مسند الإمام أميرالمؤمنین علي بن أبي طالب علیه السلام المجلد 3

هوية الکتاب

مُسنَد الإمَام اَمِیرُالمُؤمِنِین

اَبی الحَسَن عَلِی ابنِ اَبِیطالِب علیه السلام

الجُزءُ الثَّالث

جَمَعَهُ و رتَّبَه

الشَّیخ عَزیزُ الله العُطارِدی

بطاقة تعريف: العطاردي قوچانی، عزیزالله، 1307 .

عنوان المؤلف واسمه: مسند الامام امیرالمؤمنين علي بن ابي طالب علیه السلام / جمعه و رتبه عزيز الله العطاردي قوچاني.

تفاصيل النشر: طهران عطارد 1386.

مواصفات المظهر: 26 ج.

شابک : (ج.24) 6-53-7237-964-978 : (دوره) 8-46-7237-964-978

حالة الاستماع: فیپا

ملحوظة: العربية

ملحوظة: کتابنامه

موضوع : علي بن ابي طالب (علیه السلام) امام ،اول 23 قبل از هجرت - - 40 ق .

موضوع : علي بن ابي طالب (علیه السلام) امام ،اول 23 قبل از هجرت - - 40 ق. - - احادیث .

تصنيف الكونجرس: 5 م 6 ع / 37 BP

تصنيف ديوي: 951 / 297

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1064192

ص: 1

اشارة

سرشناسه:عطاردی قوچانی، عزیزالله، 1307 - 1393.

عنوان و نام پديدآور: مسندالامام امیرالمومنین علی بن ابی طالب علیه السلام/ جمعه و رتبه عزیرالله العطاردی.

مشخصات نشر:تهران: عطارد، 1386.

مشخصات ظاهری:26ج.

شابک: (ج. 3) 9 - 49 - 7237-964-978 : ( دوره ) 8 - 46 - 7237 - 964 - 978

وضعیت فهرست نویسی:فیپا

يادداشت:عربی.

یادداشت:کتابنامه.

موضوع:علی بن ابی طالب (علیه السلام)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40 ق.

موضوع:علی بن ابی طالب (علیه السلام)، امام اول، 23 قبل از هجرت - 40ق -- احادیث.

رده بندی کنگره:5م6ع / BP37

رده بندی دیویی:297/951

شماره کتابشناسی ملی:1 0 6 4 1 9 2

انتشارات عطارد

مرکز فرهنگی خراسان

80

اسم الكتاب : مسند الامام امیرالمؤمنین علی بن ابی طالب علیه السلام

( ج 3)

المؤلّف الشيخ عزيز الله العطاردى

الناشر: نشر عطارد

المطبعة: افست ● الطبعة الأولى: 1386

العدد: 3000

مرکز پخش: تجریش خیابان در بند نبش خیابان جعفرآباد، پلاک 340 و 342

تلفن: 22703362 - تلفکس: 22709053

«حقوق الطبع محفوظة للمؤلف»

شابک : (ج. 93 - 49 - 7237 - 964 - 978 ؛ (دوره) 8 - 46 - 7237 - 964 - 978

ص: 2

بسم الله الرحمن الرحیم

باب ماجرى له عند وفاة النبي عليهما السلام

اشارة

1- عن سليم قال سمعت البراء بن عازب يقول كنت أحب بني هاشم حبا شديدا في حياة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و بعد وفاته فلما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أوصى العليا علیه السلام أن لا يلي غسله غيره و أنه لا ينبغي لأحد أن يرى عورته غيره و أنه ليس أحد يرى عورة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إلا ذهب بصره.

فقال علي علیه السلام يا رسول الله فمن يعينني على غسلك قال جبرائيل في جنود من الملائكة فكان علي علیه السلام يغسله و الفضل بن العباس مربوط العينين يصب الماء و الملائكة يقلبونه له كيف شاء و لقد أراد علي علیه السلام أن ينزع قميص رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فصاح به صائح لا تنزع قميص نبيك يا علي فأدخل يده تحت القميص فغسله ثم حنطه و كفنه ثم نزع القميص عند تكفينه و تحنيطه.

2- الصفار حدثنا بعض أصحابنا عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر علیه السلام قال لما قضى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمنبوته و استكملت أيامه أوحى الله إليه يا محمد صلی الله علیه وآله وسلم ما قد

لعل قضيت نبوتك و استكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك و الآثار و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب علیه السلام فإني لم أقطع علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من

ص: 3

بيوتات الأنبياء الذين كانوا بينك و بين أبيك آدم صلوات الله عليه و عليهم أجمعين.

3- عنه حدثنا محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر علیه السلام قال سمعته يقول فلما قضى محمد صلی الله علیه وآله نبوته و استكملت أيامه أوحى الله إليه يا محمد صلی الله علیه وآله قد قضيت نبوتك و استكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك و الإيمان و الاسم الأكبر و ميراث العلم و آثار علم النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب فإني لم أقطع علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء.

4- محمد بن يعقوب عن محمد بن الحسين عن سهل بن زياد عن ابن فضال عن علي بن النعمان عن أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر علیه السلام قال قلت له كيف كانت الصلاة على النبي صلی الله علیه وآله وقال لما غسله أمير المؤمنين علیه السلام و كفنه سجاه ثم أدخل عليه عشرة فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنين علیه السلام في وسطهم فقال: «إِنَّ اللهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِياً» فيقول القوم كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة و أهل العوالي.

5- عنه عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن علي بن سيف عن أبي المغراء عن عقبة بن بشير عن أبي جعفر علیه السلام قال قال النبي صلی الله علیه وآله لعلي علیه السلام يا علي ادفني في هذا المكان و ارفع قبري من الأرض أربع أصابع و رش عليه من الماء.

6- عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله علیه السلام قال أتى العباس أمير المؤمنين علیه السلام فقال يا

باب ماجرى له عند وفاة النبي عليهما السلام

ص: 4

علي إن الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في بقيع المصلى و أن يؤمهم رجل منهم فخرج أمير المؤمنين علیه السلام إلى الناس فقال يا أيها الناس أقبض إن رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم إمام حيا و ميتا و قال إني أدفن في البقعة التي فيها ثم قام على الباب فصلى عليه ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون.

7- عنه عن محمد بن يحيى عن سلمة الخطاب عن علي بن سيف عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر علیه السلام قال لما قبض النبي صلى الله عليه و آله و سلم صلت عليه الملائكة و المهاجرون و الأنصار فوجا فوجا قال و قال أمير المؤمنين علیه السلام سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول في يقول في صحته سلامته إنما أنزلت هذه الآية علي في الصلاة علي بعد قبض الله لي «إِنَّ اللهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً».

8- الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال حدثنا محمد ابن حمدان الصيدلاني قال حدثنا محمد بن مسلم الواسطي قال حدثنا محمد ابن هارون قال أخبرنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عبد الله بن زيد الجرمي عن ابن عباس قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و عنده أصحابه قام إليه عمار بن ياسر فقال له فداك أبي وأمي يا رسول الله من يغسلك منا إذا كان ذلك منك قال ذاك علي بن أبي طالب علیه السلام لأنه لا أنه لا يهم بعضو أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك.

من

فقال له فداك أبي وأمي يا رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فمن يصلي عليك منا إذا كان ذلك منك قال مه رحمك الله ثم قال لعلى علیه السلام يا ابن أبي طالب إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني و أنق غسلي و كفني في طمري هذين أو في بياض مصر و برد یمان و لا تغال كفني و احملوني حتى تضعوني على

ص: 5

شفير قبري فأول من يصلي علي الجبار جل جلاله من فوق عرشه ثم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا الله عز وجل ثم الحافون بالعرش.

ثم سكان أهل سماء فسماء ثم جل أهل بيتي و نسائي الأقربون فالأقربون يؤمون إيماء و يسلمون تسليما لا تؤذوني بصوت نادية و لا مزنة ثم قال يا بلال هلم علي بالناس فاجتمع الناس فخرج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم متعصبا بعمامته متوكئا على قوسه حتى صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه.

ثم قال معاشر أصحابي أي نبي كنت لكم ألم أجاهد بين أظهركم ألم تكسر رباعيتي ألم يعفر جبيني ألم تسل الدماء على حر وجهي حتى كنفت لحيتي ألم أكابد الشدة و الجهد مع جهال قومي ألم أربط حجر المجاعة على بطني قالوا بلى يا رسول الله لقد كنت الله صابرا و عن منكر بلاء الله ناهيا فجزاك الله عنا أفضل الجزاء قال وأنتم فجزاكم الله.

ثم قال إن ربي عز و جل حكم و أقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم فناشدتكم بالله أي رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة إلا قام فليقتص منه فالقصاص في دار الدنيا أحب إلي من القصاص في دار الآخرة على رءوس الملائكة و الأنبياء فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له سوادة بن قيس فقال له.

فداك أبي وأمي يا رسول الله إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك و أنت على ناقتك العضباء و بيدك القضيب الممشوق فرفعت القضيب و أنت تريد الراحلة فأصاب بطني و لا أدري عمدا أو خطأ فقال معاذ الله أن أكون تعمدت ثم قال يا بلال قم إلى منزل فاطمة فأتني بالقضيب الممشوق فخرج بلال و هو ينادي في سكك المدينة معاشر الناس من ذا الذي يعطي

ص: 6

القصاص من نفسه قبل يوم القيامة.

فهذا محمد صلی الله علیه وآله وسلم يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة و طرق بلال الباب على فاطمة علیها السلام و هو يقول يا فاطمة قومي فوالدك يريد القضيب الممشوق فأقبلت فاطمة علیها السلام و هي تقول يا بلال و ما يصنع والدي الالم بالقضيب و ليس هذا يوم القضيب فقال بلال أما علم القضيب فقال بلال أما علمت أن والدك قد صعد المنبر و هو يودع أهل الدين و الدنيا فصاحت فاطمة علیها الیلام و قالت:

واغماه لغمك يا أبتاه من للفقراء والمساكين و ابن السبيل يا حبيب الله و حبيب القلوب ثم ناولت بلالا القضيب فخرج حتى ناوله رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال رسول الله أين الشيخ فقال الشيخ ها أنا ذا يا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بأبي أنت وأمي فقال تعال فاقتص مني حتى ترضى فقال الشيخ فاكشف لي عن بطنك يا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فكشف صلی الله علیه وآله وسلم عن بطنه.

فقال الشيخ بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك فأذن له فقال أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله من النار يوم النار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يا سوادة بن قيس أتعفو أم تقتص فقال بل أعفو يا رسول الله فقال صلی الله علیه وآله وسلم اللهم اعف عن سوادة بن قيس كما عفا عن نبيك محمد .

ثم قام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فدخل بيت أم سلمة و هو يقول رب سلم أمة محمد من نار و يسر عليهم الحساب فقالت أم سلمة يا رسول الله ما لي أراك مغموما متغير اللون فقال نعيت إلي نفسي هذه الساعة فسلام لك في الدنيا فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبدا فقالت أم سلمة وا حزناه حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمداه.

ثم قال صلی الله علیه وآله وسلم ادع لي حبيبة قلبي و قرة عيني فاطمة تجيء فجاءت

ص: 7

فاطمة و هي تقول نفسي لنفسك الفداء و وجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه ألا تكلمني كلمة فإني أنظر إليك و أراك مفارق الدنيا و أرى عساكر الموت تغشاك شديدا فقال لها يا بنية إني مفارقك فسلام عليك مني قالت يا أبتاه.

فأين الملتقى يوم القيامة قال عند الحساب قالت فإن لم ألقك عند الحساب قال عند الشفاعة لأمتي قالت فإن لم ألقك عند الشفاعة لأمتك قال عند الصراط جبرئيل عن يميني و ميكائيل عن يساري و الملائكة من خلفي و قدامي ينادون رب سلم أمة محمد صلی الله علیه وآله وسلم من النار و يسر عليهم الحساب فقالت فاطمة علیها السلام .

فأين والدتي خديجة قال في قصر له أربعة أبواب إلى الجنة ثم أغمي على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فدخل بلال و هو يقول الصلاة رحمك الله فخرج رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وصلى بالناس و خفف الصلاة ثم قال ادعوا إلي علي بن أبي طالب و أسامة بن زيد فجاءا فوضع صلی الله علیه وآله وسلم يده على عاتق علي و الأخرى على أسامة ثم قال انطلقا بي إلى فاطمة فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها.

فإذا الحسن و الحسين عليهما السلام يبكيان و يصطرخان و هما يقولان أنفسنا لنفسك الفداء و وجوهنا لوجهك الوقاء فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من هذان یا علي قال هذان ابناك الحسن و الحسين فعانقهما وقبلهما و كان الحسن علیه السلام أشد بكاء فقال له كف يا حسن فقد شققت على رسول الله فنزل ملك الموت فقال السلام عليك يا رسول الله قال وعليك السلام يا ملك الموت لي إليك حاجة قال و ما حاجتك يا نبي الله.

قال حاجتي أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرئيل فيسلم علي و أسلم عليه فخرج ملك الموت و هو يقول يا محمداه فاستقبله جبرئيل في

ص: 8

الهواء فقال يا ملك الموت قبضت روح محمد صلی الله علیه وآله وسلم قال لا يا جبرئيل سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه و يسلم عليك فقال جبرئيل يا ملك الموت أما ترى أبواب السماء مفتحة لروح محمد أما ترى حور العين قد تزين لمحمد ثم نزل جبرئيل.

فقال السلام عليك يا أبا القاسم فقال و عليك السلام يا جبرئيل ادن مني حبيبي جبرئيل فدنا منه فنزل ملك الموت فقال له جبرئيل يا ملك الموت احفظ وصية الله في روح محمد صلی الله علیه وآله وسلم و كان جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و ملك الموت آخذ بروحه صلی الله علیه وآله وسلم فلما كشف الثوب عن وجه رسول الله نظر إلى جبرئيل فقال له عند الشدائد تخذلني، فقال يا محمد إنك ميت و إنهم ميتون كل نفس ذائقة الموت.

9- عنه قال و روي عن ابن عباس أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في ذلك المرض كان يقول ادعو إلي حبيبي فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه فقيل لفاطمة امضي إلى علي فما نرى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يريد غير علي فبعثت فاطمة إلى علي علیه السلام فلما دخل فتح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عينيه و تهلل وجهه ثم قال إلي يا علي إلي يا علي فما زال صلی الله علیه وآله وسلم يدنيه حتى أخذه بيده و أجلسه عند رأسه.

ثم أغمي عليه فجاء الحسن و الحسين عليهما السلام يصيحان و يبكيان حتى وقعا على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فأراد على علیه السلام أن ينحيها عنه فأفاق رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم قال يا علي دعني أشمهما و يشماني و أتزود منها و يتزودان مني أما إنهما سيظلمان بعدي و يقتلان ظلها فلعنة الله على من يظلمهما يقول ذلك ثلاثا ثم مد يده إلى علي علیه السلام فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه و وضع فاه على فيه و جعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت

ص: 9

روحه الطيبة صلی الله علیه وآله وسلم .

فانسل علي علیه السلام من تحت ثيابه و قال أعظم الله أجوركم في نبيكم فقد قبضه الله إليه فارتفعت الأصوات بالضجة و البكاء فقيل لأمير المؤمنين علیه السلام ما الذي ناجاك به رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حين أدخلك تحت ثيابه فقال علمني ألف باب يفتح لي كل باب ألف باب.

10 - عنه حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال حدثنا الحسن بن متيل قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن موسى بن سعدان عن عبد بن القاسم عن عمر بن أبان الكلبي عن أبان بن تغلب.

قال قال أبو عبد الله الصادق علیه السلام إن أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي علیهما السلام فلم يؤذن لهم في القتال فرجعوا في الاستئذان و هبطوا و قد قتل الحسين علیه السلام فهم عند قبره شعث غير يبكونه إلى يوم القيامة و رئيسهم ملك يقال له منصور وصلى الله على محمد و آله.

11 - قال المفيد: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي قال حدثنا جعفر بن محمد الحسني قال حدثنا عيسى بن مهران قال أخبرنا يونس بن محمد قال حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل قال أخبرني عبد الرحمن خلاد الأنصاري عن عكرمة عن عبد الله بن عباس قال إن علي بن أبي طالب و العباس بن عبد المطلب و الفضل بن العباس دخلوا على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه.

فقالوا يا رسول الله هذه الأنصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك فقال و ما يبكيهم قالوا يخافون أن تموت فقال أعطوني أيديكم فخرج في ملحفة و عصابة حتى جلس على المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فما تنكرون من موت نبيكم ألم أنع إليكم وتنع إليكم أنفسكم

ص: 10

لو خلد أحد قبلي.

ثم بعث إليه الخلدت فيكم ألا إني لاحق بربي و قد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله تعالى بين أظهركم تقرءونه صباحا و مساء فلا تنافسوا و لا تحاسدوا و لا تباغضوا و كونوا إخوانا كما أمركم الله و قد خلفت فيكم عترتي أهل بيتي و أنا أوصيكم بهم.

ثم أوصيكم بهذا الحي من الأنصار فقد عرفتم بلاهم عند الله عز و جل و عند رسوله و عند المؤمنين ألم يوسعوا في الديار و يشاطروا الثمار و يؤثروا بهم الخصاصة فمن ولى منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الأنصار و ليتجاوز عن مسيئهم و كان آخر مجلس جلسه حتى لقي الله عز و جل.

12 - عنه قال حدثنا أبو نصر محمد بن الحسين المقري البصري، قال حدثنا عبد الله بن يحيى القطان قال حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد القرشي قال حدثنا أبي قال حدثنا الحسين بن مخارق عن عبد الصمد بن علي عن أبيه عن عبد الله بن العباس رضي الله عنه قال لما توفي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم تولى غسله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام و العباس معه و الفضل بن العباس

فلما فرغ علي علیه السلام من غسله كشف الإزار عن وجهه ثم قال بأبي أنت و أمي طبت حيا و طبت ميتا انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممن سواك من النبوة و الإبناء فيك سواء و لو لا أنك أمرت بالصبر و نهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشئون و لكان الداء حما طلا و الكمد محالفاً و قلاء لك و لكنه ما لا يملك رده و لا يستطاع ،رفعه، بأبي أنت و أمي اذكرنا عند ربك و اجعلنا من همك ثم أكب عليه فقبل وجهه و مد الإزار عليه.

ص: 11

13 - عنه قال: كان مما أكد له من الفضل و خصصه منه بجليل رتبته ما خلا حجة الوداع من الأمور المتجددة لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و الأحداث التي اتفقت بقضاء الله وقدره. و ذلك أنه علیه السلام تحقق من دنو أجله ما كان قدم الذكر به لامته.

فجعل الله يقوم مقاما بعد مقام في المسلمين يحذرهم من الفتنة بعده و الخلاف عليه و يؤكد وصائتهم بالتمسك بسنته و الاجتماع عليها والوفاق و يحثهم على الاقتداء بعترته و الطاعة لهم والنصرة و الحراسة والاعتصام بهم في الدين و يزجرهم عن الخلاف والارتداد.

و كان فيها ذكره من ذلك علیه السلام ما جاءت به الرواة على اتفاق و اجتماع من قوله علیه السلام أيها الناس إني فرطكم وأنتم واردون على الحوض ألا و إني سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يلقياني وسألت ربي ذلك فأعطانيه ألا و إني قد تركتها فيكم كتاب الله و عترتي أهل بيتي و لا تسبقوهم فتفرقوا و لا تقصروا عنهم فتهلكوا ولا تعلموهم. فإنهم أعلم منكم أيها الناس لا ألفينكم بعدي ترجعون كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرار ألا و إن علي بن أبي طالب أخي و وصيي يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فكان علیه السلام يقوم مجلسا بعد مجلس بمثل هذا الكلام و نحوه.

14 - عنه ثم إنه عقد لأسامة بن زيد بن حارثة الإمرة و ندبه أن يخرج بجمهور الأمة إلى حيث أصيب أبوه من بلاد الروم و اجتمع رأيه علیه السلام على إخراج جماعة من متقدمي المهاجرين والأنصار في معسكره حتى لا يبقى في المدينة عند وفاته صلی الله علیه وآله وسلم من يختلف في الرئاسة ويطمع في التقدم

ص: 12

على الناس بالإمارة.

و يستتب الأمر لمن استخلفه من بعده و لا ينازعه في حقه منازع فعقد له الإمرة على ما ذكرناه. و جدعلیه السلام في إخراجهم فأمر أسامة بالبروز عن المدينة بمعسكره إلى الجرف و حث الناس على الخروج إليه و المسير معه و حذرهم من التلوم و الإبطاء عنه.

فبينا هو في ذلك إذ عرضت له الشكاة التي توفي فيها فلما أحس بالمرض الذي عراه أخذ بيد علي بن أبي طالب علیه السلام و اتبعه جماعة من الناس وتوجه إلى البقيع.

فقال لمن تبعه إنني قد أمرت بالاستغفار لأهل البقيع فانطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم فقال علیه السلام السلام عليكم يا أهل القبور ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها ثم استغفر لأهل البقيع طويلا و أقبل علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام .

فقال له إن جبرئيل علیه السلام كان يعرض علي القرآن كل سنة مرة و قد عرضه علي العام مرتين و لا أراه إلا لحضور أجلي.

ثم قال يا علي إني خيرت بين خزائن الدنيا و الخلود فيها أو الجنة فاخترت لقاء ربي و الجنة فإذا أنا مت فاغسلني و استر عورتي فإنه لا يراها أحد إلا أكمه، ثم عاد إلى منزله علیه السلام فمكث ثلاثة أيام موعوكا ثم خرج إلى المسجد معصوب الرأس معتمدا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بيمنى يديه و على الفضل بن العباس باليد الأخرى حتى صعد المنبر فجلس عليه .

ثم قال معاشر الناس قد حان مني خفوق من بين أظهركم فمن كان له

ص: 13

عندي عدة فليأتني أعطه إياها و من كان له على دين فليخبرني به.

معاشر الناس ليس بين الله و بين أحد شيء يعطيه به خيرا أو يصرف به عنه شرا إلا العمل أيها الناس لا يدعي مدع و لا يتمنى متمن و الذي بعثني بالحق لا ينجي إلا عمل مع رحمة و لو عصيت لهويت اللهم هل ،بلغت ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة و دخل بيته و كان إذ ذاك في بيت أم سلمة رضي الله عنها فأقام به يوما أو يومين.

فجاءت عائشة إليها تسألها أن تنقله إلى بيتها لتتولى تعليله وسألت أزواج النبي صلی الله علیه وآله وسلم في ذلك فأذن لها فانتقل صلی الله علیه وآله وسلم إلى البيت الذي أسكنه عائشة و استمر به المرض أياما و ثقل علیه السلام. فجاء بلال عند صلاة الصبح و رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و مغمور بالمرض فنادى الصلاة رحمكم الله فأوذن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بندائه فقال يصلي بالناس بعضهم فإنني مشغول بنفسي. فقالت عائشة مروا أبا بكر و قالت حفصة مروا عمر.

فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حين سمع كلامها و رأى حرص كل واحدة منهما على التنويه بأبيها و افتتانها بذلك و رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حي اكففن فإنكن صويحبات يوسف ثم قام الله مبادرا خوفا من تقدم أحد الرجلين و قد كان أمرهما علیه السلام بالخروج إلى أسامة و لم يكن عنده إنهما قد تخلفا.

فلما سمع من عائشة و حفصة ما سمع علم أنهما متأخران عن أمره فبدر لكف الفتنة و إزالة الشبهة فقام علیه السلام و أنه لا يستقل على الأرض من الضعف فأخذ بيده علي بن أبي طالب علیه السلام و الفضل بن عباس فاعتمدهما و رجلاه تخطان الأرض من الضعف. فلما خرج إلى المسجد وجد أبا بكر قد سبق إلى المحراب فأوماً إليه بيده أن تأخر عنه فتأخر أبو بكر و قام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مقامه.

ص: 14

فكبر و ابتدأ الصلاة التي كان قد ابتدأ بها أبو بكر و لم يبن على ما مضى من فعاله. فلما سلم انصرف إلى منزله و استدعى أبا بكر و عمر و جماعة ممن حضر المسجد من المسلمين ثم قال ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة فقالوا بلى يا رسول الله قال فلم تأخرتم عن أمري فقال أبو بكر إنني كنت خرجت ثم رجعت لأجدد بك عهدا و قال عمر يا رسول الله لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب.

فقال النبي صلی الله علیه وآله وسلم فانفذوا جيش أسامة فانفذوا جيش أسامة يكررها ثلاث مرات ثم أغمي عليه من التعب الذي لحقه و الأسف فمكث هنيهة مغمى عليه و بكى المسلمون و ارتفع النحيب من أزواجه و ولده و النساء المسلمات و من حضر من المسلمين. فأفاق علیه السلام فنظر إليهم.

ثم قال انتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا، ثم أغمي عليه فقام بعض من حضر يلتمس دواتا و كتفا فقال له عمر ارجع فإنه يهجر فرجع و ندم من حضره على ما كان منهم من التضجيع في إحضار الدواة و الكتف فتلاوموا بينهم فقالوا إنا لله و إنا إليه راجعون لقد أشفقنا من خلاف رسول الله. فلما أفاق صلی الله علیه وآله وسلم قال بعضهم ألا نأتيك بدواة و كتف يا رسول الله.

فقال أبعد الذي قلتم لا و لكنني أوصيكم بأهل بيتي خيرا ثم أعرض بوجهه عن القوم فنهضوا و بقي عنده العباس و الفضل و علي بن أبي طالب و أهل بيته خاصة. فقال له العباس يا رسول الله إن يكن هذا الأمر فينا مستقرا بعدك فبشرنا و إن كنت تعلم أنا نغلب عليه فأوص بنا.

فقال أنتم المستضعفون من بعدي و أصمت فنهض القوم و هم يبكون قد أيسوا من النبي صلی الله علیه وآله وسلم . فلما خرجوا من عنده قال علیه السلام ارددوا علي أخي

ص: 15

علي بن أبي طالب و عمي فانفذوا من دعاهما فحضرا فلما استقر بهما المجلس.

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا عباس يا عم رسول الله تقبل وصيتي و تنجز عدتي و تقضي عني ديني فقال العباس يا رسول الله عمك شيخ كبير ذو عيال كثير و أنت تباري الريح سخاء و كرما و عليك وعد لا ينهض ب-ه عمك فأقبل علي أمير المؤمنين علیه السلام.

فقال له يا أخي تقبل وصيتي و تنجز عدتي و تقضي عني ديني و تقوم بأمر أهلي من بعدي قال نعم يا رسول الله فقال له ادن مني فدنا منه فضمه إليه ثم نزع خاتمه من يده فقال له خذ هذا فضعه في يدك و دعا بسيفه و درعه و جميع لامته فدفع ذلك إليه و التمس عصابة كان يشدها على بطنه إذا لبس سلاحه و خرج إلى الحرب فجيء بها إليه فدفعها إلى أمير المؤمنين علیه السلام و قال له امض على اسم الله إلى منزلك.

فلما كان من الغد حجب الناس عنه و ثقل في مرضه و كان أمير المؤمنين لا يفارقه إلا لضرورة فقام في بعض شئونه فأفاق علیه السلام إفاقة فافتقد عليا علیه السلام فقال و أزواجه حوله ادعوا لي أخي وصاحبي و عاوده الضعف فأصمت فقالت عائشة ادعوا له أبا بكر فدعي فدخل عليه فقعد عند رأسه.

فلما فتح عينه نظر إليه و أعرض عنه بوجهه فقام أبو بكر فقال لو كان له إلي حاجة لأفضى بها إلي فلما خرج أعاد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم القول ثانية و قال ادعوا لي أخي وصاحبي فقالت حفصة ادعوا له عمر فدعي فلما حضر رآه النبي علیه السلام فأعرض عنه فانصرف. ثم قال علیه السلام ادعوا لي أخي و صاحبي فقالت أم سلمة رضي الله عنها ادعوا له عليا فإنه لا يريد غيره فدعي أمير المؤمنين علیه السلام.

ص: 16

فلما دنا منه أوماً إليه فأكب عليه فناجاه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم طويلا ثم قام فجلس ناحية حتى أغنى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال له الناس ما الذى أوعز إليك يا أبا الحسن فقال علمني ألف باب فتح لي كل باب ألف باب و وصاني بما أنا قائم به إن شاء الله. ثم ثقل علیه السلام وحضره الموت و أمير المؤمنين علیه السلام حاضر عنده فلما قرب خروج نفسه.

قال له ضع رأسي يا علي في حجرك فقد جاء أمر الله عز و جل فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك و امسح بها وجهك ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل على أول الناس و لا تفارقني حتى تواريني في رمسي و استعن بالله تعالى فأخذ علي علیه السلام رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه فأكبت فاطمة علیها السلام تنظر في وجهه و تندبه و تبكي، و تقول:

و أبيض يستسق الغمام بوجهه *** ثمال اليتامى عصمة للأرامل

ففتح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عينيه و قال بصوت ضئيل يا بنية هذا قول عمك أبي طالب لا تقوليه و لكن قولي «وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ»

فبكت طويلا فأومأ إليها بالدنو منه فدنت منه فأسر إليها شيئا تهلل له وجهها. ثم قضى علیه السلام و يد أمير المؤمنين علیه السلام اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه الا فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها ثم وجهه و غمضه و مد عليه إزاره و اشتغل بالنظر في أمره .

15 - عنه فجاءت الرواية أنه قيل لفاطمة علیها السلام ما الذي أسر إليك رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فسري عنك ما كنت عليه من الحزن و القلق بوفاته قالت إنه خبرني أننى أول أهل بيته لحوقا به و أنه لن تطول المدة بي بعده حتى أدركه فسري ذلك عني و لما أراد أمير المؤمنين علیه السلام غسله صلی الله علیه وآله وسلم استدعى

ص: 17

الفضل بن عباس فأمره أن يناوله الماء لغسله بعد أن عصب عينيه.

ثم شق قميصه من قبل جيبه حتى بلغ به إلى سرته و تولى علیه السلام غسله و تحنيطه وتكفينه و الفضل يعاطيه الماء و يعينه عليه فلما فرغ من غسله و تجهيزه تقدم فصلى عليه وحده لم يشركه معه أحد في الصلاة عليه و كان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه و أين يدفن فخرج إليهم أمير المؤمنين علیه السلام فقال لهم.

إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إمامنا حيا وميتا فيدخل إليه فوج فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام و ينصرفون و إن الله تعالى لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه و إني دافنه في حجرته التي قبض فيها فسلم القوم لذلك ورضوا به. و لما صلى المسلمون عليه أنفذ العباس بن عبد المطلب برجل إلى أبي عبيدة بن الجراح و كان يحفر لأهل مكة و يضرح و كان ذلك عادة أهل مكة و أنفذ إلى زيد بن سهل و كان يحفر لأهل المدينة و يلحد و استدعاهما و قال.

اللهم خر لنبيك فوجد أبو طلحة زيد بن سهل فقيل له احتفر لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فحفر له لحدا و دخل أمير المؤمنين علیه السلام و العباس بن عبد المطلب و الفضل بن العباس و أسامة بن زيد ليتولوا دفن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فنادت الأنصار من وراء البيت يا علي إنا نذكرك الله و حقنا اليوم من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن يذهب أدخل منا رجلا يكون لنا به حظ من مواراة رسول اللهُ اصلی الله علیه وآله وسلم.

فقال ليدخل أوس بن خولي و كان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج فلما دخل قال له علي علیه السلام أنزل القبر فنزل و وضع أمير المؤمنين علیه السلام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على يديه و دلاه في حفرته فلما حصل في

ص: 18

الأرض قال له اخرج فخرج و نزل علي بن أبي طالب علیه السلام القبر فكشف عن وجه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمو وضع خده على الأرض موجها إلى القبلة على يمينه ثم وضع عليه اللبن و أهال عليه التراب.

و كان ذلك في يوم الإثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من هجرته صلوات الله وسلامه عليه و هو ابن ثلاث وستين سنة. و لم يحضر دفن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة.

16 - عنه عن علي بن إسماعيل بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن رفاعة بن موسى عن أبي عبد الله علیه السلام أن رسول الله كان يملي على علي علیه السلام صحيفة فلما بلغ نصفها وضع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رأسه في حجر علي ثم كتب علي الله حتى امتلأت الصحيفة فلما رفع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رأسه قال من أملى عليك يا علي فقال أنت يا رسول الله قال بل أملى عليك جبرئيل.

17 - عنه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و أحمد و عبد الله ابنا محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله علیه السلام قال سمعته يقول دعا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عليا علیه السلام و دعا بدفتر فأملى عليه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بطنه و أغمي عليه فأملى عليه جبرئيل ظهره فانتبه رسول الله صلى الله عليه و آله سلم فقال من أملى عليك هذا يا علي فقال أنت يا رسول الله فقال أنا أمليت عليك بطنه و جبرئيل أملى عليك ظهره و كان قرآنا يملى عليه.

18 - عنه عن أحمد بن محمد بن عیسی و محمد بن عبد الجبار عن محمد بن خالد البرقي عن فضالة بن أيوب عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن مولاه حمزة بن رافع عن أم سلمة زوجة النبي صلی الله علیه وآله وسلم قالت

ص: 19

قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في مرضه الذي توفي فيه ادعوا لي خليلي فأرسلت عائشة إلى أبيها.

فلما جاء غطّى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وجهه و قال ادعوا لي خليلي فرجع أبو بكر و بعثت حفصة إلى أبيها فلما جاء غطى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وجهه و قال ادعوا لي خليلي فرجع عمر و أرسلت فاطمة إلى علي علیه السلام فلما جاء قام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فدخل ثم جلل عليا بثوبه قالت قال علي علیه السلام فحدثني بألف حديث حتى عرقت و عرق رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فسال علي عرقه و سال عليه عرقي.

19 - الطوسي بإسناده قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن صلت، قال أخبرنا أحمد، قال حدثنا محمد بن سليمان بن بزيع، قال حدثنا إسماعيل بن أبان، قال حدثنا عبد الله بن مسلم الملائي، عن أبيه، عن إبراهيم بن علقمة ،الأسود عن ،عائشة قالت قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لما حضره الموت ادعوا لي حبیبی.فقلت لهم ادعوا له ابن أبي طالب فو الله ما يريد غيره، فلما جاءه فرج الثوب الذي كان عليه ثم أدخله فيه، فلم يزل يحتضنه حتى قبض و يده عليه.

20 - عنه بإسناده أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت، عن أحمد بن محمد قال حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال حدثنا عبد العزيز بن الخطاب، قال حدثنا ناصح عن زكريا، عن أنس قال اتكأ النبي صلی الله علیه وآله وسلم على علي علیه السلام فقال يا علي أما ترضى أن تكون أخي و أكون أخاك، وتكون وليي و وصيي و وارثي تدخل رابع أربعة الجنة أنا و أنت و الحسن و الحسين وذريتنا علیهم السلام خلف ظهورنا، و من تبعنا من أمتنا عن أيمانهم و شمائلهم قال بلى يا رسول الله.

ص: 20

21 - الطبري الامامي: قال حدثنا عبد الله بن المسلم الملائي عن إبراهيم بن علقمة و الأسود سود عن عائشة قالت قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لما حضره الموت ادعوا إلي حبيبي فقلت أدعو له ابن أبي طالب علیه السلام فو الله ما يريد غيره فلما جاءه فرج الثوب الذي كان عليه و أدخله فيه فلم يزل محتضنة حتى قبض و يده عليه.

22 - قال الطبرسي: لما أحس النبي صلی الله علیه وآله وسلم بالمرض الذي اعتراه و ذلك يوم السبت أو يوم الأحد لليال بقين من صفر أخذ بيد علي علیه السلام و تبعه جماعة من أصحابه و توجه إلى البقيع ثم قال السلام عليكم أهل القبور ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها ثم قال إن جبرئيل كان يعرض علي القرآن كل سنة مرة و قد عرضه علي العام مرتين و لا أراه إلا لحضور أجلي.

ثم قال يا علي إني خيرت بين خزائن الدنيا والخلود فيها أو الجنة فاخترت لقاء ربي ربي و الجنة فإذا أنا مت فغسلني و استر عورتي فإنه لا يراها أحد إلا أكمه ثم عاد إلى منزله فمكث ثلاثة أيام موعوكا ثم خرج إلى المسجد یوم الأربعاء معصوب الرأس متكئا على علي بيمنى يديه و على الفضل بن عباس باليد الأخرى.

فجلس على المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس إنه قد حان مني خفوق من بين أظهركم فمن كانت له عدة فلياً عندي فليأتني أعطه إياها و من كان له عندي دين فليخبرني به فقام رجل فقال يا رسول الله لي عندك عدة إني تزوجت فوعدتني بثلاثة أواق فقال انحلها إياه يا فضل.

23 - في البحار عن البصائر عن محمد بن علي بن محبوب عن جعفر ابن إسماعيل الهاشمي عن أيوب بن نوح عن النوفلي عن إسماعيل بن عبد الله

ص: 21

ابن جعفر عن أبيه عن علي الله قال أوصاني النبي صلی الله علیه وآله وسلم إذا أنا مت فغسلني بست قرب من بئر غرس فإذا فرغت من غسلي فأدرجني في أكفاني ثم ضع فاك على في قال ففعلت و أنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة.

24- عنه عن الخرائج عن جعفر بن إسماعيل الهاشمي مثله و فيه بسبع قرب.

25 - عنه عن البصائر عن أحمد بن محمد عن الأهوازي عن القاسم ابن محمد عن علي بن أبي حمزة عن عمر بن أبي شعبة قال لما حضر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الموت دخل عليه علي علیه السلام فأدخل رأسه معه ثم قال يا علي إذا أنا مت فاغسلني و كفني ثم أقعدني وسائلني و اكتب.

26- عنه عن ابن يزيد عن مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله علیه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم الأمير المؤمنين علیه السلام إذا أنا مت فاغسلني من بئر الغرس ثم أقعدني و سلني عما بدا لك.

27 - عنه عن أحمد بن محمد عن خالد محمد بن و سعيد بن جناح عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله علیه السلام قال دعا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم علیا علیه السلام حين حضره الموت فأدخل رأسه معه فقال يا علي إذا أنا مت فغسلني و كفني ثم أقعدني وسائلني و اكتب.

28 - عنه عن الحسين بن سعيد عن القاسم عن علي بن أبي حمزة عن عمر بن أبي شعبة عن أبان بن تغلب مثله.

29 - عنه عن الحسن بن علي عن أحمد بن هلال عن ابن أبي عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله علیه السلام قال قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لأمير المؤمنين علیه السلام إذا أنا مت فغسلني فكفني ثم أقعدني و سائلني و اكتب.

30 - عنه عن الحسين بن سعيد عن القاسم عن علي بن أبي حمزة عن

ص: 22

عمر بن سليمان الجعفي عن أبي عبد الله علیه السلام قال قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لأمير المؤمنين علیه السلام إذا أنا مت فغسلني و حنطني و كفني و أقعدني و ما أملي عليك فاكتب قال قلت ففعل قال نعم.

31 - عنه عن أحمد بن هلال عن إسماعيل بن عباد البصري عن محمد بن أبي حمزة عن سليمان الجعفي عنه علیه السلام مثله.

32 - عنه عن محمد بن الحسين عن البزنطي عن فضيل سكرة عن أبي عبد الله علیه السلام قال قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لعلي علیه السلام إذا أنا مت فاستق لي ست قرب من ماء بئر غرس فغسلني و كفني وخذ بمجامع كفني و أجلسني ثم سلني ما شئت فو الله لا تسألني عن شيء إلا أجبتك.

33- عنه عن سعد عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إبراهيم بن صالح الأنماطي عن الحسن بن زيد بن الحسن عمن حدثه عن عبدالله بن جعفر ابن أبي طالب عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إذا أنا مت فغسلني بسبع قرب من بئر غرس غسلني بثلاث قرب غسلا و شن علي أربعا شنا فإذا غسلتني و حنطتني و كفنتني فأقعدني وضع يدك على فؤادي ثم سلني أخبرك بما هو كائن إلى يوم القيامة قال ففعلت و كان علیه السلام إذا أخبرنا بشيء قال هذا مما أخبرني به النبي صلی الله علیه وآله وسلم بعد موته.

34 - عنه عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن سيف عن أبي بكر عن عمار الدهني عن مولى الرافعي عن أم سلمة زوجة النبي صلی الله علیه وآله وسلم قالت قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في مرضه الذي توفي فيه ادعوا لي خليلي فأرسلت عائشة إلى أبيها.

فلما جاء غطى رسول الله علیه السلام وجهه و قال ادعوا لي خليلي فرجع متحيرا و أرسلت حفصة إلى أبيها فلما جاءه غطى وجهه و قال ادعوا لي

ص: 23

خليلي فرجع متحيرا و أرسلت فاطمة علیها السلام إلى على علیه السلام فلما أن جاء قام رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم جلل عليا بثوبه فقال علي علیه السلام حدثني ألف حديث كل حديث يفتح ألف باب حتى عرق رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فسأل عرقه على و سال عرقي عليه.

35 - عنه عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن يحيى بن معين العطار عن بشير الدهان عن أبي عبد الله علیه السلام قال قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في المرض الذي توفي فيه لعائشة و حفصة ادعيا لي خليلي فأرسلتا إلى أبويهما فلما جاءا نظر إليهما رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فأعرض عنهما ثم قال ادعيا لي خليلي فأرسلتا إلى علی علیه السلام فجاء فلم يزل يحدثه فلما خرج لقياه فقالا ما حدثك خليلك فقال حدثني بألف باب يفتح كل باب ألف باب.

36 - ابن هشام قال ابن اسحاق حدثني يعقوب بن عتبة عن محمد بن مسلم الزهري، عن عبيد الله بن عتبة عن عائشة زوج النبي صلی الله علیه وآله وسلم قالت فخرج رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يمشى بين رجلين من أهله أحدهما الفضل ابن العباس ورجل آخر عاصبا رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتي.

قال عبيد الله فحدثت هذا الحديث عبد الله بن العباس فقال هل تدري من الرجل الآخر قال قلت لا قال علي بن أبي طالب. ثم غمر رسول الله واشتد به وجعه فقال هريقوا على سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج الى الناس فأعهد إليهم قالت فأقعدناه في مخضب لحفصة بنت عمر ثم صببنا عليه الماء حتى طفق يقول حسبكم حسبكم.

37 - عنه قال ابن اسحاق قال الزهري حدثني عبدالله بن كعب بن مالک عن عبدالله بن عباس قال: خرج يومئذ علي بن أبي طالب علیه السلام علی الناس من عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، فقال له الناس يا ابا حسن كيف اصبح

ص: 24

رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، قال اصبح بحمد الله بارثا قال: فاخذ العباس بيده، ثم قال: يا على.

أنت عبد العضا بعد ثلاث أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله صلى الله عليه و آله سلم كما كنت اعرفه في وجوه بني عبد المطلب فانطلق بنا إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، فإن كان هذا الأمر فينا أعرفنا و إن كان في غيرنا أمرنا فأوصى بنا الناس، قال فقال له علي علیه السلام انى و الله لا افعل والله لئن منعناه لا يؤتيناه احد بعده.

فتوفي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الحين اشتد الضحاء من تلك اليوم.

38- عنه قال ابن اسحاق فلما بويع ابو بكر أقبل الناس على جهاز رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يوم الثلاثاء، فحدثني عبدالله بن أبي بكر و حسين بن عبدالله وغيرهما من أصحابنا:

أن علي بن أبي طالب والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم هم الذین ولوا غسله وان اوس بن خولي أحد بني عوف بن الخزرج قال لعلي بن أبي طالب أنشدك الله يا علي وحظنا من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وكان أوس من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأهل بدر،

قال: ادخل فدخل فجلس وحضر غسل رسول الله صلى الله عليه و آله سلم فأسنده علي بن ابي طالب الى صدره وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه معه وكان أسامة ابن زيد وشقران مولاه هما اللذان يصبان الماء عليه وعلي يغسله قد أسنده الى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه لا يفضي بيده الى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و علي يقول بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ولم ير من رسول الله شيء مما يرى من الميت.

ص: 25

39- عنه قال ابن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت: لما أرادوا غسل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم اختلفوا فيه فقالوا والله ما ندري أنجرد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه قالت فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره.

ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي وعليه ثيابه قالت فقاموا الى رسول الله فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم.

40- عنه قال محمد بن اسحاق و قد حدثني فاطمة علیها السلام هذا الحديث. قال محمد بن إسحاق وكان الذي نزلوا في قبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم علي بن أبي طالب علیه السلام والفضل بن العباس وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

41 - عنه وقد قال أوس بن خولي لعلي بن أبي طالب علیه السلام : يا علي أنشدك الله وحطّنا من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال له : انزل، فنزل مع القوم، وقد كان مولاه شقران مولى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حين وضع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في حفرته وبني عليه قد أخذ قطيفة كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يلبسها ويفترشها فدفنها في القبر وقال: والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا.

قال فدفنت مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم .

42 - عنه وكان المغيرة بن شعبة يدّعي أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ويقول: أخذت ،خاتمي، فألقيته في القبر، وقلت إن خاتمي سقط منى، وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فأكون أحدث الناس به عهد صلی الله علیه وآله وسلم.

ص: 26

43 - قال ابن إسحاق: فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل عن مولاه عبدالله بن الحارث قال اعتمرت مع علي بن أبي طالب الله في زمان عمر أو زمان عثمان، فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب، فلما فرغ من عمرته رجع فسكبت له غسل فاغتسل.

فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا يا أبا الحسن جئناك نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه؟ قال: أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم . قالوا أجل عن ذلك جئنا نسألك قال: كذب؛ قال: أحدث الناس عهدا برسول الله قثم ابن عباس .

44 - قال الطبري: حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة، قال حدثنا محمد بن إسحاق. وحدثنا ابن حميد قال حدثنا علي بن مجاهد قال حدثنا ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبیدالله بن عبدالله صَلَ اللّهُ عَلَه بن عتبة عن عائشة زوج النبي صلی الله علیه وآله وسلم قالت:

رجع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وارأساه قال بل أنا والله يا عائشة وارأساه ثم قال ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك فقلت والله لكأني بك لو فعلت ذلك رجعت إلى بيتي فأعرست ببعض نسائك.

قالت فتبسم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و تنام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استعز به وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي فأذنّ له.

فخرج رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن

ص: 27

العباس ورجل آخر تخط قدماه الأرض عاصبا رأسه حتى دخل بيتي.

- قال عبيد الله فحدثت هذا الحديث عنها عبدالله بن عباس فقال

هل تدري من الرجل قلت لا قال علي بن أبي طالب علیه السلام ولكنها كانت لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع.

ثم غمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم واشتد به الوجع فقال أهريقوا عليَّ من سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم قالت فأقعدناه مخضب لحفصة بنت عمر ثم صببنا عليه الماء حتى طفق يقول حسبكم حسبكم.

45 - عنه حدثنا أبو كريب وصالح بن سمال قال حدثنا وكيع عن مالک بن مغول عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال يوم الخميس وما يوم الخميس قال ثم نظرت إلى دموعه تسيل على خديه كأنها نظام اللؤلؤ قال قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ائتوني باللوح والدواة أو بالكتف والدواة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده قال فقالوا إن رسول الله يهجر.

46- عنه حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن وهب قال حدثني عمي عبدالله بن وهب قال أخبرني يونس عن الزهري قال أخبرني عبدالله بن كعب بن مالك أن ابن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب علیه السلام خرج من عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمفي وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله قال أصبح بحمد الله بارئا فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب.

فقال ألا ترى أنك بعد ثلاث عبد العصا وإني أرى رسول الله سيتوفى في وجعه هذا وإني لأعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت فاذهب إلى

ص: 28

رسول الله فسله فيمن يكون هذا الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا أمر به فأوصى بنا قال علي والله لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطيناها الناس أبدا والله لا أسألها رسول الله أبدا.

47- عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهری عن عبدالله بن کعب بن مالک عن عبدالله بن عباس قال خرج يومئذ علي بن أبي طالب على الناس من عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم ذکر نحوه غير أنه قال في حديثه.

أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول صلی الله علیه وآله وسلم ، كما كنت أعرفه فه في وجوه بني عبد المطلب فانطلق بنا إلى رسول الله فإن كان هذا الأمر فينا علمنا، وإن كان في غيرنا أمرنا فأوصى بنا الناس وزاد فيه أيضا فتوفي رسول الله حين اشتد الضحى من ذلک الیوم.

48 - عنه حدثت عن هشام بن محمد عن أبي مخنف قال حدثني الصقعب بن زهير عن فقهاء أهل الحجاز أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثقل في وجعه الذي توفي فيه حتى أغمي عليه فاجتمع إليه نساؤه وابنته وأهل بيته والعباس بن عبد المطلب وعلي بن ابي طالب وجميعهم وإن أسماء بنت عميس قالت .

ما وجعه هذا إلا ذات الجنب فلدوه فلددناه فلما أفاق قال من فعل بي هذا قالوا لدتك أسماء بنت عميس ظنت أن بك ذات الجنب قال أعوذ بالله أن يبليني بذات الجنب أنا أكرم على الله من ذلك.

49 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن

سعيد بن عبيد بن السباق عن محمد بن أسامة بن زيد عن أبيه أسامة بن زيد قال لما ثقل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم هبطت وهبط الناس معى إلى المدينة

ص: 29

فدخلنا على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقد أصمت فلا يتكلم فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي فعرفت أنه يدعو لي.

50 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبيدالل عبیدالله بن عبدالله عن عائشة قالت كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمكثيرا ما أسمعه وهو يقول إن الله عز وجل لم يقبض نبيا حتى يخيره.

51 - عنه حدثنا أبو كريب قال حدثنا يونس بن بكير قال حدثنا يونس بن عمرو عن أبيه عن الأرقم بن شرحبيل قال سألت ابن عباس أوصى رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قال لا قلت فكيف كان ذلك قال قال رسول الله ابعثوا إلى علي علیه السلام فادعوه فقالت عائشة لو بعثت إلى أبي بكر وقالت حفصة لو بعثت إلى عمر فاجتمعوا عنده جميعا.

فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم انصرفوا فإن تك لي حاجة ابعث إليكم فانصرفوا وقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أن الصلاة قيل نعم قال فأمروا أبا بكر ليصلي بالناس فقالت عائشة إنه رجل رقيق فمر عمر فقال مروا عمر فقال عمر ما كنت لأتقدم وأبو بكر شاهد.

فتقدم أبو بكر ووجد رسول الله خفة فخرج فلما سمع أبو بكر حركته تأخر فجذب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثوبه فأقامه مكانه وقعد رسول الله فقرأ من حيث انتهى أبو بكر.

52 - عنه قال أبو جعفر فلما بويع أبو بكر أقبل الناس على جهاز رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال بعضهم كان ذلك من فعلهم يوم الثلاثاء وذلك الغد من وفاته صلی الله علیه وآله وسلم وقال بعضهم إنما دفن بعد وفاته بثلاثة أيام وقد مضى ذكر بعض قائلي ذلك.

53 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن

ص: 30

عبدالله بن أبي بكر وكثير بن عبدالله وغيرهما من اصحابه عمن يحدثه عن عبدالله بن عباس أن علي بن أبي طالب علیه السلام والعباس بن عبدالمطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم هم قال علي الذين ولوا غسله وإن أوس بن خولي أحد بني عوف بن الخزرج قال لعلي ابن أبي طالب علیهخ السلام.

أنشدك الله يا علي وحظنا من رسول الله وكان أوس من أصحاب بدر وقال ادخل فدخل فحضر غسل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فأسنده علي بن أبي طالب إلى صدره وكان العباس والفضل وقتم هم الذين يقلبونه معه.

وكان أسامة بن زيد وشقران مولياه هما اللذان يصبان الماء وعلي يغسله قد أسنده إلى صدره وعليه قميصه يدلكه من ورائه لا يفضي بيده إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و علي يقول بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ولم ير من

رسول الله شيء مما يرى من الميت.

54 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن يحيى ابن عباد عن أبيه عباد عن عائشة قالت لما ارادوا أن يغسلوا النبي صلی الله علیه وآله وسلم اختلفوا فيه فقالوا والله ما ندري أنجرد رسول الله من ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه فلما اختلفوا ألقي عليهم السنة حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره.

ثم كلمهم متكلم من ناحية البيت لا يدرى من هو أن اغسلوا النبي وعليه ثيابه قالت فقاموا إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون عليه الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم.

55 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت محمد بن عمارة امرأة عبدالله يعني ابن أبي بكر عن عمرة بنت

ص: 31

عبدالرحمن بن سعد بن زرارة عن عائشة أم المؤمنين قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل ليلة الأربعاء.

56 - عنه قال ابن إسحاق وكان الذي نزل قبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على ابن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وشقران مولى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقد قال أوس بن خولي أنشدك الله يا علي وحظنا من رسول الله فقال له انزل.

فنزل مع القوم وقد كان شقران مولى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمحين وضع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في حفرته وبني عليه قد أخذ قطيفة كان رسول الله يلبسها ويفترشها فقذفها في القبر وقال والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا قال فدفنت مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم .

قال ابن إسحاق وكان المغيرة بن شعبة يدعي أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ويقول أخذت خاتمي فألقيته في القبر وقلت إن خاتمي قد سقط وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله فأكون آخر الناس به عهدا.

57 - عنه حدثني ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبيه إسحاق بن يسار عن مقسم أبي القاسم مولى عبدالله بن الحارث بن نوفل عن مولاه عبدالله بن الحارث قال اعتمرت مع علي بن أبي طالب علیه السلام في زمان عمر أو زمان عثمان فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب فلما فرغ من عمرته رجع وسكبت له غسلا فاغتسل.

فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا يا أبا الحسن جئنا نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا به فقال أظن المغيرة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قالوا أجل عن ذا جئنا نسألك قال كذب كان أحدث الناس عهدا برسول الله قثم بن العباس.

ص: 32

58 - قال المسعودي: والذي وجدنا عليه آل محمد عليهم الصلاة و - السلام أنه قبض ابن ثلاث وستين سنة، و لما غسل عليه الصلاة و السلام كفن في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين و ثوب حبرة أدرج فيها إدراجاً. و نزل في قبره علي بن أبي طالب و الفضل و فتم ابنا العباس وشقران مولى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، و قد ذكر في مقدار الثياب للكفن غير ما ذكرنا، والله أعلم بكيفية ذلك.

59 - ابن الاثير : قال ابن عباس يوم الخميس و ما يوم الخميس - ثم جرت دموعه على خديه – اشتدّ برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، مرضه و وجعه، فقال: إيتوني بدواة وبيضاء أكتب لكم كتاباً لاتصلون بعدي أبداً. فتنازعوا - و لا ينبغي عند نبي تنازع - فقالوا: إنّ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يهجز فجعلوا يعيدون عليه :

فقال: دعوني فما أنا فيه خير مما تدعونني إليه، فأوصى بثلاث أن يخرج المشركون من جزيرة العرب، و أن يجاز الوفد بنحو مما كان يجيزهم. و سكت عن الثالثة عمداً، أو قال: نسيتها.

60 - الحافظ أبو نعيم: حدثنا أبو بكر الطلحي ثنا أبو حصين ثنا أبو الطاهر أحمد بن عيسى ثنا الحسين بن زيد عن عبد الله بن محمد بن عمر بن على بن أبى طالب عن أبيه عن جدّه عن علىّ علیه السلام قال كفنت النبي صلی الله علیه وآله وسلم فی ثلاثة أثواب ثوبين سحوليين برد حبرة.

61- حدثنا الطلحى ثنا أبو حصين ثنا أبو طاهر أحمد بن عيسى ثنا أبن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس سمعت علي بن أبي طالب علیه السلام يقول خرج علينا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، فقال اللهم ارحم خلفائي قلنا يا رسول الله و من خلفاؤك قال

ص: 33

الذين يأتون من بعدى يروون أحاديثي و سنتي و يعلمونها الناس.

62 - الحافظ ابن عساكر: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبدالله، أنبأنا أبو الخطيب، أنبأنا أبو القاسم عبيدالله بن محمد بن عبدالله النجار، أنبأنا محمد بن المظفر، أنبأنا اسحاق بن محمد بن مروان، أنبأنا أبي، أنبأنا الحسن ابن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي أبي اسحاق: عن بشير الغفاري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم العلي : أنت تغسلني و تواريني في لحدي و تبين لهم بعدى.

63 - روى الخطيب عن الحسن المالكي قال أنبأنا عمذ بن محمد بن على الناقد قال أنبأنا عبدالله بن ناجية، قال نبأنا أبوبكر محمد بن حاتم بن بزيع قال نبأنا اسحاق بن منصور قال نبأنا ابن عياش عن ابن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن علي علیه السلام : أنه غسل النبي صلی الله علیه وآله وسلم ، فعصر بطنه في الوسطى فلم يخرج شيئاً فقال بأبي أنت وأمى طيباً في الحياة و طيّباً فى الموت.

64- قال ابن أبى الحديد روى أبوبكر الجوهري: وحدثني يعقوب ابن شيبة عن أحمد بن أيوب عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن عباس قال خرج علي علیه السلام: على الناس من عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في المعرضه فقال له الناس كيف أصبح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا أبا حسن.

قال أصبح بحمد الله بارئا قال فأخذ العباس بيد علي ثم قال يا علي أنت عبد العصا بعد ثلاث أحلف لقد رأيت الموت في وجهه و إني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه و آله سلم فاذكر له هذا الأمر إن كان فينا أعلمنا و إن كان في غيرنا أوصى بنا فقال لا أفعل و الله إن

ص: 34

منعناه اليوم لا يؤتيناه الناس بعده قال فتوفي رسول الله ذلك اليوم.

65 - عنه قد روي من قصة وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنه عرضت له الشكاة التي عرضت في أواخر صفر من سنة إحدى عشرة للهجرة فجهز جیش أسامة بن زيد فأمرهم بالمسير إلى البلقاء حيث أصيب زيد و جعفر علیه السلام من الروم و خرج في تلك الليلة إلى البقيع و قال إني قد أمرت بالاستغفار عليهم.

فقال علیه السلام السلام عليكم يا أهل القبور ليهنكم ما أصبحتم فيه مم-ا أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها ثم استغفر لأهل البقيع طويلا ثم قال لأصحابه إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل عام مرة و قد عارضني به العام مرتين فلا أراه إلا لحضور أجلي ثم انصرف إلى بيته فخطب الناس في غده.

فقال معاشر الناس قد حان مني خفوق من بين أظهركم فمن كان له عندي عدة فليأتني أعطه إياها و من كان علي دين فليأتني أقضه أيها الناس إنه ليس بين الله و بين أحد نسب و لا أمر يؤتيه به خيرا أو يصرف عنه شرا إلا العمل ألا لا يدعين مدع و لا يتمنين متمن و الذي بعثني بالحق لا ينجي إلا عمل مع رحمة و لو عصيت لهويت اللهم قد بلغت.

ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة ثم دخل بيت أم سلمة ثم انتقل إلى بيت عائشة يعلله النساء و الرجال أما النساء فأزواجه و بنته علیه السلام و أما الرجال فعلي علیه السلام و العباس و الحسن و الحسين عليهما السلام و كانا غلامين يومئذ و كان الفضل بن العباس يدخل أحيانا إليهم.

ثم حدث الاختلاف بين المسلمين أيام مرضه فأول ذلك التنازع الواقع يوم قال صلی الله علیه وآله وسلم قال ائتوني بدواة و قرطاس و تلا ذلك حديث التخلف

ص: 35

عن جيش أسامة و قول عياش بن أبي ربيعة أيولى هذا الغلام على جلة المهاجرين والأنصار.

66 - عنه روی محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبيد اللهبن عتبة رسول الله تلك الليلة من عبید الله بن عتبة عن عائشة قالت قالت رجع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم تلک اللیلة من البقيع فوجدني و أنا أجد صداعا في رأسي و أقول وا رأساه فقال بل أنا وا رأساه ثم قال ما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك فكفنتك وصليت عليك و دفنتك فقلت والله لكأني بك لو كان ذلك رجعت إلى منزلي فأعرست ببعض نسائك.

فتبسم علیه السلام و تتام به وجعه و هو مع ذلك يدور على نسائه حتى استعز به و هو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن العباس و رجل آخر تخط قدماه في الأرض عاصبا رأسه حتى دخل بيته.

67- عنه قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة فحدثت عبد الله بن العباس بهذا الحديث فقال أتدري من الرجل الآخر قلت لا قال علي بن أبي طالب علیه السلام لكنها كانت لا تقدر أن تذكره بخير و هي تستطيع قالت ثم عمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و اشتد به الوجع فقال أهريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم قالت فأقعدته في مخضب لحفصة بنت عمر و صببنا عليه الماء حتى طفق يقول بيده حسبكم حسبكم.

68 - عنه روى أبو جعفر عن ابن عباس قال خرج علي بن أبي طالب علیه السلام من عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال له الناس يا أبا الحسن كيف أصبح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال أصبح بحمد الله بارثا فأخذ

ص: 36

العباس بيده و قال ألا ترى أنك بعد ثلاث عبد العصا إني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب فاذهب إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فسله فيمن يكن هذا الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك و إن كان في غيرنا وصى بنا فقال علي أخشى أن أسأله فيمنعناها فلا يعطيناها الناس أبدا.

69 - ابن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن الذي ولى دفن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و إجنانه أربعة نفر دون الناس: على و عباس و الفضل و صالح مولى النبي صلی الله علیه وآله وسلم، فلحدوا له و نصبوا عليه اللبن نصباً.

70- عنه حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: دخل قبر النبي صلی الله علیه وآله وسلم على و الفضل و أسامة، قال الشعبي وحدثني مرحب أو أبي مرحب - أن عبد الرحمن بن عوف دخل معهم القبر.

71- حدثنا ابن إدريس عن إسماعيل عن الشعبي قال: غسل النبی صلی الله علیه وآله وسلم على و الفضل و أسامة، قال: وحدثني ابن أبي مرحب أن عبدالرحمن بن عوف دخل معهم القبر، قال: وقال الشعبي من يلى الميت إلا أهله، و في حديث ابن إدريس عن أبي خالد: و جعل على يقول: بأبى و أمي طبت حياً وميتاً.

72 - عنه حدثنا ابن إدريس عن ابن جريج عن محمد بن على قال: غسل النبي صلی الله علیه وآله وسلم في قميص، فولى على سفلته علیه السلام، و الفضل محتضنه العباس يصب الماء، قال: و الفضل يقول: أرحنى قطعت و تيني، إني لأجد شيئاً ينزل على قال و غسل من بئر سعد بن خيثمة بقباء و هي البئر التي يقال لها: بئر أريس، قال: وقد والله شربت منها و اغتسلت.

73 - عنه حدثنا عبد الأعلى و ابن مبارك عن معمر عن الزهري عن

ص: 37

سعيد بن المسيب أن علياً التمس من النبي كرمه الله ما يلتمس من الميت فلم يجد شيئاً، فقال: بأبي وأمى طبت حياً وميتاً.

المنابع

(1) اصل سليم: 74 ، (2) بصائر الدرجات: 468 - 469،

(3) الكافي : 450/12 ، (4) امالي الصدوق: 376، (5) امالى المفيد: 36 - 68 ، (6) الأرشاد ،4 ، (7) الاختصاص: 275-285 (8) امالی الطوسي: 341/1 ، (9) بشارة المصطفي: 299 ، (10) اعلام الوری: 140،

(11) بحار الانوار: 213/40، الى 215،

(12) سيرة ابن هشام 298/4 ، 304 - 312 ، الى 315،

(13) تاريخ الطبري: 189/3 - 193، إلى 196 - 211 ، الى 214

(14) مروج الذهب (291/2 ، (15) كامل التواريخ : 321/2 - 332

(16) اخبار اصفهان (81/1)، (17) ترجمة الامام علي: 487/2،

(18) تاریخ بغداد (268/2 (19) شرح نهج البلاغة: 51/2 و 183/10 و 27/13 - 31، (20) مصنف ابن أبي شيبة 556/14 - 558 .

ص: 38

باب ماجرى له عليه السلام في السقيفة

اشارة

1-سليم بن قيس قال البراء بن عازب فلما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم تخوفت أن تتظاهر قريش على إخراج هذا الأمر من بني هاشم فلما صنع الناس ما صنعوا من بيعة أبي بكر أخذني ما يأخذ الواله التكول مع ما بي من الحزن لوفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فجعلت أتردد و أرمق وجوه الناس و قد خلا الهاشميون برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الغسله و تحنيطه و قد بلغني الذي كان من قول سعد بن عبادة و من اتبعه من جهلة أصحابه.

فلم أحفل بهم و علمت أنه لا يئول إلى شيء فجعلت أتردد بينهم و بين المسجد و أتفقد وجوه قريش فإني لكذلك إذ فقدت أبا بكر و عمر ثم لم ألبث حتى إذا أنا بأبي بكر و عمر و أبي عبيدة قد أقبلوا في أهل السقيفة و هم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمر بهم أحد إلا خبطوه فإذا عرفوه مدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر شاء ذلك أم أبى.

فأنكرت عند ذلك عقلي جزعا منه مع المصيبة برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فخرجت مسرعا حتى أتيت المسجد ثم أتيت بني هاشم و الباب مغلق دونهم فضربت الباب ضربا عنيفا و قلت يا أهل البيت فخرج إلي الفضل ابن العباس فقلت قد بايع الناس أبا بكر.

فقال العباس قد تربت أيديكم منها إلى آخر الدهر، أما إني قد أمرتكم فعصيتموني فمكثت أكابد ما في نفسي، فلما كان الليل خرجت إلى

ص: 39

المسجد فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بالقرآن فانبعثت من مكاني فخرجت نحو الفضاء - فضاء بني بياضة -

فوجدت نفرا يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا فانصرفت عنهم فعرفوني و ما عرفتهم فدعوني إليهم فأتيتهم فإذا المقداد و أبو ذر و سلمان و عمار بن ياسر وعبادة بن الصامت و حذيفة بن اليمان و الزبير بن العوام و حذيفة يقول و الله ليفعلن ما أخبرتكم به فو الله ما كذبت و لا كذبت و إذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين والأنصار.

فقال حذيفة انطلقوا بنا إلى أبي بن كعب فقد علم مثل ما علمت فانطلقنا إلى أبي ابن كعب فضربنا عليه بابه فأتى حتى صار خلف الباب ثم قال من أنتم، فكلمه المقداد فقال ما جاء بك؟ فقال افتح بابك فإن الأمر الذي جئنا فيه أعظم من أن يجري وراء الباب فقال ما أنا بفاتح بابي و قد علمت ما جئتم له و ما أنا بفاتح بابي كأنكم أردتم النظر في هذا العقد فقلنا نعم فقال أفيكم حذيفة.

فقلنا نعم قال القول ما قال حذيفة فأما أنا فلا أفتح بابي حتى يجري على ما هو جار عليه جار عليه و لما يكون بعدها شر منها و إلى الله جل ثناؤه المشتكى قال فرجعوا ثم دخل أبي بن كعب بيته قال و بلغ أبا بكر و عمر الخبر فأرسلا إلى أبي عبيدة بن الجراح و المغيرة بن شعبة فسألاهما الرأي.

فقال المغيرة بن شعبة أرى أن تلقوا العباس بن عبد المطلب فتطمعوه في أن يكون له في هذا الأمر نصيب يكون له و لعقبه من بعده فتقطعوا عنكم بذلك ناحية علي بن أبي طالب فإن العباس بن عبد المطلب لو صار معكم كانت الحجة على الناس و هان عليكم أمر علي بن أبي طالب وحده.

قال فانطلق أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح حتى دخلوا على

ص: 40

العباس بن عبد المطلب في الليلة الثانية من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قال فتكلم أبو بكر فحمد الله جل و عز و أثنى عليه ثم قال: إن الله بعث لكم محمدا نبيا و للمؤمنين وليا فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم حتى اختار له ما عنده وترك للناس أمرهم.

ليختاروا لأنفسهم مصلحتهم متفقين لا مختلفين فاختاروني عليهم واليا و لأمورهم راعيا فتوليت ذلك و ما أخاف بعون الله وهنا و لا حيرة و لا جبنا و ما توفيق إلا بالله، غير أني لا أنفك من طاعن يبلغني فيقول بخلاف قول العامة فيتخذكم لجأ فتكونون حصنه المنيع و خطبه البديع فإما دخلتم مع الناس فيها اجتمعوا عليه أو صرفتموهم عما مالوا إليه فقد جئناك و نحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك و لعقبك من بعدك إذ كنت عم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و إن كان الناس أيضا قد رأوا مكانك و مكان صاحبك فعدلوا بهذا الأمر عنكما، فقال عمر إي والله و أخرى يا بني هاشم علی رسلکم.

فإن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم منا ومنكم و إنا لم نأتكم لحاجة منا إليكم و لكن كرهنا أن يكون الطعن فيا اجتمع عليه المسلمون فيتفاقم الخطب بكم و بهم فانظروا لأنفسكم و للعامة، فتكلم العباس فقال إن الله ابتعث محمدا صلی الله علیه وآله وسلم كما وصفت نبيا وللمؤمنين وليا.

فإن كنت برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم طلبت هذا الأمر فحقنا أخذت و إن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم ما تقدمنا في أمرك و لا تشاورنا و لا تؤامرنا و لا نحب لك ذلك إذ كنا من المؤمنين و كنا لك من الكارهين و أما قولك أن تجعل لي في هذا الأمر نصيبا فإن كان هذا الأمر لك خاصة فأمسك عليك فلسنا محتاجين إليك و إن كان حق المؤمنين.

ص: 41

فليس لك أن تحكم في حقهم، و إن كان حقنا فإنا لا نرضى منك ببعضه دون بعض و أما قولك يا عمر إن رسول الله منا ومنكم فإن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم شجرة نحن أغصانها و أنتم جيرانها فنحن أولى به منكم و أما قولك إنا نخاف تفاقم الخطب بكم فهذا الذي فعلتموه أوائل ذلك و الله المستعان فخرجوا من عنده و أنشأ العباس يقول:

ما كنت أحسب هذا الأمر منحرفا *** عن هاشم ثم منهم عن أبي حسن

أليس أول من صلى لقبلتكم *** وأعلم الناس بالآثار و السنن

و أقرب الناس عهدا بالنبي و من *** جبريل عون له في الغسل و الكفن

من فيه ما في جميع الناس كلهم *** وليس في الناس مافيه من الحسن

من ذا الذي ردكم عنه فنعرفه *** ها إن بيعتكم من أول الفتن

2 - عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس قال سمعت سلمان الفارسي قال لما أن قبض النبي الله صلی الله علیه وآله وسلم و صنع الناس ما صنعوا جاءهم أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح فخاصموا الأنصار فخصموهم بحجة علي علیه السلام فقالوا يا معاشر الأنصار قريش أحق بالأمر منكم.

لأن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من قريش و المهاجرون خير منكم لأن الله بدأ بهم في كتابه وفضلهم و قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الأئمة من قريش، قال سلمان فأتيت عليا علیه السلام و هو يغسل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و قد كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أوصى عليا علیه السلام أن لا يلي غسله غيره

فقال يا رسول الله من يعينني على ذلك فقال جبرائيل فكان علي علیه السلام لا يريد عضوا إلا قلب له فلما غسله و حنطه و كفنه أدخلني فأدخل أبا ذر و المقداد و فاطمة و الحسن و الحسين علیهم السلام فتقدم علي علیه السلام وصففنا خلفه و صلى عليه وعائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ الله ببصرها.

ص: 42

ثم أدخل عشرة من المهاجرين و عشرة من الأنصار فكانوا يدخلون و يدعون و يخرجون حتى لم يبق أحد شهد من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه قال سلمان الفارسي فأخبرت عليا علیه السلام و هو يغسل رسول

الله صلی الله علیه وآله وسلم بما صنع القوم و قلت إن أبا بكر الساعة لعلى منبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما يرضون يبايعونه بيد واحدة و إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه و شماله.

فقال علي علیه السلام يا سلمان و هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله قلت لا إلا أني رأيته في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار و كان أول من بايعه المغيرة بن شعبة ثم بشير بن سعيد ثم أبو عبيدة الجراح ثم عمر بن الخطاب ثم سالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل.

قال علیه السلام لست أسألك عن هؤلاء و لكن هل تدري من أول من بايعه حين صعد المنبر قلت لا و لكن رأيت شيخا كبيرا يتوكأ على عصاه بين عينيه سجادة شديدة التشمير صعد المنبر أول من صعد و هو يبكي و يقول الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك في هذا المكان ابسط يدك فبسط يده فبايعه .

ثم قال يوم كيوم ،آدم ثم نزل فخرج من المسجد فقال علي علیه السلام يا سلمان أتدري من قلت لا و لقد ساءتني مقالته كأنه شامت بموت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال علي علیه السلام فإن ذلك إبليس أخبرني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن إبليس و رؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إياي يوم غدير خم بأمر الله و أخبرهم بأني أولى بهم من أنفسهم و أمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب.

فأقبل إلى إبليس أبالسته و مردة أصحابه فقالوا إن هذه الأمة أمة مرحومة معصومة فما لك و لا لنا عليهم سبيل وقد أعلموا مفزعهم و

ص: 43

إمامهم بعد نبيهم فانطلق إبليس كئيبا حزينا قال أمير المؤمنين علیه السلام أخبرني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و قال يبايع الناس أبا بكر في ظلة بنی ساعدة بعد تخاصمهم بحقنا و حجتنا ثم يأتون المسجد.

فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مشمر يقول كذا و كذا ثم يخرج فيجمع شياطينه و أبالسته فيخرون سجدا فيقولون يا سيدنا يا كبيرنا أنت الذي أخرجت آدم من الجنة فيقول أي أمة لن تضل بعد نبيها كلا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل.

فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا ما أمرهم الله به من طاعته و أمرهم به رسول الله صلى الله عليه و آله سلم و ذلك قوله تعالى: «وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» قال سلمان فلما أن كان الليل حمل علي علیه السلام فاطمة علیها السلام على حمار و أخذ بيدي ابنيه الحسن و الحسين علیهما السلام فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين و لا من الأنصار إلا أتاه في منزله.

فذكرهم حقه و دعاهم إلى نصرته فما استجاب له منهم إلا أربعة و أربعون رجلا فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رءوسهم معهم سلاحهم ليبايعوا على الموت فأصبحوا فلم يواف منهم أحد إلا أربعة فقلت لسلمان من الأربعة فقال أنا و أبو ذر و المقداد و الزبير بن العوام.

ثم أتاهم علي علیه السلام من الليلة المقبلة فناشدهم فقالوا نصبحك بكرة فما منهم أحد أتاه غيرنا ثم أتاهم الليلة الثالثة فما أتاه غيرنا فلما رأى غدرهم و قلة وفائهم له لزم بيته و أقبل على القرآن يؤلفه و يجمعه فلم يخرج من بيته حتى جمعه و كان في الصحف و الشظاظ والأسيار و الرقاع فلما جمعه كله و كتبه بيده، تنزیله و تأويله و الناسخ منه و المنسوخ بعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع .

ص: 44

فبعث إليه علي علیه السلام إني لمشغول و قد آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي رداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن وأجمعه فسكتوا عنه أياما فجمعه في ثوب واحد و ختمه ثم خرج إلى الناس و هم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فنادى علي علیه السلام بأعلى صوته.

يا أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مشغولا بغسله ثم بالقرآن حتى جمعته كله في هذا الثوب الواحد فلم ينزل الله على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم آية إلا و قد جمعتها و ليست منه آية إلا وقد جمعتها و ليست منه آية إلا و قد أقرأنيها رسول الله و علمني تأويلها ثم قال لهم علي علیه السلام لئلا تقولوا غدا «إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ»

ثم قال لهم علي علیه السلام لئلا تقولوا يوم القيامة إني لم أدعكم إلى نصرتي و لم أذكركم حقي و لم أدعكم إلى كتاب الله من فاتحته إلى خاتمته فقال عمر ما أغنانا ما معنا من القرآن عما تدعونا إليه ثم دخل علي علیه السلام بيته و قال عمر لأبي بكر أرسل إلى علي فليبايع فإنا لسنا في شيء حتى يبايع و لو قد بايع

أمناه.

فأرسل إليه أبو بكر أجب خليفة رسول الله. فأتاه الرسول فقال له ذلك فقال له علي علیه السلام سبحان الله ما أسرع ما كذبتم على رسول الله إنه ليعلم ويعلم الذين حوله أن الله و رسوله لم يستخلفا غيري و ذهب الرسول فأخبره بما قال له قال اذهب فقل له أجب أمير المؤمنين أبا بكر فأتاه فأخبره بما قال.

فقال له العلي علیه السلام سبحان الله ما و الله طال العهد فينسى و الله إنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي و لقد أمره رسول الله و هو سابع سبعة فسلموا علي بإمرة المؤمنين فاستفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة

ص: 45

فقالوا أمن الله و رسوله فقال لهما رسول الله صلى الله عليه و آله سلم منعم حقا من الله و رسوله.

إنه أمير المؤمنين و سيد المسلمين و صاحب لواء الغر المحجلين يقعده الله عز و جل يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة و أعداءه النار فانطلق الرسول فأخبره بما قال قال فسكتوا عنه يومهم ذلك.

فلما كان الليل حمل علي علیه السلام فاطمة علیه السلام على حمار و أخذ بيدي ابنيه الحسن و الحسين عليهم السلام فلم يدع أحدا من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إلا أتاه في منزله فناشدهم الله حقه و دعاهم إلى نصرته فما استجاب منهم رجل غيرنا الأربعة فإنا حلقنا رءوسنا و بذلنا له نصرتنا و كان الزبير أشدنا بصيرة في نصرته.

فلما رأى علي علیه السلام خذلان الناس إياه و تركهم نصرته و اجتماع كلمتهم مع أبي بكر وطاعتهم له و تعظيمهم إياه لزم بيته فقال عمر لأبي بكر ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره و غير هؤلاء الأربعة و كان أبو بكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما وأبعدهما غورا و الآخر أفظهما وأغلظها و أجفاهما.

فقال له أبو بكر من نرسل إليه فقال عمر نرسل إليه قنفذا و هو رجل فظ غلیظ جاف من الطلقاء أحد بني عدي بن كعب فأرسله و أرسل معه أعوانا و انطلق فاستأذن على علي علیه السلام فأبى أن يأذن لهم فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر و عمر و هما جالسان في المسجد والناس حولها فقالوا لم يؤذن لنا.

فقال عمر اذهبوا فإن أذن لكم و إلا فادخلوا بغير إذن فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة علیها السلام أحرج عليكم أن تدخلوا على بيتي بغير إذن فرجعوا و ثبت قنفذ الملعون فقالوا إن فاطمة قالت كذا وكذا فتحرجنا أن

ص: 46

ندخل بيتها بغير إذن فغضب عمر وقال ما لنا و للنساء.

ثم أمر أناسا حوله أن يحملوا الحطب فحملوا الحطب و حمل معهم عمر فجعلوه حول منزل علي وفاطمة وابناها ثم نادى عمر حتى أسمع عليا علیه السلام و فاطمة و الله لتخرجن يا علي و لتبايعن خليفة رسول الله و إلا أضرمت عليك النار فقالت فاطمة علیها السلام يا عمر ما لنا و لك فقال افتحي الباب و إلا أحرقنا عليكم بيتكم.

فقالت يا عمر أما تتقي الله تدخل على بيتي فأبى أن ينصرف و دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب ثم دفعه فدخل فاستقبلته فاطمة علیها السلام و صاحت يا أبتاه يا رسول الله فرفع عمر السيف و هو في غمده فوجاً ب-ه جنبها فصرخت يا أبتاه فرفع السوط فضرب به ذراعها فنادت یا رسول الله لبئس ما خلفك أبو بكر و عمر.

فوتب على علیه السلام فأخذ بتلابيبه ثم نتره فصرعه و وجأ أنفه و رقبته و هم بقتله فذكر قول رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و ما أوصاه به فقال و الذي كرم محمدا بالنبوة يا ابن صهاك لو لا كتاب من الله سبق و عهد عهده إلي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لعلمت أنك لا تدخل بيتي أنك لا تدخل بيتي فأرسل عمر يستغيث .

فأقبل الناس حتى دخلوا الدار و ثار علي علیه السلام إلى سيفه فرجع قنفذ إلى أبي بكر و هو يتخوف أن يخرج علي علیه السلام إليه بسيفه لما قد عرف من بأسه و شدته فقال أبو بكر لقنفذ ارجع فإن خرج و إلا فاقتحم عليه بيته فإن امتنع فأضرم عليهم بيتهم النار فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو و أصحابه بغير إذن و ثار علي علیه السلام إلى سيفه فسبقوه إليه و كاثروه و هم كثيرون فتناول بعض سيوفهم فكاثروه فألقوا في عنقه حبلا و حالت بينهم و بینه فاطمة علیها السلام عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين

ص: 47

ماتت و إن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله.

ثم انطلق بعلي علیه السلام يعتل عتلا حتى انتهي به إلى أبي بكر و عمر قائم بالسيف على رأسه و خالد بن الوليد و أبو عبيدة بن الجراح و سالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل و المغيرة بن شعبة و أسيد بن حضير و بشير بن سعد وسائر الناس حول أبي بكر عليهم السلاح.

قال قلت لسلمان أدخلوا على فاطمة عليها السلام بغير إذن قال إي والله و ما خمار فنادت يا أبتاه و يا رسول الله يا أبتاه فلبئس ما خلفك أبو بكر و عمر و عيناك لم تتفقاً في قبرك تنادي بأعلى صوتها فلقد رأيت أبا بكر و من حوله يبكون ما فيهم إلا باك غير عمر و خالد و المغيرة بن شعبة عمر يقول إنا لسنا من النساء و رأيهن في شيء.

قال فانتهوا بعلي علیه السلام إلى أبي بكر و هو يقول أما والله لو وقع سيفي في يدي لعلمتم أنكم لم تصلوا إلى هذا أبدا، أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم و لو كنت استمكنت من الأربعين رجلا لفرقت جماعتكم و لكن لعن الله أقواما بايعوني ثم خذلوني و لما أن بصر به أبو بكر صاح خلوا سبيله،

فقال علي علیه السلام يا أبا بكر ما أسرع ما توثبتم على رسول الله بأي حق و بأي منزلة دعوت الناس إلى بيعتك ألم تبايعني بالأمس بأمر الله و أمر رسول الله وقد كان قنفذ لعنه الله ضرب فاطمة علیها السلام بالسوط حين حالت بينه و بين زوجها و أرسل إليه عمر إن حالت بينك و بينه فاطمة فاضربها فألجأها قنفذ إلى عضادة ليتها و دفعها فكسر ضلعها من جنبها فألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت علیها السلام من ذلك شهيدة قال ولما انتهي بعلي علیه السلام إلى أبي بكر انتهره عمر و قال له بايع و دع عنك هذه الأباطيل، فقال له علی علیه السلام فإن لم أفعل فما أنتم صانعون.

ص: 48

قالوا نقتلك ذلا وصغارا، فقال إذا تقتلون عبد الله و أخا رسوله قال أبو بكر أما عبد الله فنعم و أما أخو رسول الله فما نقر بهذا قال أتجحدون أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم آخى بيني و بينه قال نعم فأعاد ذلك عليهم ثلاث مرات ثم أقبل عليهم علي علیه السلام فقال يا معشر المسلمين و المهاجرين والأنصار أنشدكم الله أسمعتم رسول الله صلى الله عليه و آله سلم يقول يوم غدير خم كذا و كذا.

فلم يدع علیه السلام شيئا قاله فيه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و علانية للعامة إلا ذكرهم إياه قالوا نعم فلما تخوف أبو بكر أن ينصره الناس و أن يمنعوه بادرهم فقال كلما قلت حق قد سمعناه بآذاننا و وعته قلوبنا و لكن قد سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله و أكرمنا و اختار لنا الآخرة على الدنيا و إن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة و الخلافة.

فقال علي علیه السلام هل أحد أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم شهد هذا معك، فقال عمر صدق خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قد سمعته منه كما قال و قال أبو عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل قد سمعنا ذلك من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقال لهم على علیه السلام لقد وفيتم بصحيفتكم التي تعاقدتم عليها في الكعبة إن قتل الله محمدا أو مات لتزون هذا الأمر عنا أهل البيت.

فقال أبو بكر فما علمك بذلك ما أطلعناك عليها فقال علیه السلام أنت يا زبير و أنت يا سلمان و أنت يا أبا ذر و أنت يا مقداد أسألكم بالله و بالإسلام أما سمعتم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول ذلك و أنتم تسمعون إن فلانا و فلانا حتى عدهم هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتابا و تعاهدوا فيه وتعاقدوا على ما صنعوا.

فقالوا اللهم نعم قد سمعنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول ذلك لك إنهم قد تعاهدوا وتعاقدوا على ما صنعوا وكتبوا بينهم كتابا إن قتلت أو مت أن

ص: 49

يزووا عنك هذا يا علي، قلت بأبي أنت و أمي يا رسول الله فما تأمرني إذا كان ذلك أن أفعل فقال لك إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم و نابذهم و إن أنت لم تجد أعوانا فبايع و احقن دمك.

فقال على علیه السلام أما والله لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا لي لجاهدتكم في الله و لكن أما والله لا ينالها أحد من عقبكما إلى يوم القيامة و فيما يكذب قولكم على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قوله تعالى «أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَ آتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً».

فالكتاب النبوة و الحكمة السنة و الملك الخلافة و نحن آل إبراهيم فقام المقداد فقال يا علي بما تأمرني و الله إن أمرتني لأضربن بسيفي و إن أمرتني كففت فقال علي علیه السلام كف يا مقداد و اذكر عهد رسول الله و ما أوصاك به فقمت و قلت والذي نفسي بيده لو أني أعلم أني أدفع ضيما و أعز لله دينا لوضعت سيفي على عنقي ثم ضربت به قدما قدما.

أتثبون على أخي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و وصيه و خليفته في أمته و أبي ولده فأبشروا بالبلاء و اقنطوا من الرخاء و قام أبو ذر فقال أيتها الأمة المتحيرة بعد نبيها المخذولة بعصيانها إن الله يقول «إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

و آل محمد الأخلاف من نوح و آل إبراهيم من إبراهيم و الصفوة و السلالة من إسماعيل و عترة النبي محمد أهل بيت النبوة و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و هم كالسماء المرفوعة و الجبال المنصوبة والكعبة المستورة

و العين الصافية و النجوم الهادية و الشجرة المباركة.

ص: 50

أضاء نورها و بورك زيتها محمد خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم و علي وصی الأوصياء و إمام المتقين و إمام المتقين وقائد الغر المحجلين و هو الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم و وصي محمد و وارث علمه و أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم كما قال الله «النَّبِيُّ أَوْلَى بِاللْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ و أُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ».

فقدموا من قدم الله و أخروا من أخر الله و اجعلوا الولاية و الوراثة لمن جعل الله فقام عمر فقال لأبي بكر و هو جالس فوق المنبر، ما يجلسك فوق المنبر و هذا جالس محارب لا يقوم فيبايعك أو تأمر به فنضرب عنقه و الحسن و الحسين عليهما السلام قائمان فلما سمعا مقالة عمر بكيا فضمهما علیهما السلام إلى صدره.

فقال لا تبكيا فو الله ما يقدران على قتل أبيكما و أقبلت أم أيمن حاضنة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقالت يا أبا بكر ما أسرع ما أبديتم حسدكم و نفاقكم فأمر بها عمر فأخرجت من المسجد وقال ما لنا وللنساء و ق-ام بريدة الأسلمي و قال.

أتئب يا عمر على أخي رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و أبي ولده و أنت الذي نعرفك في قريش بما نعرفك ألسما اللذين قال لكما رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم انطلقا إلى علي و سلما عليه بإمرة المؤمنين فقلتها أعن أمر الله و أمر رسوله قال نعم فقال أبو بكر قد كان ذلك و لكن رسول الله قال بعد ذلك لا يجتمع لأهل بيتي النبوة و الخلافة.

فقال والله ما قال هذا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و الله لا سكنت في بلدة أنت فيها أمير فأمر به عمر فضرب و طرد ثم قال قم يا ابن أبي طالب فبايع فقال علیه السلام فإن لم أفعل قال إذا و الله نضرب عنقك فاحتج عليهم ثلاث

ص: 51

مرات ثم مد يده من غير أن يفتح كفه فضرب عليها أبو بكر و رضي بذلك منه .

فنادى علي علیه السلام قبل أن يبايع و الحبل في عنقه «يا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي» و قيل للزبير بايع فأبى فوتب إليه عمر و خالد و المغيرة بن شعبة في أناس معهم فانتزعوا سيفه فضربوا به الأرض حتى كسروه ثم لببوه.

فقال الزبير و عمر على صدره يا ابن صهاك أما و الله لو أن سيفي في يدي لحدت عني ثم بايع، قال سلمان ثم أخذوني فوجئوا عنقي حتى تركوها كالسلعة ثم أخذوا يدي فبايعت مكرها، ثم بايع أبو ذر و المقداد مكرهين و ما بايع أحد من الأمة مكرها غير علي علیه السلام و أربعتنا و لم يكن منا أحد أشد قولا من الزبير فإنه لما بايع قال.

يا ابن صهاك أما والله لو لا هؤلاء الطغاة الذين أعانوك لما كنت تقدم علي و معي سيفي لما أعرف من جبنك و لؤمك و لكن وجدت طغاة تقوى بهم و و تصول فغضب عمر و قال أتذكر صهاك فقال و من صهاك و ما يمنعني من ذكرها و قد كانت صهاك زانية أو تنكر ذلك أو ليس كانت أمة حبشية لجدي عبد المطلب فزنى بها جدك نفيل فولدت أباك الخطاب فوهبها عبد المطلب لجدك بعد ما زنى بها فولدته وإنه لعبد الجدي ولد زنى فأصلح بينهما أبو بكر و كف كل واحد منهما عن صاحبه.

3- قال سليم بن قيس فقلت لسلمان أفبايعت أبا بكر يا سلمان و لم تقل شيئا قال قد قلت بعد ما بايعت تبا لكم سائر الدهر أو تدرون ما صنعتم بأنفسكم أصبتم و أخطأتم أصبتم سنة من كان قبلكم من الفرقة و الاختلاف و أخطأتم سنة نبيكم حتى أخرجتموها من معدنها و أهلها.

ص: 52

فقال عمر يا سلمان أما إذ بايع صاحبك و بايعت فقل ما شئت و افعل ما بدا لك و ليقل صاحبك ما بدا له قال سلمان فقلت سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول إن عليك و على صاحبك الذي بايعته مثل ذنوب أمته إلى يوم القيامة و مثل عذابهم جميعا.

فقال له قل ما شئت أليس قد بايعت و لم يقر الله عينيك بأن يليها صاحبك، فقلت أشهد أني قد قرأت في بعض كتب الله المنزلة أنك باسمك و نسبك و صفتك باب من أبواب جهنم فقال لي قل ما شئت أليس قد أزالها الله عن أهل البيت الذين اتخذتموهم أربابا من دون الله.

فقلت له أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و آله سلم يقول و سألته عن هذه الآية «فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَ لا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ» فأخبرني بأنك أنت هو فقال عمر اسكت أسكت الله نامتك أيها العبد يا ابن اللخناء.

فقال علي علیه السلام أقسمت عليك يا سلمان لما سكت فقال سلمان و الله لو لم يأمرني علی علیه السلام و السكوت لخبرته بكل شيء نزل فيه و كل شيء سمعته من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فيه و في صاحبه.

فلما رآني عمر قد سكت قال لي إنك له المطيع مسلم فلما أن بايع أبو ذر و المقداد ولم يقولا شيئا قال عمر يا سلمان ألا تكف كما كف صاحباك والله ما أنت بأشد حبا لأهل هذا البيت منهما و لا أشد تعظيما لحقهم منهما وقد كفا كما ترى و بايعا وقال أبوذر.

يا عمر أفتعيرنا بحب آل محمد و تعظيمهم لعن الله - و قد فعل - من أبغضهم و افترى عليهم وظلمهم حقهم و حمل الناس على رقابهم ورد هذه الأمة القهقرى على أدبارها فقال عمر آمين لعن الله من ظلمهم حقهم

لا و الله ما لهم فيها حق و ما هم فيها و عرض الناس إلا سواء.

ص: 53

قال أبو ذر فلم خاصمتم الأنصار بحقهم وحجتهم قال علي علیه السلام لعمر يا ابن صهاك فليس لنا فيها حق و هي لك و لابن آكلة الذباب، قال عمر كف الآن يا أبا الحسن إذ بايعت فإن العامة رضوا بصاحبي و لم يرضوا بك

فما ذنبي.

قال علي علیه السلام و لكن الله عز و جل و رسوله لم يرضيا إلا بي فأبشر أنت وصاحبك و من اتبعكما و وازركما بسخط من الله و عذابه و خزيه ويلك يا ابن الخطاب لو تدرى ما منه خرجت و فيما دخلت و ماذا جنيت على نفسك و على صاحبك فقال أبو بكر يا عمر أما إذ قد بايعنا و أمنا شره و فتکه و غائلته فدعه يقول ما شاء.

فقال علیه السلام لست بقائل غير شيء واحد أذكركم الله أيها الأربعة قال لسلمان و أبي ذر و المقداد سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول إن تابوتا من نار فيه اثنا عشر رجلا ستة من الأولين وستة من الآخرين في جب في قعر جهنم في تابوت مقفل على ذلك الجب صخرة فإذا أراد الله أن يسعر جهنم كشف تلك الصخرة عن ذلك الجب فاستعرت جهنم من وهج ذلك الجب من حره .

و قال العلي علیه السلام فسألت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و أنتم شهود به عن الأولين فقال أما الأولون فابن آدم الذي قتل أخاه و فرعون الفراعنة و الذي حاج إبراهيم في ربه و رجلان من بني إسرائيل بدلا كتابهم و غيرا سنتهم.

أما أحدهما فهود اليهود والآخر نصر النصارى و عاقر الناقة و قاتل يحيى بن زكريا، وفي الآخرين الدجال و هؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة و الكتاب وجبتهم و طاغوتهم الذي تعاهدوا عليه وتعاقدوا على عداوتك يا أخي و تظاهرون عليك بعدي هذا و هذا حتى سماهم و عدهم لنا.

ص: 54

قال سلمان فقلنا صدقت نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم، فقال عثمان يا أبا الحسن ما عندك و عند أصحابك هؤلاء حديث في، فقال علي علیه السلام بل سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يلعنك ثم لم يستغفر الله لك بعد ما لعنك فغضب عثمان ثم قال ما لي و ما لك و لا تدعني على حال عهد النبي و لا بعده قال له علي علیه السلام.

نعم فأرغم الله أنفك فقال عثمان فو الله لقد سمعت من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول الزبير يقتل مرتدا عن الإسلام قال سلمان فقال علي علیه السلام لي فيما بيني و بينه صدق عثمان و ذلك أنه يبايعني بعد قتل عثمان و ينكث بيعتي فيقتل مرتدا قال سلمان.

فقال علي علیه السلام إن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم غير أربعة

الا إن الناس صاروا بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بمنزلة هارون و من تبعه و منزلة العجل و من تبعه فعلي في شبه هارون و عتيق في شبه العجل و عمر في شبه السامري و سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول .

ليجيئن قوم من أصحابي من أهل العلية و المكانة مني ليمروا على الصراط فإذا رأيتهم ورأوني و عرفتهم و عرفوني اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي أصحابي فيقال ما تدري ما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على

أدبارهم حيث فارقتهم.

فأقول بعدا و سحقا و سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول لتركبن أمتي سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و حذو القذة بالقذة شبرا بشبر و ذراعا بذراع و باعا بباع حتى لو دخلوا جحرا لدخلوا فيه معهم إن التوراة و القرآن كتبه ملك واحد في رق واحد بقلم واحد و جرت الأمثال و السنن سواء.

ص: 55

4 - قال سليم فأغرم عمر بن الخطاب تلك السنة جميع عماله أنصاف أموالهم لشعر أبي المختار و لم يغرم قنفذ العدوي شيئا و قد كان من عماله و رد عليه ما أخذ منه و هو عشرون ألف درهم و لم يأخذ منه عشره و لا نصف عشره و كان من عماله الذين أغرموا أبو هريرة و كان على البحرين فأحصى ماله فبلغ أربعة وعشرين ألفا. فأغرمه اثني عشر ألفا.

5- عنه قال أبان قال سليم فلقيت عليا صلوات الله عليه فسألته عما صنع عمر فقال هل تدري لم كف عن قنفذ و لم يغرمه شيئا قلت لا، قال لأنه هو الذي ضرب فاطمة علیها السلام بالسوط حين جاءت لتحول بيني و بينهم فماتت صلوات الله عليها و إن أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج.

6- عنه قال أبان عن سليم قال انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان و أبي ذر و المقداد و محمد بن أبي بكر و عمر بن أبي سلمة و قيس بن سعد بن عبادة فقال العباس لعلي صلوات الله عليه ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذا كما أغرم جميع عماله.

فنظر علي علیه السلام إلى من حوله ثم اغرورقت عيناه ثم قال نشكو له ضربة ضربها فاطمة علیها السلام بالسوط فماتت و فى عضدها أثره كأنه الدملج، ثم قال علیه السلام العجب مما أشربت قلوب هذه الأمة من حب هذا الرجل و صاحبه من قبله و التسليم له في كل شيء و التسليم له في كل شيء أحدثه، لئن كان عماله خونة و كان هذا المال في أيديهم خيانة ما كان حل له تركه و كان له أن يأخذه كله فإنه فيء المسلمين.

فما له يأخذ نصفه و يترك نصفه و لئن كانوا غير خونة فما حل له أن يأخذ أموالهم و لا شيئا منهم قليلا و لا كثيرا و إنما أخذ أنصافها و لو كانت في أيديهم خيانة ثم لم يقروا بها و لم تقم عليهم البينة ما حل له أن يأخذ

ص: 56

منهم قليلا و لا كثيرا و أعجب من ذلك إعادته إياهم إلى أعمالهم.

لئن كانوا خونة ما حل له أن يستعملهم و لئن كانوا غير خونة ما حلت له أموالهم ثم أقبل علی علیه السلام على القوم فقال العجب لقوم يرون سنة نبيهم تتبدل و تتغير شيئا شيئا و بابا بابا ثم يرضون ولا ينكرون بل يغضبون له و يعتبون على من عاب عليه و أنكره.

ثم يجيء قوم بعدنا فيتبعون بدعته و جوره و أحداثه و يتخذون أحداثه سنة و دينا يتقربون بها إلى الله في مثل تحويله مقام إبراهيم علیه السلام من الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إلى الموضع الذي كان فيه في الجاهلية الذي حوله منه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و في تغييره صاع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و مده و فيها فريضة و سنة.

فما كان زيادته إلا سوءا لأن المساكين في كفارة اليمين و الظهار بهما يعطون ما يجب من الزرع، و قد قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم : اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا لا يحولون بينه و بين ذلك لكنهم رضوا و قبلوا ما صنع و قبضه و صاحبه فدك و هي في يد فاطمة علیها السلام مقبوضة قد أكلت غلتها على عهد النبي صلی الله علیه و آله وسلم .

فسألها البينة على ما في يدها و لم يصدقها و لا صدق أم أيمن و هو يعلم يقينا كما نعلم أنها في يدها و لم يكن يحل له أن يسألها البينة على ما في يدها و لا أن يتهمها ثم استحسن الناس ذلك و حمدوه و قالوا إنما حمله على ذلك الورع و الفضل ثم حسن قبح فعلهما أن عدلا عنها.

فقالا نظن أن فاطمة لن تقول إلا حقا و أن عليا لم يشهد إلا بحق و لو كانت مع أم أيمن امرأة أخرى أمضيناها لها فحظيا بذلك عند الجهال و ما هما و من أمرهما أن يكونا حاكمين فيعطيان أو يمنعان و لكن الأمة ابتلوا بهما

ص: 57

فأدخلا أنفسهما فيما لا حق لهما فيه و لا علم لهما به و قد قالت فاطمة عليها السلامحين أراد انتزاعها و هي في يدها:

أليست في يدي و فيها وكيلي و قد أكلت غلتها و رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حی قالا بلى، قالت فلم تسألاني البينة على ما في يدي قالا لأنها فيء المسلمين فإن قامت بينة و إلا لم غضها قالت لهما و الناس حولهما يسمعون أفتريدان أن تردا ما صنع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و تحكما فينا خاصة بما لم تحكما في سائر المسلمين.

أيها الناس اسمعوا ما ركباها ما ركب هؤلاء من الأثم أرأيتها إن ادعيت ما في أيدي المسلمين من أموالهم تسألونني البينة أم تسألونهم قالا بل نسألك قالت فإن ادعى جميع المسلمين ما في يدي تسألونهم البينة أم تسألونني.

فغضب عمر و قال إن هذا فيء للمسلمين وأرضهم و هي في يدي فاطمة تأكل غلتها فإن أقامت بينة على ما ادعت أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم وهبها لها من بين المسلمين و هي فيئهم وحقهم نظرنا في ذلك فقالت حسبی أنشدكم بالله أيها الناس أما سمعتم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول إن ابنتي سيدة نساء أهل الجنة.

قالوا اللهم نعم قد سمعناه من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قالت أفسيدة نساء أهل الجنة تدعي الباطل و تأخذ ما ليس لها أرأيتم لو أن أربعة شهدوا علي بفاحشة أو رجلان بسرقة أكنتم مصدقين علي فأما أبو بكر فسكت أما عمر فقال نعم و نوقع عليك الحد فقالت كذبت و لؤمت إلا أن تقر أنك لست على دين محمد صلی الله علیه و آله وسلم إن الذي يجيز على سيدة نساء أهل الجنة شهادة أو يقيم عليها حدا الملعون كافر بما أنزل الله على محمد صلی الله علیه و آله وسلم إن من أذهب الله

ص: 58

عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا لا تجوز عليهم شهادة لأنهم معصومون من كل سوء مطهرون من كل فاحشة، حدثني يا عمر من أهل هذه الآية لو أن قوما شهدوا عليهم أو على أحد منهم بشرك أو كفر أو فاحشة كان

المسلمون يتبرءون منهم و يحدونهم.

قال نعم و ما هم وسائر الناس في ذلك إلا سواء قالت كذبت و كفرت ما هم و سائر الناس في ذلك سواء لأن الله عصمهم و نزل عصمتهم و تطهيرهم و أذهب عنهم الرجس فمن صدق عليهم فإنما يكذب الله و رسوله .

فقال أبو بكر أقسمت عليك يا عمر لما سكت فلما أن كان الليل أرسلا إلى خالد بن الوليد فقالا إنا نريد أن نسر إليك أمرا و نحملكه لثقتنا بك فقال احملاني على ما شئتها فإني طوع أيديكما فقالا له إنه لا ينفعنا ما نحن فيه من الملك و السلطان ما دام علي حيا أما سمعت ما قال لنا و ما استقبلنا به و نحن لا نأمنه أن يدعو في السر.

فيستجيب له قوم فيناهضنا فإنه أشجع العرب و قد ارتكبنا منه ما رأيت و غلبناه على ملك ابن عمه و لا حق لنا فيه و انتزعنا فدك من امرأته فإذا صليت بالناس صلاة الغداة فقم إلى جنبه و ليكن سيفك معك فإذا صلیت و سلمت فاضرب عنقه قال علي علیه السلام فصلى خالد بن الوليد بجنبي متقلدا السيف.

فقام أبو بكر في الصلاة وجعل يؤامر نفسه و ندم و أسقط في يده حتى كادت الشمس أن تطلع، ثم قال قبل أن يسلم لا تفعل ما أمرتك ثم سلم فقلت لخالد و ما ذاك قال كان قد أمرني إذا سلم أن أضرب عنقك قلت أو كنت فاعلا قال إي وربي إذا لفعلت.

ص: 59

7- قال سليم ثم أقبل علیه السلام على العباس و على من حوله ثم قال ألا تعجبون من حبسه و حبس حبس صاحبه عنا سهم ذي القربي الذي فرضه الله لنا في القرآن و قد علم الله أنهم سيظلموناه و ينتزعونه منا فقال «إنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَ مَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَ الْجَمْعَانِ» و العجب لهدمه منزل أخي جعفر وإلحاقه في المسجد و لم يعط بنيه من ثمنه قليلا و لا كثيرا.

ثم لم يعب ذلك عليه الناس و لم يغيروه فكأنما أخذ منزل رجل من الديلم.

«و في رواية أخرى» دار رجل من ترك كابل و العجب لجهله و جهل الأمة أنه كتب إلى جميع عماله أن الجنب إذا لم يجد الماء فليس له أن يصلي و ليس له أن يتيمم بالصعيد حتى يجد الماء و إن لم يجده حتى يلقى الله.

و في رواية اخرى و ان لم يجده سنة.

ثم قبل الناس ذلك و رضوا به و قد علم و علم الناس أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قد أمر عمارا و أمر أبا ذر أن يتيممها من الجنابة و يصليا و شهدا به عنده و غيرهما فلم يقبل ذلك و لم يرفع به رأسا و العجب لما خلط قضايا مختلفة في الجد بغير علم تعسفا و جهلا و ادعائها ما لم يعلما جرأة على الله و قلة ورع.

ادعيا أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم مات و لم يقض في الجد شيئا منه و لم يدع أحد يعلم ما للجد من الميراث ثم تابعوهما على ذلك وصدقوهما و عتقه أمهات الأولاد فأخذ الناس بقوله و تركوا أمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و ما صنع بنصر بن الحجاج و بجعدة من سليم و بابن وبرة و أعجب من ذلك أن أبا كنف العبدي أتاه.

ص: 60

فقال إني طلقت امرأتي و أنا غائب فوصل إليها الطلاق ثم راجعتها و هي في عدتها وكتبت إليها فلم يصل الكتاب إليها حتى تزوجت فكتب له إن كان هذا الذي تزوجها قد دخل بها فهي امرأته و إن كان لم يدخل بها فهي امرأتك وكتب له ذلك و أنا شاهد فلم يشاورني و لم يسألني يرى استغناءه بعلمه عني فأردت أن أنهاه.

ثم قلت ما أبالي أن يفضحه الله ثم لم يعبه الناس بل استحسنوه و اتخذوه سنة و قبلوه منه و رأوه صوابا و ذلك قضاء لو قضی به مجنون نحیف سخيف لما زاد ثم تركه من الأذان حي على خير العمل فاتخذوه سنة و تابعوه على ذلك و قضيته في المفقود و أن أجل امرأته أربع سنين.

ثم تتزوج فإن جاء زوجها خير بين امرأته و بين الصداق فاستحسنه الناس و اتخذوه سنة وقبلوه منه جهلا وقلة علم بكتاب الله عز و جل و سنة نبيه صلی الله علیه و آله وسلم و إخراجه من المدينة كل أعجمي و إرساله إلى عماله بالبصرة بحبل خمسة أشبار و قوله.

من أخذتموه من الأعاجم فبلغ طول هذا الحبل فاضربوا عنقه و رده سبايا تستر و هن حبالى و إرساله بحبل في صبيان سرقوا بالبصرة وقوله من بلغ طول هذا الحبل فاقطعوه و أعجب من ذلك أن كذابا رجم بكذابة فقبلها وقبلها الجهال فزعموا أن الملك ينطق على لسانه و يلقنه و اعتاقه سبايا أهل اليمن و تخلفه و صاحبه عن جيش أسامة بن زید مع تسليمهما عليه بالإمرة.

ثم أعجب من ذلك أنه قد علم الله و علمه الناس أنه الذي صد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم عن الكتف الذي دعاه به ثم لم يضره ذلك عندهم و لم ينقصه و أنه صاحب صفية حين قال لها ما قال فغضب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حتى قال ما

ص: 61

قال و إنه الذي مررت به يوماً.

فقال ما مثل محمد في اهل بيته الا كنخلة نبتت في كناسة فبلغ ذلك رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فغضب و خرج فأتى المنبر و فزعت الأنصار فجاءت شاكة في السلاح لما رأت من غضب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.

فقال ما بال أقوام يعيرونني بقرابتي و قد سمعوا مني ما قلت في فضلهم و تفضيل الله إياهم و ما اختصهم الله به من إذهاب الرجس عنهم وتطهير ما إياهم و قد سمعتم قلت في أفضل أهل بيتي و خيرهم مما خصه الله به و أكرمه و فضله على من سبقه في الإسلام و بلائه فيه و قرابته مني و أنه مني بمنزلة هارون من موسى.

ثم تزعمون أن مثلي في أهل بيتي كمثل نخلة نبتت في كناسة ألا إن الله خلق خلقه ففرقهم فرقتين فجعلني في خير الفرقتين ثم فرق الفرقة ثلاث فرق شعوبا و قبائل و بيوتا فجعلني في خيرها شعبا و خيرها قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرها بيتا فذلك قوله: «إِنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطهيراً».

فحصلت في أهل بيتي و عترتي أنا و أخي علي بن أبي طالب ألا وإن الله نظر إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم ثم نظر نظرة فاختار أخي عليا و وزيري و وصيي و خليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن بعدي فبعثني

رسولا و نبيا و دليلا.

فأوحى إلي أن أتخذ عليا أخا و وليا و وصيا و خليفة في أمتي بعدي ألا وإنه ولي كل مؤمن بعدي من والاه والاه الله و من عاداه عاداه الله و من أحبه أحبه الله و من أبغضه أبغضه الله لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا كافر رب الأرض بعدي و سكنها و هو كلمة الله التقوى و عروة الله الوثقی.

ص: 62

أتريدون أن تطفئوا نور الله بأفواهكم والله متم نوره و لو كره المشركون. «و في رواية اخرى و لو كره الكافرون» و يريد أعداء الله أن يطفئوا نور أخي و يأبى الله إلا أن يتم نوره يا أيها الناس ليبلغ مقالتي شاهدكم غائبكم اللهم اشهد عليهم يا أيها الناس إن الله نظر نظرة ثالثة فاختار منهم بعدي اثني عشر وصيا من أهل بيتي و هم خيار أمتي منهم أحد عشر إماما بعد أخي واحدا بعد واحد كلما هلك واحد قام واحد منهم.

مثلهم كمثل النجوم في السماء كلما غاب نجم طلع نجم لأنهم أئمة هداة مهتدون لا يضرهم كيد من كادهم ولا خذلان من خذلهم بل يضر الله بذلك من كادهم و خذلهم فهم حجة الله في أرضه و شهداؤه على خلقه من أطاعهم أطاع الله و من عصاهم عصى الله هم مع القرآن و القرآن معهم لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي حوضي.

أول الأئمة علیهم السلام على علیه السلام خيرهم ثم ابني الحسن ثم ابني الحسين ثم علي تسعة من ولد الحسين و أمهم ابنتي فاطمة علیها السلام ثم من بعدهم جعفر بن أبي طالب ابن عمي و أخو أخي و عمي حمزة بن عبد المطلب، أنا خير المرسلين و النبيين و فاطمة ابنتي سيدة نساء أهل الجنة و علي و بنوه الأوصياء خير الوصيين و أهل بيتي خير أهل بيوتات النبيين و ابناي سيدا شباب أهل الجنة.

أيها الناس إن شفاعتي ليرجوها رجاؤكم أفيعجز عنها أهل بيتي ما أحد ولده جدي عبد المطلب يلقى الله موحدا لا يشرك به شيئا إلا أدخله الجنة و لو كان فيه من الذنوب عدد الحصى و زبد البحر أيها الناس عظموا أهل بيتي في حياتي و من بعدي و أكرموهم و فضلوهم فإنه لا يحل لأحد أن يقوم من مجلسه لأحد إلا لأهل بيتي.

ص: 63

و في نسخة اخرى ايها الناس عظموا اهل بيتى فى حياتى و بعد موتي إني لو أخذت بحلقة باب الجنة ثم تجلى لي ربي فسجدت و أذن لي بالشفاعة لم أؤثر على أهل بيتي أحدا أيها الناس انسبوني من أحدا أيها الناس انسبوني من أنا فقام رجل من الأنصار فقال «و في رواية اخرى فقامت الانصار فقالت»: نعوذ بالله من غضب الله و من غضب رسوله.

أخبرنا يا رسول الله من الذي آذاك في أهل بيتك حتى نضرب عنقه (و في رواية اخرى حتى نقتله) و ليبر عترته فقال انسبوني أنا محمد بن عبد بن عبد المطلب بن هاشم حتى انتسب إلى نزار ثم مضى في نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله، ثم قال إني و أهل بيتي لطينة طيبة من تحت العرش إلى آدم نكاح غير سفاح لم يخالطنا نكاح الجاهلية.

فسلوني فو الله لا يسألني رجل عن أبيه و عن أمه أبيه و عن أمه و عن نسبه إلا أخبرته به فقام إليه رجل فقال من أبي فقال صلی الله علیه و آله وسلم لأبوك فلان الذي تدعى إليه فحمد الله و أثنى عليه و قال لو نسبتني إلى غيره لرضيت وسلمت، ثم قام رجل آخر.

فقال له من أبي فقال أبوك فلان - لغير أبيه الذي يدعى إليه – فارتد عن الإسلام ثم قام إليه رجل آخر فقال أمن أهل الجنة أنا أم من أهل النار أهل الجنة ثم قام رجل آخر فقال أمن أهل الجنة أنا أم من أهل النار فقال من أهل النار.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه و آله سلم و هو مغضب ما يمنع الذي عير أهل بيتي و أخي و وزيري و وارثي و وصيي و خليفتي في أمتي و ولي كل مؤمن بعدي أن يقوم فيسألني من أبوه و أين هو أفي الجنة أم في النار فقام إليه عمر ابن الخطاب فقال أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله اعف عنا يا

ص: 64

رسول الله عفا الله عنك أقلنا أقالك الله استرنا سترك الله اصفح عنا صلى الله عليك.

فاستحی رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فكف قال علي علیه السلام و هو صاحب العباس الذي بعثه رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ساعيا فرجع و قال إن العباس قد منع صدقة ماله فغضب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و قال الحمد لله الذي عافانا أهل البيت من شر ما يلطخونا به إن العباس لم يمنع صدقة ماله و لكنك عجلت عليه و قد عجل زكاة سنين.

ثم أتاني بعد ذلك يطلب أن أمشي معه إلى رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ليرضى عنه ففعلت و هو صاحب عبد الله بن أبي سلول حين تقدم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ليصلي عليه فأخذ بثوبه من ورائه و قال قد نهاك الله أن تصلي عليه و لا يحل لك أن تصلي عليه فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ويلك قد آذيتني إنما صليت عليه كرامة لابنه و إني لأرجو أن يسلم به سبعون رجلا من بني أبيه و أهل بيته و ما يدريك ما قلت.

إنما دعوت الله عليه و هو صاحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلميوم الحديبية حين كتب القضية إذ قال له أنعطي الدنية في ديننا ثم جعل يطوف في عسكر رسول الله لو يحضضهم و يقول أنعطي الدنية في ديننا فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أفرجوا عنى أتريدون أن أغدر بذمتي ولأفي لهم بما كتبت لهم.

خذ یا سهيل بيد أبي جندل فأخذه فشده وثاقا في الحديد ثم جعل الله عاقبة أمر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم إلى الخير و الرشد و الهدى و العزة و الفضل و هو صاحب يوم غدير خم إذ قال هو وصاحبه حين نصبني رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لولايتي فقال ما يألو أن يرفع خسيسته و قال الآخر ما يألو رفعا بضيع ابن عمه و قال لصاحبه - و أنا منصوب - إن هذه لهي الكرامة.

ص: 65

فقطب صاحبه في وجهه و قال لا والله لا أسمع له و لا أطيع أبدا، ثم اتكأ عليه ثم تمطى و انصرفا فأنزل الله فيه «فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ» وعيدا من الله له و انتهارا و هو الذي دخل على علي مع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلميعودني في رهط من أصحابه حين غمزه صاحبه.

فقال يا رسول الله إنك قد كنت عهدت إلينا في علي عهدا و إني لأراه لما به فإن هلك فإلى من فقال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم اجلس فأعادها ثلاث مرات فأقبل عليهما رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقال إنه لا يموت في مرضه هذا و الله لا يموت حتى تملياه غيظا و توسعاه غدرا و ظلما.

ثم تجداه صابرا قواما ولا يموت حتى يلقى منكما هنات وهنات ولا يموت إلا شهيدا مقتولا و أعظم من ذلك كله أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم جمع ثمانين رجلا أربعين من العرب وأربعين من العجم و هما فيهم فسلموا علي بإمرة المؤمنين ثم قال إني أشهدكم أن عليا أخي و وزيري و وارثي و خليفتي في أمتي و وصبي في أهلي وولي كل مؤمن بعدي.

فاسمعوا له وأطيعوا و فيهم أبو بكر و عمر و عثمان و طلحة و الزبير و سعد و عبد الرحمن بن عوف و أبو عبيدة و سالم و معاذ بن جبل و رهط من الأنصار ثم قال إني أشهد الله عليكم ثم أقبل علي علیه السلام على القوم فقال سبحان الله مما أشربت قلوب هذه الأمة من بليتها و فتنتها من عجلها سامريها إنهم أقروا و ادعوا أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.

قال لا يجمع الله لنا أهل البيت بين النبوة و الخلافة و قد قال لأولئك الثمانين رجلا سلموا على علي بإمرة المؤمنين و أشهدهم على ما أشهدهم عليه ثم زعموا ان رسول الله صلى الله عليه و آله سلم لم يستخلف أحدا و أنهم أمروا

ص: 66

بالشورى .

