفيان بن زياد بن عبدالله بن مالك بن دينار، أنبأنا ابن أبي الدنيا، أنبأنا عبدالرحمان بن صالح أنبأنا عبدالرحيم بن سليمان عن زكريا بن أبي زائدة:

عن أبي اسحاق، عن عمرو بن حريث، قال: مر بنا علي بصفين و ليس معه أحد، فقال له:سعيد أما تخشى أن يقاتلك عدو؟ فإني لا أرى معك أحداً. قال: إن لكل عبد حفظة يحفظونه لا يخر عليه حائط أو يتردى في بئر حتى إذا جاء القدر الذي قدر،له خلت عنه الحفظة فأصابه ما شاء الله أن يصيبه

كذا قال الراوي: عن عمرو بن حريث و إنما هو عن عمرو بن أبي جندب.

285- عنه أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أنبانا أبو الحسن محمد

ص: 381

ابن على ابن أحمد، أنبأنا أحمد بن اسحاق النهاوندي، أنبأنا أبو عبدالله محمد ابن أحمد بن يعقوب التوني، أنبأنا أبو داوود سليمان بن الأشعث، أنبأنا عبدة ابن عبدالله عن اسرائيل بن أبى اسحاق

عن عمرو بن أبي جندب قال كنا جلوساً عند سيدنا سعيد بن قيس بصفين اذ جاء أمير المؤمنين متوكئاً على عنزة و إن الصفين ليترا آن بعدما اختلط الظلام فقال له: سعيد ءأنت أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: سبحان الله أما تخاف أن بقتلك أحد؟ قال لا إنه ليس من عبد إلا و معه حفظة يحفظونه من أن يصيبه حجر يصيبه حجر أو يخر من جبل أو يقع أو يصيبه دابة، حتى اذا جاء القدر خلو بينه و بينه.

286- عنه أخبرنا أبو غالب أيضاً، أنبأنا محمد بن علي، أنبأنا أحمد بن اسحاق، أنبأنا محمد بن أحمد بن يعقوب، أنبأنا أبو داود، أنبأنا داود بن أمية، أنبأنا مالك بن سعير، أنبأنا الاعمش

ابن أبى اسحاق عن أبي بصير قال كنا جلوساً حول سيدنا الأشعث ابن قيس اذ جاء رجل بيده عنزة فلم نعرفه و عرفه قال اذا أمير المؤمنين؟ قال: نعم قال: تخرج هذه الساعة و أنت رجل محارب؟ قال: إن علي من الله جنة حصينة فاذا جاء القدر لم يغن شيئاً، إنه ليس من الناس أحد إلا و قد وكل به ملك و لا تريده دابة و لا شيء إلا قال له أتقه اتقه، فإذا جاء القدر خلا عنه.

قال: و أنبأنا أبو داود، أنبأنا محمد بن بشار، أنبأنا عبدالرحمان أنبأنا زائدة بن قدامة عن عطاء بن السائب عن أبى البختري، عن يعلى بن مرة قال: كان علي بالليل يخرج إلى المسجد ليصلى تطوعاً- و كان الناس يفعلون ذلك حتى كان زمن شبث الحروري- فقال: بعضنا لبعض لو جعلنا

ص: 382

عليناً عقبا يحضر كل ليلة منا عشرة، فكنت في أول من حضر فجاء على ليلة فألق درته ثم قام يصلي، فلما فرغ أتانا فقال ما يجلسكم؟ قلنا: نحرسك.

فقال: أتحرسونى من أهل السماء؟ قال: فإنه لا يكون في الأرض شيء حتى يقضي في السماء و إن علي من الله جنة حصينة فإذا جاء أجلي كشف عنى، و إنه لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطاه لم يكن ليصيبه.

قال: و أنبأنا أبو داود، أنبأنا محمد بن كثير، أنبأنا همام، عن عطاء بن السائب عن يعلى بن مرة، قال ائتمرنا أن نحرس علياً كل ليلة عشرة، قال: فخرج فصلى كما كان يصلى ثم أتانا فقال: ما شأن السلاح؟- و ساق نحو حدیث قبله و قال- لا يجد عبد- أو لا يذوق- حلاوة الإيمان حتى يستيقن يقيناً غير ظان أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، و ما أخطأه لم يكن ليصيبه.

قال: و قال قتادة: إن آخر ليلة أتت على علي (علیه السلام) – قال – جعل لايستقر، فارتاب به أهله، فجعل يدس بعضهم إلى بعض حتى اجتمعوا- قال- فناشدوه فقال: إنه ليس من عبد إلا و معه ملكان يدفعان عنه ما لم يقدر- أو قال: ما لم يأت القدر- فإذا أتى القدر خليا بينه و بين القدر.

287- عنه أخبرنا أبو عبدالله الفراوي، أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأنا أبو الحسن بن الفضل القطان، أنبأنا أبو سهل بن زياد القطان، أنبأنا اسحاق بن الحسن الحربي، أنبأنا عفان، أنبأنا همام، عن عطاء بن السائب.

عن يعلي بن مرة قال: ائتمرنا أن نحرس عليا (علیه السلام) كل ليلة منا عشرة قال: فخرجنا و معنا السلاح و جاء على و كما كان يصلي، ثم أتانا فقال ما

ص: 383

ما شأن السلاح؟ قال: قلنا: ائتمرنا بان نحرسك. كل ليلة منا عشرة، قال: من أهل السماء أو أهل الأرض؟ قال: فإنه لا يكون في الأرض؟

قلنا: نحن أهون- أو أضعف أو أصغر أو كلمة نحو ذلك- أن نحرسك من أهل السماء. قال: إن أهل الأرض لا يعلمون يعمل حتى يقضى في السماء و إن علي الجنة حصينة إلى يومى – و ذكر – إنه لا يذوق عبد أو لا يجد عبد- حلاوة الإيمان- أو طعم الإيمان- حتى يستيقن يقيناً غير ظان أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، و أن ما أخطاء لم يكن ليصيبه.

قال: و أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو القاسم عبدالرحمان بن عبدالله الجوفي ببغداد، أنبأنا أحمد بن سلمان الفقيه، أنبأنا محمد بن عبدالله بن سليمان أنبأنا محمد بن نمير أنبأنا حفص بن غياث

عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: دخل الحسن بن علي (علیه السلام) على معاوية و قال له معاوية: أبوك الذى كان يقاتل أهل البصرة، فإذا كان آخر النهار فشى في موتها قال: علم أن ما أخطاء لم يكن ليصيبه، و ما أصابه لم يكن ليخطئه. فقال صدقت.

288- عنه أخبرنا أبو البركات محمد بن عبد الباقي، أنبأنا الحسن بن على أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن الفهم أنبأنا عن أبي محلز قال: جاء رجل من مراد إلى علي و هو يصلى في المسجد فقال احترس فإن ناساً من مراد يريدون قتلك، فقال: إن مع كل رجل ملكين يحفظانه ما يقدر فإذا جاء القدر خليا بينه و بينه و إن الأجل جنة حصينة.

289- عن أخبرنا أبو الحسن بن قيس أنبأنا أبو العباس أنبأنا أبو محمد أبى نصر، أنبأنا خيثمة، أنبأنا إسحاق بن سيار، أنبأنا أبو علقمة عن

ص: 384

سفيان عن عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد أنه قبل لعلي: لو علمنا قاتلك لأبرنا عترته فقال: مه ذالكم الظلم النفس بالنفس و لكن اصنعوا به ما صنع بقاتل النبي قتل ثم احرق بالنار.

290- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا إسماعيل بن مسعدة، أنبأنا حمزة بن يوسف، أنبأنا أبو أحمد، أنبأنا محمد بن أحمد بن أبي مقاتل، أنبأنا أحمد ابن يحي الصوفي، أنبأنا أبو غسان، أنبأنا إسماعيل بن يحيى- و كان من أصحاب يحيى بن عبدالله- عن سدير الصيرفي عن عثمان الأعشى، عن معاوية:

عن جوين الحضرمى قال: عرض على علي الخيل فمر عليه ابن ملجم فسأله عن اسمه- أو قال: نسبه- فانتهى إلى غير أبيه، فقال له: كذبت حتى انتسب إلى أبيه فقال: صدقت، أما إن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) حدثني أن قال شبه اليهود، هو يهودى فامضه.

أخبرنا أبو محمد السلمي أنبأنا أبو بكر الخطيب.

حيلولة: و أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو بكر بن الطبري قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب بن سليمان، أنبأنا أبو نعيم، أنبأنا عبدالجبار بن العباس الهمداني:

عن عثمان بن المغيرة، قال: لما أن دخل شهر رمضان كان علي يتعشى ليلة عند الحسن و الحسين و ابن عباس و لا يزيد على ثلاث لقم يقول: يأتيني الله و أنا خميص- و في نسخة و أنا أخمص- إنما هي ليلة أو ليلتين. قال فأصيب من الليل.

291- عنه أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن عيسى بن علي أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم

ص: 385

المروزي، أنبأنا عفيف بن سالم الموصلي:

أنبأنا الحسن بن كثير، عن أبيه- قال: و كان قد أدرك علياً- قال: خرج علي إلى الفجر فأقبل الاوز بصحن في وجهه فطردوهن عنه، فقال: ذروهن فإنهن نوائح. فضربه ابن ملجم فقيل يا أمير المؤمنين خل بيننا و بين مراد فلا يقوم لهم راعيه أبداً، قال: لا و لكن احبسوا الرجل فإن أمت فاقتلوه و إن أعش فالجروح قصاص.

292- عنه أخبرنا أبو القاسم أيضاً أنبأنا أبو بكر بن الطبري قالا: أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني عبدالله بن يونس بن بكير، حدثني أبي حدثني علي بن فاطمة العنزي

حدثني الأصبغ الحنظلي قال: لما كانت الليلة التي أصيب فيها على أتاه ابن النياح حين طلح الفجر يؤذنه بالصلاة و هو مضطجع متثاقل، فعاد اليه الثانية و هو كذلك ثم عاد الثالثة فقام علي يمشي و هو يقول:

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيكا

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بوادیکا

فلما بلغ الباب الصغير شد عليه عبدالرحمان بن ملجم فضربه فخرجت أم كلثوم بنت علي فجعلت تقول ما لي و لصلاة الغداة؟ قتل زوجى أمير المؤمنين صلاة الغداة و قتل أبي صلاة الغداة.

293- عنه أخبرنا أبو محمد بن طاوس، أنبأنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد، أنبأنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا أبو على بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني عبدالرحمان بن صالح أنبأنا عمرو بن هاشم الجنبي، عن أبي جناب عن أبي عون الثقفي:

ص: 386

عن أبي عبد الرحمان السلمي، قال: قال لي الحسن بن علي: قال لي أبي على إن رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) سنح لي الليلة في منامي فقلت يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود و اللدد؟ قال: ادع عليهم قلت اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، و أبدلهم بي من هو شر مني.

قال: فخرج فضربه الرجل قال ابن عساكر هذه الرواية مختصرة، و أخبرنا بالحكاية بتمامها أبو غالب بن البناء كما في الرواية التالية.

294- عنه أخبرنا أبو غالب ابن البناء أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنبأنا أحمد بن عبدالرحمان بن جعفر بن خشنام، أنبأنا محمد بن عبدالله بن غيلان أنبأنا أبو هاشم، أنبأنا أبو أسامة، أنبأنا أبو جناب قال: و حدثني أبو عون الثقفي قال: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمان السلمي، و كان الحسن بن علي يقرأ عليه قال أبو عبدالرحمان:

استعمل أمير المؤمنين علي پ رجلا من بني تميم – يقال له: حبيب بن مرة- على السواد و أمره أن يدخل الكوفة من بالسواد و من المسلمين فقلت للحسن بن علي: إن لي ابن عم بالسواد يحب أن يكون مكانه. فقال لي: تغدوا غدا على كتابك و قد ختم قال: فغدوت من الغد، فإذا الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين.

فقلت للغلام أبعدني إلى القصر فدخلت القصر فإذا الحسن بن علي قاعد في مسجد في الحجرة و إذا صوائح، فقال: ادن إلى يا با عبدالرحمان. فجلست إلى جنبه فقال لي: خرجت البارحة و أمير المؤمنين يصلى في هذا المسجد؛ فقال لي: يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي لأنها ليلة الجمعة صبيحة بدر، لسبع عشرة من رمضان فملكتني عيناي فسنح لي رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فقلت:

ص: 387

يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد - العود العوج.

واللدد: الخصومات- فقال لي: أدع عليهم. قال: قلت اللهم أبدل لي بهم من هو خير منهم و أبدلهم بي من هو شر مني. فجاء ابن النباح فآذنه بالصلاة فخرج و خرجت خلفه فاعتورة رجلان فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق و اما الآخر فأثبتها في رأسه.

قال أبو هشام قال لي أبو أسامة إنى أغار عليه كما يغار الرجل للمرأة الحسناء، لا تحدثن به ما دمت حيا.

قال: و أنبأنا أبو هشام قال: سمعت أبا أسامة يقول: في هذا الحديث ثلاثه عشر حديثا فيه أن الحسن بن علي قرأ على أبي عبدالرحمان، و أن أبا عبد الرحمان سأل الحسن بن علي حاجة و هو يقرأ عليه. و أن علياً كره أن يدخل المسلمون السواد و أن الحسن شفع في أن يترك رجل بالسواد من المسلمين و أن علي بن أبي طالب كان اذا كتب ختم كتابه.

و انه اتخذ مسجداً في حجرته. و انه صيح عليه فلم ينكره الحسن و أن علياً نام و هو جالس فلم يتوضأ و انه قال: الأود العوج و اللدد: الخصومات. و انه كان له مؤذن يؤذنه بالصلاة و انه كان لباب داره طاق و انه قتل فيه.

295- عنه أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أحمد أنبأنا أحمد ابن محمد بن أحمد، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبدالله بن محمد البغوي أنبأنا أحمد بن منصور، أنبأنا يحيى بن بكير المصري.

أخبرني الليث بن سعد أن عبد الرحمان بن ملجم ضرب علياً في صلاة الصبح على دهش بسيف كان سمة بالسم و مات من يومه و دفن بالكوفة ليلا.

ص: 388

296- عنه أخبرنا أبو الفتح عبدالله بن محمد بن محمد بن البيضاوي، و أبو القاسم بن السمرقندي، قالا: أنبأنا أبو محمد الصريفيني، أنبأنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي بن خلف، أنبأنا عبدالله بن سليمان بن الأشعث، أنبأنا كثير بن عبيد، أنبأنا أنس -و هو ابن عياض-:

عن جعفر بن محمد: عن أبيه: أن عليا(علیه السلام) كان يخرج إلى الصلاة و في يده درته فيوقظ الناس فضربه ابن ملجم فقال علي: أطعموه و اسقوه و احسنوا إساره فان عشت فأنا ولى دمى أعفو إن شئت وإن شئت استقدت.

297- عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن عبدالباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري أنبأنا أبو عمر بن حيويه، عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين ابن فهم، أنبأنا محمد بن سعد أنبأنا خالد مخلد و محمد بن الصلت قالا:

أنبأنا الربيع بن المنذر عن أبيه، عن ابن الحنفية قال: دخل علينا ابن ملجم الحمام و أنا و حسن و حسين جلوس في الحمام، فلما دخل كأنهما اشمأزا منه و قالا له: ما أجراك تدخل علينا قال: فقلت لها: دعاه عنكما فلعمري ما يريد بكما أجسم من هذا، فلما كان يوم أتي به أسيراً.

قال ابن الحنفية: ما أنا اليوم بأعرف به مني يوم دخل علينا الحمام، فقال علي: إنه أسير فأحسنوا نزله و أكرموا مثواه، فإن بقيت قتلت أو عفوت، و إن مت فاقتلوه قتلتي و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.

298- عنه قال محمد بن سعد قالوا انتدب ثلاثة نفر من الخوارج عبد الرحمن ابن ملجم المرادي.- و هو من حمير و عداده في مراد. و هو حليف بني جبلة من كندة و البرك بن عبد الله التميمي. و عمرو بن بكير التميمي. فاجتمعوا بمكة و تعاهدوا و تعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة: علي بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و يريحوا العباد منهم.

ص: 389

فقال عبد الرحمن بن ملجم أنا لكم بعلي بن أبي طالب. و قال البرك: و أنا لكم بمعاوية. و قال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص. فتعاهدوا على ذلك و تعاقدوا و تواثقوا أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سمي و يتوجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه.

فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من شهر رمضان. ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة فلق أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد و كان يزورهم و يزورونه فزار يوما نفرا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب.

و كان علي قتل أباها و أخاها يوم نهروان فأعجبته فخطبها فقالت: لا أتزوجك حتى تسمي لي. فقال: لا تسألينني شيئا إلا أعطيتك. فقالت: ثلاثة آلاف و قتل علي بن أبي طالب فقال: و الله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب و قد أعطيتك ما سألت. و لقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد و دعاه إلى أن يكون معه،

فأجابه إلى ذلك و بات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى كاد أن يطلع الفجر. فقال له الأشعث: فضحك الصبح. فقام عبد الرحمن بن ملجم و شبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي(علیه السلام).

قال الحسن بن علي و أتيته سحيرا فجلست إليه فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي فملكتني عيناي و أنا جالس فسنح لي رسول الله فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود و اللدد؟ فقال لي: ادع الله عليهم.

ص: 390

فقلت:

اللهم أبدلني بهم خيرا لي منهم و أبدلهم بي شرا لهم مني. قال: فبينا هو يتكلم و اذا دخل ابن النباح المؤذن على ذلك فقال: الصلاة. فأخذت بيده فقام يمشي و ابن النباح بين يديه و أنا خلفه. فلما خرج من الباب نادى أيها الناس الصلاة الصلاة. و كذلك كان يصنع في كل يوم يخرج و معه درته يوقظ الناس، فاعترضه الرجلان.

فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف و سمعت قائلا يقول: لله الحكم يا علي لا لك، ثم رأيت سيفا ثانيا فضربا جميعا فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه و دخل دماغه. و أما سيف شبيب فوقع في الطاق. و سمعت عليا يقول:

لا يفوتنكم الرجل و شد الناس عليهما من كل جانب. فأما شبيب فأفلت. و أخذ عبد الرحمن بن ملجم فأدخل على علي. فقال: أطيبوا طعامه و ألينوا فراشه فإن أعش فأنا أولى بدمه عفوا و قصاصا و إن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين.

فقالت أم كلثوم بنت علي يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين؟ قال ابن ملجم ما قتلت إلا أباك. قالت: فو الله إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس. قال: فلم تبكين إذا؟ ثم قال: و الله لقد سهمته شهرا. يعني سيفه. فإن أخلفني فأبعده الله و أسحقه.

و بعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي عليه السلام فقال: أي بني انظر كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فذهب فنظر إليه ثم رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه فقال الأشعث: عيني دميغ و رب الكعبة.

ص: 391

ثم قال ابن سعد و مكث علي يوم الجمعة و ليلة السبت و توفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين. و غسله الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر. و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص.

و أيضاً قال ابن سعد قالوا كان عبد الرحمن بن ملجم في السجن. فلما مات و دفن بعث الحسن بن علي إلى عبد الرحمن بن ملجم فأخرجه من السجن ليقتله. فاجتمع الناس و جاؤوه بالنفط و البواري و النار فقالوا نحرقه. فقال عبد الله بن جعفر و حسين بن علي و محمد ابن الحنفية دعونا حتى نشفي أنفسنا منه.

فقطع عبد الله بن جعفر يديه و رجليه فلم يجزع و لم يتكلم. فكحل عينيه بمسمار محمى فلم يجزع و جعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك بملمول مض. و جعل يقرأ: «أَقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ». حتى أتى على آخر السورة كلها و إن عينيه لتسيلان.

ثم أمر به فعولج عن لسانه ليقطعه فجزع. فقيل له: قطعنا يديك و رجليك و سملنا عينيك يا عدو الله فلم تجزع، قلما صرنا إلى لسانك جزعت؟ فقال: ما ذاك مني من جزع إلا أني أكره أن أكون في الدنيا فواقا لا أذكر الله. فقطعوا لسانه ثم جعلوه في قوصرة و أحرقوه بالنار. و العباس بن على يومئذ صغير فلم يستأن به بلوغه و كان عبد الرحمن بن ملجم رجلا أسمر حسن الوجه أبلج شعره مع شحمة أذنيه فى جبهته أثر السجود.

299- أخبرنا أبو علي بن السبط، أنبأنا أبو محمد الجوهري.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا أبو علي الواعظ قالا: أنبأنا أبو بكر بن مالك، أنبأنا عبدالله بن أحمد، حدثني أبي، أنبأنا أبو

ص: 392

أحمد، أنبأنا شريك، عن عران بن ظبيان:

عن أبي تحيا قال: لما ضرب ابن ملجم علياً الضربة قال علي: افعلوا به كما أراد رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن يفعل برجل أراد قتله فقال اقتلوه ثم حرقوه.

300- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو علي بن صفوان، أنبأنا ابن أبي الدنيا، حدثني هارون بن أبي يحيى:

عن شيخ من قريش أن علياً قال لما ضربه ابن ملجم فزت و رب الكعبة.

301- عنه أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن المحلي أنبأنا محمد بن أحمد العكبري، أنبأنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان

حيلولة قال: و أنبأنا القاضي أبو محمد عبدالله بن على أيوب أنبأنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الجراح، قالا: أنبأنا أبو بكر بن دريد عن إبراهيم بن بسطام الأزدي الوراق، أخبرني عقبة بن أبي الصهباء قال:

لما ضرب ابن ملجم علياً دخل عليه الحسن و هو باك، فقال له: ما يبكيك يا بني؟ قال: و ما لي لا أبكي و انت في أول يوم من الآخرة و آخر يوم من الدنيا. فقال: يا بني الدنيا. فقال: يا بنى احفظ أربعاً و أربعاً لا يضرك ما عملت معهن.

قال: و ما هن يا أبة؟ قال إن أغنى الغني العقل، و أكبر الفقر الحمق، و أوحش الوحشة العجب، و أكرم الحسب الكرم و حسن الخلق.

قال الحسن: قلت: يا أبة هذه الأربع، فأعطني الأربع الآخر. قال إياك و مصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك و إياك و مصادقة الكذاب

ص: 393

فإنه يقرب إليك البعيد و يبعد عليك القريب، و إياك و مصادقة البخيل فإنه يقعد عنك أحوج ما يكون إليه، و إياك و مصادقة الفاجر، فإنه يبيعك بالتافه.

302- عنه أنبأنا أبو علي الحداد، و جماعة قالوا: أنبأنا أبوبكر بن ريدة أنبأنا سليمان بن أحمد الطبراني، أنبأنا القاسم بن عباد الخطابي البصري، أنبأنا سعيد بن صبيح، قال: قال هشام بن الكلبي عن عوانة بن الحكم قال: لما ضرب عبدالرحمان بن ملجم علياً و حمل إلى منزله أتاه العواد.

فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم قال: كل امرىء ملاق ما يفر منه في قراره، و الأجل مساق النفس و الهرب من آفاته كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا اخفاءه هيهات علم مخزون. أما وصيتى إياكم فالله عزو جل لا تشركوا به شيئاً، و محمداً (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لا تضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين و خلاكم ذم ما لم تشردوا.

حمل كل امرى مجهوده و خفف عن الجهلة برب رحيم و دين قويم و إمام عليم كنا في مهب رياح و ذرى أغصان و تحت ظل غمامة اضمحل مركدها فمحطها عاف جاوركم بدني أياماً تباعاً ثم هوى فستعقبون من بعده جئة حواءاً ساكنة بعد حركة كاظمة بعد نطوق ليعظكم هدوئي و خفوت إطرافي و سكون أطرافي إنه أوعظ للمعتبرين من نطق البليغ وداعيكم وداع امرى مرصد للتلاق

غداً ترون أيامي و يكشف لكم عن سرائري، لن يحاشي الله إلا أن أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود عليكم السلام إلى يوم اللزام إن أبق فأنا ولي دمي و إن أفن فالفناء ميعادي، العفو لي قربة و لكم حسنه، فاعفوا عفا الله عنا و عنكم، ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم.

ص: 394

ثم قال (علیه السلام):

عش ما بدا لك قصرك الموت*** لا مرحل عنه و لا فوت

بينا غنى يبت بهجته*** زال الغنى و تقوض البيت

يا ليت شعري ما يراد بنا*** و لقلما يجدى لنا ليت

303- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني عبدالله بن يونس بن بكير، حدثني أبي، عن أبي عبدالله الجعني عن جابر عن محمد بن علي قال: إن عليا (علیه السلام) لما ضربه ابن ملجم أوصى بتيه ثم لم ينطق إلا ب لا إله إلا الله حتى قبضه الله.

304- عنه أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد، و أبو علي الحسن بن أحمد، قالا: أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبدالله أنبأنا عبدالله بن محمد بن جعفر، أنبأنا محمد بن عبدالله بن أحمد، أنبأنا محمد بن بشر أخى خطاب، أنبأنا عمر بن زرارة الحدثي أنبأنا الفياض بن محمد الرقي، عن عمرو بن عيسى الأنصاري، عن أبي مخنف، عن عبدالرحمان بن جندب بن عبدالله، عن أبيه قال:

لما فرغ علي من وصيته قال أقرأ عليكم السلام و رحمة الله و بركاته. ثم لم يتكلم بشيء إلا:ب- لا إله إلا الله حتى قبضه الله رحمة الله و رضوانه عليه و غسله ابناه الحسن و الحسين و عبدالله بن جعفر، و صلى عليه الحسن و كبر عليه أربعا و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و دفن في السحر.

305- عنه أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا حميد بن عبدالرحمان، عن حسن بن صالح، عن هارون بن

ص: 395

سعد قال: كان عند علي مسك أوصى أن يحنط به، و قال: فضل من حنوط رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم).

306- عنه أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي أنبأنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر، قال أنبأنا على بن أحمد بن أبي قيس.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو منصور محمد ابن محمد بن عبدالعزيز، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عمر بن الحسن ابن علي قالا: أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، أنبأنا أبو عبدالرحمان القرشي، أنبأنا عبيدة بن الأسود الهمداني، عن عبد السلام بن أبي المسلم- و في حديث ابن السمرقندي: عن عبد السلام بن المكي عن بيان، عن الشعبي أن الحسن صلى على علي (علیه السلام) فكبر عليه أربعا.

307- عنه أخبرنا أبو محمد بن حمزة، أنبأنا أبو بكر الخطيب.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، قالا أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب، أنبأنا أبو نعيم أنبأنا عبد السلام بن أبي المكي عن بيان، أن الحسن صلى على علي (علیه السلام).

قال و أنبأنا يعقوب، أنبأنا أحمد بن يونس، أنبأنا اسرائيل عن أبى اسحاق أن الحسن صلى على علي (علیه السلام)...

308- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين أنبأنا- عيسى بن علي أنبأنا عبد الله بن محمد، أنبأنا أبو الحسين، أنبأنا عيسى، أنبأنا عبدالله أنبأنا سالم بن جنادة، أنبأنا حفص، أنبأنا أبو روق، عن مولى لعلى أن الحسن كبر على علي (علیه السلام) أربعا.

ص: 396

309- عنه أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري قال أنبأنا أبو الحسن الفضل القطان أنبأنا عبدالله بن جعفر أنبأنا يعقوب بن سفيان، حدثني سعيد بن عفير، أنبأنا حفص بن عمران بن الوشاح عن السرى بن يحيى

عن ابن شهاب قال: قدمت دمشق و أنا أريد الغزو، فأتيت عبد الملك لأسلم عليه، فوجدته في قبة على فرش يفوق النائم و الناس تحته سماطان فسلمت عليه، جلست فقال یا ابن شهاب أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل علي بن أبي طالب (علیه السلام)؟ قلت: نعم. قال: هلم.

فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة و حول وجهه فأحنى علي و قال ما كان؟ فقلت: لم يرفع حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم قال: فقال: لم يبق أحد يعلم هذا غيري و غيرك، فلا يسمعن منك. قال: فما تحدثت به حتى توفى عبدالملك.

قال البيهقي و روي بإسناد أصح من هذا عن الزهري أن ذلك كان في قتل الحسين (علیه السلام).

310- عنه أخبرنا أبو محمد بن الآبنوسي في كتابه – و أخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه- أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو الحسين بن المظفر، أنبأنا أبو علي المدايني: أنبأنا أبو بكر بن البرقى، قال: و توفي علي و هو ابن سبع و خمسين سنة كان يوم أن قبض النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ابن سبع و عشرين سنة فيما ذكر جعفر محمد، عن أبيه (علیهما السلام).

311- عنه أخبرنا أبو سعود أحمد بن علي بن المحلي، أنبأنا أبو الحسين ابن المهتدي.

ص: 397

حيلولة و أخبرنا أبو الحسن بن الفراء، أنبأنا أبي أبو يعلى، قالا: أنبأنا عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني، أنبأنا محمد بن مخلد، قال: قرأت على علي ابن عمرو:

حدثكم الهيثم بن عدي: قال: و هلك علي بن أبي طالب (علیه السلام) و هو ابن سبع و خمسين سنة و ولي خمس سنين، و بعث النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و هو ابن سبع سنين.

312- عنه أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشاء بن نظيف أنبأنا ابن إسماعيل أنبأنا أحمد بن مروان، أنبأنا إسماعيل بن اسحاق، أنبأنا أبو بكر أنبأنا شيخ لنا، قال: سمعت جعفر بن محمد، عن أبيه قال: أسلم علي و هو ابن سبع، و قبض علي و هو ابن سبع و خمسين.

313- أخبرنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بن عثمان أنبأنا محمد إسماعيل بن علي الخطبي-، أنبأنا محمد بن موسى بن حماد البربري، عن محمد بن أبي السري عن الهيثم بن عدي، حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: أسلم علي و هو ابن سبع، و مات و هو ابن سبع و خمسين.

قال: قال ابن عباس: أقام على بعد إسلامه مع النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) عشرين سنة، و مع أبي بكر و عمر ثلاثة عشر سنة، و مع عثمان اثني عشر سشنة، و ولي خمس سنين.

314- عنه أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أحمد بن الحسن بن خيرون، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي بن الصواف أنبأنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا عمي أبوبكر، أنبأنا شيخ لنا، عن أبي جعفر، عن أبيه قال: اسلم علي و هو ابن سبع سنين، و قبض رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و له

ص: 398

سبع و عشرين و هلك علي و هو ابن سبع و خمسين.

قال و أنبأنا محمد بن عثمان، قال: قال أبي: و ولي علي بن أبي طالب خمس سنين و قبض و هو ابن سبع و خمسين.

قال أبي و أهل بيته يقولون قبض و هو ابن ثلاث و ستين.

قال أبو جعفر بن أبي شيبة و نحن نقول: إن علياً اسلم و هو ابن سبع سنين، و صحب النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) عشرين سنة، و عاش بعد النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثلاثين سنة، و قبض ابن سبع و خمسين سنة.

قال أبى و أهل بيته يقولون: أسلم و هو ابن ثلاث عشرة سنة.

قال ابن عساکر: و المحفوظ عن جعفر (علیه السلام) أنه قتل و هو ابن ثمان و خمسون سنة.

315- عنه أخبرنا به أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا عبدالعزيز الكتاني أنبأنا أبو محمد بن أبي نصر، أنبأنا أبو الميمون، أنبأنا أبو زرعة، قال: قال محمد بن عمر عن سفيان: عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: قتل علي و هو ابن ثمان و خمسين.

316- عنه أخبرنا أبو محمد بن حمزة، أنبأنا أبو بكر الخطيب.

حيلولة و أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو بكر بن الطبري، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب قال: سمعت سليمان بن حرب يقول:

قتل علي بن أبي طالب (علیه السلام) في رمضان سنة أربعين، و هو ابن ثمان أو سبع و خمسین و شهد بدراً و هو ابن عشرين سنة و شهد الفتح و هو ابن ثمان و عشرين

317- عنه أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، و أبو محمد بن الأكفاني، قالا:

ص: 399

أنبأنا أبو منصور بن زريق، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا علي بن أحمد بن عمر المقري، أنبأنا علي بن أحمد بن أبي قبيس.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا محمد بن محمد بن عبدالعزيز، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عمر بن الحسن، قالا: أنبأنا عبدالله بن محمد بن عبيد، أنبأنا الحسين بن علي العجلي أنبأنا حسين الجعفي، قال سمعت سفیان ابن عيينة يسأل جعفر بن محمد: كم كان لعلي يوم قتل؟ قال: ثمان و خمسون

318- عنه أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء أنبأنا منصور بن الحسين و أبنأنا ابن محمد، قالا: أنبأنا أبو بكر بن المقريء، أنبأنا علي بن جعفر بن قميذة المصري، أنبأنا أحمد بن داود، أنبأنا إبراهيم بن المنذر: أنبأنا سفيان، عن جعفر بن محمد، قال: توفي علي بن أبي طالب و هو ابن ثمان و خمسين

319- أخبرنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنبأنا أبو القاسم حنبقا أنبأنا إسماعيل بن علي أنبأنا بشر بن موسى، أنبأنا الحميدي أنبأنا سفيان، أنبأنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: قتل علي و هو ابن ثمان و خمسين

320- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسي بن علي، أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا عمرو بن محمد الناقد، أنبأنا سفيان، قال: قال جعفر قتل علي و هو ابن ثمان و خمسين.

321- عنه أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد، أنبأنا أبو محمد الجوهري أنبأنا أبو الحسن بن لؤلؤ، أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن بن شهريار، أنبأنا أبو حفص الفلاس قال:

ص: 400

و قتل علي يوم الجمعة في شهر رمضان و سمعت بعض العلماء يقول، ضرب لسبع عشرة، و مات ليلة إحدى و عشرين. و قال بعضهم: ضرب ليلة إحدى و عشرين و مات ليلة اربع و عشرن سنة أربعين.

ثم قال و اختلفوا في سنة فسمعت بعضهم يحدثون عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علياً قبض و هو ابن ثمان و خمسين و قال بعض أهل العلم: ابن ثلاث و ستين و كان رجلاً عظيم البطن، عظيم اللحية قد ملأت ما بين منكبيه و كان أصلع. 322- عنه أخبرنا أبو محمد المزكي، أنبأنا أبو بكر الحافظ، أنبأنا أبو الحسين المقرىء، أنبأنا على بن أحمد.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن الأشعث، أنبأنا محمد بن محمد أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عمر بن الحسن بن علي، قالا: أنبأنا أبو بكر ابن أبي الدنيا، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر،، أنبأنا علي بن عمر ابن علي بن الحسين عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: قلت لابن الحنفية كم كانت سن أبيك حين قتل؟ قال: ثلاثا و ستين.

323- عنه أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، أنبأنا أبو منصور بن زريق، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا ابن بشران أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا ابن أبي الدنيا، أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا محمد بن عمر، أنبأنا علي بن عمر ابن علي بن الحسين:

عن عبدالله بن محمد بن عقيل قال سمعت ابن الحنفية يقول سنة الجحاف حين دخلت إحدى و ثمانون لي خمس و ستون سنة، قد جاوزت سن أبى. قلت و كم كانت سنه يوم قتل؟ قال: ثلاث و ستون. ثم قال: قال محمد بن سعد و دفن علي بالكوفة عند مسجد الجامع في قصر الإمارة.

