مثالب النواصب ( ابن شهر آشوب ) المجلد 6
هوية الكتاب
مثالب النواصب
للمحدث الامتتبع والفقیه المحقق
رشید الدین أبي جعفر محمد بن علي
ابن شهر آشوب المازندراني (طاب ثراه)
(448 - 588ه_)
الجزء السادس
صحة و أخرج نصوصه وعلق علیه
الاشیخ عبدالمهدي الإثنا عشري
المؤلف : محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني ( 488 - 588 ه_)
المحقق : الشيخ عبدالمهدي الاثناعشري
الإصدار : دار الرضا - النجف الأشرف الطبعة : الأُولى - 1445 ه_ / 2024 م
عدد الأجزاء : 12 مجلّداً
ص: 1
اشارة
هوية الكتاب:
المؤلّف : مثالب النواصب / ج 6
المؤلف : محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (488 - 588 ه_)
المحقق : الشيخ عبدالمهدي الاثناعشري
الإصدار : دار الرضا - النجف الأشرف
الطبعة : الأُولى - 1445 ه_ / 2024 م
عدد الأجزاء : 12 مجلّداً
يمنع شرعاً و قانوناً نشر الموسوعة أو تكثيرها
أو تصويرها بدون إذن محققها وبإجازة كتبية
لتحصيل الموسوعة ، يرجى الاتصال عبر :
البريد الإلكتروني :
almasaleb@gmail.com
ص: 2
آیة.. ابتهال.. روایة.. شعر
قال عز من قال :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِروحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ المُفْلِحُونَ ﴾.
سورة المجادلة (58): 22
ص: 3
روي عن مولانا أبي الحسن الرضا عليه آلاف التحية والثناء، أنته قال:
«کمال الدين ولايتنا والبراءة من عدونا » .
ثم قال الصفواني : واعلم - يا بني ! - أنه لا تتم الولاية ولا تخلص المحبة ، ولا تثبت المودة لآل محمد (علیهم السّلام) إلا بالبراءة من عدوهم قريباً كان منك أم بعيداً ، فلا تأخذك به رأفة ، فإنّ الله عزّ وجلّ يقول .. ثم ذكر هذه الآية :
﴿ لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ ..﴾.
المستطرفات (19): 149 حديث 3 ، ممّا استطرفه
ابن إدريس (قدس سره) من كتاب الصفواني
ص: 4
ابتهال
«اللهم إني أسألك بحقك العظيم، أن تصلى على محمّد وآله الطاهرين صلاة تامة دائمة، وأن تدخل على محمد و آل محمد، ومحبّيهم وأوليائهم، حيث كانوا في سهل أو جبل، أو برّ أو بحر ، من بركة دعائي ما تقر به عيونهم....
اللهم وضاعف لعنتك وبأسك ونكالك وعذابك على اللَّذين كفرا نعمتك ، وخوّفا رسولك ، واتهما نبيّك وبايناه ، وحلّا عقده في وصيّه، ونبذا عهده في خليفته من بعده ، وادعيا مقامه ، وغيرا أحكامه، وبدلا سنّته ، وقلّبا، دينه ، وصغرا قدر حججك ، وبَدَءَا بظلمهم، وطرقا طريق الغدر عليهم ، والخلاف عن أمرهم، والقتل لهم ، وإرهاج الحروب عليهم ، ومنعا خليفتك من سدّ الثلم، وتقويم العوج، وتثقيف الأود، وإمضاء الأحكام ، وإظهار دين الإسلام، وإقامة حدود القرآن ...
اللهم العنهما وابنتيهما ، وكلّ من مال ميلهم ، وحذا حذوهم، وسلك طريقتهم ، وتصدّر ببدعتهم، لعناً لا يخطر على بال، ويستعيذ منه أهل النار العن اللهم من دان بقولهم، واتبع أمرهم ودعا إلى ولايتهم ، وشكّ في كفرهم، من الأولين والآخرين...».
مستدرك الوسائل 60/5 - 62 (باب 17) حدیث 5366
عن مهج الدعوات: 333 باختلاف يسير
ص: 5
منصور الفقيه :
[ من مجزوء الرجز ]
إن كان حبّي خمسةً *** بهم زَكَت فرائضی
وبُعْضُ مَن عاداهُمْ *** رَفْضاً فإنّي رافضي(1)
ص: 6
1- نقل هذين البيتين عنه الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 77/3، وقد تنسبان إلى الشافعي كما جاء في كتاب الإمام الصادق (علیه السّلام) والمذاهب الأربعة 249/3 .. وغيره. هذا ؛ وقد نقله الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودة: 4 [طبعة إسلامبول، وفي طبعة 103/3] نقلاً عن الثعلبي في تفسيره - عقيب ذكر حديث الخمسة أهل الكساء - ثم قال : والله درّ القائل : لو لم تكن في حب آل محمد *** ثكلتك أُمُّك غير طيب المولد
نماذج من تسختي (ألف) و (ب) من الکتاب - المبدأ والمنتهی-
الصورة
خاتمة الجزء الخامس وبداية هذا الجزء من نسخة ألف
ص: 7
الصورة
نموذج من تغيير خط الكتاب في هذا الجزء من نسخة ألف
ص: 8
الصورة
خاتمة الجزء الخامس وبداية هذا الجزء من نسخة ب
ص: 9
الصورة
نموذج مما جاء في هذا الجزء من نسخة ب
ص: 10
مسرد هذا المجلد
مسرد
المجلد السادس
ية .. رواية .. ابتهال .. شعر ... 3
نماذج من نسختي الكتاب المبدأ والمنتهى ... 7
مسرد هذا المجلد ... 11
القسم الثاني
فى مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين
تتمة باب أبي الدواهي
(13 - 397)
الفصل الثاني عشر : في بغي الطاغوت ... 13
الفصل الثالث عشر : في كفر غندر ... 35
الفصل الرابع عشر : في بدع هامان ... 47
الفصل الخامس عشر : في مشورة ابن حنتمة ... 219
الفصل السادس عشر : في إحراق فلان منزل أهل البيت (علیهم السّلام) ... 315
الفصل السابع عشر : في ردّ الأخبار الكاذبة في يعوق ... 315
الفصل الثامن عشر : في المفردات : في قنفذ ... 379
ص: 11
القسم الثاني
فى مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين باب أبي المعازف
(399 - 493)
الفصل الأوّل : في أصل قارون ونسبه ... 401
الفصل الثاني : في جهل البغي ... 421
الفصل الثالث : في ظلم نعثل ... 447
المحتوى الفهرست التفصيلي ... 495
* * *
ص: 12
[القسم الثاني]
[فى مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين]
[تتمة باب في أبي الدواهي]
[فصل 12] [في بغي الطاغوت]
*فصل في بغي الطاغوت(1)
في قوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ .. ﴾
أبو بصير ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام): قوله : ﴿ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ .. ﴾(2): «أنتم هم(3)، ومن أطاع جباراً فقد عبده »(4).
في قوله تعالي: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا .. ﴾
الباقر (علیه السّلام) في قوله: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا .. ﴾(5) الآية : « والله ما آمنوا به .. ثم ردوا حكمه (صلی الله علیه و آله و سلم) في علي وفاطمة ؛ في الولاية لعليّ، وغصبوا
ص: 15
1- الطاغوت ؛ له معانٍ جمّة ، كلّها صادقة على الثاني ، وهو من الرموز التي قرّرها المصنف رحمه الله في ديباجة كتابه هذا في الباب الثاني المختص بالثاني .. كما وقد ورد في رواياتنا وكتب الأصحاب مكرّراً تكنية عنه ، إما على نحو النوع أو خصوص الثاني .. ولذا يقال له ولصاحبه : الطاغوتان، وطاغوتا قريش.. راجع : الكتاب الرائع : الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 2 /445 - 449 .
2- سورة الزمر (39): 17 .
3- في المصادر: «أنتم الذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ...».
4- كما في كنز جامع الفوائد : 269 [ الطبعة الحجرية ] ، ولا يوجد فيه كلمة : أنتم هم. وانظر: تأويل الآيات الظاهرة 513/2، حديث 5 ، آية (17) من سورة الزمر ، وعنه في بحار الأنوار 361/23 - 362 حديث 20.
5- سورة آل عمران (3) : 86.
فاطمة فدكاً».
موقف عبدالله بن عمر عندما نعي الحسین (علیه السلام) في المدینة وخروجه إلی الشام
وروى جعفر بن علي الخزاز(1)، عن عليّ بن مشكاة، عن المفضّل بن عمر ، عن جابر بن يزيد عن سعيد بن المسيب، عن وهب [بن] مرة ..
وروى عليّ بن محمّد البصري، عن أبي الحسن موسى بن الحسن الموسوي .. بإسناده... إلى أبي سعيد الخدري، عن عبد الله بن القاسم المزني(2)، قالا(3) - في خبر طويل(4)-: لما ورد نعي الحسين (علیه السّلام) المدينة خرج ابن عمر
ص: 16
1- الكلمة في نسختى الأصل غير معجمة ، أثبت ما احتمل منها .
2- كذا ؛ ولعلّه : عبد الله بن زيد بن عاصم المازني .
3- كذا ؛ وهو: إما قال ، أو : تبدل ( عن ) إلى واو .
4- أورد قطعة منه محمد بن جرير الطبري ( الصغير ) في الجزء الثاني من دلائل الإمامة : 62 ، وحكاه عنه شيخنا العلّامة المجلسي طاب ثراه في بحار الأنوار 287/30 - 300 برقم 151 [ وفي طبعة الكمپاني /230/8 - 232 ] ، واختصره ، وذكرنا بعض ما بينهما من فروق مع أنهما جاءا بطريقين . هذا ؛ وقد رواه بطريقين - أيضاً - الشيخ البياضي رحمه الله في كتابه الصراط المستقيم 25/3 . ثم إنه قد أشار له الطريحي رحمه الله في كتابه مطارح النظر في شرح الباب الحادي عشر : 109 .. وغيره . أقول : إسناد العلّامة المجلسي - المروي عن دلائل الإمامة للطبري - يختلف عمّا هنا، وهو يروي عن جابر الجعفي ، عن سعيد بن المسيب .. كما يختلف عمّا هنا كثيراً متناً ، وفيه زيادة عليه تفصيلاً.
صارخاً(1) إلى دمشق في نفر ، فلما دخل على يزيد - لعنه الله - سكته ..
ص: 17
1- في بحار الأنوار صارخاً من داره، لاطماً وجهه، شاقاً جيبه، يقول: يا معشر بني هاشم وقريش والمهاجرين والأنصار ! يُستحلّ هذا من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في أهله وذريته وأنتم أحياء ترزقون ؟! لا قرار دون يزيد..! وخرج من المدينة تحت ليله ، لا يرد مدينة إلّا صرخ فيها واستنفر أهلها على يزيد ، وأخباره يكتب بها إلى يزيد ، فلم يمر بملأ من الناس إلا لعنه وسمع كلامه ، وقالوا : هذا عبد الله بن عمر ابن خليفة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وهو ينكر فعل يزيد بأهل بيت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ويستنفر الناس على يزيد ، وإنّ من لم يجبه لا دين له ولا إسلام. واضطربت الشام بمن فيه، وورد دمشق وأتى بباب اللعين يزيد في خلق من الناس يتلونه، فدخل آذن يزيد إليه ، فأخبره بوروده ويده على أم رأسه ، والناس يهرعون إليه قدامه ووراءه .. فقال يزيد : فورة من فورات أبي محمد ، وعن قليل يفيق منها..! فأذن له وحده، فدخل صارخاً يقول :.. لا أدخل يا أمير المؤمنين ! وقد فعلت بأهل بيت محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ما لو تمكنت الترك والروم ما استحلوا ما استحللت ولا فعلوا ما فعلت ، قم عن هذا البساط حتى يختار المسلمون من هو أحق به منك ! فرحّب به يزيد.. وتطاول له وضمّه إليه وقال له : يا أبا محمد ! اسكن من فورتك واعقل ، وانظر بعينك واسمع بأذنك.. ما تقول في أبيك عمر بن الخطاب ؟ أكان هادياً مهدياً ! خليفة رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] وناصره ومصاهره بأختك حفصة .. ؟! والذي قال: لا يعبد الله سرّاً ؟ ! فقال عبد الله : هو كما وصفت ؛ فأي شيء تقول فيه ؟ ! قال: أبوك قلد أبي أمر الشام ، أم أبي قلد أباك خلافة رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ؟ ! فقال: أبي قلد أباك الشام. قال: يا أبا محمد أفترضى به وبعهده إلى أبي أو ما ترضاه؟! قال: بل أرضاه . قال: أفترضى بأبيك؟! قال: نعم . فضرب يزيد بيده على يد عبد الله بن عمر وقال له : قم - يا أبا محمّد! - حتى تقرأ .. فقام معه حتى ورد خزانة من خزائنه ، فدخلها ودعا بصندوق ففتح ، واستخرج منه تابوتاً مقفلاً مختوماً ، فاستخرج منه طوماراً لطيفاً في خرقة حرير سوداء، فأخذ الطومار بيده ونشره .. ثمّ قال: يا أبا محمد ! هذا خطّ أبيك ؟ قال : إي والله .. فأخذه من يده فقبله ، فقال له : اقرأ .. ! فقرأه ابن عمر ، فإذا فيه ... إنّ الذي أكرهنا .. إلى آخره.
وقال : هذه وصية أبيك .. فإذا طومار فيه : إنّ الذي أكرهنا بالسيف على الإقرار به فأقررنا(1)، والصدور وغرَة(2)، والنفوس باخعة(3)، والنيات والضمائر سالبة، وجعلنا ما أخباه(4) رفعاً لسيفه عنّا(5)، وتكاثره علينا بالحي(6) من اليمن ،
ص: 18
1- في نسختي الأصل : فأقرنا ، والمثبت عن بحار الأنوار.
2- الوغرة: شدة توقد الحرّ... وفيه قيل : في صدره علي وقر - بالتسكين - : أي ضغن وعداوة ، كما في لسان العرب 286/5.
3- في بحار الأنوار: والأنفس واجفة .
4- الكلمة مطموسة البعض ومشوّشة الباقي، ولعلّها : ما اخترناه .
5- في بحار الأنوار .. والبصائر شائكة ممّا كانت عليه من جحدنا ما دعانا إليه وأطعناه فيه ، رفعاً لسيوفه عنّا...
6- في بحار الأنوار: بالحي علينا.
إبراز یزید وصیة عمر ورسالته إلی معاویة، وکفره فیها وزندقته
ومعاضدة من عضده من نزار ومن اليهود، المسمّين ب_: الأنصار(1)، فبهبل أقسم وباللات والعزى ما جحدها فلان(2) منذ عبدها، ولا اتخذ لكعبة ربّاً(3)، ولا صدق لمحمد قولاً، ولا ألقى به للسلم(4) إلا للحيلة عليه ، فإنّ سحره(5) زاد على سحر بني إسرائيل مع(6) موسى [وهارون] وعيسى وداود وسليمان(7) !!
قصة السلام عمر ومواقفه المخزیة في زمن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وبعده کما في الوصیة
فاحذر - يا معاوية ! - من جحد هذه البنية(8)، فأَمَرَهُم بالحج إليها ، والسعي حولها ، وزعموا أنه الله ، واختلقوا له إفكاً ، فما(9) عاون محمّداً
ص: 19
1- في بحار الأنوار: وتعاضد من سمع به ممن ترك دينه ، وما كان عليه آباؤه في قريش ..
2- في الطبري : عمر - صريحاً - وما قبله يختلف عما هنا لفظاً لا مؤدّى ، وكذا ما جاء في بحار الأنوار، فراجع.
3- في الطبري وبحار الأنوار : ولا عبد للكعبة ربّاً ..
4- في بحار الأنوار: السلام.
5- في بحار الأنوار : إلّا للحيلة عليه ، وإيقاع البطش به ، فإنّه قد أتانا بسحر عظيم، وزاد في سحره ..
6- في نسختي الأصل: من ، والمثبت عن بحار الأنوار.
7- في بحار الأنوار هنا زيادة كثيرة عمّا أثبتناه ، فراجع .
8- كذا تقرأ في نسخة (ألف) ، وفي نسخة (ب) البينة ، وفي بحار الأنوار: فخذ - يا بن أبي سفيان ! - سنة قومك ، واتباع ملتك ، والوفاء بما كان عليه سلفك؛ من جحد هذه البنية التي يقولون إنّ لها ربّاً .. أمرهم بإتيانها ، والسعى حولها ، وجعلها لهم قبلة ...
9- كذا ؛ وفي البحار: كما .
[إلّا] هذا الفارسي(1) الطمطماني :... روزبه(2)؛ جعلوا صلاتهم للحجارة(3)، وأنكروا الأصنام، فاشكرها على استخلاف العتيق على أُمّة مُذَمّم(4)،
ص: 20
1- في نسختي الأصل: الفاري، ولا معنى لها ، وفي البحار : منهم هذا الفارسي .
2- هنا سقط سطر في نسختي الأصل، والمعنى هنا بدون ذاك غير واضح، وجاء في بحار الأنوار: الطمطاني : روزبه . وقالوا إنه أوحى إليه : ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [سورة آل عمران (3) : 96]. وقوله: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلٌ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِن رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾ [سورة البقرة (2): 144].
3- لقد جاء بعد هذا في بحار الأنوار - ما نصه - : فأما الذي أنكره علينا - لولا سحره - من عبادتنا للأصنام والأوثان واللات - والعُزّى ، وهي من الحجارة والخشب والنحاس والفضة والذهب .. لا - واللات والعزى - ما وجدنا سبباً للخروج عمّا عندنا وإن سحروا ومؤهوا.. فانظر بعين مبصرة ، واسمع بأذن واعية ، وتأمل بقلبك وعقلك ما هم فيه.. واشكر اللات والعزى واستخلاف السيّد الرشيد عتيق بن عبد العزى ! على أُمة محمد ..
4- في بحار الأنوار : محمد ، وهو (صلی الله علیه و آله و سلم) المقصود هنا، فإنّ الكفّار كانوا يسمونه : مُذَمَّماً ! عکس مُحَمَّد (صلی الله علیه و آله و سلم)، وفي ذلك قالت أم جميل زوجة أبي لهب : [ من مشطور الرجز ] مُذَمَّماً قَلَيْنَا *** وَدِينَهُ أَبَيْنَا وَحُكْمَهُ عَصَيْنا راجع عنه : تفسير الرازي 172/32 ، وتفسير الثعالبي 637/5 ، النزاع والتخاصم : 61 .. وغيرها .
وتحكيمه في أموالهم وأزواجهم ودمائهم [وشريعتهم وأنفسهم](1) وحلالهم وحرامهم(2)، فعاش خائفاً وجلاً ، يخضع جهراً(3)، ويشتد سراً ، ولا يجد حيلة، غير مكاشرة(4) القوم..(5).
ولقد خشيت عليه وثبة ابن أبي طالب، وربّ اللات والعزى لو كان الأمر له اختل(6) على الوصول إليه، لكنّي أبديت لها صفحتي، وجعلت(7) لها نصرتي(8)،
ص: 21
1- الزيادة من بحار الأنوار ، مع اختلاف يسير وتقديم وتأخير.
2- في بحار الأنوار زيادة ، وهي : وجبايات الحقوق التي زعموا أنهم يجبونها لربهم ليقيموا بها أنصارهم وأعوانهم ، فعاش شديداً رشيداً يخضع جهراً..
3- كذا في بحار الأنوار ، ولعلّها تقرأ في نسختي (ألف) و (ب): جهداً .
4- في نسختي الأصل : مكاسرة ، وهي مصحفة عن المثبت ، وفي بحار الأنوار: معاشرة .. وقد سقط ما بعد هذا .
5- هنا زيادة مفصلة جاءت في بحار الأنوار 290/30 ، فراجعها .
6- في بحار الأنوار : لو كان الأمر والرأي لأبي بكر لفشل عن الوصول إلى ما وصل إليه من خلافة ابن أبي كبشة ، لكنى أبديت.
7- في بحار الأنوار: وأظهرت.
8- في بحار الأنوار : بصري ، بدلاً من : نصرتي . ثمّ قال : وقلت للحيّين - نزار وقحطان - بعد أن قلت لهم: ليس الخلافة إلا في قريش، فأطيعوهم ما أطاعوا الله .. وإنّما قلت ذلك لما سبق من ابن أبي طالب من وثوبه واستيثاره بالدماء التي سفكها في غزوات محمّد [(صلی الله علیه و آله و سلم)] وقضاء ديونه - وهي ثمانون ألف درهم - وإنجاز عداته ، وجمع القرآن.. وهناك تتمة كثيرة لهذا في کلام ، فراجعه .
وأقمت أربعين رجلاً شهدوا على محمد أنته قال : الأئمة من قريش فأطيعوهم ما أطاعوا(1) الله .. وأظهر على أنته مُنْبَتٌ(2) على أن يجمع(3) علي بجمع القرآن ، وهم أزواج محمّد ، و [ب-] مصابة محمد ، وقضاء دينه .
فقالت المهاجرون والأنصار : هو عليّ.. وذكروا بيعته في أربعة مواطن، ففشل(4) القوم .
ص: 22
1- ما قبل هذا لا يوجد في بحار الأنوار. وما هنا جاء هكذا : وأقمت أربعين رجلاً شهدوا على محمّد أنّ الإمامة بالاختيار، فعند ذلك قال الأنصار : نحن أحق من قريش ؛ لأنتا آوینا ونصرنا وهاجر الناس إلينا .. فإذا كان دفع من كان الأمر له فليس هذا الأمر لكم ،دوننا ، وقال قوم: منّا أمير ومنكم أمير .. قلنا لهم : قد شهدوا أربعون رجلاً أنّ الأئمة من قريش .. فقبل قوم وأنكر آخرون ، وتنازعوا فقلت - والجمع يسمعون -: ألا أكبرنا .. إلى آخره.
2- في نسخة (ألف) : منبتاً ، وفي نسخة (ب) منشأ ، والظاهر أنهما مصحفتان عن المثبت. ومُنْبَتٌ .. أي منقطع .
3- في نسختي الأصل : بجمع ، وهي مصحفة عن المثبت .
4- الكلمة مشوّشة في نسخه الأصل الثلاثة ، وقد تقرأ : فقتل أو فتشل .. وأشباه ذلك .
فقلت : والجمع لا يختار إلّا أكبرنا سنّاً ، وأكثرنا ليناً(1) [و]سلماً ، وهو أبو بكر - الذي قدّمه محمّد (عليه وآله السلام) عليه في الصلاة، وجلس معه في العريش [يوم بدر، يشاوره ويأخذ برأيه] وصاحبه في الغار، وزوج ابنته عائشة(2)- وخالفنا المهاجرون والأنصار لأجله، فقالت [الأنصار]: إذاً؛ منّا أمير ومنكم أمير .. وأقبل بنو هاشم يتميزون غيظاً ، وعاضدهم الزبير [وسيفه مشهور ](3) فكسرنا سيفه، ووثبت إليه وعاقد [ت] منه(4) البيعة، وتلاني عثمان
ص: 23
1- تقرأ في نسختي الأصل : ليما، وأثبتنا ما استظهرناه .
2- هنا زيادة في بحار الأنوار، وهي: فأقبل بنو هاشم يتميزون غيضاً ، وعاضدهم الزبير، وسيفه مشهور..
3- في دلائل الإمامة وبحار الأنوار هنا زيادة: وقال : لا يبايع إلا عليّ، أو لا أملك رقبة قائمة سيفي هذا ، فقلت : يا زبير ! صرختك سكن [أي نار ] من بني هاشم ، أُمّك صفية بنت عبد المطلب. فقال : ذلك - والله - الشرف الباذخ ، والفخر الفاخر - يابن حنتمة ! ويابن صهاك ! اسكت لا أُمّ لك ! فقال قولاً .. فوثب أربعون رجلاً ممن حضر سقيفة بني ساعدة على الزبير ، فوالله ما قدرنا على أخذ سيفه من يده حتى وسدناه الأرض، ولم نر له علينا ناصراً .. فوثبت إلى أبي بكر فصافحته، وعاقدته بالبيعة وتلاني عثمان .. إلى آخره . وإنما ذكرنا هذا المقدار كي يعلم أنّ هذا الكتاب هنا مختصر جداً ونقل بالمعنى مجملاً ، فلاحظ .
4- كذا في نسختي الأصل ، والظاهر : وعاقدته .
وسائر من حضره... فأخذت(1) بيده - وهو يرتعد - وأزعجته إلى منبر محمد إزعاجاً(2) ، وهو كالكبش(3) ينظر إلى شفار الجازر فوق [رأسه](4) متغيّراً مذعوراً وتلجلج ، فهممت أن أحطّه وأقوم مقامه ، فكرهت تكذيب الناس [لي ] في مقالي ما قلت [فيه] من فضائله على لسان محمّد(5)، وددت أني شعرة
ص: 24
1- في نسختي الأصل : فواخذت. وفي بحار الأنوار : وسائر من حضر غير الزبير ، وقلنا له: بايع أو نقتلك .. ثمّ كففت عنه الناس ، فقلت له : امهلوه.. فما غضب إلّا نخوة لبني هاشم، وأخذت أبا بكر بيده فأقمته - وهو يرتعد - قد اختلط عقله فأزعجته ..
2- أقول : الذي قال به العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار هنا هو : فقال لي : يا أبا حفص ! أخاف وثبة عليّ . فقلت له : إنّ عليّاً عنك مشغول .. وأعانني على ذلك أبو عبيدة ابن الجراح ، كان يمده بيده إلى المنبر ، وأنا أزعجه من وارئه كالتيس إلى شفار الجاذر متهوّناً ، فقام عليه مدهوشاً ، فقلت له : اخطب ! فاغلق عليه ، وتثبت فدهش، وتلجلج وغمض، فعضضت على كفّي غيظاً ، وقلت له : قل ما سنح لك .. فلم يأت خيراً ولا معروفاً ، فأردت أن أحطّه عن المنبر وأقوم مقامه ..
3- في بحار الأنوار: كالتيس، وهو أولى .
4- ما بين المعكوفين مزيد منا ليتم المعنى والكلام به .
5- هنا سقط واضح، والظاهر أنّ العبارة هكذا : وقد سألني الجمهور منهم : كيف قلت من فضله ما قلت ؟ ! ما الذي سمعته من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في أبي بكر ؟ فقلت لهم : قد قلت : سمعت من فضله على لسان رسول الله ما لو وددت أني شعرة في صدره، ولي حكاية ..
في صدره. .. قلت له : قُم(1) وإلا فانزل .. فعلم أنته [ إن ] نزل رَقَيْتُهُ(2).. فقال - بصوت ضئيل - : وليتكم معاشر الناس - ولست بخيركم .. الخطبة(3)، ثم نزل.
إجبار أمیرالمومنین (علیه السلام) علی البیعة
وَقُدْتُ الناس إلى بيعته رغبةً ورهبةً(4)، والناس يقولون : ما فعل(5) علي ؟! فأقول(6): خلعها من عنقه وتركها طاعة للمسلمين .. وصار حبيساً في داره .
.. ثم ذكر حضوره إلى دار أمير المؤمنين (علیه السّلام) حتى قال :... وطرحت حبلاً أَسْوَدَ في عنقه وسقته إلى البيعة .. لا لقوّة منّا ولكن(7) [ل_] مساءَة كانت في نفسه .
فقام الأوّل ومن بحضرته يستهولون فعلي به(8)، فقال لي: يا ثاني ! أَوَ تُحِبُّ
ص: 25
1- في بحار الأنوار : قل ، وهو الظاهر .
2- في بحار الأنوار : فقلت : قل ، وإلا فانزل .. فتبينها - والله ! - في وجهي، وعلم أنته لو نزل لرقيت، وقلت ما لا يهتدي إلى قوله ..
3- والخطبة في الدلائل وغيرها هكذا وليتكم ولست بخيركم وعلي فيكم ، واعلموا أنّ لى شيطاناً يعتريني - وما أراد به سواي - فإذا زللت فقوموني ، لا أقع في شعوركم وأبشاركم ، وأستغفر الله لي ولكم .. وما بعده فيه سقط هنا.
4- تقرأ في نسختي الأصل: رعيته ورهبته، وما أثبتناه أصح وأولى، وفي بحار الأنوار: وصحبته لأرهبه .
5- في الدلائل : وكلّ من ينكر بيعته ويقول : ما فعل عليّ بن أبي طالب ..
6- كذا ؛ والظاهر : فقلت .
7- في بحار الأنوار: ولكن لهنات ..
8- في الدلائل: .. و من بحضرته يستهزؤون بعلي ..!
أن أعجّل لك ما أخرته عنك ؟ فسمعته ، فقال : يا خالد ! فأسرع بها إلى أبي بكر(1) فقال أبو دور : ما لي ولزفر ؟ !(2) يقولها ثلاثاً ، فلما دخل على السقيفة .. أخذت الحبل من عنقه وضممت أبا دور إليه، وقلت : قد بايعك أبو الحسن .. فانصرف راشداً ، وكرهت أن أبايعه(3) بالبيعة حزناً وخوفاً ...
ورجع علي(4) منها إلى قبر محمّد .. وأبو دور يقول : ما الذي صنعت بنا ؟ !(5) والله هذا الخسران المبين ، فقلت : إنّ أعظم ما عليك أنه ما با يعك ، ولا آمن أن يتأبوا(6) عليك ، قال : فما أصنع ؟ قلت : تظهر أنته بايعك عند قبر محمد .. فأتينا عليّاً - وقد جعل القبر قبلته ، وبسط كفّه على تربته وحوله جماعة وجلسنا بإزائه ،
ص: 26
1- في بحار الأنوار : فقلت : لا يا أمير المؤمنين ، فسمعني - والله ! - خالد بن الوليد فأسرع إلى أبي بكر ..
2- في الدلائل وبحار الأنوار: جاء الاسم صريحاً ، والأوّل رمز للأول، والثاني للثاني، كما هو واضح .
3- الظاهر : أُطالبه ، كما في بحار الأنوار ، وبعده : بالبيعة فيعجل لي ما أخره عني ، وودّ أبو بكر أنّه لم ير عليّاً في ذلك المكان جزعاً وخوفاً منه .
4- في نسختي الأصل: عليها ، والمثبت عن بحار الأنوار ، وفي بحار الأنوار: ورجع على من السقيفة ، وسألنا عنه ، فقالوا : مضى إلى قبر محمّد فجلس إليه ..
5- في البحار: ويلك يا عمر ! ما الذي صنعت بفاطمة ؟ !..
6- الكلمة مشوشة في نسختي (ألف) و (ب) ، وفي بحار الأنوار : أنته ما بايعنا ولا أثق أن تتثاقل المسلمون عنه .
وأوعزت إلى الأوّل أن يضع يده مثل يده ويقربها منه .. ففعل ذلك، فأخذت يده لأمسحها(1) على يد عليّ ، فقبض عليّ يده ، فقمت وأنا أقول : جزى الله عليّاً خيراً ؛ فإنّه ما منعك(2) البيعة لمّا حضرت قبر رسول الله، فوثب [من دون الجماعة ] أبو ذرّ يتلونا ويقول : كذبت یا عدو الله ..(3)
کیفیة أخذهم البیعة من أمیرالمؤمنین (علیه السلام)
واللات والعزى! ما بايع عليّ ولا بنو هاشم ولا خواص الصحابة في خلافة الأوّل ولا في خلافتي؛ فمن - يا معاوية - فعل فعلى واستثأر(4) بأحقاد سالفة غيري ؟! فأما أنتم فأعرف بما كان منكم .. وذكر عداوة النبي وقتاله ولعانه، ثمّ أنشأ(5):
ص: 27
1- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل ، وقد تقرأ : لأمنحها ، وما أثبتناه جاء في الدلائل .
2- قد تقرأ في نسخة (ألف) : ضيعك .
3- هنا حذف كثير وزيادة جاءت في المصدر ، فراجعها ، وهناك أيضاً فروق كثيرة بين ما هنا وما في بحار الأنوار وزيادة هناك لم ترد هنا .
4- استَثْأَرَ وليُّ القتيل .. إذا استغاث لينار بمقتوله ، كما في أساس البلاغة : 88 مادة (ثأر).
5- جاءت هذه الأبيات في بحار الأنوار 298/30 - 299 . هذا ؛ وحيث كان قرارنا ترجمة كلّ من له شعر في هذه الموسوعة ، لذا ندرج مجمل ترجمة الرجل محوّلين تفصيلها إلى المدخل ومصادرها ، وسيأتي له موردان آخران؛ نُسِبت له أبيات فيهما ، ومجموع ما له هنا ثلاثة عشر بيتاً . وهو : عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي ؛ أبو حفص (40 ق ه_ - 23 ه_) أوّل من غصب لقب أمير المؤمنين بعد أن شارك في غصب خلافته ، بويع له يوم هلاك أبي بكر ( سنة 13 ه_ ) ، وله من المطاعن والبدع ما لا يحصى. راجع عنه : تاريخ الكامل 19/3 ، تاريخ الطبري 187/1، تاريخ اليعقوبي 117/2 ، حلية الأولياء 38/1، تاريخ الخميس 259/1، طبقات ابن سعد 365/3.. وغيرها . وانظر عن نسبه وأولياته وبعض مواقفه : الأسرار 164/4 - 179 ( الحصيلة ) .
[ من الطويل ]
أبیات منسوبة لعمر قالها في رسالة لمعاویة (7)
مُعاوِي إِنَّ القَوْمَ جَلَّتْ أُمُورُهُمْ *** بِدَعْوَةِ مَنْ عَمَّ العَشِيرَة(1) بالوثر(2)
دَعَاني إلى دينٍ لَهُ(3) فأرانَني(4) *** وأَبْعِدُ بِدِينِ قَدْ قَصَمْتَ بِهِ ظَهْرِي
فَما أَنْسَ لا أَنْسَ الوَلِيدُ وتِرْبَهُ(5) *** وَعُتْبَةَ والعَاصِي الصَّرِيعَ(6) لَدَى بَدْرِ
ص: 28
1- في بحار الأنوار: البرية.
2- في بحار الأنوار : بالوتري .
3- في بحار الأنوار : صبوت إلى دين لهم ، وما في المتن أصح وأولى .
4- في نسختي الأصل : فأرانني ، وهي مصحفة عن المثبت عن بحار الأنوار.
5- الكلمة مشوّشة جدّاً ، قد تقرأ : بريّة، وما أُثبت استظهار. وهو صحيح معنى إلّا أنّ رواية : وشيبة ، أفضل. وجاء صدر البيت في بحار الأنوار: وإن أنس لا أنسى الوليد وشيبة.
6- في بحار الأنوار : السريع ، وما هنا أولى وأظهر .
وَتَحْتَ(1) شِعَافِ القَلْبِ لَدْغ(2) مِنَ الجَوَىٰ *** إِلى حَكَم مُنْجِي القَبِيلَ(3) من الفَقْر(4)
أُولَئِكَ فَاطْلُبْ - يا مُعاوِيَ! - ثَأْرَهُمْ *** ببيض سيوف الهند(5) جعلَ بَنى عمرو(6)
ص: 29
1- في نسخة (ألف): ولجت .
2- وفي بعض النسخ : لذع، وهي صحيحة أيضاً.
3- القبيل : الكفيل والعريف ، ومنه : القبالة ، كما في لسان العرب 544/11 .
4- هذا استظهار منّا ؛ والكلمة مشوشة الإعجام في نسختي الأصل. وقد جاء البيت في بحار الأنوار - عن الدلائل - هكذا : [ من الطويل ] و تحت شغاف القلب لدغ لِفَقْدِهِمْ *** أبو حكم أغنِي الضَّئِيلَ مِنَ الفَقْرِ
5- الكلمة مشوّشة جداً في نسختي الأصل، وقد تقرأ : الفيد ، بل غالب عجز البيت كذلك ، إلّا أنّ ما جاء في بحار الأنوار هو : الهند ، وهو الصواب.
6- جاء العجز في بحار الأنوار هكذا : بنصل سيوف الهند والأسل السمري كما وقد جاء في بحار الأنوار زيادة بيتين هما : [ من الطويل ] وصل برجالِ الشَّامِ في مَعْشَرٍ هُمُ *** هم الأسد والباقون في أكم الوغر توسل إلى التَّخْلِيطِ في المِلَّةِ التي *** أتانا به الماضي المُمَوِّهُ بالسِّحْرِ
وطالِبْ بِأَحْقادٍ مَضَتْ لَكَ مُظهراً *** لِعِلَّة دِينٍ عَمَّ كُلَّ بَني نَضْر(1)
لِذلِكَ ما وَلَّيْتُكَ الشَّامَ عَامِداً(2) *** وَأَنتَ حَرِيُّ(3) أَنْ تُرِيعَ(4) إِلى صَخْرِ(5)
[قال: ] فلما قرأ عبد الله هذا الكتاب قبل رأسه ، وقال : قتلت الشاري ابن الشاري ..(6) وخرج من عنده عنده مستبشراً يقول : وددت أني مشارك له
ص: 30
1- في بحار الأنوار : بني النضر .. وهو الصواب ، وجاء بعده هذا البيت : [من الطويل] قلستَ تَنالُ النارَ إِلّا بدينِهِمْ *** فَتَقْتُلْ بسيف القَوْمِ جِيدَ بَنِي عَمْرِو أقول : الصحيح فتَفْتِل ، وعمر و هنا هو : عمر و العلا؛ هاشم بن عبد مناف.
2- صدر البيت في بحار الأنوار: لهذا لقد وليتك الشام راجياً ..
3- في نسخة (ألف): جري ، وفي البحار : جدير ، وهو الظاهر .
4- في نسخة (ب): ترنع، وهي غير معجمة في نسخة (ألف)، وما أُثبت بمعنى ترجع ، يقال : راع إلى الشيء : رجع إليه .
5- جاء البيت في بحار الأنوار هكذا : [ من الطويل ] لهذا لقد وليك الشام راجياً *** وأنت جديرٌ أن تؤول إلى صخر
6- في نسختي الأصل تقرأ : الشادي بن الشادي ، والصحيح ما أثبتناه، وهي كناية عن الخوارج الذين خرجوا عن طاعة الإمام (علیه السّلام). كما في لسان العرب 429/14 ، وراجع : مجمع البحرين 245/1. كما أنّ الشراة هم الخوارج، سمّوا أنفسهم : شراة ؛ لأنهم باعوا أنفسهم الله وشروا الجنة !! وقيل سمّوا بذلك لقولهم : إنا شرينا أنفسنا في طاعة الله .. أي بعناها بالجنة حين فارقنا الأئمة الجائرة !
فيما فعله(1)! !
بیتان منسوبان للإمام الرضا (علیه السلام)
روي عن الرضا (علیه السّلام)(2):
[ من الوافر ]
لآلِ مُحَمَّدٍ فِي كُلِّ عَصْرٍ *** يُجَدِّدُ فِي الأَذِى(3) زُفَرٌ جَدِيدُ
إِذَا زُفَرٌ مَضى زُفَرٌ تَوَلَّى *** يُشِيبُ نَواصِيَ الطِّفْلِ الوَلِيدِ(4)
ص: 31
1- جاء في بحار الأنوار ... فقبل رأسه ، وقال : الحمد لله - يا أمير المؤمنين ! - على قتلك الشاري ابن الشاري ! والله ما أخرج أبي إلي بما أخرج إلى أبيك ، والله! لا رآني أحد من رهط محمّد بحيث يحب ويرضى .. ! فأحسن جائزته وبره وردّه مكرّماً ... ثم قال : فخرج عبد الله بن عمر من عنده ضاحكاً ، فقال له الناس : ما قال لك ؟ ! قال : قولاً صادقاً ! لوددت أني كنت مشاركه فيه ...! وسار راجعاً إلى المدينة ، وكان جوابه لمن يلقاه هذا الجواب .
2- ذكر البيتين مع نسبتهما للإمام الرضا (علیه السّلام) البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 26/3. وقال المصنف (رحمه الله علیه) في المناقب 53/2 [وفي طبعة قم 211/2]: وكان الصادق (علیه السّلام) يتمثل : [ من الوافر ] لآلِ المُصْطَفى في كُلّ عام *** تَجَدَّدَ بالأذى زُفَرٌ جَدِيدُ
3- في في الصراط المستقيم : تَجَدَّدَ في أذىً .
4- الصراط المستقيم : يشيب نواصياً طفل وليد ..
أبیات الکمیت (3)
الكميت(1):
[ من الطويل ]
وَبُدِّلَتِ الأَشْرَارُ بَعْدَ خِيَارِها *** وَجُد بها مِنْ أُمَّةٍ وَهْيَ تَلْعَبُ
بِحَقِّكُمُ أَمْسَتْ قُرَيْسٌ تَقُودُهَا *** وَبِالفَذَّ(2) مِنْهَا وَالرَّدِيفَيْنِ نَرْكَبُ
إذا اتضعُونا كارِهِينَ لِبَيْعَةٍ *** أَناخُوا لأُخرى والأَزِمَّةُ تُجْذَبُ(3)
أبیات البرقي (4)
البرقي:
[ من البسيط ]
ولائم لابنِ هِنْدٍ فِي تَقَدُّمِهِ *** أَجَبْتُهُ عِنْدَما بالجَهْلِ ناداني :
يا لائماً ساكِنَ الدَّارِ التى بُنيَتْ *** ما ذَنْبُ ساكِنِها ؟ الذَّنْبُ لِلْبانِي
ص: 32
1- سبق الحديث عن هذه القصيدة البائية من هاشميات شاعر أهل البيت (علیهم السّلام) الكميت بن زيد عليه الرحمة والرضوان ، لاحظ ما ذكرناه سابقاً عنها في عدة أبواب، حيث جاء فيها أبيات أُخر ، وقد بحثنا عن البيت الأوّل من هذه الأبيات في الشروح فلم نجده، وجاء البيت الثاني والثالث في (31) و (32) من البائية ذات (140 ) بيتاً. ولاحظ ما جاء في شرحها في شرح الرافعي للهاشميات : 40 - 41 ، وشرح أبي رياش القيسي : 56 - 57.
2- قد تقرأ الكلمة فى نسخة (ألف) : بالقد ، أو: بالقذ .
3- في نسخة (ب) : أناجوا لإمري ، والأئمة يجذب.
لَو لَم يَجِدْ سُلَّماً ما كانَ مُرْتَقِياً *** وَالمُرتَقِي وَالَّذِي رَقَّاهُ سِيَّانِ
لولا الصُّهاكِيُّ لَمْ يَلْعَبُ بِإِمْرَتِنا *** أَرجَاسُ هِنْدٍ ولا أَنْجَاسُ مَرْوانِ
أبیات السوري (7)
السوسي(1):
[ من المتقارب ]
وَيَلْعَنُ قَومٌ يَزيداً وَما *** يُفَجَّرُ(2) مِنْ كُفْرِهِ إِذْ فَجَرْ
وَقَدْ قَالَ قومٌ: دُلامٌ كَفَرْ *** لِمَا كَانَ مِنْ غَدْرِهِ إِذْ غَدَرُ
فَقُلْتُ: نَسَبْتُمْ(3) إِلَيهِ المُحالَ *** وَأَسْلَمَ حَتَّى تَقُولُوا كَفَر؟!
وَلَولاهُ لَمْ يَكُ أَمرٌ هُناك اب_ *** _نُ سَلْمَى(4) وَلَا فِيهِمُ قَدْ أَمَرْ
وَلَولاهُ ما دِيسَ(5) سَعْدٌ وَلَمْ *** يُلاق(6) ابنُ مَسْعُودَ شَيْئاً نُكُرُ
ص: 33
1- الاسم مشوّش جدّاً، ويقرأ : السورسي، والصحيح ما أثبتناه، وقد سلفت ترجمته في المقدّمة، وهذه الأبيات من قصيدة رائية مفصلة ، جاء منها في المناقب 100/2 بيت ، وفي 107/3 بيت ، وفي 171/3 ثلاثة أبيات ، وفي 175/3 بيتان ، ولعلّها ترجع إلى قصيدتين وإن كانت كلّ منهما رائية ساكنة ؛ لاختلاف الوزن ، فلاحظ .
2- كذا ؛ والأصوب : تَفَجَّرَ .
3- في نسخة (ب): نسيتم .
4- ويراد منه هنا : أبو بكر . راجع الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 93/1 .
5- في نسختي الأصل : دبس ، وما هنا استظهار من المعنى.
6- في نسختي الأصل: يلاف.
ولولاهُ ما بَرَزَتْ فاطِمَ *** تُطَالِبُ إِرْثاً عَلَيْها حُصِرْ
ولولا الوَدَائِعُ(1) لَمْ يَقْتَدِرُ *** دُلام(2) الجَبَانُ عَلى ما قَدَرُ
* * *
ص: 34
1- كذا ؛ والظاهر ، بل الصواب : الورائع ؛ جمع الوريع ، وهو : الجبان . ويمكن أن يكون : الودائع ، بمعنى : الوصايا .
2- سبق وإن قلنا أنته كناية عن أبي بكر . راجع عنه : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 199/2.
[ القسم الثاني ]
[ فى مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب]
[ في أبي الدواهي ]
فصل
في كفر غندر(1)
في تأویل قوله سبحانه : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ..﴾
الباقر (علیه السّلام)؛ في قوله: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ..﴾ «بولاية علي أمير المؤمنين (علیه السّلام)» : ﴿ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ﴾(2) «نزلت في عتيق وابن صهاك ومن تبعهم(3)، أخرجوا الناس من النور(4).. والنور ولاية علي بن أبي طالب ، فصاروا إلى ظلمة ولاية أعدائه(5)».
ص: 37
1- هذه الكنية ممّا قرّرها الشيخ المصنّف (رحمه الله علیه) من الرموز للثاني في مقدمة كتابه هذا، وذلك في الباب الثاني الذي قرّره للثاني. قال الزبيدي في تاج العروس 269/13 : غلام غندر كجندب وقنفذ - .. وذكره الصاغاني في آخر ترجمة غدر ؛ لأنّ النون زائدة ، وقال ابن دريد : سمين غلیظ ، وقال غيره : غلام غندر ، وغندر وغميدر: ناعم ، ويقال للمبرم الملح : يا غندر ! راجع : كتاب الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 34/3.
2- سورة البقرة (2): 257 .
3- في المناقب: نزلت في أعدائه ومن تبعهم.
4- في نسختي الأصل : الفور.
5- بلفظه - مع ما فيه من فرق - في المناقب 565/1 [وفي طبعة قم 81/3]. قال العياشي (رحمه الله علیه) في تفسيره 138/1 - 139 حدیث 461 - وعنه في بحار الأنوار 311/23 (باب 18) حديث 12 - قال - ذيل الآية الكريمة - : عن أبي عبد الله (علیه السّلام): .. فالنور هم آل محمد (علیهم السّلام)، والظلمات عدوّهم»، ومثله في روضة الكافي 289/8 حديث 436 ، وفيه عن أبي جعفر (علیه السّلام): « والذين كفروا أولياؤهم الطواغيت». ولاحظ تفسير عليّ بن إبراهيم القمي (رحمه الله علیه): 74 [ الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة الحروفية 85/1 ، وفي الطبعة المحققة 128/1 حديث 43]، وفيها: « وهم الذين غصبوا آل محمّد حقهم » ، وفيه : هم الظالمون آل محمد والذين اتبعوا من غصبهم .. قال المصنف (رحمه الله علیه) في المناقب 56/2 قال : وعنه (علیه السّلام): ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ بولاية علي بن أبي طالب ﴿ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ﴾ قال : «نزل جبرئيل بهذه الآية .. كذا». قال العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 23/67 : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ .. في الكافي عن الباقر (علیه السّلام): أولياؤهم الطواغيت . وفي تفسير علي بن إبراهيم (رحمه الله علیه): هم الظالمون آل محمد ، هم الظالمون آل محمّد ، ﴿ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ﴾ ، وهم الذين تبعوا من غصبهم ﴿ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ قيل : من نور الفطرة إلى فساد الاستعداد .. إلى آخر كلامه علا مقامه .
في تأویل قوله سبحانه: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُر ..﴾
قوله: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذ قَالَ لِلإنْسَانِ اكْفُر ..﴾(1) أشار الأوّل بترك الأمر لعلي (علیه السّلام)، وهو في قوله : ﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ ..﴾(2) وأمره إياه بمنازعة الأمر(3).
ص: 38
1- سورة الحشر (59) : 16 .
2- سورة الفرقان (25): 29
3- لاحظ ما أورده شيخنا العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 2/93 و 106. وراجع: الروضة من الكافي 27/8 حديث 4 ضمن الخطبة المسماة ب_ : الوسيلة .
في المراد من قوله سبحانه: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ..﴾
سليم بن قيس الهلالي(1) قال : قال سلمان لزفر : إنّي أشهد أنتى سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول - وقد سألته عن قوله: ﴿ فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ..﴾ الآية(2): [فأخبرني] أنتك أنت ..
ثمّ قال : أشهد أنتي قرأت في بعض كتب الله المنزلة: [أنتك] باسمك ونسبك وصفتك باب من أبواب جهنم ..
ثمّ قال : إنّي أشهد أني سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول: «[إنّ] عليك وعلى صاحبك الذي بايعته مثل ذنوب [جميع ] أمته إلى يوم القيامة ومثل عذابهم [جميعاً ]»..(3).
فلفلة(4) بن عبد الله الجعفي ؛ قال : سمعت ابن عبّاس يقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم):
ص: 39
1- کتاب سليم بن قيس (رحمه الله علیه): 90 [ الطبعة المحققة 595/2 ، وفي الطبعة المختصرة : 159] مع اختلاف أشرنا لغالبه ، وتقديم وتأخير في المقاطع الثلاثة ، وعنه في بحار الأنوار 276/28 - 277 ، ولاحظ : الاحتجاج 85/1.
2- سورة الفجر (89) : 25.
3- وأورده عنه المحدّث البحراني (رحمه الله علیه) في مدينة المعاجز : 132 [ من الطبعة الحجرية ]، وجاء في كفاية الموحدين 230/2 ، وقبله في الكافي 343/8 حديث 541، والاحتجاج 105/1 [ وفي طبعة 111/1] ، والمحتضر للشيخ حسن بن سليمان (رحمه الله علیه): 60 ، وعنه في بحار الأنوار 228/8 [ الحجرية ، وفي الحروفية 28 /278].. وغيرها.
4- راجع عنه : الجرح والتعديل ،93/7 ، والتّقات للعجلي 208/2.. وغيرهما. ويقال له : فلفلة العجلي ، ولم نجد هذه الرواية في مجاميعنا ، كما لا نعرف مصدراً لها .
قوله (صلی الله علیه و آله و سلم):« الثاني فرعون هذه الأمة »
«الثاني فرعون هذه الأمة »(1).
ما ذکره الیهودي عند رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في صفات وسیماء الخلیفة الثاني
عبد الله الجعفي، عن ابن عبّاس، قال: جاء يهودي إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : يا أبا القاسم ! ما من نبي إلا ولأمته فرعون من أُمته يعرفه بسيماه، يثب(2) [على] أهل بيته من بعده، يكون به عاهات وهلاث(3)، يكون أَحْوَلَ ، أَدْلَمَ ، أوْقَصَ(4)، ألحج(5)، أَخْبَطَ(6)، فهلم في أصحابك ؟ قال : فطلع زفر..
ص: 40
1- وروي عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين (علیه السّلام)، كما أورده في بحار الأنوار 53/42 ( باب 117 ، ممّا ورد من غرائب معجزاته (علیه السّلام) بالأسانيد الغريبة ) ، وكذا في 170/52 ( باب 24 ) . . وغيره. لاحظ : الأسرار فيما كنّى وعرّف به الأشرار 82/3 ، إذ فيه مقدار من مروياته ومصادره، ويقال له : فرعون، وفرعون الأُمة ، وفرعون أُمتي، وفرعون أهل بيتي ، وفرعون الفراعنة .
2- الكلمة مشوّشة جداً ، كذا جاءت ؛ وقد تقرأ : يلت - من دون نقط - ، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : يتب، وأثبتنا ما استظهرناه .
3- هلاث : الاسترخاء يعتري الإنسان ، والهلائث : السفلة من الناس ، كما جاء في تاج العروس 391/5.
4- قال ابن منظور في لسان العرب 106/7 : الوقص - بالتحريك - قصر في العنق ؛ كأنما ردّ في جوف الصدر. ولاحظ منه 5 / 187 ، كما يقال : لكسر العنق : الوقص.
5- قال الزبيدي في تاج العروس 186/6 : لحي ألحج : معوج ، وقد لحج لحجاً .
6- الأخبط : من يضرب برجليه الأرض.. وفلان يخبط في عمياء ، إذا ركب ما ركب بجهالة ، كما جاء في تاج العروس 236/19.
فقال اليهوديّ : هذا هو وربّ هارون وموسى .. فتبسم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
حدیث رشید الهجري وکون الخلیفة في ثبح من نار
رشيد الهجري(1) قال : كنت في بعض الطرق(2) مع علي بن أبي طالب (علیه السّلام) إذ التفت [إليّ] فقال : « يا رشید ! تری(3) ما أرى ؟!».
قلت : لا يا أمير المؤمنين ؛ فإنّه ليكشف لك الغطاء ولا يكشف لغيرك.
قال: «إنّي أرى زفر(4) في تَبَج(5) من نار يقول : يا علي استغفر لي .. لا غفر الله له » .
وسُئل الباقر (علیه السّلام) عن قوله : ﴿ والعَصْرِ ﴾(6) قال : «هي الشدّة(7) الدنيا ونوائب الدهر ل_: ﴿ إنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾(8) وهو دلام، خسر نفسه بنصبه الأوّل وعداوته لأمير المؤمنين ، ثم استثنى الله عزّوجلّ فقال: ﴿ إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
ص: 41
1- حكاه المصنف طاب ثراه في مناقبه 476/1 [ طبعة بيروت 76/2] في أموره (علیه السّلام) مع المرضى والموتى ، عن أمالي الشيباني .
2- في المناقب: الطريق .
3- في المصدر: أترى.
4- في المناقب : رجلاً، بدلاً من : زفر .
5- ثبج الشيء - بالتحريك - : وسطه ومعظمه . انظر : الصحاح 301/1 - 302 .. وغيره .
6- سورة العصر (103) : 1 .
7- كذا ؛ والظاهر زيادة الألف واللام ، أو : هي الشدّة [ في ] الدنيا .
8- سورة العصر (103): 2.
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ .. ﴾ يعني : بولاية أمير المؤمنين (علیه السّلام): ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾(1) عليها »(2).
في تأویل قوله عز إسمه: ﴿ وَالعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
جابر، عن أبي جعفر (علیه السّلام): ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾(3) «الثاني»، قال : «خلق وحيداً؛ يعني ولد الزنا : ﴿ وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً ﴾(4) يعني : الملك : ﴿ وَبَنِينَ شُهُوداً ﴾(5) [ يعني ] : أنصاره وأتباعه وأعوانه : ﴿ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ﴾(6)
في معنی آیات من سورة المثر: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً ﴾
ص: 42
1- سورة العصر (103): 3.
2- سئل الإمام الصادق (علیه السّلام) - كما في كمال الدين : 368 - 369 - عن تفسير هذه السورة ، وأجاب سلام الله عليه وعلى آله بأنّ الإنسان في خسر ؛ هم أعداؤهم (علیهم السّلام). وقال العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 214/24 ذيل الحديث 1 السالف : قوله (علیه السّلام): يعني أعداءنا.. أي الباقون بعد الاستثناء أعداؤنا ، فلا ينافي كون الاستثناء متصلاً. وحكى العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 132/37 (باب 52) عن السيد ابن طاوس (رحمه الله علیه).. وغيره ، قولهم : وفي عليّ نزلت ﴿ وَالعَصْرِ ﴾ وتفسيرها : وربّ عصر القيامة ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ أعداء آل محمّد ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ بولايتهم ﴿ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ بمواساة إخوانهم ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ في غيبة غائبهم ... وروى المصنف (رحمه الله علیه) في مناقبه 551/1[76/3 من طبعة بيروت ] عن أبي بن كعب أنته نزلت : ﴿ وَالعَصْرِ ﴾ في أمير المؤمنين وأعدائه .. إلى آخر كلامه.
3- سورة المدثر (74) : 11.
4- سورة المدثر (74) : 12.
5- سورة المدثر (74) : 13.
6- سورة المدثر (74) : 15 .
أن يعطى الآخرة مع الأولى: ﴿ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنيداً ..﴾(1) الآيات: الأوصياء: ﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ﴾(2) فالمفكر : الأول، والمقدر : الثاني : ﴿ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ ﴾(3) في وجه بني هاشم لمّا أراه علي (علیه السّلام) الرسول ، فأخبره أنته أحق بها، فلذلك عبس ﴿وَبَسَرَ﴾ (4)».
وفي رواية: ﴿ إنْ هذَا إِلَّا قَوْلُ البَشَرِ ﴾(5) قال الله : ﴿ سَأُصليه سَفَرَ ..﴾(6).. الآيات.
في المراد من قوله عز من قائل: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ ..﴾
الباقر (علیه السّلام) في قوله: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾(7) «وهو ابن صهاك، كان يهمز ويلمز لأمير المؤمنين (علیه السّلام) إذا غاب : ﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الحُطَمَةِ ..﴾ إلى قوله: ﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ ﴾(8) من الغلّ والحيف(9) لآل الرسول (عليه وآله السلام)
ص: 43
1- سورة المدثر (74) : 16 .
2- سورة المدثر (74) : 17 - 18 .
3- سورة المدثر (74) : 19 - 22.
4- سورة المدثر (74) : 22 .
5- سورة المدثر (74) : 25.
6- سورة المدثر (74) : 26 .
7- سورة الهمزة (104): 1.
8- سورة الهمزة (104): 4 - 7.
9- الكلمة مشوّشة جدّاً ، ولعلّها : الخنف ، وفي نسخة (ب): أو الحنف.
﴿ إنَّها عَلَيهِم مُّوْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ﴾(1).
المراد من الآیة الکریمة: ﴿ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ ..﴾
الباقر والصادق (علیهما السّلام) في قوله : ﴿ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ ..﴾(2) قالا : «كمن هو مقيم على ولاية زريق(3)».
في قولة الثاني في تولیة من کانت النبوة فیه، وکونه هو و صاحبه مصداقا لذلك
وذكر الطبري في تاريخه(4): أنته لمّا قالت الأنصار منّا أمير ومنكم أمير..(5) فقال عمر : هيهات، لا يجتمع الاثنان في قرن، والله لا يرضى العرب أن يؤمروكم [ونبيها من غيركم]، ولكنّ العرب لا تمنع أن تولّي أُمورها من كانت النبوة فيهم ووليّ أمورهم منهم ، ولنا بذلك على من أبى من العرب الحجّة الظاهرة والسلطان
ص: 44
1- سورة الهمزة (104) : 8 - 9 .
2- سورة محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) (47) : 15.
3- كما وقد جاء في كنز جامع الفوائد : 338 [ الطبعة الحجريّة ] نقلاً عن بحار الأنوار 321/24 (باب 66) ذیل حدیث 31. ولاحظ : تأويل الآيات الظاهرة 586/2 - 587 ذيل حديث 13 وفيه ذيل الآية الكريمة في سورة محمد (صلی الله علیه و آله و سلم)... أي إن المتقين كمن هو خالد داخل في ولاية عدوّ آل محمّد ، وولاية عدوّ آل محمّد هي النار ، ومن دخلها فقد دخل النار .. إلى آخره . وفي تفسير عليّ بن إبراهيم القمي (رحمه الله علیه) : 627 [ الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة الحروفية ،303/2 ، وفي الطبعة المحققة 977/3 - 978]، وعنه في بحار الأنوار 36/ 88 قال : ثمّ ضرب لأعدائه مثلاً .. وأورد الآية الكريمة .
4- تاريخ الطبري /218 - 220 [ طبعة الأعلمي - بيروت 456/2 - 457].
5- وجاء في تاريخ الطبري - أيضاً - 219/3 [ طبعة الأعلمي - بيروت 456/2]: .. ومن قريش أمير .
اعتراض القس علی کلام الخلیفة وبیان جهله
المبين، من جاء(1) ينازعنا سلطان محمد وإمارته - ونحن أولياؤه وعشيرته - إلّا مدل بباطل ، [أو] متجانف لإثم، أو متورّط في هلكة.
یا عجباً ! أي وسيلة بينه وبين بني هاشم حتى يقول مثل هذا ..!!
وفي مسند أبي حنيفة(2) ووسيط الواحدي(3): أنه روى الحسن بن زياد، عن أبي حنيفة أنه قال : بينما هو يخطب الناس بالجابية إذ قال : إنّ الله عزّ وجلّ يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء، فقال قش من تلك القُسُوس(4): ما يقول أمير المؤمنين ؟! قالوا : قال : إن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء، قال: إنّ الله أعدل من أن يضلّ أحداً .. فبلغ عمر فقال : كذبت ! بل الله هو أضلّك ، ولولا عهدك لضربت عنقك .. !(5)
ص: 45
1- في المصدر : من ذا.
2- مسند أبي حنيفة ، برواية ابن خسرو البلخي 423/1، و 622/2.
3- الوسيط للواحدي 432/2 . وراجع : تاريخ مدينة دمشق 315/27، وقريب منه في أحكام القرآن لابن العربي 334/2 ، و تاريخ بغداد للخطيب 11 / 290 . . وغيرهما.
4- في نسختي الأصل : قيس بن مالك الفسوس ، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
5- وفي هذه الخطبة قال خليفتهم : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أُبي بن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأ تني ؛ فإنّي له خازن ، وفي لفظ : فإنّ الله جعلني خازناً وقاسماً ..!! كما جاء في كتاب الأموال لأبي عبيد: 223، ومستدرك الحاكم 271/3 - 272 ، والعقد الفريد 132/2، وسنن البيهقي 210/6 ، ومجمع الزوائد 1 / 135 ، وسيرة عمر لابن الجوزي : 87.. وغيرها .
يا ويلاه! إنّ ذميّاً يكون عدلياً(1) وهو يبتدع .. الخبر(2).
بیتان للعوني
العوني(3):
[ من المنسرح ]
فَوَتَبه(4) الله بالصِّفاتِ فَلَمْ *** يَرْضَ بِتَشْبِيهِهِ كَمَا زَعَمَا
حَتَّى ادَّعى فِيه مِن مُجانَسَةِ ال_ *** مَخْلُوقِ مَا عَنْهُ رَبُّنا عَظُما
* * *
ص: 46
1- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل ، أثبتنا ما استظهرناه .
2- في نسخة (ب) بالخبر . أقول : كأن نقل هذه الرواية قد أقحم هنا، وليس محلّه ، حيث سيرجع للحديث عن التثويب ونحن تبعاً له في الفصل القادم.
3- لم نجد لشاعرنا هذه الأبيات من مجموعة ، كما ولا نعرف لها مصدراً، فراجع.
4- كذا ؛ والظاهر : فَشَبَّه .
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي الدواهي ]
فصل
في بدع هامان(1)
في بدعة الثاني في الوضوء بالنجس وغسل الرجلین
ذكر أبو حامد في الإحياء(2): أنه توضّأ عمر من ماء في جرّة نصرانية ..
[مع أنّ مشربهم الخمر، ومطعمهم الخنزير ، ولا يحترزون عمّا نجسه شرعنا ] ..
في قوله سبحانه: ﴿ إنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ .. ﴾
وقد قال الله تعالى: ﴿ إنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ .. ﴾(3).
جعله المسح علی الرجلین غسلا
وجعل المسح على الرّجلين غسلاً ..
ص: 49
1- أقول : هذا من الرموز التي أقرها المصنّف (رحمه الله علیه) في مقدّمة كتابه هذا، حيث قال: وربّما يجيء فرعون لإضافته إلى قرينه هامان.. ثمّ كرّره في الباب الثاني الذي أقره لرموز الثاني. وقد جاء في بعض الروايات كذلك ، حيث قُرن بفرعون .. كما وقد سلف في بعض النصوص إطلاقه على الأوّل . راجع : تفصيل ذلك في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعرف به الأشرار 410/3 - 412.
2- إحياء علوم الدين 106/2 ، وسبق ذكره في 129/1، وأعاده في 256/2.
3- سورة التوبة (9): 28 .
وفي تفسیر قوله سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾
وقال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذين آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ..﴾(1) الآية، ففرض الله أربعة حدود ؛ حدّان منها غسلاً ، وحدّان مسحاً .
وروى عليّ بن رئاب(2)، عن الصادق (علیه السّلام): « أن التنزيل في مصحف أمير المؤمنين (علیه السّلام)(3): ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى [من] المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى [ من ] الكَعْبين .. ﴾(4)».
ما روی عن أهل البیت (علیهم السلام) فيٍ تفسیر الآیة وبیان کیفیة الوضوء
ولا خلاف بين أهل المعرفة أنه من المِفْصَل - الذي بين الساق والقدم من مقدّم أسفل الساق - وأنّ الكعب ؛ الذي هو في مؤخّر أسفل الساق بينه وبين الكعب أربع أصابع(5)، فكيف يحد الله لنا حداً في فريضة، ثمّ ينسخ ذلك الفرض بفرض غيره ، ولا يجوز تجاوز النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) عن حد الله ، [ فيقول : ] ويل للأعقاب من النار،
ص: 50
1- سورة المائدة (5) : 6.
2- في نسختي الأصل : زيّات ، والصحيح ما أثبتناه.
3- جاءت الرواية عن كتاب الاستغاثة في مستدرك الوسائل 311/1. انظر : هامش الاستغاثة 24/1 [ وفي طبعة : 57].
4- سورة المائدة ( 5 ) : 6 .
5- في الاستغاثة 24/1: ولا خلاف عند ذوي المعرفة أنّ الكعب هو المفصل الذي بين مقدم الساق والقدم، وأنّ العقب هو الذي في مؤخر الساق وبينه وبين الكعب نحو أربع أصابع.
أو يقول : خلّلوا الأصابع من اليدين والرجلين بالماء قبل أن تتخلّلهما(1) النار؛ لأنّ ذلك مضادّة لأمر الله ، والنبي (صلی الله علیه و آله و سلم) منزه عن ذلك(2).
ثمّ إنّه قرئ: ﴿ وَأَرجُلِكُم ﴾ ، والجرّ إنّما يوجب المسح ، فأما الفتح فيقتضي - أيضاً - المسح ؛ لأنّ موضع ﴿ بِرُؤُوسِكُمْ ﴾ نصب بوقوع الفعل عليه الذي هو : ﴿ وَامْسَحُوا ﴾، وإنّما جرّت الرؤوس بالباء الزائدة، وعلى هذا لا يُنكر(3) أن يعطف الأرجل على(4) موضع الرؤوس - لا على لفظها - فينتصب ، وإن كان الفرض فيها المسح كما كان فى الرؤوس - فصح أنته مشارك بينهما ؛ لأن الحرف إذا كان مما يدخل فيه الجرّ نحو : ﴿ وَقُلْنَ حَاشَ اللهِ مَا هَذَا بَشَراً .. ﴾(5) كان معناه : ما هذا ببشر ، فلمّا أزال عنه الباء الزائدة نصبه ، ومنه قوله: ﴿ وَاخْتَارَ مُوسى قوْمَهُ ..﴾(6) أي: من قومه ، وكذلك مررت بزيد وعمراً - يعني : مررت بزید وبعمرو فلما أن حذفت الباء الزائدة من عمر و نصب ، وكذلك في ظروف الزمان نحو: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ..﴾(7) معناه : أُحلّ لكم في ليلة
ص: 51
1- في نسختي الأصل : تتخلّهما، وهي محرفة عن المثبت.
2- راجع : متشابه القرآن ومختلفه للمصنف (رحمه الله علیه) 163/2 - 164.. وغيره .
3- في نسختي الأصل : ينكسر ، وهي محرّفة عن المثبت.
4- في نسختي الأصل : عن ، وما هنا استظهار من المعنى .
5- سورة يوسف (12): 31.
6- سورة الأعراف (7): 155.
7- سورة البقرة (2): 187.
من حمل علی المجاورة اخطا من وجوه ثلاث:
الصيام الرفث ، فلمّا أسقطت ( في ) نصبت(1) الليلة ، وكذلك في قوله : ﴿ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾(2) ، فقد حصلت لأهل المسح قراءة ونصف، ولأهل الغسل نصف قراءة من القراءتين .
الأول: إنّ الاعراب بالمجاورة شاذ
أولها : أن الإعراب بالمجاورة شاذ، وإنّما ورد في مواضع(3) لا يتعدى إلى غيرها، وما هذه صورته لا يجوز أن يحمل كتاب الله عليه(4).
الثاني: إن من اعرب المجاورة فلا یجد حرف العطف الذي تضمنته الآیة الشریفة
وثانيها : أنّ كلّ موضع إعراب(5) بالمجاورة مفقود فيه حرف العطف الذي تضمنته الآية(6)، ولا مجاورة مع حروف العطف ؛ لأنته حائل بين الكلامين، مانع [ من ] تجاورهما ، بخلاف قولهم : جُحْرُ ضَبٌ خَرِبٍ.
وقول الشاعر :
[ من الطويل ]
ص: 52
1- في نسختي الأصل : نصب.
2- سورة المائدة (5) : 6.
3- في نسختي الأصل : موضع ، وهي محرفة عن المثبت.
4- راجع : الانتصار للسيد المرتضي (رحمه الله علیه): 106 - 107 ، والناصريات له : 122 - 123.. وغيرهما.
5- كذا ؛ والظاهر : أعرب .
6- كلمة (الآية) مطموسة في نسخة (ب).
... كَبِيرُ(1) أُناسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ(2)
لأنّ اللفظين متجاوران بلا حائل(3).
الثالث: إنما یستحسن الاعراب بالجوار فیما لو ارتفعت الشبهة في المعنی
وثالثها : أن الإعراب بالجوار إنّما يستحسن بحيث ترتفع الشبهة في المعنى، ألا ترى أنّ الشبهة زائلة في كون خرب(4) من صفات الضب، وأنه من صفات الجحر ، وكذلك الوصف(5) ب_ : مُزَمَّل ، راجع إلى الكبير لا النّجاد، وليس هكذا الآية؛ لأنّ الأرجل يصح أن يكون [ فرضها المسح ، كما يصح أن يكون ](6) الغسل والشكّ في ذلك واقع(7)، فلا يجوز إعرابها بالمجاورة مع وقوع التلبّس(8) والشبهة .
ص: 53
1- في نسختي الأصل : كثير ، والظاهر ما أُثبت كما في المصادر.
2- أقول : هذا البيت معروف جاء ضمن معلقة امرئ القيس، حيث يقول فيها : [ من الطويل ] كأنَّ ثبيراً في غرانين وبله *** كبير أناسٍ فِي بِجَادٍ مُزَمَّلِ هذا ؛ وقد جرّ ( مزمل ) هنا مع أنّ ( كبير ) مرفوع، وذلك للمجاورة.
3- كذا استظهاراً ، وفي نسخة : حلائل .
4- في نسختي الأصل: حرف .
5- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل ، تقرأ : الصنف .
6- قاله في الناصريات: 123 ، ومنه الإضافة .
7- كلمة (واقع) في نسخة (ب) بياض .
8- كذا: والظاهر: اللبس.
الأقوال في الوضوء من االصاحبة وما روي عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) في ذلك
وقال ابن عبّاس : الوضوء غسلتان ومسحتان(1).
وقال قتادة : افترض الله غسلين ومسحين(2).
وقال الشعبي : نزل جبرئيل بالمسح دون غيره(3).
وقال ابن عبّاس : إنّ في كتاب الله المسح ، ويأبى الناس إلا الغسل !(4)
وكان الحسن يقول بالتخفيض ، وإليه ذهب الطبري(5) والبخاري.
وروى أبو عبيد في غريب الحديث (6)، والزمخشري في الفائق(7): أن النبي
ص: 54
1- كنز العمّال 433/9 ، وتفسير الطبري 175/658/10]، وتفسير القرطبي 92/6، و تفسير ابن كثير 27/2 . . وغيرها .
2- تفسير الطبري 60/10 [176/6 ] ، وعمدة القاري 238/2، وتفسير الثعلبي 29/4 ، وتفسير القرطبي 92/6 .. وغيرها . وقال الطبرسي (رحمه الله علیه) في تفسیر مجمع البيان 284/3 : وقال قتادة : فرض الله غسلتين ومسحتين.
3- تفسير الطبري 59/10 [176/6] ، وتفسير الثعلبي 28/4.
4- راجع : المصنّف للصنعاني 38/1 ، وكنز العمّال 432/9 .. وغيرهما.
5- صوّب الطبري قراءة الأرجل في الآية الكريمة بالنصب والخفض ، وله عدة توجيهات في تصويب القولين. راجع : تفسير الطبري 63/10 - 64 .. وغيره .
6- غريب الحديث لأبي عبيد 268/1 بنصه، وقال في صفحة : 269: الكظامة : السقاية .. إلى آخره .
7- الفائق 263/3.
(عليه وآله السلام) أتى كظامة(1) قوم فتوضأ ومسح على قدميه.
کیفیة وضوء عثمان وحکایة وضوئه (صلی الله علیه و آله و سلم)
ورواه هشيم(2) بإسناده ... إلى أوس بن [أبي ] أوس أيضاً(3).