ثم أقروا أنهم لم يشاوروا و أن بيعته كانت فلتة و أي ذنب أعظم من الفلتة ثم استخلف أبو بكر عمر و لم يقتد برسول الله صلی الله علیه و آله وسلم .

فقيل له في ذلك فقال أدع أمة محمد كالنعل الخلق أدعهم بلا أستخلاف طعنا منه على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و رغبة عن رأيه ثم صنع عمر شيئا ثالثا لم يدعهم على ما ادعى أن رسول الله صلى الله عليه و آله سلم لم يستخلف كما استخلف أبو بكر و جاء بشيء ثالث و جعلها شورى بين ستة نفر و أخرج

منها جميع العرب.

ثم حظي بذلك عند العامة فجعلهم مع ما أشربت قلوبهم من الفتنة و الضلالة أقراني ثم بايع ابن عوف عثمان فبايعوه و قد سمعوا من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في عثمان ما قد سمعوا من لعنه إياه في غير موطن فعثمان على ما كان عليه خير منهما و لقد قال منذ أيام قولا وقفت له و أعجبتني مقالته بينما أنا قاعد عنده في بيته.

إذ أتته عائشة و حفصة تطلبان ميراثهما من ضياع رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أمواله التي بيده فقال لا والله ولا كرامة لكن أجيز شهادتكما على أنفسكما فإنكما شهدتما عند أبويكما أنكما سمعتها من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول النبي لا يورث ما ترك فهو صدقة ،.

لقنتها أعرابيا جلفا يبول على عقبيه يتطهر ببوله مالك بن الحرث بن الحدثان فشهد معكما، و لا من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و لا من الأنصار ولو أحد شهد بذلك غير أعرابي، أما والله ما أشك أنه قد كذب على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و كذبتها عليه معه.

فانصرفتا من عنده تبکیان و تشتمانه فقال ارجعا أليس قد شهدتما

ص: 67

بذلك عند أبي بكر قالتا نعم قال فإن شهدتما بحق فلا حق لكما و إن كنتها شهدتما بباطل فعليكما وعلى من أجاز شهادتكما على أهل هذا البيت لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

قال علیه السلام ثم نظر إلى فتبسم ثم قال يا أبا الحسن شفيتك منهما قلت نعم و الله و أبلغت و قلت حقا فلا يرغم الله إلا بأنفيها، فرققت لعثمان و علمت أنه إنما أراد بذلك رضاي و أنه أقرب منها رحما و أكف عنا منهما و إن كان لا عذر له و لا حجة بتأميره علينا و ادعائه حقنا.

8- قال علي بن إبراهيم في قوله «فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَ الْمُسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ» فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عثمان بن عيسى و حماد بن عثمان عن أبي عبد الله علیه السلام قال لما بويع لأبي بكر و استقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم منها فجاءت فاطمة علیها السلام إلى أبي بكر،

فقالت يا أبا بكر منعتني عن ميراثي من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و أخرجت وكيلي من فدك فقد جعلها لي رسول الله لا بأمر الله، فقال لها هاتي على ذلك شهودا فجاءت بأم أيمن فقالت لا أشهد حتى أحتج يا أبا بكر عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فقالت أنشدك الله، ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه و آله سلم قال إن أم أيمن من أهل الجنة قال بلى

قالت فأشهد أن الله أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله سلم «فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ» فجعل فدك لفاطمة بأمر الله وجاء علي علیه السلام فشهد بمثل ذلك فكتب لها كتابا بفدك و دفعه إليها فدخل عمر فقال ما هذا الكتاب فقال أبو بكر إن فاطمة ادعت في فدك و شهدت لها أم أيمن وعلي فكتبت لها بفدك،

فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزقه و قال هذا فيء المسلمين و قال

ص: 68

أوس ابن الحدثان و عائشة و حفصة يشهدون على رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بأنه قال إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة فإن عليا زوجها يجر إلى نفسه و أم أيمن فهي امرأة صالحة لو كان معها غيرها لنظرنا فيه.

فخرجت فاطمة علیها السلام من عندهما باكية حزينة فلما كان بعد هذا جاء علي علیه السلام إلى أبي بكر و هو في المسجد و حوله المهاجرون والأنصار، فقال يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله و قد ملكته في حياة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقال أبو بكر هذا فيء المسلمين فإن أقامت شهودا أن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم جعله لها و إلا فلا حق لها فيه،

فقال أمير المؤمنين علیه السلام يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين قال لا قال فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ادعيت أنا فيه من تسأل البينة قال إياك كنت أسأل البينة على ما تدعيه على المسلمين قال فإذا كان في يدي شيء و ادعى فيه المسلمون.

فتسألني البينة على ما في يدي و قد ملكته في حياة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و بعده و لم تسأل المسلمين البينة على ما ادعوا علي شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم فسكت أبو بكر ثم قال عمر يا يا علي دعنا من كلامك فإنا لا نقوي على حججك فإن أتيت بشهود عدول و إلا فهو فيء المسلمين لا حق لك و لا لفاطمة فيه.

فقال أمير المؤمنين الالا يا أبا بكر تقرأ كتاب الله قال نعم قال فأخبرني عن قول الله تعالى: «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فيمن نزلت أفينا أم في غيرنا ؟ قال بل فيكم قال فلو أن شاهدين شهدا على فاطمة بفاحشة ما كنت صانعا؟ قال كنت أقيم عليها الحدكما أقيم على سائر المسلمين قال كنت إذا عند الله من الكافرين قال

ص: 69

ولم ؟

قال لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة و قبلت شهادة الناس عليها كما رددت حكم الله و حكم رسوله أن جعل رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لها فدك و قبضته في حياته ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبه عليها فأخذت منها فدك و زعمت أنه فيء المسلمين و قد قال رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم البينة على من ادعى و اليمين على من ادعي عليه، قال فدمدم الناس وبكى بعضهم فقالوا صدق و الله علي و رجع علي علیه السلام إلى منزله قال و دخلت فاطمة إلى المسجد و طافت بقبر أبيها علیه السلام و هي تبكي و تقول.

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فاشهدهم ولا تغب

قد كان بعدك أنباء و هنبثة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا *** فغاب عنا و كل الخير محتجب

و كنت بدرا و نورا يستضاء به *** عليك تنزل من ذي العزة الكتب

فقمصتنا رجال و استخفف بنا *** إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب

فكل أهل له قرب و منزلة *** عند الإله على الأدنين يقترب

أبدت رجال لنا فحوى صدورهم *** لما مضيت و حالت دونك الكثب

فقد رزينا بما لم يراه أحد *** من البرية لا عجم ولا عرب

وقد رزینا به محضا خليقته *** صافي الضرائب والأعراق والنسب

فأنت خير عباد الله كلهم *** وأصدق الناس حين الصدق والكذب

فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت *** منا العيون بهمال لها سكب

سيعلم المتولي ظلم خامتنا *** يوم القيامة إني كيف ينقلب

قال فرجع أبو بكر إلى منزله و بعث إلى عمر فدعاه ثم قال أما رأيت مجلس علي منا اليوم، والله لأن قعد مقعدا مثله ليفسدن أمرنا فما الرأي قال

ص: 70

عمر الرأي أن تأمر بقتله، قال فمن يقتله قال خالد بن الوليد فبعثا إلى خالد فأتاهما فقالا نريد أن نحملك على أمر عظيم، قال حملاني ما شئتما و لو قتل علي بن أبي طالب،

قالا فهو ذاك، فقال خالد متى أقتله قال أبو بكر إذا حضر المسجد فقم بجنبه في الصلاة فإذا أنا سلمت فقم إليه فاضرب عنقه، قال نعم فسمعت أسماء بنت عميس ذلك و كانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها اذهبي إلى منزل علي وفاطمة فأقرئيهما السلام و قولي لعلي إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فجاءت الجارية إليهما.

فقالت لعلي علیه السلام إن أسماء بنت عميس تقرأ عليكما السلام و تقول إن إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين، فقال علي علیه السلام قولي لها إن الله يحيل بينهم و بين ما يريدون.

ثم قام و تهيأ للصلاة وحضر المسجد و وقف خلف أبي بكر وصلى لنفسه و خالد بن الوليد إلى جنبه و معه السيف فلما جلس أبو بكر في التشهد ندم على ما قال و خاف الفتنة و شدة علي و بأسه فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أنه قد سها، ثم التفت إلى خالد فقال يا خالد لا تفعل ما أمرتك به السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

فقال أمير المؤمنين علیه السلام يا خالد ما الذي أمرك به قال أمرني بضرب عنقك، قال و كنت تفعل قال إي والله لو لا أنه قال لي لا تفعل لقتلتك بعد التسليم، قال فأخذه ( علي ) علیه السلام فضرب به الأرض و اجتمع الناس عليه فقال عمر يقتله و رب الكعبة فقال الناس يا أبا الحسن الله الله بحق صاحب هذا القبر فخلى عنه، قال فالتفت إلى عمر و أخذ بتلابيبه و قال يا ابن الصهاك لو لا عهد من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و كتاب من الله سبق لعلمت أينا

ص: 71

أضعف ناصرا و أقل عددا ثم دخل منزله.

9 - محمد بن يعقوب عن محمد بن علي بن معمر عن محمد بن علي قال حدثنا عبد الله بن أيوب الأشعري عن عمرو الأوزاعي عن عمرو بن شمر عن سلمة بن كهيل عن أبي الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنين علیه السلام خطب الناس بالمدينة فقال:

الحمد لله الذي لا إله إلا هو كان حيا بلا كيف و لم يكن له كان و لا كان لكانه كيف و لا كان له أين ولا كان في شيء و لا كان على شيء و لا ابتدع لكانه مكانا و لا قوي بعد ما كون شيئا.

و لا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا و لا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا و لا يشبه شيئا و لا كان خلوا عن الملك قبل إنشائه ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه كان إلها حيا بلا حياة و مالكا قبل أن ينشى شيئا و مالكا بعد إنشائه للكون وليس يكون الله كيف و لا أين و لا حد يعرف و لا شيء يشبهه.

لا يهرم لطول بقائه ولا يضعف لذعرة و لا يخاف كما تخاف خليقته شيء و لكن سميع بغير سمع و بصير بغير بصر و قوي بغير قوة من خلقه لا تدركه حدق الناظرين و لا يحيط بسمعه سمع السامعين إذا أراد شيئا كان بلا مشورة و لا مظاهرة و لا مخابرة و لا يسأل أحدا عن شيء من خلقه أراده «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله أرسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون فبلغ الرسالة و أنهج الدلالة صلی الله علیه وآله وسلم .

أيها الأمة التي خدعت فانخدعت و عرفت خديعة من خدعها

ص: 72

فأصرت على ما عرفت و اتبعت أهواءها و ضربت في عشواء غوايتها وقد استبان لها الحق فصدت عنه و الطريق الواضح فتنكبته أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو اقتبستم العلم من معدنه و شربتم الماء بعذوبته و ادخرتم الخير من موضعه و أخذتم الطريق من واضحه و سلكتم من الحق نهجه.

لتهجت بكم السبل و بدت لكم الأعلام و أضاء لكم الإسلام فأكلتم رغدا و ما عال فيكم عائل و لا ظلم منكم مسلم ولا معاهد و لكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها و سدت عليكم أبواب العلم فقلتم بأهوائكم واختلفتم في دينكم فأفتيتم في دين الله بغير علم و اتبعتم الغواة فأغوتكم و تركتم الأئمة فتركوكم.

فأصبحتم تحكمون بأهوائكم إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر فإذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف و قد تركتموه و نبذتموه و خالفتموه رويدا عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم و تجدون وخيم ما اجترمتم و ما اجتلبتم.

و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لقد علمتم أني صاحبكم و الذي به أمرتم و أني عالمكم والذي بعلمه نجاتكم و وصي نبيكم و خيرة ربكم و لسان نوركم و العالم بما يصلحكم فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم و ما نزل بالأمم قبلكم و سيسألكم الله عز و جل عن أئمتكم.

معهم تحشرون و إلى الله عز و جل غدا تصيرون أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت أو عدة أهل بدر و هم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تئولوا إلى الحق و تنيبوا للصدق فكان أرتق للفتق و آخذ بالرفق اللهم

فاحكم بيننا بالحق و أنت خير الحاكمين.

ص: 73

قال ثم خرج من المسجد فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة فقال الله لو أن لي رجالا ينصحون الله عز و جل و لرسوله بعدد هذه الشياه لأزلت ابن آكلة الذبان عن ملكه قال فلما أمسى بايعه ثلاثمائة و ستون رجلا على الموت.

فقال لهم أمير المؤمنين علیه السلام اغدوا بنا إلى أحجار الزيت محلقين و حلق أمير المؤمنين علیه السلام فما وافى من القوم محلقا إلا أبو ذر و المقداد و حذيفة بن اليمان و عمار بن ياسر و جاء سلمان في آخر القوم فرفع يده إلى السماء فقال :

اللهم إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل هارون اللهم فإنك تعلم ما نخفي و ما نعلن و ما يخفى عليك شيء في الأرض ولا في السماء توفني مسلما و ألحقني بالصالحين أما و البيت و المفضي إلى البيت [و في نسخة و المزدلفة ] و الخفاف إلى التجمير لو لا عهد عهده إلي النبي الأمي صلی الله علیه وآله وسلم الأوردت المخالفين خليج المسنية و لأرسلت عليهم شآبيب صواعق الموت و عن قليل سيعلمون.

10 - الصدوق في حديث طويل عن علي علیه السلام قال: يا أخا اليهود إن الله عز و جل امتحنني بعد وفاة نبيه صلی الله علیه وآله وسلمفي سبعة مواطن فوجدني فيهن من غير تزكية لنفسي بمنه و نعمته صبورا و أما أولهن يا أخا اليهود فإنه لم يكن لي خاصة دون المسلمين عامة أحد أنس به أو أعتمد عليه أو أستنيم إليه أو أتقرب به غیر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

هو رباني صغيرا و بوأني كبيرا وكفاني العيلة و جبرني من اليتم و أغناني عن الطلب و وقاني المكسب و عال لي النفس و الولد و الأهل هذا في تصاريف أمر الدنيا مع ما خصني به من الدرجات التي قادتني إلى معالي

ص: 74

الحق عند الله عز و جل فنزل بي من وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما لم أكن أظن الجبال لو حملته عنوة كانت تنهض به.

فرأيت الناس من أهل بيتي ما بين جازع لا يملك جزعه و لا يضبط نفسه و لا يقوى على حمل فادح ما نزل به قد أذهب الجزع صبره و أذهل عقله و حال بينه و بين الفهم والإفهام والقول والإسماع وسائر الناس من غير بني عبد المطلب بين معز يأمر بالصبر و بين مساعد باك لبكائهم جازع الجزعهم.

و حملت نفسي على الصبر عند وفاته بلزوم الصمت و الاشتغال بما أمرني به من تجهيزه و تغسیله و تحنيطه و تکفینه و الصلاة عليه و وضعه في حفرته و جمع كتاب الله و عهده إلى خلقه لا يشغلني عن ذلك بادر دمعة و

لا هائج زفرة و لا لاذع حرقة و لا جزيل مصيبة.

حتى أديت في ذلك الحق الواجب الله عز و جل و لرسوله صلی الله علیه وآله وسلم على و بلغت منه الذي أمرني به و احتملته صابرا محتسبا ثم التفت علیه السلام إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال علیه السلام.

أما الثانية يا أخا اليهود فإن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أمرني في حياته على جمیع أمته و أخذ على جميع من حضره منهم البيعة و السمع والطاعة لأمري و أمرهم أن يبلغ الشاهد الغائب ذلك فكنت المؤدي إليهم عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أمره إذا حضرته و الأمير على من حضرني منهم إذا فارقته.

لا تختلج في نفسي منازعة أحد من الخلق لي في شيء من الأمر في حياة النبي صلی الله علیه وآله وسلم و لا بعد وفاته ثم أمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بتوجيه الجيش الذی وجهه مع أسامة بن زيد عند الذي أحدث الله به من المرض الذي

ص: 75

توفاه فيه.

فلم يدع النبي أحدا من أفناء العرب و لا من الأوس والخزرج و غيرهم من سائر الناس ممن يخاف على نقضه و منازعته ولا أحدا ممن يراني بعين البغضاء ممن قد وترته بقتل أبيه أو أخيه أو حميمه إلا وجهه في ذلك الجيش ولا من المهاجرين والأنصار و المسلمين وغيرهم.

و المؤلفة قلوبهم والمنافقين لتصفو قلوب من يبقى معي بحضرته و لئلا يقول قائل شيئا مما أكرهه و لا يدفعني دافع من الولاية و القيام بأمر رعيته من بعده ثم كان آخر ما تكلم به في شيء من أمر أمته أن يمضي جیش أسامة و لا يتخلف عنه أحد ممن أنهض معه و تقدم في ذلك أشد التقدم و أوعز فيه أبلغ الإيعاز و أكد فيه أكثر التأكيد.

فلم أشعر بعد أن قبض النبي صلی الله علیه وآله وسلم إلا برجال من بعث أسامة بن زيد و أهل عسكره قد تركوا مراكزهم و أخلوا مواضعهم وخالفوا أمر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فيما أنهضهم له و أمرهم به و تقدم إليهم من ملازمة أميرهم و ما السير معه تحت لوائه حتى ينفذ لوجهه الذي أنفذه إليه.

فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره وأقبلوا يتبادرون على الخيل ركضا إلى حل عقدة عقدها الله عز و جل لي و لرسوله صلی الله علیه وآله وسلم في أعناقهم فحلوها و عهد عاهدوا الله و رسوله فنكثوه و عقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم و اختصت به آراؤهم من غير مناظرة لأحد منا بني عبد المطلب أو مشاركة في رأي أو استقالة لما في أعناقهم من بيعتي.

فعلوا ذلك و أنا برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مشغول و بتجهيزه عن سائر الأشياء مصدود فإنه كان أهمها وأحق ما بدئ به منها فكان هذا يا أخا اليهود أقرح ما ورد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم الرزية و فاجع

ص: 76

المصيبة و فقد من لا خلف منه إلا الله تبارك و تعالى فصبرت عليها إذا أتت بعد أختها على تقاربها و سرعة اتصالها ثم التفت علیه السلام إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال علیه السلام.

و أما الثالثة يا أخا اليهود فإن القائم بعد النبي صلی الله علیه وآله وسلم كان يلقاني معتذرا في كل أيامه و يلوم غيره ما ارتكبه من أخذ حقي و نقض بيعتي و يسألني تحليله فكنت أقول تنقضي أيامه ثم يرجع إلي حقي الذي جعله الله لي عفوا هنيئا من غير أن أحدث في الإسلام مع حدوثه و قرب عهده بالجاهلية حدثا في طلب حقي بمنازعة

لعل فلانا يقول فيها نعم وفلانا يقول لا فيئول ذلك من القول إلى الفعل و جماعة من خواص أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم أعرفهم بالنصح الله و لرسوله و لكتابه ودينه الإسلام يأتوني عودا و بدءا و علانية و سرا فيدعوني إلى أخذ حقي و يبذلون أنفسهم في نصرتي ليؤدوا إلي بذلك بيعتي في أعناقهم.

فأقول رويدا وصبرا قليلا لعل الله يأتيني بذلك عفوا بلا منازعة و لا إراقة الدماء فقد ارتاب كثير من الناس بعد وفاة النبي صلی الله علیه وآله وسلم و طمع في الأمر بعده من ليس له بأهل فقال كل قوم منا أمير و ما طمع القائلون في ذلك إلا لتناول غيري الأمر.

فلما دنت وفاة القائم و انقضت أيامه صير الأمر بعده لصاحبه فكانت هذه أخت أختها و محلها مني مثل محلها و أخذ مني ما جعله الله لي فاجتمع إلي من أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم ممن مضى و ممن بقي ممن أخره الله من اجتمع فقالوا لي فيها مثل الذي قالوا في أختها.

فلم يعد قولي الثاني قولي الأول صبرا واحتسابا و يقينا و إشفاقا من

ص: 77

أن تفنى عصبة تألفهم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم باللين مرة و بالشدة أخرى و بالنذر مرة و بالسيف أخرى حتى لقد كان من تألفه لهم أن كان الناس في الكر و الفرار و الشبع و الري و اللباس و الوطاء و الدثار.

و نحن أهل بيت محمد صلی الله علیه وآله وسلم لا سقوف لبيوتنا و لا أبواب ولا ستور إلا الجرائد و ما أشبهها و لا وطاء لنا و لا دثار علينا يتداول الثوب الواحد في الصلاة أكثرنا و نطوي الليالي والأيام عامتنا و ربما أتانا الشيء مما أفاء. الله علينا وصيره لنا خاصة دون غيرنا.

و نحن على ما وصفت من حالنا فيؤثر به رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أرباب النعم و الأموال تألفا منه لهم فكنت أحق من لم يفرق هذه العصبة التي ألفها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لم يحملها على الخطة التي لا خلاص لها منها دون بلوغها أو فناء آجالها لأني لو نصبت نفسي فدعوتهم إلى نصرتي كانوا مني و في أمري على إحدى منزلتين إما متبع مقاتل و إما مقتول إن لم يتبع الجميع و إما خاذل يكفر بخذلانه إن قصر في نصرتي أو أمسك عن طاعتي و قد علم الله أني منه بمنزلة هارون من موسى يحل به في مخالفتي و الإمساك عن نصرتي.

ما أحل قوم موسى بأنفسهم في مخالفة هارون و ترك طاعته و رأيت تجرع الغصص و رد أنفاس الصعداء و لزوم الصبر حتى يفتح الله أو يقضي بما أحب أزيد لي في حظي و أرفق بالعصابة التي وصفت أمرهم و كان أمر الله قدرا مقدورا و لو لم أتق هذه الحالة.

يا أخا اليهود ثم طلبت حقي لكنت أولى ممن طلبه لعلم من مضى من أصحاب رسول الله و من بحضرتك منهم بأني كنت أكثر عددا و أعز عشيرة و أمنع رجالا و أطوع أمرا و أوضح حجة و أكثر في هذا الدين مناقب و

ص: 78

آثارا لسوابقي و قرابتي و وراثتي فضلا عن استحقاقي.

ذلك بالوصية التي لا مخرج للعباد منها و البيعة المتقدمة في أعناقهم ممن تناولها و قد قبض محمد صلی الله علیه وآله وسلم و إن ولاية الأمة في يده و في بيته لا في يد الأولى تناولوها و لا في بيوتهم و لأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا أولى بالأمر من بعده من غيره في جميع الخصال ثم التفت الا إلى أصحابه فقال أليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين.

11- عنه حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثني أبي عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال حدثني النهيكي قال حدثنا أبو محمد خلف بن سالم قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة عن زيد بن وهب قال:

كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة و تقدمه على علي ابن أبي طالب علیه السلام اثنى عشر رجلا من المهاجرين والأنصار و كان من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص و المقداد بن الأسود و أبي بن كعب و عمار بن ياسر و أبو ذر الغفاري و سلمان الفارسي و عبد الله بن مسعود و بريدة الأسلمي. وكان من الأنصار خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وسهل بن حنيف وأبو أيوب الأنصاري و أبو الهيثم بن التيهان و غيرهم فلما صعد المنبر تشاوروا بينهم في أمره فقال بعضهم هلا نأتيه فننزله عن منبر رسول الله وقال آخرون إن فعلتم ذلك أعنتم على أنفسكم وقال الله عز وجل:

«وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» و لكن امضوا بنا إلى علي بن أبي طالب علیه السلام نستشيره و نستطلع أمره فأتوا عليا علیه السلامفقالوا يا أمير المؤمنين ضيعت نفسك و تركت حقا أنت أولى به و قد أردنا أن نأتي الرجل فننزله

ص: 79

عن منبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فإن الحق حقك و أنت أولى بالأمر منه فكرهنا أن ننزله من دون مشاورتك.

فقال لهم علي علیه السلام لو فعلتم ذلك ما كنتم إلا حربا لهم و لا كنتم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد و قد اتفقت عليه الأمة التاركة لقول نبيها و الكاذبة على ربها و لقد شاورت في ذلك أهل بيتي فأبوا إلا السكوت لما تعلمون من وغر صدور القوم و بغضهم الله عز و جل و لأهل بيت نبيه علیه السلام و إنهم يطالبون بثارات الجاهلية.

و الله لو فعلتم ذلك لشهروا سيوفهم مستعدين للحرب و القتال كما فعلوا ذلك حتى قهروني و غلبوني على نفسى و لببوني وقالوا لي بايع و إلا قتلناك فلم أجد حيلة إلا أن أدفع القوم عن نفسي و ذاك أني ذكرت قول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا علي إن القوم نقضوا أمرك و استبدوا بها دونك و عصوني فيك.

فعليك بالصبر حتى ينزل الأمر ألا و إنهم سيغدرون بك لا محالة فلا تجعل لهم سبيلا إلى إذلالك وسفك دمك فإن الأمة ستغدر بك بعدي كذلك أخبرني جبرئيل علیه السلام عن ربي تبارك و تعالى و لكن ائتوا الرجل فأخبروه بما سمعتم من نبيكم و لا تجعلوه في الشبهة من أمره ليكون ذلك أعظم للحجة عليه و أزيد و أبلغ في عقوبته إذا أتى ربه و قد عصى نبيه و خالف أمره.

قال فانطلقوا حتى حفوا بمنبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم یوم جمة فقالوا للمهاجرين إن الله عز و جل بدأ بكم في القرآن فقال: «لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ» فبكم بدأ و كان أول من بدأ وقام خالد بن سعيد بن العاص بإدلاله ببني أمية فقال يا أبا بكر اتق الله فقد علمت ما

ص: 80

تقدم لعلي علیه السلام من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ألا تعلم أن رسول الله صلى الله عليه و آله سلم قال لنا و نحن محتوشوه في يوم بني قريظة و قد أقبل على رجال منا ذوي قدر فقال يا معشر المهاجرين والأنصار أوصيكم بوصية فاحفظوها و إني مؤد إليكم أمرا فاقبلوه ألا إن عليا أميركم من بعدي و خليفتي فيكم أوصاني بذلك ربي و إنكم إن لم تحفظوا وصيتي فيه و تؤووه و تنصروه اختلفتم في أحكامكم و اضطرب عليكم أمر دينكم و ولي عليكم الأمر شراركم ألا إن أهل بيتي هم الوارثون أمري القائلون بأمر أمتي اللهم فمن حفظ فيهم وصيتي فاحشره في زمرتي و اجعل له من مرافقتي نصيبا يدرك به فوز الآخرة.

اللهم و من أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الج-نة التي عرضها السماوات و الأرض فقال له عمر بن الخطاب اسکت یا خالد فلست من أهل المشورة و لا ممن يرضى بقوله فقال خالد بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فو الله إنك لتعلم أنك تنطق بغير لسانك و تعتصم بغير أركانك.

و الله إن قريشا لتعلم أني أعلاها حسبا و أقواها أدبا و أجملها ذكرا و أقلها غنى من الله و رسوله و إنك ألأمها حسبا و أقلها عددا و أخملها ذكرا و أقلها من الله عز و جل و من رسوله و إنك لجبان عند الحرب بخيل في الجدب لئيم العنصر ما لك في قريش مفخر.

قال فأسكته خالد فجلس ثم قام أبو ذر رحمة الله عليه فقال بعد أن حمد الله و أثنى عليه أما بعد يا معشر المهاجرين والأنصار لقد علمتم و علم خياركم أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال الأمر لعلي علیه السلام بعدي ثم للحسن و الحسين علیهما السلام ثم في أهل بيتي من ولد الحسين.

فأطرحتم قول نبيكم و تناسيتم ما أوعز إليكم و اتبعتم الدنيا وتركتم

ص: 81

نعيم الآخرة الباقية التي لا تهدم بنيانها و لا يزول نعيمها و لا يحزن أهلها و لا يموت سكانها وكذلك الأمم التي كفرت بعد أنبيائها بدلت و غيرت فحاذيتموها حذو القذة بالقذة و النعل بالنعل فعما قليل تذوقون وبال أمركم و ما الله بظلام للعبيد.

ثم قال ثم قام سلمان الفارسي رحمه الله فقال يا أبا بكر إلى من تستند أمرك إذا نزل بك القضاء و إلى من تفزع إذا سئلت عما لا تعلم وفي القوم من هو أعلم منك و أكثر في الخير أعلاما ومناقب منك و أقرب من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قرابة و قدمة في حياته قد أوعز إليكم فتركتم قوله و تناسيتم وصيته.

فعما قليل يصفوا لكم الأمر حين تزوروا القبور و قد أثقلت ظهرك من الأوزار لو حملت إلى قبرك لقدمت على ما قدمت فلو راجعت إلى الحق و أنصفت أهله لكان ذلك نجاة لك يوم تحتاج إلى عملك و تفرد في حفرتك بذنوبك عما أنت له فاعل و قد سمعت كما سمعنا و رأيت كما رأينا فلم يروعك ذلك عما أنت له فاعل فالله الله فى نفسك فقد أعذر من أنذر.

ثم قام المقداد بن الأسود رحمة الله عليه فقال يا أبا بكر اربع على نفسك. و قس شبرك بفترك و الزم بيتك و ابك على خطيئتك فإن ذلك أسلم لك في حياتك و مماتك و رد هذا الأمر إلى حيث جعله الله عز و جل و رسوله و لا تركن إلى الدنيا ولا يغرنك من قد ترى من أوغادها فعما قليل تضمحل عنك دنياك ثم تصير إلى ربك.

فيجزيك بعملك و قد علمت أن هذا الأمر لعلي علیه السلام و هو صاحبه بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و قد نصحتك إن قبلت نصحي.

ثم قام بريدة الأسلمي فقال يا أبا بكر نسيت أم تناسيت أم خادعتك

ص: 82

نفسك أما تذكر إذ أمرنا رسول الله لصلی الله علیه وآله وسلم فسلمنا على علي بإمرة المؤمنين و نبينا علیه السلام بين أظهرنا فاتق الله ربك و أدرك نفسك قبل أن لا تدركها و أنقذها من هلكتها ودع هذا الأمر و وكله إلى من هو أحق به منك و لا تماد في غيك و ارجع و أنت تستطيع الرجوع فقد نصحتك نصحي و بذلت لك ما عندي فإن قبلت وفقت و رشدت،

ثم قام عبد الله بن مسعود فقال يا معشر قريش قد علمتم و علم خياركم أن أهل بيت نبيكم صلی الله علیه وآله وسلم أقرب إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم منكم و إن كنتم إنما تدعون هذا الأمر بقرابة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و تقولون إن السابقة لنا فأهل نبيكم أقرب إلى رسول الله منكم و أقدم سابقة منكم و علي بن أبي طالب علیه السلام صاحب هذا الأمر بعد نبيكم فأعطوه ما جعله الله له و لا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين.

ثم قام عمار بن ياسر فقال يا أبا بكر لا تجعل لنفسك حقا جعله الله عز و جل لغيرك ولا تكن أول من عصى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وخالفه فى أهل بيته و اردد الحق إلى أهله تخف ظهرك و تقل وزرك و تلقى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هو عنك راض ثم يصير إلى الرحمن فيحاسبك بعملك و يسألك عما فعلت.

ثم قام خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين فقال يا أبا بكر ألست تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قبل شهادتي وحدي و لم يرد معي غيري قال نعم قال فاشهد بالله أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول أهل بيتي يفرقون بين الحق و الباطل و هم الأئمة الذين يقتدى بهم.

ثم قام أبو الهيثم بن التيهان فقال يا أبا بكر أنا أشهد على النبي صلی الله علیه وآله وسلم أنه أقام عليا فقالت الأنصار ما أقامه إلا للخلافة وقال بعضهم ما أقامه إلا

ص: 83

ليعلم الناس أنه ولي من كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مولاه فقال الله إن أهل بيتي نجوم أهل الأرض فقدموهم و لا تقدموهم.

ثم قام سهل بن حنيف فقال أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم قال على المنبر إمامكم من بعدي علي بن أبي طالب علیه السلام و هو أنصح الناس لأمتي.

ثم قام أبو أيوب الأنصاري فقال اتقوا الله في أهل بيت نبيكم وردوا هذا الأمر إليهم فقد سمعتم كما سمعنا في مقام بعد مقام من نبي الله صلی الله علیه وآله وسلم أنهم أولى به منكم ثم جلس.

ثم قام زيد بن وهب فتكلم وقام جماعة من بعده فتكلموا بنحو هذا فأخبر الثقة من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم هو أن أبا بكر جلس في بيته ثلاثة أيام فلما كان اليوم الثالث.

أتاه عمر بن الخطاب و طلحة والزبير و عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص و أبو عبيدة بن الجراح مع كل واحد منهم عشرة رجال من عشائرهم شاهرين السيوف فأخرجوه من منزله و علا المنبر و قال قائل منهم و الله لئن عاد منكم أحد فتكلم بمثل الذي تكلم به لنملأن أسيافنا منه فجلسوا في منازلهم و لم يتكلم أحد بعد ذلك.

12 - العياشي: عن عبد الله بن عثمان البجلي عن رجل أن النبي صلی الله علیه وآله وسلم اجتمعا عنده و ابنتيها فتكلموا في علي وكان من النبي صلی الله علیه وآله وسلم أن يلين لهما في بعض القول، فأنزل الله «لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا إِذا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَ ضِعْفَ المَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً» ثم لا تجد بعدك مثل علي وليا .

13 - عنه عن بعض أصحابنا عن أحدهما قال إن الله قضى الاختلاف

ص: 84

على خلقه و كان أمرا قد قضاه في علمه كما قضى على الأمم من قبلكم، و هی السنن و الأمثال يجري على الناس فجرت علينا كما جرت على الذين من قبلنا، و قول الله حق قال الله تبارك وتعالى لمحمد صلی الله علیه وآله وسلم .

«سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا» وقال «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا» و قال «فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنتَظِرِينَ» و قال «لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ». و قد قضى الله على موسى و هو مع قومه يريهم الآيات و النذر ثم مروا على قوم يعبدون أصناما «قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلهاً كَما هُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» فاستخلف موسى هارون فنصبوا عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم و إله موسى وتركوا هارون.

فقال: «يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسى» فضرب لكم أمثالهم وبين لكم كيف صنع بهم. وقال إن نبي الله صلی الله علیه وآله وسلم لم يقبض حتى أعلم الناس أمر علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه و قال:

إنه مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، و كان صاحب راية رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في المواطن كلها ، و كان معه في المسجد يدخله على كل حال، وكان أول الناس إيمانا ، فلما قبض نبي الله صلی الله علیه وآله وسلم و كان الذي كان لما قد قضى من الاختلاف و عمد عمر فبايع أبا بكر و لم يدفن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، بعد ،

فلما رأى ذلك علي علیه السلام و رأى الناس قد بايعوا أبا بكر خشي أن يفتتن الناس ففرغ إلى كتاب الله و أخذ بجمعه في مصحف فأرسل أبو بكر

ص: 85

إليه أن تعال فبايع فقال علي لا أخرج حتى أجمع القرآن، فأرسل إليه مرة أخرى فقال لا أخرج حتى أفرغ فأرسل إليه الثالثة ابن عم له يقال قنفذ،

فقامت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عليها تحول بينه و بين علي علیه السلام فضربها فانطلق قنفذ و ليس معه علي علیه السلام فخشي أن يجمع على الناس فأمر بحطب فجعل حوالي بيته ثم انطلق عمر بنار فأراد أن يحرق على علي بيته و فاطمة و الحسن و الحسين علیهم السلام ، فلما رأى علي ذلك خرج فبايع كارها غير طائع.

14 - قال الشيخ المفيد لم يحضر دفن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر فى أمر الخلافة و فات أكثرهم الصلاة عليه لذلك و أصبحت فاطمة علیها السلام تنادي واسوء صباحاه فسمعها أبو بكر فقال لها إن صباحك لصباح سوء و اغتنم القوم الفرصة لشغل علي بن أبي طالب برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و انقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

فتبادروا إلى ولاية الأمر و اتفق لأبي بكر ما اتفق لاختلاف الأنصار فيما بينهم و كراهة الطلقاء و المؤلفة قلوبهم من تأخر الأمر حتى يفرغ بنو هاشم فيستقر الأمر مقرة فبايعوا أبا بكر لحضوره المكان و كانت أسباب معروفة تيسر منها للقوم ما راموه ليس هذا الكتاب موضع ذكرها فنشرح القول فيها على التفصيل.

15 - عنه قد جاءت الرواية أنه لما تم لأبي بكر ما تم و بايعه من بايع جاء رجل إلى أمير المؤمنين علیه السلام و هو يسوي قبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بمسحاة له في يده فقال له إن القوم قد بايعوا أبا بكر و وقعت الخذلة في الأنصار لاختلافهم و بدر الطلقاء بالعقد للرجل خوفا من إدراككم الأمر فوضع

ص: 86

طرف المسحاة في الأرض ويده عليها ثم قال:

«بسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لا يُفْتَنُونَ وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ».

16 - عنه قال قد كان أبو سفيان جاء إلى باب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و علي و العباس متوفران على النظر في أمره فنادى.

بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم *** ولا سيما تيم بن مرة أو عدي

فما الأمر إلا فيكم و إليكم *** وليس لها إلا أبوحسن علي

أبا حسن فاشدد بها كف حازم *** فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي

ثم نادى بأعلى صوته يا بني هاشم يا بني عبد مناف أرضيتم أن يلي عليكم أبو فصيل الرذل بن الرذل أما والله لئن شئتم لأملأنها خيلا و رجلا.

فناداه أمير المؤمنين علیه السلام ارجع یا با سفيان فو الله ما تريد الله بما تقول و ما زلت تكيد الإسلام و أهله و نحن مشاغيل برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و على كل امرئ ما اكتسب و هو ولي ما احتقب.

فانصرف أبو سفيان إلى المسجد فوجد بني أمية مجتمعين فيه فحرضهم على الأمر و لم ينهضوا له و كانت فتنة عمت و بلية شملت و أسباب سوء اتفقت تمكن بها الشيطان وتعاون فيها أهل الإفك و العدوان فتخاذل فى إنكارها أهل الإيمان وكان ذلك تأويل قول الله عز وجل «وَ اتَّقُوا فِتْنَةٌ لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً».

17 - عنه أبو محمد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله علیه السلام قال لما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و جلس أبو بكر مجلسه يبعث إلى وكيل فاطمة علیها السلام

ص: 87

فأخرجه من فدك فأنته فاطمة علیها السلام فقالت يا أبا بكر ادعيت أنك خليفة أبي و جلست مجلسه و أنك بعثت إلى وكيلي فأخرجته من فدك و قد تعلم أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم صدق بها علي و أن لي بذلك شهودا.

فقال لها إن النبي صلی الله علیه وآله وسلم لا يورث فرجعت إلى علي علیه السلام فأخبرته فقال ارجعي إليه وقولي له زعمت أن النبي صلی الله علیه وآله وسلم لا يورث و ورث سليمان داود لا و ورث يحيى زكريا وكيف لا أرث أنا أبي فقال عمر أنت معلمة قالت وإن كنت معلمة فإنما علمني ابن عمي و بعلي فقال أبو بكر فإن عائشة تشهد و عمر الله عمر أنهما سمعا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هو يقول إن النبي لا يورث فقالت هذا أول شهادة زور شهدا بها في الإسلام ثم قالت فإن فدك إنما هي صدق بها على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لي بذلك بينة فقال لها هلمي ببينتك قال فجاءت بأم أيمن و علی علیهالسلام فقال أبو بكر يا أم أيمن إنك سمعت من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول فى فاطمة فقالا سمعنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول إن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ثم قالت أم أيمن فمن كانت سيدة نساء أهل الجنة تدعى ما ليس لها وأنا امرأة من أهل الجنة ما كنت لأشهد إلا بما سمعت من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

فقال عمر دعينا يا أم أيمن من هذه القصص بأي شيء تشهدان فقالت كنت جالسة في بيت فاطمة علیها السلام و رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم جالس حتى نزل عليه جبرئيل فقال يا محمد قم فإن الله تبارك و تعالى أمرني أن أخط لك فدكا بجناحي فقام رسول صلی الله علیه وآله وسلم مع جبرئيل علیه السلام فما لبثت أن رجع.

فقالت فاطمة علیها السلام يا أبة أين ذهبت فقال خط جبرئيل علیه السلام لي فدكا بجناحه و حد لي حدودها فقالت يا أبة إني أخاف العيلة و الحاجة من بعدك فصدق بها علي فقال هي صدقه عليك فقبضتها قالت نعم فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا أم أيمن اشهدي و يا علي اشهد فقال عمر أنت امرأة ولانجيز

ص: 88

شهادة امرأة وحدها و أما علي فيجر إلى نفسه قال فقامت مغضبة وقالت:

اللهم إنهما ظلما ابنة محمد نبيك حقها فاشدد وطأتك عليها ثم خرجت و حملها علي على أتان عليه كساء له خمل فدار بها أربعين صباحا في بيوت المهاجرين والأنصار و الحسن و الحسين علیهما السلام معها و هي تقول يا معشر المهاجرين والأنصار انصروا الله.

فإني ابنة نبيکم و قد بايعتم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم اليوم بايعتموه أن تمنعوه و وقد ذريته مما تمنعون منه أنفسكم و ذراريكم ففوا لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ببيعتكم قال فما أعانها أحد ولا أجابها ولا نصرها قال فانتهت إلى معاذ بن جبل.

فقالت يا معاذ بن جبل إني قد جئتك مستنصرة و قد بايعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على أن تنصره و ذريته و تمنعه مما تمنع منه نفسك و ذريتك و إن أبا بكر قد غصبني على فدك و أخرج وكيلي منها قال فمعي غيري قالت لا ما أجابني أحد قال فأين أبلغ أنا من نصرتك قال فخرجت من عنده و دخل ابنه.

فقال ما جاء بابنة محمد إليك قال جاءت تطلب نصرتي على أبي بكر فإنه أخذ منها فدكا قال فما أجبتها به قال قلت و ما يبلغ من نصرتي أنا وحدي قال فأبيت أن تنصرها قال نعم قال فأي شيء قالت لك قال قالت لي و الله لأناز عنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

قال فقال أنا و الله لأنازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إذ لم تجب ابنة محمد صلى الله عليه وآله سلم قال و خرجت فاطمة علیها السلام من عنده و هی تقول والله لا أكلمك كلمة حتى اجتمع أنا و أنت عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم انصرفت فقال علي علیها السلام لها انت أبا بكر وحده فإنه أرق من الآخر و قولي له ادعيت مجلس أبي و إنك خليفته و جلست مجلسه و لو كانت فدك

ص: 89

لك ثم استوهبتها منك لوجب ردها علي.

فلما أتته وقالت له ذلك قال صدقت قال فدعا بكتاب فكتبه لها برد فدك فقال فخرجت و الكتاب معها فلقيها عمر فقال يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك فقالت كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك فقال هلميه إلي فأبت أن تدفعه إليه فرفسها برجله و كانت حاملة بابن اسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها ثم لطمها فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت ثم أخذ الكتاب فخرقه فمضت و مكثت خمسة و سبعين يوما مريضة مما ضربها عمر ثم قبضت فلما حضرته الوفاة دعت عليا صلی الله علیه وآله وسلم فقالت إما تضمن و إلا أوصيت إلى ابن الزبير فقال علي علیه السلام أنا أضمن وصيتك يا بنت محمد .

قالت سألتك بحق رسول الله صلى الله عليه وآله سلم إذا أنا مت إلا يشهداني و لا يصليا علي قال فلك ذلك فلما قبضت علیه السلام دفنها ليلا في بيتها و أصبح أهل المدينة يريدون حضور جنازتها و أبو بكر و عمر كذلك فخرج إليهما على علیه السلام فقالا له ما فعلت بابنة محمد أخذت في جهازها يا أبا الحسن فقال علي علیه السلامقد و الله دفنتها.

قالا فما حملك على أن دفنتها و لم تعلمنا بموتها قال هي أمرتني فقال

عمر و الله لقد هممت بنبشها و الصلاة عليها فقال علی علیه السلام أما والله ما دام قلبي بين جوانحي و ذو الفقار في يدي إنك لا تصل إلى نبشها فأنت أعلم فقال أبو بكر اذهب فإنه أحق بها منا و انصرف الناس تم الخبر.

18- قال الرضى و من خطبه له علیه السلام : أما والله لقد تقمصها فلان و إنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل و لا يرقى إلي الطير فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا و طفقت أرتئي بين أن

ص: 90

أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير و يشيب فيها الصغير و يكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه.

فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت و في العين قذى و في الحلق شجا أرى تراثى نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى فلان بعده ثم تمثل بقول الأعشى.

شتان ما يومي على كورها *** و يوم حيان أخي جابر

فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد ما تشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها و يخشن مسها و يكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم فمني الناس لعمر الله بخبط و شماس و تلون و اعتراض.

فصبرت على طول المدة و شدة المحنة حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم فيا الله و للشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكنى أسففت إذ أسفوا و طرت إذ طاروا فصغا رجل منهم لضغنه و مال الآخر لصهره مع هن و هن.

إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله و معتلفه و قام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث عليه فتله أجهز عليه عمله و كبت به بطنته فما راعني إلا و الناس كعرف الضبع إلي ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطى الحسنان و شق عطفاي مجتمعين حولي كربيضة الغنم.

فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة و مرقت أخرى و قسط آخرون كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: «تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا

ص: 91

يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» بلى والله لقد سمعوها و وعوها و لكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها.

أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو لا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر و ما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم و لا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها و لسقيت آخرها بكأس أولها و لألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز.

قالوا وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا.

فأقبل ينظر فيه فلما فرغ من قراءته قال له ابن عباس يا أمير المؤمنين لو اطردت مقالتك من حيث أفضيت فقال هيهات يا ابن عباس تلك شقشقة هدرت ثم قرت قال ابن عباس فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على هذا الكلام ألا يكون أمير المؤمنين علیه السلام بلغ منه حيث أراد.

19- عنه قال : لما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و خاطبه العباس و أبو سفیان ابن حرب في أن يبايعا له بالخلافة:

أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة و عرجوا عن طريق المنافرة وضعوا تيجان المفاخرة أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح ماء آجن و لقمة يغص بها آكلها و مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه.

فإن أقل يقولوا حرص على الملك و إن أسكت يقولوا جزع من الموت هيهات بعد اللتيا والتي والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بندي أمه بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة.

ص: 92

20- روى الكشي عن حمدويه و إبراهيم ابنا نصير، قالا حدثنا محمد بن عثمان، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر علیه السلام قال كان الناس أهل الردة بعد النبي إلا ثلاثة. فقلت و من الثلاثة فقال المقداد بن الأسود و أبو ذر الغفاري و سلمان الفارسي.

ثم عرف الناس بعد يسير، وقال هؤلاء الذين دارت عليهم الرحى و أبوا أن يبايعوا لأبي بكر حتى جاءوا بأمير المؤمنين علیه السلام مكرها فبايع، و ذلك قول الله عز و جل «وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ».

21 - عنه عن جبريل بن أحمد الفاريابي، قال حدثني الحسن بن خرزاد، قال حدثني ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، عن أبي جعفر علیه السلام عن أبيه، عن جده عن علي بن أبي طالب علیه السلام ، قال ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون و بهم تنصرون و تمطرون، منهم سلمان الفارسي و المقداد و أبو ذر و عمار و حذيفة و كان علي علیه السلام يقول و أنا إمامهم، و هم الذين صلوا على فاطمة علیها السلام.

22 - عنه عن محمد بن مسعود قال حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال حدثني العباس بن عامر و جعفر بن محمد بن حكيم، عن أبان ابن عثمان، عن الحارث بن المغيرة ،النصري، قال سمعت عبد الملك بن أعين، يسأل أبا عبد الله علیه السلام.

قال فلم يزل يسأله حتى قال له فهلك الناس إذا فقال إي والله يا ابن أعين هلك الناس أجمعون قلت من في الشرق ومن في الغرب قال فقال إنها فتحت على الضلال إي والله هلكوا إلا ثلاثة ثم لحق أبو ساسان و عمار و شتيرة و أبو عمرة فصاروا سبعة.

ص: 93

23- عنه عن حمدويه، قال حدثنا أيوب بن نوح عن محمد بن الفضيل وصفوان عن أبي خالد القماط، عن حمران، قال قلت لأبي جعفر علیه السلام ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها قال فقال ألا أخبرك ذلك قال فقلت بلى. قال المهاجرون و الأنصار ذهبوا إلا (وبأعجب من أشار بيده) ثلاثة.

24 - عنه عن علي بن محمد القتيبي النيسابوري، قال حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الرازي الخواري من قرية أسترآباد، قال حدثني أبو الخير، عن عمرو بن عثمان الخزاز، عن رجل عن أبي حمزة، قال سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول لما مروا بأمير المؤمنين علیه السلام و في رقبته حبل الى زريق ضرب أبو ذر بيده على الأخرى ثم قال ليت السيوف قد عادت بأيدينا ثانية، وقال مقداد لو شاء لدعا عليه ربه عز و جل و قال سلمان مولانا أعلم بما هو فيه.

25- عنه عن محمد بن إسماعيل، قال حدثني الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله علیه السلام ارتد الناس إلا ثلاثة أبو ذر و سلمان و المقداد قال فقال أبو عبد الله علیه السلام فأين أبو ساسان و أبو عمرة الأنصاري.

26 - عنه عن محمد بن إسماعيل، قال حدثني الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر الا قال جاء المهاجرون و الأنصار و غيرهم بعد ذلك إلى علي علیه السلام فقالوا له أنت و الله أمير المؤمنين و أنت و الله أحق الناس و أولاهم بالنبي علیه السلام هلم يدك نبايعك.

فو الله لنموتن قدامك فقال على علیه السلام إن كنتم صادقين فاغدوا غدا على

ص: 94

محلقين فحلق علي علیه السلام و حلق سلمان و حلق مقداد و حلق أبو ذر و لم يحلق غيرهم ثم انصرفوا فجاءوا مرة أخرى بعد ذلك، فقالوا له أنت و الله أمير المؤمنين و أنت أحق الناس و أولاهم بالنبي علیه السلام هلم يدك نبايعك و حلفوا.

فقال إن كنتم صادقين فاغدوا على محلقين فما حلق إلا هؤلاء الثلاثة. قلت فما كان فيهم عمار فقال لا قلت فعمار من أهل الردة ، فقال إن عمارا قد قاتل مع علي علیه السلام بعد.

27- عنه روی جعفر غلام عبد الله بن بكير، عن عبد الله بن محمد بن نهيك عن النصيبي، عن أبي عبد الله علیه السلام قال قال أمير المؤمنينعلیه السلام يا سلمان اذهب إلى فاطمة عليها السلام فقل لها تتحفك من تحف الجنة فذهب إليها سلمان فإذا بين يديها ثلاث سلال .

فقال لها يا بنت رسول الله أتحفيني، قالت هذه ثلاث سلال جاءتني بها ثلاث ،وصائف، فسألتهن عن أسمائهن فقالت واحدة أنا سلمى لسلمان و قالت الأخرى أنا ذرة لأبي ذر و قالت الأخرى أنا مقدودة للمقداد، ثم قبضت فناولتني فما مررت بملا إلا ملئوا طيبا لريحها.

28 - قال أبو جعفر الطوسي: روى أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الثقفي عن عثمان بن أبي شيبة العبسي عن خالد المدائني عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال سمعت علياء علیه السلام على المنبر يقول قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمو ما من الناس أحد أولى بهذا الأمر مني.

29 - عنه روى إبراهيم الثقفي قال أخبرنا عثمان بن أبي شيبة و أبو نعيم الفضل بن دكين عن فطر بن خليفة عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال سمعت عليا علیه السلام يقول ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه صلی الله علیه وآله وسلم إلى يوم

ص: 95

الناس هذا.

30- عنه روى إبراهيم عن يحيى بن عبد الحميد الحمداني و عباد بن يعقوب الأسدي عن عمرو بن ثابت عن سلمة بن كهيل عن مسيب بن نجبة قال بينما علي علیه السلام يخطب و أعرابي يقول وا مظلمتاه فقال علي علیه السلام ادن فدنا فقال لقد ظلمت عدد المدر و الوبر .

31- عنه في حديث عبادة قال جاء أعرابي يتخطى فنادى يا أمير المؤمنين مظلوم قال علي علیه السلام ويحك و أنا مظلوم ظلمت عدد المدر و الوبر.

32- عنه روى أبو نعيم الفضل بن دكين عن عمر بن أبي مسلم قال كنا جلوسا عند جعفر بن عمرو بن حريث قال حدثني والدي أن العليا علیه السلام لم يقم مرة على المنبر إلا قال في آخر كلامه قبل أن ينزل ما زلت مظلوما منذ قبض الله نبيه صلی الله علیه وآله وسلم.

33- عنه روى إبراهيم قال أخبرنا القناد عن علي بن هاشم عن أبي الجحاف عن معاوية بن ثعلبة قال جاء رجل إلى أبي ذر رحمة الله عليه و هو جالس في المسجد و علي علیه السلام يصلي أمامه فقال يا أبا ذر ألا تحدثني بأحب الناس إليك فو الله لقد علمت أن أحبهم إليك أحبهم إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال أجل و الذي نفسي بيده إن أحبهم إلي لأحبهم إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هو هذا الشيخ المظلوم المضطهد حقه.

34- عنه قد روي من طرق كثيرة أنه علیه السلام كان يقول أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله يوم القيامة وقوله علیسه السلام يا عجبا بينما يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته مشهور.

35- عنه روى إبراهيم عن إسماعيل عن عثمان بن سعيد عن علي بن عابس عن أبي الجحاف عن معاوية بن ثعلبة أنه قال ألا أحدثك حديثا لم

ص: 96

يختلط قلت بلى قال مرض أبو ذر مرضا شديدا فأوصى إلى علي علیه السلام فقال له بعض من يدخل عليه لو أوصيت إلى أمير المؤمنين كان أجمل من وصيتك إلى علي علیه السلام قال و الله قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا.

36 - عنه روى عبد الله بن جبلة الكناني عن ذريح المحاربي عن أبي حمزة الثمالي عن جعفر بن محمد علیهما السلام أن بريدة كان غائبا بالشام فقدم و قد بايع الناس أبا بكر فأتاه في مجلسه فقال يا أبا بكر هل نسيت تسليمنا على علي علیه السلام بإمرة المؤمنين واجبة من الله و رسوله قال يا بريدة إنك غبت و شهدنا و إن الله تعالى يحدث الأمر بعد الأمر و لم يكن الله ليجمع لأهل هذا البيت النبوة و الملك.

37- عنه قد روي خطاب بريدة لأبي بكر بهذا المعنى في ألفاظ مختلفة من طرق كثيرة.

38- عنه قد روي أيضا من طرق مختلفة و بألفاظ متقاربة المعاني خطاب سلمان الفارسي رضي الله عنه للقوم و إنكاره ما فعلوه وقوله أصبتم و أخطأتم أصبتم سنة الأولين و أخطأتم أهل بيت نبيكم صلی الله علیه وآله وسلم و قوله ما أدري أنسيتم أم تناسيتم أو جهلتم أم تجاهلتم و قوله و الله لو أعلم أني أعز لله دينا أو أمنع الله ضيما لضربت بسيفي قدما قدما. و لم نذكر أسانيد هذه الأخبار وطرقها بألفاظها لئلا يطول به الكتاب

39- عنه روى إبراهيم الثقفي عن يحيى بن عبد الحميد الحماني عن عمرو بن حريث عن حبيب بن أبي ثابت عن ثعلبة بن يزيد الحماني عن علي علیه السلام قال سمعته يقول كان فيما عهد إلي النبي الأمي أن الأمة ستغدر بك.

40- عنه روى إبراهيم عن إسماعيل بن عمرو البجلي قال حدثنا هشيم بن بشير الواسطي عن إسماعيل بن سالم الأسدي عن أبي إدريس

ص: 97

الأودي عن علي علیه السلام قال لأن أخر من السماء إلى الأرض فتخطفنى الطير أحب إلي من أن أقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم و لم أسمعه قال لي يا علي ستغدر بك الأمة بعدي.

41 - عنه روى زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام قال كان علي علیه السلام يقول بايع الناس و الله أبا بكر و أنا أولى بهم مني بقميصي هذا فكظمت غيظي و انتظرت أمري و الزقت كلكلي بالأرض ثم إن أبا بكر هلك و استخلف عمر و قد و الله أعلم أني أولى بالناس مني بقميصي هذا.

فكظمت غيظي و انتظرت أمري ثم إن عمر و انتظرت أمري ثم إن عمر هلك و جعلها شورى و جعلني فيهم سادس ستة كسهم الجدة فقال اقتلوا الأقل فكظمت غيظي و انتظرت أمري و الزقت كلكلي بالأرض حتى ما وجدت إلا القتال أو الكفر بالله .

42 - عنه روى جميع أهل السير أن أمير المؤمنين علیه السلام و العباس لما تنازعا في الميراث و تخاصما إلى عمر قال عمر من يعذرني من هذين ولي أبو بكر فقالا عق و ظلم والله يعلم أنه كان برا تقيا ثم وليت فقالا عق و ظلم و هذا الكلام من أصح دليل على أن تظلمه علیه السلام عن القوم كان ظاهرا و غير خاف عليهم و إنما كانوا يجاملونه و يجاملهم.

43 - عنه روى الواقدي في كتاب الجمل بإسناده أن أمير المؤمنين علیه السلام حين بويع خطب فحمد الله و أثنى عليه ثم قال حق و باطل و لكل أهل و لئن أمر الباطل لقديما فعل و لئن قل الحق لربما و لعل و لقلما أدبر شيء فأقبل و إني لأخشى أن تكونوا في فترة و ما علي إلا الاجتهاد وقد كانت أمور مضت.

فيلتم فيها ميلة كانت عليكم ما كنتم فيها عندي بمحمودين أما إني لو

ص: 98

أشاء لقلت «عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ» سبق الرجلان و قام الثالث كالغراب همته بطنه يا ويله لو قص جناحاه و قطع رأسه لكان خيرا له في كلام طويل بعدها و قد رويت هذه الخطبة عن الواقدي من طرق مختلفة.

44 - عنه عن هشام بن هشام بن محمد عن أبي مخنف عن عبد الله بن الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أن النبي صلی الله علیه وآله وسلم لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقالوا نولي هذا الأمر من بعد محمد صلی الله علیه وآله وسلم سعد بن عبادة و أخرجوا سعدا إليهم و هو مريض قال:

فلما اجتمعوا قال لابنه أو لبعض بني عمه إني لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم كلامي و لكن تلق مني قولي فأسمعهم فكان يتكلم و يحفظ الرجل قوله فيرفع به صوته و يسمع به أصحابه فقال بعد أن حمد الله و أثنى عليه.

يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين و فضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب إن محمد صلی الله علیه وآله وسلم لبث بضع عشر سنة في قومه يدعوهم إلى عبادة الرحمن و خلع الأوثان فما آمن به من قومه إلا رجال قليل

و الله ما كانوا يقدرون على أن يمنعوا رسوله و لا أن يعزوا دينه و لا أن يدفعوا عن أنفسهم ضيما عموا به حتى إذا أراد بكم ربكم الفضيلة و ساق إليكم الكرامة وخصكم بالنعمة ورزقكم الإيمان به و برسوله و المنع له و لأصحابه و الإعزاز له و لدينه و الجهاد لأعدائه.

و كنتم أشد الناس على عدوه منهم الناس على عدوه منهم و أثقله على عدوه من غيركم حتی استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها و أعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا و حتى أثخن الله لرسوله بكم الأرض ودانت بأسيافكم له العرب و توفاه الله إليه و هو عنكم راض و بكم قرير عين.

ص: 99

استبدوا بهذا الأمر دون الناس فإنه لكم دون الناس فأجابوه بأجمعهم أن قد وفقت في الرأي و أصبت في القول ولن نعدو ما رأيت نوليك هذا الأمر فإنك فينا متبع و لصالح المؤمنين رضا ثم إنهم ترادوا الكلام فقالوا فإن أبت مهاجرة قريش.

فقالوا نحن المهاجرون و صحابة رسول الله الأولون و نحن عشيرته و أولياؤه فعلام تنازعوننا الأمر من بعده فقالت طائفة منهم فإنا نقول إذا منا أمير و منكم أمير و لن نرضى بدون هذا أبدا.

فقال سعد بن عبادة حين سمعها هذا أول الوهن و أتى عمر الخبر فأقبل إلى منزل النبي صلی الله علیه وآله وسلم فأرسل إلى أبي بكر و أبو بكر في الدار و علي بن أبي طالب الدائب في جهاز النبي صلی الله علیه وآله وسلم .

فأرسل إلى أبي بكر أن اخرج إلي فأرسل إليه أني مشتغل فأرسل إليه أنه قد حدث أمر لا بد لك من حضوره فخرج إليه فقال أما علمت أن الأنصار قد اجتمعت في سقيفة بني ساعدة يريدون أن يولوا هذا الأمر سعد بن عبادة و أحسنهم مقالة من يقول:

منا أمير و من قريش أمير فمضيا مسرعين نحوهم فلقيا أبا عبيدة فتمشوا إليهم فلقيهم عاصم بن عدي و عويم بن ساعدة فقالا لهم ارجعوا فإنه لا يكون إلا ما تحبون فقالوا لا تفعل فجاءهم و هم مجتمعون فقال عمر بن الخطاب أتيناهم و قد كنت زورت كلاما أردت أن أقوم به فيهم.

فلما ان دفعت إليهم ذهبت لأبتدئ المنطق فقال لي أبو بكر رويدا حتى أتكلم ثم انطق بعد ما أحببت فنطق فقال عمر فما شيء كنت أريد أن أقول به إلا وقد أتى به أو زاد عليه قال عبد الله بن عبد الرحمن فبدأ أبو بكر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال إن الله بعث محمدا صلی الله علیه وآله وسلم رسولا إلى خلقه

ص: 100

شهيدا على أمته ليعبدوا الله ويوحدوه وهم يعبدون من دونه آلهة شتى.

يزعمون أنها لمن عبدها شافعة و لهم نافعة و إنما هي من حجر منحوت و خشب منجور ثم قرأ «وَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ وقالوا مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَی».

فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومهم لهم وتكذيبهم إياه و كل الناس لهم مخالف و عليهم زار فلم يستوحشوا لقلة عددهم و تشذب الناس عنهم و إجماع قومهم عليهم.

فهم أول من عبد الله فى الأرض و آمن بالله و بالرسول و هم أولياؤه و عشيرته و أحق الناس بهذا الأمر من بعده ولا ينازعهم في ذلك إلا ظالم أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين و لا سابقتهم العظيمة في الإسلام رضيكم الله أنصارا لدينه و رسوله و جعل إليكم هجرته و فيكم جلة أزواجه و أصحابه و ليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم.

فنحن الأمراء و أنتم الوزراء لا تفتاتون بمشورة و لا يقضى دونكم الأمور فقام المنذر بن الحباب بن الجموح هكذا روى الطبري و الذي رواه غيره أنه الحباب بن المنذر فقال يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس في ظلكم و لن يجترئ مجترئ على خلافكم و لن يصدر الناس إلا عن رأيكم، أنتم أهل العزة و الثروة و أولو العدد و المنعة و التجربة، و ذووا البأس و النجدة، و إنما ينظر الناس ما تصنعون فلا تختلفوا فتفسد عليكم رأيكم ، و تنقض عليكم أموركم. فان أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنا أمير و منهم أمير.

ص: 101

فقال عمر بن الخطاب هيهات لا يجتمع اثنان في قرن إنه والله لا يرضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم و لكن العرب لا تمتنع العرب أن تولّي أمورها من كانت النبوة فيهم و ولي أمورهم منهم. و لنا بذلك على من أبى من العرب الحجة الظاهرة و السلطان المبين من ذا ينازعنا سلطان محمد صلی الله علیه وآله وسلم و إمارتة و نحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف بإثم أو متورط بهلكة.

فقال المنذر بن حباب - وفي رواية غير الطبري: الحباب بن المنذر - يا معشر الأنصار أمسكوا على أيديكم و لا تسمعوا مقالة هذا و أصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبو عليكم ما سألتموه، فاجلوهم عن هذه البلاد و تولوا عليهم هذه الامور.

فأنتم و الله أحق بهذا الأمر منهم، فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين من لم يكن يدين، أنا جذيلها المحكك و أنا عذيقها المرجب، أما والله لئن شتم لنعيدنها جذعة.

فقال عمر: إذا ليقتلك الله، قال: بل إيّاك يقتل. فقال أبو عبيدة يا معشر الأنصار أنكم أول من نصر و آزر فلا تكونوا أوّل من بدل وغيّر. فقام بشير بن سعد أبو النعمان بن بشير، فقال: يا معشر الأنصار إما و الله و لئن كنّا أولي فضيلة في جهاد المشركين و سابقة في الدين ما أردنا به إلا رضا ربنا وطاعة نبينا و الكدح لأنفسنا، فما ينبغي لنا أن نستطيل بذلك علي النّاس و لا نبتغي به من الدنيا عرضاً، فان الله ولي المنة علينا بذلك. ألا إنّ محمّداً من قريش و قومه أحق وأولي، و ايم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر، فاتقوا الله و لا تخالفوهم لاتنازعوهم.

قال ابوبكر : هذا عمر و أبو عبيدة فإيهم شئتم فبايعوا.

ص: 102

فقالا: لا والله لا نتولي هذا الأمر عليك، و أنت أفضل المهاجرين و ثانى اثنين إذ هما في الغار، وخليفة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على الصلاة، و الصلاة ٔفضل دین المسلمين،له أن يتقدمك أو يتولى هذا الأمر عليك: ابسط يدك نبايعك ،

فلمّا ذهبا ليبايعا سبقهما إليه بشير بن سعد فبايعه.

فناداه المنذر بن الحباب يا بشير بن سعد، عقتك عقاق. ما أحوجك إلى ما صنعت أنفت علي بن عمّك الإمارة؟

فقال: لا والله ولكن كرهت أن أنازع قوما حقاً. جعله الله لهم و لما رأت الأوس ما صنع بشير بن سعد و ما تدعو إليه قريش و م-ا تطلب الخروج من تأمير سعد بن عبادة وقال بعضهم لبعض – و فيهم أسيد بن حضير و كان أحد النقباء -: والله لئن وليتها الخزرج عليكم مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة و لا جعلوا لكم معهم فيها نصيباً أبداً، فقوموا، فبايعوا أبابكر.

فبايعوا إليه فبايعوه، فانكسر علي سعد بن عبادة، و الخررج ما كانوا أجمعوا له من أمرهم.

45 - عنه قال هشام عن أبي مخنف قال قال عبد الله بن عبد الرحمن فأقبل الناس من كل جانب يبايعون أبا بكر وكادوا يطئون سعد بن عبادة فقال ناس من أصحاب سعد اتقوا سعدا لا تطئوه فقال عمر اقتلوه قتله الله ثم قام على رأسه فقال لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضدك فأخذ قيس ابن سعد بلحية عمر.

ثم قال والله لئن حصحصت منه شعرة ما رجعت و في فيك واضحة فقال أبو بكر مهلا يا عمر الرفق هاهنا أبلغ فأعرض عنه عمر و قال سعد

ص: 103

أما والله لو أرى من قوة ما أقوى على النهوض لسمعتم مني ما أقوى على النهوض لسمعتم مني بأقطارها و سككها زئيرا يحجرك وأصحابك أما والله إذا لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعا غير متبوع احملوني من هذا المكان فحملوه فأدخلوه داره و ترك أياما.

ثم بعث إليه أن أقبل فبايع فقد بايع الناس و بايع قومك فقال أما والله حتى أرميكم بما في كنانتي من نبل و أخضب منكم سنان رمحي و و أضربكم بسيني ما ملكته يدي و أقاتلكم بأهل بيتي و من أطاعني من قومي و لا أفعل و ايم الله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي و أعلم ما حسابي.

فلما أتي أبو بكر بذلك قال له عمر لا تدعه حتى يبايع فقال له بشير بن سعد إنه قد لج و أبا فليس يبايعكم حتى يقتل معه ولده و أهل أهل بيته طائفة و ليس بمقتول حتى يقتل من عشيرته فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد.

فتركوه و قبلوا مشورة بشير بن سعد و استنصحوه لما بدا لهم منه و كان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع معهم و يحج و لا يحج معهم و يفيض فلا يفيض معهم بإفاضتهم فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر.

46- عنه روى الطبري في تاريخه عن شيوخه من طرق مختلفة أن عمر بن الخطاب لما طعن قيل له يا أمير المؤمنين لو استخلفت قال من أستخلف لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لاستخلفته فإن سألني ربي قلت سمعت نبيك صلی الله علیه وآله وسلم يقول إنه أمين هذه الأمة و لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته .

فإن سألني ربي قلت سمعت نبيك يقول إن سالما شديد الحب الله فقال له رجل أدلك عليه عبد الله بن عمر فقال قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا

ص: 104

ويحك كيف أستخلف رجلا عجز عن طلاق امرأته.

47 - عنه روى البلاذري في كتابه المعروف بتاريخ الأشراف عن عفان ابن مسلم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب كان مستندا إلى ابن عباس و عنده ابن عمر و سعید بن زید فقال اعلموا أني لم أقل في الكلالة شيئا و لم أستخلف بعدي أحدا و أنه من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر من مال الله قال سعيد بن زيد أما إنك لو أشرت برجل من المسلمين ائتمنك الناس فقال عمر

لقد رأيت من أصحابي حرصا سيئا و أنا جاعل هذا الأمر إلى النفر الستة الذين مات رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هو عنهم راض ثم قال لو أدركني أحد رجلين لجعلت هذا الأمر إليه و لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة و أبو عبيدة ابن الجراح .

فقال له رجل يا أمير المؤمنين فأين أنت عن عبد الله بن عمر فقال له قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا أستخلف رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته قال عفان يعني بالرجل الذي أشار إليه بعبد الله بن عمر المغيرة بن شعبة.

48 - عنه روى أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري و حاله في الثقة عند العامة و البعد عن مقاربة الشيعة و الضبط لما يرويه معروفة قال حدث- حدثني بكر بن الهيثم عن عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى علي علیه السلام حين قعد عن بيعته و قال ائتني به بأعنف العنف.

فلما أتاه جرى بينهما كلام فقال له احلب حلبا لك شطره و الله ما حرصك على إمارته اليوم إلا ليؤمرك غدا و ما ننفس على أبي بكر هذا الأمر و لكنا أنكرنا ترككم مشاورتنا وقلنا إن لنا حقا لا تجهلونه ثم أتاه

ص: 105

فبايعه.

49- عنه روى البلاذري عن المدائني عن مسلمة بن محارب عن سليمان التميمي عن ابن عون أن أبا بكر أرسل عمر إلى علي علیه السلام يريده إلى البيعة فلم يبايع فجاء عمر و معه قبس فتلقته فاطمة علیها السلام على الباب فقالت يا ابن الخطاب أتراك محرقا علي بابي قال نعم و ذلك أقوى فيما جاء به أبوك و جاء علي علیه السلام فبايع.

50 - عنه روى إبراهيم بن سعيد الثقفي عن أحمد بن عمر و البجلي عن أحمد بن حبيب العامري عن حمران بن أعين عن أبي عبد الله جعفر بن محمد علیهما السلام قال والله ما بايع علي حتى رأى الدخان قد دخل بيته.

51 - عنه روى المدائني عن عبد الله بن جعفر عن أبي عون قال لما ارتدت العرب مشى عثمان إلى علي علیه السلام فقال يا ابن عم إنه لا يخرج أحد إلى قتال هذا العدو و أنت لم تبايع و لم يزل به حتى مشى إلى أبي بكر فسر المسلمون بذلك وجد الناس في القتال.

52- عنه روى البلاذري عن المدائني عن أبي جزي عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت لم يبايع علي أبا بكر حتى ماتت فاطمة علیها السلام بعد ستة أشهر فلما ماتت ضرع إلى صلح أبي بكر فأرسل إليه أن يأتيه فقال له عمر لا تأته وحدك قال فما ذا يصنعون بي فأتاه أبو بكر فقال له علي علیه السلام و الله ما نفسنا عليك ما ساق الله إليك من فضل و خير و علي لكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر نصيبا استبد به علينا.

فقال أبو بكر و الله القرابة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أحب إلي من قرابتي فلم يزل علي يذكر حقه و قرابته حتى بكى أبو بكر فقال ميعادك العشية فلما صلى أبو بكر الظهر خطب فذكر عليا علیه السلام و بيعته فقال علي علیه السلام إني لم

ص: 106

يحبسني عن بيعة أبي بكر ألا أكون عارفا بحقه لكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر نصيبا استبد به علينا ثم بايع أبا بكر فقال المسلمون أصبت و أحسنت.

و من تأمل هذه الأخبار علم كيف وقعت هذه البيعة و ما الداعي إليها و لو كانت الحال سليمة و النيات صافية و التهمة مرتفعة لما منع عمر أبا بكر من أن يصير إلى أمير المؤمنين علیه السلام وحده.

53 - عنه روى إبراهيم الثقفي عن محمد بن أبي عمر عمر عن أبيه عن صالح بن أبي الأسود عن عقبة بن سنان عن الزهري قال ما بايع علي علیه السلام إلا بعد ستة أشهر و ما اجترئ عليه إلا بعد موت فاطمة علیها السلام .

54 - عنه روى الثقفي عن محمد بن علي عن عاصم بن عامر البجلي - عن نوح بن دراج عن محمد بن إسحاق عن سفيان بن فروة عن أبيه قال جاء بريدة حتى ركز رأيته في وسط أسلم ثم قال لا أبايع حتى يبايع علي بن أبي طالب علیه السلام فقال علي علیه السلام يا بريدة ادخل فيما دخل فيه الناس فإن اجتماعهم أحب إلي من اختلافهم اليوم.

55- عنه روى إبراهيم عن محمد بن أبي عمر عن محمد بن إسحاق عن موسى بن عبد الله بن الحسن أن عليا علیه السلام قال لهم بايعوا فإن هؤلاء خيروني أن يأخذوا ما ليس لهم أقاتلهم و أفرق أمر المسلمين.

56 - عنه روى إبراهيم عن يحيى بن الحسن بن الفرات عن قليب بن حماد عن موسى بن عبد الله بن الحسن قال أبت أسلم أن تبايع فقالوا ما كنا نبايع حتى يبايع بريدة لقول النبي صلی الله علیه وآله وسلم البريدة علي وليكم من بعدي قال فقال علي علیه السلام يا هؤلاء إن هؤلاء خيرونا أن يظلموني حقي و أبايعهم فارتد الناس حتى بلغت الردة أحدا فاخترت إن أظلم حق و إن فعلوا ما فعلوا.

57 - عنه روى إبراهيم عن يحيى بن الحسن عن عاصم بن عامر عن

ص: 107

نوح بن دراج عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه عن عدي بن حاتم قال ما رحمت أحدا رحمتي عليا حين أتي به مليبا فقيل له بايع قال فإن لم أفعل قالوا إذا نقتلك قال إذا تقتلون عبد الله و أخا رسول الله ثم بايع كذا و ضم يده اليمنى.

58 - عنه روى إبراهيم عن عثمان بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد البجلي عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه عن عدي بن حاتم قال إني

أبي بكر إذ جيء بعلي علیه السلام فقال له أبو بكر بايع فقال له العلي علیه السلام فإن أنا لم أبايع قال أضرب الذي فيه عيناك فرفع رأسه إلى السماء ثم قال اللهم اشهد ثم مد يده فبايعه.

59- عنه روي هذا المعنى من طرق مختلفة و بألفاظ متقاربة المعنى و إن اختلف لفظها و أنه علیه السلام كان يقول في ذلك اليوم لما أكره على البيعة و حذر من التقاعد عنها يا ابن أم «إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَ لَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» و يردد ذلك و يكرره و ذكر أكثر ما روي فى هذا المعنى يطول فضلا عن ذكر جميعه و فيما أشرنا إليه كفاية ودلالة على أن البيعة لم تكن عن رضا و اختيار.

60- قال الطبرسي و انتهزت الجماعة الفرصة لاشتغال بني هاشم برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و جلوس علي صلی الله علیه وآله وسلم المصيبة فتنازعوا إلى تقرير ولاية الأمر و اتفق لأبي بكر ما اتفق لاختلاف الأنصار فيما بينهم و كراهة القوم تأخير الأمر إلى أن يفرغ بنو هاشم من مصاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فيستقر الأمر مقره فبايعوا أبا بكر لحضوره و ليس هذا الكتاب بموضع لشرح ذلك و تجده في مواضعه إن شئت.

61 - روي أن أبا سفيان جاء إلى باب رسول الله فقال.

ص: 108

بني هاشم لا يطمع الناس فيكم *** ذولا سيما تيم بن مرة أو عدي

فما الأمر إلا فيكم وإليكم *** وليس لها إلا أبو حسن علي

أبا حسن فاشدد بها كف حازم *** فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي

ثم نادى بأعلى صوته يا بني هاشم يا بني عبد مناف أرضيتم أن يلي عليكم أبو فصيل الرذل بن الرذل أما والله لئن شئتم لأملأنها عليكم خيلا و رجلا فناداه أمير المؤمنين علیه السلام ارجع يا أبا سفيان فو الله ما تريد الله بما تقول و ما زلت تكيد الإسلام و أهله و نحن مشاغيل برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و على كل امرئ ما اكتسب و هو ولي ما احتقب.

قال و بعثوا إلى عكرمة بن أبي جهل و عمومته الحارث بن هشام و غیرهم فأحضروهم و عقدوا لهم الرايات على نواحي اليمن و الشام و وجوههم من ليلتهم وبعثوا إلى أبي سفيان فأرضوه بتولية يزيد بن أبي سفیان قال و لما بايع الناس أبا بكر قيل له لو جئت جيش أسامة واستعنت بهم على من يأتيك من العرب و كان في الجيش عامة المهاجرين.

فقال أسامة لأبي بكر ما تقول في نفسك أنت قال قد ترى ما صنع الناس فأنا أحب أن تأذن لي و لعمر قال فقد أذنتكما قال و خرج أسامة بذلك الجيش حتى إذا انتهى إلى الشام عزله و استعمل مكانه يزيد بن أبي سفيان فما كان بين خروج أسامة و رجوعه إلى المدينة إلا نحو من أربعين يوما فلما قدم المدينة قام على باب المسجد ثم صاح يا معشر المسلمين عجبا لرجل استعملني عليه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فتأمر علي و عزلني.

ص: 109

11062 - روى أبو منصور الطبرسي: عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني بإسناده الصحيح عن رجال ثقة أن النبي صلی الله علیه وآله وسلم خرج في مرضه الذي توفي فيه إلى الصلاة متوكئا على الفضل بن عباس و غلام له يقال له ثوبان و هي الصلاة التي أراد التخلف عنها لثقله.

ثم حمل على نفسه و خرج فلما صلى عاد إلى منزله فقال لغلامه اجلس على الباب و لا تحجب أحدا من الأنصار و تجلاه الغشي و جاءت

الأنصار فأحدقوا بالباب و قالوا استأذن لنا على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم .

فقال هو مغشي عليه و عنده نساؤه فجعلوا يبكون فسمع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم البكاء فقال من هؤلاء قالوا الأنصار فقال من هاهنا من أهل بيتي قالوا علي و العباس فدعاهما و خرج متوكئا عليهما فاستند إلى جذع من أساطين مسجده و كان الجذع جريد نخل فاجتمع الناس وخطب فقال في کلامه .

معاشر الناس إنه لم يمت نبي قط إلا خلف تركة و قد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله و أهل بيتي ألا فمن ضيعهم ضيعه الله ألا و إن الأنصار كرشي و عيبتي التي آوي إليها و إني أوصيكم بتقوى الله و الإحسان إليهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم.

ثم دعا أسامة بن زيد فقال سر على بركة الله و النصر و العافية حيث أمرتك بمن أمرتك عليه و كان صلی الله علیه وآله وسلم قد أمره على جماعة من المهاجرين و الأنصار فيهم أبو بكر و عمر و جماعة من المهاجرين الأولين و أمره أن يغير على مؤتة واد في فلسطين.

فقال له أسامة بأبي أنت وأمي يا رسول الله أتأذن لي في المقام أياما حتى يشفيك الله فإني متى خرجت و أنت على هذه الحالة خرجت و في

ص: 110

قلبي منك قرحة فقال انفذ يا أسامة لما أمرتك فإن القعود عن الجهاد لا يجب في حال من الأحوال.

قال فبلغ رسول الله اصلی الله علیه وآله وسلم أن الناس طعنوا في عمله فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بلغني أنكم طعنتم في عمل أسامة و في عمل أبيه من قبل و ايم الله إنه لخليق للإمارة و إن أباه كان خليقا لها و إنه و أباه من أحب الناس إلي فأوصيكم به خيرا فلئن قلتم في إمارته لقد قال قائلكم في إمارة أبيه.

ثم دخل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بيته و بيته و خرج أسامة من يومه من يومه حتى عسكر على رأس فرسخ من المدينة و نادى منادي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن لا يتخلف عن أسامة أحد ممن أمرته فلحق الناس به وكان أول من سارع إليه أبو بكر و عمر و أبو عبيدة بن الجراح فنزلوا في رقاق واحد مع جملة أهل العسكر.

قال و ثقل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فجعل الناس ممن لم يكن في بعث أسامة يدخلون عليه إرسالا و سعد بن عبادة يومئذ شاك و كان لا يدخل أحد من الأنصار على النبي صلی الله علیه وآله وسلم إلا انصرف إلى سعد يعوده قال و قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وقت الضحى من يوم الإثنين بعد خروج أسامة إلى معسكره بيومين فرجع أهل العسكر و المدينة قد رجفت بأهلها فأقبل أبو بكر على ناقة حتى وقف على باب المسجد فقال أيها الناس ما لكم تموجون إن كان محمد قد مات فرب محمد لم يمت.

«وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً» قال ثم اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة و جاءوا به إلى سقيفة بني ساعدة فلما سمع بذلك عمر أخبر بذلك أبا بكر.

فمضيا مسرعين إلى السقيفة و معهما أبو عبيدة بن الجراح و في السقيفة

ص: 111

خلق كثير من الأنصار وسعد بن عبادة بينهم مريض فتنازعوا الأمر بينهم فآل الأمر إلى أن قال أبو بكر في آخر كلامه للأنصار إنما أدعوكم إلى أبي عبيدة بن الجراح أو عمر و كلاهما قد رضيت لهذا الأمر وكلاهما أراهما له أهلا.

فقال عمر و أبو عبيدة ما ينبغي لنا أن نتقدمك يا أبا بكر و أنت أقدمنا إسلاما و أنت صاحب الغار و ثاني اثنين فأنت أحق بهذا الأمر و أولى به فقال الأنصار نحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا و لا منكم فنجعل منا أميرا و منكم أميرا و نرضى به على أنه إن هلك اخترنا آخر من

الأنصار.

فقال أبو بكر بعد أن مدح المهاجرين و أنتم يا معاشر الأنصار ممن لا ينكر فضلهم و لا نعمتهم العظيمة في الإسلام رضيكم الله أنصارا لدينه و كهفا لرسوله و جعل إليكم مهاجرته وفيكم محل أزواجه فليس أحد من الناس بعد المهاجرين الأولين بمنزلتكم فهم الأمراء و أنتم الوزراء.

فقال الحباب بن المنذر الأنصاري يا معشر الأنصار أمسكوا على أيديكم فإنما الناس في فيئكم وظلالكم و لن يجتري مجتر على خلافكم و لن يصدر الناس إلا عن رأيكم و أثنى على الأنصار ثم قال فإن أبى هؤلاء تأميركم عليهم فلسنا نرضى بتأميرهم علينا و لا نقنع بدون أن يكون منا

أمير و منهم أمير .

فقام عمر بن الخطاب فقال هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد إنه لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم و لكن العرب لا تمتنع إلى توالي أمرها من كانت النبوة فيهم و أولو الأمر منهم و لنا بذلك على م-ن خالفنا الحجة الظاهرة و السلطان البين فما ينازعنا سلطان محمد و نحن

ص: 112

أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف بإثم أو متورط في الهلكة محب للفتنة.

فقام الحباب بن المنذر ثانية فقال يا معشر الأنصار أمسكوا على أيديكم ولا تسمعوا مقال هذا الجاهل و أصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر و إن أبوا أن يكون منا أمير و منهم أمير فاجلوهم عن بلادكم و تولوا هذا الأمر عليهم فأنتم و الله أحق به منهم فقد دان بأسيافكم قبل هذا الوقت من لم يكن يدين بغيرها و أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرحب.

و الله لئن أحد رد قولي لأحطمن أنفه بالسيف قال عمر بن الخطاب فلما كان الحباب هو الذي يجيبني لم يكن لي معه كلام فارغ فإنه جرت بيني و بينه منازعة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فنهاني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عن مهاترته فحلفت أن لا أكلمه أبدا قال عمر لأبي عبيدة تكلم.

فقام أبو عبيدة بن الجراح و تكلم بكلام كثير و ذكر فيه فضائل الأنصار و كان بشير بن سعد سيدا من سادات الأنصار لما رأى اجتماع الأنصار على سعد بن عبادة لتأميره حسده و سعى في إفساد الأمر عليه و تكلم في ذلك و رضي بتأمير قريش و حث الناس كلهم لا سيما الأنصار على الرضا بما يفعله المهاجرون.

فقال أبو بكر هذا عمر و أبو عبيدة شيخان من قريش فبايعوا أيهما شئتم فقال عمر و أبو عبيدة ما نتولى هذا الأمر عليك امدد يدك نبايعك فقال بشير بن سعد و أنا ثالثكما و كان سيد الأوس و كان سعد بن عبادة سيد الخزرج فلما رأت الأوس صنيع سيدها بشير و ما ادعت إليه الخزرج من تأمير سعد.

أكبوا على أبي بكر بالبيعة و تكاثروا على ذلك و تزاحموا فجعلوا

ص: 113

يطئون سعدا من شدة الزحمة و هو بينهم على فراشه مريض فقال قتلتموني قال عمر اقتلوا سعدا قتله الله فوتب قيس بن سعد فأخذ بلحية عمر و قال و الله يا ابن صهاك الجبان في الحرب و الفرار الليث في الملأ و الأمن لو حركت منه شعرة ما رجعت و في وجهك واضحة.

فقال أبو بكر مهلا يا عمر مهلا فإن الرفق أبلغ و أفضل فقال سعد يا ابن صهاك و كانت جدة عمر الحبشية أما والله لو أن لي قوة على النهوض السمعتها مني في سككها زئيرا أزعجك و أصحابك منها و لألحقتكما بقوم كنتما فيهم أذنابا أذلاء تابعين غير متبوعين لقد اجترأتما.

ثم قال للخزرج احملوني من مكان الفتنة فحملوه و أدخلوه منزله فلما كان بعد ذلك بعث إليه أبو بكر أن قد بايع الناس فبايع فقال لا و الله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي و أخضب منكم سنان رمحي و أضربكم ما أقلت يدي فأقاتلكم بمن تبعني من أهل بيتي و عشيرتي.

ثم و ايم الله لو اجتمع الجن والإنس علي لما بايعتكما أيها الغاصبان حتى أعرض على ربي و أعلم ما حسابي فلما جاءهم كلامه قال عمر لا بد من بيعته فقال بشير بن سعد إنه قد أبى و لج و ليس بمبايع أو يقتل و ليس بمقتول حتى يقتل معه الخزرج و الأوس فاتركوه فليس تركه بضائر فقبلوا قوله و تركوا سعدا.

فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يقضي بقضائهم و لو وجد أعوانا لصال بهم و لقاتلهم فلم يزل كذلك مدة ولاية أبي بكر حتى هلك أبو بكر ثم ولي عمر و كان كذلك فخشي سعد غائلة عمر فخرج إلى الشام فمات بحوران في ولاية عمر و لم يبايع أحدا و كان سبب موته أن رمي بسهم في الليل فقتله و زعم أن الجن رموه.

ص: 114

و قيل أيضا إن محمد بن سلمة الأنصاري تولى ذلك بجعل جعل له علیه و روي أنه تولى ذلك المغيرة بن شعبة وقيل خالد بن الوليد قال و بايع جماعة الأنصار و من حضر من غيرهم و علي بن أبي طالب مشغول بجهاز رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم .

فلما فرغ من ذلك وصلى على النبي صلی الله علیه وآله وسلم و الناس يصلون عليه من بايع أبا بكر و من لم يبايع جلس في المسجد فاجتمع عليه بنو هاشم و معهم الزبير بن العوام و اجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفان و بنو زهرة إلى عبد الرحمن بن عوف فكانوا في المسجد كلهم مجتمعين إذ أقبل أبو بكر و معه عمر و أبو عبيدة بن الجراح.

فقالوا ما لنا نراكم حلقا شتى قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته الأنصار

و الناس فقام عثمان و عبد الرحمن بن عوف و من معهما فبايعوا و انصرف علي و بنو هاشم إلى منزل علي علیه السلام و معهم الزبير قال فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع فيهم أسيد بن حصين و سلمة بن سلامة فألفوهم مجتمعين.

فقالوا لهم بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس فوثب الزبير إلى سيفه فقال عمر عليكم بالكلب العقور فاكفونا شره فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره و أحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم و مضوا بجماعتهم إلى أبي بكر.

فلما حضروا قالوا بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس و ايم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل فجعل يبايع حتى لم يبق ممن حضر إلا علي بن أبي طالب فقالوا له بايع أبا بكر.

فقال علي علیه السلام أنا أحق بهذا الأمر منه و أنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من الرسول و تأخذونه

ص: 115

منا أهل البيت غصبا ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فأعطوكم المقادة وسلموا لكم الإمارة و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار.

أنا أولى برسول الله حيا وميتا و أنا وصيه و وزیره و مستودع سره و علمه و أنا الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم أول من آمن به و صدقه و

أحسنكم بلاء في جهاد المشركين و أعرفكم بالكتاب و السنة.

و أفقهكم في الدين و أعلمكم بعواقب الأمور و أذربكم لسانا و أثبتكم جنانا فعلام تنازعونا هذا الأمر أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم وأعرفوا لنا الأمر مثل ما عرفته لكم الأنصار وإلا فبوءوا بالظلم و العدوان و أنتم تعلمون فقال عمر يا علي أما لك بأهل بيتك أسوة.

فقال علي علیه السلام سلوهم عن ذلك فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم فقالوا و الله ما بيعتنا لكم بحجة على علي و معاذ الله أن نقول إنا نوازيه في الهجرة و حسن الجهاد و المحل من رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فقال عمر إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها فقال علي علیه السلام احلب حلبا لك شطره اشدد له اليوم ليرد عليك غدا إذا والله لا أقبل قولك و لا أحفل بمقامك و لا أبايع.

فقال أبو بكر مهلا يا أبا الحسن ما نشك فيك و لا نكرهك فقام أبو عبيدة إلى علي علیه السلام فقال يا ابن عم لسنا ندفع قرابتك و لا سابقتك و لا علمك و لا نصرتك و لكنك حدث السن و كان لعلي علیه السلام يومئذ ثلاث و ثلاثون سنة و أبو بكر شيخ من مشايخ قومك و هو أحمل لثقل هذا الأمر و قد مضى الأمر بما فيه.

فسلم له فإن عمرك الله يسلموا هذا الأمر إليك و لا يختلف فيك اثنان

ص: 116

بعد هذا إلا و أنت به خليق و له حقيق و لا تبعث الفتنة في أوان الفتنة فقد عرفت ما في قلوب العرب وغيرهم عليك فقال أمير المؤمنين علیه السلام المعاشر المهاجرين والأنصار.

الله الله لا تنسوا عهد نبيكم إليكم في أمري و لا تخرجوا سلطان محمد من داره و قعر بيته إلى دوركم و قعر بيوتكم و لا تدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس فو الله معاشر الجمع إن الله قضى و حكم و نبيه أعلم و أنتم تعلمون بأنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم.

أما كان القارئ منكم لكتاب الله الفقيه في دين الله المضطلع بأمر الرعية و الله إنه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا و تفسدوا قديمكم بشر من حديثكم فقال بشير بن سعد الأنصاري الذي وطأ الأرض لأبي بكر و قالت جماعة من الأنصار يا أبا الحسن لو كان هذا الأمر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان.

فقال على علیه السلام يا هؤلاء كنت أدع رسول الله مسجى لا أواريه و أخرج أنازع في سلطانه والله ما خفت أحدا يسمو له و ينازعنا أهل البيت فيه و يستحل ما استحللتموه و لا علمت أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ترك يوم غدير خم لأحد حجة و لا لقائل مقالا فأنشد الله رجلا سمع النبي يوم غدير خم يقول من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله.

أن يشهد الآن بما سمع قال زيد بن أرقم فشهد اثنا عشر رجلا بدريا بذلك و كنت ممن سمع القول من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فكتمت الشهادة يومئذ فدعا علي علي فذهب بصري

قال و كثر الكلام في هذا المعنى وارتفع الصوت وخشي عمر أن

ص: 117

يصغي الناس إلى قول علي علیه السلام ففسح المجلس و قال إن الله يقلب القلوب و لا تزال يا أبا الحسن ترغب عن قول الجماعة فانصرفوا يومهم ذلك.

63 - عنه عن أبان بن تغلب قال قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق علیهما السلام جعلت فداك هل كان أحد في أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمأنكر على أبي بكر فعله و جلوسه مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال نعم كان الذي أنكر على أبي بكر اثنا عشر رجلا من المهاجرين خالد بن سعيد بن العاص و كان من بني أمية.

و سلمان الفارسي و أبو ذر الغفاري و المقداد بن الأسود و عمار بن ياسر و بريدة الأسلمي و من الأنصار أبو الهيثم بن التيهان و سهل و عثمان ابنا حنيف و خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين و أبي بن كعب و أبو أيوب الأنصاري قال فلما صعد أبو بكر المنبر تشاوروا بينهم.

فقال بعضهم لبعض و الله لنأتينه و لننزلنه عن منبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و قال آخرون منهم والله لئن فعلتم ذلك إذا أعنتم على أنفسكم فقد قال الله عز و جل «وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» فانطلقوا بنا إلى أمير المؤمنين علیه السلام لنستشيره و نستطلع رأيه فانطلق القوم إلى أمير المؤمنين بأجمعهم.

فقالوا يا أمير المؤمنين تركت حقا أنت أحق به و أولى به من غيرك لأنا سمعنا رسول الله يقول علي مع الحق والحق مع علي يميل مع الحق كيف ما مال و لقد هممنا أن نصير إليه فننزله عن منبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فجئناك لنستشيرك و نستطلع رأيك فما تأمرنا فقال أمير المؤمنين.

و ايم الله لو فعلتم ذلك لما كنتم لهم إلا حربا و لكنكم كالملح في الزاد و كالكحل في العين و ايم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين بأسيافكم

ص: 118

مستعدين للحرب و القتال و إذا لأتوني فقالوا لي بايع وإلا قتلناك فلا بد لي من أن أدفع القوم عن نفسي و ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم أوعز إلي قبل وفاته و قال لى:

يا أبا الحسن إن الأمة ستغدر بك من بعدي و تنقض فيك عهدي و إنك مني بمنزلة هارون من موسى و إن الأمة من بعدي كهارون و من اتبعه و السامري و من اتبعه فقلت يا رسول الله فما تعهد إلي إذا كان كذلك فقال إذا وجدت أعوانا فبادر إليهم و جاهدهم و إن لم تجد أعوانا كف يدك و احقن دمك حتى تلحق بي مظلوما.

فلما توفي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم اشتغلت بغسله وتكفينه و الفراغ من شأنه من ثم آليت على نفسي يمينا أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أجمع القرآن ففعلت ثم أخذت بيد فاطمة و ابني الحسن و الحسين علیهم السلام.

فدرت على أهل بدر و أهل السابقة فناشدتهم حقي ودعوتهم إلى نصرتي فما أجابني منهم إلا أربعة رهط سلمان و عمار و أبو ذر و المقداد لقد راودت في ذلك بقية أهل بيتي فأبوا علي إلا السكوت لما علموا من وغارة صدور القوم و بغضهم الله و رسله و لأهل بيت نبيه فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فعرفوه ما سمعتم من قول نبيكم ليكون ذلك أوكد للحجة و أبلغ للعذر وأبعد لهم من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إذا وردوا عليه.

فسار القوم حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و كان يوم الجمعة فلما صعد أبو بكر المنبر قال المهاجرون للأنصار تقدموا و تكلموا فقال الأنصار للمهاجرين بل تكلموا و تقدموا أنتم فإن الله عز و جل بدأ بكم في الكتاب إذ قال الله عز و جل لقد تاب الله بالنبي على المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة قال أبان قلت له يا ابن رسول الله إن العامة لا تقرأ

ص: 119

كما عندك.

قال و كيف تقرأ قال قلت إنها تقرأ «لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَ المهاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ»، فقال ويلهم فأي ذنب كان لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حتى تاب الله عليه عنه إنما تاب الله به على أمته فأول من تكلم به خالد بن سعيد بن العاص ثم باقي المهاجرين ثم بعدهم الأنصار.

64 - عنه روي أنهم كانوا غيبا عن وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقدموا و قد تولى أبو بكر و هم يومئذ أعلام مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص و قال اتق الله يا أبا بكر فقد علمت أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال و نحن محتوشوه يوم بني قريظة حين فتح الله له باب النصر و قد قتل علي بن أبي طالب علیه السلام يومئذ عدة من صناديد رجالهم و أولي البأس و النجدة منهم.

يا معاشر المهاجرين والأنصار إني موصيكم بوصية فاحفظوها و مودعكم أمرا فاحفظوه ألا إن علي بن أبي طالب أميركم بعدي و خليفتي فيكم بذلك أوصاني ربي ألا وإنكم إن لم تحفظوا فيه وصيتي و توازروه و تنصروه اختلفتم في أحكامكم و اضطرب عليكم أمر دينكم و وليكم أشراركم.

ألا و إن أهل بيتي هم الوارثون لأمري و العالمون لأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعهم من أمتي و حفظ فيهم وصيتي فاحشرهم في زمرتي و اجعل لهم نصيبا من مرافقتي يدركون به نور الآخرة اللهم و من أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنة التي عرضها كعرض السماء و الأرض.

فقال له عمر بن الخطاب اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة و لا من يقتدى برأيه فقال له خالد بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فإنك تنطق

ص: 120

على لسان غيرك و ايم الله لقد علمت قريش أنك من ألأمها حسبا و أدناها منصبا و أخسها قدرا و أخملها ذكرا و أقلهم عناء عن الله و رسوله و أنك لجبان في الحروب بخيل بالمال لئيم العنصر.

ما لك في قريش من فخر و لا في الحروب من ذكر وأنك في هذا ولا الأمر بمنزلة «الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمينَ فَكَانَ عَاقِبَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيها وَ ذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ» فأبلس عمر و جلس خالد بن سعيد.

ثم قام سلمان الفارسي و قال: «کردید و نکردید».

أي فعلتم و لم تفعلوا وقد كان امتنع من البيعة قبل ذلك حتى وجى عنقه فقال يا أبا بكر إلى من تسند أمرك إذا نزل بك ما لا تعرفه و إلى من تفزع إذا سئلت عما لا تعلمه و ما عذرك في تقدمك على من هو أعلم منك و أقرب إلى رسول الله.

و أعلم بتأويل كتاب الله عز وجل وسنة نبيه و من قدمه النبي صلی الله علیه وآله وسلم في حياته و أوصاكم به عند وفاته فنبذتم قوله و تناسيتم وصيته و أخلفتم الوعد و نقضتم العهد و حللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت رایة أسامة بن زيد حذرا من مثل ما أتيتموه و تنبيها للأمة على عظيم ما اجتر متموه من مخالفة أمره.

فعن قليل يصفو لك الأمر وقد أثقلك الوزر و نقلت إلى قبرك و حملت معك ما كسبت يداك فلو راجعت الحق من قريب و تلافيت نفسك و تبت إلى الله من عظيم ما اجترمت كان ذلك أقرب إلى نجاتك يوم تفرد في حفرتك ويسلمك ذوو نصرتك.

فقد سمعت كما سمعنا و رأيت كما رأينا فلم يردعك ذلك عما أنت

ص: 121

متشبث به من هذا الأمر الذي لا عذر لك في تقلده و لا حظ للدين و لا المسلمين في قيامك به فالله الله في نفسك فقد أعذر من أنذر و لا تكون كمن أدبر و استكبر.

ثم قام أبو ذر الغفاري فقال يا معشر قريش أصبتم قباحة و تركتم قرابة و الله ليرتدن جماعة من العرب و لتشكن في هذا الدين و لو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم ما اختلف عليكم سيفان و الله لقد صارت لمن غلب و لتطمحن إليها عين من ليس من أهلها و ليسفكن في طلبها دماء كثيرة فكان كما قال أبو ذر.

ثم قال لقد علمتم و علم خياركم أن رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال الأمر بعدي لعلي ثم لابني الحسن و الحسين علیهم السلام ثم للطاهرين من ذريتي فأطرحتم قول نبيكم و تناسيتم ما عهد به إليكم فأطعتم الدنيا الفانية و نسيتم الآخرة الباقية التي لا يهرم شابها و لا يزول نعيمها و لا يحزن أهلها و لا يموت سكانها بالحقير التافه الفاني الزائل.

فكذلك الأمم من قبلكم كفرت بعد أنبيائها و نكصت على أعقابها غيرت و بدلت و اختلفت فساويتموهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة و عما قليل تذوقون وبال أمركم و تجزون بما قدمت أيديكم و ما الله بظلام للعبيد.

ثم قام المقداد بن الأسود فقال يا أبا بكر ارجع عن ظلمك و تب إلى ربك و الزم بيتك و ابك على خطيئتك وسلم الأمر لصاحبه الذي هو أولى به منك فقد علمت ما عقده رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم في عنقك من بيعته و الزمك من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد و هو مولاه.

و نبه على بطلان وجوب هذا الأمر لك و لمن عضدك عليه بضمه

ص: 122

لكما إلى علم النفاق و معدن الشنئان و الشقاق عمرو بن العاص الذي أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله و سلم « إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ» فلا اختلاف بين أهل العلم أنها نزلت في عمرو و هو كان أميرا عليكما و على سائر المنافقين في الوقت الذي أنفذه رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فى غزاة ذات السلاسل و أن عمرا قلدكما حرس عسكره.

فأين الحرس إلى الخلافة اتق الله و بادر بالاستقالة قبل فوتها فإن ذلك أسلم لك في حياتك و بعد وفاتك و لا تركن إلى دنياك و لا تغرنك قريش و غيرها فعن قليل تضمحل عنك دنياك ثم تصير إلى ربك فيجزيك بعملك و قد علمت و تيقنت أن علي بن أبي طالب علیه السلام هو صاحب الأمر بعد رسول الله فسلمه إليه بما جعله الله له فإنه أتم لسترك و أخف لوزرك فقد و الله نصحت لك إن قبلت نصحي و إلى الله ترجع الأمور.

ثم قام إليه بريدة الأسلمي فقال إنا لله و إنا إليه راجعون ما ذا لقي الحق من الباطل يا أبا بكر أنسيت أم تناسيت و خدعت أم خدعتك نفسك أم سولت لك الأباطيل أو لم تذكر ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم من تسمية علي علیه السلام بإمرة المؤمنين و النبي صلى الله عليه وآله و سلم بين أظهرنا و قوله في عدة أوقات.

الا الله هذا على أمير المؤمنين وقاتل القاسطين اتق الله و تدارك نفسك قبل أن لا تدركها و أنقذها مما يهلكها و اردد الأمر إلى من هو أحق به منك و لا تتماد في اغتصابه و راجع و أنت تستطيع أن تراجع فقد محضتك النصح و دللتك على طريق النجاة فلا تكونن ظهيرا للمجرمين.

ثم قام عمار بن ياسر فقال یا معاشر قريش و يا معاشر المسلمين إن كنتم علمتم و إلا فاعلموا أن أهل بيت نبيكم أولى به و أحق بإرثه و أقوم بأمور الدين و آمن على المؤمنين و أحفظ لملته و أنصح لأمته فروا

ص: 123

صاحبكم فليرد الحق إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم و يضعف أمركم و يظهر شتاتكم وتعظم الفتنة بكم.

و تختلفوا فيما بينكم و يطمع فيكم عدوكم فقد علمتم أن بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم و علي أقرب منكم إلى نبيكم و هو من بينهم وليكم بعد الله و رسوله و فرق ظاهر قد عرفتموه في حال بعد حال عند سد النبي صلى الله عليه وآله و سلم أبوابكم التي كانت إلى المسجد كلها غير بابه و إيثاره إياه بكريمته فاطمة دون سائر من خطبها إليه منكم و قوله صلى الله عليه وآله و سلم.

أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد المحكمة فليأتها من بابها و إنكم جميعا مضطرون فيها أشكل عليكم من أمور دينكم إليه و هو مستغن عن كل أحد منكم إلى ما له من السوابق التي ليست لأفضلكم عند نفسه فما بالكم تحيدون عنه و تبتزون عليا حقه و تؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة بئس للظالمين بدلا أعطوه ما جعله الله له ولا تتولوا عنه مدبرین و لا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين.

ثم قام أبي بن كعب فقال يا أبا بكر لا تجحد حقا جعله الله لغيرك و لا تكن أول من عصى رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم في وصيه و صفيه و صدف عن أمره اردد الحق إلى أهله تسلم ولا تتماد في غيك فتندم و بادر الإنابة يخف وزرك و لا تخصص بهذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك فتلقى وبال عملك فعن قليل تفارق ما أنت فيه و تصير إلى ربك فيسألك عما جنيت و ما ربك بظلام للعبيد.

ثم قام خزيمة بن ثابت فقال أيها الناس ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قبل شهادتي وحدي و لم يرد معي غيري قالوا بلى قال فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول أهل بيتي يفرقون بين الحق و الباطل و هم

ص: 124

الأئمة الذين يقتدى بهم و قد قلت ما علمت وما على الرسول إلا البلاغ المبين.

ثم قام أبو الهيثم بن التيهان فقال و أنا أشهد على نبينا صلى الله عليه وآله و سلم أنه أقام عليا يعني في يوم غدير خم فقالت الأنصار ما أقامه للخلافة و قال بعضهم ما أقامه إلا ليعلم الناس أنه مولى من كان رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم مولاه و کثر الخوض في ذلك فبعثنا رجالا منا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فسألوه عن ذلك.

فقال قولوا لهم علي ولي المؤمنين بعدي و أنصح الناس لأمتي و ق--د شهدت بما حضرني فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إن يوم الفصل كان ميقاتا.

ثم قام سهل بن حنيف فحمد الله و أثنى عليه وصلى على النبي محمد و آله ثم قال يا معاشر قريش اشهدوا على أني أشهد على رسول الله و قد رأيته في هذا المكان يعني الروضة و قد أخذ بيد علي بن أبي طالب علیه السلام و هو يقول أيها الناس هذا علي إمامكم من بعدي و وصيي في حياتي و بعد وفاتي و قاضي ديني و منجز وعدي و أول من يصافحني على حوضي فطوبى لمن اتبعه ونصره و الويل لمن تخلف عنه و خذله.

قام معه أخوه عثمان بن حنيف و قال سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول أهل بيتي نجوم الأرض فلا تتقدموهم و قدموهم فهم الولاة من بعدي فقام إليه رجل فقال يا رسول الله و أي أهل بيتك فقال علي و الطاهرون من ولده و قد بين صلى الله عليه وآله و سلم تكن يا أبا بكر أول كافر به و لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون.

ثم قام أبو أيوب الأنصاري فقال اتقوا عباد الله في أهل بيت نبيكم و ارددوا إليهم حقهم الذي جعله الله لهم فقد سمعتم مثل ما سمع إخواننا في

ص: 125

مقام بعد مقام لنبينا صلى الله عليه وآله و سلم و مجلس بعد مجلس يقول أهل بيتي أنمتكم بعدي و يومى إلى علي و يقول هذا أمير البررة وقاتل الكفرة مخذول من خذله منصور من نصره فتوبوا إلى الله من ظلمكم إياه إن الله تواب رحيم و لا تتولوا عنه مدبرين و لا تتولوا عنه معرضين.

65- عنه قال الصادق علیه السلام فأفحم أبو بكر على المنبر حتى لم يحر جوابا ثم قال وليتكم و لست بخيركم أقيلوني أقيلوني فقال له عمر بن الخطاب انزل عنها يا لكع إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا المقام و الله لقد هممت أن أخلعك و أجعلها في سالم مولى أبي حذيفة قال فنزل ثم أخذ بیده و انطلق إلى منزله وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول صلى الله عليه وآله و سلم .

فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد و معه ألف رجل فقال لهم ما جلوسكم فقد طمع فيها و الله بنو هاشم و جاءهم سالم مولى أبي حذيفة و معه ألف رجل و جاءهم معاذ بن جبل و معه ألف رجل فما زال يجتمع إليهم رجل رجل حتى اجتمع أربعة آلاف رجل فخرجوا شاهرين بأسيا فهم يقدمهم عمر بن الخطاب حتى وقفوا بمسجد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم .

فقال عمر و الله يا أصحاب علي لئن ذهب منكم رجل يتكلم بالذي تكلم بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص قال يا ابن صهاك الحبشية أبأسيافكم تهددوننا أم بجمعكم تفزعوننا و الله إن أسيافنا أحد من أسيافكم وإنا لأكثر منكم وإن كنا قليلين لأن حجة الله فينا.

و الله لو لا أني أعلم أن طاعة الله و رسوله و طاعة إمامي أولى بي لشهرت سيفي و جاهدتكم في الله إلى أن أبلي عذري فقال أمير المؤمنين اجلس يا خالد فقد عرف الله لك مقامك و شكر لك سعيك فجلس و قام

ص: 126

إليه سلمان الفارسي.

فقال: الله أكبر الله أكبر سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم بهاتين الأذنين و إلا صمتا يقول بينما أخي و ابن عمي جالس في مسجدي مع نفر من أصحابه إذ تكبسه جماعة من كلاب أصحاب النار يريدون قتله و قتل من معه فلست أشك إلا و أنكم هم فهم به عمر بن الخطاب.

فوتب إليه أمير المؤمنين علیه السلام و أخذ بمجامع ثوبه ثم جلد به الأرض ثم قال يا ابن صهاك الحبشية لو لا كتاب من الله سبق و عهد من رسول الله تقدم لأريك أينا أضعف ناصرا و أقل عددا ثم التفت إلى أصحابه فقال انصرفوا رحمكم الله فو الله لا دخلت المسجد إلا كما دخل أخواي موسى و هارون إذ قال له أصحابه.

«فَاذْهَبْ أَنتَ وَ رَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ» و الله لا دخلته إلا لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم هلال أو القضية أقضيها فإنه لا يجوز بحجة أقامها رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم أن يترك الناس في حيرة.

66 - عنه عن عبد بن عبد الرحمن قال ثم إن عمر احتزم بإزاره و جعل يطوف بالمدينة و ينادي ألا إن أبا بكر قد بويع له فهلموا إلى البيعة فينثال الناس يبايعون فعرف أن جماعة في بيوت مستترون فكان يقصدهم في جمع كثير و يكبسهم و يحضرهم المسجد فيبايعون حتى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي علیه السلام الطالبه بالخروج فأبى.

فدعا عمر بحطب و نار و قال و الذي نفس عمر بيده ليخرج- ، أو الأحرقته على ما فيه فقيل له إن فاطمة بنت رسول الله و ولد رسول الله و آثار رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فيه وأنكر الناس ذلك من قوله فلما عرف إنكارهم.

قال ما بالكم أتروني فعلت ذلك إنما أردت التهويل فراسلهم علي أن

ص: 127

ليس إلى خروجي حيلة لأني في جمع كتاب الله الذي قد نبذتموه و ألهتكم الدنيا عنه و قد حلفت أن لا أخرج من بيتي و لا أدع ردائي على عاتقي حتى أجمع القرآن قال و خرجت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم إليهم فوقفت خلف الباب.

ثم قالت لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم تركتم رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم جنازة بين أيدينا و قطعتم أمركم فيها بينكم و لم تؤمرونا و لم تروا لنا حقا كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غدير خم و الله لقد عقد له يومئذ الولاء ليقطع منكم بذلك منها الرجاء و لكنكم قطعتم الأسباب بينكم و بين نبيكم والله حسیب بیننا و بينكم في الدنيا والآخرة.

67- عنه في رواية سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي رضي أنه قال أتيت عليا علیه السلام و هو يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم وقد كان أوصى أن لا يغسله غير علي علیه السلام و أخبر أنه لا يريد أن يقلب منه عضوا إلا قلب له وقد قد قال أمير المؤمنين علیه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله و سلم من يعينني على غسلك يا رسول الله قال جبرئيل.

فلما غسله وكفنه أدخلني و أدخل أبا ذر و المقداد و فاطمة و حسنا و حسينا علیهم السلام فتقدم و صففنا خلفه فصلى عليه و عائشة في الحجرة لا تعلم قد أخذ جبرئيل ببصرها ثم أدخل عشرة من المهاجرين و عشرة من الأنصار فيصلون ويخرجون حتى لم يبق من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه .

و قلت لعلي علیه السلام حين يغسل رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم إن القوم فعلوا كذا و كذا و إن أبا بكر الساعة لعلى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و ما يرضى الناس أن يبايعوا له بيد واحدة إنهم ليبايعون بيديه جميعا يمينا وشمالا.

ص: 128

فقال علي يا سلمان فهل تدري من أول من يبايعه على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقلت لا إلا أني قد رأيته في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار و كان أول من بايعه بشير بن سعد ثم أبو عبيدة بن الجراح ثم عمر بن الخطاب ثم سالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل.

قال لست أسألك عن هذا و لكن تدري من أول من بايعه حين صعد منبر رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قلت لا و لكني رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه بين عينيه سجادة شديد التشمير و هو يبكي و يقول الحمد لله الذي لم يمتني و لم يخرجني من الدنيا حتى رأيتك في هذا المكان ابسط يدك أبايعك.

فبسط يده فبايعه ثم نزل فخرج من المسجد فقال لي علي علیه السلام يا سلمان و هل تدري من هو قلت لا و لكني ساءتني مقالته كأنه شامت بموت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال علي إن ذلك إبليس لعنه الله أخبرني رسول الله أن إبليس ورؤساء أصحابه شهدوا نصب رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم إياي بغدير خم بأمر الله تعالى.

فأخبرهم أن يبلغ الشاهد الغائب فأتاه أبالسته و مردة أصحابه فقالوا إن هذه أمة مرحومة معصومة و ما لنا و لا لك عليهم من سبيل قد علموا ولا إمامهم و مفزعهم بعد نبيهم فانطلق إبليس كئيبا حزينا فأخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم أن لو قد قبض أن الناس سيبايعون أبا بكر في ظلة بني ساعدة بعد أن تخاصمهم بحقك و حجتك ثم يأتون المسجد.

فيكون أول من يبايعه على منبري إبليس في صورة شيخ كبير مستبشر يقول كذا و كذا ثم تجتمع شياطينه و أبالسته فيخر و يكسع ثم يقول كذا زعمتم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتموني صنعت بهم حين تركوا أمر من أمرهم الله بطاعته وأمرهم رسوله.

ص: 129

فقال سلمان فلما كان الليل حمل علي فاطمة على حمار و أخذ بيد ابنيه الحسن و الحسين فلم يدع أحدا من أهل بدر من المهاجرين و لا من الأنصار إلا أتى منزله و ذكر حقه و دعاه إلى نصرته فما استجاب له من جميعهم إلا أربعة و أربعون رجلا.

فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلقين رءوسهم معهم سلاحهم و قد بايعوه على الموت فأصبح و لم يوافه منهم أحد غير أربعة قلت لسلمان من الأربعة قال أنا و أبو ذر و المقداد و الزبير بن العوام.

ثم أتاهم من الليلة الثانية فناشدهم الله فقالوا نصحبك بكرة فما منهم أحد وفى غيرنا ثم الليلة الثالثة فما وفى أحد غيرنا فلما رأى علي علیه السلام غدرهم قلة وفائهم لزم بيته و أقبل على القرآن يؤلفه و يجمعه فلم يخرج حتى جمعه كله فكتبه على تنزيله والناسخ والمنسوخ فبعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع.

فبعث إليه إني مشغول فقد آليت بيمين أن لا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أؤلف القرآن و أجمعه فجمعه في ثوب و ختمه ثم خرج إلى الناس و هم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فنادى علیه السلام بأعلى صوته.

أيها الناس إني لم أزل منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم مشغولا بغسله ثم بالقرآن حتى جمعته كله فى هذا الثوب فلم ينزل الله على نبيه آية من القرآن إلا وقد جمعتها كلها في هذا الثوب و ليست منه آية إلا وقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وآله و سلموعلمني تأويلها فقالوا لاحاجة لنا به عندنا مثله ثم دخل بيته.

فقال عمر لأبي بكر أرسل إلى علي فليبايع فإنا لسنا في شيء حتى يبايع و لو قد بايع أمناه و غائلته فأرسل أبو بكر رسولا أن أجب خليفة

ص: 130

رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فأتاه الرسول فأخبره بذلك فقال علي علیه السلام ما أسرع ما كذبتم على رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم إنه ليعلم ويعلم الذين حوله أن الله و رسوله لم يستخلفا غيري .