ص: 401

324- عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن عبدالباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمرو بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين ابن الفهم، أنبأنا محمد بن سعد أنبأنا محمد بن عمر، أنبأنا علي بن عمر و أبو بكر بن أبي سبرة.

عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال سمعت محمد بن الحنفية يقول سنة الجحاف حين دخلت إحدى و ثمانون- هذه لي خمس و ستون سنة، و قد جاوزت عن أبي قلت و كم كانت سنة يوم قتل رحمه الله؟ قال: ثلاث و ستون سنة.

قال محمد بن عمر الواقدي و هو الثبت عندنا.

325- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو القاسم العلاف قالا: أنبأنا أبو الحسن بن الحمامي، أنبأنا الحسن بن محمد بن الحسن أنبأنا محمد بن عبدالله بن سليمان، أنبأنا يحيي بن حسان بن سهيل قال:

سمعت ابن عيينة يقول عن جعفر بن محمد قال: سمعت أبي يقول: قتل علي و هو ابن ثلاث و ستين.

326- عنه أنبأنا أبو علي الحداد، و جماعة في كتبهم قالوا: أنبأنا أبوبكر ابن ريده أنبأنا سليمان بن أحمد، أنبأنا أحمد بن هارون القزاز المكي و أنبأنا إبراهيم بن المنذر الحزامي أنبأنا حسين بن زيد بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: توفي على و هو ابن ثلاث و ستين سنة.

327- عنه أنبأنا أبو سعد المطرز، و أبو علي المقريء، قالا: أنبأنا أبو نعيم الإصبهاني، أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد، أنبأنا محمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن عبد الملك أنبأنا عبد الرزاق- قال ابن جريح ذكره – عن محمد بن علي بن الحسين (علیهم السلام) قال: توفي علي و هو ابن ثلاث و ستين سنة.

ص: 402

328- عنه أنبأنا أبو محمد بن عبد الباقي، أنبأنا أبو محمد الجوهري أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين بن الفهم أنبأنا محمد بن سعد، أنبأنا الفضل بن دكين، عن شريك عن أبي اسحاق قال توفي علي و هو ابن ثلاث و ستين.

329- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا محمد بن أحمد الجواليقي.

حيلولة: و أخبرنا أبو البركات بن المبارك، أنبأنا أبو الحسين بن الطيوري و أبو طاهر بن سوار، قالا: أنبأنا الحسين بن علي الطناجيدي أنبأنا أبو عبدالله محمد بن زيد الأنصاري، أنبأنا محمد بن محمد بن عقبة، أنبأنا هارون بن حاتم.

أنبأنا أبو بكر بن عياش قال: قتل علي بن أبي طالب و له ثلاث و ستون و سمعت غير أبي بكر بن عياش يقول: قتل علي بن أبي طالب و له ثمان و خمسون سنة.

330- عنه أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد أنبأنا أبو منصور النهاوندي، أنبأنا أبو العباس النهاوندي، أنبأنا أبو الأشقر، أنبأنا محمد بن إسماعيل أنبأنا إبراهيم بن موسى، أنبأنا هشام بن أبي جريح، أخبرني محمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب أن علي بن أبي طالب مات لثلاث- او أربع و ستين سنة أو نحو ذلك.

331- عنه أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو الحسن بن الحمامي المقرىء، أنبأنا علي بن أحمد.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو منصور محمد ابن محمد بن عبدالعزيز، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عمر بن الحسن

ص: 403

ابن علي قالا: أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: و قال: أحمد بن حنبل: أنبأنا عبدالرزاق أنبأنا ابن جريح أخبرني عمرو، عن محمد بن علي: أن علي بن أبي طالب مات لئلات- أو أربع – و ستين سنة أو نحو ذلك.

332- عنه أخبرنا أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، أنبأنا حنبل بن إسحاق، حدثني أبو عبدالله، أنبأنا عبدالرزاق، أنبأنا ابن جريج:

أخبرني محمد بن عمر بن علي: أن علي بن أبي طالب مات لئلات- أو أربع – و ستين سنة أو نحو ذلك.

333- أخبرنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنبأنا أبو القاسم بن خيفا، أنبأنا إسماعيل بن علي الخطي، أنبأنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبى، أنبأنا عبدالرزاق، أنبأنا ابن جريج.

أخبرني محمد بن عمر بن علي: أن علي بن أبي طالب (علیه السلام) مات لئلات- أو أربع- و ستين سنة أو نحو ذلك.

334- عنه أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشاء بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، أنبأنا عبدالله بن مسلم بن قتيبة أنبأنا البجلي عن أبى اليقظان قال: اختلف في قتل علي فقال بعضهم: قتل و هو ابن ثلاث و ستين.

قال بعضهم ابن ثمان و خمسين و دفن بالكوفة و صلى عليه الحسن ابن علي، و دفن عند المسجد الجامع في قصر الإمارة، و كانت ولايته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر، و قتل ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان سنة اربعين.

و أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، و أسلمت قديماً، و

ص: 404

هى أول هاشمية ولدت لهاشمي، و هي ربت النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، و يوم ماتت صلى النبي عليها و تمرغ في قبرها و بكى و قال: جزاك الله من أم خيراً فقد كنت خير أم.

و ولدت لأبي طالب عقيلاً و جعفراً و علياً و أم هانئ و اسمها فاختة و جمانة و كان عقيل أسن من جعفر بعشر سنين و جعفر أسن من عليّ بعشر سنين و جعفر هو ذو الهجرتين و ذو الجناحين.

335- عنه أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل ابن خيرون، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي بن الصواف أنبأنا محمد بن عثمان ابن أبي شيبة، أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم أنبأنا محمد بن جعفر، عن أبيه: أن علياً عمرخمساً و ستين سنة.

قال ابن عساكر كذا قال فى هذه الرواية و إنما هو إسماعيل بن بهرام.

336- عنه أخبرنا أبو غالب بن البناء، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنبأنا أبو القاسم الدقاق، أنبأنا إسماعيل بن علي أنبأنا محمد بن عثمان أنبأنا إسماعيل بن.بهرام أنبأنا محمد بن جعفر، عن أبيه: أن علياً عمر خمساً و ستين سنة.

قال: و أنبأنا إسماعيل، أنبأنا عبد الله- هو ابن أحمد بن محمد بن حنبل حدثني أبى، أنبأنا حجين أبو عمر، أنبأنا حبان، عن معروف عن أبي جعفر، قال: هلك علي بن أبي طالب (علیه السلام) و له خمسن و ستون. قال: و كان علي و طلحة و الزبير فى سن واحد.

337- عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين، أنبأنا أبو بكر الخطيب أنبأنا أبو الحسن بن رزقويه، أنبأنا ابن السماك، أنبأنا حنبل، حدثني أبو عبدالله، أنبأنا حجين بن المثنى أبو عمر، حدثني حبان بن علي العنزي، عن

ص: 405

معروف عن أبي جعفر قال: هلك علي بن أبي طالب و له خمسن و ستون. قال: و كان علي و طلحة و الزبير فى سن واحد.

338- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور أنبأنا عيسي بن علي أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا علي بن الجعد أخبرني حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة قال: سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: الخلافة بعدى ثلاثون سنة.

فقال لي: أمسك- يعنى سفينة القائل لسعيد بن جمهان: أمسك- فذكر خلافة علي ستا قال ابن عساكر كذا في هذا الحديث و لم يبلغ علي في الخلافة ست سنين.

339- عنه أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه الشافعي و علي بن زيد المؤدب قالا: أنبأنا نصر بن إبراهيم الزاهد – زاد الفقيه و عبدالله بن عبد الرزاق، قالا- أنبأنا أبو الحسن بن عوف، أنبأنا أبو علي بن منير أنبأنا أبو بكر بن خزيم أنبأنا هشام بن عمار: أنبأنا الهيثم بن عمران قال: فبايع لعلي أهل العراق و مكة و المدينة و اليمن فمكث رحمه الله خمس سنين و قتله إبراهيم بن ملجم.

340- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر: أنبأنا يعقوب قال: و قتل عثمان في ذى الحجة سنة خمس و ثلاثين و بويع علي بن أبي طالب(علیه السلام)، و قتل علي بن ابي طالب(علیه السلام) على رأس خمس سنين من مقتل عثمان ابن عفان و بايع الناس لمعاوية بن أبي سفيان.

341- عنه أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن، أنبأنا أبو الحسن الصيرفي أنبأنا أحمد بن اسحاق، أنبأنا أحمد بن عمران، أنبأنا موسى أنبأنا

ص: 406

خليفة قال و حدثني يحيى بن محمد عن عبد العزيز بن عمران عن محمد بن عبد الله بن المؤمل المخزومي قال: ولد علي بمكة في شعب بنى هاشم و قتل بالكوفة، و صلى عليه الحسن ابنه، و كانت ولاية علي أربع سنين و تسعة أشهر؛ و ستة أيام و يقال ثلاثة أيام و يقال أربعة عشر يوما.

342- عنه أخبرنا أبو عبد الله الفراوي و أبوب المعالي محمد بن إسماعيل و أبو المظفر بن القشيري قالوا: أنبأنا أبو بكر البيهقي.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقال قالا: أنبأنا أبو الحسين بن بشران أنبأنا أبو عمرو بن السماك، أنبأنا حنبل بن إسحاق أنبأنا عاصم بن علي:

أنبأنا أبو معشر قال: ثم بويع لعلي بن أبي طالب سنة خمس و ثلاثين، و قتل في رمضان يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة من رمضان سنة أربعين و كانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر- زاد الفراوي: و قبل إلا شهرين و لم يذكر المبايعة لعلي.

343- عنه أخبرني أبو المظفر ابن القشيري، أنبأنا أبو بكر البيهقی، أنبأنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا أبو بكر محمد بن المؤمل أنبأنا الفضل ابن محمد، أنبأنا أحمد بن حنبل، أنبأنا اسحاق بن عيسى.

و أخبرنا أبو الحسين بن قبيس، أنبأنا أبو منصور بن زريق، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا محمد بن رزيق البزاز، أنبأنا أبو عثمان بن أحمد بن الدقاق، أنبأنا حنبل بن اسحاق، حدثني أبو عبدالله – يعنى أحمد بن حنبل- أنبأنا اسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال حنبل: و أنبأنا عاصم بن علي، أنبأنا أبو معشر فذكر مثله.

ص: 407

344- عنه أخبرتنا أم البهاء بنت البغدادي، قالت: أنبأنا أبو طاهر بن محمود أنبأنا أبو بكر بن المقريء، أنبأنا محمد بن جعفر، أنبأنا عبيدالله بن سعد أنبأنا أحمد بن حنبل، أنبأنا اسحاق بن عيسى:

عن أبي معشر قال بويع لعلي بن أبي طالب سنة خمس و ثلاثين، و قتل في رمضان يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة من رمضان سنة أربعين فكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.

345- عنه أنبأنا أبو علي بن نبهان ثم أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد.

حيلولة و أخبرنا أبو عبدالله البلخي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون قالوا: أنبأنا أبو علي بن شاذان.

حيلولة: و أخبرنا أبو عبدالله البلخي، أنبأنا طراد بن محمد و أبو محمد التميمي قالا: أنبأنا أبو بكر بن وصيف قالا: أنبأنا أبو بكر الشافعي، أنبأنا عمر بن حفص: أنبأنا محمد بن يزيد قال: و استخلف علي بن أبي طالب؛ و كنيته أبو الحسن، لاثنتي عشرة بقيت من ذي الحجة سنة خمس و ثلاثين، و قتل في شهر رمضان سنة أربعين، لست بقين منه أو سبع فكانت خلافته أربع سنين و تسعة أشهر و أياماً قتله عبد الرحمان بن ملجم بالكوفة.

و أسلم و هو ابن إحدى عشرة سنة، ثم هاجر مع رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و له أحد و عشرون سنة، و قتل يوم الجمعة في شهر رمضان سنة أربعين و له ثلاث و ستون سنة و هو علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، و أمة فاطمة بنت أسد بن هاشم و هي بنت عم أبي طالب. و صلى عليه الحسن بن علي فكان بين مقتل عثمان إلى اصطلاح الحسن بن علي و معاوية خمس سنين و ثلاثة اشهر و سبع ليال.

ص: 408

346- عنه قرأت علي أبي محمد السلمي، و عن أبي محمد التميمي، أنبأنا مكي بن محمد المؤدب، أنبأنا أبو سليمان بن زبر، قال: سنة أربعين فيها قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من، شهر رمضان.

و دفن بالكوفة عند مسجد الجامع في قصر الإمارة و كان الذي قتله عبدالرحمان بن ملجم المرادي، فكانت خلافته أربع سنين و ثمانية أشهر و عشرين يوماً، و بويع الحسن بن علي بن أبي طالب (علیهما السلام).

347- عنه أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو الحسن المقرىء، أنبأنا علي بن أحمد.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا محمد بن محمد أنبأنا أبو الحسين ابن بشران، أنبأنا عمر بن الحسن قالا: أنبأنا ابن أبى الدنيا، أخبرني العباس بن هشام، عن أبيه قال: كانت خلافة علي اربع سنين و ثمانية أشهر و ثلاثة و عشرين يوما.

348- عنه أخبرنا أبو بكر يحيي بن إبراهيم الواعظ، أنبأنا أبو الحسن نعمة الله بن محمد أنبأنا أحمد بن محمد بن عبدالله، أنبأنا محمد بن أحمد بن سليمان، أنبأنا سفيان بن محمد بن سفيان، حدثني الحسن بن سفيان، أنبأنا محمد بن علي، عن محمد بن اسحاق:

قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: علي بن أبي طالب أبو الحسن كانت ولاية علي بن أبي طالب أربع سنين و ثمانية أيام، و قتل يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين من يومه و دفن ليلا.

349- عنه أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون، أنبأنا أبو علي بن الصواف، أنبأنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا أبي

ص: 409

أنبأنا أبو الحسين العكلي عن سفيان، عن جعفر، عن أبيه قال: كان لعلي تسع عشرة سرية. قال ابن عساكر: إنما كان كثر تسري أمير المؤمنين (علیه السلام) طلباً للنسل لتكثير العابدين و قد تقدم من ذكر تقلله و زهده ما يدلّ على ما ذكرناه من قصده.

350- عنه أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو نصر عبدالرحمان بن علي، أنبأنا أبو زكريا الحربي، أنبأنا عبدالله بن محمد بن الحسن أنبأنا عبد الله بن هاشم، أنبأنا وكيع عن إسرائيل، عن أبي اسحاق:

عن عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي فقال: لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون بعلم، و لا يدركه الآخرون كان رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له، و ما ترك بيضاء و لا صفراء إلا سبعمأة درهم فضل من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله.

351- عنه أخبرنا أبو نصر بن رضوان، و أبو غالب بن البناء، و أبو محمد بن شاتيل، قالوا: أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو بكر بن مالك، أنبأنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي، أنبأنا وكيع عن إسرائيل، عن أبي اسحاق:

عن عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي فقال: لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون بعلم، و لا يدركه الآخرون، أن كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له، و ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا سبعماة درهم فضلت من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله.

و رواه إسماعيل بن أبي خالد و زيد بن أبي انيسة، و شريك القاضي

ص: 410

و زيد العمي و شعيب بن خالد، عن أبي إسحاق فقالوا: عن هبيرة بن يريم، عن الحسن ابن علي(علیهما السلام).

352- عنه فأما حديث إسماعيل فأخبرناه أبو منصور محمود بن أحمد ابن عبد المنعم، أنبأنا أبو على الحسن بن عمر بن الحسن بن يونس، أنبأنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي أنبأنا أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم، أنبأنا حميد بن الربيع، أنبأنا ابن نمير، أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي اسحاق:

عن هبيرة بن بريم قال: سمعت الحسن بن علي (علیهما السلام) يخطب الناس فقال: يا أيها الناس لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون بعلم، و لا يدركه الآخرون، و لقد كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما یرد حتى يفتح الله عليه و إن جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن شماله ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا سبعمأة درهم فضلت من عطائه كان أراد أن يشتري بها خادماً.

353- عنه و أخبرناه أبو العز بن كادش، أنبأنا أبو محمد الجوهرى املاءاً أنبأنا أبو الحسين عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقري، أنبأنا محمد بن جعفر أبو الحسن الكوفي، أنبأنا زياد بن أيوب، أنبأنا علي بن غراب أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد، أنبأنا أبو اسحاق عن هبيرة بن يريم، قال: خطبنا الحسن بن علي (علیه السلام) بعد وفاة أبيه فقال:

يا أيها الناس لقد فارقكم اليوم رجل ما يسبقه الأولون و لن يدركه الآخرون، ان كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يبعثه المبعث؛ فما يرجع حتى يفتح عليه و جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره لم يترك صفراء و لا بيضاء إلا سبعمأة درهم فضلت من عطائه كان أراد أن يبتاع بها خادماً.

ص: 411

354- عنه و أما حديث زيد؛ فأخبرناه أبو غالب بن البناء، و أبو الحسين بن الفراء، قالا: أنبأنا أبو يعلى بن الفراء.

حيلولة و أخبرناه أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، عن هبيرة بن يريم قالا: عيسى بن علي.

حيلولة: و أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب، أنبأنا أبو الحسين ابن المهتدي. أنبأنا أبو القاسم عبيد الله بنمحمد بن اسحاق بن حبابة، قالا: أنبأنا عبدالله، أنبأنا عيسى بن سالم، أنبأنا عبيد الله بن عمر و الأسدي الرقي أبو وهب عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي اسحاق:

عن هبيرة بن يريم، عن الحسن (علیه السلام) انه قال: قد فارقكم و في حديث ابن النقور: لقد فارقكم- رجل لم يسبقه أحد من الأولين بعلم، و لم يدركه أحد من الآخرين، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه، و جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره

يقاتلان معه- زاد ابن حبابة و ابن الفراء: مات و قالوا- و لم يترك ديناراً و لا درهما- زاد ابن حبابة و ابن الفراء: إلا حلى طيبة- و قال ابن حبابة سيفه. و قالا- و سبعمأة درهم فضلت من عطائه. زاد ابن حبابة: حبسها ليبتاع بها خادماً.

355- عنه أما حديث شريك فأخبرناه أبو نصر بن رضوان، و أبو غالب بن البناء، و أبو محمد عبدالله بن محمد بن نجاء بن شاتيل قالوا: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: قرىء على أبي بكر بن مالك أنبأنا عبدالله بن أحمد حدثني أبي، أنبأنا وكيع عن شريك، عن أبي اسحاق:

عن هبيرة قال: خطبنا الحسن بن علي(علیهما السلام): فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولين بعلم، و لا يدركه الآخرين، كان رسول الله يبعثه

ص: 412

بالرأية جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، لا ينصرف حتى يفتح له.

356- عنه أما حديث زيد العمي فأخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندى و أبو البركات الأنماطي، قالا: أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا أبو طاهر المخلص.

حيلولة و أخبرناه أبو غالب بن البناء أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون، أنبأنا أبو الحسن الدار قطني، قالا: أنبأنا محمد بن هارون الحضرمي، أنبأنا الحسين بن علي بن يزيد الصمداي حدثني أبي علي بن يزيد، أنبأنا الفضل ابن مرزوق، عن زيد العمي، عن أبي اسحاق:

عن هبيرة بن يريم، قال: لما قتل علي قام الحسن بن علي (علیهما السلام) و عليه

جبة و عمامة سوداء ليس عليه قميص، ثم حمد الله و أثنى عليه ثم قال:

لقد فارقكم بالأمس رجل لم يسبقه الأولون و لم يدركه الآخرون، ان كان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)- و في حديث المخلص و كان- رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يعطيه الرأية فيقاتل جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، لا يرد له رأية حتى يفتح الله له و ما ترك ديناراً و لا درهماً إلا سبعمأة درهم فضلت عن عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً.

357- عنه أما حديث شعيب فأخبرناه أبو غالب بن البناء أنبأنا أبو الغنائم بن المأمون، أنبأنا أبو الحسن الدار قطني، أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبدالله بن محمد الوكيل، أنبأنا اسحاق بن الصيف، أنبأنا عبدالرزق، أنبأنا يحي بن العلاء، عن عمه شعيب بن خالد، عن أبي اسحاق:

عن هبيرة بن يريم، قال: خطبنا الحسن بن علي (علیهما السلام) صبيحة قتل علي فقال: لقد فارقكم منذ الليلة رجل لم يسبقه الأولون و لم يدركه الآخرون بعلم، و لقد سعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن

ص: 413

زكريا و كان رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يبعثه المبعث فيكتنفه جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، فلا ينثني حتى يفتح الله له و ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا سبعماة درهم فضلت عن عطائه أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله.

قال الدار قطني: هذا حديث غريب من حديث شعيب بن خالد الرازي، عن أبي اسحاق السبيعي، تفرد به يحيى بن العلاء بن خالد عن عمه شعیب بن خالد و تفرد به عبدالرزاق بن،همام، عن يحيى و تفرد به اسحاق بن الصيف، عن عبد الرزاق.

358- عنه أخبرناه أبو عبدالله محمد بن الفضل و أبو المظفر بن القشيري، قالا: أنبأنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمان، أنبأنا أبو عرو بن حمدان.

حيلولة و أخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر قالت: قرىء على إبراهيم ابن منصور أنبأنا أبو بكر بن المقرىء، قالا: أنبأنا أبو يعلى الموصلي أنبأنا الشامي- سماه ابن المقريء: إبراهيم بن الحجاج- أنبأنا سكين بن عبد العزيز، أنبأنا جعفر- و قال ابن المقريء: حفص و زاد: يعني ابن خالد بن جابر و قالا: عن أبيه قال:

لما قتل علي (علیه السلام) قام حسن بن علي (علیهما السلام) خطبنا فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: أما بعد و الله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة توفي فيها القرآن، و فيها رفع عیسى بن مريم و فيها قتل يوشع بن نون فتى موسى.

قالا: و أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا إبراهيم- زاد ابن حمدان ابن الحجاج و

قال ابن المقرىء: الشامي- أنبأنا سكين، قال: و حدثني أبي عن خالد بن جابر، عن أبيه، عن الحسن بن علي مثل ذلك – و قال ابن المقريء: مثل هذا و زاد فيه و فيها تيب على بنى اسرائيل و قال

ص: 414

و الله ما سبقه أحد كان قبله و لا لحقه أحد كان بعده و إن كان النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ليبعثه في السرية جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره، و الله ما ترك صفراء و لا بيضاء إلا ثمان مأة درهم – أو سبعمأة درهم – أرصدها لخادم يشتر بها.

359- عنه أخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر، أنبأنا أبو عثمان البحيري قراءة عليه و أنا حاضر، أنبأنا السيد أبو الحسن العلوي، أنبأنا أبو الأحرذ محمد بن عمر أنبأنا عبدالله بن محمد بن عبيد بن شقير، أنبأنا يوسف بن موسى أنبأنا جرير

عن مغيرة قال: جاء نعي علي بن أبي طالب، إلى معاوية، و هو نائم مع امرأته فاختة بنت قرظة ، فقعد باكياً مسترجعاً، فقالت له فاخته: أنت بالأمس تطعن عليه و اليوم تبكي عليه؟ فقال: ويحك أنا أبكي لما فقد الناس من حلمه و علمه كذا قال الراوي في هذه الرواية و هو نائم و إنما هو قائل.

360- عنه أخبرناه أبو بكر اللفتواني، أنبأنا أبو عمرو بن مندة، أنبأنا الحسن بن محمد، أنبأنا أحمد بن محمد بن عمر، أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، أنبأنا يوسف بن موسى،، أنبأنا جرير عن المغيرة قال:

لما جيء معاوية بنعي علي و هو قائل مع امرأته بنت قرظه يوم صائف قال: إنا لله و إنا إليه راجعون ما ذا فقدوا من العلم و الحلم و الفضل و الفقه. فقالت امرأته: أنت بالأمس تطعن في عينيه و تسترجع اليوم عليه قال: ويلك لا تدرين ماذا فقدوا من علمه و فضله و سوابقه.

361- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، أنبأنا حنبل بن

ص: 415

إسحاق، أنبأنا اسحاق بن إسماعيل:

أنبأنا جرير، عن مغيرة قال: لما جاء معاوية وفاة علي قال: إنا لله و إنا إليه راجعون، و هو قائل مع امرأته ابنة قرظة فى يوم صائف قال ما ذا فقدوا من العلم و الفضل و الخير فقالت امرأته: تسترجع عليه اليوم؟ قال: ويلك لا تدرين ماذا فقدوا ذهب من علمه و فضله و سوابقه

362- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا علي بن أحمد بن محمد، أنبأنا أبو طاهر المخلص إجازة، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمان، أخبرني عبد الرحمان بن محمد بن المغيرة، أخبرني أبي حدثني أبو عبيد قال: سنة اربعين فيها أصيب علي بن أبي طالب (علیه السلام) في شهر رمضان.

363- عنه أخبرنا أبو الحسن الخطيب، أنبأنا أبو منصور النهاوندي، أنبأنا أبو العباس، أنبأنا أبو الأشقر، أنبأنا محمد بن إسماعيل قال قتل علي (علیه السلام) في رمضان بالكوفة سنة أربعين و كانت خلافته خمس سنين إلا شهرين و أياماً و هو أبو الحسن الهاشمي رضوان الله عليه و رحمته.

364- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا إبراهيم بن هانىء، أنبأنا أحمد بن حنبل، أنبأنا اسحاق بن عيسى عن أبي معشر قال: قتل علي في رمضان يوم الجمعة في سبع عشرة ليلة من رمضان سنة أربعين و كانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.

365- عنه أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو منصور محمد بن محمد، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عمر بن الحسن ابن علي قالا: أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني الحسين بن علي العجلي أنبأنا عمرو بن محمد

ص: 416

عن ابى معشر قال: ضرب علي في يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين ضربه عبدالرحمان بن ملجم المرادي لعنه الله بالكوفة.

366- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، أنبأنا حنبل بن إسحاق، أنبأنا عاصم بن علي أنبأنا أبو معشر قال: ثم بويع علي بن أبى طالب سنة خمس و ثلاثين، و قتل في رمضان يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة من رمضان سنة اربعين و كانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر.

367- عنه أخبرنا أبو القاسم أيضاً، أنبأنا أبو علي بن المسلمة و أبو القاسم عبد الواحد بن على بن محمد، قالا: أنبأنا أبو الحسن بن الحمامي، أنبأنا الحسن بن محمد بن الحسين، أنبأنا محمد عبدالله بن سليمان، أنبأنا ابن نمير حدثني من سمع أبا معشر يقول: قتل علي بن أبي طالب في رمضان يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة من رمضان سنة أربعين.

368- عنه أخبرنا أبو القاسم أيضاً، أنبأنا أبو الفتح الخطيب، أنبأنا ابو الحسن التميمي.

حيلولة و أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الحسين بن الطيوري، و أبو طاهر أحمد بن علي، قالا: أنبأنا أبو الفرج الحسين بن علي قالا: أنبأنا أبو عبدالله الابزاري، أنبأنا أبو جعفر الشيباني أنبأنا أبو بشر هارون بن حاتم.

أنبأنا أبو بكر بن عياش قال: ثم بايع الناس علي بن أبي طالب(علیه السلام): سنة خمس و ثلاثين ثم قتل على رحمة الله عليه و رضوانه في شهر رمضان لسبع عشرة مضت من رمضان من سنة أربعين. فكانت خلافة علي خمس

ص: 417

سنين الا ثلاثة أشهر.

369- عنه أخبرنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل، أنبأنا أبو القاسم أحمد ابن محمد الخليلي، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم ابن كليب الشاشی قال: سمعت محمد بن صالح يقول: سمعت عثمان بن أبى شيبة، يقول: سمعت أبا نعيم يقول: ولي علي بن أبي طالب خمس سنين، و توفي على رأس ثلاثين من مهاجر النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم).

370- عنه أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو الفضل بن البقال، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا عثمان بن أحمد، أنبأنا حنبل بن إسحاق، قال: قال أبو نعيم مات علي بن أبي طالب سنة أربعين.

371- عنه أخبرنا أبو القاسم أيضاً، أنبأنا أبو الحسين بن النقور أنبأنا أبو القاسم الوزير، أنبأنا عبد الله بن محمد، أنبأنا أحمد بن إبراهيم الغندي: قال: سمعت أبا نعيم يقول: قتل علي في رمضان، في سبع عشرة منه يوم الجمعة و مات ليلة الأحد.

372- عنه أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن، أنبأنا أبو الفرج الاسفرايني و أبو نصر الطربثيثي قالا: أنبأنا أبو الفضل محمد أبو الفضل محمد بن محمد بن أحمد بن عيسى، أنبأنا منير بن،أحمد أنبأنا جعفر بن أحمد، أنبأنا أحمد بن الهيثم، قال: قال أبو نعيم.

حيلولة و أخبرنا أبو الحسن الفرضي أنبأنا عبدالعزيز الكتاني، أنبأنا أبو حازم بن محمد بن الفراء، أنبأنا يوسف بن عمر القواس، أنبأنا أبو عبدالله بن مخلد، أنبأنا العباس بن محمد الدوري، أنبأنا أبو نعيم قال: و أصيب علي في شهر رمضان؛ سنة اربعين فكانت خلافته خمس سنين، ضرب يوم الجمعة غدوة و مات يوم الأحد.

ص: 418

373- عنه أخبرنا أبو محمد بن حمزة، أنبأنا أبو بكر الخطيب.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن الفضل، أنبأنا عبدالله بن جعفر، أنبأنا يعقوب، موسى بن إسماعيل، أنبأنا ابن عبد العزيز عن جعفر، عن أبيه، عن جده: أن علياً طعن لاحدي و عشرين ليلة مضت من شهر رمضان ليلة التاسعة، و هلك لأربع و عشرين ليلة، ليلة السابعة.

قال يعقوب: أنبأنا أبو النعمان- يعنى عارما- أنبأنا معتمر بن سليمان: قال: سمعت أبى، قال: سمعت حريث بن المخش يحدث ان علياً قتل صبيحة احدي و عشرين من رمضان. قال: فسمعت الحسن بن علي و هو يخطب و يذكر مناقب علي و يقول: قتل أبي ليلة أنزل فيها القرآن- أو الفرقان- و ليلة أسري بعيسى- أو قال: بموسى- و ليلة كان كذا و كذا.

374- عنه أخبرنا أبو القاسم ابن أبي الأشعث، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي أنبأنا أبو القاسم البغوي أنبأنا سوار بن عبدالله أنبأنا معتمر قال: قال أبي: حدثني حريث بن المخش أن علياً قتل صبيحة إحدى و عشرين من شهر رمضان.

375- عنه أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد، أنبأنا أبو منصور محمد بن الحسين، أنبأنا أبو العباس، أنبأنا أبو القاسم، أنبأنا أبو عبد الله البخاري أنبأنا أبو النعمان أنبأنا معتمر، قال سمعت أبي يقول: سمعت حريث بن مخش يقول:- يحدث- أن علياً قتل صبيحة إحدي و عشرين من شهر رمضان، فسمعت الحسن بن علي (علیهما السلام) يخطب فذكر مناقب علي (علیه السلام)

376- عنه أخبرنا أبو محمد الشاهد، أنبأنا أبو بكر الحافظ، أنبأنا أبو الحسن المقريء أبنأنا علي بن أحمد بن أبي قيس.

ص: 419

حيلولة: و أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا محمد بن محمد أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، أنبأنا عمر بن الحسن، قالا: أنبأنا ابن أبي الدنيا، أنبأنا سعيد بن يحيي الأموي عن أبيه، عن ابن اسحاق- و قال ابن السمرقندي أنبأنا أبي عن محمد بن اسحاق قال: مات علي في احدي و عشرين ليلة مضت من شهر رمضان.

و قال غير سعيد: إنه عاش بعد ما ضربه ابن ملجم الجمعة و السبت و مات ليلة الأحد لاحدي عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان، و صلى عليه الحسن بن على(علیهما السلام).

377- عنه أخبرنا أبو البركات الأنماطي، أنبأنا أبو الفضل ابن خيرون، أنبأنا أبو القاسم بن بشران، أنبأنا أبو علي الصواف، أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: قال أبي و عمى أبو بكر: قتل علي في سنة أربعين من مهاجر النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) في شهر رمضان في ليلة إحدى و عشرين يوم الجمعة و مات ليلة الأحد.

378- عنه أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، أنبأنا رشاء بن نظيف أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، أنبأنا اسحاق بن الحسن الحربي، عن علي عن عيسى بن يونس بن أبى إسحاق السبيعي عن عمرو ابن شمر قال كانت سودة بنت عمارة تبكي عليا (علیه السلام) و نقول

صلى الإله على جسم تضمنه*** قبر فأصبح فيه الجود مدفونا

قد حالف الحق لا يبغي به بدلا*** فصار بالحق و الإيمان مقرونا

379- عنه أخبرنا أبو سعد بن البغدادي، أنبأنا أبو منصور بن شكرويه و أبو بكر السمسار، قالا: أنبأنا إبراهيم بن عبد الله، أنبأنا الحسين ابن إسماعيل أنبأنا أحمد بن محمد بن بكر أنبأنا الفضل، أنبأنا كثير بن

ص: 420

مارويدا قال: سمعت أبا عياض مولى عياض بن ربيعة الأسدي قال:

أتيت على بن أبي طالب- و أنا مملوك – فقلت: يا أمير المؤمنين ابسط يدك أبايعك. فرفع رأسه إلى فقال: ما أنت؟ قلت مملوك. قال: لا اذاً. قالت له يا أمير المؤمنين إنما أقول: إني اذا شهدتك نصرتك، و إن غبت عنك نصحتك، قال: نعم اذا. قال: فبسط يده فبايعني. و أيضاً قال أبو عياض و سمعت علي بن أبي طالب (علیه السلام) يقول:

إنه سيأتكم رجل يدعوكم إلى سبي و إلى البراءة مني، فأما السب فإنه لكم نجاة و لي زكاة و أما البراءة فلا تبرأوا مني فإني على الفطرة.

380- عنه أخبرنا أبو القاسم الشحامي، أنبأنا أبو سعد محمد بن عبدالرحمان، أنبأنا أبو سعيد بن بشر بن العباس، أنبأنا أبو لبيد محمد بن إدريس الشامي، أنبأنا سويد بن سعيد، أنبأنا أسباط بن محمد، عن مطرف عن أبي إسحاق:

عن عمرو بن الأصم قال: دخلت على الحسن بن علي(علیهما السلام) و هو في دار عمرو بن حريث؛ فقلت: إن ناساً يزعمون أن عليا يرجع قبل يوم القيامة. فضحك و قال سبحان الله لو علمنا ما زوجنا نساءه و لا قسمنا ميراثه.