وروي [عن ] ابن عبّاس : أنه وصف وضوء رسول الله ... .. فمسح على رجليه(4).
وروى أمير المؤمنين (علیه السّلام) وابن عبّاس عن النبي(صلی الله علیه و آله و سلم): أنته توضاً ومسح على قدميه(5).
وروى سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مسلم بن يسار، عن حمران بن أبان ، أنته شهد عثمان توضأ فمسح رأسه ، وظهر قدميه، ثمّ قال : إنّ رسول الله دعا بوضوء فتوضأ كما توضأتُ.. وذلك موجود في مسند عثمان(6).
ص: 55
1- الكظامة: واحدة الكظائم ، وهي آبار تحفر في بطن وادٍ متباعدة، ويخرق ما بين بئرين بقناة يجري فيها الماء من بئر إلى بئر .
2- في نسختي الأصل : هشام ، والصحيح ما أثبتناه.
3- راجع : مسند أحمد 8/4، وسنن أبي داود 41/1 ، والمعجم الكبير 221/1 ، وأسد الغابة 144/1 .. وغيرها .
4- كما جاء في التبيان للشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) 352/3 ، ومجمع البيان للطبرسي (رحمه الله علیه) 3/ 284 .. وغيرهما.
5- انظر : كنز العمّال 474/9 ، وأحكام القرآن للجصاص 435/2 .
6- مسند أحمد بن حنبل 58/1 من مسند عثمان [ طبعة دار إحياء التراث العربي 95/1 حدیث 417] نقلاً بالمعنى مختصراً .. وفي الباب ما يخالفه عنه .
بدعة الحجاج في کیفیة الوضوء
إن الحجاج أكد بدعته بما روى ابن علية : أن الحجاج خطب بالأهواز ، فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم، وإنّه ليس شيء من بني آدم أقرب من خبث قدميه .. فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما(1).
بیت سلامة الحسیني في الوضوء
فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج ، قال الله: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ ﴾(2).
المراد من قوله سبحانه : ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ.. ﴾
وقال : [ وكان ] أنس إذا مسح قدميه بلهما(3).
سلامة الحسيني(4):
[ من الرمل ]
کیفیة التیمم
وَامْسَحَ الرَّأْسَ وَرِجْلَيْكَ مَعاً *** بِنَدَى(5) كَفَّيْكَ تَطْهُرْ وَتَطِبْ
ثمّ إنّه تعالى أمر بالتيمم [فقال]: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً
ص: 56
1- قال ابن منظور فى لسان العرب 594/1 - نقلاً عن الأزهري - : العرقوب : عصب وتر خلف الكعبين .. ثم قال : .. وعرقوبها : وهو الوتر الذي خلف الكعبين من مفصل القدم والساق من ذوات الأربع ، وهو من الإنسان فويق العقب.
2- سورة المائدة (5) : 6.
3- انظر : مجمع البيان 284/3 ، وتفسير الطبري 58/10 - 59 [175/6 – 176]، وتفسير الثعلبي 28/4.. وغيرها.
4- اللقب مشوّش جدّاً في نسختي الأصل يقرأ : الحنيني ، وهو تصحيف ، كما قاله السيد الأمين الله في أعيان الشيعة 275/7 ، وما أثبت استظهار منّا، وقد مرّت ترجمته في المقدمة ، وله شعر مكمل لهذا البيت ذكرناه مفصلاً فيما سلف ، فراجع .
5- الكلمة غير منقوطة في النسخ.
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ.. ﴾(1) كان فرض الرأس في الوضوء بالماء المسح، فأسقط الله تعالى ذلك بالتيمم ولم يثبت علينا منه عوضاً مكانه، كما أثبت من الغسل بالماء المسح بالتراب عوضاً مكانه، ثم وجدناه قد أسقط فريضة الرجلين إذ كانت معطوفة عليها ، فلما أثبت فريضة الوجه مسحاً ، وفريضة الرجلين لاحقة بفريضة الرأس في الوضوء مسحاً ، وفي التيمم أُسْقِطا بسقوطها(2) عنه .
بدعة الثاني في التیمم
وزاد في التيمم - أيضاً - بدعة(3)؛
ص: 57
1- سورة النساء (4) : 43 ، ومثله في سورة المائدة (5) : 6.
2- في نسختي الأصل : بسقوطها، وهي محرّفة عن المثبت.
3- أقول : يعد من بدع الثاني ما ارتآه في باب فاقد الماء، وقد روي عنه الكثير في هذا الباب وبأشكال مختلفة متعدّدة نقلاً عن صاحب الرسالة (صلی الله علیه و آله و سلم) أو أيام غصبه الخلافة ، فمنها ما أخرجه مسلم في كتابه 280/1 - 281 في باب التيمم ، بإسناده عن أبي موسى وعن عبد الرحمن بن أبزى : أنّ رجلاً أتى عمر فقال : إنّي أجنبت فلم أجد ماء ؟ فقال عمر : لا تصل . فقال عمّار : أما تذكر يا أمير المؤمنين ! إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا ، فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصلّ، وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت ، فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): « إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ، ثمّ تنفخ ، ثمّ تمسح بهما وجهك وكفيك » ؟ ! فقال عمر : اتَّقِ الله يا عمّار ! قال : إن شئت لم أحدّث به .. ! وفي لفظ : قال عمّار : يا أمير المؤمنين ! إن شئت - لما جعل الله عليّ من حقك - أن لا أحدث به أحداً ؟ ولم يذكر .. انظر - من باب المثال - : سنن أبي داود 87/1[53/1]، سنن ابن ماجة 188/1 [ 200/1] ، مسند أحمد بن حنبل 265/4 ، سنن النسائي 59/1 و 61 ، سنن البيهقي 209/1.. وغيرها . وجاء بصورة أُخرى في سنن أبي داود 88/1، وسنن النسائي 60/1، ومسند أحمد ابن حنبل 319/4 . . وغيرها .
كما ذكر أبو داود في السنن(1)؛ عن عثمان بن أُسيد(2)، قال: سألت النبي (عليه و آله السلام) عن التيمم ، فأمرني بضربة واحدة للوجه واليدين.
وقد روى البخاري(3) من قول(4) عمار : تمعكت .. ! فأتيت النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : «يكفيك الوجه واليدين»(5).
وفي رواية فيه(6): فضرب النبي بيده الأرض، فمسح وجهه وكفّيه .
ص: 58
1- سنن أبي داود 89/1 (باب التيمم) حديث 327 عن عمار بن ياسر .
2- كذا ؛ والظاهر أنته مصحف عن : عمار بن ياسر .
3- كتاب البخاري 92/1 - 93 (كتاب التيمم ) حديث 338 - 343 ، والذي في المتن هو حديث 341 .
4- في نسختى الأصل: قال .
5- في البخاري : والكفّين .
6- كتاب البخاري 93/1 حديث 343 [ 128/1 - 129] (کتاب التيمم ، باب التيمم للوجه والكفّين) ، ولاحظ روايات الباب كلّاً. وراجع كتاب مسلم 110/1، وسنن أبي داود 53/1، وتيسير الوصول 97/3، وسنن البيهقي 226/1.. وغيرها.
وفي رواية(1): « إنما يكفيك هذا(2) ..» ومسح وجهه وكفّيه واحدة(3).
الدلیل علی عدم جواز المسح علی الخفین
والعجب أنته لما نقلهم من فريضة المسح على الرجلين إلى بدعة الغسل أثبت لهم مع ذلك المسح على الخفين ، فمنعهم عن فريضة واحدة وأبدع لهم بدعتين !
ص: 59
1- كتاب البخاري 96/1 حديث 347 ، وبألفاظ مقاربة في ما قبله وبعده.
2- خ . ل : هكذا ، وجاءت كلتا النسختين في كتاب البخاري.
3- لا أعلم هل خفي على الخليفة ما أخرجه البخاري في كتابه عن عمران بن الحصين : إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال - لما رأى رجلاً معتزلاً لم يصل في القوم - : يا فلان ! ما منعك أن تصلّي في القوم ؟ » فقال : يا رسول الله ! أصابتني جنابة ولا ماء. فقال : « عليك بالصعيد فإنّه يكفيك .. » . وهل عزب عنه ما رواه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، قال : جاء إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : إنا نكون في الرمل وفينا الحائض والجنب والنفساء، فيأتي علينا أربعة أشهر لا نجد الماء ؟ قال : « عليك بالتراب » يعني التيمم. وفي لفظ آخر : إنّ أعراباً أتوا النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فقالوا : يا رسول الله ! إنا نكون في هذه الرمال لا نقدر على الماء ولا نرى الماء ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر، وفينا النفساء والحائض والجنب . قال : «عليكم بأرض». وفي لفظ الأعمش : جاء الأعراب إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فقالوا: إنا نكون بالرمل ونعزب عن الماء الشهرين والثلاثة وفينا الجنب والحائض ؟ فقال : « عليكم بالتراب » .. انظر : سنن البيهقي 216/1 - 217.. وغيره . وقد أسهب شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 83/6 - 92 في بيان هذه البدعة وما فيها ويرد عليها ، فراجع .
ما قاله أمیر المؤمنین (علیه السلام) جوابا لسؤال عمر في المسح علی الخفین
والدليل [على] أنه لا يجوز(1) المسح على الخفين : قوله: ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ ﴾(2) أوجب [المسح] على الرجل بالحقيقة ، والخفّ لا يسمّى رِجلاً ، كما أن العمامة لا تُسمّى رأساً .
وروى زرارة(3)، عن أبي جعفر (علیه السّلام)، قال : جمع عمر أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) - وفيهم علي (علیه السّلام)- قال : «ما تقولون بالمسح على الخفين؟» فقام المغيرة بن شعبة فقال: رأيت رسول الله يمسح على الخفين، فقال على (علیه السّلام): «قبل المائدة أو بعدها ؟!» فقال : لا أدري ، فقال عليّ (علیه السّلام): «نَسَخَ الكتاب المسح على الخفين(4)، إنّما أنزلت المائدة قبل أن يُقبَضَ بشهرين أو ثلاثة »(5).
ص: 60
1- ما هنا استظهار على نسخة (ألف) ، وفيها كلمة مشوشة ، لعلّها تقرأ: يحمد .
2- سورة المائدة (5): 6.
3- في نسختي الأصل : زرافة ! وهو سهو أو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه ، كما في تهذيب الأحكام 361/1 حديث 1091، وجاء باختلاف يسير.
4- في التهذيب : سبق الكتاب الخفّين .
5- وقريب منه ما في تحف العقول: 416 - 417 قال فيه : وذلك أن علياً (علیه السّلام) خالف القوم في المسح على الخفين ، فقال له عمر : رأيت النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يمسح ، فقال علي (علیه السّلام): « قبل الا نزول سورة المائدة أو بعدها ؟ » قال : لا أدري . قال علي (علیه السّلام): « لكنّي أدري ، إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لم يمسح على خفّيه مذ نزلت سورة المائدة». وجاء في الإرشاد للشيخ المفيد (رحمه الله علیه): 281 [ الطبعة المحققة 161/2] عن قيس بن الربيع ، قال : سألت أبا إسحاق [الربيعي ] عن المسح [ على الخفين ] . فقال : أدركت الناس يمسحون حتى لقيت رجلاً من بني هاشم لم أر مثله قط ؛ محمد بن علي بن الحسين (علیهم السّلام)، فسألته عن المسح على الخفين فنهاني عنه ، وقال : « لم يكن أمير المؤمنين علي لا يمسح [عليها ] » ، وكان يقول: «سبق الكتاب المسح على الخفين». قال أبو إسحاق : فما مسحت منذ نهاني عنه . قال قيس بن الربيع : وما مسحت أنا منذ سمعت أبا إسحاق .. وقد ورد عنهم (علیهم السّلام) - كما في المحاسن 259/1 - : «.. والتقية في كلّ شيء إلا في شرب النبيذ والمسح على الخفين». كما وقد نص على ذلك في روايات العامة وأنّ المسح على الخف كان قبل نزول سورة المائدة؛ منه ما جاء عن جرير بن عبد الله ؛ على ما رواه البخاري في كتابه 108/1 ( باب الصلاة في الخفاف حديث ،387 ، والنسائي في سننه 81/1 (باب المسح على الخفين ) حديث 118 ، وذكره ابن الأثير في جامع الأصول 238/7 ذيل حديث 5274 عن جملة مصادر .. وغيرها . وراجع - أيضاً - غالب التفاسير ذيل قوله عزّ اسمه : ﴿ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ﴾ [سورة النساء ( 4 ) :43 ، وسورة المائدة (5) : 6]. منها : الدر المنثور 564/2 - 565 . . وغيره .
قوله ابن عباس: نسخ کتاب الله المسح علی الخفین
وقال ابن عبّاس : نسخ کتاب الله المسح على الخفين ..(1)
ص: 61
1- جاء في كتاب المحاسن للبرقي (رحمه الله علیه) 299/2 عن جابر قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): كيف اختلف أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) في المسح على الخفين ؟ ! فقال : «كان الرجل منهم يسمع من النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) الحديث فيغيب عن الناسخ ولا يعرفه ، فإذا أنكر ما خالف ما في يديه كبر عليه تركه ، وقد كان الشيء ينزل على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فيعمل به زماناً، ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه وأمته حتى قال أناس : يا رسول الله ! إنك تأمرنا بالشيء حتى إذا اعتدناه وجرينا عليه أمر تنا بغيره ، فسكت النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) عنهم فأنزل الله عليه : ﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ ... إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [سورة الأحقاف (46) : 9]. وقد روي عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) ذلك وأنته قال : «سبق الكتاب المسح على الخفين » ، كما جاء في سنن البيهقي 272/1 ، وتفسير ابن كثير 30/2، وجاء في التهذيب 361/1 حديث 1091 . . وغيرها . ولعلّ ابن عبّاس أخذ منه (علیه السّلام) قوله : نسخ الكتاب المسح على الخفين ، كما أورده المحقق الحلّي (رحمه الله علیه) في المعتبر 152/1 عنه ، ونحوه في مسند أحمد بن حنبل 323/1، والجعفريات : 24 .. وغيره. وجاء في تفسير العياشي 301/1 بإسناده قال : أتى أمير المؤمنين (علیه السّلام) رجل فسأله عن المسح على الخفين ، فأطرق في الأرض ملياً ثمّ رفع رأسه فقال : « يا هذا ! إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطهارة ، وقسمها على الجوارح، فجعل للوجه منه نصيباً، وجعل لليدين منه نصيباً، وجعل للرأس منه نصيباً ، وجعل للرجلين منه نصيباً ، فإن كانتا خفّاك من هذه الأجزاء فامسح عليهما ؟ !»
وقد وافقنا في ذلك جماعة من الصحابة والتابعين، منهم : أنس بن مالك(1).
ثمّ إنّه كيف يجوز المسح على جلد شاة لم يأمر الله ولا نبيه [به].. ويوم القيامة يُرَدُّ ذلك الجلد - على إجماعهم - إلى الشاة ، فتذهب الشاة بوضوء المتوضئ منهم على جلد تلك الشاة.
ص: 62
1- انظر عنه مفصلاً ما جاء في أحكام القرآن للجصاص 437/2 باب بعنوان ( ذكر الخلاف في المسح على الخفين ) .
قولة الثاني: ثلاثة کنّ علی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) منها منعتان، والثاني حي علی خیر العمل، أنهی عنهنّ وأعاف علیهن
وقال بعضهم: إنّ الحق في ذلك مع أهل البيت (علیهم السّلام)(1)..
فإن زعم أنتهم على باطل فأفسد الرجل وضوء الناس ، وبفساد الوضوء فساد الصلاة.
وروى الخلق : أنته صعد المنبر وقال : ثلاثة كنّ على عهد رسول الله .. منها المتعتان، والثالثة «حيّ على خير العمل» أنا أنهى عنهنّ وأُعاقب عليهنّ.
ثم قال - بعد كلام : والثالثة «حيّ على خير العمل» فإنّ الناس إذا سمعوها في الأذان اتكلوا عليها وعطّلوا الحج وسائر الأعمال !!(2)
وروى أبوبكر ابن [أبي ] شيبة في كتابه المعروف ب_ : كتاب الصلاة(3) -
ص: 63
1- وقد ورد المنع من المسح على الخفين في كثير من أخبارهم ، فعن عائشة عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال: «أشدّ الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره » ، كما جاء في الفقيه 48/1 حديث 96 ، ولاحظ حدیث 97، ولاحظ ما جاء في المصنّف لعبد الرزاق 221/1 حديث 860، والتفسير الكبير 163/11، والمصنّف لابن أبي شيبة 1 / 185 - 186 مكرّراً عن عائشة .
2- انظر : المسترشد : 517.
3- لا نعرف لابن أبي شيبة كتاباً بهذا العنوان؛ بل هو كتاب من أجزاء كتاب : المصنّف ، فراجع منه كتاب المصنف 215/1 [ طبعة الهند ، وفي طبعة 195/1] كتاب الأذان والإقامة ( باب من كان يقول في أذانه : حيّ على خير العمل .. ) .. نجد هذه الروايات هناك . و راجع : السنن الكبرى للبيهقي 425/1 ، والاعتصام بحبل الله 299/1 ، وصفحة : 308 ، وصفحة : 310 ، ومسند زيد بن عليّ : 83 .. وغيرها .
أذان الإمام السجاد (علیه السلام) من طریق العامة، وقوله (علیه السلام): حيّ علی خیر العمل
وهو أحد شيوخ أصحاب الحديث - : أنّ [علي بن] الحسين (علیه السّلام) كان يؤذن، فإذا بلغ «حيّ [على] الفلاح »(1) قال : «حيّ [على] خير العمل» ويقول: «هو الأذان الأوّل»(2).. أي أذان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).. ولو كان منسوخاً لما أذن به.
قولة ابن عمر في أذانه: (حي علی خیر لعمل)
وروى في كتابه(3) عن نافع : أنّ عبد الله بن عمر ربّما أزاد في أذانه : «حيّ على خير العمل »(4).
ص: 64
1- في نسخة ( ألف ) : الصلاة ، بدلاً من : الفلاح .
2- وجاء في مسند الحبري - المطبوع في مجلة تراثنا :صفحة : 324 من العدد 32 - 33 ما أسنده عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين (علیهم السّلام) الحديث 18 ، قال : أبو عبد الله الشريف العلوي ، ( قال ) : حدثنا محمّد بن عبد الله ومحمد بن الحسين بن غزال ، قالا : حدّثنا محمّد بن عمّار العطار ، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري ، حدثنا جندل ، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين [(علیهم السّلام)]: أنه كان إذا بلغ في أذانه إلى « حي على الفلاح » كان يقول : « حي على خير العمل»، وكان يقول : « هو الأذان الأوّل » . وراجع : فتح الباري في شرح كتاب البخاري للحنبلي /497 ، والسنن الكبرى للبيهقي 424/1 ، والاعتصام بحبل الله 297/1 و 308 و 316.. وغيرها.
3- المصنف 196/1 [244/1].
4- وفي مسند الحبري [ المطبوع في مجلة تراثنا العدد 32 - 33] صفحة : 324 ، قال : حدثنا أبو خالد، عن ابن عجلان، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنته كان يقول في أذانه : الصلاة خير من النوم ، وربّما قال : حي على خير العمل . وفيه : حدثنا أبو أسامة ، قال : أخبرنا عبيد الله* عن نافع ، قال : كان ابن عمر زاد في أذانه : حي على خير العمل.
ما روی عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في باب قول (حي علی خیر العمل)
وروى منصور الكوفي في كتابه الجامع في الفقه ، بإسناده:.. عن رجاله ، عن أبي محذورة، أنه قال : أمرني رسول الله أن أقول في الأذان : «حيّ على خير العمل»(1).
ما قاله ابن عباس لعمر في هذا الباب
وروى أبو جمرة الضبعي ، عن ابن عباس - في خبر : قلت لعمر : إنك ألقيت من الأذان «حيّ على خير العمل» وهو تمام الأذان الذي أذن به رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إلى أن خرج من الدنيا ؟! قال : يابن العباس ! إنّما ألقيته(2) مخافة أن يترك الناس الجهاد والحج ، ويُقبلون على الصلاة ، قلت(3): [ أ ] فليس الله فرض جميع ذلك فهو أعلم بما يصلح عليه أمر عباده ؟ ! فقال : ما ألتمس(4) المخرج من شيء إلا ألقيتني في غيره(5).
ص: 65
1- راجع : البحر الزخار لأحمد بن قاسم الصنعاني 1922 ، وميزان الاعتدال 139/1، ولسان الميزان 268/1 ، والأذان : 219 ، والاعتصام 1 / 284.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل: انفيته .
3- في نسختي الأصل: قلنا ، والظاهر ما أثبتناه.
4- كذا ؛ ولعلّه : التمست .
5- أقول : قولة عمر على المنبر : أيها الناس ! ثلاثة كنّ على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأنا أنهى عنهنّ وأحر مهنّ وأعاقب عليهن .. ثالثها : على خير العمل.. مشهورة، وستأتى مصادرها ، وقد ذكرها القوشجي (المتوفى سنة 879ه_) في شرح التجريد : 484. ثم قال : إنّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحاً فيه ؛ فإنّ مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع .. !! هذا العلم والدين وإلا فلا !! وذكر هذه الثلاثة الطبري (رحمه الله علیه) في المسترشد : 516 وقال : والثالثة : حي على خير العمل ؛ فإنّ الناس إذا سمعوها في الأذان اتكلوا عليها وعطلوا الحج وسائر الأعمال ! وقال العلّامة عليّ بن برهان الدين الحلبي في السيرة الحلبية 98/2 في باب بَدء الأذان ومشروعيته : ونقل عن ابن عمر ، وعن علي بن الحسين [(علیه السّلام)]: أنهما كانا يقولان في أذانهما بعد « حي على الفلاح » : «حي على خير العمل». وراجع : الأذان ( باب على خير العمل ) : 54 . وقال أبو الفرج الإصفهاني في مقاتل الطالبيين : 446 :.. وصعد عبد الله بن الحسن الأفطس المنارة التي عند رأس النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال للمؤذن : أذن ب_: حي على خير العمل ..
فأما أحاديثنا في ذلك فهي أكثر من أن تحصى.
أفسد عمر علی الناس الأذان، کالوضوء والتیمم
فأفسد على الناس الأذان بذلك ؛ لأنّ من قصد فريضة أو سنة يعمل ببعضها تعمداً واختياراً لم ينفعه ما عمل به منها .
بیت شعر لکشواذ، وأبیات لعبد الجبار الحسني
کشواذ(1):
[ من الرجز ]
وَأَسْقَطَ الْمَخْذُولُ «خَيْرَ العَمَلِ» *** رَدّاً عَلَى أَحْمَدَ تاجِ الرُّسُلِ
عبد الجبار الحسني(2):
[ من السريع ]
ص: 66
1- الظاهر أنّ هذا البيت من أرجوزة الشاعرنا (رحمه الله علیه) سبق الحديث عنها سالفاً، فراجع.
2- لم يرد لشاعرنا هذا في هذه الموسوعة غير هذه الأبيات الأربعة، ولم يورد له المصنّف طاب ثراه في المناقب شعراً آخر ، ولا في الغدير ما يفيد تعريفه، ولعلّ في اسمه تصحيفاً أو تحريفاً .
«حَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلْ» سُنَّةٌ *** واضِحَةٌ مِثْلُ السَّراج المُنِيرُ
أَنْزَلَها جِبْرِيلُ مِن رَبِّهِ *** عَلَى النَّبِيِّ العَرَبِيِّ النَذِيرُ
وَأَذَّن الشَّيْخُ بِها بَعْدَهُ *** ما كان في أذانِهِ بِالنَّكِيرُ
قولة الرجل: ان الله عز وجل: یضل من یشاء ویهدي من یشاء
وَكَيْفَ تَرْكِي(1) سُنَّةَ المُصْطَفَى *** وَأَيَّ شَيْءٍ أَرْتَجِي فِي النشير(2).
بدعة التثویب
ثم زاد في صلاة الغداة التثويب(3)، وزاد [ه] أحباؤه في صلاة العشاء.
عود علی الحدیث عن التثویب والأقوال فیه
ص: 67
1- كذا استظهاراً ؛ وفي نسختي الأصل: تزكي.
2- كذا ، ويصححها الضرورة الشعرية.
3- هذا ما استظهرناه من الكلمة ، وقد تقرأ : لا متويب ؛ إذ هي في نسختي الأصل غير معجمة ، والمعين به قول القوم في صلاة صبحهم : الصلاة خير من النوم . أقول : ثمة روايات جمة وردت عن أهل بيت العصمة والطهارة (علیهم السّلام) في النهي عنه ورده، وقد جاءت بألفاظ مختلفة ومتعدّدة ؛ كقولهم سلام الله عليهم : « ما نعرفه » كما في الكافي الشريف 303/3 ، حديث 6 ، والفقيه 289/1، حديث 895، والتهذيب 63/2 ، حديث 16 .. وغيرها . بل عقد له الشيخ الحر العاملي (رحمه الله علیه) في وسائله 425/5 (باب 22، باباً في عدم جواز التثويب في الأذان والإقامة ، وهو قول : الصلاة خير من النوم )، وكذا جاء مستدرکه 44/4 (باب 19). وما ورد عنهم (علیهم السّلام) من قولهم : « النداء والتثويب في الإقامة من السنّة » ، فهو إما أن يكون تقيّة ، أو حملاً على الإنكار ، أو كون التئويب لغة أعم من قول ( الصلاة خير من النوم ) . لاحظ : ما جاء في بحار الأنوار 43/31 .. وغيره. قال الشيخ الطريحي (رحمه الله علیه) في مجمع البحرين 20/2 : قد تكرر ذكر التثويب في الحديث ، قيل : هو من باب ( ثاب ) إذا رجع، فهو رجوع إلى الأمر الأوّل بالمبادرة إلى الصلاة ، بقوله : (الصلاة خير من النوم ) ، بعد قوله : «حي على الصلاة». وقيل : هو من ثوب الداعي تثويباً : ردّد صوته . وفي المغرب نقلاً عنه : التثويب : هو قول المؤذن في أذان الصبح : ( الصلاة خير من النوم ) . والمحدّث : ( الصلاة .. الصلاة ) ، أو: ( قامت .. قامت ) . ثمّ قال : وما روي من أن النداء والتثويب في الإقامة من السنة ! فقد قيل فيه : ينبغي أن يراد بالتثويب هنا تكرار الشهادتين والتكبير - كما ذكر ابن ادریس - لا التثويب المشهور. وما روي عنه [(علیه السّلام)] - وقد سئل عن التثويب - فقال : « ما نعرفه » كما في الكافي الشريف 303 - فمعناه إنكار مشروعيته ، لا عدم معرفته .
واستحبّ الشافعي في صلاة الغداة فقط في [رواية ] البويطي(1).
وقال في الأُمّ(2): أكرهه ؛ لأنّ أبا محذورة لم يذكره، ولو(3) كان مسنوناً لذكره؛
ص: 68
1- راجع مثلاً : فقه القرآن للراوندي (رحمه الله علیه) 116/1.
2- قال الشافعي في كتاب الأُمّ 104/1: .. ولا أُحبّ التثويب في الصبح ولا غيرها ؛ لأنّ أبا محذورة لم يحك عن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنته أمر بالتثويب؛ فأكره الزيادة في الأذان ، وأكره التثويب بعده. راجع: مختصر المزني : 12 ، والمجموع 92/1 ، ونقله عنه الشيخ (رحمه الله علیه) في الخلاف 287/1 ، والطبري في المؤتلف والمختلف 93/1.
3- في نسختي الأصل : وقد، وهي مصحفة عن المثبت.
لأنه مؤذن النبي (عليه و آله السلام): مع ذكره لسائر فصول الأذان.
ولا خلاف أن من تركه لا يلحقه ذمّ؛ لأنه مسنون على قول بعضهم، وغير مسنون على قول الآخرين، وفي كلا الأمرين لا ذمّ على تاركه، وما لا ذمّ على تركه ويخشى في فعله أن يكون بدعة ومعصية، تركه أولى.
المراد من (الصلاة خیر من النوم ) إن صلاة أبي بکر في المسجد خیر من نوم علي (علیه السلام) علي فراش النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)
وسأل معاوية بن وهب أبا عبد الله (علیه السّلام) عن التنويب [ في الأذان والإقامة ] فقال : « ما نعرفه »(1).
وسمعت أنتهم يعنون بذلك أن صلاة أبي بكر - بقول عائشة - في المسجد خير من نوم على (علیه السّلام) على فراش النبي (عليه و آله السلام) وقت الهجرة !
وسمع مؤذن يقول - بعد طلوع الشمس - : الصلاة خير من النوم.. فقالت امرأة: النوم خير من هذه الصلاة.
ص: 69
1- كما قاله ابن ادريس (رحمه الله علیه) جاء في السرائر : 475 [ الطبعة الحجرية ]، وفي مستطرفات السرائر : 93 - 94 ( برقم 11) حديث 2 ، وعن السرائر في بحار الأنوار 167/84 حديث 69 . أقول : نقل الشيخ الكليني (رحمه الله علیه) في الكافي الشريف 303/3 ( باب بدأ الأذان والإقامة ) حديث 6 ، وعنه رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في التهذيب 63/2 حديث 223، والاستبصار 308/1 - 309 حديث 1147 ، والفقيه 188/11 حدیث 895 [وفي الطبعة المحققة 289/1] ، وعنهم رواه الشيخ الحر العاملي له في وسائل الشيعة 650/4 حديث 1 .
فصارت [ بدعة الرجل ](1) معمولاً بها ، مطالباً من تركها بالقهر عليها ، وسنّة النبي (عليه و آله السلام) مطروحة يضرب من استعملها(2).
ص: 70
1- انظر : بحار الأنوار 358/30 باب (20) حديث 164 عن إرشاد القلوب، والاستغاثة 26/1 - 27.
2- أقول : للعلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 167/84 - 168 بيان هنا حريّ بنقله ، قال (قدس سره): الظاهر أنّ المراد ب_: التثويب قول : الصلاة خير من النوم ، كما هو المشهور بين الأصحاب، منهم الشيخ في المبسوط [95/1] ، وابن أبي عقيل والسيد رضي الله عنهم [ في الانتصار : 137 ، وكذا في الناصريات: 44]، وبه صرّح جماعة من أهل اللغة ، منهم : الجوهري [الصحاح 95/1]. وقال في النهاية [ 226/1 - 227] فيه : إذا ثوب بالصلاة فأتوها وعليكم السكينة .. التثويب ههنا إقامة الصلاة، والأصل في التثويب أن يجيء الرجل مستصرخاً فيلوّح بثوبه ليرى ويشهر ، فسمّي الدعاء : تثويباً لذلك، وكلّ داعٍ مثوّب ، وقيل : إنّما سمّي تثويباً من ثاب يثوب إذا رجع ، فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة ؛ فإنّ المؤذن إذا قال : «حى على الصلاة » فقد دعاهم إليها ، فإذا قال بعدها : ( الصلاة خير من النوم ) ، فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها . وفسّره في القاموس [42/1] بمعانٍ ؛ منها : الدعاء إلى الصلاة، وتثنية الدعاء، وأن يقول في أذان الفجر : الصلاة خير من النوم؛ مرتين . وقال في المغرب [125/1 – 126]: التثويب القديم هو قول المؤذن في أذان الصبح : الصلاة خير من النوم ، والمحدّث : الصلاة .. الصلاة ، أو قامت .. قامت . وقال الشيخ في النهاية : التثويب؛ تكرير الشهادتين والتكبيرات زائداً على القدر الموظف شرعاً . وقال ابن إدريس [ في السرائر 212/1] : هو تكرير الشهادتين دفعتين؛ لأنه مأخوذ من ثاب .. إذا رجع . وقال العلامة الحلي رحمه الله في كتابه : المنتهى [381/4]: التثويب في أذان الغداة.. وغيرها غير مشروع، وهو قول : (الصلاة خير من النوم) ، ذهب إليه أكثر علمائنا، وهو قول الشافعي، وأطبق أكثر الجمهور على استحبابه في الغداة ، لكن عن أبي حنيفة روايتان في كيفيته ، فرواية كما قلناه ، والأُخرى أن التثويب عبارة عن قول المؤذن بين أذان الفجر وإقامته : حيّ على الصلاة ؛ مرتين ، وحي علي الفلاح ؛ مرّتين . ثمّ قال في موضع آخر [383/4]: يكره أن يقول بين الأذان والإقامة : حي على الصلاة، حي على الفلاح، وبه قال الشافعي ، وقال محمّد بن الحسن : كان التثويب الأول : ( الصلاة خير من النوم ) مرتين بين الأذان والإقامة ، ثمّ أحدث الناس بالكوفة : حي على الصلاة، حي على الفلاح ؛ مرّتين بينهما ، وهو حسن . وقال بعض أصحاب أبي حنيفة : يقول بعد الأذان: حي على الصلاة، على الصلاة، حي على الفلاح ، بقدر ما يقرأ عشر آيات . انتهى . أقول : وهذا الخبر يحتمل وجهين : فعلى الأوّل المراد ببين الأذان والإقامة؛ بين فصولهما ، قوله : ما نعرفه .. أي ليس له أصل ؛ إذا لو كان لكنّا نعرفه .
أبدع بجعل اجزاء الاقامة فرادی خلافا لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
ثم جعل الإقامة فرادى ، وقال : ينبغي لنا أن نجعل بين الأذان والإقامة فرقاً بيتاً واضحاً، ورفع [ال_] فرق الذي فرّقه النبي (عليه وآله السلام)، أما استص- استصوب(1) فعل نفسه بما لم يعلمه الله ولا رسوله .. أو(2) قصد بذلك مخالفتهما،
ص: 71
1- في نسختي الأصل : استوصب ، ولا معنى لها .
2- في نسختي الأصل : إذ ، وهي مصحفة عن المثبت.
ما روی في کیفیة الأذان عن الصاحبة
وكلاهما يوجبان الكفر(1).
وروى حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن بلال : أنه كان يثني الأذان ويثني الإقامة(2).
وروی سويد بن غفلة : أنّ بلالاً .. أذن بمنئ مرتين ، وأقام مثل ذلك(3).
ص: 72
1- قال العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في موسوعته بحاره 150/84 - 151:.. الصلاة خير من النوم مرّتين ، وليستا من أصل الأذان ، والأظهر التحريم إن قاله بقصد الشرعية ؛ لأنته بدعة في الشريعة . وروى في السرائر : 475 [ الحجرية ، وفي المحققة مع المستطرفات 601/3] ، مسنداً وفي النوادر لمحمد بن عليّ بن محبوب معاوية بن وهب ، قال : سألت عن أبا عبد الله (علیه السّلام) عن التثويب الذي يكون بين الأذان والإقامة ؛ فقال : « ما نعرفه » . وروي عن أبي الحسن (علیه السّلام)- كما في كتاب زيد النرسي - وعنه في بحار الأنوار ا 172/84 أنه قال : «الصلاة خير من النوم؛ بدعة بني أمية ، وليس ذلك من أصل الأذان ، ولا بأس إذا أراد الرجل أن ينبّه الناس للصلاة أن ينادي بذلك ، ولا يجعله من أصل الأذان ، فإنا لا نراه أذاناً ...».
2- انظر : الناصريات : 181 ، وصفحة : 185 ، والتلخيص الحبير لابن حجر 163/3، والمصنّف للصنعاني 462/1 ، وشرح معاني الآثار 134/1، وسنن الدارقطني 1 / 250 . . وغيرها .
3- انظر : الناصريات : 181 - 182، وصفحة : 185، الزوائد للهيثمي 330/1، ومجمع والمعجم الأوسط للطبراني ،17/8 وسنن الدارقطني 250/1، وكنز العمّال للهندي 344/8 .
بدعة عمر في اللسجود علی العبقري
وزاد - أيضاً - بدعة(1) أُخرى في السجود، ذكر الزمخشري في الفائق(2)، وأبو عبيد(3) في غريب الحديث(4): أنّ عمر كان يسجد على عبقري.
قال : وهو البسط التي فيها الأصباغ والنقوش..(5)
وقد رواه عبد الله بن عمار(6).
وروى في الحلية(7)، عن نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يصلي على الحصير،
ص: 73
1- في نسختي الأصل : بدعة - أيضاً -.. والأولى ما أثبتناه .
2- الفائق للزمخشري 388/2.
3- في نسختي الأصل : أبو عبيدة ، والصحيح ما أثبتناه.
4- غريب الحديث 400/3 ، وسبق في 89/1 ، وزاد فيه هناك : [ قيل له : على بساط ؟ قال : نعم ].
5- وعرفه في الفائق بقوله : هو ضرب من البسط الموشية ، وعَبْقَر : يقال : إنها من بلاد الجنّ فينسب إليها كلّ شيء يونق ويستحسن ويستغرب ، كأنه من صنعة الجن ، حتى قالوا : ظلم عبقري ! أقول : جاءت كلمة العبقري في القرآن الكريم في قوله عزّ اسمه : ﴿ عَبْقَرِيٌّ حِسَانٍ ﴾ [سورة الرحمن (55): 76] وفسرت ب_ : الزرابي .. أي الطنافس ، وقيل : الديباج ، وقيل : البسط ، قال القتيبي - وحكاه عنه العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 108/8: كلّ ثوب موسى فهو عبقري .. راجع المفردات وكتب اللغة .
6- وجاء الحديث عنه في سنن البيهقي 436/2 ، والمصنّف لابن أبي شيبة 352/1 [437/1] .. وغيرهما .
7- حلية الأولياء 122/7، وذكر قبل ذلك أن عمر كان يصلي على عبقري .
ويضع جبهته عليه ؛ خلافاً لأبيه.
ما أبدعه في افتتاح الصلاة خلافا لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) والصاحبة في کیفیة دخولهم في الصلاة
واجتمعتم على افتتاح الصلاة، وقلتم(1): إنّ عمر استفتح ب_: سبحانك اللهم ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ..
وقد خالفتم أهل المدينة ؛ وذلك أنهم يتعوّذون ويقرؤون القرآن ..
وقوم يستفتحون بقول إبراهيم (علیه السّلام): ﴿ وَجَهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَواتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً ﴾ مسلماً ﴿ وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ ﴾(2)، وقد أمر الله نبيه إبراهيم (علیه السّلام) أن يقول : ﴿ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وبذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ ﴾(3).
في کیفیة افتتاح رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) للصلاة
وروى الشافعي(4)، والموصلي(5)، في مسنديهما، عن أبي رافع ، عن عليّ (علیه السّلام): « أنّ النبيّ كان إذا افتتح الصلاة كبّر » ، ثمّ قال : « ﴿ وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ..﴾ إلى قوله : ﴿ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ ﴾ ».
وتركتم قول إبراهيم وقول محمد صلى الله عليهما [و آلهما ]، كما حكى
ص: 74
1- كما جاء في المستدرك للحاكم 235/1 ، وسنن البيهقي 2 / 34 - 36 .. وغيرهما .
2- سورة الأنعام (6): 79.
3- سورة الأنعام (6) : 162 - 163 .
4- مسند الشافعي : 35.
5- مسند أبي يعلى الموصلي 245/1 حديث 285 ، و 432/1 - 434 حدیث 574 ، وحديث 575 .
عن الجن(1)، حيث قالوا : ﴿ وأنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً ﴾(2).
بدعة التکتف في الصلاة
ثمّ أبدع التكتف(3)، وهو من أفعال [ اليهود ](4) والنصارى ، قال : هذا تأويل
ص: 75
1- في نسختي الأصل : الحسن ، وهي مصحفة عن المثبت .
2- سورة الجن (72): 3. أقول : وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده 94/1 ، ومسلم بن الحجاج في كتابه 292/1 (باب (9) حديث 25 ، وفي باب صلاة المسافرين حديث 771، وأبو داود السجستاني في كتاب الصلاة 176/1 ، والنسائي في سننه 130/2، والدارمي في کتاب الصلاة 282/1 ، وموطأ مالك بن أنس 75/1 (باب 4) حديث 16.. وغيرهم كثير جداً.
3- في نسختي الأصل التكفكف . ويراد منه هنا ما نصطلح عليه ب_: التكفير أو التكتف ، وهو وضع المصلي إحدى يديه على الأخرى حين الصلاة في حال القيام . أقول : حرمة التكفير عند الإمامية أمر لا خلاف فيه بين من يعتنى به منهم. قال الشيخ الصدوق (رحمه الله علیه) في بيان عقائد مذهب الإمامية في مجالسه (أماليه): 384: ولا يجوز التكفير في الصلاة ، ولا قول ( آمين ) بعد فاتحة الكتاب.. إلى آخره. هذا ؛ وقد يرد التكفير بمعنى أن يخضع الإنسان لغيره، كما يكفر العلج للدهاقين. قال الجوهري في الصحاح ، وابن الأثير في النهاية، والتكفير لأهل الكتاب : أن يطأطى أحدهم رأسه لصاحبه كالتسليم عندنا وقد كفّر له . لاحظ : لسان العرب 5 / 150 ، وله عدة معاني . وراجع : العين 357/5 ، ومجمع البحرين 476/3.
4- الواو كانت في نسختي الأصل، وما بين المعكوفين اقتضاه السياق، ولما سيأتي بعد هذا.
غضب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) علی عمر وقوله (صلی الله علیه و آله و سلم): « متهودون أنتم یابن الخطاب...؟!».
قوله : ﴿ وَقُومُوا اللهِ قَانِتِينَ ﴾(1) يريد بزعمه التذلّل والتواضع ، وكان في بَدْءِ الأمر قال - لمن صلّى بجنبه واكتنف : ما هذا الصلب في الصلاة ؟ ! كان النبي (عليه و آله السلام) ينهى عن ذلك! ذكره الزمخشري في الفائق(2).
ومما رووا عنه بغير خلاف - وهو في تفسير الثعلبي(3) - : أنه قال للنبي (عليه وآله السلام) : إنّما نسمع أشياء نستحسنها منهم، أفنكتب ذلك منهم ..؟!
ص: 76
1- سوره البقرة (2): 238.
2- الفائق للزمخشري 312/2 نقلاً بالمعنى .
3- تفسير الثعلبي 127/2 ، وفيه : إن عمر أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : إنا نسمع أحاديث من يهود قد أخذت بقلوبنا أنكتب بعضها ؟ فقال (صلی الله علیه و آله و سلم): «أمتهو كون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، ولو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعى». ذكره الزمخشري في الفائق 4 / 116 - 117 : عنه ، أنته قال عمر له صلى الله عليه [ وآله] وسلم : إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا ، أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال : «أمتهوّكون أنتم كما تهوّكت اليهود والنصارى؟! لقد جئتكم بها بيضاء نقية ؛ لو كان موسى حياً ما وسعه إلّا اتباعي». ثمّ قال : تهوّك وتهوّر أخوان في معنى وقع في الأمر بغير رؤية .. وقيل: التهوك والتهقك : الاضطراب في القول ، وأن يكون على غير استقامة. انظر : تفسير الرازي 201/8 ، وتفسير ابن كثير 314/4 ، والدر المنثور 148/5.. ولعلّ هذا أحد الوجوه الكثيرة التي تشهد بارتباط الخليفة باليهود والأخذ منهم، وتقديم أخبار كعب وأشباهه على قول وعمل الصحابة وأعيانها ؛ لذا شرفه اليهود بأن التجأ إليهم.
فغضب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وقال : «أمتهوّدون أنتم يابن الخطاب ؟! لو كان موسى [حيّاً] ما وسعه إلا اتباعي».
فمن استحسن قول اليهود في حياة الرسول (عليه وآله السلام) كان غير مستنكر استحسانه فعلهم بعد فقد الرسول في عقد اليدين على الصدر، وقد خالف مالك بن أنس فِعْلَه(1) ذلك ، وقال الشافعي : ويجوز للمصلّي أن يرسل يديه، وقال الليث : إن أعيى المصلّي أرسل..(2)
اجماعنا علی أن التکفیر یبطل الصلاة
وإجماعنا أنّ التكفير يبطل الصلاة، وأفعال الصلاة يحتاج ثبوتها إلى الشرع، والشرع(3) لا يدل على ذلك(4)، وطريقة الاحتياط أنته لا خلاف أن من أرسل يده
ص: 77
1- في نسختي الأصل : فعلته ، والتصويب بما أثبتناه ، أو فعلته تلك ، والمثبت أقرب .
2- قال أبو المحاسن الروياني في بحر المذهب 20/2 - 21: .. ويكره إرسال اليدين في ظاهر المذهب ، وقال أبو إسحاق المروزي : قال الشافعي في الأُمّ: القصد منه تسكين يديه ، فإن أرسلهما ولم يعبث فلا بأس، وعن مالك روايتان ، إحداهما : أنته مستحب ، والثانية : أنته مباح .. وقال الليث : يرسل يديه إلّا أن يطيل القيام فيعلّ. وقال فخر الإسلام المستظهري في حلية العلماء 82/2: وقال الليث بن سعد : أنته : يرسل يديه إلّا أن يطيل القيام فيعيا .. انظر : المجموع للنووي 311/3 ، والتمهيد لابن عبد البر 74/20 - 75.
3- سقطت كلمة ( والشرع ) من نسخة (ألف).
4- كما قاله الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في كتاب الخلاف 322/1 ، بعد أن نقل كلمات القوم في ذلك ، والظاهر أنّ المصنّف (رحمه الله علیه) نقل كلّ ما هنا من كتاب الخلاف .
بیت الزاهي في التکتف
أنّ صلاته ماضية، واختلفوا فى الكتف(1)، وأنته على كثير منها(2) خارج عن حدودها؛ من قيام وركوع وسجود .. [ أ ] و عمل خارج(3) عنها يبطلها .
الزاهى(4):
[ من المنسرح ]
لا تبلغ(5) الكتف في الصَّلاةِ وَلا *** أَبْتَغِي ما مَنْ لِفَلِّهِ(6) تَبِعَهُ(7)
حذف آیة السلمة من القرآن والصلاة
وحذف ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيم ﴾ من القرآن [و] من(8) الصلاة، وقال : ليس في القرآن إلا مرّة واحدة(9)، وخالفه الشافعي وسفيان الثوري
ص: 78
1- .. أي التكتف .
2- الظاهر : فعل كثير فيها .
3- الظاهر : والعمل الخارج.
4- لم أجد مصدراً لهذا البيت ، نعم لشاعرنا طاب ثراه قصيدة على هذا الوزان أوردها شيخنا الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 390/3، وهي في مدح أمير المؤمنين (علیه السّلام) مطلعها : دَع الشناعاتِ أيّها الخُدَعَة *** واركن إلى الحق واغد متبعة ولعلّ هذا منها .
5- الكلمة مطموسة في نسخة (ب)، وقد تقرأ : لا يبلغى - بدون نقط - ولعلّها : لا ينبغي ، أو: لا أبتغي.
6- الفظ هنا هو عمر .
7- البيت مشوش كلاً في نسختي الأصل ، أثبتنا ما استظهرناه منه .
8- كذا ؛ والظاهر : في ، بدلاً من : من .
9- هذا؛ وقد روى العامة كثيراً ، ومنهم الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 84/3، وغيره عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه كان إذا افتتح الصلاة بدأ ب_ : ﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ .
في ذلك(1).
بیتان للعوني
العوني(2):
[ من المنسرح ]
وَحَرَّف المُحْكَمَ المُنَزَّلَ عَم_ *** _ما افْتَتَحَ اللهُ فِيهِ وَاخْتَتَما(3)
أَبْدَعَ (آمِينَ) في الصَّلاةِ وَقَدْ *** أَضْرَبَ عَنْ بِسْمِ اللهِ وَاكْتَتَما
بدعة زیادة قول (آمین) في الصلاة تبعا للیهود
ثم زاد في القرآن والصلاة ب_: آمين(4)؛ اتباعاً لليهود ..
وكم(5) قد رووا عن النبي (عليه و آله السلام): «لا تتكلّموا في الصلاة بكلام دميين »(6)، وليس ذلك من كلام ربّ العالمين !!
وروي عن الأئمة (علیهم السّلام) أنه : «من قال في صلاته ( آمين ) فقد أفسد صلاته وعليه الإعادة»؛ لأنتها عندهم كلمة سريانية معناها بالعربية : افْعَلْ ، كسبيل من
ص: 79
1- راجع تفصيل الكلام في بحر المذهب للروياني 2 /26 - 29 .
2- لم يرد هذان البيتان في المناقب ولا الغدير ولا غيرهما من المجاميع الشعرية ، وقد أحرق شعر شاعرنا (رحمه الله علیه) أحرق الله عداه.
3- كذا ، وفي نسختي الأصل : واختما.
4- كذا؛ ولعلّ الصحيح : آمين .
5- كذا ؛ والظاهر : وهم .
6- قال شيخ النواصب ؛ ابن تيمية في مجموع فتاويه 93/12 : .. فإنّه قد ثبت بالنص والإجماع: إنّ من تكلّم بكلام الآدميين؛ عامداً لغير مصلحتها ، عالماً بالتحريم بطلت صلاته بالإجماع.
يدعو بدعاء فيقول آخر : اللهم افعل(1).
بیت کشواذ في قول (آمین)
وكذبوا على النبي أنه كان يقول ذلك بأعلى صوته في الصلاة، وإنّما الرواية الصحيحة أنته كان يقول [ ذلك ] أوقات الدعاء الخارج عن الصلوات، واختلافهم يدلّ على بطلانه ؛ لأنّ بعضهم يروي : إذا قال الإمام: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ فيقول : (آمين) ، ومنهم من يروي الإخفات.
ولا خلاف أنه إذا لم يقل ذلك أنّ صلاته ماضية، واختلفوا إذا قال ذلك ؛ فالاحتیاط تركه .
روی: ان تحریم الصلاة التکبیر و تحلیلها التسلیم»
کشواذ(2):
[ من الرجز ]
أَنْكَرَ قسماً(3) عُمْدَةَ الصَّلاةِ *** ( آمِينَ ) قَدْ أَوْصَلَ فِي الصَّلاةِ
ورووا جميعاً : أن تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم(4).
ص: 80
1- رواها الشيخ النوري (رحمه الله علیه) في مستدركه 4 / 175 - 176 باب (13) حدیث 5 (4418) ، عن كتاب الاستغاثة . وراجع : بحار الأنوار 360/30 (باب 20) حديث 164.
2- الظاهر أنّ هذا البيت من أُرجوزة لشاعرنا (رحمه الله علیه)، سبق الحديث عنها قريباً ، فراجع .
3- كذا ؛ ولعلّ الأصح والأنسب : بسماً ، أي : بسم الله الرحمن الرحيم ..
4- كما جاء في فقه الرضا (علیه السّلام): 7 ، وعنه في بحار الأنوار 207/84 (باب 37) ذيل حديث ، قال : وروي أن تحريمها التكبير وتحليلها التسليم ، ومثله في تفسير الإمام الحسن العسكري (علیه السّلام): 239 ، ودعائم الإسلام 157/1 ، والهداية : 31.. وغيرها. وقد أورد المصنّف طاب ثراه في مناقبه 4/ 130 [ وفي طبعة بيروت 143/4] ما يدلّ عليه حيث روى عن أبي حازم ، قال : سئل عليّ بن الحسين (علیهما السّلام): ما افتتاح الصلاة ؟ قال : « التكبير » ، قال : ما تحريمها ؟ قال : « التكبير » ، قال : ما تحليلها ؟ قال : « التسليم » .
وأنّ الصلاة المفروضة على الحاضرين الظهر والعصر، والمغرب، والعشاء الآخرة لا يسلّم إلا في التشهد الأخير(1).
بدعة الرجل في التشهد والتسلیم
وأجمعوا أنّ من سلّم قبل التشهد متعمّداً فلا صلاة له وقد لزمه الإعادة .. فاستنّ الرجل لأوليائه في التشهد الأوّل والثاني التسليم عند قوله : (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) ، فإذا سلّم المصلّي على النبي (عليه و آله السلام) وعلى نفسه وعلى عباد الله الصالحين لم يعد من المصلين . وبعد هذا؛ فكيف يسلّم على نفسه وقد دخل في السلام على عباد الله الصالحين جميع الأولين والآخرين ، والجن والإنس والملائكة وأهل السماوات والأرضين، من الأحياء والأموات، ومن قد مضى ومن هو آت؟! فبطل أن يكون منهم [من] يتشهد في صلاته، إلا من تَشَهدَ بعد التسليم عامداً؛ فهو متشهد في [غير] الصلاة؛ إذ كان السلام مُوجِبَ الخروج من الصلاة.
ص: 81
1- في نسختي الأصل : الأخيرة، والصواب ما أثبتناه.
بدعة قراءة سورة السجدة یوم الجمعة في الصلاة الفجر
وأمر(1) لهم [في ] صلاة الفجر يوم الجمعة قراءة سورة السجدة، وأمرهم أن يسجدوا في موضع ذكر السجود فيها ، ثمّ يقوموا من السجدة فيأتوا بتمام السورة، ثم يركعوا.. فزادهم في فريضةٍ سجدةً لم يأمر الله بها ولا رسوله، فأفسد عليهم فريضة عظيمة في أوّل يوم عظيم بزيادة هذه السجدة فيها(2)؛ لأنّ من زاد في فريضة الله شيئاً غير الفريضة عامداً كسبيل من نقص منها شيئاً عامداً، ومن فعل منهما واحداً أفسد على ذلك الفريضة ، ولنا في القرآن متبع لا نوجب على أنفسنا ما لم يوجبه الله .
بدعة جعل وقت الظهر إذا صار ظل کل شیء مثلیه
وجعل وقت الظهر بزعمه إذا صار ظلّ كلّ شيء مثليه، ثمّ قال : من أدرك من صلاة العصر ركعة واحدة قبل أن تغيب الشمس فقد أدرك العصر في وقتها.
ص: 82
1- في نسختي الأصل أسر ، وأثبتنا ما استظهرناه، ولعلّه : استن.
2- قال الشاطبي في كتاب الاعتصام 354/1 - نقلاً عن القرافي - : .. وكذلك شاع عند عوام مصر أن الصبح ركعتان إلّا في يوم الجمعة ؛ فإنّه ثلاث ركعات ؛ لأجل أنهم يرون الإمام يواظب على قراءة السجدة يوم الجمعة ويسجد ، فيعتقدون أن تلك ركعة أُخرى واجبة ! ثم قال : وسدّ هذه الذرائع متعيّن في الدين. وقال - أيضاً - في 331/2: ويدخل في هذا القسم: ما جرى به العمل في بعض الناس ؛ كالذي حكى القرافي عن العجم في اعتقاد كون صلاة الصبح يوم الجمعة ثلاث ركعات ؛ فإنّ قراءة سورة السجدة لمّا التزمت فيها وحوفظ عليها اعتقدوا فيها الركنية ؛ فعدّوها ركعة ثالثة ، فصارت السجدة إذن وضعاً لازماً ، أو جزءاً من صلاة صبح الجمعة ؛ فوجب أن تبطل.
وروى أبوعبيد في غريب الحديث(1): عن ابن مسعود [ عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أنته قال ](2):
«لعلكم ستدركون أقواماً يؤخّرون الصلاة إلى شرق(3)
بدعة جعل صلاة المغرب إذا غایت الشمس عن الأبصار
الموتى ، فصلّوا الصلاة للوقت الذي تعرفون ثمّ صلّوها معهم»(4).
وجعل صلاة المغرب إذا غابت الشمس عن الأبصار، وغاب شعاعها عن
ص: 83
1- غريب الحديث 329/1 [ وفي طبعة القاهرة 335/3 - 336] بنصه ، وكذا لاحظ ما جاء في مصنف ابن أبي شيبة 2 /154.
2- الزيادة بين المعكوفين منّا ؛ إذ الحديث جاء في المصدر عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، وليس فيه ذكر لابن مسعود ، ولعلّ في نسختنا أو المطبوع من الكتاب تحريف وسقط .
3- في نسختي الأصل : سوق ، وهو تصحيف، وذكر أبو عبيد في غريب الحديث تفسيرين لهذا الحديث ؛ أحدهما : إنّ الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان وصارت بين القبور كأنها لجة ، فذلك شرق الموتى .. أي هي ساعة الأموات لا الأحياء. والآخر : أن يغص الإنسان بريقه وأن يشرق به عند الموت ، وكأنته لم يبق من النهار إلا بقدر ما بقي من نفس هذا الذي قد شرق بريقه . وقيل : الشرق هو ضوء الشمس عند المغيب، يقال للضوء قبل الغروب: شرق الموتى .
4- وراجع - أيضاً - ما جاء بألفاظ قريبة في المصنف للصنعاني 379/2، وصفحة : 382، ومسند أحمد بن حنبل 459/1 ، و 5 / 168 - 169 ، و 24/4 ، و وكتاب مسلم 68/2378/1] ، و 448 - 449 ، وسنن أبي داود 117/1 – 118، وسنن ابن ماجة 398/1 ، والفائق للزمخشري 563/1 .. وغيرها .
رؤوس الجبال من قبل أن تظهر النجوم ، وحثّهم(1) على إقامتها قبل أن تظهر نجمة(2) من النجوم ، وشدّد عليهم في تقديمها ، وزعم أنته لو علم في الناس إمكاناً لعتق رقبة، لأوجب(3) على من ترك صلاة المغرب حتى يظهر نجم واحد عتق رقبته(4)؛ ذكره صاحب قوت القلوب(5).
فمازالوا يسارعون فيها حتى ذكر بعض فقهائهم في(6) تأليفه : أنّ لكلّ صلاة
ص: 84
1- هذا استظهاراً ، وقد تقرأ في نسختي الأصل: حقهم .
2- العبارة مشوشة ، تقرأ في نسختي الأصل : يظهر بحمرة، والظاهر ما أثبتناه.
3- في نسختي الأصل : واو زائدة : ولأوجب.
4- كذا ؛ والظاهر : رقبة . أقول : تقدم أبو القاسم الكوفي على مصنفنا (رحمه الله علیه) في ذكر هذا الطعن ، حيث قال كتاب الاستغاثة : 63 : وممّا أفسده عليهم من حدود الصلاة أمره إياهم بصلاة المغرب قبل ظهور شيء من النجوم ، وزعم أنته لو علم إنّ في الناس إمكاناً للعتق - من كلّهم - لأوجب على من ترك صلاة المغرب حتى يظهر نجم واحد عتق رقبة ، فشدّد عليهم في تقديمها غاية التشديد .
5- قوت القلوب 50/1 ، وصفحة : 286 . أقول : اشتهر نقل هذه الواقعة عن عمر بن الخطاب في كتب القوم ، فنذكر هنا بعض المصادر المعتبرة التي أوردت الواقعة - مع قلة تتبعنا - : منها : كتاب الزهد لابن المبارك : 187 برقم 529 ، والأوسط لأبي بكر النيشابوري 2 / 335 ، وإحياء علوم الدين للغزالى 195/1 ، والحاوي الكبير للماوردي 21/2 ، تاریخ دمشق لابن عساكر 311/44 .. وغيرهم في غيرها .
6- في نسختي الأصل : من ، بدلاً من : في ، وهي عن مصحفة المثبت.
وقتين غير المغرب؛ فإنّ لها وقتاً واحداً(1)، وذلك لجهلهم بوجه النظر ؛ فليس من وقت إلا وله أوّل و آخر ، وإذا كان ذلك كذلك فلابد من أن يكون لصلاة المغرب أوّل وقت وآخر وقت، وفي ذلك إيجاب وقت(2) .. ولكنهم قوم لا يفقهون !
وإنّما شدّد الرجل عليهم في هذه الصلاة خاصة؛ لأنه لم يمكنه حيلة في الصيام ليفسده، فاحتال فيه بهذه الصلاة ، فشدّد عليهم فيها قبل ظهور النجوم ليبعثهم على الإفطار في شهر رمضان من قبل الوقت الذي حدده الله في كتابه من قوله: ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ﴾(3).
إفطار المسلمین في شهر رمضان في یوم غیم ثم طلعت الشمس
وفي غرائب التفسير ؛ عن إسماعيل بن أبي زياد الشامي، وفي غريبي الحديث : عن أبي عبيد(4) والزمخشري(5): روى أبان ، عن أنس ، قال : أفطرنا على عهد عمر في شهر رمضان في يوم غيم فإذا الشمس قد طلعت، فقال عمر : نقضي
ص: 85
1- قال الترمذي في سننه 305/1 - نقلاً عن بعض أهل العلم - : ليس لصلاة المغرب إلا وقت واحد ... وهو قول ابن المبارك والشافعي . أقول : اختلفت كلمات القوم في وقت المغرب ، راجع مثلاً: أحكام القرآن للجصاص 342/2 .. وما بعدها .. وغيره.
2- أى: وقت واحد.
3- سورة البقرة ( 2 ) : 187.
4- غريب الحديث لأبي عبيد 313/3 باختلاف كثير .
5- الفائق في غريب الحديث 207/1.
إفطار المسلمین بأمره والشمس لم تغرب
ولا نبالي ، وما تجافينا لعهد، نقضي ولا نبالي(1).
وفي مسند الشافعي(2): أنته قال : الخطب يسير(3).
وفي رواية(4): أنته أفطر يوماً فأفطرنا(5) معه ، ثم صعد المؤذن ليؤذن، فقال: إنّ الشمس لم تغرب ! فقال : بعثناك داعياً ولم نبعثك راعياً، وقضاء يوم يسير، وما تجافينا(6) لإثم .. ثمّ أصرّ على تعجّل الإفطار .. أصرّ على تعجّل الإفطار .. فأفسد على أصحابه صلاة المغرب وصوم شهر رمضان ..
فأولياؤه يُشْقُونَ أنفسهم نهارهم كله بالجوع والعطش في الحر والبرد، حتى إذا بقي(7) بينهم وبين الوقت الذي حدّه الله للإفطار نصف ساعة بادروا إلى الإفطار
ص: 86
1- في غريب الحديث للهروي : فقال عمر : لا ، نقضيه ؛ ما تجانفنا فيه لإثم.. وفسّره فيه بقوله : ما ملنا إليه ، ولا تعمدناه ونحن نعلمه ، وكلّ مائل فهو مُتَجانِفٌ وجَنِفٌ ..
2- مسند الشافعي : 103 - 104 ، وجاءت قطعة منه في كتاب الأم للشافعي 266/7. وقريب منه في سنن البيهقي 217/4 ، والمجموع للنووي 310/6 ، والموطأ لمالك 303/1.. وغيرها .
3- تقرأ في نسختي الأصل : خير ، وما أثبتناه من المصدر .
4- كما في المبسوط للسرخسي 56/3 ، وعمدة القاري للعيني 69/11 .. وغيرهما .
5- في نسختي الأصل : فانظرنا.
6- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، ويمكن استظهار معنى آخر منها .
7- كذا ؛ ولعلّها تقرأ : ان أبقى ، ولا معنى لها.
قوله (صلی الله علیه و آله و سلم) : إن ترك الصلاة حتی إذا کان في ثرن الشیطان
قبل دخول الوقت ، وقول الله : ﴿ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِيَامَ إِلَى اللَّيلِ..﴾(1) فكلّ من أفطر قبل الليل - ولو بلحظة واحدة فصيامه فاسد ؛ إذ(2) هو تعمد ذلك من غير غفلة تقع منه ، وعلامة الليل غيبوبة الشمس وذلك غروبها ، وقد أحدّها(3) الله في كتابه أن غروب الشمس خروجها عن الفلك ودخولها في العين الحامئة ، في قوله : ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنِ حَمِئَةٍ .. ﴾(4) فصار غروب الشمس في كتاب الله تعالى زوالها عن الفلك، وذهاب(5) المانع عند(6) النظر إلى النجوم ، فعلامة غروب الشمس ظهور النجوم باشتباكها ، وإذا اشتبكت النجوم كان ذلك أوّل الليل، وعنده يجب الإفطار - وهو وقت صلاة المغرب - فمن أفطر وصلّى قبل ذلك فلا صلاة له ولا صيام.
صلاة المنافق
وروى أبو يعلى الموصلي في المسند(7)، عن [العلاء بن عبد الرحمن ، قال :
ص: 87
1- سورة البقرة (2) : 187 .
2- في نسختي الأصل : إذا.
3- في نسختي الأصل: أحياها ، أو ما قاربها، وهي مشوشة ولا معنى مناسب لها والظاهر ما أثبتناه.
4- سورة الكهف ( 18 ) : 86.
5- في نسختي الأصل : وذهب ، والصحيح ما أثبتناه.
6- كذا ؛ والظاهر : عن .
7- مسند أبي يعلى الموصلي 367/6 حديث 3696 نقلاً بالمعنى صدراً، مع تشويش غريب، والحديث عن العلاء بن عبد الرحمن.
دخلت على ] أنس [بن مالك حين](1) صلّى الظهر ، فقالت له جاريته : الصلاة !، فقال العلاء بن عبد الرحمن : أية صلاة يا أبا حمزة؟!(2)
قال : العصر ، قلت(3): إنما صليت الظهر الآن.
قال : سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : « تلك صلاة المنافق؛ يترك(4) الصلاة حتى إذا كانت في قرن الشيطان [ أو بين قرني الشيطان] قام فصلّى،(5) فلا يذكر الله إلا قليلاً ..».
وقد رواه(6)- أيضاً - عن عائشة(7).
ص: 88
1- في نسختي الأصل: عن أنس، عن عائشة ! وهو غلط ؛ إذ لا يوجد في المصدر، ولا وجه له ، لعدم روايتها عن أنس أولاً، وعدم تناسق وجودها هنا ثانياً، والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
2- في نسختي الأصل : فقال العلاء .. إلى : يا حميراء ، ولا معنى لحميراء، هنا ؛ لأنّ الموجود في المصدر : يا أبا حمزة ، وهو الصحيح.
3- في نسختي الأصل : قال .
4- في نسختي الأصل : بترك .
5- في نسختي الأصل : قال .
6- في نسختي الأصل : رآه .
7- مسند أبي يعلى 105/8 برقم 4642. أقول : أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده 102/3 - 103، وبطريق آخر فيه 149/3 و 185 و 247 ، وأبو عوانة في مسنده 356/1، والطحاوي في شرح معاني الآثار 192/1 ، والبيهقي في سننه 443/1 - 444 ، وصححه ابن حبان في مسنده 494/1 تحت رقم 261 ، وأخرجه مسلم في كتابه 434/1 [110/2] (كتاب المساجد حديث 622 ، والترمذي في سننه 301/1[107/1] (كتاب الصلاة) حديث 160.. وغيرهما ، كما أخرجه الطيالسي في مسنده 593/3 حديث 2244 طبعة دار هجر ، وفي طبعة 72/1 حديث 287] .. وغيرهم.
أبیات الجزري (3)
الجزري(1):
[ من المتقارب ]
لَعَمْرِي لَقَدْ فُضِحَ(2) الْأَوَّلُونَ *** بِمَا كَتَبُوهُ وَمَا(3) سَطَّرُوا
إذا القَوْمُ صامُوا فَعافُوا الطَّعامَ *** فَقَالَ(4): المجال فَقَدْ أَفْطَرُوا
وَإِنْ عَجِبُوا لاحْتِباسِ الغَمَامِ *** فَأَعْجَبُ مِنْ ذَاكَ أَنْ يُمْطَرُوا(5)
بیتان للعوني
العوني:
[ من المنسرح ]
وباطل(6) العَصْرَ بِالصَّلاةِ إِلى *** أَنْ صَارَتِ الشَّمْسُ لِلنُّرَى كُمَما(7)
ص: 89
1- هذا استظهار منّا ، وإلا فما جاء في نسختي الأصل هو : الحري - بدون الإعجام - .
2- في نسخة ( ألف ) : فصح .
3- في نسختي الأصل : وبما .
4- في نسخة (ب): فقالوا ، ولها وجه.
5- ویراد به تعجبه من أنته كيف أن الباري سبحانه وتعالى يسقيهم المطر مع أفعالهم هذه.
6- كذا ؛ ولعلّها : وَماطَلَ .
7- أقول: روى الزمخشري في الفائق 149/2: أن عمر جلد رجلين سبحا بعد العصر.. أي صليا !
وفَطَّرَ الصَّائِمينَ ساعَةَ ما *** غَيَّبها الغَرْبُ والصِّيامَ حَمَى(1)
بیت لکشواذ
کشواذ(2):
[ من الرجز ]
رَخَّصَ قَبْلَ اللَّيلِ بِالإِفْطَارِ *** فَجَمْعُهُ يُفْطِرُ بالنَّهارِ
في بیان وقت صلاة الوتر
ذكر أحمد بن حنبل في عدة مواضع في مسنده نده(3): أنه استن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) صلاة الوتر من بعد صلاة الليل في آخر الليل.
واجتمعت الأمة في الرواية : أنّ النبي (عليه و آله السلام) لم يوتر(4) إلا آخر الليل ، من بعد صلاة نوافل الليل.
وذكر أبو طالب الحارثي في قوت القلوب(5): أنه سأل رجل عليّاً (علیه السّلام) عن وقت الوتر، فسكت عنه ، ثمّ خرج عليهم عند الأذان لصلاة الفجر، فقال :
ص: 90
1- أي منع الصيام.
2- الظاهر أنّ هذا البيت من أُرجوزة سبق الحديث عنها قريباً لشاعرنا (رحمه الله علیه).
3- مسند أحمد بن حنبل 40/2 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 130/7 حديث 4967] ، و 58/2 [ طبعة دار الإحياء 161/2 حديث 5193]، و 66/2 [ طبعة الإحياء /177 حدیث 5319] ، وكذا في 205/7 [ طبعة دار الإحياء 293/7 حدیث 25165 و 25169] عن عائشة .. وغيرها .
4- في نسختي الأصل : يؤثر .
5- قوت القلوب 62/1 . وجاء في كتاب الأُمّ للشافعي 169/1، و 177/7.
«أين السائل عن الوتر ؟ هذا وقت وتر » .
وروى - أيضاً -(1) في حديث عمرو بن عبسة(2): قال النبي (عليه وآله السلام): «عليك بصلاة آخر الليل ؛ فإنّها مشهودة محمودة»(3).
وذكر أبو القاسم - الشاهد العدل - في مسند أبي حنيفة(4) بإسناده.. أنته قال : قال [محمد بن ] عليّ (علیهما السّلام): «إنّ صلاة النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) بالليل [كانت ] ثلاث عشرة ركعة، منهنّ [ ثلاث ركعات ] الوتر وركعتا الفجر »(5).
الأمر بالصلاة آخر اللیل
وفي هذا المسند(6)، عن محمد بن علي بن الحسين (علیهم السّلام): «أنته كانت صلاة رسول الله (عليه و آله السلام) ثمان ركعات، ويوتر بثلاث وركعتي الفجر».
وفي مسند أحمد(7)، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله يصلي من الليل
ص: 91
1- قوت القلوب 62/1.
2- تقرأ في نسختي الأصل : عيينة ، وفي المصدر : عنبسه ، والظاهر ما أثبتناه.
3- في المصدر : مشهودة محضورة ، يعني : يحضرها ملائكة الليل وملائكة النهار .
4- مسند أبي حنيفة : 52 برقم 118 [ طبعة دار الكتب الإسلامية ].
5- وجاء عن طريق عائشة مكرّراً ، كما في شرح مسلم للنووي 16/6 ، وعمدة القاري 187/7 .. وغيرهما.
6- مسند أبي حنيفة لابن خسرو 787/2.
7- مسند أحمد بن حنبل - مسند عائشة 34/6 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 52/7 حدیث 23537] ، وكذا في 97/6 [ طبعة دار الإحياء 140/7 - 141 حديث 24137]،165/6 [ طبعة الإحياء 236/7 - 237 حديث 24791]، و182/6 طبعة دار الإحياء 260/7 حديث 24958 ] .. وغيرها كثير. وانظر: ( باب باقي مسند الأنصار ) حديث 22941 ، وقريب منه حديث 23517 و 24180 و 24311 و 24911 و 25154.. وغيرها كلّها عن عائشة ، وروي في هذا المعنى عن غيرها . وكذا جاء عدد ركعات صلاة الليل عنها في مسند أبي يعلى الموصلي 272/8، وعليه عدة مصادر في هامشه .
إحدى عشرة ركعة .
بیان عدد رکعات صلاة اللیل
وذكر مالك في الموطأ(1)، قالت عائشة : كان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة ، يوتر منها بواحدة ، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن.
وذكر أبو داود(2) وابن ماجة(3) في سننهما ، عن عروة، عن عائشة : أنته كان رسول الله يصلّي الليل ثلاث عشرة ركعة بركعتين للفجر .
فلما ولي الثاني قال : إنّ الوتر سنة مؤكدة لا يجوز تركها ، وصلاة الليل إنّما(4) كانت على الرسول خاصة دون غيره لقوله: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ
ص: 92
1- الموطأ : 88 برقم 260 [ وفي الطبعة المغربية 189/1 برقم 316].
2- سنن أبي داود 2 /38 - 48 حديث 1334 وما بعده في موارد متعدّدة نقلاً بالمعنى [كتاب الصلاة، حدیث 1137].
3- سنن ابن ماجة 432/1 حديث 1359.