فذهب الرسول فأخبره بما قاله فقال اذهب فقل أجب أمير المؤمنين أبا بكر فأتاه فأخبره بذلك فقال علي علیه السلامسبحان الله و الله ما طال العهد بالنبي مني و إنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي و قد أمره رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم السابع سبعة فسلموا علي بإمرة المؤمنين فاستفهمه هو وصاحبه عمر من بين السبعة.

فقالا أمر من الله و رسوله فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم نعم حقا من الله و رسوله إنه أمير المؤمنين و سيد المسلمين و صاحب لواء الغر المحجلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة و أعداءه النار قال فانطلق الرسول إلى أبي بكر فأخبره بما قال فكفوا عنه يومئذ.

فلما كان الليل حمل فاطمة علیها السلام على حمار ثم دعاهم إلى نصرته فما استجاب له رجل غيرنا أربعة فإنا حلقنا رءوسنا و بذلنا نفوسنا و نصرتنا و كان علي بن أبي طالب علیه السلام لما رأى خذلان الناس له و تركهم نصرته و اجتماع كلمة الناس مع أبي بکر و طاعتهم له و تعظيمهم له جلس في بيته فقال عمر لأبي بكر ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع فإنه لم يبق أحد إلا وقد بايع غيره و غير هؤلاء الأربعة معه و كان أبو بكر أرق الرجلين و أرفقها و أدهاهما و أبعدهما غورا و الآخر أفظها وأغلظها و أخشنها و أجفاهما فقال من نرسل إليه.

فقال عمر أرسل إليه قنفذا وكان رجلا فظا غليظا جافيا من الطلقا أحد بني تيم فأرسله وأرسل معه أعوانا فانطلق فاستأذن فأبى علي علیه السلام أن

ص: 131

يأذن له فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر و عمر و هما في المسجد و الناس حولهما فقالوا لم يأذن لنا فقال عمر هو إن أذن لكم و إلا فادخلوا عليه بغير إذنه.

فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة عليها السلام أحرج عليكم أن تدخلوا بيتي بغير إذن فرجعوا و ثبت قنفذ فقالوا إن فاطمة قالت كذا وكذا فحرجتنا أن تدخل عليها البيت بغير إذن منها فغضب عمر وقال ما لنا و للنساء ثم أمر أناسا حوله فحملوا حطبا و حمل معهم.

فجعلوه حول منزله و فيه علي وفاطمة و ابناهما علیهم السلام ثم نادى عمر حتى أسمع عليا علیه السلام والله لتخرجن و لتبايعن خليفة رسول الله أو لأضر من عليك بيتك نارا ثم رجع فقعد إلى أبي بكر و هو يخاف أن يخرج علي بسيفه لما قد عرف من بأسه و شدته.

ثم قال لقنفذ إن خرج و إلا فاقتحم عليه فإن امتنع فاضرم عليهم بيتهم نارا فانطلق قنفذ فاقتحم هو و أصحابه بغير إذن و بادر علي إلى سيفه ليأخذه فسبقوه إليه فتناول بعض سيوفهم فكثروا عليه فضبطوه و ألقوا في عنقه حبلا أسود و حالت فاطمة علیها السلام بين زوجها و بينهم عند باب البيت.

عليه فضربها قنفذ بالسوط على عضدها فبقي أثره في عضدها عضدها من ذلك مثل الدملوج من ضرب قنفذ إياها فأرسل أبو بكر إلى قنفذ اضربها فألجأها إلى عضادة بيتها فدفعها فكسر ضلعا من جنبها و ألقت جنينا من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت من ذلك شهيدة علیها السلام ثم انطلقوا بعلى علیه السلام ملببا بحبل حتى انتهوا به إلى أبي بكر و عمر قائم بالسيف على رأسه و خالد بن الوليد و أبو عبيدة بن الجراح و سالم و المغيرة بن شعبة و أسيد بن حصين و بشير بن سعد و سائر الناس قعود حول أبي بكر عليهم

ص: 132

السلاح وهو يقول أما والله لو وقع سيفي بيدي لعلمتم أنكم لن تصلوا إلي.

هذا جزاء مني و بالله لا ألوم نفسي في جهد و لو كنت في أربعين رجلا لفرقت جماعتكم فلعن الله قوما بايعوني ثم خذلوني فانتهره عمر فقال بايع فقال و إن لم أفعل قال إذا نقتلك ذلا وصغارا قال إذن تقتلون عبد الله و أخا رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقال أبو بكر أما عبد الله فنعم و أما أخو رسوله فلا نقر لك به.

قال علیه السلام أتجحدون أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم آخى بين نفسه و بيني فأعادوا عليه ذلك ثلاث مرات ثم أقبل على علیه السلام فقال يا معاشر المهاجرين و الأنصار أنشدكم بالله أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول يوم غدير خم كذا و کذا في غزاة تبوك كذا و كذا فلم يدع شيئا قاله فيه صلى الله عليه وآله و سلم علانية للعامة إلا ذكره فقالوا اللهم نعم.

فلما خاف أبو بكر أن ينصروه و يمنعوه بادرهم فقال كل ما قلته قد سمعناه بآذاننا و وعته قلوبنا و لكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ما علي رسول لا يقول بعد هذا إنا أهل بيت اصطفانا الله وأكرمنا و اختار لنا الآخرة على الدنيا و إن الله لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوة و الخلافة فقال على علیه السلام أما أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم شهد هذا معك.

قال عمر صدق خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قد سمعنا منه هذا كما قال و قال أبو عبيدة و سالم مولى أبي حذيفة و معاذ بن جبل صدق قد سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقال لهم لشد ما وفيتم بصحيفتكم الملعونة التي تعاقدتم عليها في الكعبة.

إن قتل الله محمدا أو أماته أن تزووا هذا الأمر عنا أهل البيت فقال أبو بكر و ما علمك بذلك أطلعناك عليها قال علي يا زبير و يا سلمان و أنت يا

ص: 133

مقداد أذكركم بالله و بالإسلام أسمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول ذلك لي و عد فلانا وفلانا حتى عد هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتابا و تعاهدوا و تعاقدوا على ما صنعوا.

قالوا اللهم نعم قد سمعناه يقول ذلك لك فقلت له بأبي أنت وأمي يا نبی الله فما تأمرني أن أفعل إذا كان ذلك فقال لك إن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم و نابذهم و إن لم تجد أعوانا فبايعهم و احقن دمك فقال علي علیه السلام أما والله لو أن أولئك الأربعين رجلا الذين بايعوني وفوا الجاهدتكم في الله والله.

أما و الله لا ينالها أحد من عقبكم إلى يوم القيامة ثم نادى قبل أن يبايع يا «ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كَادُوا يَقْتُلُونَنِي» ثم تناول يد أبي بكر فبايعه فقيل للزبير بايع الآن فأبى فوثب عليه عمر و خالد بن الوليد و المغيرة بن شعبة في أناس فانتزعوا سيفه من يده فضربوا به الأرض حتى كسر.

فقال الزبير و عمر على صدره يا ابن صهاك أما والله لو أن سيفي في یدی لحدت عني عني ثم بايع قال سلمان ثم أخذوني فوجئوا عنقي حتى تركوها مثل السلعة ثم فتلوا يدي فبايعت مكرها ثم بايع أبو ذر و المقداد مكرهين و ما من الأمة أحد بايع مكرها غير علي و أربعتنا و لم يكن أحد منا أشد قولا من الزبير.

فلما بایع قال يا ابن صهاك أما والله لو لا هؤلاء الطلقاء الذين أعانوك ما كنت لتقدم علي و معي السيف لما قد علمت من جبنك و لؤمك و لكنك وجدت من تقوى بهم و تقوى بهم و تصول بهم فغضب عمر فقال أتذكر بهم صهاك فقال الزبير و من صهاك و ما يمنعني من ذلك و إنما كانت صهاك أمة حبشية الجدي عبد المطلب فزنى بها نفيل فولدت أباك الخطاب.

ص: 134

فوهبها عبد المطلب له بعد ما ولدته فإنه لعبد جدي فولد زنا فأصلح بينهما أبو بكر و كف كل منهما عن صاحبه فقال سلیم فقلت یا سلمان بایعت أبا بكر و لم تقل شيئا قال قد قلت بعد ما بايعت تبا لكم سائر الدهر أو تدرون ماذا صنعتم بأناسكم أصبتم و أخطأتم.

أصبتم سنة الأولين و أخطأتم سنة نبيكم حتى أخرجتموها من معدنها و أهلها فقال لي عمر أما إذا بايع صاحبك و بايعت فقل ما بدا لك و ليقل ما بدا له قال قلت فإني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول إن عليك و على صاحبك الذي بايعته مثل ذنوب أمته إلى يوم القيامة و مثل عذابهم وقال قل ما شئت أليس قد بايع ولم يقر الله عينيك بأن يليها صاحبك.

قال قلت فإني أشهد أني قرأت في بعض كتب الله المنزلة آية باسمك و نسبك و صفتك باب من أبواب جهنم قال قل ما شئت أليس قد عزلها الله عن أهل البيت الذين قد اتخذتموهم أربابا قال قلت فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول وقد سألته عن هذه الآية:

«فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ»، فقال إنك أنت اسکت قال قلت أسكت الله نأمتك أيها العبد يا ابن اللخناء

هو فقال فقال عمر فقال لي عليا اسکت یا سلمان فسکت فو الله لو لا أنه أمرني بالسكوت لأخبرته بكل شيء نزل فيه و في صاحبه.

فلما رأى ذلك عمر أنه قد سكت قال إنك له مطيع مسلم و إذا لم يقل أبو ذر و المقداد شيئا كما قال سلمان قال عمر يا سلمان ألا تكف عنا كما كف صاحباك فو الله ما أنت بأشد حبا لأهل هذا البيت منهما و لا أشد تعظيما لهم و لحقهم فقد كفا كما ترى و بايعا.

ص: 135

فقال أبو ذر أفتعيرنا يا عمر بحب آل محمد و تعظيمهم لعن الله من أبغضهم و ابتز عليهم وظلمهم حقهم و حمل الناس على رقابهم ورد الناس على أدبارهم القهقرى و قد فعل ذلك بهم فقال عمر آمين فلعن الله منظلمهم حقهم لا والله ما لهم فيها حق و ما هم و عرض الناس في هذا الأمر إلا سواء.

قال أبو ذر فلم خاصمتهم بحقهم و حجتهم فقال علي علیه السلام يا ابن صهاك فليس لنا حق و هو لك و لابن آكلة الذباب فقال عمر كف الآن يا أبا الحسن إذا بايعت فإن العامة رضوا بصحابتي و لم يرضوا بك فما ذنبي قال علي علیه السلام لكن الله و رسوله لم يرضيا إلا بي فأبشر أنت وصاحبك و من اتبعكما و آزركما بسخط من الله و عذابه و خزيه.

ويلك يا ابن الخطاب أو تدري مما خرجت و فیم دخلت و ماذا جنيت على نفسك و على صاحبك فقال أبو بكر يا عمر أما إذا بايع و أمنا شره و فتکه و غائلته فدعه يقول ما شاء فقال علي علیه السلام لست بقائل غير شيء واحد أذكركم بالله أيها الأربعة يعنيني و الزبير و أبا ذر و المقداد أسمعتم رسول الله يقول:

إن تابوتا من نار فيه اثنا عشر رجلا ستة من الأولين وستة من الآخرين في جب في قعر جهنم في تابوت مقفل على ذلك الجب صخرة إذا أراد الله أن يسعر نار جهنم كشف تلك الصخرة عن كشف تلك الصخرة عن ذلك الجب فاستعاذت جهنم من وهج ذلك الجب فسألناه عنهم و أنتم شهود .

فقال صلى الله عليه وآله و سلم أما الأولون فابن آدم الذي قتل أخاه و فرعون الفراعنة نمرود و الذي حاج إبراهيم في ربه و رجلان من بني إسرائيل بدلا كتابهم و غيرا سنتهم أما أحدهما فهود اليهود و الآخر نصر النصارى و إبليس

ص: 136

سادسهم و الدجال في الآخرين و هؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة الذين تعاهدوا وتعاقدوا على عداوتك يا أخي و التظاهر عليك بعدي.

هذا و هذا و هذا حتى عدهم و سماهم قال سلمان فقلنا صدقت نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقال عثمان يا أبا الحسن أما عندك و عند أصحابك هؤلاء في حديث فقال بلى قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يلعنك ثم لم يستغفر الله لك مذ لعنك فغضب عثمان فقال ما لي و لك أما تدعني على حالي على عهد رسول الله ولا بعده.

فقال الزبير نعم فأرغم الله أنفك فقال عثمان فو الله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول إن الزبير يقتل مرتدا عن الإسلام قال سلمان فقال لي علي علیه السلام فيما بيني و بينه صدق عثمان وذلك أنه يبايعني بعد قتل عثمان ثم ينكث بيعتي فيقتل مرتدا عن الإسلام.

قال سليم ثم أقبل علي سلمان فقال إن القوم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم إلا من عصمه الله بآل محمد إن الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم بمنزلة هارون من موسى و من تبعه و بمنزلة العجل و من تبعه فعلي في سنة هارون و عتيق في سنة السامري و سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول لتركبن أمتي سنة بني إسرائيل حذو القذة بالقذة و حذو النعل بالنعل شبرا بشبر و ذراعا بذراع و باعا بباع.

68- عنه روي عن الصادق علیه السلام أنه قال لما استخرج أمير المؤمنين علیه السلام من منزله خرجت فاطمة علیها السلام خلفه فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها حتى انتهت قريبا من القبر فقالت لهم خلوا عن ابن عمي فو الذي بعث محمدا أبي صلى الله عليه وآله و سلم وبالحقوق إن لم تخلوا عنه.

لأنشرن شعري و لأضعن قميص رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم على رأسى و

ص: 137

لأصرخن إلى الله تبارك و تعالى فما صالح بأكرم على الله من أبي و لا الناقة بأكرم مني و لا الفصيل بأكرم على الله من ولدي قال سلمان رضي الله عنه كنت قريبا منها.

فرأيت و الله أساس حيطان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم تقلعت من أسفلها حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها لنفذ فدنوت منها فقلت يا سيدتي و مولاتي إن الله تبارك و تعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة فرجعت و رجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في خياشيمنا .

69 - عنه روي عن الباقرعلیه السلام أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر اكتب إلى أسامة بن زيد يقدم عليك فإن في قدومه قطع الشنيعة عنا فكتب أبو بكر إليه من أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم إلى أسامة بن زيد أما بعد فانظر إذا أتاك كتابي فأقبل إلي أنت و من معك.

فإن المسلمين قد اجتمعوا علي و ولوني أمرهم فلا تتخلفن فتعصي و يأتيك منى ما تكره والسلام.

قال فكتب أسامة إليه جواب كتابه من أسامة بن زید عامل رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم على غزوة الشام أما بعد فقد أتاني منك كتاب ينقض أوله آخره ذكرت في أوله أنك خليفة رسول الله و ذكرت في آخره أن المسلمين قد اجتمعوا عليك فولوك أمرهم و رضوك فاعلم أني و من معي من جماعة المسلمين والمهاجرين.

فلا و الله ما رضيناك و لا وليناك أمرنا و انظر أن تدفع الحق إلى أهله و تخليهم و إياه فإنهم أحق به منك فقد علمت ما كان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم في علي يوم الغدير فما طال العهد فتنسى انظر مركزك و لا تخالف

الدلال

ص: 138

فتعصي الله و رسوله و تعصي من استخلفه رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم عليك و على صاحبک.

و لم يعزلني حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و إنك وصاحبك رجعتها عصيما فأقمتها في المدينة بغير إذن فأراد أبو بكر أن يخلعها من عنقه قال فقال له عمر لا تفعل قميص قمصك الله لا تخلعه فتندم و لكن ألح عليه بالكتب و الرسائل و مر فلانا وفلانا أن يكتبوا إلى أسامة أن لا يفرق جماعة المسلمين و أن يدخل معهم فيما صنعوا.

قال فكتب إليه أبو بكر وكتب إليه الناس من المنافقين أن ارض بما اجتمعنا عليه و إياك أن تشتمل المسلمين فتنة من قبلك فإنهم حديثو عهد بالكفر قال فلما وردت الكتب على أسامة انصرف بمن معه حتى دخل المدينة فلما رأى اجتماع الخلق على أبي بكر انطلق إلى علي بن أبي طالب علیه السلام.

فقال له ما هذا قال له على هذا ما ترى قال له أسامة فهل بايعته فقال نعم يا أسامة فقال طائعا أو كارها فقال لا بل كارها قال فانطلق أسامة فدخل على أبي بكر وقال له السلام عليك يا خليفة المسلمين قال فرد عليه أبو بكر و قال السلام عليك أيها الأمير.

70 - عنه روي أن أبا قحافة كان بالطائف لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و بويع لأبي بكر فكتب ابنه إليه كتابا عنوانه من خليفة رسول الله إلى أبي قحافة أما بعد فإن الناس قد تراضوا بي فإني اليوم خليفة الله فلو قدمت علينا كان أقر لعينك قال فلما قرأ أبو قحافة الكتاب قال للرسول ما منعكم من علي قال هو حدث السن وقد أكثر القتل في قريش و غيرها و أبو بكر أسن منه.

ص: 139

قال أبو قحافة إن كان الأمر في ذلك بالسن فأنا أحق من أبي بكر لقد ظلموا عليا حقه و قد بايع له النبي صلى الله عليه وآله و سلم و أمرنا ببيعته ثم كتب إليه من أبي الله قحافة إلى ابنه أبي بكر أما بعد فقد أتاني كتابك فوجدته كتاب أحمق ينقض بعضه بعضا مرة تقول خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و مرة تقول خليفة الله ومرة تقول تراضى بى الناس و هو أمر ملتبس.

فلا تدخلن في أمر يصعب عليك الخروج منه غدا و يكون عقباك منه إلى النار و الندامة و ملامة النفس اللوامة لدى الحساب بيوم القيامة فإن للأمور مداخل ومخارج و أنت تعرف من هو أولى بها منك فراقب الله كأنك تراه و لا تدعن صاحبها فإن تركها اليوم أخف عليك و أسلم لك.

71- عنه عن عامر الشعبي عن عروة بن الزبير بن العوام قال لما قال المنافقون إن أبا بكر تقدم عليا و هو يقول أنا أولى بالمكان منه قام أبو بكر خطيبا فقال صبرا على من ليس يئول إلى دين و لا يحتجب برعاية ولا يرعوي لولاية أظهر الإيمان ذلة و أسر النفاق غلة هؤلاء عصبة الشيطان و جمع الطغيان.

يزعمون أني أقول إني أفضل من علي و كيف أقول ذلك و ما لي سابقته و لا قرابته ولا خصوصيته وحد الله و أنا ملحده و عبده علي قبل أن أعبده و والى الرسول و أنا عدوه و سبقني بساعات لو انقطعت لم ألحق شأوه و لم أقطع غباره و إن علي بن أبي طالب فاز و الله من الله بمحبة و من الرسول بقرابة و من الإيمان برتبة.

لو جهد الأولون و الآخرون إلا النبيين لم يبلغوا درجته و لم يسلكوا منهجه بذل في الله مهجته و لابن عمه مودته كاشف الكرب و دامغ الريب و قاطع السبب إلا سبب الرشاد و قامع الشرك و مظهر ما تحت سويداء حبة

ص: 140

النفاق محنة لهذا العالم لحق قبل أن يلاحق و برز قبل أن يسابق جمع العلم و الحلم و الفهم.

فكان جميع الخيرات لقلبه كنوزا لا يدخر منها مثقال ذرة إلا أنفقه في بابه فمن ذا يؤمل أن ينال درجته و قد جعله الله و رسوله للمؤمنين وليا و للنبي وصيا و للخلافة راعيا و بالإمامة قائما أفيغتر الجاهل بمقام قمته إذ أقامني و أطعته إذ أمرني.

سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول الحق مع علي و علي مع الحق من أطاع عليا رشد و من عصى عليا فسد و من أحبه سعد و من أبغضه شقي و الله لو لم يحب ابن أبي طالب إلا لأجل أنه لم يواقع الله محرما و لا عبد من دونه صنما و لحاجة الناس إليه بعد نبيهم لكان في ذلك ما يجب.

فكيف لأسباب أقلها موجب و أهونها مرغب للرحم الماسة بالرسول و العلم بالدقيق و الجليل والرضا بالصبر الجميل و المواساة في الكثير و القليل و خلال لا يبلغ عدها و لا يدرك مجدها ود المتمنون أن لو كانوا تراب أقدام ابن أبي طالب.

أليس هو صاحب لواء الحمد و الساقي يوم الورود و جامع كل كرم و عالم كل علم و الوسيلة إلى الله و إلى رسوله.

72- عنه عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن أبي رافع قال إني لعند أبي بكر إذ طلع علي و العباس يتدافعان و يختصمان في ميراث النبي صلى الله عليه وآله و سلم فقال أبو بكر يكفيكم القصير الطويل يعني بالقصير عليا و بالطويل العباس فقال العباس أنا عم النبي صلى الله عليه وآله و سلم او وارثه و قد حال على بيني و بين تركته .

فقال أبو بكر فأين كنت يا عباس حين جمع النبي صلى الله عليه وآله و سلم بني عبد

ص: 141

المطلب و أنت أحدهم فقال أيكم يوازرني و يكون وصبي وخليفتي في أهلي ينجز عدتي و يقضي ديني فأحجمتم عنها إلا على فقال النبي صلى الله عليه وآله و سلم أنت كذلك فقال العباس فما أقعدك فى مجلسك هذا تقدمته و تأمرت عليه قال أبو بكر اعذروني يا بني عبد المطلب.

73- عنه روى رافع بن أبي رافع الطائي عن أبي بكر وقد صحبه في سفر قال قلت له يا أبا بكر علمني شيئا ينفعني الله به قال قد كنت فاعلا و لو لم تسألني لا تشرك بالله شيئا و أقم الصلاة وآت الزكاة وصم شهر رمضان و حج البيت و اعتمر و لا تأمرن على اثنين من المسلمين.

قال قلت له أما ما أمرتني به من الإيمان و الصلاة والزكاة والصوم و الحج و العمرة فأنا أفعله و أما الإمارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف و هذا الغنى و العز و المنزلة عند رسول الله إلا بها قال إنك استنصحتني فأجهدت نفسي لك.

فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و استخلف أبو بكر جئته و قلت له يا أبا بكر ألم تنهني أن أتأمر على اثنين قال بلى قلت فما بالك تأمرت على أمة محمد صلى الله عليه وآله و سلم قال اختلف الناس و خفت عليهم الضلالة و دعوني فلم أجد من ذلك بدا.

74- عنه روي أن أبا بكر و عمر بعثا إلى خالد بن الوليد فواعداه و فارقاه على قتل علي علیه السلام و ضمن ذلك لهما فسمعت ذلك الخبر أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر في خدرها فأرسلت خادمة لها و قالت ترددي في دار علي وقولي له.

الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ففعلت الجارية و سمعها علي علیه السلام فقال رحمها الله قولي لمولاتك فمن يقتل الناكثين و المارقين والقاسطين.

ص: 142

و وقعت المواعدة لصلاة الفجر إذ كان أخفى و اختيرت للسدفة و الشبهة فإنهم كانوا يغلسون بالصلاة حتى لا تعرف المرأة من الرجل و لكن الله بالغ أمره و كان أبو بكر قال لخالد بن الوليد إذا انصرفت م-ن ص--لاة الفجر فاضرب عنق علي فصلى إلى جنبه لأجل ذلك و أبو بكر في الصلاة يفكر في العواقب.

فندم فجلس في صلاته حتى كادت الشمس تطلع يتعقب الآراء و يخاف الفتنة و لا يأمن على نفسه فقال قبل أن يسلم في صلاته يا خالد لا تفعل ما أمرتك به ثلاثا .

75- عنه في رواية أخرى لا يفعلن خالد ما أمر به فالتفت علي علیه السلام فإذا خالد مشتمل على السيف إلى جانبه فقال يا خالد ما الذي أمرك به قال بقتلك يا أمير المؤمنين قال أو كنت فاعلا فقال إي والله لو لا أنه نهاني لوضعته فى أكثرك شعرا.

فقال له علي علیه السلام كذبت لا أم لك من يفعله أضيق حلقة است منك أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة لو لا ما سبق به القضاء لعلمت أي الفريقين شر مكانا و أضعف جندا.

76 - عنه في رواية أخرى لأبي ذر رحمه الله أن أمير المؤمنين علیه السلام أخذ خالدا بإصبعيه السبابة والوسطى في ذلك الوقت فعصره عصرا فصاح خالد صيحة منكرة ففزع الناس و همتهم أنفسهم و أحدث خالد في ثيابه و جعل يضرب برجليه الأرض و لا يتكلم.

فقال أبو بكر لعمر هذه مشورتك المنكوسة كأني كنت أنظر إلى هذا و أحمد الله على سلامتنا و كلما دنا أحد ليخلصه من يده لحظة تنحى عنه رعبا فبعث أبو بكر و عمر إلى العباس فجاء و تشفع إليه و أقسم عليه فقال بحق

ص: 143

هذا القبر و من فيه و بحق ولديه و أمهما إلا تركته ففعل ذلك و قبل العباس بين عينيه .

77- قال ابن شهر آشوب خطب أمير المؤمنين علیه السلام فقال ما لنا و لقريش و ما تنكر منا قريش غير أنا أهل بيت شيد الله بنيانهم ببنياننا و أعلى الله فوق رءوسهم رءوسنا و اختارنا الله عليهم فنقموا عليه أن اختارنا عليهم وسخطوا ما رضي الله و أحبوا ما كره الله.

فلما اختارنا عليهم شركناهم في حريمنا و عرفناهم الكتاب الكتاب و السنة علمناهم الفرائض و السنن و حفظناهم الصدق و اللين و ديناهم الدين و الإسلام فوثبوا علينا و جحدوا فضلنا و منعونا حقنا و التوونا أسباب أعمالنا و أعلامنا.

اللهم فإني أستعديك على قريش فخذ لي بحقي منها و لا تدع مظلمتي لها و طالبهم يا رب بحقي فإنك الحكم العدل فإن قريشا صغرت قدري و استحلت المحارم مني و استخفت بعرضي و عشيرتي و قهرتني على ميراثي من ابن عمي.

و أغروا بي أعدائي و وتروا بيني و بين العرب و العجم وسلبوني ما مهدت لنفسي من لدن صباي بجهدي و كدي و منعوني ما خلفه أخي و حبيبي و شقيقي و قالوا إنك لحريص متهم أليس بنا اهتدوا من متاه الكفر و من عمي الضلالة و غي الظلماء.

أليس أنقذتهم من الفتنة الظلماء و المحنة العمياء ويلهم ألم أخلصهم من نيران الطغاة و كره العتاة وسيوف البغاة و وطأة الأسد و مقارعة الصماء و مجادلة القماقمة الذين كانوا عجم العرب و غنم الحرب و قطب الأقدام و جبال القتال و سهام الخطوب و سل السيوف.

ص: 144

أليس بي تسنموا الشرف ونالوا الحق و النصف ألست آية نبوة محمد و دلیل رسالاته و علامة رضاه و سخطه الذي كان يقطع الدرع الدلاص و يصطلم الرجال الحراص و بي كان يبري جماجم البهم وهام الأبطال إلى أن فزعت تيم إلى الفرار وعدي إلى الانتكاص.

أما و إني لو أسلمت قريشا للمنايا و الحتوف و تركتها فحصدتها سيوف الغواة ووطئتها الأعاجم و كرات الأعادي و حملات الأعالي و طحنتهم سنابك الصافنات و حوافر الصاهلات في مواقف الأزل و الهزل في طلاب الأعنة و بريق الأسنة ما بقوا لهضمي و لا عاشوا لظلمي و لما قالوا إنك لحريص متهم.

ثم قال بعد كلام إنما أنطق لكم العجماء ذات البيان و أفصح الخرساء ذات البرهان لأني فتحت الإسلام و نصرت الدين و عززت الرسول و بنيت أعلامه و أعليت مناره و أعلنت أسراره وأظهرت أثره و حاله و صفيت الدولة ووطئت الماشي و الراكب ثم قدتها صافية على أني بها مستأثر ثم قال بعد كلام.

سبقني إليها التيمي و العدوي كسباق الفرس احتیالا و اغتيالا و خدعة و غيلة ثم قال بعد كلام.

يا معشر المهاجرين والأنصار أين كانت سبقة تيم و عدي إلى سقيفة بنی ساعدة خوف الفتنة ألا كانت يوم الأبواء إذ تكاثفت الصفوف و تكاثرت الحتوف و تقارعت السيوف أم هلا خشيا فتنة الإسلام يوم ابن عبد ود و قد نفح بسيفه و شمخ بانفه و طمح بطرفه و لم لم يشفقا على الدين و اهله يوم بواط.

إذ اسود لون الأفق وأعوج عظم العنق و انحل سيل الغرق و لم لم

ص: 145

يشفقا يوم رضوى إذ السهام تطير و المنايا تسير و الأسد تزأر و هلا بادرا یوم العشيرة إذ الأسنان تصتك و الآذان تستك والدروع تهتك و هلا كانت مبادرتهما يوم بدر.

إذ الأرواح في الصعداء ترتقي و الجياد بالصناديد ترتدي و الأرض من دماء الأبطال ترتوي و لم لم يشفقا على الدين يوم بدر الثانية و الدعاس ترعب والأوداج تشخب و الصدور تخضب و هلا بادرا يوم ذات الليوث و فد أمج التولب و اصطلم الشوقب و ادلهم الكوكب.

و لم لا كانت شفقتهما على الإسلام يوم الأكدر و العيون تدمع و المنية تلمع و الصفائح تنزع ثم عدد وقائع النبي و قرعهما بأنهما في هذه المواقف كلها كانا مع النظارة ثم قال ما هذه الدهماء و الدهياء التي وردت علينا من قريش أنا صاحب هذه المشاهد و أبو هذه المواقف و أين هذه الأفعال الحميدة إلى آخر الخطبة.

78- عنه عن نهج البلاغة اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قد قطعوا رحمي و كفروا آياتي و أجمعوا على منازعتي حقا و كنت أولى به من غيري و قالوا ألا إن في الحق أن يأخذه و في الحق أن نمنعه فأصبر مغموما أو مت متأسفا فنظرت.

فإذا ليس رافد و لا ذاب ولا مساعد إلا أهل بیتی فضننت بهم على المنية فأغضيت على القذى و جرعت ريقي على الشجا وصبرت على الأذى و طبت نفسي على كظم الغيظ و ما هو أمر من العلقم و ألم من حر الشفار.

79- عنه قال: من كثرة الظلم دفن الإمام علیه السلام فاطمة علیها السلام ليلا و أوصى بدفن نفسه سرا و لقد هدم سعيد بن العاص دار علي و الحسن و عقيل من قبل يزيد و هدم عبد الملك بن مروان بيت علي علیه السلام الذي كان في

ص: 146

مسجد المدينة.

و أمر المتوكل بتحرير قبر الحسين علیه السلام و أصحابه و كرب موضعها و إجراء الماء عليها وقتل زوارها و سلط قوما من اليهود حتى تولوا ذلك إلى أن قتل المتوكل فأحسن المنتصر سيرته وأعاد التربة في أيامه. و المعتز حرق المشهد بمقابر قريش على ساكنه السلام.

80- روی ابن هشام عن ابن اسحاق قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله و سلمانجاز هذا الحي من الأنصار الى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة واعتزل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة وانحاز بقية المهاجرين الى أبي بكر وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل فاتي آت الى أبي بكر وعمر.

فقال: إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله صلى الله عليه وآله و سلم في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دون-ه الباب أهله قال عمر فقلت لأبي بكر أنطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار حتى ننظر ما هم عليه.

81- عنه قال ابن اسحاق وكان من حديث السقيفة حين اجتمعت بها الأنصار أن عبد الله بن ابي بكر حدثني عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس قال أخبرني عبد الرحمن بن عوف قال وكنت في منزله بمنى أنتظره وهو عند عمر في آخر حجة حجها عمر قال: فرجع عبد الرحمن ابن عوف من عند عمر فوجدني في منزله بمعنى أنتظره وكنت أقرئه القرآن قال ابن عباس فقال لى عبد الرحمن بن عوف.

ص: 147

لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت. قال فغضب عمر فقال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، قال عبد الرحمن.

فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس واني أخشى ان تقوم فتقول مقالة يطير بها أولئك عنك كل مطير ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها.

فأمهل حتى تقدم المدينة، فإنها دار السنة وتخلص بأهل الثقة وأشراف الناس فتقول ما قلت بالمدينة متمكنا فيعي أهل الفقه مقالتك ويضعوها على مواضعها، قال فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

82- عنه قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان یوم الجمعة عجلت الرواح حين زالت الشمس فأجد سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل جالسا الى ركن المنبر فجلست حذوه تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب.

فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف؛ قال: فأنكر علي سعيد بن زيد ذلك وقال ما أن يقول مما لم يقل قبله. فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهل له ثم قال:

أما بعد، فإني قائل لكم اليوم مقالة قد قدر لي أن أقولها ولا أدرى

ص: 148

لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليأخذ بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي لا يعيها فلا يحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها وعلمناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ورحمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان يقول قائل.

والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم فى كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء وإذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف. ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا إن رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال:

لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم وقولوا عبد الله ورسوله، ثم إنه قد بلغني أن فلانا قال والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرءا أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله قد وقى شرها وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين.

فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا، إنه كان من خبرنا حين توفي الله نبيه صلى الله عليه وآله و سلم أن الأنصار خالفونا فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بنی ساعدة وتخلف عنا علي بن ابي طالب والزبير بن العوام ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر.

انطلق بنا الى أخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم وقال أين تريدون يا معشر المهاجرين قلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار قالا فلا عليكم ألا

ص: 149

تقربوهم يا معشر المهاجرين اقضوا أمركم قال قلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى اتيناهم في سقيفة بني ساعدة .

فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة فقلت ما له فقالوا وجع فلما جلسنا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو له أهل ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة من قومكم قال وإذا هم يريدون أن يجتازونا من أصلنا ويغصبونا الأمر.

فلما سكت أردت أن أتكلم وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني أريد ان أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فقال أبو بكر على رسلك يا عمر فكرهت أن أغضبه فتكلم وهو كان أعلم مني وأوقر فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل حتى سكت قال أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له اهل ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش.

هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ولم أكره شيئا مما قاله غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك الى أتم أحب إلي من ان أتامر على قوم فيهم أبو بكر.

قال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش قال فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الأختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته ثم بايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة.

ص: 150

83 - أحمد بن حنبل ثنا اسحق بن عيسى الطباع ثنا مالك بن أنس حدثني ابن شهاب عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعودان ابن عباس اخبره ان عبد الرحمان بن ابن عوف رجع الى رحله، قال ابن عباس و كنت اقرئ عبد الرحمن بن عوف فوجدني و أنا أنتظره و ذلك بمني في آخر حجه حجها عمر بن الخطاب قال عبدالرحمن بن عوف ان رجلا أتي

عمر بن الخطاب.

فقال ان فلانا يقول لو قدمات عمر بايعت فلانا فقال عمر اني قائم العشية الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون ان يغصبوهم أمرهم قال عبدالرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فان الموسم يجمع رعاع الناس و غوغاءهم و انهم الذين يغلبون علي مجلسك اذا قمت في الناس فاخشي ان تقول مقالة يطير بها أولئك فلا يعوها ولا يضعوها علي مواضعها ولكن حتى تقدم المدينة.

فانها دار الهجرة و السنة و تخلص بعلماء الناس و أشرافهم فنقول ما قلت متمكنا فيعون مقالتك و بضعونها مواضعها فقال عمر لئن قدمت المدينة سالما صالحا لا كلمن بها الناس في أوّل مقام أقومه فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة و كان يوم الجمعة عجلت الارواح صكة الاعمي.

فقلت لمالك و ما صكة الاعمي قال انه يبالي أي ساعة لا يعرف الحر و البرد ونحو هذا فوجدت سعيد بن زيد عند ركن المنبر الايمن قد سبعتي فجلست حذاء تحك ركبتي ركبته فلم انشب ان طلع عمر.

فلما رأيته قلت ليقولن العشية علي هذا المنبر مقالة ما قالها عليه أحد قبله قال فانكر سعيد بن زيد ذلك فقال ما عسيت ان يقول ما لم يقل أحد أهله ثم فجلس عمر، علي المنبر فلما سكت المؤذن قام فاثني علي الله بما هو

ص: 151

قال اما بعد .

أيها الناس فاني قائل مقالة قد قدر لي ان أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن وعاها وعقلها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته و من لم يعها فلا أحل له ان يكذب علي ان الله تبارك و تعالي بعث محمد صلى الله عليه وآله و سلم بالحق و أنزل عليه الكتاب.

و كان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها و عيناها و رجم الرسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و رجمنا بعده فاخشي ان طال بالناس زمان ان يقول قائل لا نجد آية الرجم في كتاب الله عز وجل فيضلوا بترك فريضة قد أنزلها الله عز وجل.

فالرجم في كتاب الله حق علي من زني اذا أحصن من الرجال و النساء اذا قامت البينة و الحبل أو الاعتراف الا و انا قد كنا نقرأ ألا ترغبوا عن آبائكم فان كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم الا و ان رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم علیه السلام فانما أنا عبد الله فقولوا عبدالله و رسوله و قد بلغني ان قائلا منكم يقول و لو قدمات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤان يقول بيعة أبي بكر كانت فلتة.

الا و انها كانت كذلك الا و ان الله عز و جل و قي شرها و ليس فيكم اليوم من تقطع اليه الاعناق مثل أبي بكر الا و ان الله عز و جل و قي شرها و ليس فيكم اليوم من تقطع اليه الاعناق مثل أبي بكر الا وانه كان من خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ان عليا و الزبير و من كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و تخلفت عنا الانصار باجمعها في سقيفة بني ساعدة و اجتمع المهاجرون الي أبي بكر.

فقلت له يا أبا بكر انطلق بنا الي اخواننا من الانصار فانطلقنا نومهم حتي لقينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم فقالا أين تريدون يا

ص: 152

معش المهاجرون فقلت والله لنأتينهم فانطلقا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة فاذاهم مجتمعون واذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت هذا .

من فقالوا سعد بن عبادة فقلت ما له قالوا وجع فلما جلسنا قام خطيبهم فائني علي الله عز و جل بما هو أهله و قال اما بعد فنحن أنصار الله عز و جل و كتيبة الاسلام و أنتم يا معشر المهاجرين رهط منا و قد دفت دافة منكم يريدون ان يخزلونا من أصلنا و يحضنونا من الامر.

فلما سكن أردت أن أتكلم و كنت قدزوّرت مقالة أعجبتني أردت أقولها بين يدي أبي بكر وقد كنت أدري منه بعض الحد و هو كان أحلم مني و أوقر.

فقال أبوبكر علي رسلك فكرهت ان أغضبه و كان أعلم مني و أوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري الا قالها في بديهة و أفضل حتي سكت فقال أما بعد فما ذكرتم من خير بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله و لم نعرف العرب هذا الأمر الا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا و دارا و قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين.

أيهما شئتم و أخذ بيدي أبي عبيدة بن الجراح فلم أكره مما قال غيرها و كان والله ان أقدم فنضرب عنق لا يقر بني ذلك الي اثم أحب الي من ان أتأمر علي قوم فيهم أبوبكر الا ان تغير نفسي عند الموت.

فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب منا أمير و منكم أمير يا معشر قريش فقلت لمالك ما معني ان-ا ج-ذيلها المحكك و عذيقها المرجب قال كانه يقول انا داهيتها قال وكثر اللغط و ارتفعت الاصوات حتي خشيت الاختلاف فقلت ابسط يدك أبا بكر فيسط يده فبايعته و بايعته المهاجرون ثم بايعه الانصار و نزونا علي سعد بن عبادة

ص: 153

فقال قائل منهم قتلتم سعدا فقلت قتل الله سعدا و قال عمر.

أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أقوي من مبايعة أبي بكر خشينا ان فارقنا القوم و لم تكن بيعة ان يحدثوا بعدنا بيعة فاما ان نتابعهم علي ما لا ترضي و اما نخالفهم فيكون فيه فساد فمن بايع أمير اعن غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا بيعة للذي بايعة تغره ان يقتلا.

قال مالك و أخبرني ابن شهاب عن عروة بن الزبيران الرجلين الذين لقياهما عويمر بن ساعدة و معمر بن عدي قال ابن شهاب و أخبرني سعيد ابن المسيب ان الذي قال أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب الحباب بن المنذر .

84- روي الزبير بكار قال: روي محمد بن اسحاق أن أبا بكر لما بويع افتخرت تيم بن مرة قال: وكان عامة المهاجرين و جل الانصار لا يشكّون أنّ عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فقال الفضل بن العباس: يا معشر قريش، و خصوصاً يا بني تيم،

انكم انما أخذتم الخلافة بالنبوة و نحن أهلها دونكم، و لو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا، حسداً منهم لنا و حسقداً علينا، و أنّا لنعلم أنّ عند صاحبنا عهداً هو ينتهي دليه .

و قال بعض ولد أبي لهب بن عبدالمطلب بن هاشم شعراً:

ما كنت أحسب أن الأمر منصرف *** عن هاشم ثمّ منها عن أبي حسن

أليس أول من صلي لقبلتكم *** و أعلم الناس بالقرآن و السنن

ص: 154

و أقرب الناس عهداً بالنبي و من *** جبريل عون له في الغسل و الكفن

مافیه مافيهم لا يمترون به *** و ليس في القوم ما فيه من الحسن

ما ذا الذي ردهم عنه فتعلمه *** ها ادن ذا غبتنا من أعظم الغين

قال الزبير: فبعث إليه علي فنهاه و أمره ألا يعود، وقال: سلامة الدين أحب ألينا من غيره.

85- قال الزبير و كان خالد بن الوليد شيعة لأبي بكر، و من المنحرفين عن علي فقام خطيبا فقال أيها الناس إنا رمينا في بدء هذا الدين بأمر ثقل علينا و الله محمله و صعب علينا مرتقاه وكنا كأنا فيه على أوتار ثم والله ما لبثنا أن خف علينا ثقله و ذل لنا صعبه و عجبنا ممن شك فيه بعد عجبنا ممن آمن به حتى أمرنا بما كنا ننهى عنه و نهينا عما كنا نأمر به و لا و الله ما سبقنا إليه بالعقول و لكنه التوفيق.

ألا و إن الوحي لم ينقطع حتى أحكم و لم يذهب النبي صلى الله عليه وآله و سلم فنستبدل بعده نبيا و لا بعد الوحي وحيا و نحن اليوم أكثر منا أمس و نحن أمس خير منا اليوم من دخل في هذا الدين كان ثوابه على حسب عمله و من تركه رددناه إليه و إنه والله ما صاحب الأمر يعني أبا بكر بالمسئول عنه و لا المختلف فيه و لا الخفي الشخص و لا المغموز القناة. فعجب الناس من کلامه .

و مدحه حزن بن أبي وهب المخزومي و هو الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم سهلا و هو جد سعيد بن المسيب الفقيه و قال:

ص: 155

و قامت رجال من قريش كثيره **** فلم يك منهم في الرجال كخالد

ترقي فلم يزاق به صدر نعله *** و کف فلم يعرض لتلك الأوابد

فجاء بها غراء كالبدر ضوءها *** فسميتها في الحسن أم القلائد

أ خالد لا تعدم لؤي بن غالب *** قيامك فيها عند قذف الجلامد

كساك الوليد بن المغيرة مجده *** و علمك الأشياخ ضرب القماحد

تقارع في الإسلام عن صلب دينه *** وفي الشرك عن أحساب جدو والد

و كنت لمخزوم بن يقظة جنة *** يعدك فيها ماجدا و ابن ماجد

إذا ما سما في حربها ألف فارس *** عدلت بألف عند تلك الشدائد

و من يك في الحرب المثيرة واحدا *** فما أنت في الحرب العوان بواحد

إذا ناب أمر في قريش مخلج *** تشيب له رءوس العذارى النواهد

تولیت منه ما يخاف و إن تغب *** يقولوا جميعا حظنا غير شاهد

86 - عنه قال الزبير و حدثنا محمد بن موسى الأنصاري المعروف بابن مخرمة قال حدثني إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري قال:

لما بويع أبو بكر و استقر أمره ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته و لام بعضهم بعضا و ذكروا علي بن أبي طالب علیه السلام و هتفوا باسمه و إنه في داره لم يخرج إليهم و جزع لذلك المهاجرون و كثر في ذلك الكلام. وكان أشد قريش على الأنصار نفر فيهم و هم:

سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي و الحارث بن هشام و عكرمة بن أبي جهل المخزوميان و هؤلاء أشراف قريش الذين حاربوا النبی صلی الله علیه وآله وسلمثم دخلوا في الإسلام وكلهم موتور قد وتره الأنصار.

أما سهيل بن عمرو فأسره مالك بن الدخشم يوم بدر و أما الحارث

ص: 156

ابن هشام فضربه عروة بن عمرو فجرحه يوم بدر و هو فار عن أخيه و أما عكرمة بن أبي جهل فقتل أباه ابنا عفراء و سلبه درعه يوم بدر زياد ب-ن لبيد و في أنفسهم ذلك.

فلما اعتزلت الأنصار تجمع هؤلاء فقام سهيل بن عمرو فقال يا معشر قريش إن هؤلاء القوم قد سماهم الله الأنصار و أثنى عليهم في القرآن فلهم بذلك حظ عظيم و شأن غالب و قد دعوا إلى أنفسهم و إلى علي بن أبي طالب و علي في بيته لو شاء لردهم فادعوهم إلى صاحبكم و إلى تجديد بيعته فإن أجابوكم وإلا قاتلوهم فو الله إني لأرجو الله أن ينصركم عليهم كما نصرتم بهم.

ثم قام الحارث بن هشام فقال إن تكن الأنصار تبوأت الدار و الإيمان من قبل و نقلوا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إلى دورهم من دورنا فآووا و نصروا ثم ما رضوا حتى قاسمونا الأموال و كفونا العمل فإنهم قد لهجوا بأمر إن ثبتوا عليه فإنهم قد خرجوا مما وسموا به و ليس بيننا و بينهم معاتبة إلا السيف و إن نزعوا عنه فقد فعلوا الأولى بهم و المظنون معهم .

ثم قام عكرمة بن أبي جهل فقال والله لو لا قول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الأئمة من قريش ما أنكرنا أمره الأنصار و لكانوا لها أهلا و لكنه قول لا شك فيه و لا خيار وقد عجلت الأنصار علينا و الله ما قبضنا عليهم الأمر و لا أخرجناهم من الشورى.

و إن الذي هم فيه من فلتات الأمور و نزغات الشيطان و ما لا يبلغه المنى و لا يحمله الأمل أعذروا إلى القوم فإن أبوا فقاتلوهم فو الله لو لم يبق من قريش كلها إلا رجل واحد لصير الله هذا الأمر فيه. قال و حضر أبو سفيان بن حرب فقال:

ص: 157

يا معشر قريش إنه ليس للأنصار أن يتفضلوا على الناس حتى يقروا بفضلنا عليهم فإن تفضلوا فحسبنا حيث انتهى بها و إلا فحسبهم حيث انتهى بهم وايم الله لئن بطروا المعيشة وكفروا النعمة لنضر بنهم على الإسلام كما ضربوا عليه فأما علي بن أبي طالب فأهل و الله أن يسود على قريش و تطيعه الأنصار.

فلما بلغ الأنصار قول هؤلاء الرهط قام خطيبهم ثابت بن قيس بن شماس فقال.

يا معشر الأنصار إنما يكبر عليكم هذا القول لو قاله أهل الدين من قريش فأما إذا كان من أهل الدنيا لا سيما من أقوام كلهم موتور فلا يكبرن عليكم إنما الرأي و القول مع الأخيار المهاجرين فإن تكلمت رجال قريش و الذين هم أهل الآخرة مثل كلام هؤلاء فعند ذلك قولوا ما أحببتم و إلا فأمسكوا. و قال حسان بن ثابت يذكر ذلك:

تنادي سهيل و ابن حرب وحارث *** وعكرمة الشاني لنا ابن أبي جهل

قتلنا أباه وانتزعنا سلاحه *** فأصبح بالبطحا أذل من النعل

فأما سهيل فاحتواه ابن دخشم *** أسيرا ذليلا لا يمر ولا يحلي

و صخر بن حرب قد قتلنا رجاله *** غداة لوا بدر فمرجله يغلي

و راكضنا تحت العجاجة حارث *** على ظهر جرداء كباسقه النخل

یقبلها طورا وطورا يحثها *** ويعدلها بالنفس والمال و الأهل

أولئك رهط من قريش تبايعوا *** على خطة ليست من الخطط الفضل

وأعجب منهم قابلو ذاك منهم *** كانا اشتملنا من قريش على ذحل

و كلهم ثان عن الحق عطفه *** يقول اقتلوا الأنصار يا بئس من فعل

نصرنا و آوینا النبي و لم نخف *** صروف الليالي و البلاء على رجل

ص: 158

بذلنا لهم أنصاف مال أكفنا *** كقسمة أيسار الجزور من الفضل

و من بعد ذاك المال أنصاف دورنا *** و كنا أناسا لا نعير بالبخل

و نحمي ذمار الحي فهر بن مالك *** و نوقد نار الحرب بالحطب الجزل

فكان جزاء الفضل منا عليهم *** جهالتهم حمقا و ما ذاك بالعدل

فبلغ شعر حسان قريشا فغضبوا و أمروا ابن أبي عزة شاعرهم أن يجيبه فقال:

معشر الأنصار خافوا ربكم *** واستجيروا الله من شر الفتن

إنني أرهب حربا لاقحا *** يشرق المرضع فيها باللبن

جرها سعد و سعد فتنة *** ليت سعد بن عباد لم يكن

خلف برهوت خفيا شخصه *** بين بصرى ذي رعين وجدن

ليس ما قدر سعد كائنا *** ما جرى البحر و ما دام حضن

ليس بالقاطع منا شعرة *** كيف يرجى خير أمر لم يحن

ليس بالمدرك منها أبدا *** غير أضغاث أماني الوسن

87- قال الزبير لما اجتمع جمهور الناس لأبي بكر أكرمت قريش معن بن عدي و عويم بن ساعدة و كان لهما فضل قديم في الإسلام فاجتمعت الأنصار لهما في مجلس و دعوهما فلما أحضرا أقبلت الأنصار عليهما فعيروهما بانطلاقهما إلى المهاجرين وأكبروا فعلها في ذلك فتكلم معن فقال يا معشر الأنصار إن الذي أراد الله بكم خير مما أردتم بأنفسكم و قد كان منكم أمر عظيم البلاء وصغرته العاقبة.

فلو كان لكم على قريش ما لقريش عليكم ثم أردتموهم لما أرادوكم به لم آمن عليهم منكم مثل من آمن عليكم منهم فإن تعرفوا الخطأ فقد خرجتم منه وإلا فأنتم فيه.

ص: 159

ثم تكلم عويم بن ساعدة فقال: يا معشر الأنصار إن من نعم الله عليكم أنه تعالى لم يرد بكم ما أردتم بأنفسكم فاحمدوا الله على حسن البلاء و طول العافية و صرف هذه البلية عنكم و قد نظرت في أول فتنتكم و آخرها فوجدتها جاءت من الأماني و الحسد و احذروا النقم فوددت أن الله صير إليكم هذا الأمر بحقه فكنا نعيش فيه. فوثبت عليهما الأنصار.

فاغلظوا لهما و فحشوا عليهما و انبرى لهما فروة بن عمرو فقال أنسيتها قولكما لقريش إنا قد خلفنا وراءنا قوما قد حلت دماؤهم بفتنتهم هذا و الله ما لا يغفر و لا ينسى قد تصرف الحية عن وجهها و سمها في نابها فقال معن في ذلك:

و قالت لي الأنصار إنك لم تصب *** فقلت: أما لي في الكلام نصيب

فقالوا بلى قل ما بدا لك راشدا *** فقلت و مثلي بالجواب طبيب

تركتكم والله لما رأيتكم *** تيوسا لها بالحرتين نبيب

تنادون بالأمر الذي النجم دونه *** ألا كل شيء ما سواه قريب

فقلت لكم قول الشفيق عليكم *** و للقلب من خوف البلاء وجيب

دعوا الركض واثنوا من أعنة بغيكم *** ودبوا فسير القاصدين دبيب

و خلوا قريشا و الأمور وبايعوا *** لمن بايعوه تر شدوا و تصيبوا

أراكم أخذتم حقكم بأكفكم *** وما الناس إلا مخطى و مصيب

فلما أبيتم زلت عنكم إليهم *** فلي فيكم بعد الذنوب ذنوب

فلا تبعثوا مني الكلام فإنني *** إذا شئت يوما شاعر و خطيب

و إني لحلو تعتريني حرارة *** و ملح اجاج تارة و شروب

لكل امرئ عندي الذي هو أهله **** أفانين شتى و الرجال ضروب

و قال عويم بن ساعدة في ذلك:

ص: 160

و قالت لي الأنصار أضعاف قولهم *** لمعن و ذاك القول جهل من الجهل

قلت دعوني لا أبا لأبيكم *** فإني أخوكم صاحب الخطر الفصل

أنا صاحب القول الذي تعرفونه *** أقطع أنفاس الرجال على مهل

فإن تسكتوا أسكت وفي الصمت راحة *** وإن تنطقوا أصمت مقالتكم تبلي

ومالمت نفسي في الخلاف عليكم *** و إن كنتم مستجمعين علی عذلي

أريد بذاك الله لا شيء غيره *** و ما عند رب الناس من درج الفضل

و مالي رحم في قريش قريبة *** و لا دارها داري و لا أصلها أصلي

ولکنهم قوم علينا أئمة *** أدين لهم ما أنفذت قدمي نعلي

و كان أحق الناس أن تقنعوا به *** و يحتملوا من جاء في قوله مثلي

لأني أخف الناس يما يسركم *** وفيما يسوءكم لا أمر ولا أحلي

قال فروة بن عمر و كان ممن تخلف عن بيعة أبي بكر و كان ممن جاهد مع رسول الله و قاد فرسين في سبيل الله و كان يتصدق من نخله بألف

ص: 161

وسق في كل عام، و كان سيدا، و هو من أصحاب علي و ممن شهد معه يوم الجمل - قال فذكر معنا و عويما، وعاتبهما على قولهما:

ألا قل لمعن إذا جئته *** و ذاك الذي شيخه ساعده

بأن المقال الذي قلتما *** خفيف علينا سوى واحده

مقالكم إن من خلفنا *** مراض قلوبهم فاسده

حلال الدماء على فتنة *** فيا بئسما ربت الوالده

فلم تأخذا قدر أثمانها *** و لم تستفيدا بها فائده

لقد كذب الله ما قلتما *** و قد يكذب الرائد الواعده

88- قال الزبير ثم إن الأنصار أصلحوا بين هذين الرجلين و بين أصحابهما ثم اجتمعت جماعة من قريش يوما و فيهم ناس من الأنصار و أخلاط من المهاجرين و ذلك بعد انصراف الأنصار انصراف الأنصار عن رأيها و سكون الفتنة.

فاتفق ذلك عند قدوم عمرو بن العاص من سفر كان فيه فجاء إليهم فأفاضوا في ذكر يوم السقيفة و سعد و دعواه الأمر.

فقال عمرو بن العاص و الله لقد دفع الله عنا من الأنصار عظيمة و لما دفع الله عنهم أعظم كادوا و الله أن يحلوا حبل الإسلام كما قاتلوا عليه و يخرجوا منه من أدخلوا فيه و الله لئن كانوا سمعوا، قول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الأئمة من قريش.

ثم ادعوها لقد هلكوا و أهلكوا و إن كانوا لم يسمعوها فما هم كالمهاجرين و لا كأبي بكر و لا المدينة كمكة و لقد قاتلونا أمس فغلبونا

على البدء و لو قاتلناهم اليوم لغلبناهم على العاقبة.

فلم يجبه أحد و انصرف إلى منزله و قد ظفر فقال:

ص: 162

ألا قل لأوس إذا جئتها *** و قل كلما جئت للخزرج

تمنيتم الملك في يثرب *** فأنزلت القدر لم تنضج

وأخدجتم الأمر قبل التما *** م وأعجب بذا المعجل المخدج

تريدون نتج الحيال العشا *** ر و لم تلقحوه فلم ينتج

عجبت لسعد و أصحابه *** و لو لم يهيجوه لم يهتج

رجا الخزرجي رجاء السراب *** و قد يخلف المرء ما يرتجي

فكان كمنح على كفه *** بكف يقطعها أهوج

فلما بلغ الأنصار مقالته و شعره بعثوا إليه لسانهم و شاعرهم النعمان ابن العجلان وكان رجلا أحمر قصيرا تزدريه العيون و كان سيدا فخما فأتى عمرا و هو فى جماعة من قريش فقال والله يا عمرو ما كرهتم من حربنا إلا ما كرهنا من حربكم و ما كان الله ليخرجكم من الإسلام بمن أدخلكم فيه إن كان النبي صلى الله عليه وآله و سلم قال:

والدوس الأئمة من قريش فقد قال لو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار و الله ما أخرجناكم من الأمر إذ قلنا م-ن-ا أم-ير و منكم أمير و أما من ذكرت فأبو بكر لعمري خير من سعد لكن سعدا في الأنصار أطوع من أبي بكر في قريش.

فأما المهاجرون والأنصار فلا فرق بينهم أبدا و لكنك يا ابن العاص وترت بني عبد مناف بمسيرك إلى الحبشة لقتل جعفر و أصحابه و وترت بني مخزوم بإهلاك عمارة بن الوليد ثم انصرف فقال:

فقل لقريش نحن أصحاب مكة *** ويوم حنين و الفوارس في بدر

و أصحاب أحد و النضير وخيبر *** و نحن رجعنا من قريظة بالذكر

و يوم بأرض الشام أدخل جعفر *** و زيد و عبد الله في علق يجري

ص: 163

و في كل يوم ينكر الكلب أهله *** نطاعن فيه بالمثقفة السمر

و نضرب في نقع العجاجة أرؤسا *** ببيض كأمثال البروق إذا تسري

نصرنا و آوینا النبي و لم نخف *** صروف الليالي و العظيم من الأمر

و قلنا لقوم هاجروا قبل مرحبا *** و أهلا و سهلا قد أمنتم من الفقر

نقاسمكم أموالنا وبيوتنا *** كقسمة أيسار الجزور على الشطر

و تكفيكم الأمر الذي تكرهونه *** وكنا أناسا نذهب العسر باليسر

و قلتم حرام نصب سعد و نصبكم *** عتيق بن عثمان حلال أبا بكر

وأهل أبو بكر لها خير قائم *** وإن عليا كان أخلق بالأمر

وكان هوانا في علي وإنه *** لأهل لها يا عمر و من حيث لا تدري

فذاك بعون الله يدعو إلى الهدى *** وينهى عن الفحشاء والبغي والنكر

وصي النبي المصطفى و ابن عمه *** و قاتل فرسان الضلالة و الكفر

هذا بحمد الله يهدي من العمى *** ويفتح آذانا ثقلن من الوقر

نجي رسول الله في الغار وحده *** وصاحبه الصديق في سالف الدهر

فلولا اتقاء الله لم تذهبوا بها *** ولكن هذا الخير أجمع للصبر

ولم نرض إلا بالرضا ولربما *** ضربنا بأيدينا إلى أسفل القدر

فلما انتهى شعر النعمان وكلامه إلى قريش غضب كثير منها و ألفى ذلک قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن وكان رسول الله استعمله عليها و كان له و لأخيه أثر قديم عظيم في الإسلام و هما من أول من أسلم من قريش ولهما عبادة و فضل.

فغضب للأنصار و شتم عمرو بن العاص و قال يا معشر قريش إن عمرا دخل في الإسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه فلما لم يستطع أن یکكيده بيده كاده بلسانه و إن من كيده الإسلام تفريقه و قطعه بین

ص: 164

المهاجرين والأنصار.

و الله ما حاربناهم للدين و لا للدنيا لقد بذلوا دماءهم الله تعالى فينا و ما بذلنا دماءنا الله فيهم و قاسمونا ديارهم و أموالهم و ما فعلنا مثل ذلك بهم و آثرونا على الفقر وحرمناهم على الغنى و لقد وصى رسول الله بهم و عزاهم عن جفوة السلطان فأعوذ بالله أن أكون وإياكم الخلف المضيع و السلطان الجاني.

89- قال الزبير وقال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك:

تفوه عمرو بالذي لا نريده *** وصرح للأنصار عن شنأة البغض

فإن تكن الأنصار زلت فإننا *** نقيل و لا تجزيهم القرض بالقرض

فلا تقطعن يا عمرو ما كان بيننا *** ولا تحملن يا عمرو بعضا على بعض

أتنسى لهم يا عمرو ما كان منهم *** ليالي جئناهم من النفل و الفرض

و قسمتنا الأموال كاللحم بالمدى *** و قسمتنا الأوطان كل به يقضي

ليالي كل الناس بالكفر جهرة *** ثقال علينا مجمعون على البغض

فساووا و آووا و انتهينا إلى المنى *** و قر قرارانا من الأمن و الخفض

90- قال الزبير ثم إن رجالا من سفهاء قريش ومثيري الفتن منهم اجتمعوا إلى عمرو بن العاص فقالوا له إنك لسان قريش و رجلها في الجاهلية والإسلام فلا تدع الأنصار و ما قالت وأكثروا عليه من ذلك فراح إلى المسجد وفيه ناس من قريش و غيرهم فتكلم و قال.

إن الأنصار ترى لنفسها ما ليس لها وايم الله لوددت أن الله خلى عنا و عنهم و قضى فيهم و فينا بما أحب و لنحن الذين أفسدنا على أنفسنا أحرزناهم عن كل مكروه و قدمناهم إلى كل محبوب حتى أمنوا المخوف فلما جاز لهم ذلك صغروا حقنا و لم يراعوا ما أعظمنا من حقوقهم.

ص: 165

ثم التفت فرأى الفضل بن العباس بن عبد المطلب و ندم على قوله للخئولة التي بين ولد عبد المطلب و بين الأنصار ولأن الأنصار كانت تعظم عليا و تهتف باسمه حينئذ فقال الفضل يا عمرو إنه ليس لنا أن نكتم ما سمعنا منك و ليس لنا أن نجيبك و أبو الحسن شاهد بالمدينة إلا أن يأمرنا فنفعل.

ثم رجع الفضل إلى علي فحدثه فغضب و شتم عمرا و قال آذى الله و رسوله ثم قام فأتى المسجد فاجتمع إليه كثير من قريش و تكلم مغضبا فقال :

يا معشر قريش إن حب الأنصار إيمان و بغضهم نفاق و قد قضوا ما عليهم و بقي ما عليكم و اذكروا أن الله رغب لنبيكم عن مكة فنقله إلى المدينة و كره له قريشا فنقله إلى الأنصار ثم قدمنا عليهم دارهم فقاسمونا الأموال و كفونا العمل فصرنا منهم بين بذل الغني و إيثار الفقير.

ثم حاربنا الناس فوقونا بأنفسهم وقد أنزل الله تعالى فيهم آية من القرآن جمع لهم فيها بين خمس نعم فقال «وَ الَّذِينَ تَبَوَّوُا الدَّارَ وَ الْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».

ألا و إن عمرو بن العاص قد قام مقاما آذى فيه الميت و الحي ساء به الواتر و سر به الموتور فاستحق من المستمع الجواب و من الغائب المقت و إنه من أحب الله و رسوله أحب الأنصار فليكفف عمرو عنا نفسه.

91 - قال الزبير فمشت قريش عند ذلك إلى عمرو بن العاص فقالوا: أيها الرجل أما إذا غضب علي فاكفف.

ص: 166

و قال خزيمة بن ثابت الأنصاري يخاطب قريشا :

أيال قريش أصلحوا ذات بيننا *** وبينكم قد طال حبل التماحك

فلا خير فيكم بعدنا فارفقوا بنا *** ولا خير فينا بعد فهر بن مالک

كلانا على الأعداء كف طويلة *** إذا كان يوم فيه جب الحوارك

فلا تذكروا ما كان منا و منكم *** ففي ذكر ما قد كان مشي التساوك

92 - قال الزبير وقال علي للفضل يا فضل انصر الأنصار بلسانك و يدك فإنهم منك و إنك منهم، فقال الفضل :

قلت يا عمرو مقالا فاحشا *** إن تعد يا عمرو و الله فلك

إنما الأنصار سيف قاطع *** من تصبه ظبة السيف هلك

وسيوف قاطع مضربها *** و سهام الله في يوم الحلك

نصروا الدين و آووا أهله *** منزل رحب و رزق مشترك

و إذا الحرب تلظت نارها *** بركوا فيها إذا الموت برك

و دخل الفضل على علي فأسمعه شعره ففرح به و قال وريت بك زنادي يا فضل أنت شاعر قريش و فتاها فأظهر شعرك و ابعث به إلى الأنصار فلما بلغ ذلك الأنصار قالت لا أحد يجيب إلا حسان الحسام فبعثوا إلى حسان بن ثابت فعرضوا عليه شعر الفضل فقال كيف أصنع بجوابه إن لم أتحر قوافيه فضحني فرويدا حتى أقفو أثره في القوافي فقال له خزيمة بن ثابت اذكر عليا و آله يكفك عن كل شيء فقال:

جزی الله عنا والجزاء بكفه *** أبا حسن عنا و من كأبي حسن

سبقت قريشا بالذي أنت أهله *** فصدرك مشروح و قلبك ممتحن

تمنت رجال من قريش أعزة *** مكانك هيهات الهزال من السمن

و أنت من الإسلام في كل موطن *** بمنزلة الدلو البطين من الرسن

ص: 167

غضبت لنا إذ قام عمرو بخطبة *** أمات بها التقوى وأحيا بها الإحن

فكنت المرجى من لؤي بن غالب *** لما كان منهم و الذي كان لم يكن

حفظت رسول الله فينا و عهده *** إليك و من أولى به منك من و من

ألست أخاه في الهدى و وصيه *** و أعلم منهم بالكتاب و بالسنن

فحقك ما دامت بنجد وشيجة *** عظيم علينا ثم بعد على اليمن

93 - قال الزبير و بعثت الأنصار بهذا الشعر إلى علي بن أبي طالب فخرج إلى المسجد وقال لمن به من قريش و غيرهم يا معشر قريش إن الله جعل الأنصار أنصارا فأثنى عليهم في الكتاب فلا خير فيكم بعدهم إنه لا يزال سفيه من سفهاء قريش وتره الإسلام و دفعه عن الحق وأطفأ شرفه و فضل غيره عليه.

يقوم مقاما فاحشا فيذكر الأنصار فاتقوا الله و ارعوا حقهم فو الله لو زالوا لزلت معهم لأن رسول الله قال أزول معكم حيثما زلتم فقال المسلمون جميعا رحمك الله يا أبا الحسن قلت قولا صادقا.

94 - قال الزبير وترك عمرو بن العاص المدينة و خرج عنها حتى رضي عنه علي و المهاجرون.

95- قال الزبير ثم إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط و كان يبغض الأنصار لأنهم أسروا أباه يوم بدر و ضربوا عنقه بين يدي رسول الله قام يشتم الأنصار و ذكرهم بالهجر فقال: إن الأنصار لترى لها من الحق علينا ما لا نراه و الله لئن كانوا آووا لقد عزوا بنا و لئن كانوا آسوا لقد منوا علينا والله ما نستطيع مودتهم لأنه لا يزال قائل منهم يذكر ذلنا بمكة و عزنا بالمدينة و لا ينفكون يعيرون موتانا و يغيظون أحياءنا. فإن أجبناهم قالوا غضبت قريش على غاربها و لكن قد

ص: 168

هون علي ذلك منهم حرصهم على الدين أمس و اعتذارهم من الذنب اليوم.

ثم قال.

تباذخت الأنصار في الناس باسمها *** و نسبتها في الأزد عمرو بن عامر

و قالوا لنا حق عظيم و منة *** على كل باد من معد و حاضر

فإن يك للأنصار فضل فلم تنل *** بحرمته الأنصار فضل المهاجر

و إن تكن الأنصار آوت و قاسمت *** معايشها من جاء قسمة جازر

فقد أفسدت ما كان منها بمنها *** وما ذاك فعل الأكرمين الأكابر

إذا قال حسان و كعب قصيدة *** بشتم قريش غنيت في المعاشر

وسار بها الركبان في كل وجهة *** و أعمل فيها كل خف و حافر

فهذا لنا من كل صاحب خطبة *** يقوم بها منكم و من كل شاعر

و أهل بأن يهجو بكل قصيدة *** وأهل بأن يرموا بنبل فواقر

قال ففشا شعره في الناس فغضبت الأنصار و غضب لها من قريش قوم منهم ضرار بن الخطاب الفهري و زيد بن الخطاب و يزيد بن أبي سفيان فبعثوا إلى الوليد فجاء.

فتكلم زيد بن الخطاب فقال يا ابن عقبة بن أبي معيط أما و الله لو كنت من الفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا لأحببت الأنصار ولكنك من الجفاة في الإسلام البطاء عنه الذين دخلوا فيه بعد أن ظهر أمر الله و هم كارهون.

إنا نعلم أنا أتيناهم و نحن فقراء فأغنونا ثم أصبنا الغنى فكفوا عنا و لم يرزءونا شيئا فأما ذكرهم ذلة قريش بمكة و عزها بالمدينة فكذلك كنا و كذلك قال الله تعالى «وَ اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ» فنصرنا الله تعالى بهم و آوانا إلى مدينتهم.

ص: 169

و أما غضبك لقريش فإنا لا ننصر كافرا و لا نواد ملحدا و لا فاسقا و لقد قلت وقالوا فقطعك الخطيب و ألجمك الشاعر.

و أما ذكرك الذي كان بالأمس فدع المهاجرين والأنصار فإنك لست من ألسنتهم في الرضا و لا نحن من أيديهم في الغضب.

و تكلم يزيد بن أبي سفيان فقال يا ابن عقبة الأنصار أحق بالغضب لقتلى أحد فاكفف لسانك فإن من قتله الحق لا يغضب له. و تكلم ضرار ابن الخطاب فقال أما والله لو لا أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال الأمة من قريش لقلنا الأئمة من الأنصار و لكن جاء أمر غلب الرأي فاقمع شرتك أيها الرجل و لا تكن امرأ سوء فإن الله لم يفرق بين الأنصار والمهاجرين في الدنيا و كذلك الله لا يفرق بينهم في الآخرة.

و أقبل حسان بن ثابت مغضبا من كلام الوليد بن عقبة و شعره فدخل المسجد و فيه قوم من قريش فقال يا معشر قريش إن أعظم ذنبنا إليكم قتلنا كفاركم و حمايتنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و إن كنتم تنقمون منا منة كانت بالأمس فقد كفى الله شرها فما لنا وما لكم.

و الله ما يمنعنا من قتالكم الجبن و لا من جوابكم العي إنا لحي فعال و مقال ولكنا قلنا إنها حرب أولها عار و آخرها ذل فأغضينا عليها عيوننا و سحبنا ذيولنا حتى نرى و تروا فإن قلتم قلنا و إن سكتم سكتنا.

فلم يجبه أحد من قريش ثم سكت كل من الفريقين عن صاحبه و رضي القوم أجمعون و قطعوا الخلاف والعصبية.

96 - ابن قتيبة: حدثنا ابن عفير عن أبي عون عن عبدالله بن عبدالرحمن الأنصاري. أن النبي صلی الله علیه وآله وسلم لما قبض. اجتمعت الانصار، إلي سعد ابن عبادة، فقالوا له : إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قد قبض. فقال سعد لابنه. إني لا

ص: 170

أستطيع أن أسمع الناس كلاماً لمرضي و لكن تلق مني قولي فأسمعهم، فكان سعد يتكلم و يحفظ ابنه ،قوله فيرفع صوته لكي يسمع قومه، فكان مما قال بعد أن حمد الله تعالي و أثني عليه.

يا معشر الأنصار إن لكم سابقة في الدين و فضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب، أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما لبث في قومه بضع عشرة سنة، يدعوهم ألي عبادة الرحمن و خلع الأوثان، فما آمن به من قومه إلا قليل والله ما كانوا يقدرون أن يمنعوا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لا يعرفوا دينه، و لا يدفعوا عن أنفسهم.

حتی أراد الله تعالي لكم الفضيلة و ساق إليكم الكرامة، وخصكم بالنعمة، و رزقكم الأيمان به وبرسوله صلی الله علیه وآله وسلم، و المنع له و لأصحابه و الإعزاز لدينه و الجهاد لأعدائه، فكنتم أشد الناس علي من تخلف عنه منكم، و أثقله علي عدوكم من غيركم ،

حتى استقاموا لأمر الله تعالي طوعاً وكرهاً، وأعطي البعيد المقادة صاغراً داحراً حتى أنحن الله تعالي لنبيه بكم الأرض، ودانت بأسيافكم له العرب، و توفاه الله تعالي و هو راض عنكم قرير العين فسدوا أيديكم بهذا الأمر، فإنكم أحق الناس و أولاهم به.

فأجابوه جميعاً: أن قد وقفت في الرأي، و أصبت في القول، و لن نعدو ما رأيت توليت هذا الأمر، فأنت مقنع و لصالح المؤمنين رضا. قال فأني الخبر إلي أبي بكر ففزع أشد الفزع، وقام أشد الفزع، وقام معه عمر، فخرجا مسرعين إلي سقيفة بني ساعدة، فلقيا أبا عبيدة بن الجراح فانطلقوا حتى دخلوا سقيفة بني ساعدة، و فيه رجال من الأشراف.

معهم سعد بن عبادة، فأراد عمر أن يبدأ بالكلام، و قال: خشيت أن

ص: 171

يقصر أبوبكر عن بعض الكلام فلما تيسر عمر للكلام، تجهز أبوبكر و قال له: علي رسلك، فستكفى الكلام فتشهد أبوبكر و انتصب له الناس، فقال: إن الله جل ثاؤه بعث محمداً صلی الله علیه وآله وسلم بالهدي و دين الحق.

فدعا إلى الإسلام، فأخذ الله تعالي بنواصينا وقلوبنا ألي ما دعا إليه، فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاماً، والناس لنا فيه تبع، و نحن عشرة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، و نحن مع ذلك أوسط العرب أنسابا، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا و لقريش فيها ولادة و أنتم أيضاً والله الذين آووا ونصروا و أنتم وزراؤنا في الدين و وزراء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، و أنتم إخواننا في كتاب الله وشركاؤنا في دين و شركاؤنا في دين الله عز و جل و فيما كنا فيه من سراء و ضراء.

والله ما كنا في خير قط إلا كنتم معنا فيه، فأنتم أحب الناس إلينا، و أكرمهم علينا، و أحق الناس بالرضا بقضاء الله تعالي، و التسليم لأمر الله فليس بعد المهاجرين الأولين أحد عندنا بمنزلتكم، فنحن الأمراء، و أنتم الوزراء، لا نفتات دونكم بمشورة، ولا تنقضى دونكم الأمور.

فقام الحباب بن المنذر بن زيد بن حرام، فقال: يا معشر الأنصار، املكوا عليكم أيديكم، فإنما الناس في فيئكم ظلالكم، و لن يجير مجير علي خلافكم، ولن يصدر الناس إلا عن رأيكم أنتم أهل العز و الثروة وأولو العدد والنجدة و إنما ينظر الناس ما تصنعون.

فلا تختلفوا ، فيفسد عليكم رأيكم، و تقطع أموركم أنتم أهل الإيواء و النصرة، وإليكم كانت الهجرة و لكم في السابقين الأولين مثل ما لهم، و أنتم أصحاب الدار و الإيمان من قبلهم.

والله ما عبدو الله علانية إلا في بلادكم و لا جمعت الصلاة إلا في

ص: 172

مساجدكم، و لا دانت العرب للإسلام إلا باسيافكم فأنتم أعظم الناس نصيباً في هذا الأمر، و إن أبي القوم، فمنا أمير و منهم أمير .

فقام عمر فقال: هيهات لا يجتمع سيفان في غمد واحد إنه والله لا يرضي العرب أن تومركم و نبيها من غيركم و لكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا من كانت النبوة فيهم، و أولو الأمر منهم.

لنا بذلك علي من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة، والسلطان المبين من ينازعنا سلطان محمد و ميراثه و نحن أولياءه وعشيرته، إلا مدل باطل، أو متجانف لإثم، أو متورط في هلكة.

فقام الحباب بن المنذر فقال: يا معشر الأنصار املكوا على أيديكم و لا تسمعوا مقالة هذا و أصحابه، فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبوا عليكم ما سألتم فأجلوهم عن بلادكم، وتولوا هذا الأمر عليهم، فأنتم والله أولي بهذا الأمر،

فإن أبوا عليكم ما سألتم فأجلوهم عن بلادكم، و تولوا ذا الأمر عليهم، فأنتم والله أولي بهذا الأمر منهم، فإنه دان لهذا الأمر ما لم يكن يدين له يأسيافنا، أما والله إن شئنم لنعيدنها جدعة، والله لا يرد علي أحد ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف.

قال عمر بن الخطاب: فلما كان الحباب هو الذي يجيبني، لم يكن لي معه كلام كلام، لأنه كان بيني و بينه منازعة في حياة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، فنهاني عنه، فحلفت أن لا أكلمه كلمة تسوؤه أبداً. ثم قام أبو عبيدة، فقال: يا معشر الأنصار أنتم أول من نصر و آوي، فلا تكونوا أول من يبدل و يغير.

97 - عنه و إن بشيراً لما رأي ما اتفق عليه قومه من تأمير سعد بن عبادة، قام حسداً لسعد، و كان بشير من سادات الخزرج، فقال: يا معشر

ص: 173

الأنصار، أما والله لئن كنا أولي الفضيلة في جهاد المشركين و السابقة في الدين، ما أردنا إن شاء الله غير رضا ربنا و طاعة نبينا، والكرم لأنفسنا، و ما ينبغي أن نستطيل بذلك علي الناس،

و لا نبتغي به عوضا من الدنيا فإن الله تعالي ولي النعمة وامنة علينا بذلك. ثم إن محمداً رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رجل من قريش، و قومه أحق بميراثه، و تولي سلطانه، وأيم الله لا يراني أنازعهم هذا الأمر أبداً فاتقوا الله و لا تنازعوا و لا نخالفوهم.

قال: ثم إن أبا بكر قام علي الأنصار، فحمد الله تعالي و أثني عليه ثم دعاهم ألي الجماعة ونهاهم عن الفرقة وقال: إني ناصح لكم أحد هذين الرجلين: أبي عبيدة بن الجراح، أو عمر فبايعوا من شئتم منها، فقال عمر : معاذ الله أن يكون ذلك و أنت بين أظهرنا أنت أحقنا بهذا الأمر، و أقدمنا ، صحبة لرسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ، و أفضل منا في المال، و أنت أفضل المهاجرين و ثاني اثنين و خليفته على الصلاة و الصلاة أفضل أركان دين الإسلام.

فمن ذا ينبغي أن يتقدمك، و يتولي هذا الأمر عليك؟ أبسط يدك أبايعك. فلما ذهبا يبايعانه سبقهما إليه بشير الأنصاري فبايعه، فناداه الحباب ابن المنذر يا بشير بن سعد، عقك عقاق ما اضطرك إلي ما صنعت؟ حسدت ابن عمك علي الإمارة؟ قال لا والله، و لكني كرهت أن أنازع قوما حقا لهم.

فلما رأت الأوس ما صنع قيس سعد و هو من سادات الخزرج، و ما دعوا اليه المهاجرين من قريش، و ما تطلب الخزرج من تأمير سعد بن عبادة، قال بعضهم لبعض وفيهم أسيد بن حضير لئن وليتموها سعدا عليكم مرة واحدة لا زالت لهم بذلك عليكم الفضيلة، و لا جعلوا لكم

ص: 174

نصيباً فيها أبدا، فقوموا فبايعوا أبابكر، فقاموا إليه فبايعوه.

فقام الحباب بن المنذر إلي سيفه فأخذه، فبادروا أليه فأخذوا سيفه منه فجعل يضرب بثوبه وجوههم، حتى فرغوا من البيعة، فقال: فعلمتموها يا معشر الأنصار، أما والله لكاني بأبنائكم علي أبواب أبنائهم، قد وقفوا بأكفهم و لا يسقون الماء.

قال ابوبكر أمنا تخاف يا حباب؟ قال ليس منك أخاف ولكن لمن يجيء بعدك. قال أبو بكر: فإذا كان ذلك كذلك، فالأمر إليك و إلى أصحابك، ليس لنا عليكم طاعة، قال الحباب هيهات يا أبا بكر، إذا ذهبت أنا و أنت جاءنا بعدك من يسومنا الضيم.

فقال سعد بن عبادة أما والله لو أن لي ما أقدر به علي النهوض لسمعتم مني في أقطارها زئيراً يخرجك أنت و أصحابك، و لألحقنك بقوم كنت فيهم تابعاً غير متبوع، خاملا غير عزيز، فبايعه الناس جميعاً حتي كادوا يطئون سعدا. فقال سعد: قتلتموني. فقيل: اقتلوه قتله الله فقال سعد. احملوني من هذا المكان، فحملوه فأدخلوه داره و ترك أياما.

ثم بعث إليه أبو بكر أن أقبل فبايع، فقد بايع الناس، و بايع قومك، فقال: أما والله حتى أرميكم بكل سهم في كنانتي من نبل، و أخضب منكم سناني و رمحي و أضربكم بسيني ما ملكته يدي، وأقاتلكم بمن معي من أهلي و عشيرتي و لا والله لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم أعرض علي ربي و أعلم حسابي.

فلما أتي بذلك أبو بكر من قوله قال عمر: لا تدعه حتى يبايعك، فقال لهم بشير بن سعد: إنه قد أبي ولج، و ليس يبايعك حتي يقتل، و ليس بمقتول حتي يقتل ولده معه، و أهل بيته و عشيرته، و لن تقتلوهم حتي تقتل

ص: 175

الخزرج، و لن تقتل الخزرج حتي تقتل الأوس، فلا تفسدوا علي أنفسكم أمراً قد استقام لكم، فاتركوه فليس تركه بضاركم، و إنما هو رجل واحد.

فتركوه و قبلوا مشورة بشير بن سعد و استنصحوه لما بدا لهم منه. فكان سعد لا يصلي بصلاتهم، ولا يجمع بجمعتهم، ولا يفيض بإفاضتهم، و لو بحد عليهم أعواناً لصال بهم و لو بابعه أحد علي قتالهم لقاتلهم، فلم يزل كذلك حتى توفي أبوبكر و ولي عمر بن الخطاب،

فخرج إلى الشام فمات بها، ولم يبايع لأحد.

قال عليّ: الله الله يا معشر المهاجرين لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره و قعر بيته إلي دوركم و قعور بيوتكم، و لا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس و حقه فوالله يا معشر المهاجرين، لنحن أحق الناس به لأنا أهل البيت و نحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا القاريء لكتاب الله، الفقيه في دين الله العالم بسنن رسول الله المضطلع بأمر الرعية المدافع عنهم الأمور السئة، القاسم بينهم بالسوية، والله إنه لفينا.

فلا تتبعوا الهوي فتضلوا عن سبيل الله، فتتزدادوا من الحق بعدا. فقال بشير بن سعد الأنصاري: لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك يا على قبل بيعتها لأبي بكر ، ما اختلف عليك اثنان قال: و خرج علي يحمل فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على دابة ليلا في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون يا بنت رسول الله.

قد مضت بيعتنا لهذا الرجل و لو أن زوجك و ابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به فيقول عليّ كرّم الله وجهه أفكنت أدع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في بيته لم أدفنه و أخرج أنازع الناس سلطانه؟ فقالت فاطمة ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، و لقد صنعوا ما الله حسيبهم و طالبهم.

ص: 176

98 - عنه قال. وإن بابكر تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي فبعث إليهم عمر، قجاء فناداهم و هم في دار علي، فأبوا أن يخزجوا فدعا بالحطب و قال: والذي نفس عمر بيده. لنخرجن أولا حرقنها علي من فيها، فقيل له يا أبا حفص إن فيها قاطمة ؟ فقال و إن فخرجوا فيا يعوا إلا عليا فإنه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج و لا أضع ثوبي علي عاتقي حتي أجنع القرآن.

فوقفت فاطمة علي بابها فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم تركتم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم جنازة بين أيدينا، و قطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا، ولم تردوا حقا.

فأتي عمر أبابكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبوبكر لقنفد و هو مولي له اذهب فادع لي عليا، قال فذهب إلي علي فقال له: ما حاجتك ؟ فقال يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي.

لسريع ما كذبتم علي رسول الله فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكي أبوبكر .طويلا فقال عمر :الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبوبكر لقنفد عد إليه، فقل له : خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاءه قنفد، فأدي ما أمر به فرفع علي صوته فقال سبحان الله؟ لقد ادعي أبوبكر حتي دخل علي علي و عنده بنو هاشم فحمد الله و أثني عليه، ثم قال: أما بعد.

يا أبا بكر فإنه لم يمنعنا أن نبايعك إنكار لفضيلتك، و لا نفاسة عليك، ولكنا كنا نري أن لنا في هذا الأمر حقا، فاستبددت علينا، ثم ذكر قرابته من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، فلم يزل يذكر ذلك حتي بكي أبو بكر فقال أبو بكر القرابة رسول الله أحب إلي من قرابتي و إنّي والله لا أدع أمراً رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعه إن شاء الله تعالي.

فقال علي: موعدك غداً في المسجد الجامع للبيعة إن شاء الله. ثم خرج

ص: 177

فأتي المغيرة بن شعبة، فقال: الرأي يا أبابكر لن تلقوا العباس، فتجعلوا له هذه الإمرة نصيباً يكون له و لعقبه و تكون لكما الحجة علي علي و بني هاشم، إذا كان العباس معكم. قال: فانطلق أبوبكر و عمر و أبو عبيدة و المغيرة حتي دخلوا علي العباس فحمد الله أبو بكر، و أثني عليه ثم قال:

إن الله بعث محمداً صلی الله علیه وآله وسلم نبياً و للمؤمنين ولياً، فمن الله تعالي بمقامه بين أظهرنا، حتى اختار له الله ما عنده فخلي على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم، متفقين غير مختلفين، فاختاروني عليهم والياً، و لأمورهم راعياً، و ما أخاف بعون الله وهنا و لا حيرة ولا جبناً،

و ما توفيقي إلا بالله العلي العظيم عليه توكلت وإليه أنيب و ما أزال يبلغني عن طاعن يطعن بخلاف ما اجتمعت عليه عامة المسليمن و يتخذكم لجأء، فتكونون حصنه المنيع، عن طاعن يطعن بخلاف ما اجتمعت عليه عامة المسليمن، ويتخذكم لجأ، فتكونون حصنه المنيع.

فإما دخلتم فيها دخل فيه العامة، أو دفعتموهم عما مالوا إليه، و قد جئناك و نحن نريد ان نجعل لك في هذا الأمر نصيباً، يكون لك و لعقبك من بعدك، إذ كنت عم رسول الله و إن كان الناس قد رأوا مكانك و مكان

، أصحابك، فعدلوا الأمر عنكم و علي رسلكم بني عبد المطلب، فإن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم منا ومنكم.

تم قال عمر: إي والله و أخري أنا لم نأتكم حاجة منا إليكم، ولكنا كرهنا أن يكون الطعن منكم فيما اجتمع عليه العامة، فيتفاقم الخطب بكم و فأنظروا لأنفسكم و لعامتكم. فتكلم العباس، فحمد الله، و أثني عليه، ثم قال: إن الله بعث محمداً كما زعمت نبياً، وللمؤمنين ولياً، فمن الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده فخلي على الناس أمرهم ليختاروا الأنفسهم،

بهم

ص: 178

مصيبين للحق، لا مائلين عنه بزيع الهوي.

فإن كنت برسول الله طلبت فحتفا أخذت و إن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم متقدمون فيهم و إن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين؛ فاما ما بذلت لنا فإن يكن حقاً لك فلا حاجة و إن يكن حقاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم عليهم و إن كان حقنا لم نرض عنك ببعض عنك فيه دون بعض و أما قولك إن رسول الله منا و منكم.

فإنه قد كان من شجرة نحن أغصانها و أنتم جيرانها، قال: ثم خرج أبوبكر إلي المسجد الشريف، فأقبل علي الناس، فعذر علياً بمثل ما اعتذر عنه، ثم قال علي فعظم حق أبي بكر و ذكر فضله قد سمعنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول: أمرأت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلا إله الله، فإذا قالوها عصموا متي دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم علي الله.

فقال أبو بكر: هذا من حقها، لابد من القتال. فقال الناس لعمر. اخل به فکلمه لعله يرجع عن رأيه هذا، فيقبل منهم الصلاة، ويعفيهم من الزكاة فخلا به عمر نهاره أجمع، فقال: والله لو منعوني عقالا كانو يؤدونه إلي رسول الله لقاتلتهم عليه، و لو لم أجد أحداً أقاتلهم به لقاتلنهم وحدي، حتى يحكم الله بيني و بينهم، و هو خير الحاكمين،

و قد سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول: «أمرت أن أقاتل الناس علي ثلاث: شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة» فوالله الذي لا إله إلا هو لا أقصر دونهن، فضرب منهم من أدبر بمن أقبل حتى دخل الناس في الإسلام طوعاً و كرهاً . حمدوا رأيه، و عرفوا فضله.

99 - عنه قال أبو رجاأ العطاردي: رأيت الناس مجتمعين و عمر يقبل رأس أبي بكر ويقول: أنا فداؤك لولا أنت لهلكنا، فحمد له رأيه في قتال

ص: 179

أهل الردة.

100 - قال المسعودي و لما بويع أبوبكر في يوم السقيفة وجددت البيعة له يوم الثلاثاء علي العامة خرج علي فقال: أفسدت علينا أمورنا، و لم تستشر، و لم ، و لم ترع لنا حقا، فقال أبوبكر بلي، ولكني خشيت الفتنة، و كان للمهاجرين والأنصار يوم السقيفة خطب طويل و مجاذبة في الإمامة، و خرج سعد بن عبادة و لم يبايع.

فصار إلى الشام، فقتل هناك في سنة خمس عشرة، وليس كتابنا هذا موضعاً لخبر مقتله، و لم يبايعه أحد من بني هاشم حتي ماتت فاطمة علیها السلام .

101 - روي ابن عبد ربه عن أحمد بن الحارث عن أبي الحسن عن ابي معشر عن المقبري: أن المهاجرين بينماهم في حجرة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، و قد قبضه الله إليه، إذ جاء معن بن عدي و عويم بن ساعدة فقالا لأبي بكر باب فتنة إن يغلقه الله بك هذا سعد بن عبادة الأنصار يريدون أن يبايعوه. فمضي أبوبكر و عمر و أبو عبيدة حتى جاءوا سقيفة بني ساعدة، وسعد على طنفسة متكئا علي وسادة، و به الحمّي.

فقال له أبو بكر: ماذا تري أبا ثابت؟ قال: أنا رجل منكم. فقال حباب بن المنذر منا أمير و منكم أمير، فإنّ عمل المهاجري في الأنصاري شيئاً ردّ عليه. و إنّ عمل الأنصاري في المهاجري شيئاً ردّ عليه، و إن لم تفعلوا فأنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب، لنعيدتها جذعة.

قال عمر: فأردت أن أتكلم، و كنت زوّرت كلاماً في نفسي. فقال ابوبكر: علي رسلك يا عمر، فما ترك كلمة كنت زوّرتها في نفسي إلا تكلّم بها وقال نحن المهاجرون أول الناس إسلاماً، وأكرمهم أحسابا، و

أوسطهم ،دارا، و أحسنهم وجوها و أمتهم برسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رحما

ص: 180

و أنتم إخواننا في الإسلام و شركاؤنا في الدين، نصرتم و واسيتم فجزاكم الله خيراً، فنحنن الأمراء و انتم الوزراء، لا تدين العرب إلا لهذا الحي من قريش، فلا تنفسوا على إخوانكم المهاجرين ما فضّلهم الله به.

فقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : الأمة من قريش. و قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين - يعني عمر ابن الخطاب و أبا عبيدة بن الجراح - فقال عمر: يكون هذا و أنت حي. ما كان أحد ليؤخّرك عن مقامك الذي أقامك فيه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، ثم ضرب على يديه فبايعه و بايعه الناس وازدحموا علي أبي بكر.

فقالت الأنصار: قتلتم سعداً. فقال عمر: اقتلوه قتله الله، فإنه صاحب فتنة. فبايع الناس أبا بكر، و أتوا به المسجد يبايعونه فسمع العباس و على التكبير في المسجد، و لم يفرغوا من غسل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، فقال علي: ما هذا؟ قال العباس: ما ربّي مثل هذا قطّ أما قلت لك.

102- عنه و من حديث النعمان بن بشير الأنصاري: لما ثقل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم تكلم الناس من يقوم بأمره بعده، فقال قوم: أبوبكر، و قال قوم: ولا أبي بن كعب. قال النّعمان بن بشير: فإتيت ابيا فقلت: يا ابي، إنّ الناس قد ذكروا انّ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يستخلف أبا بكر أو إياك، فانطلق حتي ننظر في هذا الأمر.

فقال: إن عندي في هذا الأمر من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم شيئاً ما أنا بذاكره

حتي يقبضه الله إليه، ثم انطلق. وخرجت معه حتي دخلنا علي النبي صلی الله علیه وآله وسلم بعد الصبح، و هو يحسو حسوا في قصعة مشعوبة. فلما فرغ أقبل على أبي فقال: هذا ما قلت لك. قال: فأوص بنا.

فخرج يخط برجليه حتى صار علي المنبر ثم قال يا معشر

ص: 181

المهاجرين، إنكم أصبحتم تزيدون و أصبحت الأنصار كما هي لا تزيد، ألا و إن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا مالملح في الطعام، فمن ولي من أمرهم شيئاً فليقبل من مسحسنهم، وليعف عن مسيئهم، ثم دخل. فلما توفي قيل لي: هاتيك الأنصار مع سعد بن عبادة يقولون: نحن الأولي بالأمر، و المهاجرون يقولون لنا لأمر دونكم.

فأتيت ابياً فقرعت ،بابه فخرج علي ملتحفا فقلت: ألا أراك إلا قاعداً ببيتك مغلقاً عليك بابك و هؤلاء قومك من بني ساعدة ينازعون المهاجرين، فاخرج إلي قومك، فخرج، فقال: إنكم والله ما أنتم من هذا الأمر في شيء، إنه لهم دونكم يليها من المهاجرين رجلان، ثم يقتل الثالث و ينزع الأمر فيكون هاهنا و أشار إلي الشام، و إن هذا الكلام لمبلول بريق رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، ثم أغلق بابه و دخل.

103 - عنه الذين تخلفوا عن ببعد أبي بكر - علي و العباس و الزبير و سعد بن عبادة . فأما عليّ و العباس و الزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتي بعث إليهم أبو بكر عمر ابن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبو فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار علي أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة.

فقالت يابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة.

فخرج علي حتي دخل علي ابي بكر فبايعه، فقال له أبوبكر: أكرهت إمارتي؟ فقال: لا، ولكنى أليت لا أرتدي بعد موت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حتی أحفظ القرآن، فعليه حبست نفسي.

104 - عنه من حديث الزهري عن عروة عن عائشة قالت: لم يبايع أبابكر حتي ماتت فاطمة، و ذلك لستة أشهر من موت أبيها صلی الله علیه وآله وسلم . فأرسل

ص: 182

عليُّ إلي أبي بكر فأتاه في منزله فبايعه و قال: والله ما نفسنا عليك ما ساق الله إليك من فضل و خير و لكنّا كنا نري أن لنا في هذا الأمر شيئاً فاستبدت به دوننا، و ما ننكر فضلك. و أما سعد بن عبادة فإنه رحل إلي الشام.

105 - عنه عن أبي المنذر هشام بن محمد الكلبي قال: بعث عمر رجلاً إلى الشام فقال أدعه إلى البيعة و أحمل له بكل ما قدرت عليه، فإن أبى فاستعن الله عليه. فقدم الرجل الشام، فلقيه بحوران في حائط، فدعاه إلى البيعة، فقال: لا أبايع قريشاً أبدا. قال: فإنى أقاتلك. قال: و إن قاتلتني، قال: أفخارج أنت مما دخلت فيه الأمة؟ قال: أمّا مما دخلت فيه الأمة؟ قال: أما من البيعة فأنا خارج، فرماه بسهم ،فقتله.

106 - عنه عن ميمون بن مهران عن أبيه قال: رمى سعد بن عبادة في حمام بالشام، فقتل .

107 - عنه عن سعيد بن أبي عروبة عن أبن سيرين قال: رمى سعد بن عبادة بسهم فوجد دفينا في جسده فمات، فبكته الجنّ فقالت:

وقتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة *** ورمیناه بسهمين فلم نخطى فؤاده

108 - قال الطبري: فاجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح فقال ما هذا؟ فقالوا منا أمير و منكم أمير ، فقال أبو بكر منا الأمراء ومنكم الوزراء

ثم قال أبو بكر إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبا عبيدة إن النبي صلی الله علیه وآله وسلم جاءه ،قوم، فقالوا: ابعث معنا أمينا فقال لأبعثن معكم أمينا حق أمين فبعث أمين فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح وأنا أرضى لكم أبا عبيدة. فقام عمر فقال: أيكم تطيب نفسه أن يخلف قدمين قدمها النبي صلی الله علیه وآله وسلم فبايعه

ص: 183

عمر وبايعه الناس فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نبايع إلا عليا.

109 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن زياد بن كليب قال أتي عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير و رجال من المهاجرين فقال والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة فخرج عليه الزبير مصلتا السيف فعثر فسقط السيف من يده فوثبوا عليه فأخذوه.

110 - عنه حدثنا زكريا بن يحيى الضرير قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا داود بن عبدالله الأودي عن حميد بن عبدالرحمن الحميري قال توفي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأبو بكر في طائفة من المدينة فجاء فكشف الثوب عن وجهه فقبله وقال فداك أبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا مات محمد ورب الكعبة قال.

ثم انطلق إلى المنبر فوجد عمر بن الخطاب قائما يوعد الناس ويقول إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حي لم يمت وإنه خارج إلى من أرجف به وقاطع أيديهم وضارب أعناقهم وصالبهم قال فتكلم أبو بكر وقال أنصت قال فأبي عمر أن ينصت فتكلم أبو بكر وقال إن الله قال لنبيه صلی الله علیه وآله وسلم .

«إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ»،

«وَ مَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَائِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ.....» حتى ختم الآية، فمن كان يعبد محمدا فقد مات إلهه الذي كان يعبده ومن كان يعبد الله لا شريك له فإن الله حي لا يموت قال:

فحلف رجال أدركناهم من أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم ما علمنا أن الآيتين نزلتا حتى قرأهما أبو بكر يومئذ إذ جاء رجل يسعى فقال: هاتيك الأنصار قد اجتمعت في ظلة بني ساعدة يبايعون رجلا منهم يقولون منا أمير و من قريش أمير قال فانطلق أبو بكر وعمر يتقاودان حتى أتياهم، فأراد عمر أن

ص: 184

يتكلم فنهاه أبو بكر، فقال: لا أعصي خليفة النبي صلی الله علیه وآله وسلم في يوم مرتين.

قال فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئا نزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من شأنهم إلا وذكره وقال ولقد علمتم أن رسول الله قال لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار واديا سلكت وادي الأنصار ولقد علمت يا سعد أن رسول الله قال وأنت قاعد قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع البرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم.

قال فقال سعد: صدقت فنحن الوزراء وأنتم الأمراء. قال فقال عمر: ابسط يدك يا أبا بكر فلأبايعك، فقال أبو بكر بل أنت يا عمر فأنت أقوى لها مني قال وكان عمر أشد الرجلين قال وكان كل واحد منهما يريد صاحبه يفتح يده يضرب عليها ففتح عمر يد أبي بكر وقال إن لك قوتي مع قوتك قال فبايع الناس واستثبتوا للبيعة وتخلف علي والزبير واخترط الزبير سيفه وقال :

لا أغمده حتى يبايع علي فبلغ ذلك أبا بكر وعمر فقال عمر خذوا سيف الزبير فاضربوا به الحجر قال فانطلق إليهم عمر فجاء بهما تعبا وقال لتبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما كارهان فبايعا.

111 - عنه حدثني علي بن مسلم قال حدثنا عباد بن عباد قال حدثنا عباد بن راشد قال حدثنا عن الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس قال كنت أقرئ عبدالرحمن بن عوف القرآن قال فحج عمر وحججنا معه قال فإني لفى منزل بمنى إذ جاءني عبد الرحمن بن عوف.

فقال شهدت أمير المؤمنين اليوم وقام إليه رجل فقال إني سمعت فلانا يقول لو قد مات أمير المؤمنين لقد بايعت فلانا قال فقال أمير المؤمنين إني لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوا

ص: 185

الناس أمرهم.

قال قلت يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإنهم الذين يغلبون على مجسلك وإني لخائف إن قلت اليوم مقالة ألا يعوها ولا يحفظوها ولا يضعوها على مواضعها وأن يطيروا بها كل مطير ولكن أمهل حتى تقدم المدينة تقدم دار الهجرة والسنة وتخلص بأصحاب رسول الله من المهاجرين والأنصار.

فتقول ما قلت متمكنا فيعوا مقالتك ويضعوها على مواضعها فقال والله لأقومن بها فى أول مقام أقومه بالمدينة.

قال فلما قدمنا المدينة وجاء يوم الجمعة هجرت للحديث الذي حدثنيه عبدالرحمن فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني بالتهجير فجلست إلى جنبه عند المنبر ركبتي إلى ركبته فلما زالت الشمس لم يلبث عمر أن خرج فقلت لسعيد وهو مقبل ليقولن أمير المؤمنين اليوم على هذا المنبر مقالة لم تقل قبله فغضب وقال فأي مقالة يقول لم تقل قبله فلما جلس عمر على المنبر أذن المؤذنون.

فلما قضى المؤذن أذانه قام عمر. فحمد الله وأثنى عليه وقال أما بعد فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر أن أقولها من وعاها وعقلها وحفظها فليحدث بها حيث تنتهي به راحلته ومن لم يعها فإني لا أحل لأحد أن يكذب علي إن الله عز وجل بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب وكان فيها أنزل عليه آية الرجم.

فرجم رسول الله ورحمنا بعده وإني قد خشيت أن يطول بالناس زمان فيقول قائل والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وقد كنا نقول لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم أن ترغبو عن

ص: 186

آبائكم. ثم إنه بلغني أن قائلا منكم يقول لو قد مات أمير المؤمنين بايعت فلانا فلا يغرن امرأ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة.

فقد كانت كذلك غير أن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلی الله علیه وآله وسلم أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة وتخلفت عنا الأنصار بأسرها واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر.

فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نؤمهم فلقينا رجلان صالحان قد شهدا بدرا فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار قالا فارجعوا فاقضوا أمركم بينكم فقلنا والله لنأتينهم قال فأتيناهم وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة قال وإذا بين أظهرهم رجل مزمل.

قال قلت من هذا قالوا سعد بن عبادة فقلت ما شأنه قالوا وجع فقام رجل منهم فحمد الله وقال أما بعد فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر قريش رهط نبينا وقد دفت إلينا من قومكم دافة قال فلما رأيتهم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ويغصبونا الأمر وقد كنت زورت في نفسي مقالة أقدمها بين يدي أبي بكر وقد كنت أداري منه بعض الحد وكان هو أوقر مني وأحلم.

فلما أردت أن أتكلم قال علي رسلك فكرهت أن أعصيه فقام فحمد الله وأثنى عليه فما ترك شيئا كنت زورت في نفسي أن أتكلم به لو تكلمت إلا قد جاء به أو بأحسن منه وقال أما بعد يا معشر الأنصار فإنكم لا تذكرون منكم فضلا إلا وأنتم له أهل وإن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش وهم أوسط العرب دارا ونسبا ولكن قد رضيت لكم أحد

ص: 187

188

هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم.

فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وإني والله ما كرهت من كلامه شيئا غير هذه الكلمة إن كنت لأقدم فتضرب عنقي فيما لا يقربني إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر فلما قضى أبو بكر كلامه قام منهم رجل فقال أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش .

قال فارتفعت الأصوات وكثر اللغط فلما أشفقت الاختلاف قلت لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون وبايعه الأنصار ثم نزونا على سعد حتى قال قائلهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعدا وإنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نتابعهم على ما نرضى أو نخالفهم فيكون فساد.

112 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير قال إن أحد الرجلين اللذين لقو من الأنصار حين ذهبوا إلى السقيفة عويم بن ساعدة والآخر معن بن عدي أخو بني العجلان فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا أنه قيل لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من الذين قال الله لهم.

«فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين» فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم نعم المرء منهم عويم بن ساعدة، وأما معن فبلغنا أن الناس بكوا على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حين توفاه الله وقالوا والله لوددنا أنا متنا قبله إنا نخشى أن نفتتن بعده فقال معن بن عدي والله ما أحب أني مت قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا فقتل معن يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر

ص: 188

يوم مسيلمة الكذاب.

113 - عنه حدثنا عبيد الله بن سعيد الزهري قال أخبرنا عمي يعقوب ابن إبراهيم قال أخبرني سيف بن عمر عن الوليد بن عبدالله بن أبي ظبية البجلي قال حدثنا الوليد بن جميع الزهري قال قال عمرو بن حريث لسعيد ابن زيد أشهدت وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال نعم قال فمتى بويع أبو بكر.

قال يوم مات رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة قال فخالف عليه أحد قال لا إلا مرتد أو من قد كاد أن يرتد لولا أن الله عز وجل ينقذهم من الأنصار قال فهل قعد أحد من المهاجرين قال لا تتابع المهاجرون على بيعته من غير أن يدعوهم.

114 - عنه حدثنا عبيدالله بن سعد قال أخبرني عمي قال أخبرني سيف عن عبدالعزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال كان علي في بيته إذ أتي فقيل له قد جلس أبو بكر للبيعة فخرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء عجلا كراهية أن يبطئ عنها حتى بايعه ثم جلس إليه وبعث إلى ثوبه فأتاه فتجلله ولزم مجلسه.

115 - عنه حدثنا أبو صالح الضراري قال حدثنا عبدالرزاق بن همام عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يطلبان ميراثهما من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلموهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر أما إني سمعت رسول الله يقول لا نورث ما تركنا فهو صدقة.

إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإني والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله يصنعه إلا صنعته قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه في في ذلك حتى ماتت فدفنها علي ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وكان لعلي وجه من الناس حياة فاطمة فلما

ص: 189

توفيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن علي فمكنت فاطمة ستة أشهر بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم توفيت.

116 - عنه قال معمر فقال رجل للزهري أفلم يبايعه علي ستة أشهر قال لا ولا أحد من بني هاشم حتى بايعه علي فلما رأى علي انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر فارسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد وكره أن يأتيه عمر لما علم من شدة عمر فقال عمر لا تأتهم وحدك قال أبو بكر والله لاتينهم وحدي وما عسى أن يصنعوا بي قال فانطلق أبو بكر فدخل على علي وقد جمع بني هاشم عنده.

فقام على فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنه لم يمنعنا من أن نبايعك يا أبا بكر إنكار لفضيلتك ولا نفاسة عليك بخير ساقه الله إليك ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم به علينا ثم ذكر قرابته من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وحقهم فلم يزل علي يقول ذلك حتى بكى أبو بكر.

فلما صمت علي تشهد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فوالله لقرابة رسول الله أحب إلي أن أصل من قرابتي وإني والله ما ألوت في هذه الأموال التي كانت بيني وبينكم غير الخير ولكني سمعت رسول الله يقول لا نورث ما تركنا فهو صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإني أعوذ بالله لا أذكر أمرا صنعه محمد رسول الله إلا صنعته فيه إن شاء الله .

ثم قال على موعدك العشية للبيعة فلما صلى ابو بكر الظهر أقبل على الناس ثم عذر عليا ببعض ما اعتذر ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر فضيلته وسابقته ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه قالت فأقبل الناس إلى

ص: 190

علي فقالوا أصبت وأحسنت قالت فكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الحق والمعروف.

117 - عنه حدثني محمد بن عثمان بن صفوان الثقفى قال حدثنا أبو قتيبة قال حدثنا مالك يعني ابن مغول عن ابن الحر قال قال أبو سفيان لعلي ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش والله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا قال فقال علي يا أبا سفيان طالما عاديت الإسلام وأهله فلم تضره بذاك شيئا إنا وجدنا أبا بكر لها أهلا.

118 - عنه حدثني محمد محمد بن عثمان الثقفي قال حدثنا أمية بن خالد قال حدثنا حماد سلمة بن عن ثابت قال لما استخلف أبو بكر قال أبو سفيان مالنا ولأبي فصيل إنما هي بنو عبد مناف قال فقيل له إنه قد ولى ابنك قال وصلته رحم.

119 - عنه حدثت عن هشام قال حدثني عوانة قال لما اجتمع الناس على بيعة أبي بكر أقبل أبو سفيان وهو يقول والله إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم أين المستضعفان أين الأذلان علي والعباس وقال أبا حسن ابسط يدك حتى أبايعك فأبى علي علیه السلام عليه فجعل يتمثل بشعر المتلمس:

ولن يقيم على خسف يراد به *** إلا الأذلان عير الحي والوتد

هذا على الخسف معكوس برمته *** وذا يشج فلا يبكي له أحد

قال فزجره علي وقال إنك والله ما أردت بهذا إلا الفتنة وإنك والله طالما بغيت الإسلام شرا لا حاجة لنا في نصيحتك.

120 - عنه حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن محمد بن إسحاق عن حسين بن عبدالله عن عكرمة عن ابن عباس قال والله إني لأمشي مع عمر

ص: 191

في خلافته وهو عامد إلى حاجة له وفي يده الدرة وما معه غيري قال وهو يحدث نفسه ويضرب وحشي قدمه بدرته قال إذ التفت علي فقال يابن عباس هل تدري ما حملني على مقالتي هذه التي قلت حين توفى الله رسوله.

قال قلت لا أدري يا أمير المؤمنين أنت أعلم قال والله إن حملني على ذلك إلا أني كنت أقرأ هذه الاية «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» فوالله إني كنت لأظن أن رسول الله أمته سيبقى في حتى يشهد عليها بآخر أعمالها فإنه للذي حملني على أن قلت ما قلت .

121- قال ابن الاثير: لما توفى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم. اجتمع الأنصار في سقیفة بنی ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح فقال ما هذا؟ فقالوا: منا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر منا الأمراء ومنكم الوزراء.

ثم قال أبو بكر إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين عمر أو أبا عبيدة أمين هذه الأمة.

فقال عمر: أيكم تطيب نفساً أن يخلف قدمين قدمها النبي صلی الله علیه وآله وسلم فبايعه عمر وبايعه الناس فقالت الأنصار أو بعض الأنصار لا نبايع إلا عليا. :قال وتخلف علي و بنو هاشم والزبير طلحة عن البيعة. وقال الزبير لا أغمد سيفاً حتى يبايع علي فقال عمر: خلوا سيفه واضربوا به الحجر، ثم أتاهم عمر فأخذهم للبيعة.

و قيل: لما سمع علي بيعة أبى بكر خرج في قميص ما عليه إزار ولا رداء عجلا حتى بايعه ثم استدعى إزاره و رداءه فتجلّله.

و الصحيح ان امير المؤمنين ما بايع إلا بعد سنة ،اشهر، والله أعلم.

ص: 192

و قيل لما اجتمع الناس على بيعة أبي بكر أقبل أبو سفيان وهو يقول إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم يا آل عبد مناف ف-ي-م أب-و ب-ك-ر من أموركم؟ أين المستضعفان أين الأذلان علي والعباس؟ ما بال هذا الأمر في أهل حيّ من قريش ؟ ثم قال لعلي: ابسط يدك حتى أبايعك، فوالله لئن شئت لأملأتها عليه خيلاً و رجلاً. فأبى على علیه السلام عليه فتمثل بشعر المتلمس :

ولن يقيم على خسف يراد به *** إلا الأذلان عير الحي والوتد

هذا على الخسف معكوس برمته *** وذا يشج فلا يبكي له أحد

فزجره علي وقال: والله إنك ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت الإسلام شرا لا حاجة لنا في نصيحتك.

122 - عنه قال ابن عباس قال كنت أقرئ عبدالرحمن بن عوف القرآن فحج عمر و حججنا معه فقال لي عبدالرحمن بن عوف شهدت أمير المؤمنين اليوم بمنّى وقال له رجل: سمعت فلانا يقول: لو مات عمر لبايعت فلانا، فقال عمر: إني لقائم العشية في الناس أحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوا الناس أمرهم.

قال قلت يا أمير المؤمنين إن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وهم الذين يغلبون على مجسلك. وأخاف إن تقول مقالة لا يعوها ولا يحفظوها ويطيروها بها ولكن أمهل حتى تقدم المدينة وتخلص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فتقول ما قلت فيعوا مقالتك. فقال: والله لأقومن بها في أول مقام أقومه بالمدينة.

:قال: فلما قدمت المدينة هجرت يوم الجمعة لحديث عبدالرحمن فلما جلس عمر على المنبر حمد الله و أننى عليه ثم قال بعد أن ذكر الرجم و ما نسخ من القرآن فيه إنه بلغني أنّ قاتلاً منكم يقول: لو مات أمير المؤمنين

ص: 193

بايعت فلاناً ، فلا يغرنّ امراً أن يقول:

إن بيعة أبي بكر كانت فتنة. فقد كانت كذلك غير أن الله وقى شرها وليس منكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر، وإنه كان من خيرنا حين توفى الله نبيه صلی الله علیه وآله وسلم أن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا في بيت فاطمة و تخلفت عنا الأنصار بأسرها واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر.

فقلت له: انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فانطلقنا نحوهم فلقينا رجلان صالحان من الأنصار أحدهما الأنصار أحدهما عويم بن ساعدة، و الثاني معن بن قالا لنا ارجعوا اقضوا أمركم بينكم. قال: فأتينا الأنصار وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة و بين أظهرهم رجل مزمل قلت من هذا؟ قالوا: سعد بن عبادة وجع، فقام رجل منهم فحمد الله وأثنى عليه وقال:

أما بعد فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر قريش رهط نبينا وقد دفت إلينا من قومكم، فإذا هم يريدون أن يغصبونا الأمر. فلما سکت و كنت قد زورت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك، فقام فحمد الله و ما ترك شيئا كنت زورت في نفسي إلا جاء به أو بأحسن منه وقال :

يا معشر الأنصار إنكم لا تذكرون منكم فضلا إلا وأنتم له أهل وإن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش وهم أوسط العرب دارا ونسبا. وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين و أخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، وإني والله ما كرهت من كلامه كلمة غيرها، إن كنت لأقدم فتضرب عنقي

فيما لا يقربني إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر.

فلما قضى أبو بكر كلامه قام منهم رجل فقال: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير و ارتفعت الأصوات وكثر اللغط

ص: 194

فلما خفت الاختلاف قلت لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعته وبايعه الناس، ثم نزونا على سعد بن عبادة.

فقال قائلهم: قتلتم سعداً. فقلت: قتل الله سعدا وإنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقت القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نتابعهم على ما نرضى أو نخالفهم فيكون فساداً.

123 - عنه قال أبو عمرة الأنصاري لما قبض النبي صلی الله علیه وآله وسلم اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة أخرجوا سعد بن عبادة ليولوه الأمر، و كان مريضاً ، فقال بعد أن حمد الله: يا معشر الأنصار لكم سابقة وفضيلة ليست لأحد من العرب إن محمد صلی الله علیه وآله وسلم لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم.

فما آمن به إلا رجال قليل ما كانوا يقدرون على منعه و لا على دفع ضيم حتى إذا أراد بكم الفضيلة و ساق إليكم الكرامة ورزقكم الإيمان به و برسوله و المنع له و لأصحابه و الإعزاز له و لدينه و الجهاد لأعدائه وكنتم أشد الناس على عدوه.

حتى استقامت العرب لأمر الله طوعا وكرها و أعطى البعيد المقادة صاغرا فدانت لرسوله بأسيافكم العرب و توفاه الله و هو عنكم راض قرير العين. استبدوا بهذا الأمر دون الناس، فإنه لكم دونهم.

فأجابوه بأجمعهم بأن قد وفقت و أصبت الرأى ونحن نوليك هذا الأمر فإنك متبع و رضا للمؤمنين ثم إنهم ترادوا الكلام فقالوا و إن أبى المهاجرون من قريش وقالوا نحن المهاجرون وأصحابة الأولون وعشيرته و أولياؤه فقالت طائفة منهم، فإنا نقول منا أمير و منكم أمير و لن نرضى بدون هذا أبدا.

فقال سعد: هذا أول الوهن و سمع عمر الخبر فأتى منزل النبي صلی الله علیه وآله وسلم و

ص: 195

أبو بكر فيه فأرسل إليه أن اخرج إلي. فأرسل إليه أني مشتغل فقال عمر: قد حدث أمر لا بد لك من حضوره فخرج إليه فأعلمه الخبر.