381- عنه أخبرناه عالياً أبو القاسم بن السمرقندي، و أبو عبدالله محمد ابن طلحة ابن علي الرازي الصوفي قالا أنبأنا أبو محمد الصريفيني، أنبأنا أبو القاسم بن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، أنبأنا علي بن الجعد، أنبأنا زهير ابن معاوية عن أبى إسحاق:

عن عمرو الأصم، قال: قلت للحسن بن علي: إن هذه الشيعة يزعمون أن علياً مبعوث قبل يوم القيامة. فقال: كذبوا و الله ما هؤلاء

ص: 421

بالشيعة، لو علمنا أنه مبعوث ما زوّجنا نساءه و لا قسمنا ماله.

382- عنه أخبرنا أبو علي بن السبط، أنبأنا الجوهري.

حيلولة: و أخبرناه أبو القاسم بن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، قالا: أنبأنا أبو بكر بن مالك، أنبأنا عبد الله بن أحمد، أنبأنا عثمان بن أبي شيبة، أنبأنا شريك، عن أبي اسحاق

عن عاصم بن ضمرة، قال: قلت للحسن بن علي: إن الشيعة يزعمون أن علياً يرجع. فقال: كذب. أولئك الكذابون، لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه و لا قسمنا ميراثه.

383- عنه أخبرنا أبو على بن السبط، أنبأنا أبى أبو سعد، أنبأنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس أنبأنا محمد بن إبراهيم الدبيلي، أنبأنا أبو عبدالله سعيد بن عبد الرحمان، أنبأنا سفيان عن حصين:

عن محمد بن الحرث، قال: كنت مع ابن العباس فأتاه رجل من أهل الكوفة فقال له: ما وراءك؟ قال: ترك الناس يتحدثون بقدوم علي بن أبى طالب (علیه السلام). قال: و أنبأنا سفيان، أنبأنا حصين – أو غيره- قال: قال ابن:عباس فلم نكحنا نساءه و اقتسمنا ميراثه

384- قال الهيتمي: عن صهيب عن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) انه قال انه قال يوما لعلي من أشقى الأولين؟ قال: الذي عقر الناقة، يا رسول الله قال: صدقت و قال: فمن أشقی الآخرين؟ قال لا علم لي يا رسول الله قال: الذي يضربك على هذه و أشار النبي إلى يافوخه. فكان علي (علیه السلام) يقول لأهل العراق وددت أنه قد انبعث اشقاكم يخضب هذه يعني لحيته من هذه و وضع يده على مقدم رأسه.

385- عنه عن جابر يعنى ابن سمرة. قال قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي:

ص: 422

من أشقی ثمود؟ قال عاقر الناقة، قال: فمن أشقى هذه الأمة؟ قال الله أعلم. قال: قاتلك. رواه الطبرانى و فيه ناصح بن عبدالله و هو متروك. و عنه قال قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي (علیه السلام) انك امرؤ مستخلف و انك مقتول و هذه مخضوبة من هذه لحيته من رأسه.

386- عنه روى ابن أبي فضالة الأنصارى قال خرجت مع ابي عائداً لعلي و كان مريضاً فقال له أبي ما يقيمك بهذا المنزل لو هلكت به لم يلك الأعراب جهبنة فلو دخلت المدينة كنت بين أصحابك فان اصابك ما تخاف أو نخاف عليك وليك أصحابك و كان أبو فضالة من أهل بدر فقال له علي (علیه السلام) إني لست ميتاً من مرضى هذا- أو من وجعى هذا – إنه عهد إلي النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) إنى لا اموت حتى احسبه قال اضرب أو تخضب هذه من هذه یعنی ضار به قتل أبو فضالة معه بصفين.

387- عنه عن أبي سنان الدولي إنه عاد علياً في شكوى اشتكاها فقال له لقد نخوفنا عليك في شكواك هذه، فقال و لكني والله ما تخوفت على نفسى منه لاني سمعت الصادق المصدوق (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول انك ستضرب ضربة هاهنا و أشار إلى صدغيه فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك و يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقى نمود.

388- عنه عن أبي سنان يزيد بن مرة الدئلي، قال: مرض علي بن أبي طالب مرضاً شديداً حتى أدنف و خفنا عليه ثم انه برأ و نفه فقلنا هنيئاً لك يا ابا الحسن الحمد لله الذي عافاك قد كنا تخوفنا عليك قال لكني لم اخف على نفسى أخبرني الصادق المصد ق (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أني لا أموت حتى أضرب على هذه.

و أشار إلى مقدم رأسه الأيسر فتخضب هذه منها بدم و أخذ بلحيته

ص: 423

و قال لي: يقتلك أشقي هذه الأمة كما عقر ناقة الله أشقی بني فلان من ثمود.

389- عنه عن عبد الله بن سبيع قال سمعت علياً (علیه السلام) يقول لتخضين هذه من هذه فما ينتظرني الأشقی. قالوا: يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نبير اهله قال: إذا تقتلون بي غير قاتلي قالوا: فاستخلف علينا. قال: لا و لكن أترككم إليه رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم). قالوا: ما تقول لربك إذا أتيته؟ قال: أقول.

اللهم تركتني فيهم بدا لك ثم قفبضتنى إليك و انت فيهم فإن شئت أصلحتهم و إن شئت أفسدتهم.

390- عنه عن ثعلبة أنه قال على المنبر والله انه لعهد النبي الامي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) الى ان الامة ستغدر بي. رواه البزار و فيه على بن قادم و قد وثق و ضعف. عن عائشة قالت رأيت النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) التزم علياً و قبله و يقول بأبي الوحيد الشهيد بأبي الوحيد الشهيد.

391- عنه عن أبي رافع ان رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لعلي قبل موته تبرىء ذمتي و تقبل على سنتى. رواه البزار و فيه جماعة ضعفاء و قد وثقوا.

392- عنه عن علي قال أتاني عبدالله بن سلام و قد وضعت قدمي في الغرز فقال لي لا تقدم العراق فاني أخشى أن يصيبك بها ذباب السيف. فقال علي: وأيم الله لقد أخبرني به رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، قال أبو الأسود: فما رأيت كاليوم قط محارباً يخبر يذا عن نفسه.

393- عنه عن ابن عباس قال: قال علي يا رسول الله إنك كنت قلت لي يوم أحد حين أخرت عن الشهادة إن الشهادة من ورائك، قال كيف خبرك اذا خضبت هذه من هذه و أهوى بيده إلى لحيته و رأسه فقال على أما اذ بينت لى ما بينت فليس ذاك في مواطن الصبر و لكن هو في مواطن البشري و الكرامة.

ص: 424

394- عنه عن أبي صالح يعنى الحنفي عن علي قال: رأيت النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في منامي فشكوت إليه ما لقيت من أمته من الأود و اللدد فبكيت فقال لي لاتبك يا علي و التفت فالتفت فإذا رجلان يتصفدان و إذا... يرضخ بها رؤوسهما حتى تفضخ ثم يرجع أو قال يعود قال فغدوت إلي علي كما كنت أغدو عليه كل يوم حتى إذا كنت في الجزارين لقيت الناس فقالوا لي قتل أمير المؤمنين (علیه السلام).

رواه أبو يعلى هكذا و لعل الرائى هو أبو صالح رآه لعلي و أن الذين رآهما ابن ملجم القاتل و رفيقه والله أعلم، و رجاله ثقات.

395- عنه عن أبي الطفيل قال دعاهم على إلى البيعة فجاء فيهم عبد الرحمن ابن ملجم و قد كان رآه قبل ذلك مرتين ثم قال ما يحبس اشفاها و الذي نفس بيده لتخضين هذه من هذه و تمثل بهذين البيتين.

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيكا*** و لا تجزع من الموت فإن الموت آتيكا

396- عنه عن عوانة بن الحكم قال لما ضرب عبدالرحمان بن ملجم علياً و حمل إلى منزله أتاه العواد، فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم قال: كل امرىء ملاق ما يفر منه و الأجل مساق النفس و الهرب من آفاته كم أطردت الأيام أبحثها عن مكنون هذا الأمر فأبى الله إلا اخفاءه هيهات علم مخزون.

أما وصيتى إياكم فالله عزو جل لا تشركوا به شيئاً، و محمدا(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لاتضيعوا سنته، أقيموا هذين العمودين وخلاكم ذم ما لم تشردوا، حمل كل امرىء مجهوده و خفف عن الجهلة برب رحيم و دين قويم و إمام عليم.

كنا في مهب رياح و ذرى أغصان و تحت ظل غمامة اضمحل مركدها

ص: 425

فمحطها عاو خاوركم تدني أيامنا تباعاً ثم هواء فستعقبون من بعده جئة اخواء ساكنة بعد حركة كاظمة بعد نطوق أنه أبلغ للمعتبرين من نطق البليغ وداعيكم داع مرصد للتلاق غداً ترون أيامي و يكشف عن سرائري.

لن يحابينى الله عز وجل إلا أن أتزلفه بتقوى فيغفر عن فرط موعود عليكم السلام يوم اللزام إن أبق فأنا ولي دمي و إن أفنى فالفناء ميعادي العفو لي قربة و لكم حسنه، فاعفوا عفا الله عنكم، (ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم). ثم قال (علیه السلام):

عش ما بدا لك قصرك الموت*** لا مرحل عنه و لا فوت

بينا غنى يبت بهجته*** زال الغنى و تقوض البيت

يا ليت شعري ما يراد بنا*** و لعل ما يجدى لنا ليت

397- عنه عن إسماعيل بن راشد قال كان من حديث ابن ملجم لعنه الله و اصحابه أن عبدالرحمن بن ملجم و البرك بن عبد الله و عمرو بن بكر التميمي اجتمعوا بمكة فذكروا أمر الناس و عابوا على ولاتهم ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم و قالوا و الله ما نصنع بالبقاء بعدهم شيئا إخواننا الذين كانوا دعاة الناس إلى عبادة ربهم

الذين كانوا لا يخافون في الله لومة لائم فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد و ثأرنا بهم إخواننا فقال ابن ملجم و كان من أهل مصر، أنا أكفيكم أمر علي بن أبي طالب و قال البرك بن عبد الله أنا أكفيكم معاوية بن أبي سفيان و قال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص.

فتعاهدوا و توافقوا الله لا ينكص رجل عن صاحبه الذي توجه إليه

ص: 426

حتى يقتله أو يموت دونه فأخذوا أسيافهم فسموها و تواعدوا لسبع عشرة خلت من رمضان أن يثب كل واحد على صاحبه الذي توجه إليه و أقبل كل واحد إلى المصر الذي فيه صاحبه. الذي يطلب.

فأما ابن ملجم المرادي فأتي أصحابه بالكوفة و كاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئا من أمره.

و انه لقی أصحابه من تيم الرباب و قد قتل علي (علیه السلام) منهم عدة يوم النهر فذكروا قتلاهم فترحموا عليهم قال و لقي من يومه ذلك امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام بن الشجنة و قد قتل علي بن أبي طالب أباها و أخاها يوم النهر و كانت فائقة الجمال فلما رآها التبست بعقله و نسي حاجته التي جاء لها فخطبها.

فقالت لا أتزوج حتى تشتفي قال و ما تشائين قالت ثلاثة آلاف و عبد و قينة و قتل علي بن أبي طالب قال هو مهر لك فأما قتل علي فلا أراك ذكرتيه و أنت تريدينه قالت بلى التمس غرته فان اصبته شفيت نفسك و نفسي و تفعل معى العيش و ان قتلت فما عند الله عزو جل خير من الدنيا و زبرج أهلها.

فقال ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي قالت فإذا أدرت ذلك فاخبرني حتى أطلب لك من يشد ظهرك و يساعدك على أمرك فبعثت إلى رجل من قومها من تيم الرباب يقال له وردان فكلمته فأجابها و أتى ابن ملجم رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة.

فقال له هل لك في شرف الدنيا و الآخرة قال و ما ذاك قال قتل علي قال: ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إدا كيف تقدر على ذلك قال أكمن له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فإن نجونا شفيت أنفسنا

ص: 427

و أدركنا ثأرنا و إن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا و زبرج اهلها

فقال له ويحك لو كان غير علي كان أهون علي قد عرفت بلاؤه في الإسلام و سابقته مع النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و ما أجدني أنشرح لقتله. قال ألم تعلم أنه قتل أهل النهروان العباد المصلين قال نعم نقتله بما قتل من إخواننا. فأجابه فجاءوا حتى دخلوا على قطام و هي في المسجد الأعظم معتكفة فيه فقالوا لها قد أجمع رأينا على قتل علي قال فإذا أردتم ذلك فأتوني ضحى.

فقال هذه الليلة التي و اعدت فيها صاحبي أن يقتل كل واحد منا صاحبه فدعت لهم بالحرير فعصبتهم وأخذوا أسيافهم و جلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي فخرج لصلاة فجعل يقول الصلاة الصلاة، فشد عليه شبيب فضربه بالسيف فوقع السيف بعضادتي الباب أو بالطاق فشد عليه ابن ملجم فضربه علي قرنه و هرب

و خرج شبيب نحو أبواب كندة فشد عليه الناس إلا أن رجلا يقال له عويمر ضرب رجله بالسيف فصرعه و جثم عليه الحضرمي فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه و سيف شبيب في يده خثى على نفسه فتركه فنجا بنفسه و نجا شيب في غمار الناس و خرج ابن ملجم

فشد عليه رجل من همذان يكنى أبا ادماء أخذ سيفه فضرب رجله فصرعه و تأخر علي و دفع في ظهر جعدة بن هبيرة بن أبي وهب فصلى بالناس الغداة و شد عليه الناس من كل جانب وذكروا أن محمد بن حنيف قال والله إنى لاصلى تلك الليلة في المسجد الأعظم قريبا من السدة في رجال كثيرة من أهل المصر.

ما فيهم الا قيام و ركوع و سجود ما يسأمون من أول الليل إلى آخره، إذ خرج على لصلاة الغداة فجعل ينادى ايها الناس الصلاة الصلاة.

ص: 428

فما ادرى أتكلم بهذه الكلمات أو نظرت إلى بريق السيف و سمعت الحكم لله لا لك يا على و لا لأصحابك فرايت سيفا و رایت ناسا و سمعت عليا يقول: لا يفوتنكم الرجل، و شد عليه الناس من كل جانب.

فلم ابرح حتى أخذ ابن ملجم فادخل على علي، فدخلت فيمن دخل من الناس، فسمعت عليا يقول: النفس بالنفس ان هلکت فاقتلوه كما قتلني، و إن بقيت رايت فيه رأيي و لما أدخل ابن ملجم على علي قال له: يا عدو الله ألم أحسن إليك؟ الم أفعل بك؟ قال بلى قال فما حملك على هذا.

قال شحذته أربعين صباحا فسألت الله أن يقتل به شر خلقه قال له علي فلا أراك إلا مقتولا به و ما أراك إلا من شر خلق الله عز و جل و كان ابن ملجم مكتوفا بين يدى الحسن إذ نادته أم كلثوم بنت علي و هي تبكي يا عدو الله لا بأس على أبي والله عزوجل مخزيك.

قال فعلام تبكين و الله لقد اشتريته بألف و سممته بألف و لو كانت هذه الضربة بجميع أهل المصر ما بقي منهم أحد. ساعة و هذا أبوك باقيا حتى الآن فقال علي للحسن أن بقيت رأيت فيه رأيي و لكن هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة و لا تمثل به فاني سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ينهى عن المثلة و لو بالكلب العقور و ذكر أن حريث ابن عبدالله دخل على علي يسأل به.

فقال يا أمير المؤمنين إن فقدناك و لا نفقدك فنبايع الحسن قال: ما آمركم و لا أنهاكم أنتم أبصر. فلما قبض على(علیه السلام) بعث الحسن إلى ابن ملجم فدخل عليه فقال له ابن ملجم هل لك فى خصلة أى والله ما أعطيت الله عهداً إلا وفيت به انى كنت أعطيت الله عهداً أن أقتل علياً و معاوية أو أموت دونهما.

ص: 429

فان شئت خليت بيني و بينه، و لك الله على ان لم اقتله أن آتيك حتى أضع يدي في يدك فقال له الحسن: لا والله حتى تعاين الناس فقدمه فقتله فأخذه الناس فادرجوه في بواري، ثم احرقوه بالنار.

و قد كان علي (علیه السلام) قال يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قتل امير المؤمنين قتل امير المؤمنين، ألا لا يقتل بي الا قاتلي.

و أما البرك بن عبدالله فقعد لمعاوية، فخرج لصلاة الغداة فشد عليه بسيفه، و أدبر معاوية هاربا فوقع السيف في اليته فقال ان عندي خبراً أبشرك به فان أخبرتك أنافعى ذلك عندك قال و ما هو.

قال ان أخالي قتل علياً الليلة قال فلعله لم يقدر عليه قال بلى ان علياً يخرج ليس معه أحد يحرسه، فأمر به معاوية فقتل فبعث إلى الساعدي و كان طبيبا فنظر اليه فقال ان ضربتك مسمومة فاختر منى إحدى خصلتين، إما أن أحمى حديدة فأضعها في موضع السيف و إما أن أسقيك شربة تقطع منك الولد و تبرأ منها. فان ضربتك مسمومة فقال له معاوية أما النار فلا صبر لى عليها و أما انقطاع الولد فان في يزيد و عبدالله و ولدهما ما تقر به عينى فسقاه تلك الليلة الشربة فبراً فلم يولد له بعد فأمر معاوية بعد ذلك بالمقصورات و قيام الشرط على رأسه و قال على للحسن و الحسين:

أي بني أوصيكما بتقوى الله الصلاة لوقتها، و إيتاء الزكاة عند محلها، و حسن الوضوء فانه لا تقبل صلاة الا بطهور و أوصيكم بغفر الذنب، و كظم الغيظ، و صله الرحم، و الحلم عند الجاهل و التفقه في الدين و التثبت في الأمر، و التعاهد للقرآن وحسن الجوار، و الأمر بالمعروف و النهي عن

ص: 430

المنكر، و اجتناب الفواحش

قال ثم نظر إلى محمد بن الحنفية فقال هل حفظت ما اوصیت به أخويك؟ قال: نعم، قال: فانى اوصيك بتوقير أخويك لعظيم حقهما عليك، و تزيين امرهما دونهما، ثم قال اوصيكما به فأنه شفيقكما و ابن أبيكما و قد علمتها أنّ أبا كما كان يحبّه. ثم أوصى فكانت وصيته:

بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اوصى به علی بن ابی طالب اوصی ان يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله ارسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم ان صلاتی و نسکی و محیای و مماتي لله رب العالمين، لا شريك له و بذلك امرت و أنا من المسلمين،

ثم اوصيكما يا حسن و یا حسین و یا جميع اهلی و من بلغه کتابي بتقوى الله ربكم و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: ان صلاح ذات البين افضل عامه الصلاة و الصيام و انظروا إلى ذوى أرحامكم فصلوهم يهون عليكم الحساب.

والله الله فى الأيتام، لا يضيعن بحضرتكم. و الله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم والله الله في الزكاة، فإنها تطفئ غضب الرب و الله الله في الفقراء و المساكين فاشركوهم في معايشكم و الله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و انفسكم،

والله الله في بيت ربكم فلا تخلون ما بقيتم، فانه ان ترك لم يناظروا، و الله الله في ذمه أهل بيت نبيكم فلا يظلموا بين ظهرانيكم والله الله في

ص: 431

جيرانكم، فإنه وصیه نبيكم(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ما زال يوصى بهم حتى ظننت انه سيورثهم و الله الله في اصحاب نبيكم، فان رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) اوصى بهم،

و الله الله فى الضعيفين من النساء و ما ملكت أيمانكم الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم، الله يكفيكم من ارادكم و بغى عليكم و قولوا للناس حسنا كما امركم الله، و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيتولى الأمر شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم.

عليكم بالتواصل و التباذل و إياكم و التدابر و التقاطع و التفرق، و تعاونوا على البر و التقوى، و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله ان الله شديد العقاب حفظكم الله من اهل بيت و حفظ فيكم نبيكم(صلی اللّه علیه و آله و سلم) استودعكم الله و اقرا عليكم السلام

ثم لم ينطق الا بلا اله الا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة اربعين، و غسله الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر، و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص و كبر عليه الحسن تسع تكبيرات و ولی الحسن عمله سته اشهر كان ابن ملجم قبل أن يضرب علياً قعد في بني بكر بن وائل اذ مر عليه بجنازة أبحر بن جابر العجلى أبي حجار و كان نصرانياً و النصارى حول له و ناس مع حجار بمنزلة يمشون بجانب امامهم شفيق بن ثور السلمى فلما رآهم قال من هؤلاء فاخبر ثم أنشأ يقول:

لئن كان حجار بن ابحر مسلما*** لقد بوعدت منه جنازة ابحر

و ان كان حجار بن ابحر كافراً*** فما مثل هذا من كفور بمنكر

أترضون هذا ان قيسا و مسلما*** جميعا لدى نعش، مسامع منظر

و قال ابن عباس المرادي:

و لم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** کمهر قطام من فصيح و أعجم

ص: 432

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المصمم

و لا مهر أغلى من علي و إن غلى*** و لا قتل إلا دون قتل ابن ملجم

و قال أبو الأسود الدؤلي:

ألا أبلغ معاوية بن حرب*** فلا قرت عيون الشامتينا

أ في الشهر الحرام فجعتمونا*** بخير الناس طرا أجمعينا

قتلتم خير من ركب المطايا*** و حسنها و من ركب السفينا

و من لبس النعال و من حذاها*** و من قرأ المثاني و المئينا

لقد علمت قريش حيث كانت*** بأنك خيرهم حسبا و دينا

398- قال ابن عبد البر: ثم خرجت عليه الخوارج و كفّروه، و كل من كان معه، إذ رضى بالتحكيم بينه و بين أهل الشام، و قالوا له حكمت الرجال في دين الله، و الله تعالى يقول: «إنِ الْحُكْمُ إِلَّا لله»، ثم اجتمعوا، و شقوا عصا المسلمين و نصبوا راية الخلاف و سفكوا الدماء، و قطعوا السبل، فخرج إليهم بمن معه و رام مراجعتهم

فأبوا إلا القتال فقاتلهم بالنهروان فقتلهم، و استأصل جمهورهم و لم ينج إلا اليسير منهم فانتدب له من بقاياهم عبد الرحمن بن ملجم، قيل التّجوبي، و قيل السكوني، و قيل الحميري قال الزبير تجوب رجل من حمير كان أصاب دما في قومه، فلجأ إلى مراد فقال لهم: جئت إليكم أجوب البلاد، فقيل له: أنت تجوب. فسمّى به.

فهو اليوم في مراد و هو رهط عبد الرحمن بن ملجم المرادي ثم التجوبي، و أصله من حمير، و لم يختلفوا أنه حليف لمراد و عداده فيهم و كان فاتكا ملعونا فقتله ليلة الجمعة لثلاث عشرة. و قيل لإحدى عشرة ليلة خلت من رمضان و قيل: بل بقيت من رمضان سنة أربعين.

ص: 433

و قال شاعرهم

علاه بالعمود أخو تجوب*** فأوهى الرأس منه و الجبينا

399- عنه قال أبو الطفيل و زيد بن وهب و الشعبي: قتل على (علیه السلام) لثمان عشرة ليلة مضت من رمضان و قيل في أول ليلة من العشر الأواخر.

و اختلف في موضع دفنه فقيل: دفن في قصر الإمارة بالكوفة و قيل: بل دفن في رحبة الكوفة. و قيل: دفن بنجف الحيرة موضع بطريق الحيرة و روى عن أبي جعفر أن قبر على الجهل موضعه.

و اختلف أيضا في مبلغ سنة يوم مات فقيل: سبع و خمسون. و قيل: ثمان و خمسون و قيل: ثلاث و ستون، قاله أبو نعيم و غيره. و اختلفت الرواية في ذلك عن أبي جعفر محمد بن على بن الحسين(علیهم السلام)، فروى عنه أن عليه (علیه السلام) قتل و هو ابن ثلاث و ستين.

و روى عنه ابن خمس و ستين و روى عنه ابن ثمان و خمسين

400- عنه روى ابن جريج قال أخبرني محمد بن عمر بن على أن على بن أبي طالب قتل و هو ابن ثلاث أو أربع و ستين سنة. و كانت خلافته أربع سنين و تسعة أشهر و ستة أيام. و قيل: ثلاثة أيام. و قيل: أربعة عشر يوما. و قالت عائشة، لما بلغها قتل على (علیه السلام): لتصنع العرب ما شاءت، فليس لها أحد ينهاها.

و أحسن ما رأيت في صفة علي (علیه السلام) أنه كان ربعة من الرجال إلى القصر ما هو، أدعج العينين، حسن الوجه كأنه القمر ليلة البدر حسناء ضخم البطن، عريض المنكبين شئن الكفّين أغيد، كأن عنقه إبريق فضة، أصلع ليس في رأسه شعر إلا من خلفه، كبير اللحية، لمنكبه مشاش كمشاش السبع الضاري

ص: 434

لا يتبين عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجا، إذا مشى تكفّاً، و إذا أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطع أن يتنفّس، و هو إلى السمن ما هو شديد الساعد واليد و إذا مشى للحرب هرول ثبت،الجنان قوی شجاع، منصور على من لاقاه

401- عنه كان سبب قتل ابن ملجم له أنه خطب امرأة من بني عجل- ابن الجيم يقال لها قطام، كانت ترى رأى الخوارج، و كان على قد قتل أباها و إخوتها،بالنهروان، فلما تعاقد الخوارج على قتل على و عمرو بن العاص و معاوية ابن أبي سفيان و خرج منهم ثلاثة نفر لذلك كان عبد الرحمن بن ملجم هو الذي اشترط قتل على (علیه السلام)

فدخل الكوفة عازما على ذلك، و اشترى لذلك سيفا بألف و سقاه السم فيما زعموا حتى لفظه، و كان في خلال ذلك يأتى عليا (علیه السلام) يسأله و يستحمله، فيحمله، إلى أن وقعت عينه على قطام و كانت امرأة رائعة جميلة، فأعجبته و وقعت بنفسه فخطبها فقالت: آليت ألا أتزوّج إلا على مهر لا أريد سواه. فقال: و ما هو؟ فقالت ثلاثة آلاف، و قتل على بن أبى طالب.

فقال: و الله لقد قصدت لقتل على بن أبى طالب و الفتك به و ما أقدمنى هذا المصر غير ذلك، و لكنى لما رأيتك آثرت تزويجك. فقالت: ليس إلا الّذي قلت لك. فقال لها: و ما يغنيك أو ما يغنيني منك قتل على و أنا أعلم أنى إن قتلته لم أفلت؟ فقالت: إن قتلته و نجوت فهو الذي أردت تبلغ شفاء نفسي و يهنئك العيش معى و إن قتلت فما عند الله خير من الدنيا و ما فيها.

فقال لها: لك ما اشترطت فقالت له: إني سألتمس من يشدّ ظهرك.

ص: 435

فبعثت إلى ابن عم لها يقال له وردان بن مجالد فأجابها و لقي ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فقال: يا شبيب هل لك في شرف الدنيا و الآخرة؟ قال: و ما هو؟ قال: تساعدني على قتل على بن أبي طالب،

قال له: ثكلتك أمك، لقد جئت شيئا إدا كيف نقدر على ذلك؟ قال: إنه رجل لا حرس، له يخرج إلى المسجد منفردا ليس له من يحرسه فنكمن له في المسجد، فإذا خرج إلى الصلاة قتلناه، فإن نجونا نجونا و إن قتلنا سعدنا بالذكر في الدنيا و بالجنة في الآخرة.

فقال: ويلك، إن عليا ذو سابقة في الإسلام مع النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، و الله ما تنشرح نفسي لقتله. فقال: ويحك، إنه حكّم الرجال في دين الله عز و جل، و قتل إخواننا الصالحين، فنقتله ببعض من قتل، فلا تشكن في دينك. فأجابه و أقبلا حتى دخلا على قطام و هي معتكفة في المسجد الأعظم في قبّة ضربتها لنفسها

فدعت لهم و أخذوا سيوفهم و جلسوا قبالة السدّة التي يخرج منها على (علیه السلام)، فخرج عليّ لصلاة الصبح فبدره شبيب فضربه فأخطأه، و ضربه عبد الرحمن بن ملجم على رأسه و قال الحكم لله يا علي لا لك و لا لأصحابك، فقال على (علیه السلام) فزت و ربّ الكعبة، لا يفوتنّكم الكلب، فشدّ الناس عليه من كل جانب، فأخذوه، و هرب شبيب خارجا من باب كندة.

402- عنه قد اختلف في صفة أخذ ابن ملجم، فلما أخذ قال على (علیه السلام): أحبسوه، فإن مت فاقتلوه و لا تمتلوا به، و إن لم أمت فالأمر إليّ في العفو أو القصاص.

403- عنه و اختلفوا أيضا هل ضربه في الصلاة أو قبل الدخول فيها؟ و هل استخلف من أتمّ بهم الصلاة أو هو أتمها؟ و الأكثر أنه استخلف جعدة

ص: 436

بن هبيرة، فصلّى بهم تلك الصلاة، والله أعلم.

404- عنه روى ابن الهادي، عن عثمان بن صهيب عن أبيه أن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال لعلى من أشقی الأولين؟ قال: الذي عقر الناقة- يعنى ناقة صالح قال: صدقت فمن أشقی الآخرين؟ قال: لا أدرى. قال: الّذي يضربك على هذا يعنى يافوخه. و يخضب هذه يعنى لحيته.

405- عنه روى الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة الحماني أنه سمع على بن أبى طالب (علیه السلام) يقول: و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لتخضبنّ هذه يعنى لحيته من دم هذا يعنى رأسه.

406- عنه ذكر النسائي، من حديث عمار بن ياسر، عن النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أنه قال لعلى (علیه السلام) أشقی الناس الذي عقر الناقة و الذي يضربك على هذا و وضع يده على رأسه حتى يخضب هذه- يعنى لحيته.

407- عنه ذكر الطبري و غيره أيضا و ذكره ابن إسحاق في السير و هو معروف من رواية محمد بن كعب القرظي، عن يزيد بن جشم، عن عمار ابن ياسر.

408- عنه ذكره ابن أبي خيثمة من طرق، و كان قتادة يقول: قتل على (علیه السلام) على غير مال احتجبه و لا دنيا أصابها.

409- عنه حدثنا خلف بن سعيد الشيخ الصالح رحمه الله، حدثنا عبد الله بن محمد بن على، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عبد الرزاق، عن معمر عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: كان على (علیه السلام) إذا رأى ابن ملجم قال:

أريد حياته و يريد قتلى*** عذيرك من خليلك من مراد

410- عنه كان على (علیه السلام) كثيرا ما يقول: ما يمنع أشقاها، أو ما ينتظر

ص: 437

أشقاها أن يخضب هذه من دم هذا يقول: والله ليخضين هذه من دم هذا و يشير إلى لحيته و رأسه- خضاب دم لا خضاب عطر و لا عبير.

411- عنه ذكر عمر بن شبة، عن أبي عاصم النبيل و موسى بن إسماعيل، عن سكين ابن عبد العزيز العبدي أنه سمع أباه يقول: جاء عبد الرحمن بن ملجم يستحمل عليا فحمله ثم قال:

أريد حياته و يريد قتلى*** عذيري من خليلي من مراد

أما إن هذا قاتلي. قيل: فما يمنعك منه؟ قال: إنه لم يقتلني بعد و أتى على (علیه السلام) فقيل له: إن ابن ملجم يسم سيفه. و يقول: إنه سيفتك بك فتكة يتحدّث بها العرب. فبعث إليه، فقال له: لم تسم سيفك؟ قال: لعدوّى و عدوّك. فخلّى عنه، و قال: ما قتلني بعد.

412- عنه قال أبو عبد الرحمن السلمي: أتيت الحسن بن على في قصر أبيه، و كان يقرأ علي، و ذلك في اليوم الذي قتل فيه علي، فقال لي: إنه سمع أباه في ذلك السحر يقول له: يا بنى و رأيت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) في هذه الليلة في نومة نمتها فقلت يا رسول الله، ما ذا لقيت من أمتك من الأود و اللدد؟ قال:

ادع الله عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا منهم، و أبدلهم بى من هو شرّ منى، ثم أتيته و جاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة، فخرج فاعتوره الرجلان فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطاق، و أما الآخر فضربه في رأسه، و ذلك في صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان صبيحة بدر.

413- عنه أخبرنا أحمد بن عمر قال: حدثنا على بن عمر، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن سعيد حدثنا الحسن بن همدان بن ثابت حدثنا على بن إبراهيم بن المعلى

ص: 438

حدثنا زيد بن عمرو بن البختري حدثنا غياث بن إبراهيم، حدثنا ابو روق عن عبد الله بن مالك، قال: جمع الأطباء لعلى (علیه السلام) يوم جرح، و كان أبصرهم بالطب أثير بن عمرو السكوني.

و كان يقال له أثير بن عمريا، و كان صاحب كسرى يتطبّب، و هو الّذي ينسب إليه صحراء أثير فأخذ أثير رئة شاة حارة فتتبع عرقا منها فاستخرجه فأدخله في جراحة على، ثم نفخ العرق فاستخرجه، فإذا عليه بياض الدماغ، و إذا الضربة قد وصلت إلى أمّ رأسه فقال: يا أمير المؤمنين أعهد عهدك فإنك ميت. و في ذلك يقول عمران ابن حطان الخارجي:

يا ضربة من تقى ما أراد بها*** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إني لأذكره حينا فأحسبه*** أو فى البرية عند الله ميزانا

و قال بكر بن حماد التاهرتي معارضا له في ذلك:

قل لابن ملجم و الأقدار غالبة*** هدمت ويلك للإسلام أركانا

قتلت أفضل من يمشى على قدم*** و أوّل الناس إسلاما و إيمانا

و أعلم الناس بالقرآن ثم بما*** سنّ الرسول لنا شرعا و تبيانا

صهر النبي و مولاه و ناصره*** أضحت مناقبه نورا و برهانا

و كان منه على رغم الحسود له*** ماكان هارون من موسى بن عمرانا

و كان في الحرب سيفا صارما ذكرا*** لينا إذا لقي الأقران أقرانا

ذكرت قاتله و الدمع منحدر*** فقلت سبحان رب الناس سبحانا

أبى لأحسبه ما كان من بشر*** يخشى المعاد و لكن كان شيطانا

أشقی مرادا إذا عدت قبائلها*** و أخسر الناس عند الله ميزانا

كعاقر الناقة الأولى التي جلبت*** على ثمود بأرض الحجر خسرانا

قد كان يخبرهم أن سوف يخضبها*** قبل المنية أزمانا فأزمانا

ص: 439

فلا عفا الله عنه ما تحمّله*** و لا سقی قبر عمران بن حطانا

لقوله في شقى ظل مجترما*** و بال ما ناله ظلما و عدوانا

يا ضربة من تقي ما أراد بها*** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

بل ضربة من غوى أوردته لظى*** فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا

كأنه لم يرد قصدا بضربته*** إلا ليصلي عذاب الخلد نيرانا

414- عنه أخبرنا خلف بن قاسم إجازة، قال: حدثنا على بن محمد ابن إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق السراج، حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف، قال: حدثنا حصين بن عمر، عن مخارق عن طارق، قال: جاء ناس إلى ابن عباس، فقالوا: جئناك نسألك. فقال: سلوا عما شئتم. فقالوا أي رجل كان أبو بكر؟ فقال:

كان خيرا كله- أو قال: كان كالخير كله على حدة كانت فيه. قالوا، فأى رجل كان عمر؟ قال: كان كالطائر الحذر الذي يظنّ أنّ له في كل طريق شركا. قالوا: فأى رجل كان عثمان؟ قال: رجل ألهته نومته عن يقظته. قالوا: فأى رجل كان علي؟ قال: كان قد مليء جوفه حكما و علما و بأسا و نجدة مع قرابته من رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، و كان يظن ألا يمد يده إلى شيء إلا ناله فما مد يده إلى شيء فناله.