4- في نسختي الأصل : فإنّما .
نافِلَةً لَكَ ..﴾(1)!!
قال الله تعالى - ردّاً عليه -: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ .. ﴾(2).
وقال : ﴿ كانُوا قَلِيلاً مِن اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾(3).
وقال: ﴿ تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضاجِعِ ..﴾(4).
وغير ذلك في آيات كثيرة.
لا ینبغي تأخیر الوتر إلی آخر اللیل
قال : فليس ينبغي أن يؤخّر الوتر إلى آخر الليل ، ولا يستطيع ذلك كلّ إنسان فالوجه أن نجعل الوتر في أوّله ، ثمّ من قدر على أن يصلّي بالليل فهو إليه إن شاء فليصل وإن شاء فليدع.. فأزال(5) الوتر من آخر الليل إلى أوّله، فصيّره في غير الوقت الذي سنّه رسول الله (علیه و آله السلام)، فأفسد عليهم الفضل ، فبطل ثواب العمل بها والفضل الذي وعده رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، لفاعلها، فصاروا في هذه الأحوال مخاطبين بقوله : ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ﴾(6).
ص: 93
1- سورة الإسراء (17): 79.
2- سورة المزمل (73): 20.
3- سورة الذاريات (51) : 17 - 18 .
4- سورة السجدة (32): 16.
5- في نسختي الأصل : فما زال ..
6- سورة الغاشية (88) : 2 - 3.
قولة عمر: ابدوا باطعام قبل الصلاة إذا حضرت
ورويتم عن عمر أنه قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « إذا حضر الطعام وحضرت الصلاة فابدؤوا بالطعام»(1)، فقال عمر : ابدؤوا بالصلاة! خلافاً لرسول(2) الله (صلی الله علیه و آله و سلم)(3).
واستن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) في النوافل في ليالي شهر رمضان فرادى بالإجماع(4).
وذكر مالك في الموطأ(5)، والبخاري في الصحيح(6)، والطبري في التاريخ(7)،
ص: 94
1- راجع - مثلاً - : كتاب البخاري 164/1 ، والمعجم الأوسط 262/7، وكنز العمّال 520/7 - 521.
2- في نسختي الأصل : خلاف رسول ..
3- وجاء مثلها عن عائشة ، كما في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 238/40..
4- نقله أو قال به غير واحد، كالسيّد المرتضى (رحمه الله علیه) في رسائله 221/1، والكوفي في الاستغاثة 34/1 .. وغيرهما . وانظر: موطأ مالك 114/1، وكنز العمّال 407/8 ، والوجيزة 54/1 .. وغيرها .
5- الموطأ لمالك : 84 حديث 245 على رواية يحيى بن يحيى الليثي ، وفي سائر الطبعات كتاب الصلاة ( باب النداء ) حدیث 229 باختلاف لفظي كثير ، ووحدة معنى ، وفي ذيله : وذلك في رمضان ...
6- كتاب البخاري 62/2 - 63 باختصار جداً [ لاحظ : كتاب الجمعة حديث 1061]. انظر : كتاب البخاري ( صلاة التراويح ) : 233 ، ومثله في كتاب مسلم 177/2 (باب الترغيب في قيام رمضان ).
7- تاريخ الطبري ، ولم أجده فيه ، ولعلّه حذف منه ! راجع : تاریخ بغداد 51/8.. وغيره.
ترك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الخروج إلی الناس للصلاة بعد أن کثروا خوفا من أن تکون سنة
وأحمد في المسند(1): أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) صلّى في المسجد ليلة ، فصلّى بصلاته الناس، ثم كثر وا(2) فلم يخرج إليهم ، قال : « لم يمنعني من الخروج إليكم إلّا أنتي خشيت أن يفرض عليكم»..(3)
فلما ولي الرجل أمرهم بصلاتها جماعة !
أن تکون سنة
قال الطبري(4): وضع عمر - في سنة أربع عشرة - التراويح في شهر رمضان [وكتب بذلك إلى البلدان وأمرهم به ] ، فرأى المسجد غاصاً بالرجال والنساء فأمر سليمان بن [أبي ] حثمة أن يَؤُم النساء خلف الرجال، فكان يؤمهم رجلان [قارئاً يصلّي بالرجال، وقارئاً يصلّي بالنساء ].
بدعة صلاة التراویج
ثمّ قال : بدعة ونعم البدعة !!(5)
قولة عمر المعروفة عن صلاة التراویج: بدعة ونعم البدعة، أو بدعة حسنة
ص: 95
1- مسند أحمد بن حنبل 177/6 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 254/7 حديث 24918 ، ولاحظ : ( باب باقي مسند الأنصار ) حديث 24274] عن عائشة باختلاف أشرنا لبعضه.
2- تقرأ في نسختي الأصل : كبروا ، والظاهر ما أثبتناه ، كما جاء في مسند أحمد بن حنبل : .. ثمّ صلّى من القابلة فكثر الناس ، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة .. ومثله في كتاب البخاري.
3- وفي ذيله - عن كتاب البخاري ومسند أحمد -: وذلك في رمضان ..
4- تاريخ الطبري 209/4 [ طبعة الأعلمي - بيروت 277/3]، نقلاً بالمعنى ، ولم يرد فيه ما جاء في ذيله ، وكذا جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد 281/3.. وغيره.
5- أقول: لا شبهة أن أوّل من سنّ التراويح عمر سنة أربع عشرة - كما في محاضرات الأوائل : 149 [ طبعة سنة 1311 ، وصفحة : 98 طبعة سنة 1300 ه_ ] - وهو بلا ريب أوّل من جمع الناس على التراويح ، كما في المصدر السالف ، وشرح المواهب للزرقاني 149/7 ، وفي طرح التثريب 92/3 .. وإن إقامة النوافل بالجماعات في شهر رمضان من محدثات عمر وإنّها بدعة حسنة !! وحكى الطبري (رحمه الله علیه) في المسترشد : 533 عنه ، فقال : قال لعنه الله: هي بدعة حسنة !
وفي رواية : بدعة حسنة !(1)
ص: 96
1- نص على بدعته هذه كلّ من تعرّض لترجمته ، نذكر منهم مثلاً البخاري في كتابه ( بحاشية السندي ) 342/1 ، كذا في الرياض النضرة 309/1، وتاريخ المدينة المنورة / 713 - 715 ، وتاريخ اليعقوبي 2/ 1400 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 282/12 ، و 3 / 179 . . وغيرها . قال الغزالي في إحياء علوم الدين 286/1 : .. فكم من محدث حسن ؛ كما قيل في إقامة الجماعات في التراويح إنّها من محدثات عمر ! وإنّها بدعة حسنة !! ثمّ قال : إنّما البدعة المذمومة ما يصادم السنّة القديمة أو يكاد يفضي إلى تغيير ها ! هذا ؛ والطريف هنا قول عبد الله بن عمر - الذي رواه المروزي بسند صحيح عنه في كتاب السنة : 94 برقم 83 - أنه قال : كل بدعة ضلالة، وإن رآها الناس حسناً ! فكيف يحكم القوم بين عمر بن الخطاب وبين ابنه ؟ ! وقال شيخ النواصب ابن تيمية في كتاب : التحفة العراقية : 297 : إنّ المبتدع الذي يتخذ ديناً لم يشرعه الله ورسوله قد زين له سوء عمله ؛ فرآه حسناً ، فهو لا يتوب مادام يراه حسنا. و راجع من كتب الخاصة ؛ الشافي ،219/4 ، تلخيص الشافي 58/4 ، التهذيب 3/ 67 ، الروضة من الكافي 45/8 حديث 21 .. وغيرها كثير ، بل هو من إجماعات الخاصة .. لاحظ : بحار الأنوار 7/31 - 8 ( الطعن الرابع عشر ) .
وقال النبي (عليه و آله السلام): «كل بدعة ضلالة [وكل ضلالة ] في النار»(1) فجعلوها من السنّة المؤكّدة ؛ يوالون عليها ويعادون فيها، وكيف صار شهر رمضان أولى بالبدعة من غيره ؟!
أمير المؤمنين (علیه السّلام) بالمساجد وقد أحدثت فيها هذه البدعة ، فقال : نوّر الله قبره » !! فلم يدر كثير من الناس ما قال إلّا أهل المعرفة باللغة [ فهذه من بدائعه ](2).
ترك أمیر المومنین (علیه السلام) النهي عن صلاة التراویج بعد أن قال الناس: واسنة عمراه!
ثم رويتم : أن علياً (علیه السّلام) لما استخلف نهى عن ذلك، فصاح(3) الناس جميعاً : واعمراه !! فلما رأى ذلك تركهم وبدعتهم(4).
ص: 97
1- جاء الحديث بألفاظ عديدة، وله مصادر جمّة، ويكاد يكون متواتراً لفظاً فضلاً عن كونه كذلك معنى.
2- كما جاء في المسترشد : 533 بنصه . قال الزبيدي في تاج العروس 311/14: النور : النار .. وفي البصائر : وقال بعضهم : النار والنور من أصل واحد ، وهما كثيراً يتلازمان.
3- في نسختي الأصل : فصارخ ، وهي مصحفة عن المثبت أخذاً مما في التهذيب.
4- روى الشيخ (رحمه الله علیه) في التهذيب 70/3 (باب (4) حدیث 227 مسنداً عن أبي عبد الله (علیه السّلام) قال : سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد ، قال : « لما قدم أمير المؤمنين (علیه السّلام) الكوفة أمر الحسن بن علي (علیهما السّلام) أن ينادي في الناس : لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة ، فنادى في الناس الحسن بن علي (علیهما السّلام) بما أمره به أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فلما سمع الناس مقالة الحسن بن علي (علیهما السّلام) صاحوا واعمراه ! وا عمراه ! فلما رجع الحسن إلى أمير المؤمنين (علیهما السّلام)، قال له : ما هذا الصوت ؟ فقال : يا أمير المؤمنين! الناس يصيحون: واعمراه! وا عمراه فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): « قل لهم صلّوا». فكان أمير المؤمنين (علیه السّلام) أيضاً لما أنكر .. أنكر الاجتماع ولم ينكر نفس الصلاة، فلما رأى أنّ الأمر يفسد عليه ويفتتن الناس أجاز ، وأمرهم بالصلاة على عادتهم، فكلّ هذا واضح بحمد الله . وجاء في ضمن حديث طويل رواه الشيخ الكليني (رحمه الله علیه) في الروضة من الكافي الشريف 58/8 - 63 حديث 21 ، والكلام في صفحة : 62 - 63 عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) أنه قال : « .. والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم : أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة.. فتنادي بعض أهل عسكري - ممّن يقاتل معي - : يا أهل الإسلام ! غيّرت سنة عمر ، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ، ولقد خفت أن يثورا في ناحية جانب عسكري .. !!». لاحظ ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 283/12، حيث جاء حاصل ما هنا .
وقال الشافعي(1): صلاة المنفرد أحبّ إليه منه ، وشنّع عليه أبو داود في هذه المسألة(2).
ص: 98
1- كما جاء في كتاب الأُمّ للشافعي 86/1، وكذا في كتاب المجموع 5/4 ، والحاوي الكبير للماوردي 2 /368 .. وغيرهما .
2- وقد ذكر التراويح وما فيها وما يرد عليها غير واحد من أعلام الطائفة؛ منهم السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي 219/4 ، والعلّامة الحلّي (رحمه الله علیه) في نهج الحق : 288 - 290 ، الله وجاء أيضاً الصوارم المهرقة : 8 ، وصفحة : 163 .. وغيرهما.
فجعلوا بدعته أحسن من سنّة النبي (عليه و آله السلام) ..! وذلك كفر .
وإن قالوا: سنة النبي (عليه و آله السلام) أحسن منها ، فَلِمَ تركوا الأحسن والأفضل ؟!
قالوا: إنما فعل [ذلك] لمن لا يحسن القرآن منهم.. فكأنَّ النبي (عليه وآله السلام) [لا] يعلم ذلك ، فصار القوم يصومون نهارهم، ثمّ يشفعون صيامهم بفعل البدع وترك السنّة ، وقال النبي (عليه و آله السلام): «الأعمال بخواتيمها »(1).
بیت لمجهول في صللاة التراویج
وفي مسائل الخلاف(2) للشيخ الطوسي : أنه قيل لبعضهم : ما تقول في التراويح ؟ قال : ما أقول في التباريح(3)، ثم أنشد :
[ من الطويل ]
هَبِ الصَّومَ مَفرُوضاً عَلَيْنَا مُبَارَكاً *** فَمَا لِلتَّرَاوِيحَ الَّتِي سَنَّها عُمَرُ ؟!(4)
ص: 99
1- كما جاء في كتاب البخاري 188/7 ، كتاب الرقاق ، و ( باب الأعمال بالخواتيم ) من کتاب مجمع الزوائد 213/7 ، و ( باب الأعمال بالخواتيم ) من كتاب عمدة القاري للعيني 81/23..
2- الخلاف للشيخ الطوسي .. ولم نجده فيه ولا من نقل عنه (رحمه الله علیه).
3- قال ابن منظور في لسان العرب 410/2 : التباريح : الشدائد ، وقيل : هي كلف المعيشة في مشقة.
4- أقول : حرمة صلاة التراويح - التي هي جمع الترويحة، وهي في الأصل اسم للجلسة مطلقاً ، تم سميت بها الجلسة التي بعد أربع ركعات في ليالي شهر رمضان لاستراحة الناس بها ، ثمّ سمّي كلّ أربع ركعات ترويحة ...- وعلى كلّ ؛ حرمتها وبدعتها ممّا اجتمعت الطائفة عليه ولا تجوز بجماعة قطعاً، كما صح عن أهل البيت (علیهم السّلام)، وجاء في ما كتب الإمام الرضا (علیه السّلام) للمأمون عن محض الإيمان، والتي جاءت في عيون أخبار الرضا (علیه السّلام) 121/2 (باب 35) حدیث 1، وكتاب تحف العقول : 420 ، وقد سلف الحديث عن البدعة ومعناها ، وهذه أظهر مصاديقها.
جمع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بین صلاتي الظهر والعصر وبین صلاة المغرب والعشاء والآخرة
وقد ذكرنا أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) صلّى بالناس ، فجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء الآخرة من غير خوف ولا مطر(1).
وقال الثاني : الجمع بين الصلاتين من الكبائر !!(2)
إفطار الخلیفة بالجماع
وفي إحياء علوم الدين(3): أن ابن عمر ربّما كان يفطر بالجماع(4)، يعني : في شهر رمضان(5)
ص: 100
1- كما في مسند أحمد بن حنبل 223/1، وصفحة : 354، وكتاب مسلم 152/2، وسنن أبي داود 272/1.. وغيرها.
2- كما جاء في بدائع الصنائع 127/1 ، ولاحظ : المصنّف للصنعاني 552/2 ، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي 451/2.. وغيرهما.
3- إحياء علوم الدين 232/1 - 233 ، ولم أجد العبارة هناك ، فراجع .
4- في نسختي الأصل : بالإجماع، والصحيح ما أثبتناه.
5- قال الغزالي في إحياء العلوم - أيضاً - 23/2:... وكان عمر يكثر النكاح.. وفي صفحة : 26 منه قال: .. أنته كان ينكح كثيراً، ويقول : إنما أنكح للولد ..! ثم قال في صفحة : 29: وكذلك يُحكى عن ابن عمر - وكان من زهاد الصحابة وعلمائهم ! - : أنه كان يفطر من الصوم على الجماع قبل الأكل ، وربّما جامَعَ قبل أن يُصلّي المغرب ثم يغتسل ويصلّي .. ورُوي أنته جامع ثلاثاً من جواريه في شهر رمضان قبل العشاء الأخيرة. أقول: قد جاء بسند صحيح عندهم عن ابن عمر في المعجم الكبير للطبراني 269/12 برقم 13080 عن محمد بن سيرين ، قال : ربّما أفطر ابن عمر على الجماع !
وهذا مخالفة للسنّة ؛ لأنّ النبي (عليه و آله السلام) إنما كان يفطر بالماء أو بشيء حلو(1).
بیت لکشواذ
کشواذ(2):
[ من الرجز ]
فَاقْصد(3) الصَّلاةَ والصِّياما *** أزالَ عَنْ مَوْضِعِهِ المَقَامَا(4)
وأجمع [_ت] الأمة على أن النبي (عليه و آله السلام) أمر في الزكاة من الحنطة
ص: 101
1- فتأمل جيّداً.
2- الظاهر أن البيت من أرجوزة الشاعرنا (رحمه الله علیه) سبق منها أبيات قريباً ، وستأتى لها تكملة، وتحدثنا عنها قريباً ، فلاحظ .
3- كذا ؛ ولعله : فأفسد ، وسيأتي : فأبطل ..
4- وسيأتي البيت قريباً هكذا: فأبطل الصَّلاةَ والصِّياما *** أزال عن موضعه المقاما [ من الرجز ] الصحيح ما جاء هنا (أزال) ، وهو إشارة على ما فعله عمر من إزالة مقام إبراهيم [(علیه السّلام)] عن الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم الخليل [(علیه السّلام)] وردّه إليه النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وإرجاعه إلى الموضع الذي وضعه فيه المشركون وهو موضعه الآن.
مسألة تدوین عمر للداوین وما فرضه لأهل البیت (علیهم السلام) لم لسائر طبقات المسلمین
والشعير، والتمر والزبيب بالعُشر ممّا سقته الأنهار ، ونصف العشر مما سقى بالبواقي، وأنه لا صدقة على شيء من(1) ذلك حتّى يبلغ كلّ صنف منها خمسة أوسق، كلّ وسق ستون صاعاً بصاع الرسول (عليه وآله السلام)، ثمّ بين أربابها [في] قوله : ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآء .. ﴾(2) الآية، ولم يفضّل في ذلك أحداً على أحد ، فلما ولي الثاني فضّل المسلمين بعضهم على بعض .
قال الطبري في تاريخه(3): لما دوّن عمر الدواوين فرض للعبّاس(4) وعلي (علیه السّلام) عشرة آلاف.. عشرة آلاف(5).
ثمّ فرض للبدريين(6) خمسة آلاف.. خمسة آلاف.
ثم فرض لمن بعد بدر إلى الحديبية أربعة آلاف.. أربعة آلاف.
ص: 102
1- في نسختي الأصل : منهن ، وهي مصحفة عن المثبت.
2- سورة التوبة ( 9 ) : 60.
3- تاريخ الطبري 614/3 - 615 [ طبعة الأعلمي - بيروت 109/3]، ولاحظ منه : 209/4 [ طبعة الأعلمي - بيروت 278/3] ، وهو إجمال ما هناك واختصار له ، مع سقط أشرنا للمهم منه ، ولاحظ : تاريخ اليعقوبي 153/2 ، ففيه ما هو حري أن يراجع .
4- أضاف في المصدر : وبدأ به ، ولم يرد في تاريخ الطبري : وعلي .. ولا كلمة : عشرة آلاف..
5- ذكر الطبري آخر هذه الرواية هكذا وكان فرض للعبّاس خمسة وعشرين ألفاً ، وقيل : اثني عشر ألفاً .
6- الكلمة في نسختي الأصل مشوشة ، وقد تقرأ : المبدرين، والصحيح ما أثبتناه، وفي المصدر : لأهل بدر.
ثمّ فرض لمن بعد الحديبية إلى أن أقلع أبو بكر عن أهل الردّة ثلاثة آلاف.. ثلاثة آلاف، [و] في ذلك من شهد الفتح وقاتل عن أبي بكر ، ومن ولي الأيام قبل(1) القادسية كلّ هؤلاء ثلاثة آلاف [ثلاثة آلاف].
ثمّ فرض لأهل القادسية وأهل الشام ألفين ألفين.
تم فرض لأهل البلاء البارع(2) منهم ألف [و] خمسمائة(3).
[فقيل له : لو ألحقت أهل القادسية بأهل الأيام! فقال : لم أكن لألحقهم بدرجة من لم يدركوا.
تفضیل الخلیفة للصاحبة والسابقین قم الأمثل فالأمثل
وقيل له : قد سوّيت من بعدت داره بمن قربت داره ، وقاتلهم عن فنائه . فقال : من قربت داره أحق بالزيادة؛ لأنهم كانوا ردءاً للحتوف(4) وشجى للعدوّ، فهلّا قال المهاجرون مثل قولكم حين سوينا بين السابقين منهم والأنصار ! فقد كانت نصرة الأنصار بفنائهم ، وهاجر إليهم المهاجرون من بعد.
وفرض لمن بعد القادسية واليرموك ألفاً .. ألفاً .
ثم فرض للروادف المثنى خمسمائة .. خمسمائة ](5).
ص: 103
1- في نسخة (ب): قبيل .
2- في تاريخ ابن الأثير : النازع .
3- في تاريخ الطبري : ألفين وخمسمائة .. ألفين وخمسمائة .
4- في نسختي الأصل : للحوق ، وهي محرّفة عن المثبت عن تاريخ ابن الأثير .
5- من قوله : فقيل له .. إلى هنا زيد من المصدر.
ثمّ [ فرض ] للروادف الثليث(1) بعدهم ثلاثمائة .. ثلاثمائة [سوّى كلّ طبقة العطاء، قويّهم وضعيفهم ، عربهم وعجمهم ] .
أدخل في أهل بدر أربعة من غیرهم؛ وهم الحسن والحسین (علیهما السلام) وأباذر وسلمان
ثم الرابع من الروادف مائتين وخمسين(2).
ثم للخلق من الروادف مائتين(3).
ما فرضه الخلیفة لأزواج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) مع تفضیل عائشة علیهم
وأدخل فى أهل بدر(4) أربعة من غير أهل بدر ؛ الحسن، والحسين، وأبا ذر ، وسلمان، وفرض لأزواج النبي (عليه و آله السلام): عشرة آلاف.. عشرة آلاف، وفضل عائشة بألفين(5)!
ص: 104
1- تقرأ في نسختي الأصل : الثلث ، وما أثبتناه من المصدر.
2- في المصدر : وفرض للروادف الربيع على مائتين وخمسين .. والربيع هنا بمعنى الجزء من أربعة .
3- جاءت العبارة في تاريخ الطبري هكذا : وفرض لمن بعدهم - وهم أهل هجر والعباد - على مائتين ..
4- في المصدر : وألحق بأهل بدر .
5- وزاد الطبري في تاريخه 614/3 - 615 - بعد ما مرّ - : .. وجعل نساء أهل بدر في خمسمائة .. خمسمائة ، ونساء من بعدهم إلى الحديبية على أربعمائة .. أربعمائة ، ونساء من بعد ذلك إلى الأيام ثلاثمائة .. ثلاثمائة ، ونساء أهل القادسية مائتين .. مائتين .. ثمّ سوّى بين النساء بعد ذلك ، وجعل الصبيان سواء على مائة .. مائة . وراجع عن كيفية تقسيم عمر لبيت المال : الأموال لابن زنجويه 502/2، وصفحة : 522 ، والأموال للقاسم بن سلام: 287 ، وصفحة : 299، وفتوح البلدان للبلاذري : 438 ، وصفحة : 441 ، وأنساب الأشراف له 444/1 ، والكامل لابن الأثير 502/2 - 503 ، والمنتظم لابن الجوزي 194/4 - 196 .. وغيرها لغيرها.
علی العرب، والعرب علی العجم
قال الغزالي(1): جعل لعائشة اثني عشر ألف درهم، ولزينب عشرة آلاف(2)، ولجويرية ستة آلاف [ وكذا صفية ] ..(3)
ففضل أزواج النبي على أولاده، وفضّل المهاجرين على الأنصار، والأنصار على العرب ، والعرب على العجم .. فبقيت العصبية إلى يومنا هذا، والنبي (عليه وآله السلام) سوّى بينهم ، وقال: «تتكافأ دماؤهم، ويسعى ن آخرهم بذمة أولهم»(4).
ما فرضه الخلیفة لأسامة وعبدالله بن عمر
ثم إن الناس في التكاليف سواء إلّا أنّ الكفر يمنع ذلك، فأي مانع يمنع هذا ؟!
ورويتم: أنته فرض لأُسامة بن زيد ثلاثة آلاف، ولعبد الله بن عمر ألفين، فقال عبد الله : كيف فضّلت أسامة عليّ، فما شهد مشهداً مع النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)
ص: 105
1- إحياء علوم الدين 141/2 ، وسبقه مجملاً فى نفس المجلد صفحة : 140.
2- وقد جاء في حلية الأولياء 54/2: إنّ زينب بنت جحش رفضت عطاء عمر ، وقد دعت الله سبحانه أن يحرمها ذاك بعد ذلك .
3- بل جاء في إحياء علوم الدين 191/4 : إنّ عائشة كان يأتيها مائة ألف درهم من العطاء ، وكرره في 199/4 وقال : يوجهها إليها معاوية وابن عامر .. وغيرهما.
4- راجع عنه كتاب الأم للشافعي 239/4 ، والمصنّف لابن أبي شيبة 459/5 ، سنن ابن ماجة 895/2 ، سنن أبي داود 80/3 ، سنن النسائي 24/8 ، المصنّف للصنعاني 5 / 225 ، و 99/10 ، مسند أحمد بن حنبل 119/1.. وغيرها كثير.
مجموعة من النقوض علی مثل هذه التفاضل
إلا وقد شهدته معه ؟ فقال : إنّه قال(1): إنّه كان أحبّ إلى رسول الله منك ، وأبوه كان أحبّ إليه من أبيك(2).
إن النساء ناقصات العقل، والصلاة ، والشهادة ، والميراث ، والدية .. كيف فضلهنّ على أولاد النبي (عليه و آله السلام) وقراباته ؟!!
ثمّ لِمَ فضّل واحدة منهنّ على سائر هنّ من غير دليل ؟! ولكنّه إنّما فضلها لأنتها كانت تروي فيه فضائل كما عمر يروي في أبيها - وتسدُّ(3) له الخلل.
ثم إنه إنما(4) فضّل أسامة ؛ لأنته كان أميراً عليه فخاف من لسانه .
التاريخي الطبري(5)؛ عن الحسين، وابن سيرين، وابن المسيب، وأبي سلمة: أنته فرض عمر العطاء [حين فرض لأهل الفيء الذين أفاء الله عليهم ، و أهل المدائن ] الّذين(6) صاروا إلى الكوفة ، والبصرة، ودمشق، وحمص ،
ص: 106
1- الظاهر أن : إنّه قال .. زائدة هنا .
2- راجع - مثلاً - : الاستذكار لابن عبد البر 248/3 ، وكذا الاستيعاب له 76/1 ، والطبقات الكبرى ،297/3 ، وأنساب الأشراف 474/1، والمصنف لابن أبي شيبة 453/6 ، وصفحة : 455 ، سنن الترمذي 675/5 ، وفتوح البلدان 551/3.
3- في نسختي الأصل: وتشدّ، وهي مصحفة عن المثبت.
4- في نسختي الأصل : لمّا ، وهي محرفة عن المثبت.
5- تاريخ الطبري 615/3 باختلاف يسير [طبعة الأعلمي - بيروت 110/3].
6- في نسختي الأصل : للذين ، والمثبت بمقتضى زيادة ما بين المعكوفين .
والأردن، وفلسطين، ومصر ..
فقال : الفيء لأهل [ هؤلاء ] الأمصار ولمن لحق بهم [ وأعانهم، وأقام معهم ] ولم يفرض لغيرهم ..
مخالفة عثمان لما فرضة عمر في أزواج رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
وهذا من سير الملوك ؛ يعطون الجامكيّات(1) للعساكر .
بیتان لابن حماد
ثمّ رويتم : أنّ عثمان لمّا ولي نقص بعض أمهات المؤمنين ؛ فإن كان أصاب عثمان فقد أخطأ الثاني ، وإن كان أصابا جميعاً بعد(2) اختلافهما [فمحال أن يكونا أصابا وقد اختلفا] في فعلهما(3)؟!
ابن حماد(4):
[ من الطويل ]
ص: 107
1- الجامكية : مراتب خدّام الدولة من العسكرية والملكية ، أو ما تقرره الدولة لعمالها ، كما جاء في المنجد : 102 [ الطبعة السابعة عشرة ] وهي كلمة تركية، وغريب استعمالها من المصنّف طاب ثراه ممّا يشهد بقدم الاستعمال.
2- الكلمة غير معجمة في نسخة ( ب ) ، وفي نسخة (ألف ) : تعد .
3- في نسختي الأصل : فعلها ، والمثبت وما بين المعكوفين نقلاً عن الإيضاح: 256، مع اختلاف وزيادة ، فقد جاء فيه : وإن كان أصابا جميعاً وقد اختلفا، فمحال أن يكونا أصابا وقد اختلفا في الفعلين .
4- هذه قصيدة مفصلة جداً، أدرج فيها شاعرنا طاب ثراه مثالب عثمان ومخازيه ، وسيأتي لها تتمة في موارد عديدة خلال موسوعتنا هذه، ولا أعرف لها مصدراً ولا مجمّعاً ، وإنّما وحدناها من هنا وهناك ؛ لاتحادها وزناً وموضوعاً وقافية.
وقَسَّمَ مَالَ اللَّهِ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ *** وفَضَّلَ بَيْنَ النَّاسِ فِي النَّفْلِ والقَسْمِ
وأَسْهَمَ لِلأَعْرَابِ فِي القَيْءِ عَامِداً *** وَما لَهُمُ - والله - في الفَيْءِ مِنْ سَهُم
فجعل الرجلُ أكْلَ جميعهم حراماً ، فلمّا قبلوا ذلك قال لهم : ينبغي لنا أن نجعل مكان هذا العشر وهذا النصف [من ] العشر دراهم، نأخذها من أرباب الأملاك معلومة ، فإنّه أحوط وأوفر للمال، وأسهل على أرباب الأملاك .. فأجابوه إليه .. فبعث إلى البلدان من يمسحها(1) على أهلها ، وألزمهم الخراج ..
فكان أوّل بلد الكوفة ، فأخذ من أهل العراق ونواحيها ما كان يأخذه ملوك الفرس منهم بل أكثر ؛ لأن الجريب الإصفهبدي عشرة أقفزة(2) والجريب(3) العمري ثمانية ، فأخذ على كلّ جريب در هماً واحداً وقفيزاً من
ص: 108
1- يقال: مسح الأرض مساحة : أي ذرعها ، والمسحاء : الأرض المستوية ذات حصى صغار ، لا نبات فيها .. قاله الجوهري في الصحاح 404/1 - 405 .. وغيره . والمسح : إزالة الأثر ، يقال : مسحه بالدهن : أمر يده عليه ، ومسحه بالسيف : قطعه به ، وهو على وجه الاستعارة.
2- القفيز : مكيال ، كما هو - أيضاً - مقدار من مساحة الأرض ، قاله الفراهيدي في كتاب العين 92/5 ، وفي مجمع البحرين 31/4 ، قال : والقفيز مكيال يتواضع الناس عليه ، وهو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك ، والجمع: أقفزة ، وقفزان.
3- الجريب من الطعام والأرض مقدار معلوم ، والجريب : مكيال قدر أربعة أقفزة ، قاله في لسان العرب : 260/1 ، وقيل : الجريب : المزرعة. وقال - أيضاً - في لسان العرب 260/1: الجريب من الأرض : مقدار معلوم الذراع والمساحة ، وهو عشرة أقفزة ، كل قفيز منها عشرة أعشراء، فالعشير جزء من مائة جزء من الجريب . وقال في العين 112/6 ، الجريب: مكيال ، وهو أربعة أقفزة. وفي مجمع البحرين 222/2:.. قدّر الجريب من الأرض بستين ذراعاً في ستّين ، والذراع بسبع قبضات، والقبضة بأربع أصابع و ، وعشر هذا الجريب يسمّى : قفيزاً، وعشر هذا القفيز يسمّى : عشيراً .
أصناف الحبوب، وأخذ من بلد مصر ونواحيها ديناراً عن مساحة كانت لهم قبل الإسلام مع ملوكهم .. خلافاً على الله وعلى رسوله(1).
تبعیة الخلیفة في الخراج لکسری
وفي تاريخ الطبري(2): أنّ عمر اقتدى في الخراج بكسرى، إلّا أنته وضع على جريب أرض غامر(3) على قدر احتماله مثل القدر الذي وضع على الأرض المزروعة، وزاد على كلّ جريب [ أرض ] مزارع حنطة أو شعير قفيزاً من الحنطة إلى القفيزين، ورزق منه الجند(4)، ولم يخالف [عمر ] بالعراق خاصة
ص: 109
1- الظاهر أنّ ما أورده (رحمه الله علیه) هنا قد أخذه من كتاب الاستغاثة : 66 - 67[30/1].
2- تاريخ الطبري 568/1 [ وفي طبعة مصر 151/2 - 152 ] ، وهو نقل بالمعنى مع اختصار في اللفظ.
3- في نسختي الأصل : عامر ، والمثبت عن المصدر.
4- الكلمة مشوّشة جداً في نسختي الأصل : وقد تقرأ في نسخة ( ألف ) : من الجعد، وفي نسخة (ب) : من الجغذ، وما هنا من المصدر.
تبعیض الخلیفة في أخذ الجزیة ومخالفة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في کیفیة التعامل مع أهل الذمة
وظائف(1) كسرى [على جربان الأرض وعلى النخل ..].
وقد رووا(2) جميعاً : أنّ النبي عليه و آله السلام) قال: «مَنَعَتِ العراق(3) درهمها وقفيزها ، ومَنَعَتْ مصر دينارها أراد : منع(4) الإسلام ذلك ، ولا يجوز أخذه في شريعة الإسلام.
إفساده علی أرباب الأملاك باحتباسهم لأجل ما یأخذ من هذا الخراج عن الزکاة الواجبة علیهم
فأفسد على أرباب الأملاك أملاكهم باحتباسهم لأجل ما يأخذ من هذا الخراج عن الزكاة الواجبة عليهم ، فبقيت الزكاة في ذمّة هؤلاء، وأخذ منهم ظلماً وعدواناً ، وأعطى على غير الواجب الحرام، فلهذا أرباب الأملاك والمزارعين امتنعوا بذلك على(5) إخراج الزكاة، ومانع الزكاة تارك فريضة من فرائض الله عامداً، فكلما أكلوا هذا المال الحرام ولبسوا منه وماتوا عليه - من غير توبة - خرجوا من شريعة الإسلام.
ص: 110
1- في نسخة ( ألف ) : قضايف ، وفي نسخة (ب) : وضائف ، وفي المصدر : وضائع .
2- كما اعترف بذلك القوشجي الأشعري في شرحه على التجريد : 408. وراجع : الاستغاثة للكوفي 30/1 - 31 ، حيث جاء نص ما هنا .
3- في نسختي الأصل : الزكاة ، والمثبت عن المصادر. انظر الخبر في مسند أحمد بن حنبل 262/2 ، وكتاب مسلم 2220/4 ، وسنن أبي داود 3 / 166 .. وغيرها .
4- في نسختي الأصل : منعت .
5- كذا ؛ والظاهر : عن .
تدوینه دیوان للمجاهدین
فلما استجابوا إليه(1) إلى ذلك قال لهم : ينبغي لنا أن نجعل من هذا المال - الذي نأخذه من الخراج - قسطاً لأقوام - يُدوّن لهم ديواناً - يجاهدون به عن الناس، ويشتغل سائر الناس في معايشهم ، فرغب(2) أكثر الناس في ذلك [ل_]جهتين، رغب فيه أكثر العامة ومن لا يرغب في حمل السلاح ، ليُعفى من الحرب ويَقْعُد في معيشته، ورغب فيه أكثر حملة السلاح لما يتعجّلونه من أخذ المال، فأجابوا إلى ذلك وصوّبوا ذلك ، فصرف تلك الأموال المأخوذة حراماً وظلماً عن الذين فرض الله تعالى لهم الزكاة إلى قوم بزعمه جند الإسلام، فأفسد عليهم الجهاد، فصار المجاهدون يجاهدون بأجرة، وأباح لسائر الناس التخلف عن الجهاد؛ الذي كان بسببه كان(3) أفسد الأذان كما تقدّم - فلا الأذان والإقامة بقیا عليهم، ولا الجهاد سلم لهم !!
أفسد الجهاد بالأجرة، وأباح التخلف عن الجهاد، وأبطل جهاد المجاهدین بأخذهم الأجرة علیها
وقد أبطل - أيضاً - على المجاهدين ثواب الجهاد بالأجرة التي يأخذونها من المال الحرام المأخوذ خراجاً ظلماً وعدواناً ؛ لأنّ من عمل بأجرة فثواب عمله قد أخذه من الأجرة، وحرم سائر الناس ثواب الجهاد بتخلّفهم عنه، وصار ما يأخذه المجاهدون بالأجرة من الغنائم مع ذلك عليهم حراماً ؛ لأنهم يجاهدون بالأجرة، ومن جاهد بأجرة فلا شيء له من الغنائم التي يأخذها من
ص: 111
1- الظاهر أنّ : إليه ، زائدة .
2- في نسختي الأصل : فركب ، وهي محرفة عن المثبت.
3- الظاهر أن : كان .. زائدة ، أو يكون : قد كان .
ما بأخذه الجند إلی الیوم حرام فالأجرة والغنائم علیهم حرام
مجاهد [ته](1)، والأجرة مع ذلك فهي حرام من مال حرام أخذه من الناس ظلماً .
وزعم أنته يأخذه عوضاً لهم(2) [ عن الزكاة التي جعلها الله لثمانية أصناف(3) في قوله : ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ .. ﴾(4) الآية ، ثمّ منع مستحقهم وصرف ذلك المال - المأخوذ عوضاً في صدقاتهم عنهم إلى جنده يجاهدون به.
ولم يكن مالكاً له يصرفه حيث يشاء وكيف يشاء؛ فجميع ما يأخذه الجند من ذلك العهد إلى يومنا هذا حرام ، ووزر ذلك كلّه في عنقه من غير أن ينتقص لأحد منه شيئاً ، فالأجرة عليهم حرام، والغنائم عليهم حرام، وثواب الجهاد عنهم زائل، وأبطلوا على أنفسهم ثواب جهادهم، ومن قتل منهم في ذلك الجهاد كان مقتولاً في غير طاعة الله تعالى؛ إذ كان عاملاً في ذلك كلّه بأجرة، والأجرة من [ المال الحرام ، ولولا تلك الأجرة التي يأخذها لم يكن مجاهداً ، فقُتِل [مَن قُتِلَ ] منهم في غير سبيل الله(5)؛ بل هو في سبيل الطاغوت، مستحقاً للوزر العظيم دون الثواب،
ص: 112
1- يقصد أنتهم أعطاهم الأجرة على الجهاد وحرمهم من المغانم التي نص عليها الكتاب ورسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
2- قد تقرأ في نسخة (ألف) و (ب) منهم ، ولا معنى لها إلا بما ذكرناه على وجه ضعيف ، وقد تقرأ الكلمة : عوضاتهم.
3- في نسختي الأصل : للثمانية الأصناف ، ولعلّ في الكلام تقديم وتأخير ، وكان الصحيح : للأصناف الثمانية ، أو فيه سقط .
4- سورة التوبة (9): 60.
5- لم ترد جملة ( من غير سبيل الله ) في نسخة (ألف).
واستطاب الباقون الدّعة فجلسوا عن الجهاد .. فأبطل الرجل جميع ثواب الجهاد على جميع الأمة.. فهل دخلت على المسلمين مصيبة أعظم من مصيبة هذه البدعة في الخراج ..؟!
إعطاءه الأجرة لبعض فقهاء المسلمین أو المعلمین من ذلك المال الحرام
ثمّ إنّه جعل - أيضاً - هذا الحرام المأخوذ ظلماً لقوم من فقهاء المسلمين - بزعمهم - جعلهم معلّمين - لمن يدخل في دين الله - فرائضه وشرائعه ، فصاروا - أيضاً - أولئك يعلمون دين الإسلام بأجرة، والأجرة مع ذلك من حرام فبطل مع ذلك ثوابهم على ما يُعلمونه من دين الله بما يأخذونه من الأجرة على ذلك ، وتعليم شرائع الدين من فرائض الله للدين، الواجب على أهل الدين من المتعلّمين والعالمين ، فمن كان عالماً فرض عليه ألّا يكتم ما عنده من علم ذلك على الراغبين فيه ..
قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ الكِتب ..﴾(1).
ومن كان متعلّماً فعليه طلب العلم من غير استنکاف .. [ل_]قوله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] : «طلب العلم فريضة على كل مسلم »(2)، ولم يجعل الله لواحد من العالم والمتعلّم
ص: 113
1- سورة البقرة (2): 174.
2- الأمالي للشيخ المفيد (رحمه الله علیه): 29 حدیث 1، وبصائر الدرجات: 22 (باب 1) حدیث 1 طبعة دار النشر ، وفي طبعة نشر كتاب : 2 ، وفي المحققة 1 /19 - 20 حديث 1] وعوالي اللئالي 70/4 حديث 36، والعلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 140/70. ولاحظ من كتب العامة : سنن ابن ماجة 81/1 حديث 224 ، وحياة الحيوان للدميري 219/12 - 220 .. وغيرها .
أجرة على ذلك ، فجعل الرجل العالم يُعلّم بأجرة، وشغل الناس بطلب المعاش - حين منعهم من أموالهم التي أغناهم الله بها من الصدقات - عن طلب العلم ، فسقط ثواب العالم على فعله وثواب المتعلّم أيضاً ، وليس من دفع إليك ملك الأجرة يملك(1) ذلك المال لنفسه ، فينفّذ فيه حكمه، فالأجرة عليه حرام، وثواب تعليمه ساقط عنه، وبقيت عليه الأجرة فريضة ؛ بدل علمه [ الذي ] للمتعلّم قد عطاه .. فهؤلاء بارزوا الله بالعداوة.
إعطاءه الأجرة للمؤذنین ومثله القضاة وغیرهم
وكذلك - أيضاً - فعل بالمصلين الجماعات [ب_]_المسلمين وبالمؤذنين ، فجعل لكلّ منهم أجرة من ذلك المال الحرام ، فبطل ثواب المصلين بالجماعات، وثواب المؤذنين بالتأذين، وذهب ثوابهم بأجرتهم، وبقيت الفريضة التي تحتاج(2) أن يقيمها بغير أجرة؛ لأنّ صلاتهم وأذانهم إذا كان بالأجرة ففريضته(3) باقية عليهم . فالمجاهدون، والمصلّون، والمعلّمون ، والفقهاء، والمثيبون(4)، والقضاة، والحكام، والرواة، والمحدّثون .. لا ثواب لهم على شيء من أفعالهم.. للأُجرة.
ص: 114
1- قد تقرأ في نسخة ( ألف ) : بتملك ، ولعله : يتملك .. والمعنى واضح والألفاظ غريبة .
2- في النسخة (ألف ): يحتاج .
3- في نسختي الأصل : ففريضة ، وهي مصحفة عن المثبت.
4- لعلّها كناية عن المؤذنين من العامة، حيث هم يثوّبون في صلاة الفجر بقولهم : الصلاة خير من النوم .
وكذلك فعله في الجزية ؛ فإنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) عاهد أهل الذمة على شيء معلوم محدود، يؤخذ كلّ سنة بعد شروط شرطها عليهم ، إن ينقضوها - أو شيئاً منها خرجوا عن الذمة، ووجب حربهم وقتلهم واستباح_[_ة] أموالهم، ومتى وفوا بذلك حرم ذلك منهم .
إجلاء عمر أهلی نجران وأهل خبیر عن دیارهم إلی تیماء وأریحاء بقوله: یجتمع دینان في جزیرة العرب
وفي البخاري(1) ومسلم(2): أنّ عمر أجلى بأهل نجران وأهل خيبر عن ديارهم إلى تيماء(3) وأريحاء(4) وقال : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب(5)،
ص: 115
1- جاء صدر الرواية في كتاب البخاري 140/3 - 141 [ كتاب المزارعة ، حديث 2170، وفي طبعة 71/3] ، ولاحظ فيه 116/4 (باب فرض الخمس) [حدیث 2919 ، وفي طبعة 61/4].
2- كما وقد جاء في كتاب مسلم بن الحجاج 1186/3 - 1188 ( باب 1) حدیث 1 - 6 بمضامين مختلفة [ وفي طبعة 27/5 ، كتاب المساقاة ، حديث 2899.. وغيره ] نقلاً بالمعنى .
3- تيماء - بالفتح وسكون التحتية ، والمد - : بليدة في أطراف الشام، بينها وبين وادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق، ولعلّه : تيمن أرض بين بلاد بني تميم ونجران ، قاله في المراصد 286/1 - 287 . وراجع : معجم البلدان 2 / 67 - 68 .. وغيره .
4- أريحاء - بالفتح ثمّ الكسر ، وياء ساكنة ، والحاء مهملة ، والقصر، وقد رواه بعضهم بالخاء المعجمة - لغة عبرانية ، مدينة الجبارين في الغور ، بينها وبين بيت المقدس يوم ، قاله في مراصد الاطلاع 63/1 ، وراجع : معجم البلدان 165/1 . . وغيره.
5- كما جاء في المصنّف لابن أبي شيبة 635/7 ، وكنز العمال 166/14.. وغيرهما.
وقد أقرهم النبي (عليه و آله السلام) أن يَكْفُوا عملها ولهم نصف الثمر(1)، وكتب لهم كتاباً بذمتهم ، وهو معهم إلى يومنا هذا(2).
وفي آداب الوزراء(3)؛ عن الصولي : أنّ عمر كان يأخذ من جميع أهل الذمة . فيما اتجروا فيه كلّ سنة - العشر، ومرتين إن انجروا مرتين، ومن لم يتجر أربعة دنانير وأربعين درهماً .
ما کان یأخذه الخلیفة من أهل الذمة مما هو مخالف لسیرة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
والفقهاء أجمعوا(4) [على] أنّ النبي (عليه و آله السلام) أخذ من كلّ حالم ديناراً ، ولم ينقل أحد من أهل الأثر خبراً يُعرف أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) جعلهم في الجزية طبقات، أو فرّق بين غنيّهم وفقيرهم فيها ؛ بل جعلهم في ذلك شَرَعاً واحداً ، وإنّما وضع ذلك أمانتهم ، فلما ولي عمر جعلهم [على] طبقات ثلاث؛ فأخذ من الأغنياء خمسة دنانير إلى مائة درهم ، ومن الأوساط خمسين درهماً.. ونحو هذا، ومن الفقراء ديناراً واحداً ، والنبي (عليه و آله السلام) [علم] أنّ فيهم أغنياء ومتوسطين وفقراء ، فما(5) بينه وبينهم ، فلعله كان [من ] نبي آخر ، فتابعه على ذلك أولياؤه ، واستطابوا ذلك منه ، فأطعم أهل الجزية منها مالاً حراماً .
ص: 116
1- كذا في نسخة (ألف)، وقد تقرأ في نسختي الأصل : التمر .
2- راجع : المسترشد للطبري : 527 حديث 200 باختلاف يسير .
3- آداب الوزراء للصولي ، ولا نعرف له نسخة ، فضلاً عن كونه مطبوعاً .
4- كما في كتاب الأُم 189/4 ، وصفحة : 300 ، والمجموع 430/5، و 391/19، والمبسوط للسرخسي ،179/2 ، و 10 / 41 .. وغيرها .
5- في نسخة ( ألف ) : ممّا .
ثمّ صرف الأخماس عن أهلها ، فجعلها بزعمه في الكراع والسلاح للمجاهدين، ومنع(1) الخمس منهم حين كثر(2)، واستعظم ما رأى من كثرته أن يدفعه إلى أهله ، كأنه قد رأى الله(3) تعالى حين جعل الخمس جعله لهم في كتابه لم يعلم أنته سيكثر على مر الأيام ، وظن(4) أنته قد علم من ذلك من الحكم فيه ما لم يعلمه الله ولا رسوله !! أو أن يكون قصد العناد والمخالفة الله ولرسوله فيما أمرا به من ذلك ، ولم يتخوّف من مخالفتهما .. وفي كلا الحالين(5) يوجب الارتداد.
الصولي في كتاب الوزراء(6): أنّ عمر أصفى من السواد أرض من قُتِلَ في الحرب وأرض من هرب من(7) المسلمين ، وكلّ أرض كانت لكسرى أو لأحد من أهله، فكان خراج ما أصفاه سبعة آلاف ألف [درهم]، فلما احترق
ص: 117
1- في نسختي الأصل : ويمنع ، والصحيح ما أثبتناه.
2- في نسختي الأصل : كثرة ، والصواب ما أثبتناه .
3- ما جاء في المتن هو في نسختي الأصل : ( أنته قد ران الله ) ، وما أُثبت استظهار من اللفظ والمعنى .
4- في نسختي الأصل : والظن .
5- في نسختي الأصل : كذا الحاكمين ، وأثبتنا ما استظهرناه ، ولعلّه : كلا الحكمين .
6- لا نعرف لكتاب الصولي هذا نسخة ، فضلاً من أن يكون مطبوعاً، وقد سلف أن قلنا ذلك ، ولكن وجدنا الخبر في فتوح البلدان : 272.. وغيرها . وراجع : شرح معاني الآثار 249/3 ، الأموال لابن زنجويه 359/1 - 360، السنن الكبرى للبيهقي 134/9.
7- في نسختي الأصل: في.
بیت لابن حماد
الديوان(1) في أيام الجماجم .. وضع [على] كلّ جريب من الشعير درهمين، وعلى كلّ جريب من الكرم عشرة ، و [على] كلّ جريب من القصب خمسة ، وعلى السمسم ثمانية ، وعلى النخل درهماً .. عملها صاحبها أو لم يعمل.
مخالفة لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في مقدار المّد و الصاع
ورويتم : أنّ عمر زاد مد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) صاعه ، فكان مد النبي مائتين واثنين وتسعين درهماً وثلثاً، والصاع ما يكون ستون منه وسقاً(2)، فجعل مده رطلاً وثلثا، وصاعه خمسة أرطال وثلثاً ..
فتركتم سنّة النبي عليه و آله السلام) وأخذتم ببدعته ؛ بل جعلتموها فضيلة !
یدعته في النزول في دیار المسلمین للعساکر أي موضع کان
ابن حماد(3):
[ من الطويل ]
وَفِي نَقْصِهِ صَاعَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** فَسادُ(4) زَكَاةِ الفِطْرِ يا مَعْشَرَ الشَّرْع
ثمّ إنّه جعل النزول في ديار المسلمين سنّة ، وذلك أنّه لمّا كان يُنْفِذُ العساكر أمرهم أن ينزلوا أي موضع وصلوا إليه .
ص: 118
1- في نسختي الأصل : الدواوين، والمثبت عن فتوح البلدان.
2- قال ابن خزيمة في صحيحه 38/4:.. المختوم : الصاع ، ولا خلاف بين العلماء أنّ الوسق ستون صاعاً .
3- من الحديث عن القصائد العينية لشاعر أهل البيت (علیهم السّلام) هذا ، وكأنّ هذا البيت ليس منها ، فلاحظ.
4- الكلمة مشوشة جداً في نسختي الأصل تقرأ مثلاً: فباد.
افساده للحج بنقل المقام عن موضعه
وأفسد الحجّ على الناس بأنه نقل المقام من موضعه(1).
روى شريك .. وغيره ، عن الأعمش : أن عمر لما أراد تحويل المقام ، قال : من عنده علم بموضع المقام الذي فيه ؟
وضعه للمقام بین باب الکعبة والحجر بعد أن أرجعه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إلی ما کان
فقال له أبو وداعة التميمي(2): هو عندي ، كنت قدرته بِسَيْرٍ ، فظننت أنته يحتاج إليه يوماً ما(3)، قال : فائتني به .. فأتاه به وقدّر السير(4)، ونقل المقام إلى المكان [ الذي ] هو فيه اليوم، فالناس .....(5) يصلّون خلف المقام الذي نقلوه.
ورويتم(6) - أيضاً - : أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وضع المقام بين باب الكعبة والحجر ، بينه
ص: 119
1- كما في السيرة الحلبية 102/1 - 103. وراجع : تفسير الكشاف 158/1 [وفي طبعة 310/1].. وغيره.
2- قال في كنز العمّال : فقال أبو وداعة بن هبيرة السهمي .. وفي غريب الحديث : المطلب ابن أبي وداعة.
3- في الكنز : .. قدّرته إلى الباب .. وقدرته إلى ركن الحجر .. وقدرته إلى الركن الأسود .. وقدرته إلى زمزم..
4- راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد 105/6 [ مكتبة الخانجي ] ، غريب الحديث لابن قتيبة 611/1 ، الفائق للزمخشري 380/3 ، كنز العمّال 119/14 حديث 38106 ، والدر المنثور 1 / 120 .. وغيرهما .
5- في نسختي الأصل : فراغ بمقدار كلمة ، ولعلها : اليوم.
6- راجع : كنز العمّال 118/14 ، حديث 38105 ، ولاحظ الدر المنثور 120/1، والاستغاثة لأبي القاسم الكوفي 36/1[72/1].. وغيرها.
وبين جدران الكعبة ذراع ، [ و ] كان هناك [في ] حياة الرسول وولاية الأوّل، فلمّا ولي الثاني قال : من يعرف موضع المقام في الجاهلية .. الخبر .
تحویل المقام خوفا من السیل، والیوم أخوف علیه منه
ورويتم(1): أنه كان أزالته قريش عن الموضع الذي فيه وضعه إبراهيم [(علیه السّلام)]، فلما فتح النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ملكة ردّ(2) المقام إلى موضع وضعه إبراهيم [(علیه السّلام)] ، وموضعه الذي وضعه فيه رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] معروف لا يختلفون في ذلك(3).
بیتان للسید الحمیري
وقلتم : إنّما حوّله لما خاف عليه [من ] السيل(4)، وكان الزق(5) [ب_] البيت .. فهو اليوم مكانه أخوف عليه من السيل فيه ، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى .. ﴾(6) فضاد الله في أمره ، وعاند إبراهيم في موضعه، وخالف النبي (عليه وآله السلام) في تحويله.
الحميري(7).
ص: 120
1- كما في الاستغاثة 36/1 ، وعنه في مستدرك الوسائل 432/9 ، حدیث 11272..
2- سقطت هذه الجملة من نسخة (ألف).
3- راجع : تاريخ مكة المشرّفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف لمحمد بن أحمد المكي (المتوفي سنة 854 ه_) : 129.
4- قد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل - خاصة نسخة ( ب ) -: السبيل .
5- في نسخة (ألف ) : يلزق .
6- سورة البقرة (2) : 125.
7- هذان البيتان لا يوجدان في الديوان المطبوع للسيّد الحميري (رحمه الله علیه)، ولا نعرف من رواهما غير مصنفنا طاب ثراه.
[ من الوافر ]
وَفِي نَقْلِ المَقَام مُنَباتٌ(1) *** شَواهِدُ مَا تُعَدِّلُها(2) السُّيُور
فَحَوَّلَهُ أَخُو كُفْرٍ وَلُوْمٍ *** مَآثِرُ جَدِّهِ جَلَمْ(3) وَكِيرُ(4)
بیت لابن حماد
ابن حماد(5):
[ من الطويل ]
[أَ] زَالَ مَقامَ المُصْطَفَى عَنْ مَكَانِهِ *** [ فَأَفَسَدَ ](6) مَا قَدْ كَانَ بينَ(7) مِنْ رَسْمِ(8)
بیتان لکشواذ
کشواذ(9):
[ من الرجز ]
فَأَبْطَلَ الصَّلاةَ وَالصِّيَامَا *** [أَ] زَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ المَقَامَا
عَنْ مَوْضِعٍ مُحَمَّدٌ قَدْ نَصَبَهُ *** وَأَفْسَدَ الحَجَّ بِمَا قَدْ طَلَبَهُ
ص: 121
1- الكلمة غير معجمة ومشوّشة في نسختي الأصل ، وهذا استظهار لمعناها من خطها.
2- لعلّها تقرأ : نقد ، حيث هي مشوّشة وناقصة التنقيط ، بل كلا البيتين كذلك .
3- الجَلَم : هو المقص الكبير الذي يقص به الصوف .
4- في نسخة (ألف) : وكبر ، والكير : هو كير الحدّاد وما ينفخ به النار.
5- سلف الحديث عن هذا البيت الذي هو من قصيدة جامعة في ما سلف قريباً.
6- هذه الزيادة منّا استظهاراً .
7- في نسختي الأصل : ابن .
8- عجز البيت في نسخة (ألف): ما قد قد كان أين من رسم ..
9- الظاهر أنّ البيت من أُرجوزة لشاعرنا (رحمه الله علیه) سبق الحديث عنها وعنه في المقدمة ، فلاحظ .
أبطاله لحج التمتع
وأبطل حج المتمتع(1)؛ وقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) - بالإجماع(2): «ألا إن العمرة قد دخلت في الحج هكذا.. إلى يوم القيامة»، وشبك بين أصابعه .
فسأله سراقة بن مالك بن جعشم : هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا، أو لما يستقبل ؟! فقال: «بل هو للأبد إلى يوم القيامة »(3).
ص: 122
1- هذا المبحث كلّاً خلط بين نهي عمر عن متعة الحجّ ونهيه عن متعة النساء، مع أنه يمكن إفرادهما موضوعاً وحكماً ، وكلّ واحد منهما جناية وظلم.
2- كما جاء في كتاب مسلم 40/4 كتاب الحج حديث 2182، وسنن ابن ماجة /992 كتاب المناسك حديث 2968 ، وصفحة : 1023 - 1024 ، ومسند أحمد بن حنبل 175/4 [ طبعة دار الإحياء 186/5 حديث 17132 ، ومسند الشاميين - حديث 16921]، وأيضاً 366/3 [ طبعة الإحياء 341/4 - 342 حديث 14525، ( باب باقي مسند المكثرين ) حديث 14414]، و 404/3 - 405 [ طبعة الإحياء 4 / 408 حديث 14920 ، - مسند المكيين - 14804].. وموارد عديدة أُخرى.
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده 175/4 ، وابن ماجة في سننه 992/2، والبيهقي في سننه 328/4 - 329 ، وصفحة : 352 . . وغيرها . وفي صحيحة عن ابن عبّاس أنه قال : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة. قال الترمذي - بعده في صحيحه 175/1 - : .. وفي الباب عن سراقة بن مالك وجابر بن عبد الله ... ومعنى هذا الحديث أن لا بأس بالعمرة في أشهر الحج .. وهكذا فسّره الشافعي وأحمد وإسحاق، ومعنى هذا الحديث أن أهل الجاهلية كانوا لا يعتمرون في أشهر الحج ، فلمّا جاء الإسلام رخّص النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) في ذلك ، فقال : «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة .. » يعني لا بأس بالعمرة في أشهر الحجّ . وفي صحيحة عن عمر نفسه قال : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « أتاني جبرئيل (علیه السّلام) وأنا بالعقيق ، فقال : صلّ في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل: عمرة في حجة .. فقد دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة » ، وانظر : سنن البيهقي 13/5. فما أجرأ الخليفة على [إبطال ] سنّة أخبره بها رسول الله وأتى بها جبرئيل . وقال السندي في حاشية سنن ابن ماجة 231/2 :ظاهر حديث بلال موافقة نهي عمر عن المتعة ، والجمهور على خلافه، وإنّ المتعة غير مخصوصة بهم ، ، فلذلك حملوا المتعة بالفسح ، والله أعلم .
ما فعله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في حجة الوداع
وفي رواية(1): «بل لأبد آبد».
وقد أجمع أهل الأثر(2) [ على ] أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) لما حج حجة الوداع قال
ص: 123
1- كما جاء في كتاب مسلم 40/4 ، وسنن أبي داود 426/1 ، والمعجم الكبير للطبراني 128/7، وكذا في المصنّف لابن أبي شيبة 424/4 ، والمحلّي لابن حزم 120/7..
2- كما صرّح بذلك البخاري في كتابه 171/2 ، وصفحة : 201 (كتاب الحج) حديث 1541، وحديث 1660 ، وكتاب الشركة 114/3 حديث 2323 ، وكتاب التمني 128/8 - 129 حديث 6688 ، وحديث 6689 ، وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنّة 162/8 حديث 6819 .. وغيرها ، وكذا جاء في كتاب مسلم 34/4، وصفحة : 37، وصفحة : 40 ( كتاب الحج) حديث 2122 و 2131 و 2137، وسنن النسائي 143/5 (كتاب مناسك الحج) حديث 2664 ، وسنن أبي داود 401/1، وصفحة : 426، وصفحة : 450 ، و 62/2 كتاب المناسك حديث 1520 ، و 1524 ، و 1628 ، و 1734، وسنن ابن ماجة 470/1 ( كتاب المناسك ) حديث 3065، وسنن الدارمي 46/2 ( كتاب المناسك) حدیث 1778. وجاء بألفاظ متعدّدة جدّاً ومعاني متقاربة في رواياتهم. كما في مس- مسند أبي يعلى الموصلي 1007/12 ، السنن الكبرى للبيهقي 339/4.. وغيرهما.
للناس - بعد أن طافوا طواف دخول مكة وسعوا بين الصفا والمروة -: «أيّها الناس! من كان قد ساق الهدي فليقم على إحرامه حتى يبلغ الهدي مَحِلّه ، ومن لم يكن ساق الهدي فليتمتع بالعمرة إلى الحجّ ، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت الذي أمرتكم به، ولكن قد سقت الهدي .. ولا يجوز لمن ساق الهدي أن يحلّ حتى يبلغ الهدي مَحِلّه ..»، فأنزل الله تعالى يؤكد أمر المتعة : ﴿ وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ ..﴾ إلى قوله ﴿ كامِلَةٌ ﴾(1).
وروي في مسند جابر الأنصاري(2)، ومسند ابن عبّاس(3)، وفي مجمع
ص: 124
1- سورة البقرة (2) : 196.
2- مسند أحمد بن حنبل 317/3 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 259/4 حديث 14000 ، ( باب باقي مسند المكثرين ) حديث 13889]، وأيضاً 320/3 طبعة دار إحياء التراث العربي 264/4 - 265 حديث 14031 ( باب باقي مسند المكثرين ) حدیث 13918 ]. وأيضاً فيه عنه 366/3 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 342/4 برقم 14526، ( باب باقي مسند المكثرين ( حديث 14395]، وفيه 364/3 [ طبعة دار الإحياء 338/4 - 339 حديث 14506 ، وحديث 14414 ] .. وغيره عن جابر بألفاظ متقاربة ومعنى متحد ، فلاحظ .
3- مسند أحمد بن حنبل 252/1 عن ابن عبّاس [ طبعة دار إحياء التراث 418/1 حدیث 2277، مسند بني هاشم 2173] ، و 259/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 428/10 حديث 2344 ، مسند بني هاشم ، وفي طبعة حديث 2230]. وعن أنس بن مالك ؛ في باقي مسند المكثرين حديث 12044 و 13311، وعن عائشة ، كما في ( باب باقي مسند الأنصار ) حديث 24254 و 24900. وعن عمران بن حصين ؛ كما في مسند أحمد بن حنبل 427/4 [طبعة دار إحياء التراث 589/5 حديث 19332] أنته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قد جمع بين حجّ وعمرة ، ثمّ لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل قرآن فيه يحرّمه .. وغيرها كثير جداً .
مخالفته لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) صریحا في الإحلال من الحج
البيان(1): روى معاوية بن وهب، عن الصادق : أنته أطاع بعضهم وخالف بعض، وقالوا: إنّ رسول الله أشعث(2) وأغبر ، ونلبس(3) الثياب ؟ ! فأنكر النبي (عليه وآله السلام) ذلك عليهم، فرجع بعضهم وأقام الآخرون على الخلاف - وفيهم عمر - فاستدعاه النبي عليه و آله السلام) وقال: «ما لي أراك - يا عمر - مُحْرِماً ؟! أسقت هدياً ؟ » قال : لم أسق، قال: «فلم لا تُحلّ ؟» فقال : يا رسول الله ! لا أحللت وأنت محرم !(4)
ص: 125
1- مجمع البيان 291/2 - 292 نقلاً بالمعنى .
2- في نسخة (ألف) : أسغب، وهي مصحفة عن المثبت.
3- في نسخة (ألف) : ويلبس، وهي مصحفة ظاهراً.
4- وانظر ما جاء في مسند أحمد بن حنبل 39/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 65/1 حديث 275] حيث جاء حديث مفصل في هذا الباب، وقد حكم الثاني بغير ما أنزل الله سبحانه مع ما هناك من تهافت. وفي مسند ابن حنبل - أيضاً - 49/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 79/1 حديث 344] عن أبي موسى ، أنّ عمر قال : هي سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) - یعني المتعة - ولكنّي أخشى أن يعرسوا بهنّ تحت الأراك ثمّ يروحوا بهنّ حجّاجاً.
وفي لفظ : أَنَخْرُج(1) حجاجاً ورؤوسنا تقطر(2)؟!
سبب إنکاره لمتعه الحج
فقال له النبي: «إنك لن تؤمن بها حتى تموت ..»، فلذلك أقام على إنكار متعة الحج ، حتى رقى المنبر في إمرته فنهى عنها(3) [نهياً مجدداً ، وتوعد عليها بالعقاب](4).
ص: 126
1- في نسختي الأصل : الخروج، وهي محرفة عن المثبت.
2- وقريب منه - بدون الذيل - في مسند أحمد بن حنبل 50/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي / 81 حدیث 353، مسند العشرة حديث 332] ، وانظر - أيضاً - منه 317/3 طبعة دار الإحياء 259/4 حدیث 14000 ] ، وحديث 14031 ، و 4 / 264 - 265 من طبعة دار الإحياء ، و 3/ 367 [ من طبعة دار إحياء التراث العربي 341/4 - 342 حديث 14525 و 14526 ] ، ولاحظ : مسند العشرة حديث 332، و (باب باقي مسند المكثرين) حدیث 13889 و 14214 .. وغيرها.
3- منها قول ابن عبّاس كما في سنن النسائي 153/5 - سمعت عمر يقول : والله ! إِنِّي لأنهاكم عن المتعة وإنها لفي كتاب الله !! ولقد فعلها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... يعني العمرة إلى الحج .. وقولته المشهورة : افصلوا بين حجّكم وعمر تكم؛ فإنّ ذلك أتمّ لحج أحدكم ، وأتمّ لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحجّ ، كما في الموطأ 252/1 ، والسنن الكبرى للبيهقى 5/ 5 ، وتيسير الوصول 279/1.. وغيرها. وقريب منه في الدر المنثور 218/1.. وغيرها كثير.
4- هذه الزيادة في الإرشاد 174/1 ، وجاء الحديث مفصلاً مسنداً في علل الشرائع 413/2 - 414 (باب 513) حديث 2 . وراجع : مجمع البيان 40/2.. وغيره.
قولة الرجل: ثلاث کنّ علی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنا أنهی عنهن وأحرمهن وأعاقب علیهن
كما رويتم(1) أنته قال : ثلاث كنّ على عهد رسول الله (عليه و آله السلام) أنا أنهى عنهنّ [ وأحرّمهن] وأعاقب عليهن! ... منهما المتعتان - متعة الحج ، ومتعة النكاح -.
فأما متعة الحج ؛ فإنه متى تمتع الناس بالعمرة إلى الحج انقطعت عنكم الميرة(2)، وتعطّلت أسواقكم ، فلم يقم لكم سوق إلا في وقت الحج، ومتى تمتع الناس في كلّ وقت درّ لكم الميرة ، وقامت لكم الأسواق، مع ما في ذلك من تحصين الإحرام وتعظيمه ؛ فإنّي(3) أستبشع أن يروح الحاج منها شعثاً
ص: 127
1- كما في المسترشد للطبري : 516 - 517 ونصّ عليه القوشجي في كتابه شرح التجريد : 484 ، ثمّ قال : إنّ ذلك ليس ممّا يوجب قدحاً فيه ، فإن مخالفة المجتهد لغيره في المسائل الاجتهادية ليس ببدع .. !! وهو عذر أقبح من فعل.
2- في نسختي الأصل : المبرة. والميرة : الطعام، يمتاره الإنسان ، وقيل : جلب الطعام للبيع . وقيل : هو جلب الطعام ، كما جاء في لسان العرب 5 / 188 ، ومثله في كتاب العين 295/8 .. وغيرهما . وفي مجمع البحرين 486/3 في قوله تعالى: ﴿ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ﴾ [سورة يوسف (علیه السّلام) (12) : 65] ، والميرة - بالكسر فالسكون - طعام يمتاره الإنسان .. أي يجلبه من بلد إلى بلد.
3- في نسختي الأصل : فإنّ.
غبراً [إلى] مِنَى قد لَوَّحَتْهُمُ السماء(1)، وغَيّرت أرواحهم(2) الشمس(3)، ويَرُوحُ(4) المتمتعون في غير هيئة الحاج، مدهِنين مطيبين ، لم تحل(5) الألوان ولا الأرواح(6) .. الخبر(7).
ص: 128
1- في نسختي الأصل : شعثاً غير أحسن أمداً أو جبتم التمائم .. والمثبت عن معنى ما في المسترشد ، فما في النسختين محرّف .
2- الأرواح .. جمع الريح .. أي الرائحة .
3- جاء في المسترشد للطبري - ذيل خطبته - : فإنّه متى لم يتمتع الناس بالعمرة إلى الحج اعتمر الناس في كلّ وقت قدرت عليكم الحيرة ، وقامت أسواقكم في كلّ وقت مع ما في ذلك من تحصين الإحرام وتعظيمه ، فإنّي أستفظع أن يروح الحاج إلى منى شعثاً غبراً قد لوّحتهم السماء وغيّرت ألوانهم الشمس، وروّح المتمتعون لم يصبهم من ذلك شيء ! ثم قال : وأما متعة النساء.. ثم ذكر الثالثة ، وهي قولة : حيَّ على خير العمل ..
4- في نسختي الأصل : وتزوج ، وهي مصحفة عن المثبت عن معنى ما في المسترشد.
5- حالَ لونه إذا تَغَيَّر ، أو اسود ، قاله في تاج العروس 183/14 .
6- الكلمة غير معجمة في نسختي الأصل ، أثبتنا ما استظهرناه.
7- وجاء - أيضاً - في مسند أحمد بن حنبل 325/3 [طبعة دار الإحياء 271/4 حدیث 14070] ، وفي مسند جابر متعتان كانتا على عهد النبي [(صلی الله علیه و آله و سلم)] فنهانا عنهما عمر .. فانتهينا ! وفيه - أيضاً - 380/3 [ طبعة دار الإحياء 365/4 حديث 14655 ] عن جابر ، قال : - وقد سئل عن المتعة - : نعم ، استمتعنا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر وعمر حتى إذا كان في آخر خلافة عمر .. ! إلى هنا النص ، وهو كما ترى أبتر كمانعه !!
نهیه الخلیفة عن متعة الحج مع علمه بفعل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لها
وفي غريب الحديث(1)؛ عن أبي عبيد : أنه قال عمر في متعة الحج : قد علمت أن رسول الله (عليه و آله السلام) فعله(2) [وأصحابه ]، ولكنّى كرهت أن يظلوا بهنّ(3) معرّسين تحت الأراك ، ثم يلبون بالحج .. تقطر رؤوسهم(4).
ص: 129
1- غريب الحديث 393/3 - 394 .
2- هذه فعله : جاءت نسخة في حاشية المصدر ، وفيه : فعلها .
3- في نسختي الأصل : انهنّ ، ولا معنى لها .
4- وعن أبي موسى : أنته كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك ، فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعد ، حتى لقيه فسأله .. فقال عمر : قد علمت أنّ النبي قد فعله وأصحابه ، ولكن كرهت أن يظلّوا معرّسين بهنّ في الأراك ، ثمّ يروحون في الحجّ تقطر رؤوسهم .. كما أخرجه مسلم في كتابه 896/2 حديث 157 [472/1] ، وابن ماجة في سننه 229/2، وأحمد في مسنده 1 / 50 ، والبيهقي في سننه 20/5 ، والنسائي كذلك 153/5. وقريب منه بهذا المضمون في تيسير الوصول 288/1 ، وشرح الموطأ للزرقاني 179/2.. وغيرهما. وقد حكاه شيخنا العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 200/6، عن هؤلاء وغيرهم في عدة مصادر ، فراجع . وعن أبي موسى أيضاً - كما أخرجه أحمد في مسنده 49/1 - أنّ عمر قال : هي سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) - يعني المتعة - ولكني أخشى أن يعرسوا بهنّ تحت الأراك ، ثمّ يروحوا بهنّ حجاجاً ..!! وجاء في الفائق للزمخشري 2 /416 عن متعة الحج ، أنه قال : علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم فعلها وأصحابه ، ولكنّي كرهت أن يظلوا بهنّ معرّسين تحت الأراك ، ثمّ يلبون بالحج تقطر رؤوسهم. وفي حلية الأولياء 205/5 عن سعيد بن المسيب ، قال : قام عمر في الناس ، فنهاهم أن يستمتعوا بالعمرة إلى الحجّ ، فقال : إن تفرّدوهما حتى تجعلوها في غير أشهر الحج أتمّ لحجكم وعمر تكم !! ثم قال : وإنّي أنها كم عنها ! وقد فعلها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وفعلتها معه !!.. وأورد بعدها عدة روايات.