مسرعين نحوهم ومعهما أبو عبيدة قال عمر فأتيناهم و قد كنت زورت كلاما اقول لهم فلما دنوت اقول أسكتنى أبو بكر و تكلم بكل ما أردت أن أقول فحمد الله وقال: إنّ الله قد بعث فينا رسولاً شهيداً على أمته ليعبدوه و يوحدوه و هم يعبدون من دونه آلهة شتى من حجر و خشب، فعظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم.

فخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه و المواساة له و الصبر معه على شدة أذى قومهم لهم و تكذيبهم إياهم وكل الناس لهم مخالف و عليهم زار فلم يستوحشوا لقلة عددهم و تشذب الناس لهم فهم أول من آمن بالله و بالرسول و هم أولياؤه و عشيرته و أحق الناس بهذا الأمر من بعده.

لا ينازعهم إلا ظالم و أنتم يا معشر الأنصار من لا ينكر فضلهم في الدين و لا سابقتهم العظيمة في الإسلام رضيكم الله أنصارا لدينه و رسوله و جعل إليكم هجرته و ليس بعد المهاجرين الأولين عندنا بمنزلتكم فنحن الأمراء و أنتم الوزراء، لا تفتاتون بمشورة و لا يقضى دونكم الأمور.

فقام المنذر بن الحباب بن الجموح فقال: يا معشر الأنصار املكوا عليكم أمركم فإن الناس فى ظلكم و لن يجترىء مجترىء على خلافكم و لا يصدرو إلا عن رأيكم، أنتم أهل العزّ و أولو العدد والمنعة و ذوو البأس، و إنما ينظر الناس ما تصنعون ولا تختلفوا فيفسد عليكم أمركم أبى هؤلاء إلا ما سمعتم فمنّا أمير ومنكم أمير .

فقال عمر بن الخطاب فقال هيهات لا يجتمع اثنان في قرن والله لا

ص: 196

ترضى العرب أن تؤمركم و نبيها من غيركم و لا تمتنع العرب أن تولّي أمرها من كانت النبوة فيهم و لنا بذلك الحجة الظاهرة من ينازعنا سلطان محمد و نحن أولياؤه وعشيرته.

فقال الحباب بن المنذر يا معشر الأنصار أمسكوا على أيديكم و لا تسمعوا مقالة هذا و أصحابه فيذهبوا بنصيبكم من هذا الأمر، فإن أبوا

عليكم فاجلوهم عن هذه البلاد و تولوا عليهم هذه الامور.

فانتم و الله أحق به منهم فقد فإنه بأسيافكم دان الناس لهذا الدين، أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب أنا أبو شبل في عرينة الأسد، و الله لئن شتم لنعيدنها جذعة.

فقال عمر: إذا ليقتلك الله، فقال: بل إيّاك يقتل.

فقال أبو عبيدة : يا معشر الأنصار أنكم أول من نصر فلا تكونوا أوّل من بدل و غيّر. فقام بشير بن سعد أبو نعمان بن بشير فقال: يا معشر الأنصار إنا و الله و إن كنا أولي فضيلة في جهاد المشركين و سابقة في الدين ما أردنا به إلا رضي ربنا وطاعة نبينا و الكدح لأنفسنا.

فما ينبغي أن نستطيل علي النّاس بذلك و لا نبتغي به الدنيا، ألا إنّ محمداً صلی الله علیه وآله وسلم من قريش و قومه أولي به وايم الله لا يراني الله أنا زعهم هذا الأمر، فاتقوا الله و لا تخالفوهم.

قال ابوبكر: هذا عمر و أبو عبيدة فإن شئتم فبايعوا. فقالا: والله لا نتولي هذا الأمر عليك و أنت أفضل المهاجرين و خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم في صلاة و هی أفضل دين المسلمين ابسط يدك نبايعك، فلما ذهبا يبايعانه سبقهما بشير بن سعد فبايعه، فناداه الحباب بن المنذر عقتك عقاق. أنفست علي بن عمّك الإمارة؟ فقال: لا والله ولكني كرهت أن أنازع القوم حقهم.

ص: 197

و لما رأت الأوس ما صنع بشير و ما تطلب الخروج من تأمير سعد قال بعضهم لبعض، و فيهم أسيد بن حضير و كان نقيباً: والله لئن وليتها الخروج مرة لا زالت لهم عليكم بذلك الفضيلة و لا جعلوا لكم فيها نصيباً أبداً ، فقوموا فبايعوا أبابكر. فبايعوه، فانكسر علي سعد و الخروج ما أجمعوا عليه، و أقبل النّاس يبايعون أبابكر من كل جانب.

ثم تحول سعد بن عبادة إلي داره فبقي أياماً، و أرسل إليه ليبايع فإن الناس قد بايعوا فقال: لا والله حتى أرميكم بما في كناني. و أخضب سنان رمحي و اضرب بسيفي، وأقاتلكم بأمل بيتي و من أطاعني و لو اجتمع معكم الجنّ والاس ما بايعتكم حتى أعرض علي ربي.

فقال عمر : لا تدعه حتى يبايع. فقال بشير بن سعد: إنّه لج و أبي و لا يبايعكم حتي يقتل، وليس بمقتول حتي يقتل معه أهله وطائفة عشريته، و لا يضركم تركه، و إنما هو رجل واحد. فتركوه جاءت اسلم فبايعت. فقوي أبو بكر بهم و بايع النّاس بعد.

قيل إن عمرو حريث قال لسعيد بن زيد: متي بويع أبوبكر؟ قال: يوم مات رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، كرهوا أن يبقوا بعض يوم و ليسوا في جماعة.

124 - عنه قال الزهري: بقي عليّ و بنو هاشم و الزّبير ستة أشهر لم يبايعوا أبابكر حتّي ماتت فاطمة علیها السلام ، فبايعوه.

فلما کان الغد من بيعة أبي بكر جلس علي المنبر و بايعه الناس بيعة عامّة، ثمّ تكلّم فحمد الله و أثني عليه ثم قال: أيها الناس قد وليت عليكم و لستّ بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني و إن أسأت فقوموني، الصدق أمانة و الكذب خيانة و الضعيف فيكم قوي عندي حتي آخذ له حقه، والقویّضعيف عندي.

ص: 198

حتّى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالي لا يدع أحد منكم الجهاد فإنّه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذلّ، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا

عصيت الله و رسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلي صلاتكم رحمكم الله.

125- قال المسعودي: روى أن العباس صار الي أمير المؤمنين علیه السلام و قد قبض رسول الله فقال امدد يديك ابايعك فقال و من يطلب هذا الأمر و من يصلح له غيرنا و صار اليه ناس من المسلمين فيهم الزبير و ابو سفيان صخر بن حرب فأبي و اختلف المهاجرون والانصار، فقالت الأنصار منا أمير و منكم أمير.

فقال قوم من المهاجرين سمعنا رسول الله يقول الخلافة في قريش فسلمت الأنصار لقريش بعد أن ديس سعد بن عبادة و وطئوا بطنه و بايع عمر بن الخطاب ابابكر و صفق علي يديه ثم بايعه قوم ممن قدم المدينة ذلك الوقت من العرب و المؤلفة قلوبهم و تابعهم علي ذلك غيرهم.

و اتصل الحبر بأمير المؤمنين بعد فراغه من غسل رسول الله و تحنيطه و تکفینه و تجهیزه و دفنه بعد الصلاة عليه مع من حضر من بني هاشم و قوم من صحابته مثل سلمان و ابي ذر و المقداد و عمار و حذيفه و ابن ابي کعب و جماعته نحو اربعين رجلا فقام خطيباً فحمد الله و أثني عليه.

ثم قال: ة إن كانت الإمامة في قريش فأنا أحق من قريش بها و إن تكن في قريش فأنصار علي دعواهم (ثم اعتزلهم و دخل بيته فأقام فيه و من اتبعه من المسلمين وقال:) إن لي في خمسة من النبيين اسوة نوح إذ قال إني مغلوب فأنتصر، و ابراهيم إذ قال وأعتزلكم و ما تدعون من دون الله و لوط اذ قال.

لو أن لي بكم قوة أو آوي الي ركن شديد و موسي إذ قال ففرت

ص: 199

200

منكم لما خفتكم و هارون اذ قال إن القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني) ثم الف علیه السلام القرآن و خرج الي الناس و قد حمله في أزار معه و هو ينط من تحته.

فقال لهم (هذا كتاب الله قد الفته كما أمرني و أوصاني رسول الله كما أنزل) فقال له بعضهم اتركه و امض فقال لهم إن رسول الله قال لكم إني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي لن يفترقا حتي بردا علي الحوض فان قبلتموه فاقبلوني معه واحكم بينكم بما فيه من احكام الله.

فقالوا لا حاجة لنا فيه ولا فيك فانصرف به معك لا تفارقه و لا يفارقك فانصرف عنهم فأقام أمير المؤمنين و من معه من شيعته في منزلة بما عهد اليه رسول الله فوجهوا الي منزله فهجموا عليه و أحرقوا بابه و استخرجوه منه كرهاً و ضغطوا سيدة النساء بالباب.

حتي أسقطت محسناً و أخذوه بالبيعة فامتنع و قال لا أفعل فقالوا نقلنك فقال إن تقتلوني فاني عبدالله و أخو رسوله و بسطوا يده فقبضها و عسر عليهم فتحها فمسحوا عليها و هي مضمومة.

126 - قال المقدسي وقع الاختلاف في الناس فاتحاز الحي الانصار اني سعد بن عبادة سيّد الخزرج و اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة و انحاز علي و طلحة والزبير في بيت فاطمة و انحاز سائر المهاجرين الي أبي بكر كلّ يدّعي الامارة لنفسه فجاء المغيرة بن شعبة فقال إن كان لكم بالناس حاجة فادركوهم.

فتركوا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كما هو و اغلقوا الباب دونه أسرع ابوبكر و عمر و ابو عبيدة بن الجراح الي سقيفة بني ساعدة فقالت الأنصار نحن أنصار الله وكتيبة الاسلام يا معشر العرب رهط منا و قد دقت دافّة من

ص: 200

قومكم يريدون أن يجتازونا من أصلنا ويكسروا الأمر.

فقال أبو بكر أما ما ذكرتم فيكم من خير فانتم له أهل و لن تعرف

العرب هذا الأمر إلاّ لهذا الحيّ من قريش اوسط العرب نسباً و داراً وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم و أخذ بيد عمر و و أبي عبيدة بن الجراح.

فقال الحباب المنذر أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب منا أمير و منكم امير فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتي خيف الاختلاف فقال عمر لأبي بكر ابسط يدك ابايعك فبسط يده فبايعه المهاجرون والانصار و نزوا علي سعد ابن عبادة فضربوه،

فقال قائلهم قد قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر قتل الله سعد بن عبادة ثم عادوا الى المسجد وصعد أبوبكر المنبر فقام عمر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إنى كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهداً عهده الى رسول الله و لكنى كنت أرى ان رسول الله سيدبر أمرنا و يكون آخرنا.

فإن الله عزّو جلّ قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسوله فمن اعتصم به هداه كما كان هداه له و ان قد جمع امركم على خيركم صاحب رسول الله و ثانى اثنين إذ هما فى الغار فقوموا فبايعوه بيعة العامة في المسجد بعد السقيفة فبايعوه و لم يبايعه على ستّة أشهر.

127- قال ابن أبى الحديد في شرح قوله علیه السلام : إن الله تعالى بعث محمدا صلی الله علیه وآله وسلم النذيرا للعالمين و أمينا على التنزيل و أنتم معشر العرب على شر دين و في شر دار منيخون بين حجارة خشن و حيات صم تشربون الكدر و تأكلون الجشب و تسفكون دماءكم و تقطعون أرحامكم الأصنام فيكم

ص: 201

منصوبة و الآثام بكم معصوبة .

ثم قال فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت و أغضيت على القذى و شربت على الشجا وصبرت على أخذ

الكظم و على أمر من طعم العلقم.

اختلفت الروايات في قصة السقيفة فالذي تقوله الشيعة وقد قال قوم من المحدثين بعضه و رووا كثيرا منه أن عليا علیه السلام امتنع من البيعة حتى أخرج كرها و أن الزبير بن العوام امتنع من البيعة وقال لا أبايع إلا عليا علیه السلام و كذلك أبو سفيان بن حرب و خالد بن سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و العباس بن عبد المطلب و بنوه و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و جميع بني هاشم.

و قالوا إن الزبير شهر سيفه فلما جاء عمر و معه جماعة من الأنصار و غيرهم قال في جملة ما قال خذوا سيف هذا فاضربوا به الحجر و يقال إنه أخذ السيف من يد الزبير فضرب به حجرا فكسره و ساقهم كلهم بين يديه إلى أبي بكر فحملهم على بيعته و لم يتخلف إلا علي علیه السلام وحده فإنه اعتصم ببيت فاطمة علیها السلام فتحاموا إخراجه منه قسرا و قامت فاطمة علیها السلام إلى باب البیت فأسمعت من جاء يطلبه فتفرقوا و علموا أنه بمفرده لا يضر شيئا فترکوه.

و قيل إنهم أخرجوه فيمن أخرج و حمل إلى أبي بكر فبايعه.

و قد روى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري كثيرا من هذا.

فأما حديث التحريق و ما جرى مجراه من الأمور الفظيعة و قول من قال إنهم أخذوا علياء علیه السلام يقاد بعمامته و الناس حوله فأمر بعيد و الشيعة تنفرد به على أن جماعة من أهل الحديث قد رووا نحوه و سنذكر ذلك.

ص: 202

128 - عنه قال أبو جعفر إن الأنصار لما فاتها ما طلبت من الخلافة قالت أو قال بعضها لا نبايع إلا عليا و ذكر نحو هذا علي بن عبد الكريم

المعروف بابن الأثير الموصلي في تاريخه.

فأما قوله علیه السلام لم يكن لي معين إلا أهل بيتي

فضننت بهم عن الموت فقول ما زال علي لا يقوله و لقد قاله عقيب وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال لو وجدت أربعين ذوي عزم ذكر ذلك نصر بن مزاحم في كتاب صفين و ذكره كثير من أرباب السيرة. و أما الذي يقوله جمهور المحدثين و أعيانهم فإنه علیه السلام امتنع من البيعة ستة أشهر و لزم بيته فلم يبايع حتى ماتت فاطمة علیها السلام فلما ماتت بايع طوعا.

129 - عنه في صحيحي مسلم والبخاري كانت وجوه الناس إليه و فاطمة باقية بعد فلما ماتت فاطمة علیهت السلام انصرفت وجوه الناس عنه و خرج من بيته فبايع أبا بكر وكانت مدة بقائها بعد أبيها علیه السلام ستة أشهر.

130- عنه قال ابن عباس فلما قدمناها هجرت يوم الجمعة لحديث عبد الرحمن فلما جلس عمر على المنبر حمد الله و أثنى عليه ثم قال بعد أن ذكر الرجم وحد الزناء إنه بلغني أن قائلا منكم يقول لو مات أمير المؤمنين بايعت فلانا فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فلقد كانت كذلك و لكن الله وقى شرها و ليس فيكم من تقطع إليه الأعناق كأبي بكر و إنه كان من خبرنا حين توفي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

أن عليا و الزبير تخلفا عنا في بيت فاطمة و من معهما و تخلفت عنا الأنصار و اجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت له انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فانطلقنا نحوهم فلقينا رجلان صالحان من الأنصار قد شهدا بدرا أحدهما عويم بن ساعدة و الثاني معن بن عدي فقالا لنا ارجعوا فاقضوا

ص: 203

أمركم بينكم فأتينا الأنصار و هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة و بين أظهرهم رجل مزمل.

فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة وجع فقام رجل منهم فحمد الله و أثنى عليه فقال أما بعد فنحن الأنصار وكتيبة الإسلام و أنتم يا معشر قريش رهط نبينا قد دفت إلينا دافة من قومكم فإذا أنتم تريدون أن تغصبونا الأمر.

فلما سكت و كنت قد زورت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر فلما ذهبت أتكلم قال أبو بكر على رسلك فقام فحمد الله و أثنى عليه فما ترك شيئا كنت زورت في نفسي إلا جاء به أو بأحسن منه و قال يا معشر الأنصار إنكم لا تذكرون فضلا إلا و أنتم له أهل و إن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش أوسط العرب دارا و نسبا و قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين.

و أخذ بيدي و يد أبي عبيدة بن الجراح و الله ما كرهت من كلامه غيرها إن كنت لأقدم فتضرب عنقي فيما لا يقربني إلى إثم أحب إلى من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر.

فلما قضى أبو بكر كلامه قام رجل من الأنصار فقال أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب منا أمير و منكم أمير

و ارتفعت الأصوات و اللغط فلما خفت الاختلاف قلت لأبي بكر ابسط يدك أبايعك فبسط يده فبايعته و بايعه الناس ثم نزونا على سعد بن عبادة فقال قائلهم قتلتم سعدا فقلت اقتلوه قتله الله و أنا والله ما وجدنا أمرا هو أقوى من بيعة أبي بكر خشيت إن فارقت القوم و لم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى أو نخالفهم فيكون فساد.

ص: 204

هذا حديث متفق عليه من أهل السيرة و قد وردت الروايات فيه بزيادات .

131 - عنه روى المدائني قال لما أخذ أبو بكر بيد عمر و أبي عبيدة و قال للناس قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين قال أبو عبيدة لعمر امدد يدك نبايعك فقال عمر ما لك في الإسلام فهة غيرها أتقول هذا و أبو بكر حاضر ثم قال للناس أيكم يطيب نفسا أن يتقدم قدمين قدمها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم للصلاة رضيك رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لديننا أفلا نرضاك لدنيانا ثم يده إلى أبي بكر فبايعه.

و هذه الرواية هي التي ذكرها قاضي القضاة رحمه الله تعالى في كتاب المغني و قال الواقدي في روايته في حكاية كلام عمر و الله لأن أقدم فأنحر كما ينحر البعير أحب إلى من أن أتقدم على أبي بكر.

132 - عنه قال شيخنا أبو القاسم البلخي قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ إن الرجل الذي قال لو قد مات عمر لبايعت فلانا عمار بن ياسر قال لو قد مات عمر لبايعت عليا علیه السلام فهذا القول هو الذي هاج أن خطب بما خطب به .

133 - عنه قال فأما حديث الفلتة فقد كان سبق من عمر أن قال إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه.

و هذا الخبر الذي ذكرناه عن ابن عباس و عبد الرحمن بن عوف فيه حديث الفلتة و لكنه منسوق على ما قاله أولا ألا تراه يقول فلا يغرن امراً أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فلقد كانت كذلك فهذا يشعر بأنه قد كان قال من قبل إن بيعة أبي بكر كانت فلتة.

134 - عنه روى الهيثم بن عدي عن مجالد بن سعيد قال غدوت يوما

ص: 205

إلى الشعبي و أنا أريد أن أسأله عن شيء بلغني عن ابن مسعود أنه كان يقوله فأتيته و هو في مسجد حية و في المسجد قوم ينتظرونه فخرج فتعرفت إليه و قلت أصلحك الله كان ابن مسعود يقول ما كنت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة.

قال نعم كان ابن مسعود يقول ذلك و كان ابن عباس يقوله أيضا و كان عند ابن عباس دفائن علم يعطيها أهلها و يصرفها عن غيرهم فبينا نحن كذلك إذ أقبل رجل من الأزد فجلس إلينا فأخذنا في ذكر أبي بكر و عمر فضحك الشعبي و قال لقد كان في صدر عمر ضب على أبي بكر فقال الأزدی و الله ما رأينا و لا سمعنا برجل قط كان أسلس قيادا لرجل و لا أقول فيه بالجميل من عمر لابي بكر.

فاقبل على الشعبى وقال هذا مما سألت عنده ثم أجل على الرجل و :قال يا اخا الازد فكيف تصنع بالفلته التي وقى الله شرها اترى عدوا يقول في عدوه يريدان يهدم ما بنى نفسه في الناس اكثر من قول عمر في أبي بكر.

فقال الرجل سبحان الله أنت تقول ذلك يا ابا عمرو، فقال الشعيبي أنا اقول قال عمر بن الخطاب على رؤس الأشهاد فلمه أودع فنهض الرجل مغضبا و هو يهمهم في الكلام بثى لم أفهمه.

قال مجاهد: فقلت للشعبي ما أحب هذا الرجل الا سينقل عنك هذا الكلام الى الناس و ينبه فيهم قال اذن والله لا احفل به شيء لم يحفل به عمر حين قدم على رؤس الأشهاد من المهاجرين والأنصار، احفل به أفا اذ يعوه أنقم عنى أيضاً ما بدالكم.

135 - عنه روى جميع أصحاب السيرة أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لما توفى كان أبو بكر في منزله بالسنح فقال عمر بن الخطاب فقال ما مات رسول

ص: 206

الله صلی الله علیه وآله وسلم و لا يموت حتى يظهر دينه على الدين كله و ليرجعن فليقطعن أيدي رجال و أرجلهم ممن أرجف بموته لا أسمع رجلا يقول مات رسول الله إلا ضربته بسيفي فجاء أبو بكر و كشف عن وجه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و قال بأبي وأمي طبت حيا وميتا و الله لا يذيقك الله الموتتين أبدا.

ثم خرج و الناس حول عمر و هو يقول لهم إنه لم يمت و يحلف فقال له أيها الحالف على رسلك ثم قال من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله تعالى «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ ميِّتُونَ» و قال «أَ فَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقَابِكُمْ» قال عمر فو الله ما ملکت نفسي حيث سمعتها أن سقطت إلى الأرض و علمت أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قد مات.

136 - عنه روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عمر بن شبة عن محمد بن منصور عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال كان النبي صلی الله علیه وآله وسلم قد بعث أبا سفيان ساعيا فرجع من سعايته و قد مات رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فلقيه قوم فسألهم فقالوا مات رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال من ولي بعده قيل أبو بكر قال أبو فصيل قالوا نعم قال فما فعل المستضعفان علي و العباس أما والذي نفسي بيده لأرفعن لها من أعضادهما.

137 - عنه قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و ذكر الراوي و هو جعفر سليمان أن أبا سفيان قال شيئا آخر لم تحفظه الرواة فلما قدم المدينة قال إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا الدم قال فكلم عمر أبا بكر فقال إن أبا سفيان قد قدم و أنا لا نأمن شره فدع له ما في يده فتركه فرضي.

138 - عنه روى أحمد بن عبد العزيز أن أبا سفيان قال لما بويع عثمان

ص: 207

كان هذا الأمر في تيم و أنى لتيم هذا الأمر ثم صار إلى عدي فأبعد و أبعد ثم رجعت إلى منازلها و استقر الأمر قراره فتلقفوها تلقف الكرة.

139 - عنه قال أحمد بن عبد العزيز وحدثني المغيرة بن محمد المهلبي قال ذاكرت إسماعيل بن إسحاق القاضي بهذا الحديث و أن أبا سفيان قال لعثمان بأبي أنت أنفق و لا تكن كأبي حجر و تداولوها يا بني أمية تداول الولدان الكرة فو الله ما من جنة ولا نار و كان الزبير حاضرا فقال عثمان لأبي سفيان اعزب.

فقال يا بني أهاهنا أحد قال الزبير نعم والله لا كتمتها عليك قال فقال إسماعيل هذا باطل قلت وكيف ذلك قال ما أنكر هذا من أبي سفيان و لكن أنكر أن يكون سمعه عثمان و لم يضرب عنقه.

140 - عنه روى أحمد بن عبد العزيز قال جاء أبو سفيان إلى علیه علیه السلام فقال وليتم على هذا الأمر أذل بيت في قريش أما والله لتن شئت لأملأنها على أبي فصيل خيلا و رجلا فقال علي علیه السلام طالما غششت الإسلام و أهله فما ضررتهم شيئا لا حاجة لنا إلى خيلك و رجلك لو لا أنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه.

141 - عنه روى أحمد بن عبد العزيز قال لما بويع لأبي بكر كان الزبير - و المقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى علي و هو في بيت فاطمة فيتشاورون و يتراجعون أمورهم فخرج عمر حتى دخل على فاطمة علیها السلام و قال يا بنت رسول الله ما من أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك و ما من أحد أحب إلينا منك بعد أبيك و ايم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بتحريق البيت عليهم.

فلما خرج عمر جاءوها فقالت تعلمون أن عمر جاءني وحلف لي

ص: 208

بالله إن عدتم ليحرقن عليكم البيت و ايم الله ليمضين لما حلف له فانصرفوا عنا راشدين فلم يرجعوا إلى بيتها و ذهبوا فبايعوا لأبي بكر. 142 - عنه روى أحمد و روى المبرد في الكامل صدر هذا الخبر عن عبد الرحمن بن عوف قال دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات فيه فسلمت و سألته كيف به فاستوی جالسا فقلت لقد أصبحت بحمد الله بارنا فقال أما إني على ما ترى لوجع و جعلتم لي معشر المهاجرين شغلا مع وجعي و جعلت لكم عهدا مني من بعدي و اخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له و رأيتم الدنيا قد أقبلت.

و الله لتتخذن ستور الحرير و نضائد الديباج و تألمون ضجائع الصوف الأذربي كأن أحدكم على حسك السعدان والله لأن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا و إنكم غدا لأول ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا و شمالا يا هادي الطريق جرت إنما هو البحر أو الفجر.

فقال له عبد الرحمن لا تكثر على ما بك فيهيضك و الله ما أردت إلا خيرا و إن صاحبك لذو خير و ما الناس إلا رجلان رجل رأى ما رأيت فلا خلاف عليك منه و رجل رأى غير ذلك وإنما يشير عليك برأيه فسكن و سكت هنيهة فقال عبد الرحمن ما أرى بك بأسا والحمد لله فلا تأس على الدنيا .

فو الله إن علمناك إلا صالحا مصلحا فقال أما إني لا أسى إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلن وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن و

ثلاث وددت أني سألت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عنهن.

فأما الثلاث التي فعلتها و وددت أني لم أكن فعلتها فوددت أني لم أكن

ص: 209

كشفت عن بيت فاطمة و تركته و لو أغلق على حرب و وددت أني يوم ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين عمر أو أبي

سقيفة بني عبيدة فكان أميرا و كنت وزيرا و وددت أني إذ أتيت بالفجاءة لم أكن أحرقته و كنت قتلته بالحديد أو أطلقته.

و أما الثلاث التي تركتها و وددت أني فعلتها فوددت أني يوم أتيت بالأشعث كنت ضربت عنقه فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه و وددت أني حيث وجهت خالدا إلى أهل الردة أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون و إلا كنت ردءا لهم و وددت حيث وجهت خالدا إلى الشام كنت وجهت عمر إلى العراق فأكون قد بسطت كلتا يدي اليمين و الشمال في سبيل الله.

و أما الثلاث اللواتي وددت أني كنت سألت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عنهن فوددت أني سألته فيمن هذا الأمر فكنا لا ننازعه أهله و وددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب و وددت أني سألته عن ميراث العمة و ابنة الأخت فإن في نفسي منهما حاجة.

143 - عنه من كتاب معاوية المشهور إلى علي علیه السلام، و أعهدك أمس تحمل قعيدة بيتك ليلا على حمار و يداك في يدي ابنيك الحسن و الحسين عليهما السلام يوم بويع أبو بكر فلم تدع أحدا من أهل بدر و السوابق إلا دعوتهم إلى نفسك و مشيت إليهم بامرأتك و أدليت إليهم بابنيك و استنصرتهم على صاحب رسول الله فلم يحبك منهم إلا أربعة أو خمسة.

و لعمري لو كنت محقا لأجابوك و لكنك ادعيت باطلا و قلت ما لا تعرف و رمت ما لا يدرك و مهما نسيت فلا أنسى قولك لأبي سفيان لما حركك و هيجك لو وجدت أربعين ذوي عزم منهم لناهضت القوم فما يوم

ص: 210

المسلمين منك بواحد ولا بغيك على الخلفاء بطريف و لا مستبدع.

144 - عنه روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن أبي المنذر و هشام بن محمد بن السائب عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان بين العباس و علي مباعدة فلق ابن عباس عليا فقال إن كان لك في النظر إلى عمك حاجة فأته و ما أراك تلقاه بعدها.

فوجم لها و قال تقدمني و استأذن فتقدمته و استأذنت له فأذن فدخل فاعتنق كل واحد منهما صاحبه و أقبل على علیه السلام على يده و رجله يقبلها يقول يا عم ارض عني رضي الله عنك قال قد رضيت عنك.

ثم قال يا ابن أخي قد أشرت عليك بأشياء ثلاثة فلم تقبل و رأيت في عاقبتها ما كرهت و ها أنا ذا أشير عليك برأي رابع فإن قبلته و إلا نالك ما نالك مما كان قبله قال و ما ذاك يا عم قال أشرت عليك في مرض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن تسأله فإن كان الأمر فينا أعطاناه و إن كان في غيرنا أوصى بنا فقلت أخشى إن منعناه لا يعطيناه أحد بعده فمضت تلك.

فلما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلى أن نبايعك وقلت لك ابسط يدك أبايعك و يبايعك هذا الشيخ فإنا إن بايعناك لم يختلف عليك أحد من بني عبد مناف و إذا بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك أحد من قريش و إذا بايعتك قريش لم يختلف عليك أحد من العرب.

فقلت لنا بجهاز رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم شغل و هذا الأمر فليس نخشى عليه فلم نلبث أن سمعنا التكبير من سقيفة بني ساعدة فقلت يا عم ما هذا قلت ما دعوناك إليه فأبيت قلت سبحان الله أو يكون هذا قلت نعم.

قلت أفلا يرد قلت لك و هل رد مثل هذا قط ثم أشرت عليك حين

ص: 211

طعن عمر فقلت لا تدخل نفسك في الشورى فإنك إن اعتزلتهم قدموك و إن ساويتهم تقدموك فدخلت معهم فكان ما رأيت

ثم أنا الآن أشير عليك برأي رابع فإن قبلته و إلا نالك ما نالك مما كان قبله إني أرى أن هذا الرجل يعني عثمان قد أخذ في أمور والله لكأني بالعرب قد سارت إليه حتى ينحر في بيته كما ينحر الجمل و الله إن كان ذلك و أنت بالمدينة ألزمك الناس به و إذا كان ذلك لم تنل من الأمر شيئا إلا من بعد شر لا خير معه.

145 - عنه روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز عن حباب بن يزيد عن جرير بن المغيرة أن سلمان و الزبير و الأنصار كان هواهم أن يبايعوا عليا علیه السلام بعد النبي صلی الله علیه وآله وسلم فلما بويع أبو بكر قال سلمان أصبتم الخبرة و أخطأتم المعدن.

146 - عنه قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا علي بن أبي هاشم قال حدثنا عمر بن ثابت عن حبيب بن أبي ثابت قال قال سلمان يومئذ أصبتم ذا السن منكم و أخطأتم أهل بيت نبيكم لو جعلتموها فيهم ما اختلف عليكم اثنان و لأكلتموها رغدا .

147 - عنه قال أبو بكر و أخبرنا عمر بن شبة قال حدثني محمد بن يحيى قال حدثنا غسان بن عبد الحميد قال لما أكثر الناس في تخلف علي علیه السلام عن بيعة أبي بكر و اشتد أبو بكر و عمر عليه في ذلك خرجت أم مسطح بن أثاثة فوقفت عند القبر و قالت:

كانت أمور و أبناء و هنبثة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب

148 - عنه قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و أخبرنا أبو زيد عمر بن

ص: 212

شبة قال حدثنا إبراهيم بن المنذر عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن أبي الأسود قال غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة و غضب علي و الزبير فدخلا بيت فاطمة علیها السلام معهما السلاح فجاء عمر في عصابة منهم أسيد بن حضير و وسلمة بن سلامة بن وقش و هما من بني عبد الأشهل.

فصاحت فاطمة علیها السلام و ناشدتهم الله فأخذوا سيني علي و الزبير فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا ثم قام أبو بكر فخطب الناس و اعتذر إليهم و قال إن بيعتي كانت فلتة وقى الله شرها و خشيت الفتنة وايم الله ما حرصت عليها يوما قط و لقد قلدت أمرا عظيما ما لى به طاقة و لا يدان.

و لوددت أن أقوى الناس عليه مكاني و جعل يعتذر إليهم فقبل المهاجرون عذره و قال علي و الزبير ما غضبنا إلا في المشورة و إنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها إنه لصاحب الغار و إنا لنعرف له سنه و لقد أمره رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بالصلاة بالناس و هو حي.

149 - عنه قال أبو بكر وقد روي بإسناد آخر ذكره أن ثابت بن قيس ابن شماس كان مع الجماعة الذين حضروا مع عمر في بيت فاطمة عليها السلام ثابت هذا أخو بني الحارث بن الخزرج.

150- عنه روي أيضا أن محمد أيضا أن محمد بن مسلمة كان معهم و أن محمدا هو الذي كسر سيف الزبير.

151 - عنه قال أبو بكر وحدثني يعقوب بن شيبة عن أحمد بن أيوب عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن عباس قال خرج عليا علیه السلام على الناس من عند رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في مرضه فقال له

ص: 213

الناس كيف أصبح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا أبا حسن؟

قال أصبح بحمد الله بارئا قال فأخذ العباس بيد علي ثم قال يا علي.

أنت عبد العصا بعد بعد ثلاث أحلف لقد رأيت الموت في وجهه و إني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فاذكر له هذا الأمر إن كان فينا أعلمنا و إن كان في غيرنا أوصى بنا فقال لا أفعل و و الله إن منعناه اليوم لا يؤتيناه الناس بعده قال فتوفي رسول الله ذلك اليوم.

152 - عنه قال أبو بكر حدثني المغيرة بن محمد المهلبي من حفظه عمر بن شبة من كتابه بإسناد رفعه إلى أبي سعيد الخدري قال سمعت البراء بن عازب يقول لم أزل لبني هاشم محبا فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله سلم تخوفت أن تتمالأ قريش على إخراج هذا الأمر عن بني هاشم فأخذني ما يأخذ الواله العجول.

153 - عنه في شرح قوله علیه السلام «أما والله لقد تقمصها فلان» و زاد فيه في هذه الرواية فكنت أكابد ما في نفسي فلما كان بليل خرجت إلى المسجد فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت إلى الفضاء فضاء بني بياضة و أجد نفرا يتناجون .

فلما دنوت منهم سكتوا فانصرفت عنهم فعرفوني وما أعرفهم فدعونى إليهم فأتيتهم فأجد المقداد بن الأسود و عبادة بن الصامت و سلمان الفارسي و أبا ذر و حذيفة و أبا الهيثم بن التيهان و إذا حذيفة يقول لهم و الله ليكونن ما أخبرتكم به والله ما كذبت ولا كذبت و إذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين.

ثم قال ائتوا أبي بن كعب فقد علم كما علمت قال فانطلقنا إلى أبي

ص: 214

فضربنا عليه بابه حتى صار خلف الباب فقال من أنتم فكلمه المقداد فقال ما حاجتكم فقال له افتح عليك بابك فإن الأمر أعظم من أن يجرى من وراء حجاب.

قال ما أنا بفاتح بابي و قد عرفت ما جئتم له كأنكم أردتم النظر في هذا العقد فقلنا نعم فقال أفيكم حذيفة فقلنا نعم قال فالقول ما قال و بالله ما أفتح عني بابي حتى يجرى على ما هي جارية و لما يكون بعدها شر منها و إلى الله المشتكى.

قال و بلغ الخبر أبا بكر و عمر فأرسلا إلى أبي عبيدة و المغيرة بن شعبة فسألاهما عن الرأي فقال المغيرة أن تلقوا العباس فتجعلوا له في هذا الأمر نصيبا فيكون له و لعقبه فتقطعوا به من ناحية علي و يكون لكم حجة عند الناس على علي إذا مال معكم العباس.

154 - عنه روى أبو بكر قال أخبرنا أحمد بن إسحاق بن صالح قال حدثنا عبد الله بن عمر عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال لما توفي النبي صلی الله علیه وآله وسلم لو اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة فأتاهم أبو بكر و عمر و أبو عبيدة فقال الحباب بن المنذر منا أمير ومنكم أمير إنا و الله ما ننفس هذا الأمر عليكم أيها الرهط و لكنا نخاف أن يليه بعدكم من قتلنا أبناءهم و آباءهم و إخوانهم.

فقال عمر بن الخطاب إذا كان ذلك قمت إن استطعت فتكلم أبو بكر فقال نحن الأمراء و أنتم الوزراء و الأمر بيننا نصفان كشق الأبلمة فبويع و كان أول من بايعه بشير بن سعد والد النعمان بن بشير.

فلما اجتمع الناس على أبي بكر قسم قسما بين نساء المهاجرين و الأنصار فبعث إلى امرأة من بني عدي بن النجار قسمها مع زيد بن ثابت

ص: 215

فقالت ما هذا قال قسم قسمه أبو بكر للنساء قالت أتراشونني عن ديني و الله لا أقبل منه شيئا فردته عليه.

155 - عنه قلت قرأت هذا الخبر على أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي الحسيني المعروف بابن أبي زيد نقيب البصرة رحمه الله تعالى في سنة عشر و ستمائة من كتاب السقيفة لأحمد بن عبد العزيز الجوهري قال لقد صدقت فراسة الحباب فإن الذي خافه وقع يوم الحرة و أخذ من الأنصار ثأر المشركين يوم بدر ثم قال لي رحمه الله تعالى و من هذا خاف أيضا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على ذريته و أهله.

فإنه كان علیه السلام قد وتر الناس و علم أنه إن مات و ترك ابنته و ولدها سوقة و رعية تحت أيدي الولاة كانوا بعرض خطر عظيم فما زال يقرر لابن عمه قاعدة الأمر بعده حفظا لدمه و دماء أهل بيته فإنهم إذا كانوا ولاة الأمر كانت دماؤهم أقرب إلى الصيانة و العصمة مما إذا كانوا سوقة تحت يد وال من غيرهم فلم يساعده القضاء والقدر و كان من الأمر ما كان ثم أفضى أمر ذريته فيما بعد إلى ما قد علمت.

156 - عنه قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري و حدثني أحمد ابن إسحاق بن صالح قال حدثني عبد الله بن عمر بن معاذ عن ابن عون قال حدثني رجل من زريق أن عمر كان يومئذ قال يعني يوم بويع أبو بكر محتجزا يهرول بين يدي أبي بكر و يقول ألا إن الناس قد بايعوا أبا بكر قال فجاء أبو بكر حتى جلس على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

أما بعد فإني وليتكم و لست بخيركم و لكنه نزل القرآن و سنت السنن و علمنا فتعلمنا أن أكيس الكيس التق و أحمق الحمق الفجور و إن

ص: 216

أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بالحق و أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق أيها الناس إنما أنا متبع و لست بمبتدع إذا أحسنت فأعينوني و إذا زغت فقوموني.

157 - عنه قال أبو بكر وحدثني أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا أحمد بن معاوية قال حدثني النضر بن شميل قال حدثنا محمد بن عمرو عن سلمة بن عبد الرحمن قال لما جلس أبو بكر على المنبر كان علي علیه السلام و الزبير و ناس من بني هاشم في بيت فاطمة فجاء عمر إليهم فقال و الذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقن البيت عليكم.

فخرج الزبير مصلتا سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار و زياد بن لبيد فبدر السيف فصاح به أبو بكر و هو على المنبر اضرب به الحجر فدق به قال أبو عمرو بن حماس فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة و يقال هذه ضربة سيف الزبير.

ثم قال أبو بكر دعوهم فسيأتي الله بهم قال فخرجوا إليه بعد ذلك فبایعوه.

158- عنه قال أبو بكر وقد روي في رواية أخرى أن سعد سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة علیها السلام و المقداد بن الأسود أيضا و أنهم اجتمعوا على أن يبايعوا عليا علیه السلام فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت.

فخرج إليه الزبير بالسيف و خرجت فاطمة علیها السلام تبكي و تصيح فنهنهت من الناس وقالوا ليس عندنا معصية و لا خلاف في خير اجتمع عليه الناس و إنما اجتمعنا لنؤلف القرآن في مصحف واحد ثم بايعوا أبا بكر فاستمر الأمر واطمأن الناس.

159 - عنه قال أبو بكر وحدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال أخبرنا أبو

ص: 217

بكر الباهلي قال حدثنا إسماعيل بن مجالد عن الشعبي قال سأل أبو بكر فقال أين الزبير فقيل عند علي و قد تقلد سيفه فقال قم يا عمر قم يا خالد بن الوليد انطلقا حتى تأتياني بهما فانطلقا فدخل عمر و قام خالد على باب البيت من خارج فقال عمر للزبير ما هذا السيف فقال نبايع عليا فاخترطه عمر فضرب به حجرا فکسره .

ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه و قال يا خالد دونكه فأمسكه ثم قال لعلي قم فبايع لأبي بكر فتلكأ و احتبس فأخذ بيده و قال قم فأبى أن يقوم فحمله فحمله و دفعه كما دفع الزبير فأخرجه و رأت فاطمة ما صنع بهما فقامت على باب الحجرة وقالت يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله والله لا أكلم عمر حتى ألق الله قال فمشى إليها أبو بكر بعد ذلک و شفع لعمر وطلب إليها فرضيت عنه.

160 - عنه قال أبو بكر وحدثنا أبو زيد قال حدثنا محمد بن حاتم قال حدثنا الحرامي قال حدثنا الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن عباس قال مر عمر بعلي و عنده ابن عباس بفناء داره فسلم فسألاه أين تريد فقال مالي بينبع قال علي أفلا نصل جناحك و نقوم معك فقال بلى .

فقال لابن عباس قم معه قال فشبك أصابعه في أصابعي و مضى حتى إذا خلفنا البقيع قال يا ابن عباس أما والله إن كان صاحبك هذا أولى الناس بالأمر بعد وفاة رسول الله إلا أنا خفناه على اثنتين قال ابن عباس فجاء بمنطق لم أجد بدا معه من مسألته عنه فقلت يا أمير المؤمنين ما هما قال خشيناه على حداثة سنه و حبه بني عبد المطلب.

161 - عنه قال أبو بكر وحدثني أبو زيد قال حدثنا هارون بن عمر

ص: 218

بإسناد رفعه إلى ابن عباس رحمه الله تعالى قال تفرق الناس ليلة الجابية عن عمر فسار كل واحد مع إلفه ثم صادفت عمر تلك الليلة في مسيرنا فحادثته فشكا إلي تخلف علي عنه فقلت ألم يعتذر إليك قال بلى.

فقلت هو ما اعتذر به قال يا ابن عباس إن أول من ريثكم عن هذا الأمر أبو بكر إن قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة و النبوة قلت لم ذاك يا أمير المؤمنين ألم ننلهم خيرا قال بلى و لكنهم لو فعلوا لكنتم عليهم جحفا .

162 - عنه قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد قال حدثنا عبد العزيز بن الخطاب قال حدثنا علي بن هشام مرفوعا إلى عاصم بن عمرو بن قتادة قال لقي علي علیه السلام عمر فقال له على علیه السلام أنشدك الله هل استخلفك رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال لا قال فكيف تصنع أنت وصاحبك قال أما صاحبي فقد مضى لسبيله و أما أنا فسأخلعها من عنقي إلى عنقك فقال جدع الله أنف من ينقذك منها لا و لكن جعلني الله علما فإذا قمت فمن خالفني ضل.

163 - عنه قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عن هارون بن عمر عن محمد بن سعيد بن الفضل عن أبيه عن الحارث بن كعب عن عبد الله بن أبي أوفى الخزاعي قال كان خالد بن سعيد بن العاص من عمال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على اليمن فلما قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم جاء المدينة و قد بايع الناس أبا بكر فاحتبس عن أبي بكر فلم يبايعه أياما و قد بايع الناس و أتى بني هاشم.

فقال أنتم الظهر والبطن والشعار دون الدثار و العصا دون اللحا فإذا رضيتم رضينا و إذا سخطتم سخطنا حدثوني إن كنتم قد بايعتم هذا الرجل قالوا نعم قال علی برد و رضا من جماعتكم قالوا نعم قال فأنا أرضى و أبايع إذا بايعتم أما والله يا بني هاشم إنكم الطوال الشجر الطيبو الثمر ثم إنه بايع

ص: 219

أبا بكر و بلغت أبا بكر فلم يحفل بها و اضطغنها عليه عمر.

فلما ولاه أبو بكر الجند الذي استنفر إلى الشام قال له عمر أتولي خالدا و قد حبس عليك بيعته وقال لبني هاشم ما قال و قد جاء بورق من اليمن و عبيد و حبشان و دروع و رماح ما أرى أن توليه و ما آمن خلافه فانصرف عنه أبو بكر و ولى أبا عبيدة بن الجراح و يزيد بن أبي سفيان و شرحبيل بن حسنة.

164- عنه قوله علیه السلام : فهلا احتججتم عليهم بأن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وصى بأن يحسن إلى محسنهم و يتجاوز عن مسيئهم قالوا و ما في هذا من الحجة عليهم فقال علیه السلام لو كانت الإمامة فيهم لم تكن الوصية بهم ثم قال علیه السلام فما ذا قالت قريش قالوا احتجت بأنها شجرة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم فقال علیه السلام احتجوا بالشجرة و أضاعوا الثمرة.

165- عنه روى أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة قال أخبرني أحمد بن إسحاق قال حدثنا أحمد بن سيار قال حدثنا سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري أن النبي صلی الله علیه وآله وسلم لما قبض اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقالوا إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قد قبض.

فقال سعد بن عبادة لابنه قيس أو لبعض بنيه إني لا أستطيع أن أسمع الناس كلامي لمرضي و لكن تلق مني قولي فأسمعهم فكان سعد يتكلم و يستمع ابنه و يرفع به صوته ليسمع قومه فكان من قوله بعد حمد الله و الثناء عليه أن قال:

إن لكم سابقة إلى الدين و فضيلة في الإسلام ليست لقبيلة من العرب أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لبث في قومه بضع عشرة سنة يدعوهم إلى عبادة الرحمن و خلع الأوثان فما آمن به من قومه إلا قليل و الله ما كانوا يقدرون

ص: 220

أن يمنعوا رسول الله و لا يعزوا دينه و لا يدفعوا عنه عداه حتى أراد الله بكم خير الفضيلة وساق إليكم الكرامة و خصكم بدينه و رزقكم الإيمان به و برسوله و الإعزاز لدينه و الجهاد لأعدائه.

فكنتم أشد الناس على من تخلف عنه منكم و أثقله على عدوه من غيركم حتى استقاموا لأمر الله طوعا وكرها و أعطى البعيد المقادة صاغرا داخرا حتى أنجز الله لنبيكم الوعد و دانت لأسيافكم العرب ثم توفاه الله تعالى و هو عنكم راض و بكم قرير عين فشدوا يديكم بهذا الأمر فإنكم أحق الناس و أولاهم به.

فأجابوا جميعا أن وفقت في الرأي و أصبت في القول و لن نعدو ما أمرت نوليك هذا الأمر فأنت لنا مقنع و لصالح المؤمنين رضا.

ثم إنهم ترادوا الكلام بينهم فقالوا إن أبت مهاجرة قريش فقالوا نحن المهاجرون و أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الأولون و نحن عشيرته وأولياؤه فعلام تنازعوننا هذا الأمر من بعده فقالت طائفة منهم إذا نقول منا أمير و منكم أمير لن نرضى بدون هذا منهم أبدا لنا في الإيواء و النصرة ما لهم في الهجرة ولنا في كتاب الله ما لهم فليسوا يعدون شيئا إلا و نعد مثله و ليس من رأينا الاستئثار عليهم فمنا أمير و منهم أمير.

فقال سعد بن عبادة هذا أول ..الوهن و أتى الخبر عمر فأتى منزل

رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فوجد أبا بكر في الدار و عليا في جهاز رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و كان الذي أتاه بالخبر معن بن عدي فأخذ بيد عمر و قال قم فقال عمر إني عنك مشغول فقال إنه لا بد من قيام فقام معه .

فقال له إن هذا الحي من الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة معهم سعد بن عبادة يدورون حوله و يقولون أنت المرجى ونجلك المرجى

ص: 221

و ثم أناس من أشرافهم و قد خشيت الفتنة فانظر يا عمر ما ذا ترى و اذكر لإخوتك من المهاجرين واختاروا لأنفسكم فإني انظر إلى باب فتنة قد فتح الساعة إلا أن يغلقه الله ففزع عمر أشد الفزع حتى أتى أبا بكر فأخذ بيده فقال قم فقال أبو بكر إني عنك مشغول فقال عمر لا بد من قيام و سنرجع إن شاء الله.

فقام أبو بكر مع عمر فحدثه الحديث ففزع أبو بكر أشد الفزع و خرجا مسرعين إلى سقيفة بني ساعدة و فيها رجال من أشراف الأنصار و و معهم سعد بن عبادة و هو مريض بين أظهرهم فأراد عمر أن يتكلم و يمهد لأبي بكر و قال خشيت أن يقصر أبو بكر عن بعض الكلام فلما نبس عمر كفه أبو بكر و قال على رسلك فتلق الكلام ثم تكلم بعد كلامي بما بدا لك فتشهد أبو بكر ثم قال.

إن الله جل ثناؤه بعث محمدا بالهدى و دين الحق فدعا إلى الإسلام فأخذ الله بقلوبنا و نواصينا إلى ما دعانا إليه وكنا معاشر المسلمين المهاجرين أول الناس إسلاما و الناس لنا في ذلك تبع و نحن عشيرة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أوسط العرب أنسابا ليس من قبائل العرب إلا و لقريش فيها ولادة و أنتم أنصار الله و أنتم نصرتم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

ثم أنتم وزراء رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و إخواننا في كتاب الله و شركاؤنا في الدين و فيما كنا فيه من خير فأنتم أحب الناس إلينا و أكرمهم علينا و أحق الناس بالرضا بقضاء الله و التسليم لما ساق الله إلى إخوانكم من المهاجرين و أحق الناس ألا تحسدوهم.

فأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة و أحق الناس ألا يكون انتفاض هذا الدين و اختلاطه على أيديكم و أنا أدعوكم إلى أبي عبيدة و

ص: 222

عمر فكلاهما قد رضيت لهذا الأمر وكلاهما أراه له أهلا.

فقال عمر و أبو عبيدة ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك أنت صاحب الغار ثاني اثنين و أمرك رسول الله بالصلاة فأنت أحق الناس بهذا الأمر.

فقال الأنصار و الله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم و لا أحد أحب إلينا و لا أرضى عندنا منكم و لكنا نشفق فيما بعد هذا اليوم و نحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا و لا منكم فلو جعلتم اليوم رجلا منكم بايعنا و رضينا على أنه إذا هلك اخترنا واحدا من الأنصار.

فإذا هلك كان آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الأمة كان ذلك أجدر أن نعدل في أمة محمد صلی الله علیه وآله وسلم فيشفق الأنصاري أن يزيغ فيقبض عليه القرشي و يشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الأنصاري.

فقام أبو بكر فقال إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لما بعث عظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخالفوه و شاقوه و خص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه و الإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومه و لم يستوحشوا لكثرة عدوهم فهم أول من عبد الله في الأرض و هم أول من آمن برسول الله و هم أولياؤه و عترته و أحق الناس بالأمر بعده.

لا ينازعهم فيه إلا ظالم و ليس أحد بعد المهاجرين فضلا و قدما في الإسلام مثلكم فنحن الأمراء و أنتم الوزراء لا نمتاز دونكم بمشورة و لا نقضي دونكم الأمور.

فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال.

يا معشر الأنصار املكوا عليكم أيديكم إنما الناس في فيئكم و ظلكم و لن يجترئ مجترئ على خلافكم و لا يصدر الناس إلا عن أمركم أنتم أهل

ص: 223

الإيواء و النصرة وإليكم كانت الهجرة و أنتم أصحاب الدار و الإيمان و الله ما عبد الله علانية إلا عندكم و في بلادكم ولا جمعت الصلاة إلا في مساجدكم ولا عرف الإيمان إلا من أسيافكم فاملكوا عليكم أمركم فإن أبى هؤلاء فمنا أمير ومنهم أمير.

فقال عمر هيهات لا يجتمع سيفان في غمد إن العرب لا ترضى أن تؤمركم و نبيها من غيركم و ليس تمتنع العرب أن تولى أمرها من كانت النبوة فيهم و أولو الأمر منهم لنا بذلك الحجة الظاهرة على من خالفنا و السلطان المبين على من نازعنا من ذا يخاصمنا في سلطان محمد و ميراثه و نحن أولياؤه و عشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة.

فقام الحباب و قال يا معشر الأنصار لا تسمعوا مقالة هذا و أصحابه فيذهبوا بنصيبكم من الأمر فإن أبوا عليكم ما أعطيتموهم فاجلوهم عن بلادكم وتولوا هذا الأمر عليهم فأنتم أولى الناس بهذا الأمر إنه دان لهذا الأمر بأسيافكم من لم يكن يدين له أنا جذيلها المحكك و عذيقها المرجب إن شئتم لنعيدنها جذعة و الله لا يرد أحد علي ما أقول إلا حطمت أنفه بالسيف.

قال فلما رأى بشير بن سعد الخزرجي ما اجتمعت عليه الأنصار من تأمير سعد بن عبادة و كان حاسدا له وكان من سادة الخزرج قام فقال:

أيها الأنصار إنا و إن كنا ذوي سابقة فإنا لم نرد بجهادنا و إسلامنا إلا رضا ربنا و طاعة نبينا و لا ينبغي لنا أن نستطيل بذلك على الناس و لا نبتغي به عوضا من الدنيا إن محمدا صلی الله علیه وآله وسلم رجل من قريش و قومه أحق بميراث أمره وايم الله لا يراني الله أنازعهم هذا الأمر فاتقوا الله ولا تنازعوهم و لا تخالفوهم.

ص: 224

فقام أبو بكر وقال هذا عمر و أبو عبيدة بايعوا أيهما شئتم فقالا و الله لا نتولى هذا الأمر عليك و أنت أفضل المهاجرين و ثاني اثنين و خليفة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على الصلاة و الصلاة أفضل الدين ابسط يدك نبايعك.

فلها بسط يده و ذهبا يبايعانه سبقهما بشير بن سعد فبايعه فناداه الحباب بن المنذر يا بشير عقك عقاق و الله ما اضطرك إلى هذا الأمر إلا الحسد لابن عمك.

و لما رأت الأوس أن رئيسا من رؤساء الخزرج قد بايع قام أسيد بن حضير و هو رئيس الأوس فبايع حسدا لسعد أيضا و منافسة له أن يلي الأمر فبايعت الأوس كلها لما بايع أسيد و حمل سعد بن عبادة و هو مريض فأدخل إلى منزله فامتنع من البيعة في ذلك اليوم و فيما بعده و أراد عمر أن يكرهه عليها

فأشير عليه ألا يفعل و أنه لا يبايع حتى يقتل و أنه لا يقتل حتى يقتل أهله ولا يقتل أهله حتى يقتل الخزرج و إن حوربت الخزرج كانت الأوس معها.

و فسد الأمر فتركوه فكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع بجماعتهم و يقضي بقضائهم و لو وجد أعوانا لضاربهم فلم يزل كذلك حتى مات أبو بكر ثم لقي عمر في خلافته و هو على فرس و عمر على بعير فقال له عمر هيهات يا سعد فقال سعد هيهات يا عمر فقال أنت صاحب من أنت صاحبه قال نعم أنا ذاك ثم قال لعمر و الله ما جاورني أحد هو أبغض إلي جوارا منك.

قال عمر فإنه من كره جوار رجل انتقل عنه فقال سعد إني لأرجو أن أخليها لك عاجلا إلى جوار من هو أحب إلى جوارا منك و من أصحابك

ص: 225

فلم يلبث سعد بعد ذلك إلا قليلا حتى خرج إلى الشام فمات بحوران و لم يبايع لأحد لا لأبي بكر ولا لعمر ولا لغيرهما.

166- عنه قال وكثر الناس على أبي بكر فبايعه معظم المسلمين في ذلك اليوم و اجتمعت بنو هاشم إلى بيت علي بن أبي طالب و معهم الزبير و كان يعد نفسه رجلا من بني هاشم كان علي يقول ما زال الزبير منا أهل البيت حتى نشأ بنوه فصر فوه عنا.

و اجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفان و اجتمعت بنو زهرة إلى سعد و عبد الرحمن فأقبل عمر إليهم و أبو عبيدة فقال ما لي أراكم ملتائين قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايع له الناس و بايعه الأنصار فقام عثمان و من معه و قام سعد و عبد الرحمن و من معهما فبايعوا أبا بكر.

و ذهب عمر و معه عصابة إلى بيت فاطمة عليها السلام منهم أسيد بن حضير و سلمة بن أسلم فقال لهم انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه و خرج إليهم الزبير بسيفه فقال عمر عليكم الكلب فوتب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار ثم انطلقوا به و بعلي و معها بنو هاشم.

و علي يقول أنا عبد الله و أخو رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حتى انتهوا به إلى أبي بكر فقيل له بايع.

فقال أنا أحق بهذا الأمر منكم لا أبا يعكم و أنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار و احتججتم عليهم بالقرابة من رسول الله فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الإمارة و أنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار فأنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم و اعرفوا لنا من الأمر مثل ما عرفت الأنصار لكم وإلا فبوءوا بالظلم و أنتم تعلمون.

فقال عمر إنك لست متروكا حتى تبايع فقال له علي احلب يا عمر

ص: 226

حلبا لك شطره اشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا ألا و الله لا أقبل قولك و لا أبايعه فقال له أبو بكر فإن لم تبايعني لم أكرهك فقال له أبو عبيدة يا أبا الحسن إنك حديث السن و هؤلاء مشيخة قريش قومك.

ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور و لا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك و أشد احتمالا له و اضطلاعا به فسلم له هذا الأمر و ارض به فإنك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق و به حقيق في فضلك و قرابتك و سابقتك و جهادك.

فقال علي يا معشر المهاجرين الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره و بيته إلى بيوتكم و دوركم و لا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس و حقه فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم أما كان منا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بالسنة المضطلع بأمر الرعية و الله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا.

فقال بشير بن سعد لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان و لكنهم قد بايعوا و انصرف علي إلى منزله و لم يبايع و لزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع .

167 - عنه قال أحمد بن عبد العزيز الجوهري أيضا حدثنا أحمد وقال حدثنا ابن عفير قال حدثنا أبو عوف عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام أن عليا حمل فاطمة على حمار و سار بها ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة وتسألهم فاطمة علیها السلام الانتصار له فكانوا يقولون يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به فقال علي أكنت أترك رسول الله ميتا في بيته لا أجهزه و أخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه.

ص: 227

و قالت فاطمة ما صنع أبو حسن إلا ما كان ينبغي له وصنعوا هم ما الله حسبهم عليه.

168 - عنه قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز و حدثنا أحمد قال حدثني سعيد بن كثير قال حدثني ابن لهيعة أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لما مات و أبو ذر غائب و قدم و قد ولي أبو بكر فقال أصبتم قناعه و تركتم قرابه لو جعلتم هذا الأمر في أهل بيت نبيكم لما اختلف عليكم اثنان.

169 - عنه قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا أبو قبيصة محمد بن حرب قال لما توفي النبي صلی الله علیه وآله وسلم و جرى في السقيفة ما جرى تمثل علي.

و أصبح أقوام يقولون ما اشتهوا *** و يطغون لما غال زیدا غوائله

170 - عنه في شرح قوله علیه السلام : واعجبا أتكون الخلافة بالصحابة ولا تكون بالصحابة والقرابة.

قال الرضي رحمه الله تعالى و قد روي له شعر قريب من هذا المعنى و هو:

فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم *** فكيف بهذا و المشيرون غيب

وإن كنت بالقربي حججت خصيمهم *** فغيرك أولى بالنبي وأقرب

171 - عنه قال حديثه علیه السلام في النثر و النظم المذكورين مع أبي بكر و عمر أما النثر فإلى عمر توجيهه لأن أبا بكر لما قال لعمر امدد يدك قال له عمر أنت صاحب رسول الله في المواطن كلها شدتها و رخائها فامدد أنت يدك.

فقال علي علیه السلام إذا احتججت لاستحقاقه الأمر بصحبته إياه في

ص: 228

المواطن كلها فهلا سلمت الأمر إلى من قد شركه في ذلك و زاد عليه بالقرابة.

و أما النظم فوجه إلى أبي بكر لأن أبا بكر حاج الأنصار في السقيفة. فقال نحن عترة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و بيضته التي تفقأت عنه.

الله واله وسلم فلما بويع احتج على الناس بالبيعة و أنها صدرت عن أهل الحل و العقد.

فقال علیه السلام أما احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و من قومه فغيرك أقرب نسبا منك إليه و أما احتجاجك بالاختيار و رضا الجماعة بك فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت.

المنابع

(1) اصل سليم: 74 الى 93 - 134 الى 149 (2) تفسير القمي: 155/2(3) الكافي: 31/8، (4) الخصال: 371 - 461،

(5) تفسير العياشي: (30/2 (6) الارشاد 90 ،

(7) الاختصاص: ( 18 ، (8) نهج البلاغة : خ 3 - 5،

(9) رجال الكشي: 12 - 13 - 14، 12 - 13 - 14 ، (10) تلخيص الشافي: 28/1، الي (80 (11) اعلام الوري : 144 (12) الاحتجاج: 89/1، الي 118 ،

(13) مناقب ابن شهر آشوب 378/1 (14) سيرة ابن هشام :307/4، (15) مسند احمد: (55/1 ، (16) الموفيقات: 580 ، الي 602،

(17) الامامة و السياسة: 13 الي 23 (18) مروج الذهب : 307/2،

ص: 229

(19) العقد الفريد: 257/4 (20) تاريخ الطبري: 201/3 ، الي 211 ،

(21) كامل التواريخ (235/2 ، (22) اثبات الوصية: 142،

(23) البدء التاريخ : (65/5 ، (24) شرح نهج البلاغة: 21/2 - 29 - ،45 الى 59 و 5/6، الي 16 و 416/18.

ص: 230

باب ماجری بينه عليه السلام و أبي بكر

اشارة

1- النعماني أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا حميد بن زياد من كتابه و قرأته عليه قال حدثني جعفر بن إسماعيل المنقري عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن إسماعيل بن علي البصري عن أبي أيوب المؤدب عن أبيه و كان مؤدبا لبعض ولد جعفر بن محمد علیهما السلام قال قال لما توفي رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم دخل المدينة رجل من ولد داود على دين اليهودية فرأى السكك خالية.

فقال لبعض أهل المدينة ما حالكم فقيل توفي رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم فقال الداودي أما إنه توفي في اليوم الذي هو في كتابنا ثم قال فأين الناس فقيل له في المسجد فأتى المسجد فإذا أبو بكر و عمر و عثمان و عبد الرحمن بن عوف و أبو عبيدة بن الجراح و الناس قد غص المسجد فقال أوسعوا حتى أدخل وأرشدوني إلى الذي خلفه نبيكم فأرشدوه إلى أبي بكر.

فقال له إنني من ولد داود على دين اليهودية و قد جئت لأسأل عنوقد أربعة أحرف فإن خبرت بها أسلمت فقالوا له انتظر قليلا و أقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب اللا من بعض أبواب المسجد فقالوا له عليك بالفتى فقام إليه فلما دنا منه قال له أنت علي بن أبي طالب فقال له علي أنت فلان بن فلان بن داود قال نعم.

فأخذ علي يده و جاء به إلى أبي بكر فقال له اليهودي إني سألت

ص: 231

هؤلاء عن أربعة أحرف فأرشدوني إليك لأسألك قال اسأل.

قال ما أول حرف كلم الله به نبيكم لما أسري به و رجع من عند ربه و خبرني عن الملك الذي زحم نبيكم و لم يسلم عليه و خبرني عن الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار وكلموا نبيكم وخبرني عن منبر نبيكم أي موضع هو من الجنة.

قال على علیه السلام أول ما كلم الله به نبينا علیه السلام قول الله تعالى «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ» قال ليس هذا أردت قال فقول رسول الله وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ قال ليس هذا أردت قال اترك الأمر مستورا قال لتخبرني أو لست أنت هو فقال أما إذ أبيت فإن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم لما رجع من عند ربه و الحجب ترفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل.

ناداه ملك يا أحمد قال إن الله يقرأ عليك السلام و يقول لك اقرأ على السيد الولي منا السلام فقال رسول الله من السيد الولي فقال الملك علي بن أبي طالب قال اليهودي صدقت و الله إني لأجد ذلك في كتاب أبي.

فقال علي علیه السلام أما الملك الذي زحم رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم فملك الموت جاء به من عند جبار من أهل الدنيا قد تكلم بكلام عظيم فغضب الله فزحم رسول الله و لم يعرفه فقال جبرئيل يا ملك الموت هذا رسول الله أحمد حبیب الله صلی الله علیه و آلیه وسلم فرجع إليه فلصق به و اعتذر و قال يا رسول الله إني أتيت ملكا جبارا قد تكلم بكلام عظيم فغضبت و لم أعرفك فعذره.

و أما الأربعة الذين كشف عنهم مالك طبقا من النار فإن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم امر بمالك و لم يضحك منذ خلق قط فقال له جبرئيل يا مالك هذا الرحمة محمد فتبسم في وجهه و لم يتبسم لأحد غيره فقال رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم مره أن يكشف طبقا من النار فكشف فإذا قابيل و نمرود و

ص: 232

فرعون و هامان فقالوا يا محمد اسأل ربك أن يردنا إلى دار الدنيا حتى نعمل صالحا فغضب جبرئيل فقال بريشة من ريش جناحه فرد عليهم طبق النار.

و أما منبر رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم فإن مسكن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم جنة عدن و هي جنة خلقها الله بيده و معه فيها اثنا عشر وصيا و فوقها قبة يقال لها قبة الرضوان و فوق قبة الرضوان منزل يقال له الوسيلة و ليس في الجنة منزل يشبهه و هو منبر رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم .

قال اليهودي صدقت و الله إنه لفي كتاب أبي داود يتوارثونه واحد بعد واحد حتى صار إلي ثم أخرج كتابا فيه ما ذكره مسطورا بخط داود ثم قال مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنه الذي بشر به موسى و أشهد أنك عالم هذه الأمة و وصي رسول الله قال فعلمه أمير المؤمنين شرائع الدين.

فتأملوا يا معشر الشيعة رحمكم الله ما نطق به کتاب الله عز و جل و ما جاء عن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و عن أمير المؤمنين و الأئمة علیهم السلام واحد بعد واحد في ذكر الأئمة الاثني عشر وفضلهم وعدتهم من طرق رجال الشيعة الموثقين عند الأئمة فانظروا إلى اتصال ذلك و وروده متواترا.

فإن تأمل ذلك يجلو القلوب من العمى و ينفي الشك ويزيل الارتياب عمن أراد الله به الخير و وفقه لسلوك طريق الحق و لم يجعل لإبليس على نفسه سبيلا بالإصغاء إلى زخارف المموهين وفتنة المفتونين و ليس بين جميع و الشيعة ممن حمل العلم و رواه عن الأدمك علیهم السلام الخلاف في أن كتاب سليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم من حملة

حديث أهل البيت الليل و أقدمها.

ص: 233

لأن جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و

أمير المؤمنين علیه السلام و المقداد و سلمان الفارسي و أبي ذر و من جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و أمير المؤمنين علیه السلام وسمع منها وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها و يعول عليها و إنما أوردنا بعض ما اشتمل عليه الكتاب و غيره من وصف رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم الأئمة الاثني عشر و دلالته عليهم و تكريره ذكر عدتهم و قوله.

إن الأئمة من ولد الحسين تسعة تاسعهم قائمهم ظاهرهم باطنهم و هو أفضلهم و في ذلك قطع لكل عذر و زوال لكل شبهة و دفع الدعوى كل مبطل و زخرف كل مبتدع و ضلالة كل مموه و دليل واضح على صحة أمر الأئمة لا يتهيأ لأحد من أهل الدعاوي الباطلة المنتمين إلى الشيعة و هم منهم براء أن يأتوا على صحة دعاويهم وآرائهم بمثله و لا يجدونه في شيء من كتب الأصول التي ترجع إليها الشيعة و لا في الروايات الصحيحة و الحمد لله رب العالمين.

2- الصدوق حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا عبد الرحمن ابن محمد الحسني قال حدثنا أبو جعفر محمد بن حفص الخثعمي قال حدثنا الحسن بن عبد الواحد قال حدثني أحمد بن التغلبي قال حدثني أحمد بن عبد الحميد قال حدثني حفص بن منصور العطار قال حدثنا أبو سعيد الوراق عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أ بیه عن جده علیهم السلام.

قال لما كان من أمر أبي بكر وبيعة الناس له و فعلهم بعلي بن أبي طالب علیه السلام ما كان لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط و يرى منه انقباضا.

فكبر ذلك على أبي بكر فأحب لقاءه و استخراج ما عنده و المعذرة إليه لما اجتمع الناس عليه وتقليدهم إياه أمر الأمة و قلة رغبته في ذلك و

ص: 234

زهده فيه أتاه في وقت غفلة وطلب منه الخلوة وقال له والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمر مواطاة مني ولا رغبة فيما وقعت فيه ولا حرصا عليه و لا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الأمة و لا قوة لي لمال ولا كثرة العشيرة و لا ابتزاز له دون غيري.

فما لك تضمر علي ما لم أستحقه منك و تظهر لي الكراهة فيما صرت

إليه و تنظر إلي بعين السامة مني قال فقال له علیه السلام فما حملك عليه إذا لم ترغب فيه و لا حرصت عليه ولا وثقت بنفسك في القيام به و بما يحتاج منك فيه فقال أبو بكر حديث سمعته من رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم إن الله لا یجمع أمتي على ضلال و لما رأيت اجتماعهم اتبعت حديث النبي صلی الله علیه و آلیه وسلم و أحلت أن يكون اجتماعهم على خلاف الهدى و أعطيتهم قود الإجابة و لو علمت أن أحدا يتخلف لامتنعت قال.

فقال علي علیه السلام أما ما ذكرت من حديث النبي صلی الله علیه و آلیه وسلم إن الله لا يجمع أمتي على ضلال أفكنت من الأمة أو لم أكن قال بلى قال وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان و عمار و أبي ذر و المقداد و ابن عبادة و من معه من الأنصار قال كل من الأمة فقال على علیه السلام فكيف تحتج بحديث النبي صلی الله علیه و آلیه وسلم و أمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك و ليس للأمة فيهم طعن و لا في صحبة الرسول صلی الله علیه و آلیه وسلم و نصيحته منهم تقصير.

قال ما علمت بتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر و خفت إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناس مرتدين عن الدين و كان ممارستكم إلي إن أجبتم أهون مئونة على الدين و أبقى له من ضرب الناس بعضهم ببعض فيرجعوا كفارا و علمت أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم و على أديانهم.

قال علي علیه السلام أجل و لكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر بما

ص: 235

يستحقه فقال أبو بكر بالنصيحة و الوفاء و رفع المداهنة و المحاباة و حسن السيرة و إظهار العدل و العلم بالكتاب و السنة و فصل الخطاب مع الزهد في الدنيا وقلة الرغبة فيها و إنصاف المظلوم من الظالم القريب والبعيد ثم سكت فقال على علیه السلام أنشدك بالله يا أبا بكر أفي نفسك تجد هذه الخصال أو في قال بل فيك يا أبا الحسن.

قال أنشدك بالله أنا المجيب الرسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم وقبل ذكران المسلمين أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا الأذان لأهل الموسم و لجميع الأمة بسورة براءة أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا وقيت رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم بنفسي يوم الغار أم أنت قال بل أنت قال أنشدك بالله ألي الولاية من الله مع ولاية رسول الله في آية زكاة الخاتم أم لك قال بل لك.

قال أنشدك بالله أنا المولى لك و لكل مسلم بحديث النبي صلی الله علیه و آلیه وسلم اليوم الغدير أم أنت قال بل أنت قال أنشدك بالله ألي الوزارة من رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و المثل من هارون من موسى أم لك قال بل لك قال فأنشدك بالله أبي برز رسول الله صلى الله عليه وآله سلم و بأهل بيتى وولدي في مباهلة المشركين من النصارى أم بك و بأهلك و ولدك قال بكم قال فأنشدك بالله ألي و لأهلي و ولدي آية التطهير من الرجس أم لك و لأهل بيتك.

قال بل لك و لأهل بيتك قال فأنشدك بالله أنا صاحب دعوة رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و أهلي وولدي يوم الكساء اللهم هؤلاء أهلي إليك لا إلى النار أم أنت قال بل أنت و أهلك و ولدك قال فأنشدك بالله أنا صاحب الآية «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَ يَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً» أم أنت قال بل أنت قال.

فأنشدك بالله أنت الفتى الذي نودي من السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي ردت له

ص: 236

الشمس لوقت صلاته فصلاها ثم توارت أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي حباك رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم برايته يوم خيبر ففتح الله له أم أنا قال بل أنت قال.

فأنشدك بالله أنت الذي نفست عن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم كربته و عن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي ائتمنك رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم على رسالته إلى الجن فأجابت أم أنا قال بل أنت قال أنشدك بالله أنت الذي طهرك رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم من السفاح من آدم إلى أبيك بقوله أنا وأنت من نكاح لا من سفاح من آدم إلى عبد المطلب أم أنا.

قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا الذي اختارني رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و زوجني ابنته فاطمة علیها السلام و قال الله زوجك أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا والد الحسن و الحسين علیهما السلام ريحانتيه اللذين قال فيهما هذان سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أخوك المزين بجناحين في الجنة ليطير بهما مع الملائكة أم أخي قال بل أخوك قال.

فأنشدك بالله أنا ضمنت دین رسول الله و ناديت في الموسم بإنجاز موعده أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا الذي دعاه رسول الله لطير عنده یرید أكله فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك بعدي أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا الذي بشرني رسول الله بقتال الناكثين والقاسطين و المارقين على تأويل القرآن أم أنت قال بل أنت قال.

فأنشدك بالله أنا الذي شهدت آخر كلام رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و ولیت غسله و دفنه أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنا الذي دل عليه رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم بعلم القضاء بقوله علي أقضاكم أم أنت قال بل أنت قال فأنشدك

ص: 237

بالله أنا الذي أمر رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم أصحابه بالسلام عليه بالإمرة في حياته أم أنت قال بل أنت قال.

فأنشدك بالله أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي حباك الله عز و جل بدينار عند حاجته و باعك جبرئيل و أضفت محمدا صلی الله علیه و آلیه وسلم و أطعمت ولده قال فبكى أبو بكر وقال بل أنت قال.

فأنشدك بالله أنت الذي حملك رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم على كتفيه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو شاء أن ينال أفق السماء لنالها أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك بالله أنت الذي قال له رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و أنت صاحب لوائي في الدنيا و الآخرة أم أنا قال بل أنت قال.

فأنشدك بالله أنت الذي أمر رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم بفتح بابه في مسجده حين أمر بسد جميع أبواب أصحابه وأهل بيته و أحل له فيه ما أحله الله أم أنا قال بل أنت قال فأنشدك الله أنت الذي قدم بين يدي نجوى رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم صدقة فناجاه أم أنا إذا عاتب الله عز و جل قوما فقال «أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتِ» الآية قال بل أنت قال.

فأنشدك بالله أنت الذي قال فيه رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم لفاطمة عليها السلام زوجتك أول الناس إيمانا و أرجحهم إسلاما في كلام له أم أنا قال بل أنت فلم يزل علیه السلام يعد عليه مناقبه التي جعل الله عز و جل له دونه و دون غيره و يقول له أبو بكر بل أنت قال فبهذا و شبهه يستحق القيام بأمور أمة محمد صلی الله علیه و آلیه وسلم فقال له علي علیه السلام فما الذي غرك عن الله و عن رسوله و عن دينه و أنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه.

قال فبكى أبو بكر و قال صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا

ص: 238

فأدبر ما أنا فيه و ما سمعت منك قال فقال له على علیه السلام لك ذلك يا أبا بكر فرجع من عنده و خلا بنفسه يومه و لم يأذن لأحد إلى الليل و عمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي علیه السلام فبات في ليلته فرأى رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم في منامه متمثلا له في مجلسه فقام إليه أبو بكر ليسلم عليه فولى وجهه فقال أبو بكر .

يا رسول الله هل أمرت بأمر فلم أفعل فقال رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم أرد السلام عليك و قد عاديت الله و رسوله و عادیت من والى الله و رسوله رد الحق إلى أهله قال فقلت من أهله قال من عاتبك عليه و هو علي قال فقد رددت علیه یا رسول الله بأمرك قال فأصبح و بکی و قال لعلي علیه السلام ابسط يدك فبايعه وسلم إليه الأمر وقال له.

أخرج إلى مسجد رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم له فأخبر الناس بما رأيت في ليلتي و ما جرى بيني و بينك فأخرج نفسي من هذا الأمر و أسلم عليك بالإمرة قال فقال له علي علیه السلام نعم فخرج من عنده متغيرا لونه فصادفه عمر و هو في طلبه فقال له ما حالك يا خليفة رسول الله فأخبره بما كان منه و ما رأى و ما جرى بينه و بين علي علیه السلام.

فقال له عمر أنشدك بالله يا خليفة رسول الله أن تغتر بسحر بني هاشم فليس هذا بأول سحر منهم فما زال به حتى رده عن رأيه و صرفه عن عزمه و رغبه فيما هو فيه و أمره بالثبات عليه و القيام به قال فأتى علي الا المسجد للميعاد فلم ير فيه منهم أحدا فأحس بالشر منهم فقعد إلى قبر رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم فمر به عمر فقال يا علي دون ما تروم خرط القتاد فعلم بالأمر وقام و رجع إلى بيته.

3- قال أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان قال حدثنا أبو

ص: 239

عمر و عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار قال حدثنا محمد بن مسلم الرازي قال حدثنا عبدالله بن رجاء قال أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة قال كنت جالسا عند أبي بكر فأتاه رجل فقال:

يا خليفة رسول الله إن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات من تمر فقال أبو بكر ادعوا لى عليا فجاء على علیه السلام فقال أبو بكر يا أبا الحسن إن هذا يذكر أن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و وعده أن يحثو له ثلاث حثيات من تمر فاحثها له فحتى له ثلاث حثيات من تمر.

فقال أبو بكر عدوها فوجدوا في كل حثية ستين تمرة فقال أبو بكر صدق رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم سمعته ليلة الهجرة و نحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول يا أبا بكر كفى و كف علي في العدل سواء.

4- قال المفيده رحمه الله في ذكر مختصر من قضائه علیه الاسلام في إمارة أبي بكر بن أبي قحافة ، فمن ذلك ما جاء الخبر به عن رجال من العامة و الخاصة أن رجلا رفع إلى أبي بكر و قد شرب الخمر فأراد أن يقيم عليه الحد فقال له إنني شربتها و لا علم لي بتحريمها.

لأني نشأت بين قوم يستحلونها و لم أعلم بتحريمها حتى الآن فارتج على أبي بكر الأمر بالحكم عليه و لم يعلم وجه القضاء فيه فأشار عليه بعض من حضره أن يستخبر أمير المؤمنين علیه السلام عن الحكم في ذلك فأرسل إليه من سأله عنه.

فقال أمير المؤمنين علیه السلام مر ثقتين من رجال المسلمين يطوفان به على مجالس المهاجرين والأنصار و يناشدانهم الله هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم فإن شهد بذلك رجلان منهم

ص: 240

فأقم الحد عليه و إن لم يشهد أحد بذلك فاستتبه و خل سبيله.

ففعل ذلك أبو بكر فلم يشهد أحد من المهاجرين والأنصار أنه تلا عليه آية التحريم و لا أخبره عن رسول الله الا الله بذلك فاستتابه أبو بكر و خلی سبیله و سلم العلي الا في القضاء به.

5- عنه قال: رووا أن أبا بكر سئل عن قوله تعالى «وَ فَاكِهَةٌ وَ أَبَا» فلم يعرف معنى الأب في القرآن و قال أي سماء تظلني و أي أرض تقلني أم كيف أصنع إن قلت في كتاب الله تعالى بما لا أعلم أما الفاكهة فنعرفها و أما الأب فالله أعلم به.

فبلغ أمير المؤمنين علیه السلام مقاله في ذلك فقال علیه السلام يا سبحان الله أما علم أن الأب هو الكلاء و المرعى و إن قوله عز اسمه «وَ فَاكِهَةٌ وَأَيَّا» اعتداد من الله سبحانه بإنعامه على خلقه فيما غذاهم به و خلقه لهم ولأنعامهم مما تحيا به أنفسهم وتقوم به أجسادهم.

6- عنه قال: سئل أبو بكر عن الكلالة فقال أقول فيها برأيي فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان فبلغ ذلك أمير المؤمنين علیه السلام فقال ما أغناه عن الرأي في هذا المكان أما علم أن الكلالة هم الإخوة والأخوات من قبل الأب والأم و من قبل الأب على انفراده و من قبل الأم أيضا على حدتها قال الله عزّ و جلّ.

«يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَ لَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَ هُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ و قال جلت عظمته وَ إِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةَ أَوِ امْرَأَةَ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلْثِ».

7- عنه قال: جاءت الرواية أن بعض أحبار اليهود جاء إلى أبي بكر

ص: 241

فقال أنت خليفة نبي هذه الأمة فقال له نعم فقال فإنا نجد في التوراة أن خلفاء الأنبياء أعلم أممهم فخبرني عن الله تعالى أين هو في السماء أم في الأرض فقال له أبو بكر في السماء على العرش فقال اليهودي فأرى الأرض خالية منه و أراه على هذا القول في مكان دون مكان.

فقال أبو بكر هذا كلام الزنادقة اغرب عني و إلا قتلتك فولى الحبر متعجبا يستهزئ بالإسلام فاستقبله أمير المؤمنين علیه السلام فقال له يا يهودي قد عرفت ما سألت عنه و ما أجبت به و إنا نقول إن الله جل و عز أين الأين فلا أين له و جل عن أن يحويه مكان و هو في كل مكان بغير مماسة و لا مجاورة يحيط علما بما فيها ولا يخلو شيء منها من تدبيره و إني مخبرك بما جاء في كتاب من كتبكم يصدق ما ذكرته لك فإن عرفته أتؤمن به.

قال اليهودي نعم قال ألستم تجدون في بعض كتبكم أن موسى بن عمران علیه السلام كان ذات يوم جالسا إذ جاءه ملك من المشرق فقال له موسى من أين أقبلت قال من عند الله عز و جل و جاءه ملك من المغرب فقال له من أين جئت قال من عند الله و جاءه ملك آخر.

من

فقال قد جئتك السماء السابعة من عند الله تعالى و جاءه ملك آخر فقال قد جئتك من الأرض السابعة السفلى من عند الله عز اسمه فقال موسى علیه السلام سبحان من لا يخلو منه مكان ولا يكون إلى مكان أقرب من مكان فقال اليهودي أشهد أن هذا هو الحق و أنك أحق بمقام نبيك ممن استولى عليه و أمثال هذه الأخبار كثيرة.

8- عنه عن سعد قال حدثنا عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه سليمان عن عثيم بن أسلم عن معاوية بن عمار الدهني عن أبي عبد الله علیه السلام قال دخل أبو بكر على علي علیه السلام فقال له إن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم لم

ص: 242

يحدث إلينا في أمرك حدثا بعد يوم الولاية و أنا أشهد أنك مولاي مقر لك بذلك و قد سلمت عليك على عهد رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم بإمرة المؤمنين و أخبرنا رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم .

أنك وصیه و وارثه و خليفته في أهله و نسائه و لم يحل بينك و بين ذلك وصار ميراث رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم إليك و أمر نسائه و لم يخبرنا بأنك خليفته من بعده ولا جرم لنا في ذلك فيما بيننا وبينك و لا ذنب بيننا و بين عز و جل فقال له علي علیه السلام إن أريتك رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم حتى يخبرك بأني أولى بالمجلس الذي أنت فيه و أنك إن لم تتح عنه كفرت فما تقول.

فقال إن رأيت رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم حتى يخبرني ببعض هذا اكتفيت به قال فوافني إذا صليت المغرب قال فرجع بعد المغرب فأخذ بيده و أخرجه إلى مسجد قبا فإذا رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم جالس في القبلة فقال يا عتيق وثبت على علي و جلست مجلس النبوة وقد تقدمت إليك في ذلك فانزع هذا السربال الذي تسربلته فخله لعلي و إلا فموعدك النار.

قال ثم أخذ بيده فأخرجه فقام النبي صلی الله علیه و آلیه وسلم عنهما و انطلق أمير المؤمنين علیه السلام إلى سلمان فقال له يا سلمان أما علمت أنه كان من الأمر كذا و كذا فقال سلمان ليشهرن بك وليبدينه إلى صاحبه و ليخبرنه بالخبر فضحك أمير المؤمنين و قال أما إن يخبر صاحبه فسيفعل ثم لا و الله لا يذكرانه أبدا إلى يوم القيامة هما أنظر لأنفسهما من ذلك.

فلقي أبو بكر عمر فقال إن عليا أتى كذا و كذا و صنع كذا و كذا و قال لرسول الله كذا و كذا فقال له عمر ويلك ما أقل عقلك فو الله ما أنت فيه الساعة إلا من بعض سحر ابن أبي كبشه قد نسيت سحر بني هاشم و من أين يرجع محمد و لا يرجع من مات إن ما أنت فيه أعظم من سحر بني

ص: 243

هاشم فتقلد هذا السربال و مر فيه.

9 - الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي عن الشيخ السعيد الوالد ، قال: أخبرنا محمد بن محمد، قال أخبرني أبو علي الحسن بن عبدالله القطان، قال حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك، قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار، قال حدثنا محمد بن مسلم الرازی،

قال حدثنا عبد الله بن رجاء، قال حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال كنت جالسا عند أبي بكر، فأتاه رجل فقال يا خليفة رسول الله ، إن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات من تمر. فقال أبو بكر ادعوا لي عليا. فجاءه علي علیه السلام فقال أبو بكر:

يا أبا الحسن، إن هذا يذكر أن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم وعده أن يحنو له ثلاث حثيات من تمر، فأحتها له فحثا له ثلاث حثيات من تمر، فقال أبو بكر عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة، فقال أبو بكر صدق رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم سمعته ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول يا أبا بكر، كفي و كف علي في العدل سواء.

10 - ابن شاذان القمي بإسناده يرفعه إلى أنس بن مالك قال دخل يهودي في زمن خلافة أبي بكر فقال أريد خليفة رسول الله قال فجاءوا به إلى أبي بكر فقال له اليهودي أنت خليفة رسول الله قال له أبو بكر نعم أما تنظرني أنا في مقامه و محرابه فقال له إن كنت كما تقول يا أبا بكر أسألك عن أشياء فإن كنت تجيب صدقتك قال سل عما بدا لك و عما تريد فقال اليهودي أخبرني عما ليس الله و عما ليس عند الله و عما لا يعلمه الله قال فعند ذلك.

ص: 244

قال أبو بكر هذه مسائل الزنادقة يا يهودي قال فعندها هم المسلمون بقتل اليهودي فكان ممن حضر ذلك ابن عباس فزعق بالناس و قال يا أبا بكر ما أنصفتم الرجل فقال أما سمعت ما تكلم به فقال ابن عباس فإن كان عندكم جوابه و إلا أخرجوه حيث شاء قال فأخرجوه و هو يقول لعن الله قوما جلسوا في غير مراتبهم يريدون قتل النفس التي حرم الله تعالى بغير علم.

قال: فخرج و هو يقول أيها الناس ذهب الإسلام حتى لا تجيبوا عن مسألة و أين رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و این خلیفته قال فتبعه ابن عباس و قال له ويلك اذهب إلى عيبة علم رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم إلى منزل علي بن أبي طالب الا فعند ذلك أقبل و قد خرج أبو بكر و المسلمون في طلبه فلحقوه في بعض الطريق فأخذوه و جاءوا به إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام .

فاستأذنوا للدخول ثم دخلوا عليه وقد ازدحم الناس يبكون وقوم يضحكون فقال له أبو بكر يا أبا الحسن إن هذا اليهودي سألني عن مسائل الزنادقة فقال علي ما تقول يا يهودي قال أسألك و يفعلون بي ما يريدون هؤلاء القوم قال و أي شيء أرادوا أن يفعلوا بك قال أرادوا أن يذهبوا بدمي لأنهم ما أجابوني عن مسائلي.

قال له الإمام علیه السلام دع هذا و سل عما بدا لك يا يهودي و ما شئت قال يا علي سؤالي لا يعلمه إلا نبي أو وصي قال سل عما تريد فعند ذلك قال اليهودي أخبرني عما ليس عند الله و عما ليس الله و عما لا يعلمه الله فقال له على علیه السلام شرط يا أخا اليهود قال و ما الشرط قال تقول معي قولا عدلا مخلصا بالرضا لا إله إلا الله محمد رسول الله قال نعم يا علي.

ص: 245

كيف ما أقول فقال علیه السلام يا أخا اليهود سألت عما ليس عند الله فليس عند الله ظلم فقال صدقت يا أبا الحسن و أما قولك عما ليس الله فليس الله ولد و لا صاحبة ولا شريك قال صدقت و أما قولك عما ليس يعلمه الله فإن الله ما يعلم أن له صاحبة و وزيرا و لا مشيرا و هو قادر على ما يريد فعند ذلك قال مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنك خليفته حقا و وصيه و وارث علمه فجزاك الله عن الإسلام خيرا فضحك الناس عند ذلك.

فقال أبو بكر أنت يا علي كاشف الكربات أنت يا علي فارج الهم و الغم فعند ذلك خرج أبو بكر فرقي المنبر و قال أقيلوني ثلاثا فلست بخيركم و علي فيكم قال فخرج عليه عمر و قال كيف يا أبا بكر و قد رضيناك لأنفسنا فنزل عن المنبر و أخبروا بذلك أمير المؤمنين.

11- قال ابن شهر آشوب أن أبا بكر أراد أن يقيم الحد على رجل شرب الخمر فقال الرجل إني شربتها و لا علم لي بتحريمها فارتج عليه فأرسل إلى علي علیه السلام يسأله عن ذلك فقال مر نقيبين من رجال المسلمين يطوفان به على مجالس المهاجرين والأنصار و ينشدانهم هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم فإن شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه و إن لم يشهد أحد بذلك فاستتبه و خل سبيله و كان الرجل صادقا في مقاله فخلى سبيله.

12 - عنه سأله آخر عن رجل تزوج بامرأة بكر فولدت عشية فحاز ميراثه الابن و الأم فلم يعرف فقال علي علیه السلام هذا رجل له جارية حبلى منه فلما تمخضت مات الرجل.

13 - عنه جاء آخر برجل فقال إن هذا ذكر أنه احتلم بأمي فدهش

ص: 246

فقال علیه السلام اذهب به فأقمه في الشمس و حد ظله فإن الحلم مثل الظل و لكنا سنضربه حتى لا يعود يؤذي المسلمين.

14- عنه عن أبي بصير عن أبي عبد الله علیه السلام قال أراد قوم على عهد أبي بكر أن يبنوا مسجدا بساحل عدن فكان كلما فرغوا من بنائه سقط فعادوا إليه فسألوه فخطب و سأل الناس و ناشدهم إن كان عند أحد منكم علم هذا فليقل.

فقال أمير المؤمنين علیه السلام احتفروا في ميمنته و ميسرته في القبلة فإنه يظهر لكم قبران مكتوب عليهما أنا رضوى و أختي حباء متنا لا نشرك بالله العزيز الجبار و هما مجردتان فاغسلوهما و كفنوهما وصلوا عليها و ادفنوهما ثم ابنوا مسجدكم فإنه يقوم بناؤه ففعلوا ذلك فكان كما قال علیه السلام.

15- عنه سأله نصرانيان ما الفرق بين الحب و البغض و معدنهما واحد و ما الفرق بين الرؤيا الصادقة و الرؤيا الكاذبة و معدنها واحد فأشار إلى عمر فلما سألاه أشار إلى على فلما سألاه عن الحب و البغض قال إن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فأسكنها الهواء فمهما تعارف هناك اعترف هاهنا و مهما تناكر هناك اختلف هاهنا.

ثم سألاه عن الحفظ و النسيان فقال إن الله تعالى خلق ابن آدم و جعل لقلبه غاشية فمهما مر بالقلب و الغاشية منفتحة حفظ و حصا و مهما مر بالقلب و الغاشية منطبقة لم يحفظ و لم يحص ثم سألاه عن الرؤيا الصادقة و الرؤيا الكاذبة.

فقال علیه السلام إن الله تعالى خلق الروح و جعل لها سلطانا فسلطانها النفس فإذا نام العبد خرج الروح و بقي سلطانه فيمر به جيل من الملائكة و جيل من الجن فمهما كان من الرؤيا الصادقة فمن الملائكة ومهما كان من

ص: 247

الرؤيا الكاذبة فمن الجن فأسلما على يديه و قتلا معه يوم صفين.

16 - عنه عن ابن جريح عن الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلی الله علیه و آلیه وسلم اشترى من أعرابي ناقة بأربعمائة درهم فلما قبض الأعرابي المال صاح الدراهم والناقة لي فأقبل علي أبي بكر فقال اقض فيما بيني و بين الأعرابي فقال القضية واضحة تطلب البينة فأقبل عمر فقال كالأول فأقبل علي فقال أ تقبل الشاب المقبل قال نعم فقال الأعرابي الناقة ناقتي و الدراهم دراهمي فإن كان بمحمد شيئا فليقم البينة على ذلك.

فقال علیه السلام خل عن الناقة و عن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم ثلاث مرات فاندفع فضربه ضربة فاجتمع أهل الحجاز أنه رمى برأسه و قال بعض أهل العراق بل قطع منه عضوا فقال يا رسول الله نصدقك على الوحي و لا نصدقك على أربعمائة درهم و في خبر عن غيره فالتفت النبي إليهما فقال هذا حكم الله لا ما حكمتها به ذكره ابن بابويه في الأمالي و من لا يحضره الفقيه.

17 - عنه رواية أخرى في حكومة أعرابي آخر تسعين درهما.

18 - عنه عن الصادق علیه السلام قال رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم يا علي أقتلت الأعرابي قال لأنه كذبك يا رسول الله و من كذبك فقد حل دمه فينا.

19 - عنه عن الجاحظ و تفسير الثعلبي أنه سئل أبو بكر عن قوله تعالى وَ فاكِهَةً وَ أَبا فقال أي سماء تظلني أو أية أرض تقلني أم أين اذهب أم كيف أصنع إذا قلت في كتاب الله بما لم أعلم أما الفاكهة فأعرفها و أما الأب فالله أعلم.

20 - ابو منصور الطبرسي: عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله علیه السلام قال لما بويع أبو بكر و استقام له الأمر على جميع المهاجرين والأنصار بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة علیها السلام بنت رسول الله منها

ص: 248

فجاءت فاطمة الزهراء علیها السلام إلى أبي بكر ثم قالت لم تمنعني ميراثي من

لها أبي رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم و أخرجت وكيلي من فدك و قد جعلها لي رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم بأمر الله تعالى؟

فقال هاتي على ذلك بشهود فجاءت بأم أيمن فقالت له أم أيمن لا أشهد يا أبا بكر حتى أحتج عليك بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أنشدك بالله ألست تعلم أن رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم قال أم أيمن امرأة من أهل الجنة فقال بلى قالت فأشهد أن الله عز و جل أوحى إلى رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ فجعل فدكا لها طعمة بأمر الله.

الكتاب

فجاء علي علیه السلام فشهد بمثل ذلك فكتب لها كتابا و دفعه إليها فدخل عمر فقال ما هذا الكتاب فقال إن فاطمة علیها السلام.

ادعت في فدك و شهدت لها أم أيمن و علي علیه السلام فكتبته لها فأخذ من فاطمة فتفل فيه و مزقه فخرجت فاطمة علیها السلام تبكي فلما كان بعد ذلك جاء علي علیه السلام إلى أبي بكر و هو في المسجد و حوله المهاجرون و الأنصار فقال.

يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول الله و قد ملكته في حياة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقال أبو بكر هذا فيء للمسلمين فإن أقامت شهودا أن رسول الله جعله لها و إلا فلا حق لها فيه فقال أمير المؤمنين علیه السلام يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين قال لا قال.

فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ثم ادعيت أنا فيه من تسأل البينة قال إياك أسأل البينة قال فما بال فاطمة سألتها البينة على ما في يديها و قد ملكته في حياة رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم و بعده و لم تسأل المسلمين بينة على ما ادعوها شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم فسكت أبو بكر فقال

ص: 249

عمر يا علي دعنا من كلامك فإنا لا نقوى على حجتك فإن أتيت بشهود عدول و إلا فهو فيء للمسلمين لا حق لك و لا لفاطمة فيه.

فقال أمير المؤمنين علیه السلام يا أبا بكر تقرأ كتاب الله قال نعم قال أخبرني عن قول الله عز و جل «إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» فيمن نزلت فينا أم في غيرنا قال بل فيكم قال فلو أن شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول الله الله صلی الله علیه و آلیه وسلم بفاحشة ما كنت صانعا بها.

قال كنت أقيم عليها الحد كما أقيمه على نساء المسلمين قال إذن كنت عندالله من الكافرين قال و لم قال لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة و قبلت شهادة الناس عليها كما رددت حكم الله و حكم رسوله أن جعل لها فدكا قد قبضته في حياته ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها و أخذت منها فدكا و زعمت أنه فيء للمسلمين و قد قال رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم :

البينة على المدعي و اليمين على المدعى عليه فرددت قول رسول الله صلی الله علیه و آلیه وسلم البينة على من ادعى و اليمين على من ادعي عليه قال فدمدم الناس و أنكروا و نظر بعضهم إلى بعض و قالوا صدق و الله علي بن أبي لطالب علیه السلام و رجع إلى منزله قال ثم دخلت فاطمة المسجد و طافت بقبر أبیها و هی تقول علیهم السلام

قد كان بعدك أنباء و هنبثة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** و اختل قومك فاشهدهم ولا تغب

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا *** فغاب عنا فكل الخير محتجب

و كنت بدرا و نورا يستضاء به *** عليك ينزل من ذي العزة الكتب

تجهمتنا رجال و استخف بنا *** إذ غبت عنا فنحن اليوم نغتصب

ص: 250

فسوف تبكيك ما عشنا و ما بقيت *** منا العيون بتهمال لها سكب

قال فرجع أبو بكر و عمر إلى منزلهما و بعث أبو بكر إلى عمر فدعاه ثم قال له أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم و الله لئن قعد مقعدا آخر مثله ليفسدن علينا أمرنا فما الرأي فقال عمر الرأي أن تأمر بقتله قال فمن يقتله قال خالد بن الوليد.

فبعثا إلى خالد بن الوليد فأتاهما فقالا نريد أن نحملك على أمر عظيم قال احملاني على ما شئتها و لو على قتل علي بن أبي طالب قالا فهو ذلك قال خالد متى أقتله قال أبو بكر احضر المسجد و قم بجنبه في الصلاة فإذا سلمت فقم إليه و اضرب عنقه قال نعم.

فسمعت أسماء بنت عميس و كانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها اذهبي إلى منزل علي وفاطمة علیها السلام و أقرئيهما السلام و قولي لعلي «إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين» فجاءت فقال أمير المؤمنين علیه السلام قولي لها إن الله يحول بينهم و بين ما يريدون.

ثم قام و تهيأ للصلاة وحضر المسجد و صلى خلف أبي بكر و خالد ابن الوليد يصلي بجنبه و معه السيف فلما جلس أبو بكر في التشهد ندم على ما قال و خاف الفتنة و عرف شدة علي و بأسه فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أنه قد سها.

ثم التفت إلى خالد فقال يا خالد لا تفعلن ما أمرتك و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .

فقال أمير المؤمنين علیه السلام يا خالد ما الذي أمرك به فقال أمرني بضرب عنقك قال أو كنت فاعلا قال إي والله لو لا أنه قال لي لا تقتله قبل التسليم لقتلتك.

ص: 251

قال فأخذه علي علیه السلام فجلد به الأرض فاجتمع الناس عليه فقال عمر يقتله و رب الكعبة فقال الناس يا أبا الحسن الله الله بحق صاحب القبر فخلى عنه ثم التفت إلى عمر فأخذ بتلابيبه و قال يا ابن صهاك و الله لو لا یا عهد من رسول الله و كتاب من الله سبق لعلمت أينا أضعف ناصرا و أقل عددا و دخل منزله

21- عنه قال: رسالة لأمير المؤمنين علیه السلام إلى أبي بكر لما بلغه عنه - كلام بعد منع الزهراء علیها السلام فدك.

شقوا متلاطمات أمواج الفتن بحيازيم سفن النجاة و حطوا تيجان أهل الفخر بجميع أهل الغدر و استضاء وا بنور الأنوار و اقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار و احتقبوا ثقل الأوزار بغصبهم نحلة النبي المختار فكأني بكم تترددون في العمى كما يتردد البعير في الطاحونة.

أما والله لو أذن لي بما ليس لكم به علم لحصدت رءوسكم عن أجسادكم كحب الحصيد بقواضب من حديد و لقلعت من جماجم شجعانكم ما أقرح به آماقكم و أوحش به محالكم فإني مذ عرفت مردي العساكر ومفني الجحافل و مبيد خضرائكم و محمد ضوضائكم و جرار الدوارين إذ أنتم في بيوتكم معتكفون و إني لصاحبكم بالأمس.

لعمر أبي وأمي لن تحبوا أن يكون فينا الخلافة و النبوة و أنتم تذكرون أحقاد بدر و ثارات أحد أما والله لو قلت ما سبق من الله فيكم لتداخلت أضلاعكم في أجوافكم كتداخل أسنان دوارة الرحى فإن نطقت يقولون حسدا و إن سكت.

فيقال ابن أبي طالب جزع من الموت هيهات هيهات الساعة يقال لي هذا و أنا المميت المائت و خواض المنايا في جوف ليل حالك حامل السيفين

ص: 252

الثقيلين و الرمحين الطويلين و منكس الرايات في غطامط الغمرات و مفرج الكربات عن وجه خير البريات أيهنوا.

فو الله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل إلى محالب أمه هبلتكم الهوابل لو بحت بما أنزل الله سبحانه في كتابه فيكم لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة و الخرجتم من بيوتكم هاربين و على وجوهكم هائمين و لكني أهون وجدي حتى ألقى ربي بيد جذاء صفراء من لذاتكم خلو من طحناتكم فما مثل دنياكم عندي إلا كمثل غيم.

علا فاستعلى ثم استغلظ فاستوى ثم تمزق فانجلى رويدا فعن قليل ينجلي لكم القسطل و تجنون ثمر فعلكم مرا و تحصدون غرس أيديكم ذعافا ممقرا و سما قاتلا وكفى بالله حكيما و برسول الله خصيما و بالقيامة موقفا فلا أبعد الله فيها سواكم و لا أتعس فيها غيركم والسلام على من اتبع الهدى.

فلما أن قرأ أبو بكر الكتاب رعب من ذلك رعبا شديدا و قال يا سبحان الله ما أجرأه علي و أنكله عن غيري

معاشر المهاجرين والأنصار تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فقلتم إن الأنبياء لا يورثون و إن هذه أموال يجب أن تضاف إلى مال الفيء و تصرف في ثمن الكراع و السلاح وأبواب الجهاد و مصالح الثغور فأمضينا رأيكم و لم يمضه من يدعيه و هو ذا يبرق وعيدا و يرعد تهديدا إيلاء بحق محمد صلی الله علیه و آله وسلم أن يمضحها دما ذعافا.

و الله لقد استقلت منها فلم أقل و استعزلتها عن نفسي فلم أعزل كل ذلك كراهية مني لابن أبي طالب و هربا من نزاعه ما لي و لابن أبي طالب هل نازعه أحد ففلج عليه. فقال له عمر أبيت أن تقول إلا هكذا

ص: 253

فأنت ابن من لم يكن مقداما في الحروب ولا سخيا في الجدوب سبحان الله ما أهلع فؤادك و أصغر نفسك قد صفيت لك سجالا لتشربها.

فأبيت إلا أن تظمأ كظمائك و أنخت لك رقاب العرب و ثبت لك الإشارة و التدبير و لو لا ذلك لكان ابن أبي طالب قد صير طالب قد صير عظامك رميها فأحمد الله على ما قد وهب لك مني و أشكره على ذلك فإنه من رقي منبر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم كان حقيقا عليه أن يحدث الله شكرا.

و هذا علي بن أبي طالب الصخرة الصماء التي لا ينفجر ماؤها إلا بعد كسرها و الحية الرقشاء التي لا تجيب إلا بالرقى و الشجرة المرة التي لو طليت بالعسل لم تنبت إلا مرا قتل سادات قريش فأبادهم و ألزم آخرهم العار ففضحهم فطب عن نفسك نفسا و لا تغرنك صواعقه و لا يهولنك رواعده و بوارقه فإني أسد بابه قبل أن يسد بابك.

فقال له أبو بكر ناشدتك الله يا عمر لما أن تركتني من أغاليطك تربيدك فو الله لو هم ابن أبي طالب بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه و ما ينجينا منه إلا إحدى ثلاث خصال أحدها أنه وحيد و لا ناصر له و الثانية أنه ينتهج فينا وصية رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و الثالثة أنه ما من هذه القبائل أحد إلا و هو يتخضمه كتخضم الثنية الإبل أوان الربيع فتعلم لو لا ذلك رجع الأمر إليه و إن كنا له كارهين.

أما إن هذه الدنيا أهون إليه من لقاء أحدنا للموت أنسيت له يوم أحد و قد فررنا بأجمعنا وصعدنا الجبل وقد أحاطت به ملوك القوم و صناديدهم موقنين بقتله لا يجد محيصا للخروج من أوساطهم فلما أن سدد عليه القوم رماحهم نكس نفسه عن دابته حتى جاوزه طعان القوم ثم قام قائما فى ركابيه و قد طرق عن سرجه و هو يقول:

ص: 254

يا الله يا الله يا جبرئیل یا جبرئیل يا محمد يا محمد النجاة النجاة ثم عمد إلى رئيس القوم فضربه ضربة على أم رأسه فبقي على فك واحد و

لسان ثم عمد إلى صاحب الراية العظمى فضربه ضربة على جمجمته.

ففلقها و مر السيف يهوي في جسده فبراه و دابته بنصفين و لما أن نظر القوم إلى ذلك انجفلوا من بين يديه فجعل يمسحهم بسيفه مسحا حتى تركهم جراثيم جمودا على تلعة من الأرض.

يتمرغون في حسرات المنايا يتجرعون كئوس الموت قد اختطف أرواحهم بسيفه و نحن نتوقع منه أكثر من ذلك و لم نكن نضبط من أنفسنا من مخافته حتى ابتدأت منك إليه التفاته وكان منه إليك ما تعلم و لو لا أنه نزلت آية من كتاب الله لكنا من الهالكين و هو قوله تعالى «وَ لَقَدْ عَفا عَنْكُمْ».

فاترك هذا الرجل ما تركك و لا يغرنك قول خالد أنه يقتله فإنه لا يجسر على ذلك و لو رام لكان أول مقتول بيده فإنه من ولد عبد مناف إذا ها جوا هيبوا و إذا غضبوا أدموا و لا سيما على بن أبي طالب علیه السلام نابها الأكبر وسنامها الأطول وهامتها الأعظم والسلام على من اتبع الهدى.

المنابع

(1) غيبة النعماني: 99 ، (2) الخصال: 548، (3) امالی المفيد: 293

(4) الإرشاد: 95 - 96 ، (5) الاختصاص: 272، (6) امالی الطوسی: 66/1، (7) فضائل ابن شاذان (132 (8) مناقب ابن شهر آشوب: 459/1 - 490، (9) الاحتجاج: 119/1.

ص: 255

باب ماجری بینه علیه السلام و عمر

اشارة

1- الصدوق: حدثنا الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا أبي قال حدثنا عبد الله ب-ن مسلمة القعنبي قال حدثنا عبد الله بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن عروة بن الزبير عن أبيه عن جده قال وقع رجل في علي بن أبي طالب علیه السلام بمحضر من عمر بن الخطاب فقال له عمر تعرف صاحب هذا القبر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب بن عبد المطلب لا تذكرن عليا إلا بخير فإنك إن تنقصته آذيت هذا في قبره.

2- عنه حدثنا محمد بن عمر المحافظ بمدينة السلام قال حدثنا محمد بن عمرو بن رفيع الباهلي قال حدثنا أبو غسان المسمعي قال حدثنا عبد الملك بن الصباح قال حدثنا عمران بن جرير عن الحسن قال قال عمر إني لا أرى في القوم أحدا أحرى أن يحملهم على كتاب الله وسنة نبيه منه يعني علي بن أبي طالب علیه السلام.

3- عنه حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدالله بن حمزة الشعرانی العماری من ولد عمار بن ياسر قال حدثنا أبو محمد عبيد الله بن يحيى بن عبد الباقي الأذني بأذنة قال حدثنا على بن الحسن المعاني قال حدثنا عبد الله بن يزيد عن يحيى بن عقبة بن أبي العيزار قال حدثنا محمد بن حجار عن يزيد بن الأصم قال

ص: 256

سأل رجل عمر بن الخطاب فقال يا أمير المؤمنين ما تفسير سبحان الله.

قال إن في هذا الحائط رجلا كان إذا سئل أنبأ وإذا سكت ابتدأ فدخل الرجل فإذا هو علي بن أبي طالب علیه السلام فقال يا أبا الحسن ما تفسير سبحان الله قال هو تعظيم جلال الله عز و جل و تنزيهه عما قال فيه كل مشرك فإذا قاله العبد صلى عليه كل ملك.

4 - عنه حدثنا الحسن بن محمد السكوني قال حدثنا الحضر مي قال حدثنا إبراهيم بن أبي معاوية قال حدثنا أبي عن الأعمش عن أبي ظبيان قال أتي عمر بامرأة مجنونة قد فجرت فأمر برجمها فمروا بها على علي بن أبي طالب علیه السلام فقال ما هذه قالوا مجنونة فجرت فأمر بها عمر أن ترجم فقال لا تعجلوا فأتى عمر فقال له أما علمت أن القلم رفع عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم و عن المجنون حتى يفيق و عن النائم حتى يستيقظ.

5- عنه حدثنا أبي قال حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب عن أحمد ابن علي الأصبهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال حدثني المسعودي قال حدثنا الحسن بن حماد الطائي عن زياد بن المنذر عن عطية فيما يظن عن جابر بن عبد الله قال شهدت عمر عند موته يقول أتوب إلى الله من ثلاث من ردي رقيق اليمن و من رجوعي عن جيش أسامة بعد أن أمره رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم علينا و من تعاقدنا على أهل هذا البيت إن قبض الله رسوله لا نولي منهم أحدا.

6- عنه بهذا الإسناد عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال حدثني محمد بن علي قال حدثنا الحسين بن سفيان عن أبيه قال حدثني فضل بن الزبير قال حدثني أبو عبيدة الحذاء زياد بن عيسى قال سمعت أبا جعفر علیه السلام يقول لما حضر عمر الموت قال أتوب إلى الله من رجوعي عن جيش أسامة و

ص: 257

أتوب إلى الله من عتق سبي اليمن وأتوب إلى الله من شيء كنا أشعرناه قلوبنا نسأل الله أن يكفينا ضره و أن بيعة أبي بكر كانت فلتة.

7- النعماني: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة الكوفي قال حدثنا محمد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس بن رمانة الأشعري من كتابه قال حدثنا إبراهيم بن مهزم قال حدثنا خاقان بن سليمان الخزاز عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني عن أبي هارون العبدي عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و عن أبي الطفيل عامر بن واثلة.

قال قالا شهدنا الصلاة على أبي بكر حين مات فبينما نحن قعود حول عمر و قد بويع إذ جاءه فتى يهودي من يهود المدينة كان أبوه عالم اليهود بالمدينة يزعمون أنه من ولد هارون فسلم على عمر و قال يا أمير المؤمنين أيكم أعلم بكتابكم وسنة نبيكم.

فقال عمر هذا و أشار إلى علي بن أبي طالب علیه السلام و قال هذا أعلمنا بكتابنا وسنة نبينا فقال الفتى أخبرني أأنت كذا قال نعم سلني عن حاجتك فقال إني أسألك عن ثلاث وثلاث و واحدة.

قال العلي علیه السلام أفلا تقول أسألك عن سبع فقال الفتى لا و لكن أسألك الثلاث فإن أصبت فيهن سألتك عن الثلاث الآخر فإن أصبت فيهن سألتك عن الواحدة فإن لم الواحدة فإن لم تصب في الثلاث الأول سكت و لم أسألك عن شيء .

قال له على علیه السلام يا يهودي فإن أخبرتك بالصواب و بالحق تعلم أني أخطأت أو أصبت قال نعم قال علي علیه السلام فبالله لئن أصبت فيما تسألني عنه لتسلمن و لتدعن اليهودية قال نعم لك الله علي لئن أصبت لأسلمن و لأدعن اليهودية قال فاسأل عن حاجتك قال أخبرني عن أول حجر وضع

ص: 258

على وجه الأرض و أول شجرة نبتت في الأرض و أول عين أنبعت في الأرض.

قال علي يا يهودي أما أول حجر وضع على وجه الأرض فإن اليهود يقولون الصخرة التي في بيت المقدس وكذبوا ولكنه الحجر الأسود نزل به آدم من الجنة فوضعه في الركن و المؤمنون يستلمونه ليجددوا العهد و الميثاق الله عز و جل بالوفاء و أما قولك أول شجرة نبتت في الأرض.

فإن اليهود يقولون الزيتونة و كذبوا و لكنها النخلة العجوة نزل بها آدم من الجنة و بالفحل فأصل الثمرة كلها العجوة و أما العين فإن اليهود يقولون بأنها العين تحت الصخرة وكذبوا و لكنها عين الحياة التي لا يغمس فيها ميت إلا حي و هي عين موسى التي نسي عندها السمكة المملوحة.

فلما مسها الماء عاشت و انسربت في البحر فاتبعها موسى و فتاه حين لقيا الخضر فقال الفتى أشهد أنك قد صدقت و قلت الحق و هذا كتاب ورثته عن آبائي إملاء موسى و خط هارون بيده و فيه هذا الخصال السبع و الله لئن أصبت في بقية السبع لأدعن ديني و أتبعن دينك.

فقال علي علیه السلام سل فقال أخبرني كم لهذه الأمة بعد نبيها من إمام هدى لا يضرهم خذلان من خذلهم و أخبرني خذلان من خذلهم و أخبرني عن موضع محمد في الجنة أي موضع هو و كم مع محمد في منزلته فقال علي علیه السلام يا يهودي لهذه الأمة اثنا عشر إماما مهديا كلهم هاد مهدي.

لا يضرهم خذلان من خذلهم و موضع محمد صلی الله علیه و آله وسلم في أفضل منازل جنة عدن و أقربها من الله و أشرفها و أما الذي مع محمد صلی الله علیه و آله وسلم في منزلته فالاثنا عشر الأئمة المهديون قال اليهودي و أشهد أنك قد صدقت و قلت الحق لئن أصبت في الواحدة كما أصبت في الستة و الله لأسلمن الساعة على

ص: 259

يدك و لأدعن اليهودية قال له اسأل قال أخبرني عن خليفة محمد كم يعيش بعده و يموت موتا أو يقتل قتلا.

قال: يعيش بعده ثلاثين سنة و يخضب هذه من هذه و أخذ بلحيته أومأ إلى رأسه فقال الفتى أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أنك خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله وسلمعلى الأمة و من تقدم كان مفتريا ثم خرج.

8- قال المفيد في ذكر في ما جاء من قضايا في إمارة عمر بن الخطاب فمن ذلك ما جاءت به العامة والخاصة في قصة قدامة بن مظعون و قد شرب الخمر فأراد عمر أن يحده فقال له قدامة إنه لا يجب علي الحد لأن الله تعالى يقول «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيهَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَ آمَنُوا».

قدراً عمر عنه الحد فبلغ ذلك أمير المؤمنين علیه السلام فمشى إلى عمر فقال له لم تركت إقامة الحد على قدامة في شربه الخمر فقال له إنه تلا علي الآية و تلاها عمر.

فقال أمير المؤمنين علیه السلام ليس قدامة من أهل هذه الآية و لا سلك من سبيله في ارتكاب ما حرم الله عز و جل إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات لا يستحلون حراما فاردد قدامة و استتبه مما قال فإن تاب فأقم عليه الحد و إن لم يتب فاقتله فقد خرج عن الملة.

فاستيقظ عمر لذلك و عرف قدامة الخبر فأظهر التوبة والإقلاع قدراً عمر عنه القتل و لم يدر كيف يحده فقال لأمير المؤمنين علیه السلام أشر علي في حده فقال حده ثمانين إن شارب الخمر إذا شربها سكر و إذا سكر هذى و إذا هذى افترى فجلده عمر ثمانين و صار إلى قوله فى ذلك.

9 - عنه روى أن مجنونة على عهد عمر فجر بها رجل فقامت البينة

ص: 260

عليها بذلك فأمر عمر بجلدها الحد فمر بها أمير المؤمنين علیه السلام لتجلد فقال ما بال مجنونة آل فلان تعتل فقيل له إن رجلا فجر بها و هرب و قامت البينة عليها فأمر عمر عمر بجلدها.