415- عنه روى أبو أحمد الزبيري و غيره، عن مالك بن مغول، عن أكيل، عن الشعبي، قال: قال لي علقمة: تدري ما مثل عليّ في هذه الأمة؟ قلت: ما مثله؟ قال: مثل عيسى ابن مريم أحبّه قوم حتى هلكوا في حبّه، و أبغضه قوم حتى هلكوا في بغضه.

قال قاسم بن ثابت صاحب كتاب الدلائل: أنشدني محمد بن عبد السلام الحسينى في قتل علي عليه السلام:

ص: 440

عدا على ابن أبي طالب*** فاغتاله بالسيف أشقی مراد

شلّت يداه و هوت أمه*** أن أمررت له تحت السواد

عزّ على عينيك لو انصرفت*** ما أخرجت بعد أيدي العباد

لانت قناة الدين و استأثرت*** بالغى أفواه الكلاب العواد

و مما قيل في ابن ملجم و قطام:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** كمهر قطام من فصيح و أعجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المصمّم

فلا مهر أغلى من علي و إن علا*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

و قال بكر بن حماد:

و هزّ علي بالعراقين لحية*** مصيبتها جلّت على كل مسلم

و قال سيأتيها من الله حادث*** و يخضبها أشقى البرية بالدم

فباكره بالسيف شلّت بمينه*** لشؤم قطام عند ذاك ابن ملجم

فيا ضربة من خاسر ضل سعيه*** تبوأ منها مقعدا في جهنّم

ففاز أمير المؤمنين بحظه*** و إن طرقت فيها الخطوب بمعظم

416- قال ابن الاثير: أنبأنا نصر الله بن سلامة بن سالم الهيتى، أنبأنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، أنبأنا أبو الغنائم عبد الصمد بن على المأمون، أنبأنا على بن عمر الحافظ، حدثنا أبو الحسن على ابن محمد بن على بن عبد الله بن يحيى بن زاهر بن يحيى الرازي بالبصرة، حدثني أحمد بن محمد بن زياد القطان الرازي،

حدثنا عبد الله بن زاهر بن يحيى، حدثنا أبي، زاهر بن يحيى، حدثنا أبي، عن الأعمش، عن زيد بن أسلم، عن أبي سنان الدولي، عن على قال: حدثني الصادق المصدوق (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قال: لا تموت حتى تضرب ضربة على هذه فتخضب هذه- و أومأ

ص: 441

إلى لحيته و هامته- و يقتلك أشقاها، كما عقر ناقة الله أشقی بنى فلان من ثمود- نسبه إلى جده الأدنى.

417- عنه أنبأنا أبو الفضل الطبري بإسناده إلى أبي يعلى، عن القواريري، عن عبد الله بن جعفر، عن زيد عن أبي سنان أتم من هذا أنبأنا أبو الفضل المخزومي بإسناده عن أحمد بن على قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، عن سنان، عن عبد الملك بن أعين عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه، عن على قال: أتاني عبد الله بن سلام و قد وضعت رجلي في الغرز- فقال لي: لا تقدم العراق، فإنّي أخشى أن يصيبك فيها ذباب السيف.

قال على: و أيم الله لقد أخبرنى به رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم). فقال أبو الأسود: فما رأيت كاليوم قط محارب يخبر بذا عن نفسه.

قال: و أنبأنا أحمد بن على، أنبأنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن سلمة ابن كهيل، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد الله بن سبع قال: خطبنا على بن أبى طالب فقال: و الّذي فلق الحبة و برأ النسمة لتخضبنّ هذه من هذه- يعنى لحيته من دم رأسه- فقال رجل:

و الله لا يقول ذلك أحد إلا أبرنا عترته، فقال اذكر الله، و أنشد أن يقتل منى إلا قاتلي.

418- عنه أنبأنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب أنبأنا أبو الخير المبارك بن الحسين ابن أحمد الغسّال المقرئ الشافعي، حدثنا أبو محمد الخلال، حدثنا أبو الطيب محمد ابن الحسين النحاس بالكوفة، حدثنا على بن العباس البجلي، حدثنا عبد العزيز بن منيب المروزي، حدثنا إسحاق – يعنى ابن عبد الملك بن كيسان- حدثني أبي، عن عكرمة، عن ابن عباس

ص: 442

قال: قال على- يعنى للنّبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم)-: إنك قلت لي يوم أحد، حين أخرت عنى الشهادة و استشهد من استشهد إن الشهادة من وراءك فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه بدم و أهوى بيده إلى لحيته و رأسه، فقال على يا رسول الله، اما أن تثبت لي ما أثبت، فليس ذلك من مواطن الصبر، و لكن من مواطن البشرى و الكرامة.

419- عنه أنبأنا أبو المنصور بن أبي الحسن بإسناده إلى أحمد بن على بن المثنى: أنبأنا سويد بن سعيد حدثنا راشدين بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عثمان بن صهيب عن أبيه قال: قال على: قال لي رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم): من أشقی الأولين؟

قلت: عاقر الناقة. قال: صدقت. قال: فمن أشقی الآخرين؟ قلت: لا علم لي يا رسول الله قال: الذي يضربك على هذا و أشار بيده إلى يافوخه- و كان يقول: وددت أنه قد انبعث أشقاكم، فخضب هذه من هذه- يعنى لحيته من دم رأسه.

420- عنه أنبأنا أبو ياسر ابن أبي حبّة، أنبأنا أبو غالب بن البناء، حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ابن حسنون، أنبأنا أبو القاسم موسى بن عيسى بن عبد الله السراج، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل أن عليا جمع الناس للبيعة، فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادي، فردّه مرتين، ثم قال: على ما يحبس أشقاها؟ فو الله ليخضين هذه من هذه، ثم تمثل:

اشدد حيازيمك للموت*** فإنّ الموت لاقيكا

و لا تجزع من القتل*** إذا حلّ بواديكا

421- عنه أنبأنا أبو ياسر إجازة، أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي

ص: 443

أنبأنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمرو بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف حدثنا الحسين بن قهم، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا خالد بن مخلد و محمد بن الصلت حدثنا الربيع بن المنذر، عن أبيه أن محمد بن الحنفية.

قال: دخل علينا ابن ملجم الحمام، و أنا و حسن و حسين جلوس في الحمام، فلما دخل كأنهما اشمأزا منه و قالا: ما جرأك تدخل علينا؟ قال، فقلت لها: دعاه عنكما: فلعمري ما يريد منكما أحشم من هذا، فلما كان يوم أتى به أسيرا قال ابن الحنفية ما أنا اليوم بأعرف به منى يوم دخل علينا الحمام.

فقال على إنه أسير فأحسنوا نزله و أكرموا، مثواه فإن بقيت قتلت أو عفوت و إن مت فاقتلوه و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.

422- عنه أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن على الأمين و غير واحد إجازة قالوا: أنبأنا أبو الفتح محمد ابن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان، أنبأنا أبو الفضل بن خيرون و أبو طاهر أحمد ابن الحسن الباقلاني، كلاهما إجازة قالا: انبأنا أبو على بن شاذان قال: قرئ على أبى محمد الحسن ابن محمد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسن بن على بن الحسين بن على ابن أبي طالب قال:

حدثنا جدي أبو الحسين يحيى بن الحسن، حدثنا سعيد بن نوح حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، حدثنا عبد الجبار بن العباس، عن عثمان بن المغيرة قال: لما دخل شهر رمضان جعل على يتعشى ليلة عند الحسن، و ليلة عند الحسين و ليلة عند عبد الله ابن جعفر لا يزيد على ثلاث لقم، و يقول: يأتى أمر الله و أنا خميص، و إنما هي ليلة أو ليلتان.

423- عنه قال: و أنبأنا جدي، حدثنا زيد بن على، عن عبيد الله بن

ص: 444

موسی، حدثنا الحسن بن كثير، عن أبيه قال: خرج على لصلاة الفجر، فاستقبله الإوزّ يصحن في وجهه- قال:

فجعلنا نطردهن عنه فقال: دعوهن فإنّهنّ نوائح. و خرج فأصيب و هذا يدل على أنه علم السنة و الشهر و الليلة التي يقتل فيها، و الله أعلم.

424- عنه أنبأنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد، أنبأنا النقيب طراد بن محمد إجازة إن لم يكن سماعا، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا الحسين بن صفوان، أنبأنا الله عبد بن أبي الدنيا، حدثني عبد الرحمن بن صالح، حدثنا عمرو بن هاشم الحسيني عن حكاب، عن أبي عون الثقفي، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال لي الحسين بن على قال لي على سنح لي الليلة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في منامي فقلت: يا رسول الله، ما لقيت من أمتك من الأود و اللدد؟

قال: ادع عليهم قلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير لي منهم، و أبدلهم بى من هو شر منى، فخرج، فضربه الرجل. كذا في هذه الرواية «الحسين بن على»، و إنما هو «الحسن».

425- عنه أنبأنا عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب إذنا، أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أنبأنا أبو عمر بن حيويه، أنبأنا أحمد بن معروف، أنبأنا الحسين ابن قهم، أنبأنا محمد بن سعد قال: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج عبد الرحمن بن ملجم المرادي و هو من حمير و عداده في بني مراد، و هو حليف بني جبلة من كندة و البرك ابن عبد الله التميمي و عمرو بن بكر التميمي. فاجتمعوا بمكة، و تعاهدوا و تعاقدوا ليقتلن هؤلاء الثلاثة على بن أبى طالب و معاوية و عمرو بن العاص و يريحوا العباد منهم. فقال ابن ملجم

ص: 445

أنا لكم بعلي و قال البرك: أنا لكم بمعاوية، و قال عمرو بن بكر: أنا كافيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا على ذلك و تعاقدوا عليه، و تواثقوا أن لا ينكص منهم رجل عن صاحبه الذي سمى له، و يتوجه له حتى يقتله أو يموت دونه فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من رمضان، ثم توجه كل رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه.

فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة، فلق أصحابه من الخوارج، فكاتمهم ما يريد و كان يزورهم و يزورونه فزار يوما نفرا من بني تيم الرباب، فرأى امرأة منهم يقال لها قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب، و كان على قتل أباها و أخاها بالنهروان، فأعجبته فخطبها.

فقالت: لا أتزوجك حتى تشتفى لي. فقال: لا تسأليني شيئا إلا أعطيتك. فقالت: ثلاثة آلاف، و قتل على بن أبي طالب. فقال. و الله ما جاء بى إلى هذا المصر إلا قتل على، و قد أعطيتك ما سألت. و لقي ابن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي. فأعلمه ما يريد، و دعاه إلى أن يكون معه، فأجابه إلى ذلك.

و ظل ابن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليا في صبيحتها يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده حتى يطلع الفجر،

فقال له الأشعث: فضحك الصبح. فقام ابن ملجم، و شبيب بن بجرة، فأخذا أسيافهما، ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدّة التي يخرج منها على- قال الحسن بن على فأتيته سحيرا، فجلست إليه فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي، فملكتنى عيناي و أنا جالس فسنح لي رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود و اللدد.

ص: 446

فقال لي: ادع الله عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا منهم و و أبدلهم بی شرا لهم منى و دخل ابن النباح المؤذن على ذلك فقال: «الصلاة»، فقام يمشى ابن النباح بين يديه و أنا خلفه، فلما خرج من الباب نادى: «أيها الناس الصلاة الصلاة»، كذلك كان يصنع كل يوم يخرج و معه درته يوقظ الناس فاعترضه الرجلان

فقال بعض من حضر ذلك بريق السيف و سمعت قائلا: يقول لله الحكم يا على لا لك» ثم رأيت سيفا ثانيا فضربا جميعا، فأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه و وصل إلى دماغه و أما سيف شبيب فوقع في الطاق، فسمع على يقول: «لا يفوتنكم الرجل». و شدّ الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت و أخذ ابن ملجم

فأدخل على عليّ، فقال: أطيبوا طعامه و ألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولى دمي: عفو أو قصاص، و إن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. فقالت أم كلثوم بنت علي يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين، قال: ما قتلت إلا أباك. قالت: و الله إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس.

قال: فلم تبكين إذا ثم قال: و الله لقد سممته شهرا- يعني سيفه- فإن أخلفنى أبعده الله و أسحقه. و بعث الأشعث بن قيس ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب على فقال: أي بني انظر كيف أصبح أمير المؤمنين؟ فذهب فنظر إليه، ثم رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه.

فقال الأشعث: عيني دميغ و رب الكعبة. قال: و مكث علي يوم الجمعة و يوم السبت و بقي ليلة الأحد لإحدى عشرة بقيت من شهر رمضان من سنة أربعين و توفى (علیه السلام)، و غسله الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر، و كفّن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص. قالوا: و كان عبد الرحمن

ص: 447

بن ملجم في السجن.

فلما مات على و دفن بعث الحسن بن على إلى ابن ملجم، فأخرجه من السجن ليقتله، فاجتمع الناس و جاءوا بالنفط، و البواري و النار و قالوا: نحرقه فقال: عبد الله بن جعفر و حسین بن على و محمد بن الحنفية دعونا حتى نشفى أنفسنا منه فقطع عبد الله بن جعفر يديه و رجليه، فلم يجزع و لم يتكلم، فكحل عينيه بمسمار محمي، فلم يجزع، و جعل يقول: إنك لتكحل عيني عمك بمملول ممض، و جعل يقرأ:

اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ حتى أتى على آخر السورة، و إن عينيه لتسيلان. ثم أمر به فعولج به فعولج عن لسانه ليقطعه، فجزع، فقيل له: قطعنا يديك و رجليك و سملنا عينيك يا عدو الله، فلم تجزع فلما صرنا إلى لسانك جزعت. قال ما ذاك من جزع إلا أنى أكره أن أكون في الدنيا فواقا لا أذكر الله فقطعوا لسانه، ثم جعلوه في قوصرة فأحرقوه بالنار، و العباس ابن على يومئذ صغير، فلم يستأن به بلوغه و كان ابن ملجم أسمر أبلج، في جبهته أثر السجود.

426- عنه أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد، أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر ابن الطبري، أنبأنا أبو الحسين بن بشران، أنبأنا أبو على بن صفوان، حدثنا ابن أبي الدنيا، حدثني هارون بن أبي يحيى، عن شيخ من قريش أن عليا لما ضربه ابن ملجم قال: «فزت و ربّ الكعبة».

427- عنه أنبأنا عبد الوهاب بن أبي منصور بن سكينة، أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان، أنبأنا أحمد بن الحسين بن خيرون و أحمد بن الحسن الباقلاني كلاهما إجازة قالا: أنبأنا أبو على بن شاذان قال: قرئ على أبى محمد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدثني جدى، حدثنا أحمد ابن

ص: 448

محمد بن يحيى، حدثني إسماعيل بن أبان الأزدي، حدثنى فضيل بن الزبير عن عمرو ذي مر قال: لما أصيب على بالضربة، دخلت عليه و قد عصب رأسه قال قلت: يا أمير المؤمنين أرنى ضربتك قال: فحلّها، فقلت: خدش و ليس بشيء. قال:

إني مفارقكم. فبكت أم كلثوم من وراء الحجاب، فقال لها اسكتي فلو ترين ما أرى لما بكيت قال فقلت: يا أمير المؤمنين، ما ذا ترى؟ قال: هذه الملائكة وفود و النبيون، و هذا محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: يا على أبشر، فما تصير إليه خير مما أنت فيه. هذه أم كلثوم هي ابنة على زوج عمر بن الخطاب.

428- عنه أنبأنا عبد الله بن أحمد بن عبد القاهر الخطيب، أنبأنا أبو سعد المطرّز و أبو على الحداد إجازة قالا: أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا محمد ابن عبد الله بن أحمد، حدثنا محمد ابن بشر- أخى خطاب- حدثنا عمر بن زرارة الحدثى، حدثنا الفياض بن محمد الرقى، حدثنا عمرو بن عبس الأنصاري، عن أبي مخنف، عن عبد الرحمن بن حبيب بن عبد الله، عن أبيه قال:

لما فرغ على من وصيته قال اقرا عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ثم لم يتكلم إلا ب لا إله إلا الله حتى قبضه الله رحمة الله و رضوانه عليه. و غسله ابناه، و عبد الله بن جعفر و صلى عليه الحسن ابنه و كبر عليه أربعا. و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص. و دفن في السحر.

429- عنه قيل: إن عليا كان عنده مسك فضل من حنوط رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، أوصى أن يحنّط به و اختلفوا في عمره، فقال محمد بن الحنفية سنة الحجاف، حين دخلت سنة إحدى و ثمانين هذه لي خمس و ستون سنة، و

ص: 449

قد جاوزت سنّ أبى. قال: و كان سنة يوم قتل ثلاثا و ستين سنة.

430- عنه قال الواقدي و هذا أثبت عندنا. و قال أبو بكر البرقي: توفى على و هو ابن سبع و خمسين سنة. و قيل توفى ابن ثمان و خمسين سنة. و كانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر. و قيل: أربع سنين، و تسعة أشهر، و ستة أيام. و قيل ثلاثة أيام.

431- روى الرافعي عن محمد بن عيسى أبي جعفر سمع أبا الحسن القطان بقزوين فى الطوالات له أنبأ علي بن عبدالعزيز ثنا ابن الأصبهاني أنبأ شريك عن عمار الدهني عن أبي صالح الحنفي عن علي (علیه السلام) قال رأيت رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فيما يرى النائم: قال فشكوت إليه ما لقيته من أمته من الأود و اللدد.

فلم أزل اشكو حتى بكيت ثم انتهيت أو أنتهيت قال أبو الصالح فغدوت إليه كما كنت أغدو قال فبينا أنا في السوق عند الخزازين سمعت الناس يقولون قتل أمير المؤمنين قتل أمير المؤمنين (علیه السلام).

432- روى الحاكم عن حيان الأسدي سمعت علياً (علیه السلام) يقول قال لى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن الأمة ستغدربك بعدى و انت تعيش على ملتي و تقتل على سنتى من احبك احبنى و من ابغضك ابغضنى و ان هذه ستخضب من هذا يعنى لحيه من رأسه.

433- عنه حدثني أبو الطيب محمد بن أحمد الذهلي ثنا جعفر بن أحمد ابن نصر الحافظ ثنا إسماعيل بن موسى السدي ثنا شريك عن عثمان عن أبي زرعة عن زيد بن وهب قال: قدم على علي قوم من أهل البصرة و فيهم رجل من الخوارج يقال له: الجعد بن بعجة، فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم قال:

ص: 450

اتق الله يا علي فإنك ميت فقال علي: لا و لكني مقتول ضربة على هذا يخضب هذه- قال و اشار على إلى لحيته بيده قضاء مقضي و عهد معهود و قد خاب من افترى ثم عاب علياً في لباسه فقال لو لبست لباساً خير من هذا فقال ان لباسى هذا ايعدلى من الكبر و اجدران یقتدی بی المسلمون.

434- عنه حدثنا الاستاذ أبو الوليد الهيثم بن خلف الدوري ثنا سوار ابن عبدالله العنبرى ثنا المعتمر قال قال أبي حدثنا الحريث بن مخشى ان علياً قتل صبيحة أحدى و عشرين من رمضان قال فسمعت الحسن بن علي يقول و هو يخطب و ذكر مناقب علي فقال قتل ليلة انزل القرآن و ليلة اسري بعيسى و ليلة قبض موسى قال و صلى عليه الحسن بن على(علیهما السلام) هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه.

435- عنه حدثنا أبو الوليد ثنا الهيثم بن خلف ثنا على بن الربيع الأنصارى ثنا حفص بن غياث عن أبي روح عن مولى لعلى ان الحسن صلى على علي و كبر عليه اربعا.

436- عنه حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد النخعي ثنا عبدالرحمن بن أبي حاتم حدثني أبي ثنا عمرو بن طلحة القناد ثنا اسباط بن نصر، قال سمعت إسماعيل بن عبد الرحمن السدى يقول كان عبد الرحمن بن ملجم المرادي عشق إمرأة من الخوارج من تيم الرباب يقال لها قطام فنكحها و اصدقها ثلاثة آلاف درهم و قتل علي (علیه السلام) و في ذلك قال الفرزدق:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** كمهر قطام بين غير معجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المصمم

و لا مهر أغلى من علي و إن غلى*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

ص: 451

437- عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن عون المقريء ببغداد ثنا محمد بن يونس ثنا عبد العزيز بن الخطاب ثنا علي بن غراب عن مجالد عن الشعبي قال لما ضرب ابن ملجم علياً تلك الضربة اوصى به علي فقال قد ضربني فاحسنوا إليه و الينوا له قراشه فان اعش فهضم أو قصاص و ان امت فعا جلوه فانی مخاصمه عند ربي عزوجل.

438- عنه حدثنا الوليد ثنا الهيثم بن خلف ثنا محمود بن غيلان ثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبي يحيى قال لما جاؤا بابن ملجم إلى علي قال اصنعوا به ما صنع رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) برجل جعل له على ان يقتله فامر ان يقتل و يحرق بالنار.

439- عنه فاخبرني أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ثنا أحمد بن سيار الامام حدثنا رافع بن حرب الليثى ثنا حكيم ابن زيد عن أبي اسحاق الهمدانى قال رأيت قاتل علي بن ابي طالب يحرق بالنار في اصحاب الرماح.

440- عنه اخبرني أحمد بن بالويه العقصى ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا عباد بن يعقوب ثنا نوح بن دراج عن محمد بن اسحاق عن الزهرى ان اسماء الأنصارية قالت ما رفع حجر بايلياء ليلة قتل على الا و وجد تحته دم عبيط.

441- قال الحاكم قد اختلفت الروايات في مبلغ سن أمير المؤمنين (علیه السلام) حين قتل، فحدثنا أبو بكر بن اسحاق الفقيه و على بن حمشاذ العدل قالا انا ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا جعفر بن محمد بن أبيه قال قتل بشر بن موسى علي (علیه السلام) و هو ابن ثمان و خمسين.

442- عنه حدثنا محمد بن أحمد بن بطة الاصبهاني ثنا الحسن بن علي:

ص: 452

الجهم ثنا الحسين بن الفرج ثنا محمد بن عمر حدثني علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (علیهم السلام) ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل قال سمعت ابن الحنفية في السنة التي مات فيها حين دخلت سنة احدي و ثمانين قال هذه لى خمس و ستون جاوزت سن أبي مات أبى و هو ابن ثلاث و ستين و مات ابن الحنفية في تلك السنة.

443- قال إبراهيم الجويني أنبأني الشيخ نور الدين أحمد بن شيخ الإسلام نور الدين أبي عبدالله محمد الجيلي ثم القزويني، قال: أنبأنا القاضى عماد الدين عبد الصمد بن محمد بن أبي القاسم إجازة، أنبأنا الشيخان أبو عبدالله محمد بن الفضل و أبو القاسم زاهر بن طاهر إجازة.

قالا أنبأنا أبو بكر أحمد الحسين الحافظ، قال: أنبأنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الصفار، قال: حدثنا الحسن بن علي بن بحر بن بري قال حدثنا أبى.

حيلولة قال: و أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ببغداد، قال حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثنا علي بن محمد بن بدر، قال حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثنا يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خيثم أبي يزيد بن خيثم:

عن عمار بن ياسر قال: كنت أنا و على بن أبي طالب (علیه السلام) رفيقين في غزوة العيشرة فلما نزلها رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فأقام بها ناساً من بني مدلج يعملون في عين لهم فقال لي علي: يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء ننظر كيف يعملون؟ قال: فجئناهم فنظرنا إليهم ساعة.

ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا و علي فاضطجعنا في صور من النخل في

ص: 453

دقعاء من التراب فنمنا فيه، فو الله ما أيقضنا إلا رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يحركنا برجله قد تتربنا من تلك الدقعاء. قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي: يا أبا تراب؟ لما عليه من التراب.

قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال أحيمر ثمود الذي عقر الناقة و الذي يضربك يا علي على هذه- يعنى قرنه حتى يبل من الدم هذه يعنى لحيته.

444- عنه أخبرني الإمام مجد الدين أبو الحسن ابن يحيى بن الحسين- إجازة إن لم يكن سماعاً- أنبأنا أبو الحسين بن محمد بن محمد بن علي المقريء إجازة، أنبأنا جدّى لأمي أبو العباس محمد ابن أبي العباس العصاري المعروف بعباسة سماعاً عليه، قال: أنبأنا أبو سعيد محمد بن الفرخزادي قال: حدثنا الأستاذ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم.

قال: أنبأنا محمد بن عبدالله بن حمدون، أنبأنا عبدالله بن محمد بن الحسن، حدثنا عبدالله بن هاشم حدثنا وكيع بن الجراح، حدثنا قتيبة أبو عثمان، عن الضحاك بن مزاحم قال:

قال رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يا علي أتدري من أشقى الأولين و الآخرين قلت الله و رسوله أعلم قال: عاقر الناقة، ثم قال: أتدري من أشقی الآخرين قال: الله و رسوله أعلم قال: قاتلك.

445- عنه أنبأناي ناصر الدين عمر بن عبد المنعم القواس عن أبي القاسم محمد بن أبي الفضل الأنصاري إجازة قال: أنبأنا محمد بن الفضل الفراوي و زاهر بن طاهر بن أبي عبد الرحمان المستملي إجازة، قالا: أنبأنا الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين، أنبأنا أبو عبدالله الحافظ قال:

أنبأنا أحمد بن سهل الفقيه ببخارا، قال: أنبأنا سهل بن المتوكل، قال:

ص: 454

حدثنا أحمد بن يونس، قال حدثنا محمد بن فضيل عن أبي حيان التيمي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:

قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلي: أما إنك ستلق بعدى جهداً. قال: في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك.

446- عنه قال و به أي بالسند المتقدم آنفاً، أخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر ابن اسحاق الفقيه، قال: حدثنا أبو مسلم، قال: حدثنا إبراهيم بن هناد قال: حدثنا سفيان عن عبدالملك بن أعين، عن أبي حرب ابن أبي الأسود الدئلي عن أبيه عن علي (علیه السلام) قال:

أتاني عبدالله بن سلام و قد وضعت رجلى في الغرز و أنا أريد العراق فقال لا تأت العراق فإنك إن أتيت العراق أصابك به ذباب السيف، قال علي: و أيم الله لقد قالها لي رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) قبلك.

قال أبو الأسود: فقلت في نفسي و الله ما رأيت كاليوم رجل محارب يحدث الناس بمثل هذا.

447- عنه قال و به أنبأنا أبو عبدالله الحافظ، أنبأنا إبراهيم بن إسماعيل القارىء قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي، قال: حدثنا عبدالله ابن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: أخبرني خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن اسلم

ان أبا سنان الدولي حدثه يزيد بن مرة حدثه أنه عاد عليا في شكوى اشتكاها قال فقلت له: لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذا. فقال: لكني و الله ما تخوفت على نفسي لأني سمعت رسول الله الصادق المصدق (صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول إنك ستضرب ضربة هاهنا و ضربة هاهنا- و أشار إلى صدغيه- فيسيل دمها حتى تخضب لحيتك و يكون صاحبها أشقاها كما

ص: 455

كان عاقر الناقة أشقی ثمود.

448- عنه بإسناده قال أبو بكر البيهقی أحمد بن الحسين: أنبأنا أبو الحسين بن الفضل قال أنبأنا عبدالله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني عن عثمان ابن المغيرة قال:

لما دخل شهر رمضان من سنة أربعين كان علي لا يتعشى ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند ابن عباس و لا يزيد على ثلاث لقم يقول: يأتيني أمر الله و أنا أخمص إنما هي ليلة أو ليلتان.

449- عنه به أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو النعمان عارم قال: حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبى، قال: سمعت حريث بن المخش يحدث أن علياً قتل صبيحة احدي و عشرين من رمضان قال: فسمعت الحسن بن علي (علیهما السلام) و هو يخطب و يذكر مناقب علي و قال: قتل في ليلة أنزل فيها القرآن و ليلة أسري فيها بعيسى بن مريم- أو قال بموسى- و ليلة كان كذا و كذا.

450- عنه بالاسناد المتقدم إلى الحافظ أبي بكر البيهقي قال: حدثنا أبو عبدالله الحافظ قال: سمعت أبا اسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارىء يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت أبا بكر ابن أبي شيبة يقول: ولي علي بن أبي طالب خمس سنين و قتل سنة أربعين من مهاجر رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و هو ابن ثلاث و ستين سنة، قتل يوم الجمعة الحادى و العشرين في شهر رمضان و مات يوم الأحد، و دفن بالكوفة.

451- عنه بالاسناد المتقدم إلى الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي قال: حدثنا أبو عبدالله الحافظ قال: أنبأنا أبو جعفر محمد بن عبدالله

ص: 456

البغدادي قال: حدثنا يحيي بن عثمان بن صالح السهمي قال: حدثنا سعيد بن عفير، قال: حدثني حفص بن عمران بن أبي الرسام عن السري بن يحيى عن ابن شهاب قال:

قدمت دمشق و أنا أريد الغزو فأتيت عبد الملك يعنى ابن مروان لأسلم عليه، قال: فوجدته في قبة على فرش يقرب القائم- أو يفوق القائم- و الناس تحته سماطين فسلمت و جلست فقال لي: يا ابن شهاب أتعلم ما كان في بيت المقدس صباح قتل ابن أبي طالب؟ قلت نعم.

فقال: هلم، فقمت من وراء الناس حتى أتيت خلف القبة فحوّل وجهه فأحنى عليّ فقال: ما كان؟ فقلت: لم يرفع حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم، فقال: لم يبق أحد يعلم هذا غيري و غيرك، و لا يسمعن منك أحد.

قال ابن شهاب: فما تحدثت به حتى توفى عبد الملك.

452- عنه اخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال: أخبرني أحمد بن بالويه العقصى حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا عباد بن يعقوب حدثنا نوح بن دراج قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن الزهرى ان اسماء الأنصارية قالت:

ما رفع حجر بإيليا – يعنى حين قتل علي بن أبى طالب – إلا وجد تحته دم عبيط.

453- الموفق الخوارزمي: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي أحمد بن أحمد العاصمي أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة إسماعيل بن الواعظ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أخبرني أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ أخبرني إبراهيم بن إسماعيل المقرىء

ص: 457

حدثني عثمان بن سعيد الداري، حدثني عبدالله ابن صالح، حدثني الليث بن سعد، أخبرني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن اسلم:

ان أبا سنان الدولي حدثه أنه عاد عليا في شكوى اشتكاها قال: فقلت له لقد تخوفنا عليك يا أمير المؤمنين في شكواك هذا فقال و لكني و الله ما تخوفت على نفسي منه لأني سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) الصادق المصدق يقول إنك تضرب ضربة هاهنا و ضربة هاهنا و أشار إلى صدغيه و يسيل دمها حتى تخضب لحيتك و يكون صاحبها أشقاها كما كان عاقر الناقة أشقی ثمود.

454- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحرث الاصفهاني الفقيه أخبرنا محمد بن حسان و هو أبو الشيخ الاصبهاني، حدثني أبو الحسين محمد بن محمد الجرجاني، عن موسى عن عبدالرحمن الكندي قال: أحمد بن الحسين و فيها اجاز لي شيخنا أبو عبدالله الحافظ حدثني أبو عبدالله محمد بن أحمد بن بطة الإصفهاني.

حدثني ابو حفص محمد بن العباس ابن أيوب الاخرم و أبو حامد أحمد بن سعيد بن جعفر بن سعيد الاشعري قالا حدثنا أبو عيسى محمد بن عبدالرحمن بن محمد بن مسروق حدثنا عثمان بن عبدالرحمن الحراني حدثني إسماعيل بن راشد قال كان من حديث عبدالرحمان بن ملجم لعنه الله و أصحابه أن عبد الرحمن بن ملجم و البرك بن عبد الله التميمي و عمرو ابن بكر التميمي اجتمعوا بمكة فذكروا أمر الناس و عابوا على ولاتهم.

ثم ذكروا أهل النهروان فترحموا عليهم و قالوا ما نصنع بالحياة بعدهم و هم إخواننا الذين كانوا دعاة الناس إلى عبادة ربهم فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلالة فالتمسنا قتلهم فأرحنا منهم البلاد و ثأرنا بهم إخواننا

ص: 458

فقال ابن ملجم أنا أكفيكم أمر علي بن أبي طالب، و قال البرك بن عبدالله. أنا أكفيكم معاوية بن أبي سفيان و قال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا و تواثقوا لا ينكص الرجل منهم عن صاحبه الذي وجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه فأخذوا أسيافهم فسموها و اتعدوا التسع عشرة ليلة من رمضان يثب كل واحد منهم إلى صاحبه الذي توجه إليه فأقبل كل رجل إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي طلب. فأما ابن ملجم المرادي.

فخرج فلقي أصحابه بالكوفة فكاتمهم أمره كراهة أن يظهروا شيئا من أمره فرأى ذات يوم أصحابا له من تيم الرباب و كان علي القتل منهم يوم النهروان عددا فذكروا قتلاهم و لقي امرأة منهم يقال لها قطام و قد كان علي قتل أباها و أخاها و كانت فائقة الجمال فلما رآها عبدالرحمان التبس بعقله نسي حاجته التي جاء لها فخطبها فقالت لا أتزوجك حتى تشتفي قلبي قال:

و ما تشاءين قالت ثلاثة آلاف و عبد و قينة و قتل علي بن أبي طالب فقال هو مهرك فأما قتل علي فلا أراك تدركينه قالت تريدني قال بلى قالت فالتمس غرته فإن أصبته انتفعت بنفسك و نفسي و نفعك العيش معى و إن هلكت فما عند الله خير و أبقی لك من الدنيا و زبرج أهلها.

فقال و الله ما جاء بي إلى هذا المصر إلا قتل علي بن أبي طالب قالت فإذا أردت ذلك فإني أطلب لك من يشد ظهرك و يساعدك على أمرك فبعثت إلى رجل من أهلها من تيم الرباب يقال له وردان فكلمته فأجابها و جاء ابن ملجم رجلا من أشجع يقال له شبيب بن بجرة فقال له هل لك في شرف الدنيا و الآخرة قال و ما ذاك قال قتل علي بن أبي طالب.

ص: 459

قال: ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إدا كيف تقدر على ذلك قال أكمن له في المسجد فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه فإن نجونا شفيت أنفسنا و أدركنا ثأرنا و إن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا فقال له ويحك لو كان غير علي كان أهون علي قد عرفت بلاؤه في الإسلام و سابقته مع النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و ما أجدني أنشرح لقتله.