وروي عن ابن عبّاس(1)
الإجماع علی نزول آیة المتعة ولم ینزل قرآن بتحریمها
، وابن مسعود(2)، وجابر الأنصاري(3) وأُبي بن كعب(4)، وابن عمر ، وأبي أيوب، وابن المسيب، وأبي واقد ،
ص: 130
1- روي عن سعيد بن جبير كما في مسند أحمد بن حنبل 337/1، وكتاب مختصر العلم لأبي عمرو : 226 ، وتذكرة الحفّاظ للذهبي 53/3 ، وزاد المعاد 219/1.. وغيرها - عن ابن عباس ، قال : تمتع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال عروة: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة ! فقال ابن عبّاس : ما يقول عرية ؟ ! قال : يقول : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة . فقال ابن عبّاس : أراهم سيهلكون .. ! أقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ويقولون : قال أبو بكر وعمر ..!! وفي لفظ : يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء .. أقول : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وتقولون : قال أبو بكر وعمر .. ! ! كما جاء في زاد المعاد لابن القيم 215/1.. وغيره.
2- راجع عنه: كتاب البخاري 66/6 حديث 4615 ، و 5/7 حديث 5075 ، وكتاب 2) راجع مسلم 1022/2 حدیث 1404.. وغيرهما
3- کتاب مسلم 1022/2 - 1023.
4- كما أخرج أحمد في مسنده 143/5، والهيثمي في مجمع الزوائد 246/3، والسيوطي في الدرّ المنثور 216/1.. وغيرهم : إنّ عمر بن الخطاب هم أن ينهى عن متعة الحج ، فقام إليه أبي بن كعب ، فقال : ليس ذلك لك ، قد نزل بها كتاب الله واعتمرناها مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فنزل عمر .. وجاء بلفظ آخر في زاد المعاد لابن القيم الجوزية 220/1.
وأيوب بن قدامة(1)..
ص: 131
1- وقد ذهب إلى ذلك ابن حزم في المحلّى - بعد عد جملة ممن ثبت على إباحة المتعة من الصحابة - فقال : ورواه جابر عن جميع الصحابة مدة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر ، ثمّ قال : ومن التابعين ؛ طاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء.. وسائر فقهاء مكة ... وقال أبو عمر صاحب الاستيعاب : أصحاب ابن عبّاس من أهل مكة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً على مذهب ابن عبّاس وحرمها سائر الناس ، وحكاه العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 222/6. وقال القرطبي في تفسيره 132/5 : .. أهل مكة كانوا يستعملونها كثيراً .. وقال الرازي في تفسيره 200/3 في آية المتعة : اختلفوا في أنها هل نسخت أم لا ؟ فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة ، وقال السواد منهم أنها بقيت مباحة كما كانت . وقال أبو حيان في تفسيره - بعد نقل حديث إباحتها - : وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين. هذا؛ وقد ذهب إلى إباحة المتعة مثل ابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز المكي المتوفى 150 ه_، قال الشافعي : استمتع ابن جريج بسبعين امرأة، وقال الذهبي : تزوّج نحواً من تسعين امرأة نكاح المتعة .. وقال السرخسي في المبسوط : تفسير المتعة أن يقول لامرأة : أتمتّع بكِ .. كذا من المدة.. بكذا من المال .. ثمّ قال : وهذا باطل عندنا جائز عند مالك بن أنس، وهو الظاهر من قول ابن عبّاس.
1- كتاب البخاري 176/2 كتاب الحج ( باب 33) [151/3 طبعة سنة 1272 ه_، وفي طبعة حديث 1469] وفيه عنه ... تمتعنا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فنزل القرآن قال .. إلى آخره. وفيه 33/6 كتاب تفسير القرآن [سورة البقرة 24/7 طبعة سنة 1277ه_، وفي طبعة حديث 4156] ، وما هنا جمع للمتون من المصادر، والمعنى واحد . وراجع : السنن الكبرى 20/5 ، وقريب منه لفظ النسائي في سننه 155/5، وأحمد في مسنده 4 / 436 ، ومسلم في كتابه 900/2.. وغيرهم في غيرها . وفي بعض نسخ كتاب البخاري : قال محمد - أي البخاري - يقال : إنّه عمر ! قال القسطلاني في الإرشاد : لأنه كان ينهى عنها ، ونقله ابن كثير عن البخاري فقال : هذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرحاً به: إنّ كان ينهى الناس عن التمتع .. ولاحظ كلام ابن حجر في فتح الباري 339/4 . وقال القسطلاني في الإرشاد 169/4: قال رجل برأيه ما شاء.. هو عمر بن الخطّاب، لا عثمان بن عفّان ؛ لأنّ عمر أوّل من نهى عنها فكان من بعده تابعاً له في ذلك. أقول : وللخبر صور متعدّدة رويت عن عمران بن حصين ؛ أوردها في الغدير 6 / 200 - 201 لا غرض لنا بها . وفي سنن الدارمي 35/2، بإسناده قال : سمعت عام حج معاوية يسأل سعد ابن مالك : كيف تقول بالتمتع بالعمرة إلى الحجّ ؟ قال : حسنة جميلة . فقال : قد كان عمر ينهى عنها ، فأنت خير من عمر ؟ ! قال : عمر خير مني ، وقد فعل ذلك النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وهو خير من عمر ..
والحلية(1).. ، ومسند أحمد(2).. عن عمران بن حصين ، قال : أنزلت(3) آية المتعة كتاب الله [ تبارك وتعالى ] وعملنا بها مع رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ، ولم ينزل القرآن بتحريمها(4)، ولم ينه عنها النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم] حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء(5).
ص: 133
1- حلية الأولياء 180/6 باختلاف لفظي، ولا يوجد ما في ذيلها . وجاء في الحلية - أيضاً - 355/2 عن عمران بن الحصين ، قال : تمتعنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، مرتين ، فقال رجل برأيه ما شاء .. قال : هذا حديث صحيح.
2- مسند أحمد بن حنبل 436/4 [ طبعة دار إحياء التراث 603/5 حديث 19406، وجاء في مسند البصريين حديث 19060]. وقريب منه في كتاب مسلم بن الحجاج 474/1 ، وكذا في تفسير القرطبي 365/2.. وغيرهما . وجاء بألفاظ أُخر ؛ مثل لفظ : تمتع نبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وتمتعنا معه ، وفي لفظ : اعلم أنّ سول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) جمع بين حج وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب ، ولم ينهنا عنها ، قال رجل برأيه ما شاء.
3- في المصدر : نزلت .
4- في مسند أحمد : فلم تنزل آية تنسخها ..
5- لا يوجد الذيل في المصدر، وكأنه حذف منه عند الطبع وحرف حفظاً لشؤون خليفتهم !!
محاورة الضحاك بن قیس مع سعد بن أبي وثاص في متعة الحج
وفي الترمذي(1)، والموطأ(2)، ومسند الشافعي(3)، وأحمد(4)، روى الحسن(5) ابن نوفل(6) [أنته حدّثه ]، أنه سمع سعد بن أبي وقاص، والضحاك بن قيس [ عام حج معاوية بن أبي سفيان ] وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج، [فقال : الضحاك بن قيس : لا يفعل ذلك(7) إلا من جهل أمر الله عزّ وجلّ ، فقال سعد : بئس ما قلت يابن أخي]، فقال الضحاك : فإنّ عمر نهى عن ذلك ، فقال سعد : رسول الله صنعها وصنعناها(8) معه .
ص: 134
1- سنن الترمذي ( الجامع الصحيح ) 3 / 185 ( باب 12) حدیث 823 [159/2 حديث 822 ، وكتاب الحج حديث 752] ، وانظر : عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي 38/4 - 39 ، والحديث أخذ منه غالباً مع اختلاف يسير من دون بعض ما بين المعكوفين.
2- الموطأ : 235 - 236 برقم 767 باختلاف يسير ، جعلناه بين المعكوفين.
3- مسند الشافعي : 218.
4- مسند أحمد بن حنبل 174/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 284/1 حديث 1506 ، وجاء في مسند العشرة المبشرين بالجنّة حديث 1421] باختلاف يسير في المتن ، وجاء - أيضاً - في كتاب الفائق للزمخشري 136/2.. وغيره.
5- في نسخة (ألف) : الحصين .
6- كذا ؛ وفي مسند ابن حنبل والموطأ : عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب .. وفي سنن الترمذي : الحارث بن نوفل .. وهو الصحيح ، كما جاء في مصادر أُخرى، إلّا عدم ذكر (بن عبد المطلب).
7- في سنن الترمذي ، ومسند الشافعي ، ومسند ابن حنبل : لا يصنع ذلك .
8- تقرأ في نسختي الأصل: صفقناها .
وفي الترمذي(1)، ومسند الموصلي(2)؛ [ عن ] ابن شهاب: أنّ سالم بن عبد الله حدثه أنته سمع رجلاً من أهل الشام، وهو رجلاً من أهل الشام ، وهو يسأل عن(3) عبد الله بن عمر
ص: 135
1- سنن الترمذي (الجامع الصحيح) 3 / 185 - 186 ( باب 12) حدیث 824 [ 159/2، وكتاب الحج حديث 823] ، وانظر : عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي 39/4 ، وللترمذي كما للحافظ ابن العربي المالكي - بيان وشرح حري بالملاحظة.
2- مسند أبي يعلى الموصلي 415/9 حديث 5563 ، وقريب منه فيه 341/9 - 342 حديث 5451 ، وكذا فيه 2/ 130 حديث 805 عن سعد بن مالك ، حيث ردّ الضحاك بن قيس بقوله : قد صنعها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وصنعناها معه .. بعد قول الضحاك : قد نهى عمر عنها ، وكرّره في 141/2 - 142 حديث 827. وعن أنس : أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أهل بهما جميعاً ، قال : فذكرت ذلك لابن عمر ، فقال : أهل بالحجّ ، فذكرت ذلك لأنس فقال : ما تعدّوننا إلا صبياناً ..! وانظر : مسند أبي يعلى الموصلي 178/7 حديث 4154 عن عدة مصادر منها شرح معاني الآثار للطحاوي 152/2.. وغيره. وعن أبي طلحة ؛ أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) جمع بين الحج والعمرة ، كما في مسند أبي يعلى 11/3 حديث 1416، و 12/3 - 13 حديث 1419، وجاء في هامشه عدة مصادر. وعن أنس : أنه (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : «لبيك بحجة وعمرة معاً»، كما في مسند أبي يعلى الأحاديث 2794 و 2814 و 3152 و 07 34 ، وأيضاً 3603 و 3630 و 3646 و 3648 و 3737 و 3805 . . وغيرها .
3- كذا؛ والظاهر هي زائدة.
حکم عبدالله بن عمر بحلیة عمرة التمتع ومخالفته لأبی
[عن التمتع(1) بالعمرة إلى الحج ، فقال عبد الله بن عمر ]: هي(2) حلال [فقال الشامي : ] فإن أباك [قد] نهى عنه_[_ا]! فقال ابن عمر : أرأيت إن كان أبى نهى عنها وصنعها(3) رسول الله نترك السنّة ونتبع قول أبي ..؟!(4)
ص: 136
1- في مسند أبي يعلى : المتمتع .
2- في مسند أبي يعلى : هو ، بدلاً من : هي .
3- في نسختي الأصل : نهى عنه وضعها ..
4- في سنن الترمذي: أمر أبي يتبع أم أمر رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم؟ ثمّ قال: وفي الباب عن علي [(علیه السّلام)] ، وعثمان، وجابر، وسعد، وأسماء ابنة أبي بكر، وابن عمر.. وفي مسند الموصلي : أمر أبي تتبع أو أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)؟ ! فقال الشامي : بل أمر رسول الله . فقال : قد صنعها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم). وزاد في لفظ الترمذي في سننه 157/1 ، وابن القيم في زاد المعاد 194/1 ، ومثله جاء في هامش المواهب للزرقاني 252/2.. وغيرها قوله ... أمر أبي يتبع أم أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)؟ ! فقال الرجل : بل أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : لقد صنعها رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم). وجاءت بصور أُخرى لاحظها في السنن الكبرى 21/5 ، ومجمع الزوائد 1 / 185 ، وتفسير القرطبي 2 / 365 نقلاً عن الدارقطني .. وغيرها . أقول : جاء في كتاب معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري : 123 - 124 عدّة روايات في جواز المتعة - أعم من الحج والنساء - . كما وقد ذكر الزمخشري في الفائق 255/2 عن ابن عباس أنه قال : ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمد ، لولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلّا شقيُّ.. ثم قال : أي إلا قليل من الناس. وقال فيه 43/3 : أذن في المتعة [ النساء ] عام الفتح ، ولاحظ : 176/2 منه . ومثله في كتاب المعرفة والتاريخ 373/1 في متعة النساء. وقد ذكر الخطيب البغدادي في تاريخه 199/14 - 200 قصة المأمون ، وما ناقش فيه حول المتعة ، وأورد - أيضاً - في تاريخ بغداد 320/9 عدة أحاديث في جواز المتعة. وراجع : المحاضرات للراغب الإصفهاني 214/3 ، وتفسير الثعلبي 76/2 و 79..
زجر عثمان لأمیر المؤمنین (علیه السلام) لإتیاته بالعمرتین
وفي الموطأ(1)، وتفسير الثعلبي(2) - واللفظ للتفسير(3) - في حديث مروان بن الحكم : أن عثمان قال لعلى (علیه السّلام): أتفعلهما وأنا أنهى عنهما ؟ !
نقل جملة من الروایات الحاکمیة عن تلبیة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بحجة وعمرة معا
فقال علي (علیه السّلام): «لم أكن لأدع(4) سنة رسول الله »(5).
وفي رواية الموطأ(6) - في حديث المقداد - :
ص: 137
1- الموطأ ؛ ولم نجده فيه سواء ما روي منه على رواية يحيى بن يحيى الليثي أو غير ، ولعلّها حذفت منه أو حرفت ، كما في غالب ما يرجع لمثالبهم.
2- تفسير الثعلبي 98/2 ، وفيه : أتفعلها وأنا أنهى عنها .
3- كذا؛ والظاهر: للتفسير.
4- في نسختي الأصل : لأدفع ، والمثبت عن سنن النسائي والاستذكار وتفسير الثعلبي .. وغيرها .
5- جاء في سنن النسائي 345/2 ، والاستذكار لابن عبد البر 65/4. وراجع : مسند أحمد بن حنبل 95/1 ، وسنن الدارمي 2 /69 - 70 ، وسنن البيهقي 22/5 ، ومسند أبي يعلى 453/1.. وغيرها .
6- الموطأ : 229 برقم 746 .
فخرج على مغضباً [وهو ] يقول(1): «لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معاً »(2).
وقد روى ذلك سعيد بن المسيب(3).
وفي حلية الأولياء(4)، وتاريخ الخطيب(5): قال : سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يلبي بحجة وعمرة معاً(6).
عطاء؛ عن رجل من بني عذرة ، أنه سمع علي بن أبي طالب (علیه السّلام) لبي
ص: 138
1- في نسختي الأصل : فيقول .
2- وجاء مفصلاً من العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 130/8 - 132 تحت عنوان : رأي الخليفة في متعة الحج برقم (6) .
3- روى ابن أبي شيبة في مصنفه 290/3 عن سعيد بن المسيب أنه قال : سمع أصحاب محمد [(صلی الله علیه و آله و سلم)] يلبون بعمرة وحجة معه . وقد روى ابن عبد البر خبر اختلاف أمير المؤمنين (علیه السّلام) مع عثمان في هذه المسألة في كتاب الاستذكار 66/4.. وغيره. وجاء - أيضاً - في كتاب : الجمع بين الصحيحين للحميدي 159/1.. وغيره.
4- حلية الأولياء 366/7 عن أنس ، ومثله في 39/5 و 205، وكذا جاء في 355/2، وفي 267/7 عن ابن عمر .. وموارد أُخر .
5- تاريخ بغداد 336/7 عن أنس بن مالك ، قال : سمعته سبع مرار.. وفي 73/10 و 79.
6- وأورده في تاريخ بغداد 394/11 - 395 بإسناده: .. عن زر بن حبيش ، عن الضبي ابن معبد أنته أهل بحجة وعمرة ، فذكر ذلك لعمر بن الخطاب ، فقال : هديت لسنة نبيك محمّد صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ! ورواه فيه 371/3 عن أنس بن مالك .. قال : نقول : لبيك عمرة وحجاً .
بحجة وعمرة معاً.
وكذلك في مسند أبي حنيفة(1)، وزاد في الرواية : وطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين(2).
وفي تفسير الثعلبي(3): عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : والله إنّ العمرة لقرينة الحج في كتاب الله: ﴿ وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ اللهِ .. ﴾(4).
کلام ابن عباس بکون العمرة قرینة الحج
أبو بكر بن أبي شيبة في أماليه(5)، ومحمود الزمخشري(6)، وأحمد بن حنبل
ص: 139
1- مسند أبي حنيفة لابن خسرو 262/1 - 263.
2- راجع : نيل الأوطار 159/5 ، وفتح الباري 395/3، وعمدة القاري 280/9، وسنن الدارقطني 232/2.. وغيرها.
3- تفسير الثعلبي 96/2 ، وفيه : وروى عكرمة ، عن ابن عباس ، أنته قال : والله إنّ العمرة لفريضة [كذا ] الحجّ في كتاب الله : ﴿ وَأَتِمُّوا ...﴾.
4- سورة البقرة ( 2 ) : 196. راجع : تفسير البغوي 166/1 ، وتفسير الرازي 153/5.. وغيرهما . ولاحظ : كتاب البخاري 198/2 ، والسنن الكبري للبيهقي 351/4.. وغيرهما.
5- أمالي ابن أبي شيبة ، ولا نعرف الكتاب، فضلاً أن تكون له نسخة خطية.
6- الفائق للزمخشري 417/2 باختلاف ونقل بالمعنى ، وفيه : قيل له : إن فلاناً ينهى عن المتعة ، فقال : قد تمتعنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وفلان كافر بالعرش ..! والمضحك ما قاله ابن الأثير في النهاية 207/3 من قوله : إن فلاناً معاوية ! وإنّه كافر .. بمعنى الاختفاء والتغطّي ! ذكره بعنوان (قيل) ، وقد ذكر قبله المعنى المضاد للإسلام ، وقال إنّه أشهر.
کلام سعد بن أبي وقاص في عمرة التمتع
في مسند العشرة(1): أنه سئل سعد بن أبي وقاص عنها ، فقال : فعلناها .. وهذا يومئذ كافر بالعرش(2)- يعني برويته(3)- .
الروایات الکثیرة من أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) تمتع بالحج إلی العمرة وتمتع الناس معه خاصة ما جاء عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)
وقيل : العرش : المظلة(4).
وروى عروة بن الزبير ، عن عائشة ، وروى سالم بن عبد الله ، عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) في تمتعه بالحج إلى العمرة وتمتع الناس معه .
وفي الموطأ(5)، وتفسير الثعلبي(6)، ومسند الموصلي(7)، في حديث مروان بن
ص: 140
1- مسند أحمد بن حنبل 181/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 295/1 حديث 1572 ، وفي طبعة مسند العشرة 1485].
2- إلى هنا في الفائق ، ولا يوجد ما بعده ، إلا بيان المقصود من كلمة : العرش.
3- كذا ؛ والكلمة مصحفة ، وفي المصدر : معاوية .. وحكاه الجوهري في الصحاح 1010/3 .. وغيره وفسّره . لعلّ المصنّف يريد ما جاء في بعض المصادر كصحيح مسلم 47/4 ، فقد جاء فيه بعد (بالعرش) يعني بيوت مكة .
4- يقال للمظلّة من جريد النخل يطرح عليها الثمام، يتخذها أهل الحاجة : عريش ويجمع عرشاً، وعرش يجمع عروشاً. انظر : الصحاح 1009/3 - 1011 ، ومجمع البحرين 141/4 - 143.. وغيرهما.
5- الموطأ ، وقد سلف قريباً النقل عنه في صفحة : 229 - 2330 حديث 746، وقد حذف الذيل من المطبوع على رواية يحيى بن يحيى الليثي ، ولم نجده ، فراجع .
6- تفسير الثعلبي 98/3.
7- مسند الموصلي 341/1 - 342 حديث 434 وفيه : فقال عثمان : تراني أنهى الناس وأنت تفعله؟ فقال عليّ : « لم أكن أدع سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لقول أحد من الناس»، وفي 453/1 - 454 حديث 609 قوله :(علیه السّلام) « .. ولكن لم أكن لأدع قول رسول الله لقولك » ، ولاحظ - أيضاً - فيه 288/1 حديث 349.
الحكم : أنّ عمر(1) قال : أتفعلهما وأنا أنهى عنهما ؟ فقال علي (علیه السّلام): «لم أكن لأدع سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لقولك »(2).
وفي المسند العشرة(3) عن أحمد ، قال ابن المسيب : اجتمع علي (علیه السّلام) وعثمان بعسفان(4)، فكان عثمان ينهي عن المتعة والعمرة ، فقال علي (علیه السّلام): «ما تريد من أمر فعله رسول الله تنهى عنها ؟ !(5)».
فقال عثمان : دعنا منك .
ص: 141
1- في مسند أبي يعلى : عثمان ، وقد سبق من المصنّف نقل الرواية في عثمان.
2- أقول: وقد أخرجه النسائي خرجه النسائي في المناسك 148/5 ( باب في القرآن ) ، وأحمد بن حنبل مسنده 136/1 ، والدارمي في المناسك 69/2 .. وغيرها . وجاءت روايات متعة الحجّ في تفسير الثعلبي 102/2، وكذا في المعرفة والتاريخ للفسوي 363/1.
3- مسند أحمد بن حنبل 136/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 220/1 حديث 1150 ، وفي الطبعة مسند العشرة حديث 1089].
4- عسفان : منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. وقيل : عسفان بين المسجدين؛ وهي من مكة على مرحلتين ، كما قاله الحموي في معجم البلدان 121/4 - 122 . وراجع : مراصد الاطلاع 940/2.
5- في نسختي الأصل : ينهى عنه .
وفي رواية الموطأ(1)، حديث مقداد : فخرج عليّ [(علیه السّلام)] مغضباً، وهو يقول: «لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معاً».
في قوله سبحانه وتعالی: ﴿ وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ الله ..﴾
وفي تفسير الثعلبي(2)، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : والله إنّ العمرة القرينة(3) الحج فى كتاب الله : ﴿ وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ الله ..﴾(4).
وفي حلية الأولياء(5)، وتاريخ الخطيب(6)، وتاريخ الخطيب(7)، عن أنس : سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يلبي بحجة وعمرة معاً(8).
وفي الحلية(9)، ومسند أبي حنيفة(10)، والموصلي(11)، عن ابن مسعود وأنس:
ص: 142
1- وما هنا مكرّر أدرجناه حفظاً للأمانة.
2- تفسير الثعلبي 96/2.
3- في تفسير الثعلبي 96/2 ، وفيه : لفريضة .
4- سورة البقرة ( 2 ) : 196 ، وقد سلف قريباً . ومثله متناً وسنداً في تفسير البغوي 166/1 ، ولاحظ : تفسير الرازي 5 /153.
5- حلية الأولياء 366/7 - 367 .
6- تاریخ بغداد 81/10.
7-
8- من قوله : وفي رواية الموطأ .. إلى هنا مكرّر في كلتا النسختين (الأصل ) ، وهذا أحد الأدلة على أنّ النسختين واحدة ، أخذت إحداهما من الأخرى.
9- حلية الأولياء 14/3 ، و 281/6 باختلاف يسير ، وكذا فيها 222/9 .
10- مسند أبي حنيفة لابن خسرو 262/1.
11- مسند أبي يعلى الموصلي 133/6 حديث 3407 : عن أنس بن مالك ، أن النبي قال : لبيك .. إلى آخره، وقد تقدّم تحت رقم 2794 و 2814 و 3025، ولاحظ : حدیث 3805، وسيأتي تحت رقم 3603 و 3630 و 3646 و 3648 و 3737 و 3805، وكلّها عن أنس بن مالك .. وكذا في 178/7 حديث 4155.. وغيرها كثير جداً.
أنه سمع عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام) لبى بحجة وعمرة معاً.
فأما من زعم أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أمر أصحابه يوم الفتح، ثمّ نهى عنه [ف_]باطل؛ لأنته كان الفتح بعد خيبر بحين(1).
ص: 143
1- قال العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 211/6: لما لم يكن رجم المتمتع بالنساء مشروعاً ، ولم يحكم به فقهاء القوم لشبهة العقد هناك، قال الجصاص - بعد ذكر الحديث - : فذكر عمر الرجم في المتعة جائز أن يكون على جهة الوعيد والتهديد لينزجر الناس عنها . أقول: جاء عن عمر أنه قال في خطبته : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما؛ متعة الحج ومتعة النساء. وفي لفظ الجصاص : لو تقدمت فيها لرجمت .. انظر : البيان والتبيين للجاحظ 223/2 ، وأحكام القرآن للجصاص 342/1 و 345 ، و 2 / 184 ، وزاد المعاد لابن القيم 444/1 - وقال : ثبت عن عمر .. - و تفسير الفخر الرازي 167/2 ، و 201/3 - 202 ، وكنز العمّال 293/8 و 294 ، وضوء 202 الشمس 2 / 94 ، وتفسير القرطبي 2 / 370. وقد استدلّ المأمون على جواز المتعة بهذا الحديث ، وهم بأن يحكم بها كما في تاریخ ابن خلكان 359/2 [ طبعة إيران ] - واللفظ فيه : متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وعلى عهد أبي بكر وأنا أنهى عنهما . له أما خطبة عمر هذه في المتعتين فهي من المتسالم عليه بالألفاظ المذكورة ، غير أنّ أحمد - إمام الحنابلة - أخرج الحديث باللفظ الثاني لجابر ، وحذف منه ما حسبه خدمة للمبدأ !! ولفظه : فلما ولي عمر خطب الناس ، فقال : إنّ القرآن هو القرآن، وإنّ رسول الله هو الرسول ، وإنّهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم إحداهما متعة الحج والأُخرى متعة النساء. وقد أخرج الحافظ ابن أبي شيبة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : نهى عمر عن متعتين : متعة النساء ومتعة الحجّ ، كما في الدر المنثور 481/2. كما وقد أخرج الطبري عن عروة بن الزبير ، أنته قال لابن عباس : أهلكت الناس ، قال : وما ذاك ؟ قال : تفتيهم في المتعتين وقد علمت أن أبا بكر وعمر نهيا عنهما فقال : ألا للعجب ! إنّي أحدّثه عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و يحدثني عن أبي بكر وعمر .. ! فقال : هما كانا أعلم بسنّة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأتبع لها منك .. قال الراغب في المحاضرات 94/2: قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة : بمن اقتديت في جواز المتعة ؟ قال : بعمر بن الخطاب . قال : كيف وعمر كان أشد الناس فيها ؟ ! قال : لأنّ الخبر الصحيح أنته صعد المنبر فقال : إنّ الله ورسوله قد أحلّا لكم متعتين ، وإنّي محرّمهما عليكم وأُعاقب عليهما .. فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه. هذا؛ ولنختم الكلام بما أخرجه الطبري في تاريخه 32/5 [ وفي طبعة مصر ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم 225/4 - 226 ] عن عمران بن سوادة ، قال : صلّيت الصبح مع عمر ، فقرأ « سبحان » وسورة معها ، ثم انصرف وقمت معه ، فقال : أحاجة ؟ قلت : حاجة . قال : فالحق . قال : فلحقت .. فلما دخل أذن لي ؛ فإذا هو على سرير ليس فوقه شيء ، فقلت : نصيحة . فقال : مرحباً بالناصح غدوّاً وعشياً . قلت : عابت أمتك منك أربعاً .. قال : فوضع رأس درته في ذقنه ، ووضع أسفلها على فخذه، ثمّ قال: هات .. قلت : ذكروا أنك حرّمت العمرة في أشهر الحج ولم يفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم ولا أبو بكر ... وهي حلال . قال : هي حلال لو أنهم اعتمروا في أشهر الحجّ رأوها مجزية من حجهم ، فكانت قائبة قوب عامها [كناية عن خلو مكة من الحجيج ، خلوّ القائبة ، وهي البيضة المفرخة ] فقرع حجهم ، وهو بهاء من بهاء الله .. وقد أصبت. قلت : وذكروا أنتك حرّمت متعة النساء، وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث . قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أحلّها .. في زمان ضرورة ، ثم رجع الناس إلى السعة ، ثمّ لم أعلم أحداً من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق .. وقد أصبت . قال : قلت : وأعتقت الأمة إن وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيّدها . قال : ألحقت حرمة بحرمة ، وما أردت إلا الخير .. وأستغفر الله . قلت : وتشكوا منك نهر الرعية وعنف السياق . قال : فشرع الدرّة .. ثم مسحها حتى أتى على آخرها . ثم قال : أنا زميل محمد .. وكان زامله في غزوة قرقرة الكدر - فوالله إنّي لأرتع فأشبع، وأسقي فأروي، وأنهز اللفوت [ الناقة التي تلتفت إلى حالبها لتعض فينهرها ] وأزجر العروض ، وأذبّ قدري ، وأسوق خطوي ، وأضمّ العنود، وألحق القطوف ، وأكثر الزجر ، وأقلّ الضرب ، وأشهر العصا، وأدفع باليد .. لولا ذلك لأعذرت .. قال : فبلغ ذلك معاوية ، فقال : كان - والله - عالماً برعيتهم . وحكاه ابن أبي الحديد في شرحه 28/3 نقلاً عن ابن قتيبة ، والطبري وجاء الخبر في الفائق 433/1 - 434 مع اختلاف ليس باليسير .
أبیات العمري (3)
المعرى(1):
[ من البسيط ]
إذا اسْتَشارُوكَ فَانْصَحْهُمْ وَإِن غَضِبُوا *** وَإِن كُفِيتَ ولَمْ تُسْألُ فَلا تُشِرٍ
قد باشروكَ بِمَكْرُومٍ أذنت(2) لَهُ *** حَتَّى تَوَهَّمْتَ أَنْ لَيْسُوا مِنَ البَشَرِ
وَلَمْ يَحُجُوهُ مِنْ دِينِ وَمِنْ نُسُكِ(3) *** وَإِنَّما ذاك إفراط مِنَ الأَشر(4)
نهي الخلیفة عن کثرة الطواف
وفي الإحياء(5): أنه هم عمر أن يمنع الناس من كثرة الطواف ،
ص: 146
1- ديوان لزوم ما لا يلزم 446/1 المقطوعة ( 152) [ طبعة دار الجيل ] ، وهي أبيات جاءت هنا مشوشة وضمن قصيدة هناك ذات ( 10 ) أبيات ، وهي هناك ( 5 و 1 و 4 ) .
2- في المصدر : أذيت.
3- جاء صدر البيت في الديوان هكذا وما يحجون من دين ولا نسك.
4- في نسختي الأصل : الأثر ، والمثبت عن الديوان .
5- إحياء علوم الدين 243/1.
ما جاء من روایات عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأخبار الصاحبه في حجة الوداع
وقال : خشيت أن يَبْهَا(1) الناس بهذا البيت .. أي يأنسوا به ..
إفساد الخلیفة علی المسلمین طوافهم وصلاتهم
وصاروا(2) يطوفون بالبيت، ثمّ يصيرون إلى موضع المقام.. فيصلون صلاة الطواف في غير الموضع الذي استنه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ففسد(3) عليهم طوافهم وصلاتهم جميعاً في ذلك ، [ل_] أنّ الطواف لا يتم إلا بصلاة الركعتين للطواف ، فلا يجوز أن يصلّيهما(4) إلا في الموضع الذي استنه الرسول (عليه وآله السلام)، فمن صلّاهما في موضع غير الموضع الذي سنّه الرسول (عليه و آله السلام) عامداً؛ فقد قصد مخالفة الرسول .. فكان عاصياً لله ولرسوله ، فلا يُقبل عَمَلُهُ(5) إلا أن يتوب عن المعصية ، فإذا بطلت صلاة الطواف بطل الطواف الذي لا يتم إلا بالصلاة من غير علّة، وإذا بطل الطواف فقد بطل الحج ، إذ(6) كان لا يتم إلا بالطواف؛
ص: 147
1- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : بينا ، وقد أثبتنا ما استظهرناه ، وفي المصدر: يأنس، وفي الإحياء المطبوع 190/6 : وقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا البيت .. أي يأنسوا به ، وهو تصحيف بين ، والمثبت هو الصحيح. أقول : يبها .. أي يأنس ، يقال : بهأت بكذا .. أي أنست به ، كما جاء في لسان العرب 35/1.. وغيره.
2- في نسختي الأصل : صار .
3- كذا ؛ والظاهر : فأفسد .
4- في نسختي الأصل : يصلّيها ، وهي مصحفة عن المثبت .
5- في نسختي الأصل : عملاً، وهي محرفة عن المثبت.
6- في نسختي الأصل : إذا ، والصحيح ما أثبتناه.
لأنته من كبار حدود الحج.
حکم الخلیفة في أموال الناس والأملاك التي تصير إليهم
ورويتم ما حكم به في أموال الناس والأملاك التي تصير إليهم ..
مشى عبد أبق من مولى ، أو ضل عنه دابة .. فحكم إن أصابه في المصر أخذ منه عشرة دراهم، وإن وجده خارجاً من المصر أخذ منه جعله : أربعين درهماً ، وكان أداء الأمانة أولى من أن يؤديها بلا جعال.
تحلیل الخلیفة ذبائح أهل الذمة
وأحلّ ذبائح أهل الذمة، وقال الله : ﴿ إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ ﴾(1) يقتضي نجاسة العين، وإنّما يحمل على الحكم رسماً(2) أو مجازاً ، والحقيقة أولى من المجاز، وقال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ .. ﴾(3) وهذا نص على أنّ ذبائحهم حرام(4).
ص: 148
1- سوره التوبة (9): 28.
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل ، وقد تقرأ : رسها ، أو ريبها، وأثبتنا ما استظهرناه، ولعلّها محرّفة عن : تسامحاً .
3- سورة الأنعام (6) : 121 .
4- قال السيّد المرتضى (رحمه الله علیه) في الانتصار : 89 ، وفيه : فإذا قيل : لعلّ المراد به نجاسة الحكم لا نجاسة العين . قلنا : نحمله .. وبعد فإنّ حقيقة هذه اللفظة تقتضي نجاسة العين .. فإنّما تحمل على الحكم تشبيهاً ومجازاً، والحقيقة أولى باللفظ من المجاز. ثم قال في الإجابة عن : ﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ ..﴾ : يجب التخليص هذا الظاهر بالدلالة على نجاستهم ونحمل هذه الآية .. وراجع كتاب المصنف (رحمه الله علیه) : متشابه القرآن ومختلفه 2 / 160 - 161 .
أما قوله: ﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ.. ﴾(1) [ف_] يجب تخصيص هذا الظاهر على نجاستهم ، فتحمل الآية [على] غير الذبائح والمائعات.
بیت لکشواذ
کشواذ (2):
[ من الرجز ]
أَحَلَّ مَا يَذْبَحُهُ اليَهُودُ *** وَفِي كِتَابِ اللهِ هُمْ قُرُودُ
حکم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بکفاءة المسلمین في النکاح بعضهم لبعض وتبعیض الخلیفة
وإن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) جعل المسلمين أكفاء بعضهم لبعض في النكاح، وفيما نُقل عنه(3): «من جاءكم خاطباً ترضون به في دينه وأمانته فزوجوه،
ص: 149
1- سورة المائدة (5) : 5 .
2- الظاهر أنّ البيت من أرجوزة الشاعرنا هذا (رحمه الله علیه) الذي سبق الحديث عنه الله وعنها المقدّمة، ومرت قريباً منها أبيات وستأتي لها تتمة.
3- عقد الترمذي في سننه 386/3 - 387 باباً بعنوان : ما جاء: «إذ جاءكم من ترضون دينه فزوجوه »، ثم ذكر حديثين ، وكذا جاء في كتاب العيال لابن أبي الدنيا 1 / 264، والمعجم الكبير 299/22 - 300 حديث 762 ، وكذا المعجم الأوسط 131/7 و 141 ، والآحاد والمثاني 351/2.. وراجع روايات الباب في السنن الكبرى للبيهقى 82/7.. وغيره. كما وقد رواه الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) مسنداً في الأمالي 133/2 [الطبعة الحيدرية ، صَلَّى اللهُ عَلَيَّه وفي طبعة مؤسسة البعثة : 519 ( المجلس الثامن عشر ) حديث 1140]، عنه (صلی الله علیه و آله و سلم): «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته يخطب إليكم فزوجوه، إلّا تفعلوه تكن فتنة الأرض وفساد عريض».. وقريب منه في فقه الرضا (علیه السّلام): 31 ، وفتح الأبواب : 143، وحكاه عنه في بحار الأنوار 373/103 حدیث 9. ومثله في نوادر القطب الراوندي (رحمه الله علیه): 112 ، والاستغاثة لابن أعثم الكوفي : 53 [الطبعة المحققة 44/1] ، وعنها في مستدرك وسائل الشيعة للميرزا النوري (رحمه الله علیه) 189/14 حدیث 16472 . . وغيره .
وإلا تفعلوه(1) تكن فتنة في الأرض وفساد كبير».
وقال - بإجماعهم(2)- : « يسعى بذمتهم أدناهم(3)..
ص: 150
1- في نسختي الأصل : تفط - بدون تنقيط - وبعدها بياض ، وهذا ما استظهرناه منها.
2- جاء عنه صلوات الله عليه وآله في خطبته في منى التي منها : «نصر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها .. » . وفيها: «المؤمنون إخوة تتكافى دماؤهم ، وهم يد على من سواهم ، يسعي بذمتهم أدناهم .. » . راجع : المصنف لابن أبي شيبة 459/5 ، مسند أحمد بن حنبل 122/1، وصفحة : 211 ، سنن أبي داود 80/3 حديث 2751 ، سنن ابن ماجة 895/2، سنن النسائي 20/8 ، وصفحة : 24 .. وغيرها . وجاء في المجالس للشيخ المفيد (رحمه الله علیه) : 186 - وعنه في بحار الانوار 148/2 حديث 22 - وفي أُصول الكافي 403/1 - 404 أنته خطب في مسجد الخيف .. ومثله في الخصال 2/1 و 98/17] ، وتفسير عليّ بن إبراهيم القمي: 161 [ الطبعة الحجرية ، وفي الحروفية 173/1].
3- راجع من كتب اللغة : النهاية 263/4 ، ومجمع البحرين 103/2، ولسان العرب صَلَّى اللهُ عَلَيَّه 221/12 ذیل قوله (صلی الله علیه و آله و سلم) : «يسعى بذمتهم أدناهم ..» أي في ذمتهم، والسعي فيه كناية عن تقريره وعقده .. أي يعقد الذمة على جميع المسلمين أدناهم. ومنه الحديث :... أي إذا أعطى أحد الجيش العدوّ أماناً جاز ذلك على جميع المسلمين ، وليس لهم أن يخفروه، ولا أن ينقضوا عليه عهده .
.. وهم يد(1) على من سواهم ، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ.. ﴾(2) وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثى ..﴾(3) الآية .
فلما استولى الرجل قال : لا يتزوّج العرب في قريش، ويتزوج قريش في سائر العرب والعجم، ولا يتزوّج العجم وسائر الموالي في العرب، ويتزوّج العرب في جميعهم ؛ فأنزل العرب من قريش بمنزلة اليهود والنصارى، وهم لا يتزوّجون من المسلمين ، وكذلك العجم والموالي، وقد تقدّم هذا المعنى.
نهي الخلیفة من تزوج العرب من قریش، وتزوج قریش من العرب والعجم
ونهى عن متعة النساء ؛ وقد قال الله تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذلِكُمْ .. ﴾(4) الآية .
وفي تفسير الثعلبي(5) : حبيب بن أبي ثابت قال : أعطاني ابن عبّاس مصحفاً ، فقال : هذا على قراءة أبي بن كعب .. فرأيت في المصحف : ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ
ص: 151
1- في نسختي الأصل : يدعون ، والصحيح ما أثبتناه.
2- سورة الحجرات (49) : 10.
3- سورة الحجرات (49): 13.
4- سورة النساء (4): 24.
5- تفسير الثعلبي 286/3.
مِنْهُنَّ ..﴾(1) إلى أجل مسمى(2).
وبإسناده(3)... عن سعيد بن جبير أنه قرأ: ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ ﴾ إلى أجل مسمى(4).
ص: 152
1- سورة النساء (4): 24.
2- وهذا جاء جزءاً في الآية الكريمة هناك، ومثله قول ابن مسعود، حيث ذكر الحافظ أبو زكريا النووي الشافعي ( المتوفى 676 ه_) في شرح مسلم 181/9 ، أنّ عبد الله بن مسعود قرأ : فما استمتعتم به منهن إلى أجل .. وقول سعيد بن جبير ، كما ذكر أبو حيان محمّد بن يوسف الأندلسي ( المتوفى 745 ه_) في تفسيره 218/3 قراءة ابن عباس ، وأبي بن كعب ، وسعيد بن جبير : فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل مسمى ، وقال : قال ابن عبّاس ، ومجاهد، والسدي .. وغيرهم : إن الآية في نكاح المتعة ، وقال ابن عبّاس لأبي نضرة... هكذا أنزلها الله .. ولاحظ : تفسير ابن كثير الدمشقي 474/1 .
3- تفسير الثعلبي 286/3 ، كما جاء بنصه وبإسناد صحيح - عندهم - في تفسير الطبري 9/5.
4- وقد أخرج الحافظ أبو بكر البيهقي ( المتوفى (458 ه_) في السنن الكبرى 205/7 بإسناده... عن محمد بن كعب، عن ابن عبّاس رضي الله عنه ، قال : كانت المتعة في أوّل الإسلام ، وكانوا يقرؤون هذه الآية: ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ﴾ [سورة النساء (4) : 24] إلى أجل مسمى .. الحديث . وقال أبو القاسم جار الله الزمخشري المعتزلي (المتوفى 538 ه_) في تفسيره الكشاف 360/1 : قيل : نزلت الآية في المتعة ، وعن ابن عبّاس هي محكمة - يعني لم تنسخ - وكان يقرأ : ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ﴾ إلى أجل مسمى .. إلى آخره. راجع : تفسير الثعلبي 286/3 .
وبإسناده:.. عن أبي نضرة ، قال سألت(1) ابن عبّاس عن المتعة [قال : ] أما تقرأ : ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ ..﴾ إلى أجل مسمّى ؟! قلت : لا أقرأ هكذا، قال ابن عباس : والله .. هكذا أنزلها الله(2).. ثلاثاً(3).
ص: 153
1- في نسختي الأصل : ألست وهو غلط .
2- تكرر جملة ( قال ابن عبّاس ) إلى هنا في نسخة (ألف).
3- راجع : تفسير البغوي (معالم التنزيل 414/1 ، وتفسير الثعلبي 286/3 .. وغيرهما . وقد أخرج أبو جعفر الطبري ( المتوفى سنة 310 ه_) في تفسيره 9/5 بإسناده:.. عن أبي نضرة ، قال : سألت ابن عبّاس عن متعة النساء ؟ قال : أما تقرأ سورة النساء ؟ ! قال : قلت : بلى . قال : أفما تقرأ فيها : ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ﴾ ، إلى أجل مسمى ؟ قلت له : لو قرأتها هكذا ما سألتك . قال : فإنّها كذا . وفي حديث : قال ابن عبّاس : والله لأنزلها الله كذلك .. ثلاث مرّات !! وقد جاء حديث أبي نضرة عن جابر بصور متعدّدة؛ منها : عن أبي نضرة ، قال : كنت عند جابر بن عبد الله .. فأتاه آت . فقال : ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ، ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما .. كما جاء في كتاب مسلم 395/1 ، وسنن البيهقي 206/7 . . وغيرهما . وبالإسناد نفسه ، عن جابر ، قال : قلت : إنّ ابن الزبير ينهي عن المتعة ، وإنّ ابن عبّاس يأمر به ، قال : على يدي جرى الحديث .. تمتعنا مع رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ومع أبي بكر ، فلمّا ولي عمر خطب الناس ، فقال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم هذا الرسول ، وإنّ القرآن هذا القرآن، وإنّهما كانتا متعتان على عهد رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم وأنا أنهى عنهما وأُعاتب عليهما ؛ إحداهما متعة النساء، ولا أقدر على رجل تزوّج امرأة إلى أجل إلا غيبته بالحجارة، والأخرى ؛ متعة الحج .. كما ذكره البيهقي في السنن الكبرى 206/7 ، وقال : أخرجه مسلم في الصحيح من وجه آخر عن همام. وعن جابر بن عبد الله أيضاً ، قال : تمتعنا متعتين على عهد النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم ؛ الحج والنساء فنهانا عمر عنهما فانتهينا .. كما أخرجه إمام الحنابلة أحمد حمد في مسنده 356/3 و 363 بطريقين: أحدهما طريق عاصم صحيح رجاله كلهم ثقات بالاتفاق عندهم ، وذكره السيوطي كما في كنز العمّال 293/8 عن الطبري . وعن أبي نضرة - أيضاً - قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله ، فقال : على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه [ وآله] وسلّم ، فلمّا قام عمر قال : إن الله كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء ، فأتموا الحج والعمرة كما أمر الله ، وانتهوا - وأبتوا - عن نكاح هذه النساء، لا أُوتي برجل نكح [ تزوّج ] امرأة إلى أجل إلّا رجمته ..!! كما جاء في كتاب مسلم 467/1 ، وأحكام القرآن للجصاص 178/2، وسنن البيهقي 21/5، و تفسير الرازي 26/3 ، وكنز العمّال ،293/8 والدرّ المنثور 216/1 .. وغيرها . وبصورة أخرى جاء في مسند أبي داود الطيالسي : 247، كما أفاده شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 209/6 - 211 .
وبإسناده(1)... عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة ، قال : سألت_[_ه] عن هذه الآية أمنسوخة(2) هي ؟ قال : لا(3).
ص: 154
1- تفسير الثعلبي 286/3 ، وكما جاء في تفسير الطبري 9/5 بإسناد صحيح عندهم.
2- في نسختي الأصل : المنسوخة، والصحيح ما أثبتناه.
3- وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه، وابن جرير عن الحكم : أنه سئل عن هذه الآية أمنسوخة ؟ قال : لا .. كما حكاه العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 234/6 عن عدة مصادر . راجع : تفسير الثعلبي 286/3 .. وغيره.
وبإسناده(1):.. عن عمران بن الحصين قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله ، ولم تنزل بعدها آية تنسخها ، وأمرنا [بها ] رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] فتمتعنا [ مع رسول الله صلى الله عليه [ و آله ] وسلم ولم ينهنا عنهم_[_ا] ، وقال رجل بعد برأيه ما شاء !].
وقوله : ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ ﴾(2) المعنى : فمن نكحتموه منهنّ نكاح المتعة ﴿ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الفَرِيضَةِ ﴾(3) لأن الزيادة في الأجر والأجل لا يليق إلا بالعقد [المؤجل]، وقوله : ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ ..﴾(4) دلالة على النكاح المؤجّل دون المؤبد، بأنته تعالى سمّى
ص: 155
1- تفسير الثعلبي 286/3 ، وكما جاء في كتاب مسلم 474/1، [49/4]، وكتاب البخاري 158/5 ، وأخرجه القرطبي بهذا اللفظ في تفسيره 365/2.. وكذا أحمد ابن حنبل في مسنده 436/4. . وغيرهم في غيرها كثير . أقول : وقد ذكر المفسّرون منهم في مقام بيان حجّة جواز متعة النكاح ونسبة الجواز إلى عمران بن حصين هذا ، كما نص عليه في تفسير الرازي / 200 و 202 ، وتفسير 3 ابن حبان 218/3.. وغيرهما ، وراجع : تفسير الثعلبي 286/3 .. وغيره.
2- سورة النساء (4): 24.
3- سورة النساء (4) : 24 .
4- سورة النساء (4): 24. جاء هذا في الانتصار للسيد المرتضى (رحمه الله علیه): 273 مع تقديم وتأخير ، وانظر: متشابه القرآن ومختلفه للمصنف (رحمه الله علیه) 189/2.
نقل کلمات الأصحاب والعلماء في حلبة المتعة
العوض عليه : أجراً ، ولم يسم العوض على النكاح المؤبد [بهذا الاسم ] في القرآن كله ؛ بل سمّاه : نحلة، وصداقاً ، وفرضاً ، ولفظ الاستمتاع إذا أطلق لا يفيد إلا نكاح المتعة.
وفي مسلم(1): روى إسماعيل بن [أبي ] خالد وعبد الله(2)، قالا : كنا نغزو مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ليس لنا نساء ، فقلنا : ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثمّ رخّص لنا أن تنكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عبد الله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ .. ﴾(3).
قال الشيخ أبو جعفر الطوسي(4) في قوله: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ
ص: 156
1- کتاب مسلم 1022/2 (باب 3) حديث 11 [وفي طبعة كتاب النكاح حديث 2493].
2- الإسناد في المصدر هكذا : حدثنا أبي، ووكيع ، وابن بشر ، عن إسماعيل ، عن قيس ، قال : سمعت عبد الله يقول .. إلى آخره. هناك إسناد آخر ينتهي إلى إسماعيل بن أبي خالد ، فالكلام رواه عبد الله وإسماعيل ابن أبي خالد.
3- سورة المائدة (5): 87.
4- تفسير التبيان 102/3 - 105 وليس فيه نص ما هنا ولا لازمه فراجعه ، ولعلّه في محلّ آخر من الكتاب ، أو في سائر كتبه (رحمه الله علیه)، فراجع ، ولا يخفى كون العبارة مبتورة ناقصة . والمقصود أنّ المتعة ممّا طاب لنا فيهنّ، فالآية دالة على جوازها، وقد ورد هذا النصّ في المؤتلف من المختلف للشيخ الطبرسي (رحمه الله علیه) 146/2، وجامع الخلاف والوفاق : 457 .
النِّساءِ ..﴾(1) وهذا مما طاب لنا فيهن .
وفي الحلية(2): إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : ] قال أبو ذر : لا نعلم المتعتين إلا لنا خاصة - يعني : متعة النساء ومتعة الحج - .
في مسلم(3): أنه سئل جابر بن عبد الله عن المتعة ، فقال : نعم ، استمتعنا على عهد رسول الله (عليه و آله السلام) وعهد أبي بكر(4).
وروي عن جابر بن عبد الله ، وسلمة بن الأكوع، قالا: خرج منادي رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال : إنّ رسول الله قد أذن لكم أن تستمتعوا؛ يعني :
ص: 157
1- سورة النساء (4) : 3 .
2- حلية الأولياء 39/5 بنصه، وعقبه بقوله : صحيح ثابت في حديث إبراهيم، عن أبيه ، عن أبي ذر .
3- کتاب مسلم 1033/2 ( باب 3) حدیث [395/115 في ( باب نكاح المتعة ) ، وفي طبعة كتاب النكاح حديث 2496] باختلاف، ولاحظ ما هناك الأحاديث قبله من وبعده ، وهي كثيرة.
4- وزاد فيه : وعمر ، وفي لفظ أحمد بن حنبل : حتّى إذا كان في آخر خلافة عمر .. وانظر مسند أحمد بن حنبل 380/3، وفي تبيان الحقائق :.. تمتعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ، ثمّ نهى الناس عنه !!
متعة النساء(1).
وفي البخاري(2)، وأمثال أبي عبيد ،(3) رووا عن قتادة، قال: سمعت أبانضرة يقول : قلت لجابر بن عبد الله : إنّ ابن الزبير نهى عن المتعة ، وإن ابن عبّاس أمر بها ، فقال جابر : على يدي دار الحديث ؛ تمتعنا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فلما كان عهد عمر خطب، فقال : إنّ الله يحلّ لنبيّه ما يشاء، وإن القرآن نزل منازله، فافصلوا حجتكم من عمر تكم(4)، وأبتُوا من نكاح هذه النساء، فلا يؤتى برجل
ص: 158
1- كتاب البخاري 16/7 ( باب 31 نهى رسول الله عن نكاح المتعة ! ) [ وفي كتاب النكاح حديث 4725] ، وجاء النصّ الذي نقله المصنّف في كتاب مسلم 130/4. قال الزمخشري في الفائق : 1/ 434 - 436 مادة ( دلس ) : متعة النكاح ، كان الرجل يشارط المرأة بأجل معلوم على شيء يمتعها به ، يستحلّ به فرجها ، ثمّ يفارقها من غير تزوّج ولا طلاق، ثمّ قال : إنما أحلّ ذلك للمسلمين بمكة ثلاثة أيام حين حجوا مع النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم ثم حرّم ! !
2- لم نجد هذا النصّ في كتاب البخاري ، وجاء فيه 176/2 كتاب الحج ( باب 34) عن جابر أنه قال : قدمنا مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ونحن نقول .. ثم روى بعده عن عمران ، قال : تمتعنا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فنزل القرآن ، قال رجل برأيه ما شاء ء.. وهو كما لا يخفى أعم .. وجاء في كتاب مسلم 467/1 ، وأحكام القرآن للجصاص 178/2 وسنن البيهقي 21/5 . وغيرها .
3- الخبر جاء باختصار في كتاب الأمثال : 203 ، ولعله حذف أو حرّف عند الطبع .
4- في سنن البيهقي 206/7 ، قال :... فإنّه أتمّ لحجكم، وأتم لعمر تكم. ومثله في شرح کتاب مسلم للنووي 168/8 .
تحامل ابن الزبیر علی ابن عباس في للمتعة ورده القاصم له
تزوج امرأة إلّا رجمته بالحجارة ..!!(1)
وروى الناس جميعاً - بلا اختلاف(2) بينهم - : أنّ عبد الله بن الزبير خطب بمكة ، فقال : هذا الذي أعمى الله قلبه كما أعمى بصره ، يحل المتعتين ، ويقول بالرجعة - يعني ابن عبّاس - ..(3)
ص: 159
1- أقول : روي عن سليمان بن يسار عن أم عبد الله ابنة أبي خيثمة : إنّ رجلاً قدم من الشام فنزل عليها ، فقال : إنّ العزبة قد اشتدت عليَّ ، فابغيني امرأة أتمتع معها ، قالت : فدللته على امرأة .. فشارطها وأشهدوا على ذلك عدولاً ، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ، ثمّ إنّه خرج ، فأخبر عن ذلك عمر بن الخطاب ، فأرسل إليّ، فسألني : أحق ما حدثت ؟ قلت : نعم ، قال : فإذا قدم فاذنيني .. فلما قدم أخبرته ، فأرسل إليه ، فقال : ما حملك على الذي فعلته ؟ قال : فعلته مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثم لم ينهنا عنه حتى قبضه الله ، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله ، ثمّ معك فلم تحدث لنا فيه نهياً . فقال عمر : أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدمت في في نهي لرجمتك ، بينوا حتى يعرف النكاح من السفاح .. !! انظر : كنز العمّال 294/8 [522/16 حديث 45726] من طريق الطبري. وذكر سبط ابن الجوزي في كتابه مرآة الزمان 101/4: كان عمر يقول : والله لا أوتي برجل أباح المتعة إلا رجمته ..!!
2- في نسختي الأصل : للاختلاف ، وهي محرّفة عن المثبت ، أو عن : بلا خلاف .
3- راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 129/20 - 130، وأنساب الأشراف للبلاذرى 40/4 - 41 . وراجع : الدرّ النظيم : 436 - 437 ، ومروج الذهب 81/3، والفتوح لابن أعثم الكوفي 324/6 - 325 .
فقال بعد كلام: وإنكارك لإحلال المتعة، والله إنّها ما زالت على عهد رسول الله ، وعهد أبي بكر ، وبعض سني عمر .. والله ما كان لعمر أن يحرم ما أُحلّ .. ثم تلا آية المتعة، ثمّ قال : فوالله لأَوَّلُ يرد منى(1) شخصاً من اليمن .. فسل أُمّك تخبرك بذلك ، فإنّها حملتك من متعة(2).
ص: 160
1- كذا ؛ وهما كلمتان مشوّشتان في نسختي الأصل. ولعلّ العبارة : لأوّل بُرْدٍ من بُرْدَين شَخصا من اليمن [ كان لأُمِّك ] ، فَسَلْ أُمَّك . ففي مستدرك وسائل الشيعة 451/14 جاء قول أسماء لابنها عبد الله : إنّ أباك كان مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وقد أهدى له رجل يقال له : عَوْسَجَة ، بُرْدَيْنِ ، فشكا أبوك إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) العُرْبَة ، فأعطاهُ بُرْداً منها ، فجاء فَتَمَتَّعني به ومضى ، فمكث عنّي برهة وإذا به قد أتاني ببردتين فتمتّعني بهما ، فعلقتُ بِكَ ، وإنَّكَ من متعة.
2- قال الراغب الإصفهاني في المحاضرات 94/2: عيّر عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عبّاس بتحليله المتعة ، فقال له : سل أمّك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك ، فسألها فقالت : ما ولدتك إلّا في المتعة . وقال في العقد الفريد 2/ 139 : أوّل مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير. وعن أيوب ، كما أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم 1209/2 - 1210، وجاء في مختصره : 226 ، وكذا رواه ابن القيم في زاد المعاد 219/1.. وغيره. قال 226 عروة لابن عبّاس: ألا تتقي الله ! ترخّص في المتعة ؟ ! فقال ابن عباس : سل أُمّك يا عرية ! فقال عروة : أما أبو بكر وعمر فلم يفعلا، فقال ابن عباس : والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله ، نحدّثكم عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وتحدثونا عن أبي بكر وعمر ...!! وكذا جاء بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير ، كما رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار 24/3.. وغيره. أقول: إحالة ابن عبّاس فصل القضاء على أُمّ عروة أسماء بنت أبي بكر إنما هي لتمتع الزبير بن العوام بها ، وأنتها ولدت له عبد الله . وقد أخرج مسلم بن الحجاج في كتابه 354/1 عن مسلم القُري ، قال : سألت ابن عبّاس عن متعة الحج فرخّص فيها ، وكان ابن الزبير ينهى عنها، فقال: هذه أُم ابن الزبير تحدّث أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) رخص فيها ، فادخلوا عليها فاسألوها ، قال : فدخلنا عليها - فإذا امرأة ضخمة عمياء - فقالت : قد رخص رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فيها .. ولا يخفى ما في كلام مسلم النيسابوري أو مسلم القري من التدليس. وقد جاء في زاد المعاد لابن القيم 444/1 ، فتح الباري لابن حجر 141/9 ، یسیر الوصول لابن الديبع 262/4 ، كنز العمّال 294/8 [520/16 حديث 45719 ، وصفحة : 523 حديث 45732] .. وغيرها . هذه المصادر للحديث : كنا نستمتع بالقبضة ، كما جاء الحديث في كتاب مسلم 131/4، وسنن البيهقي 237/7. والمتعة وإن أطلقت في لفظ عبد الرحمن ولا يدري مسلم أي المتعتين هي ظاهراً ؟ غير أنّ أبا داود الطيالسي أخرج في مسنده : 227 عن مسلم القري قال : دخلنا على أسماء بنت أبي بكر ، فسألناها عن متعة النساء ، فقالت : فعلناها على النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)..
في حدیث جابر: کنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقیق الأیام علی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبی بکر
وفي حديث أبي الزبير ، قال : سمعت جابراً يقول : كُنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام(1) على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و عهد أبي بكر ، حتى نهى عنه عمر في
ص: 161
1- في نسختي الأصل : الايامي ، ولها وجه، إلّا أنّ ما أثبتناه جاء في المصادر.
شأن عمرو بن حريث(1).
ص: 162
1- الخبر جاء بنصه في كثير من المصادر المعتبرة عند القوم، كما روي في المصنّف للصنعاني 500/7 ، وكتاب مسلم 1023/2 ، ومسند أبي عوانة 33/3 - 34، والسنن الكبرى للبيهقي 237/7 .. وغيرها . وقد أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار 26/3 بإسناده عن جابر ، قال : كانوا يتمتعون من النساء حتى نهاهم عمر بن الخطاب ، كما جاء في كنز العمّال للهندي 293/8. وقريب منه في بداية المجتهد لابن رشد 58/2 ، وفي عمدة القاري للعيني 310/8 بإسناده ... عن أبي سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله قالا : تمتعنا إلى نصف من خلافة عمر حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث. وعن جابر كما في في مسند مسند أحمد بن حنبل 304/3 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 237/4 حديث 13857 ] قال : كنا نتمتع على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر وعمر حتى نهانا عمر أخيراً يعنى النساء . وجاء بألفاظ أُخر وزيادات ، مثل : أنته سئل الحكم عن هذه الآية [آية متعة النساء ] أمنسوخة ؟ ! قال : لا ، وقال علي [(علیه السّلام)] .. إلى آخره. راجع : تفسير الطبري 9/5 ، تفسير الرازي 2003، تفسير أبي حيان 318/3، الدرّ المنثور 2/ 140 بعدّة طرق .. بل جاء في غالب تفاسير العامة فضلاً عما تسالم 140/2 عليه الخاصة . أقول : قصة ابن حريث قد رواها الحفّاظ مثل : الحافظ عبد الرزاق في مصنفه 500/7 عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير عن جابر قال: قدم عمرو بن حريث لاق فا من الكوفة فاستمتع بمو فأتي بها عمر ، وهي حبلى ، فسألها ، فقالت إلى آخر الرواية .
قولة الثاني: متعتان کانتا علی عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حلالا وأنا أنهی عنهما وأعاقب علیهما
وفي مسند الخدري(1)؛ عن أحمد ، قال أبو الصديق : قال الخدري : كنا نتمتع على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بالقوب(2).
وقد روى الخلق(3): أنّ عمر قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حلالاً
ص: 163
1- مسند أحمد بن حنبل، في مسند أبي سعيد الخدري 22/3 [ طبعة دار إحياء التراث 400/3 حدیث 10781، وقد جاء في (باب باقي مسند المكثرين ) حدیث 10739].
2- ومثله قول عبد الله بن مسعود ، كما في كتاب البخاري 7/8 كتاب النكاح، وكتاب مسلم 354/1، وصحيح ابن حبان البستي 448/9 - 450 ، وكما في أحكام القرآن للجصاص 184/2 ، سنن البيهقى 200/7 ، تفسير القرطبي 130/5 ، نقلا عن صحيح البستي ، ومثله في تفسير ابن كثير ،87/2 ، والدرّ المنثور 307/2 نقلاً عن تسعة من الأئمة والحفاظ . وأخرج الحفاظ عنه أنه قال : كنا نغزو مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وليس لنا نساء .. فقلنا : يا رسول الله ! ألا نستخصي.. فنهانا عن ذلك ورخص لنا أن ننكح بالثوب إلى أجل .. ثم قال : ﴿.. لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ.. ﴾ [سورة المائدة (5): 87].
3- قال الطبري (رحمه الله علیه) في المسترشد : 516 في بيان خطبة عمر - وقد سلف كلامه في متعة الحج - : .. وأما متعة النساء؛ فإنّي متى أبحتها للناس لم يزل الرجل يرى في حرمه مثل هذا الطفل .. وجاء بطفل من ولادة متعة فصعد به المنبر !! وأما قصة ابن عبّاس وابن الزبير فقد فصلها وأسندها في مسند أحمد بن حنبل 356/1، وفيه قول ابن عبّاس : أما قولك في المتعة ، فسل أمك تخبرك ، فإنّ أوّل متعة سطع مجمرها لمجمر سطع بين أُمّك وأبيك . راجع : مروج الذهب 81/3 برقم 110.. وغيره.
أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ..
في قول أمیر المومنین (علیه السلام): «لولا أن عمر نهی عن المنعة ما زنی فتیانکم هؤلاء» وفي روایة: «ما زنی إلاشقي»
ثم قال بعد كلام - : وأما متعة النساء ؛ فإنّى متى أَبَحْتُها(1) للناس لم يزل الرجل يرى في حرمته مثل هذا الطفل قد جاءت(2) به أُمّه من متعة.
وروى هشام، عن معمر ، عن الأعمش، عن على (علیه السّلام) أنته قال: «لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنی فتیانكم هؤلاء »(3).
وقد رواه الثعلبي في تفسيره(4) بإسناده ... عن شعبة، عن الحكم بن عتيبة .. إلا أنته قال : «ما زنى إلا شقي»(5).
ص: 164
1- في نسختي الأصل : أَبَحْتُ ، والمثبت من المستر شد.
2- في المسترشد : جاء.
3- كما رواه الفضل بن شاذان النيشابوري (رحمه الله علیه) في كتاب الإيضاح : 442 - 443 ، وستأتي مصادر أُخر لها .
4- تفسير الثعلبي 286/3.
5- قد جاء هذا الحديث مستفيضاً من طرق العامة - فضلاً عن الخاصة - فقد رواه الطبري في تفسيره 19/5 ، وعبد الرزاق في مصنفه 500/7 ، والرازي كذلك 50/10، والسيوطي في الدر المنثور 140/2 ، والجصاص في أحكام القرآن 179/2، وابن أبي الحديد في شرح النهج 253/12.. وغيرهم. وجاء في مسانيدنا وكتبنا ، كما في رواية المفضل بن عمر المروية في بحار الأنوار 31/53، و 305/103.. وغيرهما قوله (علیه السّلام): « لعن الله ابن الخطاب ، فلولاه ما زني إلا شقي أو شقية ؛ لأنه كان يكون للمسلمين غناء في المتعة عن الزنا، ثمّ تلا: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ ﴾ [ سورة البقرة ( 2 ) : 204 - 205 ] . وجاء الحديث بطريق آخر في الكافي الشريف 448/5، وتفسير مجمع البيان 32/2، وقبله مروياً مفصلاً عن جابر وابن عبّاس في تفسير العياشي 233/1. هذا شطر من أحاديث المتعتين ، وهي تربو على أربعين حديثاً بين صحاح وحسان عندهم تعرب عن أنّ المتعتين كانتا على عهد رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ونزل فيهما القرآن وثبتت إباحتهما بالسنّة، وأوّل من نهى عنهما عمر .. وعدّه العسكري في أولياته ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : 93.. وغيرهما ، أوّل من حرم المتعة .
مقولة ابن عباس عن المتعة
وفي الفائق(1): قال ابن عبّاس : ما كانت المتعة إلا رحمة رحم الله بها أمة محمّد، لولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إِلَّا شَفاً(2)، أي: [إلّا ] قليلاً من الناس(3).
ص: 165
1- الفائق 255/2 ، ومثله في كتب اللغة ، كما في النهاية لابن الأثير 488/2، والغريبين في القرآن والحديث للهروي ،1018/3 ، ولسان العرب لابن منظور 330/8، و 437/14 ، وتاج العروس 578/19.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : شقاً ، وما هنا من المصدر.
3- كما وقد جاء في أحكام القرآن للجصاص 179/2 ، وتفسير السيوطي 140/2، وبداية المجتهد لابن رشد 58/2 . . وغيرها .
من کان یری المتعة من الصاحبة
وذكر أبو علي الحسن(1) بن علي بن زيد(2) في كتاب الأقضية(3): أنه قال بنكاح المتعة من الصحابة ابن مسعود، ويعلى بن منية ، وجابر بن عبد الله ، وابن عباس ، وصفوان بن أمية، ومعاوية .. وغيرهم(4).
وجماعة من التابعين؛ منهم: عطاء، وطاوس، وابن جبير، وجابر بن يزيد، وعمرو بن دينار، وابن جريج ..
وذكر محمد بن حبيب النحوي في كتاب المحبّر(5): كان يرى المتعة من الصحابة جابر(6) [ بن عبد الله ] الأنصاري، وزيد بن ثابت [الأنصاري ]، وسلمة بن
ص: 166
1- خ . ل : الحسين .
2- ذكره الشيخ المفيده (رحمه الله علیه) في المسائل الصاغانية : 36 - 37 [ المطبوعة ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد (رحمه الله علیه)] بعنوان : أبو علي الحسين بن علي بن يزيد ، ثم وصفه بكونه : من جملة فقهاء العامة ، وكذا ذكر السيد ابن طاوس (رحمه الله علیه) في الطرائف 460/2 ، إلا أنته ذكر اسم أبيه : زيد ، وقال عنه : من كبار رجال الأربعة المذاهب. و راجع کتاب: کتابخانه ابن طاوس للمستشرق إتان کلبرک ( فارسی ): 190 - 191.
3- كتاب الأقضية، ولا نعلم بطبعه ، كما لا نعرف له نسخة فعلاً.
4- نقله ظاهراً عن الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) في المسائل الصاغانية : 36 - 37، وعنه في مستدرك الوسائل 484/14 - 485 (باب 32) حدیث 15. وراجع : الصراط المستقيم 275/3.
5- المحبّر : 289 .
6- في المصدر : خالد ، وهو سهو.
الأكوع [الأسلمي ]، وعمران بن الحصين [الخزاعي ]، وابن مسعود، وابن عبّاس(1)، وأنس(2)، وقد وجدنا أمير المؤمنين ، والحسن ، والحسين (علیهم السّلام)، والزبير، وسلمان، والمقداد، وأبا ذر ، وعماراً، وسماعة بن الأرقم ، وأبا الهيثم(3)، وحذيفة، وأُبيّاً، والبراء، ويزيد ، وأبا أيوب.
من کان یری المتعة من التابعین
ومن التابعين ؛ مثل : مجاهد، والسدي ، وسعيد بن المسيب، والأعمش(4)
ص: 167
1- نقل ابن أبي شيبة في المصنف 551/3 - وعنه في الدرّ المنثور 140/2 - وكذا جاء في جمع الجوامع 528/16 .. وغيره بإسناده عن نافع ، قال : إن ابن عمر سئل عن المتعة ، فقال : حرام ! فقيل له : ابن عبّاس يفتي بها . قال : فهلا تزمزم بها في زمان عمر . وجاء في السنن الكبرى للبيهقي 206/7 بإسناده ... عن عبد الله بن عمر، أنه سئل عن متعة النساء ، فقال : حرام ! أما إنّ عمر بن الخطاب لو أخذ فيها أحداً لرجمه بالحجارة .. !
2- لا يوجد في المصدر المطبوع : ( ابن مسعود ) ولا ( أنس)، وفيه : عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه .
3- في نسخة ( ألف ) : الهشيم ، وفي نسخة ( ب ) : الهيشم .