فقال لهم ردوها إليه و قولوا له أما علمت أن هذه مجنونة آل فلان و أن النبي صلی الله علیه و آله وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق إنها مغلوبة على عقلها و نفسها فردت إلى عمر و قيل له ما قال أمير المؤمنين علیه السلام .

فقال فرج الله عنه لقد كدت أن أهلك في جلدها قدراً عنها الحد.

10 - عنه روى أنه أتي بحامل قد زنت فأمر برجمها فقال له أمير المؤمنين علیه السلام هب أن لك سبيل عليها أي سبيل لك على ما في بطنها و الله تعالى يقول «وَ لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» فقال عمر لا عشت لمعضلة لا يكون لها أبو حسن ثم قال فما أصنع بها قال احتط عليها حتى تلد فإذا ولدت و وجدت لولدها من يكفله فأقم الحد عليها فسري بذلك عن عمر و عول في الحكم به على أمير المؤمنين علیه السلام.

11 - عنه روى أنه استدعى امرأة تتحدث عندها الرجال فلما جاءها رسله فزعت و ارتاعت و خرجت معهم فأملصت و وقع إلى الأرض ولدها يستهل ثم مات فبلغ عمر ذلك فجمع أصحاب رسول الله. سألهم عن الحكم في ذلك فقالوا بأجمعهم نراك مؤدبا و لم ترد إلا خيرا و لا شيء عليك في ذلك و أمير المؤمنين علیه السلام جالس لا يتكلم في ذلك.

فقال له عمر ما عندك ما عندك فى هذا يا أبا الحسن قال قد سمعت ما قالوا قال فما تقول أنت قال قد قال القوم ما سمعت قال أقسمت عليك لتقولن ما عندك قال إن كان القوم قاربوك فقد غشوك و إن كانوا ارتئوا فقد قصروا الدية على عاقلتك لأن قتل الصبي خطأ تعلق بك فقال أنت و الله نصحتني

ص: 261

من بينهم و الله لا تبرح حتى تجزئ الدية على بني عدي ففعل ذلك أمير المؤمنين علیه السلام.

12 - عنه روى أن امرأتين تنازعتا على عهد عمر في طفل ادعته كل واحدة منهما ولدا لها بغير بينة و لم ينازعهما فيه غيرهما فالتبس الحكم في ذلك على عمر و فزع فيه إلى أمير المؤمنين علیه السلام فاستدعى المرأتين و وعظهما و خوفهما فأقامتا على التنازع و الاختلاف فقال علیه السلام عند تماديهما في النزاع ايتوني بمنشار فقالت له المرأتان ما تصنع فقال أقده نصفين لكل واحدة منكما نصفه فسكتت إحداهما وقالت الأخرى.

الله الله يا أبا الحسن إن كان لا بد من ذلك فقد سمحت به لها فقال الله أكبر هذا ابنك دونها و لو كان ابنها لرقت عليه و أشفقت فاعترفت المرأة الأخرى بأن الحق مع صاحبتها و الولد لها دونه فسري عن عمر و دعي لأمير المؤمنين علیه السلام بما فرج عنه في القضاء.

13 - عنه روي عن يونس عن الحسن أن عمر أتي بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم برجمها فقال له أمير المؤمنين علیه السلام إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك إن الله عز اسمه يقول وَ حَمَلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً و يقول تعالى وَ الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ» فإذا تمت المرأة الرضاعة سنتين و كان حمله وفصاله ثلاثين شهرا كان الحمل منها ستة أشهر فخلى عمر سبيل المرأة و ثبت الحكم بذلك يعمل به الصحابة والتابعون و من أخذ عنه إلى يومنا هذا.

14 - عنه رووا أن امرأة شهد عليها الشهود أنهم وجدوها في بعض مياه العرب مع رجل يطؤها ليس ببعل لها فأمر عمر برجمها و كانت ذات بعل فقالت اللهم إنك تعلم أني بريئة فغضب عمر و قال و تجرح الشهود

ص: 262

أيضا قال أمير المؤمنين علیه السلام ردوها و اسألوها فلعل لها عذرا فردت و سئلت عن حالها.

فقالت كان لأهلي إبل فخرجت في إبل أهلي و حملت معي ماء و لم يكن في إبلي لبن و خرج معي خليطنا و كانت في إبله لبن فنفد مائي فاستسقيته فأبى أن يسقيني حتى أمكنه من نفسي فأبيت فلما كادت نفسي تخرج أمكنته من نفسي كرها فقال أمير المؤمنين علیه السلام الله أكبر «فَمَنِ اضْطُرَ غَيْرَ بَاغِ وَ لَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْه». فلما سمع ذلك عمر خلى سبيلها.

15 - الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد، قال أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي، قال أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح العدل السبيعي ،بجلب قال حدثنا محمد بن علي بن زيد بن إسماعيل الهمداني قال حدثنا محمد بن تسنيم الوراق، قال حدثنا جعفر بن محمد الخثعمي عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن رقبة بن مصقلة بن عبد الله بن خونعة العبدي، عن أبيه، عن جده ،.

قال أتى عمر بن الخطاب رجلان يسألان عن طلاق الأمة، فالتفت إلى خلفه فنظر إلى علي بن أبي طالب علیه السلام فقال يا أصلع، ما ترى في طلاق الأمة فقال له بإصبعه هكذا، و أشار بالسبابة و التي تليها، فالتفت إليهما عمر و قال ثنتان. فقال سبحان الله جئناك و أنت أمير المؤمنين، فسألناك فجئت إلى رجل سألته و الله ما كلمك.

فقال عمر تدريان من هذا قالا لا. قال هذا علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لو أن السماوات السبع و الأرضين السبع وضعتا في كفة و وضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي.

16 - عنه بإسناده أخبرنا أبو عمر ، قال أخبرنا أبو العباس، قال حدثنا

ص: 263

فضل بن يوسف قال حدثنا محمد بن عكاشة، قال حدثنا أبو المغراء حميد بن المثنى، عن منصور بن حازم، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال قال عمر علي أقضانا.

17 - عنه عن الفحام، قال حدثني عمي، قال حدثني الحسن بن علي بن المتوكل، قال حدثنا عفان بن مسلم قال حدثنا حماد بن سلمة، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عمر قال سألني عمر بن الخطاب، فقال لي يا بني من أخير الناس بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم قال قلت من أحل له ما حرم الله على الناس، وحرم عليه ما أحل للناس فقال والله لقد قلت فصدقت، حرم على علي بن أبي طالب الصدقة و أحلت للناس و حرم عليهم أن يدخلوا المسجد و هم جنب و أحله له و غلقت الأبواب وسدت و لم يغلق لعلي باب و لم يسد.

18 - عنه بإسناده عن علي بن الحسين عن عمه الحسن بن علي، قال سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يقول في علي بن أبي طالب خصال لأن يكون في إحداهن أحب إلي من الدنيا و ما فيها، سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول لعلي بن أبي طالب اللهم ارحمه و ترحم عليه و انصره و انتصر به و أعنه و استعن به فإنه عبدك و كتيبة رسولك.

19 - عنه أخبرنا ،جماعة، عن أبي المفضل، قال حدثنا أبو نصر ليث ابن محمد بن نصر بن الليث البلخي، قال حدثنا أحمد بن ن عبد الصمد بن مزاحم الهروي، سنة إحدى وستين ومائتين، قال حدثني خالي عبد السلام ابن صالح أبو الصلت الهروي، قال حدثني عبد العزيز بن عبد الصمد العمي البصري.

ص: 264

قال حدثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال حج عمر بن الخطاب في إمرته، فلما افتتح الطواف حاذى الحجر الأسود، و مر فاستلمه و قبله، و قال أقبلك و إني لأعلم أنك حجر لا تضر و لا تنفع، و لكن كان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بك حفيا، و لو لا أني رأيته يقبلك ما قبلتك.

له قال و كان في الحجيج علي بن أبي طالب علیه السلام، فقال بلى و الله إنه ليضر و ينفع. قال فيم قلت ذلك، يا أبا الحسن قال بكتاب الله (تعالى). قال أشهد أنك لذو علم بكتاب الله (تعالى)، فأين ذلك من الكتاب قال قوله (تعالى) «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا».

و أخبرك أن الله (تعالى) لما خلق آدم مسح ظهره فاستخرج ذريته من صلبه في هيئة الذر، فألزمهم العقل، وقررهم أنه الرب و أنهم العبيد، فأقروا له بالربوبية و شهدوا على أنفسهم بالعبودية، و الله (عز وجل) يعلم أنهم في ذلك في منازل مختلفة، فكتب أسماء عبيده في رق،

و كان لهذا الحجر يومئذ عينان و شفتان و لسان، فقال افتح فاك ففتح فاه فألقمه ذلك الرق، ثم قال له اشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، فلما هبط آدم علیه السلام هبط والحجر معه، فجعل في موضعه الذي ترى من الركن، وكانت الملائكة تحج هذا البيت من قبل أن يخلق الله (تعالى) آدم علیه السلام.

ثم حجه ،آدم ثم نوح من بعده، ثم هدم البيت و درست قواعده فاستودع الحجر من أبي قبيس فلما أعاد إبراهيم وإسماعيل بناء البيت و بناء قواعده و استخرجا الحجر من أبي قبيس بوحي من الله عز و جل، فجعلاه بحيث هو اليوم من هذا الركن و هو من حجارة الجنة و كان لما

ص: 265

أنزل في مثل لون الدر و بياضه، و صفاء الياقوت و ضيائه.

فسودته أيدي الكفار و من كان يلمسه من أهل الشرك بعتائرهم. قال فقال عمر لا عشت لا عشت في أمة لست فيها يا أبا الحسن.

20- الطبري الامامي: حدثنا عبد ربه بن علقمة عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال قال عمر بن الخطاب تحببوا إلى الأشراف و توددوا واتقوا على أعراضكم من السفلة و اعلموا أنه لا يتم شرف إلا بولاية علي بن أبي طالب علیه السلام.

21- عنه قال حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن العباس الشبامي عن عمار الدهني عن أبي فاختة قال أقبل علي علیه السلام و عمر جالس في مجلسه فلما رآه عمر تضعضع و تواضع و أوسع له في المجلس فلما قام علي علیه السلام.

قال له بعض القوم يا أمير المؤمنين إنا لنراك تصنع بعلي صنيعا ما تصنعه بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال عمر و ما رأيتني أصنع به قال رأيناك كما تضعضعت و تواضعت و أوسعت له حتى يجلس قال و ما يمنعني فو الله إنه لمولاي و مولى كل مؤمن

22 - عنه أخبرنا ياسين بن محمد بن أعين عن أبي حازم مولى ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال كفوا عن علي بن أبي طالب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم يقول فيه خصالا لئن تكون خصلة منها في جميع آل الخطاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس.

إني كنت ذات يوم ماش و أبو بكر و عبد الرحمن بن عوف و عثمان ابن عفان و أبو عبيدة بن الجراح و نفر من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فانتهينا إلى باب أم سلمة فإذا نحن بعلي بن أبي طالب متك على كتف الباب

ص: 266

فقلنا له أردنا رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.

قال هو في البيت يخرج عليكم الآن قال فخرج علينا فجلسنا حوله فأتى علي بن أبي طالب ثم ضرب بيده على منكبه فقال إنك مخاصم فتخصم بسبع خصال ليس لأحد بعد هن إلا فضلك إنك أول المؤمنين إيمانا و أعلمهم بأمر الله و أوفاهم بعهد الله و أرأفهم بالرعية و أقسمهم بالسوية و أعظمهم عند الله مزية.

23- شاذان بن جبرئيل عن الحكم بن مروان أن عمر بن الخطاب نزلت قضية في زمان خلافته فقام لها و قعد و ارتج و نظر من حوله فقال معاشر الناس والمهاجرين والأنصار ما ذا تقولون في هذا الأمر فقالوا أنت أمير المؤمنين و خليفة رسول الله تعالى والأمر بيدك فغضب من ذلك و قال يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا

ثم قال والله لتعلمن من صاحبها و من هو أعلم بها فقالوا يا أمير المؤمنين كأنك أردت علي بن أبي طالب قال أنى نعدل عنه و هل لقحت حرة بمثله قالوا أنأتيك به يا أمير المؤمنين قال هيهات هناك شمخ من هاشم و نسب من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و لا يأتي.

فقوموا بنا إليه قال فقام عمر و من معه و هو يقول «أَ يَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةٌ مِنْ مَنِي عُنى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى» و دموعه تهمل على خديه قال فأجهش القوم لبكائه ثم سكت فسكتوا و سأله عمر عن مسألته فأصدر جوابها.

فقال أما والله يا أبا الحسن لقد أرادك الله للحق و لكن أبي قومك فقال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام يا أبا حفص عليك من هنا و من هنا إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً قال فضرب عمر بإحدى يديه على

ص: 267

الأخرى و خرج مسود اللون كأنما ينظر في سواد . و هذا الحديث من كتاب أعلام النبوة في القائمة الأولى و في وقف الأخلاطية.

24- عنه بإسناده : يرفعه إلى أنس بن مالك أنه قال وفد الأسقف البحراني على عمر بن الخطاب لأجل أدائه الجزية فدعاه عمر إلى الإسلام فقال له الأسقف أنتم تقولون إن الله جنة عرضها السماوات والأرض فأين تكون النار قال فسكت عمر و لم يرد جوابا فقال له الجماعة الحاضرين أجبه يا أمير المؤمنين حتى لا يطعن في الإسلام .

قال فأطرق خجلا من الجماعة الحاضرين ساعة لا يرد جوابا فإذا بباب المسجد رجل قد سده بمنكبيه فتأملوه و إذا به عيبة علم النبوة علي

بن أبي طالب علیه السلام قد دخل قال فضج الناس عند رؤيته.

فقام عمر بن عمر بن الخطاب و الجماعة على أقدامهم و قال يا مولاي أين کنت هذا الأسقف الذي قد علانا منه الكلام أخبره يا مولانا قبل أن

عن يرتد الإسلام فأنت بدر التمام و مصباح الظلام و ابن عم رسول الأنام

فقال الإمام علي علیه السلام ما تقول يا أسقف قال يا فتى أنتم تقولون إن الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض فأين تكون النار قال له الإمام إذا جاء الليل أين يكون النهار فقال له الأسقف من أنت يا فتى دعني حتى أسأل هذا الفظ الغليظ أنبئني يا عمر عن أرض طلعت عليها الشمس ساعة لم تطلع مرة أخرى قال عمر اعفني عن هذا و اسأل علي بن أبي طالب علیه السلام ثم قال أخبره يا أبا الحسن

فقال علي علیه السلام هي أرض البحر التي فلقها الله لموسى حتى عبر و جنوده فوقعت الشمس عليها تلك الساعة و لم تطلع قبل ولا بعد و انطبق البحر على فرعون و جنوده فقال الأسقف صدقت یا فتی قومه و سید

ص: 268

عشيرته أخبرني عن شيء هو في أهل الدنيا تأخذ الناس منه مهما أخذوا فلا ينقص بل يزداد.

قال علي علیه السلام هو القرآن و العلوم فقال صدقت أخبرني عن أول رسول أرسله الله لا من الجن و لا من الإنس فقال علیه السلام ذلك الغراب الذي بعثه الله تعالى لما قتل قابيل هابيل أخاه فبقى متحيرا لا يعلم ما يصنع به فعند ذلك بعث غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه.

قال صدقت يا فتى فقد بقى لي مسألة واحدة أريد أن يخبرني عنها هذا و أومأ بيده إلى عمر فقال يا عمر أخبرني أين هو الله قال فغضب عند ذلك و أمسك و لم يرد جوابا قال فالتفت الإمام علیه السلام و قال لا تغضب يا أبا حفص حتى لا يقول إنك قد عجزت فقال فأخبره أنت يا أبا الحسن فعند ذلك قال الإمام كنت عند رسول الله إذ أقبل إليه ملك فسلم فرد علیه السلام فقال أين كنت قال عند ربي فوق سبع سماوات قال ثم أقبل ملك آخر فقال أين كنت قال كنت عند ربي في تخوم الأرض السابعة السفلى ثم أقبل ملك ثالث فقال أين كنت قال كنت عند ربي في مطلع الشمس.

ثم جاء ملك آخر فقال أين كنت قال كنت عند ربي في مغرب الشمس لأن الله لا يخلو منه مكان ولا هو شيء و لا على شيء و لا من شيء وسع كرسيه السماوات و الأرض ليس كمثله شيء و هو السميع البصير لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء و لا أصغر من ذلك و لا أكبر.

يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم و لا خمسة إلا هو سادسهم و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا قال فلما سمع الأسقف قوله قال له مد يدك.

ص: 269

فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله و أنك خليفة الله فی أرضه و وصي رسوله و أن هذا الجالس الغليظ الكفل الحبنطي ليس لهذا المكان بأهل و إنما أنت أهله فتبسم الإمام علیه السلام.

25 - عنه يرفعه إلى أبي وائل قال مشيت خلف عمر بن الخطاب فبينما أنا أمشي إذ أسرع في مشيه فقلت له على مشيتك يا أبا حفص فالتفت إلي مغضبا و قال :

أو ما ترى الرجل خلفي ثكلتك أمك أما ترى علي بن أبي طالب فقلت يا أبا حفص هذا أخو الرسول و أول من آمن و صدق به و شقیقه قال لا تقل هذا يا أبا وائل لا أم لك فو الله لا يخرج رعبه من قلبي أبدا قلت و لم ذلك يا أبا حفص

قال و الله لقد رأيته يوم أحد يدخل بنفسه في جمع المشركين كما يدخل الأسد بنفسه في زريبة الغنم فيقتل منها و يخلي ما يشاء فما زال ذلك دأبه حتى أفضى إلينا و نحن منهزمون عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و هو ثابت.

فلما وصل إلينا قال لنا ويلكم أترغبون بأنفسكم عن رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم بعد أن بايعتموه فقلت له من بين القوم يا أبا الحسن إن الشجاع قد ينهزم و إن الكرة تمحو الفرة فما زلت أخدعه حتى انصرف بوجهه عني يا أبا وابل و الله لا يخرج رغبة منى أبدا.

26 - في البحار عن الحسن بن علي السلمي عن أحمد بن أيوب عن محمد بن يحيى الأزدي عن سعيد بن عامر عن جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي عن عمر بن سلمة قال شهدت مشهدا ما شهدت مثله كان أعجب عندي و لا أوقع على قلبي منه قال فقيل يا أبا جعفر و ما ذاك.

قال لما مات أبو بكر أقبل الناس يبايعون عمر بن الخطاب إذ أقبل

ص: 270

يهودي قد أقر له بالمدينة يهودها أنه أعلمهم و كذلك كان أبوه من قبل فيهم فقال يا عمر من أعلم هذه الأمة بكتاب الله وسنة نبيه فأشار بيده إلى علي ابن أبي طالب علیه السلام قال فأتاه اليهودي فقال يا علي أنت كما زعم عمر بن الخطاب.

فقال له و ما زعم قال يزعم أنك أعلم هذه الأمة بكتاب الله وسنة نبيه فقال له يا يهودي سل عما بدا لك تخبر إن شاء الله تعالى فقال إني سائلک عن ثلاث وثلاث و واحدة فقال علیه السلام و لم لا تقول سبعا فقال له لا أقول سبعا و لكن أسألك عن ثلاث فإن أجبتني فيهن سألتك عما بعدهن و إلا علمت أنه ليس فيكم عالم و مضيت.

فقال له علي علیه السلام فإني سائلك بإلهك الذي تعبده إن أجبتك في كل ما سألتني عنه لتدعن دينك و لتدخلن في ديني فقال له اليهودي ما جئت إلا للإسلام فقال له علي علیه السلام سال عما شئت فقال له أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض أي شيء هو .

و عن أول عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي و أول شجرة اهتزت على وجه الأرض أي شجرة هي.

فقال له علي علیه السلام يا هاروني أما أنتم فتقولون أول قطرة دم قطرت على وجه الأرض حيث قتل ابن آدم أخاه و ليس هو كما تقولون و لكن أقول أول قطرة قطرت على وجه الأرض حيث طمئت حواء و ذلك قبل أن تلد ابنها شيئا قال صدقت.

قال له علي علیه السلام أما أنتم فتقولون إن أول شجرة اهتزت على وجه الأرض الشجرة التي كانت منها سفينة نوح و هي الزيتونة و ليس هو كما تقولون و لكنها النخلة التي نزلت مع آدم من الجنة و هي العجوة و منها

ص: 271

يتفرق ما ترى من أنواع النخل قال صدقت .

فقال له علي علیه السلام أما أنتم فتقولون إن أول عين فاضت على وجه الأرض عين اليقود و هي العين التي تكون في البيت المقدس و ليس هو كما تقولون ولكنها عين الحياة التي وقف عليها موسی بن عمران و فتاه و معهم النون المالحة فسقطت فيها فحييت وكذلك ماء تلك العين لا يصيب شيء كذلك كان الخضر علیه السلام على مقدمة ذي القرنين في طلب منها إلا حيي و عين الحياة.

فأصابها الخضر علیه السلام فشرب منها و جاء ذو القرنين يطلبها فعدل عنها قال صدقت و الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتاب أبي هارون بن عمران كتبه بيده و إملاء موسى بن عمران

قال فأخبرني عن الثلاث الأخر أخبرني عن محمد كم له من إمام و أي جنة يسكن و من ساكنها معه في جنته و عن أول حجر هبط إلى الأرض فقال علي علیه السلام يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إماما عدلا لا يضرهم خذلان من خذلهم و لا يستوحشون لخلاف من خالفهم أرسب في الدين من الجبال الراسيات في الأرض و إن مسكن محمد في جنة عدن التي قال الله عز وجل.

كن فيها فكان و فيها انفجرت أنهار الجنة و سكان محمد في جنته أولئك الاثنا عشر إمام عدل و أول حجر هبط فأنتم تقولون هي الصخرة التي في بيت المقدس و ليس كما تقولون ولكنه الذي في بيت الله الحرام هبط به جبرئيل إلى الأرض و هو أشد بياضا من الثلج فاسود من خطايا بني آدم فقال له اليهودي صدقت و الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتاب أبي هارون و إملاء موسى.

ص: 272

فقال اليهودي و بقيت واحدة و هي أخبرني عن وصي محمد كم

يعيش و هل يموت أو يقتل فقال له علي علیه السلام يا يهودي وصي محمد أنا أعيش بعده ثلاثين سنة لا أزيد يوما واحدا و لا أنقص يوما واحدا ثم ینبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة ثمود فيضربني ضربة هاهنا في قرني فيخضب لحيتي.

قال و بكي علي علیه السلام بكاء شديدا قال فصاح اليهودي و أقبل يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده ورسوله و أشهد يا علي أنك وصي محمد و أنه ، و أنه ينبغي لك أن تفوق و لا تفاق و أن تعظم و لا تستضعف و أن تقدم ولا يتقدم عليك و أن تطاع فلا تعصى و إنك لأحق بهذا المجلس من غيرك و أما أنت يا عمر فلا صليت خلفك أبدا فقال له على علیه السلام كف يا هاروني من صوتك.

ثم أخرج الهاروني من كمه كتابا مكتوبا بالعبرانية فأعطاه عليا علیه السلام فنظر فيه علي الله فبكى فقال له الهاروني ما يبكيك فقال له علي يا هاروني هذا فيه اسمي مكتوبا فقال اليهودي إنه كتاب بالعبرانية و أنت رجل عربي فقال له علي علیه السلام ويحك يا هاروني هذا اسمي أما في التوراة اسمي هابيل و في الإنجيل حبدار.

فقال له اليهودي صدقت و الذي لا إله إلا هو إنه لخط أبي هارون و إملاء موسى بن عمران توارثته الآباء حتى صار إلي قال فأقبل علي علیه السلام يبكي و يقول الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا الحمد لله الذي أثبتني في صحف الأبرار ثم أخذ على علیه السلام بيد الرجل فضى إلى منزله فعلمه معالم الخير وشرائع الإسلام.

27 - عنه عن عبادة بن الصامت قال عمر كنا أمرنا إذا اختلفنا في

ص: 273

شيء أن نحكم عليا ولهذا تابعه المذكورون بالعلم من الصحابة نحو سلمان و عمار و حذيفة و أبي ذر و أبي بن كعب و جابر الأنصاري و ابن عباس و ابن مسعود و زيد بن صوحان و لم يتأخر إلا زيد بن ثابت و أبو موسى و معاذ و عثمان و كلهم معترفون له بالعلم مقرون له بالفضل.

28 - عنه عن النقاش في تفسيره قال ابن عباس علي علم علما علمه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم علمه الله فعلم النبي صلی الله علیه وآله وسلم من علم الله و علم علي من علم النبي صلی الله علیه وآله وسلم و علمي من علم علي علیه السلام و ما علمي و علم أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم في علم علي علیه السلام إلا كقطرة في سبعة أبحر.

29 - عنه عن الضحاك عن ابن عباس قال أعطي علي بن أبي طالب علیه السلام تسعة أعشار العلم وإنه لأعلمهم بالعشر الباقي.

30 - عنه عن يحيى بن معين بإسناده عن عطاء بن أبي رياح أنه سئل هل تعلم أحدا بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أعلم من علي فقال لا و الله ما أعلمه.

31- عنه فأما قول عمر بن الخطاب في ذلك فكثير رواه الخطيب في الأربعين قال عمر العلم ستة أسداس لعلي من ذلك خمسة أسداس و للناس سدس و لقد شاركنا في السدس حتى لهو أعلم منا به.

32- عنه عن عكرمة عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال له يا أبا الحسن إنك لتعجل في الحكم و الفصل للشيء إذا سئلت عنه قال فأبرز علي كفه و قال له كم هذا فقال عمر خمسة فقال عجلت أبا حفص قال لم یخف علي فقال علي و أنا أسرع فيما لا يخفى علي.

و استعجم عليه شيء و نازع عبد الرحمن و كتب إليه أن يتجشم بالحضور فكتب إليهما العلم يؤتى و لا يأتي فقال هناك عمر شيخ من بني هاشم و أثارة من علم يؤتى إليه و لا يأتي فصار إليه فوجده متكئا على

ص: 274

مسحاة فسأله عما أراد فأعطاه الجواب فقال عمر لقد عدل عنك قومك إنك لاحق به فقال لا « إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً».

33- عنه عن يونس بن عبيد قال الحسن إن عمر بن الخطاب قال اللهم إني أعوذ من عضيهة ليس لها علي عندي حاضرا.

34 - عبد الله بن أحمد قال حدثني أبى ثنا سكن بن نافع الباهلي قال ثنا صالح عن الزهري قال حدثني ربيعة بن دراج ان علي بن أبي طالب علیه السلام سبح بعد العصر ركعتين في طريق مكة فرآه عمر فتغيظ عليه، ثم قال أما والله لقد علمت ان رسول الله نهى عنها.

35 - قال :الدينوري كانت وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين و ذلك أن العجم لما قتلوا بجلولاء و هرب يزدجرد، فصار بقم و وجه رسله في البلدان يستجيش فغضب له أهل مملكته فتجلبت إليه الأعاجم من أقطار البلاد، فأتاه أهل قومس و طبرستان و جرجان و دنباوند، و الرّی و أصبهان و همدان و الماهين و اجتمعت عنده جموع عظيمة فولى أمرهم مردان شاه بن هرمز و وجههم الى نهاوند.

كتب عمار بن ياسر إلى عمر بن الخطاب بذلك، فخرج عمر بن الخطاب و بيده الكتاب حتى صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: «يا معشر العرب، إن الله ايدكم بالإسلام، و ألف بينكم بعد الفرقة، و أغناكم بعد الفاقة و أظفركم في كل موطن لقيتم فيه عدوكم فلم تفلوا و لم تغلبوا و إن الشيطان قد جمع جموعاً ليطفىء نور الله .

و هذا كتاب عمار ابن ياسر بذكر أن أهل قومس و طبرستان و دنباوند و جرجان و الرّی و اصبهان و قم و همدان و الماهين و ماسبذان قد أجفلوا إلى ملكهم، ليسروا إلى إخوانكم بالكوفة والبصرة حتى يطردوهم

ص: 275

من أرضهم و يغزوكم فى بلادكم فأشيروا علىّ.

فتكلم طلحة بن عبيد الله فقال: يا أمير المؤمنين إن الأمور قد حنكتك، و إن الدهور قد جربتك و أنت الوالى فمرنا نطع و استنهضنا ،ننهض ثم تكلم عثمان بن عفان فقال: يا أمير المؤمنين اكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شامهم و إلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم و إلى أهل البصرة، فيسيروا من بصرتهم وسر أنت باهل هذا الحرم حتى توافي الكوفة، وقد وافاك السلمون من أفطار أرضهم و آفاق بلادهم، فإنك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعا و أعز نفراً .

فقال المسلمون من كل ناحية صدق عثمان، فقال عمر لعلي علیه السلام ما تقول أنت يا أبا الحسن ؟ فقال على علیه السلام : إنك إن أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم إلى ذراريهم و إن سيرت أهل اليمن من يمنهم خلفت الحبشه على أرضهم.

و إن شخصت أنت من هذا الحرم انتقضت عليك الأرض من أقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العيالات أهم إليك مما قدامك و إن

العجم إذا رأوك عيانا قالوا هذا ملك العرب كلها فكان أشد لقتالهم.

و إنا لهم نقاتل الناس على عهد نبينا صلی الله علیه وآله وسلم ولا بعده بالكثرة، بل اكتب إلى أهل الشام أن يقيم منهم بشامهم الثلثان و يشخص الثلث وكذلك إلى عمان وكذلك سائر الأمصار و الكور.

فقال عمر : هو الرأى الذى كنت رأيته و لكنى أحببت أن تتايعونى عليه فكتب بذلك إلى الأمصار ، ثم قال: لأولين الحرب رجلا يكون غدا لأسنة القوم جزرا فولى الأمر النعمان بن مقرن المزني و كان من خيار أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لو كان على خراج كسكر.

ص: 276

فدعا عمر السائب بن الأقرع ، فدفع إليه عهد النعمان بن مقرن، و قال له: إن قتل النعمان فولي الأمر حذيفة بن اليمان و إن قتل حذيفة فولي الأمر جرير بن عبدالله البجلي و إن قتل جرير فالأمير المغيرة بن شعبة و إن قتل المغيرة فالأمير الأشعث بن قيس.

36 - روى الزبير في الموفقيات عن عبد الله بن عباس قال خرجت أريد عمر بن الخطاب فلقيته راكبا حمارا و قد ارتسنه بحبل أسود في رجليه نعلان مخصوفتان و عليه إزار و قميص صغير و قد انكشفت منه رجلاه إلى ركبتيه فمشيت إلى جانبه و جعلت أجذب الإزار و أسويه عليه كلما سترت جانبا انكشف جانب فيضحك ويقول:

إنه لا يطيعك حتى جئنا العالية فصلينا ثم قدم بعض القوم إلينا طعاما من خبز ولحم و إذا عمر صائم فجعل ينبذ إلي طيب اللحم ويقول كل لي و لك ثم دخلنا حائطا فألق إلي رداءه و قال اكفنيه و ألق قميصه بين يديه و جلس يغسله و أنا أغسل رداءه.

ثم جففناهما وصلينا العصر فركب و مشيت إلى جانبه و لا ثالث لنا. فقلت يا أمير المؤمنين إني في خطبة فأشر علي قال و من خطبت قلت فلانة ابنة فلان قال النسب كما تحب و كما قد علمت و لكن في أخلاق أهلها دقة لا تعدمك أن تجدها في ولدك قلت فلا حاجة لي إذا فيها قال فلم لا تخطب إلى ابن عمك يعني عليا.

قلت ألم تسبقني إليه قال فالأخرى قلت هي لابن أخيه قال يا ابن عباس إن صاحبكم إن ولي هذا الأمر أخشى عجبه بنفسه أن يذهب به فليتني أراكم بعدي قلت يا أمير المؤمنين إن صاحبنا ما قد علمت أنه ما غير و لا بدل و لا أسخط رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم أيام صحبته له.

ص: 277

قال فقطع علي الكلام فقال ولا في ابنة أبي جهل لما أراد أن يخطبها على فاطمة علیها السلام.

قلت قال الله تعالى وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً و صاحبنا لم يعزم على سخط رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لكن الخواطر التي لا يقدر أحد على دفعها عن نفسه و ربما كان من الفقيه في دين الله العالم العامل بأمر الله.

فقال يا ابن عباس من ظن أنه يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى يبلغ قعرها فقد ظن عجزا أستغفر الله لي و لك خذ في غيرها. ثم أنشأ يسألني عن شيء من أمور الفتيا و أجيبه فيقول أصبت أصاب الله بك أنت و الله أحق أن تتبع.

37-الطبري: حدثني عبدالرحمن بن عبدالله بن عبد الحك-م ق-ال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا الدراوردي عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع قال سمعت سعيد بن المسيب يقول جمع عمر بن الخطاب الناس فسألهم فقال من أي يوم نكتب فقال علي علیه السلام من يوم هاجر رسول الله وترك أرض الشرك ففعله عمر.

38 - كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان عن عمر بن عبدالعزيز قال لما انتهى قتل أبي عبيد بن مسعود إلى عمر واجتماع أهل فارس على رجل من آل كسرى نادى في المهاجرين والأنصار وخرج حتى أتى صرارا وقدم طلحة بن عبیدالله يأتي الأعوص وسمى لميمنته عبد الرحمن بن عوف ولميسرته الزبير بن العوام واستخلف عليا علیه السلام على المدينة واستشار الناس.

فكلهم أشار عليه بالسير إلى فارس ولم يكن استشار في الذي كان حتى نزل بصرار ورجع طلحة فاستشار ذوي الرأي فكان طلحة ممن تابع

ص: 278

الناس وكان عبدالرحمن ممن نهاه فقال عبدالرحمن فما فديت أحدا بأبي وأمي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل يومئذ ولا بعده فقلت يا بأبي وأمي اجعل عجزها بي وأقم وابعث جندا.

فقد رأيت قضاء الله لك في جنودك قبل وبعد فإنه إن يهزم جيشك ليس كهزيمتك وإنك إن تقتل أو تهزم في أنف الأمر خشيت إلا يكبر المسلمون وألا يشهدوا أن لا إله إلا الله أبدا وهو في ارتياد من رجل وأتى كتاب سعد على حفف مشورتهم وهو على بعض صدقات نجد.

فقال عمر فأشيروا علي برجل فقال عبدالرحمن وجدته قال من هو قال الأسد في براثنه سعد بن مالك ومالأه أولو الرأي.

39- عنه وقيل كان سبب قدوم عمر سبب قدوم عمر إلى الشأم أن أبا عبيدة حضر بيت المقدس فطلب أهله منه أن يصالحهم على صلح أهل مدن الشأم وأن يكون المتولي للعقد عمر بن الخطاب فكتب إليه بذلك فسار عن المدينة.

40 - عنه عن عدي بن سهل قال لما استمد أهل الشام عمر على أهل فلسطين استخلف عليا وخرج ممدا لهم فقال علي أين تخرج بنفسك إنك تريد عدوا كلبا فقال إني أبادر بجهاد العدو موت العباس إنكم لو قد فقدتم العباس لانتقض بكم الشر كما ينتقض أول الحبل.

41 - عنه ولما أراد عمر وضع الديوان قال له علي وعبدالرحمن بن عوف: ابدأ بنفسك قال: لا بل أبدأ بعم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم الأقرب فالأقرب رسول الله ففرض للعباس وبدأ به ثم فرض لأهل بدر خمسة آلاف خمسة آلاف ثم فرض لمن بعد بدر إلى الحديبية أربعة آلاف ثم فرض لمن بعد الحديبية.

42 - عنه كتب إليَّ السري عن شعيب عن سيف عن عبدالملك بن عمير قال اصاب المسلمون يوم المدائن بهار كسرى ثقل عليهم أن يذهبوا

ص: 279

به وكانوا يعدونه للشتاء إذا ذهبت الرياحين فكانوا إذا أرادوا الشرب شربوا عليه فكأنهم في رياض بساط ستين في ستين أرضه بذهب ووشيه بفصوص وثمره بجوهر وورقه بحرير وماء الذهب وكانت العرب تسميه القطف.

فلما قسم سعد فيئهم فضل عنهم ولم يتفق قسمته فجمع سعد المسلمين فقال إن الله قد ملأ أيديكم وقد عسر قسم هذا البساط ولا يقوى على شرائه أحد فأرى أن تطيبوا به نفسا لأمير المؤمنين يضعه حيث شاء ففعلوا فلما قدم على عمر المدينة رأى رؤيا فجمع الناس فحمد الله وأثنى عليه واستشارهم في البساط وأخبرهم خبره.

فمن بين مشير بقبضه وآخر مفوض إليه وآخر مرقق فقام علي حين رأی عمر يأبى حتى انتهى إليه فقال لم تجعل علمك جهلا ويقينك شكا إنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت أو لبست فأبليت أو أكلت فأفنيت قال صدقتني فقطعه فقسمه بين الناس فاصاب عليا قطعة منه فباعها بعشرين ألفا وما هي بأجود تلك القطع.

43 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وزياد والمهلب وشاركهم عمرو وسعيد وجمع سعد الخمس وأدخل فيه كل شيء أراد أن يعجب منه عمر من ثياب كسرى وحليه وسيفه ونحو ذلك وما كان يعجب العرب أن يقع إليهم ونفل من الأخماس وفضل بعد القسم بين الناس وإخراج الخمس القطف فلم تعتدل قسمته.

فقال للمسلمين هل لكم في أن تطيب أنفسنا عن أربعة أخماسه فنبعث به إلى عمر فيضعه حيث يرى فإنا لا نراه يتفق قسمته وهو بيننا قليل وهو يقع من أهل المدينة موقعا فقالوا نعم ها الله إذا فبعث به علي ذلك الوجه.

ص: 280

وكان القطف ستين ذراعا في ستين ذراعا بساطا واحدا مقدار جريب فيه طرق كالصور وفصوص كالأنهار وخلال ذلك كالدير وفي حافاته كالأرض المزروعة والأرض المبقلة بالنبات في الربيع من الحرير على قضبان الذهب ونواره بالذهب والفضة وأشباه ذلك.

فلما قدم على عمر نفل من الخمس أناسا وقال إن الأخماس ينفل منها من شهد ومن غاب من أهل البلاء فيما بين الخمسين ولا أرى القوم جهدوا الخمس بالنفل ثم قسم الخمس في مواضعه ثم قال أشيروا علي في هذا القطف فأجمع ملؤهم على أن قالوا.

قد جعلوا ذلك لك فر رأيك إلا ما كان من علي فإنه قال يا أمير المؤمنين الأمر كما قالوا ولم يبق إلا التروية إنك إن تقبله على هذا اليوم لم تعدم في غد من يستحق به ما ليس له قال صدقتني ونصحتني فقطعه بينهم.

44- عنه قال وحدثني ابن أبي سبرة عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع عن ابن المسيب قال أول من كتب التأريخ عمر لسنتين ونصف من خلافته فكتب لست عشرة من الهجرة بمشورة علي بن أبي طالب.

45 - عنه حدثني عبدالرحمن بن عبدالله بن عبد الحكم قال حدثنا نعيم حماد قال حدثنا الدراوردي عن عثمان بن عبيدالله بن أبي رافع قال سمعت سعيد بن المسيب يقول جمع عمر بن الخطاب الناس فسألهم من أي يوم نكتب فقال علي من يوم هاجر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وترك أرض الشرك ففعله عمر.

46- عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن عطية عن أبي سيف التغلبي قال كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لقد عاهد وفدهم على ألا ينصروا وليدا فكان ذلك الشرط على الوفد وعلى من وفدهم ولم يكن على غيرهم

ص: 281

فلما كان زمان عمر قال مسلموهم لا تنفروهم بالخراج فيذهبوا ولكن أضعفوا عليهم الصدقة التي تأخذونها من أموالهم فيكون جزاء. فإنهم يغضبون من ذكر الجزاء على ألا ينصروا مولودا إذا أسلم آباؤهم فخرج وفدهم في ذلك إلى عمر فلما بعث الوليد إليه برؤوس النصارى وبديانهم قال لهم عمر أدوا الجزية فقالوا لعمر أبلغنا مأمننا والله لئن وضعت علينا الجزاء لندخلن أرض الروم والله لتفضحنا من بين العرب فقال لهم.

أنتم فضحتم أنفسكم وخالفتم أمتكم فيمن خالف وافتضح من عرب الضاحية وتالله لتؤدنه وأنتم صغرة قمأة ولئن هربتم إلى الروم لأكتبن فيكم ثم لأسبينكم قالوا فخذ منا شيئا ولا تسمه جزاء فقال أما نحن فنسميه جزاء وسموه أنتم ما شئتم فقال له علي بن أبي طالب يا أمير المؤمنين ألم يضعف عليهم سعد بن مالك الصدقة ؟

قال بلى وأصغى إليه فرضى به منهم جزاء فرجعوا على ذلك وكان في بني تغلب عز وامتناع ولا يزالون ينازعون الوليد فهم بهم الوليد وقال في ذلك:

إذا ما عصبت الرأس مني بمشوذ *** فغیك مني تغلب ابنة وائل

وبلغت عنه عمر فخاف فخاف أن يحرجوه وأن يضعف صبره فيسطو عليهم فعزله وأمر عليهم فرات بن حيان وهند بن عمرو الجملي وخرج الوليد واستودع إبلا له حريث بن النعمان أحد بني كنانة بن تيم من بني تغلب وكانت مائة من الإبل فاختانها بعدما خرج الوليد.

47 - عنه وأما سيف فإنه روى في ذلك ما كتب به إلى السري عن شعيب عن سيف عن أبي حارثة وأبي عثمان والربيع قالوا وقع الطاعون

ص: 282

بالشام ومصر والعراق واستقر بالشام ومات فيه الناس الذين هم في كل الأمصار في المحرم وصفر وارتفع عن الناس وكتبوا بذلك إلى عمر ما خلا الشام.

فخرج حتى إذا كان منها قريبا بلغه أنه أشد ما كان فقال وقال الصحابة قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إذا كان بأرض وباء فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرجع حتى ارتفع عنها وكتبوا بذلك إليه وبما في أيديهم من المواريث فجمع الناس في جمادى الأولى سنة سبع عشرة فاستشارهم في البلدان فقال إني قد بدا لي أن أطرف على المسلمين في بلدانهم لأنظر في آثارهم.

فأشيروا علي وكعب الأحبار في القوم وفي تلك السنة من إمارة عمر أسلم فقال كعب بأيها تريد أن تبدأ يا أمير المؤمنين قال بالعراق قال فلا تفعل فإن الشر عشرة أجزاء والخير عشرة أجزاء فجزء من الخير بالمشرق وتسعة بالمغرب وإن جزءا من الشر بالمغرب وتسعة بالمشرق وبها قرن الشيطان وكل داء عضال.

48 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن سعيد عن الأصبغ عن علي قال قام إليه علي فقال يا أمير المؤمنين والله إن الكوفة للهجرة بعد الهجرة وإنها لقبة الإسلام وليأتين عليها يوم لا يبقى مؤمن إلا أتاها وحن إليها والله لينصرن بأهلها كما انتصر بالحجارة من قوم لوط.

49 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة والربيع قالوا وخرج عمر وخلف عليا على المدينة وخرج معه بالصحابة وأغذوا السير واتخذ أيلة طريقا حتى إذا دنا منها تنحى عن الطريق واتبعه غلامه فنزل فبال.

ص: 283

ثم عاد فركب بعير غلامه وعلى رحله فرو مقلوب وأعطى غلامه مركبه فلما تلقاه أوائل الناس قالوا أين أمير المؤمنين قال أمامكم يعني نفسه وذهبوا هم إلى أمامهم فجازوه حتى انتهى هو إلي أيلة فنزلها وقيل للمتلقين قد دخل أمير المؤمنين أيلة ونزلها فرجعوا إليه.

50 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن حمزة عن أبي طعمة قال فقام علي بن أبي طالب علیه السلام فقال أصاب القوم يا أمير المؤمنين الرأي وفهموا ما كتب به إليك وإن هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه لكثرة ولا قلة هو دينه الذي أظهر وجنده الذي أعز وأيده بالملائكة حتى بلغ ما بلغ.

فنحن على موعود من الله والله منجز وعده وناصر جنده ومكانك منهم مكان النظام من الخرز يجمعه ويمسكه فإن انحل تفرق ما فيه وذهب ثم لم يجتمع بحذافيره أبدا والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فهي كثير عزيز بالإسلام.

فأقم واكتب إلى أهل الكوفة فهم أعلام العرب ورؤساؤهم ومن لم يحفل بمن هو أجمع وأحد وأجد من هؤلاء فليأتهم الثلثان وليقم الثلث واكتب إلى أهل البصرة أن يمدوهم ببعض من عندهم.

فسر عمر بحسن رأيهم وأعجبه ذلك منهم وقال سعد فقال يا أمير المؤمنين خفض عليك فإنهم إنما جمعوا لنقمة.

51 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن أبي بكر الهذلي قال لما أخبرهم عمر الخبر واستشارهم وقال أوجزوا في القول ولا تطيلوا فتفشخ بكم الأمور واعلموا أن هذا يوم له ما بعده من الأيام تكلموا فقام طلحة بن عبيد الله وكان من خطباء أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فتشهد.

ص: 284

ثم قال أما بعد يا أمير المؤمنين فقد أحكمتك الأمور وعجمتك البلايا واحتنكتك التجارب وأنت وشأنك وأنت ورأيك لا ننبو في يديك ولا نكل عليك إليك هذا الأمر فمرنا نطع وادعنا نجب واحملنا نركب و وفدنا نفد وقدنا ننقد فإنك ولي هذا الأمر وقد بلوت وجربت واختبرت فلم ينكشف شيء من عواقب قضاء الله لك إلا عن خيار ثم جلس فعاد عمر فقال.

إن هذا يوم يوم له ما له ما بعده من الأيام فتكلموا فقام عثمان بن عفان فتشهد وقال أرى يا أمير المؤمنين أن تكتب إلى أهل الشام فيسيروا من شأمهم وتكتب إلى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم ثم تسير أنت بأهل هذين الحرمين إلى المصرين الكوفة والبصرة فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين فإنك إذا سرت بمن معك وعندك قل في نفسك ما قد تكاثر من عدد القوم وكنت أعز عزا وأكثر.

يا أمير المؤمنين إنك لا تستبقي من نفسك بعد العرب باقية ولا تمتع من الدنيا بعزيز ولا تلوذ منها بحريز إن هذا اليوم له ما بعده من الأيام

فاشهده برأيك وأعوانك ولا تغب عنه ثم جلس.

فعاد عمر فقال إن هذا يوم له ما بعده من الأيام فتكلموا فقام علي بن أبي طالب فقال أما بعد يا أمير المؤمنين فإنك إن أشخصت أهل الشأم من شأمهم سارت الروم إلى ذراريهم وإن أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة إلى ذراريهم وإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك الأرض من أطرافها وأقطارها.

حتى يكون ما تدع وراءك أهم إليك مما بين يديك من العورات والعيالات أقرر هؤلاء في أمصارهم واكتب إلى أهل البصرة فليتفرقوا فيها ثلاث فرق فلتقم فرقة لهم في حرمهم وذراريهم ولتقم فرقة في أهل عهدهم

ص: 285

لئلا ينتقضوا عليهم ولتسر فرقة إلى إخوانهم بالكوفة مددا لهم.

إن الأعاجم إن ينظروا إليك غدا قالوا هذا أمير العرب وأصل العرب فكان ذلك أشد لكلبهم وألبتهم على نفسك وأما ما ذكرت من مسير القوم فإن الله هو أكره لمسيرهم منك وهو أقدر على تغيير ما يكره وأما ما ذكرت من عددهم فإنا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة ولكنا كنا نقاتل بالنصر.

52 - قال المسعودي: لما قتل أبو عبيد الثقفي بالجسر شق ذلك على عمر و على المسلمين، فخطب عمر الناس وحثهم على الجهاد، و أمرهم بالتأهب لأرض العراق و عسكر عمر بصرار و هو يريد الشخوص، و قد استعمل على مقدمته طلحة بن عبيدالله و على ميمنته الزبير بن العوام، و علی میسرته عبدالرحمن بن عوف، و دعا الناس، فاستشارهم فأشاروا عليه بالمسير .

ثم قال لعلى ماترى يا أبا الحسن أسير أم أبعث؟ قال: سر بنفسك فإنه أهيب للعدو وأرهب له، فخرج من عنده، فدعا العباس في جلَّة م--ن مشيخة قريش و شاورهم فقالوا أقم و ابعث غيرك ليكون للمسلمين إن انهزموا فئة و خرجوا، فدخل إليه عبد الرحمن بن عوف فاستشاره

فقال عبدالرحمن فديت بأبى و أمى، أقم و ابعث؛ فإنه إن انهزم جيشك فليس ذلك ،كهزيمتك، و إنك إن تهزم أو تقتل يكفر المسلمون ولا يشهدوا أن لا إله إلا الله ابداً، قال: أشر على من أبعث ؟ قال: قلت: سعد بن أبي وقاص، قال عمر: أعلم أن سعداً رجل شجاع، و لكني أخشى أن لا يكون له معرفة بتدبير الحرب.

قال عبد الرحمن هو على ما تصف من الشجاعة، وقد صحب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هشد بدراً فاعهد إليه عهداً و شاورنا فيما أردت أن تحدث إليه

ص: 286

فإنه لن يخالف أمرك، ثم خرج فدخل عثمان عليه، فقال له: يا أبا عبدالله أشر على أسير أم أقيم؟

فقال عثمان: أقم يا أمير المؤمنين و ابعث بالجيوش، فإنه لا آمن إن أتى عليك آت أن ترجع العرب عن الإسلام، و لكن ابعث الجيوش و داركها بعضها على بعض و ابعث رجلا له تجربة بالحرب و بصر بها، قال عمر و من هو ؟ قال : على بن أبى طالب قال: فالقه و كلمه و ذاكره ذلك، فهل تراه مسرعاً إليه أولا.

فخرج عثمان فلق علياً فذاكره ذلك، فأبى على ذلك و كرهه،فعاد عثمان إلی عمر فأخبره، فقال له عمر و من ترى؟ قال: سعيد بن زيد بن عمر ابن نفیل قال: ليس بصاحب ذلك، قال عثمان طلحة بن عبيد الله، قال له عمر.

أين أنت من رجل شجاع ضروب بالسيف رام بالنبل و لكنى أخشى أن لا يكون له معرفة بتدبير الحرب؟ قال: و من هو يا أمير المؤمنين؟ قال: سعد ابن أبي وقاص.

فقال عثمان هو صاحب ذاك؛ و لكنه رجل غائب و ما منغنى من ذكره إلا أنى قلت: رجل غائب في عمل، فقال عمر: أرى أن أوجهه، و أكتب إليه أن يسير من وجهه ذلك، فقال عثمان و مره فليشاور قوماً من أهل التجربة و البصر بالحرب ولا يقطع الأمور حتى يشاورهم، ففعل عمر ذلك و كتب إلى سعد بالتوجه نحو العراق.

53 - قال البلاذري: حدثني إسحاق بن الحسين، حدثنا عثمان بن أبى شيبة، عن مؤمل بن اسماعيل عن سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد.

54 - عنه عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر : لا أيقانى الله لمعضلة

ص: 287

ليس لها أبو حسن.

55- عنه عن المدائني في اسناده ان بعض عمال عمر، باع خنازير و جعل ثمنها في بيت المال، فرفع دلك إليه، فقال على علیه السلام: إما أن تعزله و إما أن تكتب إليه أن لا يعود.

56- عنه حدثنا إسحاق، حدثنا جعفر بن سليمان، عن هشام بن حسان عن الحسن قال : بلغ عمر عن امراة من قريش أمر فبعث إليها عمر يدعوها فارتاعت فولدت غلاماً فاستهل فبلغ ذلك من عمر كل مبلغ فجمع اصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال: ما تقولون؟ قالوا: ما نرى عليك شيئاً، فقال علي علیه السلام: أرى أنك قد ضمنت ديته قال: صدقتنى فأقسمتعليك أن لا تبرح حتى تقسمها على بني أبيك يعنى قريشاً.

57 - قال ابن عبد ربه سأل عمر بن الخطاب على بن أبيطالب علیه السلام فقال: ما تقول فى رجل أمّه عند رجل آخر؟ فقال: يمسك عنها، أراد أن الرجل يموت و أمه عند رجل آخر، و قول على يمسك عنها. يريد الزوج يمسك عن أم الميت حتى تستبرئ من طريق الميراث.

58- قال أبو نعيم حدثنا فاروق الخطابي ثنا أبو خالد عبد العزيز بن معاوية القرشى ثنا محمد بن عبد الله الأنصارى حدثنى النهاس بن فهم عن القاسم بن عوف الشيباني عن أبيه عن السائب بن الأفرع قال رحف للمسلمين على عهد عمر بن الخطاب زحف لم يزحف لهم بمثله قط زحف لهم أهل ماء و أهل إصبهان و أهل همدان و أهل الرّيّ و أهل قومس و اهل آذربیجان و أهل نهاوند.

فلما جاء عمر الخبر جمع الناس فحطبهم فحمد الله و أثنى عليه و قال إنّه زحف للمسلمين زحف لم يزحف لهم بمثله قط زحف لهم أهل ماه و

ص: 288

أهل إصبهان و أهل الري و قومس و آذر بیجان و نهاوند و همذان فقوموا فتكلموا و أو جزوا و لا تطنبوا فتفشخ بنا الأمور ولاندرى بابها نأخذ.

قال فقام طلحة بن عبيد الله وكان من خطباء قريش فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أمّا بعد با أمير المؤمنين فإنَّ هذا يوم له ما بعده من الأيام و

أنت أمير المؤمنين أفضلنا رأباً و أعلمنا ثم جلس.

فقام الزبير بن العوام فحمد الله وأثنى عليه فقال أما بعد يا أمير المؤمنين فهذا يوم له ما بعده من الأيام وإنى أرى من الرّاى يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك و تكلّم بنحو كلام صاحبه ثم جلس.

و قام عثمان بن عفان فحمد الله و أثنى عليه. فقال أما بعد فهذا يوم له ما بعده من الأيام و إنّى أرى من الرأى يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك بأهل الحجاز و بأهل الشام والعراق حتى تلقاه بنفسك فإنك ابعد العرب صونا و اعظمهم منزلة.

ثم قام علي بن أبي طالب فحمد الله وأثنى عليه فقال أما بعد يا أمير المؤمنين فهذا يوم له بعد من الأيام وإنى لا أرى يا امير المؤمنين ما رأى هؤلاء القوم أن تسير بنفسك و بأهل الحجاز والشام والعراق فإن القوم إنما جاءوا لعبادة الشيطان و الله أشدّ تغييرا لما أنكر و لكني أرى أن تبعث إلى أهل الكوفة فتسير ثلثيهم وتدع ثلثا فى حفظ ذراريهم و جمع جزيتهم و تبعث إلى أهل البصرة فليوروا ببعث.

59- روى عبدالكريم الرافعي القزويني: عن محمد بن زيد الجعفرى أبو الحسن من الأشراف الفضلاء. سمع بقزوين القاضي عبد الجبار بن أحمد سنة تسع و أربعماته، سمع أبا الحسن محمد بن عمر بن زاذان حديثه عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن مالك القطيعى كتابه ثنا الفضل بن الحباب بالبصرة

ص: 289

ثنا القعنبي بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير.

أن رجلا وقع في على ابن ابى طالب بمحضر من عمر، فقال له عمر تعرف صاحب هذا القبر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب بن عبد المطلب لا تذكرن عليا إلا بخير فإنك إن أنغضته آذيت هذا في قبره صلی الله علیه وآله وسلم

60 - عنه عن عبد الرحمن بن النساج بن القاسم بن أبي المنذر أخو أبي الزبير محمد بن الفتاح سمع جده أبا طلحة القاسم بن أبي المنذر في الطوالات لأبى الحسن القطان، ثنا أبو يحيى الزعفراني، جعفر بن محمد الرازي، حدثنا ابن أبي عمر العدني، ثنا عبدالعزيز بن عبد الصمد عن أبى هارون العبدى عن أبي سعيد الخدري .

قال قدمنا مع عمر، دخل الطواف وقف عند الحجر، وقال: و الله إنى لأعلم أنک حجرلا تضر ولا و لا تنفع و لو لا انى رأيت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك قال ثم قبله ومضى فى الطواف.

فقال على علیه السلام يا أمير المؤمنين أنه يضر وينفع، قال بم قلت ذاك، قال قلت بكتاب الله تعالى قال: و این ذلك الكتاب قال قال الله تعالى:

«وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ» ذريتهم، لما خلق الله تعالى آدم مسح ظهره، ثم أخرج ذريته من صلبه، فقررهم أنه ربهم، و هم عبيده، فكتب ميثاقهم، فى رق.

فكان هذا الحجر له عينان و لسان قال فافتح ففتح ،فاه فالفمه ذلك الكتاب، فوضعه فى هذا الموضع، فقال: أشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة قال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن و كان بسماعه من أبي طلحة سنة ثمان و أربعمائة و قبيلها و بعيدها.

ص: 290

61 - قال ابن عبد البر : حدثنا عبد الوارث بن سفيان قراءة منى عليه من كتابي. و هو ينظر في كتابه، قال حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ، حدثنا أبو عبيد بن عبد الواحد البزاز، حدثنا محمد بن أحمد بن أيوب، قال قاسم و حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصابغ، حدثنا سليمان بن داود، قالا حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس،

قال: بينا أنا أمشى مع عمر يوما إذ تنفس نفساً ظننت أنه قد قضبت أضلاعه، فقلت: سبحان الله والله ما أخرج منك هذا يا أمير المؤمنين إلا أمر عظيم. فقال: ويحك يابن عباس ما أدرى ما أصنع بأمة محمد صلی الله علیه وآله وسلم .قلت: و لم و أنت بحمد الله قادر أن تضع ذلك مكان الثقة؟

قال: إني أراك تقول: إن صاحبك أولى الناس بها يعنى علياً علیه السلام. قلت: أجل. والله إنى لأقول ذلك فى سابقته و علمه و قرابته و صهره. قال :إنه كما ذكرت و لكنه كثير الدعابة. فقلت: فعثمان؟ قال: فوالله لو فعلت لجعل بنى أبي معيط على رقاب الناس يعملون فيهم بمعصية الله، والله لو فعلت لفعل. و لو فعل لفعلوه فوثب الناس عليه فقتلوه.

فقلت: طلحة بن عبيد الله؟ قال: الأكيسع، هو أزهى من ذلك، ما كان الله ليرانى أولّيه أمر أمه محمد صلی الله علیه وآله وسلم ، و هو على ما هو عليه من الزهو. قلت الزبير بن العوام؟ قال: إذا يلاطم الناس في الصاع و المد. قلت: سعد ابن أبي وقاص؟ قال: ليس بصاحب ذلك، ذاك صاحب مقنب يقاتل ب-ه. :قلت عبدالرحمن بن عوف؟

قال: نعم الرجل ذكرت، ولكنه ضعيف عن ذلك، والله، يابن عباس، ما يصلح لهذا الامر إلا القوى في غير عنف اللين في غير ضعف الجواد في

ص: 291

غير ،سرف الممسك فى غير بخل قال ابن عباس: كان عمر والله كذلك.

62 - عنه و في حديث آخر، عن ابن عباس - أن عمر ذكر له أمر الخلافة و اهتمامه بها، فقال له ابن عباس أين أنت عن على؟ قال فيه دعابة. قال: فأين أنت و الزبير؟ قال: كثير الغضب يسير الرضا. فقال: طلحة ؟ قال فيه نحوه - يعنى كبرا قال سعد؟ قال: صاحب مقنب خيل. :قال فعثمان؟ قال: كلف بأقاربه. قال عبدالرحمن بن عوف؟ قال: ذلك رجل لين - أو قال ضعيف.

63 - عنه في رواية أخرى، قال في عبدالرحمن: ذلك الرجل لو وليته جعل خاتمه في إصبع امراته.

64 - الحاكم النيسابوري: حدثنا أحمد بن يعقوب الثقفي و محمد بن أحمد الجلاب، قالا: ثنا الحسن بن علي بن شيب المعمري ثنا محمد بن الصباح ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمر مولى عفرة عن محمد بن كعب عن ابن عمر.

قال قال عمر لاصحاب الشورى لله درهم لو ولوها الاصيلع كيف يحملهم على الحق و ان حمل علي عنقه بالسيف قال فقلت تعلم ذلك منه ولا توليه قال ان استخلف فقد استخلف من هو خير منى و ان اترك فقد ترك من هو خير مني.

65 - عنه أخبرنى الحسن بن محمد بن اسحاق الاسفرايني ثنا ابو الحسن محمد بن أحمد بن البراء ثنا علي بن عبدالله بن جعفر المديني ثنا أبى أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال قال عمر بن الخطاب،

لقد اعطي عليّ بن أبى طالب علیه السلام ثلاث خصال لان تكون لى خصلة

ص: 292

منها أحب إلى من أن أعطي حمر النعم، قيل و ما هن يا أمير المؤمنين، قال تزوجه فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و سكناه المسجد مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يحل له فيه ما يحل له و الراية يوم خيبر. هذا صحيح الإسناد و لم يخرجاه.

66 - قال ابن عساكر: أخبرنا أبو عبدالله محمد بن ابراهيم المقري أنبأنا أبو الفضل بن الكريدي أنبأنا أبو الحسن العتيق، أنبأنا أبو الحسن الدار قطني، أنبأنا أحمد ابن علي المرهبي بالكوفة، أنبأنا الحسن ابن علي بن محمد ابن هاشم الأسدي، أنبأنا سعيد بن محمد الأسدي، أنبأنا حسين الأشقر، عن قيس :

عن عمار الدهني عن سالم ابن أبي الجعد، قال قيل لعمر: انك تصنع بعلي شيئاً لا تصنعه بأحدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: انه مولاي.

67 - عنه أخبرنا أبوبكر محمد بن عبد الباقي، و أبوالمواهب أحمد بن عبدالملك، قالا: أنبأنا أبو محمد الجواهري، أنبأنا ابوالحسين ابن المظفر، أنبأنا محمد بن محمد الباغندي، أنبأنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأدوي، أنبأنا شريح ابن مسلمة، أنبأنا ابراهيم بن يوسف، عن عبد الجبار بن العباس الشامي:

عن عمار الدهني، عن أبي فاخته قال: أقبل علي و عمر جالس في مجلسه فلما رآه عمر تضعضع و تواضع و توسع له في المجلس، فلما قام علي قال بعض القوم: يا أمير المؤمنين انك تصنع بعلي صنيعاً ما تصنعه بأحد من أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم .قال عمر : و ما رأيتني أصنع به؟ قال: رأيتك كلما رأيته تضعضعت و تواضعت و أوسعت حتي يجلس. قال: و ما يمنعني والله انه لمولاي و مولي كل مؤمن.

68 - عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو اسحاق إبراهيم بن سعيد الحجال أنبأنا الشريف أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن

ص: 293

الحسين بن طاهر بن يحيى الحسيني، أنبأنا أبو عبد الله الكاتب النعماني. أنبأنا أحمد بن محمد بن سعيد، أنبأنا على بن الحسن التيمى، أنبأنا جعفر بن محمد بن حكيم و جعفر بن أبي الصباح قالا: أنبأنا إبراهيم بن عبدالحميد:

عن رقبة بن مصقلة العبدي، عن أبيه عن جده قال: أتى رجلان عمر ابن الخطاب في ولايته يسألانه عن طلاق الأمة، فقام معتمداً بشيء بينهما حق أتى حلقه في المسجد وفيها رجل أصلع فوقف عليه فقال يا أصلع ما قولك في طلاق الأمة؟ فرفع رأسه إليه ثم أومى إليه باصبعيه فقال عمر الرجلين تطليقتان. فقال أحدهما: سبحان الله جئنا لنسألك و أنت أمير المؤمنين فمشيت معنا معنا حتى وقفت على هذا الرجل.

فرضيت منه بأن أومى اليك فقال أو تدريان من هذا؟ قالا: لا. قال: هذا علي بن أبي طالب، أشهد على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هو يقول: لو أن السماوات و الأرضين وضعن في كفة و وضع إيمان علي في كفة ميزان لرجح إيمان علي.

69 - عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو محمد الجوهری املاء، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر، عن أحمد بن الحافظ، أنبأنا محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي بالكوفة، أنبأنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الوراق، أنبأنا جعفر بن محمد بن حكيم الختعمي، عن إبراهيم بن عبد الحميد:

عن رقبة بن مصقلة عن عبد الله بن ضبيعة العبدي، عن أبيه عن جده قال: أتى عمر ابن الخطاب رجلان سألانه عن طلاق الأمة، فقام معهما فمشى حتى أتى حلقة في المسجد فيها رجل الأصلع فقال: يا أيها أصلع ماترى في طلاق الأمة ؟ فرفع رأسه إليه ثم أوماً إليه بالسبابة والوسطى،

ص: 294

فقال له عمر تطليقتان.

فقال أحدهما: سبحان الله جئناك و أنت أمير المؤمنين، فمشيت معنا

حتى وقفت على هذا الرجل. فسألته، فرضيت منه بأن أوماً اليك؟ فقال: لها عمر من تدریان هذا؟ قالا: لا. قال: هذا علي بن أبي طالب، أشهد على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم : لسمعته و هو يقول: أن السماوات والأرضين السبع لو وضعنا في كفة ميزان ثم وضع إيمان علي في كفة ميزان لرجح إيمان علي.

70- عنه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال خطبنا عمر علی منبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال علي أقضانا و أبى أقرؤنا و إنا لندع من قول أبي أشياء، إن أبياً سمع من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أبي يقول: لا أدع ما سمعت من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و قد نزل بعد أبي كتاب.

قال: و أنبأنا عبدالله حدثني أبى، أنبأنا وكيع، أنبأنا سفيان، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قال عمر بن الخطاب: عليّ أقضانا و أبي أقرؤنا و إنا لندع كثيراً من لحن أبي و أبي يقول سمعت من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لا أدعه لشيء و الله يقول: «ما ننسخ من آية أو ننساها نأت بخير منها أو مثلها».

قال: و أنبأنا عبدالله، حدثني أبي، أنبأنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن حبیب - يعنى - ابن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا و أبي أقرؤنا. و إنا لندع من قول أبي و أبي يقول: أخذت من فم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لا أدعه و الله يقول: «ما ننسخ من آية أو ننساها».

71 - أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو بكر بن الطبري، أنبأنا أبو الحسن بن الفضل، أنبأنا عبد الله أنبأنا يعقوب، أنبأنا أبو نعيم و

ص: 295

قبيصة، قالا أنبأنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال:

قال عمر: عليّ أقضانا و أبى أقرؤنا و إنا لندع بعض ما يقول أبي زاد قبيصة: وأبي يقول: سمعته من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فلن أدعه لشيء والله يقول: «ما ننسخ من آية أو ننساها نأت بخير منها أو مثلها».

72- عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنبأنا أبو محمد الجوهرى املاء، أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، حدثني أبي، أنبأنا هارون بن يوسف أنبأنا ابن أبي عمر، أنبأنا عبد العزيز بن عبد الصمد، عن أبي هارون: عن أبي سعيد الخدري أنه سمع عمر يقول لعلي و وقد سأله عن شيء فأجابه، فقال له عمر: نعوذ بالله من أن أعيش في قوم لست فيهم يا أباحسن.

73- عنه أخبرنا أبو المعالي محمد بن إسماعيل، أنبأنا أبو بكر البيهقي، أنبأنا أبو سعيد يحيي بن محمد بن يحيى الخطيب الأسفرائني، أنبأنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر، أنبأنا بشر بن موسى، أنبأنا الحميدي، أنبأنا سفيان أنبأنا يحي بن سعيد عن سعيد بن المسيب، قال: قال عمر بن الخطاب: اعوذ بالله معضلة ليس لها أبو حسن علي بن أبي طالب علیه السلام .

74- عنه أخبرنا أبو القا أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي، أنبأنا أبو الحسين بن النقور، أنبأنا عيسى بن علي، أنبأنا عبدالله بن محمد، أنبأنا عبيد الله أنبأنا عبيد الله بن عمر القواريري، أنبأنا مؤمل – يعني ابن اسماعيل - أنبأنا ابن عيينة يحي بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر بن الخطاب يتعوذ بالله من معضلة ليس معضلة ليس لها أبو حسن علیهالسلام.

75- عنه أخبرنا أبو عبدالله الحسين بن عبدالملك، أنبأنا إبراهيم بن

ص: 296

منصور، أنبأنا أبو بكر بن المقري، أنبأنا أبو سعيد المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي، حدثني محمد بن عبد الملك أبو جعفر الدقيق، أنبأنا محمد ابن أبى عمر البزاز، أنبأنا عبدالعزيز ابن عبد الصمد، عن أبي هارون العبدي :

عن أبي سعيد الخدري، قال: خرجنا حجاجاً مع عمر بن الخطاب فلما دخل الطواف استلم الحجر وقبله، وقال: إبي لأعلم أنك حجر لا تضر و لا تنفع، و لو لا أني رأيت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقبلك ما قبلتك، قال أب-و سعيد: ثم مضى فى الطواف. فقال على بن أبي طالب علیه السلام : يا أمير المؤمنين أنه ليضر وينفع، قال بم قلت ذاك، قال قلت بكتاب الله

قال: و اين ذلك الكتاب قال قول الله عزّوجلّ: «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا

بلى» .

قال: لما خلق الله علیه السلام الا مسح منكبه، فخرج ذريته مثل الذر، فعرفهم بنفسه أنه الرب وأنهم العبيد و أقروا بذلك على أنفسهم و أخذ ميثاقهم بذلك وكتبه في رق أبيض، قال: وكان هذا الركن الأسود يومئذ له لسانان و شفتان و عينان فقال له: افتح فاك ففتح فاه فألقمه ذلك الرق و جعله في موضعه و قال له تشهد لمن وافاك بالموافات إلى يوم القيامة.

قال فقال له عمر بن الخطاب: لابقيت في قوم لست فيهم أبا حسن أو قال: لاعشت في قوم لست فيهم أبا حسن.

76 - عنه أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة، أنبأنا عبد العزيز بن أحمد، أنبأنا تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، أنبأنا أبي رحمه الله، أنبأنا أيوب بن سليمان الرازي أبنأنا أبو بكر عبدالله بن محمد بن عبيد، أنبأنا

ص: 297

298

محمد بن الحسين اليرجلاني، أنبأنا يزيد بن هارون، أنبأنا الجريري عن عبداللهبن شقيق :

عن الأقرع مؤذن عمر، أن عمر مرّ على الأسقف فقال: هل تجدونا في شيء من كتبكم؟ قال: ونجد صفتكم وأعمالكم و لا نجد أسماءكم قال

كيف تجدونى؟ قالوا قرن من حديد قال عمر: قرن من حديد، و ماذا معناه؟ قال أمين شديد قال عمر: الله اكبر : الله اكبر و الحمد لله .

قال: والذي بعدى؟ قال رجل صالح يؤثر أقرباءه. فقال عمر: يرحم الله ابن عفان قال: والذي من بعده؟ فقال: مهلا يا أمير المؤمنين، إنه رجل

صالح ولكن إمارته تكون في هراقة من الدماء و السيف. كذا مسلول.

77- عنه أخبرنا أبو غالب و أبو عبد الله ابنا لبناء قالا: أنبأنا أبو عبدالله الحسين بن الآبنوسي، أنبأنا أحمد بن عبيد بن بيرى إجازة. قالا: و أنبأنا أبو تمام علي بن محمد إجازة، أنبأنا أحمد بن عبيد، قالا: أنبأنا محمد بن الحسين أنبأنا ابن أبي خيثمة، أنبأنا خلف بن الوليد، أنبأنا إسرائيل:

عن أبى إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: شهدت عمر بن الخطاب يوم طعن قال: ادعو لي علياً و عثمان و طلحة والزبير، و ابن عوف، وسعد ابن أبي وقاص، فلم يكلم أحداً منهم غير علي و عثمان، فقال: يا علي لعلّ هؤلاء القوم يعرفون لك حقك و قرابتك من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و صهرك و ما آتاك الله من الفقه و العلم، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيه.

ثم دعا عثمان فقال: يا عثمان لعلّ هذا القوم أن يعرفوا لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و سبط و شرفك، فإن وليت هذا الأمر فاتق الله فيه، ثم قال: ادعو لي صهيباً. فدعي له فقال: صل بالناس ثلاثاً و ليحل هؤلاء القوم في بيت فإذا اجتمعوا على رجل فمن خالف فاضربوا رقبته.

ص: 298

فلمّا خرجو من عنده قال: إن يولوها الأجيلح يسلك بهم الطريق؟ فقال له ابنه عبدالله ابن عمر: فما يمنعك منه يا أمير المؤمنين؟ قال: أكره أن أتحملها حياً وميتاً.

78- عنه أخبرنا أبو عبدالله محمد بن أحمد بن إبراهيم، ثم أخبرنا أبو محمد عبد الرحمان بن أبي الحسن أنبأنا سهل بن بشر، قالا: أنبأنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد بن ،الطفال، أنبأنا القاضي أبو طاهر محمد ابن أحمد بن عبد الله، أنبأنا أبو أحمد محمد بن عبدوس بن كامل، أنبأنا محمد ابن الصباح الجرجاني، أنبأنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمر مولى غفرة:

عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عمر، قال: قال عمر لأصحاب الشورى الله درهم إن ولوها الأصلع كيف يحملهم على الحق و ان حملا علي عنقه بالسيف قال: فقلت أتعلم ذلك منه ولاتوله؟ فقال: ان استخلف فقد استخلف من هو خير منى و ان اترك فقد ترك من هو خير من صلی الله علیه وآله وسلم .

79- عنه أخبرنا أبو غالب و أبو عبدالله أحمد و يحى أبنا الحسن بن البناء قالا: أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي أنبأنا أحمد بن عبيد بن الفضل إجازة، أنبأنا محمد بن الحسين الزعفرانى، أنبأنا ابن أبي خيثمة، أنبأنا محمد ابن بكير الحضرمي، أنبأنا ضمام بن إسماعيل، قال:

سمعت العلاء بن كثير وغيره من أهل المدينة ممن كان يلى الإسكندرية، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب، حين وقف عمرو لم يول أحداً - يعني - قال له: ألا تصنع كما صنع أبو بكر؟ قال: ويحك لو كنت أنت غلاماً و كان معك غلمان أتراب نشأتم حتى بلغتم رجالاً، أليس كان يعرف بعضكم بعضاً؟ قال: بعلى. قال: فإني والله و هؤلاء نشأنا جميعاً، فلا

ص: 299

أعرف مكان أحدٍ أخص بهذا الامر ولكني جاعلها بين نفر رأيت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يحبهم.

80- عنه أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع أنبأنا أبو عمرو بن منده، و أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمان بن محمد الذكواني، و أبو مسعود سليمان ابن إبراهيم بن محمد الحافظ و أبو الحسن سهل بن عبدالله بن علي الغازي، و أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن جؤلة الأبهري.

حيلولة و أخبرنا أبو محمد بن طاووس، أنبأنا سليمان بن إبراهيم.

حيلولة و أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمان بن محمد بن الفضل الحداد، أنبأنا أبو بكر بن جولة، قالوا أنبأنا محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني املاءاً، أنبأنا أبو علي الحسين بن علي، أنبأنا محمد بن زكريا، أنبأنا العباس ابن بكار، أنبأنا أبو بكر الهذلي :

عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال عمر لعلي: عظني يا أبا الحسن. قال: لا تجعل يقينك شكا و لا علمك جهلا و لا ظنك حقاً، واعلم أنه ليس لك من الدنيا إلا ما أعطيت فأمضيت و قسمت فسوّيت و ليست فأبليت قال: صدقت يا أبا الحسن.

81 - أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله، أنبأنا أبو محمد الجوهري املاءاً، أنبأنا أبو الحسن على بن عمر بن أحمد الحافظ، أنبأنا أبو بكر أحمد ابن عبدالله محمد الوكيل، أنبأنا أبو بدر عباد بن الوليد، أنبأنا عبدالله بن مسلمة القعني.

حيلولة و أخبرنا القاضى أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن على الاسترآبادي بالرّيّ، أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الفردوسي، أنبأنا أبو ربيعة محمد بن محمد العامري، أنبأنا أبو سهل هارون بن أحمد بن

ص: 300

هارون الغازي، أنبأنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة، أنبأنا القعني أنبأنا ابن لهيعة.

عن أبي الأسود، عن عروة، أن رجلا وقع في علي بمحضر من عمر فقال عمر: تعرف صاحب هذا القبر؟ هو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب. و علي بن أبي طالب بن عبد المطلب، لا تذكر علياً إلا بخير، فإنك إن آذيته – و في حديث الفضل: إن أبغضته - آذيت هذا في قبره.

82- إبراهيم بن محمد بن الجويني: أنبأني أبو عبد الله محمد بن يعقوب ابن أبي الفرج الأزجي قال أنبأنا أبو طالب عبد الرحمان بن عبد السميع الهاشمي إجازة أنبأنا شاذان بن جبرئيل القمي بقراءتي عليه، أنبأنا محمد بن أحمد بن على النطنزي رحمه الله قال أنبأنا أبو على الحداد، قال: حدثنا أبو نعیم ،

قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن الريان البصري بالبصرة، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط، أبو جعفر الأشجعي بمصر، قالل: حدثني أبي إسحاق، عن أبيه عن جده نبيط ابن شريط قال:

خرجت مع عليّ بن أبي طالب علیه السلام و معنا عبد الله بن عباس، فلمّا صرنا إلى بعض حيطان الأنصار وجدنا عمر جالساً ينكث فى الأرض فقال له عليّ بن أبى طالب علیه السلام : يا أمير المؤمنين ما الذي أجلسك وحدك ها هنا؟ قال: لأمر همني. قال علي: أفتريد أحدنا؟ قال عمر: إن كان عبدالله. قال: فتخلف معه عبدالله بن عباس و مضيت مع علي و أبطأ علينا ابن عباس ثم لحق بنا، فقال له علي علیه السلام : ما وراوك؟

قال: يا أبا الحسن أعجوبة من عجايب أمير المؤمنين أخبرك بها و اكتم عليّ، قال: فهلم. قال: لما أن وليت قال عمر - و هو ينظر إلى أثرك -

ص: 301

آه آه آه فقلت: ممّ تأوه يا أمير المؤمنين قال: من أجل صاحبك – يا ابن عباس - وقد أعطي ما لم يعطه أحد من آل النبي صلی الله علیه وآله وسلم .

و لو لا ثلاث هنّ فيه ما كان لهذا الأمر من أحد سواه قلت ما هنّ يا أمير المؤمنين؟ قال: كثرة دعابته و بغض قريش له و صغر سنّه قال: فما رددت عليه؟ قال: داخلنى ما يدخل ابن العم لابن عمّه. فقلت: يا أمير المؤمنين أما كثرة دعابته.

فقد كان النبي صلی الله علیه وآله وسلم يقول - و نحن حوله صبیان و کهول و شیوخ و شبان و يقول - للصبي: «سناقاً سناقاً» و لكل ما يعلمه الله يشتمل على قلبه .

و أما بغض قريش له فوالله ما يبالي بغضهم له بعد أن جاهدهم في الله حين أظهر الله دينه فقصم أقرانها و كسر آلهتها و أثكل نساءها لامه من لامه .

و أمّا صغر سنّه فقد علمت أنّ الله تعالى حيث أنزل عليه »بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَ رَسُولِهِ»، فوجه النبي صلی الله علیه وآله وسلم صاحبه ليبلغ عنه فأمره الله أن لا يبلغ عنه إلا رجل من أهله فوجهه به فهل استصغر الله سنّه؟

فقال عمر لابن عباس: أمسك علي وأكتم فإن سمعتها من غيرك لم أنم بين لابتيها.

83- أخبرني الإمام قطب الدين عبد المنعم بن يحيى بن إبراهيم - الزهري خطيب بيت المقدس كتابة، أنبأنا شرف الدين أبو طالب عبدالرحمان بن عبد السميع الواسطي كتابة، أنبأنا شاذان بن جبرئيل القمى قراءة عليه، أنبأنا محمد بن عبدالعزير القمي أنبأنا الامام حاكم الدين أبو عبدالله محمد بن أحمد بن علي النطنزي رحمه الله.

ص: 302

قال: أنبأنا الأستاذ الإمام أبو محمد حمد بن الفضل، قال: أنبأنا أب--و بكر محمد بن عمران الواعظي القاري بقراءتي عليه قال أنبأنا أبو بكر محمد بن عمران الواسطي القاري بقراءتي عليه، قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمان بن أحمد القاضي قال أنبأنا هلال بن محمد بن محمد الفقيه، قال: أنبأنا عبدالله بن أحمد بن عامر قال: أنبأنا أبي قال: قال علي بن موسى الرضا، عن آبائه عن علي علیه السلام قال:

حمل رجل إلى عمر و قالوا له قد سألناه وقلنا له: كيف أصبحت؟ قال أصبحت وقد أحب الفتنة و أكره الحق و أصدق اليهود و النصاري و آمن بما لم أره و أقر بما لم يخلق .

فأرسل إلى عليّ علیه السلام فأتاه فقال: صدق قال الله تعالى: «أَنما أَمْوَالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ» يكره الحق يعنى الموت قال الله تعالى: «وَ جَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالْحَقِّ». ويصدق اليهود والنصاري قال الله تعالى: «وَ قَالَتِ الْيَهودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَ قَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ» و يؤمن بما لم يره يعنى الله عزّوجلّ ويقر بما لم يخلق يعنى الساعة. قال عمر: لولا عليّ لهلك عمر.

84 - عنه أخبرني أخبرني العدل ظهير الدين علي بن محمد بن محمود الكازروني ثم البغدادي و العدل شمس الدين علي بن عثمان بن محمود، أنبأنا الشيخ أبو سعد ثابت بن مشرف بن أسعد بن إبراهيم الخباز، قال: أنبأنا أبو القاسم مقبل بن أحمد بن بركة بن الصمدر سماعاً عليه في يوم الثلاثاء السادس عشر من ذى القعدة سنة اثنين وخمس مأة.

قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن الحسين بن عبدالله الربعي سماعاً عليه بقراءة عبدالوهاب ابن الأنماطي في ربيع الأول سنة خمس مأة، قال: أنبأنا

ص: 303

أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز، قيل له: حدثكم أبو جعفر ابن محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، إملاءاً و أنت تسمع من لفظه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم الواسطى قال: حدثنا يزيد بن هارون قال أنبأنا عبد الملك، قال: حدثنا محمد بن الزبير قال:

دخلت مسجد دمشق فإذا أنا بشيخ قد التفت ترقوتاه من الكبر فقلت له: يا شيخ من أدركت ؟ قال النبي صلی الله علیه وآله وسلم ، قلت : فما غزوت؟ قال: اليرموك. قلت: حدثني بشيء سمعته قال: خرجت مع فتية من عك الأشعريين حجاجاً فأصبنا بيض نعام و قد أحرمنا، فلما قضينا نسكنا وقع في أنفسنا منه شيء.

فذكرنا ذلك لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فأدبر و قال: اتبعوني فمضينا معه حتى انتهى إلى حجر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فضرب في حجرة منها فأجابته امراة فقال لها: أثمّ أبو الحسن؟ قالت: لامر في المقتاة. فأدبر عمر و قال: اتبعوني فسرنا معه حتى انتهى إليه فإذا معه غلامان أسودان و هو يسوي التراب بيده.

فقال: مرحباً بأمير المؤمنين. فقال عمر: إن هؤلاء فتية من الأشعريين أصابوا بيض نعام و هم محرمون. قال: ألا أرسلت إلى؟ قال: أنا احق بإتيانك قال: يضربون الفحل قلاتص أبكاراً بعدد البيض فما نتج منها أهدوه. قال عمر: فإن الإبل ،تخدج قال عليّ علیه السلام : و البيض يمرق. فلما أدبر قال عمر: اللهم لا تتزلنّ بي شديدة إلا و أبو الحسن إلى جنبي.

85 - عنه أخبرني شيخنا أبو عمرو عثمان بن الموفق و الأمير الفاضل الموفق ابن محمد بن الموفق الأذكانيان، و الشيخ علي بن محمد بن أحمد الثعلبي يعرف بابن الحبولي الدمشقي - إجازة، قالوا: أخبرتنا الشيخة زينب

ص: 304

بنت أبي القاسم الشعري الجرجاني بروايتها عن العلامة جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري قال:

أنبأنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مزدك الرازي أنبأنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين السمان الرازي أنبأنا أبو القاسم علي بن محمد البزاز بقراءتي عليه حدثنا عبد الباقي بن قانع، حدثنا ابن أبي شيبة حدثنا جندل بن واثق، حدثنا محمد بن عمر المازني عن عبّاد الكلبي.

عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلام عن جابر قال: عمر کانتلأصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم ثمانية عشر سابقة فخص منها علي بثلاثة عشر، و شركنا في الخمس.

86 - عنه بالاسناد المتقدم إلى أبى سعد السمان قال : أنبأنا أبو عبدالله الحسن ابن علي بن الحسين القاضي حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن سالم الجعابي حدثني أبو يزيد خالد بن النضر القرشي بالبصرة حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعید :

عن سعيد بن المسيب قال: سمعت عمر، يقول: اللهم لا تبقي لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حيّاً.

87 - عنه أخبرني الإمام أبو الفضل ابن أبى الثناء بن مودود الحنفي إجازة قال: أخبرني أبو الفتح ابن عبد المنعم بن أبي البركات بن محمد إجازة :قال: أنبأنا جد والدي محمد بن الفضل أبو عبدالله الفراوي إجازة قال: أخبرنا الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي سماعاً عليه، قال: أنبأنا أبو سعيد يحيى بن محمد الإسفرائني قال: أنبأنا أبو بحر محمد بن الحسين بن كوثر .

ص: 305

قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر بن الخطاب: اعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن. يعني علي ابن أبى طالب علیه السلام .

88- و بالاسناد المتقدم إلى الحافظ أبو بكر البيهقي قال: أنبأنا محمد ابن عبدالله الحافظ قال: أنبأنا الحسن بن محمد الإسفرائني قال: حدثنا أبو الحسن ابن محمد بن أحمد بن البرار قال حدثنا علي بن عبدالله بن جعفر المديني قال: حدثني أبي قال: أخبرني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه:

عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب، لقد أعطى علي بن أبي طالب علیه السلام ثلاث خصال لأن تكون لى خصلة منها أحب إلي من أن أعطى حمر النعم، قيل: و ماهي يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوّجه فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و سكناه مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لا يحل له فيه ما يحلّ له و الراية يوم خيبر.

89- عنه أخبرني المشيخة الجلّة نجم الدين عثمان بن الموفق و تاج الدين علي بن أنجب، و مجد الدين عبدالله بن محمود، و أمين الدين أبو اليمن عبد الصمد بن عبدالوهاب و غيرهم بروايتهم عن أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم عبدالرحمان بن الحسن الشعري الجرجاني إجازة بروايتها عن العلامة أبي القاسم محمد بن عمر الزمخشري إجازة:

قال: أنبأنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين المردك الرازي أنبأنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين السمان، قال: أنبأنا أبو عبدالله محمد بن زكريا التستري بقراءتي عليه، حدثنا محمد بن أحمد بن عمر الدبيعي حدثنا يحيى بن أبى طالب، أنبأنا أبو بدر، عن سعيد

ص: 306

ابن أبي عروبة عن داوود بن أبي القصاب عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه أبي الأسود قال:

أن عمر أتي بامرأة وضعت لستة أشهر فهم برجمها فبلغ ذلك عليّاً فقال: ليس عليها رجم فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه يسأله فقال علي علیه السلام : «وَ الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ»

و قال عزّ و جلّ «وَ حَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» فستة أشهر حمله، و حولين تمام الرضاع لاحد عليها. قال: فخلّى عنها ثم ولدت بعد ذلك نساء لستة أشهر.

90- عنه بهذا الإسناد المتقدم آنفاً عن أبي سعد السمان هذا أخبرنا أحمد ابن الحسين الموسي آبادي بقراءتي عليه، حدثنا أبو على الفلاس و أبو عبدالله القطان و أبو سعيد أحمد بن علي البيع، قال: حدثنا علي بن موسى القمي حدثنا ابن أبي طالب، حدثنا معلي بن زائدة حدثنا أشعب عن عامر عن مسروق شتاخ و حدثنا ابن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند عن عامر عن مسروق قال:

أتى عمر بامرأة أنكحت في عدتها ففرق بينهما و جعل صداقها في بيت المال و قال: لا أجيز مهراً ارد نكاحه و قال: لا يجتمعان أبداً. - زاد الشعبي - فبلغ ذلك عليا علیه السلام فقال: و إن كانوا جهلوا السنة لها المهر بما استحل من فرجها و يفرّق بينهما فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب. فخطب عمر الناس فقال: ردّوا الجهالات إلى السنة. و رجع عمر إلى قول علي علیه السلام.

91 - عنه بهذا الإسناد الذي قد سبق آنفاً عن أبي سعد السمان، أنبأنا أبو القاسم أحمد بن محمد بن عثمان العثماني بمدينة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم بقراءتي عليه حدثنا علي بن محمد بن الزبير الكوفي، حدثنا الحسن و محمد ابنا على

ص: 307

ابن عثمان قالا حدثنا الحسن بن عطية القرشي عن الحسن بن صالح بن حیّ.

حدثنا أبو المغيرة الثقفي عن رجل عن ابن سيرين، قال: إن عمر سأل الناس كم يتزوج المملوك؟ و قال لعلي: إياك أعنى يا صاحب المغافري - و رداء كان عليه – فقال: اثنتين.

92- عنه بهذا الإسناد الذي قد سبق عن أبي سعد السمان، هذا حدثنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الأيادي ببغداد لفظاً، حدثنا أبو القاسم حبيب بن الحسن القزاز، حدثنا عمر بن حفص السدوسي حدثنا أبو بلال الأشعري حدثنا عيسى بن مسلم القرشي عن عبدالله بن عمرو بن كهيل عن ابن عباس قال:

كنّا في جنازة قال علي بن أبي طالب لزوج أم الغلام: أمسك عن أمرأتك فقال عمر: و لم يمسك عن امراته ؟ أخرج عن ما جئت به. قال: نعم يا أمير المؤمنين يريد أن يستبرء رحمها لا يلق فيه شيئاً فيستوجب ب-ه الميراث من أخيه و لا ميراث له فقال عمر: أعوذ بالله من معضلة لا على لها .

93- عنه بهذا الإسناد الذي قد تقدم عن أبي سعد السمان هذا أنبأنا أبو المجد محمد بن عبدالله بن سليمان التنوخي بمعرة النعمان بقراءتي عليه، و أبو الفتح المؤيد بن أحمد بن علي الخطيب بحلب بقراءتي عليه، حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم حدثنا محمد بن الحنبلي قال المؤيد المعروف بالمصري بحلب حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن المعروف بابن أبى فضلة الشيخ الصالح قال: حدثني أبي حدثني يعلى بن عبيد، عن الأعمش عن أبي صالح:

ص: 308

عن عبدالله بن عباس قال: استعدى رجل على علي بن أبى طالب علیه السلام إلى عمر بن الخطاب و كان علي جالساً في مجلسه فالتفت عمر إلى علي فقال له: يا أبا الحسن و قال المؤيد: قم يا أبا الحسن – فاجلس مع خصمك. فقام علي علیه السلام فجلس مع خصمه متناظرا و انصرف الرجل و رجع علي إلى مجلسه فجلس فيه فتبين عمر التغير في وجه علي فقال له:

يا أبا الحسن مالي أراك متغيراً ؟ أكرهت ما كان؟ قال: نعم. قالعمر: لم ذاك؟ قال: لأنك كنيتني بحضره خصمي فألاً قلت: قم يا علي فاجلس مع خصمك فأخذ عمر برأس علي و قبل بين عينيه ثم قال: بأبى انتم بكم هدانا الله و بكم أخرجنا من الظلمات إلى النور.

94 - عنه بهذا الإسناد الذي سلف عن أبي سعد السمان هذا حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين بن الحسين بن محمد البغدادي السرابي حدثنا أبو عمر محمد ابن عبد الواحد الزاهد، حدثنا محمد بن عثمان العيسى حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا يونس بن بكير، عن عنبسة بن الأزهر، عن يحيى بن عقيل قال:

كان عمر بن الخطاب يقول لعلي علیه السلام- فيما كان يسأله عنه فيفرج- : لا أبقاني الله بعدك يا علي.

95 - عنه أنبأنا العدل أبو طالب على بن أنجب المعروف بابن الساعي - فيما رواه عن الحافظ محب الدين محمود بن محمد بن الحسن ابن النجار البغدادي بإجازته له - قال أنبأنا الإمام برهان الدين أبو الفتح ناصر الدين أبو المكارم المطرزي الخوارزمي أجازة بروايته عن أخطب خوارزم

عنه : أبى المؤيد الموفق بن أحمد المكي الخوارزمي أجازه إن لام يكن سماعاً.

قال أنبأنا الإمام العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي أنبأنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن

ص: 309

مردك الرازي أنبأنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن الحسن بن علي بن الحسين السمان، أنبأنا أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن الصباح بقراءتي عليه

حدثنا عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم البزاز عن السري ابن سهل الجند يسابوري حدثنا عبد الله بن رشيد حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عمرو، عن الحسن: أن عمر بن الخطاب أتى بامراة مجنونة حبلى قد زنت فاراد أن يرجمها.

فقال له عليّ علیه السلام : يا أمير المؤمنين أما سمعت ما قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ؟ قال : و ما قال ؟ قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الرفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، و عن الغلام حتى يدرك ، و عن النائم حتى يستيقظ قال: فخلّى عنها عمر.

96 - عنه بهذا الإسناد الذي تقدم آنفاً عن أبى سعد السمان هذا حدثنا أبو عبدالله الحسين بن هارون القاضي الضبي إملاءاً لفظاً، أنبأنا أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق سنة ثلاثين و ثلاث مأة، أن علي بن محمد النخعي حدثه :قال حدثنا سليمان بن ابراهيم المحاربي حدثني نصر بن مزاحم بن نصر المنقري حدثني إبراهيم بن الزبرقان التيمي حدثني أبو خالد:

حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي الطالب علیهم السلام قال: لما كان في ولاية عمر أتى بامرأة حامل فسألها عمر فاعترفت بالفجور، فأمر بها عمر أن ترجم فلقيها علي بن أبي طالب فقال: ما ب-ال هذه؟ قالوا أمر بها أمير المؤمنين أن ترجم. فردّها إلى عمر فقال: يا عمر أمرت بها أن ترجم؟ قال: نعم اعترفت عندي بالفجور. قال: هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها ؟

ص: 310

ثم قال له علي: فلعلك انتهرتها أو خوفتها؟ فقال عمر: قد كان ذلك قال أو ما سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول : لا حدّ على معترف بعد بلاء إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له. فخلى عمر سبيلها ثم قال: عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب و لولا علي لهلك عمر.

97 - عنه أخبرني الشيخ الإمام العلامة نجم الدين أبو القاسم جعفر ابن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي رحمة الله عليه – في شهور سنة إحدى و سبعين و ست مأة - بروايته عن السيد النسابة فخار بن معد بن فخار الموسوي عن شاذان بن جبرئيل القمي عن جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين.

قال: حدثني محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن أبی القاسم، عنأحمد بن خالد عن أبيه عن عبدالله بن القاسم، عن حيّان السراج، عن داوود بن سليمان الكسائي عن أبي الطفيل قال:

شهدت جنازة أبى بكر يوم مات و شهدت عمر حین بويع و علي علیه السلام مجالس ناحية إذ أقبل غلام يهودي - عليه ثياب حسان و هو من ولد هارون - حتى قام على رأس عمر فقال: يا أمير المؤمنين أنت اعلم هذه الأمة بكتابهم و أمر نبيهم ؟ قال فطأطأ عمر رأسه، فقال له الغلام: إياك أعنى و أعاد عليه القول،

فقال له عمر ما ذاك؟ قال: إني جئتك مرتاداً لنفسى شاكاً في ديني. فقال: دونك هذا الشاب. قال: و من هذا الشاب؟ قال هذا عليّ بن أبى طالب ابن عم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هو أبو الحسن و الحسين و زوج فاطمة بنت رسول الله علیهم السلام.

فأقبل اليهودي على علي بن أبي طالب علیه السلام فقال: أكذلك أنت؟ قال:

ص: 311

نعم. قال فإني أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث و واحدة. قال: فتبسم علي علیه السلام و قال يا هاروني ما منعك أن تقول: سبعاً؟

قال أسألك عن ثلاث فإن علمتهن سألت عما بعدهن و إن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم علم. قال علي علیه السلام ألا فإني أسألك بالذي تعبد لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك و لتدخلن في ديني؟ قال: ما جئت إلا لذلك.

قال فاسأل. قال: فأخبرني عن أول قطرة وقعت على وجه الأرض أي قطرة هي؟ و أول عين فاضت على وجه الأرض أي عين هي؟ و أول شیء اهتز على وجه الأرض أيّ شيء هو ؟

فأجابه أمير المؤمنين علیه السلام ، قال: فأخبرني عن الثلاث الأخر، أخبرني عن محمد صلی الله علیه وآله وسلم كم يعده من إمام عدل؟ و في أي جنة يكون؟ و من يساكنه معه في جنته؟ فقال: يا هاروني إن لمحمد صلی الله علیه وآله وسلم منالخلفاء إثنا عشر إماماً عادلاً لا يضرهم من خذلهم و لا يستوحشون لخلاف من خالفهم و إنهم أرسب في الدين من الجبال الرواسي في الأرض.

و يسكن محمد صلی الله علیه وآله وسلم في جنته أولئك الإثنا عشر إماماً العدل مع قال: صدقت و الله الذي لا إله إلا هو إني لأجدها في كتب أبي هارون كتبه بيده و إملاء موسى عمي علیه السلام. قال فأخبرني عن الواحدة أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟ و هل يموت أو يقتل؟

قال: يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة لا يزيد يوماً و لا ينقص يوماً ثم يضرب ضربة هاهنا - يعنى قرنه – فتخضب هذه من هذا قال: فصاح الهاروني و قطع تسبيحه و هو يقول: أشهد أن لا إلا إلا الله وحده لا شريك له.

ص: 312

98 - ابن المغازلي أخبرنا أحمد بن محمد بن عبدالوهاب بن طاوان إجازه أخبر أبو أحمد مد عمر بن عبدالله بن شوذب المقريء حدثنا محمد بن عثمان حدثنا محمد بن سليمان حدثنا جعفر بن محمد بن حكيم من ابراهيم بن عبد الحميد عن رقبة بن مصقلة بن عبد الله عن أبيه، عن جده، قال أتى عمر ابن الخطاب رجلان يسألاه عن طلاق العبد؟ فانتهى إلى حلقة فيها رجل اصلع.

كم طلاق العبد ؟ فقال له بإصبعه ،هكذا، وحرَّك السبابة و التي عليها، فالتفت إليه فقال إثنتين فقال أحدهما، سبحان الله جئناك و أنت أمير المؤمنين، فسألناك فجئت إلى رجل و الله ما كلمك. قال عمر تدرى من هذا؟ هذا علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول : لو أن السماوات و الأرضين وضعتا في كفة و وضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي.

99 - الموفق الخوارزمى: أخبرنا الإمام العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي أنبأنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك الرازي. أخبرني الحافظ أبو سعيد إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين السمان، أخبرني أبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن الصباح بقراءتي عليه، حدثني عبد الصمد بن علي بن محمد بن مكرم البزاز.

حدثني السري بن سهل الجند يسابوري حدثنا عبدالله بن رشيد حدثني عبد الوارث بن سعيد عن عمرو، عن الحسن أن عمر بن الخطاب أتى بامراة مجنونة حبلى قد زنت فأراد أن يرجمها، فقال له علىّ علیه السلام : يا أمير المؤمنين أما سمعت ما قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ؟ قال: و ما قال؟ قال: قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتى يبرأ ، و عن الغلام

ص: 313

حتى يدرك ، عن النائم حتى يستيقظ، قال فخلّى عنها.

100 - عنه بإسناده عن أبي سعيد السمان هذا أخبرني أبو عبد الله الحسين بن هارون القاضي الضبي إملاءاً و لفظاً، أخبرني أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق سنة ثلاثين و ثلاث مأة، أن علي بن محمد النخعي حدثه.

قال: حدثنا سليمان بن ابراهيم المحاربي. حدثني نصر بن مزاحم بن نصر المنقري حدثني إبراهيم بن الزبرقان التيمي حدثني أبو خالد، حدثني زيد ابن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب علیهم السلام .

قال: لما كان في ولاية عمر أتى بامرأة حامل فسألها عمر فاعترفت بالفجور، فأمر بها عمر أن ترجم فلقيها علي بن أبي علیه السلام طالب فقال ما بال هذه؟ قالوا: أمر بها عمر أن ترجم فردّها على علیه السلام فقال له أمرت بها أن ترجم؟ قال: نعم اعترفت عندي بالفجور. قال: هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟

ثم قال له علي علیه السلام : فلعلك انتهرتها أو أخفتها؟ فقال عمر: قد كان ذلك قال : علي علیه السلام أو ما سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول: لا حدّ على معترف بعد البلاء إنه من قيدت أو حبست أو تهددت فلا إقرار له فخلى عمر سبيلها ثم قال: عجزت النساء أن تلدن مثل علي بن أبي طالب علیه السلام و لولا علىّ لهلك عمر.

101 - عنه أخبرنا الإمام العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي أخبرني الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك الرازي الحافظ أخبرنا الحافظ أبو سعيد إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين السمان،

أخبرني أبو القاسم أبو عبد الله محمد بن محمد بن زكريا التستري

ص: 314

بقراءتي عليه، حدثني محمد بن أحمد بن عمر الزبيعي حدثني يحيى بن أبى طالب، أخبرني أبو بدر، عن سعد ابن أبي عروبة عن داوود بن أبي القصاب عن أبي حرب بن أبي الأسود.

قال: أتي عمر بامرأة قد ولدت لستة أشهر فهم ان يرجمها فبلغ ذلك عليا علیه السلام فقال: ليس عليها رجم. فبلغ ذلك عمر فأرسل إليه يسأله فقال علي علیه السلام : وَ الْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ».

و قال: «وَ حَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» فستة أشهر حمله، و حولين تمام الرضاعة لاحد عليها. قال: فخلّي عنها ثم ولدت بعد ستة أشهر.

102 - عنه بهذا الإسناد عن أبي سعد السمان هذا أخبرني أحمد ابن الحسين الموسي آبادي بقراءتي عليه حدثني أبو على الغلاس و أبو عبدالله القطان و أبو سعيد أحمد بن علي البيع، قال: حدثنا علي بن موسى القمي حدثنا ابن أبي طالب، حدثني معلي بن أبي زائدة حدثني أشعب عن عامر عن مسروق شتاخ و حدثنا ابن أبي زائدة عن داود بن أبي هند عن عامر عن مسروق قال:

أتى عمر بامرأة قد نكحت في عدتها ففرق بينهما و جعل صداقها من بيت المال و قال : لا أجيز مهراً ارد نكاحه و قال: لا يجتمعان أبداً. - زاد الشعبي - فبلغ عليّاً علیه السلام فقال : وإن كانوا جهلوا السنة لها المهر بما استحل من فرجها ويفرّق بينهما فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب فخطب عمر الناس فقال: ردّوا الجهالات إلى السنة و ردوا قول عمر إلى علیّ علیه السلام.

103 - عنه بهذا الإسناد عن أبي سعد السمان، هذا أخبرني أبو القاسم

ص: 315

أحمد بن عثمان العثماني بمدينة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم بقراءتي عليه حدثني علي بن محمد بن الزبير الكوفي، حدثنا الحسن و محمد ابنا على بن عفان قالا حدثنا الحسن بن مطير القرشي عن الحسن بن صالح بن حيّ.

حدثنا أبو المغيرة الثقفي عن رجل عن ابن سيرين، قال: إن عمر سأل الناس كم يتزوج المملوك؟ و قال لعلي: إياك أعنى يا صاحب المغافري - رداء كان عليه - فقال اثنتين.

104 - عنه بهذا الإسناد عن أبي سعد السمان، هذا أخبرني أبو القاسم علي بن محمد بن علي الأيادي ببغداد لفظاً، حدثني أبو القاسم حبيب بن الحسن القزاز، حدثنا عمر بن حفص السندوسى حدثني أبو بلال الأشعري حدثنا عيسى بن مسلم القرشي عن عبدالله بن عمرو بن نهيك عن ابن عباس قال:

كنّا في جنازة قال علي بن أبي طالب علیه السلام الزوج أم الغلام: أمسك عن أمرأتك فقال عمر: و لم يمسك عن امراته؟ أخرج عن ما جئت به. قال: نعم يا أمير المؤمنين يريد أن يستبرىء رحمها لا يلق فيه شيئاً فيستوجب به الميراث من أخيه و لا ميراث له فقال عمر: أعوذ بالله من معضلة لا على لها.

105- عنه بهذا بالاسناد عن أبى سعد السمان هذا أخبرني أبو عبدالله الحسن ابن علي بن الحسين القاضي في جامع قزوين بقرائتي عليه أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن سالم الجعابي حدثني ثني ابو يزيد خالد بن النضر القرشي بالبصرة حدثني محمد بن أبي صفوان الثقفي حدثني مؤمل بن إسماعيل عن ابن عيينة، عن يحيى بن سعيد بن المسيب قال سمعت عمر يقول : اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حيّاً.

ص: 316

106 - عنه بهذا الإسناد عن أبى سعد هذا أخبرني أبو المجد محمد ابن عبدالله بن سليمان التنوخي بمعرة النعمان بقراءتي عليه و أبو الفتح المؤيد بن أحمد بن علي الخطيب بحلب بقراءتي عليه، حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم.

حدثنا محمد بن الحنبلي قال: المؤيد المعروف بالمصري بحلب حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن المعروف بابن أبي فضلة حدثنا الشيخ الصالح، قال: حدثني أبي حدثني يعلى بن عبيد، عن الأعمش عن أبي صالح:

عن عبدالله بن عباس قال: استعدى رجل على علي بن أبى طالب علیه السلام إلى عمر بن الخطاب و كان علي جالساً في مجلس عمر بن الخطاب فالتفت عمر إلى علي علیه السلام فقال : يا أبا الحسن و قال المؤيد: قم يا أبا الحسن - فاجلس مع خصمك. فقام علي علیه السلام فجلس مع خصمه فتناظروا و انصرف الرجل و رجع علي إلى مجلسه فجلس فيه، فتبين عمر التغير في وجهه.

فقال له: يا أبا الحسن مالي أراك متغيراً؟ أكرهت ما كان؟ قال: نعم. قال: لم ذاك؟ قال: لأنك كنيتني بحضره خصمي افلا :قلت قم يا علي فاجلس مع خصمك فأخذ عمر برأس علي علیه السلام فقبل بين عينيه ثم قال: بأبى انتم بكم هدانا الله و بكم أخرجنا من الظلمات إلى النور.

107- عنه بهذا الإسناد عن أبى سعد هذا أخبرني أبو الطيب محمد بن زيد النهشلي العطار بالكوفة بقرائتي عليه حدثني علي بن محمد بن محمد بن عقبة الشيباني حدثني أبو العباس الفضل بن يوسف الجعفي القصباني حدثني محمد بن عقبة حدثني سعيد بن خيثم الهلالي محمد الهلالي عن بن خالد الضبي قال خطبهم عمر بن الخطاب.

ص: 317

فقال: لو صرفنا كم عما تعرفون الى ما تنكرون ما كنتم صانعين؟ قال محمد فسكتوا فقال ذلك ثلاثا فقام على الله فقال عمر اذن كنا نستتيبك فان تبت قبلناك قال: فان لم أتب قال: فاذن نضرب الذي فيه عيناك فقال: الحمد لله الذي جعل في هذه الامة من اذا اعوججنا اقام اودنا.

108 - عنه بهذا الإسناد عن ن أبي سعد السمان هذا أخبرني أبو القاسم علي بن محمد البزاز الحضرمي بقراءتي عليه حدثني عبد الباقي بن قانع ابن مرزوق القاضي حدثني ابن أبى شيبة حدثني جندل بن والق، حدثني محمد ابن عمر المازني عن عبّاد الكلبي.

عن جعفر بن محمد، عن أبيه علیهما السلام عن جابر قال عمر كانت لأصحاب محمد صلی الله علیه وآله و سلم ثمانية عشرة سابقة فخص عنها علي بثلاثة عشر، و شركنا في الخمس.

109 - عنه بهذا الإسناد عن أبى سعد السمان هذا أخبرني أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن تسعين حدثني ابو علي أبو علي حامد أحمد البوشنجى القلموزى قدم حاجاً سنة بن عبدالله الرفاء حدثني علي بن عبدالعزیز حدثني ابو نعيم حدثني عبد السلام عن عطاء عن عبدالرحمن :قال شرب قوم الخمر بالشام و عليهم يزيد بن أبي سفيان في زمن عمر.

فقال لهم يزيد هل شربتم الخمر ؟ فقالوا نعم شربناها و هي لنا حلال فقال أو ليس قال الله عز وجل: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ المَيْسِرُ». الى قوله: «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ» حتى فرغ من الآية فقالوا اقرأ التي بعدها فقرأ «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا» الى قوله: «وَ اللهُ يُحِبُّ الْحْسِنِينَ».

فنحن من الذين آمنوا واحسنوا فكتب بأمرهم الى عمر فكتب اليه

ص: 318

غمر ان أتاك كتابي هذا ليلاً فلا تصبح حتى تبعث بهم إلى وان أتاك نهاراً فلا تمس حتى تبعث بهم الي :قال: فبعث بهم اليه فلما قدموا على اليه فلما قدموا على عمر سألهم عما كان سألهم يزيد و ردوا عليه كما ردوا على يزيد فاستشار فيهم أصحاب النبي صلی الله علیه وآله و سلم فردوا المشورة اليه قال: و علي علیه السلام حاضر في القوم ساکت .

فقال ما تقول يا أبا الحسن فقال أمير المؤمنين أنهم قوم افتروا على الله الكذب و أحلوا ما حرم الله فارى أن تستثيبهم فان ثبتوا و زعموا ان الخمر حلال ضربت أعناقهم و ان هم رجعوا ضربتهم ثمانين ثمانين بفريتهم على الله و عز وجل.

فدعاهم فاسمعهم مقالة علي علیه السلام فقال ما تقولون فقالوا نستغفر الله و نتوب اليه و نشهد أن الخمر حرام و انما شربناها و نحن نعلم أنها حرام فضربهم ثمانين ثمانين جلدة.

110 - عنه بهذا الإسناد عن أبي سعد السمان هذا أخبرني أبو الحسن علي بن محمد المروزي و على بن أحمد المروزي بقرأتي عليه أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم حدثني أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان حدثني عمر بن حماد بن طلحة حدثني بن حدثني اسباط عن سماك عن حنش ان رجلين استودعا امرأة من قريش مائة دينار و امراها ان لاتدفع الى واحد منهما دون صاحبه فاتاها أحدهما.

فقال ان صاحبي قد هلك فادفعى الى المال فابت فاستشفع اليها و مكث يختلف اليها ثلاث سنين قال فدفعت اليه المال ثم جاء اليها صاحبه فقال اعطيني مالي فقالت له قد أخذ صاحبك فارتفعوا الى عمر فقال له عمر ألك بينة فقال هي بينتى قال ما اراك إلا ضامنة فقالت انشدك الله الا ما

ص: 319

رفعتنا الى علي بن ابي طالب علیه السلام.

قال: فرفعها اليه فأتوه فى حايط له و هو يسيل الماء و هو مؤتزر بكساء فقصوا عليه القصة فقال للرجل آتيني بصاحبك و الىّ متاعك.

111 - عنه بهذا الإسناد عن أبي سعد هذا حدثني أبو العباس أحمد بن الحسين بن محمد البغدادي السرابي حدثنا أبو عمر محمد ابن عبد الواحد الزاهد، حدثنا محمد بن عثمان العبسى حدثني عقبة بن مكرم، حدثني يونس

ابن بكير، عن عنبسة بن الأزهر، عن يحيى بن عقيل قال:

كان عمر بن الخطاب يقول لعلي بن أبي طالب علیه السلام فيما كان يسأله عنه فيفرج عنه لا أبقاني الله بعدك يا علي.

112 - عنه أخبرنا الإمام العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن - عمر الزمخشري الخوارزمي أخبرنا الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك الرازي أخبرني الحافظ أبو سعيد إسماعيل بن الحسين بن علي بن الحسين السمان، أخبرنا أبو طالب محمد بن يحيى القرشي الصباغ بالكوفة بقراءتى عليه، حدثني الحسن بن محمد السكوني.

قال حدثنی الحضرمي حدثني محمد بن سعد المحاربي حدثني حسين الاشقر عن قيس عن عمار الدهني عن سالم قال قيل لعمر نراك تصنع بعلي شيئا لا نراك تصنعه بأحد من أصحاب النبي صلی الله علیه وآله و سلم قال إنه مولاي.

113 - عنه بهذا الإسناد عن أبى سعيد هذا أخبرني طاهر بن محمد بن سمعان الجواليق بعسكر مكرم بقراءتي عليه حدثني أبو طاهر عبد الرحمن ابن عبدالله الوارث بن ابراهيم العسكري حدثني أبي حدثني عمر و حدثني ابراهيم بن محمد بن اسماعيل الزبيدي عن ابراهيم بن حيان عن أبي جعفر.

قال: جاء اعرابيان الى عمر يختصمان فقال عمر يا أبا الحسن اقض

ص: 320

بينهما فقضى على علي أحدهما فقال المقضى عليه يا أمير المؤمنين بهذا يقضى بيننا فوئب اليه عمر فاخذ بتلابيبه ثم قال ويحك ما تدرى من هذا هدا مولای و مولى كل مؤمن ومؤمنة و من لم يكن مولاه فليس بمؤمن.

114 - عنه بهذا الإسناد عن أبى سعيد هذا أخبرني أبو عبدالله الحسين ابن علي بن محمد الجوهرى ببغداد بقرائتي عليه حدثنا محمد بن عمران بن موسی حدثنا أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي حدثنا أبو العباس حدثني يعقوب بن اسحاق بن أبي اسرائيل قال نازع عمر بن الخطاب رجلا في مسألة.

فقال له عمر بيني و بينك هذا الجالس و أو ما بيده الى علي علیه السلام فقال الرجل من هذا الهن فنهض عمر عن مجلسه فأخذ باذنيه حتى اشاله من الأرض و قال له ويلك أتدرى من صغرت هذا علي بن أبي طالب علیه السلام مولای و مولی کل مسلم.

115- عنه أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني فيما كتب إلى من همدان أخبرني أبو الفتح عبدوس بن عبدالله بن عبدوس الهمداني كتابة أخبرني الشيخ الخطيب أبو الحسن صاعد بن محمد الغياث الدامغاني حدثني أبو يحيى محمد بن عبد العزیز البسطامی.

حدثنا أبو بكر القرشى حدثني أبو سعيد الحسن بن على بن زكريا حدثني هدبة بن خالد القيسي عن حماد بن ثابت اليناني عن عبيد بن عمير الليثي عن عثمان بن عفان قال قال عمر بن الخطاب ان الله تعالى خلق ملائکة من نور وجه علي بن أبي طالب علیه السلام.

116 - عنه أخبرني تاج الدين شمس الأدباء أفضل الحفاظ محمد بن

ص: 321

سليمان بن يوسف الهمداني فيا كتب الى من همدان حدثني الشيخ الجليل السيد أبو سعيد شجاع بن المظفر بن شجاع العدل في ذى الحجة سنة 494 أخبرني الشيخ الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن بلال حدثني محمد بن مسرور العطار.

حدثني يحيى بن عبيد الله بن ماهان حدثني جندل بن الفرج حدثني محمود بن عمر المازني الكلبي عن جعفر بن عن جعفر بن محمد عن أبيه علیهما السلام عن جابر عبد الله قال: قال عمر بن الخطاب كانت في أصحاب محمد ثماني عشرة

سابقة خص علي منها بثلاثة عشر و أشركنا في الخمس.

117 - عنه بهذا الإسناد عن أحمد بن الحسين البيهقي أخبرني محمد ابن عبدالله الحافظ أخبرنى الحسن بن محمد بن اسحاق الاسفرايني.

حدثني ابو الحسن محمد بن أحمد بن النواء أخبرني علي بن عبدالله بن جعفر المديني حدثني أبي أخبرني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة، قال قال عمر بن الخطاب، لقد اعطي علي بن أبي طالب علیه السلام ثلاث خصال.

لان تكون لى واحدة منهن أحب إلى من أن أعطي حمر النعم، قيل و ما هى يا أمير المؤمنين، قال تزويجه فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله و سلم و سكناه المسجد مع رسول الله صلی الله علیه وآله و سلم يحل له فيه ما يحل له و اعطاؤه الراية يوم خيبر

118 - قال ابن ابي الحديد في شرح قوله علیه السلام : حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده:

شتان ما يومي على كورها *** ويوم حيان أخي جابر

فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته لشد

ص: 322

ما تشطرا ضرعيها فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها و يخشن مسها و يكثر العثار فيها والاعتذار منها فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم فمني الناس لعمر الله بخبط و شماس و تلون و اعتراض فصبرت على طول المدة و شدة المحنة.

مضى لسبيله مات و السبيل الطريق و تقديره مضى على سبيله و تجيء اللام بمعنى على كقوله.