قال أما تعلم أنه قتل اخواننا فأجابه فجاءوا حتى دخلوا على قطام و هي في المسجد الأعظم معتكفة فيه فقالوا لها قد أجتمع رأينا على قتل علي قالت فإذا أردتم ذلك فأتونى ثم عادوا ليلة الجمعة التي قتل علي في صبيحتها سنة أربعين فقال هذه الليلة التي وعدت فيها صاحبي أن يقتل كل واحد منا صاحبه

فدعت لهم بالحريرة فعصبتهم و أخذوا أسيافهم و جلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي (علیه السلام) فلما خرج شد عليه شبيب بالسيف فوقع سيفه بعضادة الباب أو بالطاق و ضربه ابن ملجم بالسيف و هرب وردان حتى دخل منزله فدخل عليه رجل من بني أمية فرأى ينزع الحريرة من

فقال ما هذه الحريرة و السيف؟ فأخبره بما كان فضربة بالسيف حتى قتله و خرج شبيب نحو أبواب كندة فى الغلس فصاح الناس فلقيه رجل من حضرموت يقال له عويص و في يد شبيب السيف فاخذه و جثم عليه الحضرمي فلما رأى الناس قد أقبلوا في طلبه و سيف شبيب في يده خشى على نفسه فتركه فنجا بسيفه و نجا شبيب في غمار الناس.

فشدوا على ابن ملجم فأخذوه إلا ان رجلا من همدان يكنى أبا أد أخذه فضرب رجله فصرعه و تأخر و أرسل علي (علیه السلام) جعدة بن هيبرة

ص: 460

المخزومي فصلي بالناس الغداة ثم قال علي بالرجل فأدخل عليه.

فقال أي عدو الله ألم أحسن إليك؟ قال بلى قال فما حملك على هذا قال شحذته أربعين صباحا و سألت الله أن يقتل به شر خلقه قال علي (علیه السلام) فلا أراك إلا مقتولا به و ما أراك إلا من شر خلق الله.

455- عنه فذكروا أن محمد بن حنيف قال و الله إني لأصلي في تلك الليلة التى ضرب فيها علي في المسجد في رجال كثير من المصر يصلون قريبا من السدة قياما و قعودا، و ركوعا و سجودا، من أول الليل إلى آخره إذ خرج علي لصلاة الغداة فجعل ينادي أيها الناس الصلاة الصلاة، فما ادري أخرج من السدة فتكلم اذ نظرت إلى بريق السيوف و سمعت الحكم لله لا لك يا على و لا لأصحابك.

فرأيت سيفا ثم رأيت ثانيا و سمعت عليا (علیه السلام) يقول لا يفوتنكم الرجل و شد عليه الناس من كل جانب فلم أبرح حتى أخذ و أدخل على علي (علیه السلام) فدخلت فسمعت عليا (علیه السلام) يقول النفس بالنفس فإن هلكت فاقتلوه كما قتلني و إن بقيت رأيت فيه رأيي

و ذكروا ان الناس دخلوا على الحسن بن علي (علیهما السلام) فزعين لما حدث من أمر علي (علیه السلام) فبينماهم عنده و ابن ملجم مكتوف بين يديه اذا جاءت أم كلثوم بنت علي (علیه السلام) فقالت أي عدو الله إنه لا بأس على أبي و الله يخزيك فقال ابن ملجم لعنه الله على ما تبكين إذا لقد اشتريت سيف بألف و سممته بألف و لو كانت هذه الضربة لجميع أهل الارض ما نجا منهم أحد.

456- عنه ذكروا ان جندب بن عبدالله دخل على علي يسليه فقال يا أمير المؤمنين ان فقدناك فلا نفقدك فنبايع الحسن قال: نعم ثم دعا حسنا و حسينا فقال: أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا الفانية و ان بغتكما و لا

ص: 461

تبكيا على شيء زوى عنكما، و قولا الحق و ارحما اليتيم، و اغيثا الضايع و اصنعا للآخرة، و كونا للظالم خصما، و للمظلوم ناصرا و اعملا بما في الكتاب.

و لا تأخذ كما في الله لومه لائم. ثم نظر إلى محمد بن الحنفيه، فقال: هل حفظت ما اوصيت به أخويك؟ قال نعم قال فانى اوصيك بمثله، و اوصيك بتوقير أخويك، لعظيم حقهما عليك، و لا توثر امراً دونهما ثم قال للحسن و الحسين اوصيكما به فأنه أخوكما و ابن أبيكما و قد علمتها أن أبا كما كان يحبّه. و قال للحسن (علیه السلام):

أي بني أوصيك بتقوى الله، و إقام الصلاة لوقتها، و إيتاء الزكاة عند محلّها، فإنّه لا صلاة إلّا بطهور، و لا تقبل الصلاة من مانع زكاة، و اوصيك يغفر الذنب، و كظم الغيظ، و صله الرحم و الحلم عند الجهل، و التفقه في الدين و التثبت في الأمر، و التعاهد للقرآن و حسن الجوار، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و اجتناب الفواحش

فلما حضرته الوفاة اوصى، فكانت وصيته

بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما اوصى به علی بن ابی طالب، اوصی انه يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله ارسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون ثم ان صلاتی و نسکی و محیای و مماتي لله رب العالمين، لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين

ثم اوصيك يا حسن و جميع ولدی و اهلی و من يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم، و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا، فاني سمعت أبا القاسم يقول: ان صلاح ذات البين افضل من

ص: 462

عامه الصلاة و الصيام، انظروا إلى ذوى أرحامكم فصلوهم يهون عليكم الحساب الله الله في الأيتام،

فلا تعنوا، أفواههم، و لا يضيعن بحضرتكم.

و الله الله في جيرانكم، فإنهم وصيه نبيكم(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ما زال يوصى بهم حتى ظننا أنه سيورثهم، الله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، الله الله في الصلاة، فإنها عمود دينكم الله الله في بيت ربكم فلا تخلون ما بقيتم، فانه ان ترك لم يناظروا الله الله في شهر رمضان فان صيامه جنة من النار.

الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و انفسكم، و الله الله في الزكاة، فإنها تطق غضب الرب، و الله الله في ذمه أهل بيت نبيكم، فلا يظلموا بين ظهرانيكم الله الله في اصحاب نبيكم، فان رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) اوصى بهم الله الله في الفقراء و المساكين فاشركوهم في معايشكم الله الله فيما ملكت ايمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أن قال أوصيكم بالضعيفين نساؤكم و ما ملكت أيمانكم الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم يكفيكم من ارادكم و بغى عليكم و قولوا للناس حسنا كما امركم الله و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيتولى الأمر شراركم

ثم تدعون فلا يستجاب لكم عليكم بالتواصل و التباذل و إياكم و التدابر و التقاطع و التفرق و تعاونوا على البر و التقوى و اتقوا الله ان الله شديد العقاب حفظكم الله من اهل بيت و حفظ فيكم نبيكم استودعكم الله، و اقرا عليكم السلام و رحمه الله.

ثم لم ينطق الا بلا اله الا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة اربعين و غسله ابناه الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر، و كفن في ثلاثة أثواب

ص: 463

ليس فيها قميص و كبر عليه الحسن تسع تكبيرات، ثم ولى الحسن عمله سته اشهر و قد كان على (علیه السلام) نهى عن المثلة.

و قال: يا بنى عبد المطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين تقولون قتل امير المؤمنين، لا يقتل بي الا قاتلى انظر يا حسن ان انا مت من ضربته هذه فاضربه ضربة و لا تمثل بالرجل، فانى سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: إياكم و المثلة و لو انها بالكلب العقور. فلما قبض (علیه السلام) بعث الحسن إلى ابن ملجم

فقال للحسن: هل لك في خصلة؟ انى و الله ما اعطيت الله عهدا الا وفیت به انى كنت قد اعطيت الله عهدا ان اقتل عليا و معاوية او اموت دونها، فان شئت خليت بيني و بينه، و لك الله على ان لم اقتله ان قتلته لآتينك حتى أضع يدي في يدك فقال لا و الله حتى تعاين النار فلا ثم قدمه فقتله، ثم قدمه الناس فادرجوه في بواري، ثم احرقوه بالنار.

457- عنه اخبرني الشيخ الإمام أبو النجيب سعد بن عبدالله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب إلى من همدان أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان فيما اذن لي في الرواية عنه أخبرنا الشيخ الاديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة ثلاث و سبعين و اربعمائة أخبرنا الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد ابن موسى بن مردويه الاصبهاني.

قال أبو النجيب سعد بن عبدالله الهمدانى و أخبرنا بهذا الحديث عالياً الإمام الحافظ سلمان بن إبراهيم الاصبهاني في كتابه إلى سنة ثمان و ثمانين و اربعمائة عن أبى بكر احمد بن موسى بن مردوية حدثنا محمد بن على بن دحيم حدثنا أحمد بن حازم عن أحمد بن صبيح القرشي.

ص: 464

حدثنا يحيى بن يعلى عن إسماعيل البزاز عن أم موسى سرية علي بن أبى طالب قال قال علي لأم كلثوم.

يا بنية ما أراني إلا و قد حان أجلى قالت و لم يا أبة قال رأيت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) البارحة في المنام و هو يمسح الغبار عن وجهي و هو يقول يا علي لا عليك نجيت ما عليك

458- عنه أخبرني الإمام عين الأئمة أبو الحسن علي بن أحمد الكرباسي الخوارزمي أخبرنا عماد الدين الأمين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الوبري الخوارزمي حدثنا الشيخ ابو القاسم ميمون بن علي بن ميمون الميمونى حدثنا الشيخ الصالح أبو شعيب صالح بن شعيب أخبرنا أبو حاتم عبد الرحمن حدثنا عمارة البغدادى

حدثنا عبدالرحمن بن صالح حدثنا عمرو بن هاشم حدثنا إسماعيل ابن أبي خالد عن عامر قال لما ضرب علي تلك الضربة قال ما فعل ضاربي اطعموه من طعامى و اسقوه من شرابي فان عشت فانا أولى بحق و ان مت فاضربوه و لا تزيده ثم أوصى إلى الحسن فقال لا تغال في كفني فإني سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول لا تغلوا في الكفن و امشو بين المشيين فان كان خيراً عجلتمونى و ان كان شراً القيتموه عن اكتافكم.

459- عنه أخبرني الشيخ الإمام تاج الدين شمس الأدباء أفضل الحفاظ محمد بن سلمان بن يوسف الهمداني فيما كتب إلى من همدان حدثنا الشيخ الجليل السيد أبو سعد شجاع بن المظفر بن شجاع العدل في ذي الحجة سنة أربع و تسعين و اربعمائة أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن هلال حدثنا محمد بن حمزة بن محمد بن الحرث العقيلي حدثنا العباس بن محمد الدورى.

ص: 465

حدثنا أبو النصر حدثني أبو معشر عن محمد بن عبد الرحمن القرشي عن الزهري قال: قال عبدالملك بن مروان اى واحد أنت أن حدثتني ما كانت علامة يوم قتل علي بن أبي طالب قال و الله يا أمير المؤمنين ما رفعت حصاة من بيت المقدس إلا كان تحتها دم عبيط فقال انى و اياك غريبان في هذا الحديث

460- عنه أخبرني الإمام سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه ابن شهردار الديلمي الهمداني فيما كتب الي من همدان، أخبرني أبي شيرويه ابن شهر دار أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد الميداني أخبرني أبو عمرو محمد بن يحيي أخبرني أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد بن عمر قال سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد المعروف بابن الوفا بالكوفة يقول كنت بالمسجد الحرام.

فرأيت الناس مجتمعين حول مقام إبراهيم (علیه السلام) فقلت ما هذا قالوا راهب اسلم فاشرفت بشيخ كبير عليه جبة صوف و قلنسوة صوف عظيم الخلق و هو قائم بحذاء مقام إبراهيم فسمعته يقول كنت قاعداً في صومعتى فاشرفت منها فاذا طاير كالنسر قد وقع على صخرة على شاطىء البحر فتقياً فرمى بربع انسان.

ثم طار فتفقد فعاد فتقياً بربع انسان ثم طار ثم جاء فتقياً بربع انسان ثم طار ثم جاء فتقياً بربع انسان ثم طار ثم جاء فتقياً بربع انسان ثم طار فذنت الارباع فقامت رجلا و أنا اتعجب منه حتى انحدر العام.... فضربه و اخذ ربعه ربعه و طار.

ثم رجع فاخذ الربع الآخر ثم رجع فاخذ الربع الثالث ثم رجع فاخذ الربع الرابع فبقيت اتفکر و تحسرت ان لا اكون لحقته فسالته من هو فبقيت

ص: 466

اتفقد الصخرة حتى رأيت الطير قد أقبل فتقياً يربع انسان.

فنزلت فقمت بازائه فلم ازل حتى جاء الربع الرابع ثم طار فالتأم رجلا فقام قائما فدنوت منه فسألته فقلت من أنت فسكت عنى فقلت بحق من خلقك أنت؟ فقال أنا عبد الرحمن بن ملجم، فقلت و أيش عملت؟ قال: قتلت علي بن أبي طالب فوكل بي هذا الطير يقتلنى كل يوم أربعين قتلة.

فهوى و انقض الطير فأخذ ربعه كالأول و طار فسألت عن على بن أبى طالب فقالوا هو ابن عم رسول الله و وصيه فاسلمت.

461- عنه أخبرني الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أخبرنا أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحافظ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب حدثنا علي بن محمد العريضي حدثنا يحيى بن الحسن بن الفرات القزاز.

حدثني محمد بن عمر، عن أبان بن تغلب عن سلمة بن كهيل عن عبد الله بن سبع، قال: قال: علي بن أبي طالب(علیه السلام) قبل أن يضرب بثلاث: أين شقيكم هذا؟ أما و الله لتخضين هذه من هذا.

462- عنه أنبأني مهذب الأئمة أبو المظفر عبدالملك بن على بن محمد الهمداني نزيل بغداد حدثنا محمد بن عبدالباقي بن أحمد بن عبدالله أخبرنا الحسن بن علي بن الحسن أخبرني محمد بن العباس بن محمد بن زكريا قال قرأ علي ابن أبي الحسن بن معروف حدثنى الحسن بن الفهم حدثني محمد ابن إسماعيل بن سعد، أخبرني خالد بن مخلد محمد بن الصلت.

قالا أخبرنا الربيع بن المنذر عن أبيه عن محمد بن الحنفية قال: دخل

ص: 467

علينا ابن ملجم لعنه الله الحمام و انا و الحسن و الحسين جلوس في الحمام فلما دخل كأنهما اشمأزا منه و قالا ما أجرأك تدخل علينا؟ قال فقلت لهما: دعاه عنكما فلعمري ما يريد بكما أثم من هذا.

فلما كان يوم أتي به أسيرا قال ابن الحنفية: ما أنا اليوم بأعرف به مني يوم دخل علينا الحمام. فقال علي: إنه أسير فأحسنوا نزله و أكرموا مثواه فإن بقيت قتلت أو عفوت و إن مت فاقتلوه قتلتي و لا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين.

463- عنه أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي أخبرنى شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرني أحمد بن الحسين البيهقي أخبرني أبو الحسين بن بشران ببغداد أخبرني أبو عمرو بن السماك، حدثني حنبل بن إسحاق بن إسماعيل حدثني جرير عن المغيرة:

لما جاء معاوية خبر وفاة علي و هو قائل مع امرأته بنت قرظة في يوم صائف قال: إنا لله و إنا إليه راجعون ما ذا فقدوا من العلم و الفضل و الخير. فقالت امرأته تسترجع عليه اليوم قال: ويلك لا تدرين ماذا ذهب من علمه و فضله و سوابقه.

464- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبدالله الحافظ أخبرنا أبو الوليد الفقيه حدثنا الهيثم بن خلف حدثنا علي بن الربيع الأنصارى حدثنا حفص بن غياث عن أبي روح عن مولى لعلى ان الحسن صلى على علي و كبر عليه اربعا.

465- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني أبو الحسين ابن الفضل أخبرني عبد الله بن جعفر، حدثني يعقوب بن سفيان، حدثني أبو

ص: 468

نعيم، حدثني عبد الجبار بن العباس الهمداني عن عثمان بن المغيرة قال: انه لما دخل رمضان كان على (علیه السلام) يتعشى ليلة عند الحسن و ليلة عند الحسين و ليلة عند ابن عباس و لا يزيد على ثلاث لقم و يقول يأتيني أمر الله و أنا اخمص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب من الليل.

466- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال سمعت أبا اسحاق إبراهيم بن إسماعيل القارىء يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت أبا بكر ابن أبي شيبة يقول:

ولي علي بن أبي طالب (علیه السلام) خمس سنين و قتل سنة أربعين من مهاجرة رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و هو ابن ثلاث و ستين سنة، أصيب يوم الجمعة و دفن يوم الأحد الحادى و العشرين في شهر رمضان و دفن بظاهر الكوفة.

467- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني أبو الحسين ابن الفضل القطان ببغداد أخبرني علي بن عبدالرحمن بن هاني بالكوفة حدثني أحمد بن حازم عن عبيد الله بن موسى أخبرني مسكين حدثني حفص بن خالد عن أبيه عن جده جابر قال أنى لشاهد لعلي(علیه السلام) و أتاه المرادي يستحمله فحمله ثم قال:

أريد حياته و يريد قتلي*** غديرك من خليلك من مراد

ثم قال: هذا و الله قاتلى قالوا: يا أمير المؤمنين أفلا تقتله؟ قال: لا فمن يقتلنى اذاً، ثم قال:

اشدد حيازيمك للموت*** فإن الموت لاقيكا

و لا تجزع من الموت*** إذا حل بواديكا

468- عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين هذا أخبرني أبو عبدالله

ص: 469

الحافظ أخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد النخعي حدثني عبدالرحمن بن أبي حاتم حدثني أبي حدثني عمر بن طلحة القتاد حدثني اسباط ابن نصير قال: سمعت إسماعيل بن عبد الرحمن يقول: كان عبدالرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله عشق إمرأة من الخوارج يقال لها قطام من تيم الرباب فنكحها و اصدقها ثلاثة آلاف درهم و قتل علي (علیه السلام) و في ذلك قال الفرزدق:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** كمهر قطام من قصيح و أعجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المصمم

و لا مهر أغلى من علي و إن غلى*** و لافتك إلا دون فتك ابن ملجم

469- قال ابن الغضائري: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الرقاعي الاصفهاني قدم عليناً واسطاً في جمادى الأولى من سنة أربع و ثلاثين و أربعمائة أخبر نا الحسن بن أحمد أخبرنا عبدالله بن إسحاق حدثنا محمد بن يوسف بن الصباح حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق حدثني ناصح أبو عبدالله عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة.

قال: قال رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم): من أشقی الأولين و الآخرين؟

قال: الله و رسوله أعلم، قال: قاتلك يا علي.

470- عنه أخبرنا القاضى أبو الخطاب عبدالرحمان بن عبدالله أخبرنا أبو محمد عبدالله بن عبيد الله بن يحيى حدثنا القاضي أبو عبد الله المحاملي حدثنا علي بن محمد بن معاوية حدثنا عبدالله معاوية حدثنا عبدالله بن داود عن الأعمش، عن سلمة بن كهيل: عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن سبع:

قال: سمعت علياً على المنبر و هو يقول: ما ينتظر أشقاها؟ عهد إلى رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) ليخضبن هذه من هذا و أشار ابن داود إلى لحيته و رأسه- فقال يا أمير المؤمنين من هو حتى نبتدره؟ قال: أنشد الله عزّو جلّ رجلا

ص: 470

قتل بي غير قاتلى.

471- قال النوبري: قال النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لأبن عمه علي بن أبي طالب (علیه السلام): يا علي أشقى الأولين عاقر ناقة صالح، و أشقى الآخرين قاتلك، و هو هذا؛ و أشار إلى ابن ملجم قبحه الله تعالى و لعنه و أوجب له خزیه و مقته و عذابه، و ذلك نكالا لما اجترأ عليه في قتله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(علیه السلام).

و ذلك أن ابن ملجم قبحه الله رأى امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام، كانت من أجمل النساء و كانت ترى رأى الخوارج، و قد قتل علي (علیه السلام) قومها يوم النهروان فلما رآها ابن ملجم عشقها فخطبها فقالت: لا أتزوجك إلا على ثلاثة آلاف درهم و عبد و قينة، و أن تقتل علي بن أبي طالب.

فحمله العشق على أن خسر الدنيا و الآخرة و تزوجها على ذلك.

و فى ذلك يقول الشاعر:

فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة*** کمهر قطام بين غير معجم

ثلاثة آلاف و عبد و قينة*** و ضرب علي بالحسام المصمم

فلامهر أغلى من علي و إن علا*** و لا فتك إلا دون فتك ابن ملجم

472- قال المقدسي قوله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) لعلى (علیه السلام): ألا أخبرك بأشق الناس قال نعم قال عاقر ثمود و الّذي يخضب هذه من هذه و وضع يده على هامته و لحيته فضربه ابن ملجم على رأسه حين قتله.

473- عنه قالوا تعاقد ثلاثة نفر من الخوارج على قتل علي (علیه السلام) معاوية و عمرو بن العاص منهم عبد الرحمن بن ملجم عليه لعائن الله تترى مرّة بعد أخرى قال أنا أقتل عليّا و البرك قال أنا اقتل معاوية عليه اللعنة و

ص: 471

داود مولى لبني العنبر قال انا أقتل عمرو بن العاص.

فاجتمعوا بمكة و شروا أنفسهم على ان يريحوا العباد من أئمة الضلال و مضوا لطيتهم فاما داود فأتى مصر و دخل المسجد و قام في الصلاة فخرج خارجة بن حذافة و كان على شرطة عمرو و عمرو يشتكي فضربه داود فقتله و هو ظنّه عمرا فقال عمرو أردت عمرا و الله يريد خارجة فذهبت مثلا و أخذوا داود به فقتل

و اما البرك و اسمه الحجاج فانّه مضى إلى الشام و دخل المسجد فخرج معاوية فافتتح الصلاة فضربه البرك و كان معاوية عظيم العجز فأصابت الضربة فقطعت منه عرقا انقطع منه الولد فأخذ البرك فقطعت يداه و رجلاه و خلّى عنه.

فعاش و قدم البصرة و نكح امرأة فولدت له فلما كان في أيام زياد بن أبيه أخذه فقال يولد لك و لم يولد لمعاوية فضرب عنقه.

و أمّا ابن ملجم عليه لعنة الله فانّه أتى الكوفة و جعل يختلف إلى علي (علیه السلام) و علي يلاطفه و يواصله و يتوسم فيه الشرّ و فيه يقول:

هو أريد حياته و يريد قتلي*** غديرك من خليلك من مراد

474- عنه قالوا و شغف ابن ملجم عليه اللعنة بامرأة يقال لها قطام من الخوارج فخطبها فقالت الصداق قتل علي و كذا و كذا و كان قتل أباها و أخاها بالنهروان فضمن لها ذلك و ستم سيفه و شحذه و جاء فبات تلك الليلة بالمسجد هو و روى عن الحسن بن علي عليهما السلام أنه.

قال لما أصبح اليوم الذي ضربه الرجل فيه فقال لقد سنح لى الليلة النبيّ(صلی اللّه علیه و آله و سلم) فقلت يا رسول الله ما ذا لقيت من أمتك قال ادع الله أن يريحك منهم قالوا و دخل علي المسجد و نبه النيام.

ص: 472

فركل ابن ملجم برجله و هو ملتفّ بعباءة و قال له قم فما أراك إلّا الذي أظنّه و افتتح ركعتي الفجر فأتاه ابن ملجم عليه لعائن الله فضربه على صلعته حيث وضع النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يده و قال أشقى الناس أحيمر ثمود و الّذي يخضب هذه من هذه و روی انه كان ضربه عليه عمرو بن عبد ود يوم الخندق و لم يبلغ الضربة مبلغ القتل و لكن عمل فيه السم.

فثار الناس اليه و قبضوا عليه فقال عليّ لا تقتلوه فإن عشت رأيت فيه رأيا و إن مت فشأنكم به فعاش ثلاثة أيّام ثم مات يوم الجمعة لسبع عشرة من رمضان و هو اليوم الذي أوحى فيه إلى النبي (صلی اللّه علیه و آله و سلم) و اليوم الذي فتح الله عليه بدرا.

فقتل ابن ملجم عليه لعنة الله و دفن علي (علیه السلام) و اختلفوا أين دفن فقال قوم دفن بالغري و قال قوم دفن بالكوفة و عمى مكانه و قال قوم جعل في تابوت و حمل على بعير يريدون المدينة فأخذه طيّئ و هم يظنّونه مالا فلما رأوا الميت دفنوه عندهم و الله اعلم و مما رثى به(علیه السلام) قول أم الهيثم بنت ابي الأسود الدئلي

ألا أبلغ معاوية بن حرب*** فلا قرت عيون الشامتينا

أ في الشهر الحرام فجعتمونا*** بخير الناس طرا أجمعينا

رزئنا خير من ركب المطايا*** و خيسها و من ركب السفينا

475- عنه قتل (علیه السلام) ليلة الجمعة لثلاث عشرة بقين من شهر رمضان سنة اربعين في رواية أبي عبدالرحمن السلمى- و هي الرواية المشهورة- و في رواية أبي مخنف أنها كانت لإحدي عشرة ليلة بقين من شهر رمضان، و عليه الشيعة في زماننا.

و القول الأول أثبت عند المحدثين و الليلة السابعة عشرة من شهر

ص: 473

رمضان هي ليلة بدر، و قد كانت الروايات وردت أنه يقتل في ليلة بدر (علیه السلام)، و قبره بالغرى.

476- قال أبو طالب الآملي: أخبرنا القاضي الإمام أحمد بن أبي يحيى الكني اسعده الله تعالى، قال أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد في الدين أبو الحسين زيد بن الحسن بن علي البيهقي بقراءتي عليه قدم علينا الري و الشيخ الإمام الأفضل مجد الدين عبد المجيد بن عبد الغفار بن أبي سعد الاستراباذي الزيدي، قال حدثنا السيد الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر الحسني النقيب باستراباذ في شهر الله الاصم رجب سنة ثمان عشرة و خمسمائة.

قال أخبرنا والدي السيد أبو جعفر محمد بن جعفر بن علي خليفة الحسني و السيد أبو الحسن علي بن أبي طالب أحمد بن القاسم الحسني الآملي الملقب بالمستعين بالله و قالا حدثنا السيد الإمام أبو طالب يحيى بن الحسين الحسني، قال أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني، قال أخبرنا أبو زيد عيسى بن محمد العلوى.

قال أخبرنا محمد بن منصور عن أبي الطاهر احمد بن عيسى بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي عن عبدالله بن جندب عن أبيه، قال دخلت على أمير المؤمنين علي (علیه السلام) حين أصيب اسئل به فلم اجلس لمكان، ابنته قال فدعا الحسن و الحسين (علیهما السلام).

فقال أوصيكما بتقوى الله و لا تبغيا الدنيا و إن ابتغتكما، و لا تأسيا على شيء منها قولا الحق و ارحما اليتيم و أعينا الضعيف و كونا للظالم خصما و للمظلوم عوناً، و اعملا بالكتاب و لا تأخذكما في الله لومة لائم، ثم نظر إلى ابن الحنفية.

ص: 474

فقال هل فهمت ما أوصيت به أخويك؟ قال: نعم، قال: فاني أوصيك بمثله، و أوصيك بتوقير أخويك؟ و تعظيم حقها و تزيين أمرهما، و لا تقطعن أمراً دونهما، ثم نظر اليها و قال أوصيكما به فانه شقيقكما و ابن أبيكما، و قد علمتها منزله كانت من أبيكما فإنه كان يحبه فأحباه.

فإن آخر ما تكلم به بعد ان أوصى الحسن (علیه السلام) بما أراد لا إله إلا الله يرددها حتى قبض صلوات الله عليه ليلة الاثنين لأحد و عشرين من شهر رمضان سنة أربعين.

477- عنه بهذا الإسناد إلى السيد أبو طالب، قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى العقيقی قال حدثنا،جدى قال حدثنا يعقوب بن يزيد، قال حدثني محمد بن أبي عمير عن الحسين الخلال عن جده، قال قلت للحسن بن علي (علیهما السلام) أين دفنتم أمير المؤمنين(علیه السلام)، قال خرجنا به ليلاً من منزله و مررنا به علی مسجد الاشعث حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغري

478- عنه قال أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسن القرشي المعروف بابن الاصفهاني: قال حدثنا أحمد بن عيسى، قال: حدثني الحسين بن نصر، قال: حدثني عطية بن الحرث، عن عمر بن تميم و عمرو بن بكار: أن عليا (علیه السلام) لما ضرب جمع له أطباء الكوفة؛

فلم يكن فيهم أعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هانئ السكوني، و كان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات و كان من الأربعين غلاما الذى كان خالد بن الوليد أصابهم في بيعة عين التمر فسباهم و إن أثيرا لما نظر إلى جرح أمير المؤمنين- عليه السلام- دعا برية شاة حارة فاستخرج منه عرقا منها، فأدخله في الجرح ثم استخرجه فإذا فيه بياض الدماغ.

ص: 475

فقال له: يا أمير المؤمنين إعهد عهدك فإن عدو الله قد وصلت ضربته إلى أم رأسك و روي عن عمرو بن ذي مر، قال قلت له يا أمير المؤمنين انه خدش و ليس بشيء فقال الله إني مفارقكم إني مفارقكم فدعا علي عند ذلك بصحيفة و دواة وكتب وصيته:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام). أوصى بأنه يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون. إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله ربّ العالمين لا شريك له و بذلك أمرت و أنا أول المسلمين.

ثم إني أوصيك يا حسن و جميع ولدي و أهل بيتي و من بلغه كتابي هذا بتقوى الله ربنا و لا تموتن و إلّا أنتم مسلمون، و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا، فإني سمعت رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة و الصيام، و إن المبيدة الحالقة للدين فساد ذات البين و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

انظروا إلى ذوي أرحامكم فصلوهم يهون الله عليكم الحساب. و الله الله في الأيتام فلا تغيروا أفواههم و لا يضيعوا بحضرتكم.

و الله الله في جيرانكم فإنها وصية رسول الله(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه سيورثهم.

و الله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم و الله الله في الصلوات فإنها عماد دينكم.

و الله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما بقيتم، فإنه إن خلا منكم لم

ص: 476

تنظروا. و الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم. و الله الله صيام في شهر رمضان فإنه جنة من النار

و الله الله في زكاة أموالكم فإنها تطفى غضب ربكم. و الله الله في أمة نبيكم فإن رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أوصى بهم.

و الله الله في الفقراء و المساكين فأشركوهم في معايشكم

و الله الله فيما ملكت أيمانكم ثم قال الصلوات الصلوات. ثم قال لا تخافوا في الله لومة لائم فإنه يكفيكم من بغى عليكم و أرادكم بسوء قولوا للناس حسنا كما أمركم الله، و لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فيلي الأمر عنكم و تدعون فلا يستجاب لكم.

عليكم بالتواضع و التباذل و إياكم و التقاطع و التفرق و التدابر و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إنّ الله شديد العقاب حفظكم الله من أهل بيت و حفظ فيكم نبيه استودعكم الله خير مستودع و أقرأ عليكم سلام الله و رحمته.

479- عنه قال أخبرنا أبو عبدالله أحمد بن محمد البغدادي، قال أخبرنا أبو الفرج الاصفهاني: قال حدثنا أحمد بن عيسى، قال حدثنا الحسين بن نصر، قال: حدثنا زيد بن المعذل عن يحيى بن شعيب، عن أبي مخنف، عن فضيل بن خديج عن الأسود الكندي و الاجلح قالا:

توفي أمير المؤمنين(علیه السلام) و هو ابن اربع و ستين سنة، سنة أربعين ليلة الأحد لإحدى و عشرين ليلة في شهر رمضان و ولي غسله ابنه الحسن بن علي (علیهما السلام) و عبد الله بن العباس، و كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، و صلى عليه الحسن (علیه السلام) و كبر خمس تكبيرات و دفن عند صلاة الصبح و دعا الحسن (علیه السلام) بعد دفنه إياه ابن ملجم لعنه الله تعالى.

ص: 477

فاتى به فأمر بضرب عنقه فقال ان رأيت ان تأخذ على العهود إنى أرجع اليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضى إلى الشام فانظر ماذا فعل صاحبي بمعاوية فإن كان قد قتله أو لا، ثم عدت اليك فتحكم في بحكمك.

فقال له الحسن (علیه السلام) هيهات و الله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار ثم ضربت عنقه فاستوهبت ام الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار.

المنابع:

(1) الغارات 1/23،(2) قرب الاسناد: 67.

(3) الكافي: 1/259- 452- 454- 457 و 3/240،

(4) امالي الصدوق: 57- 191، (5) الإرشاد 5 إلى 9،

(6) نهج البلاغة: خ 67، (7) التهذيب: 6/119،

(8) اعلام الورى 160، (9) بشارة المصطفي 320،

(10) مناقب ابن شهر آشوب 2/78 (11) روضة الواعظين: 114،

(12) مجموعة ورام 2 ز 2- 75 (13) كشف الغمة: 1/427،

(14) بحار الانوار: 42/194، إلى 198- 200- 205،

(15) مصنف ابن ابى شيبة: 13/63، (16) طبقات ابن سعد: 3/21

(17) اخبار الطوال: 213 (18) تاريخ الطبري: 5/145 إلى 153،

(19) مروج الذهب: 2/243، (20) الإمامة و السياسة: 137

(21) مقاتبل الطالبيين 16، إلى 23 (22) العقد الفريد: 4/359،

(23) اخبار اصفهان: 149/1، (24) تاريخ بغداد: 1/134- 136،

(25) انساب الأشراف: 487 إلى 509 (26) ترجمة الامام علي (علیه السلام)

ص: 478

من تاريخ دمشق 3/264، إلى 348 (27) مجمع الزوائد: 9/136

(28) الاستيعاب: 30/1122، إلى 1131 (29) اسد الغابة: 4/34،

(30) التدوين 11/488، (31) المستدرك: 3/112- 143،

(32) فرائد السمطين: 384، إلى 392، (33) مناقب الخوارزمي 274،

الى 284، (34) مناقب ابن المغازلي: 24 (35) نهاية الارب: 2/175،

(36) البدء و التاريخ: 5/40، (37) امالي أبي طالب الآملي: 79.

ص: 479

باب مرقده و مزاره علیه السلام

43- باب مرقده و مزاره علیه السلام

480- الكليني عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن صفوان الجمال قال كنت أنا و عامر و عبد الله بن جذاعة الأزدي عند أبي عبد الله (علیه السلام) قال فقال له عامر جعلت فداك إن الناس يزعمون أن أمير المؤمنين (علیه السلام) دفن بالرحبة قال لا قال فأين دفن.

قال: إنه لما مات احتمله الحسن (علیه السلام) فأتى به ظهر الكوفة قريبا من النجف يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة فدفنه بين زكوات بيض قال فلما كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهمت موضعا منه ثم أتيته فأخبرته فقال لي أصبت رحمك الله ثلاث مرات.