4- أقول : ذهب جمع من الصحابة والتابعين - ولهم ولرأيهم شأن في الأمة ، وفيهم من يجب - عليها اتباعه - إلى إباحة المتعة وعدم نسخها ، مع وقوفهم على نهي عمر عنها، منهم : أمير المؤمنين علي (علیه السّلام)، ابن عباس حبر الأمة ، عمران بن الحصين الخزاعي، جابر ابن عبد الله الأنصاري ، عبد الله بن مسعود الهذلي ، عبد الله بن عمر العدوي، عبد معاوية بن أبي سفيان ، أبو سعيد الخدري الأنصاري ، سلمة بن أُمية الجمحي آمية الجمحي ، معبد بن أمية الجمحي ، الزبير بن العوام القرشي ، خالد بن المهاجر المخزومي ، عمرو بن حريث القرشي، أبي بن كعب الأنصاري ، ربيعة بن أُمية الثقفي أمية الثقفي ، سعيد بن جبير، طاوس اليماني ، عطاء أبو محمد اليماني ، السدي .. وغيرهم. قال ابن حزم - بعد عد جمع من الصحابة القائلين بالمتعة - : ومن التابعين : طاوس، وسعيد بن جبير، وعطاء .. وسائر فقهاء مكة . قال أبو عمر : أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً ، كما جاء في كتاب الاستذكار 506/5. ورواه الهندي في كنز العمال 294/8 ، وأخرجه عن الحافظ عبد الرزاق ، وأبو داود في ناسخه ، وابن جرير الطبري ، عن علي [أمير المؤمنين (علیه السّلام)] قال : لولا ما سبق من رأي عمر بن الخطاب لأمرت بالمتعة ، ثم ما زنى إلا شقي. قال القرطبي في تفسيره 132/5 : .. ولأنّ أهل مكة كانوا يستعملونها كثيراً . وقال الرازي في تفسيره 200/3 في آية المتعة : اختلفوا في أنتها هل نسخت أم لا ؟ فذهب السواد الأعظم من الأمة إلى أنها صارت منسوخة ، وقال السواد منهم : إنّها بقيت مباحة كما كانت . قال أبو حيان - بعد نقل حديث إباحة المتعة - : وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين . هذا ؛ وإن للمتعة حدوداً جاء بها الإسلام، ولم يكن قطّ نكاح في الجاهلية معروفاً بتلك الحدود، ولم ير أحد من السلف والخلف حتى اليوم أن المتعة من أنكحة الجاهلية، ولا يمكن القول بذلك مع تلك الحدود، ولا قيمة لفتوى الرجل عندئذ ، وهي مفصلة في كتب كثيرة عند العامة ؛ منها : راجع مثلاً : سنن الدارمي 140/2 ، وصحيح مسلم في باب المتعة ، تفسير الطبري 9/5 - وذكر من حدودها : النكاح ، الأجل ، الفراق بعد انقضاء الأجل ، الاستبراء ، عدم الميراث - أحكام القرآن للجصاص 178/2 - ذكر من حدودها : العقد ، الأُجرة، الأجل، العدة، عدم الميراث - سنن البيهقي 200/7 - أخرج أحاديث فيها بعض الحدود - تفسير البغوي 413/1 ، تفسير القرطبي 132/5 ، تفسير الرازي 200/3، والكل ذكر عدة من حدودها ، شرح صحيح مسلم للنووي 181/9، وقد ادعى اتفاق العلماء على الحدود، تفسير الخازن 257/1 ، ذكر الحدود الست ، وكذا في تفسير ابن كثير 474/1 ، وتفسير السيوطي 140/2 ذكر من حدودها خمسة ، وكذا في الجامع الكبير للسيوطي 295/8 ، وكذا في سائر الكتب الفقهية للمذاهب الأربعة .. ومن كتب الخاصة ما لا يحصى نصاً، مع كونها من ضرورات مذهبهم فتوى وعملاً؛ راجع مثلاً : من لا يحضره الفقيه 149/3 ، والمقنع للصدوق : 337، والهداية له أيضاً : 264 - 267 ، وأُصول الكافي 44/2، والانتصار للشريف علم الهدى المرتضى (رحمه الله علیه) : 268 ، والمراسم لأبي يعلى سلّار الديلمي : 155 ، والنهاية للشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) : 489 - 490 ، والمبسوط (رحمه الله علیه) 246/4 ، والتهذيب له أيضاً 189/2، والاستبصار له له 29/2 ، الغنية لابن زهرة (رحمه الله علیه): 355 - 356 ، والوسيلة لعماد الدين أبي جعفر : 309 - 310 ، ونكت النهاية للمحقق الحلي 372/2 - 373، وتحرير العلّامة الحلّي 27/2 ، وشرح اللمعة 82/2 ، والحدائق الناضرة 152/6، وجواهر الكلام 5 / 165 . . وغيرها ، بل هو من المتفق عليه عند الطائفة المحقة . قال العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 330/3 - 331 - بعد كلّ ما مضى ، وسرده لمصادر جمة وأقوال متفرقة مستفيضة في هذا الموضوع : أليست (أيها الباحث !) هذه الكتب مراجع علم القرآن عند أهل السنة ؟! أم ليسوا هؤلاء أعلامهم وأئمتهم في التفسير ؟! فأين مقيل قول الرجل : لم ينزل فيها قرآن، ولا يوجد في غير كتب الشيعة ؟ وهل يسع الرجل أن يقول في هؤلاء الصحابة والتابعين والأئمة بما قاله في الباقر أو الصادق (علیهما السّلام) ويسلقهم بذلك اللسان البذي ؟ !
[كلّهم قائلون بذلك ].
ما کتب عن المنعة من الأصحاب
وأما روايات أصحابنا في ذلك؛ فقد صنّف فيه كتب ، منها : كتاب المتعتين عن الفضل بن شاذان(1).
فثبت أنتها كانت مباحة .. فمن ادعى نسخها فعليه الدلالة، وأيضاً الأصل الإباحة، والمنع يحتاج إلى دليل .
محاورة أبي حنیفة ومؤمن الطاق
وسأل أبو حنيفة صاحب الطاق(2)، [فقال له : يا أباجعفر ! ما تقول في ] المتعة [ أتزعم أنتها ] حلال ؟ قال : نعم ، قال : فما يمنعك أن تأمر نساءك فيتمتعن(3) ويكتسبن عليك ؟ قال [له] أبو جعفر : ليس كلّ الصناعات يرغب فيها وإن كانت حلالاً، وللناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم، ولكن ما تقول - يا أباحنيفة ! - في النبيذ ؟ [أ تزعم ] أنته حلال ؟!
ص: 170
1- عدّ الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) الفهرست: 361 هذا الكتاب من جملة مؤلفات الفضل بن شاذان النيشابوري له (رحمه الله علیه) .
2- وقد جاء في أصول الكافي 450/5 حديث ،8، وما هنا اختصار غير مخلّ، أتممنا المتن على نقل الكافي ما أمكن ولم نشر إلى الاختلافات الجزئية.
3- في نسخة (ألف): فمتعنّ .
قال : نعم ، [قال : ] فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نباذات(1) فيكسبن(2) عليك ؟ !
قال أبو حنيفة : واحدة بواحدة وسهمك أنفذ .
ثمّ قال: يا أبا جعفر ! [إنّ الآية التي في] ﴿ سَأَلَ سَائِلُ .. ﴾(3) تحرّم المتعة(4) ، والرواية عن النبي (عليه و آله السلام) قد جاءت بنسخها .
قال [له] :أبو جعفر : [ يا أبا حنيفة !] إنّ [سورة] ﴿ سَأَلَ سَائِلٌ .. ﴾ مكية، وإن [آية] المتعة مدنية ، وروايتك شاذة ردية .
قال أبو حنيفة : وآية الميراث تنطق بنسخها.
قال : فثبت النكاح بغير ميراث.
[قال أبو حنيفة : من أين قلت ذاك ؟ فقال أبو جعفر : ] لو أنّ رجلاً مسلماً تزوّج امرأة من أهل الكتاب، ثمّ توفّى عنها [ما تقول فيها ؟ قال : ] فإنّها لا ترثه.
[قال : فقد ثبت النكاح بغير ميراث .. ثمّ افترقا ](5).
ص: 171
1- في نسختي الأصل : سهادات .. أو مقارب لها ، ولعلّها: شاهدات، وما هنا من المصدر.
2- كذا ، ولعلّها : فيكتسبن .
3- سورة المعارج (70): 1.
4- في الكافي : تنطق بتحريم المتعة .
5- أقول: لقد وقفنا على خمسة وعشرين حديثاً في الصحاح والمسانيد تدلّ على أنّ المتعة كانت مباحة في شرع الإسلام، وكان الناس تعمل بها في عصر النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر وردحاً من خلافة عمر ، فنهى عنها عمر في آخر أيامه ، وعرف بأنته أوّل من نهى عنها ، كما قد يقال : استفاضت كتب الحديث والأخبار فضلاً عن التفسير والرجال إلى صرف هذه الآية الكريمة إلى حلية المتعة .. فعلى الباحث أن يراجع المصادر التالية ، وقد تكرّر بعضها : كتاب البخاري ( باب التمتع ) ، كتاب مسلم 395/1 وصفحة : 396، وشرح كتاب مسلم للنووي 181/9 عن أبي مسعود ، ومسند أحمد 356/3، و 436/4 بإسنادهم عن عمران بن حصين، والموطأ لمالك 30/2 ، وسنن البيهقي 206/7 رواه عن ابن عبّاس، وفتح الباري لابن حجر 141/9 ، والجامع الكبير للسيوطي 293/8.. وغيرها من كتب الحديث. وجاء في غالب كتب التفسير ؛ مثل : تفسير الطبري 9/5 عن ابن عباس ، وأُبي بن كعب، والحكم، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، وشعبة ، وأبي ثابت ، أحكام القرآن للجصاص 178/2 حكاه عن عدة، تفسير القرطبي 130/5 قال : قال الجمهور : إنّها في المتعة ، تفسير البغوي 423/1 رواه عن جمع ، وحكى عن عامة أهل العلم أنتها منسوخة ، وفي تفسير الزمخشري 360/1، وأحكام القرآن للقاضي 162/1 حيث رواه عن جمع ، وتفسير الخازن 357/1 عن قوم، وقال: ذهب الجمهور أنها منسوخة ، وتفسير البيضاوي 269/1 ويروم إثبات نسخها بالسنّة ، وتفسير أبي حيان 218/3 عن جمع من الصحابة والتابعين ، وكذا في تفسير ابن كثير 474/1 ، وتفسير السيوطي 140/2 رواه عن جمع من الصحابة والتابعين، وبطرق متعدّدة، وتفسير أبي السعود 251/3.. وغيرها من كتب الحديث والتفسير واللغة، وقد مرّ بعضها ، وتفسير الرازي ،3 /200 ، وصفحة : 201 ، وصفحة : 202 ، وشرح کتاب مسلم للنووي 181/9 عن ابن مسعود .. وغيرها . وكتب التاريخ والعقائد واللغة ؛ مثل : تاريخ ابن خلكان 359/1، المحاضرات للراغب 2 / 94 ، تاريخ الخلفاء : 93 ، النهاية لابن الأثير 249/2، الفائق للزمخشري 331/1، وروى عن ابن المسيب في الفائق 436/1 أنّ عمر أوّل من حرم المتعة . وفصله في شرح التجريد للقوشجي في مبحث الإمامة . بل أجمع على أنّ عمر هو أول من نهى عن المتعة ، انظر : الغدير 332/3..
أبیات السید الحمیري (7)
الحميري(1):
[من الوافر ]
نَهَى عَنْ مُنْعَتَينِ نَهى ابنِ سُوءٍ *** وأَلْزَمَ مُسْتَحِلِّيها(2) الحَرامَا
وَأَوْعَدَ فِيهِما عَوْداً وَبَدْءاً *** وَعِيداً بَعْدَ ما أَزْرَى(3) ولاما
فقالَ : لَئِنْ لَقِيتُ(4) بِذِي نِكاح *** إلى أَجَلٍ وَما قَرُبَ اللمَامَا
لَيَعْتَرِ فَنَّ(5) أَنَّ الحَدَّ فيما *** أَحَبَّ(6) وَلا أُداهِنُ أَو يُقَامَا(7)
ص: 173
1- لم نجد هذه القصيدة في ديوان السيد (رحمه الله علیه) المطبوع، ولا نعرف لها مصدراً فعلاً.
2- كذا ؛ والظاهر : مُستَحِلّهما .. أي المتعتين ، فراجع .
3- هذا استظهار ؛ أي عاب فاعلهما ولامَهُ ، والكلمة في نسختي الأصل مشوشة وبدون نقطة ، قد تقرأ : أجرى.
4- كذا؛ ولعلّ الأنسب : أُتيتُ .
5- في نسخة (ألف): ليعرفنّ.
6- كذا ؛ ولعلّ الأظهر ( أَحَلَّ ) أو ( أَجَنَّ).
7- هذا استظهار منا؛ وإلا فإنّ الكلمة في نسختى الأصل قد تقرأ : ارتقاما .
وَقَد كَانَ النَّبِيُّ بِإِذْنِ رَبِّي *** أَحَلَّهُما لِمَنْ صَلَّى وَصَامَا
وماتَ عَلَيْهِما لَمْ يَنْهَ يَوْماً *** وَلَمْ يَتْرُكْ لِمُبْتَدِعِ(1) كَلَامَا
فَسَمَّى ما أَحَلَّ اللهُ فِسْقاً *** فَضَلَّ وَقَدْ أَضَلَّ بِهِ فِئَاما(2)
ابن العودي(3):
[ من الطويل ]
وَقُلْتُمْ : حَرامٌ مُتَّعَةُ الحَجِّ والنِّسا *** أَعَنْ رَبِّكُمْ أَم أَنْتُمُ(4) قَدْ شَرَعْتُمُ ؟!
ص: 174
1- هذا استظهار منّا ؛ والكلمة في نسختي الأصل مشوشة قد تقرأ : لمستدع.
2- في نسخة (ألف ) : قياما ، وهو تصحيف. ويراد من ( الفئام :) : الجماعات ، يقال : عند فلان فئام من الناس، والعامة تقول: فيام : - بلا همزة - وهي الجماعة ، قاله في لسان العرب 448/12. وقال الجوهري في الصحاح 5/ 2000 : الفئام : الجماعة من الناس ، لا واحد له من لفظه . وفي الحديث كما في وسائل الشيعة 89/8 حديث 1.. وغيره - إنّه : مائة ألف . وللعلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) عليه بيان في بحار الأنوار 377/74، فراجع.
3- هو : النيلي ( 478 - نحو 558) الذي مرّت ترجمته في المقدمة ، وكذا الحديث عن قصيدته الميمية هذه، فراجع . وقد جاءت في الغدير 372/4 - 379 ضمن ترجمة الشاعر ، وقد أدرج ميميته هناك في (149) بيتاً ، جاءت هنا الأبيات من (68 - 71) ولاحظ : أعيان الشيعة 278/2.
4- جاء في الغدير : أَعَنْ رَبِّكُمُ ؟ أم عنكم ما شرعتُم ؟
زُناتُكُمُ(1) تَعْفُونَ(2) عَنْهُمْ ومَنْ غَدا *** لَدَيْكُمْ(3) مِنَ المُسْتَمْتِعِينَ قَتَلْتُمُ(4)
أبیات ابن العودي (4)
أَلَمْ يَأْتِ ﴿مَا اسْتَمْتَعْتُمُ﴾ مِنْ حَلِيلةٍ(5) *** فَآتُوالَها مِنْ أَجْرِها ما فَرَضْتُمُ(6)
فَهَلْ نَسَخَ القُرآنُ ما كانَ قَدْ أَتَى *** بِتَحْلِيلِه ؟! أَمْ أَنْتُمُ قَدْ نَسَخْتُم ؟!
بیت لکشواذ
کشواذ(7):
[ من الرجز ]
نَهَى عَنِ المُتْعَةِ لِلْعِنادِ *** وَقَدْ أَحَلَّ اللهُ لِلْعِبادِ
جلد عمر للناکح والمنکوح من متعة
وروى ابن جريج عن امرأة جَعَلَتْ(8) أمرها في طريق إلى رجل، فزوجها من
ص: 175
1- في نسخة ( ألف ) : زنا بكم.
2- في نسختي الأصل : تعنون . والكلمة إشارة إلى زنا خالد والمغيرة .. وغيرهما ، وعفو خلفائهم عنهم.
3- جاء في الغدير : زناتكم تعفون عنهم ومن أتى إليكم.
4- في نسختي ( ألف ) و ( ب ) : فقلتم ، ولم يرد هذا البيت في الأعيان.
5- في نسخة (ألف ) : خليله .
6- إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ [سورة النساء (4): 24].
7- الظاهر أن البيت من أرجوزة الشاعرنا هذا (رحمه الله علیه)، وقد سلف الحديث عنها.
8- في نسختي الأصل : خطب، وهي مصحفة عن المثبت.
بحث في ولایة الولي في النکاح
رجل، فبلغ ذلك عمر فجلد الناكح والمنكوح وفرّق بينهما(1).
ثم زوّر أنّ عائشة روت عن النبي: لا نكاح إلا بولي(2)..
وخالف ذلك مالك ؛ وقال : يجوز التزويج بغير شهود، ويقول : إن الشريفة لا يجوز أن يزوّجها إلا وليتها، ويجوز أن تزوّج غير الشريفة بغير ولي(3)؛
ص: 176
1- روى ابن حزم في المحلى 454/9 من طريق عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الحميد بن جبير بن شيبة : أن عكرمة بن خالد أخبره أنّ الطريق جمع ركباً ، فجعلت امرأة ثيب أمرها إلى رجل من القوم غير ولي، فأنكحها رجلاً، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب ، فجلد الناكح والمنكح ، وردّ نكاحها . وقد حكي عن نيل الأوطار للشوكاني 250/6 ، وقال : رواه الشافعي والدارقطني وبطريق آخر من كتاب المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني 199/6، وفي هامشه عدة مصادر ، كما وقد جاء في سنن الدارقطني 158/3 ، وكنز العمّال 529/16 حديث 45758 .. وغيرها .
2- راجع الرواية في سنن ابن ماجة 605/1 حديث 1880 ، والمجموع للنووي 16 / 159 ، وصفحة : 174 ، والمبسوط للسرخسي 222/4 و 11/5، وصفحة : 31، وحكاه عن البيهقي في الجوهر النقي 126/7 وصفحة : 220.. وغيرهما، وكذا جاء في المغني لابن قدامة 236/3 ، والمحلّى لابن حزم 452/9 - 455 ، ومسند أحمد ابن حنبل 250/1، و 394/4.. وموارد عدّة أُخرى فيه عن عائشة ، ومثله في مستدرك الحاكم 169/2 - 171 ، والسنن الكبرى للبيهقي 104/7 - 112، وما بعدها ، وقد عقد البعض منهم باباً لذلك .. وغيرها.
3- كما جاء في كتاب التهذيب في اختصار المدونة 146/2 - 147، والجامع لمسائل المدونة 65/9، والكافي في فقه أهل المدينة 528/2.. وغيرها.
فإن صح الخبر فقد خالفه مالك عامداً ، ومن خالف قول النبي [(صلی الله علیه و آله و سلم)] كان كافراً.
في قوله سبحانه: ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ .. ﴾
ثمّ إنّه روى جابر ؛ عن النبي (عليه وآله السلام): «لا نكاح إلا بوَلِيٍّ إلا المتعة »(1)؛ لقوله : ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ .. ﴾(2) الآية .
قوله تعالی: ﴿ فإذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ .. ﴾
وقال الله تعالى: ﴿ فإذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ .. ﴾(3).
في قوله عز اسمه: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ .. ﴾
وقوله: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذا تَراصَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ .. ﴾(4).
أضاف العقد إليهنّ ، ونهى الأولياء عن معارضتهن، ورفع الجناح منهنّ(5) في فعلهما(6) بنفسهما بالمعروف ، وفِعْلُ الولي لا يكون فعلاً منها في نفسها.
ورووا جميعاً: ..
ص: 177
1- وقد جاء نصه مرسلاً في متشابه القرآن ومختلفة للمصنّف (رحمه الله علیه) 192/2.. وغيره.
2- سورة النساء (4): 24.
3- سورة البقرة (2) : 234 .
4- سورة البقرة (2) : 232 . انظر : الانتصار للسيّد المرتضى (رحمه الله علیه) : 284 - 285 .
5- الظاهر : عنهم .
6- في نسخة ( ب ) : فعلها .
في قولهم (صلی الله علیه و آله و سلم): «الأیم أملك بنفسها من ولیها»
.. أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : « الأيم(1) أملك(2) بنفسها من وليها »(3)، وإذا كان كذلك - وهي التي قد مات(4) عنها زوجها ، أو طلّقها بعد الدخول بها(5) - ووليها - فهو الأبوان - .
وكذلك أنّ الولي في اللغة الصحيحة(6) هو : المطاع، كما قال الله تعالى :
ص: 178
1- وهي التي مات زوجها ، أو التي لم تتزوج . ويقال - أيضاً - للرجل الذي لا امرأة له ، وفي النهاية 85/1: الأيم في الأصل التي لا زوج لها ؛ بكراً كانت أو ثيباً .. راجع : علم النسب للمامقاني 1 / 110.
2- وفي بعض الروايات : أحق .
3- كما روي عن ابن عبّاس، عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) ذلك ، وجاء في كتاب مسلم 1037/2، وسنن الدارقطني 239/3 حديث 65، وسنن النسائي 84/6، وسنن ابن ماجة 601/1 حديث 1870، وسنن الترمذي 688/2 برقم 3058[16/3]، وسنن أبي داود 313/2، والموطأ لمالك ،3/2 ، وجامع الأصول لابن الأثير 140/12.. وغيرها. وقد حكي عن الحجة على أهل السنة 136/3، ونصب الراية للزيلعي 182/3 .. وغيرهما .
4- في نسختي الأصل : أمات ، والظاهر زيادة الهمزة.
5- ما هنا حكي بألفاظ مقاربة عن كتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة لأبي القاسم الكوفي، وفي مستدرك الوسائل 315/14 - 316 حديث 16809. وراجع : الانتصار للسيّد المرتضى (علیه السّلام) : 119 .. وغيره.
6- هذا أخذ بالجامع من معاني الكلمة ، وقد ذكرت لها معان كثيرة جداً، لاحظها في الصحاح 2528/6 - 2531 ، ولسان العرب 407/15 ، ومجمع البحرين 455/1 .. وغيرها .. ولعلّه بمجموعها يمكن الجزم بما ذكره طاب رمسه ، فلاحظ .
في معنی الولي
﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ .. ﴾(1) ، وقال : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ .. ﴾(2)، فإذا عدمت المرأة أبويها فلا طاعة لأحد من ذوي الأرحام عليها ، وإذا لم يكن عليها طاعة بطلوا أن يكونوا أولياءها ، فقد جعل النبي (عليه وآله السلام) المرأة المدخول بها أملك بنفسها من أبويها ، ولابد من فائدة في هذا التمليك ، فلها إذا ملكت نفسها بقول الرسول - دون وليتها - أن تنكح نفسها إن شاءت من غير أن توكل في ذلك أحداً ، ولها أن توكل - أيضاً - رجلاً من المسلمين؛ إن شاءت يقوم في نكاحها مقامها من ذوي أرحامها إن شاءت أو من غيرهم، غير محظور ذلك عليها ، إذ(3) لم حظره الله ولا رسوله .
في قوله عزّ من قائل: ﴿ وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ .. ﴾
والله تعالى يقول: ﴿ وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ .. ﴾ (4).
في قوله سبحانه و تعالی: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِن ..﴾
فجعل الله الفعل لهن في النكاح دون غيرهنّ، كما جعله إلى الرجال في قوله: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِن ..﴾(5).
ص: 179
1- سورة الأحزاب (33) : 6 .
2- سورة المائدة (5) : 55 .
3- في نسختي الأصل : إذا ، والمثبت هو الصحيح.
4- سورة البقره (2): 232 .
5- سورة البقرة (2): 221 .
وهم مجمعون [على] أن وليتها ليس له أن ينكحها - إذا كانت أيماً - حتى هي على ذلك، فمن جاز توكيله على شيء يملكه فهو به أحق وأوجب، ومن لم يجز فيما يملكه كان محالاً أن يوكله فيه إلا أن ينص على ذلك كتاب أو سنة مجمع عليها ، ألا ترى أن البكر إذا كانت مع والديها - لو كان أحد والديها باقياً - لم تملك نفسها مع أبيها ، ولا يجب على أبيها أن يستأمرها في تزويجها إذا اختار لها ، وإذا عدمت أبويها لم يكن لأحد أن يزوجها؛ من ذوي أرحامها أو من غيرهم، أو(1) زوّجت نفسها من غير توكيل ؛ لأنتها لما(2) عدمت أبويها ملكت نفسها دون غيرها ، كما أنّ فعلها فيما ملكته جائز ، إن شاءت زوّجت نفسها بنفسها وإن شاءت وكلت وكيلاً.
ومنع الثاني بيع أُمهات الأولاد، وأعتقهنّ على الوارث لهنّ طوعاً أو كرهاً ..(3)
ص: 180
1- الظاهر هنا الواو لا أو .. فتدبّر .
2- في نسخة (ألف) : لا .
3- كما وقد رواه قبله سليم بن قيس الهلالي (رحمه الله علیه) في كتابه : 230 [ مختصر المحققة ، وفي المحققة 681/2] ، والفضل ابن شاذان (رحمه الله علیه) في الإيضاح : 230 [الطبعة المحققة ] ، 681/2] والكوفي (رحمه الله علیه) في الاستغاثة 78 - 81 ، والسيّد المرتضى (رحمه الله علیه) في الانتصار : 383 - 392، والكراجكي (رحمه الله علیه) في كتابه التعجب من أغلاط العامة : 154.. وغيرهم في غيرها . بل يعد عمر هو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد، كما صرح بذلك العسكري في أوائله : 163 - 164 ، والقلقشندي في مآثر الإنافة 338/3، وكذا يستفاد من صحيح ابن حبّان 166/10 . . وغيرها . بل هي مسألة كلامية ، لاحظها في تنزيه الأنبياء للسيّد المرتضى (رحمه الله علیه): 211 - 213 ، وكذا في الشافي في الإمامة له 176/1 و 4 / 158 - 160، وبناء المقالة الفاطمية لابن طاوس (رحمه الله علیه): 195 ، والصراط المستقيم للبياضي (رحمه الله علیه) 23/2.. وغيرهم في غيرها.
فكلّ من كانت عنده أمة فولدت منه ولداً ومات عنها سيدها وولده باقٍ، أو قدمات لم يجيزوا لورثته إدخالها في جملة الميراث، ولا يجيزون لسيّدها حياته بعد الولد بيعها ولا هبتها ، فيمنع الورثة من بيعها واستخدامها ومن ملكها بوجه من الوجوه بعد سيّدها ، فالأمة إذا كانت عند الرجل ملكاً له بعقد ابتياعه لها، [و] كان حكمه نافذاً فيها بحكم ذلك العقد؛ من بيع ، واستخدام، وهبة .. ونحوها، وإذا هي ولدت من سيدها ولداً .. لم يخل في تلك الحال من أن يكون ملكاً على حالها بعد ذلك الابتياع .....(1) يكون قد زالت عن حدّ الملك وفسد ذلك الابتياع، فإذا فسد فقد حرم عليه بيعها ووطؤها جميعاً ؛ لأنّ سيّدها ملك وطئها و(2) بيعها بعقد ابتياع واحد ، فلا يجوز أن يفسد بيعها ، وثبت(3) وطئها حلالاً إذا حلّا في عقد واحد، فإن فسد حد واحد فسد الآخر.
ص: 181
1- هنا بياض في نسختي الأصل بمقدار كلمة ، لعلّها : أو .
2- كذا في نسخة (ألف)، وفي نسخة (ب) : أو .
3- كذا؛ والظاهر: ويثبت .
في قوله جلّ وعلی: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ .. ﴾
[ ل_] قوله(1): ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ .. ﴾(2) الآيات .
وقد علمنا أن المولى لا يطأ أُمّ الولد بالعقد ، فلم يبق إلا الملك، وإذا جاز أن يطأها بالملك جاز أن يبيعها، ووجدنا في عتقهنّ أنّ من قذفهنّ جلد الحد، وأنّ أولادهن يتناسلون على الحريّة إلى آخر الدهر .. ووجدنا ولدها يتزوّجون في الحرائر(3) ، كان أولادهن .. من عزل تزوّجها في العرب وفي قريش؛ قد منع عمر ذلك(4)، وهم في حكم النبي عليه و آله السلام) وحكم علي [(علیه السّلام)] الموالي من وأبي بكر .. عبد ، وما(5) تناسلون على ذلك أبداً ، فإذا أعتقهنّ تناسل أولادهن على غير ماكنا عليه في عهد النبي عليه و آله السلام)! يا ....(6) منه فلا توبة فيه ؛ لأنتكم لا تقدرون على ردّ ما مضى من نكاحهم ..
ثم قلتم : إذا ولدت لسيّدها فقد صارت حرّة من غير تزويج.
وقلتم : هي ملكه، يطأها إلا أنتها حرّة بولدها؛ فصيّر تموها أمةً حرّةً في وقت واحد .. !!
ص: 182
1- إضافة اللام بمقتضى كون الكلام للتعليل .
2- سورة المؤمنون (23) : 5 - 7 ، وسورة المعارج (70): 29 - 31.
3- كذا؛ والظاهر : بالحرائر ، وهنا علامة سقط في نسختي الأصل، والعبارة غير تامة لفظاً ومعنى.
4- العبارة ركيكة ، كأنّها ناقصة .
5- الظاهر كون (ما) زائدة .
6- هنا بياض في نسختي الأصل بمقدار كلمة .
في حکم أمهات الأولاد بیعا أو تحریرا
وروى أحمد(1) في مسند الخدري، عن أبي الصديق عنه ، أنته قال : كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
من ذهب من الأصحاب إلی جواز بیع أمهات الأولاد، وکذا ملکهن وبیعهن
وقد حكى أصحاب الخلاف جواز ذلك عن علي (علیه السّلام)، وابن عبّاس، وجابر، والخدري، وابن مسعود، وابن الزبير، والوليد بن عتبة، وسويد بن غفلة، وعمر بن عبد العزيز، وابن سيرين .. وغيرهم.
ولا خلاف بين نقلة الأخبار : أنّ أمير المؤمنين غفلة، كان يحكم بملك أولاد الأمهات وبيعهنّ ووطنهنّ لغير ولد الميت ووالده ، ويحكم ببيعهن(2) لولده .. وغيره من سائر الورثة ، وإذا كان الوارث لها ولدها صارت(3) حرّة على ابنها ؛
ص: 183
1- مسند أحمد بن حنبل 22/3 بنصه [ طبعة دار إحياء التراث العربي 400/3 حديث 10781 ، وجاء في (باب باقي مسند المكثرين ( حديث 10738، وقريب منه في نفس الباب حديث 13924]. وقد جاء فيه - أيضاً - 321/3 [ طبعة دار الإحياء 266/4 حديث 14037 ] قول جابر: كنّا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فينا حي لا يرى بذلك بأساً . وروى السيد المرتضى علم الهدى (رحمه الله علیه) في كتاب الانتصار : 386 عن ابن غفلة أنته كان يقول : كنا نبيع أُمهات الأولاد على عهد عمر إلى أن نهى [نهانا ] عنه . وراجع : الاستيعاب 1115/3 - 1117 ، كنز العمّال 346/10 حديث 39741، سنن ابن ماجة 841/2 حديث 257 . . وغيرها .
2- في نسختي الأصل : بيعهن .
3- في نسختي الأصل : جارت .
ما کان لأمیرالمومنین (علیه السلام) حین شهادته من السرایا وأمهات الأولاد
إذ هو ورثها عنها [ما] للابن فلم يعتقها ؛ لقول النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): «مَنْ ملك ذا رحم فهو حرّ »(1).
وأجمعوا(2) [على] أنته كان لعلى ثمان عشرة سرية إلى [أن] حضرته الوفاة، فقال في وصيته إنّ جميع أمهات أولادي الآن محسوبات(3) على أولادهن بما ابتاعهن(4) به من أثمانهنّ ..»(5).
ص: 184
1- لاحظ : كتاب الاستغاثة للكوفي 42/1 - 44 . انظر : الحديث في سنن ابن ماجة كتاب العتق 843/2 ( باب 5 ) حديث 2524.
2- كما قاله أبو القاسم الكوفي في الاستغاثة 43/1 .. وغيره. إلا أن ابن طاوس (رحمه الله علیه) في بناء المقالة الفاطمية : 221 حكى عن الجاحظ في العثمانية : 98 ، أنه (علیه السّلام) استشهد وعنده تسع عشرة سرية وأربع نسوة عقائل .. وجاء في الترغيب والترهيب للمنذري 156/4 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 194.. وغيرهما . وروي: سبع عشر سرية، وحكاه الذهبي عن صادق آل محمد (علیهم السّلام) في تاريخ الإسلام 652/3 . راجع : شرح إحقاق الحق 677/32.. إذ فيه عدة مصادر أُخر.
3- الكلمة مشوّشة في نسخة (ألف)، وقد تقرأ : محبوبات، وما أثبت أقرب ما يمكن للأصل والمعنى ، وهو الذي جاء في المناقب للمصنف (رحمه الله علیه).
4- الكلمة مطموسة ، وأُثبت ما استظهر منها ، ولعلّها تقرأ: ابتيعهن.. وفي المناقب: ابتعتهنّ
5- نص عليه المصنّف طاب ثراه في مناقبه 268/2 [ طبعة بيروت 351/3] ، وقال (علیه السّلام) - بعد ذلك - : « ومن كان من إمائه غير ذوات أولاد فهنّ حرائر من ثلثه » .
رجوع عمر عن حکمه علی أمهات الأولاد
وقد مضى النبي (عليه و آله السلام) وهنّ إماء ، وأبوبكر على ذلك، ومضى عمر برهة من الدهر على ذلك.
في حلية الأولياء(1)، في حديث ابن المسيب: أن عمر [أمر ل_] أُمهات الأولاد أن يُقِمْنَ في أموال أبنائهن [بقيمة عدل ](2)، ثمّ يُعتقن.. وذلك في صدر خلافته، ثم توفّي رجل من قريش(3)، فرأى عمر ابنه بعد ليال ، فقال : ما فعلت - يابن أخي - [في] أُمك؟ قال: خيروني بين أن يسترقوا أُمي أو يخرجوني [من] مبراث(4) أبي، فاخترت أُمّي..(5)
فقام فجلس على المنبر ، فاجتمع الناس إليه ، فقال : أيها الناس! إنّي قد كنت أمرت في أُمهات الأولاد بأمر قد علمتموه ، ثم حدث(6) لي رأي غير ذلك ، فأيما امرئ كانت عنده أمّ ولد تملّكها بيمينه ما عاش ، فإذا مات فهي حرّة.. لاسبيل
ص: 185
1- حلية الأولياء 367/3 - 368 ، وجاء في البداية والنهاية 378/9 - 380.. وغيره.
2- الزيادة من المصدر.
3- في المصدر زيادة: كان له ابن من أم ولد ، قد كان عمر يعجب بذلك الغلام ، فمرّ ذلك الغلام على عمر في المسجد بعد وفاة أبيه بليال.
4- هذا من المصدر ، وقد تقرأ في نسختي الأصل : يحوجوني ، ولا نعرف لها معنى مناسباً.
5- في المصدر بدل ما جاء في نسختي الأصل : .. فكان ميراثي من أبي أهون علي من أن يسترقوا أُمي .
6- في نسخة ( ب ) : جدت .
لأحد يملكها(1).
حکم عمر بعتق ولیدة ضذبها سیها بنار
وذكر الطبري في تاريخه(2): أنّ عمران بن سوادة قال لعمر : أعتقت الأمة إن وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيّدها !! قال : ألحقت حرمةً بحرمة.
إعتاق أمهات الأولاد وکذا أولادهن
وذكر مالك في الموطأ(3): أن عمر بن الخطاب أتته(4) وليدة قد ضربها سيّدها بنار ، أو أصابها نار(5) فأعتقها.
وقلتم - أيضاً - : إن عمر سمع باكية ، فقال : ما هذا الصوت ؟ فقيل : أُمّ ولد فلان أرادوا بيعها فبكت ابنتها ، فقال : معشر أصحاب محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ! ناشدتكم الله ، ألم يأمر الله بصلة الرحم ؟! فقالوا : بلى ، فقال : ما بال هذهِ يفرّق بينها وبين و ولدها ؟! قيل : فما ترى ؟ قال : أرى أن أعتقها ، قالوا : فالرشد فيما ترى.. فأعتقهنّ وأعتق الأولاد بعد هن(6).
ص: 186
1- وقريب من هذا أورده البيهقي في السنن 343/10 (كتاب عتق أمهات الأولاد).
2- تاريخ الطبري 579/2 [ وفي طبعة مصر 225/4].
3- الموطأ : 552 برقم 1463 [ وفي طبعة دار التأصيل 121/3].
4- في نسختي الأصل : أمته ، ولعلّها : أمته .. أي قصدته .
5- في المصدر : أو أصابها بها.
6- هذا حاصل حديث مفصل أورده الحاكم في مستدركه 458/2، وقال حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه. وقريب منه في السنن الكبرى للبيهقي 344/10 ، والدرّ المنثور للسيوطي 64/6 ، وكنز العمّال للهندي 165/4 حديث 9997 .. وغيرها .
حکم طلاق السنة وطلاق العدة وخروج عمر عن سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وقوله بطلاق البدعة
فما ترى فيما كرهه عمر من التفرقة بينها(1) وبين ولدها دَفْعَهُ(2) عنهما، وذلك أنته يجوز أن يتزوجها رجل، ويتزوج ابنتها رجل آخر، فيخرجها إلى أقصى البلاد، فإذاً [ما ]كرهه عمر واقع بهما .
وكان_ [_ت] سنة رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] طلاق العدّة وطلاق السنة(3)، فلما استولى الرجل على الناس ، قال : إني أجد الناس قد استعذبوا الأيمان بالطلاق، والوجه ننفذ(4) عليهم الحنث في ذلك ، لعلهم يرتدعون منهم عنه ، فطلق الحانث في يمينه امرأته ، فصيّر ذلك بزعمه طلاقاً ، يقال له : طلاق البدعة(5)، فاتبعوه على ذلك
ص: 187
1- في نسختى الأصل : بينهما .
2- الكلمة مشوّشة في نسخة ( ب ) ، وكذا جاءت في نسخة (ألف ).
3- روى أبو يوسف القاضي عن أبي حنيفة كما في كتاب الآثار : 129. وقد حكاه عنه الشيخ الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 181/6 - عن حماد، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود ، أنه قال : طلاق السنة : أن يطلّق الرجل امرأته واحدة حين تطهر من حيضتها من غير غير أن يجامعها ، وهو يملك الرجعة حتى تنقضي العدّة ، فإذا انقضت فهو خاطب من الخطاب، فإن أراد أن يطلقها ثلاثاً طلّقها حين تطهر من حيضتها الثانية، ثم يطلقها حين تطهر من حيضتها الثالثة.. انظر: الاستغاثة 40/1 - 41 .
4- في نسختي الأصل : تنفذ ، وهي مصحفة عن المثبت.
5- لاحظ ما ذكره النووي في المجموع 77/17 ، وابن قدامة في المغني 235/8 و 253 ، وحكي عن الشرح الكبير 272/8 - 273 ، وعن المصنّف لابن أبي شيبة 6/4 .. وغيرهم في غيرها .
تجویز عمر طلاق الثلاث في مجلس واحد وتعلیله السخیف لذلك
ورضوا به، مع إقرارهم بأنته بدعة، وأن المطلق لذلك عاص الله ولرسوله فيه، فليس في الأمة اليوم أحد إلا وهو يستعمل(1) طلاق البدعة إلا الشيعة، حتّى أنّ جمهور العوام يزعمون أن السنة فيه لا غيره ، فدخلت مصيبة هذا الطلاق على جميع المسلمين، فقليل من يسلم أن يكون مطلقاً كذلك(2)، أو يكون عنده فَرْجٌ حرام ممن قد طلقهنَّ(3) كذلك إلا من عقد نكاحاً على بكرة(4).
وجوز طلاق الثلاث في مجلس واحد(5).
ص: 188
1- كذا؛ ولعلّ الأصح : يستحلّ.
2- في نسختي الأصل : وكذلك ، والواو زائدة.
3- كذا؛ والأصح : طُلِّقْنَ.
4- روى سعيد بن منصور في سننه 301/1 ، بإسناده: .. إن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري : لقد هممت أن أجعل إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً في مجلس أن أجعلها واحدة، ولكن أقواماً حملوا [خ.ل: جعلوا ] على أنفسهم ، فألزم كلّ نفس ما ألزم نفسه من قال لامرأته : أنت علي حرام .. فهي حرام، ومن قال لامرأته : أنت بائنة.. فهي بائنة ، ومن قال : أنت طالق ثلاثاً .. فهى ثلاث ..! ومثله ما رواه جمع من أعلام العامة في مجاميعهم الحديثية كما جاء في كتاب كنز العمال للهندي 676/9 حديث 27944 . . وغيره .
5- كما قاله الطبري (رحمه الله علیه) في المستر شد: 519 برقم 187 : .. إنّ الناس على عهد رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ، وعهد الأوّل وصدراً من ولايته [أي الثاني ] يطلقون النساء طلاق السنّة ، حتى أجاز الثاني الثلاث في مجلس واحد.. إلى آخره.
وقال: أجيزوها(1) لكي لا يتتايع(2) فيه الغيران، والسكران ، والغضبان(3)، وقال : إن الله جعل لكم في الطلاق أناة فاستعجلتموها ، فَأَجَزْتُ(4) عليكم ما استعجلتم ..(5)
ص: 189
1- في نسختي الأصل : لغيّروها ، ولا معنى مناسب لها ، ولعلّها : تغيّروها ، وما هنا من المصدر.
2- قد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : يتتابع ، وفي المسترشد : يتبايع ، والصحيح ما أثبتناه ، قال ابن الأثير في النهاية 202/1 : التتايع : الوقوع في الشرّ من غير فكرة ، ولا روية والمتابعة عليه ، ولا يكون في الخير ... ثم قال : لولا أن يتتايع فيه الغيران والسكران .. أراد : لولا تهافت الغيران والسكران.. إلى آخره. وراجع : لسان العرب ،38/8 ، والفائق للزمخشري 158/1.. وغيرهما.
3- لا توجد كلمة ( الغضبان ) في المصدر المطبوع.
4- في نسختي الأصل : فأخرت ، والمثبت عن المصدر.
5- أقول : روي مستفيضاً عن ابن عباس ، أنه قال : كان الطلاق على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر وسنتين [خ . ل : سنين ] من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم .. فأمضاه عليهم ! وفي كنز العمال 162/5 - نقلاً عن أبي نعيم - بإسناده ... قال عمر بن الخطاب : قد كان لكم في الطلاق أناة فاستعجلتم أنا تكم، وقد أجزنا عليكم ما استعجلتم من ذلك .. وقريب منه في عمدة القاري 537/9 .. وغيره. انظر: مسند أحمد بن حنبل 314/1 ، كتاب مسلم 574/1 [1099/2 كتاب الطلاق ، ( باب طلاق الثلاث ) ] ، الجمع بين الصحيحين 2 /119، سنن البيهقي 336/7 ، مستدرك الحاكم 196/2 ، تفسير القرطبي 130/3 وصححه ، وإرشاد الساري ،127/8 ، وكذا في الدرّ المنثور 279/1 .. وغيرهم في غيرها. وكذا راجع : بدائع الصنائع 95/3 ، وصفحة : 96 ، والجوهر النقي 333/7، والمغني 241/8 ، والمصنّف لابن أبي شيبة 11/4 ، وأحكام القرآن للجصاص 463/1 ، والكشّاف 118/4 . . .وغيرها . وعن طاوس ، قال : إنّ أبا الصهباء قال لابن عبّاس : أتعلم إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه [ وآله وسلم وأبي بكر وثلاثاً من إمارة عمر ؟ ! قال ابن عبّاس : نعم .. كما جاء بنصه في كتاب مسلم 574/1 ، وسنن أبي داود 1 / 261/2344 حدیث 2199 - 2200 ] ، وأحكام القرآن للجصاص 459/1، وسنن النسائي 145/6 ، وسنن البيهقي 336/7 ، والدرّ المنثور 279/1.. وغيرها. وعن أبي الصهباء أنته قال لابن عباس : هات من هناتك .. ألم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر واحدة ؟ ! قال : قد كان ذلك؛ فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأمضاه عليهم - فأجازه عليهم - ! وجاء في المسترشد للطبري (رحمه الله علیه): 520 - 521 وفصله السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في رسائله 321/4 - 322 في باب ألفاظ الطلاق ، ولاحظ ما جاء في الموسوعة الرائعة الغدير 178/6 - 183 في اجتهاد الخليفة في الطلاق الثلاث ، وما عليه من مصادر .
فصار الناس يطلقون نساءهم ثلاثاً في مجلس واحد(1)، ويخرجونهن من منازلهم بذلك الطلاق .. الذين يقرون أنته بدعة ! فإذا انقضت عدّة المطلقة ثلاثاً ،
ص: 190
1- لاحظ كتب الحديث والفقه كلّاً خاصة كتاب الطلاق في الفقه، باب من جعل الثلاث واحدة ؛ مثل : سنن ابن ماجة 652/1 ( باب 40؛ من طلّق ثلاثاً في مجلس واحد)، وسنن الترمذي 282/2 ، وسنن النسائي 92/1 ، وسنن البيهقي 339/7.. وغيرها.
تهافت حکم عمر في من طلق ثلاثا في مجلس واحد بین العفو والضرب
مجلس واحد تزوّجت رجلاً آخر .. فهي غير مطلقة .. فهي غير مطلقة من الأوّل(1)، من الأوّل(2)، وهي حرام عند الثاني، فسد بفساد هذا الطلاق - أيضاً - النكاح، وأبيحت فروج النساء حراماً، فكان النسل - أيضاً - فاسداً بفساد النكاح.
واشتهر عن عمر : أنته رُفع إليه رجل قد طلق امرأته ثلاثاً، فأوجع رأسه وردّ عليه ، وبعد ذلك رفع إليه رجل قد طلّق كالأوّل .. فأبانها منه ، فقيل له في اختلاف حكمه في الرجلين ..
فقال : أردت أن أحمله على كتاب الله .. لكنّي خشيت أن ينتايع(3) فيه الغيران والسكران!!(4)
ص: 191
1- في نسختي الأصل : الأقل ، ولا معنى له .
2- قال البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 192/3 : وقد استفاض عن علي [(علیه السّلام)]: «إياكم والمطلقات ثلاثاً في مجلس ؛ فإنّهنّ ذوات أزواج». ثم قال : وقال ابن عبّاس: ألا تعجبون لقوم يحلّون المرأة لرجل وهي تحرم عليه ويحرمونها على آخر وهي تحلّ له ..؟! وهو المطلق ثلاثاً في مجلس واحد. وانظر : احتجاج مؤمن الطاق (رحمه الله علیه) على أبي حنيفة في طلاق الثلاث في الاختصاص: 109، وحكاه في بحار الأنوار 230/10 (باب 15) حدیث 1، ومستدرك الوسائل 345/15 حديث 18449.
3- في نسختي الأصل ومتشابه القرآن يتتابع ، والصحيح ما أثبتناه، وقد مرّ معناه.
4- رواه المصنف (رحمه الله علیه) بألفاظ قريبة ما هنا في متشابه القرآن 140/1 - 141، وكذا نقله البياضي (رحمه الله علیه) بألفاظ مقاربة في الصراط المستقيم 192/3، وفيه : خشيت أن يتابع فيه الغير . ثم قال : فاعترف بأن هذا استحسان. وقريب منه في الفصول المختارة للشيخ المفيد (رحمه الله علیه) : 177 [ المجلد الثاني من سلسلة مصنفات الشيخ المفيد (رحمه الله علیه)] ، ولاحظ : السرائر 2 / 684 [ الطبعة المحققة ] . أقول : وسيأتي طلاق عبد الله بن عمر ثلاثاً على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأنته (صلی الله علیه و آله و سلم) ردها عليه وأمره أن يمسكها أو يطلقها للسنّة ، كما جاء في غير مصدر مثل سنن أبي داود 2 / 340 ، كما سيأتي عنه أنه ممّا نقم الخليفة على ولده لعنهما الله - هو أنته ( لا يحسن أن يطلق امرأته ! ) ، كما نقله ابن شبة في تاريخ المدينة 923/3، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : 135 ، وابن سعد في الطبقات 343/3.. وغيرهم، وسنرجع للحديث عنه .
سبب تنزیل الطلقات الثلاث بواحدة
أنس: كان عمر إذا أتى رجل طلق امرأته ثلاثاً في مجلس أوجعه ضرباً وأبانها ..(1) ثمّ إنّه وضع هذه البدعة وأصرّ عليها .
وقال أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان(2): قال الله تعالى :
ص: 192
1- كما جاء في المصنف لابن أبي شيبة 61/4 ، وأحكام القرآن للجصاص 79/2، الجوهر النقي لابن التركماني 333/7، الاستذكار لابن عبد البر 4/6 ، بدائع الصنائع للكاساني 95/3 و 96 ، والمغني لابن قدامة 368/7.. وغيرها.
2- كما جاء في الفصول المختارة : 175 - 177 [ المجلد الثاني من مصنفات الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) ] تحت عنوان : فصل ، وهو هنا مختصر ما هناك ، بل هو مبتور، كما وقد جاء في المسألة الخامسة المسائل الصاغانية : 83 - 91 [ من المجلد الثالث من من المصنفات ] ، وكذا في أحكام النساء : 43 - 44 [ المجلد التاسع من المصنفات ] .. وغيرها ، وما هنا ما هو إلا حاصل ما ذكره طاب رمسه هناك لا نصه، وقد زدنا عليه بين معقوفتين من المصادر ما أمكن زيادته وما يقتضيه توضيح النص، وقد حكاه المصنف (رحمه الله علیه) أيضاً في متشابه القرآن 195/2.
﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ .. ﴾(1) وإذا قال الزوج لزوجته : أنتِ طالق.. [أتى بلفظ واحد] يتضمن بتطليقة [واحدة ] ، فإن قال [ عقيب هذا اللفظ ] : الطلاق .. عقيبه ثلاثاً لم تخل إشارته إلى طلاق وقع فيما سلف ثلاث مرّات] ماض، أو(2) استقبال ، أو الحال .. فلا يجوز الماضي ؛ لأنته إخبار عن أمر كان...
ولا يجوز المستقبل؛ لأنه لا يقع بها طلاق حتى يأتي الوقت ، ثمّ يطلقها ثلاثاً على مفهوم اللفظ .. [ وليس هذان القسمان مما جرى الحكم عليهما ولا تضمنهما المقال] فلابد أنته أخبر عن الحال، وذلك كذب و ] لغو ؛ لأنّ المرّة(3) لا تكون مرتين ، والواحدة لا تكون ثلاثاً [ فلأجل ذلك حكمنا عليه بتطليقة واحدة، من حيث تضمنه اللفظ الذي أورده ، وأسقطنا ما لغا فيه واطَّرَحْناه؛ إذ كان على مفهوم اللغة التي نطق بها القرآن فاسداً ، وكان مضاداً لأحكام الكتاب ]، كما(4)
ص: 193
1- سورة البقرة (2): 229 .
2- في نسختي الأصل : و .
3- في نسختي الأصل : المرّات، وما أثبتناه من المصدر ومتشابه القرآن.
4- ما قبل هذا مزيد من المصدر ، ومن هنا وما بعده في الفصول : 178، ولعلّه تعليق من شیخنا (قدس سره) توضيحاً لكلام الشيخ المفيد (رحمه الله علیه).
أن المصلّي لو قال في ركوعه : «سبحان ربي العظيم» فقط ، ثمّ قال ثلاثاً ، ولو قرأ الحمد، ثمّ قال في آخرها بلفظة : عَشْراً : لم يكن قالها عشراً، ولو قال الملاعن: أشهد الله - أربعاً - إنّى لمن الصادقين .. لم يكن شاهداً أربع شهادات، ولو أن حاجاً رمى سبع حصيات في دفعة واحدة لم يجزه ذلك عن سبع متفرقات.
وقد تظاهر(1) عن النبي (عليه و آله السلام)(2) الخبر المستفيض ، أنه قال : «إيّاكم والمطلقات ثلاثاً في مجلس واحد ، فإنّهنّ ذوات أزواج»(3).
وذكر الجاحظ في كتاب النساء(4): أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً ، فقام غضباناً ، ثمّ قال : « يلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ ! »(5).
ص: 194
1- كذا ؛ والظاهر : تظافر ، وإن كان لفظ ( تظاهر ) يصح .
2- وقد نسبه في الفصول المختارة إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) .
3- روي الخبر في مصادرنا الحديثية عن الإمام الصادق (علیه السّلام)، كما جاء في عيون أخبار الرضا (علیه السّلام) 310/1 ( باب (28) حديث 74 ، ومعاني الأخبار : 263 حديث 1، و تهذيب الأحكام 56/8 - 57) (باب) : أحكام الطلاق)، ووسائل الشيعة 68/22 (باب (29) حديث 29 (28041) ، وكذا في صفحة : 75 باب 20) حدیث 11 (28062) عن عيون أخبار الرضا (علیه السّلام).. وغيرها .
4- كتاب النساء، طبعت قطعة منه ضمن رسائل الجاحظ - الرسائل الكلامية - ولا يوجد ما ذكرها فيه .
5- وقد أخذه المصنّف (رحمه الله علیه) ظاهراً من المسترشد للطبري (رحمه الله علیه): 520 ، ولعلّ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 10/3 ، قد أخذه من المصنف (رحمه الله علیه) كعادته . بل أخرج النسائي في صحيحه 142/6، وابن كثير في تفسيره 277/1، والقسطلاني في إرشاده [الساري ] 128/8 ، والسيوطي في دره [ المنثور ] 283/1، وكذا في تيسير الوصول 160/3.. وغيرهم في غيرها ذيل ما سلف قوله : حتّى قام رجل وقال: يا رسول الله ! ألا أقتله .. ولعلّها بطولات مختصة بالخليفة !! لانعرفها له في جولاناته في الوغى والجهاد في سبيل الله ! وفي بداية المجتهد 61/2 روى عن ابن عبّاس قال: طلّق ركانة زوجه ثلاثاً في مجلس واحد ، فحزن عليها حزناً شديداً ، فسأله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): «كيف طلقتها ؟ » قال : طلّقتها ثلاثاً في مجلس واحد . قال : « إنّما تلك طلقة واحدة » .. فارتجعها .
نهی رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ومعاقبة أمیرالمؤمنین (علیه السلام) لمن طلق امرأته ثلاثا
وفيه : أنته كان على (علیه السّلام) يعاقب الذي يطلق امرأته الثلاثة ، وقال (علیه السّلام): «ما طلق رجل طلاق السنة (1) فندم»(2).
ص: 195
1- طلاق السنّة هو أن يطلّق الرجل امرأته واحدة حين تطهر من حيضها من غير أن يجامعها ، بشاهدين عدلين، وهو يملك الرجعة حتى تنقضى العدة؛ فإذا انقضت فهو خاطب من الخُطاب.
2- قال المارديني في الجوهر النقي 333/7: وصح عن عليّ [(علیه السّلام)] أنه قال .. إلى آخره. وقد ذكره ابن أبي شيبة في المصنّف 4/4 ، والبيهقي في السنن الكبرى 325/7، وقال بعد ذلك ... فيندم أبداً .. وغيرهما. أقول : ألف أصحابنا رضوان الله عليهم قديماً وحديثاً ، رسائل مفردة أو منضمة في هذا الباب، ولعلّ من أقدمها المسائل الصاغانية للشيخ المفيد طاب ثراه ، كما جاء فيه : 83 - 91 [ طبعة سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) (3)] المسألة الخامسة ، وكذا في رسائل السيد المرتضى (رحمه الله علیه) 321/4، وشرح الأخبار للقاضي 274/3، ودعائم الإسلام له 257/2 - 269 ( فصل في الطلاق المنهي عنه والمباح فيه )، والاستغاثة للكوفي : 76 - 77.. وغيرها .
بیت لکشواذ
کشواذ(1):
[ من الرجز ]
وَقَصَّرَ التَّفْصِير(2) بِالتَأْكُدِ *** ثَلاثَةٌ عَلَى مَقامِ وَاحِدِ
تجویز الخلیفة الخلع والطلاق والظهار في الحیض
وجوز الخلع والطلاق والظهار في الحيض وفي الطهر الذي قد حصل فيه جماع من غير استبانة حمل(3).
وقد روى ابن ماجة(4)..
ص: 196
1- الظاهر أنّ هذا البيت من أرجوزة لشاعرنا هذا (رحمه الله علیه) الذي سلف الحديث عنه في المقدمة ، ومرّت له أبيات متفرقة .
2- كذا ؛ ولعلّها : وَقَرَّرَ التطليق
3- ولنختم الحديث بظريفة للخليفة ! فقد جاء في كنز العمّال 161/5، وكذا في منتخبه 482/3 .. وغيرهما عن قتادة ، قال : سئل عمر بن الخطّاب عن رجل طلق امرأته في الجاهلية تطليقتين ، وفي الإسلام تطليقة. فقال : لا آمرك ولا أنهاك .. فقال عبد الرحمن : لكنّي آمرك ! ليس طلاقك في الشرك بشيء..!! اقرأ واضحك أو ابك ..
4- سنن ابن ماجة (652/1 ) باب (3) من كتاب الطلاق حديث 2023، وفيه: «.. ثمّ يطلقها وهى طاهر أو حامل». [كتاب الطلاق حديث 2013 ] .
وأبو داود(1) في سننهما ، وأحمد(2)، وأبو يعلى(3) والشافعي(4) في سانيدهم ، والغزالي في الإحياء(5)، والثعلبي في الكشف(6):
ص: 197
1- سنن أبي داود 255/2 - 256 حديث 2179 - 2185 ( باب في طلاق السنة ) لاحظ : كتاب الطلاق منه حديث 1864 - 1869 ] ، ويؤيده ما جاء فيه 260/2 حديث 2197 [ وفي طبعة ، حديث 1880].
2- جاءت عدّة روايات في مسند أحمد بن حنبل في هذا الباب منها في مسند عبد الله ابن عمر 26/2 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 103/2 حديث 4774]، وذيلها: «.. مره ، فليراجعها ، ثمّ ليطلّقها طاهراً أو حاملاً». وأكثر تفصيلاً في 43/2 [ طبعة الإحياء 135/2 حديث 5005]، و 2 / 51 [ طبعة الإحياء 148/2 حديث 5100 ] ، و 54/2 [ طبعة الإحياء 154/2 حديث 5142].. وموارد متعدّدة أُخرى في ارد متعدّدة أُخرى في مسند عبد الله بن عمر. وراجع : مسند عمر بن الخطاب منه 1 / 44 [ طبعة الإحياء 1 / 72 حديث 306]. وموارد متعدّدة أُخرى هناك أيضاً ، ولاحظ مسند المكثرين من مسند أحمد : حديث 4558 ، 4783، 4875 ، 4917 ، 4977 ، 5017.. وموارد تزيد على العشرين.
3- مسند أبي يعلى الموصلي 329/9 حديث 5440 ، وصفحة : 414 حديث 5561، وأيضاً في 19/10 حديث 5650.
4- مسند الشافعي: 101.
5- إحياء علوم الدين 55/2 .
6- تفسير الثعلبي ( الكشف والبيان ) 2 / 170 . وانظر: المحلّى 167/10 ، المجموع 132/17 ، سنن البيهقي 331/7 و 334، الموطأ 576/2 ، تفسير الكشاف 240/3 ، تفسير الفخر الرازي 30/3 ، تفسير الصنعاني 297/2 ، نيل الأوطار 241/6 ، وفيه قوله (صلی الله علیه و آله و سلم): يابن عمر ! ما هكذا أمرك الله تعالى ، إنّك قد أخطأت السنّة ، والسنة أن تستقبل الطهر فتطلّق لكلّ قرء ..
أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لابن عمر بطلاق السنة
أن ابن عمر طلّق امرأته ثلاثاً - وهي حائض ، فأمره النبي (عليه وآله السلام) أن يراجعها ، وأمره إن أراد طلاقها فليطلقها للسنة ..(1)
وقد فسروا قوله تعالى: ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ .. ﴾(2) بالطهر الذي لا جماع فيه ..(3)
وقد ألزم الفضل بن شاذان(4) عليه في ذلك أن يحلّ للمرأة(5) المسلمة أن تمكن من وطئها في اليوم الواحد خلقاً كثيراً على سبيل النكاح، ووجه إلزامه أنته قال:
ص: 198
1- وكذا أخرجه مسلم في كتاب الطلاق 1093/2 باب 1) حديث 1471 [وفي طبعة ، حديث 2023]، وسنن البيهقي 325/7 ، وسنن أبي داود (كتاب الطلاق) حديث 2181، وسنن النسائي 141/6 (كتاب الطلاق)، وسنن الترمذي (كتاب الطلاق) حديث 1176 ، وشرح معاني الآثار للطحاوي 51/3، وسنن الدارمي 2/ 190 .. وقد جاء بعضها في هامش مسند الموصلي 329/9 - 330 ، فراجع .
2- سورة الطلاق (65): 1.
3- كما جاء في كتاب الانتصار للسيّد المرتضى (رحمه الله علیه) : 306 ، والغنية لابن زهرة: 371، والسرائر لابن ادريس 666/2 .. وغيرها .
4- الإيضاح : 247 [ وفي طبعة : 133 - 135 ] جاء في الهامش نقلاً عن الفصول، ونقله عنه المفيد (رحمه الله علیه) في الفصول المختارة : 178.
5- في نسختي الأصل : المرأة.
منع الیهود والنصاری والمجوس - إذا إسلموا - من میراث ذوي أرحامهم
رجل تزوّج بامرأة فوطأها ، ثمّ عتقها(1) على مذهبكم في تلك الحال، ثم بدا له العود، فعقد عليها عقدة النكاح وسقط عنها عدّة الخلع، ثمّ إنّه فارقها عقيب العقد الثاني من [ غير أن ] يدخل بها ثانية، فبانت منه ولا عدّة عليها ، لقوله: ﴿ .. ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها .. ﴾(2) فحلَّت من وقتها للأزواج، فما يقولون إن صنع بها الثانى كصنيع الأول ؟! أليس قدنكحها الثاني(3) في بعض يوم من غير حظر في ذلك على أُصولكم في الأحكام، فكذلك لو نكحها ثالث ورابع إلى أن يتم ناكحوها مائة نفس وأكثر من ذلك إلى آخر النهار ..؟!
ثمّ إنّه منع اليهود والنصارى والمجوس - إذا أسلموا - من ميراث ذوي أرحامهم......(4) على أديانهم ، وجعل ميراثهم لمن هو على دينهم من ذوي أرحامهم دون من أسلم منهم ، فحرمهم الإسلام بميراثهم(5)، فصيّر الإسلام وبالاً على من أسلم بحكمه، واحتج [في ذلك] بقوله (عليه و آله السلام) : «أهل ملّتين
ص: 199
1- كذا؛ والظاهر : طلّقها ، وفي الفصول ذكر الخلع، ويشهد له قوله في السطر الآتي: وسقط عنها عدّة الخلع .
2- سورة الأحزاب (33) : 49 .
3- في نسختي الأصل : نكحا الثاني ، ولعلّها : نكحا اثنان .
4- هنا بياض في نسخة ( ب ) دون (ألف ). وفي الاستغاثة : ميراث ذوي ميراث ذوي أديانهم على أهلهم إذا أسلموا.
5- في الاستغاثة : فحرمهم الميراث بإسلامهم .
توریث أمیر المومنین ( علیه السلام) من أسلم من أهل الذمة
لا يتوارثان»(1)، ولم يعلم [الشقي ](2) تأويل هذا القول ، فلما ولي أمير المؤمنين (علیه السّلام) ورّث من أسلم من أهل الذمة(3)، فعُرِضَ عليه الخبر ، فقال : نعم ، قد قال ذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ولكن إذا ورّث الذمّي المسلم يرثه ، وإذا ورّث المسلم فالذمي لا يرث المسلم .. فهما لا يتوارثان ، إنّما يتوارثان لو قد ورّث هذا لذاك وذاك لهذا ، وأما [لو] ورث أحدهما والآخر لا يرث فهما غير متوارثين، وهل زاد مسلم إسلامه إلا قوة وعزّاً ؟ ( أيمنع ميراثه بإسلامه..! إنّما أراد !(4) الرسول (عليه و آله السلام) بقوله : « لا يتوارثان » يعني : أنا نرتهم وهم لا يرثون، فنحن غير متوارثين(5).
ص: 200
1- كما جاء في شرح معاني الآثار [266/3 ، مختصر اختلاف العلماء 441/4 .. وغيرهما .
2- زيادة في الاستغاثة في محلّها .
3- في الاستغاثة ، وعنه في المستدرك : أهل المدينة .
4- لاحظ : الاستغاثة : 22 - 83[45/1 - 46] ، وعنه في مستدرك الوسائل 143/17 ( باب 1) حدیث 20987 ، ومثله جاء في رسائل السيّد المرتضى (رحمه الله علیه)، ولهم فيه كلام .
5- كلّ هذا نقل بالمعنى واختصار في اللفظ ، وذكر البلاذري في فتوح البلدان : 265 - 267 ذيل يوم جلولاء ، حكم أهل السواد والمجوس .. وممّا رواه هناك مسنداً عن الإمام الصادق (علیه السّلام) عن أبيه (علیه السّلام) قال : كان للمهاجرين مجلس في المسجد ، فكان عمر يجلس معهم فيه ويحدثهم عمّا إليه من أمر الآفاق ! فقال يوماً : ما أدري كيف أصنع بالمجوس ؟! فوثب عبد الرحمن بن عوف فقال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم أنته قال : « سنّوا بهم سنّة أهل الكتاب ».
أمره باتباع قول زید بن ثابت في الفرائض
وقد رووا أن معاوية اتبع حكم أمير المؤمنين [(علیه السّلام)، بالشام في أيام أمير المؤمنين (علیه السّلام) وحكم به ، وكذلك فعل أمير المؤمنين (علیه السّلام)](1) في سائر البلدان.
وأمر الناس باتباع قول(2) زيد بن ثابت في الفرائض، وقال: زيد أفرضنا، وعلى أقضانا، وأبي أقرؤنا، ومعاذ أعرفنا بالحلال والحرام .. فأسند أولياؤه - وذلك بعد مضيه(3) - هذا القول منه إلى الرسول (عليه و آله السلام) افتراء وجهلاً، ثمّ [هل] يتجاسر أحد أن يقدّم هؤلاء على عليّ بن أبي طالب (علیه السّلام)؟ !
بدع زید بن ثابت بحکمه بالعصبة
وكان من حكم زيد المنكوس أن أبدع العصبة في الفرائض! وقال : ما أبقت الفرائض فَلِأُولي(4) عصبة ذكر، دون الأُنثى(5).
ص: 201
1- زيادة من الاستغاثة.
2- في نسختي الأصل: قولي .
3- كذا ؛ والكلمة مشوّشة في نسخة ( ألف ) ، ولعلّه تقرأ : مصيبة .
4- قد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : فالأولى.
5- بل هو مختلف اللفظ ، حيث يروى : فما أبقت الفرائض فلأولى ذكر، وروي: فلأولى عصبة قرب ، وروي : فلأولى عصبة ذكر .. ووجوه أُخرى أوردها السيد المرتضى (رحمه الله علیه) الانتصار : 555 [ الطبعة الأولى : 277]. انظر الحديث في مسند أحمد بن حنبل 313/1 و 327، وسنن أبي داود 122/3 حدیث 2898، وسنن الدارقطني 70/4 حديث 10، وسنن ابن ماجة 915/2 حديث 2740 ، وكنز العمّال للهندي 4/11 حديث 30373 - 30374.. وغيرهم في غيرها.
معنی العصبة
والعصبة - في اللغة(1) - : الذكران دون الإناث من أهل بيت الأب(2)..
ص: 202
1- يقال : عصب: - بضم العين فالسكون - الجماعة من الرجال نحو العشرة ، وقيل : من العشرة إلى الأربعين ، وليس لها واحد ، وسمّيت بذلك أخذاً من الشدّ؛ كأنه يشدّ بعضهم بعضاً شدّ الأعصاب ، وهي أطناب المفاصل. وعلى كلّ ؛ عصبة الرجل - بالتحريك - جمع : عاصب -ككفرة جمع كافر - وهم بنوه وقرابته لأبيه ، والجمع : العِصاب، قاله في مجمع البحرين 121/2 - 123، وله وجوه ومعاني متعدّدة هناك . وفي الصحاح 182/1 ، قال : وإنّما سمّوا عصبة ؛ لأنهم عصبوا به .. أي أحاطوا به ، فالأب طرف ، والابن طرف ، والعم جانب ، والأخ جانب.
2- العصبة - بفتحتين ، وبالتحريك أيضاً - : قرابة الرجل لأبيه ، سموا بذلك ؛ لأنهم عصبوا به.. أي أحاطوا ، وعصبة الرجل أولياؤه الذكور، هذا لغةً . وفي اصطلاح الفقهاء : هم الذين ليس لهم سهم مقدّر في الميراث . وعرفت العصبة - أيضاً - بأنته أقرب ذكر لا تتوسط بينه وبين الميت أُنثى ، فخرج بذلك الخال والأخ لأُمّ؛ لأنتهما يدليان للميت بأنثى .. والتعصيب عندنا نحن الإمامية باطل . وقد روي عن الإمام الصادق (علیه السّلام) حين سئل أن المال لمن هو ، للأقرب أو العصبة ؟ فقال (علیه السّلام): «المال للأقرب، والعصبة في فيه التراب » ، كما في الفصول المهمة 474/2 .. وغيره. وجاء في فروع الكافي 75/7 (بيان الفرائض) حديث 1 بإسناده: .. عن عبد الله بن بكير، عن الحسين الرزاز ، قال : أمرت من يسأل أبا عبد الله (علیه السّلام): المال لمن هو للأقرب أو للعصبة ؟ فقال : « المال للأقرب والعصبة في فيه التراب»، ومثله سنداً ومتناً التهذيب 267/9 (باب 21) حديث 972 ، وكرّره فيه 327/9 (باب 30) حدیث 1176 ، وكذا مثله في الاستبصار 4 / 170 (باب 101) حديث 641.
فكيف يقول النبي (عليه وآله السلام) هذا وهو أفصح العرب؟! وقد قال الله تعالى: ﴿ وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىَ بِبَعْضٍ في كِتابِ اللهِ .. ﴾(1) فدخل في ذلك الرجال والنساء من ذوي أرحام الميت من قبل أبيه ومن قبل أمه جميعاً .
وقال الله تعالى: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مَمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ﴾(2).
النقوض الواردة علی الحکم بالعصبیة
والنصيب المفروض ما لا يزاد فيه ولا ينقص إلا باعتداء، وقد فرض الله للنساء في كلّ قليل وكثير كما فرض للرجال ، ولم يقل : ما بقي فللرجال(3) دون النساء، وإن جاز لقائل أن يقول : ليس للنساء نصيب، جاز أن يقول آخر: ليس للرجال نصيب(4).
ص: 203
1- سورة الأنفال (8) : 75 ، وكذا في سورة الأحزاب (33) : 6 . أقول: علّق البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 189/3 على الآية الكريمة بقوله : ولا خلاف أن الأقرب فيهم أولى من الأبعد.
2- سورة النساء (4): 7.
3- في نسختي الأصل : الرجال .
4- أقول : ولم يقتصر القوم على التعصيب ، بل قالوا بالعول أيضاً . والعول : لغة ؛ هو الميل عن الشيء والجور، كما قاله الطريحي (رحمه الله علیه) في مجمع البحرين 431/5 - 432 . وهو عبارة عن قصور التركة عن سهام ذوي الفروض، ولا يكون ذلك إلا بدخول الزوج والزوجة، وهو شرعاً ضدّ التعصيب الذي هو توريث العصبة ما فضل عن ذوي السهام ، يقال : عالت الفريضة وأعالت عولاً : ارتفعت، وهو أن ترتفع السهام وتزيد فيدخل النقص على أهلها ، وهو عندنا يدخل على الأب والبنت والبنات والأخوات وللأب والأم أو الأب .. على ما فصلوه في الفقه . ويقال له : عولاً؛ من الميل ونقص السهام، أو لكثرة السهام، فيقال: عال الرجل: إذا كثر عياله ، أو لغلبة أهل السهام أو ارتفاعها . ثمّ قال : فالذي يذهب إليه الإمامية أنّ المال إذا ضاق عن سهام الورثة قدّم ذو السهام المولدة من الأبوين والزوجين على البنات والأخوات من الأب والأم أو من الأب ، وجعل الفاضل من السهام لهنّ .. وقال المخالف : إنّ المال إذا ضاق عن سهام الورثة قُسّم بينهم على قدر سهامهم، كما يفعل في الديون والوصايا إذا ضاقت التركة عنها .. ثم استدلّ لكلّ منهما .. ولاحظ المقنعة للشيخ المفيد (رحمه الله علیه): 716 .. وغيره . وراجع ما جاء في فقه القرآن للراوندي 351/2 ( باب في بطلان القول بالعصبة والعول وكيفية الردّ .. ) ، ثم قال في صفحة : 353 : العول : اسم يدخل في الفرائض في المواضع التي ينقص فيها المال عن السهام المفروضة منها . هذا ؛ وقد عقد في كتب حديثنا أبواب خاصة في إبطال العول، كما في الكافي الشريف 79/7 - 82 ثلاثة أبواب، ومن لا يحضره الفقيه 254/4، والتهذيب 247/9 (باب 21).. وغيرها ، وتبعاً لذلك الكتب الجامعة للحديث ؛ كالوسائل 72/26 - 76 ( باب 6 و 7) ، ومستدركه 156/17 - 158 ( باب 4 و 5 ) .. وغيرها . وقد نص جمهور العامة العمياء على أنّ عمر هو أوّل من قال بالعول في الفرائض، كما نص عليه أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل : 176 - 177، والسيوطي في أوائله وتاريخه : 93، وجاء في محاضرة السكتواري : 152.. وغيرهما، وحكاه السيد ابن طاوس في الطرائف 468/2 .. وغيره. وعن ابن عباس أنته قال : أوّل من أعال الفرائض عمر بن الخطاب ، لما التوت عليه الفرائض ودافع بعضها بعضاً قال : والله ما أدري أيكم قدّم الله ولا أيكم أخر ..! وكان امرءاً ورعاً ، فقال : ما أجد شيئاً هو أوسع لي من أن أقسم المال عليكم بالحصص، وأدخل على كلّ ذي حق ما أدخل عليه من عول الفريضة . وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ؛ قال: دخلت أنا وزفر بن أُوس بن الحدثان على ابن عبّاس - بعد ما ذهب بصره - فتذاكر نا فرائض الميراث ، فقال : ترون الذي أحصى رمل عالج عدداً لم يحص في مال نصفاً ونصفاً وثلثاً، إذا ذهب نصف ونصف فأين موضع الثلث ؟ فقال له زفر : يابن عبّاس! من أوّل من أعال الفرائض ؟ قال : عمر بن الخطاب . قال : ولم ؟ قال : لمّا تدافعت عليه وركب بعضها ، بعضاً قال : والله ما أدري كيف أصنع بكم ؟ والله ما أدري أيتكم قدّم الله ولا أيتكم أخر ؟ قال : وما أجد في هذا المال شيئاً أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص . ثم قال ابن عباس : وأيم الله لو قدّم من قدّم الله ، وأخّر من أخّر الله ما عالت فريضة. فقال له زفر : وأيتهم قدّم وأيتهم أخر ؟ فقال : كلّ فريضة لا تزول إلا إلى فريضة ، فتلك التي قدّم الله ، وتلك فريضة الزوج له النصف، فإن زال فإلى الربع لا ينقص منه ، والمرأة لها الربع ، فإن زالت عنه صارت إلى الثمن لا تنقص عنه، منه ، والأخوات لهنّ الثلثان والواحدة لها النصف، فإن دخل عليهنّ البنات كان لهنّ ما بقي .. فهؤلاء الذين أخر الله ، فلو أعطى من قدّم الله فريضة كاملة ثمّ قسّم ما يبقى بن من أخر الله بالحصص ما عالت فريضة ، فقال له :زفر فما منعك أن تشير بهذا الرأي على عمر فقال : هبته والله . أما التعصيب؛ فهو تقدير زيادة السهام، وهو باطل عندنا لعموم آية أولي الأرحام، وإجماع الطائفة على بطلانه ، وعليه فيردّ فاضل الضريبة على البنت والبنات والأخت والأخوات للأب والأم وعلى كلالة الأم. وقد عقد محدثونا رضوان الله عليهم - وتبعاً لهم فقهاؤنا ومتكلمونا طاب رمسهم . باباً في بطلان التعصيب كالعول، وأنّ الفاضل عن السهام يردّ على أربابها وإن كان وارثاً لا سهم له ، كما في وسائل الشيعة 85/26 ( باب 8)، ومثله في مستدرك الوسائل 17 / 160 ( باب (6) ، وكذا في بحار الأنوار 328/104 (باب 2، سهام المواريث وجوامع أحكامها وإبطال العول والتعصيب ) . وقد عدّ العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 41/31 من المطاعن للثاني القول بالعول والتعصيب في الميراث.