فخر صريعا لليدين و للفم لا و قوله فأدلى بها من قوله تعالى: «وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَ تُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ» أي تدفعوها إليهم رشوة و أصله من أدليت الدلو في البئر أرسلتها.

فإن قلت فإن أبا بكر إنما دفعها إلى عمر حين مات و لا معنى للرشوة عند الموت. قلت لما كان علیه السلام يرى أن العدول بها عنه إلى غيره إخراج لها إلى غير جهة الاستحقاق شبه ذلك بإدلاء الإنسان بماله إلى الحاكم فإنه إخراج للمال إلى غير وجهه فكان ذلك من باب الاستعارة.

شتان ما يومي على كورها *** ويوم حيان أخي جابر

أرمی بها البيداء إذ هجرت *** و أنت بين القرو و العاصر

في مجدل شید بنيانه *** يزل عنه ظفر الطائر

يقول أمير المؤمنين علیه السلام شتان بين يومي في الخلافة مع ما انتقض علي من الأمر و منيت به من انتشار الحبل و اضطراب أركان الخلافة و بين يوم عمر حيث وليها على قاعدة ممهدة و أركان ثابتة و سكون شامل فانتظم أمره و اطرد حاله و سكنت أيامه.

119 - عنه كان عمر بن الخطاب صعبا عظيم الهيبة شديد السياسة لا يحابي أحدا و لا يراقب شريفا ولا مشروفا و كان أكابر الصحابة يتحامون

ص: 323

و يتفادون من لقائه كان أبو سفيان بن حرب في مجلس عمر و هناك زياد ابن سمية وكثير من الصحابة فتكلم زياد فأحسن و هو يومئذ غلام فقال علي علیه السلام و كان حاضرا لأبي سفيان و هو إلى جانبه الله هذا الغلام لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه.

فقال له أبو سفيان أما والله لو عرفت أباه لعرفت أنه من خير أهلك قال و من أبوه قال أنا وضعته و الله في رحم أمه فقال علي علیه السلام فما يمنعك من استلحاقه قال أخاف هذا العير المجالس أن يخرق علي إهابي.

120 - عنه قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد قال حدثنا عبد العزيز بن الخطاب قال حدثنا علي بن هشام مرفوعا إلى عاصم بن عمرو بن قتادة قال لقي علي علیه السلام عمر فقال له علي علیه السلام أنشدك الله هل استخلفك رسول الله صلی الله علیه وآله و سلم قال لا قال فكيف تصنع أنت و صاحبك قال أما صاحبي فقد مضى لسبیله و أما أنا فسأخلعها من عنقي إلى عنقك فقال جدع الله أنف من ينقذك منها لا و لكن جعلني الله علما فإذا قمت فمن خالفني ضل.

121 - عنه قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب قد مللت الناس و أحببت أن ألحق بصاحبي فقال إن سرك اللحوق بهما فقصر أملك و كل دون الشبع و اخصف النعل و كن كميش الإزار مرقوع القميص تلحق بهما.

122 - عنه قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب في كتاب الأمالي كان عبد الله بن عباس عند عمر فتنفس عمر نفسا عاليا قال ابن عباس حتى ظننت أن أضلاعه قد انفرجت فقلت له ما أخرج هذا النفس منك يا أمير المؤمنين إلا هم شديد.

قال إي والله يا ابن عباس إني فكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدي ثم قال لعلك ترى صاحبك لها أهلا قلت وما يمنعه من ذلك مع

ص: 324

جهاده و سابقته و قرابته و علمه قال صدقت و لكنه امرؤ فيه دعابة.

قلت فأين أنت من طلحة قال هو ذو البأو بإصبعه المقطوعة قلت فعبد الرحمن قال رجل ضعيف لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته قلت فالزبير قال شكس لقس يلاطم في النقيع في صاع من بر قلت فسعد بن أبي وقاص قال صاحب مقنب و سلاح قلت فعثمان قال أوه أوه مرارا.

ثم قال و الله لئن وليها ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ثم لتنهضن إليه العرب فتقتله ثم قال يا ابن عباس إنه لا يصلح لهذا الأمر إلا حصيف العقدة قليل الغرة لا تأخذه في الله لومة لائم يكون شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف جوادا من غير سرف ممسكا من غير وكف.

قال ابن عباس و كانت هذه صفات عمر ثم أقبل علي فقال إن أحراهم أن يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك و الله لئن وليها ليحملنهم على المحجة البيضاء و الصراط المستقيم.

123 - عنه قال: وقعة القادسية كانت في سنة أربع عشرة للهجرة استشار عمر المسلمين في أمر القادسية فأشار عليه علي بن أبي طالب في رواية أبي الحسن علي بن محمد بن سيف المدائني ألا يخرج بنفسه و قال إنك إن تخرج لا يكن للعجم همة إلا استئصالك لعلمهم أنك قطب رحى العرب فلا يكون للإسلام بعدها دولة و أشار عليه غيره من الناس أن يخرج بنفسه فأخذ برأي علي علیه السلام.

124 - عنه قال: واعلم أنا إنما ذكرنا هذه الأخبار هاهنا لأن كثيرا من المنحرفين عنه علیه السلام إذا مروا على كلامه في نهج البلاغة و غيره المتضمن التحدث بنعمة الله عليه من اختصاص الرسول له صلی الله علیه وآله و سلم و تميزه إياه عن غيره ينسبونه إلى التيه و الزهو و الفخر و لقد سبقهم بذلك قوم من

ص: 325

الصحابة قيل لعمر ول عليا أمر الجيش و الحرب فقال هو أتيه من ذلك و قال زيد بن ثابت ما رأينا أزهى من علي و أسامة.

125 - عنه جيء بتاج كسرى إلى عمر فاستعظم الناس قيمته للجواهر التي كانت عليه فقال إن قوما أدوا هذا لأمناء فقال علي علیه السلام إنك عففت فعفوا و لو رتعت لرتعوا.

126 - عنه قال ابن عباس كنت عند عمر فتنفس نفسا ظننت أن أضلاعه قد انفرجت فقلت ما أخرج هذا النفس منك يا أمير المؤمنين إلا هم شديد قال إي والله يا ابن عباس إني فكرت فلم أدر فيمن أجعل هذا الأمر بعدي ثم قال لعلك ترى صاحبك لها أهلا قلت و ما يمنعه من ذلك مع جهاده و سابقته و قرابته و علمه قال صدقت و لكنه امرؤ فيه دعابة.

قلت فأين أنت عن طلحة قال ذو البأو و بإصبعه المقطوعة قلت فعبد الرحمن قال رجل ضعيف لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه في يد امرأته قلت فالزبير قال شكس لقس يلاطم في النقيع في صاع من بر قلت فسعد بن أبي وقاص قال صاحب سلاح و مقنب قلت فعثمان قال أوه ثلاثا و الله لئن وليها ليحملن بني أبي معيط على رقاب الناس ثم لتنهض العرب إليه.

ثم قال يا ابن عباس إنه لا يصلح لهذا الأمر إلا خصيف العقدة قليل الغرة لا تأخذه في الله لومة لائم ثم يكون شديدا من غير عنف لينا من غير ضعف سخيا من غير سرف ممسكا من غير وكف قال ابن عباس و كانت و .عمر. قال ثم أقبل علي بعد أن سكت هنيهة و قال أجرؤهم هي صفات و الله إن وليها أن يحملهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم لصاحبك أما إن ولى أمرهم حملهم على المحجة البيضاء و الصراط المستقيم.

127 - عنه حدثني الحسين بن محمد السيني قال قرأت على ظهر كتاب

ص: 326

أن عمر نزلت به نازلة فقام لها و قعد و ترنح لها و تقطر و قال لمن عنده معشر الحاضرين ما تقولون في هذا الأمر فقالوا يا أمير المؤمنين أنت المفزع و المنزع فغضب و قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً».

ثم قال أما والله إني وإياكم لتعلم ابن بجدتها و الخبير بها قالوا كأنك أردت ابن أبي طالب قال وأنى يعدل بي عنه و هل طفحت حرة مثله قالوا فلو دعوت به يا أمير المؤمنين قال هيهات إن هناك شمخا من هاشم و أثرة من علم و لحمة من رسول الله صلی الله علیه وآله و سلم يوتى و لا يأتي فامضوا بنا إليه فانقصفوا نحوه و أفضوا إليه.

فألفوه فى حائط له عليه تبان و هو يتركل على مسحاته و يقرأ اً يَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدى إلى آخر السورة و دموعه تهمي على خديه فأجهش الناس لبكائه فيكوا ثم سكت و سكتوا فسأله عمر عن تلک الواقعة فأصدر جوابها فقال عمر أما والله لقد أرادك الحق و لكن أبي قومك فقال يا أبا حفص خفض عليك من هنا و من هنا «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ ميقاتاً فوضع عمر إحدى يديه على الأخرى وأطرق إلى الأرض و خرج كأنما ينظر فى رماد قلت أجدر بهذا الخبر أن يكون موضوعا و فيه ما يدل على ذلك من كون عمر أتى عليا يستفتيه فى المسألة و الأخبار كثيرة بأنه ما زال يدعوه إلى منزله و إلى المسجد و أيضا فإن عليا لم يخاطب عمر منذ ولي الخلافة بالكنية و إنما كان يخاطبه بإمرة المؤمنين.

هكذا تنطق كتب الحديث و كتب السير و التواريخ كلها. و أيضا فإن هذا الخبر لم يسند إلى كتاب معين ولا إلى راو معين بل ذكر ذلك أنه قرأه على ظهر كتاب فيكون مجهولا و الحديث المجهول غير الصحيح.

فأما ثناء عمر على أمير المؤمنين فصحيح غير منكر و في الروايات

ص: 327

منه الكثير الواسع و لكنا أنكرنا هذا الخبر بعينه خاصة و قد روي عن ابن عباس أيضا قال دخلت على عمر يوما فقال يا ابن العباس لقد أجهد هذا الرجل نفسه في العبادة حتى نحلته رياء.

قلت من هو فقال هذا ابن عمك يعني عليا قلت و ما يقصد بالرياء أمير المؤمنين قال يرشح نفسه بين الناس للخلافة قلت وما يصنع بالترشيح قد رشحه لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصرفت عنه قال إنه كان شابا حدثا .

فاستصغرت العرب سنه و قد كمل الآن ألم تعلم أن الله تعالى لم يبعث نبيا إلا بعد الأربعين قلت يا أمير المؤمنين أما أهل الحجى و النهى فإنهم ما زالوا يعدونه كاملا منذ رفع الله منار الإسلام و لكنهم يعدونه محروما مجدودا فقال أما إنه سيليها بعد هياط و مياط ثم تزل فيها قدمه و لا يقضى منها أربه و لتكونن شاهدا ذلك يا عبد الله.

ثم يتبين الصبح لذي عينين وتعلم العرب صحة رأي المهاجرين الأولين الذين صرفوها عنه بادئ بدء فليتني أراكم بعدي يا عبد الله إن الحرص محرمة و إن دنياك كظلك كلما هممت به ازداد عنك بعدا.

نقلت هذا الخبر من أمالي أبي جعفر محمد بن حبيب رحمه الله. و نقلت منه أيضا ما رواه عن ابن عباس قال تبرم عمر بالخلافة في آخر أيامه و خاف العجز و ضجر من سياسة الرعية فكان لا يزال يدعو الله بأن يتوفاه فقال لكعب الأحبار يوما و أنا عنده إني قد أحببت أن أعهد إلى من يقوم بهذا الأمر و أظن وفاتي قد دنت.

فما تقول في علي أشر علي في رأيك و أذكرني ما تجدونه عندكم فإنكم تزعمون أن أمرنا هذا مسطور في كتبكم فقال أما من طريق الرأي فإنه لا

ص: 328

يصلح إنه رجل متين الدين لا يغضي على عورة و لا يحلم عن زلة ولا يعمل باجتهاد رأيه و ليس هذا من سياسة الرعية في شيء.

و أما ما نجده في كتبنا فنجده لا يلي الأمر ولا ولده و إن وليه كان هرج شديد قال كيف ذاك قال لأنه أراق الدماء فحرمه الله الملك إن داود لما أراد أن يبني حيطان بيت المقدس أوحى الله إليه إنك لا تبنيه لأنك أرقت الدماء و إنما يبنيه سليمان.

فقال عمر أليس بحق أراقها قال كعب و داود بحق أراقها يا أمير المؤمنين قال فإلى من يفضي الأمر تجدونه عندكم قال نجده ينتقل بعد صاحب الشريعة و الاثنين من أصحابه إلى أعدائه الذين حاربهم و حاربوه و حاربهم على الدين فاسترجع عمر مرارا و قال أتستمع يا ابن عباس أما و الله لقد سمعت من رسول الله ما يشابه هذا سمعته يقول:

ليصعدن بنو أمية على منبري و لقد أريتهم في منامي ينزون عليه نزو القردة و فيهم أنزل «وَ مَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةٌ لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ».

128 - عنه روى أبو بكر الأنباري في أماليه أن عليا الا جلس إلى عمر في المسجد و عنده ناس فلما قام عرض واحد بذكره و نسبه إلى التيه و العجب فقال عمر حق لمثله أن يتيه و الله لو لا سيفه لما قام عمود الإسلام و هو بعد أقضى الأمة و ذو سابقتها و ذو شرفها فقال له ذلك القائل فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه قال كرهناه على حداثة السن و حبه بني عبد المطلب.

129- عنه روی عمرو بن میمون قال سمعت عمر و هو يقول وقد أشار إلى الستة و لم يكلم أحدا منهم إلا علي بن أبي طالب و عثمان ثم أمرهم بالخروج فقال لمن كان عنده إذا اجتمعوا على رجل فمن خالف فلتضرب

ص: 329

رقبته ثم قال إن يولوها الأجلح يسلك بهم الطريق فقال له قائل فما يمنعك من العهد إليه قال أكره أن أتحملها حيا وميتا.

130 - عنه استعدى رجل على علي بن أبي طالب علیه السلام عمر بن الخطاب و علي جالس فالتفت عمر إليه فقال قم يا أبا الحسن فاجلس مع خصمك فقام فجلس معه و تناظرا ثم انصرف الرجل و رجع على علیه السلام إلى محله فتبين عمر التغير في وجهه.

فقال يا أبا الحسن ما لي أراك متغيرا أكرهت ما كان قال نعم قال و ما ذاك قال كنيتني بحضرة خصمي هلا قلت قم يا علي فاجلس مع خصمك فاعتنق عمر عليا و جعل يقبل وجهه و قال بأبي أنتم بكم هدانا الله و بكم

أخرجنا من الظلمة إلى النور.

131 - عنه روي أن عليا علیه السلام قال لعمر بن الخطاب أول ما ولي الخلافة إن سرك أن تلحق بصاحبيك فقصر الأمل و كل دون الشبع و ارقع القميص و اخصف النعل و استغن عن الناس بفقرك تلحق بهما.

132 - عنه وجه عمر إلى ملك الروم بريدا فاشترت أم كلثوم امرأة طيبا بدنانير وجعلته في قارورتين و أهدتها إلى امرأة ملك الروم فرجع البريد إليها و معه ملء القارورتين جواهر فدخل عليها عمر وقد صبت الجواهر فى حجرها.

فقال من أين لك هذا فأخبرته فقبض عليه و قال هذا للمسلمين قالت كيف و هو عوض هديتي قال بيني و بينك أبوك فقال علي الله لك منه بقيمة دينارك و الباقى للمسلمين جملة لأن بريد المسلمين حمله.

ص: 330

المنابع

(1) امالی صدوق: 234 - 286 ، (2) معاني الاخبار: 9،

(3) الخصال: 93 - 171 - 175، (4) غيبة النعماني 97،

(5) الارشاد 97 ، (6) امالى الطوسي 243/1 - 256 - 297، 372 و 91/2 ، (7) بشارة المصطفي: 277 - 291 - 330،

(8) فضائل ابن شاذان: 136 - 149 - 150 - 173، (9) بحار الانوار: 220/362 و 147/40، (10) مسند احمد: 17/18، (11) اخبار الطوال: 123، (12) الموفقيات: 618 - 619، (13) تاريخ الطبري: 391/2 ،481/3 - 608 - 614 و 21/4 - 39 - 55 - 58 - 63 - 123،

(14) مروج الذهب: 317/22 (15) انساب الاشراف: 99 - 178،

(16) العقد الفريد : 225/2 ، (17) اخبار اصفهان 19/1 ،

(18) التدوين: 293/18، و (150/3، (19) الاستيعاب: 1119/3 ،

(20) مستدرك الصحيحين: 95/3 - 125 (21) ترجمة الامام ، علي عليه السلام : 82/22 - 264 و 28/3 - 39 - 79 الى 82 - 209 - 241، 82 209

(22) فرائد السمطين: 332 ، الى 354، (23) مناقب ابن المغازلي 289 ، (24) مناقب الخوارزمي: 380 الی ،054 - 97 - 98 - 236 ، 238، (25) شرح النهج: 162/1 ، الى 173 و 58/2 و 161/3 و 326/6 - 327 و 97/9، - 174 و 14/12 - 51 - 79 - 81 - 106 - 107 ،و 11/18 و 351/19 ،351/19.

ص: 331

باب ماجرى له عليه السلام في الشورى

اشارة

1 - الصدوق: حدثنا أبي و محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قالا حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفي عن أبي الجارود و هشام أبي ساسان و أبي طارق السراج عن عامر بن واثلة قال كنت في البيت يوم الشورى فسمعت عليا علیه السلام و هو يقول:

استخلف الناس أبا بكر و أنا و الله أحق بالأمر و أولى به منه و استخلف أبو بكر عمر و أنا و الله أحق بالأمر و أولى به منه إلا أن عمر جعلني مع خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لهم علي فضل و لو أشاء لاحتججت عليهم بما لا يستطيع عربيهم و عجميهم المعاهد منهم و المشرك تغيير ذلك ثم قال نشدتكم بالله أيها النفر هل فيكم أحد وحد الله قبلي؟ قالوا.

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري قالوا اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ساق رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لرب العالمين هديا فأشركه فيه غيري قالوا اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أتى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بطير يأكل منه فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير فجئته أنا غيري قالوا:

ص: 332

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حين رجع عمر يجبن أصحابه و يجبنونه قد رد راية رسول الله منهزما فقال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لأعطين الراية غدا رجلا ليس بفرار يحبه الله و

رسوله و يحب الله و رسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه.

فلما أصبح قال ادعوا لي عليا فقالوا يا رسول الله هو رمد ما يطرف فقال جيئوني به فلما قمت بين يديه تفل في عيني و قال اللهم أذهب عنه الحر و البرد فأذهب الله عني الحر و البرد إلى ساعتي هذه و أخذت الراية فهزم الله المشركين و أظفرني بهم غيري قالوا.

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزين بالجناحين في الجنة يحل فيها حيث يشاء غيري قالوا .

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد له عم مثل عمی حمزة أسد الله و أسد رسوله و سيد الشهداء غيري قالوا.

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطاي الحسن و الحسين علیهما السلام ابني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و سيدي شباب أهل الجنة غيري قالوا.

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و بضعة منه و سيدة نساء أهل الجنة غيري لا قالوا اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من فارقك فارقنى و من فارقني فارق الله غيري قالوا.

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لينتهين بنو وليعة أو لأ بعثن إليهم رجلا كنفسي طاعته كطاعتي و معصيته كمعصيتي يغشاهم بالسيف غيري قالوا اللهم لا قال نشد تكم بالله هل فيكم

ص: 333

أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما من مسلم وصل إلى قلبه حبي إلا كفر الله عنه ذنوبه و من وصل حبى إلى قلبه فقد وصل حبك إلى قلبه وكذب من زعم أنه يحبني و يبغضك غيري قالوا.

اللهم لا قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت الخليفة فى الأهل والولد و المسلمين في كل غيبة عدوك عدوي و عدوي عدو الله و وليك وليي و ولي ولي الله غيري قالوا.

اللهم لا قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا علي من أحبك و والاك سبقت له الرحمة و من أبغضك و عاداك سبقت له اللعنة فقالت عائشة يا رسول الله ادع الله لي و لأبي لا نكون ممن يبغضه و يعاديه .

فقال صلی الله علیه وآله وسلم اسكتي إن كنت أنت و أبوك ممن يتولاه و يحبه فقد سبقت لكما الرحمة و إن كنتما ممن يبغضه ويعاديه فقد سبقت لكما اللعنة و لقد جئت أنت و أبوك أن كان أبوك أول من يظلمه و أنت أول من يقاتله غيري قالوا اللهم لا :

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مثل ما قال لي يا علي أنت أخي و أنا أخوك في الدنيا والآخرة و منزلك مواجه منزلي كما يتواجه الإخوان في الخلد قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله يا على إن الله صلی الله علیه وآله وسلم خصك بأمر و أعطاكه ليس من الأعمال شيء أحب إليه ولا أفضل منه عنده الزهد في الدنيا فليس تنال منها شيئا و لا تناله منك و هي زينة الأبرار عند الله عز وجل يوم القيامة فطوبى لمن أحبك وصدق عليك و ويل لمن أبغضك وكذب عليك غيري قالوا:

ص: 334

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ليجيء بالماء كما بعثني فذهبت حتى حملت القربة على ظهري و مشيت بها فاستقبلتني ريح فردتني حتى أجلستني ثم قمت فاستقبلتني ريح فردتني حتى أجلستني ثم قمت فجئت إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

فقال لي ما حبسك عني فقصصت عليه القصة فقال قد جاءني جبرئيل فأخبرني أما الريح الأولى فجبرئيل كان في ألف من الملائكة يسلمون عليك و أما الثانية فميكائيل جاء فى ألف من الملائكة يسلمون عليك غيري قالوا.

اللهم لا قال نشد تكم بالله هل فيكم من قال له جبرئيل يا محمد أترى هذه المواساة من علي فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إنه مني و أنا منه فقال جبرئيل و أنا منكما غيري قالوا: اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان يكتب لرسول الله كما جعلت أكتب فأغفى رسول الله فأنا أرى أنه يملي علي فلما انتبه قال له يا علي من أملى عليك من هاهنا إلى هاهنا فقلت أنت يا رسول الله فقال لا و لكن جبرئيل أملاه عليك غيري قالوا.

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نادى له مناد من السماء لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي غيري قالوا.

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كما قال لى لو لا أن أخاف أن لا يبق أحد إلا قبض من أثرك قبضة يطلب بها البركة لعقبه من بعده لقلت فيك قولا لا يبقى أحد إلا قبض من أثرك قبضة غيري فقالوا:

اللهم لا قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم

ص: 335

احفظ الباب فإن زوارا من الملائكة يزوروني فلا تأذن لأحد منهم فجاء عمر فرددته ثلاث مرات و أخبرته أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم محتجب و عنده زوار من الملائكة وعدتهم كذا وكذا ثم أذنت له فدخل فقال.

يا رسول الله إني قد جئتك غير مرة كل ذلك يردني علي و يقول إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم محتجب و عنده زوار من الملائكة وعدتهم كذا و كذا فكيف علم بالعدة أعاينهم فقال له يا علي قد صدق كيف علمت بعدتهم فقلت اختلفت علي التحيات و سمعت الأصوات فأحصيت العدد قال صدقت فإن فيك سنة من أخي عيسى فخرج عمر و هو يقول ضربه لابن مريم مثلا فأنزل الله عز و جل:

«لما ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ قال يضجون و قَالُوا أَ آلتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدُ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةٌ فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ» غيري قالوا اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله كما قال لي إن طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار علي ليس من مؤمن إلا و في منزله غصن من أغصانها غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم تقاتل على سنتي و تبر ذمتي غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم تقاتل الناكثين والقاسطين و المارقين غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد جاء إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و رأسه في حجر جبرئيل فقال لي ادن من ابن عمك فأنت أولى به مني غيري

ص: 336

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد وضع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رأسه في حجره حتى غابت الشمس و لم يصل العصر فلما انتبه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال يا علي صليت العصر قلت لا فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فردت الشمس بيضاء نقية فصليت ثم انحدرت غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أمر الله عز و جل رسوله أن يبعث ببراءة فبعث بها مع أبي بكر فأتاه جبرئيل فقال يا محمد إنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك فبعثني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فأخذتها من أبي بكر فمضيت بها وأديتها عن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لو أثبت الله على لسان رسوله أني منه غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت إمام من أطاعني و نور أوليائي و الكلمة التي ألزمتها المتقين غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من سره أن يحيى حياتي و يموت موتي و يسكن جنتي التي وعدني ربي جنات عدن قضيب غرسه الله بيده ثم قال له كن فكان.

فليوال علي بن أبي طالب علیه السلام وذريته من بعده فهم الأئمة و هم الأوصياء أعطاهم الله علمي وفهمي لا يدخلونكم في باب ضلال و لا يخرجونكم من باب هدى لا تعلموهم فهم أعلم منكم يزول الحق معهم أينما زالوا غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قضى فانقضى إنه لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا كافر منافق غيري قالوا :

اللهم لا قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مثل

ص: 337

ما قال لي أهل ولايتك يخرجون يوم القيامة من قبورهم على نوق بيض شراك نعالهم نور يتلألأ قد سهلت عليهم الموارد و فرجت عنهم الشدائد و أعطوا الأمان و انقطعت عنهم الأحزان حتى ينطلق بهم إلى ظل عرش الرحمن توضع بين أيديهم مائدة يأكلون منها حتى يفرغ من الحساب يخاف الناس ولا يخافون و يحزن الناس ولا يحزنون غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حين جاء أبو بكر يخطب فاطمة الله فأبى أن يزوجه و جاء عمر يخطبها فأبى أن يزوجه فخطبت إليه فزوجني فجاء أبو بكر و عمر فقالا أبيت أن تزوجنا و زوجته فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما منعتكما و زوجته بل الله منعكما و زوجه غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة إلا سبي و نسبي فأي سبب أفضل من سببي و أي نسب أفضل من نسبي إن أبي و أبا رسول الله لأخوان و إن الحسن و الحسين علیهما السلام ابني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و سيدي شباب أهل الجنة ابناي و فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم زوجتي سيدة نساء أهل الجنة غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم إن الله خلق الخلق ففرقهم فرقتين فجعلني من خير الفرقتين ثم جعلهم شعوبا فجعلني في خير شعبة ثم جعلهم قبائل فجعلني في خير قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خير بيت.

ثم اختار من أهل بيتي أنا و عليا و جعفرا فجعلني خيرهم فكنت نائما بين ابني أبي طالب فجاء جبرئيل و معه ملك فقال يا جبرئيل إلى أي هؤلاء أرسلت فقال إلى هذا ثم أخذ بيدي فأجلسني غيري قالوا:

ص: 338

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أبواب المسلمين كلهم في المسجد و لم يسد بابي فجاءه العباس و حمزة و قالا أخرجتنا و أسكنته فقال لهما ما أنا أخرجتكم و أسكنته بل الله أخرجكم و أسكنه إن الله عز و جل أوحى إلى أخي موسى علیه السلام أن اتخذ مسجدا طهورا و اسكنه أنت و هارون و ابنا هارون و إن الله عز و جل أوحى إلى أن اتخذ مسجدا طهورا و اسكنه أنت و علي و ابنا علي غيري فقالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الحق مع علي و علي مع الحق لا يفترقان حتى يردا علي الحوض غيري قالوا :

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حيث جاء المشركون يريدون قتله فاضطجعت في مضجعه و ذهب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم نحو الغار و هم يرون أني أنا هو فقالوا أين ابن عمك فقلت لا أدري فضربوني حتى كادوا يقتلونني غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كما قال لي إن الله أمرني بولاية علي فولايته ولايتي و ولايتي ولاية ربي عهد عهده إلي ربي و أمرني أن أبلغكموه فهل سمعتم قالوا نعم قد سمعناه قال أما

إن فيكم من يقول قد سمعت و هو يحمل الناس على كتفيه و يعاديه.

قالوا: يا رسول الله أخبرنا بهم قال أما إن ربي قال أما إن ربي قد أخبرني بهم و أمرني بالإعراض عنهم لأمر قد سبق و إنما يكتفي أحدكم بما يجد لعلي في قلبه غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قتل من بني عبد الدار تسعة مبارزة غيري كلهم يأخذ اللواء ثم جاء صؤاب الحبشي مولاهم و هو يقول

ص: 339

و الله لا أقتل بسادتي إلا محمدا قد أزبد شدقاه و احمرتا عيناه فاتقيتموه و حدتم عنه و خرجت إليه فلما أقبل كأنه قبة مبنية فاختلفت أنا و هو ضربتین فقطعته بنصفین و بقیت رجلاه و عجزه و فخذه قائمة على الأرض ينظر إليه المسلمون و يضحكون منه غيري قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قتل من مشركي قريش مثل قتلي قالوا: اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد جاء عمرو بن عبد ود.

ينادي هل من مبارز فكعتم عنه كلكم فقمت أنا فقال لي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إلى أين تذهب فقلت أقوم إلى هذا الفاسق فقال إنه عمرو بن عبد ود فقلت يا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إن كان هو عمرو بن عبد ود فأنا علي بن أبي طالب.

فأعاد علي صلی الله علیه وآله وسلم الکلام و أعدت عليه فقال امض على اسم الله فلما قربت منه قال من الرجل قلت علي بن أبي طالب قال كفؤ كريم ارجع يا ابن أخي فقد كان لأبيك معي صحبة و محادثة فأنا أكره قتلك.

فقلت له: يا عمرو إنك قد عاهدت الله ألا يخيرك أحد ثلاث خصال إلا اخترت إحداهن فقال اعرض على قلت تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و تقر بما جاء من عند الله قال هات غير هذه قلت ترجع من حيث جئت.

قال و الله لا تحدث نساء قريش بهذا أني رجعت عنك فقلت فأنزل فأقاتلك قال أما هذه فنعم فنزل فاختلفت أنا و هو ضربتين فأصاب الحجفة و أصاب السيف رأسي و ضربته ضربة فانكشفت رجليه فقتله الله على يدي ففيكم أحد فعل هذا غيري قالوا:

ص: 340

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد حين جاء مرحب و هو يقول:

أنا الذي سمتني امي *** شاك السلاح بطل مجرب

أطعن أحيانا و حينا أضرب

فخرجت إليه فضربني و ضربته وعلى رأسه نقير من جبل لم تكن تصلح على رأسه بيضة من عظم رأسه فقلبت النقير و وصل السيف إلى رأسه فقتلته ففيكم أحد فعل هذا؟ قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير على رسوله صلی الله علیه وآله وسلم «إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ الله تَطْهيراً» فأخذ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كساء خيبريا فضمني فيه و فاطمة علیها السلام و الحسن و الحسين علیهما السلام ثم قال يا رب هؤلاء أهل بيتي بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنا سيد ولد آدم و أنت يا علي سيد العرب قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم المسجد إذ نظر إلى شيء ينزل من السماء فبادره و لحقه أصحابه فانتهى إلى سودان أربعة يحملون سريرا.

فقال لهم ضعوا فوضعوا فقال اكشفوا عنه فكشفوا فإذا أسود مطوق بالحديد فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من هذا قالوا غلام للرياحيين كان قد أبق عنهم خبثا و فسقا فأمرونا أن ندفنه في حديدة كما هو فنظرت إليه فقلت يا رسول الله ما رآني قط إلا قال أنا و الله أحبك والله ما أحبك إلا مؤمن و لا أبغضك إلا كافر.

ص: 341

فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا على لقد أثابه الله بذا هذا سبعون قبيلا من الملائكة كل قبيل على ألف قبيل قد نزلوا يصلون عليه ففك رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حديدته و صلی علیه و دفنه قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم مثل ما قال لي أذن لي البارحة في الدعاء فما سألت ربی شيئا إلا أعطانيه و ما سألت لنفسي شيئا إلا سألت لك مثله و أعطانيه فقلت الحمد لله قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل علمتم أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بعث خالد ابن الوليد إلى بني جذيمة ففعل ما فعل فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم المنبر فقال:

اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات ثم قال اذهب يا علي فذهبت فوديتهم ثم ناشدتهم بالله هل بقي شيء فقالوا إذ نشدتنا بالله فيلغة كلابنا و عقال بعيرنا فأعطيتهما لهم و بقي معي ذهب كثير.

فأعطيتهم إياه و قلت هذا لذمة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و لما تعلمون و لما لا تعلمون و لروعات النساء والصبيان ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم فأخبرته فقال و الله ما يسرني يا علي أن لي بما صنعت حمر النعم قالوا:

اللهم نعم قال نشدتكم بالله هل سمعتم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول يا علي لقد عرضت علي أمتي البارحة فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لك و لشيعتك فقالوا:

اللهم نعم قال نشد تكم بالله هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال يا أبا بكر اذهب فاضرب عنق ذلك الرجل الذي تجده في موضع كذا و كذا فرجع فقال قتلته قال لا وجدته يصلي، قال:

يا عمر اذهب فاقتله فرجع فقال قتلته قال لا وجدته يصلي فقال آمركما بقتله فتقولان وجدناه يصلي قال يا علي اذهب فاقتله فلما مضيت

ص: 342

قال إن أدركه قتله فرجعت فقلت يا رسول الله لم أجد أحدا فقال صدقت أما إنك لو وجدته لقتلته قالوا :

اللهم نعم قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كما قال لي إن وليك في الجنة و عدوك في النار قالوا:

اللهم لا قال نشدتكم بالله هل علمتم أن عائشة قالت لرسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إن إبراهيم ليس منك و إنه ابن فلان القبطي قال يا علي اذهب فاقتله فقلت یا رسول الله إذا بعثتني أكون كالمسمار المحمي في الوبر أو أتثبت قال لا بل تثبت فذهبت فلما نظر إلي استند إلى حائط فطرح نفسه فيه فطرحت نفسي على أثره فصعد على نخل و صعدت خلفه.

فلما رآني قد صعدت رمى بإزاره فإذا ليس له شيء مما يكون للرجال فجئت فأخبرت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقال الحمد الله الذي صرف عنا السوء أهل البيت فقالوا اللهم لا فقال اللهم اشهد.

2- قال المفيد من كلامه علیه السلام عند الشورى في الدار ما رواه يحيى ابن عبد الحميد الحماني عن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي صادق قال لما جعلها عمر شورى في ستة وقال إن بايع اثنان لواحد و اثنان لواحد فکونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن و اقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن.

خرج أمير المؤمنين علیه السلام من الدار و هو معتمد على يد عبد الله ابن العباس فقال له يا ابن عباس إن القوم قد عادوكم بعد نبيكم كمعاداتهم لنبيكم صلی الله علیه وآله وسلم في حياته أم و الله لا ينيب بهم إلى الحق إلا السيف.

فقال له ابن عباس و كيف ذاك قال أما سمعت قول عمر إن بايع اثنان لواحد و اثنان لواحد فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن و اقتلوا

ص: 343

الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن قال ابن عباس بلى قال أفلا تعلم أن عبد الرحمن ابن عم سعد و أن عثمان صهر عبد الرحمن.

قال بلى قال فإن عمر قد علم أن سعدا و عبد الرحمن و عثمان لا يختلفون في الرأي و أنه من بويع منهم كان الاثنان معه فأمر بقتل من خالفهم و لم يبال أن يقتل طلحة إذا قتلني وقتل الزبير أم و الله لئن عاش عمر لأعرفنه سوء رأيه فينا قديما و حديثا و لئن مات ليجمعني و إياه يوم يكون فيه فصل الخطاب.

3- عنه روى عمرو بن سعيد عن حنش الكناني قال لما صفق عبد الرحمن على يد عثمان بالبيعة في يوم الدار قال له أمير المؤمنين علیه السلام حركك الصهر و بعثك على ما صنعت و الله ما أملت منه إلا ما أمل صاحبك من صاحبه.

4 - عنه قال أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة الجوهري قال حدثنا أحمد بن منصور الرمادي أبو بكر قال حدثني أحمد بن صالح قال حدثنا عنبسة قال حدثنا يونس عن ابن شهاب عن ابن مخرمة الكندي قال إن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم فإذا هو بمجلس فيه علي بن أبي طالب علیه السلام و عثمان و عبد الرحمن و طلحة والزبير.

فقال عمر: أكلكم يحدث نفسه بالإمارة بعدي فقال الزبير كلنا يحدث نفسه بالإمارة بعدك و يراها له أهلا فما الذي أنكرت فقال عمر أحدثكم بما عندي فيكم فسكتوا فقال عمر ألا أحدثكم عنكم فسكتوا فقال له الزبير حدثنا و إن سكتنا.

فقال أما أنت يا زبير فمؤمن الرضا كافر الغضب تكون يوما شيطانا و

ص: 344

يوما إنسانا أفرأيت اليوم الذي تكون فيه شيطانا من يكون الخليفة يومئذ و أما أنت يا طلحة فو الله لقد توفي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و إنه عليك لعاتب.

و أما أنت يا علي فإنك صاحب بطالة و مزاح و أما أنت يا عبد الرحمن فو الله إنك لما جاءك من خير أهل و إن منكم لرجلا لو قسم إيمانه بين جند من الأجناد لوسعهم و هو عثمان.

5- عنه قال أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال حدثنا علي بن عبد الله الأصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا يوسف بن سعيد الأرحبي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي عن كامل عن حبيب بن أبي ثابت قال لما حضر القوم الدار للشورى جاء المقداد بن الأسود الكندي رحمه الله.

فقال: أدخلوني معكم فإن الله عندي نصحا و لي بكم خيرا فأبوا فقال: أدخلوا رأسي و اسمعوا مني فأبوا عليه ذلك فقال: أما إذا أبيتم فلا تبايعوا رجلا لم يشهد بدرا و لم يبايع بيعة الرضوان و انهزم يوم أحد يوم التق الجمعان.

فقال: عثمان أم و الله لئن وليتها لأردنك إلى ربك الأول فلما نزل بالمقداد الموت قال: أخبروا عثمان أني قد رددت إلى ربي الأول و الآخر فلما بلغ عثمان موته جاء حتى قام على قبره فقال: رحمك الله كنت و إن كنت يثني عليه خيرا فقال له الزبير :

لأعرفنك بعد الموت تندبني *** و في حياتي ما زودتني زادي

فقال يا زبير تقول هذا أتراني أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب محمد علیه السلام و هو علي ساخط؟

6- عنه قال أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال أخبرنا

ص: 345

الحسن بن علي الزعفراني عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا الحسين بن سفيان عن أبيه قال حدثنا لوط بن يحيى قال حدثني عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال لما بويع عثمان سمعت المقداد بن الأسود الكندي رحمه الله يقول لعبد الرحمن بن عوف و الله يا عبد الرحمن ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم صلی الله علیه وآله وسلم فقال له عبد الرحمن و ما أنت و ذاك يا مقداد؟

قال إني و الله أحبهم لحب رسول الله لهم و يعتريني و الله وجد لا أبنه بئة لتشرف قريش على الناس بشرفهم و اجتماعهم على نزع سلطان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من أيديهم فقال له عبد الرحمن ويحك و الله لقد اجتهدت نفسي لكم فقال له المقداد أما والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق و به يعدلون أما والله لو أن لى على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر و أحد.

فقال له عبد الرحمن ثكلتك أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة.

قال جندب فأتيته بعد ما انصرف من مقامه و قلت له يا مقداد أنا من أعوانك فقال رحمك الله إن الذي نريد لا يغني فيه الرجلان و الثلاثة فخرجت من عنده فدخلت على علي بن أبي طالب علیه السلام فذكرت له ما قال و ما قلت قال فدعا لنا بالخير.

7- الطوسي بإسناده: أخبرنا أحمد بن أحمد بن محمد بن صلت، قال أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد إجازة، قال حدثنا علي بن محمد بن حبيبة الكندي، قال حدثنا حسن بن حسين قال حدثنا أبو غيلان سعد بن طالب الشيباني عن إسحاق، عن أبي الطفيل

ص: 346

قال كنت في البيت يوم الشورى و سمعت علي علیه السلام يقول أنشدكم بالله جميعا أفيكم أحد صلى القبلتين مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غيري ؟ قالوا اللهم لا . :قال: أنشدكم بالله جميعا هل فيكم أحد وحد الله قبلي؟

قالوا اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله جميعا هل فيكم أحد أخو رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غيري؟ قالوا اللهم لا. قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة علیها السلام السيدة نساء أهل الجنة قالوا اللهم لا. قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر قالوا.

اللهم لا قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن و الحسين عليهما السلام ابني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم سيدي شباب أهل الجنة قالوا اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فقدم بين يدي نجواه صدقة غيري؟ قالوا.

اللهم لا قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من كنت مولاه فعلي ،مولاه اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه غيري؟ قالوا اللهم لا. قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت مني بمنزلة هارون من موسى غيري؟ قالوا:

اللهم لا قال: أنشدكم بالله هل فيكم أحد أتي النبي صلی الله علیه وآله وسلم بطير فقال اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر فدخلت عليه فقال اللهم و إنى.

فلم يأكل معه أحد غيري؟ قالوا اللهم لا قال: اللهم اشهد.

8- قال أبو منصور الطبرسي روى عمرو بن شمر عن جابر الجعني عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه و على آبائه السلام قال: إن عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة و أجمع على الشورى.

ص: 347

بعث إلى ستة نفر من قريش إلى علي بن أبي طالب و إلى عثمان بن عفان و إلى الزبير بن العوام و إلى طلحة بن عبيد الله و عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص و أمرهم أن يدخلوا إلى البيت و لا يخرجوا منه حتى يبايعوا لأحدهم فإن اجتمع أربعة على واحد و أبي واحد أن يبايعهم قتل و إن امتنع اثنان وبايع ثلاثة قتلا فأجمع رأيهم على عثمان.

فلما رأى أمير المؤمنين الا ما هم القوم به من البيعة لعثمان قام فيهم ليتخذ عليهم الحجة فقال الله لهم اسمعوا مني كلامي فإن يك ما أقول حقا فاقبلوا و إن يك باطلا فأنكروا ثم قال: أنشدكم بالله الذي يعلم صدقكم إن صدقتم و يعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم أحد صلى القبلتين كلتيها غيري؟ قالوا : لا .

قال : نشدتكم بالله هل فيكم من بايع البيعتين كلتيهما الفتح و بيعة الرضوان غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخوه المزين بالجناحين في الجنة غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد عمه سيد الشهداء غيري؟

قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد زوجته سيدة نساء العالمين غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هما سيدا شباب أهل الجنة غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد عرف الناسخ من المنسوخ غيري؟ :قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد عاين جبرئيل في مثال دحية الكلبي غيري؟ قالوا: لا. قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد

ص: 348

أدى الزكاة و هو راكع غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد مسح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عينيه و أعطاه الراية يوم خيبر فلم يجد حرا و لا بردا غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نصبه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يوم غدير خم بأمر الله تعالى فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد هو أخو رسول الله في الحضر و رفيقه في السفر غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود يوم الخندق وقتله غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري؟ قالوا: لا. قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سماه الله في عشر آيات من القرآن مؤمنا غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد ناول رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قبضة من التراب فرمى بها في وجوه الكفار فانهزموا غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حتى ذهب الناس غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قضی دین رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد شهد وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد غسل رسول الله و كفنه و لحده غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و رايته و خاتمه غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد جعل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم طلاق نسائه بيده غيري؟ قالوا: لا.

ص: 349

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد حمله رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم على ظهره حتى كسر الأصنام على باب الكعبة غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد نودي باسمه من السماء يوم بدر لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد أكل مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من الطائر المشوي الذي أهدي إليه غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت صاحب رايتي في الدنيا وصاحب لوائي في الآخرة غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قدم بين يدي نجواه صدقة غيري؟ :قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد خصف نعل رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أنا أخوك و أنت أخي غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت أحب الخلق إلي و أقولهم بالحق غيري؟ قالوا: لا. قال: ما نشدتكم بالله هل فيكم أحد وجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم جائعا فاستى مائة دلو بمائة تمرة وجاء بالتمر فأطعمه رسول الله غيري؟ و هو جائع قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه جبرئیل و میکائیل و إسرافيل في ثلاثة آلاف آلاف من الملائكة يوم بدر غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد غمض عين رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد وحد الله قبلي غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد كان أول داخل على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و آخر خارج من عنده غيري؟ قالوا: لا.

ص: 350

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد مشى مع رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فمر على حديقة فقلت ما أحسن هذه الحديقة فقال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و حديقتک في المال العالم الجنة أحسن من هذه حتى مررت على ثلاث حدائق كل ذلك يقول رسول الله حديقتك في الجنة أحسن من هذه غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أنت أول من آمن بي و صدقني و أول من يرد علي الحوض يوم القيامة غيري؟ قالوا: لا. :قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بيده و يد امرأته و ابنيه حين أراد أن يباهل نصارى أهل نجران غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أول طالع يطلع عليكم من هذا الباب يا أنس فإنه أمير المؤمنين و سيد المسلمين و أولى الناس بالناس فقال أنس اللهم اجعله رجلا من الأنصار فكنت أنا الطالع فقال رسول الله لأنس ما أنت بأول رجل أحب قومه غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية «إِما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ راكِعُونَ غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه و في ولده «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً». إلى آخر السورة غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أنزل الله فيه «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ» غيري؟ قالوا: لا. قال: نشد تكم بالله هل فيكم أحد علمه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ألف كلمة كل كلمة مفتاح ألف كلمة غيري؟ قالوا: لا.

ص: 351

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناجاه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يوم الطائف فقال أبو بكر و عمر يا رسول الله ناجيت عليا دوننا فقال لهما النبي صلی الله علیه وآله وسلم ما أنا ناجيته بل الله أمرني بذلك غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد سقاه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من المهراس غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت أقرب الخلق مني يوم القيامة يدخل بشفاعتك الجنة أكثر من عدد ربيعة و مضر غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يا علي أنت تكسى حين أكسى غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت و شيعتك الفائزون يوم القيامة غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كذب من زعم أنه يحبني و يبغض هذا غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لمن أحب شطراتي هذه فقد أحبني و من أحبني فقد أحب الله فقيل له و ما شطراتك قال علي و الحسن و الحسين علیهما السلام و فاطمة علیها السلام غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أنت خير البشر بعد النبيين غيري؟ قالوا: لا. قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت الفاروق تفرق بين الحق و الباطل غيري؟ قالوا: لا. :قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت أفضل الخلائق عملا يوم القيامة بعد النبيين غيري؟ قالوا: لا .

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كساه عليه و على زوجته و على ابنيه ثم قال اللهم أنا و أهل بيتي إليك لا إلى النار غيري؟

ص: 352

قالوا: لا. قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد كان يبعث إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الطعام و هو في الغار و يخبره بالأخبار غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت أخي و وزيري و صاحبي من أهلي غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمأنت أقدمهم سلما و أفضلهم علما و أكثرهم حلما غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قتل مرحبا اليهودي فارس اليهود مبارزة غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد عرض عليه النبي صلی الله علیه وآله وسلم الإسلام فقال له أنظرني حتى ألق والدي فقال له النبي الا فإنها أمانة عندك فقلت فإن كانت أمانة عندي فقد أسلمت غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد احتمل باب خيبر حين فتحها فمشى به مائة ذراع ثم عالجه بعده أربعين رجلا فلم يطيقوه غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً» فكنت أنا الذي قدم الصدقة غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمر من سب عليا فقد سبني و من سبني فقد سب الله غيري؟ قالوا: لا.

قال: نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم منزلي مواجه منزلك فى الجنة غيري؟ قالوا: لا.

قال: نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل الله من قاتلك و عادى الله من عاداك غيري؟ قالوا: لا. قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد اضطجع على فراش رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حين أراد أن يسير إلى

ص: 353

المدينة و وقاه بنفسه من المشركين حين أرادوا قتله غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت أولى الناس بأمتي بعدي غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت يوم القيامة عن يمين العرش والله يكسوك ثوبين أحدهما أخضر و الآخر وردي غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد صلى قبل الناس بسبع سنين و أشهر غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنا یوم القيامة آخذ بحجزة ربي و الحجزة النور و أنت آخذ بحجزتي و أهل بيتي آخذ بحجزتك غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت كنفسي و حبك حبي و بغضك بغضي قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ولايتك كولايتي عهد عهده إلي ربي و أمرني أن أبلغكموه غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم اللهم اجعله لي عونا و عضدا و ناصرا غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم المال یعسوب الظلمة و أنت يعسوب المؤمنين غيري؟ قالوا: لا. قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الأبعثن إليكم رجلا امتحن الله قلبه للإيمان غيري؟ قالوا: لا.

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أطعمه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رمانه و قال هذه من رمان الجنة لا ينبغي أن يأكل منه إلا نبي أو وصي نبي غيري؟ قالوا: لا .

ص: 354

قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما سألت ربي شيئا إلا أعطانيه ولم أسأل ربي شيئا إلا سألت لك مثله غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت أقومهم بأمر الله و أوفاهم بعهد الله و أعلمهم بالقضية و أقسمهم بالسوية و أعظمهم عند الله مزية غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فضلك على هذه الأمة كفضل الشمس على القمر و رسول كفضل القمر على النجوم غيري؟ قالوا: لا.

قال: نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يدخل الله وليك الجنة و عدوك النار غيري؟ قالوا: لا .

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الناس من أشجار شتى و أنا و أنت من شجرة واحدة غيري؟ قالوا: لا. قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أنا سيد ولد آدم و أنت سيد العرب و العجم ولا فخر غيري؟ قالوا: لا.

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد في الآيتين من القرآن غيري؟ قالوا: لا قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم موعدك موعدي و موعد شيعتك عند الحوض إذا خافت الأمم ووضعت الموازين غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمإني أحبه فأحبه اللهم إنى أستودعكه غيري؟ قالوا: لا. قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و أنت تحاج الناس فتحججهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إقام الحدود و القسم بالسوية غيري؟ قالوا: لا.

ص: 355

قال نشد تكم بالله هل فيكم أحد أخذ رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بيده يوم بدر فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه و هو يقول ألا إن هذا ابن عمي و وزيري فوازروه و ناصحوه وصدقوه فإنه وليكم غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نزلت فيه هذه الآية «وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ» غيري؟ قالوا: لا.

قال نشدتكم بالله فهل فيكم أحد كان جبرئيل أحد ضيفانه غيري؟ :قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد أعطاه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حنوطا من حنوط الجنة ثم أقسمه أثلاثا ثلثا لي تحنطني به و ثلثا لابنتي و ثلثا لك غيري؟ قالوا: لا.

قال: فهل فيكم أحد كان إذا دخل على رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم حياه و أدناه و رحب به و تهلل له وجهه غيري؟ فقالوا لا قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم أنا أفتخر بك يوم القيامة إذا افتخرت الأنبياء بأوصيائها غيري؟ قالوا: لا.

قال: فهل فيكم أحد سرحه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلمصلی الله علیه وآله وسلم بسورة براءة إلى المشركين من أهل مكة غيري؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إني لأرحمك من ضغائن في صدور أقوام عليك لا يظهرونها حتى يفقدوني فإذا فقدوني خالفوا فيها غيري؟ قالوا: لا.

قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أدى الله عن أمانتك أدى الله عن ذمتك غيري؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت قسيم النار تخرج منها من زكا و تذر فيها كل كافر غيري؟ قالوا: لا

ص: 356

قال: فهل فيكم أحد فتح حصن خيبر و سبى بنت مرحب فأداها إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم غيري؟ قالوا: لا. قال: فهل فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ترد علي الحوض أنت و شيعتك رواء مرويين مبيضة وجوههم و يرد علي عدوك ظماء مظمئين مقتحمين مسودة وجوههم غيري؟ قالوا: لا.

قال لهم أمير المؤمنين علیه السلام أما إذا أقررتم على أنفسكم و استبان لكم ذلک من قول نبيكم فعليكم بتقوى الله وحده لا شريك له و أنهاكم عن سخطه و لا تعصوا أمره و ردوا الحق إلى أهله و اتبعوا سنة نبيكم فإنكم إن خالفتم خالفتم الله فادفعوها إلى من هو أهله و هي له.

قال فتغامزوا فيما بينهم و تشاوروا و قالوا قد عرفنا فضله و علمنا أنه أحق الناس بها ولكنه رجل لا يفضل أحدا على أحد فإن وليتموها إياه جعلكم وجميع الناس فيها شرعا سواء و لكن ولوها عثمان فإنه يهوى الذي تهوون فدفعوها إليه.

9- حدثنا عبدالله حدثني سفيان بن وكيع حدثني قبيصة عن أبي بكر بن عياش عن عاصم عن أبي وائل قال قلت: لعبد الرحمن بن عوف كيف بايعثم عثمان و تركتم عليا علیه السلام قال ما ذنبي قد بدأت بعلى فقلت: أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله و سيرة أبي بكر و عمر قال: فقال: فيما استطعت قال ثم عرضتها على عثمان فقبلها.

10- ابن ابي شيبة حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودى أن عمر بن الخطاب لما حضر قال: ادعوا لى علياً و طلحة والزبير و عثمان و عبدالرحمن بن عوف و سعدا قال فلم يكلم أحدا منهم إلا علياً و عثمان، فقال: يا على لعل هؤلاء القوم يعرفون قرابتك و ما آتاك الله من العلم و الفقه واتق الله و إن وليت هذا الأمر فلا ترفعن

ص: 357

بنى فلان على رقاب الناس وقال لعثمان :

يا عثمان إن هؤلاء القوم لعلهم يعرفون لك صهرك من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وسنك و شرفك فان أنت وليت هذا الأمر فاتق الله، و لا ترفع بنى فلان على رقاب الناس فقال ادعوا لى ،صهيبا فقال صل بالناس ثلاثا، وليجتمع هؤلاء الرهط فليخلوا، فان اجمعوا على رجل فاضربوا رأس من خالفهم.

11- عنه حدثنا ابن إدريس عن طلحة بن يحيى عن عميه عيسى بن طلحة و عروة بن الزبير قالا: قال عمر: ليصل لكم صهيب ثلاثا، وانظروا فان كان ذلك وإلا فان أمر محمد لا يترك فوق ثلاث سدى.

12- الطبري حدثني سلم بن جنادة قال حدثنا سليمان بن عبدالعزيز ابن أبي ثابت بن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالرحمن بن عوف قال حدثنا أبي عن عبدالله بن جعفر عن أبيه عن المسور بن مخرمة وكانت أمه عاتكة بنت عوف قال خرج عمر بن الخطاب يوما يطوف في السوق.

فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا فقال يا أمير المؤمنين أعدني على المغيرة بن شعبة فإن علي خراجا كثيرا، قال وكم خراجك قال در همان في كل يوم قال وأيش صناعتك قال نجار نقاش حداد قال فما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال قد بلغني أنك تقول:

لو أردت أن أعمل رحا تطحن بالريح فعلت قال نعم قال فاعمل لي رحا قال لئن سلمت لأعملن لك رحا يتحدث بها من بالمشرق والمغرب ثم انصرف عنه فقال عمر لقد توعدني العبد آنفا قال: ثم انصرف عمر إلى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار فقال له :

ص: 358

يا أمير المؤمنين اعهد فإنك ميت في ثلاثة أيام قال وما يدريك قال أجده في كتاب الله عز وجل التوراة قالعمر الله إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة قال اللهم لا ولكني أجد صفتك وحليتك وأنه قد فني أجلك.

قال: وعمر لا يحس وجعا ولا ألما فلما كان من الغد جاءه كعب فقال يا أمير المؤمنين ذهب يوم وبقي يومان قال ثم جاءه من غد الغد فقال ذهب يومان وبقي يوم وليلة وهي لك إلى صبيحتها قال فلما كان الصبح خرج عمر إلى الصلاة وكان يوكل بالصفوف رجالا فإذا استوت جاء هو فكبر.

قال ودخل أبو لؤلؤة في الناس في يده خنجر له رأسان نصابه في وسطه فضرب عمر ست ضربات إحداهن تحت سرته وهي التي قتلته وقتل معه كليب بن أبي البكير الليثي وكان خلفه فلما وجد عمر حر السلاح سقط وقال أفي الناس عبدالرحمن بن عوف؟

قالوا نعم يا أمير المؤمنين هو ذا قال تقدم فصل بالناس قال فصلى عبدالرحمن بن عوف وعمر طريح ثم احتمل فأدخل داره فدعا عبدالرحمن ابن عوف فقال إني أريد أن أعهد إليك فقال يا أمير المؤمنين نعم إن أشرت علي قبلت منك قال وما تريد أنشدك الله أتشير على بذلك؟ قال:

اللهم لا قال والله لا أدخل فيه أبدا قال فهب لي صمتا حتى أعهد إلى النفر الذي توفي رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وهو عنهم راض ادع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا قال وانتظروا اخاكم طلحة ثلاثا فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم أنشدك الله يا علي إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني هاشم

على رقاب الناس.

أنشدك الله يا عثمان إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بنى أبي معيط على رقاب الناس أنشدك الله يا سعد إن وليت من أمور الناس شيئا

ص: 359

أن تحمل أقاربك على رقاب الناس قوموا فتشاوروا ثم اقضوا أمركم وليصل بالناس صهيب.

13 - عنه حدثني عمر بن شبة قال حدثنا علي بن محمد عن وكيع عن الأعمش عن إبراهيم ومحمد بن عبدالله الأنصاري، عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب وأبن مخنف عن يوسف بن يزيد عن عباس بن سهل ومبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر ويونس بن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي أن عمر بن الخطاب لما طعن قيل له يا أمير المؤمنين لو استخلفت.

قال: من أستخلف؟ لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا استلخفته فإن سألني ربي قلت سمعت نبيك يقول إنه أمين هذه الأمة ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته فإن سألني ربي قلت سمعت نبيك يقول إن سالما شديد الحب الله فقال له رجل أدلك عليه عبدالله بن عمر.

فقال قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا ويحك كيف أستخلف رجلا عجز عن طلاق امرأته لا أرب لنا في أموركم ما حمدتها فأرغب فيها لأحد من أهل بیتی إن كان خيرا فقد أصبنا منه وإن كان شرا فشرعنا آل عمر من بحسب آل آل عمر عمر أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد.

أما لقد جهدت نفسي وحرمت أهلي وإن نجوت كفافا لا وزر ولا أجر إني لسعيد وأنظر فإن استخلفت فقد استخلف من هو خير مني وإن أترك فقد ترك من هو خير مني ولن يضيع الله دينه فخرجوا ثم راحوا فقالوا يا أمير المؤمنين لو عهدت عهدا.

فقال قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أنظر فأولي رجلا أمركم هو أحراكم أن يحملكم على الحق وأشار إلى علي ورهقتني غشية فرأيت رجلا

361

ص: 360

دخل جنة قد غرسها فجعل يقطف كل غضة ويانعة فيضمه إليه ويصيره تحته فعلمت أن الله غالب أمره ومتوف عمر فما أريد أن أتحملها حيا وميتا عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم .

إنهم من أهل الجنة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل منهم ولست مدخله ولكن الستة علي وعثمان ابنا عبد مناف وعبدالرحمن وسعد خالا رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم والزبير بن العوام حواري رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم ابن عمته وطلحة الخير بن عبيد الله.

فليختاروا منهم رجلا فإذا ولوا واليا فأحسنوا مؤازرته وأعينوه إن ائتمن أحدا منكم فليؤد إليه أمانته وخرجوا فقال العباس لعلي لا تدخل قال أكره الخلاف قال إذا ترى ما تكره فلما أصبح عمر دعا عليا

وعثمان وسعدا وعبدالرحمن بن عوف والزبير بن العوام

فقال: إني نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم وهو عنكم راض إني لا أخاف الناس عليكم إن استقمتم ولكني أخاف عليكم اختلافكم فيما بينكم فيختلف الناس فانهضوا إلى حجرة عائشة بإذن منها فتشاوروا واختاروا رجلا منكم.

ثم قال لا تدخلوا حجرة عائشة ولكن كونوا قريبا ووضع رأسه وقد نزفه الدم.

فدخلوا فتناجوا ثم ارتفعت أصواتهم فقال عبدالله بن عمر سبحان الله إن أمير المؤمنين لم يمت بعد فأسمعه فانتبه فقال ألا أعرضوا عن هذا أجمعون فإذا مت فتشاوروا ثلاثة أيام وليصل بالناس صهيب ولا يأتين اليوم الرابع إلا وعليكم أمير منكم ويحضر عبدالله بن عمر مشيرا ولا شيء له من الأمر

ص: 361

وطلحة شريككم في الأمر.

فإن قدم في الأيام الثلاثة فأحضروه أمركم وإن مضت الأيام الثلاثة قبل قدومه فاقضوا أمركم ومن لي بطلحة فقال سعد بن أبي وقاص أنا لك به ولا يخالف إن شاء الله فقال عمر أرجو ألا يخالف إن شاء الله وما أظن أن يلي إلا أحد هذين الرجلين علي أو عثمان فإن ولي عثمان

فرجل فيه لين وإن ولي علي ففيه دعابة وأحر به أن يحملهم على طريق الحق وإن تولوا سعدا فأهلها هو وإلا فليستعن به الوالي فإني لم أعزله عن خيانة ولا ضعف ونعم ذو الرأي عبدالرحمن بن عوف مسدد رشيد له من الله حافظ فاسمعوا منه.

وقال لأبي طلحة الأنصاري يا أبا طلحة إن الله عز وجل طالما أعز يا الإسلام بكم فاختر خمسين رجلا من الأنصار فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم وقال للمقداد بن الأسود إذا وضعتموني في حفرتي فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلا منهم وقال الصهيب:

صل بالناس ثلاثة أيام وأدخل عليا وعثمان والزبير وسعدا وعبدالرحمن بن عوف وطلحة إن قدم وأحضر عبدالله بن عمر ولا شيء له من الأمر وقم على رؤوسهم فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلا وأبى واحد فاشدخ رأسه أو اضرب رأسه بالسيف وإن اتفق أربعة فرضوا رجل منهم وابى اثنان فاضرب رؤوسهما فإن رضي ثلاثة رجلا منهم وثلاثة رجلا منهم.

فحكموا عبدالله بن عمر فاي الفريقين حكم له فليختاروا رجلا منهم فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس.

ص: 362

فخرجوا فقال علي علیه السلام القوم كانوا معه من بني هاشم إن أطيع فيكم قومكم لم تؤمروا أبدا وتلقاه العباس فقال عدلت عنا فقال وما علمك قال قرن بي عثمان وقال كونوا مع الأكثر فإن رضي رجلان رجلا ورجلان رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفون.

فيوليها عبد الرحمن عثمان أو يوليها عثمان عبد الرحمن فلو كان الآخران عبدالرح معي لم ينفعاني بله إني لا أرجو إلا أحدهما فقال له العباس لم أرفعك في شيء إلا رجعت إلي مستأخرا بما أكره أشرت عليك عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم أن تسأله فيمن هذا الأمر فأبيت وأشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر.

فأبيت وأشرت عليك حين سماك عمر فى الشورى ألا تدخل معهم فأبيت احفظ عني واحدة كلما عرض عليك القوم فقل لا إلا أن يولوك واحذر هؤلاء الرهط فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا به غيرنا وايم الله لا يناله إلا بشر لا ينفع معه خير فقال علي أما لئن بقى عثمان لأذكرنه ما أتى ولئن مات ليتداولنها بينهم ولئن فعلوا ليجدني حيث يكرهون، ثم تمثل:

حلفت برب الراقصات عشية *** غدون خفافا فابتدرن المحصبا

ليختلين رهط ابن يعمر مارئا *** نجيعا بنو الشداخ وردا مصلبا

والتفت فرأى أبا طلحة فكره مكانه فقال أبو طلحة لم ترع أبا الحسن فلما مات عمر وأخرجت جنازته تصدى علي وعثمان أيهما يصلي عليه فقال عبدالرحمن كلاكما يحب الإمرة لستما من هذا في شيء هذا إلى صهيب استخلفه عمر يصلي بالناس ثلاثا حتى يجتمع الناس على إمام فصلى عليه

ص: 363

صهیب.

فلما دفن عمر جمع المقداد أهل الشورى في بيت المسور بن مخرمة ويقال في بيت المال ويقال في حجرة عائشة بإذنها وهم خمسة معهم ابن عمر وطلحة غائب وأمروا أبا طلحة أن يحجبهم وجاء عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة فجلسا بالباب فحصبهما سعد واقامهما وقال تريدان أن تقولا حضرنا وكنا في أهل الشورى.

فتنافس القوم في الأمر وكثر بينهم الكلام فقال أبو طلحة أنا كنت لأن تدفعوها أخوف مني لأن تنافسوها لا والذي ذهب بنفس عمر لا أزيدكم على الأيام الثلاثة التي أمرتم ثم أجلس في بيتي فأنظر ما تصنعون فقال عبدالرحمن أيكم يخرج منها نفسه ويتقلدها على أن يوليها أفضلكم؟ فلم يجبه أحد فقال فأنا أنخلع منها.

فقال عثمان أنا أول من رضى فإني سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول أمين في الأرض أمين في السماء فقال القوم قد رضينا وعلي ساكت فقال ما تقول يا أبا الحسن قال أعطني موثقا لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى ولا تخص ذا رحم ولا تألو الأمة فقال أعطوني مواثيقكم على أن تكونوا معي على من بدل وغير وأن ترضوا من اخترت لكم علي ميثاق الله ألا أخص ذا رحم لرحمه ولا ألو المسلمين فأخذ منهم ميثاقا وأعطاهم مثله.

فقال لعلي إنك تقول إني أحق من حضر بالأمر لقرابتك وسابقتك وحسن أثرك في الدين ولم تبعد ولكن أرأيت لو صرف هذا الأمر عنك فلم تحضر من كنت ترى من هؤلاء الرهط أحق بالأمر قال عثمان وخلا بعثمان فقال تقول شيخ من بني عبد مناف وصهر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وابن عمه لي سابقة وفضل لم تبعد فلن يصرف هذا الأمر عني ولكن لو لم تحضر.

ص: 364

فأي هؤلاء الرهط تراه أحق به قال على ثم خلا بالزبير فكلمه بمثل ما كلم به عليا وعثمان فقال عثمان ثم خلا بسعد فكلمه فقال عثمان فلق علي سعدا فقال «وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ به وَالْاَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقيبا»

أسألك برحم ابني هذا من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وبرحم عمي حمزة منك ألا تكون مع عبد الرحمن لعثمان ظهيرا علي فإني أدلي بما لا يدلي به عثمان ودار عبدالرحمن لياليه يلق أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ومن وافي المدينة من أمراء الأجناد وأشراف الناس يشاورهم ولا يخلو برجل إلا أمره بعثمان.

حتى إذا كانت الليلة التي يستكمل في صبيحتها الأجل أتى منزل المسور بن مخرمة بعد ابهيرار من الليل فأيقظه فقال ألا أراك نائما ولم أذق أذق في هذه الليلة كثير غمض انطلق فادع الزبير وسعدا.

فدعاهما فبدأ بالزبير في مؤخر المسجد في الصفة التي تلي دار مروان فقال له خل ابني عبد مناف وهذا الأمر قال نصيبي لعلي وقال لسعد أنا وأنت كلالة فاجعل نصيبك لي فأختار قال إن اخترت نفسك فنعم وإن اخترت عثمان فعلي أحب إلي أيها الرجل بايع لنفسك وأرحنا وارفع رؤوسنا قال :

يا أبا إسحاق إني قد خلعت نفسي منها علي أن أختار ولو لم أفعل وجعل الخيار إلي لم أردها إني أريت كروضة خضراء كثيرة العشب فدخل فحل فلم أر فحلا قط أكرم منه فمر كأنه سهم لا يلتفت إلى شيء مما في الروضة حتى قطعها لم يعرج ودخل بعير يتلوه فاتبع أثره حتى خرج من الروضة.

ثم دخل فحل عبقري يجر خطامه يلتفت يمينا وشمالا ويمضي قصد

ص: 365

الأولين حتى خرج ثم دخل بعير رابع فرتع في الروضة ولا والله لا أكون الرابع ولا يقوم مقام أبي بكر وعمر بعدهما أحد فيرضى الناس عنه قال سعد فإني أخاف أن يكون الضعف قد أدركك فامض لرأيك فقد عرفت عهد عمر.

وانصرف الزبير وسعد وأرسل المسور بن مخرمة إلى علي فناجاه طويلا وهو لا يشك أنه صاحب الأمر ثم نهض وأرسل المسور إلى عثمان فكان في نجيهما حتى فرق بينهما أذان الصبح فقال عمرو بن ميمون قال لي عبدالله بن عمر يا عمرو من أخبرك أنه يعلم ما کلم به عبدالرحمن بن عوف عليا وعثمان فقد قال بغير علم.

فوقع قضاء ربك على عثمان فلما صلوا الصبح جمع الرهط وبعث إلى من حضره من المهاجرين وأهل السابقة والفضل من الأنصار وإلى أمراء الأجناد فاجتمعوا حتى التج المسجد بأهله فقال أيها الناس إن الناس قد أحبوا أن يلحق أهل الأمصار بأمصارهم وقد علموا من أميرهم فقال سعيد ابن زيد إنا نراك لها أهلا فقال أشيروا على بغير هذا.

فقال عمار إن أردت ألا يختلف المسلمون فبايع عليا فقال المقداد الأسود صدق عمار إن بايعت عليا قلنا سمعنا وأطعنا قال ابن أبي سرح إن أردت ألا تختلف قريش فبايع عثمان فقال عبدالله بن أبي ربيعة صدق إن بايعت عثمان قلنا سمعنا وأطعنا فشتم عمار ابن أبي سرح وقال متى كنت تنصح المسلمين.

فتكلم بنو هاشم وبنو أمية فقال عمار أيها الناس إن الله عز وجل أكرمنا بنبيه وأعزنا بدينه فأنى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت منكم فقال رجل من بني مخزوم لقد عدوت طورك يا بن سمية وما أنت وتأمير قريش

ص: 366

لأنفسها فقال سعد بن أبي وقاص يا عبدالرحمن افرغ قبل أن يفتتن الناس.

فقال عبدالرحمن إني قد نظرت وشاورت فلا تجعلن أيها الرهط على أنفسكم سبيلا ودعا عليا فقال عليك عهد الله وميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخليفتين من بعده قال أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي قال نعم فبايعه.

فقال علي حبوته حبو دهر ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك والله كل يوم هو في شأن فقال عبد الرحمن يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا فإني قد نظرت وشاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان فخرج علي وهو يقول سيبلغ الكتاب أجله.

فقال المقداد يا عبد الرحمن أما والله لقد تركته من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون فقال يا مقداد والله لقد اجتهدت للمسلمين قال إن كنت أردت بذلك الله فأتابك الله ثواب المحسنين فقال المقداد ما رأيت مثل ما أوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم.

إني لأعجب من قريش أنهم تركوا رجلا ما أقول إن أحدا أعلم ولا اقضى منه بالعدل أما والله لو أجد عليه أعوانا فقال عبدالرحمن یا مقداد اتق الله فإني خائف عليك الفتنة فقال رجل للمقداد رحمك الله من أهل هذا البيت ومن هذا الرجل قال أهل البيت بنو عبدالمطلب والرجل علي بن أبي طالب.

فقال علي إن الناس ينظرون إلى قريش وقريش تنظر إلى بيتها فتقول إن ولي عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبدا وما كانت في غيرهم من قريش تداولتموها بينكم وقدم طلحة في اليوم الذي بويع فيه لعثمان فقيل له بايع

ص: 367

عثمان فقال أكل قريش راض به قال نعم فأتى عثمان.

فقال له عثمان أنت على رأس أمرك إن أبيت رددتها قال أتردها قال نعم قال أكل الناس بايعوك قال نعم قال قد رضيت لا أغرب عما قد أجمعوا عليه وبايعه.

وقال المغيرة بن شعبة لعبد الرحمن يا أبا محمد قد أصبت إذا بايعت عثمان وقال لعثمان لو بايع عبدالرحمن غيرك ما رضينا فقال عبدالرحمن كذبت يا أعور لو بايعت غيره لبايعته ولقلت هذه المقالة.

وقال الفرزدق:

صلى صهيب ثلاث ثم أرسلها *** على ابن عفان ملكا غير مقصور

خلافة من أبي بكر لصاحبه *** كانوا أخلاء مهدي ومأمور

وكان المسور بن مخرمة يقول ما رأيت رجلا بذ قوما فيما دخلوا فيه بأشد مما بذهم عبدالرحمن بن عوف.

14 - قال أبو جعفر وأما المسور بن مخرمة فإن الرواية عندنا عنه ما حدثني سلم بن جنادة أبو السائب قال حدثنا سليمان بن عبدالعزيز بن أبي ثابت بن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالرحمن بن عوف قال حدثنا أبي عن عبدالله بن جعفر عن أبيه عن المسور بن مخرمة وكانت أمه عاتكة ابنة عوف في الخبر الذي قد مضى في مقتل عمر بن الخطاب.

قال ونزل في قبره يعني في قبر عمر الخمسة يعني أهل الشورى قال ثم خرجوا يريدون بيوتهم فناداهم عبد الرحمن إلى أين هلموا فتبعوه وخرج حتى دخل بيت فاطمة ابنة قيس الفهرية أخت الضحاك بن قيس الفهري قال بعض أهل العلم بل كانت زوجته وكانت نجودا يريد ذات رأي.

قال فبدأ عبدالرحمن بالكلام فقال يا هؤلاء إن عندي رأيا وإن لكم

ص: 368

نظرا فاسمعوا تعلموا وأجيبوا تفقهوا فإن حابيا خير من زاهق وإن جرعة من شروب بارد أنفع من عذب موب.

أنتم أئمة يهتدى بكم وعلماء يصدر إليكم فلا تفلوا المدى بالاختلاف بينكم ولا تغمدوا السيوف عن أعدائكم فتوتروا تأركم وتؤلتوا أعمالكم لكل أجل كتاب ولكل بيت إمام بأمره يقومون وبنهيه يرعون قلدوا أمركم واحدا منكم تمشوا الهوينى وتلحقوا الطلب لولا فتنة عمياء وضلالة حيراء.

يقول أهلها ما يرون وتحلهم الحبوكرى ما عدت نياتكم معرفتكم ولا أعمالكم نياتكم احذروا نصيحة الهوى ولسان الفرقة فإن الحيلة في المنطق أبلغ من السيوف في الكلم علقوا أمركم رحب الذراع فيما حل مأمون الغيب فيما نزل رضا منكم وكلكم رضا ومقترعا منكم وكلكم منتهى.

لا تطيعوا مفسدا ينتصح ولا تخالفوا مرشدا ينتصر أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ثم تكلم عثمان بن عفان فقال الحمد لله الذي اتخذ محمدا نبيا وبعثه رسولا صدقه وعده ووهب له نصره على كل من بعد نسبا أو قرب رحما صلی الله علیه وآله وسلم جعلنا الله له تابعين وبأمره مهتدين فهو لنا نور ونحن بأمره نقوم عند تفرق الأهواء ومجادلة الأعداء.

جعلنا الله بفضله أئمة وبطاعته أمراء لا يخرج أمرنا منا ولا يدخل علينا غيرنا إلا من سفه الحق ونكل عن القصد وأحربها يابن عوف أن تترك وأحذر بها أن تكون إن خولف أمرك وترك دعاؤك فأنا أول مجيب لك وداع إليك وكفيل بما أقول زعيم وأستغفر اللله لی و لکم.

ثم تكلم الزبير بن العوام بعده فقال أما بعد فإن داعي الله لا يجهل ومجيبه لا يخذل عند تفرق الأهواء ولي الأعناق ولن يقصر عما قلت إلا غوي ولن يترك ما دعوت إليه إلا شق لولا حدود الله فرضت وفرائض الله

ص: 369

حدت تراح على أهلها وتحيا لا تموت.

لكان الموت من الإمارة نجاة والفرار من الولاية عصمة ولكن الله علينا إجابة الدعوة وإظهار السنة لئلا نموت ميتة عمية ولا نعمى عمى جاهلية فأنا مجيبك إلى ما دعوت ومعينك على ما أمرت ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله لي ولكم.

ثم تكلم سعد بن أبي وقاص فقال الحمد الله بديئا كان وآخرا يعود أحمده لما نجاني من الضلالة وبصرني من الغواية فبهدي الله فاز من نجا و برحمته أفلح من زكا وبمحمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله وسلم أنارت الطرق واستقامت السبل وظهر كل حق ومات كل باطل إياكم أيها النفر وقول الزور وأمنية أهل الغرور.

فقد سلبت الأماني قوما قبلكم ورثوا ما ورثتم ونالوا ما نلتم فاتخذهم الله عدوا ولعنهم لعنا كبيرا قال الله عز وجل «لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنى إسراءيلَ عَلى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِما عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ».

إني نكبت قرني فأخذت سهمي الفالج وأخذت لطلحة بن عبيد الله ما ارتضيت لنفسي فأنا به كفيل وبما أعطيت عنه زعيم والأمر إليك يابن عوف بجهد النفس وقصد النصح وعلى الله قصد السبيل وإليه الرجوع وأستغفر الله لي ولكم وأعوذ بالله من مخالفتكم.

ثم تكلم علي بن أبي طالب علیه السلام فقال الحمد لله الذي بعث محمدا منا نبيا وبعثه إلينا رسولا فنحن بيت النبوة ومعدن الحكمة وأمان أهل الأرض ونجاة لمن طلب لنا حق إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ولو طال السرى لو عهد إلينا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عهدا لأنفذنا عهده ولو قال لنا

ص: 370

قولا الجادلنا عليه حتى نموت لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق وصلة رحم.

ولا حول ولا قوة إلا بالله اسمعوا كلامي وعوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا المجمع تنتضى فيه السيوف وتخان فيه العهود حتى تكونوا جماعة ويكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة وشيعة لأهل الجهالة ثم أنشأ يقول:

فإن تك جاسم هلكت فإني *** بما فعلت بنو عبد بن ضخم

مطيع في الهواجر كل عي *** بصير بالنوى من كل نجم

فقال عبدالرحمن أيكم يطيب نفسا أن يخرج نفسه من هذا الأمر ويوليه غيره قال فأمسكوا عنه قال فإني أخرج نفسي وابن عمي فقلده القوم الأمر وأحلفهم عند المنبر فحلفوا ليبايعن من بايع وإن بايع بإحدى يديه الأخرى فأقام ثلاثا في داره التي عند المسجد التي يقال لها اليوم رحبة القضاء وبذلك سميت رحبة القضاء فأقام ثلاثا يصلي بالناس صهيب.

قال: وبعث عبد الرحمن إلى علي فقال له إن لم أبايعك فأشر علي؛ فقال عثمان ثم بعث إلى عثمان فقال إن لم أبايعك فمن تشير على؟ قال على ثم قال لهما انصرفا فدعا الزبير فقال إن لم أبايعك فمن تشير علي ؟ قال عثمان ثم دعا سعدا فقال من تشير علي فأما أنا وأنت فلا نريدها فمن تشير علي؟ قال: عثمان فلما كانت الليلة الثالثة.

قال: یا مسور قلت لبيك قال إنك لنائم والله ما اكتحلت بغماض منذ ثلاث اذهب فادع لي عليا وعثمان قال قلت يا خال بايهما أبدأ قال بأيهما شئت قال فخرجت فأتيت عليا وكان هواي فيه فقلت أجب خالي فقال بعثك معي إلى غيري قلت نعم قال إلى من قلت إلى عثمان قال فأينا أمرك أن

ص: 371

تبدأ به قلت قد سألته

فقال بأيهما شئت فبدأت بك وكان هواي فيك قال فخرج معي حتى أتينا المقاعد فجلس عليها علي ودخلت على عثمان فوجدته يوتر مع الفجر فقلت أجب خالي فقال بعثك معي إلى غيري قلت نعم إلى علي قال بأينا أمرك أن تبدأ قلت سألته فقال بأيهما شئت وهذا علي على المقاعد.

فخرج معي حتى دخلنا جميعا على خالي وهو في القبلة قائم يصلي فانصرف لما رآنا ثم التفت إلى علي وعثمان فقال إني قد سألت عنكما وعن غير كما فلم أجد الناس يعدلون بكما هل أنت يا علي مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر ؟ فقال.

اللهم لا ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي فالتفت إلى عثمان فقال هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر قال اللهم نعم فأشار بيده إلى كتفيه وقال إذا شئتما فنهضنا حتى دخلنا المسجد وصاح صائح الصلاة جامعة.

قال عثمان فتأخرت والله حياء لما رأيت من إسراعه إلى علي فكنت في آخر المسجد قال وخرج عبدالرحمن بن عوف وعليه عمامته التي عممه بها رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم متقلدا سيفه حتى ركب المنبر فوقف وقوفا طويلا ثم دعا بما لم يسمعه الناس.

ثم تكلم فقال أيها الناس إني قد سألتكم سرا وجهرا عن إمامكم فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين إما علي وإما عثمان فقم إلي يا علي فقام إليه علي فوق تحت المنبر فأخذ عبدالرحمن بيده فقال هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر؟ قال:

اللهم لا ولكن على جهدي من ذلك وطاقتي قال فأرسل يده ثم نادى

ص: 372

قم إلي يا عثمان فأخذ بيده وهو في موقف علي الذي كان فيه فقال هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر قال اللهم نعم قال فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان ثم قال اللهم اسمع واشهد.

اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان قال: وازدحم الناس يبايعون عثمان حتى غشوه عند المنبر فقعد عبد الرحمن مقعد النبی صلی الله علیه وآله وسلم من المنبر وأقعد عثمان على الدرجة الثانية فجعل الناس يبايعونه وتلكأ علي فقال عبد الرحمن «فَمَنْ نَكَتَ فَإِنَّمَا يَنْكُتُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظيَّما» فرجع علي يشق الناس حتى بايع وهو يقول خدعة وأيما خدعة.

15- عنه قال عبد العزيز: وإنما سبب قول علي خدعة أن عمرو بن العاص كان قد لقي عليا في ليالي الشورى فقال إن عبد الرحمن رجل مجتهد وإنه متى أعطيته العزيمة كان أزهد له فيك ولكن الجهد والطاقة فإنه أرغب له فيك قال ثم لقي عثمان فقال إن عبد الرحمن رجل مجتهد وليس والله يبايعك إلا بالعزيمة فاقبل فلذلك قال على خدعة.

قال: ثم انصرف بعثمان إلى بيت فاطمة ابنة قيس فجلس والناس معه فقام المغيرة بن شعبة خطيبا فقال يا أبا محمد الحمد لله الذي وفقك والله ما كان لها غير عثمان وعلي جالس فقال عبدالرحمن يابن الدباغ ما أنت وذاك والله ما كنت أبايع أحدا إلا قلت فيه هذه المقالة.

قال: ثم جلس عثمان في جانب المسجد ودعا بعبيدالله بن عمر وكان محبوسا في دار سعد بن أبي وقاص وهو الذي نزع السيف من يده بعد قتله جفينة والهرمزان وابنة أبي لؤلؤة وكان يقول والله لأقتلن رجالا ممن شرك في دم أبي يعرض بالمهاجرين والأنصار فقام إليه سعد.

ص: 373

فنزع السيف من يده وجذب شعره حتى أضجعه إلى الأرض وحبسه في داره حتى أخرجه عثمان إليه فقال عثمان الجماعة من المهاجرين والأنصار أشيروا علي في هذا الذي فتق في الإسلام ما فتق فقال علي أرى أن تقتله فقال بعض المهاجرين قتل عمر أمس ويقتل ابنه اليوم فقال عمرو بن العاص يا أمير المؤمنين.

إن الله قد أعفاك أن يكون هذا الحدث كان ولك على المسلمين سلطان إنما كان هذا الحدث ولا سلطان لك قال عثمان أنا وليهم وقد جعلتها دية واحتملتها في مالي.

قال وكان رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد البياضي إذا رأى عبیدالله بن عمرقال:

ألا يا عبيدالله مالك مهرب *** ولا ملجأ من ابن أروى ولا خفر

أصبت دما والله فى غير حله *** حراما وقتل الهرمزان له خطر

على غير شيء غير أن قال قائل *** أتتهمون الهرمزان على عمر

فقال سفيه والحوادث جمة *** نعم اتهمه قد أشار وقد أمر

وكان سلاح العبد في جوف بيته *** يقلبها والأمر بالأمر يعتبر

قال: فشكا عبيد الله بن عمر إلى عثمان زياد بن لبيد و شعره فدعا عثمان زياد بن لبيد فنهاه قال فأنشأ زياد يقول في عثمان:

ابا عمرو عبیدالله رهن *** فلا تشكك بقتل الهرمزان

فإنك إن غفرت الجرم عنه *** وأسباب الخطا فرسا رهان

أتعفو إذ عفوت بغير حق *** فمالك بالذي تحكى يدان

فدعا عثمان زياد بن لبید فنهاه و شد به

16 - كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن يحيى بن سعيد عن

ص: 374

سعيد بن المسيب أن عبدالرحمن بن أبي بكر قال غداة طعن عمر مرت على أبي لؤلؤة عشي أمس ومعه جفينة والهرمزان وهم نجي فلما رهقتهم ثاروا وسقط منهم خنجر له رأسان نصابه في وسطه فانظروا بأي شيء قتل وقد تخلل أهل المسجد وخرج في طلبه رجل من بني تميم.

فرجع إليهم التميمي وقد كان ألظ بأبي لؤلؤة منصرفه عن عمر حتى أخذه فقتله وجاء بالخنجر الذي وصفه عبدالرحمن بن أبي بكر فسمع بذلك عبیدالله بن عمر فامسك حتى فأمسك حتى مات عمر ثم اشتمل على السيف فأتى الهرمزان فقتله فلما عضه السيف قال:

لا إله إلا الله ثم مضى حتى أتى جفينة وكان نصرانيا من أهل الحيرة ظئرا لسعد بن مالك أقدمه إلى المدينة للصلح الذي بينه وبينهم وليعلم بالمدينة الكتابة فلما علاه بالسيف صلب بين عينيه وبلغ ذلك صهيبا فبعث إليه عمرو بن العاص فلم يزل به وعنه ويقول السيف بأبي وأمي حتى ناوله إياه وثاوره سعد فأخذ بشعره وجاؤوا إلى صهیب.

17- قال ابن قتيبة ثم إن المهاجرين دخلوا على عمر و هو في البيت من جراحه تلك، فقالوا: يا أمير المؤمنين استخلف علينا قال: والله لا أحملكم حيا و ميتاً، ثم قال ان استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر و إن أدع فقد ودع من هو خير مني يعني النبي صلی الله علیه وآله وسلم فقالوا: جزاك الله خيراً يا أمير المؤمنين فقال: ماشاء الله راغباً وددت أن أنجو منها لالى ولا عليّ.

فلما أحس بالموت قال لابنه : اذهب إلى عائشة، و أفرئها منى السلام واستأذنها أن اقبر في بيتها مع رسول الله و مع أبي بكر، فأتاها عبدالله بن رسول ،عمر، فأعلمها، فقالت نعم وكرامة ثم قالت يا بني أبلغ عمر سلامی و قل

ص: 375

له: لا تدع أمة محمد بلا راع استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا، فإنى أخشى عليهم الفتنة، فأتى عبدالله فأعلمه ،

فقال: و من تأمرني أن استخلف ؟ لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح باقياً استخلفته و وليته، فإذا قدمت على ربي فسألني و قال لى: و وليت على أمه محمد؟ قلت إى ربى سمعت عبدك ونبيك يقول: لكل أمة أمين و أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، و لو أدركت معاذ بن جبل استخلفته، فإذا قدمت على ربي فسالني من وليت على أمة محمد.

قلت إى ربي سمعت عبدك ونبيك يقول: إن معاذ بن جبل يأنى بين يدي العلماء العلماء يوم القيامة. و لو ادركت خالد بن الوليد لوليته، فإذا قدمت على ربي فسألني من وليت على أمة محمد ؟ قلت إى ربي، سمعت عبدك و نبيك يقول : خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله على المشركين، ولكنى سأستخلف النفر الذين توفى رسول الله و هو عنهم راض.

فأرسل إليهم فجمعهم، و هم على بن أبي طالب، و عثمان بن عفان و طلحة بن عبید الله و الزبير بن العوام، و سعد بن أبي وقاص، و عبدالرحمن بن عوف و كان طلحة غائباً، فقال: يا معشر المهاجرين الأولين، إني نظرت في أمر الناس، فلم أجد فيهم شقاقاً و نفاقاً، فإن يكن بعدى شقاق و نفاق فهو فيكم، تشاوروا ثلاثة أيام.

فإن جاءكم طلحة إلى ذلك، و إلا فأعزم عليكم بالله أن لا تتفرقوا من اليوم الثالث حتى تستخلفوا أحدكم فإن أشرتم بها إلى طلحة، فهو لها أهل، وليصل بكم صهيب هذه الثلاثة الأيام ألتى تشاورون فيها، فإنه رجل من الموالى لا ينازعكم أمركم و أحضروا معكم من شيوخ الأنصار و ليس لهم من أمركم شيء، و أحضروا معكم الحسن بن على و عبدالله بن

ص: 376

عباس .

فإن لهما قرابة و أرجو لكم البركة في حضورهما، و ليس لهما من أمركم شيء، و يحضر ابنى عبدالله مستشاراً، وليس له من الأمر شيء. :قالوا: يا أمير المؤمنين إن فيه للخلافة موضعاً ،فاستخلفه فإنا راضون به فقال: حسب آل الخطاب تحمل رجل منهم الخلافة، ليس له من الأمر شيء .

ثم قال: يا عبدالله إياك ثم إياك لا تتلبس بها، ثم قال: إن استقام أمر خمسة منكم و خانف واحد فاضربوا عنقه، و إن استقام أربعة و اختلف اثنان فاضربوا أعناقها، و إن استقر ثلاثة واختلف ثلاثة فاحتكموا إلى ابنى عبدالله، فلأى الثلاثة قضى فالخليفة منهم وفيهم. فإن أبى الثلاثة الآخرون ذلك فاضربوا أعناقهم.

فقالوا: قل فينا يا أمير المؤمنين مقالة نستدل فيها برأيك و تقتدى به. فقال: والله ما يمنعنى أن استخلفك يا سعد إلا شدتك و غلظتك، مع أنک رجل حرب. و ما يمنعني منك يا عبد الرحمن إلا أنك فرعون هذه الأمة. و ما يمنعني منك يا زبير إلا أنك مؤمن الرضا، كافر الغضب.

و ما يمنعني من طلحة إلا نخوته و کبره، و لو فیها وضع خاتمه فی إصبع امرأته. و ما يمنعني منك يا عثمان إلا عصبيتك و حبك قومك و اأهللك، و ما يمنعني منك يا على إلا حرصك عليها، و إنك أحرى القوم إن وليتها أن تقيم على الحق المبين. و الصراط المستقيم.

أوصي الخليفة منكم بتقوى الله العظيم، وأحذره مثل مضجعي هذا، و أخوفه يوماً تبيض فيه وجوه وتسود وجوه يوم تعرضون على الله لا تخفي منكم خافية، ثم غشى عليه حتى ظنوا أنه قد قضى فجعلوا ينادونه و

ص: 377

لا يفيق من إغمائه، فقال قائل: إن كان شيء ينبه فالصلاة، فقالوا: يا أمير المؤمنين الصلاة، ففتح عينيه فقال:

الصلاة هأنذا، و لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فصلى و جرحه يثعب دما، ثم التفت إليهم و قال: قد قومت لكم الطريق فلا تعوجوه، ثم التفت إلى على بن أبي طالب، فقال: لعل هؤلاء القوم يعرفون لك حقك و رفك و قرابتك من رسول الله، و ما آتاك الله من العلم من العلم و الفقه و الدين فيستخلفوك.

فإن وليت هذا الأمر فاتق الله يا على فيه، و لا تحمل أحداً من بنى هاشم على رقاب الناس، ثم التفت إلى عثمان فقال يا عثمان لعل هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله وسنك و شرفك و سابقتك فيستخلفوك فإن وليت هذا الأمر فلا تحمل أحداً من بني أمية على رقاب الناس. ثم دعا صهيباً .

فقال: يا صهيب صل بالناس ثلاثة أيام، و يجتمع هؤلاء النفر و يتشاورون بينهم اخرجوا عنى اللهم ألفهم و جمعهم على الحق، ولا تردهم على أعقابهم، و ول أمر أمة محمد خيرهم فخرجوا من عنده، و توفى من يومه ذلك، و دفن وصلى عليه صهيب.

ثم أنه بعد موت عمر اجتمع القوم فخلوا في بيت أحدهم و أحضروا عبدالله بن عباس و الحسن بن على و عبد الله بن عمر، فتشاوروا ثلاثة أيام، فلام يبرموا فتيلا، فلما كان في اليوم الثالث قال لهم عبدالرحمن بن ،عوف أتدرون أى يوم هذا؟ هذا يوم عزم عليكم صاحبكم أن لا تتفرقوا فيه حتى تستخلفوا أحدكم، قالوا: أجل.

قال: فإني عارض عليكم أمراً ، قالوا: و ما تعرض؟ قال: أن تولونى

ص: 378

أمركم، وأهب لكم نصيبي فيها و أختار لكم من أنفسكم قالوا قد أعطيناك الذي سدلت، فلما سلم القوم قال لهم عبد الرحمن اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم فجعل الزبير أمره إلى على وجعل طلحة أمره إلى عثمان، و جعل سعد أمره إلى عبد الرحمن بن عوف.

قال المسور بن مخرمة فقال لهم :عبدالرحمن: كونوا مكانكم حتى آتيكم. و خرج يتلق الناس في أنقاب المدينة متلئما لا يعرفه أحد، فما ترك أحدا من المهاجرين والأنصار و غير هم من ضعفاء الناس و رعاعهم إلا سألهم واستشارهم. أما أهل الرأى فأتاهم مستشيراً، و تلق غيرهم سائلا، يقول : من ترى الخليفة بعد عمر؟

فلم يلق أحدا يستشيره و لا يسأله إلا و يقول عثمان، فلما رأى اتفاق الناس و اجتماعهم على عثمان قال المسور: جاءنى عشاء، فوجدنى فائماً فخرجت إليه فقال: ألا أراك نائماً، فوالله ما اكتحلت عيني بنوم منذ هذه الثلاثة، ادع لي فلاناً و فلاناً (نفراً من المهاجرين) فدعوتهم له، فناجاهم في المسجد طويلاً ثم قاموا من عنده فخرجوا.

ثم دعا علياً فناجاه طويلا ثم قام من عنده على طمع، ثم قال: ادع لي عثمان، فدعوته، فناجاه طويلاً حتى فرق بينهما أن أنت صلاة الصبح، فلما فأخذ على كل واحد منهم العهد والميثاق: لئن بايعتك لتقيمن صلوا جمعهم لنا كتاب الله وسنة رسوله و سنة صاحبيك من قبلك.

فأعطاه كل واحد منهم العهد والميثاق على ذلك، و أيضاً لئن بايعت غيرك لترضين و لتسلمن، و ليكونن سيفك معى على من أبي فأعطوه ذلك من عهودهم و مواثيقهم، فلما تم ذلك أخذ بيد عثمان، فقال له عليك عهد الله و ميثاقه لئن بايعتك لتقيمن لنا كتاب الله وسنة رسوله و سنة صاحبيك، و

ص: 379

شرط عمر أن لا تجعل أحداً من بني أميه على رقاب الناس.

فقال عثمان : نعم. ثم أخذ بيد على فقال له: أبايعك على شرط عمر أن لا تجعل أحداً من بني هاشم على رقاب الناس، فقال على عند ذلك: ما لك و لهذا إذا قطعتها في عنقي؟ فإن على الاجتهاد لأمة محمد حيث علمت القوة و الأمانة استعنت بها، كان في بنى هاشم أو غيرهم؛ فقال عبد الرحمن: لا والله حتى تعطينى هذا الشرط.

قال على: و الله لا أعطيكه أبداً، فتركه، فقاموا من عنده؛ فخرج عبد الرحمن إلى المسجد، فجمع الناس فحمد الله و أثنى عليه، ثم قال: إنى نظرت فى أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعل يا على سبيلاً إلى نفسك فإنه السيف لا غير. ثم أخذ بيد عثمان فبايعه و بايع الناس جميعاً.

قال: فكان عثمان ست سنين في ولايته، و هو أحب إلى الناس من عمر بن الخطاب. وكان عمر رجلاً شديداً قد ضيق على قريش أنفاسها. لم ينل أحد معه من الدنيا شيئاً إعظاماً له وإجلالاً، و تأسيا به واقتداء، فلما وليهم عثمان ولى رجل لين.

18- روی ابن عبد ربه عن يونس عن الحسن و هشام بن عروة عن أبيه، قالا لما طعن عمر بن الخطاب قيل له: يا أمير المؤمنين لو استخلفت؟ :قال : ان تركتكم فقد ترككم من هو خير منى و إن استخلفت فقد استخلف عليكم من هو خير منى و لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لا ستخلفته، فإن سألنى ربّي قلت: سمعت نبيّك يقول:

إنه أمين هذه الأمة؛ و لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته، فإن سألنى ربّي قلت: سمعت نبيّك يقول: إن سالماً ليحب الله حباً لو لم يخفه ما عصاه. قيل له: فلو أنك عهدت إلى عبد الله فإنه له أهل في دينه و فضله

ص: 380

و قديم إسلامه. قال: يحسب آل الخطاب أن يحاسب منهم رجل واحد ويسأل عن أمر أمة محمد صلی الله علیه وآله وسلم، و لوددت أنى نجوت من هذا الأمر كفافاً لا لى ولا علىّ.

ثم راحو فقالوا: يا أمير المؤمنين لو عهدت؟ فقال: قد كنت أجمعت بعد مقالتى لكم أن أولى رجلا أمركم أرجو أن يحملكم على الحق - و أشار إلى عليّ - ثم رأيت أن لا أتحمّلها حياً وميتاً، فعليكم بهؤلاء الرهط الذين قال فيهم النبيّ صلی الله علیه وآله وسلم . إنهم من أهل الجنة.

منهم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفیل و لست مدخله فيهم ولكن الستة: علي و عثمان، أبنا عبد مناف و سعد، و عبد الرحمن بن عوف، خال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، و الزبير حواري رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و ابن عمته، و طلحة الخير، فليختاروا منهم رجلا، فإذا ولوكم والياً فأحسنوا مؤازرته. فقال العباس لعلي: لا تدخل معهم.

قال: أكره الخلاف قال: إذن ترى ما تكره. فلما أصبح عمر دعا عليّاً و عثمان و سعداً و الزبير و عبدالرحمن ثم قال إنى نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم و لا يكون هذا الأمر إلا فيكم، وإني لا أخاف الناس عليكم و لكنّي أخافكم على الناس و قد قبض رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و هو عنكم راض .

فاجتمعوا إلى حجرة عائشة بإذنها، فتشاوروا و أختاروا منكم رجلا وليصل بالناس صهيب ثلاثة ايام و لا يأتى اليوم الرابع إلا و عليكم أمير منكم، ويحضركم عبد الله مشيراً ، و لا شيء له من الأمر و طلحة شريككم في الأمر، فإن قدم في الأيام الثلاثة فأحضروه أمركم، و إن مضت الأيام الثلاثة قبل قدومه فأمضوا أمركم. و من لى بطلحة؟

ص: 381

فقال سعد: أنالك به إن شاء الله قال لأبي طلحة الأنصارى يا أبا طلحة، إنّ الله قد أعزّ بكم الإسلام فاختر خمسين رجلا من الأنصار و كونوا مع هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم. و قال للمقداد بن الأسود الكندى: إذا وضعتموني في حفرتي.

فاجمع هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم. و قال الصهيب صل بالناس ثلاثة أيام، و أدخل عليّاً و عثمان و الزبير و سعداً و عبد الرحمن و طلحة، إن حضر بيت عائشة و أحضر عبد الله بن عمر، و ليس له في الأمر شيء، و قم على رءوسهم، فإن اجتمع خمسة على رأى واحد و أبي واحد فاشدخ رأسه بالسيف، و إن اجتمع أربعة فرضوا و أبي الاثنان فأضرب رأسيهما.

فإن رضى ثلاثة رجلا و ثلاثة رجلا فحكموا عبد الله بن عمر، فإن لم يرضوا بعبد الله فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف و اقتلوا الباقين، إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس وخرجوا. فقال على لقوم معه من بنى هاشم: إن أطيع فيكم قومكم فلن يؤمروكم أبدا. وتلقاه العباس فقال له عدلت عنا.

قال له: و ما أعلمك ؟ قال: قرن بي عثمان، ثم قال: إن رضى ثلاثة رجلاً و ثلاثة رجلا فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن و عبد الرحمن صهر عثمان، لا يختلفون، فلو كان الآخران معى مانفعاني .

فقال العباس: لم أدفعك في شيء إلا رجعت إلى مستأخراً بما أكره أشرت عليك عند وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن تسأله فيمن هذا الأمر فأبيت و أشرت عليك بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن تعاجل الأمر فأبيت و أشرت

ص: 382

عليك حين سمّاك عمر في الشورى أن لا تدخل معهم فأبيت، فاحفظ عنى واحدة

كل ما عرض عليك القوم فأمسك إلى أن يولوك، واحذر هذا الرهط فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا الأمر حتى يقوم لنا به غيرنا. فلما مات عمر و أخرجت جنازته تصدّى على وعثمان أيهما يصلى عليه. فقال عبد الرحمن كلا كما يحب الأمر، لستما من هذا في شيء هذا صهيب استخلفه عمر يصلى بالناس ثلاثاً حتى يجتمع الناس على إمام.

فصلّى عليه صهيب. فلما دفن عمر جمع المقداد بن بن الأسود الناس الشورى فى بيت عائشة بإذنها و هم خمسة معهم ابن عمر، و طلحة غائب و أمروا أبا أطلحة فحجبهم. و جاء عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة فجلسا بالباب فحصبهما سعد و أقامها و قال تريدان أن تقولا حضرنا و كنا في أهل الشورى فتنافس القوم في الأمر وكثر بينهم الكلام كلّ يرى أنه أحق بالأمر.

فقال أبو طلحة: أنا كنت لأن تدفعوها أخوف منى لأن تنافسوها، لا والذي ذهب بنفس محمد لا أزيدكم على الأيام الثلاثة التي أمر بها عمر أو أجلس في بيتى. فقال عبد الرحمن أيكم يخرج منها نفسه و يتقلدها على أن توليها أفضلكم؟ فلم يجبه أحد. قال: فأنا أنخلغ منها. قال عثمان: أنا أول من رضى، فإني سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول : عبد الرحمن أمين في السماء أمين فى الأرض.

فقال القوم: رضينا و عليّ ساكت فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟ قال: إن أعطيتني موثقا لتؤثرنّ الحق و لا تتبع الهوى و لا تخص ذا رحم و لا تألو الامة نصحاً. قال: أعطوني مواثيقكم على أن تكونوا معى على من

ص: 383

نكل، و أن ترضوا بما أخذت لكم فتوثق بعضهم من بعض و جعلوها إلى عبد الرحمن.

فخلا بعلي فقال: إنك أحق بالأمر لقرابتك و سابقتك و حسن أثرك، و لم تبعد، فمن أحق بها بعدك من هؤلاء؟ قال: عثمان ثم خلا بعثمان فسأله عن مثل ذلك. فقال: علي ثم خلا بسعد، فقال: عثمان ثم خلا بالزبير. فقال: عثمان.

19- عنه عن أبى الحسن قال: لما خاف علي بن ابي طالب عبد الرحمن بن عوف و الزبير و سعداً أن يكونوا مع عثمان لقى سعدا و معه الحسن و الحسين، فقال له: «وَاتَّقُوا اللهَ الَّذي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْاَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا». أسألك برحم أبنى هذين من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، و برحم عمى حمزة منك أن لا تكون مع عبد الرحمن ظهيرا على لعثمان، فإنى أدلى إليك بما لا يدلى به عثمان.

ثم دار عبدالرحمن لياليه تلك على مشايخ قريش يشاورهم، فكلّهم يشير بعثمان، حتى إذا كان في الليلة التي استكمل في صبيحتها الأجل أتى منزل المسور بن مخرمة بعد هجعة من الليل فأيقظه، فقال: ألا أراك إلا نائماً و لم أذق فى هذه الليالي نوما، فانطلق فادع لى الزبير و سعداً، فدعا بهما. فبدأ بالزبير في مؤخّر المسجد.

فقال له: خل بني عبد مناف لهذا الأمر. فقال: نصيبى لعلي. فقال لسعد أنا و أنت كالآلة فاجعل نصيبك لى فأختار قال: أما إن اخترت نفسك فنعم و أما إن اخترت عثمان فعلى أحب إلى منه. قال: يا أبا إسحاق، إنى قد خلعت نفسى منها على أن أختار، و لو لم أفعل و جعل إلى الخيار ما ،أردتها، إنى رأيت كأنى فى روضة خضراء كثيرة العشب.

فدخل فحل لم أر مثله فحلاً أكرم منه، فمرّ كأنه سهم لا يلتفت إلى

ص: 384

شيء مما في الروضة حتى قطعها، ودخل بعير يتلوه فأتبع أثره حتى خرج إليه من الروضة ثم دخل فحل عبقري يجر خطامه يلتفت يمينا وشمالا و يمضى قصد الأولين، ثم خرج من الروضة ثم دخل بعير رابع فرتع في الروضة و لا والله لا أكون البعير الرابع، ولا يقوم بعد أبي بكر و عمر أحد فيرضى الناس عنه.

ثم أرسل المسور إلى عليّ، و هو لا يشك أنه صاحب الأمر. ثم أرسل المسور إلى عثمان فناجاه طويلاً حتى فرّق بينهما أذان الصبح. فلما صلوا الصبح جمع إليه الرهط و بعث إلى من حضره من المهاجرين والأنصار، و إلى أمراء الأجناد حتى ارتج المسجد بأهله.

فقال: أيها الناس إنّ الناس قد أحبوا أن تلحق أهل الأمصار بامصارهم و قد علمو من أمرهم. فقال عمار بن ياسر: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع علياً. فقال المقداد بن الأسود: صدق عمار، إن بايعت عليا قلنا: سمعنا وأطعنا. قال ابن أبى سرح: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا.

فشتم عمار ابن أبي سرح و قال متى كنت تنصح المسلمين فتكلم بنو هاشم و بنو أمية. فقال عمّار: أيها الناس إن الله أكرمنا بنبينا و أعزّنا بدينه فأنى تصرفون هذا الأمر عن بيت نبيكم فقال له رجل من بني مخزوم: لقد عدوت طورك يابن سمية، و ما أنت و تأمير قريش لأنفسها.

فقال سعد بن أبي وقاص: يا عبد الرحمن أفرغ قبل أن يفتن الناس. فقال عبد الرحمن: إنى قد نظرت و شاورت فلا تجعلن أيها الرهط على أنفسكم سبيلا. ودعا عليا فقال: عليك عهد الله و ميثاقه لتعلمنَّ بكتاب الله و سنة نبيه و سيرة الخليفتين من بعده؟ قال: أعمل بمبلغ علمى و طاقتي. ثم

ص: 385

دعا عثمان .

فقال: عليك عهد الله و ميثاقه لتعلمنَّ بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الخليفتين من بعده؟ فقال: نعم، فبايعه فقال علي: حبوته محاباة، ليس ذا بأوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، أما والله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك و الله كلّ يوم هو في شأن. فقال عبد الرحمن يا علي لا تجعل على نفسك سبيلا، فإني قد نظرت و شاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان أحداً.

فخرج علىّ و هو يقول: سيبلغ الكتاب أجله. فقال المقداد: يا عبد الرحمن أما والله لقد تركته من الذين يقضون بالحق و به يعدلون. فقال: يا مقداد، والله لقد اجتهدت للمسلمين قال: لئن كنت أردت بذلك الله فاثابك الله ثواب المحسنين.

ثم قال: ما رأيت مثل ما أوتى أهل هذا البيت بعد نبيهم و إنى لأعجب من قريش أنهم تركوا رجلا ما أقول إنّ أحداً أعلم منه، ولا أقضى بالعدل، و لا أعرف بالحق، أما والله لو أجد أعوانا، قال له عبدالرحمن يا مقداد اتق الله فإني أخشى عليك الفتنة.

قال: وقدم طلحة فى اليوم الذي بويع فيه عثمان، فقيل له: إنّ الناس قد بايعوا عثمان. فقال: أكل قريش رضوا به؟ قالوا: نعم. و أتى عثمان، فقال له عثمان أنت على رأس أمرك . قال طلحة فإن أبيت أتردّها؟ قال: نعم. قال: أكل الناس بايعوك؟ قال: نعم. قال: قد رضيت لا أرغب عما اجتمعت الناس ،عليه و بايعه .

و قال المغيرة بن شعبة لعبد الرحمن يا أبا محمد، قد أصبت إذ بايعت عثمان و لو بايعت غيره ما رضيناه قال كذبت يا أعور ، لو بايعت غيره لبايعته و قلت هذه المقاله .

ص: 386

و قال عبدالله بن عباس: ما شيت عمر بن الخطاب يوماً فقال لى: يابن عباس، ما يمنع قومكم منكم و انتم أهل البيت خاصة؟ قلت: لا أدرى قال: لكنى أدرى إنكم فضلتموهم بالنبوة فقالوا: إن فضلوا بالخلافة مع النبوة لم يبقوا لنا شيئاً، و إن أفضل النصيبين بأيديكم، بل ما إخالها إلا مجتمعة لكم و إن نزلت على رغم أنف قريش.

20 - الموفق الخوارزمي بإسناده عن أبى سعيد أخبرني أبو بكر محمد ابن عبدالله الحمدوني بقرأئتي عليه سنة ست و ثمانين و ثلاث مائة، حدثنى أبو محمد عبد الرحمان بن حمدان بن عبد الرحمان بن المرزبان الجلاب حدثني أبوبكر محمد ابن أبراهيم السوسى البصري نزيل حلب، حدثنى عثمان بن عبدالله القرشي الشامي بالبصرة قدم علينا حدثنا يوسف بن اسباط عن محل الضبي عن إبراهيم النخعى عن علقمة عن أبي ذر قال:

لما كان أول يوم في البيعة لعثمان «لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ».

فاجتمع المهاجرون و الانصار في المسجد و نظرت الى أبي محمد عبد الرحمن بن عوف و قد اعتجر بربطة و قد اختلفوا وكثرت المناجرة إذ جاء أبو الحسن بأبي هو و أمى قال:

فلما بصروا بأبي الحسن علي بن أبي طالب علیه السلام سر القوم طراً فأنشأ على يقول ان أحسن ما ابتدأ به المبتدون ونطق به الناطقون و تفوه به القائلون حمد الله و الثناء عليه بما هو أهله والصلاة على النبي و الصلاة على النبي محمد و آله الحمد لله المتفرد بدوام البقاء المتوحد بالملك الذى له الفخر و المجد و الثناء.

ثم قال على علیه السلام معاشر المسلمين ناشدتكم الله هل تعلمون أن جبرئيل علیه السلام اتى النبي صلی الله علیه وآله وسلم فقال : لا سيف الا ذو الفقار و لا فتى إلا على؟

ص: 387

هل تعلمون كان هذا؟ قالوا اللهم نعم قال فانشدكم الله هل تعلمون أن جبرئيل علیه السلام قال: لما اسرى بي الى السماء السابعة رفعت الى رفارف من نور ثم رفعت الى حجب من نور فوعد النبي صلی الله علیه وآله وسلم الجبار لا إله إلا هو اشياء فلما رجع من عنده نادى مناد عنده نادى مناد من وراء الحجب نعم الاب أبوك إبراهيم و نعم الاخ أخوك على بن أبي طالب و استوص به أتعلمون يا معاشر المهاجرين و الانصار كان هذا؟

فقال عبد الرحمن بن عوف سمعتها من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و إلا فصمتا ثم قال هل تعلمون ان احداً كان يدخل المسجد جنبا غيرى؟ قالوا اللهم لا قالك فانشدكم الله هل تعلمون ان أبواب المسجد سدها و ترك بابي بأمر الله قالوا اللهم نعم قال فانشدكم الله هل تعلمون أنى كنت اذا قاتلت يمين رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ قالوا:

اللهم نعم قال فانشدكم الله هل تعلمون ان رسول الله أخذ الحسن و الحسين فجعل يقول هي يا حسن فقالت فاطمة يا رسول الله ان الحسين اصغر و اضعف ركنا منه فقال لها رسول الله الا ترضين ان أقول أنا في يا حسن و يقول جبرئيل هي يا حسين فهل لاحد من الناس مثل منزلتنا عند الله و عند رسول الله .

21 - قال المقدسي في قصة الشورى و موت عمر قالوا فلما أيقن عمر بالموت دعا بعهده و جعل الأمر فيه الى ستة نفر و هم عثمان بن عفان و علی ابن أبى طالب علیه السلام وسعد بن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف و الزبير ابن العوام و طلحة بن عبيد الله ثم جعل معهم عبد الله بن عمر و قال ليس له في الامارة نصيب و انما له الاختيار و الرأى و جل أجل اختيارهم ثلاثة

ص: 388

أيام وقال:

يصلي بالناس صهيب حتى يصطلحوا على أحدهم و أمر عدة من الانصار أن يستحثوهم على ذلك كيلا يتفرّق كلمة المسلمين و قال إن اجتمع ثلاثة على واحد و أبى اثنان فخذوا بقول الثلاثة و إن كانوا ثلاثة ثلاثة فخدوا برأى الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف و كان قال لعبد الله بن عباس اذكر لي من اعهد إليه.

فقال عثمان فقال ذاك كلف بأقاربه يحمل بني ابن أبي معيط على رقاب الناس، قال فعبد الرحمن بن عوف قال مسلم ضعيف و أميرته امرأته قال فسعد قال ذاك فارس يكون فى مقنب من مقانبكم قال فالزبير.

قال: مؤمن الرضا كافر الغضب قال فطلحة قال فيه بآء و عجب قال فعلى قال فيه دعابة و أنه لا خلقهم أن يحملهم على المحجة ثم جعل الأمر في هولاء الستة باختيارهم و قال إنّ بيعة أبى بكر كانت فلتة وقى الله شرها فمن عاد الى مثلها من غير مشورة فاقتلوه.

22- قال المسعودى: قتل أبو لؤلؤة مولى المغيرة بن شعبة عمر بن الخطاب بخنجر جرحه به و كان الخنجر مسموماً فمكث ثلاثة ايام ثم مات و جعل الخلافة بعده شورى بين ستة و قال هؤلاء أحق الناس بالخلافة و لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً ما اختلجتني فيه الشكوك أن اقلده هذا الامر بعدى و جعل أمير المؤمنين في الشورى آخر السته منهم و بدا.

فسمى عثمان بن عفان و أشار إليه و عرض بتوليه الامر بعده ثم طلحة بن عبیدالله التيمى و الزبير بن العوام الأسدى و عبد الرحمن بن عوف الزهري و سعد بن أبي وقاص، ثم عليّ بن أبي طالب الهاشمي بعدهم في وصيته و امر صهببان ان يصلي بالناس الى ان يستقر أمر القوم في

ص: 389

فان اختلف الستة قتل الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن و نصب الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف و من يتفقون عليه، و إن انقضت ثلاثة أيام و لم يقع الاختيار والاتفاق على احدهم قتل الستة بأجمعهم فصلى صهيب بالناس ثلاثة ايام ،

ثم وقع اختيار عبد الرحمن بن عوف على عثمان، فقلده الامر و لم يجد عبد الرحمن عنده من المؤاخاة و الصهر الذي كان بينهما فأظهر الندامة و الأسى على فعله و اختياره وصار أحد من يؤلب عليه الناس و اعتزلهم أمير المؤمنين علیه السلام.

23- قال ابن ابى الحديد في شرح قوله علیه السلام : حتى إذا مضى لسبيله - جعلها في ستة زعم أني أحدهم فيا الله و للشورى متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر لكني أسففت إذ أسفوا و طرت إذ طاروا فصغا رجل منهم لضغنه و مال الآخر لصهره مع هن وهن.

يقول علیه السلام إن عمر لما طعن جعل الخلافة في ستة هو علیه السلام أحدهم ثم تعجب من ذلك فقال متى اعترض الشك في مع أبي بكر حتى أقرن بسعد ابن أبي وقاص و عبد الرحمن بن عوف و أمثالها لكني طلبت الأمر و هو موسوم بالأصاغر منهم كما طلبته أولا و هو موسوم بأكابرهم أي هو حقي فلا أستنكف من طلبه إن كان المنازع فيه جليل القدر أو صغير المنزلة.

و صغا الرجل بمعنى مال الصغو الميل بالفتح والكسر.

و صورة هذه الواقعة أن عمر لما طعنه أبو لؤلؤة و علم أنه ميت استشار فيمن يوليه الأمر بعده فأشير عليه بابنه عبد الله فقال لاها الله إذا لا يليها رجلان من ولد الخطاب حسب عمر ما حمل حسب عمر ما احتقب

ص: 390

لاها الله لا أتحملها حيا وميتا ثم قال إن رسول الله مات و هو راض عن هذه الستة من قريش علي و عثمان و طلحة والزبير و سعد و عبد الرحمن بن عوف و قد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم.

ثم قال إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أترك فقد ترك من هو خير مني يعني رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ثم قال ادعوهم لي فدعوهم فدخلوا عليه و هو ملقى على فراشه يجود بنفسه.