481- عنه عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن سنان قال أتاني عمر بن يزيد فقال لي اركب فركبت معه فمضينا حتى أتينا منزل حفص الكناسي فاستخرجته فركب معنا ثم مضينا حتى أتينا الغري فانتهينا إلى قبر فقال انزلوا هذا قبر أمير المؤمنين (علیه السلام) فقلنا من أين علمت فقال أتيته مع أبي عبد الله (علیه السلام) حيث كان بالحيرة غير مرة و خبرني أنه قبره.

482- قال المفيد: من الأخبار التي جاءت بموضع قبر أمير المؤمنين(علیه السلام) و شرح الحال في دفنه ما رواه عباد بن يعقوب الرواجني قال حدثنا حبان بن علي العنزي قال حدثني مولى لعلي بن أبي طالب (علیه السلام) قال

ص: 480

لما حضرت أمير المؤمنين (علیه السلام) الوفاة قال للحسن و الحسين (علیهما السلام) إذا أنا مت فاحملاني على سريري ثم أخرجاني و احملا مؤخر السرير فإنكما تكفيان مقدمه.

ثم ائتيا بي الغريين فإنكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرا فيها فإنكما تجدان فيها ساجة فادفناني فيها قال فلما مات أخرجناه و جعلنا نحمل مؤخر السرير و نكفى مقدمه و جعلنا نسمع دويا و حفيفا حتى أتينا الغريين فإذا صخرة بيضاء تلمع نورا فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها مما ادخر نوح لعلي بن أبي طالب فدفناه فيها و انصرفنا و نحن مسرورون بإكرام الله لأمير المؤمنين(علیه السلام).

فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه فأخبرناهم بما جرى و بإكرام الله أمير المؤمنين (علیه السلام) فقالوا نحب أن نعاين من أمره ما عاينتم فقلنا لهم إن الموضع قد عفى أثره بوصية منه (علیه السلام) فضوا و عادوا إلينا فقالوا أنهم احتفروا فلم يجدوا شيئا.

483- عنه روى محمد بن عمارة قال حدثني أبي عن جابر بن يزيد قال سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (علیهما السلام) أين دفن أمير المؤمنين (علیه السلام) قال دفن بناحية الغريين و دفن قبل طلوع الفجر و دخل قبره الحسن و الحسين (علیهما السلام) و محمد بنو علي (علیه السلام) و عبد الله بن جعفر رضي الله عنه.

484- عنه روى يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن رجاله قال قيل للحسين بن علي (علیهما السلام) أين دفنتم أمير المؤمنين (علیه السلام) فقال خرجنا به ليلا على مسجد الأشعث حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغري فدفناه هناك.

485- عنه روى محمد بن زكريا قال حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال حدثني عبد الله بن خازم قال خرجنا يوما مع الرشيد من

ص: 481

الكوفة نتصيد فصرنا إلى ناحية الغريين و الثوية فرأينا ظباء فأرسلنا عليها الصقور و الكلاب فجاولتها ساعة ثم لجأت الظباء إلى أكمة فسقطت عليها فسقطت الصقور ناحية و رجعت الكلاب

فعجب الرشيد من ذلك ثم إن الظباء هبطت من الأكمة فهبطت الصقور و الكلاب فرجعت الظباء إلى الأكمة فتراجعت عنها الكلاب و الصقور ففعلت ذلك ثلاثا فقال الرشيد اركضوا فمن لقيتموه فأتوني به فأتيناه بشيخ من بني أسد فقال له هارون أخبرني ما هذه الأكمة قال إن جعلت لي الأمان أخبرتك.

قال لك عهد الله و ميثاقه إلا أهيجك و لا أؤذيك فقال حدثني أبي عن آبائه أنهم كانوا يقولون إن في هذه الأكمة قبر علي بن أبي طالب (علیه السلام) جعله الله حرما لا يأوي إليه شيء إلا أمن فنزل هارون فدعا بماء فتوضأ و صلى عند الأكمة و تمرغ عليها وجعل يبكي ثم انصرفنا.

486- عنه قال محمد بن عائشة فكأن قلبي لم يقبل ذلك فلما كان بعد ذلك حججت إلى مكة فرأيت بها ياسرا رحال الرشيد و كان يجلس معنا إذا طفنا فجرى الحديث إلى أن قال قال لي الرشيد ليلة من الليالي و قد قدمنا من مكة فنزلنا الكوفة يا ياسر قل لعيسى بن جعفر فليركب فركبا جميعا و ركبت معهما حتى إذا صرنا إلى الغريين فأما عيسى فطرح نفسه فنام و أما الرشيد فجاء إلى أكمة فصلى عندها فكلما صلى ركعتين دعا و بکی و تمرغ على الأكمة.

ثم يقول يا عم أنا و الله أعرف فضلك و سابقتك و بك و الله جلست مجلسي الذي أنا فيه و أنت أنت و لكن ولدك يؤذونني و يخرجون علي ثم يقوم فيصلي ثم يعيد هذا الكلام و يدعو و يبكي حتى إذا كان في وقت

ص: 482

فانتدب معه نحو ألفی رجل و خرج محمد في نحو ألفين، و استقبل عمرو كنانة و هو على مقدّمة محمّد، فأقبل عمر و نحو كنانة فلما دنا منه سرّح نحوه الكتائب كتيبة بعد كتيبة، فجعل كنانة لا يأتيه كتيبة من كتائب أهل الشّام الّا شدّ عليها بمن معه فيضربها حتى يلحقها بعمرو.

ففعل ذلك مرارا، فلما رأى عمرو ذلك بعث الى معاوية بن حديج الكنديّ فأتاه في مثل الدّهم فلما رأى كنانة ذلك الجيش نزل عن فرسه و نزل معه أصحابه، فضاربهم بسيفه و هو يقول: «وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَكُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ الله كِتاباً مُؤَجَّلًا وَ من يُرِدْ تَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَ مَن يُرِدْ تَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَ سَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ» ثم ضاربهم بسيفه حتى استشهد.

ان عمرو بن العاص لما قتل كنانة أقبل نحو محمّد بن أبي بكر و قد تفرّق عنه أصحابه، فلما رأى ذلك محمد خرج يمضى في الطريق حتى انتهى الى خربة في ناحية الطريق فآوى اليها، و جاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط، و خرج معاوية بن حديج في طلب محمد بن أبي بكر حتى انتهى الى علوج على قارعة الطريق فسألهم: هل مرّ بكم أحد تنكرونه؟ قالوا: لا فقال أحدهم:

انى دخلت تلك الخربة فإذا أنا فيها برجل جالس فقال ابن حديج هو هو و ربّ الكعبة، فانطلقوا يركضون حتى دخلوا عليه و استخرجوه و قد كاد يموت عطشا فأقبلوا به نحو الفسطاط.

قال و وثب أخوه عبد الرحمن بن أبى بكر الى عمرو بن العاص و كان في جنده فقال: و الله لا يقتل أخى صبرا، ابعث الى معاوية بن حديج فانهه عن قتله، فأرسل عمرو الى معاوية أن ائتني بمحمّد، فقال معاوية أقتلتم كنانة بن بشر ابن عمّى و اخلّى عن محمد؟! هيهات.

ص: 483

«أَكْفَارُكُمْ خَيْرٌ من أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ». فقال محمد: اسقوني قطرة من الماء، فقال معاوية: لا سقاني الله ان سقيتك قطرة أبدا أنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه ظاميا محرما، فسقاه الله من الرّحيق المختوم، و الله لأقتلنّك يا ابن أبى بكر و أنت ظمآن فيسقيك الله من الحميم و الغسلين.

فقال له محمّد بن أبى بكر: يا ابن اليهوديّة النّساجة: ليس ذلك إليك و لا الى من ذكرت، انما ذلك الى الله يسقى أولياءه و يظمئ أعداءه و هم أنت و قرناؤك و من تولاك و توليته و الله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم منّى ما بلغتم، فقال له معاوية بن حديج- لعنه الله-: أتدري ما أصنع بك؟! أدخلك جوف هذا الحمار الميت ثم أحرقه عليك بالنّار.

فقال محمّد: ان فعلتم ذلك فطالما فعلتم ذلك بأولياء الله، و أيم الله انّى لأرجو أن يجعل الله هذه النار التي تخوّفنى بها علي بردا و سلاما كما جعلها على إبراهيم خليله و أن يجعلها عليك و على أوليائك كما جعلها على نمرود و أوليائه، و انّي لأرجو أن يحرقك الله و امامك يعنى معاوية بن أبي سفيان و هذا.

و أشار الى عمرو بن العاص بنار تلظى عليكم كلّما خبت زادها الله سعيرا، فقال له معاوية: انّي لا أقتلك ظلما، انما أقتلك بعثمان. فقال له محمد: و ما أنت و عثمان؟ انّ عثمان عمل بغير الحق و بدّل حكم القرآن و قد قال الله عزّ و جلّ: «وَ من لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ الله فَأُولئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ»، «فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»، «فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ».

فنقمنا عليه أشياء عملها، فأردنا أن يختلع من عملنا فلم يفعل، فقتله من قتله من النّاس فغضب معاوية بن حديج فقدّمه فضرب عنقه ثم ألقاه

ص: 484

في جوف حمار و أحرقه بالنار.

فلما بلغ ذلك عائشة أم المؤمنين جزعت عليه جزعا شديدا و قنتت في دبر كل صلاة تدعو على معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و معاوية بن حديج، و قبضت عيال محمد أخيها و ولده اليها، فكان القاسم بن محمّد بن أبي بكر فى عيالها.

و كان معاوية بن حديج ملعونا خبيثا، و كان يسب علي بن أبي طالب (علیه السلام).

156- عنه قال: حدثنا داود بن أبي عوف قال: دخل معاوية بن حديج على الحسن بن علي بن أبى طالب عليهم السلام مسجد المدينة فقال له الحسن ويلك يا معاوية أنت الذي تسبّ أمير المؤمنين عليا (علیه السلام)؟! أما و الله لئن رأيته يوم القيامة و ما ان أظنّك تراه، لترينه كاشفا عن ساق يضرب وجوه المنافقين ضرب غريبة الإبل.

157- عنه عن عبد الملك بن عمير عن عبد الله بن شداد قال: حلفت عائشة لا تأكل شواء أبدا فما أكلت شواء بعد مقتل محمّد حتى لحقت بالله و ما عثرت قط الا قالت تعس معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و معاوية بن حديج.

158- عنه عن أبى إسحاق: أن أسماء بنت عميس لما أتاها نعى محمد بن أبي بكر و ما صنع به كظمت حزنها و قامت الى مسجدها حتى تشخبت دما.

159- عنه عن أبى إسماعيل كثير النوّاء: أنّ أبا بكر خرج في غزاة فرأت أسماء بنت عميس في منامها و هي تحته كأن أبا بكر مخضب بالحناء رأسه و لحيته و عليه ثياب بيض فجاءت الى عائشة فأخبرتها، فقالت: ان صدقت

ص: 485

رؤياك فقد قتل أبو بكر، ان خضابه الدم، و انّ ثيابه أكفانه ثم بكت، فدخل النَّبيِّ و هي كذلك فقال:

ما أبكاها؟- فقالوا: يا رسول الله ما أبكاها أحد و لكن أسماء ذكرت رؤيا رأتها لأبي بكر فأخبر النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، فقال: ليس كما عبرت عائشة و لكن يرجع أبو بكر صالحا فيلق أسماء فتحمل منه أسماء بغلام تسمّيه محمّدا يجعله الله غيظا على الكافرين و المنافقين، فكان الغلام محمد بن أبى بكر قتل يؤمئذ فكان كما أخبر.

160- عنه قال: و كتب عمرو بن العاص الى معاوية بن أبي سفيان عند قتل محمد بن أبي بكر و كنانة بن بشر

أمّا بعد فانّا لقينا محمّد بن أبى بكر و كنانة بن بشر في جموع من أهل مصر فدعوناهم الى الكتاب و السنّة فعصوا الحق و تهوّكوا في الضّلال فجاهدناهم فاستنصرنا الله عليهم، فضرب الله وجوههم و أدبارهم و منحنا أكتافهم، فقتل محمّد بن أبي بكر و كنانة بن بشر، و الحمد لله ربّ العالمين، و السلام.

161- عنه عن جندب بن عبد الله قال: و الله انى لعند علي جالس إذ جاءه عبد الله بن قعين جد كعب يستصرخ من قبل محمد بن أبى بكر و هو يومئذ أمير على مصر، فقام علي (علیه السلام) فنادى في الناس: الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي(صلی اللّه علیه و آله و سلم) ثم قال:

أما بعد فهذا صريخ محمّد بن أبي بكر و إخوانكم من أهل مصر و قد سار إليهم ابن النابغة عدو الله و عدوّكم.

فلا يكوننّ أهل الضَّلال الى باطلهم و الركون إلى سبيل الطاغوت

ص: 486

أشدّ اجتماعا على باطلهم و ضلالتهم منكم على حقكم، فكأنكم بهم قد بدءوكم و إخوانكم بالغزو فاعجلوا إليهم بالمواساة و النصر، عباد الله ان مصر أعظم من الشّام خيرا، و خير أهلا فلا تغلبوا على مصر.

فانّ بقاء مصر في أيديكم عزّ لكم و كبت لعدوّكم اخرجوا الى الجرعة و الجرعة بين الكوفة و الحيرة لنتوافى هناك كلنا غدا إن شاء الله.

فلما كان الغد خرج يمشى فنزلها بكرة فأقام بها حتى انتصف النهار يومه ذلك فلم يوافه منهم مائة رجل فرجع، فلمّا كان العشيّ بعث الى الأشراف، فجمعهم، فدخلوا عليه القصر و هو كئيب حزين فقال.

الحمد لله على ما قضى من أمر، و قدر من فعل و ابتلاني بكم أيتها الفرقة التي لا تطيع إذا أمرت و لا تجيب إذا دعوت لا أبا لغيركم ما تنتظرون بنصركم ربكم، و الجهاد على حقكم؟! الموت أو الذُّلّ لكم في هذه الدنيا في غير الحق و الله لئن جاءني الموت- و ليأتيني فليفرّقنّ بيني و بينكم و انّى لصحبتكم لقال.

الادين يجمعكم، ألا حميّة تغضبكم، إذ أنتم سمعتم بعدوّكم ينتقص بلادكم و يشنّ الغارة عليكم، أو ليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الظلمة الطعام فيتبعونه على غير عطاء و لا معونة، فيجيبونه في السنة المرّة و المرتين و الثلاث إلى أى وجه شاء.

ثمّ إني أدعوكم و أنتم أولو النّهى و بقية الناس على المعونة و طائفة منكم على العطاء فتختلفون و تتفرّقون عني و تعصوننى و تخالفون عليّ. فقام إليه مالك بن كعب الأرحبي فقال: يا أمير المؤمنين اندب الناس معى، فانّه لا عطر بعد عروس لمثل هذا اليوم كنت أدخر نفسي، و انّ الأجر لا يأتى إلّا بالكره.

ص: 487

ثم التفت إلى النّاس و قال: اتقوا الله و أجيبوا إمامكم و انصروا دعوته و قاتلوا عدوّكم و أنا أسير إليهم يا أمير المؤمنين.

قال: فأمر عليّ مناديه سعدا مولاه فنادى: ألا سيروا مع مالك بن كعب الى مصر و كان وجها مكروها، فلم يجتمعوا إليه شهرا، فلما اجتمع له منهم ما اجتمع خرج بهم مالك بن كعب فعسكر بظاهر الكوفة، ثم إنه خرج و خرج معه أمير المؤمنين علي(علیه السلام).

فنظروا فإذا جميع من خرج معه نحو من ألفي رجل، فقال علي (علیه السلام): سيروا على اسم الله فو الله ما إخالكم تدركون القوم حتى ينقضي أمرهم. قال: فخرج مالك بهم و ساربهم خمس ليال.

162- عنه قال: ثمّ إنّ الحجّاج بن غزيّة الأنصاري قدم على عليّ من مصر، و قدم عليه عبد الرحمن بن المسيب الفزاري من الشّام، فأما الفزارى فكان عينه (علیه السلام) بالشام، و أما الأنصاري فكان مع محمد بن أبي بكر بمصر.

فحدّثه الأنصاري بما عاين و شهد بهلاك محمّد، و حدّثه الفزاري أنه لم يخرج من الشّام حتى قدمت البشرى من قبل عمرو بن العاص تترى يتبع بعضها على أثر بعض بفتح مصر و قتل محمد بن أبي بكر و حتى أذن معاوية بقتله على المنبر فقال له يا أمير المؤمنين ما رأيت يوما قط سرورا بمثل سرور رأيته بالشام حتى أتاهم هلاك ابن أبي بكر فقال علي (علیه السلام):

أما إنّ حزننا على قتله على قدر سرورهم به، لا بل يزيد أضعافا. قال: فسرّح علي (علیه السلام) عبد الرحمن بن شريح الشامي إلى مالك بن كعب فردّه من الطريق.

قال و حزن علي(علیه السلام) على محمد بن أبي بكر حتى رئي ذلك فيه و تبيّن في وجهه و قام في النّاس خطيبا فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: ألا و

ص: 488

ان مصر قد افتتحها الفجرة أولياء الجور و الظلم الذين صدوا عن سبيل الله و بغوا الإسلام عوجا، ألا و ان محمد بن أبي بكر قد استشهد فعند الله نحتسبه.

أما و الله لقد كان ما علمت لممّن ينتظر القضاء و يعمل للجزاء، و يبغض شكل الفاجر و يحبّ هين المؤمن، و انّى و الله ما ألوم نفسي على تقصير و لا عجز و انّى بمقاساة الحرب لجدّ بصير و انّى لأقدم على الأمر و أعرف وجه الحزم و أقوم بالرأي المصيب فأستصرخكم معلنا و أناديكم نداء المستغيث معربا.

فلا تسمعون لي قولا و لا تطيعون لي أمراء تصيرون الأمور الى عواقب المساءة فأنتم القوم لا يدرك بكم النار و لا تنقض بكم الأوتار دعوتكم الى غياث إخوانكم منذ بضع و خمسين يوما فجرجرتم عليّ جرجرة الجمل الأشدق و تثاقلتم الى الأرض تثاقل من ليس له نيّة في جهاد العدوّ، و لا رأي له في اكتساب الأجر.

ثم خرج الي منكم جنيد متذائب ضعيف كأنما يساقون الى الموت و هم ينظرون، فافٌ لكم ثم نزل فدخل رحله.

163- عنه قال: كتب علي (علیه السلام) الى عبد الله بن العباس و هو على البصرة:

بسم الله الرّحمن الرّحيم، من عبد الله علي أمير المؤمنين الى عبد الله بن العبّاس: سلام عليك و رحمة الله و بركاته، أما بعد فانّ مصر قد افتتحت و قد استشهد محمّد بن أبي بكر فعند الله عزّ و جلّ نحتسبه. و قد كنت كتبت الى الناس و تقدمت إليهم في بدء الأمر و أمرتهم بإغاثته قبل الوقعة و دعوتهم سرا و جهرا، و عودا و بدءا، فمنهم الآتي كارها و منهم المعتل

ص: 489

كاذبا، و منهم القاعد خاذلا.

أسأل الله تعالى أن يجعل لي منهم فرجا و مخرجا و أن يريحني منهم عاجلا، فو الله لو لا طمعي عند لقاء عدوّى في الشهادة و توطيني نفسي على المنيّة لأحببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا، عزم هؤلاء يوما واحدا، عزم الله لنا و لك على الرّشد و على تقواه و هداه أنّه على كلّ شيء قدير، و السلام.

فكتب إليه عبد الله بن عبّاس: بسم الله الرّحمن الرّحيم.

لعبد الله عليّ أمير المؤمنين من عبد الله بن عبّاس: سلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته، أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه افتتاح مصر و هلاك محمد بن أبي بكر و أنك سألت الله ربّك أن يجعل لك من رعيّتك التي ابتليت بها فرجا و مخرجا و أنا أسأل الله أن يعلى كلمتك، و أن يعينك بالملائكة عاجلا.

و اعلم أنّ الله صانع لك ذلك و معزّك و مجيب دعوتك و كابت عدوّك، و أخبرك يا أمير المؤمنين أنّ النّاس ربّما تباطئوا ثم نشطوا فارفق بهم يا أمير المؤمنين و دارهم و منهم و استعن بالله عليهم كفاك الله المهم و السلام.

164- عنه قال: و أخبرنى ابن أبى سيف أنّ عبد الله بن عبّاس قدم على على (علیه السلام) من البصرة فعزّاه بمحمد بن أبي بكر.

165- عنه عن مالك بن الجون الحضرمي أنّ عليا (علیه السلام) قال: رحم الله محمدا، كان غلاما حدثا، أما و الله لقد كنت أردت أن أولّي المرقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص مصر، و الله لو أنه وليها لما خلّى لعمرو بن العاص و أعوانه العرصة و لما قتل الا و سيفه في يده بلا ذمّ لمحمد بن أبي بكر فلقد أجهد نفسه و قضى ما عليه.

ص: 490

قال: فقيل لعلى(علیه السلام): لقد جزعت على محمّد بن أبي بكر جزعا شديدا يا أمير المؤمنين... قال: و ما يمنعني؟ أنه كان لي ربيبا و كان لبني أخا، و كنت له والدا أعده ولدا.

166- عنه عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه جندب قال: دخل عمرو بن الحمق و حجر بن عدی و حبّة العرني و الحارث الأعور و عبد الله بن سبا على أمير المؤمنين (علیه السلام) بعد ما افتتحت مصر و هو مغموم حزين فقالوا له: بيّن لنا ما قولك في أبى بكر و عمر؟ فقال لهم على (علیه السلام): و هل فرغتم لهذا؟ و هذه مصر قد افتتحت و شيعتي بها قد قتلت؟

أنا مخرج إليكم كتابا أخبركم فيه عما سألتم، و أسألكم أن تحفظوا من حق ما ضيعتم، فاقرءوه على شيعتي و كونوا على الحق أعوانا، و هذه نسخة الكتاب من عبد الله على أمير المؤمنين الى من قرأ كتابي هذا من المؤمنين و المسلمين:

السّلام عليكم، فانّى أحمد إليكم الله الذي لا إله الا هو.

أمّا بعد فانّ الله بعث محمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) نذيرا للعالمين و أمينا على التنزيل و شهيدا على هذه الأمة، و أنتم يا معشر العرب يومئذ على شرّ دين و في شرّ دار منيخون على حجارة خشن و حيّات صم، و شوك مبثوث في البلاد، تشربون الماء الخبيث، و تأكلون الطعام الجشيب.

و تسفكون دماءكم و تقتلون أولادكم و تقطعون أرحامكم و تأكلون أموالكم بينكم بالباطل، سبلكم خائفة، و الأصنام فيكم منصوبة، و الآثام بكم معصوبة و لا يؤمن أكثرهم بالله الا و هم مشركون فمن الله عليكم بمحمد (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فبعثه إليكم رسولا من أنفسكم، و قال فيما أنزل من كتابه:

ص: 491

«هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَ إِنْ كَانُوا من قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ»، و قال: «لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ من أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيم» و قال: «لَقَدْ من الله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا من أَنفُسِهِمْ»، و قال:

«ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَ الله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيم». فكان الرسول إليكم من أنفسكم بلسانكم، و كنتم أوّل المؤمنين تعرفون وجهه و شیعته و عمارته، فعلّمكم الكتاب و الحكمة و الفرائض و السنّة، و أمركم بصلة أرحامكم و حقن دمائكم، و صلاح ذات البين، و «أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلى أَهْلِها»، و أن توفوا بالعهد و لا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها.

و أمركم أن تعاطفوا و تباروا و تباذلوا و تراحموا و نهاكم عن التناهب و التظالم و التحاسد و التقاذف و التباغي، و عن شرب الخمر و بخس المكيال و نقص الميزان و تقدّم إليكم فيما أنزل عليكم ألّا تزنوا، و لا تربوا و لا تأكلوا أموال اليتامى ظلما و أن تؤدّوا الأمانات الى أهلها «وَ لا تَعْتَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ».

«وَ لا تَعْتَدُوا إِنَّ الله لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ»، و كلّ خير يدنى الى الجنة و يباعد من النار أمركم به، و كلّ شرّ يباعد من الجنة و يدنى من النار نهاكم عنه.

فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله إليه سعيدا حميدا، فيا لها مصيبة خصت الأقربين و عمت جميع المسلمين ما أصيبوا بمثلها قبلها، و لن يعاينوا بعد أختها.

فلما مضى لسبيله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) لا تنازع المسلمون الأمر بعده، فو الله ما كان

ص: 492

يلقى في روعي، و لا يخطر على بالي أنّ العرب تعدل هذا الأمر بعد محمّد صلى الله عليه و آله عن أهل بيته و لا أنهم منحوه عني من بعده، فما راعني الا انثيال النّاس على أبي بكر و إجفالهم إليه ليبايعوه، فأمسكت يدي و رأيت أنّي أحق بمقام رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) في النّاس ممن تولى الأمر من بعده فلبثت بذاك ما شاء الله.

حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الإسلام يدعون الى محق دين الله و ملة محمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم) و إبراهيم (علیه السلام) فخشيت ان لم أنصر الإسلام و مال أهله أن أرى فيه ثلما و هدما يكون مصيبته أعظم علي من فوات ولاية أموركم التي انما هي متاع أيام قلائل.

ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب و كما يتقشع السحاب، فمشيت عند ذلك الى أبي بكر فبايعته و نهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل و زهق و كانت «كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيا»؛ «وَ لَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».

فتولّى أبو بكر تلك الأمور فيسّر و شدّد و قارب و اقتصد، فصحبته مناصحا و أطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا، و ما طمعت ان لو حدث به حدث و أنا حتى أن يردّ الى الأمر الذي نازعته فيه طمع مستيقن و لا يئست منه يأس من لا يرجوه و لو لا خاصة ما كان بينه و بين عمر لظننت أنه لا يدفعها عنّي، فلما احتضر بعث الى عمر.

فولاه فسمعنا و أطعنا و ناصحنا و تولّى عمر الأمر و كان مرضيّ السيرة ميمون النقيبة حتى إذا احتضر قلت في نفسي: لن يعدلها عني فجعلني سادس سنّة فما كانوا لولاية أحد أشدّ كراهية منهم لولايتي عليهم، فكانوا يسمعوني عند وفاة الرسول(صلی اللّه علیه و آله و سلم) أحاج أبا بكر و أقول:

يا معشر قريش أنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا من

ص: 493

يقرأ القرآن و يعرف السنّة و يدين دين الحق فخشي القوم ان أنا وليت عليهم أن لا يكون لهم في الأمر نصيب ما بقوا، فأجمعوا إجماعا واحدا، فصرفوا الولاية الى عثمان و أخرجوني منها رجاء أن ينالوها و يتداولوها إذ يئسوا أن ينالوا من قبلي.

ثم قالوا: هلم فبايع و الا جاهدناك، فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا، فقال قائلهم يا ابن أبي طالب انك على هذا الأمر لحريص فقلت: أنتم أحرص مني و أبعد أ أنا أحرص إذا طلبت تراثي و حقي الذي جعلني الله و رسوله أولى به؟ أم أنتم إذ تضربون وجهي دونه؟ و تحولون بيني و بينه؟! فبهتوا و الله لا يهدى القوم الظالمين.

اللّهمّ انّى أستعديك على قريش فانّهم قطعوا رحمي، و أصغوا إنائي، و صغّروا عظيم منزلتي، و أجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه، ثم قالوا: ألا ان في الحق أن تأخذه و في الحق أن تمنعه، فاصبر كمدا متوخما أو مت متأسفا حنقا فنظرت.

فإذا ليس معي رافد و لا ذاب و لا مساعد الا أهل بيتي فضننت بهم عن الهلاك فأغضيت على القذى و تجرّعت ريقي على الشجي، و صبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم و آلم للقلب من حزّ الشّفار.

حتى إذا نقمتم على عثمان أتيتموه فقتلتموه ثم جئتموني لتبايعوني فأبيت عليكم و أمسكت يدي فنازعتموني و دافعتموني، و بسطتم يدي فكففتها و مددتم يدي فقبضتها و ازدحمتم علي حتى ظننت أن بعضكم قاتل بعض أو أنكم، قاتلي فقلتم: بايعنا لا نجد غيرك و لا نرضى الا بك، فبايعنا لا نفترق و لا تختلف كلمتنا، فبايعتكم و دعوت الناس الى بيعتي.

فمن بايع طائعا قبلته منه، و من أبى لم أكرهه و تركته فبايعني فيمن

ص: 494

بايعني طلحة و الزبير و لو أبيا ما أكرهتهما كما لم اكره غيرهما، فما لبثنا الا يسيرا حتى بلغني أن خرجا من مكة متوجّهين الى البصرة في جيش ما منهم رجل الا بايعني و أعطاني الطاعة.

فقدما على عاملي و خزّان بيت مالي و على أهل مصر كلّهم على بيعتي و في طاعتي فشتتوا كلمتهم و أفسدوا جماعتهم، ثم وثبوا على شيعتي من المسلمين فقتلوا طائفة منهم غدرا، و طائفة صبرا و طائفة عصّبوا بأسيافهم فضاربوا بها حتى لقوا الله صادقين.

فو الله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين لقتله بلا جرم جرّه لحلّ لي به قتل ذلك الجيش كله فدع ما أنّهم قد قتلوا من المسلمين أكثر من العدّة التي دخلوا بها عليهم و قد أدال الله منهم «فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ».

ثم اني نظرت في أهل الشام فإذا أعراب أحزاب و أهل طمع جفاة طغام يجتمعون من كلّ أوب و من كان ينبغي ان يؤدب و يدرّب أو يولّى عليه و يؤخذ على يديه، ليسوا من المهاجرين و لا الأنصار، و لا التابعين بإحسان، فسرت إليهم فدعوتهم الى الطاعة و الجماعة.

فأبوا الا شقاقا و نفاقا و نهوضا في وجوه المسلمين ينضحونهم بالنبل و يشجرونهم بالرماح، فهناك نهدت إليهم بالمسلمين فقاتلتهم فلما عظهم السلاح و وجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف يدعونكم الى ما فيها، فأنبأتكم أنهم ليسوا بأصحاب دين و لا قرآن، و أنهم رفعوها غدرا و مكيدة و خديعة و وهنا و ضعفا، فامضوا على حقكم و قتالكم.

فأبيتم علي و قلتم اقبل منهم فان أجابوا الى ما في الكتاب جامعونا على ما نحن عليه من الحق، و ان أبوا كان أعظم لحجتنا عليهم، فقبلت منكم

ص: 495

و كففت عنهم إذ أبيتم و ونيتم، و كان الصلح بينكم و بينهم على رجلين يحييان ما أحيا القرآن و يميتان ما أمات القرآن

فاختلف رأيهما و تفرّق حكمهما و نبذا ما في القرآن و خالفا ما في الكتاب فجنّبها الله السداد و دلاهما في الضّلال فنبذا حكمها و كانا أهله، فانخزلت فرقة منّا فتركناهم ما تركونا حتى إذا عتوا في الأرض يقتلون و يفسدون أتيناهم فقلنا:

ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ثم كتاب الله بيننا و بينكم، قالوا: كلنا قتلهم، و كلنا استحلّ دماءهم و دماءكم، و شدّت علينا خيلهم و رجالهم فصرعهم الله مصرع الظالمين. فلما كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك الى عدوّكم فقلتم:

کلّت سيوفنا و نفدت نبالنا و نصلت أسنّة رماحنا، و عاد أكثرها قصدا فارجع بنا الى مصرنا لنستعد بأحسن عدتنا، و إذا رجعت زدت في مقاتلتنا عدة هلك منّا و فارقنا فانّ ذلك أقوى لنا على عدوّنا فأقبلت بكم حتى إذا أطللتم على الكوفة أمرتكم أن تنزلوا بالنّخيلة، و أن تلزموا معسكركم، و أن تضمّوا قواضبكم.

و أن توطنوا على الجهاد أنفسكم، و لا تكثروا زيارة أبنائكم و نسائكم، فانّ أصحاب الحرب المصابروها، و أهل التشمير فيها الذين لا ينوحون من سهر ليلهم و لا ظمأ نهارهم و لا خمص بطونهم و لا نصب أبدانهم، فنزلت طائفة منكم معي معذرة و دخلت طائفة منكم المصر عاصية.

فلا من بقي منكم ثبت و صبر، و لا من دخل المصر عاد الى و رجع فنظرت الى معسكري و ليس فيه خمسون رجلا، فلما رأيت ما أتيتم دخلت

ص: 496

إليكم فما قدرت على أن تخرجوا معي الى يومنا هذا.

فما تنتظرون؟ أما ترون الى أطرافكم قد انتقصت، و إلى أمصاركم قد افتتحت، و الى شيعتي بها بعد قد قتلت، و الى مسالحكم تعرى، و الى بلادكم تغزى و أنتم ذوو عدد كثير و شوكة و بأس شديد فما بالكم؟ لله أنتم من أين تؤتون؟ و ما لكم أنّى تؤفكون؟! و أنّى تسحرون؟! و لو أنكم عزمتم و أجمعتم لم تراموا ألا أنّ القوم قد اجتمعوا و تناشبوا.

و تناصحوا و أنتم قد ونيتم و تغاششتم و افترقتم ما أنتم ان أتممتم عندي على ذي سعداء فأنبهوا نائمكم و اجتمعوا على حقكم و تجردوا لحرب عدوّكم، قد بدت الرغوة عن الصريح و قد بين الصبح لذي عينين انما تقاتلون الطلقاء و أبناء الطلقاء، و أولى الجفاء و من أسلم كرها.

و كان لرسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) أنف الإسلام كله حربا أعداء الله و السنّة و القرآن و أهل البدع و الأحداث و من كانت بوائقه تتق و كان على الإسلام و أهله مخوفا و أكلة الرّشا و عبدة الدنيا، لقد انهي إلي أنّ ابن النابغة لم يبايع حتى أعطاه ثمنا و شرط أن يؤتيه أتيّة هي أعظم مما في يده من سلطانه.

ألا صفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، و خزيت أمانة هذا المشترى نصرة فاسق غادر بأموال المسلمين و انّ فيهم لمن قد شرب فيكم الخمر و جلد الحدّ في الإسلام، يعرف بالفساد في الدين و الفعل السّيّئ، و انّ فيهم لمن لم يسلم حتى رضخ له على الإسلام رضيخة.

فهؤلاء قادة القوم و من تركت ذكر مساويه من قادتهم مثل من ذكرت منهم بل هو شرّ منهم و هؤلاء الذين ذكرت لو ولّوا عليكم لأظهروا فيكم الفساد و الكبر و الفجور و التسلّط بالجبرية و الفساد في

ص: 497

الأرض، و اتبعوا الهوى و حكموا بغير الحق، و لأنتم على ما كان فيكم من تواكل و تخاذل خير منهم و أهدى سبيلا.

فيكم العلماء و الفقهاء و النجباء و الحكماء، و حملة الكتاب، و المتهجدون بالأسحار و عمار المساجد بتلاوة القرآن أفلا تسخطون و تهتمون أن ينازعكم الولاية عليكم سفهاؤكم، و الأشرار الأراذل منكم.