قول زید بن ثابت إن من قضاء الجاهلیة توریث الرجال دون النساء
وفي كتاب أبي نعيم الطحان(1): قال زيد بن ثابت : من قضاء الجاهلية أن يُو يُوَرَّثَ الرجال دون النساء(2).
ص: 206
1- هو : ضرار بن صرد التميمي، أبو نعيم الكوفي الطحان ، راجع عنه : إكمال تهذيب الكمال 32/7 ، تاريخ الإسلام للذهبي 589/5 - 590 . . وغيرهما . وقال عنه ابن عدي الجرجاني : وضرار بن صرد هذا من المعروفين بالكوفة ، وله أحاديث كثيرة ، وهو من جملة من نسب إلى التشيع بالكوفة ، كما جاء في تهذيب الكمال 306/13.
2- كما حكاه الشيخ الكليني (رحمه الله علیه) في الكافي الشريف 75/7 (باب بيان الفرائض في الكتاب) ، عنه قال: رواه عن شريك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر [ جبير ] ، عن زيد بن ثابت .. أنته قال : من قضاء الجاهلية .. وقد استدلّ له في جواهر الكلام 102/39 عنه ، قال : أبو نعيم الصحاف .. وقد حذف الإسناد هنا، ورواه عن الكافي في الوسائل 85/26 [ طبعة مؤسسة آل البيت (علیهم السّلام)، وفي الطبعة الإسلامية 17/431 ( باب 8 من أبواب موجبات الإرث ) حديث 2]. وقريب منه ما رواه ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ، كما أورده السيوطي في الدرّ المنثور 2 / 123 ، وأقرّ به الجصاص في أحكام القرآن 79/2.. وغيرهما. وجاء في إحقاق الحق : 450 .. وغيره. وقد روي عن حكيم بن جابر ، كما في الخلاف 64/4 ، والتهذيب 268/9 ( باب 21) حدیث 973 ، وفيه : يزيد بن ثابت .
ما ألزم به الفضل بن شاذان حکم زید بالعصبة
وقال أبو عبد الله (علیه السّلام): «المال للأقرب .. والعصبة في فيه التراب»(1).
وألزمه الفضل بن شاذان(2) في ذلك كثيراً ؛ منها : ما قولك في بنت وأخ وأُخت؟
ص: 207
1- رواه الحرّ العاملي في الفصول المهمة 474/2 حديث 2304، وجاء في الوسائل 17 / 415 حديث 3 ، وفي صفحة : 431 ( باب 8) حديث 1 [ وفي طبعة مؤسسة آل البيت (علیهم السّلام) 64/26 حديث 32496 ، وفي صفحة : 85 حديث 32543]، وقد رواه عن الكافي 75/7 حديث 1 ، وقريب منه في التهذيب 267/9 حدیث 972، والاستبصار 170/4 حديث 642. ولاحظ : إحقاق الحق : 451 ، وما جاء في ذيل الحديث هناك، وقد جاء في غالب الكتب الفقهية .
2- لم نجد نص كلام ابن شاذان (رحمه الله علیه) فعلاً، نعم حكاه البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 189/3 فقال : وألزمهم الفضل بن شاذان أن يرث ابن العم أكثر من ابن الصلب فيمن خلّف ولداً وثمانية وعشرين بنتاً؛ فإنّ له سهمين من ثلاثين ، وهما خمس الثلث ، ولو كان عوضه ابن عم فله مجموع الثلث . وأيضاً ؛ فقد قال المصنف (رحمه الله علیه) في متشابه القرآن ومختلفه 217/2: قال الفضل بن شاذان : أوجبوا أنّ الله تعالى فرض المحال المتناقض ، مثل ما زعموا في أبوين وابنتين وزوج ، فقالوا : للأبوين السدسان، وللابنتين الثلثان ، وللزوج الربع ، فأوجبوا.. ونحو ذلك كثير ذكره الفضل في الفرائض الكبير.
حکمهم بتوریث العم دون العمة، کما وقد ورثوا ابن الأخ وابن الابن دون ابنة الأخ وابنة الابن
قال: للبنت النصف، وما بقي فبين الأخ والأُخت؛ ﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾(1).
قال : قد خالفت الروايةَ؛ لأنته ليس للإخوة مع الولد فريضة، و(2) كذلك في بنت وبنت ابن و(3) عم ، وكذلك في بنت وابن ابن وابنة ابن، وكذلك في بنت، وابن ابنة، وإخوة وأخو بنت لأم وأب.
حکمهم بتوریث الأعمام دون الأخوال
وورثوا العمّ ومنعوا العمّة، وورّثوا ابن أخ وابن الابن، ومنعوا ابنة الأخ وابنة الابن، وورّثوا الأعمام وتركوا الأخوال؛ فردّ الأمة إلى دين الجاهلية ؛ لأنّ الجاهلية كانوا لا يعطون النساء شيئاً ، ثمّ اضطروا عند ذلك إلى أن أحدثوا العول في حساب الفرائض ، فمنعوا بذلك - أيضاً - كثيراً من أصحاب السهام سهامهم
ص: 208
1- سورة النساء (4): 11.
2- لا توجد الواو في نسخة (ألف ).
3- لا توجد الواو في نسخة (ألف ).
ممّا سمّى الله لهم في ذلك إلى الجهل(1) بالحساب، وفرض ما لا يستقيم في القسمة .
قولة ابن عباس: إن الذي علم زمل عالج لم یعلم أن یکون في مال نصف و نصف وثلث
قال ابن عبّاس : إنّ الذي علم رمل عالج(2) لم يعلم أن يكون في مال نصف ونصف وثلث ؟ !(3)
ص: 209
1- كذا ؛ ولعلّه : للجهل ، بدلاً من : إلى الجهل . وفي الاستغاثة 47/1: وكان هذا من حكمهم يوجب الجهل على الله تعالى بالحساب، إذا فرض بالسهام ما لا يستقيم .. ولعلّ عبارة المصنّف (رحمه الله علیه) : ونسبوا الله إلى الجهل ..
2- قال الجوهري في الصحاح 330/1 ، قال : عالج موضع بالبادية به رمل. وقال في النهاية 287/3 ( مادة علج ) ... عالج هو ما تراكم من الرمل ودخل بعضه في بعض .. وقال الطريحي في مجمع البحرين 318/2 - 319 - بعده -: .. ونقل أنّ رمل عالج جبال متواصلة يتصل أعلاها بالدهناء، والدهناء بقرب يمامة ، وأسفلها بنجد.. وفي كلام البعض : رمل عالج محيط بأكثر أرض العرب. وراجع : معجم البلدان 69/4 - 70 مادة (عالج ): وعلى كلّ هي رملة بالبادية مسماة بهذا الاسم ، قيل : هي بين فيد والقريات ينزلها بنو بحتر من طي، وهي متصلة بالثعلبية ، على طريق مكة . ومثله في مراصد الاطلاع 911/2 مع اختصار.
3- وفي عبارة الفضل بن شاذان (رحمه الله علیه) في الإيضاح : 519:.. إنّ الذي أحصى رمل عالج عدداً أعدل من أن يجعل فى مال نصفاً ونصفاً وثلثاً ... هذان النصفان قد ذهبا بالمال ، فأين موضع الثلث ؟! وراجع عن مصادر كلام ابن عباس : أحكام القرآن للجصاص 115/2، والسنن الكبرى للبيهقي 253/6 ، الحاوي الكبير 129/8 ، والفقيه والمتفقه 123/2 ، المبسوط للسرخسي 29 / 161 ، وكنز العمّال للهندي 12/11... وغيرها . وقريب منه ما نقله أبو القاسم الكوفي في الاستغاثة 1 /47 - وعنه في مستدرك الوسائل 157/17 حدیث 21027 - وابن طاوس في الطرائف : 469 ، وزاد : وأيم الله ! لو قدّموا من قدّمه الله وأخّروا من أخّره ما عالت الفريضة قطّ .. إلى أن قال : فقلت : ، من أوّل من أعال الفرائض ؟ قال : عمر بن الخطاب. لاحظ في أوليته لذلك : المستدرك للحاكم النيسابوري 340/4، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 152.. وغيرهما . ولاحظ : منتخب كنز العمّال 207/4 و 214 ، وكذا في الصراط المستقيم 189/3، وعلل الشرائع 56/2 حديث 4 ، وإحقاق الحق : 455 .. وغيرها .
آحکام غریبة في الإرث لاأساس لها
فنسبوا الله تعالى إلى أنه لم يحسن يحسب ، ولم يحسن بفرض(1) السهام على استقامة القسمة فيها، وذلك مثل قولهم في امرأة ماتت وخلفت زوجها وأُمّها وأُختها لأبيها ، فزعموا أن هذه الفريضة تُقسم من ثمانية ، ثم يعطوا فيهم من حساب ستة ، فيعطى الزوج ثلاثة أسهم من ثمانية ليكون ذلك نصف الستة(2)، والأُمّ تعطى سهمين من ثمانية ليكون ذلك ثلث السنّة(3)، والأخت تعطى ثلاثة أسهم من ثمانية ليكون ذلك ثلث الستة، فخالفوا الله تعالى؛ لأن الله يجعل للزوج
ص: 210
1- في نسختي الأصل : يفرض .
2- في نسختي الأصل : السنّة ، وكذلك ما جاء بعدها، والصحيح ما أثبتناه.
3- كذا ، والظاهر : السنّة .
روایة عبیدة السلماني في جهل عمر في کیفیة التوریث
النصف إذا لم يكن [له] ولد يعطى ثلاثة من ثمانية ويمنع ما فرض الله له ، وجعل الله للأُم الثلث إذا لم يكن للميت إخوة ، فأعطوها في هذه الحالة سهمين من ثمانية، وذلك ربع المال، وزعموا أن لو خلّفت(1) المي_ [_ة] زوجها ، وأمها، وأختها لأبيها ، وأخاها لأُمّها لزادوا بزعمهم في القسمة سهماً آخراً بسبب الأخ من الأم ، فيجعلونها في تسعة أسهم ، ثمّ يقسمون على الورثة من حساب ستة ، فيعطى الزوج ثلاثة أسهم من تسعة [ل_] يكون ذلك نصف الستة بزعمهم، والله تعالى جعل للزوج النصف - إذا لم يكن [له] ولد - فيعطى في هذه الحال الثلث ويمنع من النصف من غير أن يأمر الله به ولا رسوله ؛ بل قال الله : ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ الله أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ .. ﴾(2) .. فأوجب [النصف] للزوج.
قالوا : بل يجب له نصف السنة ، فإذاً يصير إليه الثلث مضادّة لقول الله تعالى.. وأبدع العول في هذه الفريضة .
قال عبيدة السلماني(3): وقعت في إمارة عمر [هذه الفريضة]، فلم يدرِ
ص: 211
1- كذا في نسخة (ألف)، وفي نسخة (ب) من الأصل: خلعت.
2- سورة النساء (4) : 12.
3- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل ، وتقرأ : أبو عبيدة لا سليمان.. ولا معنى مناسب لها. أقول : بعد جهد وجدت أنّ الصحيح هو : عبيدة السلماني - بدون أبو - كما أثبتناه ، وقد جاء الخبر ضمن حديث رواه أبو طالب الأنباري وأسنده إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام)، كما في تهذيب الأحكام 259/9 - 260 حدیث 971 ، ولاحظ : وسائل الشيعة 429/17 ( باب 7) حدیث 14 ، [ الطبعة الإسلامية ، وفي طبعة مؤسسة آل البيت (علیهم السّلام) 82/26 - 83 حديث 32538] ، وكذا في إحقاق الحق : 455 .. وغيره . وفيه قال : قلت لعبيدة : وكيف ذلك ؟ قال : وقعت .. إلى آخره بألفاظ مقاربة.
ما يصنع ، وقال : للبنتين الثلثان، وللأبوين السدسان، وللزوجة الثمن، قال: هذا الثمن باق بعد الأبوين والبنتين ...! فقالوا(1): أعط هؤلاء فرائضهم .. للأبوين السدسان ، وللزوجة الثمن ، وللبنتين ما يبقى . فقال : فأين فريضتهم الثلثان ؟ فقال له علي (علیه السّلام): «لهما ما يبقى ..» فأبى ذلك !(2)
قول الفضل بن شاذان: إن عمر أوجب أن الله تعالی فرض المحال المتناقض
وقال الفضل بن شاذان(3): إنّه أوجب أنّ الله تعالى فرض المحال المتناقض .. !
ص: 212
1- في التهذيب : فقال له أصحاب محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ..
2- وفي ذيله : قال عبيدة : وأخبرني جماعة من أصحاب علي (علیه السّلام) - بعد ذلك - في مثلها أنته أعطى للزوج الربع مع الابنتين، وللأبوين السدسين، والباقي ردّ على البنتين.. قال : وذلك الحق ، وإن اباه قومنا .. وللشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) بعده حديث مسهب حول التعصيب والعصبة .. فراجعه .
3- قال الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في تهذيب الأحكام 251/9 - 259 (باب 21) ذیل حدیث 970 : قال محمد بن الحسن [ صفحة : 251] : وقد ذكر الفضل بن شاذان (رحمه الله علیه) الزامات للمخالفين لنا ، أوردناها على وجهها ؛ لأنتها واقعة موقعها .. ثم ذكر هذه أوّلها ، قال : فمن ذلك أنه قال : أوجبوا أن الله تعالى فرض المحال المتناقض ، فقالوا في أبوين وابنتين وزوج: للأبوين السدسان ، وللابنتين الثلثان ، وللزوج الربع .. ثم قال : فزعموا أن الله عزّ وجلّ أوجب في مال ثلثين وسدسين وربعاً ، وهذا محال متناقض فاسد .. إلى آخره.
فقال في امرأة ماتت عن الأبوين وابنتين(1) وزوج: للأبوين السدسان، وللابنتين الثلثان، وللزوج [الربع ]، فأوجب في مال ثلثي وسدسي وربعي(2).. وهذا محال أن يكون فى مال.
وزعم أنّ للزوج(3) الربع واحد ونصف من سبع ونصف، وهذا هو الخمس لا الربع ؛ فسمّى(4) الخمس ربعاً .
وأُخرى ماتت عن زوج، وأخت لأب، [ و ] أُمّ وأُختين لأُمّ: إن للزوج النصف ؛ ثلاثة من ثمانية ، وإنّما هو ربع وثمن ، فسمّوا ثلاثة وأثمان(5) نصفاً، وللأختين من الأُمّ الثلثان(6) اثنان من ثمانية ، وإنتما هو ربع .. ومثله كثير .. وكله فاسد ؛ لأنّ الله تعالى لا يفرض بالمحال(7) ولا يغيّر الحساب(8).
ص: 213
1- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل ، ولعلّها تقرأ : ابنين ، وما أثبتناه من التهذيب .
2- كذا ؛ والظاهر : ثلثين وسدسين وربعاً.
3- في نسختي الأصل : الزوج ، بل الظاهر أنّ ربع الزوج .. وفي التهذيب : وزعموا أنّ للزوج واحداً ونصفاً من سبعة ونصف.
4- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل ، وقد تقرأ : فبنى ، وما أثبتناه من التهذيب.
5- كذا ؛ والظاهر : ثلاثة من ثمان ، وفي التهذيب : فسموا ثلاثة أثمان ..
6- في التهذيب : الثلث .
7- كذا ؛ والظاهر : المحال .
8- لا بأس بأن نختم الفصل بطرفة في المقام من خليفة القوم ! فقد روي عن مسعود الثقفي كما أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 255/6 ، بعدة طرق ، وكذا الدارمي في سننه 154/1 ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 886/2 .. وغيرهم -أنّه قال: شهدت عمر بن الخطاب أشرك الإخوة من الأب والأُمّ مع الإخوة من الأُم في الثلث ، فقال له رجل: قضيت في هذا عام أوّل بغير هذا ! قال : كيف قضيت ؟ قال : جعلته للإخوة من الأم ولم تجعل للإخوة من الأب والأم شيئاً ! قال : تلك على ما قضينا وهذا على ما قضينا ..! لفظ : تلك على ما قضينا يومئذ ، وهذا على ما قضينا اليوم ..! وسنذكر نظر الخليفة في الجد؛ حتّى أخرج البيهقي في السنن 245/6 عن عبيدة قال : إنّي لأحفظ عن عمر في الجد مائة قضية كلّها ينقض بعضها بعضها .. !! وسنرجع للحديث عن هذا الموضوع تبعاً للمصنف (رحمه الله علیه) . وما أحلى قول الأمين الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 270/6 من قوله : ما عساني أن أقول بعد قول الخليفة : والله ما أدري كيف أصنع بكم ..؟! والله ما أدري أيتكم قدم الله ولا أيكم أخر ؟! أو بعد بعد قول ابن عباس : وأيم الله لو قدّم من قدّم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضة؟ كيف لم يتزحزح الرجل عن القضاء في الفرائض والحال هذه ويحكم بالرأي ؟! وهو القائل في خطبة له : ألا إن أصحاب الرأي أعداء السنن ؛ أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فأفتوا برأيهم فضلوا وأضلّوا ، ألا وإنتا نقتدي ولا نبتدي ، ونتبع ولا نبتدع، ما نضلّ ما تمسكنا بالأثر .. أهكذا الاقتداء والاتباع ؟! أم هذه هي الابتداء والابتداع ..؟! وكيف يسوغ لمثل الخليفة أن يجهل الفرائض وهو القائل : ليس جهل أبغض إلى الله ولا أعمّ ضراً من جهل إمام وخرقه ؟! [انظر : سيرة عمر لابن الجوزي: 100 ، وصفحة : 102، وصفحة : 161]. وكيف يشغل منصة القضاء قبل أن يتفقه في دين الله ، وهو القائل : تفقهوا قبل أن تسودوا ؟ [ كتاب البخاري 38/1 ( باب الاغتباط في العلم ) ].
اختلافهم في کیفیة ومبدأ قطع السارق
وقد ذكرنا فيما تقدّم أنكم قد اجتمعتم مع أهل البيت (علیهم السّلام) على [أنّ] أمير المؤمنين (علیه السّلام) قطع السارق من مفصل مجمع الأصابع، وكذلك في الرّجلين، وقال هذا(1): استن(2) الرسول (عليه و آله السلام) في قطع اليد والرجل، وأنكر ما قطع عمر(3)، وذلك أنه قطع من الزند [ و ](4) من أسفل الساق بالعقب... فعطّل بذلك سنّة رسول الله في القطع ، وترك المقطوع لا يمكنه الوضوء للصلاة، ولا القيام فيها لحاجة، حتّى يضيف إليها خشبة(5)..
ص: 215
1- كذا ؛ ولعلّها : هكذا .
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل ، استظهرنا هنا ما أمكن قراءته منها .
3- وقريب منه في الاستغاثة : 39 - 40 ، وعنه في مستدرك الوسائل 124/18 حديث 22260.
4- الواو قد خطّ عليها في نسخة ( ب ) من الأصل ، ولا توجد في نسخة (ألف)، ولا يتمّ المعنى إلا بها .
5- العبارة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : حتّى يصف إليها حشبة ، وقد أثبتنا ما استظهرناه .
ما ترك عمر من دین الله واحدا لم یفیره ببدعة وإفساد في الإمة، مع أن غاعله کافر حتما
فوزر ذلك في عنقه من غير أن ينتقص للعامل بذلك(1).
وهل ترك هذا الرجل من دين الله حداً واحداً لم يغيّر(2) فيه ببدعة [و] ما أوقع به الفساد من الأمة ؛ مخالفة لفعل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) غير متخوف ذلك .. ؟!! وفاعل هذا كافر حتى يتوب عنه .
وهذا هو الفاروق - الذي فرّق بين الحق والباطل ...!!
أبیات لأبي إسحاق ابن الوزیر المغربي (3)
الرئيس أبو إسحاق ابن الوزير المغربي(3):
[ من المتقارب ]
وَلَو رَخَّصَ اللهُ فِي دِينِهِ *** لأُوشَكَ مِنْ مَكْرِهِ(4) أَنْ يُزِيلَهُ
وَلكِن أُتِيحَ لَهُ حَيَّةٌ(5) *** وَعَاجَلَهُ اللهُ بِالقَتْلِ غِيلَهُ
ص: 216
1- راجع : تنزيه الأنبياء للسيّد المرتضى (رحمه الله علیه) : 213 ، والشافي في الإمامة له (رحمه الله علیه) 2 / 3 - 85 ، وإرشاد الساري للقسطلاني 458/9 - 463 .. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : يتغير .. وعليه فلا حاجة إلى كلمة : فيه.
3- مرّت ترجمته في المقدمة ، ولم يرد شعره هذا في المناقب ولا غيره من المجاميع التي نعرفها ، فراجع . نعم ؛ جاء قوله في ثلاثة أبيات - على وزان هذه - وكأنها تتمة لها في موسوعتنا هذه ، كما يوجد على وزانها في المناقب للمصنّف (رحمه الله علیه) 319/1. وقد جاءت هذه الأبيات في الصراط المستقيم 10/3 بعنوان : قال ابن المغربي ..
4- كذا ؛ وقد تقرأ في نسخة (ألف) : نكره.
5- كذا في الصراط ؛ والكلمة غير معجمة ومشوشة ، أثبت ما وجد منها ، ولم نجد بديلاً مناسباً لها ، ولعلّه : خيبة. أقول : يصح عند العرب أن تذمّ الشخص فتصفه ب_: الحيّة ، وقد تمدحه بذلك ؛ تريد أنته بطل لا ينجو من ضربته عدوّه ، كالحية التي تقتل بلدغها، ولذلك قال مالك الأشتر : إنّي أنا الأفعى العراقي الذكر.
وَغادَرَ مَن فُعُولُه(1) سُنَّةٌ *** يَجُرُّ الزَّمَانُ عَلَيْهَا ذُيُولَهُ
بیتان للعوني
العوني(2):
[ من المنسرح ]
فَقَامَ بَيْنَ الجُمُوع مُنتَصِباً *** مُحققاً كُلَّ بَاطِلٍ وَهَما
يُفْهِمُهُمْ بِدْعَةٌ تَقَلَّدَها *** وَهُوَ لِمَا بَدَعَه فَافْهَمَا
* * *
ص: 217
1- كذا؛ ولعلّها : وغادر من فعله سنةً .
2- لم يرد هذان البيتان في ما جمع من شعر العوني أو وجد مبثوثاً في خلال المجاميع الشعرية كالمناقب، والغدير .. وغيرهما ، وقد أحرق شعره طاب ثراه أحرق الله روح من عاداه وكادَه ..
[ القسم الثاني ]
1 في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 15] [في مشورة ابن حنتمة]
فصل
في مشورة ابن حنتمة(1)
في قوله سبحانه: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٌّ عَدُوّاً مِنَ المُجْرِمِينَ .. ﴾
الباقر (علیه السّلام)، في قوله: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٌّ عَدُوّاً مِنَ المُجْرِمِينَ .. ﴾(2)، ﴿ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ .. ﴾(3)
في قوله تعالی: ﴿ شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ .. ﴾
«نزلت في الأول والثاني(4)».
تفسیر أمیرالمؤمنین (علیه السلام) للآیة الکریمة : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ .. ﴾
قال علي (علیه السّلام)(5) في قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ
ص: 221
1- جاءت هذه التكنية مكرّراً في رواياتنا وأخبارنا. وحنتمة؛ هي بنت هشام [ هاشم ] المخزومية ، وهي أُمّ عمر بن الخطاب ، ومن المشهورات المعلنات بالزنا. وتُعدّ هذه الكنية من الرموز التي قرّرها المصنف (رحمه الله علیه) في مدخل كتابه ، وذلك في الباب الثاني المختص بالخليفة الثاني. راجع هذه الكنية في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 75/1 - 77 ، ومن هنا يقال له: ابن حنتم .
2- سورة الفرقان (25): 31.
3- سورة الأنعام (6): 112.
4- ولها بيان وتأويل عام في تفسير علي بن إبراهيم القمي (رحمه الله علیه) : 201 - 202 [ الطبعة الحروفية 214/1].
5- الظاهر أن قوله : قال علي (علیه السّلام).. زائد هنا ؛ إذ الرواية عن الإمام الباقر (علیه السّلام).
رَبِّكُمْ .. ﴾(1) الآية ، «الحق: الولاية لعلى (علیه السّلام) [ ﴿ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا ﴾ بولاية علي ﴿ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ ]؛ نزلت في الأول والثاني، حين غلبا على الأمر ، وأخذا(2) حق أمير المؤمنين (علیه السّلام)»(3).
جواب عمر لمن قال له: لو استخلفت
الطبري التاريخي(4)؛ بالإسناد.. عن عمرو بن ميمون الأودي(5) أن عمر بن الخطّاب لما طُعِن قيل له : لو استخلفت ؟! قال : من أستخلف ؟ لو كان أبو عبيدة ابن الجراح حيّاً استخلفته!.. ولو كان سالم مولى أبي حذيفة(6) حياً استخلفته!..
تمني الخلیفة استخلاف سالم مولی أبي حذیفة
ص: 222
1- سورة النساء (4): 170.
2- في نسخة (ألف): إذ خلا.
3- وقريب منه في أصول الكافي 424/1 حديث 59 ، وتفسير العياشي 285/1 حدیث 307 [ وفي طبعة 297/1 حديث 14] ، وعنه في تفسير البرهان 428/1، و تفسير عليّ بن إبراهيم القمي (رحمه الله علیه) : 447 - 448 [ الحجرية ، وفي الطبعة الحروفية 92/2]، وقد جاء في المناقب للمصنف (رحمه الله علیه) 61/3 [ وفي طبعة بيروت 75/3]، وهو نوع من الإخبار بالغيب.
4- تاريخ الطبري 227/4 مع تقطيع [ وفي طبعة الأعلمي - بيروت 292/3]. ومثله في الكامل لابن الأثير 34/3 ، والعقد الفريد لابن عبدربه 256/2، والصواعق المحرقة لابن حجر : 102 .. وغيرهم في غيرها .
5- في نسختي الأصل : الأزدي ، وهو الذي جاء في بعض الأسانيد ، لكن الصحيح حسب المصادر الرجالية ما أثبتناه ، وعليه فإنّ ( الأزدي ) مصحف عن (الأودي ).
6- هو : سالم بن معقل ، مولى أبي حذيفة ، من أهل فارس من اصطخر ، ومعدود من الصحابة المهاجرين ، قتل يوم اليمامة سنة 12 ، وكان مولى لامرأة من الأنصار ، كما في الاستيعاب ( هامش الإصابة) 2 / 70 - 71 [561/2 ] ، وأسد الغابة 245/2 - 246 ، ومستدرك الحاكم 235/3 .. وغيرها .
وفي رواية(1): لو كان سالم أو أبو عبيدة حيّين ما تخالجني فيهما الأمر ..(2)
كان يتلهف على من لم يحضره ، ولو حضره ولاه الخلافة، وسالم عبد لامرأة من الأنصار أعتقته وحازت ميراثه ، وأبو عبيدة كان معينه يوم السقيفة ، والخلافةُ
ص: 223
1- قد جاءت في كتب العامة بألفاظ مختلفة ، كما في : العثمانية للجاحظ: 217، ومسند أحمد بن حنبل 20/1 ، والكامل لابن الأثير 34/3 [ وفي طبعة الصادر - بيروت 65/3] ، وتاريخ الطبري 34/5 [ وفي طبعة مصر 227/4، وفي الطبعة العلمية - بيروت 580/2] ، والطبقات الكبرى لابن سعد 248/3 [ وفي طبعة دار الصادر 343/3] ، وكنز العمّال للهندي 358/6 ، والاستيعاب لابن عبد البر 561/2 ، واسد الغابة لابن الأثير 246/2 ، والعقد الفريد 256/2 ، والإمامة والسياسة 28/1، وأعلام النساء 876/2، وتأويل مختلف الحديث : 115 وصفحة: 285، ومنتخب كنز العمال ،188/2 و 427/4 ، وتاريخ المدينة 140/3، وصفة الصفوة 367/1، والتمهيد للباقلاني : 204.. وغيرها.
2- وفي رواية: ما تخالجتني فيه الشكوك .. كما في الطرائف 483/2، وفي الغدير 231/7: تخالجني. وقد استدل السيّد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي 196/3 ، و 4 / 86 ، وكذا الحلبي (رحمه الله علیه) في تقريب المعارف : 350 ، وابن طاوس (رحمه الله علیه) في الطرائف : 483 ، والبياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 19/3 ، والتستري (رحمه الله علیه) في الصوارم المهرقة : 73.. وغيرهم في غيرها بهذه الرواية .
لا تصلح لهما ؛ لأنهما ما كانا من قريش(1) ، فلهذا أخذت الخوارج والمعتزلة أنتهم يرون الخلافة في كلّ الخلق لحديثكم عن عمر ، وكان يروي عن النبي (عليه وآله السلام): «الأئمة من قريش »(2).
ص: 224
1- قال عمر - كما ذكر ابن سعد في الطبقات 248/3 ، والباقلاني في التمهيد : 204، وابن عبد البر في الاستيعاب 568/2 ، وابن الأثير في أسد الغابة 246/2، وكذا في طرح التثريب 49/1.. وغيرهم في غيرها - : إنّ هذا الأمر في أهل بدر ما بقي منهم أحد ، ثمّ في أهل أحد ما بقي منهم أحد .. وفي كذا .. وكذا، وليس فيها لطليق ولا لولد طليق ولا المسلمة الفتح شيء. وقال : لو أدركني أحد رجلين فجعلت هذا الأمر إليه لوثقت به : سالم مولى أبي حذيفة ، وأبي عبيدة الجراح .. ولو كان سالم حياً ما جعلتها شورى .. أقول : كيف يجمع بين هذين المقالين وهما ليسا من السابقين ولا من قريش ، ولا لهما موقف مشرف سوى عمالتهما للخليفة وعصابته .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .
2- يعد هذا الحديث مما استفاضت به الأخبار من طرق العامة ، لاحظ عنه مثلاً : مسند أبي يعلى الموصلي 14/7 و 95 ، و 444/8 ، و 438/9 عن مصادر جمة في هامشه ، وكذا جاء في المحاضرات للراغب الإصفهاني 340/1، وحكى عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) قوله بعد ذلك : « الناس تبع لقريش في الخير والشر » .. ومصادر أخرى سنذكرها فيما بعد ، والمصنّف الله يشكك في الخبر صدوراً ومصدراً. وقد جاء من طرقنا كثيراً ، وقد أورد المصنّف طاب ثراه في مناقبه 96/1 [ طبعة بيروت 151/1]، وقال بعده : فلم يوجد إمام ضلال أو حق إلّا منهم ، وكذا جاء في المناقب 37/2 منه . وفي بصائر الدرجات : 10 بإسناده ... عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) أنه قال : « الأئمة من قريش ؛ أبرارها أئمة أبرارها ، وفجارها أئمة فجارها..»، ثم تلا هذه الآية: ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ ﴾ [سورة القصص (28): 41]. كما وقد جاء الحديث - أيضاً - في عيون الأخبار: 223 عن الإمام الرضا (علیه السّلام) ، آبائه (علیهم السّلام) أنه قال : قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): « الأئمة من قريش»، وأورده في كتاب سليم بن قيس 577/2 و 636 ، والاحتجاج للطبرسي (رحمه الله علیه) : 52 [ وفي طبعة النجف الأشرف 211/1].. وغيرهما. بل أورد شيخنا المجلسي - أعلى الله مقامه الشريف - في موسوعته الرائعة بحار الأنوار 25 /104 ( باب 1) ، كتاب الإمامة أبواباً في علامات الإمام وصفاته .. الباب الأوّل: باب أنّ الأئمة من قريش ، وأنته لم سمّي الإمام إماماً ، وذكر هناك رواية عيون الأخبار السالفة .. وغيرها ، ومثله في مستدرك سفينة البحار 198/1. أقول : ويدلّ على ضعف الحديث - مع استفاضة لفظه ومضمونه - ما روي مستفيضاً - أيضاً - عن أبي بكر من قوله عند موته : ليتني كنت سألت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عن ثلاثة أشياء.. ذكر من جملتها : ليتني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر حق .. فكيف يقول هذا القول من يروي عنه (صلی الله علیه و آله و سلم): «إنّ الأئمة من قريش » ؟ ! و «إنّ هذا الأمر لا يصلح إلّا لهذا الحي من قريش » ؟ ! ويدلّ على ضعفه - أيضاً - ما روي أنّ عمر قال عند موته : لو كان سالم حياً ما تخالجني فيه الشكوك .. وأشباه ذلك مما سلف ، كما أفاده شيخنا العلّامة المجلسي في بحاره 381/28 - 383، فلاحظ.
أبیات العوني (10)
العوني(1):
[ من الكامل ]
وَأَبو حُفَيْصٍ حِينَ غَصَّ بِرِيقِهِ *** [جَمَعَ](2) العَشِيرَ وقَرَّبَ النُّصَحَاءَا
قَالُوا أَتَعْهَدُ ؟ قَالَ : فَرْضٌ وَاجِبٌ *** -تَشاوَرُوا وَتَحَيَّرُوا(3) الآراءا
قَالُوا: ابنُ [عَوْفِ]؟ قَالَ: ذَاكَ ضُعَيْفُ(4) *** يُدْنِي الجهولَ ويُبْعِدُ العُلماءا
قَالُوا: فَذُو النُّورَيْنِ ؟ قَالَ : مُسَدَّدٌ *** لكِنَّ فِيهِ عَنِ الحُقُوقِ بِطَاءَا
قَالُوا : فَطَلْحَةُ ؟ قَالَ : لَولَا كِبْرُهُ *** قَالُوا : الزُّبَيْرُ ؟ فَمَا أَجَابَ نِدَاءًا
قَالُوا: عَلِيٌّ ؟ قَالَ : فِيهِ دُعَابَةٌ *** يَا مَنْ رَأَى أَرْضاً تَعِيبُ سَمَاءَا !!
ص: 226
1- مرّ الحديث عن الشاعر وشعره المحروق والمفقود ، ولم ترد هذه الأبيات لا في الغدير ولا المناقب ، ولا نعرف لها مصدراً غير كتابنا هذا.
2- هنا بياض في نسختي الأصل بمقدار كلمة ، وما حفٌ بمعقوفتين استظهار منا.
3- في نسخة (ألف) : تحيّر ، والظاهر : وتخيّروا .
4- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل ، وقد تقرأ في نسخة ( ب ) : مفيدة أو : معيد ، والمثبت هو الأقرب، لإطباق أكثر المصادر على قول عمر فيه : إنه ضعيف ، لو صار الأمر إليه لوضع خاتمه بيد امرأته !
قَالُوا: فَقُل(1) مَا أَنْتَ أَعْلَمُنا بنا *** فَأجابَهُمْ وَتَنَفَّسَ الصُّعَداءَ :
لوکَانَ حَيّاً سَالِمٌ لَمْ أَعْدُهُ *** وَبَكَى فَأبْدَوا ضَجَّةٌ وبُكَاءَا
بتأْسفٍ وَتَلَهُفٍ يَا وَيْلَهُ *** جَعَلَ الأُسَيْوِدَ(2) لِلنَّبِيِّ(3) كِفَاءَ(4)
هَلْ ذَاكَ إِلَّا قَوْلُ بَاعٍ حَاسِدٍ *** مَنَعَ الحُقُوق السَّادَةَ النُّجَباء؟!
نظر الخلیفة في من عینهم من السنة؛ عثمان
وعن الطبري(5) - في الخبر المذكور صدراً - ، وعن القاضي الماوردي في الأحكام السلطانية(6): أنه قيل له : استخلف عثمان ؟ قال : كيف يحبّ المال
ص: 227
1- تقرأ في نسخة (ألف) : فعل .
2- الكلمة تصغير الأسود ؛ لأنّ سالماً كان عبداً أسود مولى.
3- الكلمة مشوّشة ، قد تقرأ كذلك ، ولعلّ الأظهر أن تكون : للوصي أو للولي. أقول: قد تصح - أيضاً - (للنبي) أي إنه جعل العبد مساوياً وكفواً وخليفة للنبي (صلی الله علیه و آله و سلم).
4- ويراد من كفاء : مكافىء وعديل.
5- لم ترد الرواية في تاريخ الطبري بهذه الألفاظ، ولكن جاء بألفاظ مقاربة، وبمعناها في 4 / 228 - 229 [ طبعة الأعلمي - بيروت 292/3 - 293 ] ، كما وقد جاءت في موارد أُخرى في التاريخ أسلفنا ذكر بعضها .
6- الأحكام السلطانية للماوردي: 11 - 13.
والحسبة ؟ !(1) قيل : استخلف عليّاً ؟! قال : إذاً يحكم(2) على طريقة من الحق.
فقال ابن عمر : وما يمنعك منه ؟ فقال : يا بني ! [أكره أن ](3) أتحمّلها حياً وميتاً ..!!(4)
ص: 228
1- في نسخة ( ب ) والأحكام السلطانية : الجنّة .. ولها وجه، إلّا أنّ ما أثبتناه أظهر .
2- في الأحكام السلطانية : إذن يحملكم .
3- ما بين المعكوفين لم يرد في الأحكام، ويبدو أنّ المصنّف ينقل عن الأحكام.
4- وقريب منه ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى 341/3 - 342، وأبونعيم في حلية الأولياء 151/4 - 152 ، والبلاذري في الأنساب 16/5 [ وفي طبعة 501/5]، وابن عبد البر في الاستيعاب 419/2.. وغيرها ، من قوله - لمّا طعن عليه - : إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق الأجلح المستقيم.. يعني عليّاً [ صلوات الله عليه وآله وروحي لموضع قدمه الفداء ]. فقال له ابن عمر : ما يمنعك أن تقدّم عليّاً ؟ قال : أكره أن أتحملها حياً وميتاً !! واستدل بها السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي : 258 [ الطبعة الحجرية ، وفي الحروفية 204/4 - 205 ] ، وقريب منه في الإيضاح لابن شاذان (رحمه الله علیه): 497 ، وتقريب المعارف للحلبي (رحمه الله علیه): 349 و 357 و 367 ، وإحقاق الحق : 245 ، وشرحه 465/31 - 468 ، والاحتجاج 286/1 ، وبناء المقالة الفاطمية : 363.. ومصادر جمة في الغدير 361/5. وراجع: شرح ابن أبي الحديد 259/12 - 260 [ طبعة بيروت 170/3]، والإمامة والسياسة 24/1 ، وكنز العمّال 359/6 ، وترجمة عمر بن الخطاب في الاستيعاب، والفتح المبين 2/ 180 ، والرياض النضرة 74/2، والعقد الفريد 256/2 ، وحلية الأولياء 151/4 ، وأنساب الأشراف 214/1، وتاريخ دمشق 81/3، وتاريخ الكامل لابن الأثير 65/3 - 66 .. وغيرها .
نظر الخلیفة في اسخلاف ولده عبدالله
إذا عرف أنته لا يصلح عثمان كيف ولاه بالجهل ؟! وإن عرف أن علياً (علیه السّلام) يحمل الناس على الحق ، فلِمَ(1) يمنع الناس عن الحق ﴿ فَماذا بَعْدَ الحَقِّ إِلَّا الضَّلال ..﴾(2)؟ !
الطبري(3)، والماوردي(4)، والموصلي(5)، قيل له : ألا تستخلف عبد الله ؟ فقال :
ص: 229
1- في نسخة (ألف): ولم .
2- سورة يونس (10): 32.
3- تاريخ الطبري 227/4 - 228 [ طبعة الأعلمي - بيروت 292/3 - 293] نقلاً باختصار وتصرّف. وفي رواية الطبري : فقال له رجل : أدلك عليه ؟ ! عبد الله بن عمر . فقال : قاتلك الله ، والله ما أردت الله بهذا ، ويحك كيف أستخلف رجلاً عجز عن طلاق امرأته .. وجاء في تاريخ ابن الأثير 34/3، والصواعق المحرقة لابن حجر : 102، والعقد الفريد 156/2، وتاريخ البلاذري (أنساب الأشراف ) 577/2 ، والواقدي في المغازي 3 / 2 / 248 عن هامش بحار الأنوار 383/28 - 384.
4- الأحكام السلطانية : 35.
5- أقول : جاء في مسند أبي يعلى الموصلي 181/1 - 182 حدیث 205 مضمون ما هنا ، وليس فيه نص ما ذكره سوى أنه قال : وليس له من الأمر شي. وفيه 182/1 حديث 206 عن عبد الله بن عمر في حديث حيث قالوا له : أو لا تستخلف ؟ قال : أتحمّل أمركم حياً وميتاً ؟ ! لوددت أن حظي منكم الكفاف ، لا عليّ ولا لي ..!
لا أتحملها حياً وميتاً .
نظر الخلیفة في: طلحة
وهذا قول عارف بالظلم ، مصرّ على الضلالة، متعصب على(1) الحق.
وأما قوله : حسب آل عمر منها(2)..! فلئن كان شراً فما كان ينبغي له أن ينزلها عن آل عمر، ويصرفها إلى خيار أصحاب الرسول، وإن كانت خيراً فما كان ينبغي أن يصرفها عن آل عمر.
وروی زیاد بن کیسان.. وغيره(3)، عن ابن عباس : أن ابن خطاب لمّا طعن قال : هذا الأمر من يليه بعدي ؟! ، قلت : ولها طلحة ، قال : رجل له حدة ، كان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يعرفه ، فلا أُولي أمور المسلمين رجلاً حديداً(4).
ص: 230
1- في نسختي الأصل : في ، والظاهر ما أثبتناه.
2- في تاريخ الطبري : بحسب آل عمر أن يحاسب منهم رجل واحد .. ! وجاء - أيضاً - في الإيضاح للفضل بن شاذان بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (رحمه الله علیه) : 238 وصفحة : 497 - 498 . انظر: تاريخ المدينة لابن شبة 923/3 ، وكذا في الكامل 65/3 ، ونهاية الإرب 378/19.
3- جاء هذا الخبر مفصلاً في أكثر من كتاب ؛ منها الفائق للزمخشري 275/3 - 276 أنته دخل عليه ابن عباس حين طعن، فرآه مغتماً بمن يستخلف بعده..! ثم ذكر ما هنا وفسّر ألفاظه .
4- جاء في الاحتجاج 153/2 [315/2 - 316].
وفي رواية صاحب الإحياء(1): ما زال يعرف في طلحة الزهو(2).
وفي رواية غيره(3): فيه بأو(4) منذ أصيبت إصبعه مع رسو الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
ص: 231
1- إحياء علوم الدين 369/3 ، وفيه : .. فتفرّس ذلك عمر فيه ، فقال : مازال يعرف في طلحة بأو. ثم قال : والتأوُ [ ما ورد في الإحياء (النأو) مصحف ، والصحيح : البأو ، وهو العجب والكبر والخيلاء ]: هو العجب في اللغة .. إلى أن قال : ولما كان وقت الشورى ، قال له ابن عباس : أين أنت من طلحة ؟ قال : ذلك رجل فيه نخوة !
2- وعن البلاذري - كما في أنساب الأشراف 16/5 - 17، في رواية ابن عباس ، وقد سأله قبل أن يطعن ، وعنه العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 364/5 برقم 14 - وجاء فيه أنته قال : قلت : فأين أنت عن طلحة ؟ قال : فأين الزهو والنخوة ؟ ! وفي لفظ آخر فيه ( 17/5 ) قيل : طلحة .. قال : أنفه في السماء وإسته في الماء. فالظاهر أنّ المصنّف ينقل تمام الكلام عن الإحياء، إلا أنه في الوسط قال : وفي رواية غيره، وعلى هذا يكتب المقطع هكذا وفي رواية .. الزهو - وفي رواية غيره : فيه بأ و - منذ أُصيبت .. ثم قال : ..
3- كما أوردها القاضي أبو يوسف الأنصاري (المتوفى سنة 182 ه_) نقلاً عن شيخه أبي حنيفة في كتابه الآثار : 217، ونقله عنه العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) 144/7، ولا يوجد الذيل هناك . في إتحاف السادة المتقين 407/8: مازال يعرف في طلحة بأو منذ أُصيبت اصبعه مع رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ، والبأو هو العجب في اللغة ، إلّا أنته لم ينقل فيه أنته أظهره واحتقر مسلماً .. .. انتهى . انظر : كنز العمّال 737/5، و 198/13.
4- البأو : هو الكبر ، والتعظم فيه ، وكذا العجب والكبر . راجع : الفائق للزمخشري 275/3 - 276 ، وبمعنى الكبر والفخر ، كما قاله الجوهري في الصحاح 2278/6 ، وراجع : القاموس المحيط 302/4، ولسان العرب 63/14 .. وغيرهما . انظر : الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 2 /14 ، ويقال له : ذو البأو .
ثم قال : [ إلّا أنته ] لم ينقل [فيه أنته أظهره ](1)، واحتقر مسلماً(2).
ص: 232
1- في نسختي الأصل : ولم ينفك ، وهنا سقط عُلّم عليه ولم يُشر له في الحاشية ، أو أشي له وطمس منها ، وما أثبتناه من المصدر.
2- أقول : قال المعتزلي في شرحه على النهج 185/1 ما حاصله : قد روي أنّ عمر أقبل عليه يوم طعن وقال له : أقول أم أسكت ؟ قال : قل ، فإنّك لا تقول من الخير شيئاً ! قال : أما إنّي أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد وائياً ( والباً ) [كلاهما لم يردا بمعنى غاضباً، والشرح في هامش النهج الحديدي غلط ، والصحيح (بائياً) أي متكبّراً مفتخراً بأى يبأى)] ، بالذي حدث لك ، ولقد مات رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ساخطاً عليك بالكلمة التي قلتها يوم أنزلت آية الحجاب. قال أبو عثمان الجاحظ الكلمة المذكورة أنّ طلحة لما أنزلت آية الحجاب ، قال بمحضر ممّن نقل عنه إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): ما الذي يغنيه حجابهن اليوم ؟! فسيموت غداً فننكحهن !! ولكلام الجاحظ تكملة طريفة هناك ، قال أبو عثمان : لو قال لعمر قائل : أنت قلت إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) مات وهو راض عن الستة ، فكيف تقول الآن لطلحة : إنّه مات (صلی الله علیه و آله و سلم) ساخطاً عليك للكلمة التي قلتها .. لكان قد رماه بشاقصه .. ولكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا فكيف هذا ؟! كما حكاه ابن أبي الحديد في شرح النهج 62/1[188/1]، و 170/3.. وغيره. وراجع : تفسير القرطبي 228/14 - 229 ، تفسير ابن كثير 506/3، تفسير البغوي 225/5 ، تفسير الخازن 225/5 ، تفسير الآلوسي 74/22، فيض القدير 290/4.. وغيرها ذيل قوله سبحانه: ﴿ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً ﴾ [سورة الأحزاب (33) :53] حيث صرّح هؤلاء بأن القائل هو طلحة .
نظر الخلیفة في : الزبیر
قال ابن عباس : قلت : فالزبير ؟ قال رجل بخيل [ رأيته ](1).. يماكس امرأته في كبة [من ] غزل ! فلا أوَلّي أمور المسلمين بخيلاً(2).
وفي رواية غيره : ليس له هم إلا الصفق بالبيع(3).
وفى أُخرى : إنّه مؤمن الرضا كافر الغضب(4).
ص: 233
1- ما بين المعكوفين مزيد من الاحتجاج 154/2 [2 /316].
2- وذكر الحديدي المعتزلي في شرح النهج 185/1 [وفي طبعة ذات أربعة مجلدات 62/1] أنّ عمر قال له يوم طعن : أما أنت يا زبير ! فوعق لقس ، مؤمن الرضا، كافر الغضب ، يوماً إنسان ويوماً شيطان، ولعلّها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مدّ من شعير .. أفرأيت إن أفضت إليك فليت شعري من يكون للناس يوم تكون شيطاناً ؟ ! ومن يكون يوم تغضب ؟ ! وما كان الله ليجمع لك أمر هذه الأُمّة وأنت على هذه الصفة .. ! وقال له أيضاً - كما ذكره هناك 259/12 [ وفي طبعة 170/3 ] - : أما أنت يا زبير فوالله ما لأنّ قلبك يوماً ولا ليلة ، وما زلت جلفاً جافياً .
3- كما جاء في كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان (رحمه الله علیه) : 236 - 237 .
4- لا توجد كلمة ( الغضب ) في نسخة ( ألف ) ، وفيها فراغ بمقدار كلمة . أقول : وجاء في الإيضاح للفضل بن شاذان (رحمه الله علیه) : 500 - 501 ، والشافي في الإمامة 203/4 ، وتقريب المعارف للحلبي (رحمه الله علیه) : 350 ، والعدد القوية : 252، والصراط المستقيم 23/3 .. وغيرها. وزاد في نهج الحق : 287 قوله ... يوماً شيطان، ويوماً رحمان شحيح .. وفي إحقاق الحق : 245 قوله : .. يومان شيطان ويومان رحمان. وراجع : الإمامة والسياسة 43/1 [ تحقيق الشيري ، وفي تحقيق الزيني 29/1]، تاريخ المدينة لابن شبة 883/3 . غيرهما . أقول : وقولة عمر فيه : من يعذرني من أصحاب محمد [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ؟ لولا أنتي أمسك بفم هذا الشغب لأهلك أُمة محمد [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ، كما في الغدير 126/10، وأحال هناك على 369/9، بل جاء في تاريخ بغداد 464/7 ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 403/18. وقد جاء في رواية ابن عبّاس التي حكاها عن عمر قبل أن يطعن، وأوردها البلاذري في الأنساب 16/5 .. وغيره ، أنه قال عن الزبير : لقس ، مؤمن الرضا، كافر الغضب ، شحيح ، إنّ هذا الأمر لا يصلح إلا لقوي في غير عنف ، رفيق في غير ضعف ، جواد في غير سرف. وفي رواية القاضي أبي يوسف في كتابه الآثار - السالف - قال : قالوا : الزبير ، قال : ليس هناك.
قال ابن عبّاس : فقلت : فسعد ؟
نظر الخلیفة في: سعد بن أبي وقاص
قال : رجل صاحب فرس وقوس(1)، وليس من أحلاس(2) الخلافة .
ص: 234
1- ومثله حكاه القاضي أبو يوسف في كتابه الآثار : 217 عن شيخه أبي حنيفة إمام الحديث ، وأورده شيخنا الأميني الله (رحمه الله علیه) الغدير 144/7 ، ومثله في تاريخ المدينة لابن شبة 883/3.
2- قال العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بيان له في بحار الأنوار 282/49 : قوله : من أحلاس الخلافة : أي ممن يلازمها ، ويمارس لوازمها من الحلس - بالكسر - : وهو كساء على ظهر البعير ، تحت البرذعة ، ويبسط في البيت تحت حر الثياب ، ويقال : هو حلس بيته .. إذا لم يبرح مكانه . وكذا راجع عنه بحار الأنوار 355/31 ، ويراد منه أنته لم يكن من ساسة الخلافة. قال في لسان العرب 55/6 : يقال فلان حلس البيت ؛ الذي لا يبرح البيت وهو عندهم ذم .. أي أنه لا يصلح إلا للزوم البيت ، قيل : حلس لا يبرح القتال.
نظر الخلیفة في: عبدالرحمن
وفي رواية غيره(1): سعد صاحب قنص(2)..
وكان يقال : إنّ سعداً رجل من عُذرة وليس هو من قريش.
وفي رواية : إن سعداً صاحب مقنب(3)، وقال : وإنه لا يقيم(4) بتدبير أهله وقومه(5).
قال ابن عبّاس : فقلت : عبد الرحمن ؟
قال : رجل ليس يحسن أن يكفى عياله.
وفي رواية غيره : نعم الرجل ذكرت ، غير أنه ضعيف(6).
ص: 235
1- راجع: تمهيد الباقلاني : 512 ، والتذكرة الحمدونية 147/9.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل: قبض .
3- في نسختي الأصل : مقسم ، وجاء في حاشية نسخة ( ب ) : مقنب ، وزاد عليه البلاذري في الأنساب 16/5:.. وقتال ، لا يقوم بقرية لو حمّل أمرها .
4- وجاءت في نسخة ( ب ) كلمة ( يقوم ) تصحيحاً .
5- وفي أنساب الأشراف للبلاذري 16/5 قال : ذاك صاحب مقنت [كذا ] وقتال ، لا يقوم بقرية لو حمل أمرها ، وفيه أيضاً : صاحب مقنب ، قرية له كثير.
6- وفي رواية الآثار للقاضي أبي يوسف الأنصاري - السالفة - قال عمر : فيه إمساك شديد ، ولا يصلح لهذا الأمر إلا معط في غير سرف، وممسك في غير تقتير. وفي رواية ابن عبّاس التي جاءت في أنساب البلاذري 16/5: قال عمر عن عبد الرحمن: هو رجل صالح على ضعف ! وعنه ذكره العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 364/5، وكذا في 145/7. كما في الفتوح لابن أعثم 325/2 وزاد وأمره فى يد امرأته.
قال ابن عبّاس : قلت : عثمان ؟
نظر الخلیفة ثانیا في: عثمان
قال : والله لئن وليته ليحملن بنى معيط على رقاب المسلمين ، وأوشك إن فعلها أن يقتلوه(1).
وفي تاريخ الطبري(2): فإن ولي عثمان ففيه لين.
وفي رواية غيره : اجتمع في قلبه حب الدنيا والآخرة، وكلف بأقاربه(3).
ص: 236
1- وفي ما أخرجه القاضي أبو يوسف الأنصاري (المتوفى سنة 182 ه_) عن شيخه أبي حنيفة في كتابه الآثار : 217.. وغيره، أنه قال : لو وليتها عثمان لحمل آل أبي معيط على رقاب الناس ، والله لو فعلت لفعل ، ولو فعل لأوشكوا أن يسيروا إليه حتى يجزّوا رأسه كما حكاه العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 144/7. وفي رواية الأنساب 16/5 عن ابن عباس ، قال : قلت : فأين أنت عن عثمان ؟ قال : لو وليها لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس.. ولو فعلها لقتلوه ! راجع : الفائق للزمخشري 420/2 ، النهاية في غريب الحديث 72/3 مادة (كلف)، منتخب كنز العمال للهندي 429/4 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد 142/6.. وغيرها .
2- تاريخ الطبري 229/4 [ طبعة الأعلمي - بيروت 293/3] .
3- كما في الإيضاح : 164 وصفحة : 236 ، والشافي في الإمامة 227/4 . وانظر: الاستيعاب 3 /1120 ، والفائق للزمخشري 168/3 ، وشرح النهج 11/3 ، و 142/12 ، والرياض النضرة ،329/2 ، وكنز العمّال 738/5 - 741..
نظر الخلیفة ثانیا في: ابن عمر
وفي رواية: أن روتة خير منه !(1)
وفي رواية الماوردي(2): كيف ؟! .. يحبّ المال و الجنّة .. !
وفي رواية : ولّ ابن عمر ؟ قال : إنه ضعيف في يدي امرأته .
نظر الخلیفة في: أمیر المؤمنین (علیه السلام)
قال ابن عباس : .. ثم سكت لما أعرف من مغايرته [ل_] أمير المؤمنين (علیه السّلام).
فقال : [ يابن عبّاس ! ] اذكر صاحبك .
فقلت : فولها عليّاً . فقال : والله ما جزعي إلا لما أخذنا الحق من أربابه، والله لئن ولّيته ليحملتهم على المحجة البيضاء(3)، وإن يطيعوه يدخلهم الجنة .. !!(4)
ص: 237
1- لاحظ : كتاب الكراجكي (رحمه الله علیه) التعجب من أغلاط العامة : 143. وفي شرح النهج 259/12 : وأمّا أنت - يا عثمان ! - فوالله لروثة خير منك .
2- الأحكام السلطانية : 13.
3- في الاحتجاج : العظمى .
4- وهذا بيان مستوحى من كلمات رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، كما أخرجه أحمد بإسناد صحيح عندهم في مسنده 109/1 ، والحاكم النيشابوري في مستدركه 3 /70 ، عنه [(صلی الله علیه و آله و سلم)] في حديث : « وإن تؤمروا عليّاً - ولا أراكم فاعلين - تجدوه هادياً مهدياً يأخذ بكم الطريق المستقيم » ، وراجع أيضاً : سبل الهدى والرشاد 250/11. وعنه (صلی الله علیه و آله و سلم) - كما في حلية الأولياء 64/1 - قوله : «إن تستخلفوا عليّاً - وما أراكم فاعلين - تجدوه هادياً مهدياً يحملكم على المحجة البيضاء». وراجع أيضاً : تمهيد الأوائل : 510 ، وتاريخ المدينة لابن شبة 883/3، والتذكرة الحمدونية 147/9.. وغيرها .
فهو يقول هذا ..! ثمّ صيّرها شورى بين ستة !!(1)
وفي رواية الطبري(2): إن ولي علي ففيه دعابة، وأخر به أن يحملهم على طريق الجنة(3).
وفي رواية البلاذري(4): لو ولوها الأجلح(5) لأقامهم على كتاب الله
ص: 238
1- وبألفاظ مقاربة جاء في الاحتجاج للشيخ الطبرسي (رحمه الله علیه) 153/2 - 154 وقولة عمر : - فوالله ما جزعي إلا لما أخذنا الحق من أربابه ، والله لئن وليته ليحملتهم على المحجة العظمى ، وإن يطيعوه يدخلهم الجنّة .. وزاد على بين ستة ، قوله : فويل له من ربه .
2- تاريخ الطبري 229/4 [ طبعة الأعلمي – بيروت 294/3].
3- في المصدر : طريق الحق . وجاء في حديث ابن عبّاس كما في الأنساب للبلاذري 16/5 ، وعنه نقله العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في موسوعته الغدير 364/5 - حيث قال : قال عمر : لا أدري ما أصنع بأمة محمد [(صلی الله علیه و آله و سلم)] - وذلك قبل أن يطعن - فقلت : ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم ؟ قال : أصاحبكم ؟! يعني عليّاً . قلت : نعم ، هو أهل لها في قرابته برسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وصهره وسابقته وبلائه . فقال عمر : إنّ فيه بطالة وفكاهة ..!!
4- الأنساب للبلاذري 16/5.
5- ويحتمل أن يكون : الأصلع. والموجود في الأنساب 501/5 إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق. أقول : جاء لفظ ( الأصلع ) في بعض الروايات بدلاً من ( الأجلح ) ، كما في العدد القويّة : 252 ، والغدير 144/7 ، و 9/10 عن الرياض النضرة 241/2 [ وفي طبعة 411/2] ، وتاريخ الإسلام 639/3 [ طبعة بيروت ] ، والاستيعاب 1130/3 برقم 1855 ( ترجمة أمير المؤمنين (علیه السّلام)) ، وطبقات ابن سعد 257/3، ومنتخب كنز العمّال : 529 . . وغيرها .
وسنّة نبيه(1).. فأي طعن أشدّ من هذا ؟ !(2)
ص: 239
1- وقد جاءت جملة روايات في قولته : إن ولوها الأجلح سلك بهم الطريق المستقيم، كما في الإيضاح : 128 [ جاء في الهامش : 236 من الإيضاح ] عن الاستيعاب لابن عبد البر 419/2 في ترجمة عمر .. وغيره في هامشه ، والشافي في الإمامة 204/4، و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 170/3 ، والإمامة والسياسة لابن قتيبة 24/1، وطبقات ابن سعد 338/3 - 339 ، وفتح الباري لابن حجر 55/7 ، وحلية الأولياء لأبي نعيم 151/4 - 152.. وغيرها . وذكر المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة 2/ 20 قولة عمر لابن عبّاس بشكل آخر، حيث قال له : أما - والله - إنّ صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] إلا أنا خفناه على اثنتين .. قال ابن عبّاس : فقلت : ما هما يا أمير المؤمنين ؟ ! قال : خفناه على حداثة سنّه ، وحبّه بني عبد المطلب. ولابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 260/12 ، [634/2] كلام هنا حري بالملاحظة. ولاحظ : شرح إحقاق الحق 465/31 - 469 ، وكذا: 299/4، و 320/18، و 20 / 692 .. عن جملة مصادر .
2- والأنكى من هذا كله والأمر ما ذكره القاضي أبو يوسف الأنصاري (المتوفى سنة 182 ه_) في كتابه الآثار : 217 نقلاً عن شيخه أبي حنيفة - وعنه حكاه العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 144/7.. وغيره - فقالوا : عليّ ! قال : رجل قعدد ! أقول : المراد من ( القعدد ) هو الجبان الخامل .. أي القاعد عن الحرب، كما قاله الفراهيدي في العين 143/1. وهل يقول الأروى الفرّار في جميع الحروب مثل هذا لأبي الحسن (علیه السّلام)..؟! والله لا يقولها له إلّا ولد زنا أو حيض أو نفاس.. ولا أعرف ما فوق هذا. وكأن الزنديق الكافر نسي أو تناسى مواقف سيد الوصيين ويعسوب الدين وأنته لو لا سيفه لما قامت للدين قائمة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله . وما أروع قولة شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 151/7 حيث قال : وهذا عمر بن الخطاب ونصوصه بين يديك على أنّ الأمر كان لعلي ، غير أنتهم زحزحوه عنه لحداثة سنه والدماء التي عليه ، أو لما قاله لما عزم على الاستخلاف : لله أبوك لولا دعابة فيك ... كما في الغيث المنسجم للصفدي 168/1 - وكان يدعو الله ربه أن لا يبقيه لمعضلة ليس فيها أبو الحسن ، ويرى أنّ عليّاً لولاه لضلّ هو .. ولولاه لهلك هو .. ولولاه لافتضح هو .. وعقمت النساء أن تلدن مثل عليّ .. إلى كثير ممّا مرّ عنه في الجزء السادس في نوادر الأثر . ثم قال - لا فض الله فاه - : ولم يكن قطّ يختلج في هواجس ضميره ولن يختلج .. وأنى يختلج .. ! أنته كان يماثل مولانا عليّاً في إحدى فضائله، أو يدانيه في شيء منها ، أو يبعد عنه بقليل .. قدّس الله روحك الطاهرة يا شيخنا ! وحشرك وإيانا مع موالينا محمد وآله عليهم السلام.
وقد روي(1) أنه قال : يا علي! فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحتهم(2).. !
قالوا فما يمنعك من ذلك ؟ ! قال : ليس لى إلى ذلك سبيل .
أبیات ابن حماد (6)
ابن حماد(3):
[ من الرجز ]
ص: 241
1- قال المصنف (رحمه الله علیه) في كتابه مناقب آل أبي طالب 242/1 - 243 [14/2 من طبعة بيروت] وقد روى المخالف والمؤالف من طرق مختلفة منها : عن أبي صبرة ( أبي بصير ) [ الظاهر : أبي صفرة ظالم بن سراق ، لاحظ : أسد الغابة 231/5]، مصقلة ابن عبد الله ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال: «لو وزن إيمان علي بإيمان أُمتي - وفي رواية : وإيمان أُمّتي - لرجح إيمان علي على إيمان أمتي إلى يوم القيامة » .
2- وفي الشافي في الإمامة 204/4: لرجح . ثم قال : فقام علي (علیه السّلام) مولياً ، فقال عمر : والله إني لأعلم لكم مكان رجل ، لو وليتموها إياه لحملكم على المحجة البيضاء.. وكذا جاء في شرح النهج للمعتزلي 259/12 ، وفيه لرجحهم ، فقال علي:... ومثله في تقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي (رحمه الله علیه): 349، وبناء المقالة الفاطمية لابن طاوس (رحمه الله علیه): 88، ونهج الحق للعلامة (رحمه الله علیه) : 287 ، والصراط المستقيم للبياضي (رحمه الله علیه) 23/3 .. وغيرهم في غيرها لغيرهم . ولاحظ : شرح إحقاق الحق 617/5.
3- الذي ظهر لي من مجموع التتبع في شعر شاعرنا (رحمه الله علیه) أن هذه القصيدة مفصلة جداً بيان ظلامة أهل البيت (علیهم السّلام)، لعله قد مرّ منها قسم فيما سلف ، وسيأتي لها تتمة ظاهراً في أكثر من موطن ، كما وقد جاءت أبيات منها في المناقب لعلّها تعد مكملة لما ههنا ، كما في 107/2 من المناقب في مدح أمير المؤمنين (علیه السّلام) بالشجاعة في ثمانية أبيات ، أُخرى فى 225/3 - 226 منه.
وَيْلٌ لَهُ عَبْدٌ عَصَى سَيْدَهُ *** وَاقْتادَهُ إِلى الرَّدى شَيْطانُهُ
أَعْمَىٰ غَوَىٰ عَنْ رُشْدِهِ وَهَدْيِهِ *** وَشايَعَتْهُ في العَمَى أَعْوانُهُ
حَتَّى إِذا الخَائِنُ حَانَ حَيْتُهُ *** فَازَ بِها خَلِيلُهُ فُلانُهُ
کَذا دَعاهُ اللهُ في فُرْقَانِهِ(1) *** فأُمّها(2) الَّذِي قَدْ ضُمِّنَتْ فُرقانُهُ(3)
حَتَّى إِذا الثَّانِي قَفَا الأَوَّلَ لا *** وَسِعَهُ مِن رَبِّهِ غُفْرَانُهُ(4)
ص: 242
1- إشارة إلى قوله: ﴿ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ﴾ [سورة الفرقان (25): 28].
2- قد تقرأ في نسختي الأصل: قامته ، والظاهر أنّ الصحيح : فاقرا .
3- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، قد تقرأ : مرقانه ، ولا يخفى ما في العجز من اختلال و تشویش.
4- عجز البيت مشوّش في نسختي الأصل، يقرأ: وسعهما من ربّه غفرانه ، وما هنا استظهار منا لفظاً ومعنىً.
صَيَّرها في سِتَّةِ شُورَى وقَدْ *** أسَرَّ أَنْ يَخْلَعَهُ قَرمَانُهُ(1)
وقال أصحاب التاريخ(2): قال عمر : إن لم أستخلف فقد ترك من هو خير مني -
ص: 243
1- هذا استظهاراً ، وقد تقرأ : قرفانه وقرمان، وهما رمز لخليفتهم الثالث ؛ عثمان بن عفان، وهو ممّا قرره المصنف (رحمه الله علیه) له في مقدمة كتابنا هذا. قال الصاحب بن عباد (رحمه الله علیه) كما جاء في المحيط في اللغة 414/5 - : - القرم : شدّة الشهوة إلى اللحم ، كما جاء في لسان العرب 473/12 ، أو : الميل المفرط لأكل اللحم ، كما جاء في تاج العروس 532/6 ، يقال : قرمت إلي اللحم، وهو قرم وقرمان . وراجع : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 129/3.
2- قاله غير واحد منهم ؛ كما جاء في تاريخ ابن كثير 50/5 ، وتاريخ الطبري 228/4 [33/5] عن أبي مخنف .. وغيره ، والإمامة والسياسة 41/1 [ تحقيق الشيري ، وفي تحقيق الزيني 28/1 ، وفي طبعة مصر 23/1]. وقد جاء - أيضاً - في صحاح العامة ومسانيدهم وسننهم ، كما في كتاب مسلم 2 / 120 (كتاب الإمارة ) [1454/3 ( باب الإمارة ) حدیث 1833]، وكتاب البخاري 1072/1 ( باب الاستخلاف من كتاب الأحكام) [2256/4 ( باب 51) حديث 7218]، وذكره أحمد في مسنده 43/1 و 46 ، والبيهقي في سننه 148/8، والهندي في كنز العمّال 734/5 ، والترمذي في سننه 502/4 حدیث 2225 ، وقال عنه : هذا حديث صحيح ، وأبو داود في ، وأبو داود في سننه 567/2 حديث 2546 ، كما وقد جاء في المنهاج في شرح كتاب مسلم 154/15 .. وغيره. راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد 343/3 ، وتيسير الوصول 49/2، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 185/1 .. وغيرها . كما وقد نص عليه جمع منا نقلاً عنهم كالسيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي 115/2، و 102/3 - 103 ، والشيخ الطوس الاقتصاد : 208.. وغيرهما . وجاء في الغدير 360/5 - 361 عن - عدة مصادر ، وقال : أخرجه الشيخان وأبو داود والترمذي ، وكذا في شرح إحقاق الحق 468/31 نقلاً عن جملة مصادر ..
شهادة عمر للسته بالجنة، ثم عایهم
يعني رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] - وإن أستخلف فقد استخلف من هو خير [منّي ] - يعني أبا بكر - في استخلافه إياه ..!
استخلاف عمر لسنة؛ خالف بذلك سیرة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأخذ بسیرة صاحبة
فقد(1) خالف رسول الله !! ثمّ خالفهما جميعاً ؛ بأن ذكر أن هذا الأمر لا يجد(2) له موضعاً ، وهو يرى أمير المؤمنين (علیه السّلام) صباحاً ومساءً !
بیت ابن بابك البغدادي
ابن بابك البغدادي(3):
[بحر السريع ]
إِنَّ عَليَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ *** كَانَ مِن السِتَّةِ فِي الشُّورَىٰ !(4)
ورويتم أنته قال : قد اخترت لكم ستة نفر ، مضى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وهو عنهم راض، وإنّهم من أهل الجنة ..(5)
ص: 244
1- هذا استظهاراً منا ، ولعلّها تقرأ كذلك في نسخة (ب)، وفي نسخة (ألف): فقال .
2- في نسخة (ألف) : نجد.
3- هو : أبو القاسم عبد الصمد بن منصور بن بابك البغدادي له ديوان كبير في مجلدين ، وقيل : ثلاثة ، المتوفى سنة 410 ه_.
4- نحتمل هذا بيتاً من قصيدة له ، ولم نحصل عليها.
5- وقد رواه البلاذري في أنساب الأشراف 577/2 .. وغيره ، وفيه قولة عمر : قد رأيت من أصحابي حرصاً سيئاً ! وإنّى جاعل هذا الأمر إلى هؤلاء النفر الستة الذين مات رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] وهو عنهم راض . ثمّ قال قال : لو أدركنى أحد رجلين لجعلت هذا الأمر إليه ولوثقت به : سالم مولى حذيفة ، وأبو عبيدة بن الجراح . راجع: كتاب البخاري 267/5 [107/2 ] ، و 4 / 206، فتح الباري في شرح كتاب البخاري ،54/7 ، وكتاب مسلم 81/2 ، ومستدرك الحاكم 90/3 - 91، ومسند أحمد بن حنبل 20/1 و 48 ، والسنن الكبرى للبيهقي 150/8 ، ومجمع الزوائد (220/4 ، و 25 / 184 ، و 1005/60 . . وغيرها . وانظر : نيل الأوطار للشوكاني 159/6 ، وأنساب الأشراف 18/5.. وغيرهما. وقد ذكره من الأصحاب جمع كثير منهم الفضل بن شاذان النيشابوري (رحمه الله علیه) في الإيضاح : 236 و 515 ، والطبري الإمامي (رحمه الله علیه) في المسترشد : 544 ، والعلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في موسوعته الرائعة بحار الأنوار 394/31 - 395، وموارد أُخرى فيه وفي غيره.
شهد لهؤلاء بالجنّة ، ثمّ عابهم ، ثم اختارهم! وأمر بالشورى!