فنظر إليهم فقال أكلكم يطمع في الخلافة بعدي فوجموا فقال لهم ثانية فأجابه الزبير و قال و ما الذي يبعدنا منها وليتها أنت فقمت بها و لسنا دونك في قريش ولا في السابقة ولا في القرابة

24 - عنه قال الشيخ أبو عثمان الجاحظ و الله لو لا علمه أن عمر يموت في مجلسه ذلك لم يقدم على أن يفوه من هذا الكلام بكلمة و لا أن تنفس منه بلفظة.

فقال عمر: أفلا أخبركم عن أنفسكم قال قل فإنا لو استعفيناك لم تعفنا فقال أما أنت يا زبير فوعق لقس مؤمن الرضا كافر الغضب يوما إنسان و يوما شيطان و لعلها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مد من شعير أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري من يكون للناس يوم تكون شيطانا و من يكون يوم تغضب و ما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأمة و أنت على هذه الصفة.

ثم أقبل على طلحة و كان له مبغضا منذ قال لأبي بكر يوم وفاته ما قال في عمر فقال له أقول أم أسكت قال قل فإنك لا تقول من الخير شيئا قال أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد و البأو الذي حدث لك و لقد مات رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم أنزلت آية

ص: 391

الحجاب.

25 - عنه قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ الكلمة المذكورة أن طلحة لما أنزلت آية الحجاب قال بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما الذي يغنيه حجابهن اليوم وسيموت غدا فننكحهن قال أبو عثمان أيضا لو قال لعمر قائل أنت قلت إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم مات و هو راض عن الستة.

فكيف تقول الآن لطلحة إنه مات علیه السلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها لكان قد رماه بمشاقصه و لكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا فكيف هذا.

قال ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص فقال إنما أنت صاحب مقنب من هذه المقانب تقاتل به و صاحب قنص و قوس وأسهم وما زهرة و الخلافة و أمور الناس.

ثم أقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال و أما أنت يا عبد الرحمن فلو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك به و لكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك و ما زهرة و هذا الأمر.

ثم أقبل على علي علیه السلام فقال الله أنت لو لا دعابة فيك أما و الله لئن وليتهم لتحملنهم على الحق الواضح و المحجة البيضاء.

ثم أقبل على عثمان فقال هيها إليك كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبها إياك فحملت بني أمية و بني أبي معيط على رقاب الناس و آثرتهم بالفيء فسارت إليك عصابة من ذوبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا و الله لئن فعلوا لتفعلن ولئن فعلت ليفعلن.

ثم أخذ بناصيته فقال فإذا كان ذلك فاذكر قولي فإنه كائن ذكر هذا الخبر كله شيخنا أبو عثمان في كتاب السفيانية و ذكره جماعة غيره في باب

ص: 392

فراسة عمر و ذكر أبو عثمان فى هذا الكتاب عقيب رواية هذا الخبر قال:

26 - عنه روى معمر بن سليمان التيمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لأهل الشورى إنكم إن تعاونتم و توازرتم و تناصحتم أكلتموها و أولادكم و إن تحاسدتم و تقاعدتم و تدابرتم و تباغضتم غلبكم على هذا الأمر معاوية بن أبي سفيان و كان معاوية حينئذ أمير الشام.

ثم رجع بنا الكلام إلى تمام قصة الشورى ثم قال ادعوا إلي أبا طلحة الأنصاري فدعوه له فقال انظر يا أبا طلحة إذا عدتم من حفرتي فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملى سيوفكم فخذ هؤلاء النفر بإمضاء الأمر و تعجيله و اجمعهم في بيت وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا و يختاروا واحدا منهم.

فإن اتفق خمسة و أبى واحد فاضرب عنقه و إن اتفق أربعة و أبى اثنان فاضرب أعناقهما و إن اتفق ثلاثة و خالف ثلاثة فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن فارجع إلى ما قد اتفقت عليه فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقها و إن مضت ثلاثة أيام و لم يتفقوا على أمر فاضرب أعناق الستة و دع المسلمين يختاروا لأنفسهم.

فلما دفن عمر جمعهم أبو طلحة و وقف على باب البيت بالسيف في خمسين من الأنصار حاملي سيوفهم ثم تكلم القوم و تنازعوا فأول ما عمل طلحة أنه أشهدهم على نفسه أنه قد قد وهب حقه الشورى لعثمان وذلك من لعلمه أن الناس لا يعدلون به عليا و عثمان و أن الخلافة لا تخلص له و هذان موجودان فأراد تقوية أمر عثمان و إضعاف جانب علي علیه السلام بهبة أمر لا انتفاع له به و لا تمكن له منه.

ص: 393

فقال الزبير في معارضته و أنا أشهدكم على نفسي أني قد وهبت حقي من الشورى لعلى و إنما فعل ذلك لأنه لما رأى عليا قد ضعف و انخزل بهبة طلحة حقه لعثمان دخلته حمية النسب لأنه ابن عمة أمير المؤمنين علیه السلام و هي صفية بنت عبد المطلب و أبو طالب خاله و إنما مال طلحة إلى عثمان لانحرافه عن علي علیه السلام.

باعتبار أنه تيمي و ابن عم أبي بكر الصديق و قد كان حصل في نفوس بني هاشم من بني تيم حنق شديد لأجل الخلافة و كذلك صار في صدور تيم على بني هاشم و هذا أمر مركوز في طبيعة البشر و خصوصا طينة العرب و طباعها و التجربة إلى الآن تحقق ذلك فبقي من الستة أربعة.

فقال سعد بن أبي وقاص و أنا قد وهبت حقي من الشورى لابن عمي عبد الرحمن و ذلك لأنهما من بني زهرة و لعلم سعد أن الأمر لا يتم له فلما لم يبق إلا الثلاثة قال عبد الرحمن لعلي و عثمان أيكما يخرج نفسه يكون إليه الاختيار في الاثنين الباقيين فلم يتكلم منهما أحد فقال عبد الرحمن أشهدكم أنني قد أخرجت نفسي من الخلافة على أن أختار أحدهما.

فأمسكا فبدأ بعلي علیه السلام و قال له أبايعك على كتاب الله وسنة رسول الله وسيرة الشيخين أبي بكر و عمر فقال بل على كتاب الله وسنة رسوله و اجتهاد رأيي فعدل عنه إلى عثمان فعرض ذلك عليه فقال نعم فعاد إلى على علیه السلام فأعاد قوله فعل ذلك عبد الرحمن ثلاثا.

فلما رأى أن عليا غير راجع عما قاله و أن عثمان ينعم له بالإجابة صفق على يد عثمان و قال السلام عليك يا أمير المؤمنين فيقال إن عليا علیه السلام قال له والله ما فعلتها إلا لأنك رجوت منه ما رجا صاحبكما من صاحبه دق الله بينكما عطر منشم. قيل ففسد بعد ذلك بين عثمان و عبد الرحمن فلم

ص: 394

يكلم أحدهما صاحبه حتى مات عبد الرحمن.

ثم نرجع إلى تفسير ألفاظ الفصل.

أما قوله علیه السلام «فصغا رجل منهم لضغنه» فإنه يعني طلحة و قال القطب الراوندي يعني سعد بن أبي وقاص لأن عليا علیه السلام قتل أباه يوم بدر و هذا خطأ فإن أباه أبو وقاص و اسمه مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب مات في الجاهلية حتف أنفه.

و أما قوله «و مال الآخر لصهره» يعني عبد الرحمن مال إلى عثمان لأن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت تحته و أم كلثوم هذه هي أخت عثمان من أمه أروى بنت كريز.

27- عنه فأما الرواية التي جاءت بأن طلحة لم يكن حاضرا يوم الشورى فإن صحت فذو الضغن هو سعد بن أبي وقاص لأن أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس و الضغينة التي عنده على علي علیه السلام من قبل أخواله الذين قتل صناديدهم و تقلد دماءهم و لم يعرف أن عليا علیه السلام قتل أحدا من بنى زهرة لينسب الضغن إليه.

28- عنه روى أبو جعفر رواية أخرى أطالها و ذكر خطب أهل - الشورى و ما قاله كل منهم و ذكر كلاما قاله علي علیه السلام في ذلك اليوم و هو :

الحمد لله الذي اختار محمدا منا نبيا و ابتعثه إلينا رسولا فنحن أهل بيت النبوة و معدن الحكمة أمان لأهل الأرض ونجاة لمن طلب إن لنا حقا إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نركب أعجاز الابل و إن طال السرى لو عهد إلينا رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم عهدا لأنفذنا عهده و لو قال لنا قولا لجالدنا عليه حتى نموت لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق و صلة رحم و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ص: 395

اسمعوا كلامي و عوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر بعد هذا الجمع تنتضى فيه السيوف و تخان فيه العهود حتى لا يكون لكم جماعة و حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة و شيعة لأهل الجهالة.

29 - قال في شرح قوله علیه السلام : «لقد علمتم أني أحق بها من غيري و و الله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين و لم يكن فيها جور إلا علي خاصة التماسا لأجر ذلك وفضله و زهدا فيها تنافستموه من زخرفه و زبرجه.

يقول لأهل الشورى إنكم تعلمون أني أحق بالخلافة من غيري و تعدلون عني ثم أقسم ليسلمن و ليتركن المخالفة لهم إذا كان في تسليمه و نزوله عن حقه سلامة أمور المسلمين و لم يكن الجور و الحيف إلا عليه خاصة و هذا كلام مثله علیه السلام.

لأنه إذا علم أو غلب على ظنه أنه أن نازع و حارب دخل على الإسلام وهن و ثلم لم يختر له المنازعة و إن كان يطلب بالمنازعة ما هو حق و إن علم أو غلب على ظنه بالإمساك عن طلب حقه إنما يدخل التلم و الوهن عليه خاصة و يسلم الإسلام من الفتنة وجب عليه أن يغضي يصبر على ما أتوا إليه من أخذ حقه و كف يده حراسة للإسلام من الفتنة.

30- عنه قال: نحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات من مناشدته أصحاب الشوری و تعدیده فضائله و خصائصه التي بان بها منهم و من غيرهم قد روى الناس ذلك فأكثروا و الذي صح عندنا أنه لم يكن الأمر كما روي من تلك التعديدات الطويلة.

و لكنه قال لهم بعد أن بايع عبد الرحمن و الحاضرون عثمان و تلكا هو علیه السلام عن البيعة.

إن لنا حقا إن نعطه نأخذه و إن نمنعه نركب أعجاز الإبل و إن طال

ص: 396

السرى في كلام قد ذكره أهل السيرة و قد أوردنا بعضه فيما تقدم.

ثم قال لهم أنشدكم الله أفيكم أحد آخی رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بینه و بین نفسه حيث آخى بين بعض المسلمين و بعض غيري.

فقالوا لا فقال أ فيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم من كنت مولاه

الله فهذا مولاه غيري فقالوا لا فقال أفيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري قالوا لا قال أفيكم من اؤتمن على سورة براءة و قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني غيري قالوا لا قال:

ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم فروا عنه في ماقط الحرب في غير موطن و ما فررت قط قالوا بلى قال ألا تعلمون أنى أول الناس إسلاما قالوا بلى.

قال: فأينا أقرب إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم نسبا قالوا أنت فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف كلامه و قال يا علي قد أبى الناس إلا على عثمان فلا تجعلن على نفسك سبيلا ثم قال يا أبا طلحة ما الذي أمرك به عمر قال أن أقتل من شق عصا الجماعة فقال عبد الرحمن لعلي بايع اذن و إلا كنت متبعا غير سبيل المؤمنين و أنفذنا فيك ما أمرنا به فقال لقد علمتم أني أحق بها من غيري و الله لأسلمن الفصل إلى آخره ثم مد يده فبايع.

31- قال في شرح قوله علیه السلام : «لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق و الله صلة رحم و عائدة كرم فاسمعوا قولي و عوا منطقي عسى أن تروا هذا الأمر من بعد هذا اليوم تنتضى فيه السيوف و تخان فيه العهود حتى يكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة و شيعة لأهل الجهالة.

قد ذكرنا من حديث الشورى فيها تقدم ما فيه كفاية و نحن نذكر

ص: 397

هاهنا ما لم نذكره هناك و هو من رواية عوانة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي في كتاب الشورى و مقتل عثمان و قد رواه أيضا أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في زيادات كتاب السقيفة قال:

لما طعن عمر جعل الأمر شورى بين ستة نفر علي بن أبي طالب و عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف و الزبير بن العوام و طلحة بن عبيد الله و سعد بن مالك و كان طلحة يومئذ بالشام و قال عمر إن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قبض و هو عن هؤلاء راض فهم أحق بهذا الأمر من غيرهم و أوصى صهيب بن سنان مولى عبد الله بن جدعان و يقال إن أصله من حي من ربيعة بن نزار يقال لهم عنزة.

فأمره أن يصلي بالناس حتى يرضى هؤلاء القوم رجلا منهم و كان عمر لا يشك أن هذا الأمر صائر إلى أحد الرجلين علي و عثمان و قال إن قدم طلحة فهو معهم و إلا فلتختر الخمسة واحدا منها و روي أن عمر قبل موته أخرج سعد بن مالك من أهل الشورى وقال:

الأمر فى هؤلاء الأربعة و دعوا سعدا على حاله أميرا بين يدي الإمام ثم قال و لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لما تخالجتني فيه الشكوك فإن اجتمع ثلاثة على واحد فكونوا مع الثلاثة و إن اختلفوا فكونوا مع الجانب الذي فيه عبد الرحمن .

و قال لأبي طلحة الأنصاري يا أبا طلحة فو الله لطالما أعز الله بكم الدين و نصر بكم الإسلام اختر من المسلمين خمسين رجلا فائت بهم هؤلاء القوم في كل يوم مرة فاستحثوهم حتى يختاروا لأنفسهم و للأمة رجلا منهم.

ثم جمع قوما من المهاجرين والأنصار فأعلمهم ما أوصى به و كتب

ص: 398

في وصيته أن يولي الإمام سعد بن مالك الكوفة و أبا موسى الأشعري لأنه كان عزل سعدا عن سخطة فأحب أن يطلب ذلك إلى من يقوم بالأمر من عده استرضاء لسعد.

32- عنه قال الشعبي فحدثني من لا أتهمه من الأنصار و قال أحمد ابن عبد العزيز الجوهري هو سهل بن سعد الأنصاري قال مشيت وراء علي بن أبي طالب حيث انصرف من عند عمر و العباس بن عبد المطلب يمشي في جانبه فسمعته يقول للعباس ذهبت منا و الله فقال كيف علمت قال ألا تسمعه يقول:

كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن لأنه ابن عمه و عبد الرحمن

نظير عثمان و هو صهره فإذا اجتمع هؤلاء فلو أن الرجلين الباقيين كانا لم يغنيا عني شيئا مع أني لست أرجو إلا أحدهما و مع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا لعمر الله ما جعل الله ذلك لهم علينا كما لم يجعله لأولادهم على أولادنا.

أما والله لئن عمر لم يمت لأذكرته ما أتى إلينا قديما و لأعلمته سوء رأيه فينا و ما أتى إلينا حديثا و لئن مات وليموتن ليجتمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الأمر عنا و لئن فعلوها و ليفعلن ليرونني حيث يكرهون و الله ما بي رغبة في السلطان و لا حب الدنيا و لكن لإظهار العدل و القيام بالكتاب و السنة.

قال ثم التفت فرآني وراءه فعرفت أنه قد ساءه ذلك فقلت لا ترع أباحسن لا والله یستمع أحد الذي سمعت منك في الدنيا ما اصطحبنا فيها فو الله ما سمعه مني مخلوق حتى قبض الله عليا إلى رحمته.

33- عنه قال عوانة فحدثنا إسماعيل قال حدثني الشعبي قال فلما

ص: 399

مات عمر و أدرج في أكفانه ثم وضع ليصلى عليه تقدم علي بن أبي طالب فقام عند رأسه و تقدم عثمان فقام عند رجليه فقال علي علیه السلام هكذا ينبغي أن تكون الصلاة فقال عثمان بل هكذا فقال عبد الرحمن ما أسرع ما اختلفتم يا صهيب صل على عمر. كما رضي أن تصلي بهم المكتوبة فتقدم صهيب فصلى على عمر.

34- عنه قال الشعبي و أدخل أهل الشورى دارا فأقبلوا يتجادلون عليها وكلهم بها ضنين و عليها حريص إما لدنيا و إما لآخرة فلما طال ذلك قال عبد الرحمن من رجل منكم يخرج نفسه عن هذا الأمر و يختار لهذه الأمة رجلا منكم فإني طيبة نفسي أن أخرج منها و أختار لكم قالوا قد رضينا إلا علي بن أبي طالب فإنه اتهمه وقال أنظر و أرى.

فأقبل أبو طلحة عليه وقال يا أبا الحسن ارض برأي عبد الرحمن كان الأمر لك أو لغيرك فقال علي أعطني يا عبد الرحمن موثقا من الله لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى و لا تمل إلى صهر ولا ذي قرابة ولا تعمل إلا لله ولا تألو هذه الأمة أن تختار لها خيرها.

قال فحلف له عبد الرحمن بالله الذي لا إله إلا هو لأجتهدن لنفسي و لكم و للأمة و لا أميل إلى هوى و لا إلى صهر و لا ذي قرابة.

قال: فخرج عبد الرحمن فمكث ثلاثة أيام يشاور الناس ثم رجع و اجتمع الناس وكثروا على الباب لا يشكون أنه يبايع علي بن أبي طالب و كان هوى قريش كافة ما عدا بني هاشم في عثمان و هوى طائفة من الأنصار مع علي و هوى طائفة أخرى مع عثمان و هي أقل الطائفتين و طائفة لا يبالون أيهما بويع.

قال فأقبل المقداد بن عمرو و الناس مجتمعون فقال أيها الناس اسمعوا

ص: 400

ما أقول أنا المقداد بن عمرو إنكم إن بايعتم عليا سمعنا و أطعنا و إن بايعتم عثمان سمعنا و عصينا فقام عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي فنادى أيها الناس إنكم إن بايعتم عثمان سمعنا و أطعنا و إن بايعتم عليا سمعنا و عصينا.

فقال له المقداد يا عدو الله و عدو رسوله و عدو کتابه و متی کان يسمع له الصالحون فقال له عبد الله يا ابن الحليف العسيف و متى كان مثلك يجترئ على الدخول في أمر قريش.

فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح أيها الملأ إن أردتم ألا تختلف قريش فيما بينها فبايعوا عثمان فقال عمار بن ياسر إن أردتم ألا يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليا ثم أقبل على عبد الله بن سعد بن أبي سرح فقال یا فاسق يا ابن الفاسق .

أأنت ممن يستنصحه المسلمون أو يستشيرونه في أمورهم و ارتفعت الأصوات و نادى مناد لا يدرى من هو فقريش تزعم أنه رجل من بني مخزوم و الأنصار تزعم أنه رجل طوال آدم مشرف على الناس لا يعرفه أحد منهم يا عبد الرحمن افرغ من أمرك و امض على ما في نفسك فإنه الصواب.

35- عنه قال الشعبي فأقبل عبد الرحمن على علي بن أبي طالب فقال علیک عهد الله و ميثاقه و أشد ما أخذ الله على النبيين من عهد و ميثاق إن بايعتك لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله و سيرة أبي بكر و عمر فقال علي علیه السلام طاقتي و مبلغ علمي و جهد رأيي و الناس يسمعون.

فأقبل على عثمان فقال له مثل ذلك فقال نعم لا أزول عنه و لا أدع شيئا منه ثم أقبل على علي فقال له ذلك ثلاث مرات و لعثمان ثلاث مرات في

ص: 401

كل ذلك يجيب علي مثل ما كان أجاب به و يجيب عثمان بمثل ما كان أجاب به .

فقال ابسط يدك يا عثمان فبسط يده فبايعه و قام القوم فخرجوا و قد بايعوا إلا علي بن أبي طالب فإنه لم يبايع.

قال: فخرج عثمان على الناس و وجهه متهلل و خرج علي و هو كاسف البال مظلم و هو يقول يا ابن عوف ليس هذا بأول يوم تظاهر تم علينا من دفعنا عن حقنا و الاستئثار علينا و إنها لسنة علينا و طريقة تركتموها.

فقال المغيرة بن شعبة لعثمان أما والله لو بويع غيرك لما بايعناه فقال عبد الرحمن بن عوف كذبت والله لو بويع غيره لبايعته و ما أنت و ذاك يا ابن الدباغة و الله لو وليها غيره لقلت له مثل ما قلت الآن تقربا إليه وطمعا في الدنيا فاذهب لا أبا لك.

فقال المغيرة لو لا مكان أمير المؤمنين لأسمعتك ما تكره و مضيا.

قال الشعبي فلما دخل عثمان رحله دخل إليه بنو أمية حتى امتلأت بهم الدار ثم أغلقوها عليهم فقال أبو سفيان بن حرب أ عندكم أحد من غيركم قالوا لا قال يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة فو الذي يحلف به أبو سفیان ما من عذاب و لا حساب ولا جنة ولا نار ولا بعث و لا قيامة.

قال: فانتهره عثمان و ساءه بما قال و أمر بإخراجه.

36- عنه قال الشعبي فدخل عبد الرحمن بن عوف على عثمان فقال له ما صنعت فو الله ما وفقت حيث تدخل رحلك قبل أن تصعد المنبر فتحمد الله و تثني عليه و تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر وتعد الناس خيرا.

قال فخرج عثمان فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: هذا مقام

ص: 402

لم نكن نقومه و لم نعد له من الكلام الذي يقام به في مثله وسأهيئ ذلك إن شاء الله و لن آلو أمة محمد خيرا و الله المستعان.

37- عنه قال عوانة فحدثني يزيد بن جرير عن الشعبي عن شقيق ابن مسلمة أن علي بن أبي طالب لما انصرف إلى رحله قال لبني أبيه يا بني عبد المطلب إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي كعداوتهم النبي في حياته و إن يطع قومكم لا تؤمروا أبدا و والله لا ينيب هؤلاء إلى الحق إلا بالسيف.

قال: و عبد الله بن عمر بن الخطاب داخل إليهم قد سمع الكلام كله فدخل و قال يا أبا الحسن أتريد أن تضرب بعضهم ببعض فقال اسكت ويحك فو الله لو لا أبوك و ما ركب مني قديما و حديثا ما نازعني ابن عفان و لا ابن عوف فقام عبد الله فخرج.

قال: و أكثر الناس في أمر الهرمزان و عبيد الله ابن عمر و قتله إياه و بلغ ما قال فيه علي بن أبي طالب فقام عثمان فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إنه كان من قضاء الله أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب أصاب الهرمزان و هو رجل من المسلمين و ليس له وارث إلا الله و المسلمون و أنا إمامكم و قد عفوت.

أفتعفون عن عبيد الله ابن خليفتكم بالأمس قالوا نعم فعفا عنه فلما بلغ ذلك عليا تضاحك و قال سبحان الله لقد بدأ بها عثمان أ يعفو عن حق امرئ ليس بواليه تالله إن هذا لهو العجب قالوا فكان ذلك أول ما بدا من عثمان مما نقم عليه.

38- عنه قال الشعبي و خرج المقداد من الغد فلق عبد الرحمن بن عوف فأخذ بيده و قال إن كنت أردت بما صنعت وجه الله فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة و إن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك فقال عبد الرحمن

ص: 403

اسمع رحمك الله اسمع قال لا أسمع و الله و جذب يده من يده و مضى حتى دخل على علي علیه السلام فقال قم فقاتل حتى نقاتل معك قال علي فيمن أقاتل رحمك الله وأقبل عمار بن ياسر ينادي:

يا ناعي الإسلام قم فانعه *** قدمات عرف و بدا نکر

أما و الله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم والله لئن قاتلهم واحد لأكونن له .ثانيا. فقال علي يا أبا اليقظان والله لا أجد عليهم أعوانا و لا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون. و بقي علیه السلام في داره و عنده نفر من أهل بيته و ليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان.

39- عنه قال الشعبي و اجتمع أهل الشورى على أن تكون كلمتهم واحدة على من لم يبايع فقاموا إلى علي فقالوا قم فبايع عثمان قال فإن لم أفعل قالوا نجاهدك قال فمشى إلى عثمان حتى بايعه و هو يقول صدق الله و رسوله فلما بايع أتاه عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه و قال إن عثمان أعطانا يده و يمينه و لم تفعل أنت فأحببت أن أتوثق للمسلمين فجعلتها فيه

فقال إيها عنك إنما آثرته بها لتنالها بعده دق الله بينكما عطر منشم.

40 - عنه قال الشعبي و قدم طلحة من الشام بعد ما بويع عثمان فقيل له رد هذا الأمر حتى ترى فيه رأيك فقال والله لو بايعتم شركم لرضيت فكيف وقد بايعتم خيركم قال ثم عدا عليه بعد ذلك وصاحبه حتى قتلاه ثم زعما أنهما يطلبان بدمه.

41- عنه قال الشعبي فأما ما يذكره الناس من المناشدة و قول علي ع لأهل الشورى أفيكم أحد قال له رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كذا فإنه لم يكن يوم البيعة و إنما كان بعد ذلك بقليل دخل على علیه السلام على عثمان و عنده جماعة من الناس منهم أهل الشورى وقد كان بلغه عنهم هنات و قوارص فقال لهم.

ص: 404

أفيكم أفيكم كل ذلك يقولون لا قال لكني أخبركم عن أنفسكم أما أنت يا عثمان ففررت يوم حنين و توليت يوم التقى الجمعان و أما أنت يا طلحة فقلت إن مات محمد لنركضن بين خلاخيل نسائه كما ركض بين خلاخيل نسائنا و أما أنت يا عبد الرحمن فصاحب قراريط و أما أنت يا سعد فتدق عن أن تذكر.

قال ثم خرج فقال عثمان أ ما كان فيكم أحد يرد عليه قالوا و ما منعك من ذلك و أنت أمير المؤمنين و تفرقوا.

42 - عنه قال عوانة قال إسماعيل قال الشعبي فحدثني عبد الرحمن بن جندب عن أبيه جندب بن عبد الله الأزدي قال كنت جالسا بالمدينة حيث بویع عثمان فجئت فجلست إلى المقداد بن عمرو فسمعته يقول والله ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل هذا البيت و كان عبد الرحمن بن عوف جالسا فقال و ما أنت و ذاك يا مقداد.

قال المقداد إني و الله أحبهم لحب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و إني لأعجب من قريش و تطاولهم على الناس بفضل رسول الله ثم انتزاعهم سلطانه من أهله قال عبد الرحمن أما والله لقد أجهدت نفسي لكم.

قال المقداد أما والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق و به يعدلون أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم ببدر و أحد فقال عبد الرحمن ثكلتك أمك لا يسمعن هذا الكلام الناس فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة وفرقة.

قال المقداد إن من دعا إلى الحق و أهله وولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة و لكن من أقحم الناس في الباطل و آثر الهوى على الحق فذلك صاحب الفتنة والفرقة.

ص: 405

قال فتربد وجه عبد الرحمن ثم قال لو أعلم أنك إياي تعني لكان لي و لك شأن. قال المقداد إياي تهدد يا ابن أم عبد الرحمن ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف .

قال جندب بن عبد الله فاتبعته و قلت له يا عبد الله أنا من أعوانك فقال رحمك الله إن هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان و لا الثلاثة قال فدخلت من فوري ذلك على علي علیه السلام فلما جلست إليه قلت يا أبا الحسن و الله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك فقال: صبر جميل و الله المستعان.

فقلت: والله إنك لصبور قال فإن لم أصبر فما ذا أصنع قلت إني جلیت إلی المقداد بن عمر آنفاً و عبد الرحمن بن عوف فقالا كذا و كذا ثم قام المقداد فاتبعته فقلت له كذا فقال لي كذا فقال علي الا لقد صدق المقداد فما أصنع فقلت تقوم في الناس.

فتدعوهم إلى نفسك و تخبرهم أنك أولى بالنبي صلی الله علیه وآله وسلم و تسألهم النصر على هؤلاء المظاهرين عليك فإن أجابك عشرة من مائة شددت بهم على الباقين فإن دانوا لك فذاك وإلا قاتلتهم وكنت أولى بالعذر قتلت أو بقيت و كنت أعلى عند الله حجة.

فقال أ ترجو يا جندب أن يبايعني من كل عشرة واحد قلت أرجو ذلك قال لكني لا أرجو ذلك لا والله ولا من المائة واحد و سأخبرك أن الناس إنما ينظرون إلى قريش فيقولون هم قوم محمد و قبيله و أما قريش بينها فتقول:

إن آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا و يرون أنهم أولياء هذا الأمر دون قريش و دون غيرهم من الناس و هم إن ولوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا و متى كان في غيرهم تداولته قريش بينها لا و

ص: 406

الله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا.

فقلت: جعلت فداك يا ابن عم رسول الله لقد صدعت قلبي بهذا القول أفلا أرجع إلى المصر فأوذن الناس بمقالتك و أدعو الناس إليك فقال يا جندب ليس هذا زمان ذاك.

قال فانصرفت إلى العراق فكنت أذكر فضل علي على الناس فلا أعدم رجلا يقول لى ما أكره وأحسن ما أسمعه قول من يقول دع عنك هذا و خذ فيما ينفعك فأقول إن هذا مما ينفعني و ينفعك فيقوم عني و يدعني.

43 - عنه زاد أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة أيام ولينا فبعث إلي فحبسني حتى كلم في فخلى سبيلي.

و روى الجوهري قال نادى عمار بن ياسر ذلك اليوم يا معشر المسلمين إنا قد كنا وما كنا نستطيع الكلام قلة و ذلة فأعزنا الله بدينه و أكرمنا برسوله فالحمد لله رب العالمين يا معشر قريش إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم تحولونه هاهنا مرة و هاهنا مرة ما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ويضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله و وضعتموه في غير أهله.

فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة يا ابن سمية لقد عدوت طورك و ما عرفت قدرك ما أنت وما رأت قريش لأنفسها إنك لست في شيء من أمرها و إماراتها فتنح عنها. و تكلمت قريش بأجمعها فصاحوا بعمار و انته-روه فقال الحمد لله رب العالمين ما زال أعوان الحق أذلاء ثم قام فانصرف.

44 - عنه روى العباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده في إسناده - أن أمير المؤمنين الا شكا إلى العباس ما سمع من قول عمر كونوا مع الثلاثة

ص: 407

الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف و قال والله لقد ذهب الأمر منا قال و كيف قلت ذلك يا ابن أخي.

قال إن سعدا لا يخالف ابن عمه عبد الرحمن و عبد الرحمن نظير عثمان و صهره فأحدهما يختار لصاحبه لا محالة و إن كان الزبير وطلحة معي فلن أنتفع بذلك إذا كان ابن عوف في الثلاثة الآخرين.

قال ابن الكلبي عبد الرحمن زوج أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط و أمها أروى بنت كريز و أروى أم عثمان فلذلك قال صهره.

45 - عنه في رواية الطبري أن عبد الرحمن دعا عليا علیه السلام فقال عليك عهد الله و ميثاقه لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله و سيرة الخليفتين فقال أرجو أن أفعل و أعمل بمبلغ علمي و طاقتي.

46- عنه في خبر آخر عن أبي الطفيل أن عبد الرحمن قال لعلي علیه السلام هلم يدك خذها بما فيها على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر و عمر فقال آخذها بما فيها على أن أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه جهدي فترك يده و قال هلم يدك يا عثمان أتأخذها بما فيها على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر و عمر قال نعم قال هي لک عثمان.

47 - عنه في رواية الطبري أنه قال لعثمان مثل قوله لعلي فقال نعم فبايعه فقال علي المختونة حنت دهرا.

48 - عنه في خبر آخر نفعت الختونة يا ابن عوف ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ» و الله ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك و الله كل يوم هو في شأن.

49 - عنه في غير رواية الطبري أن عبد الرحمن قال له لقد قلت ذلك لعمر فقال علیه السلام أو لم يكن ذلك كما قلت.

ص: 408

50- عنه روى الطبري أن عبد الرحمن قال لا تجعلن يا علي على نفسك سبيلا فإني نظرت و شاورت الناس فإذا هم لا يعدلون بعثمان فقام علي علیه السلام و هو يقول سيبلغ الكتاب أجله.

51 - عنه في رواية الطبري أن الناس لما بايعوا عثمان تلكأ على علیه السلام فقال عثمان «مَنْ نَكَتَ فَإِنَّمَا يَنْكُتُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيَّما» فرجع علي الا حتى بايعه و هو يقول خدعة و أي خدعة.

52 - عنه روى البلاذري في كتابه عن ابن الكلبي عن أبيه عن أبي مخنف في إسناد له أن عليا علیه السلام لما بايع عبد الرحمن عثمان كان قائما فقال له عبد الرحمن بايع و إلا ضربت عنقك و لم يكن يومئذ مع أحد سيف غيره فخرج علي مغضبا فلحقه أصحاب الشورى فقالوا له بايع و إلا جاهدناك فأقبل معهم يمشي حتى بايع عثمان.

قال المرتضى فأي رضا هاهنا و أي إجماع وكيف يكون مختارا من تهدد بالقتل و بالجهاد و هذا المعنى و هو حديث ضرب العنق لو روته الشيعة لتضاحك المخالفون منه و تغامزوا و قالوا هذا من جملة ما تدعونه من المحال و تروونه من الأحاديث و قد أنطق الله به رواتهم و أجراه على أفواه ثقاتهم و لقد تكلم المقداد في ذلك اليوم بكلام طويل.

يفند فيه ما فعلوه من بيعة عثمان و عدولهم بالأمر عن أمير المؤمنين إلى أن قال له عبد الرحمن يا مقداد اتق الله فإني خائف عليك الفتنة ثم إن المقداد قام فأتى عليا فقال أ تقاتل فنقاتل معك فقال علي فبمن أقاتل و تكلم أيضا عمار فيما رواه أبو مخنف فقال يا معشر قريش أين تصرفون هذا الأمر عن بيت نبيكم تحولونه هاهنا مرة و هاهنا مرة.

أما والله ما أنا بأمن أن ينزعه الله منكم فيضعه في غيركم كما

ص: 409

انتزعتموه من أهله و وضعتموه في غير أهله فقال له هشام بن الوليد يا ابن سمية لقد عدوت طورك و ما عرفت قدرك و ما أنت و ما رأته قريش لأنفسها إنك لست في شيء من أمرها و إمارتها فتنح عنها و تكلمت قريش بأجمعها و صاحت بعمار وانتهرته فقال الحمد لله ما زال أعوان الحق قليلا.

53 - عنه روى أبو مخنف أيضا أن عمارا قال هذا البيت ذلك اليوم.

يا ناعي الإسلام قم فانعه *** قد مات عرف و أتى منكر

أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم وقال أمير المؤمنين علیه السلام لئن قاتلتهم بواحد لأكونن ثانيا فقال والله ما أجد عليهم أعوانا و لا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون.

54 - عنه روى أبو مخنف عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال دخلت على علي علیه السلام و كنت حاضرا بالمدينة يوم بويع عثمان فإذا هو واجم كئيب فقلت ما أصاب قوم صرفوا هذا الأمر عنكم فقال صبر جميل فقلت سبحان الله إنك لصبور قال فاصنع ما ذا قلت.

تقوم في الناس خطيبا فتدعوهم إلى نفسك و تخبرهم أنك أولى بالنبي صلی الله علیه وآله وسلم بالعمل و السابقة و تسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشرة على المائة فإن دانوا لك كان ما أحببت و إن أبوا قاتلتهم فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله آتاه نبيه صلی الله علیه وآله وسلم و كنت أولى به منهم إذ ذهبوا بذلك.

الليلة

صلى الله عليه

فرده الله إليك و إن قتلت في طلبه فقتلت شهيدا و كنت أولى بالعذر عند الله تعالى في الدنيا و الآخرة فقال علیه السلام أ و تراه كان تابعي من كل مائة عشرة قلت لأرجو ذلك قال لكني لا أرجو و لا و المائة اثنين و سأخبرك من أين ذلك إن الناس إنما ينظرون إلى قريش.

ص: 410

فيقولون هم قوم محمد صلی الله علیه وآله وسلم و قبيلته و إن قريشا تنظر إلينا فتقول إن لهم بالنبوة فضلا على سائر قريش وإنهم أولياء هذا الأمر دون قريش و الناس و إنهم إن ولوه لم يخرج هذا السلطان منهم إلى أحد أبدا و متى كان في غيرهم تداولتموه بينكم.

فلا و الله لا تدفع قريش إلينا هذا السلطان طائعة أبدا قلت أفلا أرجع إلى المصر فأخبر الناس بمقالتك هذه و أدعو الناس إليك فقال يا جندب ليس هذا زمان ذلك فرجعت فكلما ذكرت للناس شيئا من فضل علي زبروني و نهروني حتى رفع ذلك من أمري للوليد بن عقبة فبعث إلي فحبسني.

المنابع

(1) الخصال: 553 ، الى 563، (2) الإرشاد: 136 ،

(3) امالى المفيد: 62 - 114 - 169، (4) الاحتجاج: 192/1،

(5) امالى الطوسي: 342/1، (6) مسند احمد: 57/1،

(7) مصنف ابن ابي شيبة : (578/14 ، (8) تاريخ الطبري: 190/4 - 227 (9) الامامة والسياسة (8، (10) العقد الفريد: 273/4 ، :

19-10

(11) مناقب الخوارزمي: (213، (12) البدء و التاريخ: 190/5،

(13) اثبات الوصية: 144، (14) شرح نهج البلاغة: 184/1 - 186 - 190 - 195 و 167/6 و 49/9 و 263/12 - 264 - 0266

ص: 411

باب ماجری بینه عليه السلام و عثمان

اشارة

1- الصدوق: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال حدثنا بكر بن عبدالله بن حبیب قال حدثنا حسان بن علي المدائني قال حدثنا العباس بن مكرم عن سعد الخفاف عن الأصبغ بن نباتة قال كتب عثمان بن عفان حين أحيط به إلى علي بن أبي طالب علیه السلام أما بعد فقد جاوز الماء الزبى و بلغ الحزام الطبيين و تجاوز الأمر بي قدره و طمع في من لا يدفع عن نفسه.

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل *** وإلا فأدركني و لما أمزق

قال المبرد قوله قد جاوز الماء الزبي فالزبية مصيدة الأسد و لا تتخذ إلا في قلة جبل وتقول العرب قد بلغ الماء الزبي و ذلك أشد ما يكون من السيل و يقال في العظيم من الأمر قد علا الماء الزبي و بلغ السكين العظم و بلغ الحزام الطبيين و قد انقطع السلى في البطن قال العجاج فقد علا الماء الزبى إلى غير أي قد جل الأمر عن أن يغير أو يصلح و قوله:

بلغ الحزام الطبيين فإن السباع والطير يقال لموضع الأخلاف منها أطباء واحدها طبي كما يقال في الخف و الظلف. خف و ظلف هذا مكان هذا فإذا بلغ الحزام الطبيين فقد انتهى في المكروه و مثل هذا من أمثالهم التقت حلقتا البطان ويقال التقت حلقة البطان و الحقب و يقال حقب البعير إذا صار الحزام في الحقب منه.

ص: 412

2- قال المفيد روى نقلة الآثار من العامة والخاصة أن امرأة نكحها شيخ كبير فحملت فزعم الشيخ أنه لم يصل إليها و أنكر حملها فالتبس الأمر على عثمان و سأل المرأة هل اقتضك الشيخ و كانت بكرا فقالت لا فقال عثمان أقيموا الحد عليها فقال أمير المؤمنين علیه السلام .

إن للمرأة سمين سم المحيض وسم البول فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم المحيض فحملت منه فاسألوا الرجل عن ذلك فسئل فقال قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالاقتضاض فقال أمير المؤمنين علیه السلام الحمل له و الولد ولده و أرى عقوبته على الإنكار له فصار عثمان إلى قضائه بذلك و تعجب منه.

3- عنه رووا أن رجلا كانت له سرية فأولدها ثم اعتزلها و أنكحها عبدا له ثم توفي السيد فعتقت بملك ابنها لها فورثت من ولدها زوجها ثم توفي الابن فورثت من ولدها زوجها فارتفعا إلى عثمان يختصمان تقول هذا عبدي و يقول هي امرأتي و لست مفرجا عنها.

فقال عثمان هذه قضية مشكلة و أمير المؤمنين حاضر فقال سلوها هل جامعها بعد ميراثها له فقالت لا فقال لو أعلم أنه فعل ذلك لعذبته اذهبی فإنه عبدك ليس له عليك سبيل إن شئت أن تسترقيه أو تعتقيه أو تبيعيه فذاك لك.

4 - عنه رووا أن مكاتبة زنت على عهد عثمان و قد عتق منها ثلاثة أرباع فسأل عثمان أمير المؤمنين علیه السلام فقال يجلد منها بحساب الحرية و يجلد منها بحساب الرق و سأل زيد بن ثابت فقال تجلد بحساب الرق فقال له أمير المؤمنين عالم كيف تجلد بحساب الرق و قد عتق منها ثلاثة أرباعها و هلا جلدتها بحساب الحرية فإنها فيها أكثر.

ص: 413

فقال زيد لو كان ذلك كذلك لوجب توريثها بحساب الحرية فيها فقال له أمير المؤمنين علیه السلام أجل ذلك واجب فأفحم زيد و خالف عثمان أمير المؤمنين علیه السلام و صار إلى قول زيد و لم يصغ إلى ما قال بعد ظهور الحجة عليه و أمثال ذلك مما يطول بذكره الكتاب و ينتشر به الخطاب.

5- عنه قال أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب قال حدثنا الحسن بن علي الزعفراني قال حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال حدثنا الحسن بن علي اللؤلؤي قال حدثنا يحيى بن المغيرة عن سلمة بن الفضل عن علي بن صبيح الكندي عن أبي يحيى مولى معاذ بن عفراء الأنصاري.

قال إن عثمان بن عفان بعث إلى الأرقم بن عبد الله و كان خازن بيت مال المسلمين فقال له أسلفني مائة ألف ألف درهم فقال له الأرقم أكتب عليك بها صكا للمسلمين قال و ما أنت و ذاك لا أم لك إنما أنت خازن لنا قال فلما سمع الأرقم ذلك خرج مبادرا إلى الناس.

فقال أيها الناس عليكم بمالكم فإني ظننت أني خازنكم و لم أعلم أني خازن عثمان بن عفان حتى اليوم و مضى فدخل بيته فبلغ ذلك عثمان فخرج إلى الناس حتى دخل المسجد ثم رقي المنبر و قال أيها الناس إن أبا بكر كان يؤثر بني تيم على الناس و إن عمر كان يؤثر بني عدي على كل الناس و إني أوثر و الله بني أمية على من سواهم و لو كنت جالسا بباب الجنة.

ثم استطعت أن أدخل بني أمية جميعا الجنة لفعلت و إن هذا المال لنا فإن احتجنا إليه أخذناه و إن رغم أنف أقوام فقال عمار بن ياسر رحمه الله معاشر المسلمين اشهدوا أن ذلك مرغم لي فقال عثمان و أنت هاهنا ثم نزل من المنبر فجعل يتوطاه برجله حتى غشي على عمار و احتمل و هو لا

ص: 414

يعقل إلى بيت أم سلمة.

فأعظم الناس ذلك و بقي عمار مغمى عليه لم يصل يومئذ الظهر و العصر و المغرب فلما أفاق قال الحمد لله فقديما أوذيت فى الله و أنا أحتسب ما أصابني في جنب الله بيني و بين عثمان العدل الكريم يوم القيامة قال وبلغ عثمان أن عمارا عند أم سلمة فأرسل إليها.

فقال مما هذه الجماعة فى بيتك مع هذا الفاجر أخرجيهم من عندك فقالت والله ما عندنا مع عمار إلا بنتاه فاجتنبنا يا عثمان و اجعل سطوتك حيث شئت و هذا صاحب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يجود بنفسه من فعالك به .

قال فندم عثمان على ما صنع فبعث إلى طلحة والزبير فسألهما أن يأتيا عمارا فيسألاه أن يستغفر له فأتياه فأبى عليها فرجعا إليه فأخبراه عثمان من حكم الله يا بني أمية يا فراش النار و ذباب الطمع شنعتم علي ألبتم على أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ثم إن عمارا رحمه الله صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة.

فقال إن أبا ذر مات بالربذة وحيدا و دفنه قوم سفر فاسترجع عثمان و قال رحمه الله فقال عمار رحم الله أبا ذر من كل أنفسنا فقال له عثمان و إنك لهناک بعد يا عاض أير أبيه أتراني ندمت على تسييري إياه فقال له عمار لا و الله ما أظن ذاك قال و أنت أيضا فالحق بالمكان الذي كان فيه أبو ذر فلا تبرحه ما حيينا.

قال عمار أفعل و الله لمجاورة السباع أحب إلي من مجاورتك قال فتهياً عمار للخروج و جاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فسألوه أن يقوم معهم إلى عثمان يستنزله عن تسيير عمار فقام فسأله فيهم و

ص: 415

رفق به حتى أجابه إلى ذلك.

6 - أبو جعفر الطوسي عن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، قال لما قدم أبو ذر على عثمان، قال أخبرني أي البلاد أحب إليك قال مهاجري. فقال لست بمجاوري قال فالحق بحرم الله ، فأكون فيه. قال لا قال فالكوفة أرض بها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله) قال لا قال فلست بمختار غيرهن فأمره بالمسير إلى الربذة.

فقال إن رسول الله (صلى الله عليه و آله). قال لي أسمع وأطع، و انفذ حيث قادوك، و لو لعبد حبشي مجدع. فخرج إلى الربذة، و أقام مدة، ثم أتى إلى المدينة، فدخل على عثمان و الناس عنده سماطين، فقال يا أمير المؤمنين، إنك أخرجتني من أرضي إلى أرض ليس بها زرع و لا ضرع إلا شويهات و ليس لي خادم إلا محررة، و لا ظل يظلني إلا ظل شجرة، فأعطني خادما و غنيمات أعش فيها،

فحول وجهه عنه، فتحول عنه إلى السماط الآخر فقال مثل ذلك، فقال له حبیب بن سلمة لك عندي يا أبا ذر ألف درهم و خادم و خمس مائة شاة. قال أبو ذر أعط خادمك و ألفك و شويهاتك من هو أحوج إلى ذلك مني، فإني إنما أسأل حقي في كتاب الله.

فجاء على علیه السلام فقال له عثمان ألا تغني عنا سفيهك هذا. قال أي سفيه قال أبو ذر. قال علي علیه السلام ليس بسفيه سمعت رسول الله (صلى الله عليه و آله) يقول ما أظلت الخضراء، و لا أقلت الغبراء، أصدق لهجة من أبي ذر، أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون إن يك كاذبا فعليه كذبه و إن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم.

قال عثمان التراب في فيك. قال علي علیه السلام بل التراب في فيك، أنشد بالله

ص: 416

من سمع رسول الله (صلى الله عليه و آله) قول ذلك لأبي ذر فقام أبو هريرة و عشرة فشهدوا بذلك، فولى علي علیه السلام.

7- عنه عن ابن عباس كنت عند -أبي على العشاء بعد المغرب إذ جاء الخادم، فقال هذا أمير المؤمنين بالباب فدخل عثمان فجلس، فقال له العباس تعش. قال تعشيت فوضع يده، فلما فرغنا من العشاء قام من كان عنده و جلست و تكلم عثمان، فقال يا خال، أشكو إليك ابن أخيك يعني عليا علیه السلام.

فإنه أكثر في شتمي و نطق في عرضي، و أنا أعوذ بالله من ظلمكم بني عبد المطلب، إن يكن هذا الأمر لكم فقد سلمتموه إلى من هو أبعد مني، و إن لا يكن لكم فحق أخذت.

فتكلم العباس فحمد الله و أثنى عليه، وصلى على النبي (صلى الله عليه و آله) و ذكر ما خص الله به قريشا منه و ما خص به بني عبد المطلب ،خاصة ثم قال أما بعد فما حمدتك لابن أخي، ولا حمدت ابن أخي فيك، و ما هو وحده، و لقد نطق غيره، فلو أنك هبطت مما صعدت و صعدوا مما هبطوا لكان ذلك أقرب. فقال أنت وذلك يا خال. قال فلم تكلم بذلك عنك.

قال نعم أعطهم عني ما شئت، و قام عثمان فخرج، فلم يلبث أن رجع إليه فسلم و هو قائم، ثم قال يا خال، لا تعجل بشيء حتى أعود إليك، فرفع العباس يديه و استقبل القبلة. فقال اللهم استوبى ما لا خير لى في ادراكه فما مضت الجمعة حتى مات.

8- عنه أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبي جعفر علیه السلام ، قال حدثني عبد الرحمن بن أبي

ص: 417

عمرة الأنصاري، قال لما نزل المصريون بعثمان بن عفان في مرتهم الثانية، دعا مروان بن الحكم فاستشاره.

فقال له إن القوم ليس هم لأحد أطوع منهم لعلي بن أبي طالب، و هو أطوع الناس في الناس، فابعثه إليهم فليعطهم الرضا، و ليأخذ لك عليهم الطاعة، و يحذرهم الفتنة، فكتب عثمان إلى علي بن أبي طالب علیه السلام سلام عليكم،

أما بعد، فإنه قد جاز السيل الزبى، و بلغ الحزام الطبيين، و ارتفع أمر الناس بي فوق قدره و طمع في من كان يعجز عن نفسه، فاقبل علي أولى و تمثل.

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل *** وإلا فأدركني و لما أمزق

و السلام.

فجاءه علي علیه السلام ، فقال يا أبا الحسن، ائت هؤلاء القوم، فادعهم إلى كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه و آله). فقال نعم، إن أعطيتني عهد الله و ميثاقه على أن تفي لهم بكل شيء أعطيته عنك لهم. فقال نعم فأخذ عليه عهدا غليظا و مشى إلى القوم، فلما دنا منهم قالوا وراءك. قال لا. قالوا وراءك. قال لا.

فجاء بعضهم ليدفع في صدره حين قال فقال القوم بعضهم لبعض سبحان الله، أتاكم ذلك ابن عم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يعرض كتاب الله اسمعوا منه واقبلوا قالوا تضمن لنا كذلك قال نعم فأقبل معه أشرافهم و وجوههم حتى دخلوا على عثمان فعاتبوه، فأجابهم إلى ما أحبوا ،

فقالوا اكتب لنا على هذا كتاب و ليضمن علي عنك ما في الكتاب. قال اكتبوا أنى شئتم فكتبوا بينهم بسم الله الرحمن الرحيم. هذا ما كتب عبد

419

ص: 418

الله عثمان بن عفان أمير المؤمنين لمن نقم عليه من المؤمنين و المسلمين أن لكم علي أن أعمل بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه و آله)، و أن المحروم يعطى، و أن الخائف يؤمن، و أن المنفي يرد، و أن المبعوث لا يجمر، و أن الفيء لا يكون دولة بين الأغنياء،

و علي بن أبي طالب ضامن للمؤمنين و المسلمين على عثمان الوفاء لهم على ما في هذا الكتاب. شهد الزبير بن العوام، و طلحة بن عبيد الله، و سعد بن مالك، و عبد الله بن عمر، و أبو أيوب بن زيد. وكتب في ذي القعدة سنة خمس وعشرين.

فأخذوا الكتاب ثم انصرفوا، فلما نزلوا أيلة إذا هم براكب فأخذوه فقالوا من أنت قال أنا رسول عثمان إلى عبد الله بن سعد. قال بعضهم لبعض لو فتشناه لئلا يكون قد كتب فينا، ففتشوه فلم يجدوا معه شيئا فقال كنانة ابن بشر التجيبي انظروا إلى أدواته، فإن للناس حيلا، فإذا قارورة مختومة بموم، فإذا فيها كتاب إلى عبد الله بن سعد إذا جاءك كتابي هذا، فاقطع أيدي الثلاثة مع أرجلهم.

فلما قرءوا الكتاب رجعوا حتى أتوا عليا علیه السلام، فأتاه فدخل عليه، فقال استعتبك القوم فأعتبتهم، ثم كتبت كتابك هذا، نعرفه الخط الخط و الخاتم الخاتم فخرج علي علیه السلام مغضبا و أقبل الناس عليه، فخرج سعد من المدينة فلقيه ،رجل، فقال يا أبا إسحاق أين تريد قال إني قد فررت بديني من مكة إلى المدينة و أنا اليوم أهرب بديني من المدينة إلى مكة.

و قال الحسن بن علي علیهما السلام لعلى علیه السلام حين أحاط الناس بعثمان اخرج من المدينة و اعتزل، فإن الناس لا بد لهم منك، و إن هم ليأتونك و لو كنت بصنعاء اليمن، و أخاف أن يقتل هذا الرجل و أنت حاضره فقال يا بني ،

ص: 419

أخرج عن دار هجرتي، و ما أظن أحدا يجترئ على هذا القول كله.

و قام كنانة بن بشر، فقال يا عبد الله، أقم لنا كتاب الله ، فإنا لا نرضى بالقول دون الفعل قد كتبت و أشهدت لنا شهودا، و أعطيتنا عهد الله و ميثاقه. فقال ما كتبت بينكم كتابا ، فقام إليه المغيرة بن الأخنس، فضرب بكتابه وجهه و خرج إليهم عثمان ،ليكلمهم، فصعد المنبر، فرفعت عائشة قميص رسول الله (صلى الله عليه و آله) فنادت :

أيها الناس هذا قميص رسول الله لم يبل و قد غيرت سنته فنهض الناس وكثر اللغط و حصبوا عثمان حتى نزل من المنبر فدخل بيته فكتب نسخة واحدة إلى معاوية و عبد الله بن عامر أما بعد، فإن أهل السفه و البغي و العدوان من أهل العراق و مصر و المدينة أحاطوا بداري و لن يرضيهم مني دون خلعي أو قتلي، و أنا ملاق الله قبل أن أتابعهم على شيء من ذلك، فأعينوني.

فلما بلغ كتابه ابن عامر قام وقال أيها الناس، إن أمير المؤمنين عثمان ذكر أن شرذمة من أهل مصر والعراق نزلوا بساحته، فدعاهم إلى الحق فلم يجيبوا، فكتب إلي أن أبعث إليه منكم ذوي الرأي و الدين و الصلاح لعل الله أن يدفع عنه ظلم الظالمين و عدوان المعتدين. فلم يجيبوه إلى الخروج،

ثم إنه نزل. فقدموا من كل فج حتى حضروا المدينة، و قيل لعلي علیه السلام إن عثمان قد منع الماء، فأمر بالروايا ،فعكمت و جاء للناس علي علیه السلام فصاح بهم صيحة فانفرجوا، فدخلت الروايا،

فلما رأى علي علیه السلام اجتماع الناس و وجوههم، دخل على طلحة بن عبیدالله و هو متكى على وسائد، فقال إن هذا الرجل مقتول فامنعوه. فقال

ص: 420

أما و الله دون أن تعطي بنو أمية الحق من أنفسها.

9- الرضي في نهج البلاغة قال علیه السلام : لو أمرت به لكنت قاتلا أو نهيت عنه لكنت ناصرا غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه و من خذله لا يستطيع أن يقول نصره من هو خير مني و أنا جامع لكم أمره استأثر فأساء الأثرة و جزعتم فأسأتم الجزع والله حكم واقع في المستأثر و الجازع.

إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد صلی الله علیه و آله وسلم تفويقا و الله لئن بقيت لهم لأنفضنهم نفض اللحام الوذام التربة.

10 - عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن حرملة قال سمعت سعيد يعني ابن المسيب قال خرج عثمان حاجا حتى اذا كان بيعض الطريق قيل لعلى علیه السلام انه قد نهى عن التمتع بالعمرة الى الحج، فقال على لاصحابه اذا ارتحل فارتحلوا فاهل على و أصحابه بعمرة فلم يكلمه عثمان، في ذلك فقال له على علیه السلام ألم أخبر أنك نهيت عن التمتع بالعمرة، قال فقال بلى قال فلم تسمع من رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم تمتع قال بلى.

11 - عبدالله حدثني أبي ثنا روح ثنا شعبة عن ثنا شعبة عن قتادة قال سمعت عبدالله بن شقيق يقول كان عثمان ينهي عن المتعة و على علیه السلام يفتى بها، فقال له عثمان قولا فقال له على علیه السلام لقد علمت ان رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لفعل ذلك قال عثمان أجل و لكنا كنا خائفين قال شعبة فقلت لقتادة ما كان خوفهم قال لا أدري.

12 - عبدالله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة، قال قال عبدالله بن شقيق كان عثمان ينهي عن المتعة و علىّ علیه السلام يامر بها، فقال عثمان، لعلي علیه السلام قولا ثم قال على علیه السلام : لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول

ص: 421

الله صلی الله علیه و آله وسلم ، قال أجل و لكنا كنا خائفين.

13 - الزبير بن بكار في كتاب الموفقيات عن عمه عن عيسى بن داود عن رجاله قال قال ابن عباس رحمه الله لما بنى عثمان داره بالمدينة أكثر الناس عليه في ذلك فبلغه فخطبنا في يوم جمعة ثم صلى بنا ثم عاد إلى المنبر فحمد الله و أثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال أما بعد فإن النعمة إذا حدثت حدث لها حساد حسبها و أعداء قدرها و إن الله لم يحدث لنا نعما ليحدث لها حساد عليها و منافسون فيها و لكنه قد كان من بناء منزلنا هذا ما كان إرادة جمع المال فيه وضم القاصية إليه فأتانا عن أناس منكم أنهم يقولون أخذ فيئنا و أنفق شيئنا و استأثر بأموالنا يمشون خمرا و ينطقون سرا كأنا غيب عنهم وكأنهم يهابون مواجهتنا معرفة منهم بدحوض حجتهم فإذ غابوا عنا يروح بعضهم إلى بعض يذكرنا و قد وجدوا على ذلك أعوانا نظرائهم و مؤازرين من شبها بهم فبعدا بعدا و رغما رغما ثم أنشد بیتین کأنه يومى فيهما إلى علی علیه السلام .

توقد بنار أينما كنت واشتعل *** فلست ترى مما تعالج شافيا

تشط فيقضي الأمر دونك أهله *** وشيكا و لا تدعى إذا كنت نائيا

ما لي و لفيئكم و أخذ مالكم ألست من أكثر قريش مالا و أظهرهم الله نعمة ألم أكن على ذلك قبل الإسلام و بعده و هبوني بنيت منزلا من بيت المال أليس هو لي ولكم.

ألم أقم أموركم و إني من وراء حاجاتكم فما تفقدون من حقوقكم شيئا فلم لا أصنع في الفضل ما أحببت فلم كنت إماما .إذا ألا و إن من أعجب العجب أنه بلغني عنكم أنكم تقولون لنفعلن به و لنفعلن فيمن تفعلون الله آباؤكم أبنقد البقاع أم بفقع القاع ألست أحراكم إن دعا أن يجاب

ص: 422

و أقمنكم إن أمر أن يطاع لهني على بقائي فيكم بعد أصحابي و حياتي فيكم بعد أترابي يا ليتني تقدمت قبل هذا لكني لا أحب خلاف ما أحبه الله لي عز و جل إذا شئتم فإن الصادق المصدق محمد صلی الله علیه و آله وسلم.

قد حدثني بما هو كائن من أمري و أمركم و هذا بدء ذلك و أوله فكيف الهرب مما حتم و قدر أما إنه علیه السلام قد بشرني في آخر حديثه بالجنة دونكم إذا شئتم فلا أفلح من ندم.

قال ثم هم بالنزول فبصر بعلي بن أبي طالب علیه السلام و معه عمار بن ياسر رضي الله عنه و ناس من أهل هواه يتناجون فقال إيها إيها أسرارا لا جهارا أما والذي نفسي بيده ما أحنق على جرة و لا أوتى من ضعف مرة و لو لا النظر لي ولكم و الرفق بي وبكم لعاجلتكم فقد اغتررتم و أفلتم من أنفسكم. ثم رفع يديه يدعو و يقول اللهم قد تعلم حبي للعافية فألبسنيها و إيثاري للسلامة فآتنيها.

قال فتفرق القوم عن علي علیه السلام وقام عدي بن الخيار فقال أتم الله عليك يا أمير المؤمنين النعمة وزادك في الكرامة و الله لأن تحسد أفضل من أن تحسد و لأن تنافس أجل من أن تنافس أنت والله في حسبنا الصميم و منصبنا الكريم إن دعوت أجبت و إن أمرت أطعت فقل نفعل و ادع تجب جعلت الخيرة و الشورى إلى أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم.

ليختاروا لهم ولغيرهم وإنهم ليرون مكانك و يعرفون مكان غيرك فاختاروك منيبين طائعين غير مكرهين و لا مجبرين ما غيرت و لا فارقت و لا بدلت و لا خالفت فعلام يقدمون عليك و هذا رأيهم فيك أنت و الله كما قال الأول.

اذهب إليك فما للحسود *** إلا طلابك تحت العثار

ص: 423

حکمت فما جرت في خلة *** فحكمك بالحق بادي المنار

فإن يسبعوك فسرا وقد *** جهرت بسيفك كل الجهار

قال و نزل عثمان فأتى منزله و أتاه الناس و فيهم ابن عباس فلما أخذوا مجالسهم أقبل على ابن عباس فقال ما لي و لكم يا ابن عباس ما أغراكم بي و أولعكم بتعقب أمري أتنقمون علي أمر العامة أتيت من وراء حقوقهم أم أمركم فقد جعلتهم يتمنون منزلتكم لا و الله لكن الحسد و البغى و تثوير الشر و إحياء الفتن و الله لقد ألقى النبي صلی الله علیه و آله وسلم إلى ذلك و أخبرني به عن أهله واحدا واحدا والله ما كذبت و لا أنا بمكذوب.

فقال ابن عباس على رسلك يا أمير المؤمنين فو الله ما عهدتك جهرا بسرك و لا مظهرا ما في نفسك فما الذي هيجك و ثورك إنا لم يولعنا بك أمر و لم نتعقب أمرك بشيء أتيت بالكذب و تسوف عليك بالباطل و الله ما نقمنا عليك لنا و لا للعامة قد أوتيت من وراء حقوقنا و حقوقهم و قضیت ما يلزمك لنا ولهم.

فأما الحسد و البغي و تئوير الفتن و إحياء الشر فمتى رضيت به عترة النبي و أهل بيته وكيف و هم منه و إليه على دين الله يثورون الشر أم على الله يحيون الفتن كلا ليس البغي و لا الحسند من طباعهم.

فاتئد يا أمير المؤمنين و أبصر أمرك و أمسك عليك فإن حالتك الأولى خير من حالتك الأخرى لعمري إن كنت لأثيرا عند رسول الله و إن كان يفضي إليك بسره ما يطويه عن غيرك و لا كذبت و لا أنت بمكذوب اخسأ الشيطان عنك و لا يركبك و اغلب غضبك و لا يغلبك فما دعاك إلى هذا الأمر الذي كان منك.

قال: دعاني إليه ابن عمك علي بن أبي طالب فقال ابن عباس و عسى

ص: 424

أن يكذب مبلغك قال عثمان إنه ثقة قال ابن عباس إنه ليس بثقة من بلغ و أغرى قال عثمان يا ابن عباس الله إنك ما تعلم من علي ما شكوت منه قال:

اللهم لا إلا أن يقول كما يقول الناس وينقم كما ينقمون فمن أغراك به و أولعك بذكره دونهم فقال عثمان إنما آفتي من أعظم الداء الذي ينصب نفسه لرأس الأمر و هو علي ابن عمك و هذا و الله كله من نكده و شومه قال ابن عباس مهلا استثن يا أمير المؤمنين قل إن شاء الله فقال إن شاء الله.

ثم قال إني أنشدك يا ابن عباس الإسلام و الرحم فقد و الله غلبت و ابتليت بكم و الله لوددت أن هذا الأمر كان صار إليكم دوني فحملتموه عني و كنت أحد أعوانكم عليه إذا والله لوجدتموني لكم خيرا مما وجدتكم لي و لقد علمت أن الأمر لكم و لكن قومكم دفعوكم عنه و اختزلوه دونكم فو الله ما أدري أدفعوه عنكم أم دفعوكم عنه.

قال ابن عباس مهلا يا أمير المؤمنين فإنا ننشدك الله و الإسلام و الرحم مثل ما نشدتنا أن تطمع فينا و فيك عدوا و تشمت بنا و بك حسودا إن أمرك إليك ما كان قولا فإذا صار فعلا فليس إليك و لا في يديك و إنا و الله لنخالفن إن خولفنا و لتنازعن إن نوزعنا و ما تمنيك أن يكون الأمر صار إلينا دونك إلا أن يقول قائل منا ما يقوله الناس و يعيب كما عابوا.

فأما صرف قومنا عنا الأمر فعن حسد قد و الله عرفته و بغي قد و الله علمته فالله بيننا و بين قومنا و أما قولك إنك لا تدري أدفعوه عنا أم دفعونا عنه فلعمري إنك لتعرف أنه لو صار إلينا هذا الأمر ما زدنا به فضلا إلى فضلنا و لا قدرا إلى قدرنا و إنا لأهل الفضل و أهل القدر و ما فضل فاضل إلا بفضلنا ولا سبق سابق إلا بسبقنا و لو لا هدينا ما اهتدى أحد و لا أبصروا من عمى و لا قصدوا من جور.

ص: 425

فقال عثمان حتى متى يا ابن عباس يأتيني عنكم ما يأتيني هبوني كنت بعيدا أما كان لي من الحق عليكم أن أراقب و أن أناظر بلى ورب الكعبة و لكن الفرقة سهلت لكم القول في و تقدمت بكم إلى الإسراع إلي و الله المستعان .

قال ابن عباس مهلا حتى ألق عليا ثم أحمل إليك على قدر ما رأى قال عثمان افعل فقد فعلت وطالما طلبت فلا أطلب ولا أجاب ولا أعتب. قال ابن عباس فخرجت فلقيت عليا و إذا به من الغضب و التلظي أضعاف ما بعثمان فأردت تسكينه فامتنع فأتيت منزلي و أغلقت بابي و

اعتزلتهما.

فبلغ ذلك عثمان فأرسل إلى فأتيته وقد هدأ غضبه فنظر إلي ثم ضحك و قال يا ابن عباس ما أبطأ بك عنا إن تركك العود إلينا لدليل على ما رأيت عند صاحبك و عرفت من حاله فالله بيننا وبينه خذ بنا في غير ذلك.

قال ابن عباس فكان عثمان بعد ذلك إذا أتاه عن علي شيء فأردت التكذيب عنه يقول ولا يوم الجمعة حين أبطأت عنا وتركت العود إلينا فلا أدري كيف أرد عليه.

14 - روى الزبير بن بكار أيضا في الموفقيات عن ابن عباس رحمه الله قال خرجت من منزلي سحرا أسابق إلى المسجد و أطلب الفضيلة فسمعت خلفي حسا و كلاما فتسمعته فإذا حس عثمان و هو يدعو و لا يرى أن أحدا يسمعه و يقول اللهم قد تعلم نيتى فأعنى عليهم و تعلم الذين ابتليت بهم من ذوي رحمي و قرابتي فأصلحني لهم و أصلحهم لي.

قال: فقصرت من خطوتي وأسرع في مشيته فالتقينا فسلم فرددت عليه فقال إني خرجت ليلتنا هذه أطلب الفضل و المسابقة إلى المسجد

ص: 426

فقلت إنه أخرجني ما أخرجك فقال والله لمن سابقت إلى الخير إنك لمن سابقين مباركين و إني لأحبكم وأتقرب إلى الله بحبكم فقلت يرحمك الله يا أمير المؤمنين إنا لنحبك و نعرف سابقتك و سنك و قرابتك و صهرك قال يا ابن عباس فما لي و لابن عمك و ابن خالي قلت أي بني عمومتي و بني أخوالك قال.

اللهم اغفر أتسأل مسألة الجاهل؟ قلت إن بني عمومتي من بني خئولتك كثير فأيهم تعني قال أعني عليا لا غيره فقلت لا و الله ي-ا أمير المؤمنين ما أعلم منه إلا خيرا و لا أعرف له إلا حسنا قال و الله بالحري أن يستر دونك ما يظهره لغيرك و يقبض عنك ما ينبسط به إلى سواك.

قال و رمينا بعمار بن ياسر فسلم فرددت عليه سلامه ثم قال من معك قلت أمير المؤمنين عثمان قال نعم و سلم بكنيته و لم يسلم عليه بالخلافة فرد عليه ثم قال عمار ما الذي كنتم فقد سمعت ذروا منه قلت هو ما سمعت .

فقال عمار: رب مظلوم غافل و ظالم متجاهل قال عثمان أما إنك من شنائنا وأتباعهم وايم الله إن اليد عليك لمنبسطة و إن السبيل إليك لسهلة و لو لا إيثار العافية و لم الشعث لزجرتك زجرة تكفي ما مضى و تمنع ما بقي.

فقال عمار و الله ما أعتذر من حبي عليا و ما اليد بمنبسطة و لا السبيل بسهلة إني لازم حجة و مقيم على سنة و أما إيثارك العافية و لم الشعث فلازم ذلك و أما زجري فأمسك عنه فقد كفاك معلمي تعليمي.

فقال عثمان أما والله إنك ما علمت من أعوان الشر الحاضين عليه الخذلة عند الخير و المثبطين عنه فقال عمار مهلا يا عثمان فقد سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم يصفني بغير ذلك قال عثمان و متى قال يوم دخلت عليه منصرفه

ص: 427

عن الجمعة و ليس عنده غيرك وقد ألق ثيابه و قعد في فضله فقبلت صدره و نحره و جبهته.

فقال يا عمار إنك لتحبنا و إنا لنحبك و إنك لمن الأعوان على الخير المثبطين عن الشر فقال عثمان أجل و لكنك غيرت و بدلت قال فرفع عمار يده يدعو و قال أمن يا ابن عباس اللهم من غير فغير به ثلاث مرات.

قال و دخلنا المسجد فأهوى عمار إلى مصلاه و مضيت مع عثمان إلى القبلة فدخل المحراب و قال تلبث علي إذا انصرفنا فلما رآني عمار وحدي أتاني فقال أما رأيت ما بلغ بي آنفا قلت أما والله لقد أصعبت به و أصعب بك و إن له لسنه وفضله و قرابته قال إن له لذلك و لكن لا حق لمن لا حق عليه و انصرف .

وصلى عثمان و انصرفت معه يتوكأ على فقال هل سمعت ما قال عمار قلت نعم فسرني ذلك و ساءني أما مساءته إياي فما بلغ بك و أما مسرته لي و فحملک احتمالك فقال إن عليا فارقني منذ أيام على المقاربة و إن عمارا آتيه فقائل له و قائل فابدره إليه فإنك أوثق عنده منه و أصدق قولا فألق الأمر إليه على وجهه فقلت نعم.

و انصرفت أريد عليا علیه السلام في المسجد فإذا هو خارج منه فلما رآني تفجع لي من فوت الصلاة وقال ما أدركتها قلت بلى و لكني خرجت مع أمير المؤمنين ثم اقتصصت عليه القصة فقال أما والله يا ابن عباس إنه ليقرف قرحة ليحورن عليه ألمها.

فقلت إن له سنه و سابقته و قرابته و صهره قال إن ذلك له و لكن لا حق لمن لا حق عليه. قال ثم رهقنا عمار فبش به علي و تبسم في وجهه و سأله.

ص: 428

فقال عمار یا ابن عباس هل ألقيت إليه ما كنا فيه قلت نعم قال أما و الله إذا لقد قلت بلسان عثمان و نطقت بهواه قلت ما عدوت الحق جهدي و لا ذلك من فعلي و إنك لتعلم أي الحظين أحب إلي و أي الحقين أوجب علي.

قال فظن علي أن عند عمار غير ما ألقيت إليه فأخذ بيده و ترك يدي فعلمت أنه يكره مكاني فتخلفت عنها و انشعب بنا الطريق فسلكاه و لم يدعني فانطلقت إلى منزلي فإذا رسول عثمان يدعوني فأتيته فأجد ببابه مروان و سعيد بن العاص في رجال من بني أمیة.

فأذن لي و الطفني و قربني و أدنى مجلسي ثم قال ما صنعت فأخبرته بالخبر على وجهه و ما قال الرجل و قلت له و كتمته قوله إنه ليقرف قرحة ليحورن عليه ألمها إبقاء عليه وإجلالا له وذكرت مجيء عمار و بش علي له و ظن علي أن قبله غير ما ألقيت عليه و سلوكهما حيث سلكا قال وفعلا.

قلت نعم فاستقبل القبلة ثم قال اللهم رب السموات و الأرض عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم أصلح لي عليا و أصلحني له أمن يا ابن عباس فأمنت ثم تحدثنا طويلا و فارقته و أتيت منزلي.

بن

15- روى الزبير بن بكار أيضا فى الكتاب المذكور عن عبد الله عباس قال ما سمعت من أبي شيئا قط في أمر عثمان يلومه فيه و لا يعذره و لا سألته عن شيء من ذلك مخافة أن أهجم منه على ما لا يوافقه فإنا عنده ليلة و نحن نتعشى إذ قيل هذا أمير المؤمنين عثمان بالباب.

فقال ائذنوا له فدخل فأوسع له على فراشه و أصاب من العشاء معه فلما رفع قام من كان هناك وثبت أنا فحمد عثمان الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد يا خال فإني قد جئتك أستعذرك من ابن أخيك علي سبني و شهر أمري و قطع رحمي و طعن في ديني و إني أعوذ بالله منكم يا بني عبد المطلب.

ص: 429

إن كان لكم حق تزعمون أنكم غلبتم عليه فقد تركتموه في يدي من فعل ذلك بكم و أنا أقرب إليكم رحما منه و ما لمت منكم أحدا إلا عليا و لقد دعيت أن أبسط عليه فتركته الله و الرحم و أنا أخاف ألا يتركني فلا أتركه.

قال ابن عباس فحمد أبي الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد يا ابن أختي فإن كنت لا تحمد عليا لنفسك فإني لا أحمدك لعلي و ما علي وحده قال فيك بل غيره فلو أنك اتهمت نفسك للناس اتهم الناس أنفسهم لك و لو أنك نزلت مما رقيت و ارتقوا مما نزلوا فأخذت منهم و أخذوا منك ما كان بذلك بأس.

قال عثمان فذلك إليك يا خال و أنت بيني و بينهم قال أفأذكر لهم ذلك عنك قال نعم و انصرف

فما لبثنا أن قيل هذا أمير المؤمنين قد رجع بالباب قال أبي ائذنوا له فدخل فقام قائما و لم يجلس و قال لا تعجل يا خال حتى أوذنك فنظرنا فإذا مروان بن الحكم كان جالسا بالباب ينتظره حتى خرج فهو الذي ثناه عن رأيه الأول فأقبل علي أبي و قال يا بني

ما إلى هذا من أمره شيء ثم قال يا بني شيء ثم قال يا بني أملك عليك لسانك حتى ترى ما لا بد منه ثم رفع يديه فقال اللهم اسبق بي ما لا خير لي في إدراكه فما مرت جمعة حتى مات رحمه الله.

16 - روى الزبير بن بكار في كتابه عن رجال أسند بعضهم عن بعض عن علي بن أبي طالب علیه السلام قال أرسل إلي عثمان في الهاجرة فتقنعت بثوبي و أتيته فدخلت عليه و هو على سريره و في يده قضيب و بين يديه مال دثر صبرتان من ورق و ذهب.

ص: 430

فقال دونك خذ من هذا حتى تملأ بطنك فقد أحرقتني فقلت وصلتك حم إن كان هذا المال ورثته أو أعطاكه معط أو اكتسبته من تجارة كنت أحد رجلين إما آخذ و أشكر أو أوفر و أجهد و إن كان من مال الله و فيه حق المسلمين و اليتيم و ابن السبيل.

فو الله ما لك أن تعطينيه و لا لي أن آخذه فقال أبيت و الله إلا ما أبيت ثم قام إلي بالقضيب فضربني و الله ما أرد يده حتى قضى حاجته فتقنعت بثوبي و رجعت إلى منزلي و قلت الله بيني و بينك إن كنت أمرتك بمعروف أو نهيت عن منكر.

17 - روى الزبير بن بكار عن الزهري قال لما أتي عمر بجوهر كسرى وضع في المسجد فطلعت عليه الشمس فصار كالجمر فقال لخازن بيت المال ويحك أرحني من هذا و اقسمه بين المسلمين فإن نفسي تحدثني أنه سيكون في هذا بلاء وفتنة بين الناس فقال.

يا أمير المؤمنين إن قسمته بين المسلمين لم يسعهم و ليس أحد يشتريه لأن ثمنه عظيم و لكن ندعه إلى قابل فعسى الله أن يفتح على المسلمين بمال فيشتريه منهم من يشتريه قال ارفعه فأدخله بيت المال و قتل عمر و هو بحاله فأخذه عثمان لما ولي الخلافة فحلى به بناته.

18 - قال الزبير فقال الزهري كل قد أحسن عمر حين حرم نفسه و أقاربه و عثمان حين وصل أقاربه.

19 - روى الزبير عن أبي غسان عن عمر بن زياد عن الأسود بن قيس عن عبيد بن حارثة قال سمعت عثمان و هو يخطب فأكب الناس حوله فقال اجلسوا يا أعداء الله فصاح به طلحة إنهم ليسوا بأعداء الله لكنهم عباده و قد قرءوا كتابه

ص: 431

20 - روى الزبير عن سفيان بن عيينة عن إسرائيل عن الحسن قال شهدت المسجد يوم جمعة فخرج عثمان فقام رجل فقال أنشد كتاب الله فقال عثمان اجلس أما لكتاب الله ناشد غيرك فجلس ثم قام آخر فقال مثل مقالته فقال اجلس فأبى أن يجلس.

فبعث إلى الشرط ليجلسوه فقام الناس فحالوا بينهم و بينه قال ثم تراموا بالبطحاء حتى يقول القائل ما أكاد أرى أديم السماء من البطحاء فنزل عثمان فدخل داره و لم يصل الجمعة.

21 - عنه روى الزبير أيضا في الموفقيات عن ابن عباس رحمه الله قال صليت العصر يوما ثم خرجت فإذا أنا بعثمان بن عفان في أيام خلافته في بعض أزقة المدينة وحده فأتيته إجلالا وتوقيرا لمكانه فقال لي هل رأيت عليا قلت خلفته في المسجد فإن لم يكن الآن فيه فهو في منزله.

قال أما منزله فليس فيه فابغه لنا في المسجد فتوجهنا إلى المسجد و إذا علي علیه السلام يخرج منه قال ابن عباس و قد كنت أمس ذلك اليوم عند علي فذكر عثمان و تجرمه عليه و قال أما والله يا ابن عباس إن من دوائه لقطع كلامه و ترك لقائه فقلت له يرحمك الله كيف لك بهذا فإن تركته ثم أرسل إليك فما أنت صانع قال أعتل و أعتل فمن يقسرني قال لا أحد.

قال ابن عباس فلما تراءينا له و هو خارج من المسجد ظهر منه من التفلت و الطلب للانصراف ما استبان لعثمان فنظر إلي عثمان و قال يا ابن عباس أما ترى ابن خالنا يكره لقاءنا فقلت و لم و حقك ألزم و هو بالفضل أعلم فلما تقاربا رماه عثمان بالسلام فرد عليه.

فقال عثمان إن تدخل فإياك أردنا و إن تمض فإياك طلبنا فقال علي أي ذلك أحببت قال تدخل فدخلا و أخذ عثمان بيده فأهوى به إلى القبلة

ص: 432

فقصر عنها و جلس قبالتها فجلس عثمان إلى جانبه فنكصت عنهما فدعواني جميعا فأتيتها فحمد عثمان الله و أثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال:

أما بعد يا بني خالي و ابني عمي فإذ اجمعتكما في النداء فسأجمعكما في الشكاية عن رضاي على أحدكما و وجدي على الآخر إني أستعذركما من أنفسكما وأسألكما فيئتكما وأستوهبكما رجعتكما.

فو الله لو غالبني الناس ما انتصرت إلا بكما و لو تهضموني ما تعززت إلا بعزكما و لقد طال هذا الأمر بيننا حتى تخوفت أن يجوز قدره و يعظم الخطر فيه و لقد هاجني العدو عليكما و أغراني بكما فمنعني الله و الرحم مما أراد

و قد خلونا في مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وإلى جانب قبره و قد أحببت أن تظهرا لي رأيكما في و ما تنطويان لي عليه و تصدقا فإن الصدق أنجى و أسلم و أستغفر الله لي ولكما.

قال ابن عباس فأطرق علي علیه السلام و أطرقت معه طويلا أما أنا فأجللته و أن أتكلم قبله و أما هو فأراد أن أجيب عني و عنه ثم قلت له أتتكلم أم أتكلم عنك قال بل تكلم عني و عنك فحمدت الله و أثنيت عليه وصليت على رسوله ثم قلت .

أما بعد يا ابن عمنا و عمتنا فقد سمعنا كلامك لنا و خلطك فى الشكاية بيننا على رضاك زعمت عن أحدنا و وجدك على الآخر و سنفعل في ذلك فنذمك و نحمدك اقتداء منك بفعلك فينا فإنا نذم مثل تهمتك إيانا على ما اتهمتنا عليه بلا ثقة إلا ظنا و نحمد منك غير ذلك من مخالفتك عشيرتك.

ص: 433

ثم نستعذرك نفسك استعذارك إيانا من أنفسنا و نستوهبك فيئتك من استيهابك إيانا فيئتنا و نسألك رجعتك مسألتك إيانا رجعتنا فإنا معا أيما حمدت و ذممت منا كمثلك في أمر نفسك ليس بيننا فرق و لا اختلاف بل كلانا شريك صاحبه في رأيه و قوله.

فو الله ما تعلمنا غير معذرين فيما بيننا وبينك و لا تعرفنا غير قانتين عليك و لا تجدنا غير راجعين إليك فنحن نسألك نفسك مثل ما سألتنا من أنفسنا و أما قولك لو غالبتني الناس ما انتصرت إلا بكما أو تهضموني ما تعززت إلا بعزكما فأين بنا و بك عن ذلك و نحن و أنت كما قال أخو كنانة :

بدا بحتر ما رام نال و إن يرم *** يخض دونه غمرا من الغر رائمه

لنا و لهم منا و منهم على العدى *** مراتب عز مصعدات سلالمه

و أما قولك في هيج العدو إياك علينا و إغرائه لك بنا فو الله ما أتاك العدو من ذلك شيئا إلا وقد أتانا بأعظم منه فمنعنا مما أراد ما منعك من مراقبة الله و الرحم و ما أبقيت أنت و نحن إلا على أدياننا و أعراضنا و مروءاتنا و لقد لعمري طال بنا و بك هذا الأمر حتى تخوفنا منه على أنفسنا و راقبنا منه ما راقبت.

و أما مساءلتك إيانا عن رأينا فيك و ما ننطوي عليه لك فإنا نخبرك أن ذلك إلى ما تحب لا يعلم واحد منا من صاحبه إلا ذلك و لا يقبل منه غيره وكلانا ضامن على صاحبه ذلك و كفيل به و قد برأت أحدنا و زكيته و أنطقت الآخر و أسكته و ليس السقيم منا مما كرهت بأنطق من البريء فيما ذكرت و لا البريء منا مما سخطت بأظهر من السقيم فيما وصفت.

فإما جمعتنا في الرضا و إما جمعتنا في السخط لنجازيك بمثل ما تفعل

ص: 434

بنا في ذلك مكايلة الصاع بالصاع فقد أعلمناك رأينا و أظهرنا لك ذات أنفسنا و صدقناك و الصدق كما ذكرت أنجى و أسلم فأجب إلى ما دعوت إليه و أجلل عن النقض و الغدر مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و موضع قبره و اصدق تنج و تسلم و نستغفر الله لنا و لك.

قال ابن عباس فنظر إلي علي علیه السلام نظر هيبة و قال دعه حتى يبلغ رضاه فيما هو فيه فو الله لو ظهرت له قلوبنا و بدت له سرائرنا حتى رآها بعينه كما يسمع الخبر عنها بأذنه ما زال متجر ما منتقما والله ما أنا ملق على وضمة و إني لمانع ما وراء ظهري و إن هذا الكلام لمخالفة منه و سوء عشرة فقال عثمان.

مهلا أبا حسن فو الله إنك لتعلم أن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وصفني بغير ذلك يوم يقول و أنت عنده إن من أصحابي لقوما سالمين لهم و إن عثمان لمنهم إنه لأحسنهم بهم ظنا و أنصحهم لهم حبا.

فقال علي علیه السلام فتصدق قوله صلی الله علیه وآله وسلم بفعلك و خالف ما أنت الآن عليه فقد قيل لك ما سمعت و هو كاف إن قبلت

قال عثمان فتثق يا أبا الحسن؟ قال نعم أثق و لا أظنك إلا فاعلا قال عثمان قد وثقت و أنت ممن لا يخفر صاحبه ولا يكذب لقيله.

قال ابن عباس فأخذت بأيديهما حتى تصافحا و تصالحا و تمازحا و نهضت عنهما فتشاورا و تآمرا و تذاكرا ثم افترقا فو الله ما مرت ثالثة حتى لقيني كل واحد منهما يذكر من صاحبه ما لا تبرك عليه الإبل فعلمت أن لا سبيل إلى صلحهما بعدها.

22 - روى الزبير بن بكار قال مرض علي علیه السلام فعاده عثمان و معه مروان بن الحكم فجعل عثمان يسأل عليا عن حاله و على ساكت لا يجيبه

ص: 435

فقال عثمان لقد أصبحت يا أبا الحسن منى بمنزلة الولد العاق لأبيه إن عاش عقه و إن مات فجعه.

فلو جعلت لنا من أمرك فرجا إما عدوا أو صديقا و لم تجعلنا بين السماء و الماء أما والله لأنا خير لك من فلان و فلان و إن قتلت لا تجد مثلي فقال مروان أما والله لا يرام ما وراءنا حتى تتواصل سيوفنا و تقطع أرحامنا. فالتفت إليه عثمان و قال اسكت لا سكت و ما يدخلك فيها بيننا.

23- روى ابن عبد ربه عن يعقوب بن عبد الرحمن عن الرحمن عن محمد بن عيسى الدمشقي عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ذئب عن محمد بن شهاب الزهري قال: قلت لسعيد بن المسيب هل أنت مخبرى كيف قتل عثمان؟ و ما كان شأن الناس و شأنه؟ و لم خذله أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم ؟ فقال: قتل عثمان مظلوماً، و من قتله كان ظالماً و من خذله كان معذوراً. قلت: وكيف ذاك؟ قال:

إن عثمان لما ولى كره ولايته نفر من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم لأن عثمان كان يحب قومه فولى الناس اثنتى عشرة سنة، و كان كثيراً ما يولّى بنی أمية، و ممن لم يكن له من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم صحبة، و كان يجيء من أمرائه ما ينكره أصحاب محمد ، فكان يستعتب فيهم فلا يعزلهم.

فلما كان فى الحجج الآخرة استأثر بينى عمه فولاهم و أمرهم بتقوى الله فخرجوا. و ولّى عبد الله بن أبي سرح مصر، فمكث عليها سنين، فجاء أهل مصر يشكونه و يتظلّمون منه. و من قبل ذلك كانت عثمان هناة إلى عبد الله بن مسعود و أبي ذر و عمّار بن ياسر.

فكانت هذيل و بنو زهرة فى قلوبهم ما فيها لابن مسعود. و كانت بنو غفار و أحلافها و من غضب لأبي ذرّ في قلوبهم ما فيها و كانت بنو

ص: 436

مخزوم قد حنقت على عثمان بما نال عمار بن ياسر. و جاء أهل مصر يشكون من أبن أبي سرح فكتب إليه عثمان كتاباً يتهدده، فأبى ابن أبي سرّح أن يقبل ما نهاه عثمان عنه، و ضرب رجلاً ممن أتى عثمان، فقتله.

فخرج من أهل مصر سبعمائة رجل إلى المدينة فنزلوا المسجد، و شكوا إلى أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم في مواقيت الصلاة ما صنع ابن أبي مرح. فقام طلحة بن عبيد الله فكلّم عثمان بكلام .شديد و أرسلت إليه عائشة: قد تقدّم إليك أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و سألوك عزل هذا الرجل فأبيت أن تعزله ،

فهذا قد قتل منهم رجلا فانصفهم من عاملك. ودخل عليه علي، و كان متكلم القوم، فقال: إنما سألوك رجلا مكان رجل و قد ادعو قبله دما، فاعزله عنهم و اقض بينهم و إن وجب عليه حق فأنصفهم منه فقال لهم: أختاروا رجلا أوله عليكم مكانه فأشار الناس عليهم بمحمد بن أبي بكر. فقالوا: استعمل علينا محمد بن أبي بكر.

فكتب عهده و ولاه و أخرج معهم عدة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيا بين أهل مصر و ابن أبى سرح. فخرج محمد و من معه فلما كان على مسيرة ثلاثة أيام من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير بخبط الأرض خبطا، كأنه رجل يطلب أو يطلب.

فقال له أصحاب محمد ما قصتك ؟ و شأنك؟ كأنك هارب أو طالب. فقال: أنا غلام أمير المؤمنين وجّهنى إلى عامل مصر. فقالوا: هذا عامل مصر معنا. قال: ليس هذا أريد و أخبر بأمره محمد بن أبي بكر، فبعث في طلبه، فأتى به، فقال له: غلام من أنت؟ قال: فأقبل مرة يقول: غلام أمير

المؤمنين ومرة: غلام مروان حتى عرفه رجل منهم أنه لعثمان.

ص: 437

فقال له :محمد إلى من أرسلت ؟ قال إلى عامل مصر. قال: بماذا؟ قال: سالة. قال: معك كتاب؟ قال: لا. ففتشوه فلم يوجد معه شيء إلا إداوة قد يبست فيها شيء يتقلقل، فحرّ كوه ليخرج فلم يخرج فشقوا الإداوة فإذا فيها كتاب من عثمان إلى ابن أبى سرح. فجمع محمد من من كان معه من المهاجرين و الأنصار و غيرهم، ثم فك الكتاب بمحضر منهم.

فإذا فيه: إذا جاءك محمد و فلان و فلان فاحتل لقتلهم، و أبطل كتابهم و قرّ على عملك حتى يأتيك رأيي و أحتبس من جاء يتظلم منك ليأتيك فى ذلك رأيي إن شاء الله. فلما قرءوا الكتاب فزعوا و عزموا على الرجوع إلى المدينة و ختم محمد الكتاب بخواتم القوم الذين أرسلوا معه، و دفعوا الكتاب إلى رجل منهم، و قدموا المدينة فجمعوا علياً و طلحة و الزبير و سعداً و من كان من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم،

ثم فكوا الكتاب بمحضر منهم و أخبروهم بقصة الغلام و أقرءوهم الكتاب فلم يبق أحد في المدينة إلا حنق على عثمان و ازداد من كان منهم غاضباً لابن مسعود و أبي ذر و عمار بن ياسر غضباً و حنقا و قام أصحاب النبیّ صلی الله علیه وآله وسلم فلحقوا منازلهم ما منهم أحد إلا و هو مغتم بما قرءوا

فى الكتاب.

و حاصر الناس عثمان، و أجلب عليه محمد بن أبي بكر بني تيم و غيرهم، و أعانه طلحة بن عبيد الله على ذلك. وكانت عائشة تقرضه كثيراً. فلما رأى ذلك على بعث إلى طلحة والزبير وسعد و عمار و نفر من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، كلهم ،بدرى، ثم دخل على عثمان و معه الكتاب و الغلام و البعير وقال له عليّ:

هذا الغلام غلامك؟ قال: نعم. و البعير بعيرك؟ قال: نعم. والخاتم

ص: 438

خاتمك ؟ قال: نعم. قال: فأنت كتبت الكتاب؟ قال: لا، و حلف بالله ما كتبت الكتاب و لا أمرت به ولا وجّهت الغلام إلى مصر قط. و أما الخط فعرفوا أنه خط ،مروان، و شكوا في أمر عثمان و سألوه أن يدفع إليهم مروان فأبى . و كان مروان عنده في الدار.

فخرج أصحاب أصحاب محمد من عنده غضاباً، و شكوا فى أمر عثمان، و علموا أنه لا يحلف باطلا، إلا أن قوما قالوا: لا نبرئ عثمان إلا أن يدفع إلينا ،مروان حتی نمتحنه و نعرف أمر هذا الكتاب وكيف يأمر بقتل رجل من أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم ما بغير حق.

فإن يك عثمان كتبه عزلناه، و إن يك مروان كتبه على لسانه نظرنا في أمره و لزموا بيوتهم. و أبى عثمان أن يخرج إليهم مروان و خشى عليه القتل. و حاصر الناس عثمان و منعوه الماء، فأشرف عليهم، فقال: أفيكم على؟ قالوا: لا. قال: أفيكم سعد؟ قالوا: لا فسكت.

ثم قال: ألا أحد يبلغ عليّاً فيسقينا ماء؟ فبلغ ذلك علياً، فبعث إليه ثلاث قرب مملوءة ماء، فما كادت تصل إليه، و جرح بسببها عدة من موالى

بنی هاشم و بني أميه، حتى وصل إليه الماء فبلغ علياً أن عثمان يراد قتله. فقال: إنما أردنا منه ،مروان فأما قتل عثمان فلا و قال للحسن و :الحسين أذهبا بسيفيكما حتى تقوما على باب عثمان فلا تدعا أحداً يصل إليه بمكروه. و بعث الزبير ولده و بعث طلحة ولده على كره منه. و بعث عدة من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أبناء هم ليمنعوا الناس أن يدخلوا على عثمان و سألوه إخراج مروان.

و رمى الناس عثمان بالسهام حتى خضب الحسن بن على بالدماء على بابه، طلحة بابه و أصاب مروان سهم في الدار و خصب محمد بن شج قنبر،

ص: 439

مولى على. و خشى محمد بن أبى بكر أن تغضب بنوهاشم لحال الحسن و الحسين فيثيرونها، فأخذ بيدى رجلين فقال لهما: إذا جاءت بنوهاشم.

فرأوا الدماء على وجه الحسن و الحسين كشف الناس عن عثمان و بطل ما نريد، و لكن مروا بنا حتى نتسور عليه الدار فنقتله من غير أن يعلم أحد. فتسور محمد بن أبي بكر و صاحباه من دار رجل من الأنصار. و يقال من دار محمد بن حزم الانصاري. و مما يدل على ذلك قول الأحوص:

لا ترثين لحزمی ظفرت به *** طرا و لو طرح الحزمي في النار

الناخسين بمروان بذى خشب *** و المدخلين على عثمان في الدار

فدخلوا عليه و ليس معه إلا امرأته نائلة بنت الفرافصة، و المصحف في حجره و لا يعلم أحد ممن كان معه، لأنهم كانوا على البيوت. فتقدم إليه محمد و أخذ بلحيته، فقال له عثمان أرسل لحيتى يابن أخي فلو رآك أبوك لساءه مكانك فتراخت يده من لحيته و غمز الرجلين فوجآه بمشاقص معهما حتى قتلاه و خرجوا هاربين من حيث دخلوا و خرجت امرأته.

فقالت: إن أمير المؤمنين قد قتل. فدخل الحسن و الحسين و من كان معهما فوجدوا عثمان مذبوحاً، فأكبوا عليه يبكون و بلغ الخبر عليّاً و طلحة و الزبير وسعداً و من كان بالمدينة فخرجوا و قد ذهبت عقولهم حتى دخلوا على عثمان فوجدوه مقتولا فأسترجعوا

خرج على علیه السلام فأتى منزلة و جاءه القوم كلهم يهرعون إليه، أصحاب محمد و غيرهم يقولون أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام فقال: ليس ذلك إلا لأهل بدر فمن رضى به أهل بدر فهو خليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر إلا أتى عليّاً.

فقالوا: ما نرى أحداً أولى بها منك، فمد يدك نبايعك. فقال: أين طلحة

ص: 440

و الزبير و سعد ؟ فكان أول من بايعه طلحة بلسانه و سعد بیده. فلما رأى ذلك عليّ خرج إلى المسجد فصعد المنبر، فكان أول من صعد طلحة فبايعه بيده، و كانت إصبعه شلاء، فتطير منها علي، وقال: ما أخلقه أن ينكث ثم بايعه الزبير وسعد و أصحاب النبي جميعاً. ثم نزل و دعا الناس، و طلب

مروان فهرب منه.

و خرجت عائشة باكية تقول: قتل عثمان مظلوماً، فقال لها :عمار أنت بالأمس تحرضين عليه، واليوم تبكين عليه، و جاء علي إلى امرأة عثمان فقال لها : من قتل عثمان ؟ قالت: لا أدرى دخل رجلان لا أعرفها إلا أن أرى وجوههما و كان معهما محمد بن أبي بكر، و أخبرته بما صنع محمد بن أبي بكر. فدعا عليّ بمحمد.

فسأله عما ذكرت امرأة عثمان. فقال محمد لم تكذب و قد و الله دخلت عليه و أنا أريد قتله، فذكر لى أبى فقمت و أنا تائب، و الله ما قتلته و لا أمسكته. فقالت امرأة عثمان: صدق و لكنه أدخلها.

24 - عنه المعتمر عن أبيه عن الحسن: إن محمد بن أبي بكر أخذ بلحية عثمان، فقال له: يابن أخي، لقد قمدت منى مقعداً ما كان أبوك ليقعده. و في حديث آخر: إنه قال يابن أخي، لو رآك أبوك لساءه مكانك. فاسترحت يده و خرج محمد.

فدخل عليه رجل و المصحف فى حجره، فقال له بينى و بينك كتاب الله، فخرج وتركه ثم دخل عليه آخر فقال: بيني و بينك كتاب الله، فأهوى إليه بالسيف فاتقاه بيده فقطعها. فقال: أما إنها أوّل يد خطّت المفصل.

25 - عنه قال علي بن أبي طالب علیه السلام على المنبر : و الله لئن لم يدخل

ص: 441

الجنة إلا من قتل عثمان لا دخلتها أبداً، و لئن لم يدخل النار إلا من قتل عثمان لا دخلتها أبداً. و أشرف عليّ من قصر له بالكوفة، فنظر إلى سفينة فى دجلة فقال: والذى أرسلها في بحره مسخرة بأمره ما بدأت من أمر عثمان بشيء و لكن شاءت بنو أمية لأباهلنهم عند الكعبة حمسين يميناً ما بدأت في حق عثمان بشيء. فبلغ هذا الحديث عبد الملك بن مروان فقال: إني لا أحسبه صادقاً .

26- عنه قال معبد الخزاعي: لقيت عليا بعد الجمل، فقلت له: إنى سائلک عن مسألة كانت منك و من عثمان، فإن نجوت اليوم نجوت غداً إن شاء الله. قال: سل عما بدا لك. قلت: أخبرنى أى منزلة و سعتك إذ قتل عثمان ولم تنصره ؟ قال : إنّ عثمان كان إماماً و إنه نهى عن القتال، وقال: من سلّ سيفه فلیس منی، فلو قاتلنا دونه عصينا.

قال: فأى منزلة وسعت عثمان إذ استسلم حتى قتل؟ قال: المنزلة التي وسعت ابن آدم إذ قال لأخيه: «لَئِنْ بَسَطتَ إِلَى يَدَكَ لِتَقْتُلَى مَا أَناَ بِبَاسِطِ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمينَ». قلت: فهلا وسعتك هذه المنزلة يوم الجمل؟ قال: انا قاتلنا يوم الجمل من ظلمنا قال الله.

«وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلِ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ اوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَ لَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ» فقاتلنا نحن من ظلمنا و صبر عثمان و ذلك من عزم الأمور.

27 - عنه من حديث بكر بن حماد: إن عبد الله ابن الكواء سأل عليّ بن أبي طالب يوم صفين، فقال له: أخبرني عن مخرجك هذا، تضرب الناس بعضهم ببعض أعهد إليك عهده رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، أم رأى ارتايته ؟ قال على

ص: 442

اللهم إنى كنت أول من آمن به فلا اكون أول من كذب عليه، لم يكن عندى فيه عهد من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم، و لو كان عندى فيه عهد من رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم.

لما تركت أخاتيم و عدى و لو كان عندى فيه عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم كان نبي ،رحمة مرض أياماً و ليالى، فقدم أبا بكر على الصلاة، و هو يرانى و يرى مكاني. فلما توفى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ، رضيناه لأمر دنيانا إذ رضيه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلملأمر ديننا. فسلمت له و بايعت و سمعت و أطعت فكنت آخذ إذا أعطانى و أغزو إذا أغزاني و أقيم الحدود بين يديه. ثم أتته منيته .

فرأى أن عمر أطوق لهذا الأمر من غيره، و والله ما أراد به المحاباة، و لو أرادها لجعلها فى أحد ولديه فسلمت له و بایعت و أطعت و سمعت فسكنت آخذ إذا أعطانى، و أغزو إذا أغزانى و أقيم الحدود بين يديه. ثم أتته ،منيته، فرأى أنه من استخلف رجلا فعمل بغير طاعة الله عذبه الله به في ،قبره فجعلها شورى بين ستة نفر من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم و كنت أحدهم.

فأخذ عبد الرحمن مواثيقنا و عهودنا على أن يخلع نفسه و ينظر لعامة المسلمين، فبسط يده إلى عثمان فبايعه. اللهم إن قلت إني لم أجد في نفسى فقد كذبت و لكننى نظرت فى أمرى فوجدت طاعتی قد تقدمت معصیتی، و وجددت الأمر الذى كان بيدى قد صار بيد غیری فسلمت و بایعت و

أطعت و سمعت .

فكنت آخذ إذا أعطانى و أغزو إذا أغزاني، و أقيم الحدود بين يديه. ثم نقم الناس عليه أموراً فقتلوه ثم بقيت اليوم أنا و معاوية فأرى نفسى

ص: 443

أحق بها من معاوية، لأنى مهاجرى و هو أعرابي و أنا ابن عم رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وصهره، هو وطليق ابن طليق. قال له عبدالله بن الكواء: صدقت و لكن طلحة والزبير، أما كان لهما فى هذا الأمر مثل الذي لك؟

قال: إن طلحة والزبير بايعانى فى المدينة و نكثا بيعتي بالعراق فقاتلتها على نكثهما ولو نكتا بيعة أبى بكر و عمر لقاتلاهما على نكثهما كما قاتلتهما. قال: صدقت و رجع إليه.

و استعمل عبد الملك بن مروان نافع بن علقمة بن صفوان على مكة، فخطب ذات يوم يوم و أبان بن عثمان قاعد عند أصل المنبر، فنال من طلحة و الزبير، فلما نزل قال لأبان أرضيتك من المدهنين فى أمر أمير المؤمنين؟ قال: لا، و لكنك سؤتنى، حسبى أن يكونا بريئين من أمره. و على هذا المعنى قال إسحاق بن عيسى:

أعيذ عليّاً بالله أن يكون قتل عثمان ، و أعيذ عثمان أن يكون قتله على. و هذا الكلام على مذهب قول النبيّ صلی الله علیه وآله وسلم: إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي.

28 - عنه عن سعيد بن جبير عن أبى الصهباء: إن رجالا ذكروا عثمان فقال رجل من القوم: إنى أعرف لكم رأى على فيه. فدخل الرجل على علي، فنال من عثمان، فقال على: دع عنك عثمان، فو الله ما كا بأشرنا، ولكنه ولى فاستأثر فحرمنا فأساء الحرمان.

29 - عنه قال عثمان بن حنيف إلى شهدت مشهداً أجتمع فيه على و عمار و مالك الأشتر وصعصعة فذكروا عثمان، فوقع فيه عمار ثم أخذ ما لك فخذ احذوه و وجه على يتمعر ثم تكلم صعصعة فقال: ما على رجل يقول: كان والله أوّل من ولى فاستأثر و أوّل من تفرقت عنه هذه الأمة، فقال

ص: 444

عليّ علیه السلام : إلى أبا اليقظان لقد سبقت لعثمان سوابق لا يعذبه الله بها ابداً.

30- عنه عن محمد بن حاطب قال: قال لى علي يوم الجمل: انطلق إلى قومك فأبلغهم كتبى وقولى. فقلت: إن قومى إذا أتيتهم يقولون ما قول صاحبك في عثمان؟ فقال: أخبرهم أن قولى في عثمان أحسن القول، إن عثمان كان من الذين آمنوا و عملوا الصالحات ثم اتقوا و آمنوا ثم اتقوا و أحسنوا والله يحب المحسنين.

31- عنه عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين قال ما علمت أن علياً اتهم فى دم عثمان حتى بويع، فلما بويع اتهمه الناس.

32- عنه عن محمد بن الحنفية: إنى عن يمين علىّ علیه السلام يوم الجمل و ابن عباس عن يساره، إذ سمع صوتاً فقال: ما هذا؟ قالوا: عائشة تلعن قتله عثمان. فقال علي: لعن الله قتلة عثمان فى السهل و الجبل و البحر و البر.

33- عنه عن ابن داب قال: لما أنكر الناس على عثمان ما أنكروا من تأمير الأحداث من أهل بيته على الجلة الأكابر من أصحاب محمد صلی الله علیه وآله وسلم، قالوا لعبد الرحمن بن عوف هذا عملك و اختيارك لأمة محمد. قال: لم أطنّ هذا به و دخل على عثمان فقال له: إنى إنما قدّمتك على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر و عمر، و قد خالفتها. فقال: عمر كان يقطع قرابته في الله و أنا أصل قرابتي في الله . فقال له: الله على أن لا أكلمك أبداً. فمات عبد الرحمن و هو لا يكلم عثمان.

34- عنه لما رد عثمان الحكم بن أبي العاصي، طريد النبي صلی الله علیه وآله وسلم و طريد أبى بكر و عمر إلى المدينة تكلم الناس في ذلك فقال عثمان: ما ينقم الناس منى إنى وصلت رحما و قربت قرابة.

35- عنه عن حصين بن زيد بن وهب قال: مررنا بأبي ذرّ بالربذة

ص: 445

فسألناه عن منزله فقال: كنت بالشام فقرأت هذه الآية: «وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ اليم». فقال معاوية: إنما هى فى أهل الكتاب فقلت إنها لفينا و فيهم. فكتب إلى عثمان: أقبل.

فلما قدمت ركبتنى الناس كأنهم لم يروني قط، فشكوت ذلك إلى عثمان. فقال: لو اعتزلت فكنت قريباً. فنزلت هذا المنزل، فلا أدع قولى، و لو أمروا على عبداً حبشيا لأطعت.

36 - عنه عن الحسن بن أبي الحسن عن الزبير بن العوام في هذه الآية: «وَ اتَّقُوا فِتْنَةٌ لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً». قال: لقد نزلت و ما ندرى من يختلف لها. فقال بعضهم: يا أبا عبد الله، فلم جئت إلى البصرة؟ قال: ويحك، إننا ننظر و لا نبصر.

37- عنه أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: إن ناساً كانوا عند فسطاط عائشة و انا معهم بمكة فمرّ بنا عثمان فما بقى أحد من القوم إلا لعنه غيرى، فكان فيهم رجل من أهل الكوفة، فكان عثمان على الكوفي أجراً منه على غيره، فقال: يا كوفى أتشتمنى؟ فلما قدم المدينة كان يتهدده.

قال: فقيل له: عليك بطلحة. قال: فانطلق معه حتى دخل على عثمان. فقال عثمان: والله لأجلدنه مائة سوط قال طلحة: والله لا تجلدنه مائة إلا أن يكون زانياً . قال : والله لأحرمنه عطاءه. قال: الله يرزقه.

38 - عنه من حديث ابن أبي قتيبة عن الأعمش عن عبد الله بن سنان :قال خرج علينا ابن مسعود و نحن في المسجد وكان على بيت مال الكوفة و أمير الكوفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط فقال: يا أهل الكوفة، فقدت من بيت مالكم الليلة مائة ألف لم يأتنى بها كتاب من أمير المؤمنين و لم

ص: 446

يكتب لى بها براءة. قال: فكتب الوليد بن عقبة إلى عثمان في ذلك فنزعه عن بيت المال.

39- عنه من حديث الأعمش يرويه أبو بكر بن أبي شيبة قال: كتب

أصحاب عثمان عيبه و ما ينقم الناس عليه في صحيفة، ثم قالوا: من یذهب بها إليه؟ قال عمار: أنا فذهب بها إليه فلما قرأها قال: أرغم الله أنفك. قال: وأنف أبى بكر و عمر قال: فقام إليه فوطئه حتى غشى عليه.

ثم ندم عثمان و بعث إليه طلحة والزبير يقولان له: اختر إحدى ثلاث: إما أن تعفو و إما أن تأخذ الأرش، و إما أن تقتص. فقال: والله لا قبلت واحدة منها حتى ألق الله. قال أبو بكر فذكرت هذا الحديث للحسن بن صالح، فقال: ما كان على عثمان أكثر مما صنع.

40 - عنه من حديث الليث بن سعد :قال مر عبد الله بن عمر بحذيفة فقال: لقد اختلف الناس بعد نبيهم، فما منهم أحد إلا أعطى من دينه ما عدا هذا الرجل.

41 - عنه سئل سعد بن أبي وقاص عن عثمان فقال : أما والله لقد كان أحسننا وضوءاً و أطولنا صلاة، وأتلانا لكتاب الله و أعظمنا نفقة في سبيل الله ثم ولى فأنكروا عليه شيئاً فأتوا إليه أعظم مما انكروا.

42 - عنه كتب عثمان إلى أهل الكوفة حين ولاهم سعيد بن العاص: أما بعد. فإنى كنت وليتكم الوليد بن عقبة غلاماً حين ذهب شرخه و ثاب حلمه و أوصيته بكم و لم أوصكم به، فلما أعيتكم علانيته طعنتم في سريرته. و قد وليتكم سعيد بن العاص و هو خير عشيرته و أوصيكم به خيراً فاستوصوا به خيراً.

43 - عنه كان الوليد بن عقبة أخا عثمان لامه و كان عامله على

ص: 447

الكوفة، فصلى بهم الصبح ثلاث ركعات و هو سكران ثم التفت إليهم فقال: و إن شئتم زدتكم. فقامت عليه البينه بذلك عند عثمان فقال لطلحة قم فاجلده قال لم أكن من الجالدين فقام إليه عليّ فجلده.

و فيه يقول الحطيئة :

شهد الحطيئة يوم يلقى ربه *** أن الوليد أحق بالعذر

ليزيدهم خيرا و لو قبلوا *** لجمعت بين الشفع والوتر

مسكوا عنانك إذ جريت و لو *** تركوا عنانك لم تزل تجري

44- عنه عن ابن دأب قال: لما أنكر الناس على عثمان ما أنكروا و اجتمعوا إلى على وسألوه أن يلق لهم عثمان. فأقبل حتى دخل عليه فقال: إن الناس وراثى قد كلموني أن اكلمك و الله ما أدرى ما أقول لك ما أعرف شيئاً تنكره و لا أعلمك شيئاً تجهله، و ما أبن الخطاب أولى بشيء من الخبر منك و ما نبصرك من عمى و ما نعلمك من جهل و إن الطريق لبين واضح.

تعلم يا عثمان أن أفضل الناس عند الله إمام عدل، هدى و هدى فأحيا سنة معلومة و أمات بدعة مجهولة و أن شر الناس عند الله إمام ضلالة، ضل و أضل فأحيا بدعة مجهولة، و أمات سنة معلومة و أني سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول : يؤتى بالإمام الجائر يوم القيامة ليس معه ناصر و لا له عاذر .

فيلقی في جهنم فيدور دور الرحى يرتطم بجمرة النار إلى آخر الأبد. و أنا أحذرك أن تكون إمام هذه الأمة المقتول، يفتح به باب القتل و القتال إلى يوم القيامة، يمرج به أمرهم و يمرجون فخرج عثمان، ثم خطب خطبته التي أظهر فيها التوبة.

ص: 448

45- عنه كان عليّ كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان أرسل أبنه الحسن إليه، فلما أكثر عليه قال له: إن أباك يرى أن أحداً لا يعلم ما يعلم و نحن أعلم بما نفعل فكف عنّا فلم يبعث على أبنه في شيء بعد ذلك.

46 - عنه ذكروا أن عثمان صلى العصر ثم خرج إلى عليّ يعوده في مرضه و مروان معه فرآه ثقيلا فقال: أما والله لولا ما أرى منك ما كنت أتكلم بما أريد أن أتكلم به، والله ما ادرى أي يوميك أحب إلى أوأ بغض، أيوم حياتك أو يوم موتك ؟ أما والله لئن بقيت لا أعدم شامتاً يعذك كنفاً، و يتخذك عضداً، و لئن مت لأفجعن بك.

فحظى منك حظ الوالد المشفق من الولد العاق، إن عاش عقه، و إن مات فجعه فليتك جعلت لنا من أمرك علما نقف عليه و نعرفه، إما صديق مسالم و إما عدوّ معاند و لم تجعلنى كالمختنق بين السماء و الأرض، لا يرقى بيد و لا يهبط برجل. أما والله لئن قتلتك لا أصيب منك خلفا، و لئن قتلتنى

ولا لا تصيب منى خلفا، و ما أحب أن أبقى بعدك.

قال مروان: أى والله و أخرى إنه لا ينال ما وراء ظهورنا حتى تكسر رماحنا و تقطع سيوفنا فما خير العيش بعد هذا فضرب عثمان في صدره وقال ما يدخلك فى كلامنا ؟ فقال على إنى والله فى شغل عن جوابكما و لكنى أقول كما قال أبو يوسف: «فَصَبْرٌ جَميلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى ما تَصِفُونَ».

47 - عنه قال عبد الله بن العباس: أرسل إلى عثمان فقال لى: اكفنى ابن عمك فقلت: إن ابن عمى ليس بالرجل يرى له و لكنه يرى لنفسه، فأرسلنى إليه بما أحببت قال: قل له فليخرج إلى ماله بالينبع فلا أغتم به ولا يغتم بي. فأتيت علياً فأخبرته. فقال: ما اتخذني عثمان إلا ناصحاً، ثم

ص: 449

أنشد يقول:

فکیف به أنى أداوى جراحه *** فيدوي فلا مل الدواء و لا الداء

و جعل يقول: يا ،رحیم ،انصرنی یا رحیم ،انصرنی یا رحیم انصرني.

:قال فخرج علي إلى ينبع، فكتب إليه عثمان حين اشتد الأمر: أما بعد. فقد بلغ السيل الزبى و جاوز الحزام الطبيين و طمع فى من كان يضعف عن نفسه :

فإنك لم يفخر عليك كفاخر *** ضعیف و لم يغلبك مثل مغلب

فأقبل إلى على أى أمريك أحببت وكن لى أم علي، صديقاً كنت أم عدوّاً :

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل *** وإلا فأدركني ولما أمزق

48 - قال الطبري: ذكر الواقدي عن عمر بن صالح بن نافع عن صالح مولى التوءمة، قال سمعت ابن عباس يقول: إن أول ما تكلم الناس في عثمان ظاهرا أنه صلى بالناس بمنى في ولايته ركعتين حتى إذا كانت السنة السادسة أتمها.

فعاب ذلك غير واحد من أصحاب النبي صلی الله علیه وآله وسلم وتكلم في ذلك من يريد أن يكثر عليه حتى جاءه علي فيمن جاءه، فقال: والله ما حدث أمر ولا قدم عهد ولقد عهدت نبيك صلی الله علیه وآله وسلم يصلي ركعتين ثم أبا بكر ثم عمر وأنت صدرا من ولايتك فما أدري ما ترجع إليه فقال رأي رأيته.

49 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن أبي غسان سكن - ابن عبدالرحمن بن حبيش قال اجتمع نفر من أهل الكوفة فعملوا في عزل الوليد فانتدب أبو زينب بن عوف وأبو مورع بن فلان الأسدي للشهادة

ص: 450

عليه فغشوا الوليد وأكبوا عليه فبينا هم معه يوما في البيت وله امرأتان في المخدع بينهما وبين القوم ستر إحداهما بنت ذي الخمار والاخرى بنت أبي عقيل

فنام الوليد وتفرق القوم عنه وثبت أبو زينب وأبو مورع فتناول أحدهما خاتمه ثم خرجا فاستيقظ الوليد وامرأتاه عند رأسه فلم ير خاتمه فسألها عنه فلم يجد عندهما منه علما قال فأي القوم تخلف عنهم قالتا رجلان لا نعرفهما ما غشياك إلا منذ قريب قال حلياهما فقالتا على أحدهما خميصة وعلى الآخر مطرف وصاحب المطرف أبعدهما منك.

فقال: الطوال؟ قالتا: نعم وصاحب الخميصة أقربهما إليك فقال القصير قالتا نعم وقد رأينا يده على يدك قال ذاك أبو زينب والآخر أبو مورع و قد ارادا داهية فليت شعرى ماذا يريدان فطلبها فلم يقدر عليهما وكان وجههما إلى المدينة فقدما على عثمان ومعهما نفر ممن يعرف عثمان ممن قد عزل الوليد عن الأعمال فقالوا له.

فقال من يشهد؟ قالوا: أبو زينب وأبو مورع وكاع الآخران فقال كيف رأيتها قالا كنا من غاشيته فدخلنا عليه وهو يقيء الخمر فقال ما يقيء الخمر إلا شاربها فبعث إليه فلما دخل على عثمان رآهما فقال متمثلا:

ما إن خشيت على أمر خلوت به *** فلم أخفك على أمثالها حار

فحلف له الوليد وأخبره خبرهم فقال نقيم الحدود ويبوء شاهد الزور بالنار فاصبر يا أخي فأمر سعيد بن العاص فجلده فأورث ذلك عداوة بين ولديهما حتى اليوم وكانت على الوليد خميصة يوم أمر به أن يجلد فنزعها عنه علي بن أبي طالب علیه السلام .