فاسمعوا قولي-هداكم الله- إذا قلت و أطيعوا أمري إذا أمرت فو الله لئن أطعتموني لا تغوون و أن عصيتموني لا ترشدون، خذوا للحرب أهبتها و أعدوا لها عدتها، و أجمعوا اليها فقد شبّت و أوقدت نارها و علا شنارها و تجرّد لكم فيها الفاسقون كي يعذبوا عباد الله، و يطفئوا نور الله.

ألا أنّه ليس أولياء الشيطان من أهل الطمع و الجفاء و الكبر بأولى بالجد في غيّهم و ضلالهم و باطلهم من أولياء الله، من أهل البر و الزهادة و الإخبات في حقهم و طاعة ربهم و مناصحة إمامهم، انّي و الله لو لقيتهم فردا و هم ملء الأرض ما باليت و لا استوحشت، و انّى من ضلالتهم التي هم فيها و الهدى الّذي نحن عليه لعلى ثقة و بيّنة و يقين و صبر، و انّى الى لقاء ربي لمشتاق و لحسن ثواب ربّي لمنتظر، و لكن أسفا يعتريني، و حزنا يخامرني من أن يلي أمر هذه الأمة سفهاؤها و فجارها فيتخذوا مال الله دولا و عباد الله خولا و الصالحين حربا و الفاسقين حزبا.

و أيم الله لو لا ذلك ما أكثرت تأنيبكم و تأليبكم و تحريضكم و لتركتكم إذ ونيتم و أبيتم حتى ألقاهم بنفسي متى حم لي لقاؤهم، فو الله اني لعلى الحق، و انّي للشهادة لمحبّ، «فانْفِرُوا خِفافاً وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ الله ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» و لا تثاقلوا الى الأرض فتقرّوا بالخسف و تبوءوا بالذل.

ص: 498

و يكن نصيبكم الأخسر أن أخا الحرب اليقظان الأرق، و من نام لم ینم عنه، و من ضعف أودى، و من ترك الجهاد في الله كان كالمغبون المهين.

اللهم اجمعنا و إيّاهم على الهدى و زهدنا و إياهم في الدنيا، و اجعل الآخرة خيرا لنا و لهم من الاولى و السلام.

167- عنه عن بكر بن عيسى قال: لما قتل محمد بن أبي بكر و ظهر معاوية على مصر قوي أمره و كثرت أمواله، و ازداد أصحاب علي (علیه السلام) تفرّقا عليه و كراهية للقتال، و كان عامل مصر قيس بن سعد بن عبادة عزله علي و بعث الأشتر- رحمه الله- اليها و قد كان له قبل أن يشخصه الى مصر غارات بالجزيرة.

و ذلك أن معاوية بعث الضّحاك بن قيس على ما في سلطانه أرض الجزيرة و كان فى يديه حرّان و الرّقة و الرهاء و قرقيسياء، و كان من كان بالكوفة و البصرة من العثمانية قد هربوا فنزلوا الجزيرة في سلطان معاوية فبلغ الأشتر فسار يريد الضّحاك بحران، فلما بلغ ذلك الضحاك بعث الى أهل الرّقة و استمدّهم فأمدوه و كان جلّ من بها عثمانية أتوها هرابا من على (علیه السلام) فجاءوا و عليهم سماك بن مخرمة الأسدي.

فأمره أهل الرّقة فعسكروا جميعا بمرج مرينا بين حران و الرقة و أقبل الأشتر إليهم فاقتتلوا قتالا شديدا.

و بنو أسد يومئذ يقاتلون بنية و بصيرة و فشت فيهم الجراحات حتى كان عند المساء و سرع الأشتر فيهم فلما حجز بينهم الليل سار الضحاك من ليلته حتى نزل حرّان فلما أصبح الأشتر تبعهم فنزل عليهم فحاصرهم بحران فأتى الصّريخ معاوية فدعا عبد الرحمن بن خالد عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأمره بالمسير إليهم فلما بلغ ذلك الأشتر كتب كتائبه و عبّأ جنوده و خيله ثم

ص: 499

ناداهم:

ألا انّ الحيّ عزيز، ألا أنّ الذّمار منيع، ألا تنزلون أنها الثعالب الرواغة الجحر الجحر يا معاشر الضباب فنادوا يا عباد الله أقيموا قليلا علمتم و الله أن قد أتيتم.

ثم مضى حتى مرّ بالرّقة فتحصنوا منه، ثم مضى حتى مرّ على أهل قرقيسياء، فتحصنوا و انصرف فبلغ عبد الرحمن بن خالد منصرفه فأقام فلما كان بعد ذلك كاتب أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي معاوية فذكر بلاء قومه يوم مرج مرينا فقال في ذلك:

من مبلغ عني ابن حرب رسالة*** من عاتبين مساعر أنجاد

منيتهم ان آثروك مثوبة*** فر شدت إذ لم توف بالميعاد

أنسيت إذ في كلّ يوم غارة*** في كل ناحية كرجل جراد

غارات أشتر في الخيول يريدكم*** بمعرة و مضرة و فساد

وضع المسالح مرصدا لهلاككم*** ما بين عانات الى سنداد

و حوى رساتيق الجزيرة كلّها*** غصبا بكلّ طمرة و جواد

لما رأى نيران قومي أوقدت*** و أبو أنيس فاتر الإيقاد

أمضى إلينا خيله و رجاله*** و أغذ لا يجري لأمر رشاد

ثرنا إليهم عند ذلك بالقنا*** و بكل أبيض كالعقيقة صاد

في مرج مرينا ألم تسمع بنا*** نبغي الامام به و فيه نعادي

لو لا مقام عشيرتي و طعانهم*** و جلادهم بالمرج أي جلاد

لأتاك أشتر مذحج لا ينثني*** بالجيش ذا حنق عليك و آد

168- عنه عن سليم: لما قتل محمّد بن أبي بكر أتيت عليا (علیه السلام) فعزّيته و حدثته بحديث حدثنيه محمّد بن أبى بكر فقال على (علیه السلام): صدق محمد- رحمه

ص: 500

الله- انّه حي يرزق.

169- عنه قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سيف أنّ محمّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أصيب لما فتح عمرو بن العاص مصر فبعث به الى معاوية بن أبي سفيان و هو يومئذ بفلسطين، فحبسه معاوية في سجن له فمكث فيه غير كثيرا ثم أنّه هرب و كان ابن خال- معاوية فأرى معاوية النّاس أنه كره انفلاته من السجن فقال لأهل الشّام:

من يطلبه؟ و قد كان معاوية فيما يرون يحبّ أن ينجو.

فقال رجل من خثعم يقال له: عبيد الله بن عمرو بن ظلام و كان شجاعا و كان عثمانيا: أنا أطلبه، فخرج في خيله فلحقه بحوارين و قد دخل في غار هناك فجاءت حمر تدخله و قد أصابها المطر، فلما رأت الرّجل في الغار فزعت منه فنفرت فقال حمارون كانوا قريبا من الغار

و الله ان لنفر هذه الحمر من الغار لشأنا ما نفّرها من هذا الغار الا أمر فذهبوا ينظرون فاذاهم به فخرجوا، فوافاهم عبيد الله بن عمرو بن ظلام فسألهم عنه و وصفه لهم، فقالوا له: ها هو ذا في الغار، فجاء حتى استخرجه و كره أن يحمله الى معاوية فيخلي سبيله، فضرب عنقه.

170- قال الرضى فمن عهد له (علیه السلام) إلى محمد بن أبي بكر حين قلده مصر:

فاخفض لهم جناحك و ألن لهم جانبك و ابسط لهم وجهك و آس بينهم في اللحظة و النظرة حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم و لا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم فإن الله تعالى يسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم و الكبيرة و الظاهرة و المستورة فإن يعذب فأنتم أظلم و إن يعف فهو أكرم.

ص: 501

و اعلموا عباد الله أن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا و أجل الآخرة فشاركوا أهل الدنيا في دنياهم و لم يشاركوا أهل الدنيا في آخرتهم سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت و أكلوها بأفضل ما أكلت فحظوا من الدنيا بما حظي به المترفون و أخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ و المتجر الرابح أصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم و تيقنوا أنهم جيران الله غدا في آخرتهم.

لا ترد لهم دعوة و لا ينقص لهم نصيب من لذة فاحذروا عباد الله الموت و قربه و أعدوا له عدته فإنه يأتى بأمر عظيم و خطب جليل بخير لا يكون معه شر أبدا أو شر لا يكون معه خير أبدا فمن أقرب إلى الجنة من عاملها و من أقرب إلى النار من عاملها و أنتم طرداء الموت إن أقمتم له أخذكم و إن فررتم منه أدرككم و هو ألزم لكم من ظلكم.

الموت معقود بنواصيكم و الدنيا تطوى من خلفكم فاحذروا نارا قعرها بعيد و حرها شدید و عذابها جدید دار ليس فيها رحمة و لا تسمع فيها دعوة و لا تفرج فيها كربة و إن استطعتم أن يشتد خوفكم من الله و أن يحسن ظنكم به فاجمعوا بينهما فإن العبد إنما يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه و إن أحسن الناس ظنا بالله أشدهم خوفا لله.

و اعلم يا محمد بن أبي بكر أني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي أهل مصر فأنت محقوق أن تخالف على نفسك و أن تنافح عن دينك و لو لم يكن لك إلا ساعة من الدهر و لا تسخط الله برضا أحد من خلقه فإن في الله خلفا من غيره و ليس من الله خلف في غيره صل الصلاة لوقتها المؤقت لها و لا تعجل وقتها لفراغ و لا تؤخرها عن وقتها لاشتغال و اعلم أن كل عملك شيء من تبع لصلاتك.

ص: 502

فإنه لا سواء إمام الهدى و إمام الردى و ولي النبي و عدو النبي و لقد قال لي رسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) إني لا أخاف على أمتي مؤمنا و لا مشركا أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه و أما المشرك فيقمعه الله بشركه و لكني أخاف عليكم كل منافق الجنان عالم اللسان يقول ما تعرفون و يفعل ما تنكرون.

171- عنه و من كتاب له (علیه السلام) إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر عن مصر، ثم توفي الأشتر في توجهه إلى هناك قبل وصوله إليها:

أما بعد فقد بلغني موجدتك من تسريح الأشتر إلى عملك و إني لم أفعل ذلك استبطاء لك في الجهد و لا ازديادا لك في الجد و لو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليتك ما هو أيسر عليك مئونة و أعجب إليك ولاية.

إن الرجل الذي كنت وليته أمر مصر كان رجلا لنا ناصحا و على عدونا شديدا ناقما فرحمه الله فلقد استكمل أيامه و لاقى حمامه و نحن عنه راضون أولاه الله رضوانه و ضاعف الثواب له فأصحر لعدوك و امض على بصيرتك و شمر لحرب من حاربك و «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ» و أكثر الاستعانة بالله يكفك ما أهمك و يعنك على ما ينزل بك إن شاء الله.

172- عنه و من كتاب له (علیه السلام) إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر:

أما بعد فإن مصر قد افتتحت و محمد بن أبي بكر قد استشهد فعند الله نحتسبه ولدا ناصحا و عاملا كادحا و سیفا قاطعا و ركنا دافعا و قد كنت حثثت الناس على الحاقه و أمرتهم بغياثه قبل الوقعة و دعوتهم سرا و جهرا و عودا و بدءا.

ص: 503

فمنهم الآتي كارها و منهم المعتل كاذبا و منهم القاعد خاذلا أسأل الله تعالى أن يجعل لي منهم فرجا عاجلا فوالله لو لا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة و توطيني نفسي على المنية لأحببت ألا ألقى مع هؤلاء يوما واحدا و لا ألتقي بهم أبدا.

173- الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه أن ابن غزيّة الأنصاري ثم النجاري قدم على علي بن أبي طالب (علیه السلام) من مصر، و قدم عليه عبد الرحمن بن شبيب الفزاري من الشام، و كان عيناً لعلي بن أبى طالب (علیه السلام) بها، فأما الأنصارى فكان مع محمد بن أبي بكر.

فحدثه ما رأى و عاين من قتل محمد بن ابى بكر و حدثه الفزاري انه لم يخرج من الشام حتى قدمت الرسل و البشرى من قبل عمر و ابن العاص تترى، يتبع بعضها بعضاً بفتح مصر و قتل محمد بن أبي بكر حتى أذن معاوية بقتله على المنبر و قال ما رأيت يا أمير المؤمنين سرور قوم قط أظهر من سرور رأيته بالشام حين أتاهم قتل محمد بن أبي بكر.

فقال له على (علیه السلام) حزننا على قتله على قدر سرورهم بقتله، لا بل يزيد أضعافاً، و حزن على قتله حزناً شديداً، حتى رئي في وجهه، و تبيّن فيه، و قام على المنبر، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

ألا ان مصر قد افتتحت ألا و ان محمد بن أبي بكر اصيب و عند الله نحتسبه، أما و الله ان كان ممن ينتظر القضاء، و يعمل للجزاء و يبغض شكل الفاجر، و يحب هدي المؤمنين اني و الله لا ألوم نفسى في تقصير، و لا عجز، اني بمقاساة الحرب الجد خبير، و اني لأتقدم فى الأمر فأعرف وجه الحزم.

فأقوم فيكم بالرأى المصيب معلنا و أناديكم نداء المستغيث فلا تسمعون لي قولا و لا تطيعون لي أمراً حتى تصير بي الأمور الى عواقب

ص: 504

الفساد، و أنتم لا تدرك بكم الأوتار، و لا يشفى بكم الغل.

دعوتكم إلى غياث إخوانكم منذ بضع و خمسين ليلة فجرجرتم جرجرة الجمل الأشر و تثاقلتم إلى الأرض تثاقل من ليس له نية في الجهاد العدو لا احتساب الأجر ثم خرج منكم جنيد ضعيف كأنما يساقون إلى الموت و هم ينظرون فأف لكم ثم نزل فدخل رحله.

174- قال الطبري: حدثنا عبد الله، عن يونس، عن الزهري، قال: لما حدث قيس بن سعد بمجيء محمد بن ابى بكر، و انه قادم عليه أميرا تلقاه و خلا به و ناجاه، فقال: انك جئت من عند أمرئ لا راى له و ليس عزلكم إياي بمانعي ان انصح لكم و انا من أمركم هذا على بصيرة.

و انى في ذلك على الذي كنت اكايد به معاوية و عمرا و أهل خربتا فكايدهم به، فإنك ان تكايدهم بغيره تهلك و وصف قيس ابن سعد المكايدة التي كان يكايدهم بها، و اغتشه محمد بن ابى بكر، و خالف كل شيء أمره به فلما قدم محمد بن ابی بکر و خرج قيس قبل المدينة بعث محمد أهل مصر الى خربتا، فاقتتلوا.

فهزم محمد بن ابى بكر، فبلغ ذلك معاوية و عمرا، فسارا باهل الشام حتى افتتحا مصر، و قتلا محمد بن ابى بكر، و لم تزل في حيز معاوية، حتى ظهر و قدم قيس بن سعد المدينة، فاخافه مروان و الأسود بن ابى البختري، حتى إذا خاف ان يؤخذ او يقتل ركب راحلته، و ظهر الى علي (علیه السلام).

فكتب معاوية الى مروان و الأسود يتغيظ عليهما و يقول: امددتما عليا بقيس بن سعد و رایه و مكايدته، فو الله لو انكما امددتماه بمائة الف مقاتل ما كان باغيظ الى من اخراجكما قيس بن سعد الى على.

فقدم قيس بن سعد على على فلما بانه الحديث، و جاءهم قتل محمد

ص: 505

بن ابى بكر، عرف ان قيس بن سعد كان يوازى أمورا عظاما من المكايدة و ان من كان يشير عليه بعزل قيس بن سعد لم ينصح له.

175- عنه عن يزيد بن ظبيان الهمداني قال: و لما قتل أهل خربتا ابن مضاهم الكلبى الذى وجهه إليهم محمد بن ابى بكر، خرج معاوية بن حديج الكندى ثم السكوني، فدعا الى الطلب بدم عثمان، فأجابه ناس آخرون، و فسدت مصر على محمد بن ابى بكر، فبلغ عليا و ثوب أهل مصر على محمد بن ابی بکر و اعتمادهم اياه.

فقال: ما لمصر الا احد الرجلين صاحبنا الذى عزلناه عنها- يعنى قيسا- او مالك بن الحارث- يعنى الاشتر قال: و كان على حين انصرف من صفين رد الاشتر على عمله بالجزيرة، و قد كان قال لقيس بن سعد: أقم معى على شرطى حتى نفرغ من أمر هذه الحكومة.

ثم اخرج الى اذربيجان فان قيسا مقيم مع على على شرطته فلما انقضى أمر الحكومة كتب على الى مالك بن الحارث الاشتر، و هو يومئذ بنصيبين: أمّا بعد، فإنك ممن استظهرته على اقامه الدین واقع به نخوة الأثيم، و أشد به الثغر المخوف و كنت وليت محمد بن ابى بكر مصر.

فخرجت عليه بها خوارج، و هو غلام حدث ليس بذى تجربة للحرب، و لا بمجرب للأشياء، فاقدم على لننظر في ذلك فيما ينبغي، و استخلف على عملك أهل الثقه و النصيحة من أصحابك و السلام.

فاقبل مالك الى على حتى دخل عليه، فحدثه حديث أهل مصر، و خبره خبر أهلها، و قال: ليس لها غيرك، اخرج رحمك الله؛ فاني ان لم اوصك اكتفيت برأيك و استعن بالله على ما أهمك فاخلط الشدة باللين و ارفق ما كان الرفق ابلغ و اعتزم بالشدة حين لا يغنى عنك الا الشدة.

ص: 506

قال: فخرج الاشتر من عند على فاتى رحله، فتهيأ للخروج الى مصر، و أتت معاوية عيونه فاخبروه بولاية على الاشتر، فعظم ذلك عليه و قد كان طمع في مصر، فعلم ان الاشتر ان قدمها كان أشد عليه من محمد ابن ابي بكر.

فبعث معاوية الى الجايستار- رجل من أهل الخراج- فقال له: ان الاشتر قد ولى مصر، فان أنت كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت، فاحتل له بما قدرت عليه فخرج الجايستار حتى اتى القلزم و اقام به، و خرج الاشتر من العراق الى مصر.

فلما انتهى الى القلزم استقبله الجايستار فقال: هذا منزل و هذا طعام و علف، و انا رجل من أهل الخراج فنزل به الاشتر، فأتاه الدهقان بعلف و طعام، حتى إذا طعم أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما فسقاه اياه فلما شربها مات و اقبل معاوية يقول لأهل الشام:

ان عليا وجه الاشتر الى مصر، فادعوا الله ان يكفيكموه قال فكانوا كل يوم يدعون الله على الاشتر و اقبل الذى سقاه الى معاوية فاخبره بمهلك الاشتر، فقام معاوية في الناس خطيبا، فحمد الله و اثنى عليه و قال: اما بعد فانه كانت لعلى بن ابى طالب يدان، يمينان قطعت إحداهما يوم صفين- یعنی عمار بن ياسر- و قطعت الاخرى اليوم- يعنى الاشتر.

176- عنه قال ابو مخنف حدثنى فضيل بن خديج، عن مولى للأشتر قال: لما هلك الاشتر وجدنا في ثقله رسالة على الى أهل مصر:

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله على امير المؤمنين الى أمه المسلمين الذين غضبوا الله حين عصى في الارض و ضرب الجور بارواقه على البر و الفاجر، فلا حق يستراح إليه، و لا منكر يتناهى عنه سلام

ص: 507

عليكم، فاني احمد الله إليكم الذى لا اله الا هو.

اما بعد فقد بعثت إليكم عبدا من عبيد الله لا ينام ايام الخوف و لا ينكل عن الأعادي حذار الدوائر أشد على الكفار من حريق النار، و هو مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا، فانه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة، و لا كليل الحد.

فان أمركم ان تقدموا فاقدموا، و ان أمركم ان تنفروا فانفروا، فانه لا يقدم و لا يحجم الا بأمري و قد آثرتكم به على نفسي لنصحه لكم و شدة شكيمته على عدوكم، عصمكم الله بالهدى و ثبتكم على اليقين و السلام.

قال: و لما بلغ محمد بن ابى بكر ان عليا قد بعث الاشتر شق عليه، فكتب على الى محمد بن ابى بكر عند مهلك الاشتر، و ذلك حين بلغه موجدة محمد بن ابى بكر لقدوم الاشتر عليه

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله على امير المؤمنين الى محمد بن ابى بكر، سلام عليك، أما بعد، فقد بلغنى موجدتك من تسريحى الاشتر الى عملك، و انى لم افعل ذلك استبطاء لك في الجهاد، و لا ازديادا منى لك في الجد، و لو نزعت ما تحت يدك من سلطانك لوليتك ما سلطانك لوليتك ما هو ايسر عليك في المئونة، واعجب إليك ولاية منه.

ان الرجل الذى كنت وليته مصر كان لنا نصيحا، و على عدونا شدیدا، و قد استكمل ایامه، و لاقی حمامه و نحن عنه راضون فرضى الله و ضاعف له الثواب و احسن له المآب اصبر لعدوك، و شمر للحرب، و ادع الى سبيل ربك بالحكمة و الموعظه الحسنة.

و اكثر ذكر الله و الاستعانة به و الخوف منه، يكفك ما أهمك و يعنك على ما ولاك، أعاننا الله و إياك على ما لا ينال الا برحمته و السلام

ص: 508

عليك.

فكتب إليه محمد بن ابی بکر جواب كتابه:

بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله على امير المؤمنين من محمد بن ابى بكر، سلام عليك، فاني احمد الله إليك الذى لا اله غيره، أما بعد فانى قد انتهى الى كتاب امير المؤمنين، ففهمته و عرفت ما فيه و ليس احد من الناس بارضى منى برأى امير المؤمنين و لا اجهد على عدوه، و لا اراف بوليه منی، و قد خرجت فعسکرت و امنت الناس الا من نصب لنا حرباء و اظهر لنا خلافا و انا متبع أمر امير المؤمنين و حافظه، و ملتجئ إليه، و قائم به و الله المستعان على كل حال، و السلام عليك.

177- عنه قال ابو مخنف: حدثني أبو جهضم الأزدي- رجل من أهل الشام- عن عبد الله بن حوالة الأزدي ان أهل الشام لما انصرفوا من صفين كانوا ينتظرون ما ياتى به الحكمان فلما انصرفا و تفرقا بايع أهل الشام معاوية بالخلافة، و لم يزدد الاقوة و اختلف الناس بالعراق على على.

فما كان لمعاوية هم الا مصر، و كان لأهلها هائبا خائفا لقربهم منه، و شدتهم على من كان على راى عثمان و قد كان على ذلك علم أن بها قوما قد ساءهم قتل عثمان و خالفوا عليا و كان معاوية يرجو ان يكون إذا ظهر عليها ظهر على حرب على لعظم خراجها قال:

فدعا معاوية من كان معه من قريش عمرو بن العاص و حبيب بن مسلمة و بسر بن ابي ارطاة و الضحاك بن قيس و عبد الرحمن بن خالد بن الوليد و من غيرهم أبا الأعور عمرو بن سفيان السلمي و حمزة بن مالك الهمدانی و شرحبيل بن السمط الكندى.

فقال لهم: أتدرون لم دعوتكم؟ انى قد دعوتكم لامر مهم أحب ان

ص: 509

يكون الله قد اعان عليه فقال القوم كلهم- او من قال منهم: ان الله لم يطلع على الغيب أحدا، و ما يدرينا ما تريد فقال عمرو بن العاص:

ارى و الله أمر هذه البلاد الكثير خراجها و الكثير عددها و عدد أهلها أهمك أمرها.

فدعوتنا إذا لتسالنا عن رأينا فى ذلك، فان كنت لذلك دعوتنا و له جمعتنا، فاعزم و اقدم و نعم الرأي رايت ففى افتتاحها عزك و عز أصحابك، و كبت عدوك، و ذل أهل الخلاف عليك قال له معاوية مجيبا: أهمك يا بن العاص ما أهمك.

و ذلك لان عمرو بن العاص كان صالح معاوية حين بايعه على قتال على بن ابى طالب على ان له مصر طعمة ما بقى- فاقبل معاوية على أصحابه فقال: ان هذا يعنى عمرا- قد ظن ثم حقق ظنه قالوا له: لكنا لا ندري، قال معاوية: فان أبا عبد الله قد أصاب، قال عمرو: و انا ابو عبد الله، قال: ان افضل الظنون ما اشبه اليقين.

ثم ان معاوية حمد الله و اثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فقد رايتم كيف صنع الله بكم في حربكم عدوكم، جاء وكم و هم لا يرون الا انهم سيقيضون بيضتكم و يخربون بلادكم ما كانوا يرون الا انكم في ايديهم، فردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا مما أحبوا، و حاكمناهم الى الله، فحكم لنا عليهم.

ثم جمع لنا كلمتنا، و اصلح ذات بيننا، و جعلهم أعداء متفرقين يشهد بعضهم على بعض بالكفر، و يسفك بعضهم دم بعض و الله انى لأرجو ان يتم لنا هذا الأمر، و قد رايت ان نحاول أهل مصر، فكيف ترون ارتياءنا لها! فقال عمرو: قد اخبرتك عما سألتني عنه، و قد اشرت عليك بما سمعت

فقال معاوية: ان عمرا قد عزم و صرم و لم يفسر، فكيف لي ان

ص: 510

اصنع قال له عمرو: فانى أشير عليك كيف تصنع ارى ان تبعث جيشا كثيفا، عليهم رجل حازم صارم تامنه و تثق به، فيأتي مصر حتى يدخلها فانه سيأتيه من كان من أهلها على رأينا فيظاهره على من بها من عدونا.

فإذا اجتمع بها جندك و من بها من شيعتك على من بها من أهل حربك، رجوت أن يعين الله بنصرك و يظهر فلجك قال له معاوية:

هل عندك شيء دون هذا يعمل به فيما بيننا و بينهم؟ قال: ما اعلمه، قال: بلى، فان غير هذا عندي ارى ان نكاتب من بها من شيعتنا، و من بها من أهل عدونا.

فاما شيعتنا فأمرهم بالثبات على أمرهم، ثم امنيهم قدومنا عليهم و اما من بها من عدونا فندعوهم الى صلحنا و نمنيهم شكرنا و نخوفهم حربنا، فان صلح لنا ما قبلهم بغير قتال فذاك ما أحببنا، و الا كان حربهم من وراء ذلك كله انك يا بن العاص أمرؤ بورك لك في العجلة، و انا أمرؤ بورك لي في التوؤدة.

قال: فاعمل بما أراك الله، فو الله ما ارى أمرك و أمرهم يصير الا الى الحرب العوان قال: فكتب معاوية عند ذلك الى مسلمة بن مخلد الأنصاري و الى معاوية بن خديج الكندى- و كانا قد خالفا عليا:

بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد فان الله قد ابتعثكما لامر عظيم اعظم به اجرکما، و رفع به ذکرکما و زينكما به في المسلمين طلبكما بدم الخليفة المظلوم، و غضبكما لله إذ ترك حكم الكتاب و جاهدتما أهل البغي و العدوان، فابشروا برضوان الله و عاجل نصر أولياء الله، و المواساة لكما في الدنيا و سلطاننا.

حتى ينتهى في ذلك ما يرضيكما، و نودى به حقكما الى ما يصير أمر

ص: 511

كما إليه فاصبروا و صابروا عدوكما و ادعوا المدير الى هداكما و حفظكما فان الجيش قد أضل عليكما، فانقشع كل ما تكرهان، و كان كل ما تهويان و السلام عليكما.

و كتب هذا الكتاب و بعث به مع مولى له يقال له سبيع. فخرج الرسول بكتابه حتى قدم عليهما مصر و محمد بن ابى بكر أميرها، و قد ناصب هؤلاء الحرب بها، و هو غير متخون بها يوم الاقدام عليه فدفع كتابه الى مسلمة بن مخلد و كتاب معاوية بن حديج، فقال مسلمة: امض بكتاب معاوية إليه حتى يقرأه، ثم القنى به حتى اجيبه عني و عنه، فانطلق الرسول بكتاب معاوية بن حديج إليه.

فاقراه اياه، فلما قراه قال: ان مسلمة ابن مخلد قد أمرني ان اراد إليه الكتاب إذا قرأته لكي يجيب معاوية عنك و عنه قال: قل له فليفعل، و دفع اليه الكتاب، فأتاه ثم كتب مسلمة عن نفسه و عن معاوية بن حديج: بعد.

فان هذا الأمر الذى بذلنا له نفسنا و اتبعنا أمر الله فيه أمر نرجو به ثواب ربنا، و النصر ممن خالفنا و تعجيل النقمة لمن سعى على أمامنا و طأطأ الركض في جهادنا، و نحن بهذا الحيز من الارض قد نفينا من كان به من أهل البغى و أنهضنا من كان به من أهل القسط و العدل.

و قد ذكرت المواساة في سلطانك و دنياك، و بالله ان ذلك لامر ما له نهضنا، و لا اياه أردنا، فان يجمع الله لنا ما نطلب، و يؤتنا ما تمنينا، فان الدنيا و الآخرة الله رب العالمين، و قد يؤتيهما الله معا عالما من خلقه، كما قال فى كتابه، و لا خلف لموعوده قال:

«فَاتَاهُمُ اللهُ تَوَابَ الدُّنْيَا وَ حُسْنَ تَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ المَحْسِنِينَ»

عجل علينا خيلك و رجلك، فان عدونا قد كان علينا حربا و كنا فيهم

ص: 512

قليلا فقد أصبحوا لنا هائبين و أصبحنا لهم مقرنين، فان يأتنا الله بعدد من قبلك يفتح الله عليكم، و لا حول و لا قوة الا بالله، و حسبنا الله و نعم الوكيل و السلام عليك.

قال: فجاءه هذا الكتاب و هو يومئذ بفلسطين، فدعا النفر الذين سماهم في الكتاب فقال: ما ذا ترون؟ قالوا: الرأي ان تبعث جندا من قبلك فإنك تفتتحها باذن الله قال معاوية فتجهز يا أبا عبد الله إليها- يعني عمرو بن العاص- قال: فبعثه في ستة آلاف رجل و خرج معاوية و ودعه و قال له عند وداعه اياه:

اوصيك يا عمرو بتقوى الله و الرفق فانه يمن و بالمهل و التوؤدة، فان العجلة من الشيطان و بان تقبل ممن اقبل و ان تعفو عمن ادبر، فان قبل فبها و نعمت و ان ابى فان السطوة بعد المعذرة ابلغ في الحجة، و احسن في العاقبة، و ادع الناس الى الصلح و الجماعة.

فإذا أنت ظهرت فليكن أنصارك آثر الناس عندك، و كل الناس فأول حسنا قال: فخرج عمرو يسير حتى نزل ادانى ارض مصر، فاجتمعت العثمانية إليه، فأقام بهم، و كتب الى محمد بن ابى بكر:

اما بعد، فتنح عنى بدمك يا بن ابى بكر فاني لا أحب ان يصيبك منى ظفر، ان الناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك و رفض أمرك، و ندموا على اتباعك فهم مسلموك لو قد التقت حلقتا البطان فاخرج منها، فانى لك من الناصحين و السلام.

و بعث إليه عمرو أيضا بكتاب معاوية إليه:

اما بعد، فان غب البغى و الظلم عظيم الوبال و ان سفك الدم الحرام لا يسلم صاحبه من النقمة في الدنيا و من التبعة الموبقة في الآخرة، و انا لا

ص: 513

نعلم أحدا كان اعظم على عثمان بغيا و لا اسوا له عيبا، و لا أشد عليه خلافا منك، سعيت عليه في الساعين و سفكت دمه في السافكين، ثم أنت تظن انى عنك نائم او ناس لك.

حتى تأتي فتامر على بلاد أنت فيها جاری، و جل أهلها انصاری، يرون رأيي و يرقبون قولي، و يستصرخونى عليك.

و قد بعثت إليك قوما حناقا عليك يستسقون دمك، و يتقربون الى الله بجهادك، و قد أعطوا الله عهدا ليمثلن بك و لو لم يكن منهم إليك. ما عدا قتلك ما حذرتك و لا أنذرتك، و لأحببت ان يقتلوك بظلمك و قطيعتك و عدوك على عثمان يوم يطعن بمشاقصك بين خششائه و أوداجه و لكن اكره ان امثل بقرشي و لن يسلمك الله من القصاص ابدا أينما كنت و السلام.

قال: فطوى محمد كتابيهما، و بعث بهما الى على و كتب معهما:

اما بعد، فان ابن العاص قد نزل ادانى ارض مصر و اجتمع إليه أهل البلد جلهم ممن كان يرى رأيهم، و قد جاء في جيش لجب خراب، و قد رايت ممن قبلي بعض الفشل، فان كان لك في ارض مصر حاجة فامدنى بالرجال و الأموال، و السلام عليك.

فكتب إليه على:

اما بعد، فقد جاءني كتابك تذكر ان ابن العاص قد نزل بأداني ارض مصر في لجب من جيشه خراب و ان من كان بها على مثل رايه قد خرج اليه، و خروج من يرى رايه إليه خير لك من اقامتهم عندك.

و ذكرت انك قد رايت في بعض من قبلك فشلا فلا تفشل و ان فشلوا فحصن قريتك و اضمم إليك شيعتك و اندب الى القوم كنانة بن بشر المعروف بالنصيحة و النجده و الباس فانى نادب إليك الناس على

ص: 514

الصعب و الذلول فاصبر لعدوك، و امض على بصيرتك، و قاتلهم على نيتك و جاهدهم صابرا محتسبا و ان كانت فئتك اقل الفئتين فان الله قد يعز القليل، و يخذل الكثير.

و قد قرات كتاب الفاجر ابن الفاجر معاوية و الفاجر ابن الكافر عمرو، المتحابين في عمل المعصية، و المتوافقين المرتشيين في الحكومة المنكرين في الدنيا، قد استمتعوا بخلاقهم كما استمتع الذين من قبلهم خلاقهم.

فلا يهلك ارعادهما و ابراقهما، و أجبهما ان كنت لم تجبهما بما هما اهله فإنك تجد مقالا ما شئت، و السلام.

178- عنه قال ابو مخنف فحدثني محمد بن يوسف بن ثابت الأنصاري، عن شيخ من أهل المدينة، قال: كتب محمد بن ابى بكر الى معاوية بن ابي سفيان جواب کتابه

اما بعد، فقد أتاني كتابك تذكرني من أمر عثمان أمرا لا اعتذر إليك منه و تأمرني بالتنحى عنك كأنك لي ناصح، و تخوفني المثلة كأنك شفيق، و نا أرجو ان تكون لي الدائرة عليكم، فاجتاحكم في الوقعة و أن تؤتوا النصر و يكن لكم الأمر في الدنيا.

فكم لعمري من ظالم قد نصرتم و كم من مؤمن قتلتم و مثلتم به و الى الله مصيركم و مصيرهم و الى الله مرد الأمور، و هو ارحم الراحمين، و الله المستعان على ما تصفون و السلام.

و كتب محمد الى عمرو بن العاص:

اما بعد فقد فهمت ما ذكرت في كتابك يا بن العاص زعمت انك تكره ان يصيبني منك ظفر، و اشهد انك ظفر، و اشهد انك من المبطلين و تزعم انك لي نصيح

ص: 515

و اقسم انك عندي ظنين، و تزعم ان أهل البلد قد رفضوا رأيي و أمرى، و ندموا على اتباعي، فأولئك لك و للشيطان الرجيم أولياءه فحسبنا الله رب العالمين و توكلنا على الله رب العرش العظيم، و السلام.