أمره صهیب باصلاة بالناس حتی یتفقوا علی خلیفة
وقال لصهيب(1): صلّ بالناس ثلاثة أيام حتّى يتفقوا على خليفة، ووصى أن يصلّي عليه صهيب(2)، ولم يأمر أهل الجنة !! ولا كان في الصحابة أفضل منه !! وأولى الناس بالصلاة على الميت أقربهم إليه، ولم يأمر بنيه.
ص: 245
1- تاريخ الطبري 230/4 [ وفي طبعة 294/3].
2- هذا متفق عليه وتضافرت عليه المصادر وله عدة أسانيد ، لاحظ بعضها في حلية الأولياء 152/4.. وما بعدها.
بیتان للفرزدق
الفرزدق(1):
[ من البسيط ]
صَلَّى صُهَيْبٌ ثَلاثاً ثُمَّ أَرْسَلَها *** على(2) ابنِ عفَّانَ مُلْكاً غَيْرَ مَعْسُورٍ(3)
وضع علی من شهد له بالجنه خمسین رجلا وولی علیهم صهیبا
وَصِيَّةٌ(4) من أبي بَكْرٍ لِصاحِبِهِ *** كانَتْ ضَلالَةَ مُخْتارٍ ومَأْمُورِ(5)
ثمّ وضع عليهم خمسين رجلاً من الأنصار ، مع أبي [طلحة ] زيد بن سهل(6)، وولّى منهم صهيباً على أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)(7).. أكان في ذلك مصيباً ؟! أو ليس
ص: 246
1- راجع: تاريخ الطبري 298/3 [234/4 طبعة دار المعارف - مصر ] ، وجاء فيه البيت الأوّل فقط ، وجاء البيتان في أنساب الأشراف 511/5، والبيان والتبيين : 552 . ومثله في التنبيه والإشراف للمسعودي : 253 .. وغيره.
2- في التنبيه للمسعودي : إلى، بدلاً من: على.
3- في تاريخ الطبري : غير مقصور ، ويصح فيه : معسور ، وفي نسخة (ب) : مقسور .
4- في تاريخ الطبري : خلافة ، بدلاً من : وصية .
5- جاء البيت عند الطبرى هكذا: خلافة من أبى بكر لصاحبه *** كانوا أخلاء مهدي ومأمور
6- في نسختي الأصل : أبي سهيل بن حنيف ، وهو غلط قطعاً، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
7- راجع : تاريخ الطبري 229/4 ، التنبيه والإشراف 252/1، تجارب الأُمم 417/1، الكامل في التاريخ 67/3 .. وغيرها .
قد شهد للستة بالجنّة ، وولّى عليهم صهيباً وليس من أهل الجنة ؟ !
شاعر(1):
[ من الوافر ]
وَقَالَ كَبِيرُهُمْ: مَا الرَّأْيُّ فِيهِ *** إِذا صَارَ الخِلافَةُ فِي عَلِيٌّ(2)؟
...(3) *** كذا أوحى الإلهُ إِلَى النَّبِيِّ
ص: 247
1- نسب المصنّف طاب ثراه في مناقبه 41/3 [ طبعة قم، وفي الطبعة الأُولى 242/2] هذه الأبيات إلى البشنوي .. ولم نجدها مذكورة من غيره وعليه طبّقناها. نعم ؛ جاءت في الغدير 39/4 هكذا : [ من الوافر ] فقال كبير هم: ما الرأي فيما *** ترون برد ذا الأمر الجليّ سمعتم قوله قولاً بليغاً *** وأوصى بالخلافة في عليّ فقالوا: حيلة نصبت علينا *** ورأي ليس بالعقد الوفي ندبّر غير هذا في أُمور *** ننال بها من العيش السني سنجعلها إذا ما مات شورى *** لتيمي هنالك أو عديّ وقد شوّشت الأبيات كلاً مع تقديم وتأخير هنا ، مما يكشف أنّ منقول المصنف (رحمه الله علیه) كان غالباً من محفوظاته لا مكتوباته ومستنسخاته ..
2- هذا البيت في المناقب هكذا : [ بحر الوافر ] فقال كبيرهم ما الرأي فيما *** ترون برد ذا الأمر الجلي
3- صدر البيت كلاً بياض في نسختي الأصل. أقول : لم يرد هذا البيت كلّاً في المناقب .. وجاء بعد الأوّل ، قوله (رحمه الله علیه): [ من الوافر ] سمعتم قوله قولاً بليغاً *** وأوصى بالخلافة في عليّ
أبیات لشاعر (4)
فَقَالُوا: حِيلَةٌ نُصِبَتْ عَلَيْنا *** وَرَأْي ليسَ بِالعَقْدِ السَّنِي(1)
[سَنَجعَلُهَا إذَا مَاتَ شُورَى ](2) *** لِتَيْمِيُّ نالِكَ أَوْ عَدِيّ
وقال الطبري(3) وسائر المؤرّخين : إنّ عمر قال : ولا يأتين اليوم الرابع إلا و(4) عليكم خليفة(5)، ويحضر عبد الله بن عمر مشيراً ولا شيء له من الأمر ..(6)
کیفیة إجراء الشوری وما صدر من الخلیفة من أحکام فیهم
وقم على رؤوسهم؛ فإن اجتمع خمسة [ ورضوا رجلاً] وأبى واحد ؛ فاشدخ رأسه - أو اضرب رأسه - بالسيف، وإن اتفق أربعة فرضوا رجلاً منهم وأبى اثنان؛ فاضرب رؤوسهما ، فإن رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم ، فحكموا
ص: 248
1- كذا جاء البيت ثالثاً في المناقب، إلّا أنّ في آخره : الوفي، بدلاً من: السني، وجاءت قافية السني في البيت الرابع ، حيث قال : [ بحر الوافر ] ندبّر غير هذا في أُمور *** ننال بها من العيش السني
2- صدر البيت كلّاً بياض في نسختي الأصل ، وأثبتناه من المناقب.
3- تاريخ الطبري 4/ 229 [ طبعة الأعلمي - بيروت 293/3 - 294 ، و 5 / 35 من طبعة 293/3 أُخرى ] مع إجمال هنا وإسهاب هناك ، وعنه في الغدير 375/5. ومثله في تاريخ الكامل لابن الأثير 35/3 [66/3]، وروي قريب منه في ترجمة عثمان من كتاب أنساب الأشراف 19/5. ولاحظ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 263/12 - 264، وتاريخ المدينة لابن شبة النميري 924/3 .. وغيرهما.
4- لا توجد الواو في نسخة (ألف).
5- في المصدر : وعليكم أمير منكم .
6- هنا سقط كثير نحو خمسة عشر سطراً من تاريخ الطبري..
بأمر بقتل أهل الجنةء إن لم یتنقوا علی شیء
عبد الله بن عمر ، فأيّ الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم، فإن لم يرضوا(1) بحكم عبد الله بن عمر، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع عليه الناس .. !!(2)
فهذه ديانة ؟! يأمر بقتل أهل الجنة إن لم يتفقوا على شيء ومضت ثلاثة أيام ..؟!(3)
أبیات لشاعر (3)
شاعر:
[ من الرجز ]
ثُمَّ جَعَلْتُمْ وَاحِداً مِنْ سِتَّةٍ *** مَنْ كَانَ بِالبَيْعَةِ أَوْلَى مِنْهُمُ
وَهْوَ(4) لَعَمْرِي وَاحِدٌ مِن سِتَّةِ(5) *** خُصَّ مِنَ العِلْمِ بِما لَمْ تَعْلَمُوا
ص: 249
1- في نسختي الأصل : فلم يرضوا .. وهو سهو ، وما في المتن جاء تصحيحاً على نسخة ( ب ) ، وهو الذي جاء في تاريخ الطبري .
2- ومثله في الأنساب للبلاذري 16/5 وصفحة : 18 ، والإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري 23/1 ، والعقد الفريد لابن عبدربه 257/2 ، وتاريخ اليعقوبي 162/2 مفصلاً .. وغيرهم.
3- وقد عدّ العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في مطاعن الثاني أمره بضرب أعناق قوم أقر بأنهم أفضل الأمة ومن أهل الجنة !! لاحظ ما ذكره العلّامة المجلسي الله في بحار الأنوار 65/31 - 69.. وقد همّش عليه بمصادر جمة من محققه غفر الله له وأرضاه.
4- في نسختي الأصل : ولهو .
5- في نسختي الأصل : سنة .
مِنْكُمْ كِتابُ اللهِ أمْ مِنْهُمْ بَدا *** والعِشرَةُ الهادُونَ أَنْتُمْ أَمْ هُمُ ؟!
ما ورد في العباس عم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
فلمّا جعل الشورى أدخل فيها سعد بن أبي وقاص النجار، وعبد الرحمن بن عوف السمّان، والزبير بن العوام الخياط ، وطلحة بن عبيد الله بياع الجلود، وعثمان بن عفّان النسّاج، ولم يدخل فيها العبّاس !!
وقد جاء في كتاب العقد(1) عن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] يُبجّل أحداً تبجيله لعمه العباس.
وقال (عليه و آله السلام): «احفظوني في عمّي العبّاس»(2).
ص: 250
1- العقد الفريد 424/2 بنصه .
2- ورواه الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في أماليه 251/1 و 372 [ الطبعة الحيدرية ، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 362 حديث 754] مسنداً ، وفيه: «احفظوني في عمي العباس؛ فإنّه بقية آبائي» ، وفي أخرى : « فإنّ عمّ الرجل صنو أبيه » ، كما في كنز العمّال 702/11. وفيه أيضاً 231/1 [ الطبعة الحيدرية ، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 273 حديث 518 ] ، بإسناده ... عن ابن عبّاس، عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال : «من آذى العبّاس فقد آذاني ، إنّما عمّ الرجل صنو أبيه » ، وفي عيون الأخبار : 222[66/1] قوله (صلی الله علیه و آله و سلم): « والعباس صنو أبي ». وزاد في بحار الأنوار 369/30 على الحديث قوله : « وانصروه ولا تخذلوه ». وأورده الطبري (رحمه الله علیه) مسنداً في المسترشد : 690 برقم 358، وفيه : أن العباس شكا عمر إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « ما دخل قلب عبد الإيمان ولم يحبكم الله ولرسوله » . ثمّ خطب الناس - وهو محمّر وجهه - فقال: «من آذى العباس فقد آذاني ، احفظوني في عمي العبّاس ، فإنّ عم الرجل صنو أبيه .. » . وفي ذخائر العقبى : 193 مرسلاً عن ابن عباس ، عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال: «ما بال رجال يؤذونني في عميّ العبّاس ؟ ! إنّ عمّ الرجل صنو أبيه ...». ولاحظ : الدرجات الرفيعة : 80 و 82.. وكذا جاء في وفيات الأعيان لابن خلكان 352/1 ، والبداية والنهاية لابن كثير (11 / 274 .. وغيرهما. وقد ضعف الرواية السيد الخوئي (رحمه الله علیه) في معجمه 254/10 بضعف بعض رواتها وجهالة الباقي، فراجع.
وقال عبد الله بن طاهر للفضل بن شاذان(1): ما تقول في السلف ؟!
فقال [أبو محمد]: أتولى الأول وأبرأ(2) من الثاني ؛ قال : ولم ؟ قال : لإخراجه العبّاس من الشورى !(3)
وروي مثله عن بهلول مع المأمون.
بیتان لشاعر
شاعر(4):
[ من الطويل ]
ص: 251
1- وقد نقل هذه الواقعة في مقدّمة الإيضاح : 17 ، حيث نفاه عن نيسابور.
2- في رجال الكشي: وأتبرأ من عمر.
3- وجاء باختلاف يسير في رجال الكشي (رحمه الله علیه) 818/2 [ الطبعة المحشاة ، وفي اختیار معرفة الرجال : 538 - 539 حدیث 1024] باختلاف يسير ، فقال: فتخلّص منه بذلك .
4- وقد ذكر البيتين هذين المصنف (رحمه الله علیه) في مناقبه 226/1 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة قم 263/1] ونسبهما إلى : أبي طالب المحسن الحسيني النصيبي ، وحكاه عنه في روضة المؤمنين : 87 - 88 .
وَقَدْ كَانَ فِي السُّورَىٰ مِنَ الْقَوْمِ سِتَةٌ(1) *** وَلَمْ يَكُ لِلعَبَّاسِ ثَمَّ دُخُولُ
تفاهُ أَبو حَفْصٍ وَلَمْ يَرْضَهُ لَها *** أصاب أَمَ أَخْطَا(2).. أي ذاكَ تَقُولُ ؟!(3)
بیتان لشاعر
شاعر :
[ من مجزوء الرمل ]
يُنادِي : أَيْنَ عَبَّاسٌ *** وَيَسْتَسْقِي بِهِ المَطَرا(4)
وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي الشُّورَى *** عجِبْتُ لِمِثْل ذا خَبَرا!!
ما قاله قیس بن سعد بن عبادة محاجة للقوم شعرا (6)
وقال قيس بن سعد بن عبادة(5):
[ من الطويل ]
ص: 252
1- في نسخة ( ب ) : سنّة.
2- أخطا : مخففة : أخطاً .
3- في المناقب : نقول ، بدلاً من : تقول .
4- أقول : جاء في صحيح ابن حبان 110/7 - 111 أنتهم في إمارة عمر قحطوا.. فخرج عمر بالعبّاس يستسقي به ، فراجع . ورواه في الفائق للزمخشري 115/3 ، وكنز العمّال للهندي 516/13 ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 355/26 - 356 ، وتهذيب الكمال للمزي 228/14..
5- انظر الأبيات باختلاف في الرواية وكذا في ترتيبها في العقد النضيد والدرّ الفريد : 162 .. وغيره .
أَيَا صَارِفاً عَنْ مَذْهَبِ الحَقِّ رَأْيَهُ *** فأيَّ سَبِيلِ ما(1) سِوَى الحَقِّ تَطْلُبُ ؟!
أَلا كَيْفَ بِالأَمْرِ الَّذِي أَنتَ تَبْتَغِي *** وَأَنْتَ ضَلِيلٌ وَالطَّرِيقَةُ أَنْكَبُ ؟!
وَلا يَسْتَوِي مَنْ أَصْبَحَ الرَّجْسُ فِيهِمُ *** وَمَنْ عَنْهُمُ(2) الرَّحْمَنُ لِلرَّجُسِ مُذْهِبُ ؟!
فَإِنْ كُنْتَ فِي الشُّورَى(3) مَلَكْتَ أُمُورَهُمْ *** فَكَيْفَ بهذا وَالمُشِيرُونَ غُيَّبُ ؟!
وَإِنْ كُنْتَ بِالقُرْبَى حَجَجْتَ(4) خَصِيمَهُمْ *** فَغَيْرُكَ أَوْلَى بِالنَّبِيِّ وأَقْرَبُ(5)
ص: 253
1- لا توجد : ( ما ) في نسخة ( ألف ) ، وخطّ عليها في ( ب ) ، ولا يتم الوزن إلا بها .
2- في نسختي الأصل: عنده ، بدلاً من: عنهم .
3- كذا ؛ والرواية المعروفة: بالشورى .
4- تقرأ في نسخة ( ألف ) : حجبت .
5- أقول : من قوله : فإن كنت .. إلى هنا - أعني البيتين هذين - قد جاءا مكرراً في جملة مصادر وغالباً لم ينسبا ، وما قبلهما وبعدهما لم أجد له مصدراً . وغالباً ما نسبا إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) كما جاء في ديوانه (علیه السّلام) : 12، ونهجه ، ونص عليه في نهج الإيمان : 384 .. وغيره. وجاءا بتقديم وتأخير ومنسوبين لأمير المؤمنين (علیه السّلام) في الصراط المستقيم 67/1 ، مع اختلاف يسير بين كلّ هذه المصادر. قال في نهج البلاغة : 503 ) قسم الحكم ) ذيل رقم 190 : وروي له [(علیه السّلام)] شعر في هذا المعنى ، وذكر البيتين .. ولم أجد من نسبهما إلى شاعرنا هذا ، ولعلّ هذا من متفردات موسوعتنا ؛ إذ لم نجده في ديوان ولا مصدر. وجاءا في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 416/18 ، وشرح محمّد عبده للنهج 195/3 [ وفي طبعة 43/4 ، وفي أخرى: 503]، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني 341/5.. وراجع : خصائص الأئمة للشريف الرضي (رحمه الله علیه) : 111، وغرر الحكم للآمدي 306/2 ، وغاية المرام 7/6 .. وغيرها .
دور أبي طلحة في شوری القوم
وَإِنْ(1) كُنْتَ بِالتَّقْوى وَبِالفَضْلِ نِلْتَها *** فَإِنَّ عَلِيّاً مِنْكَ أَزْكَى وَأَطْيَبُ
وقد رُوي [منها ](2) بيتان عن أمير المؤمنين (علیه السّلام).
وفي الطبري(3): أن أبا طلحة الأنصاري كان يغاديهم(4) ويروح إليهم في كل يوم مرتين .
ص: 254
1- في نسختي الأصل: وأنت .
2- ما بين المعكوفين مزيد منا إيضاحاً للمعنى.
3- تاريخ الطبري، ولم نجد هذا النص هناك ، وإن كانت فيه ألفاظ مقاربة ، لاحظ : 192/4 وصفحة : 229 منه .
4- تقرأ في نسخة (ب) : يغاد بهم ، والظاهر ما أثبتناه.
بیتان تمثل بهما أمیرالمومنین (علیه السلام) من الشعر بعد أن عتب علیهم وحذرهم
وذكر فيه(1): أنته قال علي [(علیه السّلام)]: «أما لئن بقي عمر(2) لأذكرنّه ما أتى وإن مات ليتداولنّها(3) بينهم ، ولئن فعلوا ليجدنّي(4) حيث يكرهون»..
ثم تمثل :
[ من الطويل ]
حَلَفْتُ(5) بِرَبِّ الرَّاقِصاتِ عَشِيَّةً *** غَدَونَ خِفافاً يَبْتَدِرْنَ(6) المُحَصَّبا
ص: 255
1- تاريخ الطبري 230/4 (حوادث سنة 23 ) [طبعة الأعلمي - بيروت 295/3] ولاحظ : الشافي في الإمامة 207/4 ، والكامل لابن الأثير 68/3 ، وتاريخ المدينة لابن شبة 926/3 .. وغيرها .
2- في تاريخ الطبري : عثمان ، وما أثبتناه جاء في نسختي الأصل والشافي والظاهر أنته الصحيح؛ لأنه الذي جعل الخلافة شورى وأدّى فعله إلى تداول أصحاب الشورى لها ، حيث مدّت الأعناق لها من كل حقير وسافل بل كافر ، ولعلّها عندنا أعظم جريمة سببت طمع بني أُمية وأشباههم بها. وقد روى المعتزلي في شرحه 51/9 عنه (علیه السّلام): «أما والله لئن عمر لم يمت لأذكر ته الا كذا ؛ والظاهر : لأذكرنّه ] ما أتى إلينا قديماً ، ولأعلمته سوء رأيه فينا وما أتى إلينا حديثاً ، ولئن مات - وليموتن - ليجتمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الأمر عنا، ولئن فعلوها - وليفعلن - ليرونني حيث يكرهون .. » ، وكذا جاء فيه 262/12.
3- في نسختي الأصل: ليتداولها .
4- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، وما هنا أُخذ من المصدر. وفي تاريخ ابن الأثير : لتجدنّي ، وفي الشافي: لتجدنّني .
5- في نسختي الأصل : حلقت - بدون إعجام - وما هنا من المصدر .
6- في المصدر : فابتدرن .
کیفیة دفع عمر لأمیرالمومنین (علیه السلام) من الشوری
لَيَحتَلِبَنْ(1) رَهطُ ابن يَعمُرَ قَارِباً(2) *** [نجيعاً] بنو الشَّدَّاخِ(3) ورداً مُصَلَّباً(4)
والتفت فرأى أباطلحة، فكره(5) مكانه ، فقال أبوطلحة : لن تراع أبا حسن .. !(6)
وكيف يكون مع السيف الاختيار ؟ !
وإنّما أراد بذلك حتى لا يليها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السّلام)؛ لأنه لمّا قال عليه (علیه السّلام) ولا يخالفه الزبير - وهو ابن عمته - وطلحة لا يخالف الزبير للإخوة(7)، وقال : عثمان ؛ وعبد الرحمن ختنه على أخته أم كلثوم، وسعد ابن عمّ عبد الرحمن ولن يخالف عليه ، فقال : سلّموا إلى الفرقة التي فيها عبد الرحمن !
ص: 256
1- المثبت عن الشافي ، والحروف غير معجمة في نسختي الأصل.
2- في المصدر : مارثاً ، وفي الكامل : قارناً ، وفي الشافي : قارباً .
3- تقرأ في نسختي الأصل : بنو السراح، والصحيح ما أثبتناه، والشداخ: اسم يعمر بن عوف، كما في الطبقات الكبرى 69/1 ، وتاريخ الطبري 258/2.. وغيرهما.
4- البيتان - صدراً وعجزاً - مشوّشان ، وما أُثبت ممّا أمكن قراءته منهما، وهما غير مفهومي المعنى، وقد صححا في الجملة من المصادر.
5- في نسختي الأصل : فكبر ، وهو سهو ، وفي الشافي: أبا طلحة الأنصاري ترکه مکانه ..
6- في تاريخ الطبري: لم تُرع أبا الحسن .. وفي الشافي : لا ترع أبا حسن ، وفي الكامل : لن تراع أبا الحسن .
7- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : الأُخوّة .
أبیات الرئیس ابن أبي القاسم العونی (3)
وكيف لم يقبل الذين يخالفون على علي (علیه السّلام)، وسماعه يقول(1) النبى (صلی الله علیه و آله و سلم): «علي مع الحق والحق مع علي »، وهذه المرتبة لعبد الرحمن على علي (علیه السّلام) [كذا ].
الرئيس أبو يحيى بن أبي القاسم المغربي(2):
[ من المتقارب ]
ص: 257
1- الظاهر : لقول .
2- هو : أبو يحيى ؛ عبد الحميد ابن الوزير أبي القاسم المغربي . راجع عنه : تاريخ مدينة دمشق 62/34 ، الوافي بالوفيات 85/18.. وغيرهما. أقول : حصلت على هذه الأبيات ضمن ثمانية أبيات رواها الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 80/1 لم يذكر قائلها ، مطلعها : [ من المتقارب ] إذا كان لا يَعْرِفُ الفاضلي_ *** _نَ إلا شبيههم الفضيله .. فمن أين للأُمّة الاختيار *** لولا عقولهم المستحيلة فإن كان إجماعهم حجة *** فلم ناقض الشيخ فيها دليله وعاد إلى النص يوصي به *** ومن قيل خالف فيه رسوله وقام الخليفة من بعده *** يسن الضلال ويهدي سبيله ويزعم بيعته فلتة *** ويصدق ، لا صدق الله قيله ويجعلها بعد في سنة *** معلقة بشروط طويلة وما كان أعرف بالإمام *** ولكن تضليله عنه حيلة إلّا أنّ ما جاء في المناقب 222/1 [ وفي طبعة قم 258/1]: قال يحيى ابن الوزير المغربي : [ من المتقارب ] إذا كان لا يعرف الفاضلين *** إلّا شبيههم في الفضيلة فمن أين للأُمة الاختيار *** وما لعقولهم المستحيله وقال في 258/1 - 259 : عجبت لقوم أضلوا السبيل *** وقد بين الله ابن الهدى فما عرفوا الحق لما استبان *** ولا أبصروا الرشد لما بدا وما خفي الرشد لكنّما *** أضل لحوم أتباع الهوى وقد جاءت الأبيات في الأعيان 116/6، وزاد عليها : [ من المتقارب ] فمن أين للأمّة الاختيا *** رُلولا عقولهم المستحيله ؟ ! فإن كان إجماعُهُم حجّةً *** فَلِمْ ناقض الشيخ فيها دليله ؟ ! وعاد إلى النص يوصي به *** ومن قَبْلُ خالف فيه رسوله ؟! وقام الخليفةُ من بَعْدِهِ *** يسنُ الضلال ويهدي سبيله ؟ !
أَيَزْعَمُ(1) بَيْعَتَهُ فَلْتَةً *** وَيَصْدُقُ لَا صَدَّقَ(2) اللَّهُ قِيْلَهُ
وَيَجْعَلُها بَعْدُ فِي سِتَّةٍ *** مُعَلَّقَةٌ بِشُرُوطٍ طَوِيلَة(3)
فَيَدْرَأُ عَنْ سَالِمٍ شَكَه(4) *** وقد كانَ أُخْرَى(5) بِسُوءِ الدَّخِيلَهُ
ص: 258
1- في الصراط : ويزعم .
2- في نسختي الأصل : يصدق ، وما هنا أخذ من الصراط .
3- في نسخة (ألف) : بشروطها ويله .. وقد جاء بعده قوله : [من المتقارب] وما كان أَعْرَفَهُ بالإمام *** ولكن تضليله عنهُ حِيله ولم يرد البيتان الأخيران هناك.
4- قد تقرأ في نسخة (ألف) : بشكه .
5- في نسخة (ألف) : أجزى ، وفي نسخة (ب): أجرى، والظاهر ما أثبتناه.
وَيُوقِعُهُ بَینَهُم شُبهَةً *** لِيُبْرِدَ بِالغَيْظِ مِنْهُمْ غَلِيلَهُ
أبیات ابن العودي النیلي (6)
ابن العودي النيلي(1):
[ من الطويل ]
وَ(2) لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الوِلاءَ لِحَيْدَرٍ *** وَلَكِنَّهُ(3) ما زالَ يُؤْذَى(4) ويُظْلَمُ
تَعَدُّوا عَلَيْهِ وَاسْتَبَدُّوا بِسُنَةٍ(5) *** وَقَالَ: ابن عوف فِيهِمُ المُتَقَدِّمُ(6)
ص: 259
1- في نسختي الأصل : ابن العوني النيلي، وهو سهو . وعلى كل ؛ فهو لم يرد في ما رأينا من المجموع من شعر العوني ، كما لا نعرف للنيلي ديواناً ولا مجموعة شعرية ، وقد مرّت ترجمتهما في المقدمة، وكذا الحديث عن قصيدته الميمية هذه ، فراجع . بل هو كذلك ، كما في الغدير ، وقد وجدنا الأبيات هناك في 374/4 ، فراجع .
2- في هذا البيت خَزْمٌ ، وهو هنا زيادة الواو في الوزن.
3- في نسختي الأصل : ولكنّهم .
4- كذا في الغدير ؛ وفي نسختي الأصل: يوذ.
5- في الغدير : بطلحة ، وهو الظاهر.
6- كذا وفي الغدير : وأُخِّرَ وهو السيد المتقدم. وجاء بعده بيتان ، وهما : [ من الطويل ] وقد زعموها فلتةً كان بَدؤُها *** وقال : اقتلوا مَنْ كان في ذاك يخصم وأفضوا إلى الشورى بها بين سنة *** وكان ابن عوف منهم المتوسّمُ ومنه يعلم أنّ في نسختي الأصل سقطاً وتشويشاً .
أبیات خطیب منبج (8)
وَمَا طَلَبُوا(1) إِلَّا لِيُقْتَلَ بَيْنَهُمْ *** عَلِيُّ، وَكَانَ اللهُ لِلطُّهْرٍ يَعْصِمُ
کیفیة قبول أمیر المومنین (علیه السلام) عن البیعة لعثمان
فأراد أن يلقى الله بدم ستة أنفس زعم أنتهم خير أهل الأرض كلّهم يومئذ، فإن لم يتيسّر هذا قدّم عبد الرحمن حتى يَقْتُلَ بهذه الحيلة عليا (علیه السّلام)؛ لأنه خاف من الزبير مما كان رأى منه في بيعة أبي بكر ، فأراد أن يكون الأمر مباحاً في قريش، فلا يخرج عنه وعن ولده كما يجب(2) لهم .
کیفیة قبول أمیرالمومنین (علیه السلام) البیعة لعثمان
خطیب منبج(3):
[ من الوافر ]
فَأَدْخَلَ سِتَّةٌ فِيها وكَانُوا *** سِوَى العُمَرِيِّ مِنْها خارِجِينا
وَقَالَ لَهُمْ: إِن اخْتَلَفُوا فَكُونُوا *** إلى قول ابن عوف راجِعِينا
فَمَنْ لَمْ يَرْضَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ *** تَكُونُوا فِي الفِعالِ مُسَدَّدِينا !
أَبَاحَ دِمَاءَ أَبْرَارٍ خِيارٍ *** زَعَمْتُمْ فِي الصَّلاحِ مُبَرَّزِينا
ص: 260
1- في الغدير: وما قصدوا.
2- كذا ، والظاهر أن الصواب : يُحِبُّ .
3- الاسم مشوش في كلا الكتاب ، وقد يقرأ : منيح ، أو منيج .
وَأَبْدَى حِيلَةٌ نُصِبَتْ ولَكِنْ *** غَدَوا فِيها مِنَ المُتَنَمِّسِينَا(1)
تَسِيرُ بِسِيرَةِ الشَّيْخَيْنِ فِينا *** فَتَلْقانا لأَمْرِكَ حَامِدِينا
فَقَالَ : بِسُنَّة الهادِي ابن عمّى *** أَقُومُ لَكُمْ مَقامَ القَانِتِينا
فَيا لَكِ حِيلَةٌ نُصِبَتْ بِمَكْرٍ *** وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُ الماكِرِينا
وفي رواية الطبري(2): إنّ الناس لما با يعوا عثمان تلكاً علي (علیه السّلام): قال عبد الرحمن بن عوف : ﴿ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُتُ عَلَى نَفْسِهِ .. ﴾(3) فرجع علي (علیه السّلام) حتى بايعه، وهو يقول: «خدعة وأيما خدعة !!».
ص: 261
1- التنميس : التلبيس ؛ كما جاء في النهاية لابن الأثير 119/5، ولسان العرب لابن منظور 243/6.. وغيرهما . وقال الزبيدي في تاج العروس 582/16 : وقد نمس عليه الأمر إذا لَبّسه . وقال الفراهيدي في العين 276/7 : ونمس من الرجال : خبيث منهم .
2- تاريخ الطبري 238/4 - 239 باختصار [ طبعة الأعلمي - بيروت 302/3، وفي طبعة 41/5] ، وعنه في بحار الأنوار 66/31 ، والغدير 375/5.. وغيرهما. قالوا: جعل الناس يبايعونه [أي عثمان ] وتلكأ على [(علیه السّلام)]، فقال عبد الرحمن : ﴿فَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَن أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ﴾ [سورة الفتح (48) : 10 ] ، فرجع عليّ يشق الناس حتّى بايع وهو يقول: «خدعة .. وأيتما خدعة » . وحكاه السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي في الإمامة 210/4، وكذا الحلبي في تقريب المعارف: 351، وقد جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 264/6..
3- سورة الفتح (48): 10.
تهدید عبدالرحمن بن عوف لأمیرالمومنین (علیه السلام) بعدم البیعة
وفي رواية البلاذري(1): أن أمير المؤمنين [(علیه السّلام)] قال(2) - لما بايع عبد الرحمن عثمان : [«علي الاجتهاد»، وعثمان يقول : ونعم ، عليّ عهد الله ، وميثاقه ، وأشدّ ما أخذ على أنبياءه أن لا أُخالف. سيرة رسول الله وأبي بكر وعمر شيء، ولا أقصر عنهم ، فبايعه عبد الرحمن ، وصافقه وبايعه أصحاب الشورى ](3)، وكان أمير المؤمنين(4) قائماً فقعد ، فقال له عبد الرحمن : بايع .. وإلا ضربت عنقك !!(5) ولم يكن مع أحد يومئذٍ سيف غيره .
ص: 262
1- الأنساب للبلاذري 508/5 [وفي طبعة دارالفكر 128/6].
2- في نسختي الأصل : أُمّ المؤمنين قالت !! وهو سهو وغلط ، والصحيح ما أثبتناه .
3- ما بين المعكوفين مزيد من المصدر ليتم المعنى به .
4- قال السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي 210/4 : وروى البلاذري في كتابه عن الكلبي، عن أبیه، عن أبي مخنف، في إسناد له : إنّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) لما بايع عبد الرحمن عثمان كان قائماً .. والظاهر أنّ المصنّف أخذ عنه ؛ لأنّ قوله بعد الرواية ، فأيّ رضا هنا ..
5- وكذا قوله له : لا تجعلنّ على نفسك سبيلاً .. كما ذكره البخاري في كتابه 208/10 ( باب كيف يبايع الإمام ) ، وكذا الطبري في تاريخه 37/5 و 40 ، وزاد : فإنّه السيف لا غير ... وذكره ابن الأثير في الكامل 30/3 ، وابن حجر في الصواعق المحرقة : 36، وكذا في فتح الباري 170/13 ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : 102 .. وغيرها . قال ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة 25/1 : قال عبد الرحمن لا تجعل - يا علي ! - سبيلاً إلى نفسك ؛ فإنّه السيف لا غيره ، وزاد في تاريخ الطبري 238/4 : فخرج علي (علیه السّلام) وهو يقول : « سيبلغ الكتاب أجله» [أُخذ من قوله تعالى : ﴿.. حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ.. ﴾ سورة البقرة ( 2 ) : 235].. وراجع : سنن البيهقي 147/8.. وغيره.
فقال(1): إنّ عليّاً خرج مغضباً، فلحقه أصحاب الشورى، فقالوا له :
ص: 263
1- كذا ، وفي المصدر : فيقال .. هذا الذي ذكره جاء بطريق آخر وبشكل مغاير وزيادة ، كما صرح بذلك أبو الصلاح الحلبي (رحمه الله علیه) في تقريب المعارف : 351، ومثل هذا جاء في غاية المرام للبحراني 8/6، وحكاه ابن أبي الحديد عن البلاذري في شرح النهج 265/12. وراجع : الغدير 197/9 حيث حكاه عن الأنساب للبلاذري، وبمصادر أُخر وزيادة ، كما وقد جاء - أيضاً - في الغدير 26/10 قال : وأما حديث الشورى ؛ وما أدراك ما حديث الشورى فسل عنه سيف عبدالرحمن بن عوف الذي لم يكن مع أحد يومئذٍ سيف غيره ! واذكر قوله لعليّ [(علیه السّلام)] : بايع وإلا ضربت عنقك ..!. أو قوله له : لا تجعلنّ على نفسك سبيلاً .. كما ذكره البخاري والطبري .. وغيرهما، وزاد ابن قتيبة ؛ فإنّه السيف لا غير . أو قول أصحاب الشورى - لما خرج علي مغضباً ولحقوه - : بايع وإلا جاهدناك ! أو قول أمير المؤمنين [(علیه السّلام)]: متى اعترض الريب في مع الأوّل منهم حتى صرت ن إلى هذه النظائر ، لكنّي أسففت إذ أسفّوا ، وطرت إذ طاروا ، فصغا رجل منهم لضغنه ، ومال آخر لصهره ، مع هن وهن ..». هذا؛ وقد فصّل الحديث عنه شيخنا العلّامة المجلسي أعلى الله مقامه الشريف في موسوعته الرائعة بحار الأنوار 60/31 - 87 ( الطعن الثامن عشر ) فيما وقع منه في قصّة الشورى ، وقال : فقد أبدع فيها أموراً كثيرة .. وعلّق عليها مفصلاً محقق الكتاب أحسن الله عاقبته ، وأعطاه كتابه بيمينه ، ورزقه شفاعة مواليه ، هو ومن أعانه .
بايع وإلّا جاهدناك !! فبايع ..
فأيّ رضا هنا ؟! وأي إجماع ؟ ! وكيف يكون مختاراً مع التهديد ؟!.
وفي تاريخ الطبري(1)- في خبر طويل - : أنه لما بايع عبد الرحمن لعثمان، قال علي (علیه السّلام): «حبوتَه حَبْوَ دهر!(2) [ليس ] هذا أوّل يوم تظاهر تم فيه علينا، ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾(3)، والله [ما ] وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك، والله كلَّ يومٍ هو في شأن »(4).
ص: 264
1- تاريخ الطبري 233/4 باختلاف يسير [طبعة الأعلمي [ طبعة الأعلمي - بيروت 297/3، وفي طبعة 36/5 - 37 في حوادث سنة 23] ومثله جاء في الكامل لابن الأثير 36/3 - 39 [ وفي طبعة دار المعارف 238/4 - 239]، وكذا: شرح ابن أبي الحديد للنهج 194/1 ، و 52/9 - 53 ، والعقد الفريد 279/4 [طبعة مصر، وفي طبعة 76/3] ، وفيه : قال عليّ [(علیه السّلام)] : حبوته محاباة.
2- كذا ؛ والكلمات الثلاث مشوّشة في نسختي الأصل، أثبتنا منها ما استظهرناه . وقد حكى الواقعة ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 264/12 ، وفيه : ختونة حنّت دهراً .. ثم ذكر في الشرح المزبور خبراً آخر ، وهو : نفعت الختونة يابن عوف ! وفي تاريخ الطبري : حبوته حبوة دهر ..
3- سورة يوسف (علیه السّلام) (12) : 18.
4- قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 196/1 [ وفي طبعة 65/1 - 66]: وقال أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل : استجيبت دعوة علي [(علیه السّلام)] في عثمان وعبد الرحمن ؛ فما ماتا إلّا متهاجرين متعاديين؛ أرسل عبد الرحمن إلى عثمان يعاتبه ... ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وكلّمه فلم يكلّمه حتى مات.. راجع : الأوائل للعسكري : 188 ، وكذا فيه : 211 ، وحكاه عنه وعن غيره العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 87/9-88.
فقال عبد الرحمن : يا عليّ ! لا تجعل(1) على نفسك حجّة(2)، فإنّي قد نظرت و شاورت الناس ، فإذا هم مع عثمان لا يعدلون به ، فخرج علي (علیه السّلام) وهو يقول: «سيبلغ الكتاب أجله »(3).
ص: 265
1- في شرح النهج : لا تجعلنّ، وعلّق عليه بقوله : يعني أمر عمر أبا طلحة أن يضرب عنق المخالف.
2- في المصدر : سبيلاً، وكذا في تاريخ المدينة لابن شبة 930/3.. وغيره.
3- لقد ذكر خواص العامة فضلاً من عوام الخاصة - كالخوارزمي في مناقبه : 313 - 314، وابن حجر في صواعقه المحرقة : 75 وصفحة : 93.. وغيرهما - بإسنادهم: .. عن عامر بن واثلة ، قال : كنت على الباب يوم الشورى مع علي (علیه السّلام) في البيت وسمعته يقول لهم : « لأحتجنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم تغيير ذلك ..» ورويت عن غيره. وهي مناشدة سيّد الموحدين أمير المؤمنين (علیه السّلام) يوم الشورى من سنة 23 ه_، والتي فصلها شيخنا الأميني طاب رمسه في غديره 159/1 - 163، ولعله أوّل حجاج وقع بهذا الشكل مفصلاً. ونقلها مفصلاً سليم بن قيس الهلالي (رحمه الله علیه) في كتابه [ 589/2 ، ولاحظ 896/2] في مناشدته (علیه السّلام) الصحابة عند جبره على البيعة .. وغيره. راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 / 264 . . وغيره وجاء في شرح النهج لابن أبي الحديد 194/1 ( قصة الشورى ) قبله قول عمّار رضوان الله عليه في ذلك اليوم مخاطباً أهل الشورى ... فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم .. وكذا قول المقداد رضي الله عنه : تالله ! ما رأيت مثل ما أُتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، واعجباً لقريش لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أن أحداً أقضى بالعدل ولا أعلم ولا أتقى منه .. أما لو أجد أعواناً .. !! وقد أورد العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 65/31 - 69 الواقعة في عداد الطعون التي أوردها على الخليفة الثاني مع مصادرها وما فيها . وجاءت الرواية في كتاب الشافي في الإمامة للسيّد المرتضى (رحمه الله علیه) 211/4 - 212 . . وغيره. ولاحظ : الغدير 115/9 ، وما حكاه عن ابن عبدربه الأندلسي في العقد الفريد 260/2 .. وغيره وغيرهم.
أبیات أبي فراس (7)
أبو فراس(1):
[ من البسيط ]
ص: 266
1- ديوان أبي فراس الحمداني - رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه - : 256 - 257 الديوان المشروح : 301 - 302] ، وقد سلف الحديث عن القصيدة سابقاً في صفحة 302]، ( 427 ) ، وذكر قطعة منها هناك. وقد أورد الأبيات الأربعة الأولى البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 312/1 تحت عنوان ، وقال أبو نؤاس .. وجاء في هامشه خ . ل : أبو فراس .. وهو الصواب. وجاءت هذه الأبيات - أيضاً - في الغدير 400/3 ضمن ما ترجمه لأبي فراس .. ولاحظ : الحدائق الوردية 397/2.. وغيره.
قَامَ النَّبِيُّ بِها يَومَ الغَدِيرِ لَهُمْ(1) *** واللهُ يَشْهَدُ والأَمْلاكُ والأُمَمُ
حَتَّىٰ إِذَا أَصْبَحَتْ فِي غَيْرِ صاحِبِها(2) *** باتَتْ تَنازَعُها النُّوْبَانُ والرَّخَمُ
وَصُيِّرَتْ بَيْنَهُمْ(3) شُورَى كَأَنَّهُمُ *** لا يَعْلَمُونَ وَلاةُ الأَمْرِ(4) أَينَ هُمُ ؟(5)
تَاللهِ مَا جَهِلَ الأَقْوَامُ مَوْضِعَها *** لَكُنَّهُمْ سَتَرُوا وَجْهَ الَّذِي عَلِمُوا
[ثُمَّ ادَّعاها بَنُو العَبَّاسِ إِرْتَهُمُ *** وَما لَهُمْ(6) قَدَمُ فِيها وَلا قِدَمُ]
[لا يُذْكَرُونَ إِذا ما مَعْشَرٌ ذُكِرُوا *** ولا يُحَكُمُ فِي أَمْرٍ لَهُمْ حَكَمُ](7)
ص: 267
1- في نسختي الأصل: له ، بدلاً من : لهم .
2- صدر البيت في الصراط المستقيم هكذا: حتى إذا أنكر الشيخان صاحبها.
3- في الغدير: وصيّروا أمرهم .
4- في الديوان : لا يعرفون ولاة الحق ..
5- في الديوان: أيتهم ، وجاء في الغدير : لا يعرفون ولاة الحق أيتهم. وبألفاظ مقاربة أورد الأبيات ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 194/1.
6- في الغدير : ملكهم .. ولا لهم .
7- البيتان ما بين معقوفتين من الديوان ، ذكر ناهما ليتم المعنى بهما .
وَلا رَآهُمْ أَبُو رَكْبِ(1) وَصَاحِبُهُ *** أَهْلاً لِما طَلَبُوا مِنْها وَما زَعَمُوا
وَهَلْ هُمُ مُدَّعُوها غَيْرَ واجِبَةٍ ؟! *** أَمْ هَلْ أَيَّمَّتُهُمْ فِي أَخْذِهَا ظَلَمُوا ؟!
بیتان لمهیار
مهیار(2):
[ من الرجز ]
أبیات للمصنف (رحمه الله علیه) (3)
وَصَاحِب السُّورَىٰ لِمَا ذاكَ(3) تُرَى *** عَنْكَ وَقَدْ ضَايَقَهُ المَوْتُ عَدَلْ ؟!
و (الأُمَوِيُّ) مَالَهُ أَخَّرَكُمْ *** وَخَصَّ(4) قَوْماً بِالعطاء والنَّفَل ؟!
ولنا :
[ من الكامل ]
اِعْتَلَّ بالشُّورى وأَحْكَمَ دُونَها *** رَأْيَ ابنِ عَوفٍ شُبْهَةَ المُتَعَلِّلِ
ص: 268
1- في المصدر والغدير : أبو بكر ، وما هنا رمز عنه ، كما جاء في مقدمة المصنف (رحمه الله علیه).
2- دیوان مهيار الديلمي 113/3 من قصيدة طويلة سبقت ، وقد تحدثنا عنها سابقاً .. وهذان البيتان جاءا قريباً ، وقد مرّت قطعة منه . وقد أورد هنا العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 254/4 ضمن ترجمته، وهما هناك في القصيدة البيتان : 67 و 68 .
3- في نسختي الأصل : لما زال .
4- جاءت الكلمة في الديوان : وحصّ .
وَأَدارَه لَمَّا أَغَارَ(1) حِبَالَها(2) *** لِبَنِي أُمَيَّةَ دَوْرَةَ المُسْتَعْمِل
حَتَّى أَراهُ دَخِيلةَ الرَّأْي الذي اس_ *** _تغُوا(3) هِجْرَةَ قاطِع لَمْ يُوصَلِ
أبیات السید الحمیري (5)
السيّد الحميري(4):
[ من الوافر ]
لَقَدْ حَسَدُوهُ(5) إِذ وَصَّى إِلَيْهِ *** لِذاكَ بِفِيهِمُ(6) كان التراب
فَصُيِّرَ سَادِسَ الشُّورَى وبانَتْ *** عَداوَةُ أَنْفُسِ فِيها ضبابُ(7)
فَلا أَنْسَى خِيانَتكَ ابن عوف *** طوال الدَّهْرِ ما قَطَرَ السَّحابُ
وَفِعَلَكَ ما أَتَيْتَ إِلى عَلِيٌّ *** وَظُلْمَكَ والظَلُومُ لَهُ عِقابُ
يُقدِّمُ نَعْتَلاً جَهْلاً عَلَيْهِ *** وأُسْرَةٌ نَعْتَلٍ تِلْكَ الذُّبابُ
ص: 269
1- في نسخة (ألف) : أعاد .
2- الكلمة غير معجمة ، ولعلّها : خبالها .. أو غير ذلك ، وما هنا هو الأظهر .
3- في نسختى الأصل : استعراه .
4- لم نجد هذه الأبيات في ما جمع عندنا من ديوان السيد (رحمه الله علیه) ، ولا نعرف من نقلها عنه غير مصنفنا هذا في مصنفه هذا.
5- في نسختي الأصل: حدّوه.
6- في نسخة (ألف): تفهم .
7- الضباب : جمع الضبّ ، وهو الحقد ، وقيل : الغيظ ، وقيل : الضغن والعداوة، كما في لسان العرب 539/1 - 540 .
أبیات السید الحمیري (3)
وله(1):
[ من الوافر ]
لَقَدْ سَامُوكَ بَعْدَ أَخِيكَ خَسْفاً *** وَلَو رَشِدُوا أَتَوْكَ فَقَدَّمُوكا
وَقَدْ سَاوَوْكَ فِي السُّورَى بِقَوْمٍ *** وَلَو وازَنْتَهُمْ مَا وازَنُوكَا
فَوَلَّوْا مِنْهُمُ رَجُلاً بَعِيداً *** وَما شَكُوا - لَعَمْرُ أَبِيكَ - فِيكا(2)
لَقَدْ نَحوكَ فِى السُّورَى بِعَمْدٍ *** وَلَو تَبِعُوكَ ما كَانُوا مُلُوكا
أَلا يَا لَيْتَنِي أَدْري يَقِيناً *** لأَيَّةِ عِلَّةٍ لَمْ يَقْبَلُوكا ؟!
أَكُنْتَ أَقَلَّهُمْ فِي الدِّينِ حَظِّاً *** وَأَبْعَدَ قُرْبَةٌ مِنْ أَقْرَبِيكا ؟!
وآخِرَهُمْ إِلى الإِسْلام طُرّاً *** أخُنْتَ فَأَبْعَدُوكَ وأَخَرُوكا ؟!
أَكُنْتَ أَشَدَّهُمْ كَلَبَاً وإِلْباً *** على الهادِي الأَمِينِ فَنابَزُوكا ؟!
أَكُنْتَ أَكَلُّهُمْ فِى الحَرْبِ حَداً *** وَقَدْ قَاسُوا الأُمُورَ وجَرَّبُوكا ؟!
أَكُنْتَ أَذلَهُمْ نَفْساً وأُماً *** وعَمّاً أَو(3) أَبا لَو ناسَبُوكا ؟!
أَكُنْتَ أَشَدَّهُمْ لِلْمَالِ حُبّاً *** فلا شَيْءٌ عَلَيْهِ يَأْمَنُوكا ؟!
أَكُنْتَ أَقَلَّهُمْ بِاللهِ عِلْماً *** إذا اتَّصَفُوا الْأُمُورَ وفَتَشُوكا ؟!
ص: 270
1- لم نجد هذه القصيدة في الديوان المجموع للسيد (رحمه الله علیه) . راجع : المناقب للمصنّف (رحمه الله علیه) 223/2 ، وأعيان الشيعة 258/12.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : فوكا.
3- كلمة ( أو ) هنا بمعنى الواو ، كقول جرير : كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية .. يعني : وزادوا .
أكُنْتَ أَقَلَّهُمْ طَعْناً وضَرْباً *** إذا الأَبْطالُ حَوْلَكَ نازَلُوكا ؟!
بیتان لدیك الجن
ديك الجن(1):
هَبِ الشُّورَى كَما زَعَمُوا وقالُوا *** فَكَيْفَ بِها عَنْ الصِّهْرِ الوَصِيُّ ؟ !
بِأَيِّ حُكُومَةٍ مَنَعَتْ قُرَيْشٍ *** أَبا حَسَنٍ تُراثَ الأَبْطَحِي(2)؟!
أبیات لدیك الجن (6)
وله(3):
[ من الرجز ]
إِن تَكُنِ الشُّورَى هِيَ الصَّوابا *** فَقَدْ لَعَمَرِي كَذَّبَ الكِتَابَا
وَإِن تَكُنْ قُرْبَى وذاكَ الصِّدْقُ *** فَلَمْ يَكُنْ لِلْقَومِ فِيها حَقُّ
إِنَّ ذَوِي الأَرْحَامِ دُونَ غَيْرِهِمْ *** فِي الْأَمْرِ أَولَى بَعْضِهِم بِغَيْرِهِم(4)
فَمَا الَّذِي بَاعَدَ عَنْهَا الخَزْرَجا *** وَالْأَوْسَ حَتَّىٰ زُحْزِحا وأُزْعِجا؟!
مَا بَالُ حَطّ الأَبْعَدِينَ رَحِما *** فِيها وَمَا بَالُ القَريب ظُلِما ؟!
ص: 271
1- لم يرد هذان البيتان في ما جمع لشاعرنا تحت عنوان ديوان ، ولا فيما لدينا من المجاميع الشعرية التي نثرت أشعاره (رحمه الله علیه) ، ولعلّه من متفردات كتابنا هذا.
2- نسبة إلى الأبطح ، كناية عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) .
3- هذه الأبيات من الأرجوزة المعروفة لشاعرنا التي سماها المصنّف (رحمه الله علیه) ب_ : ( القصيدة العاملية ) ، والتي مرّ الحديث عنها مكرّراً ، وفصلناه قريباً .
4- في نسختي الأصل : بخيرهم، والأنسب ما أثبتناه ، ولو قال : أولى بعضهم من بعضهم ، أو بعضهم ببعضهم .. لوافق الكتاب الكريم في قوله سبحانه: ﴿وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ﴾ [سورة الأنفال (8): 75 ، وسورة الأحزاب (33): 6].
كُلُّ سِوَى عِشْرَتِهِ قَرِيبُ *** وَكُلُّ خَلْقٍ غَيْرِهِمْ حَبِيبُ؟!
***
ص: 272
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 16] [في إحراق فلان منزل أهل البيت]
فصل في إحراق فلان(1) منزل أهل البيت (علیهم السّلام)(2)
ص: 275
1- أقول : لفظ (فلان) لفظ عام يطلق على من لا يراد التصريح باسمه غالباً، ويقصد منه شخص معيّن ؛ أعم من الطيب والخبيث، إلا أنه يكنّى به غالباً عن من يُحتشم ذكره. وقد ورد في الذكر الحكيم [الفرقان (25): 28] .. وقد أطلق على كلّ واحد من الخلفاء الثلاثة بكثرة، سواء على نحو الإفراد ، أو التثنية ، أو الجمع ، أو التكرّر ثلاثاً فأكثر .. إلّا أنّ المصنّف (رحمه الله علیه) في ديباجة كتابه هذا قد قرّره في الباب الثاني المختصّ بالتّاني ، وقد جعل هذه الكنية خاصة بالثاني، وعليه فهو كلّما أطلق هنا أراد بها ذاك . كما يقال له : فلان الثاني، ولهما يقال : فلان وفلان ، فراجع ما هناك. هذا ؛ وقد فصّل الكلام في هذه التكنية في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعرّف به الأشرار 3 /93 - 100 .. فراجع .
2- هذا ؛ وقد سلف من المصنّف طاب ثراه الحديث حول هذا الموضوع في كتابنا هذا كراراً . أقول : مسألة الهجوم على دار العترة الطاهرة (علیهم السّلام) من الزمرة الفاجرة والعصابة الكافرة عليهم لعائن الله وعذابه ما بقيت السماء والأرض .. ذكرها كلّ أصحابنا وجلّ أصحابهم ، ولعلّ مؤلّفنا (قدس سره) يعد السبّاق في هذا المضمار ممن جمع منهم حول الموضوع هنا ، وتبعه جمع من مشايخنا وموالينا ؛ كالمقدّس الأردبيلي (رحمه الله علیه) في حديقة الشيعة : 252 ، والحرّ العاملي (رحمه الله علیه) في إثبات الهداة 333/2 - 334.. وموارد متعدّدة ى ، وكذا المحدّث البحراني في غاية المرام : 549 - 560 ، والعلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 175/28 - 411 ، وحق اليقين : 157 - 189 ، ومرآة العقول .. وغيرها من مؤلّفاته ومؤلّفاتهم رضوان الله تعالى عليهم ، وهي كثير جداً أحصى جمعاً منهم مَنْ منّ الله عليه بلطفه وكرمه ؛ حيث ألف كتاب : الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) وأدرج هناك ثلاثة وثلاثين مصدراً [ 489 - 492 ]. كما وقد أفرد الموضوع بالتأليف غيره ، مثل كتاب : إحراق بيت فاطمة (عليها السلام) للشيخ حسين غيب غلامي، والسيد أبو الحسن الحسيني في كتابه : بر خانه حضرت فاطمه ای چه گذشت؟ ( بالفارسية ) .. وغيرهما . هذا وقد سلف المصنف (رحمه الله علیه) من في كتابنا هذا أن أسند إلى الشيعة - بأجمعهم - وكثير من أهل السنّة أنّ عمر صار بقبس من النار إلى بيت فاطمة (عليها السلام) قاصداً إحراق الدار عليهم، وأنهم أكرهوا أمير المؤمنين (علیه السّلام) على البيعة .. بل صرّح ابن أبي الحديد في شرحه على النهج في أكثر من موضع ؛ مثل : 21/2، وصفحة : 60 : بأنّ الشيعة متفقة على تحقق الإحراق وما جرى مجراه وضربها وبقاء أثره في عضدها كالدملج، وجعل الحبل في عنقه (علیه السّلام) والتهديد بالقتل له .. وإن شئت كلماتهم فلاحظ التنبيه الثاني فيمن نقل الإجماع والشهرة واستفاضة الروايات أو تواترها فيما جرى على أمير المؤمنين (علیه السّلام) والصديقة الطاهرة سلام الله عليها .. في كتاب الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) 356 - 361 . . وغيره .
في تأویل قوله سبحانه: ﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى * وَكَذَّبَ بالحُسنى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾
الباقر (علیه السّلام) في قوله: ﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ..﴾(1) «عن الله وثوابه : الثاني ،
ص: 276
1- سورة الليل (92): 8.
[ ﴿ وَكَذَّبَ بالحُسنى ﴾ ] لم يُجب الزريق إلى التصديق والرضا ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾(1) فكان أعسر ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾(2) في النار؛ لعناده أمير المؤمنين وإحراقه عليهم منزلهم ، قال ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدى(3) الرسول بمن يفهم لهم أمر دينهم بعده، ﴿لا يَصْليها إِلَّا الأَشْقى﴾(4) أن يهديهم وهو الشقي في الدنيا والآخرة ، وهو العدوي الذي كذَّب رسول الله فيما نصب عليّاً للناس بعده علماً(5)».
ص: 277
1- سورة الليل (92): 10 وقريب من هذا ما جاء في تفسير القمي : 728 - 729 [ الطبعة الحجرية ، وفي الحروفية 426/2 ، وفي الطبعة المحققة 116/3 حديث 3]، وعنه في تفسير نور الثقلين 592/5 ، وكذا في بصائر الدرجات: 151.. عن الإمام الصادق (علیه السّلام)، وفيهما قد فسّرت الحسنى ب_: الولاية. وقال العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 44/24 ذيل حديث ... لعله على تأويله (علیه السّلام)، المراد ب_: الحسني : العقيدة أو الكلمة الحسنى ، وفسّرها أكثر المفسرين ب_: العدّة والمثوبة .
2- سورة الليل (92): 11 .
3- سورة الليل (92): 12 .
4- سورة الليل (92): 15 .
5- أقول : جاء في كنز جامع الفوائد - كما حكاه في بحار الأنوار 398/24 حديث 120 عنه - ومثله في كتاب تأويل الآيات الظاهرة 807/2 - 808 حدیث 1 ، قال : روي مرفوعاً عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد الله (علیه السّلام) في قول الله تعالى : ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾، قال : « دولة إبليس إلى يوم القيامة ، وهو يوم قيام القائم » : ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ « وهو القائم إذا قام » ، وقوله : ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾ «أي أعطى نفسه الحق واتقى الباطل » ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ ﴾ «أي الجنّة» ﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴾ « يعنى بنفسه عن الحق ، واستغنى بالباطل عن الحق » ﴿ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى﴾ «بولاية عليّ بن أبي طالب والأئمة من بعده صلوات الله عليهم» ﴿ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ «يعني النار». وأما قوله : ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ﴾ يعنى أن علياً هو الهدى ، وأن له الآخرة والأُولى... ﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى ﴾ قال : « هو القائم ؛ إذا قام بالغضب فيقتل من كلّ ألف تسعمائة وتسعة وتسعين » ، ﴿ لَا يَصْلاهَا إِلَّا الأَشْقَى ﴾ قال : « هو عدوّ آل محمد (علیهم السّلام)» ﴿ وَسَيْجَنَّبُهَا الأَتْقَى ﴾ قال : « ذاك أمير المؤمنين (علیه السّلام) وشيعته » .
في تأویل قوله تعالی: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بالإثم ﴾
الباقر : في قوله : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ العِزَّةُ بالإثم ﴾(1).. بالمأثم ؛ إنه لمّا وُلِّيَ الثاني أراد أن يستأصل نسل بني هاشم وحزبهم .
في تأویل قوله عز من قائل: ﴿ قُلْ هَل تُنبِّئُكم بالأخسرين أعمالاً .. ﴾
﴿ قُلْ هَل تُنبِّئُكم بالأخسرين أعمالاً .. ﴾(2) الآية، فقال: في الأول والثاني والثالث وأهل حرورا(3)».
ص: 278
1- سورة البقرة (2) : 206.
2- سورة الكهف (18) : 103 .
3- لاحظ : مناقب آل أبي طالب 368/2 (فصل في الحكمين والخوارج)، وأيضاً جاء في شرح إحقاق الحق 498/14.. وغيرهما. انظر - أيضاً - تفسير العياشي 352/2 حدیث 89 ذيل الآية الكريمة ، وفيه : عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال : «أُولئك أهل الكتاب ؛ كفروا بربهم وابتدعوا في دينهم ، فحبط أعمالهم ، وما أهل النهر منهم ببعيد » . وجاء في ذيل الآية الكريمة في تفسير القمّي 46/2 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحققة 622/2 ( سورة الكهف ) حدیث 13] ، قال : هم النصارى والقسيسون والرهبان ، وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية وأهل البدع. وقال عليّ بن إبراهيم نزلت في اليهود وجرت في الخوارج ، وعنه في تفسير البرهان 687/3 حدیث 1 و 2 ، وحكاه العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 2 /298 حدیث 23.
قطعة في ما أوصی به عمر معاوية
وفي وصيّة فلان إلى معاوية(1) : فقلت لفاطمة : إن لم يخرج حملت الحطب(2) الجزل ، وأضر مها(3) ناراً على [ أهل ] هذا البيت، وأخرجت من فيه أو ينقاد على البيعة(4).
ص: 279
1- أقول : هذا ما رواه محمد بن جرير الطبري (رحمه الله علیه) في الجزء الثاني من دلائل الأمامة، وقد سلفت قطعة منه في الفصل السالف ( في بغي الطاغوت ) في وصية ابن الزنا لمعاوية في رسالته التي عرضها نغله يزيد لولد الخبيث ، وقد حكاها شيخنا المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 287/30 - 300 برقم 251 [ وفي طبعة كمباني ( الحجرية ) 23/8 - 232 ] واختصرها ورواها بطريقين الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 3 / 25 ، وقد سلف كلّ هذا. لاحظ : بحار الأنوار 293/30 - 294 ، باختلاف أشرنا لبعضه نقلاً عن الجزء الثاني من كتاب دلائل الإمامة والإضافات منه.
2- في البحار : جئت بالحطب.
3- كذا ، والظاهر كما في البحار - : أضرمتها .
4- في بحار الأنوار : وأحرق من فيه ، أو يقاد عليّ إلى البيعة ، وأخذتُ سوط قنفذ فضربت ..
فعل النذل الخلیفة وحزبه مع الصدیقة (عليها السلام)
وقلت لخالد : ابعث رجالنا هؤلاء في جمع الحطب الجزل وهات النار(1)..
فلما أتى قلت : إني مضرمها يا فاطمة!!
فقالت «عليك يا عدو الله وعدوّ رسوله وعدوّ أمير المؤمنين».
فضربت يدي إلى عمد الباب لأفتحه ألج عليهم الدار أنا ومن معي، فضربت بيدها إلى العمد لتمنعني من فتحه .. فصعب على ، فضربت كفها بالسوط ، فركلت(2) الباب - وقد ألصقت أحشاءها به تترسه فسمعنا(3) وقد صرخت صرخة وقالت : «يا أبتاه ! هكذا يفعل بحبيبتك وابنتك ! آه يا فضة ! خذيني ؛ فقد قتل - والله - [ أسقطوا ] ما في أحشائي من الحمل».
فسمعتها تتمخض - وهي مستندة إلى الجدار فدفعت الباب ودخلت، فأقبلت بوجه أغشى بصري نوره ، فصفقتها صفقة(4) على خدها من ظاهر الخمار ، فانقطع قرطها وتسابق(5) إلى الأرض وخرج عليّ ، فلمّا أحسست به] وأسرعت [إلى خارج الدار ] .. وقلت لخالد ..........(6) وقد برز عليّ [(علیه السّلام)] من البيت، وما لي
ص: 280
1- وفي بحار الأنوار : وقلت لخالد بن الوليد : أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب.
2- في نسختي الأصل : فوكلت .
3- في البحار: وسمعتها .
4- في بحار الأنوار: فصفقت صفقة ، ومثله في نسخة (ألف)، وفي نسخة (ب): فصفقتها.
5- في البحار: وتناثرت .
6- هنا بياض في نسختي الأصل، وفي بحار الأنوار 293/30: وقلت لخالد وقنفذ ومن معهما : نجوت من أمر عظيم . وفي رواية أخرى : قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي ، وهذا عليّ [(علیه السّلام)] قد برز من البيت وما لي ولكم جميعاً به طاقة ..
ولا لكم به طاقة ، فأسبل عليها ملاءة(1) ونضحها(2).
واشتدّ بها المخاض، فأسقطت سقطاً سمّاه على [(علیه السّلام)]: محسناً .
وحدّث الواقدي ؛ عن ابن أبي حبيبة ، عن داود بن حصين .. في حديثه : أنّ الثاني جاء إلى عليّ في عصابة - فيهم : أسيد بن الحضير(3)، وسلمة
ص: 281
1- الملاءة: الريطة، وهي الملحفة ، وقيل : الإزار ، كما قاله ابن منظور في لسان العرب 1 / 160 .. وغيره.
2- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ نصحها، أو: نصيحها، ولعلّها : يصيحه ، وما أثبتناه استظهار منّا . قال الزبيدي في تاج العروس 182/7 : ومن المجاز : نضح عنه : ذب و دفع .. ونضح الرجل : ردّ عنه عن كراع ، ونضح الرجل عن نفسه : إذا دفع عنها بحجة . وذلك أن يقال : ينضح عن فلان .. أي يذبّ عنه ويدفع ، كما في لسان العرب 620/2 ، ومنه قولهم : هو يناضح عن قومه وينافخ .. وهنا احتمالات أخرى في قراءة الكلمة تناسب معنى العبارة ، فيحتمل فيه : نضحها : أي رسّ عليها الماء ، أو يضجّها . وفي البحار: فأسبل عليّ [(علیه السّلام)] عليها ملاء تها ، وقال لها : « يا بنت رسول الله ! إنّ الله بعث أباك رحمة للعالمين ..» إلى آخره.
3- في نسختي الأصل : الحصين ، والصحيح ما أثبتناه .
حمل القوم الحطب لإحراق دار النبوة
ابن سلامة(1) الأشهلي.. وجمع ، فصاح : اخرجوا أو لنحرقها عليكم .. الخبر(2).
وفي غرر ابن حنزابة(3): قال زيد بن أسلم كنت فيمن حمل الحطب مع عمر بن الخطاب إلى باب فاطمة (عليها السلام)- حين امتنع عليّ وأصحابه عن البيعة أن يبايعوا(4)- فقال عمر لفاطمة : أخرجي من في البيت وإلّا أحرقناه ومن فيه !!
إسقاط محسن (علیه السلام) بالضرب
قال : وفي البيت عليّ ، والحسن والحسين (علیهم السّلام)، و [جماعة من] أصحاب النبي (عليه وآله السلام).
فقالت فاطمة : «يا فلان! تحرق على ولدي البيت ؟!»
ص: 282
1- في نسختي الأصل : أسلم، والصحيح ما أثبتناه.
2- نقله عنه في المسترشد للطبري (رحمه الله علیه) : 378 ، والطرائف للسيد ابن طاوس (رحمه الله علیه) 1 /238 - 239 ، وبحار الأنوار 339/28 (باب 4) ذيل حديث 59 ، نقلاً عن العلامة الحلي (رحمه الله علیه) في كشف الحق، وراجع : نهج الحق: 271، وشرح إحقاق الحق 369/2 - 370 ، وكذا : الإمامة والسياسة 18/1.
3- الاسم مشوش في نسختي الأصل يقرأ : خزانة ، وفي بحار الأنوار : خنزابة ، والصحيح ما أثبتناه. وهو : الوزير المحدّث جعفر بن الفضل بن جعفر بن الفرات البغدادي (308 - 391ه_).
4- روته المصادر السابقة، ولاحظ : كتاب المصابيح لأحمد بن إبراهيم الحسيني : 259 - 260 ، والسقيفة وفدك للجوهري: 72 - 74 ، وعنه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 47/6 - 49، والإمامة والسياسة 18/1 [ تحقيق الزيني ]، ونهج الحق : 270 - 271.. وغيرها .
قال : إي والله أو ليخرجن وليبا يعن !!
ما فعله القوم في المدینة لحمل الناس علی البیعة
وفي رواية عبد الله بن عبد الرحمن(1): لما عقد عمر على أبي بكر .. جعل عمر يطوف بالمدينة وينادي : إنّ أبا بكر قد بويع [له] فهلموا إلى البيعة .. !! فينثال الناس ويبايعون، فعرف أن جماعة في بيوت مستورون، فكان يقصدهم في جمع [كثير ]؛ فيكبسهم ويحضرهم بالمسجد فيبايعون(2) ..
طلب عمر الحطب والنار لحرق بیت النبوة
حتى [إذا ] مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي وفاطمة (عليها السلام)، فطالبه بالخروج فأبى، فدعا عمر بحطب ونار وقال : والذي نفس عمر بيده ! لتخرجنّ أو لأحرقته على ما فيه !.. فأنكر الناس ذلك من قوله ، فقال : ما بالكم ؟ ! أتروني فعلت ذلك ..؟! إنّما أردت التهويل !
فراسلهم عليّ (علیه السّلام) أن : «ليس إلى خروجي حيلة ؛ لأنتي مشغول في جمع كتاب الله الذي نبذتموه وألهتكم الدنيا عنه ..» الخبر .
وفي رواية الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس - في خبر طويل له - : أنته أمر فلان أن يجمع الحطب فجمع، ثمّ أمر به فوضع على الباب ليحرقه، فخرجت فاطمة تناشده و تقول : « يا خالد ! أعلى الحسن والحسين تحرق البيت ؟!».
ص: 283
1- كما في الاحتجاج : 51 [ وفي طبعة 80/1، وفي طبعة أُخرى 105/1] وعنه في بحار الأنوار 204/28 حديث 3 . وقد جاء في الإمامة والسياسة : 19 ، مثله .. وغيره.
2- في نسختي الأصل : فيتبايعون ، وهو من السهو في الإعجام.
فقال خالد : إنّي مأمور .. وفتحت ، فرجمها قنفذ ..
کسر عمر ضلع من أضلاع الصدیقة (عليها السلام) وضربها بالسوط
ويقال : إن الثاني كسر ضلعاً من أضلاعها، وعلاها(1) بالسوط على رأسها ، فصاحت فاطمة : « وا محمداه ! »(2).
ص: 284
1- الكلمة مشوّشة كتبت بشكل : علائل، وأثبتنا ما استظهرناه منها .
2- وقد حكيت هذه الواقعة بصور متعدّدة، تارة ضرب عمر مباشرة، وأُخرى أمره لقنفذ بذلك ، أو ضرب خالد بن الوليد ، أو المغيرة بن شعبة ، أو التفت عمر إلى من حوله .. وأيضاً ؛ اختلف في محلّ الضرب : هل هو الوجه ، أو الجنب ، أو عينها ، أو رأسها ، أو ذراعها ، أو كتفها ، أو عضدها .. وكذا كسر الضلع ، ولكزها بنعل السيف .. وأيضاً ؛ هل كان ذلك بالسوط ، أو السياط ، أو بقلاف السيف.. وأيضاً ؛ هل كان ذلك عند الباب ، أو خلف الباب، أو في الطريق .. أو غير ذلك .. احظ ما يرجع إلى هذه القسم بعض المصادر التالية : کتاب سليم بن قيس الهلالي : 84 وصفحة : 134 ، وصفحة : 185 [ الطبعة المحققة 2 / 585 - 586 ، وصفحة : 588 ، وصفحة : 674 - 675 ، وصفحة : 864، وصفحة : 879 ، وصفحة : 907] ، والاحتجاج : 83 ، وصفحة : 278 ، وأمالي الشيخ الصدوق: 114 ، والفضائل : 9 ، والمحتضر : 91 وصفحة : 109 ، وفرائد السمطين 35/2، وإرشاد القلوب : 295 ، ومصباح الكفعمي : 553 ، وكشكول الآملي : 83 - 84، وحديقة الشيعة : 30 ، والكوكب الدري 194/1 - 195 ، الكبريت الأحمر : 277 ، ودلائل الإمامة للطبري الإمامي (رحمه الله علیه) : 45 [ وفي الطبعة الحديثة : 134 – 135]، وجلاء العيون 1931 ، ومؤتمر علماء بغداد : 63 ، وكامل البهائي 305/1 ، علم اليقين 686/2 - 688 .. وغيرها . وراجع ما ذكره ابن قتيبة الدينوري في الإمامة والسياسة 20/1، والطبري في المسترشد: 277 - 278 ، عن كتاب الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) : 121 - 122 ، وصفحة : 126، وكذا في : : 231 ، و : 244 .
ويقال : إنّه لمّا ضربها بالسوط كان في عضدها مثل السوار(1)، وإنتها أسقطت(2) بغلام لستة أشهر ، كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بشرها به وسماه : محسناً(3).
ص: 285
1- المشهور : مثل الدملج ، أو الدملوج ، أو الدملجة .. كما في كتاب سليم: 149 و 151 [ الطبعة المحققة 586/2 و 675] ، والاحتجاج 109/1.. وغيرهما. وفي غاية المرام 317/5 : مثل الدماليج ، وفي 335/5 منه : كمثال الدمالج .
2- في نسختي الأصل : لسقطت .
3- صرّح العمري النسابة (المتوفى سنة 490 ه_) في كتابه المجدي : 19 بقوله : ولم يحتسبوا بمحسن ؛ لأنته ولد ميتاً ، وقد روت الشيعة خبر المحسن والرفسة. وإن مسألة إسقاط سيدنا وشفيعنا وسقط أهل البيت (علیهم السّلام) قد استفاضت في رواياتنا بل في رواياتهم على حدّ تعبير شيخنا المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 409/28، وكذا في كتابه حق الیقین : 189 ، بل قد بلغ حد التواتر واليقين. وقال القاضي النعمان ( المتوفى سنة 363ه_) في شرح الأُرجوزة المختارة : 89 - 90 : إن المشهور بين الناس كون شهادتها (عليها السلام) بسبب الإسقاط. راجع : الصراط المستقيم 12/3 ، البدأ والتاريخ 20/5، شرح النهج 60/2، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي : 126 ، القاموس المحيط 55/2.. وغيرهم. ومثله منا قول الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في تلخيص الشافي 156/3، والقرشي في عيون الأخبار : 6، والقزويني في النقض : 317.. ومن سواهم رحمهم الله وأعلاهم وجعل الجنّة مسكنهم ومأواهم. قال المصنف طاب ثراه في مناقب آل أبي طالب 549/2 [طبعة بيروت 69/2] بإسناده... عن كتاب أبي بكر الشيرازي فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين (علیه السّلام): «.. طوبى لهما من أخوين ؛ إليّا أبو السبطين الحسن والحسين ومحسن الثالث من ولده ، كما جعلت لأخيك هارون شبراً وشبيراً ومشبراً». أقول : هناك إجماع من الشيعة منقول أو مرتجل أو سكوتي على إسقاطها سلام الله عليها محسناً صلوات الله عليه . لاحظ : فصل إسقاط المحسن (علیه السّلام) من كتاب الهجوم على بیت فاطمة (عليها السلام): 456 - 464 ، حيث قد أعطى البحث حقه ، فلله درّه وعليه أجره .