50- عنه قال: أما الواقدي فإنه زعم أن عبدالله بن محمد حدثه عن

ص: 451

أبيه قال لما كانت سنة أربع وثلاثين كتب أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم بعضهم إلى بعض أن اقدموا فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد وكثر الناس على عثمان ونالوا منه أقبح ما نيل من أحد وأصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يرون ويسمعون .

ليس فيهم أحد ينهى ولا يذب إلا نفير منهم زيد بن ثابت وأبو أسيد الساعدي وكعب بن مالك وحسان بن ثابت فاجتمع الناس وكلموا علي بن أبي طالب علیه السلام فدخل علي عثمان فقال الناس ورائي وقد كلموني فيك والله ما أدرى ما أقول لك وما أعرف شيئا تجهله ولا أدلك على أمر لا تعرفه.

إنك لتعلم ما نعلم ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ولا خلونا بشيء قنبلغكه وما خصصنا بأمر دونك وقد رأيت وسمعت وصحبت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ونلت صهره وما ابن أبي قحافة بأولى بعمل الحق منك ولا ابن الخطاب بأولى بشيء من الخير منك وإنك أقرب إلى رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم رحما ولقد نلت من صهر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم ما لم ينالا ولا سبقاك إلى شيء.

فالله الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمى ولا تعلم من جهل وإن الطريق الواضح بين وإن أعلام الدين لقائمة تعلم يا عثمان أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدي وهدى فأقام سنة معلومة وأمات بدعة متروكة فو الله إن كلا لبين وإن السنن لقائمة لها أعلام وإن البدع لقائمة لها أعلام وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وضل به.

فأمات سنة معلومة وأحيا بدعة متروكة وإني سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلق في جهنم فيدور في جهنم كما تدور الرحا ثم يرتطم في غمرة جهنم وإني أحذرك الله وأحذرك سطوته ونقماته فإن عذابه شديد أليم وأحذرك أن تكون إمام

ص: 452

هذه الأمة المقتول.

فإنه يقال يقتل في هذه الأمة إمام فيفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة وتلبس أمورها عليها ويتركهم شيعا فلا يبصرون الحق لعلو الباطل يموجون فيها موجا ويمرجون فيها مرجا.

فقال عثمان قد والله علمت ليقولن الذي قلت أما والله لو كنت مكاني ما عنفتك ولا أسلمتك ولا عبت عليك ولا جئت منكرا أن وصلت رحما وسددت خلة وآويت ضائعا ووليت شبيها بمن كان عمر يولي أنشدك الله يا علي هل تعلم أن المغيرة بن شعبة ليس هناك قال نعم قال فتعلم أن عمر

ولاه قال نعم قال فلم تلومني أن وليت ابن عامر في رحمه وقرابته.

قال علي سأخبرك إن عمر بن الخطاب كان كل من ولى فإنما يطأ على صماخه إن بلغه عنه حرف جلبه ثم بلغ به أقصى الغاية وأنت لا تفعل ضعفت ورفقت على أقربائك قال عثمان هم أقرباؤك أيضا فقال علي العمري إن رحمهم مني لقريبة ولكن الفضل في غيرهم قال عثمان هل تعلم أن عمر ولى معاوية خلافته كلها فقد وليته.

فقال علي أنشدك الله هل تعلم أن معاوية كان أخوف من عمر من یرفأ غلام عمر منه قال نعم قال علي فإن معاوية يقتطع الأمور دونك وأنت تعلمها فيقول للناس هذا أمر عثمان فيبلغك ولا تغير على معاوية ثم خرج علي علیه السلام من عنده وخرج عثمان على أثره فجلس على المنبر فقال.

أما بعد فإن لكل شيء آفة ولكل أمر عاهة وإن آفة هذه الأمة وعاهة هذه النعمة عيابون طعانون يرونكم ما تحبون ويسرون ما تكرهون يقولون لكم وتقولون أمثال النعام يتبعون أول ناعق أحب مواردها إليها البعيد لا يشربون إلا نغصا ولا يردون إلا عكرا لا يقوم لهم رائد وقد أعيتهم الأمور

ص: 453

وتعذرت عليهم المكاسب.

ألا فقد والله عبتم على بما أقررتم لابن الخطاب بمثله ولكنه وطئكم برجله وضربكم بيده وقمعكم بلسانه فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم ولنت لكم وأوطأت لكم كتفي وكففت يدي ولساني عنكم فاجترأتم علي.

أما والله لأنا أعز نفرا وأقرب ناصرا وأكثر عددا وأقمن إن قلت هلم أتي إلي ولقد أعددت لكم أقرانكم وأفضلت عليكم فضولا وكشرت لكم عن نابي وأخرجتم مني خلقا لمن أكن أحسنه ومنطقا لم أنطق به فكفوا عليكم ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم.

فإني قد كففت عنكم من لو كان هو الذي يكلمكم الرضيتم منه بدون منطقي هذا ألا فما تفقدون من حقكم والله ما قصرت في بلوغ ما كان يبلغ من كان قبلي ومن لم تكونوا تختلفون عليه فضل فضل من مال فما لي لا أصنع في الفضل ما أريد فلم كنت إماما.

فقام مروان بن الحكم فقال إن شئتم حكمنا والله بيننا وبينكم السيف نحن والله وأنتم كما قال الشاعر:

فرشنا لكم أعراضنا فنبت بكم *** معارسكم تبنون في دمن الثرى

فقال عثمان اسكت لا سكت دعني وأصحابي ما منطقك في هذا ألم أتقدم إليك ألا تنطق فسكت مروان ونزل عثمان.

51 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن بدر بن الخلیل ابن عثمان بن قطبة الأسدي عن رجل من بني أسد قال ما زال معاوية يطمع فيها بعد مقدمه على عثمان حين جمعهم فاجتمعوا إليه بالموسم ثم ارتحل فحدا به الراجز

إن الأمير بعده علي *** وفي الزبير خلف رضي

ص: 454

قال كعب: كذبت صاحب الشهباء بعده يعني معاوية فأخبر معاوية فسأله عن الذي بلغه قال نعم أنت الأمير بعده ولكنها والله لا تصل إليك حتى تكذب بحديثي هذا فوقعت في نفس معاوية.

وشاركهم في هذا المكان أبو حارثة وأبو عثمان عن رجاء بن حيوة وغيره قالوا فلما ورد عثمان المدينة رد الأمراء إلى أعمالهم فمضوا جميعا وأقام سعيد بعدهم فلما ودع معاوية عثمان خرج من عنده وعليه ثياب السفر متقلدا سيفه متنكبا قوسه فإذا هو بنفر من المهاجرين فيهم طلحة والزبير و على علیه السلام .

فقام عليهم فتوكأ على قوسه بعد ما سلم عليهم ثم قال إنكم قد علمتم أن هذا الأمر كان إذ الناس يتغالبون إلى رجال فلم يكن منكم أحد إلا وفي فصيلته من يرئسه ويستبد عليه ويقطع الأمر دونه ولا يشهده ولا يؤامره حتى بعث الله جل وعز نبيه صلی الله علیه وآله وسلم وأكرم به من اتبعه.

فكانوا يرئسون من جاء من بعده وأمرهم شورى بينهم يتفاضلون بالسابقة والقدمة والاجتهاد فإن أخذوا بذلك وقاموا عليه كان الأمر أمرهم والناس تبع لهم وإن أصغوا إلى الدنيا وطلبوها بالتغالب سلبوا ذلك ورده الله إلى من كان يرئسهم وإلا فليحذروا الغير.

فإن الله على البدل قادر وله المشيئة في ملكه وأمره إني قد خلفت فيكم شيخا فاستوصوا به خيرا وكانفوه تكونوا أسعد منه بذلك ثم ودعهم ومضى فقال عليه علیه السلام ما كنت أرى أن في هذا خيرا فقال الزبير لا والله ما كان قط أعظم في صدرك وصدورنا منه الغداة.

52 - عنه حدثني عبدالله بن أحمد بن شبويه قال حدثني أبي قال حدثني عبدالله عن إسحاق بن يحيى عن موسى بن طلحة قال أرسل عثمان

ص: 455

إلى طلحة يدعوه فخرجت معه حتى دخل علي عثمان وإذ علي وسعد والزبير وعثمان ومعاوية فحمد الله معاوية وأثنى عليه بما هو أهله.

ثم قال أنتم أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وخيرته في الأرض وولاة أمر هذه الأمة لا يطمع في ذلك أحد غيركم اخترتم صاحبكم عن غير غلبة ولا طمع وقد كبرت سنه وولى عمره ولو انتظرتم به الهرم كان قريبا مع أني أرجو أن يكون أكرم على الله أن يبلغ به ذلك وقد فشت قالة خفتها عليكم.

فما عتبتم فيه من شيء فهذه يدي لكم به ولا تطمعوا الناس في أمركم فوالله لئن طمعوا في ذلك لا رأيتم فيها أبدا إلا إدبارا قال علي ومالك وذلك وما أدراك لا أم لك قال دع أمي مكانها ليست بشر امهاتكم قد أسلمت وبايعت النبي صلی الله علیه وآله وسلم وأجبني فيما أقول لك.

فقال عثمان صدق ابن أخي إني أخبركم عني وعما وليت إن صاحبي الذين كانا قبلى ظلما أنفسهما ومن كان منها بسبيل احتسابا وإن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم كان يعطي قرابته وأنا في رهط أهل عيلة وقلة معاش فبسطت يدي في شيء من ذلك المال لمكان ما أقوم به فيه ورأيت أن ذلك لي.

فإن رأيتم ذلك خطأ فردوه فأمري لأمركم تبع قالوا أصبت وأحسنت قالوا أعطيت عبداله بن خالد بن أسيد ومروان وكانوا يزعمون أنه أعطي مروان خمسة عشر ألفا وابن أسيد خمسين ألفا فردوا منهما ذلك فرضوا وقبلوا وخرجوا راضين.

53- عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا لما كان في شوال سنة خمس وثلاثين خرج أهل مصر في أربع رفاق على أربعة أمراء المقلل يقول ستمائة والمكثر يقول ألف على الرفاق عبد الرحمن بن عديس البلوي وكنانة بن بشر التجيبي

ص: 456

وعروة بن شيبم الليثي الليثي وأبو عمروبن بديل بن ورقاء الخزاعي وسواد بن رومان الأصبحي وزرع بن يشكر اليافعي وسودان بن حمران السكوني وقتيرة بن فلان السكوني .

وعلى القوم جميعا الغافقي بن حرب العكي ولم يجترئوا أن يعلموا الناس بخروجهم إلى الحرب وإنما أخرجوا كالحجاج ومعهم ابن السوداء وخرج أهل الكوفة في أربع رفاق وعلى الرفاق زيد بن صوحان العبدي والأشتر النخعي وزياد بن النضر الحارثي وعبد الله بن الأصم أحد بني عارم بن صعصعة وعددهم كعدد أهل مصر.

وعليهم جميعا عمرو بن الأصم وخرج أهل البصرة في أربع رفاق وعلى الرفاق حكيم بن جبلة العبدي وذريح بن عباد العبدي وبشر بن شريح الحطم بن ضبيعة القيسي وابن المحرش بن عبد بن عمرو الحنفي وعددهم كعدد أهل مصر وأميرهم جميعا حرقوص بن زهير السعدي سوى من تلاحق بهم من الناس.

فأما أهل مصر فإنهم كانوا يشتهون عليا وأما أهل البصرة فإنهم كانوا يشتهون طلحة وأما أهل الكوفة فإنهم كانوا يشتهون الزبير.

فخرجوا وهم على الخروج جميع وفي الناس شتى لا تشك كل فرقة إلا أن الفلج معها وأن أمرها سيتم دون الأخريين فخرجوا حتى إذا كانوا من المدينة على ثلاث تقدم ناس من أهل البصرة فنزلوا ذا خشب وناس من أهل الكوفة فنزلوا الأعوص وجاءهم ناس من أهل مصر وتركوا عامتهم بذي المروة.

ومشى فيما بين أهل مصر وأهل البصرة زياد بن النضر وعبد الله بن الأصم وقالا لا تعجلوا ولا تعجلونا حتى ندخل لكم المدينة ونرتاد فإنه

ص: 457

بلغنا أنهم قد عسكروا لنا فوالله إن كان أهل المدينة قد خافونا واستحلوا قتالنا ولم يعلموا علمنا فهم إذا علموا علمنا أشد وإن أمرنا هذا لباطل وإن لم يستحلوا قتالنا ووجدنا الذي بلغنا باطلا لنرجعن إليكم بالخبر.

قالوا اذهبا فدخل الرجلان فلقيا أزواج النبي صلی الله علیه وآله وسلم وعليا وطلحة والزبير وقالا إنما نأتم هذا البيت ونستعني هذا الوالي من بعض عمالنا ما جئنا إلا لذلك واستأذناهم للناس بالدخول فكلهم أبي ونهى وقال بيض ما يفرخن فرجعا إليهم فاجتمع من أهل مصر نفر.

فأتوا عليا ومن أهل البصرة نفر فأتوا طلحة ومن أهل الكوفة نفر فأتوا الزبير وقال كل فريق منهم إن بايعوا صاحبنا وإلا كدناهم وفرقنا جماعتهم ثم كررنا حتى نبغتهم.

فأتى المصريون عليا وهو في عسكر عند أحجار الزيت عليه حلة أفواف معتم بشقيقة حمراء يمانية متقلد السيف ليس عليه قميص وقد سرح الحسن إلى عثمان فيمن اجتمع إليه فالحسن جالس عند عثمان وعلي عند أحجار الزيت فسلم عليه المصريون وعرضوا له.

فصاح بهم واطردهم وقال لقد علم الصالحون أن جيش ذي المروة وذي خشب ملعونون على لسان محمد صلی الله علیه وآله وسلم و فارجعوا لا صحبكم الله قالوا نعم فانصرفوا من عنده على ذلك.

وأتى البصريون طلحة وهو في جماعة أخرى إلى جنب علي وقد أرسل ابنيه إلى عثمان فسلم البصريون عليه وعرضوا له فصاح بهم واطردهم وقال لقد علم المؤمنون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمدصلی الله علیه وآله وسلم .

وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى وقد سرح ابنه عبدالله

ص: 458

إلى عثمان فسلموا عليه وعرضوا له فصاح بهم واطردهم وقال لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلی الله علیه وآله وسلم.

فخرج القوم وأروهم أنهم يرجعون فانفشوا عن ذي خشب والأعوص حتى انتهوا إلى عساكرهم وهي ثلاث مراحل كي يفترق أهل المدينة ثم يكروا راجعين فافترق أهل المدينة لخروجهم.

فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم فبغتوهم فلم يفاجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة فنزلوا في مواضع عساكرهم وأحاطوا بعثمان وقالوا من كف يده فهو آمن.

وصلى عثمان بالناس أياما ولزم الناس بيوتهم ولم يمنعوا أحدا من كلام فأتاهم الناس فكلموهم وفيهم علي فقال ما ردكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيكم قالوا أخذنا مع بريد كتابا بقتلنا وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك وقال الكوفيون والبصريون فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعا كأنما كانوا على ميعاد.

فقال لهم علي كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا هذا والله أمر أبرم بالمدينة قالوا فضعوه على ما شئم لا حاجة لنا في الرجل ليعتزلنا وهو في ذلك يصلي بهم وهم يصلون خلفه ويغشى من شاء عثمان وهم في عينه أدق من التراب وكانوا لا يمنعون أحدا من الكلام وكانوا زمرا بالمدينة يمنعون الناس من الاجتماع.

كتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن الله عز وجل بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا فبلغ عن الله ما أمره به

ص: 459

ثم مضى وقد قضى الذي عليه وخلف فينا كتابه فيه حلاله وحرامه وبيان الأمور التي قدر فأمضاها على ما أحب العباد وكرهوا فكان الخليفة أبو بكر وعمر.

ثم أدخلت في الشورى عن غير علم ولا مسألة عن ملا من الأمة ثم أجمع أهل الشورى عن ملإ منهم ومن الناس علي على غير طلب مني ولا محبة فعملت فيهم ما يعرفون ولا ينكرون تابعا غير مستتبع متبعا غير مبتدع مقتديا غير متكلف فلما انتهت الأمور وانتكث الشر بأهله بدت ضغائن وأهواء على غير إجرام ولا ترة فيما مضى إلا إمضاء الكتاب.

فطلبوا أمرا وأعلنوا غيره بغير حجة ولا عذر فعابوا علي أشياء مما كانوا يرضون وأشياء عن ملا من أهل المدينة لا يصلح غيرها فصبرت لهم نفسي وكففتها عنهم منذ سنين وأنا أرى وأسمع.

فازدادوا على الله عز وجل جرأة حتى أغاروا علينا في جوار رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وحرمه وأرض الهجرة وثابت إليهم الأعراب فهم كالأحزاب أيام الأحزاب أو من غزانا بأحد إلا ما يظهرون فن قدر على اللحاق بنا فليلحق .

فأتى الكتاب أهل الأمصار فخرجوا على الصعبة والذلول فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري وبعث عبدالله بن سعد معاوية بن حديج السكوني وخرج من أهل الكوفة القعقاع بن عمرو.

وكان المحضضين بالكوفة على إعانة أهل المدينة عقبة بن عمرو و عبدالله بن أبي أوفى وحنظلة بن الربيع التميمي في أمثالهم من أصحاب النبي صلی الله علیه وآله وسلم وكان المحضضين بالكوفة من التابعين أصحاب عبدالله مسروق ابن الأجدع والأسود بن يزيد وشريح بن الحارث وعبدالله بن عكيم في

ص: 460

أمثالهم.

يسيرون فيها ويطوفون على مجالسها يقولون يا أيها الناس إن الكلام اليوم وليس به غدا وإن النظر يحسن اليوم ويقبح غدا وإن القتال يحل اليوم ويحرم غدا انهضوا إلى خليفتكم وعصمة أمركم.

وقام بالبصرة عمران بن حصين وأنس بن مالك وهشام بن عامر في أمثالهم من أصحاب النبي صلی الله علیه وآله وسلم يقولون مثل ذلك ومن التابعين كعب بن سور وهرم بن حيان العبدي وأشباه لهما يقولون ذلك وقام بالشأم عبادة بن الصامت وأبو الدرداء وأبو أمامة في أمثالهم من أصحاب النبي صلی الله علیه وآله وسلم يقولون مثل ذلك.

ومن التابعين شريك بن خباشة النميري وأبو مسلم الخولاني وعبدالرحمن بن غنم بمثل ذلك وقام بمصر خارجة في أشباه له وقد كان بعض المحضضين قد شهد قدومهم فلما رأوا حالهم انصرفوا إلى أمصارهم بذلك وقاموا فيهم.

ولما جاءت الجمعة التي على أثر نزول المصريين مسجد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم خرج عثمان فصلى بالناس ثم قام على المنبر فقال يا هؤلاء العدى العلي الله الله فوالله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد صلی الله علیه وآله وسلم فامحوا الخطايا بالصواب فإن الله عز وجل لا يمحو السيء إلا بالحسن.

فقام محمد بن مسلمة فقال أنا أشهد بذلك فأخذه حكيم بن جبلة فأقعده فقام زيد بن ثابت فقال ابغني الكتاب فثار إليه من ناحية أخرى محمد بن أبي قتيرة فأقعده وقال فأفظع وثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشيا عليه فاحتمل فأدخل داره.

ص: 461

وكان المصريون لا يطمعون في أحد من أهل المدينة أن يساعدهم إلا في ثلاثة نفر فإنهم كانوا يراسلونهم محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة وعمار بن ياسر وشمر أناس من الناس فاستقتلوا منهم سعد بن مالك وأبو هريرة وزيد بن ثابت والحسن بن علي.

فبعث إليهم عثمان بعزمه لما انصرفوا فانصرفوا وأقبل علي علیه السلام حتى دخل على عثمان وأقبل طلحة حتى دخل عليه وأقبل الزبير حتى دخل عليه يعودونه من صرعته ويشكون بثهم ثم رجعوا إلى منازلهم.

54 - عنه كتب إلى السري عن شعيب عن سيف عن أبي عمرو عن الحسن قال قلت له هل شهدت حصر عثمان قال نعم وأنا يومئذ غلام في أتراب لي في المسجد فإذا كثر اللغط جثوت على ركبتي او قمت فأقبل القوم حين أقبلوا حتى نزلوا المسجد وما حوله فاجتمع إليهم أناس من أهل المدينة يعظمون ما صنعوا وأقبلوا على أهل المدينة يتوعدونهم فبينا هم كذلك في لغطهم حول الباب.

فطلع عثمان فكأنما كانت نار طفئت فعمد إلى المنبر فصعده فحمد الله واثنى عليه فثار رجل فأقعده رجل وقام آخر فأقعده آخر ثم ثار القوم فحصبوا عثمان حتى صرع فاحتمل فأدخل فصلى به-م ع-شرين يوما ثم منعوه من الصلاة.

55- عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا صلى عثمان بالناس بعد ما نزلوا به في المسجد ثلاثين يوما ثم إنهم منعوه الصلاة فصلى بالناس أميرهم الغافقي دان له المصريون والكوفيون والبصريون وتفرق أهل المدينة في حيطانهم ولزموا بيوتهم لا يخرج أحد ولا يجلس إلا وعليه سيفه يمتنع به من رهق القوم

ص: 462

وكان الحصار أربعين يوما وفيهن كان القتل ومن تعرض لهم وضعوا فيه السلاح وكانوا قبل ذلك ثلاثين يوما يكفون .

56 - عنه قال: أما غير سيف فإن منهم من قال كانت مناظرة القوم عثمان وسبب حصارهم إياه ما حدثني به يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا معتمر بن سليمان التيمي قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا.

قال فاستقبلهم وكان في قرية له خارجة من المدينة أو كما قال فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه قال وكره أن يقدموا عليه المدينة أو نحوا من ذلك قال فأتوه فقالوا له ادع بالمصحف قال فدعا بالمصحف قال فقالوا له افتح التاسعة.

قال وكانوا يسمون سورة يونس التاسعة قال فقرأها حتى أتى على هذه الآية:

«قُلْ أَرَعَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ اللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ».

قال قالوا له قف فقالوا له أرأيت ما حميت من الحمى الله أذن لك أم على الله تفتري قال فقال امضه نزلت في كذا وكذا قال وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد في إبل الصدقة امضه.

قال فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول امضه نزلت في كذا وكذا قال والذي يتولى كلام عثمان يومئذ في سنك قال يقول أبو نضرة يقول ذاك لي أبو سعيد قال أبو نضرة وأنا في سنك يومئذ قال ولم يخرج وجهي يومئذ لا أدري ولعله قد قال مرة أخرى وأنا يومئذ ابن ثلاثين سنة.

ص: 463

ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج قال فعرفها فقال أستغفر الله وأتوب إليه قال فقال لهم ما تريدون قال فأخذوا ميثاقه قال وأحسبه قال وكتبوا عليه شرطا قال واخذ علهيم الا يشقوا عصا ولا يفارقوا جماعة ما قام لهم بشرطهم أو كما أخذوا عليه.

قال: فقال لهم ما تريدون قالوا نريد ألا يأخذ أهل المدينة عطاء فإنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم قال فرضوا بذلك وأقبلوا معه إلى المدينة راضين.

قال فقام فخطب فقال إني ما رأيت والله وفدا في الأرض هم خير لحوباتي من هذا الوفد الذين قدموا على وقد قال مرة أخرى خشيت من هذا الوفد من أهل مصر ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه ومن كان له ضرع فليحتلب ألا إنه لا مال لكم عندنا إنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال فغضب الناس وقالوا هذا مكر بني أمية.

قال ثم رجع الوفد المصريون راضين فبينا هم في الطريق إذا هم براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويتبينهم قال قالوا له مالك إن لك لأمرا ما شأنك قال فقال أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان عليه خاتمه إلى عامله بمصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف قال فأقبلوا حتى قدموا المدينة.

قال فأتوا علينا علیه السلام فقالوا ألم تر إلى عدو الله إنه كتب فينا بكذا وكذا وإن الله قد أحل دمه قم معنا إليه قال والله لا أقوم معكم إلى أن قالوا فلم كتبت إلينا فقال والله ما كتبت إليكم كتابا قط قال فنظر بعضهم إلى بعض ثم

ص: 464

قال بعضهم لبعض ألهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون.

قال فانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية قال فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا كتبت فينا بكذا وكذا قال فقال إنما هما اثنتان أن تقيموا علي رجلين من المسلمين أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو ما كتبت ولا أمللت ولا علمت قال وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم قال فقالوا فقد والله أحل الله دمك ونقضت العهد والميثاق قال فحاصروه .

57 - عنه قال: أما الواقدي فإنه ذكر في سبب مسير المصريين إلى عثمان ونزولهم ذا خشب أمورا كثيرة منها ما قد تقدم ذكره ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة منى لبشاعته ومنها ما ذكر أن عبدالله بن جعفر حدثه عن أبي عون مولى المسور قال كان عمرو بن العاص على مصر عاملا لعثمان فعزله عن الخراج واستعمله على الصلاة واستعمل عبد الله بن سعد على الخراج.

ثم جمعهما لعبد الله بن سعد فلما قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان فأرسل إليه يوما عثمان خاليا به فقال يا بن النابغة ما أسرع ما قل جربان جبتك إنما عهدك بالعمل عاما أول أتطعن علي وتأتيني بوجه وتذهب عني بآخر والله لولا أكلة ما فعلت ذلك قال.

فقال عمرو إن كثيرا مما يقول الناس وينقلون إلى ولاتهم باطل فاتق الله يا أمير المؤمنين في رعيتك فقال عثمان والله لقد استعملتك على ظلعك وكثرة القالة فيك فقال عمر و قد كنت عاملا لعمر بن الخطاب ففارقني وهو عني راض قال:

فقال عثمان وأنا والله لو أخذتك بما آخذك به عمر لاستقمت ولكني

ص: 465

لنت عليك فاجترأت علي أما والله لأنا أعز منك نفرا في الجاهلية وقبل أن ألي هذا السلطان فقال عمرو دع عنك هذا فالحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلی الله علیه وآله وسلم وهدانا به قد رأيت العاصي بن وائل ورأيت أباك عفان فوالله للعاص كان أشرف من أبيك قال فانكسر عثمان وقال ما لنا ولذكر الجاهلية.

قال وخرج عمرو ودخل مروان فقال يا أمير المؤمنين وقد بلغت مبلغا يذكر عمرو بن العاص أباك فقال عثمان دع هذا عنك من ذكر آباء الرجال ذكروا أباه.

قال فخرج عمرو من عند عثمان و هو محتقد عليه يأتي عليا مرة فيؤلبه على عثمان ويأتي الزبير مرة فيؤلبه على عثمان ويأتي طلحة مرة فيؤلبه على عثمان ويعترض الحاج فيخبرهم بما أحدث عثمان فلما كان حصر عثمان الأول خرج من المدينة حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها السبع فنزل في قصر له يقال له العجلان وهو يقول العجب ما يأتينا عن ابن عفان .

قال فبيا هو جالس في قصره ذلك ومعه ابناه محمد وعبدالله وسلامة ابن روح الجذامي إذ مر بهم راكب فناداه عمرو من أين قدم الرجل فقال من المدينة قال ما فعل الرجل يعني عثمان قال تركته محصورا شديد الحصار قال عمرو أنا أبو عبد الله قد يضرط العير والمكواة في النار.

فلم يبرح مجلسه ذلك حتى مر به راكب آخر فناداه عمرو ما فعل الرجل يعني عثمان قال قتل قال أنا أبو عبدالله إذا حككت قرحة نكأتها إن كنت لأحرض عليه حتى إني لأحرض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل فقال له سلامة بن روح يا معشر قريش إنه كان بينكم وبين العرب باب وثيق فكسر تموه .

ص: 466

فما حملكم على ذلك فقال أردنا أن نخرج الحق من حافرة الباطل وأن يكون الناس في الحق شرعا سواء وكانت عند عمرو أخت عثمان لأمه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ففارقها حين عزله.

58 - عنه قال محمد بن عمر وحدثني عبدالله بن محمد عن أبيه قال كان محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة بمصر يحرضان على عثمان فقدم أبي بكر وأقام محمد بن أبي حذيفة بمصر فلما خرج المصريون خرج عبدالرحمن بن عديس البلوي في خمسمائة وأظهروا أنهم يريدون العمرة وخرجوا في رجب.

وبعث عبد الله بن سعد رسولا سار إحدى عشرة ليلة يخبر عثمان أن ابن عديس وأصحابه قد وجهوا نحوه وأن محمد بن أبي حذيفة شيعهم إلى عجرود ثم رجع وأظهر محمد أن قال خرج القوم عمارا وقال في السر خرج القوم إلى إمامهم فإن نزع وإلا قتلوه وسار القوم المنازل لم يعدوها حتى نزلوا ذا خشب.

وقال عثمان قبل قدومهم حين جاءه رسول عبدالله بن سعد هؤلاء قوم من أهل مصر يريدون بزعمهم العمرة والله ما أراهم يريدونها ولكن الناس قد دخل بهم وأسرعوا إلى الفتنة وطال عليهم عمري أما والله لئن فارقتهم ليتمنون أن عمري كان طال عليهم مكان كل يوم بسنة مما يرون من الدماء المسفوكة والإحن والأثرة الظاهرة والأحكام المغيرة.

قال فلما نزل القوم ذا خشب جاء الخبر أن القوم يريدون قتل عثمان إن لم ينزع وأتى رسولهم إلى علي ليلا وإلى طلحة وإلى عمار بن ياسر وكتب محمد بن أبي حذيفة معهم إلى علي كتاباً فجاؤوا بالكتاب إلى علي فلم يظهر على ما فيه فلما رأى عثمان ما رأى جاء عليا فدخل عليه بيته.

ص: 467

فقال يابن عم إنه ليس لي مترك وإن قرابتي قريبة ولي حق عظيم عليك وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم وهم مصبحي وأنا أعلم أن لك عند الناس قدرا وأنهم يسمعون منك فأنا أحب أن تركب إليهم فتردهم عني فإني لا أحب أن يدخلوا علي.

فإن ذلك جرأة منهم علي وليسمع بذلك غيرهم فقال علي علام أردهم قال على أن أصير إلى ما أشرت به علي ورأيته لي ولست أخرج من يديك فقال علي إني قد كنت كلمتك مرة بعد مرة فكل ذلك نخرج فتكلم ونقول وتقول وذلك كله فعل مروان بن الحكم وسعيد بن العاص وابن عامر ومعاوية أطعتهم وعصيتني قال عثمان فإني أعصيهم وأطيعك.

قال فأمر الناس فركبوا معه المهاجرون والأنصار قال وأرسل عثمان إلى عمار بن ياسر يكلمه أن يركب مع علي فأبى فأرسل عثمان إلى سعد بن أبي وقاص فكلمه أن يأتي عمارا فيكلمه أن يركب مع علي قال فخرج سعد حتى دخل على عمار، فقال يا أبا اليقظان ألا تخرج فيمن يخرج وهذا علي يخرج فاخرج معه واردد هؤلاء القوم عن إمامك فإني لأحسب أنك لم تركب مركبا هو خير لك منه.

قال وأرسل عثمان إلى كثير بن الصلت الكندي وكان من أعوان عثمان فقال انطلق في إثرسعد فاسمع ما يقول سعد لعمار وما يرد عمار على سعد ثم ائتني سريعا.

قال فخرج كثير حتى يجد سعدا عند عمار مخليا به فألقم عينه جحر الباب فقام إليه عمار ولا يعرفه وفي يده قضيب فأدخل القضيب الجحر الذي ألقمه كثير عينه فأخرج كثير عينه من الجحر وولى مدبرا متقنعا فخرج عمار فعرف أثره ونادى يا قليل ابن أم قليل أعلي تطلع وتستمع حديثي والله

ص: 468

لو دريت أنك هو لفقأت عينك بالقضيب فإن رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قد أحل ذلك.

ثم رجع عمار إلى سعد فكلمه سعد وجعل يقتله بكل وجه فكان آخر ذلك أن قال عمار والله لا أردهم عنه أبدا فرجع سعد إلى عثمان فأخبره بقول عمار فاتهم عثمان سعدا أن يكون لم يناصحه فأقسم له سعد بالله لقد حرض فقبل منه عثمان قال وركب علي الله إلى أهل مصر فردهم عنه فانصرفوا راجعين .

59- عنه قال محمد بن عمر حدثني محمد بن صالح عن عاصم بنعمر عن محمد بن لبيد قال لما نزلوا ذا خشب كلم عثمان عليا وأصحاب رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم أن يردوهم عنه فركب علي وركب معه نفر من المهاجرين فيهم سعيد بن زيد وأبو جهم العدوي وجبير بن مطعم وحكيم بن حزام

ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد.

وخرج من الأنصار أبو أسيد الساعدي وأبو حميد الساعدي وزيد بن ثابت وحسان بن ثابت وكعب بن مالك ومعهم من العرب نيار بن مكرم وغيرهم ثلاثون رجلا وكلمهم علي ومحمد بن مسلمة وهما اللذان قدما فسمعوا مقالتها ورجعوا قال محمود فأخبرني محمد مسلمة قال.

ما برحنا من ذي خشب حتى رحلوا راجعين إلى مصر وجعلوا يسلمون علي فما أنسى قول عبد الرحمن بن عديس أتوصينا يا أبا عبدالرحمن بحاجة قال قلت تتقي الله وحده لا شريك له وترد من قبلك عن إمامه فإنه قد وعدنا أن يرجع وينزع قال ابن عديس أفعل إن شاء الله قال فرجع القوم إلى المدينة.

60- عنه قال محمد بن عمر فحدثني عبدالله محمد عن أبيه قال بن

ص: 469

رجع علي علیه السلام إلى عثمان أخبره أنهم قد رجعوا وكلمه علي كلاما في نفسه قال له اعلم أني قائل فيك أكثر مما قلت قال ثم خرج إلى بيته قال فمكث عثمان ذلك اليوم حتى إذا كان الغد جاءه مروان.

فقال له تكلم وأعلم الناس أن أهل مصر قد رجعوا وأن ما بلغهم عن إمامهم كان باطلا فإن خطبتك تسير في البلاد قبل أن يتحلب الناس عليك من أمصارهم فيأتيك من لا تستطيع دفعه قال فأبى عثمان أن يخرج قال فلم یزل به مروان حتى خرج فجلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه.

ثم قال أما بعد فإن هؤلاء القوم من أهل مصر كان بلغهم عن إمامهم أمر فلما تيقنوا أنه باطل ما بلغهم عنه رجعوا إلى بلادهم قال فناداه عمرو بن العاص من ناحية المسجد اتق الله يا عثمان فإنك قد ركبت نهابير وركبناها معك فتب إلى الله نتب قال فناداه عثمان وإنك هناك يا بن النابغة قملت والله جبتك منذ تركتك من العمل.

قال فنودي من ناحية أخرى تب إلى الله وأظهر التوبة يكف الناس عنك قال فرفع عثمان يديه مدا واستقبل القبلة فقال اللهم إني أول تائب تاب إليك ورجع إلى منزله وخرج عمرو بن العاص حتى نزل منزله بفلسطين فكان يقول والله إن كنت لألق الراعي فأحرضه عليه.

61 - عنه قال محمد بن عمر فحدثني علي بن عمر عن أبيه قال ثم إن عليا علیه السلام جاء عثمان بعد انصراف المصريين فقال له تكلم كلاما يسمعه الناس منك ويشهدون عليه ويشهد الله على ما في قلبك من النزوع والإنابة فإن البلاد قد تمخضت عليك فلا آمن ركبا آخرين يقدمون من الكوفة

فتقول.

يا علي اركب إليهم ولا أقدر أن أركب إليهم ولا أسمع عذرا ويقدم

ص: 470

ركب آخرون من البصرة فتقول يا علي اركب إليهم فإن لم أفعل رأيتني قد قطعت رحمك واستخففت بحقك.

قال فخرج عثمان فخطب الخطبة التي نزع فيها وأعطى الناس من نفسه التوبة فقام فحمد الله وأنثى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فوالله ما عاب من عاب منكم شيئا أجهله وما جئت شيئا إلا وأنا أعرفه ولكني منتني نفسي وكذبتني وضل عني رشدي ولقد سمعت رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم يقول :

من زل فليتب ومن أخطأ فليتب ولا يتماد في الهلكة إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق فأنا أول من اتعظ أستغفر الله مما فعلت وأتوب إليه فمثلي نزع وتاب فإذا نزلت فليأتني أشرافكم فليروني رأيهم.

فوالله لئن ردني الحق عبدا لأستن بسنة العبد ولأذلن ذل العبد ولأكونن كالمرقوق إن ملك صبر وإن عتق شكر وما عن الله مذهب إلا إليه فلا يعجزن عنكم خياركم أن يدنوا إلي لئن أبت يميني لتتابعني شمالي.

قال فرق الناس له يومئذ وبكى من بكى منهم وقام إليه سعيد بن في نفسك زيد فقال يا أمير المؤمنين ليس بواصل لك من ليس معك الله الله فأتمم على ما قلت فلما نزل عثمان وجد في منزله مروان وسعيدا ونفرا من بني أمية ولم يكونوا شهدوا الخطبة فلما جلس قال مروان يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت؟

فقالت نائلة ابنة الفرافصة امرأة عثمان الكلبية لا بل اصمت فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها فأقبل عليها مروان فقال ما أنت وذاك فوالله لقد مات أبوك وما يحسن يتوضاً.

فقالت له مهلا يا مروان عن ذكر الآباء تخبر عن أبي وهو غائب

ص: 471

تكذب عليه وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عنه أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه أخبرتك عنه ما لن أكذب عليه.

قال فأعرض عنها مروان ثم قال يا أمير المؤمنين أتكلم أم أصمت قال بل تكلم فقال مروان بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع منيع فكنت أول من رضي بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت حين بلغ الحزام الطبيين وخلف السيل الزبى وحين أعطى الخطة الذليلة الذليل.

والله لإقامة على خطيئة تستغفر الله منها أجمل من توبة تخوف عليها وإنك إن شئت تقربت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة وقد اجتمع إليك على الباب مثل الجبال من الناس فقال عثمان فاخرج إليهم فكلمهم فإني أستحي أن أكلمهم قال فخرج مروان إلى الباب والناس يركب بعضهم بعضا.

فقال ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهب شاهت الوجوه كل إنسان آخذ بأذن صاحبه ألا من أريد جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا اخرجوا عنا أما والله لئن رمتمونا ليمرون عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم ارجعوا إلى منازلكم فإنا والله ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا.

قال: فرجع الناس وخرج بعضهم حتى أتى عليا فأخبره الخبر فجاء علي علیه السلام مغضبا حتى دخل على عثمان فقال أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك وعن عقلك مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه وأيم الله إني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك وما أنا بعائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك أذهبت شرفك وغلبت على أمرك.

ص: 472

فلما خرج علي دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته فقالت أتكلم أو أسكت فقال تكلمي فقالت قد سمعت قول علي لك وإنه ليس يعاودك وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء قال فما أصنع قالت تتقي الله وحده لا شريك له وتتبع سنة صاحبيك من قبلك فإنك متى أطعت مروان قتلك ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبة وإنما تركك الناس لمكان مروان.

فأرسل إلى علي فاستصلحه فإن له قرابة منك وهو لا يعصى قال فأرسل عثمان إلى علي فأبى أن يأتيه وقال قد أعلمته أني لست بعائد.

قال فبلغ مروان مقالة نائلة فيه قال فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه فقال أتكلم أو أسكت فقال تكلم فقال إن بنت الفرافصة فقال عثمان لا تذكرنها بحرف فأسوئ لك وجهك فهي والله أنصح لي منك قال فكف مروان.

62 - عنه قال: محمد بن عمر و حدثني شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال سمعت عبدالرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم قال قبح الله مروان خرج عثمان إلى الناس فأعطاهم الرضا وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت إلى لحية عثمان مخضلة من الدموع وهو يقول اللهم إني أتوب إليك.

اللهم إني أتوب إليك اللهم إنى أتوب إليك والله لئن ردنى الحق إلى أن أكون عبدا قنا لأرضين به إذا دخلت منزلي فادخلوا علي فوالله لا أحتجب عنكم ولأعطينكم الرضا ولأزيدنكم على الرضا ولأنحين مروان وذويه قال فلما دخل أمر بالباب ففتح ودخل بيته ودخل عليه مروان.

فلم يزل يقتله في الذروة والغارب حتى فتله عن رأيه وأزاله عما كان

ص: 473

يريد فلقد مكث عثمان ثلاثة أيام ما خرج استحياء من الناس وخرج مروان إلى الناس فقال شاهت الوجوه ألا من أريد ارجعوا إلى منازلكم فإن يكن لأمير المؤمنين حاجة بأحد منكم يرسل إليه وإلا قر في بيته.

قال عبدالرحمن فجئت إلى علي فأجده بين القبر والمنبر وأجد عنده عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وهما يقولان صنع مروان بالناس وصنع قال فأقبل علي علي فقال أحضرت خطبة عثمان قلت نعم قال أفحضرت مقالة مروان للناس قلت نعم قال علي عياد الله يا للمسلمين إني إن قعدت في بيتي.

قال لي تركتني وقرابتي وحقي وإني إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار سيقة له يسوقه حيث شاء بعد كبر السن وصحبة رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم قال عبد الرحمن بن الأسود فلم يزل حتى جاء رسول عثمان ائتني.

فقال علي بصوت مرتفع عال مغضب قل له ما أنا بداخل عليك ولا عائد قال فانصرف الرسول قال فلقيت عثمان بعد ذلك بليلتين خائبا فسألت ناتلا غلامه من أين جاء أمير المؤمنين فقال كان عند علي فقال عبدالرحمن بن الأسود فغدوت فجلست مع علي علیه السلام فقال لي جاءني عثمان البارحة فجعل يقول إني غير عائد وإني فاعل.

قال فقلت له بعد ما تكلمت به على منبر رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وأعطيت من نفسك ثم دخلت بيتك وخرج مروان إلى الناس فشتمهم على بابك ويؤذيهم قال فرجع وهو يقول قطعت رحمي وخذلتني وجرأت الناس علي فقلت والله إني لأذب الناس عنك ولكني كلما جئتك بهنة أظنها لك رضا جاء بأخرى.

فسمعت قول مروان علي واستدخلت مروان قال ثم انصرف إلى بيته

ص: 474

قال عبدالرحمن بن الأسود فلم أزل أرى عليا منكبا عنه لا يفعل ما كان يفعل إلا أني أعلم أنه قد كلم طلحة حين حصر في أن يدخل عليه الروايا وغضب في ذلك غضبا شديدا حتى دخلت الروايا على عثمان.

63 - عنه قال محمد بن عمر وحدثني عبدالله بن جعفر عن إسماعيل ابن محمد أن عثمان صعد يوم الجمعة المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقام رجل فقال أقم كتاب الله فقال عثمان اجلس فجلس حتى قام ثلاثا فأمر به عثمان فجلس فتحاتوا بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل فأدخل داره مغشيا عليه.

فخرج رجل من حجاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي «اِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ».

ودخل علي بن أبي طالب على عثمان و هو مغشي عليه وبنو أمية حوله.

فقال مالك يا أمير المؤمنين فأقبلت بنو أمية بمنطق واحد فقالوا يا علي أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين أما والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا فقام علي مغضبا.

64 - عنه حدثني جعفر قال حدثنا عمرو وعلي قالا حدثنا حسين عن أبيه عن محمد بن إسحاق بن يسار المدنى عن يحيى بن عباد بن عبدالله ابن الزبير عن أبيه قال كتب أهل مصر بالسقيا أو بذي خشب إلى عثمان، بكتاب فجاء به رجل منهم حتى دخل به عليهم فلم يرد عليه شيئا.

فأمر به فأخرج من الدار وكان أهل مصر الذين ساروا إلى عثمان ستمائة رجل على أربعة ألوية لها رؤوس أربعة مع كل رجل منهم لواء وكان جماع أمرهم جميعا إلى عمرو بن بديل بن ورقاء الخزاعي وكان من

ص: 475

أصحاب النبي صلی الله علیه وآله وسلم وإلى عبد الرحمن بن عديس التجيبي فكان فيما كتبوا إليه.

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فالله الله ثم الله الله فإنك على دنيا فاستتم إليها معها آخرة ولا تلبس نصيبك من الآخرة فلا تسوغ لك الدنيا واعلم أنا والله الله نغضب وفي الله نرضى وإنا لن نضع سيوفنا عن عواتقنا حتى تأتينا منك توبة مصرحة أو ضلالة مجلحة مبلجة فهذه مقالتنا لك وقضيتنا إليك والله عذيرنا منك والسلام.

وكتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة ويحتجون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبدا حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من حق الله فلما خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته فقال لهم قد صنع القوم ما قد رأيتم فما المخرج فأشاروا عليه أن يرسل إلى علي بن أبي طالب فيطلب إليه أن يردهم عنه ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى يأتيه أمداد.

فقال إن القوم لن يقبلوا التعليل وهم محملي عهدا وقد كان مني في قدمتهم الأولى ما كان فتى أعطهم ذلك يسألوني الوفاء به فقال مروان بن الحكم يا أمير المؤمنين مقاربتهم حتى تقوى أمثل من مكاثرتهم على القرب فأعطهم ما سألوك وطاولهم ما طاولوك فإنما هم بغوا عليك فلا عهد لهم. فأرسل إلى علي فدعاه فلما جاءه قال يا أبا حسن إنه قد كان من الناس ما قد رأيت وكان مني ما قد علمت ولست آمنهم على قتل فارددهم عني فإن لهم الله عز وجل أن أعتبهم من كل ما يكرهون وأن أعطيهم الحق من نفسي ومن غيري وأن كان في ذلك سفك دمي.

فقال له علي الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك وإني لأرى قوما

ص: 476

لا يرضون إلا بالرضا وقد كنت أعطيتهم في قدمتهم الأولى عهدا من الله لترجعن عن جميع ما نقموا فرددتم عنك ثم لم تف لهم بشيء من ذلك فلا تغرني هذه المرة من شيء فإني معطيهم عليك الحق قال نعم فأعطهم فوالله لأفين لهم.

فخرج علي إلى الناس فقال أيها الناس إنكم إنما طلبتم الحق فقد أعطيتموه إن عثمان قد زعم أنه منصفكم من نفسه ومن غيره وراجع عن جميع ما تكرهون فاقبلوا منه ووكدوا عليه قال الناس قد قبلنا فاستوثق منه لنا فإنا والله لا نرضى بقول دون فعل.

فقال لهم علي ذلك لكم ثم دخل عليه فأخبره الخبر فقال عثمان اضرب بيني وبينهم أجلا يكون لي فيه مهلة فإني لا أقدر على رد ما كرهوا في يوم واحد قال له علي ما حضر بالمدينة فلا أجل فيه وما غاب فأجله وصول أمرك قال نعم ولكن أجلني فيها بالمدينة ثلاثة أيام.

قال علي نعم فخرج إلى الناس فأخبرهم بذلك وكتب بينهم وبين عثمان كتابا أجله فيه ثلاثا على أن يرد كل مظلمة ويعزل كل عامل كرهوه ثم أخذ عليه في الكتاب أعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه من عهد وميثاق وأشهد عليه ناسا من وجوه المهاجرين والأنصار فكف المسلمون عنه ورجعوا إلى أن ينفي لهم بما أعطاهم من نفسه.

فجعل يتأهب للقتال ويستعد بالسلاح وقد كان اتخذ جندا عظيما من رقيق الخمس فلما مضت الأيام الثلاثة وهو على حاله لم يغير شيئا مما كرهوه ولم يعزل عاملا ثار به الناس وخرج عمرو بن حزم الأنصاري حتى أتى المصريين وهم بذي خشب.

فأخبرهم الخبر وسار معهم حتى قدموا المدينة فأرسلوا إلى عثمان ألم

ص: 477

نفارقك على أنك زعمت أنك تائب من إحداثك وراجع عما كرهنا منك وأعطيتنا على ذلك عهد الله وميثاقه قال بلى أنا على ذلك قالوا فما هذا الكتاب الذي وجدنا مع رسولك وكتبت به إلى عاملك قال ما فعلت ولا لي علم بما تقولون.

قالوا بريدك على جملك وكتاب كاتبك عليه خاتمك قال أما الجمل فمسروق وقد يشبه الخط الخط وأما الخاتم فانتقش عليه قالوا فإنا لا نعجل عليك وإن كنا قد اتهمناك اعزل عنا عمالك الفساق واستعمل علينا من لا يتهم على دمائنا وأموالنا واردد علينا مظالمنا قال عثمان.

ما أراني إذا في شيء إن كنت أستعمل من هويتهم وأعزل من كرهتم الأمر إذا أمركم قالوا والله لتفعلن أو لتعزلن أو لتقتلن فانظر لنفسك أو دع فأبى عليهم وقال لم أكن لأخلع سربالا سربلنيه الله فحصروه أربعين ليلة وطلحة يصلي بالناس.

65- عنه حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون قال حدثنا الحسن قال أنبأني وثاب قال وكان فيمن أدركه عتق أمير المؤمنين عمر قال ورأيت بحلقه أثر طعنتين كأنهما كتبان طعنهما يومئذ يوم الدار قال بعثني عثمان فدعوت له الأشتر.

فجاء قال ابن عون فأظنه قال فطرحت لأمير المؤمنين وسادة وله وسادة فقال يا أشتر ما يريد الناس مني قال ثلاثا ليس من إحداهن بد قال ما هن قال يخيرونك بين أن تخلع لهم أمرهم فتقول هذا أمركم فاختاروا له من شئتم وبين أن تقص من نفسك فإن أبيت هاتين فإن القوم قاتلوك. فقال أما من إحداهن بد قال ما من إحداهن بد فقال أما أن أخلع لهم أمرهم فما كنت لأخلع سربالا سربلنيه الله عز وجل قال وقال غيره والله

ص: 478

لأن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أخلع قميصا قصنيه الله وأترك أمة محمد صلی الله علیه وآله وسلم يعدو بعضها على بعض.

قال ابن عون وهذا أشبه بكلامه وأما أن أقص على نفسي فوالله لقد علمت أن صاحبي بين يدي قد كانا يعاقبان وما يقوم بدني بالقصاص وأما أن تقتلوني فوالله لئن قتلتموني لا تتحابون بعدي أبدا ولا تصلون جميعا بعدي أبدا ولا تقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا قال:

فقام الأشتر فانطلق فمكتنا أياما قال ثم جاء رويجل كأنه ذئب فاطلع من باب ثم رجع وجاء محمد بن أبي بكر وثلاثة عشر حتى انتهى إلى عثمان فأخذ بلحيته فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه وقال ما أغنى عنك معاوية ما أغنى عنك ابن عامر ما أغنت عنك كتبك.

قال أرسل يا ابن أخي أرسل لحيتي قال وأنا رأيته استعدى رجلا من القوم بعينه فقام إليه بمشقص حتى وجأ به في رأسه قلت ثم مه قال تغاووا عليه حتى قتلوه.

66 - عنه وذكر الواقدي أن يحيى بن عبدالعزيز حدثه عن جعفر بن محمود عن محمد بن مسلمة قال خرجت في نفر من قومي إلى المصريين وكان رؤساؤهم أربعة عبدالرحمن بن عديس البلوي وسودان بن حمران المرادي وعمرو بن الحمق الخزاعي وقد كان هذا الاسم غلب حتى كان يقال حبيس بن الحمق وابن النباع.

قال فدخلت عليهم وهم في خباء لهم أربعتهم ورأيت الناس لهم تبعا قال فعظمت حق عثمان وما في رقابهم من البيعة وخوفتهم بالفتنة وأعلمتهم أن في قتله اختلافا وأمرا عظيما فلا تكونوا أول من فتحه وأنه ينزع عن هذه الخصال التي نقمتم منها عليه وأنا ضامن لذلك قال القوم فإن لم ينزع قال

ص: 479

قلت فأمركم إليكم قال.

فانصرف القوم وهم راضون فرجعت إلى عثمان فقلت أخلني فأخلاني فقلت الله الله يا عثمان في نفسك إن هؤلاء القوم إنما قدموا يريدون دمك وأنت ترى خذلان أصحابك لك لا بل هم يقوون عدوك عليك قال فأعطاني الرضا وجزاني خيرا قال ثم خرجت من عنده فأقمت ما شاء الله أن أقيم.

قال وقد تكلم عثمان برجوع المصريين وذكر أنهم جاؤوا لأمر فبلغهم غيره فانصرفوا فأردت أن آتيه فأعنفه بهما ثم سكت فإذا قائل يقول قد قدم المصريون وهم بالسويداء قال قلت أحق ما تقول قال نعم قال فأرسل إلي عثمان

قال وإذا الخبر قد جاءه وقد نزل القوم من ساعتهم ذا خشب فقال يا أبا عبد الرحمن هؤلاء القوم قد رجعوا فما الرأي فيهم قال قلت والله ما أدري إلا أني أظن أنهم لم يرجعوا الخير قال فارجع إليهم فارددهم قال قلت لا والله ما أنا بفاعل قال ولم قال لأني ضمنت لهم أمورا تنزع عنها فلم تنزع عن حرف واحد منها قال فقال الله المستعان.

قال وخرجت وقدم القوم وحلوا بالأسواف وحصروا عثمان قال وجاءني عبدالرحمن بن عديس ومعه سودان بن حمران و صاحباه فقالوا يا أبا عبد الرحمن ألم تعلم أنك كلمتنا ورددتنا وزعمت أن صاحبنا نازع عما نكره فقلت بلى قال فإذا هم يخرجون إلي صحيفة صغيرة قال وإذا قصبة من رصاص.

فإذا هم يقولون وجدنا جملا من إبل الصدقة عليه غلام عثمان فأخذنا متاعه ففتشناه فوجدنا فيه هذا الكتاب فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم أما

ص: 480

بعد فإذا قدم عليك عبد الرحمن بن عدیس فاجلده مائة جلدة واحلق رأسه ولحيته وأطل حبسه حتى يأتيك أمري وعمرو بن الحمق فافعل به مثل ذلك وسودان بن حمران مثل ذلك وعروة بن النباع الليثي مثل ذلك قال:

فقلت وما يدريكم أن عثمان كتب بهذا قالوا فيفتات مروان على عثمان بهذا فهذا شر فيخرج نفسه من هذا الأمر.

ثم قالوا انطلق معنا إليه فقد كلمنا عليا ووعدنا أن يكلمه إذا صلى الظهر وجئنا سعد بن أبي وقاص فقال لا أدخل في أمركم وجئنا سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل فقال مثل هذا فقال محمد فأين وعدكم علي قالوا وعدنا إذا صلى الظهر أن يدخل عليه.

قال محمد فصليت مع علي قال ثم دخلت أنا وعلي عليه فقلنا إن هؤلاء المصريين بالباب فأذن لهم قال ومروان عنده جالس قال فقال مروان دعني جعلت فداك أكلمهم قال فقال عثمان فض الله فاك اخرج عني وما كلامك فى هذا الأمر قال فخرج مروان.

قال وأقبل علي عليه قال وقد أنهى المصريون إليه مثل الذي أنهوا إلي قال فجعل علي يخبره ما وجدوا في كتابهم قال فجعل يقسم بالله ما كتب ولا علم ولا شوور فيه قال فقال محمد بن مسلمة والله إنه لصادق ولكن هذا عمل مروان فقال علي:

فأدخلهم عليك فليسمعوا عذرك قال ثم أقبل عثمان على علي فقال إن لي قرابة ورحما والله لو كنت في هذه الحلقة لحللتها عنك فاخرج إليهم فكلمهم فإنهم يسمعون منك قال علي والله ما أنا بفاعل ولكن أدخلهم حتى تعتذر إليهم قال فادخلوا.

قال محمد بن مسلمة فدخلوا يومئذ فما سلموا عليه بالخلافة فعرفت

ص: 481

أنه الشر بعينه قالوا سلام عليكم فقلنا وعليكم السلام قال فتكلم القوم وقد قدموا في كلامهم ابن عديس فذكر ما صنع ابن سعد بمصر وذكر تحاملا منه على المسلمين وأهل الذمة وذكر استئثارا منه في غنائم المسلمين فإذا قيل له في ذلك.

قال هذا كتاب أمير المؤمنين إلي ثم ذكروا أشياء ما أحدث بالمدينة وما خالف به صاحبيه قال فرحلنا من مصر ونحن لا نريد إلا دمك أو تنزع فردنا علي ومحمد بن مسلمة وضمن لنا محمد النزوع عن كل ما تكلمنا فيه ثم أقبلوا على محمد بن مسلمة فقالوا هل قلت ذاك لنا.

قال محمد فقلت نعم ثم رجعنا إلى بلادنا نستظهر بالله عز وجل عليك ويكون حجة لنا بعد حجة حتى إذا كنا بالبويب أخذنا غلامك فأخذنا كتابك وخاتمك إلى عبد الله بن سعد تأمره فيه بجلد ظهورنا والمثل بنا في أشعارنا وطول الحبس لنا وهذا كتابك.

قال فحمد الله عثمان وأثنى عليه ثم قال والله ما كتبت ولا أمرت ولا شوورت ولا علمت قال فقلت وعلي جميعا قد صدق قال فاستراح إليها عثمان فقال المصريون فمن كتبه قال لا أدري قال أفيجترأ عليك فيبعث غلامك وجمل من صدقات المسلمين وينقش على خاتمك ويكتب إلى عاملك بهذه الأمور العظام وأنت لا تعلم.

قال نعم قالوا فليس مثلك يلي اخلع نفسك من هذا الأمر كما خلعك الله منه قال لا أنزع قميصا ألبسنيه الله عز وجل قال وكثرت الأصوات واللغط فما كنت أظن أنهم يخرجون حتى يواثبوه.

قال وقام علي فخرج قال فلما قام علي قمت قال وقال للمصريين اخرجوا فخرجوا قال ورجعت إلى منزلي ورجع علي إلى منزله فما برحوا

ص: 482

محاصريه حتى قتلوه.

67- عنه قال محمد بن عمر حدثني محمد بن مسلم عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة قال: نظرت إلى سعد بن أبي وقاص يوم قتل عثمان دخل عليه ثم خرج من عنده وهو يسترجع مما يرى على الباب فقال له مروان الآن تندم أنت أشعرته فأسمع سعدا يقول: أستغفر الله.

لم أكن أظن الناس يجترئون هذه الجرأة ولا يطلبون دمه وقد دخلت عليه الآن فتكلم بكلام لم تحضره أنت ولا أصحابك فنزع عن كل ما كره منه وأعطى التوبة وقال لا أتمادى في الهلكة إن من تمادى في الجور كان أبعد من الطريق فأنا أتوب وأنزع.

فقال مروان إن كنت تريد أن تذب عنه فعليك بابن أبي طالب فإنه متستر وهو لا يجبه فخرج سعد حتى أتى عليا وهو بين القبر والمنبر فقال يا أبا حسن قم فداك أبي وأمي جئتك والله بخبر ما جاء به أحد قط إلى أحد تصل رحم ابن عمك وتأخذ بالفضل عليه وتحقن دمه ويرجع الأمر على ما نحب قد أعطى خليفتك من نفسه الرضا.

فقال علي تقبل الله منه يا أبا إسحاق والله ما زلت أذب عنه حتى إني لأستحي ولكن مروان ومعاوية وعبدالله بن عامر وسعيد بن العاص هم صنعوا به ما ترى فإذا نصحته وأمرته أن ينحيهم استغشني حتى جاء ما تری .

قال فبينا هم كذلك جاء محمد بن أبي بكر فسار عليها فأخذ علي بيدي ونهض علي وهو يقول وأي خير توبته هذه فوالله ما بلغت داري حتى سمعت الهائعة أن عثمان قد قتل فلم نزل والله في شرّ إلى يومنا هذا.

68 - عنه كتب إلي السري عن شعيب عن سيف عن المجالد عن

ص: 483

الشعبي عن المغيرة بن شعبة قلت لعلي إن هذا الرجل مقتول وإنه إن قتل وأنت بالمدينة اتخذوا فيك فاخرج فكن بمكان كذا وكذا فإنك إن فعلت وكنت في غار باليمن طلبك الناس فأبى وحصر عثمان اثنتين وعشرين يوما.

تم أحرقوا الباب وفي الدار أناس كثير فيهم عبدالله بن الزبير ومروان فقالوا ائذن لنا فقال إن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم عهد إلي عهدا فأنا صابر عليه وإن القوم لم يحرقوا باب الدار إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه فأحرج على رجل يستقبل ويقاتل وخرج الناس كلهم ودعا بالمصحف يقرأ فيه والحسن عنده .

فقال إن أباك الآن لفي أمر عظيم فأقسمت عليك لما خرجت وأمر عثمان أبا كرب رجلا من همدان وآخر من الأنصار أن يقوما على باب بيت المال وليس فيه إلا غرارتان من ورق فلما أطفئت النار بعد ما ناوشهم ابن الزبير ومروان وتوعد محمد بن أبي بكر ابن الزبير ومروان.

فلما دخل على عثمان هربا ودخل محمد بن أبي بكر على عثمان فأخذ بلحيته فقال أرسل لحيتي فلم يكن أبوك ليتناولها فأرسلها ودخلوا عليه فمنهم من يجؤه بنعل سيفه وآخر يلكزه وجاءه رجل بمشاقص معه فوجأه في ترقوته فسال الدم على المصحف وهم في ذلك يهابون في قتله وكان كبيرا وغشي عليه ودخل آخرون فلما رأوه مغشيا عليه جروا برجله.

فصاحت نائلة وبناته وجاء التجيبي مخترطا سيفه ليضعه في بطنه فوقته نائلة فقطع يدها واتكأ بالسيف عليه في صدره وقتل عثمان قبل غروب الشمس ونادى مناد ما يحل دمه ويحرج ماله فانتهبوا كل شيء ثم تبادروا بيت المال فألق الرجلان المفاتيح ونجوا وقالوا الهرب الهرب هذا ما طلب القوم.

ص: 484

69- عنه ذكر محمد بن عمر الواقدي أن أسامة بن زيد حدثه عن داود بن ،الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال لما حصر عثمان الحصر الآخر قال عكرمة فقلت لابن عباس أو كانا حصرين فقال ابن عباس نعم الحصر الأول حصر اثنتي عشرة وقدم المصريون فلقيهم علي بذي خشب.

فردهم عنه وقد كان والله علي له صاحب صدق حتى أوغر نفس علي عليه جعل مروان وسعيد وذووهما يحملونه على علي فيتحمل ويقولون لو شاء ما كلمك أحد وذلك أن عليا كان يكلمه وينصحه ويغلظ عليه في المنطق في مروان وذويه فيقولون لعثمان هكذا يستقبلك وأنت إمامه وسلفه وابن عمه وابن عمته فما ظنك بما غاب عنك منه فلم يزالوا بعلي حتى أجمع

ألا يقوم دونه.

فدخلت عليه اليوم الذي خرجت فيه إلى مكة فذكرت له أن عثمان دعاني إلى الخروج فقال لي ما يريد عثمان أن ينصحه أحد اتخذ بطانة أهل غش ليس منهم أحد إلا قد تسبب بطائفة من الأرض يأكل خراجها ويستذل أهلها فقلت له إن له رحما وحقا فإن رأيت أن تقوم دونه فعلت فإنك لا تعذر إلا بذلك.

70- عنه قال ابن عباس فالله يعلم أني رأيت فيه الانكسار والرقة لعثمان ثم إني لأراه يؤتى إليه عظيم ثم قال عكرمة وسمعت ابن عباس يقول قال لي عثمان يابن عباس اذهب إلى خالد بن العاص وهو بمكة فقال له يقرأ عليك أمير المؤمنين السلام ويقول لك.

إني محصور منذ كذا وكذا يوما لا أشرب إلا من الأجاج من داري وقد منعت بئرا أشتريتها من صلب مالي رومة فإنما يشربها الناس ولا أشرب منها شيئا ولا آكل إلا مما في بيتي منعت أن آكل مما في السوق شيئا

ص: 485

وأنا محصور كما ترى فآمره وقل له فليحج بالناس وليس بفاعل فإن أبى فاحجج أنت بالناس.

فقدمت الحج في العشر فجئت خالد بن العاص فقلت له ما قال لي عثمان فقال لي هل طاقة بعداوة من ترى فأبى أن يحج وقال فحج أنت بالناس فأنت ابن عم الرجل وهذا الأمر لا يفضي إلا إليه يعني عليا وأنت أحق ان تحمل له ذلك فحججت بالناس ثم قفلت في آخر الشهر فقدمت المدينة وإذا عثمان قد قتل وإذا الناس يتواثبون على رقبة علي بن أبي طالب.

فلما رآني علي ترك الناس وأقبل علي فانتجاني فقال ما ترى فيما وقع فإنه قد وقع أمر عظيم كما ترى لا طاقة لأحد به فقلت أرى أنه لا بد للناس منك اليوم فأرى أنه لا يبايع اليوم أحد إلا أتهم بدم هذا الرجل فأبى إلا أن يبايع فاتهم بدمه.

71- قال المسعودي و من ذلك ما فعل بأبي ذر، و هو انه حضر مجلسه ذات يوم فقال عثمان أ رايتم من زكى ماله هل فيه حق لغيره؟

فقال كعب: لا يا أمير المؤمنين، فدفع ابو ذر في صدر كعب، و قال له: كذبت یا ابن اليهودي ثم تلا «لَيْسَ الْبِرَّ اَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المُشْرِقِ والمغرب»، الآية. فقال عثمان أترون بأساً ان نأخذ مالا من بيت مال المسلمين فننفقه فيا ينوبنا من أمورنا و نعطيكموه؟ فقال كعب لا بأس بذلك، فرفع ابو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب و قال يا ابن اليهودي ما أجرأك على القول في ديننا! فقال له عثمان: ما أكثر أذاك لي غيِّب وجهك عني فقد آذيتنا.

فخرج ابو ذر الى الشام، فكتب معاوية الى عثمان: إن أبا ذر تجتمع اليه الجموع، و لا آمن ان يفسدهم عليك، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله

ص: 486

إليك، فكتب اليه عثمان بحمله فحمله على بعير عليه قتَبٌ يابس معه خمسة من الصقالبة يطيرون ،به حتى أتوا به المدينة و قد تسلخت بواطن أفخاذه و كاد أن يتلف.

فقيل له: انك تموت من ذلك، فقال: هيهات لن أموت حتى أنف. وذكر جوامع ما ينزل به بعد، و من يتولى دفنه، فأحسن اليه عثمان في داره أياماً، ثم دخل اليه فجلس على ركبتيه وتكلم بأشياء، و ذكر الخبر في ولد أبي العاص إذا بلغوا ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خوَلا، و مرَّ في الخبر بطوله و تكلم بكلام كثير.

و كان في ذلك اليوم قد أتى عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال فنثرت البِدَر حتى حالت بين عثمان و بين الرجل القائم، فقال عثمان: إني لأرجو لعبد الرحمن خيراً، لأنه كان يتصدق، و يقري الضيف، و ترك ما ترون فقال كعب الأحبار صدقت يا امير المؤمنين.

فشال ابو ذر العصا فضرب بها رأس كعب، و لم يشغله ما كان فيه من الألم، وقال: يا ابن اليهودي تقول لرجل مات و ترك هذا المال: إن الله أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة، و تقطع على الله بذلك، و انا سمعت النبی صلی الله علیه و آله وسلم يقول : ما يسرني ان اموت و ادع ما يزن قيراطا.

النبي: فقال له عثمان وارِ عني وجهك فقال: اسير الى مكة، قال: لا و الله قال: فتمنعني من بيت ربي أعبده فيه حتى اموت؟ قال: إي والله، قال: فإلى الشام، قال: لا و الله قال البصرة؟ قال: لا والله، فاختر غير هذه البلدان، قال: لا والله ما اختار غير ما ذكرت لك، و لو تركتني في دار هجرتي ما أردتُ شيئاً من البلدان فسيرني حيث شئت من البلاد.

قال: فإني مسيرك الى الربذة قال: الله اكبر صدق رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم

ص: 487

قد اخبرني بكل ما انا لاق، قال عثمان و ما قال لك ؟ قال أخبرني بأني أمنع عن مكة والمدينة و أموت بالربذة و يتولى مواراتي نفر ممن يردون من العراق نحو الحجاز.

فبعث أبو ذر إلى جمل له فحمل عليه امرأته - وقيل: ابنته - و أمر عثمان أن يتجافاه الناس حتى يسير إلى الربذة، فلما طلع عن المدينة و مروان يسيره عنها طلع عليه علي بن أبي طالب علیه السلام و معه أنباه الحسن و الحسين علیهما السلام و عقيل أخوه و عبد الله بن جعفر و عمار بن ياسر، فاعترض مروان فقال:

يا عليّ إن أمير المؤمنين قد نهى الناس أن يصحبوا أباذر في مسيره و يشيعوه فإن كنت لم تدر بذلك فقد أعلمتك فحمل عليه على بن أبي طالب بالسوط و ضرب بين أذنى راحلته و قال تنح نحاك الله إلى النار، و مضى مع أبي ذر فشيعه ثم ودعه و انصرف فلما أراد على الانصراف بكى أبوذر و قال: رحمكم الله أهل البيت.

إذا رأيتك يا أبا الحسن و ولدك ذكرت بكم رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم ، فشكا مروان إلى عثمان ما فعل به على بن أبى طالب اللا، فقال عثمان: يا معشر المسلمين من يعذرنى من على ؟ ردّ رسولي عما وجهته له و فعل كذا والله لنعطينه حقه، فلما رجع على استقبله الناس، فقالوا له: إن أمير المؤمنين عليك غضبان لتشييعك أباذر، فقال علي: غضب الخيل على اللجم.

فلما كان بالعشى جاء إلى عثمان فقال له ما حملك على ما صنعت بمروان و لم اجترأت علي ورددت رسولى و أمرى؟ قال: أما مروان فإنه استقبلنى يردني فرددته عن ردى و أما أمرك فلم أرده قال عثمان ألم يبلغك أنى قد نهيت الناس عن أبي ذر و عن تشبيعه؟ فقال على: أو كل ما

ص: 488

أمرتنا به من شيء نرى طاعة الله و الحق فيه خلافه اتبعنا فيه أمرك ؟ بالله لا نفعل.

قال عثمان : أقد مروان قال و مم أفيده؟ قال: ضربت بين أذنى راحلته و شتمته فهو شاتمك و ضارب بين أذنى راحلتك، قال علي: أما راحلتى فهى تلك فإن أراد أن يضربها كما ضربت راحلته فليفعل و أما أنا فو الله لئن شتمنى لأشتمتك أنت مثلها بما لا أكذب فيه و لا أقول إلا حقاً.

قال عثمان : و لم لا يشتمك إذا شتمته، فوالله ما أنت بأفضل منه؟ فغضب على بن أبى طالب علیه السلام و قال ألى تقول هذا القول؟ و بمروان تعدلني؟ فأنا والله أفضل منك، و أبى أفضل من أبيك، و أمى أفضل من أمك و هذه نبلى قد نثلتها وهلم فانثل بنبلك فغضب عثمان و أحمر وجهه فقام دخل داره، وانصرف على فاجتمع إليه أهل بيته، و رجال من المهاجرين و الأنصار.

فلما كان من الغد و اجتمع الناس إلى عثمان شكا إليهم علياً و قال: إنه يعيبني ويظاهر من يعيبنى، يريد بذلك أبا ذر و عمار بن ياسر و غيرهما، فدخل الناس بينهما حتى اصطلحا وقال له عليّ: والله ما أردت بتشييع أبى ذر إلا الله تعالى.

72- قال ابن قتيبة حدثنا ابن أبي مريم و ابن عفير قالا حدثنا ابن عون، قال: أخبرنا المخول بن إبراهيم و أبو حمزة الثمالى و بعضهم يزيد على بعض و المعنى واحدو فجمعته و ألفته على قولهم، ومعنى ما أرادوا عن علي بن الحسين عليهما السلام ، قال : لما أنكر الناس على عثمان بن عفان صعد المنبر، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال: أما بعد:

فإن لكل شيء آفة و لكل نعمة عاهة و إن آفة هذه الدين و عاهة

ص: 489

هذه الملة قوم عيابون طعانون يرونكم ما تحبون و يسرون ما تكرهون. أما بعد والله يا معشر المهاجرين والأنصار ، لقد عبتم على أشياء و نقمتم أموراً قد أفرزتم لابن الخطاب مثلها و لكنه وقكم وقعكم و لم يجترئ أحد عملاً بصره منه و يشير بطرفه إليه.

أما والله لأنا أكثر من أبن الخطاب عدداً، و أقرب ناصراً و اجدر إلى أن قال لهم: أتفقدون من حقوقكم شيئاً؟ فما لى لا أفعل في الفضل ما أريد، فلم كنت اماما إذا؟ أما والله ما عاب على من عاب منكم أمرا أجهله، ولا اتيت الذى أتيت إلا و أنا أعرفه.

و لا يشير بطرفه اليه، أما والله لأنا أكثر من ابن الخطاب عدداً، و أقرب ناصراً و أجدر إلي أن قال لهم: أتفقدون من حقوقكم شيئا؟ فما لي لا أفضل في الفضل ما أريد، قلم كنت إماما إذا؟ أما والله ما عاب علي من عاب منكم امرا أجم له و لا أتيت الذي أتيت إلا و أنا أعرفه.

قال: و قدم معاوية بن أبي سفيان علي أثر ذلك من الشام فأني مجلساً فيه علي ابن أبي طالب و طلحة بن عبيد الله و الزبير بن العوام، و سعد بن أبي وقاص، و عبدالرحمن بن عوف، و عمار بن ياسر، فقال لهم: يا معشر الصحابة، أوصيكم بشيخي هذا خيراً، فوالله فئن قتل بين أظهركم لأملأ نها عليكم خيلا و رجالا، ثم أقبل علي عمار بن ياسر فقال: يا عمار

إن بالشام مئة الف ،فارس كل يأخذ العطاء، مع مثلهم من ابنائهم و عبدلهم، لا يعرفون علياً علیه السلام ولا قرابته و لا عماراً و لا سابقة، و لا الزبير و لا صحابته و لا طلحه و لا هجرته، ولا يهابون ابن عوف و لا ماله ولا يتقون سعدا و لا دعوته، فإياك يا عمار أن تقعد غدا في فتنة تنجلي، فيقال: هذا قاتل عثمان، و هذا قاتل علی علیه السلام.

ص: 490

ثم أقبل علي ابن عباس فقال: يا ابن عباس، إنا كنا وإياكم في زمان لا نرجو فيه ثوابا و لا نخاف عقابا و كنا أكثر منكم، فوالله ما ظلمناكم و قهرنا كم و لا أخرناكم عن مقام تقدمناه حتى بعث الله رسوله منكم فسبق إليه صاحبكم، فوالله ما زال يكره شركنا و يتغافل به عنا حتي ولي الأمر عليه وعليكم.

ثم صار الأمر إلينا و إليكم فأخذ صاحبنا لسنه ثم غير فنطق و نطق علي لسانه، فقدأ وقدتم ناراً لا تطفأ بالماء، فقال ابن عباس. كنا كما ذكرت حتى بعث رسوله منا ومنكم ثم ولي الأمر علينا وعليكم، ثم صار الأمر إلينا و إليكم ، فأخذ صاحبكم علي صاحبنا لسنه، و لما هو أفضل من سنه.

فوالله ما قلنا إلا ما قال غيرنا و لا نطقنا إلا بما نطق به ،سوانا، فتركتم الناس جانبا، وصير تمونا بين أن أقمنا متهمين أو نزعنا معتبين وصاحبنا من قد علمتم والله لا يهجهج مهجهج إلا ركبه، ولا يرد حوضا إلا أفرطه قد أصبحت أحب منك ما أحببت و أكره ما كرهت؛ و لعلي لا ألقاك إلا في خير .

73- عنه قال: وذكروا أن ابن عباس قال: خرجت إلي المسجد فإني الجالس فيه مع علي حين صليت العصر، إذ جاء رسول عثمان يدعو علياء فقال علي نعم؛ فلما أن ولي الرسول أقبل علي فقال: لم تراه دعاني؟ قلت له: دعاك ليكلمك؛ فقال انطلق معي فدقبلت فإذا طلحة و الزبير وسعد و أناس من المهاجرين، فجلسنا فإذا عثمان عليه ثوبان أبيضان، فسكت القوم، و نظر بعضهم إلي بعض، فحمد الله عثمان.

ثم قال: أما بعد، فإن إبن عمي معاوية هذا قد كان غائباً عنكم و عما نلتم مني و ما عاتبتكم عليه و عاتبتموني و قد سألني أن يكلمكم و أن

ص: 491

يكلمه من أراد؛ فقال سعد بن أبي وقاص و ما عسى أن يقال لمعاوية أو يقول إلا ما قلت أو قيل لك ؟ فقال علي ذلكم تكلم يا معاوية، فحمد الله و أثنى عليه ثم قال:

أما بعد يا معشر المهاجرين و بقية الشوري فإياكم أعني و إياكم أريد، فمن أجانبي بشيء فمنكم واحد، فإني أرد غيركم، توفي رسول الله له فبايع الناس أحد المهاجرين التسعة، ثم دفنوا نبيهم، فأصبحوا سالما أمرهم، كأن نبيهم بين أظهرهم، فلما أيس الرجل من صلی الله علیه و آله وسلم بايع رجلا من بعده أحد المهاجرين.

فلما احتضر ذلك الرجل شك في واحد أن يختاره، فجعلها في ستة نفر بقية المهاجرين، فأخذوا رجلا منهم لا يألون عن الخير فيه، فبايعوه و هم ينظرون إلي الذي هو كائن من بعده، لا يشكون ولا يمترون مهلاً مهلا معشر المهاجرين،

فإن وراءكم من إن دفعتموه اليوم اندفع عنكم، و من إن فعلتم الذي أنتم فاعلوه دفعكم بأشد من ركنكم و أعد من جمعكم ثم استن عليكم بسنتكم و رأي أن دم الباقي ليس بمتنع بعد دم الماضي، فسددوا و ارفقوا، لا يغلبكم علي أمركم من حذرتكم.

فقال علي بن أبي طالب علیه السلام : كأنك تريد نفسك يابن الا خناء لست هنالك، فقال معاوية: مهلا عن شتم بنت عمك فإنها ليست بشر لسائك. يا معشر المهاجرين وولاة هذا الأمر، و لاكم الله إياه فأنتم أهله، و هذان البلدان مكة والمدينة مأري الحق و منتهاه، إنما ينظر التابعون إلي السابقين و البلدان إلي البلدين فإن استقاموا استقاموا .

و أيم الله الذي لا إله إلا هو لئن صفقت إحدي اليدين علي الأخري لا

ص: 492

يقوم السابقون للنابعين و لا البلدان للبلدين و ليسلبن أمركم و لينقلن الملک من بين أظهركم، و ما أنتم في الناس إلا كالشامة السوداء في الثور الأبيض فإني رأيتكم نشبتم في الطعن علي خليفتكم و بطرتم معيشتكم و سفهتم أحلامكم، و ما كل نصيحة مقبولة و الصبر علي بعض المكروه خير من تحمله كله .

قال: ثم خرج القوم و أمسك عثمان ابن عباس، فقال له عثمان: يابن عمي و يابن خالتي، فإنه لم يبلغني عنك في أمري شيء أحبه و لا أكرهه علي ولالي، و قد علمت أنك رأيت بعض ما رأي الناس، فمنعك عقلك حلمك من أن تظهر ما أظهروا، و قد أحببت أن تعلمني رأيك فيما بيني و بينك فأعتذر.

قال ابن عباس: فقلت يا امير المؤمنين، إنك قد ابتليتني بعد العافية، و أدخلتني في الضيق بعد السعة و والله إن رأيي لك أن يجلّ سنك، و يعرف قدرك و سابقتك، والله لوددت أنك لم تفعل ما تفعل ما فعلت مما ترك الخليفتان قبلك، فإن كان شيئاً تركاه لما رأيا أنه ليس لهما.

علمت أنه ليس لك كما لم يكن لهما، وإن كان ذلك لهما فتركاه خيفة أن ينال منهما مثل الذي نيل منك تركته لما تركاه له، و لم يكونا أحق بإكرام أنفسهما منك بإكرام نفسك.

قال: فما منعك أن تشير علي بهذا قبل أن أفعل ما فعلت؟ قال: و ما علمی أنك تفعل ذلك قبل أن تفعل؟ قال: فهب لي صمتاً حتي تري رأيي. قال: فخرج ابن عباس، فقال عثمان لمعاويه ما تري، فإن هولاء المهاجرين قد استعجلوا القدر، و لا بد لهم مما في أنفسهم، فقال معاوية: الرأي أن تأذن لي فأضرب أعناق هؤلاء القوم قال: من.

ص: 493

قال: علي وطلحة والزبير قال عثمان: سبحان الله، أقتل أصحاب رسول الله بلا حدث أحدثوه، و لا ذنب ركبوه؟ قال معاوية: فإن لم تقتلهم فإنهم سيقتلونك. قال عثمان: لا أكون أول من خلف رسول الله في أمته بإهراق .الدماء. قال معاوية فاختر مني إحدي ثلاث خصال؟ قال عثمان و ماهي؟

قال معاوية : أرتب لك هاهنا أربعة آلاف فارس من خيل أهل الشام يكونون لك ردءاً و بين يديك يداً قال عثمان أرزقهم من أين؟ قال: من بيت المال، قال عثمان أرزق أربعة آلاف من الجند من بيت مال المسلمين لحرز دمي؟ لا فعلت هذا.

:قال فثانية، قال: و ما هي ؟ قال : فرقهم عنك فلا يجتمع منهم اثنان في مصر واحد، و اضرب عليهم البعوث و الندب حتي يكون دبر بعير أحدهم أهم عليه من صلاته.

قال عثمان سبحان الله ؟ شيوخ المهاجرين و کبار اصحاب رسول الله و بقية الشوري أخرجهم من ديارهم و أفرق بينهم و بين أهلهم و أهلهم و أبنائهم؟ لا أفعل هذا. قال معاوية فثالثة، قال: و ما هي؟ قال: اجعل لي الطلب بدمك إن قتلت قال عثمان. نعم هذه لك إن قتلت فلا يطل دمي.

74- عنه قال: وذكروا أن أهل مصر جاءوا يشكون ابن أبي سرح عاملهم، فكتب إليه عثمان كتابا يتهدده فيه، فأبي ابن سرح أن يقبل ما نهاه عنه عثمان و ضرب بعض من أتاه به من قبل عثمان من أهل مصر حتي قتله، فخرج من أهل مصر سبع مأة رجل فنزلوا المسجد و شكوا إلي أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم في مواقيت الصلاة ما صنع بهم ابن أبي سرح.

فقام طلحة فتكلم بكلام شديد و أرسلت عائشه إلي عثمان فقالت له:

ص: 494

قد تقدم إليك أصحاب رسول الله و سألوك عزل هذا الرجل، فأبيت إلا واحدة، فهذا قد قتل منهم رجلا فأنصفهم من عاملك. و دخل عليه علي و كان متكلم القوم. فقال له: إنما يسألونك رجلا مكان رجل، و قد ادعوا قبله دما فاعزله عنهم واقض بينهم فإن وجب لهم عليه حق، فانصفهم منه فقال اختاروا رجلا أوليه عليهم.

فقالوا: استعمل محمد بن أبيبكر، فكتب عهده و ولاه، و خرج معه عدد من المهاجرين والأنصار، ينظرون فيما بين ابن أبي سرح و أهل اهل مصر، فخرج محمد و من معه حتى إذا كانوا علي مسيرة ثلاث ليال من المدينة : إذا هم بغلام أسود على بعير يخبط البعير كأنه رجل يطلب أو يُطلب، فقال له اصحاب محمد ما قصتك و ما شأنك، كأنك طالب أو هارب فقال أنا غلام أمير المومنين وجهني ألي عامل مصر.

فقال له رجل: هذا عامل مصر معنا، قال: ليس هذا أريد، فأخبر محمد بأمره فبعث في طلبه رجلا، فجاء به أليه، فقال له، غلام من أنت؟ فأقبل مرة يقول أنا غلام مروان و مرة يقول أنا غلام أمير المؤمنين حتي عرفه ،رجل، به انه لعثمان: فقال له :محمد إلي من أرسلك؟ قال: إلي عامل مصر.

قال: بماذا؟ قال برسالة قال أما معك كتاب قال: لا، قفتشوه فلم يجدوا معه كتابا قال وكانت معه إداوة قد يبست فيها شيء يتقلقل فحركوه ليخرج فلم يخرج فشقوا إداوته ، فإذا فيها كتاب من عثمان إلي عبدالله ابن أبي سرح فجمع محمد من كان معه من المهاجرين والأنصار.

ثم فك الكتاب بمحضر منهم، فقرأه، فإذا فيه: إذا أتاك محمد بن بكر و فلان و فلان فاقتلهم، وأبطل كتابهم، و قر علي وقر علي عملك حتي يأتيك رأيي.

ص: 495

فلما رأوا الكتاب فزعوا منه، و رجعوا إلى المدينة.

و ختم محمد الكتاب بخواتم النفر الذين كانوا معه، و دفعه إلي رجل منهم، ثم قدموا المدينة، فجمعوا طلحة والزبير و عليا وسعدا، و من كان من أصحاب رسول الله، ثم فكوا الكتاب بمحضر منهم، وأخبرهم بقصة الغلام و أقرأهم الكتاب،

لم يبق أحد من أهل المدينة إلا حنق علي عثمان. وقام أصحاب النبي فلحقوا بمنازلهم و حضر الناس ،عثمان و أحاطوا به، و منعوه الماء و الخروج ، و من كان معه، و أجلب عليه محمد بن أبي بكر.

قال: وذكروا أن أهل مصر أقبلوا إلي علي، فقالوا: ألم تر عدوا الله ما ذا كتب فينا؟ قم معنا إليه، فقد أحل ،دمه، فقال علي لا والله ولا أقوم معكم قالوا: فلم كتبت إلينا ؟ قال علي: لا والله ما كتبت إليكم كتاباً قط : فنظر بعضهم إلي بعض ثم أقبل الأشتر النخعى من الكوفة في ألف رجل و أقبل ابن أبي حذيفة من مصر في أربع مأة رجل.

فأقام أهل الكوفة و أهل مصر بباب عثمان ليلا ونهارا، و طلحة يحرض الفريقين جميعا علي عثمان ثم إن طلحة قال لهم إن عثمان لا يبالي ما حصرتموه؟ و هو يدخل إليه الطعام والشراب فامنعوه الماء أن يدخل عليه.

75 - الحاكم للنيسابوري حدثنا ابو عبدالله محمد بن احمد بن بطنة ثنا محمد بن عبدالله بن رستة الاصبهاني ثنا سليمان بن داود الشاذك-وني ثنا عيسي بن يونس عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عباس انه سئل عن عثمان ما كان علي فص خاتمه قال لقد كان فص خاتمه من صدق نيته اللهم احيني سعيدوا امتني شهيدا فوالله لقد عاش سعيدا و مات شهيدا.

76 - عنه حدثني ابوالحسن احمد بن محمد بن اسمعيل بن مهران

ص: 496

حدثني ابي أبو اسامة هارون بن اسحاق الهمداني ثنا عبدة ابن سليمان عن عن حصين الحارثي.

اسمعيل بن خالد قال جاء علي بن ابي طالب علیه السلام الي زيد بن أرقم يعوده و عنده قوم فقال علي علیه السلام اسكنوا او اسكتوا فوالله لا تسألوني عن شيء الا اخبرتكم فقال زيد انشدك الله انت قتلت عثمان فاطرق علي ساعة ثم قال و الذي فلق الحبة و برأ النسمة ما قتلته و لا امرت بقتله.

77- عنه قال هارون ابو اسامة عن زهير عن قتادة قال رأيت الحسن بن علي اخرج من دار عثمان جريحا.

78- قال المقدسي: سار عبدالرحمن بن عنس البلوي وكانت البلوي له صحبة في ستمائة راكب من أهل مصر فيهم عمرو بن الحمق و محمد بن ابي بكر حتى نزلوا بذي خَشب فرسخاً من المدينة و بعثوا الي عثمان من يكلّمه و يستعتبه فقال ما تنقمون علي فقال ننقم عليك ضربك عمارا قال فوالله ما أمرت به و لا ضربتُ فهذه يدي بعمار فليقتص قالوا و ننقم عليك إذ جعلت الحروف حرفاً واحدا.

قال جاءني حذيفة فقال ما كنت صائعاً اذا قيل قراءة فلان و قراءة فلان فيختلفون كما اختلف أهل الكتاب فإن يكن صواباً فمن الله و ان يكن خطاء فمن حذيفة وقالوا ننقم عليك أنّك استعملت الشفاء من اقاربك قال فليقم أهلُ كلّ مصرٍ فليسألوني صحبكم فاوله علهيم.

فبعث علي الي ذي خُشُبِ فأرضاهم وردهم فانصرفوا حتي بلغوا حُسمي مرّ بهم راكب معه كتاب الي ابن ابي سرح بقتل القوم و لما انصرف الراكب تكلّم الناس في أمرهم و أرجفوا بالأراجيف فخطب عثمان و قال قد بلغني ما تحدثتم و إنما جاؤوا في كبير من الأمر وقد رُكبت ما بك نهابر.

ص: 497

فإمّا أن تعتدل و امّا أن تعتزل فقال عثمان يا ابن النابغة هذا الآن عزلتك عن مصر قالوا و لما أعطي عثمان القوم ما أرادوا قال مروان بن الحكم الحمران بن أبان كاتب عثمان فكان خاتم عثمان مع مروان بن الحكم.

إن هذا الشيخ قد وَهَن و خشرف و قُم فاكتب الي ابن ابي سرح ان يضرب أعناق من ألب على عثمان ففعلا و بعث الكتاب مع غلام لعثمان يقال له مدس علي ناقة من نوقه فمر بالقوم و من نوقه فمرّ بالقوم و هم نزول بجسمي فاتهموه و أخذوه و قرّروه و أخرجوا الكتاب من إداوة له وانصرفوا الي المدينة وبدؤوا بعلي ابن ابي طالب لانه كان راوضهم و ضمن لهم.

فجاء عليّ معهم الي عثمان فقالوا فعلت و فعلت فانكر ذلك وقال لعن الله الكاتب و المملّي والآمر به فقالوا فمن تظنّ قال أظنّ كاتبي غدر و ارتجت المدينة برجوع القوم فحنق بنو مخزوم لضربه عمار و حنق بنو زهرة لحال عبدالله بن مسعود و حنق بنو غفار لمكان أبي ذرّ الغفاري.

و كان أشدّ الناس طلحة و الزبير و محمد بن ابي بكر و عائشة و خذلته المهاجرون والأنصار و تكلمت عائشة في أمره و اطلعت شعرة من شعر رسول الله و نعله وثيابة وقالت ما أرع ما تركتم سنة نبيكم فقال عثمان في آل ابي قحافه ما قال وغضب حتي ما كاد يدري ما يقول.

فقال عمر بن العاص سبحان الله يريد أن يحقق طعن الناس علي عثمان فقال الناس سبحان الله ثم صعد عثمان المنبر و هو يريد أن يتكلم بعهد فقام رجلٌ قشمته و عابه و قال فعلت و فعلت و عثمان يلتفت الي الناس حوله فلا يرد عليه أحدٌ.

ثم قام الجهجاه بن سنام الغفاري فأخذ القضيب من يده و كسرها فنزل عثمان و حوله ناس من بني اميه و دخل داره فحاصروه عشرين يوما

ص: 498

فلما اشتد الحصار كتب كتاباً و اطلع رأسه من داره و ترسوه بالترسة و قرأه بأعلي صوته اني انزع علي كلّ شيء انكرنموه و أتوب الي الله عزّ و جل من كل قبيح عملته كذا و كذا و احذركم سفك دمي بغير حق.

فقالوا إن كنت مغلوباً علي أمرك فاعتزل و ادفع الينا مروان فأبي و قال لا انخلع من قميص قصنيه الله تعالي و لا اشبُلكم سعيكم و استأذنوا غلمانه في محاربة القوم فناشدهم أن لا يُراق فيه محجمة دم و قال من كفّ يده فهو حرّ و كتب الي علي علیه السلام .

فإن كنتُ مأكولاً فكن خير آكلي *** وإلا فأدركني و لما أمزق

أترضَي أن يقتل ابن عمّك ويسلب ملكك قال علي علیه السلام لا والله و بعث بالحسن و الحسين الي بابه يحرُسانه قتسوّر محمد بن ابي بكر مع رجلين في حائط عثمان من دار رجل من الانصار فأخذه محمد بن ابي بكر بلحيتة حتى سُمع وقع أضراسه قال ابن عثمان خلّ يابن أخي،

فوالله لو رأك أبوك لساءه مكانك فتراخت يده و ضربه عمرو بن بديل بمشقصٍ في أوداجه و قتله سنان بن عِياض و المصحف في حجره لعشر مضين من ذي الحجة سنة خمس وثلثين و لبث في داره مقتولاً يوماً أو يومين ثم دُفِنَ فى موضع يقال حَشٌ كوكب.

قال ابن اسحق قتل يوم الاربعاء لثمان خلون من ذي الحجة.

79- قال ابن أبي الحديد في شرح قوله علیه السلام : والله لو وجدته قد الان تزوج به النساء و ملك به الإماء لرددته فإن في العدل سعة العدل سعة و من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق.

القطائع ما يقطعه الإمام بعض الرعية من أرض بيت المال ذات الخراج و يسقط عنه خراجه و يجعل عليه ضريبة يسيرة عوضا عن

ص: 499

الخراج و قد كان عثمان أقطع كثيرا من بني أمية و غيرهم من أوليائه و أصحابه قطائع من أرض الخراج على هذه الصورة.

و قد كان عمر أقطع قطائع و لكن لأرباب الغناء في الحرب و الآثار المشهورة في الجهاد فعل ذلك ثمنا عما بذلوه من مهجهم في طاعة الله سبحانه و عثمان أقطع القطائع صلة لرحمه و ميلا إلى أصحابه عن غير عناء في الحرب و لا أثر.

و هذه الخطبة ذكرها الكلبي مروية مرفوعة إلى أبي صالح عن ابن عباس أن عليا علیه السلام خطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة فقال.

إن كل قطيعة أقطعها عثمان و كل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال فإن الحق القديم لا يبطله شيء و لو وجدته و قد تزوج به النساء و فرق في البلدان لرددته إلى حاله فإن في العدل سعة و من ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق.

و تفسير هذا الكلام أن الوالي إذا ضاقت عليه تدبيرات أموره في العدل فهي في الجور أضيق عليه لأن الجائر في مظنة أن يمنع و يصد عن جوره .

80- عنه قال الكلبي : ثم أمر علیه السلام بكل سلاح وجد لعثمان في داره مما تقوى به على المسلمين فقبض و أمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة فقبضت و أمر بقبض سيفه و درعه و أمر ألا يعرض لسلاح وجد له لم يقاتل به المسلمون و بالكف عن جميع أمواله التي وجدت في داره و في غير داره و أمر أن ترتجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث أصيبت أو أصيب أصحابها.

فبلغ ذلك عمرو بن العاص وكان بأيلة من أرض الشام أتاها حيث

ص: 500

وثب الناس على عثمان فنزلها فكتب إلى معاوية ما كنت صانعا فاصنع إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها.

و قال الوليد بن عقبة و هو أخو عثمان من أمه يذكر قبض علي علیه السلام نجائب عثمان و سیفه و سلاحه :

بني هاشم ردوا سلاح ابن أختكم *** ولا تنهبوه لا تحل مناهبه

بني هاشم كيف الهوادة بيننا *** و عند علي درعه و نجائبه

بني هاشم كيف التودد منكم *** و بز ابن أروى فيكم و حرائبه

بني هاشم إلا تردوا فإننا *** سواء علينا قاتلاه و سالبه

بني هاشم إنا وما كان منكم *** كصدع الصفا لا يشعب الصدع شاعبه

قتلتم أخي كما تكونوا مكانه *** كما غدرت يوما بكسرى مرازبه

فأجابه عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بأبيات طويلة من جملتها.

فلا تسألونا سيفكم إن سيفكم *** أضيع و ألقاه لدى الروع صاحبه

و شبهته کسری و قد كان مثله *** شبيها بکسری هدبه و ضرائبه

أي كان كافرا كما كان كسرى كافرا.

و كان المنصور رحمه الله تعالى إذا أنشد هذا الشعر يقول لعن الله الوليد هو الذي فرق بين بني عبد مناف بهذا الشعر.

81- عنه روى محمد بن عمر الواقدي قال: لما أجلب الناس على عثمان وكثرت القالة فيه خرج ناس من مصر منهم عبد الرحمن ابن عديس البلوي وكنانة بن بشر الليثي و سودان بن حمران السكوني وقتيرة بن وهب السكسكي و عليهم جميعا أبو حرب الغافقي و كانوا في ألفين و خرج ناس من الكوفة منهم زيد بن صوحان العبدي و مالك الأشتر النخعي و

ص: 501

زياد بن النضر الحارثي و عبد الله بن الأصم الغامدي في ألفين و خرج ناس من أهل البصرة.

منهم حكيم بن جبلة العبدي و جماعة من أمرائهم وعليهم حرقوص ابن زهير السعدي و ذلك في شوال من سنة خمس وثلاثين وأظهروا أنهم يريدون الحج فلما كانوا من المدينة على ثلاث تقدم أهل البصرة فنزلوا ذا خشب و كان هواهم في طلحة و تقدم أهل الكوفة فنزلوا الأعوص وكان هواهم في الزبير.

و جاء أهل مصر فنزلوا المروة و كان هواهم في علي علیه السلام و دخل ناس منهم إلى المدينة يخبرون ما في قلوب الناس لعثمان فلقوا جماعة من المهاجرين والأنصار و لقوا أزواج النبي صلی الله علیه و آله وسلم و قالوا إنما نريد الحج و نستعني من عمالنا.

ثم لقي جماعة من المصريين عليا علیه السلام و هو متقلد سيفه عند أحجار الزيت فسلموا عليه و عرضوا عليه أمرهم فصاح بهم و طردهم و قال لقد علم الصالحون أن جيش المروة و ذي خشب و الأعوص ملعونون على لسان محمد صلی الله علیه و آله وسلم فانصرفوا عنه.

82- عنه روى الواقدي و المدائني و ابن الكلبي و غيرهم و ذكره أبو جعفر في التاريخ و ذكره غيره من جميع المورخين أن عليا علیه السلام لما رد المصريين رجعوا بعد ثلاثة أيام فأخرجوا صحيفة في أنبوبة رصاص و قالوا وجدنا غلام عثمان بالموضع المعروف.

بالبويب على بعير من إبل الصدقة ففتشنا متاعه لأنا استربنا أمره فوجدنا فيه هذه الصحيفة مضمونها أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بجلد عبد الرحمن بن عديس و عمرو بن الحمق و حلق رءوسهما و لحاهما و

ص: 502

حبسهما و صلب قوم آخرين من أهل مصر.

و قيل إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي و إنهم لما رأوه و سألوه عن مسيره و هل معه كتاب فقال لا فسألوه في أي شيء هو فتغير كلامه فأخذوه و فتشوه و أخذوا الكتاب منه و عادوا إلى المدينة و جاء الناس إلى علي علیه السلام و سألوه أن يدخل إلى عثمان فيسأله عن هذه الحال فقام فجاء إليه فسأله فأقسم بالله ما كتبته و لا علمته و لا أمرت به.

فقال محمد بن مسلمة صدق هذا من عمل مروان فقال لا أدري و كان أهل مصر حضورا فقالوا أفيجترأ عليك و يبعث غلامك على جمل من إبل الصدقة و ينقش على خاتمك و يبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة و أنت لا تدري قال نعم قالوا إنك إما صادق أو كاذب فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا و عقوبتنا بغير حق.

و إن كنت صادقا فقد استحققت الخلع لضعفك عن هذا الأمر و غفلتك و خبث بطانتك و لا ينبغي لنا أن نترك هذا الأمر بيد من تقطع الأمور دونه لضعفه و غفلته فاخلع نفسك منه فقال لا أنزع قميصا ألبسنيه الله و لكني أتوب و أنزع قالوا لو كان هذا أول ذنب تبت منه لقبلنا و لكنا رأيناك تتوب.

ثم تعود و لسنا بمنصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله و إن منعك أصحابك وأهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك فقال أما أن أبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلي من ذلك و أما قتالكم من يمنع عني فإني لا آمر أحدا بقتالكم فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل و لو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجناد فقدموا علي أو لحقت ببعض الأطراف و كثرت الأصوات و اللغط فقام علي فأخرج أهل مصر معه و خرج إلى منزله.

ص: 503

قال أبو جعفر وكتب عثمان إلى معاوية و ابن عامر و أمراء الأجناد يستنجدهم و يأمر بالعجل و البدار و إرسال الجنود إليه فتربص به معاوية فقام في أهل الشام يزيد بن أسد القسري جد خالد بن عبد الله بن يزيد أمير العراق فتبعه خلق كثير فسار بهم إلى عثمان فلما كانوا بوادي القرى بلغهم قتل عثمان فرجعوا.

و قيل بل أشخص معاوية من الشام حبيب بن مسلمة الفهري و سار من البصرة مجاشع بن مسعود السلمي فلما وصلوا الربذة و نزلت مقدمتهم الموضع المسمى صرارا بناحية المدينة أتاهم قتل عثمان فرجعوا و كان عثمان قد استشار نصحاءه في أمره فأشاروا أن يرسل إلى علي علیه السلام يطلب إليه أن يرد الناس و يعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى تأتيه الأمداد فقال إنهم لا يقبلون التعليل وقد كان مني في المرة الأولى ما كان فقال مروان أعطهم ما سألوك وطاولهم ما طاولوك فإنهم قوم قد بغوا عليك و لا عهد لهم.

فدعا علیا عليه السلام و قال له قد ترى ما كان من الناس و لست آمنهم على دمي فارددهم عني فإني أعطيهم ما يريدون من الحق من نفسي و من غيري. فقال علي إن الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك و إنهم لا يرضون إلا بالرضا وقد كنت أعطيتهم من قبل عهدا فلم تف به فلا تغرر في هذه المرة فإني معطيهم عنك الحق قال أعطهم فو الله لأفين لهم.

فخرج على علیه السلام إلى الناس فقال إنكم إنما تطلبون الحق و قد أعطيتموه و إنه منصفكم من نفسه فسأله الناس أن يستوثق لهم وقالوا إنا لا نرضى بقول دون فعل فدخل عليه فأعلمه فقال اضرب بيني و بين الناس أجلا فإني لا أقدر على تبديل ما كرهوا في يوم واحد فقال علی علیه السلام أما ما كان بالمدينة فلا أجل فيه و أما ما غاب فأجله وصول أمرك.

ص: 504

قال نعم فأجلني فيها بالمدينة ثلاثة أيام فأجابه إلى ذلك وكتب بينه و بين الناس كتابا على رد كل مظلمة و عزل كل عامل كرهوه فكف الناس عنه و جعل يتأهب سرا للقتال و يستعد بالسلاح و اتخذ جندا فلما مضت الأيام الثلاثة و لم يغير شيئا ثار به الناس و خرج قوم إلى من بذي خشب من المصريين فأعلموهم الحال.

فقدموا المدينة وتكاثر الناس عليه و طلبوا منه عزل عماله و رد مظالمهم فكان جوابه لهم أني إن كنت أستعمل من تريدون لا من أريد فلست إذن في شيء من الخلافة و الأمر أمركم فقالوا و الله لتفعلن أو لتخلعن أو لنقتلنك فأبى عليهم و قال لا أنزع سر بالا سربلنيه الله فحصروه و ضيقوا الحصار عليه.

83- عنه قال: فأما روايته عن أمير المؤمنين علیه السلام تبرؤه من قتل عثمان و لعنه قتلته في البر والبحر و السهل والجبل فلا شك في أنه علیه السلام كان بريئا من قتله.

و قد روي عنه علیه السلام أنه قال و الله ما قتلت عثمان و لا مالأت في قتله.

و المالأة هي المعاونة و الموازرة و قد صدق علیه السلام في أنه ما قتل و لا وازر على القتل. فأما لعنه قتلته فضعيف في الرواية وإن كان قد روي فأظهر منه.

84 - عنه روى الواقدي عن الحكم بن الصلت عن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال رأيت عليا علیه السلام على منبر رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم حين قتل و هو يقول ما أحببت قتله و لا كرهته و لا أمرت به و لا نهيت عنه.

85- عنه قد روى محمد بن سعد عن عفان بن جرير بن بشير عن أبي جلدة أنه سمع عليا علیه السلام يقول و هو يخطب فذكر عثمان و قال و الله الذي

ص: 505

لا إله إلا هو ما قتلته ولا مالات على قتله و لا ساءني.

86- عنه روى ابن بشير عن عبيدة السلماني قال سمعت عليا علیه السلام يقول من كان سائلي عن دم عثمان فإن الله قتله و أنا معه. و قد روي هذا اللفظ من طرق كثيرة.

87- عنه قد روى شعبة عن أبي حمزة الضبعي قال قلت لابن عباس إن أبي أخبرني أنه سمع عليا يقول ألا من كان سائلي على دم عثمان فإن الله قتله و أنا معه فقال صدق أبوك هل تدري ما معنى قوله إنما عنى الله قتله أنا مع الله.

88- عنه روى أبو العباس المبرد في الكامل عن قنبر مولى العليا علیه السلام قال دخلت مع علي على عثمان فأحبا الخلوة فأوماً إلي علي علیه السلام بالتنحي فتنحيت غير بعيد فجعل عثمان يعاتبه و علي مطرق فأقبل عليه عثمان و قال ما لك لا تقول قال إن قلت لم أقل إلا ما تكره و ليس لك عندي إلا ما تحب.

89- عنه روى الواقدي في كتاب الشورى عن ابن عباس رحمه الله قال شهدت عتاب عثمان العلي علیه السلام يوما فقال له في بعض ما قاله نشدتك الله أن تفتح للفرقة بابا فلعهدي بك و أنت تطيع عتيقا و ابن الخطاب طاعتك لرسول الله صلی الله علیه و آله وسلم و لست بدون واحد منهما و أنا أمس بك رحما و أقرب إليك صهرا فإن كنت تزعم أن هذا الأمر جعله رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لك.

فقد رأيناك حين توفي نازعت ثم أقررت فإن كانا لم يركبا من الأمر جددا فكيف أذعنت لهما بالبيعة و بجعت بالطاعة و إن كانا أحسنا فيها وليا و لم أقصر عنها في ديني و حسبي و قرابتي فكن لي كما كنت لها.

فقال علي علیه السلام أما الفرقة فمعاذ الله أن أفتح لها بابا وأسهل إليها سبيلا

ص: 506

و لكنى أنهاك عما ينهاك الله ورسوله عنه و أهديك إلى رشدك و أما عتيق و ابن الخطاب فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم لي فأنت أعلم بذلك و المسلمون و ما لي و لهذا الأمر وقد تركته منذ حين فإما ألا يكون حقي بل المسلمون فيه شرع فقد أصاب السهم الثغرة.

و إما أن يكون حقي دونهم فقد تركته لهم طبت به نفسا و نفضت يدي عنه استصلاحا و أما التسوية بينك و بينهما فلست كأحدهما إنهما وليا هذا الأمر فظلفا أنفسهما و أهلهما عنه و عمت فيه و قومك عوم السابح في اللجة.

فارجع إلى الله أبا عمرو و انظر هل بقي من عمرك إلا كظمء الحمار فحتى متى و إلى متى ألا تنهى سفهاء بني أمية عن أعراض المسلمين و أبشارهم و أموالهم و الله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركا بينه و بينك.

90- عنه قال ابن عباس فقال عثمان لك العتبى و افعل و اعزل من عمالي كل من تكرهه و يكرهه المسلمون ثم افترقا فصده مروان بن الحكم عن ذلك و قال يجترئ عليك الناس فلا تعزل أحدا منهم.

91 - عنه روى أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب أخبار السقيفة عن محمد بن قيس الأسدي عن المعروف بن سويد قال كنت بالمدينة أيام بویع عثمان فرأيت رجلا في المسجد جالسا و هو يصفق بإحدى يديه على الأخرى و الناس حوله و يقول واعجبا من قريش واستئثارهم بهذا الأمر على أهل هذا البيت معدن الفضل و نجوم الأرض و نور البلاد.

و الله إن فيهم لرجلا ما رأيت رجلا بعد رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم أولى منه بالحق و لا أقضي بالعدل و لا آمر بالمعروف و لا أنهى عن المنكر فسألت

ص: 507

عنه فقيل هذا المقداد فتقدمت إليه وقلت أصلحك الله من الرجل الذي تذكر فقال ابن عم نبيك رسول الله صلی الله علیه و آله وسلم علي بن أبي طالب.

قال فلبثت ما شاء الله ثم إني لقيت أبا ذر رحمه الله فحدثته ما قال المقداد فقال صدق قلت فما يمنعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم قال أبى ذلك قومهم قلت فما يمنعكم أن تعينوهم قال مه لا تقل هذا إياكم و الفرقة و الاختلاف.

قال فسكت عنه ثم كان من الأمر بعد ما كان.

92 - عنه ذكر شيخنا أبو عثمان الجاحظ في الكتاب الذي أورد ف--ي-ه المعاذير عن أحداث عثمان أن عليا اشتكى فعاده عثمان من شكايته فقال علی علیه السلام .

و عائدة تعود لغير ود *** تود لو أن ذا دنف يموت

فقال عثمان و الله ما أدري أحياتك أحب إلي أم موتك إن مت هاضني فقدك و إن حييت فتنتني حياتك لا أعدم ما بقيت طاعنا يتخذك رديئة يلجأ إليها.

فقال علي علیه السلام ما الذي جعلني رديئة للطاعنين العائبين إنما سوء ظنك بي أحلني من قبلك هذا المحل فإن كنت تخاف جانبي فلك علي عهد الله و ميثاقه أن لا بأس عليك مني ما بل بحر صوفة و إني لك لراع و إني عنك لمحام و لكن لا ينفعني ذلك عندك و أما قولك إن فقدي يهيضك فكلا أن تهاض لفقدي ما بقي لك الوليد و مروان فقام عثمان فخرج.

93 - عنه قد روي أن عثمان هو الذي أنشد هذا البيت وقد كان اشتکی فعاده على علیه السلام فقال عثمان:

و عائدة تعود بغير نصح *** تود لو أن ذا دنف يموت

ص: 508

94 - عنه روى أبو سعد الآبي في كتابه عن ابن عباس قال وقع بين عثمان و علي علیه السلام الكلام فقال عثمان ما أصنع إن كانت قريش لا تحبكم وقد قتلتم منهم يوم بدر سبعين كأن وجوههم شنوف الذهب تصرع أنفهم قبل شفاههم.

95- عنه روى المذكور أيضا أن عثمان لما نقم الناس عليه ما نقموا قام متوكئا على مروان فخطب الناس فقال إن لكل أمة إن آفة و لكل نعمة عاهة و آفة هذه الأمة و عاهة هذه النعمة قوم عيابون طعانون يظهرون لكم ما تحبون و يسرون ما تكرهون طغام مثل النعام يتبعون أول ناعق و لقد نقموا علي ما نقموا على عمر مثله فقمعهم و وقهم و إني لأقرب ناصرا و أعز نفرا فما لي لا أفعل في فضول الأموال ما أشاء.

الي

96 - عنه روى المذكور أيضا أن عليا علیه السلام لما اشتكى فعاده عثمان فقال ما أراك أصبحت إلا ثقيلا قال أجل قال والله ما أدري أموتك أحب إلي أم حياتك إني لأحب موتك و أكره أن أعيش بعدك فلو شئت جعلت لنا من نفسك مخرجا إما صديقا مسالما و إما عدوا مغالبا و إنك لكما قال أخو إياد:

جرت لما بيننا حبل الشموس *** فلا يأسا مبينا نرى منها ولا طمعا

فقال علي علیه السلام ليس لك عندي ما تخافه و إن أجبتك لم أجبك إلا بما تكرهه .

97 - عنه كتب عثمان إلى علي علیه السلام حين أحيط به أما بعد فقد جاوز الماء الزبى و بلغ الحزام الطبيين وتجاوز الأمر في قدره فطمع في من لا يدفع عن نفسه .

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل *** وإلا فأدركني ولما أمزق

98- عنه روى شيخنا أبو عثمان الجاحظ عن زيد بن أرقم قال سمعت

ص: 509

عثمان و هو يقول لعلي علیه السلام أنكرت علي استعمال معاوية و أنت تعلم أن عمر استعمله قال علي علیه السلام نشدتك الله ألا تعلم أن معاوية كان أطوع لعمر من يرفاً غلامه إن عمر كان إذا استعمل عاملا وطى على صماخه و إن القوم ركبوك وغلبوك و استبدوا بالأمر دونك فسكت عثمان.

99 - عنه روى الطبري أيضا قال قال ابن عباس رحمه الله لما حججت بالناس نيابة عن عثمان و هو محصور مررت بعائشة بالصلصل فقالت يا ابن عباس أنشدك الله فإنك قد أعطيت لسانا و عقلا أن تخذل الناس عن طلحة فقد بانت لهم بصائرهم في عثمان و أنهجت و رفعت لهم المنار و تحلبوا من البلدان لأمر قد حم و إن طلحة فيما بلغني.

قد اتخذ رجالا على بيوت الأموال و أخذ مفاتيح الخزائن وأظنه يسير إن شاء الله بسيرة ابن عمه أبي بكر فقال يا أمه لو حدث بالرجل حدث ما فزع الناس إلا إلى صاحبنا فقالت إيها عنك يا ابن عباس إني لست أريد مكابرتك و لا مجادلتك.

100- عنه روى المدائني في كتاب مقتل عثمان أن طلحة منع من دفنه ثلاثة أيام و أن علياء علیه السلام لم يبايع الناس إلا بعد قتل عثمان بخمسة أيام و أن حكيم بن حزام بن حزام أحد بني أسد بن عبد العزى و جبير بن مطعم بن الحارث ابن نوفل استنجدا بعلي علیه السلام على دفنه.

فأقعد طلحة لهم في الطريق ناسا بالحجارة فخرج به نفر يسير من أهله و هم يريدون به حائطا بالمدينة يعرف بحش كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم فلما صار هناك رجم سريره و هموا بطرحه فأرسل علي علیه السلام إلى الناس يعزم عليهم ليكفوا عنه فكفوا فانطلقوا به حتى دفنوه في حش كوكب.

ص: 510

101 - عنه روى الطبري نحو ذلك إلا أنه لم يذكر طلحة بعينه وزاد فيه أن معاوية لما ظهر على الناس أمر بذلك الحائط فهدم حتى أفضى به إلى البقيع و أمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره حتى اتصل ذلك بمقابر المسلمين.

102 - عنه روى المدائني في هذا الكتاب قال دفن عثمان بين المغرب و العتمة و لم يشهد جنازته إلا مروان بن الحكم و ابنة عثمان و ثلاثة من مواليه فرفعت ابنته صوتها تندبه و قد جعل طلحة ناسا هناك أكمنهم كمينا فأخذتهم الحجارة وصاحوا نعثل نعثل فقالوا الحائط الحائط فدفن في حائط هناك.

103 - عنه روى الواقدي قال لما قتل عثمان تكلموا في دفنه فقال طلحة يدفن بدير سلع يعني مقابر اليهود.

104 - عنه ذكر الطبري في تاريخه هذا إلا أنه روى روى عن طلحة فقال قال رجل يدفن بدير سلع فقال حكيم بن حزام والله لا يكون هذا أبدا و أحد من ولد قصي حي حتى كاد الشر يلتحم فقال ابن عديس البلوي أيها الشيخ و ما يضرك أين دفن قال لا يدفن إلا ببقيع الغرقد حيث دفن سلفه و رهطه فخرج به حكيم بن حزام في اثني عشر رجلا منهم الزبير بن العوام فمنعهم الناس عن البقيع فدفنوه بحش كوكب.

105 - عنه قال عثمان العلي علیه السلام : في كلام دار بينهما: أبوبكر و عمر خير منك، فقال علي: كذبت أنا خير منك و منهما عبدت الله قبلها و عبدته بعدهما .

ص: 511

المنابع:

(1) معاني الاخبار (358 (2) الارشاد: 101، (3) امالي المفيد: 69 - 72 (4) امالي الطوسی: 321/2، الي 323 ،

(5) نهج البلاغة : خ (307 ، (6) مسند احمد: 57/1 - 61

(7) الموفقيات 602 الي 618، (8) العقد الفريد: 287/4 ، الي 310

(9) تاريخ الطبري: 267/4، 276 - 336، الي 392.

(10) مروجالذهب 349/2، (11) الامامة والسياسة: 31، الی 41، (12) مستدرك الحاكم : 106/3، (13) البدء و التاريخ: 231/5،

(14) شرح رح نهج البلاغة: 279/10 ، 149 - 140/2 - 152 و 65/3 - 66 و 14/91 الي 24 و 6/10 و 25/20. ،

قال العطاردى :

قد تم بحمد الله و حسن توفيقه المجلد الثالث مسند الإمام من الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام و يتلوه انشاء الله المجلد الرابع

اوّله: باب خلافته علیه السلام

ص: 512

فهرست

العنوان ... الصفحة ... عدد الاحاديث

باب ماجرى له عند وفاة النبي علیه السلام ... 3 ... 73

باب ماجرى له علیه السلام في السقيفة ...39 ... 171

باب ماجرى بينه علیه السلام و أبي بكر... ... 231 ... 21

باب ماجرى بينه علیه السلام و عمر ... 256 ... 132

باب ماجرى له علیه السلام في الشورى ... 332 ... 54

باب ماجرى بينه علیه السلام وعثمان ... 412 ... 105

الجمع ... 556

ص: 513

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.