قال: أقبل عمرو بن العاص حتى قصد مصر، فقام محمد بن أبي بكر في الناس، فحمد الله و اثنى عليه و صلى على رسوله، ثم قال: أما بعد معاشر المسلمين والمؤمنين فان القوم الذين كانوا ينتهكون الحرمة و ينعشون الضلال و يشبون نار الفتنة، و يتسلطون بالجبرية، قد نصبوا لكم العداوة، و ساروا إليكم بالجنود عباد الله!

فمن اراد الجنة و المغفرة فليخرج الى هؤلاء القوم فليجاهدهم في الله انتدبوا الى هؤلاء القوم رحمكم الله مع كنانة ابن بشر.

قال: فانتدب معه نحو من الفى رجل، و خرج محمد في الفى رجل. و استقبل عمرو بن العاص كنانة و هو على مقدمه محمد فاقبل عمر و نحو كنانة، فلما دنا من كنانة سرح الكتائب كتيبة بعد كتيبة، فجعل كنانة لا تأتيه كتيبة من كتائب أهل الشام الا شد عليها بمن معه، فيضربها حتى يقربها لعمرو بن العاص ففعل ذلك مرارا.

فلما راى ذلك عمرو بعث الى معاوية بن حديج السكوني، فأتاه في مثل الدهم، فاحاط بكنانة و أصحابه و اجتمع أهل الشام عليهم من كل جانب، فلما راى ذلك كنانة بن بشر نزل عن فرسه و نزل أصحابه و كنانة يقول: «وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَكُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً وَ مَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيا نُؤْتِه مِنْها وَ مَنْ يُرِدْتَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَ سَنَجْزِى الشَّاكِرِينَ» فصار بهم بسيفه حتى استشهد رحمه الله.

و اقبل عمرو بن العاص نحو محمد بن ابى بكر، و قد تفرق عنه

ص: 516

أصحابه لما بلغهم قتل كنانة، حتى بقي و ما معه احد من أصحابه فلما راى ذلك محمد خرج يمشى في الطريق حتى انتهى الى خربة في ناحيه الطريق، فاوى إليها، و جاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط و خرج معاوية بن حديج في طلب محمد حتى انتهى الى علوج في قارعة الطريق.

فسألهم هل مر بكم احد تنكرونه؟ فقال احدهم لا و الله، الا انى دخلت تلك الخربة، فإذا انا برجل فيها جالس، فقال ابن حديج هو هو و رب الكعبة، فانطلقوا يركضون حتى دخلوا عليه فاستخرجوه و قد کاد يموت عطشا فاقبلوا به نحو فسطاط مصر قال:

و وثب اخوه عبد الرحمن بن ابى بكر الى عمرو بن العاص- و كان في جنده فقال: أتقتل أخي صبرا! ابعث الى معاوية بن حديج فانهه، فبعث اليه عمرو بن العاص يأمره ان يأتيه بمحمد بن ابى بكر، فقال معاوية: اكذاك قتلتم كنانة بن بشر و اخلى انا عن محمد بن ابى بكر هيهات.

«كفارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَّيْكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةُ فِي الزُّبُرِ»، فقال لهم محمد: الماء، قال له معاوية بن حديج لا سقاه الله ان سقاك قطرة ابدا! انكم منعتم عثمان ان يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما، فتلقاه الله بالرحيق المختوم و الله لأقتلنك يا ابن ابى بكر فيسقيك الله الحميم و اسقونى من الغساق قال له محمد:

يا ابن اليهودية النساجة، ليس ذلك إليك و الى من ذكرت انما ذلك الى الله عز و جل يسقى أولياءه، و يظمى اعداءه، أنت و ضرباؤك و من تولاه، أما و الله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم منى هذا، قال له معاوية: اتدرى ما اصنع بك؟ ادخلك في جوف حمار، ثم احرقه عليك بالنار.

فقال له محمد: ان فعلتم بي ذلك، فطالما فعل ذلك بأولياء الله! و انى

ص: 517

لأرجو هذه النار التي تحرقني بها ان يجعلها الله على بردا و سلاما كما جعلها على خليله ابراهيم ، و ان يجعلها عليك و على أوليائك كما جعلها على نمرود و اوليائه ان الله يحرقك و من ذكرته قبل و امامك- يعنى معاوية، و هذا- و اشار الى عمرو بن العاص- بنار تلظى عليكم، كلما خبت زادها الله سعيرا.

قال له معاوية انى انما اقتلك بعثمان قال له محمد و ما أنت و عثمان! ان عثمان عمل بالجور، و نبذ حكم القرآن، و قد قال الله تعالى: «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ»، فنقمنا ذلك عليه فقتلناه، و حسنت أنت له ذلك و نظراؤك، فقد برانا الله إن شاء الله من ذنبه، و أنت شريكه في إثمه و عظم ذنبه و جاعلك على مثاله.

قال: فغضب معاوية فقدمه فقتله، ثم القاه في جيفة حمار، ثم احرقه بالنار، فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعا شديدا، و قنتت عليه في دبر الصلاة تدعو على معاوية و عمرو ثم قبضت عيال محمد إليها، فكان القاسم بن محمد بن ابى بكر في عيالها.

179- عنه أما الواقدى فانه ذكر لي ان سويد بن عبد العزيز حدثه عن ثابت ابن عجلان، عن القاسم بن عبد الرحمن ان عمرو بن العاص خرج في اربعة آلاف فيهم معاوية بن حديج، و ابو الأعور السلمي، فالتقوا بالمسناة فاقتتلوا قتالا شديدا، حتى قتل كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي و لم يجد محمد بن ابى بكر مقاتلا فانهزم فاختبا عند جبلة بن مسروق، فدل عليه معاوية بن حدیج فاحاط به فخرج محمد فقاتل حتى قتل.

قال الواقدى و كانت المسناة في صفر سنة ثمان و ثلاثين و اذرح في شعبان منها في عام واحد.

180- عنه رجع الحديث الى حديث أبي مخنف و کتب عمرو بن

ص: 518

العاص الى معاوية عند قتله محمد بن ابى بكر و كنانة بن بشر:

اما بعد، فانا لقينا محمد بن ابى بكر و كنانه بن بشر في جموع جمة من أهل مصر، فدعوناهم الى الهدى و السنة و حكم الكتاب، فرفضوا الحق، و توركوا في الضلال، فجاهدناهم و استنصرنا الله عليهم، فضرب الله وجوههم و ادبارهم و منحونا اكتافهم فقتل الله محمد بن ابي بكر و كنانة ابن بشر و امائل القوم و الحمد لله رب العالمين، والسلام عليك

اختلف أهل السير في وقت مقتله، فقال الواقدى: قتل في سنة ست و ثلاثين قال و كان سبب قتله ان معاوية و عمرا سارا إليه و هو بمصر قد ضبطها، فنزلا بعين شمس فعالجا الدخول فلم يقدروا عليه، فخدعا محمد بن ابى حذيفة على ان يخرج في الف رجل الى العريش.

فخرج و خلف الحكم بن الصلت على مصر، فلما خرج محمد بن أبى حذيفة الى العريش تحصن، و جاء عمرو فنصب المجانيق حتى نزل في ثلاثين من أصحابه، فأخذوا فقتلوا قال و ذاك قبل ان يبعث على الى مصر قيس بن سعد.

181- عنه أما هشام بن محمد الكلبي فانه ذكر ان محمد بن ابی حذيفة انما أخذ بعد ان قتل محمد بن ابی بکر و دخل عمرو بن العاص مصر و غلب عليها، و زعم أن عمرا لما دخل هو و أصحاه مصر أصابوا محمد بن ابي حذيفة، فبعثوا به الى معاوية و هو بفلسطين، فحبسه في سجن له.

فمكث فيه غير كثير، ثم انه هرب من السجن- و كان ابن خال معاوية- فأرى معاوية الناس انه قد كره انفلاته، فقال لأهل الشام من يطلبه؟ قال: و قد كان معاوية يحب فيما يرون أن ينجو، فقال رجل من خثعم- يقال له عبد الله ابن عمرو بن ظلام و كان رجلا شجاعا، و كان

ص: 519

عثمانيا انا اطلبه.

فخرج في حاله حتى لحقه بأرض البلقاء بحوران و قد دخل في غار هناك، فجاءت حمر تدخله، و قد أصابها المطر، فلما رات الحمر الرجل في الغار فزعت، فنفرت فقال حصادون كانوا قريبا من الغار و الله أن لنفر هذه الحمر من الغار لشأنا فذهبوا لينظروا، فإذا هم به.

فخرجوا، و يوافقهم عبد الله بن عمرو بن ظلام الخثعمى، فسألهم عنه، و وصفه،لهم، فقالوا له: ها هو ذا في الغار، قال: فجاء حتى استخرجه، و كره ان يرجعه الى معاوية فيخلي سبيله فضرب عنقه.

182- عنه قال هشام، عن ابی مخنف قال و حدثني الحارث بن كعب بن فقيم، عن جندب، عن عبد الله بن فقيم عم الحارث بن كعب يستصرخ من قبل محمد بن ابى بكر الى على- و محمد يومئذ أميرهم- فقام على في الناس و قد أمر فنودي الصلاة جامعه فاجتمع الناس، فحمد الله و اثنى عليه، و صلى على محمد(صلی اللّه علیه و آله و سلم)، ثم قال:

اما بعد، فان هذا صريخ محمد بن ابى بكر و إخوانكم من أهل مصر، قد سار إليهم ابن النابغة عدو الله و ولى من عادى الله، فلا يكونن أهل الضلال الى باطلهم و الركون الى سبيل الطاغوت أشد اجتماعا منكم على حقكم هذا، فإنهم قد بدءوكم و إخوانكم بالغزو، فاعجلوا إليهم بالمؤاساة و النصر.

عباد الله، ان مصر اعظم من الشام اكثر خيرا، و خير أهلا، فلا تغلبوا على مصر، فان بقاء مصر في ايديكم عز لكم، و كبت لعدوكم، اخرجوا الى الجرعة بين الحيرة و الكوفه، فوافونى بها هناك غدا إن شاء الله قال: فلما كان من الغد خرج يمشى، فنزلها بكرة، فأقام بها حتى انتصف

ص: 520

النهار يومه ذلك، فلم يوافه منهم رجل واحد فرجع فلما كان من العشى بعث الى اشراف الناس، فدخلوا عليه القصر و هو حزين كئيب، فقال:

الحمد لله على ما قضى من أمرى و قدر من فعلى و ابتلاني بكم أيتها الفرقة ممن لا يطيع إذا أمرت، و لا يجيب إذا دعوت، لا أبا لغيركم ما تنتظرون بصبركم، و الجهاد على حقكم الموت و الذل لكم في هذه الدنيا على غير الحق، فو الله لئن جاء الموت- و ليأتين- ليفرقن بيني و بينكم، و انا لصحبتكم قال و بكم غير ضنين.

لله أنتم لا دين يجمعكم و لا حمية تحميكم، إذا أنتم سمعتم بعدوكم يرد بلادكم، و يشن الغارة عليكم او ليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه على غير عطاء و لا معونة و يجيبونه في السنة المرتين و الثلاث الى اى وجه شاء و انا ادعوكم- و أنتم أولو النهى و بقية الناس- على المعونة و طائفة منكم على العطاء، فتقومون عنى و تعصوننی و تختلفون عليّ.

فقام إليه مالك بن كعب الهمداني ثم الارحبي، فقال: يا امير المؤمنين اندب الناس فانه لا عطر بعد عروس لمثل هذا اليوم كنت ادخر نفسي و الاجر لا ياتى الا بالكره اتقوا الله و أجيبوا امامكم و انصروا دعوته و قاتلوا عدوه، انا اسير إليها يا امير المؤمنين قال فامر على مناديه سعدا فنادى في الناس الا انتدبوا الى مصر مع مالك بن كعب.

ثم انه خرج و خرج معه على فنظر فإذا جميع من خرج نحو الفى رجل، فقال: سر فو الله ما اخالك تدرك القوم حتى ينقضي أمرهم، قال: فخرج بهم فسار خمسا ثم ان الحجاج بن غزيه الأنصاري ثم النجاري قدم على على من مصر و قدم عبد الرحمن بن شبيب الفزاري

ص: 521

فكان عينه بالشام.

و أمّا الأنصاري فكان مع محمد بن ابى بكر، فحدثه الأنصاري بما رای و عاین و بهلاك محمد ، و حدثه الفزارى انه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشراء من قبل عمرو بن العاص تترى يتبع بعضها بعضا بفتح مصر و قتل محمد بن ابى بكر، و حتى اذن بقتله على المنبر و قال:

يا امير المؤمنين قلما رايت قوما قط اسر، و لا سرورا قط اظهر من سرور رايته بالشام حين أتاهم هلاك محمد بن ابي بكر فقال على: أما أن حزننا عليه على قدر سرورهم به، لا بل يزيد أضعافا قال: و سرح على عبد الرحمن بن شريح الشبامي الى مالك بن كعب، فرده من الطريق.

قال: و حزن على على محمد بن ابى بكر حتى رئى ذلك في وجهه، و تبين فيه، و قام في الناس خطيبا فحمد الله و اثنى عليه، و صلى على رسوله (صلی اللّه علیه و آله و سلم)، و قال: الا ان مصر قد افتتحها الفجرة أولو الجور و الظلم الذين صدوا عن سبيل الله و بغوا الاسلام عوجا.

الا و ان محمد بن ابى بكر قد استشهد رحمه الله، فعند الله نحتسبه أمّا و الله ان كان ما علمت لممن ينتظر القضاء، و يعمل للجزاء، و يبغض شكل الفاجر، و يحب هدى المؤمن انى و الله ما الوم نفسي على التقصير و انى لمقاساة الحرب الجد خبير، و انى لأقدم على الأمر و اعرف وجه الحزم.

و اقوم فيكم بالرأي المصيب، فاستصرخكم معلنا، و اناديكم نداء المستغيث معربا، فلا تسمعون لي قولا، و لا تطيعون لي أمراء حتى تصير بي الأمور الى عواقب المساءة، فأنتم القوم لا يدرك بكم الثار، و لا تنقض بكم الأوتار، دعوتكم الى غياث إخوانكم منذ بضع و خمسين ليلة.

فتجرجرتم جرجرة الجمل الاشدق و تثاقلتم الى الارض تثاقل من

ص: 522

ليس له نية في جهاد العدو، و لا اكتساب الاجر، ثم خرج الى منكم جنيد متذانب كأنما يساقون الى الموت و هم ينظرون فاف لكم ثم نزل و كتب الى عبد الله بن عباس و هو بالبصرة:

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله على امير المؤمنين الى عبد الله بن عباس، سلام عليك، فانى احمد الله إليك الذى لا اله الا هو أمّا بعد فان مصر قد افتتحت و محمد بن ابى بكر قد استشهد، فعند الله نحتسبه و ندخره، و قد كنت قمت في الناس في بدئه، و أمرتهم بغياثه قبل الوقعه، و دعوتهم سرا و جهرا و عودا و بدءا.

فمنهم من اتى كارها و منهم من اعتل كاذبا، و منهم القاعد حالا، اسال الله ان يجعل لي منهم فرجا و مخرجا، و ان يريحني منهم عاجلا و الله لو لا طمعي عند لقاء عدوى في الشهاده لأحببت الا ابقى مع هؤلاء يوما واحدا عزم الله لنا و لك على الرشد، و على تقواه و هداه، أنه على كل شيء قدير و السلام.

فكتب إليه ابن عباس:

بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الله على بن ابى طالب امير المؤمنين، من عبد الله بن عباس سلام عليك يا امير المؤمنين و رحمة الله و بركاته، أمّا بعد، فقد بلغنى كتابك تذكر فيه افتتاح مصر، و هلاك محمد بن ابى بكر، فالله المستعان على كل حال و رحم الله محمد بن ابى بكر و آجرك يا امير المؤمنين.

و قد سالت الله ان يجعل لك من رعيتك التي ابتليت بها فرجا و مخرجا، و ان يعزك بالملائكة عاجلا بالنصرة، فان الله صانع لك ذلك، معزك و مجيب دعوتك و كابت عدوك اخبرك يا امير المؤمنين ان الناس

ص: 523

ربما تثاقلوا ثم ينشطون فارفق بهم يا امير المؤمنين و داجنهم و منهم و استعن بالله عليهم كفاك الله المهم و السلام.

183- عنه قال ابو مخنف حدثنى فضيل بن خديج عن مالك بن الحور، ان عليا قال رحم الله محمدا! كان غلاما حدثا، أما و الله لقد كنت على ان أولى المرقال هاشم بن عتبة مصر، أما و الله لو انه وليها ما خلى لعمرو بن العاص و أعوانه الفجرة العرصة و لما قتل الا و سيفه في يده، لا بلا دم كمحمد فرحم الله محمدا، فقد اجتهد نفسه، و قضى ما عليه.

184- قال الثقفي: إنّ أهل مصر كتبوا إلى علي(علیه السلام) أن يكتب عليهم من يكون عليها؟ فبعث إليهم الأشتر. قال المدائني في اسناده: انّ الأشتر لما أتى القلزم أتى الخراخر الذي دسّه معاوية فقال: هذا منزل فيه طعام و علف و انّى رجل من أهل الخراج فأقم و استرح فنزل به الأشتر فأتاه الدهقان يعلف و طعام حتى إذا طعم أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما فسقاه إياه فلما شربها مات.

185- عنه عن جابر و ذكر ذلك عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان أنّ عليا- كتب إليهم من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين الى من بمصر من المسلمين: سلام عليكم فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلّا هو أمّا بعد فإنّي قد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، و لا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، لا نأكل عن قدم و لا واه في عزم.

من أشدّ عباد الله بأسا و أكرمهم حسبا، أضر على الفجار من حريق النّار، و أبعد النّاس من دنس أو عار، و هو مالك بن الحارث الأشتر لا نابي الضّريبة و لا كليل الحد، حليم في الجد رزين في الحرب. ذو رأى أصيل و صبر جميل، فاسمعوا له و أطيعوا أمره.

ص: 524

فإن أمركم بالنفر فانفروا، و إن أمركم بالمقام فأقيموا، فإنّه لا يقدم و لا يحجم إلّا بأمرى و قد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم و شدّة شكيمة على عدوّكم، عصمكم الله بالهدى و ثبتكم بالتق، و وفقنا و إياكم لما يحب و يرضى، و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

قال:جابر عن الشّعبيّ: أنّه هلك حين أتى عقبة أفيق.

186- عنه عن عاصم بن كليب عن أبيه: أن عليا (علیه السلام) لما بعث الأشتر إلى مصر واليا عليها و بلغ معاوية خبره بعث رسولا يتبع الأشتر إلى مصر يأمره باغتياله فحمل معه مزودين فيها شراب و صحب الأشتر فاستسق الأشتر يوما فسقاه من أحدهما ثم استسقى ثانية فسقاه من الآخر و فيه سم فشربه فمالت عنقه، فطلبوا الرّجل ففاتهم.

187- عنه عن مغيرة الضّبيّ أنّ معاوية دس للأشتر مولى لآل عمر فلم يزل المولى يذكر للأشتر فضل علي و بنى هاشم حتى اطمأنّ إليه الأشتر و استأنس به فقدّم الأشتر يوما ثقله أو تقدّم ثقله فاستسقى ماء فقال له مولى عمر هل لك- أصلحك الله- في شربة سويق؟- فسقاه شربة سويق فيها سم فمات.

قال: و قد كان معاوية قال لأهل الشام لما دس إليه مولى عمر ادعوا على الأشتر، فدعوا عليه، فلما بلغه موته قال: ألا ترون كيف استجيب لكم.

188- عنه و بلغنا من وجه آخر عن بعض العلماء أن الأشتر قتل بمصر بعد قتال شديد و وجه الأمر أنه سق السّم قبل أن يبلغ مصر.

189- عنه عن عليّ بن محمّد المدائني، عن بعض أصحابه: أن معاوية أقبل يقول لأهل الشّام:

أيها الناس انّ عليّا قد وجّه الأشتر إلى أهل مصر فادعوا الله أن

ص: 525

يكفيكموه، فكانوا كلّ يوم يدعون الله عليه في دبر كل صلاة، و أقبل الذي سقاه السّم إلى معاوية فأخبره بهلاك الأشتر، فقام معاوية في النّاس خطيبا فقال:

أما بعد فإنّه كان لعلي بن أبي طالب يدان يمينان، فقطعت إحداهما يوم صفين يعني عمار بن ياسر و قطعت الأخرى اليوم و هو مالك الأشتر.

190- عنه عن الشعبي، عن صعصعة بن صوحان قال: فلما بلغ عليّا عليه السّلام موت الأشتر قال: «إنا لله وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» و الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ اللّهمّ إنّي أحتسبه عندك، فإنّ موته من مصائب الدهر، فرحم الله مالكا فقد وفى بعهده، و قضى نحبه، و لقي ربّه، مع أنا قد وطنّا أنفسنا على أن نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول الله (صلی اللّه علیه و آله و سلم) فإنها أعظم المصائب.

191- عنه عن مغيرة الضبي قال: لم يزل أمر علي شديدا حتى مات الأشتر، و كان الأشتر بالكوفة أسود من الأحنف بالبصرة.

192- عنه عن فضيل بن خديج، عن أشياخ النخع قالوا دخلنا على علي (علیه السلام) حين بلغه موت الأشتر، فجعل يتلهف و يتأسف عليه و يقول: لله در مالك و ما مالك لو كان جبلا لكان فندا، و لو كان حجرا لكان صلدا اما و الله ليهدّن موتك عالما و ليفرحن عالما، على مثل مالك فلتبك البواكي و هل موجود كما لك؟ قال: فقال علقمة بن قيس النّخعي فما زال عليّ يتلهف و يتأسف حتى ظننا أنه المصاب به دوننا و قد عرف ذلك في وجهه أياما.

193- عنه عن فضيل بن خديج عن مولى الأشتر قال: لما هلك الأشتر وجدنا في ثقله رسالة علي إلى أهل مصر:

بسم الله الرّحمن الرّحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى النفر من

ص: 526

المسلمين الذين غضبوا الله إذ عصى في الأرض و ضرب الجور برواقه على البرّ و الفاجر، فلا حق يستراح إليه و لا منكر يتناهى عنه سلام عليكم فإنّي أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.

أما بعد فقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف، و لا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر، أشدّ على الكفّار من حريق النار، و هو مالك بن الحارث الأشتر أخو مذحج فاسمعوا له و أطيعوا، فإنّه سيف من سيوف الله لا نابي الضّريبة و لا كليل الحد.

فإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، و ان أمركم أن تنفروا فانفروا و إن أمركم أن تحجموا فأحجموا فإنّه لا يقدم و لا يحجم إلّا بأمرى و قد آثرتكم به على نفسي لنصيحته و شدّة شكيمته على عدوه، عصمكم الله بالحق و ثبتكم باليقين و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

194- عنه أخبرني ابن أبي سيف، عن أصحابه، أنّ محمّد بن أبى بكر لما بلغه أنّ عليا (علیه السلام) قد وجّه الأشتر إلى مصر شقّ عليه، فكتب على (علیه السلام) عند مهلك الأشتر الى محمّد بن أبي بكر و ذلك حين بلغه موجدة محمّد بن أبى بكر لقدوم الأشتر عليه:

بسم الله الرّحمن الرّحيم، من عبد الله على أمير المؤمنين الى محمد بن أبي بكر سلام عليك أما بعد. فقد بلغني موجدتك من تسريحى الأشتر إلى عملك، و لم أفعل ذلك استبطاء لك في الجهاد، و لا استزادة لك منى في الجدّ، و لو نزعت ما حوت يداك من سلطانك لولّيتك ما هو أيسر مئونة عليك، و أعجب ولاية إليك إلّا أنّ الرّجل الذى كنت وليته مصر.

كان رجلا لنا مناصحا و على عدوّنا شديدا، فرحمة الله عليه و قد استكمل أيامه و لاقى حمامه و نحن عنه راضون، فرضی الله عنه و ضاعف له

ص: 527

الثواب و أحسن له المآب فأصحر لعدوّك و شمر للحرب، و ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة و الموعظة الحسنة و أكثر ذكر الله و الاستعانة به و الخوف منه يكفك ما أهمك و يعنك على ما ولاك، أعاننا الله و إياك على ما لا ينال إلّا برحمته و السلام. فكتب إليه (علیه السلام) محمد بن أبي بكر جوابه.

بسم الله الرّحمن الرّحيم لعبد الله أمير المؤمنين علي من محمّد بن أبى بكر سلام عليك فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد. فقد انتهى إليّ كتاب أمير المؤمنين و فهمته و عرفت ما فيه و ليس أحد من النّاس أشدّ على عدوّ أمير المؤمنين و لا أرأف و أرق لوليه منى و قد خرجت فعسكرت و أمّنت النّاس إلّا من نصب لنا حربا و أظهر لنا خلافا، و أنا متبع أمر أمير المؤمنين و حافظه و لاجئ إليه و قائم به و الله المستعان على كل حال، و السّلام.

195- عنه عن عبد الله بن حوالة الأزدي أنّ أهل الشام لما انصرفوا من صفّين كانوا ينتظرون ما يأتى به الحكمان. فلما انصرفا و تفرّقا و بايع أهل الشام معاوية بالخلافة فلم يزدد معاوية إلّا قوّة و اختلف أهل العراق على على (علیه السلام) فما كان لمعاوية هم الا مصر.

و قد كان لأهلها هائبا لقربهم منه و شدّتهم على من كان على رأى عثمان، و قد كان علم أنّ بها قوما قد ساءهم قتل عثمان و خالفوا عليا مع أنه كان يرجو أن يكون له فيها معاونة إذا ظهر عليها على حرب علي (علیه السلام) العظم خراجها.

قال: فدعا معاوية من كان معه من قريش عمرو بن العاص السهمي و حبيب بن مسلمة الفهرى و بسر بن أرطاة العامري، و الضحاك ابن قيس الفهري و عبد الرحمن بن خالد بن الوليد و دعا من غير

ص: 528

قريش نحو شرحبيل بن السمط، و أبي الأعور السلمي، و حمزة بن مالك الهمداني.

فقال: أتدرون لماذا دعوتكم؟ قالوا: لا، قال: فإني دعوتكم لأمر هو لي مهم، و أرجو أن يكون الله قد أعان عليه، فقال له القوم كلّهم أو من قال له منهم: إنّ الله لم يطلع على غيبه أحدا، و ما ندري ما تريد؟

فقال له عمرو بن العاص: أرى و الله ان أمر هذه البلاد لكثرة خراجها و عدد أهلها قد أهمّك، فدعوتنا لتسألنا عن رأينا في ذلك، فان كنت لذلك دعوتنا و له جمعتنا فاعزم و أصرم و نعم الرّأى ما رأيت إن في افتتاحها عزّك و عزّ أصحابك و كبت عدوّك و ذلّ أهل الخلاف عليك.

فقال له معاوية مجيبا أهمك يا بن العاص ما أهمك؟ و ذلك أن عمرو بن العاص كان بايع معاوية على قتال علي بن أبي طالب(علیه السلام) لو أنّ له مصر طعمة ما بقي، فأقبل معاوية على أصحابه و قال: إنّ هذا يعنى ابن العاص قد ظنّ و قد حقق ظنّه قالوا له: لكنا لا ندري و لعلّ أبا عبد الله قد أصاب. فقال عمرو: و أنا أبو عبد الله انّ أشبه الظَّنون ما شابه اليقين.

ثم إن معاوية حمد الله و أثنى عليه و قال:

أما بعد فقد رأيتم كيف صنع الله لكم في حربكم هذه على عدوّكم، و لقد جاء و كم و هم لا يشكون أنهم يستأصلون بيضتكم. و يحوزون بلادكم ما كانوا يرون إلا أنكم في أيديهم، فردّهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا «وَ كَفَى الله الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ» و كفاكم مئونتهم، و حاكمتموهم إلى الله فحكم لكم عليهم.

ثم جمع لنا كلمتنا، و أصلح ذات بيننا، و جعلهم أعداء متفرقين يشهد بعضهم على بعض بالكفر، و يسفك بعضهم دم بعض، و الله إنّي لأرجو أن يتم الله لنا هذا الأمر. و قد رأيت أن أحاول حرب مصر فما ذا ترون؟

ص: 529

فقال له:عمرو قد أخبرتك عمّا سألت و أشرت عليك بما سمعت

فقال معاوية للقوم: ما ترون؟ فقالوا نرى ما رأى عمرو. فقال معاوية: إنّ عمرا قد عزم و صرم بما قال و لم يفسر كيف ينبغي أن نصنع.

قال عمرو: فإني أشير عليك كيف تصنع، أرى أن تبعث جيشا كثيفا، عليهم رجل صارم تأمنه و تثق به فيأتى مصر فيدخلها فإنّه سيأتيه من كان من أهلها على مثل رأينا فيظاهره على من كان بها من عدوّنا، فإن اجتمع بها جندك و من كان بها من شيعتك على من بها من أهل حربك رجوت أن يعزّ الله نصرك و يظهر فلجك، قال له معاوية:

هل عندك شيء غير هذا نعمله فيما بيننا و بينهم قبل هذا؟ قال: ما أعلمه، قال معاوية: فانّ رأيي غير هذا أرى أن نكاتب من كان بها من شيعتنا و من كان بها من عدوّنا فأما شيعتنا فنأمرهم بالثبات على أمرهم و منّيهم قدومنا عليهم و أما من كان بها من عدوّنا فندعوهم الى صلحنا و نمنّيهم شكرنا و نخوّفهم حربنا، فان صلح لنا ما قبلهم بغير حرب و لا قتال.

فذلك ما أحببنا و الا فحربهم بين أيدينا، أنّك يا ابن العاص لامرؤ بورك لك في العجلة، و أنا أمرؤ بورك لي في التؤدة، قال له عمرو: فاعمل بما أراك الله فو الله ما أرى أمرك و أمرهم يصير الا الى الحرب العوان.

قال: فكتب معاوية عند ذلك الى مسلمة بن مخلد الأنصاري و إلى معاوية ابن حديج الكندي و كانا قد خالفا عليا (علیه السلام):

بسم الله الرّحمن الرّحيم، أما بعد فانّ الله عزّ و جلّ قد ابتعثكما لأمر عظيم أعظم به أجركها و رفع به ذكركما و زينكما به في المسلمين طلبتها بدم الخليفة المظلوم و غضبهما الله إذ ترك حكم الكتاب، و جاهدتما أهل الظلم و العدوان، فأبشرا برضوان الله و عاجل نصرة أولياء الله و المواساة لكما في

ص: 530

دار الدنيا و سلطاننا.

حتى ينتهى ذلك الى ما يرضيكما و يؤدّى به حقكما، فالزما أمركيا، و جاهدا عدوّكما، و ادعوا المدبرين عنكما الى هداكما فكأنّ الجيش قد أظلّ عليكما فانقشع كلّ ما تكرهان و دام كلّ ما تهويان و السّلام عليكما.

و بعث بالكتاب مع مولى له يقال له: سبيع فخرج الرسول بكتابه حتى قدم به عليهما بمصر و محمّد بن أبى بكر يومئذ أميرها قد ناصبه هؤلاء النفر الحرب بها و هم عنه متنحون يهابون الاقدام عليه، فدفع الكتاب الى مسلمة بن مخلد فلمّا قرأه قال له:

الق به معاوية بن حديج ثم القني به حتى أجيب عني و عنه، فانطلق اليه الرسول بكتاب معاوية فأقرأه إياه ثم قال له: ان مسلمة قد أمرنى أن أردّ الكتاب إليه لكي يجيب معاوية عنك و عنه، قال: قل له: فليفعل، فأتى مسلمة بالكتاب فكتب مسلمة الجواب عنه و عن معاوية بن حديج: الى معاوية بن أبي سفيان:

أمّا بعد فانّ هذا الأمر الذي قد ندبنا له أنفسنا و ابتعثنا الله به على عدوّنا أمر نرجو به ثواب ربّنا و النّصر على من خالفنا و تعجيل النقمة على من سعى على امامنا وطأطأ الركض في جهادنا، و نحن بهذه الأرض قد نفينا من كان بها من أهل البغي و أنهضنا من كان بها من أهل القسط و العدل، و قد ذكرت مؤازرتك في سلطانك و ذات يدك، و بالله انه لا من أجل مال غضبنا و لا إيّاه أردنا.

فان يجمع الله لنا ما نريد و نطلب و يؤتنا ما نتمنى فانّ الدنيا و الآخرة الله ربّ العالمين و قد يؤتيها الله معا عالما من خلقه كما قال في كتابه: «فَتَاهُمُ الله تَوَابَ الدُّنْيَا وَ حُسْنَ ثَوَابِ الأَخِرَةِ وَ اللَّه يُحِبُّ الْحْسِنِينَ» عجّل

ص: 531

علينا بخيلك ورجلك.

فانّ عدوّنا قد كان علينا حربا و كنا فيهم قليلا و قد أصبحوا لنا هائبين و أصبحنا لهم منابذين فان يأتنا مدد من قبلك يفتح الله عليك، و لا قوة الا به و هو حسبنا و نعم الوكيل.

قال: فجاء هذا الكتاب معاوية و هو يومئذ بفلسطين، فدعا النّفر الذين سميناهم من قريش و غيرهم و أقرأهم الكتاب و قال لهم: ما ذا ترون؟ قالوا: نرى أن تبعث إليهم جندا من قبلك فانك مفتتحها إن شاء الله.

قال: معاوية: فتجهز اليها يا أبا عبد الله یعنی عمرو بن العاص فبعثه في ستة آلاف رجل فخرج يسير و خرج معه معاوية يودعه فقال له معاوية عند وداعه إيّاه أوصيك بتقوى الله يا عمرو، و بالرفق فانه يمن و بالتؤدة فان العجلة من الشيطان، و بأن تقبل من أقبل، و أن تعفو عمّن أدبر، أنظره.

فان تاب و أناب قبلت منه، و ان أبى فانّ السطوة بعد المعرفة أبلغ في الحجة و أحسن في العاقبة و ادع الناس الى الصلح و الجماعة، فان أنت ظفرت فليكن أنصارك آثر الناس عندك و كلّ النّاس فأول حسنا.

قال العطاردى:

قد تم بحمد الله و توفيقه؛ المجلد السادس من مسند الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام) و يتلوه انشاء الله المجلد السابع أوله: باب ما جری بینه عليه السلام و المارقين

المنابع:

ص: 532

(1) الغارات 2/373، الى 412 416 الى 442، 445 الى 512- 592، الى 663، (2) نهج البلاغة خ: 28- 33

(3) تاريخ الطبري: 5 /110 الی 140

(4) كامل التواريخ: 3/360، الى 364، (5) الغارات: 1/205، الى 276، (6) الموفقيات: 347، (7) الغارات 1/259، الى 276.

ص: 533

الفهرست

العنوان*** الصفحة*** عدد الاحاديث

(بقية ) باب ماجرى بينه (علیه السلام) و القاسطين*** 3*** 1014

باب مراجعته (علیه السلام) إلى الكوفة*** 256***54

باب الغارات على اعمال أمير المؤمنين (علیه السلام)*** 320*** 195

الجمع*** 1263

ص: 534

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.