قال ابن عبّاس : قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): «الحسن والحسين و محسن وما أظنّه يتم ..» ، وهو الذي أسقطته فاطمة [(عليها السلام)] بين الباب والحائط حين دخلوا عليها .. الخبر(1).
وذكر الطبري في تاريخه(2)، بإسناده ... عن زياد بن كليب ، قال : أتى عمر بن
ص: 286
1- وعنه في الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام): 307.
2- تاريخ الطبري 202/3 [ طبعة دار المعارف - مصر ، وفي طبعة الأعلمي 443/2] ، في تشييد المطاعن 435/1 [ الحجرية ، وفي الطبعة وعنه جمع المحققة 274/4]. وحكاه ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة 124/1 عن كتاب السقيفة وفدك للجوهري. انظر : السقيفة وفدك للجوهري : 53 و 73 ، ولاحظ : الملل والنحل للشهرستاني 75/1 ، ونقله عن الطبري في إحقاق الحق : 228 ، وكذا في شرح إحقاق الحق 2 / 367 ، وقريب منه في كتاب : بناء المقالة الفاطمية : 401 - 402 ، وفي الطرائف 237 - 238 تحت رقم 342 بنصه .. وغيرهما . ونقله عن جمع في الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام): 173 برقم 19، وجاء - أيضاً - في شرح النهج لابن أبي الحديد 56/2 ، و 48/6 ، وعنه في غاية المرام 324/5، و 326. وراجع ما ذكره العلامة الأميني (رحمه الله علیه): الغدير 86/7 - 87.. وغيره . لاحظ : كتاب الهداية الكبرى للخصيبي : 407 - وعنه في بحار الأنوار 19/53، والكوكب الدري : 195 . . وغيرها .
دور الزبیر في الدفاع من الهجوم
الخطاب منزل على (علیه السّلام) [ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ] فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن للبيعة ..
فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر فسقط ، وسقط(1) السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه.
وذكر القتيبي في المعارف(2): إنّ محسناً فسد من زخم(3) قنفذ(4).
ص: 287
1- لفظة ( وسقط ) لا توجد في تاريخ الطبري.
2- المعارف لابن قتيبة ... وقد حذفته أيادي الخيانة من طبعات المعارف، حسب تتبعنا لها .
3- في نسخة (ب): رجم ، وهي غير منقوطة في نسخة (ألف)، وفي المناقب .. وغيره : زخم ، بزيادة: العدوي بعد : قنفذ
4- أقول : لا يوجد في المعارف المطبوع ما حكاه طاب ثراه عن ابن قتيبة مع أنته قد نص غير واحد عليه نقلاً عنه ، فها هو الكنجي الشافعي (المتوفى سنة 658 ه_) في كفاية الطالب : 413 ، قال : وزاد - أي الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) - على الجمهور ، وقال : إنّ فاطمة أسقطت بعد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ذكراً كان سماه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) محسناً .. ثمّ قال : وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة !! نعم ؛ حكاه المصنّف طاب ثراه - أيضاً عنه في كتابه الرائع : المناقب 358/3 [ وفي طبعة دار الأضواء 407/3 ، وفي طبعة 133/3]، وعنه في بحار الأنوار 233/43 ، وهذا ممّا يؤكّد رواية هذا النص عنه . والذي وجدناه في المعارف : 211 ، هو : .. أما محسن بن عليّ ؛ فهلك وهو صغير .
وذكر البلاذري(1): عن المدائني ، عن مسلمة بن محارب ، عن سليمان التيمي(2)، [ و ] عن ابن عون(3): أنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ (علیه السّلام) يريده على البيعة ، فلم يبايع [فجاء عمر ] ومعه قبس ، فتلقته فاطمة (عليها السلام) على الباب، فقالت: «یابن الخطاب ! أتراك مُحرّقاً(4) عليّ بابي ؟! قال : نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوكِ ...! وجاء علي (علیه السّلام) فبايع(5).
ص: 288
1- أنساب الأشراف 586/1 [ طبعة دار الفكر 268/2] .
2- هو : سليمان بن طرخان ، أبو المعتمر ( المتوفى سنة 413 ه_) من رجال الصحاح، وعد من الثقات عندهم، قاله ابن حبان في ثقاته 300/4.. وغيره.
3- هو : عبد الله بن عون بن أرطبان المدني (المتوفى سنة 150 أو 151)، عدّ من ثقاتهم ورجالاتهم. انظر عنه : سير أعلام النبلاء 364/6 ، تاريخ الإسلام 101/4.. وغيرهما.
4- في نسختي الأصل : متحرقاً .
5- نص عليه من الخاصة جمع من سادتنا وموالي مشايخنا كالمرتضى (رحمه الله علیه). الشافي 241/3 ، وحكاه عن ابن حمزة الزيدي فيه 174/4 ، والشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في تلخيصه 76/3 ، وعنه في بحار الأنوار 389/28.. وغيرهم. أقول : روى أبو الفداء في تاريخه 156/1 : إنّ أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى عليّ ومن معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي الله عنها [(عليها السلام)] ، وقال : إن أبوا عليك فقاتلهم .. فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدار ؛ فلقيته فاطمة رضي الله عنها [(عليها السلام)] ، وقالت : «إلى أين يابن الخطاب ؟ ! أجئت لتحرق دارنا ؟ ! » قال : نعم ! أو تدخلوا فيما دخل فيه الأُمّة .. راجع : العقد الفريد لابن عبد ربه 254/2، تاريخ اليعقوبي 105/2 ، الإمامة والسياسة لابن قتيبة 12/1 ، وكذا ابن الشحنة في تاريخه بهامش الكامل 164/7..
الطبري(1) بإسناده: .. إلى حميد بن [عبد الرحمن ] الحميري - في خبر طويل - : إنّه : تخلّف على والزبير .. واخترط الزبير سيفه ، وقال : لا أغمده حتى يُبايَعَ عليّ ، [فبلغ ذلك أبا بكر وعمر ، فقال عمر : خذوا سيف الزبير ]، فأخذوا سيف الزبير وضربوا به الحجر ، وقال : لتبايعان وأنتما [ طائعان، أو لتبايعان وأنتما ] كارهان .. فبايعا(2).
وذكر [ابن ] عبدربه المغربي في كتاب العقد(3): أن عمر أخذ قبساً وجاء به
ص: 289
1- تاريخ الطبري 203/3 [ دار المعارف - مصر ، وفي طبعة الأعلمي - بيروت 444/2] باختلاف يسير .
2- في نسختي الأصل : فبايع، والظاهر ما أثبتناه من المصدر.
3- العقد الفريد لابن عبد ربه 259/4 - 260 [ مكتبة النهضة المصرية، وفي طبعة دار الكتاب العربي 242/4]. أقول : جاء في العقد الفريد بعنوان : الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر .. وعدهم ، ثمّ قال : فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة [(عليها السلام)] ، وقال له : إن أبوا فقاتلهم .. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار ، فلقيته فاطمة [(عليها السلام)] ، فقالت : « يابن الخطاب ! أجئت لتحرق دارنا ؟ !» قال : نعم ! ! انظر : من تخلّف عن بيعة الخليفة من الصحابة فيما أُدرج مستدركاً على الفوائد الرجالية للعلّامة المامقاني (رحمه الله علیه) 2 / 105 - 106.
1- وقد حكاه بألفاظ مقاربة في تاريخ أبي الفداء 156/1 ، وأعلام النساء 4 / 115 - 116 ، والطرائف : 239 . . وغيرهم . أقول : وقد أورد ابن عبد ربه الأندلسي - أيضاً - في العقد الفريد 308/4 - 309 [ طبعة بيروت ، و 334/4 - 335 من طبعة مصر ] ، كتاب معاوية لأمير المؤمنين (علیه السّلام)، وفيه : وعلى كلّهم بغيت ! عرفنا ذلك من نظرك الشزر ، وقولك الهجر ، و[في ] تنفّسك الصعداء ، و [في ] إبطائك عن الخلفاء، تقاد إلى كلّ منهم كما يقاد الفحل المخشوش حتى تبايع وأنت كاره .. وقد رواه جمع كثير من الفريقين . وجاء في العقد - أيضاً - 250/4 [ طبعة دار الكتاب العربي، وفي طبعة مكتبة النهضة المصرية 4 / 268 ] قولة الخبيث الأوّل منهم :... فوددت أني لم أكشف [خ . ل : لم أُفتش ] بيت فاطمة [(عليها السلام)] من شيء [ وأدخله الرجال ] وإن كانوا أغلقوه على الحرب .. وفيه ألفاظ أُخرى سلفت.. هذا كل ما وجدنا لهذا الأندلسي من كلام نافع أبقته لنا الأيدي المجرمة المحرّفة ..!
وفي كتاب إبراهيم الثقفي(1)، عن أبي عبد الله [(علیه السّلام)] قال: «والله ما بايع على [(علیه السّلام)] حتى رأى(2) الدخان قد دخل على بيته » .
وفي رواية عمرو بن [أبي ] المقدام أنه اختبز جيران(3) آل محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) واحتطبوا ثلاثين يوماً من الحطب الذي وضعه الأول والثاني ليحرقوا بيت علي وفاطمة (عليها السلام)! فأراد أبوحفص أن يحرقهم حتى يستريح منهم
ص: 291
1- كتاب إبراهيم الثقفي؛ ولعلّه كتابه المعرفة ، أو لعله كتابه في السقيفة فإنّ له كتاباً في أخبار السقيفة ، كما جاء في ترجمته في رجال النجاشي : 16 - 17 . وقد أورده السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي 241/3. وقد نقله بنصه في بحار الأنوار 390/28 ، وكرّره في صفحة : 411 ، ولم نجده في الغارات مع بحثنا عنه أكثر من مرة . وقد روى المصنف له هذه الواقعة في كتابنا هذا من قبل عن أبي إسحاق إبراهيم الثقفي في كتاب المعرفة ، عن زائدة بن قدامة : إنّه خرج عمر في نحو من ستين رجلاً، فاستأذن الدخول عليهم فلم يؤذن له، فأشغب وأجلب.. إلى آخر ما ذكر هناك ، فراجع . أقول : الثقفي ؛ هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سعيد الثقفي ( المتوفى سنة 283 ه_)، وقد جاءت الرواية هناك : عن أحمد بن عمرو البجلي ، عن أحمد بن العامري ، عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (علیهما السّلام).. لاحظ : الهداية الكبرى للخصيبي : 178 - 179 .
2- في نسختي الأصل: أُري.. يقرأ بالمجهول .
3- كلمة : جيران .. لا توجد في نسخة (ألف) ، وجاءت تصحيحاً على نسخة ( ب ).
دفعة واحدة(1) !! وأكثر الشعراء في ذلك.
ما قیل من شعر في المقام: العوني (7)
العوني(2):
[ من الخفيف ]
إِنَّ مَنْ هَمَّ أَن يُحَرِّقَ بَيتاً *** فيه آلُ الرَّسُولِ [ال_]مُختَارِ
فِيهِ بِنْتُ الرَّسُولِ وَابْنَا عَلِيٌّ *** وعَلِيُّ لَهَيْنُ(3) الأغوار
مَدَّ كَفَّاً لِخَيْرِ أُنْثَى(4) فَأَهْوَى *** صَكَةَ [الغَدرِ والخَنَا والعَارِ](5)
صَكَةٌ أَثَرَتْ بِحَيْثُ أَصابَتْ *** قَطَعَ اللهُ كَفَّهُ بِالشِّفَارِ
فَاتَّقَتْ(6) بِاليَدَيْنِ مِنْها وَصاحَتْ *** ودُمُوعُ العَيْنَيْنِ مِنْها جَواري :
ص: 292
1- وأجمع ما في الباب ما أورده مؤلّف كتاب الهجوم على بيت فاطمة (عليها السلام) حفظه الله ، فقد استوعب وأجاد.
2- لم يبق لشاعرنا العوني الظلمة كتاباً ولا شعراً؛ إذ أحرقوه كلاً - أحرق الله أُسهم وأساسهم وأباد نسلهم وأصلاهم جحيم غضبه - كما مرّ في ترجمته (رحمه الله علیه)، إلا ما وجد منثوراً في المجاميع الشعرية كالمناقب والغدير .. وغيرهما، وعمدتها كتابنا هذا، وهذه الأبيات من متفرداته ، وكذا ما بعده.
3- رجل هين : لين ، والهون : هوان الشيء الحقير ، والهين : الذي لا كرامة له ، أي : لا يكون على الناس كريماً ، كما جاء في العين 92/4.
4- الكلمتان مشوشتان وغير منقوطتين .
5- هنا بياض بمقدار كلمتين أو ثلاث في كلتا النسختين، وما جاء بين المعكوفين فهو ما يقتضيه سياق البيت ومعناه .
6- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل ، استظهرنا ما أثبتنا من المعنى .
أبیات أخر للعوني (3)
أبتا.. أبتا!(1) فَنادَتْ سَمِيعاً *** شاهداً مُبْصِراً لريب الحوار
ضَرَباها فَأَثَرَ السَّوْطُ فِيها(2) *** أَثَراً بَيِّناً مَكانَ السِّوارِ
وله :
[ من المنسرح ]
أَنْتُمْ قَتَلْتُمْ جَنِينَ فاطِمَةَ ال_ *** بَرَّةِ فِي بَطْنِها بِلا جُرُم
وَقَدْ لَطَمْتُمْ خَدّاً لَها سَفَها *** كَأَنها مِنْ تَمُودَ أَوْ إِرَمِ
كأنها لَمْ تَكُنْ مُصَلِّيَةٌ *** تُوَحْدُ اللهَ بَرَّةَ القَسَم
وله :
[ من الطويل ]
أبیات أخر للعوني (6)
وَسَائِلْ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ(3) ونَعَتَلَ بَعدَهُ بَعْدَهُ *** وَقَدْ أَوْقَدا ناراً(4) عَلَيْهِ [و] ألبا(5)
ص: 293
1- ما هنا استظهار منا ، وفي نسختي الأصل : أبتا ما بها .
2- في نسختي الأصل : منها .
3- في نسخة ( ب ) وضع على كلمة ( نعثل ) نسخة بدل : عمر ، والظاهر أنتها بدل من نعثل ، والصحيح حذف كلمة : نعثل ، ووضع عثمان بدلاً منه ، ليتم الوزن والقافية والمعنى . أو يكون لفظ : عمير ، بدلاً من : عمر.
4- في نسختي الأصل: ناو ، وفي نسخة (ألف) : أوقدانا وعليه .. إلّا أنّ الكلمة (أوقدا) تقتضي ذكر شخصين لا ثلاثة ، ( وسائل أبا بكر ونعثل بعده )، وبه يستقيم الوزن فقد تكون كلمة ( نعثل ) بدلاً من ( عمر ) ؛ لكن أساس الإحراق أبو بكر وعمر ، ولا يعرف عثمان فيه ؛ والله العالم.
5- هكذا يلزم أن يكون عجز البيت، وهو مشوش جداً في نسختي الأصل.
فَقُلْ(1) لَهُمُ : هَاتُوا بِأَيَةِ حُجَّةٍ *** عَدَوْتُمْ عَلَى مَنْ كَانَ أَولَى وأَقْرَبا ؟
وَأَحْرَزْتُمُ مِيراتَ أَحْمَدَ دُونَهُ *** كَما أَحْرَزَ الغَلَّابُ نَهْباً مُنَها(2)
وَزَعَمْتُمُ(3) أَنْ تُحْرِقُوا آلَ أَحْمَدٍ *** مَخافَةَ أَنْ يَأْتِي(4) عَلِيٌّ ويَشْعَبَا
دَخَلْتُمْ وَلَمْ تَسْتَأْذِنُوا بَيْتَ بِنْتِهِ(5) *** فَأَخْرَجْتُمُ مِنْهُ عَلِيّاً مُلَيَّبَا
وَأَرْغَمْتُمُوها(6) وانْطَلَقْتُمْ بِبَعْلِها *** تشوقُونَهُ سَوْقاً عنيفاً فأتعبا(7)
ص: 294
1- في نسختي الأصل : فقالي.
2- في نسختي الأصل : نهياً منهياً.
3- في نسختي الأصل : وأزعمتم ..
4- كذا ؛ ولعلّها : يأبى .
5- الكلمتان يمكن قراءتها أيضاً : بنت نبيه ، أو : بيت نبيّه ..
6- في نسخة ( ب ) : وأزعمتموها ، وفي نسخة (ألف ) : أرعمتموها. ولعلّها : وأزعجتموها.
7- العجز كلّاً مشوش جداً ، وفيه : تتوقونه موتاً عنيفاً .. وهي كلمات غير منقوطة غالباً .
وله :
[ من الكامل ]
أبیات له (3) و (1)
الوان ......(1) عنق فاجر *** أصلاكُمُ رَبُّ العِبادِ النَّارا
أَبِضَرْبِ فاطِمَ أَوْ(2) بِظُلْمٍ حَليلها ؟(3) *** فَكَفَىٰ بِهِ ظُلْمَاً هُناكَ وَعَارَا(4)
سَرَقَ الخِلافَةَ مِنْ وَصِيٍّ مُحَمَّدٍ *** وَابْتَرَّهُ بَعْدَ الشّعارِ دِنَارًا
وله :
[ من الطويل ]
وَدَبَّ لِإِحْراقِ الوَصِيِّ وَأَهْلِهِ *** وَنَسْلِهما بالنَّارِ يَوْماً لِيُوقِدا
وله :
[ من الطويل ]
أبیات أخر للعوني (5)
أَمَا لَطَمَا بِنْتَ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ *** وَما أَبْقَيا بالكَفِّ(5) مِنْها من الأثر(6)؟!
ص: 295
1- بياض بمقدار كلمة في نسختي الأصل. ويحتمل ضعيفاً أن يكون صدر البيت هكذا: قالوا له [ بايع ] عتيقاً فاجراً.
2- قد تقرأ في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : ( و ) .
3- في نسختي الأصل : مليلها .
4- الكلمتان مطموستان كلاً في نسخة (ب).
5- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، والظاهر ما أثبتناه .
6- أصل الكلمة ( الأثر ) وتسكين الثاء هنا للضرورة. ومعنى البيت: أنتهما أبقيا أثراً في عضد الزهراء (عليها السلام) كالدملج.
أبیات أخر للعوني (6)
بسوطهما المَلْعُونِ فِي كَفٌ غُنْدُرٍ(1) *** غداة(2) اتَّقَتْ عن حدّ احد النمر(3)
غَدَاةَ تَنَادَتْ : يا(4) أَبَنَا مَا تَغَيَّرَتْ *** تيابكَ حَتَّى أَزْمَعَ القَوْمُ بالغَدْرِ
وَحَتَّى تُرِكْنا(5) بِالمَذَلَّةِ والأَذَى *** وَلَيْسَ لِأَحْرَارٍ عَلَى الضَّيْمِ مِنْ صَبْرِ
فَيا عَجَباً إِذْ لَمْ يُساخُوا(6) وَيُمْسَخُوا *** خَنازِيرَ أو يُرْمَوا بِصُم(7) من الصَّخْرِ
وله :
[ من الرمل ]
ص: 296
1- الظاهر ما أثبتناه ، يعني به عمر ، وهذا الرمز ممّا قررّه المصنف (رحمه الله علیه) في مقدمة موسوعته هذا العمر بن الخطاب. وقد تقرأ في نسختي الأصل: قندر ، ولعله كناية عن ( قنفذ ) .
2- في نسختي الأصل : غلاة.
3- العجز مشوش مصحف اللفظ ، غير واضح المعنى في نسختي الأصل.
4- كلمة (يا ) زائدة في الوزن ، أو تكون الرواية : يا أبا ، أو : يا أبي ..
5- في نسخة ( ب ) : ركبا .
6- في نسختي الأصل : يساقوا .
7- هذا استظهار، وتقرأ في نسخة (ألف ) : بضمّ ، وقد تقرأ في نسخة (ب): بصم، أو : بضيم .
وأتوا بِالنَّارِ كَيْمَا يُحْرِقُوا *** بَعْدَ قَذْفٍ لَهُمُ بِالجَنْدَلِ
فاطِمَاً وابْنَى عَلِيٍّ وَعَلِي *** خَيْرَ مَنْ حَجَّ وَلَم يَكْتَهلِ(1)
ثُمَّ لَمَّا أُخْرِجَتْ مِنْ بَيْتِهَا *** ضُرِبَتْ ضَرْباً كَضَرْبِ الإِبِلِ
قَتَلُوا مِنْ خُبْتِهِمْ فِي بَطْنِها *** خَيْرَ مَأْمُولٍ لِخَيْرٍ(2) مُقْبِل
لَعَنَ اللهُ صُهاكاً وَابْنَها *** لَيْتَها في [ما] مَضى لَمْ تَحْبَلِ
وأیضا له (5)
لَيْتها كانَتْ عَقِيماً(3) فَلَقَدْ(4) *** وَلَدَتْ(5) شَيْطَانَ سُوءٍ مُبْطِل
وله(6):
[ من الرمل ]
ص: 297
1- قد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل: يلتهل.
2- في نسختي ( ألف ) و ( ب ) : بحير .
3- في نسختي الأصل : عتيقاً.
4- في نسخة ( ألف ) : فلعلّ .
5- في نسختي الأصل : وليت .
6- كذا ؛ وقد نسبها البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 13/3 إلى السيد الحميري (رحمه الله علیه) ، وذكر منها أبياتاً ثلاثة وهي: الأوّلان والرابع ، وعليه صححناها. وجاءت - أيضاً - في كتاب الأربعين للقمي الشيرازي : 541 ، فراجع. هناك أبيات للسيد الحميري في المناقب 137/3 [ وفي طبعة قم 224/2 - 225] ، على نفس الوزن والقافية وإن كان وزن الأوّل في المطبوعة فيه خلل، والصحيح : [ من الرَّمَل ] إنها أسرع أهلي ميتة *** ولحاقاً بي فلا تكثر جَزَعْ وهما من قصيدة ذكرها السيّد الأمين (رحمه الله علیه) في الأعيان 425/3. وقد ذكر المصنف (رحمه الله علیه) في مناقبه 211/2 للسيد الحميري أبياتاً أُخر قال فيها : [ من المتقارب ] تُوفّي النبي عليه السلام *** فلما تغيب في المَلْحَدِ أزالوا الوصية عن أقربيه *** إلى الأبعد الأبعد الأبعدِ وكادوا مواليه من بَعْدِهِ *** فيا عين جودي ولا تجمدي وأولاد بنت رسول الاله *** يُضامون فيها ولم تكمدِ فهم بين قتلى ومستضعف *** ومُنْعَفِرٍ في الثّرى مُقْصَدِ
ضُرِبَتْ واهْتُضِمَتْ مِنْ حَقًّها *** وَأُذِيقَتْ بَعْدَهُ طَعْمَ السَّلَعْ
قَطَعَ اللهُ يَدَي ضاربها *** وَيَدَ الرَّاضِي بذاك(1) المُتَّبَعْ(2)
ثُمَّ أَهْوَى(3) قُرْطَهَا صَفْقَتُهُ(4) *** ثَكِلَتْهُ(5) أُمُّهُ ماذا صَنَعْ ؟!
لَا عَفَى اللَّهُ لَهُ عَنْهُ وَلَا *** كَفَّ عَنْهُ هَوْلَ يَوْمِ المُطَّلَعْ
عَجَباً لِلْأَرْضِ لَمْ تَأْمُرْ بِهِ *** وَيْلَهُ كَيْفَ بِها(6) لَمْ تَبْتَلِعْ(7)
ص: 298
1- في نسخة (ألف ) : يداك .
2- المعروف في عجز البيت هو ( ويد الراضي بذا والمُتَّبع ) لكن الرواية هنا أجود وأصح.
3- أَهوى : بمعنى أَسْقَطَ .
4- الصَّفْق هنا بمعنى الضرب ، وإن كانت رواية ( صفعته ) أوضح وأنسب بما جاء في منطوق الروايات .
5- في نسختي الأصل: ثكلت.
6- في نسختي الأصل: لها ، ولا يصح فيه إلّا ( بها ) أو ( له ) .
7- لم يرد البيت الأخير ولا الذي قبل ما قبله في الصراط المستقيم .
وله (5)
[وله : ]
[ من الخفيف ]
حَسَدُوهُ لِفَضْلِهِ وَرَمَوْهُ *** إِذْ تَوَلَّى النَّبِيُّ عَنْهُمْ بِذَحْل(1)
وَاسْتَطابُوا(2) [ مِنْ مالِ ] بِنْتِ النَّبِيِّ *** كُلَّ حَقٌّ لَها وَإِرثٍ وَنُحْلِ(3)
وَعَلوها بِالسَّوْطِ وَاقْتَحَمُوها(4) *** وَهْيَ في ذالك(5) الوَقتِ [رَبَّةُ ] حَمْلٍ
فَرَمَتْ بِالجَنِينِ سِقطاً ونَادَتْ *** بِفُؤادٍ مَلْآنَ مِنْ مُرَّ سِلٌ(6):
يَا أَبَا أَشْتَكِي إِلَيْكَ أُناساً *** طَلَبُونَا(7) بِكُلِّ حِقْدٍ وَغِلٌ
وله :
[ من مجزوء الرمل ]
بیتان للعوني
لَعَنَ اللهُ ابنَ سَلْمَى(8) *** فَهْوَ قِدْماً ما رَعَاكِ(9)
ص: 299
1- الكلمة في نسختي الأصل مشوشة وغير معجمة ، يمكن قراءتها بشكل آخر .
2- كذا ؛ والمعنى غير بيّن ، إلا بما أضفناه من عندنا .
3- التخل : هي العطية.
4- في نسختي الأصل : واقتحموا.
5- في نسختي الأصل : ذلك ، وبها لا يستقيم الوزن .
6- العجز مشوش جداً في نسخة (ب).
7- في نسختي الأصل : اطلبونا، ويمكن أن تكون : اظلمونا.
8- راجع: الأسرار 93/1 - 94 ، وهي كناية عن أبي بكر بن أبي قحافة ، اسم أُمّه؛ وهي أُمّ الخير سلمى بنت عمر بن عامر بن تيم بن مرة ، وقد سلف في كتابنا هذا قوله (رحمه الله علیه): فلعنة ذي الجلال على ابن سلمى *** ونعثل وابن آكلة الكبود هم أكلوا تراث بني علي *** بإظهار الضغائن والحقود
9- في نسخة ( ألف ) : دعاك .
كَيْفَ لَمْ تُقْطَعْ يَداهُ *** حِينَ بِالسَّوْطِ انْتَهَاكِ ؟!
وله :
[ من الطويل ]
أبیات للعوني (3)
وَما عُذْرُهُمْ في فاطِمٍ يَوْمَ أَضْرَ موا(1)*** عَلَيْها الخِبا نَاراً مِنَ الحَسَكاتِ(2)؟!
وَأَهْلُ الكِسا إِذْ ذاكَ سُكَّانُ بَيْتِها *** وَلَيْسُوا بِكُفَّارٍ وَلا بِجُناةِ
وَما عُذْرُهُمْ إِذْ قَنَّعُوها بِسَوْطِهِمْ *** وَأَجفانُها غَرْقَى(3) مِنَ العَبَراتِ ؟!
وله :
[ من الطويل ]
بیتان للعوني
وَقَنَّعَها بِالسُّوطِ مَوْلاهُ قُنْفُذُ *** وَكَانَ يُرَى فِي عَصْدِهَا آيَةُ الكَلْمِ
ص: 300
1- في نسختي الأصل : لم يضر موا.
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل : وقد تقرأ في نسختي الأصل : الحساب، وما هنا استظهار منّا .. والحسكات : جمع الحَسَكَة ، وهي : العداوة والبغضاء. يقال : عليه حسيكة .. أي عداوة وحقد . راجع : النهاية 386/1 ، وتاج العروس 540/13 .. وغيرهما.
3- في نسختي الأصل: غرق .
قصیدة للعوني (9)
فَمَرَّتْ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ كَثِيبَةٌ(1) *** مُوَلَّهَةٌ تَبْكِي بِأَدْمُعِها السُّجم(2)
وله :
[ من المتقارب ]
ولي كَبِدٌ أَكْبَدَتْها الهُمُومُ *** فَما تَسْتَفِيقُ وَلَا تَسْتَقِر(3)
وَلي زَفَراتُ إِذا ما ذَكَرْتُ *** لِما نالَ فاطِمَةَ مِنْ زُفَرْ
أَ(4) أَنْساهُ إِذْ هُمْ بِبَيْتِ البَتُو *** لِ والنَّارُ فِي كَفِّهِ تَسْتَعِرْ(5)
لِيُحْرِقَ بَيْتاً بَناهُ الإِلهُ *** وَمِنْ كُلِّ رِجْسٍ وَعَيْبٍ طَهُر
وَفِيهِ الوَصِيُّ وَفِيهِ البَتُولُ *** وَفِيهِ شَبِيرٌ وَفِيهِ شَبَرٌ
فَدَيْتُ انْزِعَاجَكِ ممّا(6) أَتَى *** وَدَمْعُكِ مِنْ مُقْلَتَيْكِ انْهَمَرْ
فَدَيْتُ مَكَانَ السَّوارِ(7) الَّذِي *** بِسَوْطِ الصُّهاكي(8) فِيهِ أَتَرْ
ص: 301
1- في نسختي الأصل : كئيمة ، أو : كثيمة بدون نقط .
2- في نسختي الأصل : بأدمع سحم .
3- في نسختي الأصل : فما يستنيق ولا يستقر .
4- لا توجد همزة الاستفهام في نسخة (ألف ).
5- كذا ظاهراً ؛ وفي نسختي الأصل : يستقرّ .
6- ا أثبت أجود ، وما في نسختي الأصل: لما .
7- في نسختي الأصل : التواري ، وما أثبت استظهار منّا .
8- في نسختي الأصل : الصهاك .
فَيا عَجَباً كَيْفَ لَمْ تَنْتَثر *** عَلَيْهِ النُّجُومُ وَيَهْوِي القَمَرْ !!
وَمَنْ فَرَّ مِنْ مَرْحَبٍ في الوَغَى *** عَلَى ظُلْمِ فَاطِمَةَ لِمْ جَسَر ؟!
وله :
[ من الوافر ]
أبیات للعوني (5)
فَقامَ الرَّجُسُ يَضْرِبُها بِسَوطٍ *** لَحَاهُ اللهُ مِنْ رِجْسِ غَوِيّ(1)
فَأَمَّتْ(2) قَبْرَ والِدِها تنادي *** بِقَلْبِ مِنْ فِعَالِهِما شَجِيٌّ:
أبي ما غِبْتَ(3) عَنْ عَيْنَيَّ حَتَّى *** ظُلِمْتُ وَنَالَنِي كَيْدُ الغَوِي
أيا أَبَتاضُرِبْتُ بِغَيْرِ جُزمٍ *** وَلَمْ يُبْقِ الصَّحَابَةُ مِنْ(4) أَذِي
وَلَمْ يَرْعَوا حُقُوقَكَ بَلْ أَضاعُوا *** مَقَالَكَ لِلدَّنِي وَلِلْقَصِي
وله(5):
بیتان له
[ من المتقارب ]
ص: 302
1- في نسختي الأصل : خوي.
2- في نسختي الأصل : فقامت .
3- في نسختي الأصل : إنّي ما غب، وما أُثبت استظهار منّا .
4- في نسختي الأصل : في ، بدلاً من : من ، التي استظهرناها .
5- أورد البياضي في الصراط المستقيم 324/1 خمسة أبيات لابن حماد جاء البيت الأوّل كما في المتن ، ولم يذكر البيت الثاني ، بل قال : [ من المتقارب ] بهذا فَسَلْ خالِداً عنهم *** على أي ما خُطة وافقوه وقال الذي قال قبل السلام *** حديثاً روؤه فلم يُنْكِرُوهُ حديثاً رواهُ يُقاتُ الحديثِ *** فَما ضعَّفُوهُ وما عَلَّلُوهُ أتى ابنُ معاوية في الصحيح *** وزكى الرواة الذي أسندوه
تَأَمَّلْ بِعَقْلِكَ ما أَزْمَعُوا(1) *** عَلَيْهِ وَهَمُّوا(2) بأَنْ يَفْعَلُوهُ
فَإِنْ شِئْتَ تَحْرِيقَهُمْ بَيْتَهُ *** فَقَدْ كَانَ جَاؤُوا لِكَيْ يُحْرِقُوهُ
[ من الطويل ]
أبیات للعوني (11)
وله :
إذَا طَالَبَتْهُمْ فَاطِمْ بِحُقُوقِها *** فَقَدْ أَقْبَلَتْ(3) مِنْ ظُلْمِهِمْ تَتَوَجَّعُ
وَقَالَتْ: إِلهِي أَنْتَ كُنْتَ عَلَيْهِمُ *** رَقِيباً بِمَاذَا يَفْعَلُونَ(4) ويَصْنَعُوا
قَدْ ابْتَرنِي إِرْنِي وَنَحْلَةً والِدِي(5) *** وما زال(6) لي بِالرُّورِ والبَهْتِ يَدْفَعُ(7)
وَأَفْقَرَنِي مِنْها وَكُنْتُ غَنِيَّةً *** وَأَحْزَنَ أَولادِي بِما ظَلَّ يَصْنَعُ
ص: 303
1- في نسختي الأصل : أرفعوا ، وما هنا من الصراط .
2- في الصراط : وهموا عليه .
3- في نسختي الأصل : أقبلتهم .
4- في نسختي الأصل : يفطنون.
5- في نسختي الأصل : وتجعله والذي..
6- في نسخة ( ألف ) : ذاك .
7- في نسختي الأصل : والبيت يرفع .
وَقَدْ جاءَ مُسْتَلًا(1) لِيَدْخُلَ مَنْزِلِي *** فَمَانَعْتُهُ فَاغْتَاظَ إِذْ قُمْتُ(2) أَمْنَعُ
وَسَلَّطَ مَوْلاهُ عَلَيَّ فَلَمْ يَزَلْ *** يُوَبِّخُني(3) بِالسَّوطِ ضَرْباً ويُوجِعُ
وَذاكَ بِكَأْسِ السَّمِّ [قُطَّعَ كَبْدُهُ](4) *** وَأَحْشَايَ مِنْ ثُكْلِ(5) لَهُ تَتَقَطَّعُ
وَسَاقَ بَناتِي حَافِياتٍ حَوَاسِراً *** بأكمامها إذ هُبُلَتْ(6) تَتَقَنَّعُ
فَيَبْكِي رَسُولُ اللهِ مِنْ رَحْمَةٍ لَها *** وَرُسُلُ إِلهي والمَلائِكُ أَجْمَعُ
ص: 304
1- تقرأ في نسختي الأصل : مسند.
2- في نسختي الأصل : قالت .
3- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، أثبتنا ما استظهرنا ، ولو قال : ( يقنعني ) لكان أجود وأنسب بلسان الروايات.
4- هنا بياض في نسختي الأصل بمقدار كلمتين، وقد جاءت قبله كلمة مشوشة ما استطعنا استظهار شيء منها ، وما حفٌ بمعقوفتين فهو منا استظهاراً.
5- في نسختي الأصل : بكلّ .
6- قال ابن منظور في لسان العرب 686/11 : الهبلة : الثكلة، والهبل : الثكل ، هبلة أمّه : ثكلته.
هناكَ يَقُولُ الرَّبُّ : سُوقُوا خُصُومَها *** وَأَشْيَاعَهُمْ وَمَنْ لَهُمْ كَانَ يَتْبَعُ
إلى النَّارِ مَنْواهُمْ وَبِئْسَ مَصِيرُهُمْ *** بِمَا أَحْدَثُوا بَعْدَ النَّبِيِّ وَأَبْدَعُوا
وله:
[ من الطويل ]
أبیات له (3)
وَأَزْعَجَها حَتَّى رَمَتْ بِجَنِينِها *** وَلَمْ يَرَ إِثْماً(1) ضَرْبَها وَاهْتَضامَها(2)
فماتتْ وآثارُ الكِلام بعضُدِها *** مِنَ الضَّرْبِ ما تَنْفَقُ تَشْكُو كِلامَها
فَلَمْ يَكُ في تِلْكَ العِصابَةِ مُنْكِرٌ *** يَعِيبُ عَلَيْهِ ضَرْبَها واصْطِلامَها
[ من الطويل ]
أبیات للعوني (3)
العوني:
أَمَا جَمَعَا الأَحْطَابَ حَوْلَ خِبَائِها *** وَظَلالها النيرانَ يَقْتَدِحان؟!
ص: 305
1- في نسختي الأصل : لثما .
2- الكلمة في نسختي الأصل ، تقرأ : وامصامها ، أثبتنا هنا ما استظهرنا منها معنى.
وَتَحْرِيقُ بَيْتِ المُصْطَفَى وَابْنِ عَمِّهِ *** وَسِبْطَيْهِ حَتَّى عُرِّجَتْ(1) بِدُخانِ
وَقَدْ طَوَّقَ السَّوْطُ المُقَنَّعُ زَنْدَها *** بِمِثْلِ سِوارٍ أَوْ بِمِثْلِ جُمان
[ من الرجز ]
مخمسة العوني (2)
وله(2):
يَلْطِمُ حُرَّ الوَجْهِ مِنْها قَنْفُذُ *** وَيَقْتُلُ الجَنِينَ وَهُوَ يُوقِذُ(3)
ثمَّ يُساقُ بِالوَصِي ويُؤْخَذُ *** وَظَلَّ عَهْدُ اللهِ فِيهِمْ يُنْبَذُ(4)
فَانْظُرْ بِماذا خَلَّفُوا الأُميَّا(5)
ص: 306
1- هذا استظهار منّا ، وقد تقرأ في نسختي الأصل : معجب ، وهي على كلّ مشوّشة.
2- هذه الأبيات من قصيدة تعرف ب_ ( المذهبة ) لشاعرنا العوني (رحمه الله علیه)، فصلنا الحديث عنها قريباً ، ولم ترد هذه الأبيات في المجاميع الشعرية ولا المناقب والغدير ، كما لا نعرف لها مصدراً غير كتابنا هذا.
3- في نسختي الأصل : توقد . يقال : أَوْقَذَه : بمعنى ضربه حتى أشرف على الموت ، والوقذ : شدة الضرب . راجع : لسان العرب 519/3.
4- تقرأ الجملة في نسخة (ألف): وظل مهد الله فيهم ينفد .
5- في نسخة (ألف ) : الامتا.
فَجاءَ مَنْ عاوَنَهُ(1) بدارا *** وَسَبَقَ القَوْمَ بِهِمْ إِقْرار(2)
بالأمْس لَمَّا فَقَدُوا المُختارا *** ليُضرم البيتَ عَلَيْهِمْ نارا
فَهَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ ذَا وَفِيَّا ؟!
وله(3):
[ من المتقارب ]
أبیات أخر له (7)
وَقَدْ َعانَقَتْ تُرْبَةَ المُصْطَفَى *** لِتَشكُو(4) إليهِ وتَدْعُو المَليكا
أيا(5) أبتا كُنْتُ مَسْتُورَةٌ(6) *** بفَقْدِكَ بَعْدَكَ سِتْري هتيكا(7)
ص: 307
1- في نسخة (ألف ): غاونه .
2- كذا؛ ولعلّها : إصرارا .
3- لم ترد هذه الأبيات ولا ما يليها في المجاميع الشعرية الجامعة لشعر شاعرنا طاب ثراه، وقد أحرق شعره - أحرقهم الله بنار غضبه - وانحصر مصدره بكتابنا هذا، وقد جاء هنا منها (72) بيتاً ، تحت عنوان ( وله ) .
4- في نسخة (ألف) : فتشتكي .
5- في نسخة (ألف) : يا ، بدون استفهام.
6- تقرأ في نسخة ( ب ) : بيوم، وهي مطموسة ومشوّشة كلّاً .
7- كذا؛ وفي نسختي الأصل : هسيكا ، ويقرأ العجز : فقد مثل بعدك ستري هسيكا، ولعلّ الأولى أن يكون عجز البيت ( وأصبح بعدك ستري هتيكا ) ، والثاني أنسب ، والظاهر سقوط كلمة ( فأصبح ) ، و تكرار كلمة ( بفقدك ) و ( بعدك ) فهما متقاربتا الرسم.
رَمَانَا العُداةُ بِأَحْقادِهِمْ(1) *** وَأَبْدَوْا خِلافَكَ مُذْ غَيَّبوکا(2)
أَزالُوا(3) الإِمَارَةَ عَنْ أَهْلِها *** وَذادُوا(4) المَوارِيتَ عَنْ أَقْرَبِيكا
فَلَمْ يَبْلُ ثَوْبُكَ حَتَّى لَوَوْا *** عَنِ الدِّينِ بَغْياً إلى ما يَسُوكا(5)
وَهَمُّوا بإخراقِ بَيْتٍ بِهِ(6) *** وَصِيُّكَ يَكْفِيكَ فِيهِ مَليكا(7)
وَكُسّر بابُكَ وَاسْتَقْدَمُوا *** هُجُوماً عَلَى الأَهْلِ ناراً فَتُوكا
البرقى(8):
[ من البسيط ]
أبیات للبرقي (5)
وكَانَ عَزْمُهُما تَحْرِيقَ عِتْرَتِهِ *** فَلَمْ يَنالا الَّذِي كانا يُريدان(9)
ص: 308
1- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : رمانا الغداة بإحقارهم..
2- في نسختي الأصل : مذ عنوكا.
3- في نسختي الأصل : إذا لو .
4- جاء في نسختي الأصل: وقادوا.
5- الكلمة هنا مخففة : يسوء كا .
6- في نسخة (ألف ) : نبيه - بدون نقط-.
7- الكلمة مشوّشة ، وقد تقرأ : لمنتكا في نسخة ( ب ) ، ومليكاً في نسخة (ألف)، ولعلّ عجز البيت هو : وصيك يكفل فيه بنيكا .
8- قد سلف الحديث عن هذه القصيدة و شاعرها ، وقد أورد أربعة من الأبيات البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 13/3 مع اختلافات أشرنا لها .
9- لم ير هذا البيت في الصراط المستقيم.
وَكَللَّا(1) النَّارَ مِنْ نَبْتٍ(2) وَمِنْ حَطَبٍ *** وَالمُضْرِمانِ لِمَا(3) فِيهِ يَسُبَّانِ(4)
وَلَيْسَ في البَيْتِ إِلَّا كُلُّ طَاهِرَةٍ *** مِنَ النِّساءِ وصِدِّيق وسِبْطانِ
فَلَمْ أَقُلْ : غَدَرا، بَلْ قُلْتُ : قَدْ كَفَرا(5) *** وَالكُفْرُ أَيْسَرُ مِنْ تَحْرِيقِ وُلدانِ
وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ جَوْرٍ ومِنْ فِتَنِ *** فَفِي رِقابِهِما في النَّارِ طَوْقانِ
وله(6):
[ من البسيط ]
أیضا أبیات للبرقي (3)
وَلا أَزالُ أَخَاحِقْدٍ عَلَى زُفَرٍ *** لأَنهُ كَانَ مَلْعُونَا وَشَيْطَانَا
ص: 309
1- في نسختي الأصل : وكَلَّما .
2- في الصراط المستقيم : وكلّلا النار من بيت، إلا أنّ الذي جاء في نسختنا أصح بل هو المتعيّن ..
3- في الصراط : لمن .
4- كذا في الصراط المستقيم ؛ وفي نسخة (ألف) : متان ، أو : منان - بدون نقط ومشوشة - وفي نسخة ( ب ) : سان .
5- كذا في الصراط ؛ وفي نسختي (ألف ) و ( ب ) : كفروا .
6- سلف الحديث عن هذه القصيدة وما جاء فيها في تعاليقنا السالفة .
لأنه ضاربُ الزَّهْراءِ فاطِمَةٍ *** وَكَسَّرَ(1) بَاتِها ظُلْماً وعُدْوَانَا
حَتَّى مَضَتْ لِلتَّرى عَبْرَى مُهَيَّجَةً *** تَشْكُو إِلَى المُصْطَفَى هَمّاً وأَحْزَانَا
العودي(2):
بیتان للعودي
[ من الطويل ]
أَكَانَ عَلَى إِذْ أَبَحْتُمْ عَرِينَهُ(3) *** إِمَامَ ضَلالٍ لَمْ يَكُنْ قَطُّ مُرْشِدا ؟ !
ص: 310
1- كذا؛ والأنسب : كاسر .
2- كذا؛ ولعله : العوني، ولا يوجد في ما جمع له من شعر ، لاحظ ترجمته في المقدّمة . أقول : جاء في المناقب 212/3 عن الصوري هذه الأبيات: [ من الطويل ] سيُسألُ مَن آذى النبي وآله *** بماذا خَلَفْتُمْ - لا خلفتم * - محمّدا بماذا ينالُ الفاسقون شفاعةً *** لأحمد لمّا حاربوا آلَ أحمدا ؟ ! ترجون عند الله ؟ لا بل تبوء وا *** النار إذ خالفتُمُ الله مقعدا سيجمعُكُم والطيبين مواقف ** *** وتلقَونَ ما قَدَّمْتُمُوهُ مؤكّدا * - في المناقب : لأختلفتم . ** - في المصدر : مواقفاً.
3- الكلمتان مشوّشتان وغير منقوطتين في نسختي الأصل، حيث كان صدر البيت : ( أ كان علي إذا ألحتم [ في نسخة (ألف) : ألحم ] عزيمة ) . وما هنا استظهار منّا .
سَتَجْمَعُكُمْ والطَّيِّبِينَ مَواقِفٌ *** وَتَلْقَون ما قَدَّمْتُمُوهُ مُؤَكَّدا
بیتان لکشواذ
کشواذ(1):
[ من الرجز ]
أَهْلَكَ بِنْتَ المُصْطَفَى وابْنَ الوَلِى *** مُحَسَّناً سِبْطَ الرَّسُولِ ابْنَ عَلِي
بَرِئْتُ مِمَّنْ بِالصِّرامِ أَنْفَذَا *** بِحَرْقٍ بَيْتِ النَّبَوِيِّ قُتقَذا
أبیات لغیره (مقطعات) (12)
لغيره:
[ مقطعات من مجزوء الرجز ]
مَا قَوْلُكُمْ فِي ظَالم *** نصبوا(2) لِخَيْرِ(3) العالَمِ
وَلِلْبَتُولِ فَاطِمِ *** إِذا لَقِي(4) الله غَدًا
***
مَحَارِمَ اللهِ هَتَكَ *** وحُرْمَةَ الدِّينِ انْتَهَك
طَرِيقَةَ الشِّرْكِ سَلَكَ *** يا وَيْلَهُ ماذا جَنَى؟!
***
ص: 311
1- الظاهر أنّ البيت من أُرجوزة لشاعرنا (رحمه الله علیه) قد سلف منها أبيات، وتحدّثنا عنها أكثر من موطن ، وكذا لاحظ ما جاء في المقدّمة .
2- كذا ؛ ولعلّ الكلمة : بَغَى .
3- الكلمة مشوشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : بخير أو ببحر ، وفي نسخة (ألف) : حجر ، وما هنا استظهار منّا .
4- أقول : (لَقَى) لغة طيّ ، ولغة سائر العرب (لقي).
يا وَيْلَهُ ماذا احْتَقَبْ *** حُقُوقَ مَولاهُ غَصَبْ
وإِبْنَةَ الظُّهْرِ ضَرَبْ *** فَاطِمَةٌ خَيْرَ النِّسا
***
لم أَنْسَها(1) مَظْلُومَةً *** مَغْصُوبَةٌ مَهْضُومَةً
مَضُرُوبَةٌ مَلْطُومَةً *** [تَدْعُو بِصُوتٍ و](2) شَجَى
***
هذا عَتِيقٌ بَنزني(3) *** بِالظُّلْمِ ما نَحَلْتَنِي
وَعُمَرٌ قَنَّعَنِي *** بِسَوْطِهِ وَمَا اتَّقَى
***
جاءَ لِبَيْتِي مُحْرِقا *** وَساقَ بَعْلِي مُوثَقا
وَابْنَيَّ [عَمْداً أَقْلَقا *** بِغَيْهِ](4) حَتى اسْتَفَى
أبیات لشاعر (5)
شاعر:
[ من السريع ]
قَوْمَ نَفَوْا(5) فاطِمَ عَنْ إِرْتِها *** مِنَ النَّبِيِّ المُصْطَفى الطُّهر
ص: 312
1- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، أثبتنا ما استظهرنا منها معنىً.
2- هنا بياض بمقدار كلمتين ، وضعنا بدلاً منهما ما حصر بمعقوفتين .
3- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة ، أُثبت ما احتمل من معناها .
4- هنا بياض بمقدار ثلاث كلمات، وضعنا بدلاً منها ما حصر بمعقوفتين .
5- في نسختي الأصل : نبوا.
ما حَضَرُوهُ عِنْدَ(1) تَجْهِيزِهِ *** كَلَّا وَلا واروهُ فِي القَبْرِ
بَلْ حَمَلُوا النَّارَ إِلَى بَيْتِهِ *** لِيُحْرِقُوا العِتْرَةَ بِالجَمْرِ
فَكُلُّ ما أُخدِتَ مِنْ بَعْدِهِمْ *** فِي النَّاسِ مِنْ ذَنْبٍ وَمِنْ وِزْرِ
فَهُمْ بِهِ يُصْلَونَ إِذ خَالَفُوا *** وَصِيَّةَ المَبْعُوثِ فِي الذِّكْرِ
***
ص: 313
1- في نسخة ( ألف ) و ( ب ) : في ، بدلاً من : عند، التي استظهرناها .
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 17] [في ردّ الأخبار الكاذبة في اليعوق]
فصل في ردّ الأخبار(1) الكاذبة في اليعوق .
افتراء ورود قوله تعالی: ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
قال بعض النواصب : نزل قوله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ ..﴾(2) الآية في حق يعوق؛ لأنه فتح في [كذا] بلادِ الكفر ورفع ستمائة منبر ! !(3)
ص: 317
1- في نسخة (ب) : أخبار ، وفي نسخة (ألف) : أحكام، وما هنا نسخة بدل هناك ، وهو الظاهر. الكلمة مشوّشة ، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : العوق ، وجاء على نسخة (ألف) كذا : يعوق ، وهي رمز عن عمر ، كما وقد قرّر ذلك المصنف (رحمه الله علیه) في أوّل كتابه هذا رمزاً للثاني في الباب الثاني، وقد جاء في بعض الروايات وكلمات الأصحاب، واليعوق : اسم صنم لقوم نوح (علیه السّلام). راجع : تفصيل ذلك في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 430/3 - 431.
2- سورة النور (24): 55.
3- أقول: وقريب من هذا ما جاء في سلسلة الموضوعات عند القوم؛ مما رواه الحسن بن صالح القيسراني ، عن إسحاق بن محمد الأنصاري ، أنه قال : سألت يموت بن المزرع ابن يموت - في الجامع بصيداء - فقلت : يا أُستاذ ! كيف لم يستخلف عليّاً رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) واستخلف أبو بكر ؟ ! فقال : سألت الجاحظ عن هذا، فقال الجاحظ : سألت إبراهيم النظام عن هذا، فقال إبراهيم : قال الله عزّ وجلّ : ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ..﴾ الآية ، وكان جبرئيل ينزل على النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، ويحدث بعد الوحي كما يحدّث الرجل الرجل - فقال : يا جبرئيل ! من هؤلاء الذين يستخلفهم الله في الأرض ؟ فقال جبرئيل : أبو بكر ، وعمر، وعثمان، وعلي ..! ولم يكن بقي من عمر أبي بكر إلا سنتين ، فلو استخلف عليّاً لم يلحق أبو بكر ولا عمر ولا عثمان من الخلافة شيئاً ، ولكن الله رتبهم لعلمه بما بقي من أعمارهم حتّى تمّ ما وعدهم الله تبارك وتعالى به !! أخرجه ابن عساكر في تاريخه 115/13. وما أجمل ما أجاب به العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره عن هذه الأُسطورة، حيث قال فيه 5 / 347 - 348 : وليت شعر شاعر أنته إن كان جبرئيل فسّر الآية الكريمة بما فسّر ، ووعاه النبي الأعظم، وبلّغ الأمة به لتوفّر الدواعي للبيان ليعرف كلّ أحد رشده وهداه ، وكانت الحاجة ماسة بالمبادرة إلى ذلك .. فكيف خفي ذلك على الأمة جمعاء لا سيّما على أمير المؤمنين ، وأبي بكر ، وعمر ، وابن عبّاس حبر الأمة ، وعائشة ؟ ! فلا احتج به أحد، ولا أسند إليه عند الحوار في أمر الخلافة ، وما مقيل هذه الجلبة والضوضاء في تعيين الخليفة ؟ ! هل المعين له النصّ ، أو إجماع الأُمّة ؟ ولم يقل بالأوّل إلّا الشيعة، وأما الذين خلقت هذه الرواية لهم فلا يقيمون للنص وزناً، ولا يدعون وجوده في كتاب أو سنة ، ويقول عمر : إن لم أستخلف فلم يستخلف من هو خير مني . وإن كان الأمر كما يرتأيه النظام فما حال المتخلفين عن البيعة عندئذ ؟ ! هل هم محكومون بالعدالة كما يعتقدها أهل السنّة في الصحابة أجمع ، أو أنه يستثنى منهم قتلة عثمان كما عند ابن حزم ؟ ! فهل يستصحب فيهم هذا الحكم ؟ أو .. وفيهم من نزل بعصمتهم الكتاب الكريم ، وفيهم وجوه الصحابة وأعيانها ، أو أنتهم متأوّلون مجتهدون قبال هذا النص الصريح ؟ ! وكم له من نظير في الصحابة ..!
في قوله عز من قائل: ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾
فقال شريف(1): إن قوله تعالى : ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً .. ﴾(2) ينقض قولك ؛ لأنته لو كان هو المذكور بهذه الآية لوجب أن يبلغ الإسلام في زمانه العالم(3) [كله ] النبي(4) لا يوجد في كلّ العالم كافر ولا ضالّ إلا [و] كل العالم مجتمعون على ملة الإسلام.
ثم قال(5): ذكر أبوسعيد الخركوشي النيسابوري(6) في تفسير
ص: 319
1- لعلّ المراد منه السيد الشريف المرتضى (رحمه الله علیه)، ولم أجد مصدراً لهذه القولة لا في كتب الشريف ولا غيره ، وما جاء في المتن هو حاصل ما ذكره الشريف المرتضى (رحمه الله علیه)في كتابه : الشافي 46/4 .
2- سورة النور (24) : 55 .
3- في نسختي الأصل : العلماء ، والظاهر ما أثبتناه .
4- كذا ؛ والمعنى مشوش .
5- لم أعرف القائل ومصدر القول.
6- تفسير الخركوشي النيشابوري ، ولم نحظ بنسخة منه خطية فضلاً عن المطبوع.
في قوله سبحانه: ﴿ وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾
قوله تعالى(1): ﴿ وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ﴾(2) قال : الخلاق : هو النصيب ، والدليل عليه قول النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) « إن الله ليؤيد(3) هذا الدين بقوم لا خلاق لهم في الآخرة »(4).
في ما وضعوا عنه (صلی الله علیه و آله و سلم): وزنت بأمتي فرجحت، ثم وزن الأول فرجح
ورووا(5) أنّ النبي (عليه و آله السلام) قال وزنت بأمتي فرجحت ، ثم وزن بها
ص: 320
1- لا توجد : تعالى ، في نسخة ( ب ) .
2- سورة البقرة (2) : 200 .
3- قد تقرأ الكلمة في نسخة (ألف) و (ب) : لنؤيد ، وما ذكره ابن حزم في المحلى 113/11 هو : ينصر .
4- يراجع حول الحديث : الإيضاح : 217 [ الطبعة المحققة ، الهامش ] .. وغيره. وفي الإتقان 25/2 عن أبي موسى الأشعري قال: نزلت سورة نحو براءة، ثمّ رفعت وحفظ منها : إنّ الله سيؤيّد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم .. ! لاحظ : صحيح ابن حبان 376/10 عن أنس، والدر المنثور 105/1 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 302/5 . . وغيرها . وفي بعض الأخبار : إنّ الله ليؤيّد هذا الدين بالرجل الفاجر .. كما في كتاب البخاري 75/5، وجاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 309/2، وكذا في 20/19 ، ودعائم الإسلام 341/1، وعنه في بحار الأنوار 48/100 حديث 13، والجامع الصغير 2740/1 ، وهامش عوالي اللئالي 127/4 ، والصراط المستقيم 81/3 ، وزاد فيه : وبالرجل الفاجر.
5- هذا نقله بالمعنى ، وقد روى هذا المضمون الخطيب في تاريخه 78/14، والهيثمي في مجمع الزوائد 58/9 - 59 حديث 14387.. وما في متنه كافٍ في ضعفه ، ولعلّ الميزان خراب وقاصر لو صح الخبر ! وقاله بهلول (رحمه الله علیه)، وجاء في شجرة طوبى : 770.. ومثله في سنن الترمذي 46/2 [369/3] ، وكذا في مستدرك الحاكم 71/3، وقال : : صحيح على شرط الشيخين . وجاء في كتاب العثمانية للجاحظ : 137 ، والمعيار والموازنة لأبي جعفر الإسكافي: : 222، وكتاب السنة لابن أبي عاصم : 522 حدیث 1131 [176/5]، وصفحة : 524 حدیث 1135 ، وحديث 1138 في صفحة : 525 . وذكر الغزالي في كتابه إحياء العلوم 359/4 قال : روي عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) و أنته قال : رأيت ميزاناً دلّي من السماء فوضعت في كفّة ووضعت أُمتي في كفة فرجحت بهم، ووضع أبو بكر في كفّة وجيء بأمتي فوضعت في كفّة فرجح بهم .. كما جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 178/12 - 179، والمحاسن والمساوي للبيهقي : 53 ، وحكاه الطبري (رحمه الله علیه) في المستر شد : 553 - 554 .. وغيرهم ، وجاء عن ابن عمر - كما في المحاسن والمساوي ا في المحاسن والمساوي السالف - : لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح ..!! والأدهى من كلّ هذا ما أورده أحمد بن حنبل في مسنده 2 /76 من طريق ابن عمر، وجاء في فضائل الصحابة لابن حنبل 1 / 184 و 206، والرياض النضرة 224/1 و 269 ، والبداية والنهاية 229/7 ، والمصنّف لابن أبي شيبة 476/7 [18 - 17/12]..
الأوّل فرجح ، ثم رجح الثاني ..!!(1)
ص: 321
1- والحديث كما في سنن أبي داود 207/4 [398/2] حديث 4634، عن أبي بكرة : أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم قال ذات يوم من رأى منكم رؤيا ؟ فقال رجل : أنا رأيت ميزاناً نزل من السماء فوزنت أنت وأبو بكر ، فرجحت أنت بأبي بكر ، ووزن عمر وأبو بكر فرجح أبو بكر ، ووزن عمر وعثمان فرجح عمر ، ثمّ رفع الميزان .. قال : فرأينا الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم !! وقريب منه ما أخرجه الذهبي في ميزان الاعتدال [291/3 - 292] من طريق عمرو بن واقد الدمشقي ، وقال : لم يشكّ أنته كان يكذب، وهو قولهم منسوباً (صلی الله علیه و آله و سلم): رأيت أنتى وضعت في وضعت في كفة وأُمتي في كفة فعدلتها، ثمّ وضع أبو بكر فعدل بأُمّتي، ثمّ عمر فعدلها ، ثمّ عثمان فعدلها .. ثمّ رفع الميزان ! [بل الحق : كُسّر الميزان !! ] وقال بعد ذكره مع جملة من الأحاديث التي هي على غراره: ... هذه الأحاديث لا تعرف إلا من رواية عمرو .. وهو هالك . لاحظ ما علّق عليه في كتاب : التعجب من أغلاط العامة : 139، والصراط المستقيم 80/3 ، والغدير 307/7 - 308 ، و 68/10 .. وغيرها .
فریة ترجیح عمر علی رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ثلاث مرات
فزعموا أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) رجح مرّة واحدة ورجح الأوّل مرّة مساواة برسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)]، ورجح الثاني على رسول الله ثلاث مرّات(1). فالنبي [(صلی الله علیه و آله و سلم)] أعظم قدراً من الموازنة مع أحد(2).
ص: 322
1- على هذا لابد أن يكون ما نقله المصنّف (ثمّ وزن بها عمر فرجح ، ثم رجح، ثمّ رجح ) ؛ بهذا يكون قد رجح ثلاث مرّات.
2- وعليه؛ فيكون عمر وزناً قد رجح على نبيهم ثلاث مرّات ، مع أن فضل صاحبه ظاهر عليه عندهم قولاً وإن كان عمر عندهم يرجّح عليه عملاً ، لعنهم الله جملة وتفصيلاً. وقد حكاه الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 80/3 ، وقال : فظلموا النبي [(صلی الله علیه و آله و سلم)] وأبا بكر بترجيح عمر عليهما في الفضل وعلى سائر الأنام، ثمّ قال: ولا خفاء أنّ الموازنة ليست بالأجسام وإلا لم تقدر على حملهم الأنعام إلا أن يحمل بعضهم بعضاً ..!
في کیفیة موازنه الأجلاف برسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
أفليس قال عمر : لوددت أني شعرة في صدر الأول..؟!(1) فما هذا الرجحان بعد ؟ !
ثمّ إنّه لا تخلو الموازنة؛ إما أن تكون أجسامهما أو أعمالهما ، فلا يَرْجَانِ بأجسام الأُمّة .. ولو كان أفعالهما فلم تكن بعد ، فكيف يَرْجَح بما ليس بعد ؟!
ثمّ إنّكم ظلمتم أبا بكر ؛ لأنته عندكم خير من عمر..!!
وفي الأغاني(2): أنه سمع السيد الحميري من واعظ يذكر هذا، فقال : لعمري إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يَرْجَحُ على أمته في الفضل.. والحديث حق ، وإنّما رَجَح
ص: 323
1- كما حكاه الهندي في كنز العمّال 496/12 حديث 35626، والبيهقي في المحاسن والمساوي : 53 .. وغيرهما . وكم لشيخهم وخليفتهم من أمثال هذه الأماني - التي قد مرّ بعضها وسنلحقه أُخرى - منها كونه كان يتمنى أن يكون روثة ... ويا حبذا كان . أو يقول كما رواه أبو نعيم الإصفهاني في حلية الأولياء 52/1 عن الضحاك - : ليتني كنت كبش أهلي ؛ يسمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت أسمن ما أكون ، زار هم بعض من يحبّون فجعلوا بعضي شواء ، وبعضي قديداً ، ثمّ أكلوني فأخرجوني عذرة ، ولم أك بشراً .. !! [ إي والله ! بل هي تشرف عليه نفعاً وطهراً ! أخذاً بإقراره لو كان عاقلاً]. و موارد أخرى ستأتيك لاحقاً .
2- الأغاني 2907 [ طبعة دار الكتب العلمية ، وفي طبعة 196/7 - 197 وتحقيق البقاعي والشيخ /209] باختلاف يسير ، وحكاه عن الأغاني في الصراط المستقيم 80/3 أيضاً ، ولعلّه قد أخذه من موسوعتنا هذه كعادته (رحمه الله علیه).
فریة رمي الحبشة بالحصباء عند ما کانوا یلعبون عند النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)
الآخران بسيئاتهما(1)؛ [ لأنّ ] من سنّ سنّة [سيئة فعُمِل بها بعده ] فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة(2).
ورويتم(3) : بينا(4) الحبشة يلعبون عند رسول الله بحرابهم.. إذ دخل عمر ، فأهوى إلى الحصباء(5) فحصبهم بها ، فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): دعهم يا عمر ! ..(6)
ص: 324
1- في الأغاني : الآخران الناس في سيئاتهما .
2- لم يرد في المصدر (إلى يوم القيامة ) ، وجاء في آخره: فما أجابه أحد .
3- كما جاء في مسند أحمد بن حنبل 308/2 من حديث أبي هريرة، وقريب منه عن بريدة وجابر .. وغيرهما، وجاء في صحيح الترمذي 294/2 ، ومصباح السنّة 271/2 ، ومشكاة المصابيح : 550 ، وقاله أبو نصر الطوسي في اللمع : 274.. وغيره. وفصله الحديث عنه شيخنا الأ. شيخنا الأميني طاب ثراه في الغدير 64/8 - 69 .
4- كذا في المسند ؛ وفي نسختي الأصل : بين .
5- في نسختي الأصل : الحصا، وما هنا من المصدر.
6- رواه البخاري في كتابه 46/4 (كتاب الجهاد والسير ، باب اللهو بالحراب ) حديث 2745 ، ومسلم في كتابه 2 / 610[346/1 كتاب صلاة العيدين ( باب 4 الرخصة في اللعب ) حديث 22] ، والتاج الجامع للأُصول 304/1.. وغيرهم. أقول : روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين 52/4 ، قالت عائشة : رأيت النبي [(صلی الله علیه و آله و سلم)] يسترني [ بردائه ] - وأنا انظر إلى الحبشة - وهم يلعبون في المسجد .. فزجرهم عمر .. كما رواه ابن الأثير في جامع الأصول 322/11 عن البخاري ومسلم والنسائي .. وكذا الغزالي في الإحياء 277/2 ، وإرشاد الساري للقسطلاني 95/5، ومسند أبي داود الطيالسي : 204 ، وعمدة القاري للعيني 183/7 ( جزء 13).. وانظر : الطرائف لابن طاوس (رحمه الله علیه) : 363 عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين والغدير 65/8 عن مسند أحمد بن حنبل، وقد أورد عن مصادر في شرح إحقاق الحق 257/2 - 258 وأجاب عليه .. وغيرها.
فأي كفر أعظم من هذا ؟ ! إنّ النبي (عليه و آله السلام) يرضى باللعب، وعمر ينهى عنه !!
قولهم: إن فلان لا یحب الباطل!
ورويتم(1)
قولهم: إنه کان لا یحب الشعر خلافا لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
: أن شاعراً أنشد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) شعراً قاله فيه ، فدخل فلان ، فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): اسكت ! ففعل ذلك .. ثلاث مرات ، فقال الشاعر : من هذا الذي تُسكتني إذا دخل، وتأمرني(2) بالإنشاد إذا خرج ؟ فقال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): الثاني .. هو لا يحب الباطل !!(3)
ص: 325
1- والرواية هنا منقولة بالمعنى مع اختصار في اللفظ ، وتفصيلها ما أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 46/2 عن الأسود بن سريع بألفاظ مقاربة ، وبطريق قال في آخره : هذا عمر بن الخطاب، وليس من الباطل في شيء..!! وما أبدع ما علّق عليه شيخنا الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 90/8، فراجع . وجاءت - أيضاً - في حلية الأولياء 49/1 ، والمسترشد للطبري : 551 - 552 ( الهامش ) .. وغيرهما . وقد عدّ لهذه الرواية شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 89/8 - 90 عدة طرق .
2- في نسختي الأصل : تأمروني.
3- راجع : مسند أحمد 435/3 عن الأسود بن سريع، وشرح النهج لابن أبي الحديد 178/12 - 179 ، وأسد الغابة لابن الأثير 86/1[104/1]، وكشف الخفاء للعجلوني 1372 ، ومجمع الزوائد 118/8 و 66/9 .. وغيرها . انظر : الغدير 89/8 ، والاستغاثة 6/2.. وغيرهما.
وقد روينا فيما تقدّم حديث الغناء، وهو القائل(1): علّموا أولادكم الشعر ؛ فإنّه ديوان العرب، وفيه معرفة أنسابكم، وحفظ آدابكم(2).. فكان أحبّ الأشياء إليه الشعر .
فيا عجباً ! كان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يحبّ [ الباطل ] ويسمعه(3)، وعمر لا يحب ولا يسمعه ؟ !
ورويتم: أنه جاءت جارية(4) سوداء إلى النبي ، فقالت : إنّي نذرت إن ردّك الله صالحاً(5) أن أضرب بين يديك الدفّ وأتغنّى !
فقال النبي : إن كنتِ نذرتِ فاضربي ، وإلا فلا..!
ص: 326
1- المقصود : عمر بن الخطاب.
2- في نسخة (ألف) : دأبكم . راجع : التعجب من أغلاط العامة : 146.
3- لا تتلائم الدعوى مع المدعى والجواب ، ولذا أثبتنا بين المعكوفين ما يتم الكلام به ، فتدبر.
4- كذا استظهاراً ؛ وفي نسخة ( ب ) : بعباءة ، وفي نسخة (ألف ) : بعبارته . وفي أسد الغابة : عن بريدة ، خرج رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم في بعض مغازيه ، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت:..
5- في المصادر : سالماً ، وهو الظاهر ، نعم جاء لفظ ( صالحاً ) في بعض المصادر ، كما في نيل الأوطار 271/8 ، و تاريخ دمشق 83/44.
فجعلت تضرب؛ فدخل أبوبكر - وهي تضرب - ثم دخل علي - وهي تضرب - [ ثم دخل عثمان ، وهي تضرب ] ثم دخل عمر .. فألقت الدق تحت آشتها وقعدت عليها !
فریة: إن الشیطان لیخاف من عمر!
فقال النبى (صلی الله علیه و آله و سلم) : إنّ الشيطان ليخاف منك يا عمر !!(1)
ص: 327
1- وفي لفظ أحمد بن حنبل : إن الشيطان ليفرق منك يا عمر ثم جاء بعده: فقال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله] وسلّم : إنّ الشيطان ليخاف منك يا عمر [كما يخاف التلميذ من أُستاذه!] إنّي كنت جالساً وهي تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثم دخل عليّ وهي تضرب ، ثم دخل عثمان وهي تضرب ، ثم دخلت أنت يا عمر ! فألقت الدق .!! وقد أخرج الحديث الأوّل ابن حنبل في مسنده 353/5 [ وفي طبعة 206/3]، وكذا في نوادر الأصول في أخبار الرسول للحكيم الترمذي 2 /138، وهو غير صاحب السنن ، وجاء في سنن الترمذي 630/5 حديث 3690 [ تحقيق الشاكر ، وفي طبعة دار الفكر 283/5 - 284 حديث 3773] كتاب المناقب ( باب 18: مناقب عمر!)، وقريب منه وبصور أُخرى في السنن الكبرى للبيهقي 77/10، ومشكاة المصابيح : 550 ، وأسد الغابة 64/4 [161/4]، ونيل الأوطار 271/8، ومختصر تاریخ دمشق لابن منظور 284/9 ( جزء 18) ، والسيرة الحلبية للحلبي 62/2.. وراجع : الرياض النضرة 300/2 ، وكنز العمّال 591/12 .. وغيرها. وقد جاء ما هنا نقلاً بالمعنى مع اختصار في ا اللفظ من مجموعة نصوص وردت عر طريقهم في هذا المقام ، والمصنّف (رحمه الله علیه) كعادته - ينقل غالباً من محفوظاته، ولذا تراه يدمج في الروايات أو يختصر أو ينقل بالمعنى .. وقريب من هذا ما جاء عن جابر ، قال : دخل أبو بكر على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)- وكان يُضرب بالدفّ عنده - فقعد ولم يزجر - لما رأى من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)! فجاء عمر ، فلما سمع رسول الله صوته كفّ عن ذلك ! فلما خرجا .. قالت عائشة : يا رسول الله ! كان حلالاً فلما دخل عمر صار حراماً ؟ ! فقال (صلی الله علیه و آله و سلم): يا عائشة! ليس كلّ الناس مرخاً عليه !! هذا ؛ ولم أفهم وجه كون النذر يبيح المحذور ، مع أنه قد ورد عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال : « لا نذر في معصية ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم»، كما جاء عن طريقهم في كتاب مسلم 17/2، وسنن أبي داود 81/2 وسنن ابن ماجة 652/1، وسنن النسائي 19/7 و 29.. وغيرها من مسانيدهم وسننهم .. مع ما في القصة من جعل وتزوير وافتراء.. رواه ابن الأثير في جامع الأصول 448/9 - 449 حديث 6433 [ وفي طبعة الأرناؤوط 617/83 - 618 حديث 6445] ، وهو حديث مفصل رواه عن الترمذي في الجامع 384/5 عن بريدة ، وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب. وقد أدرج الشيخ الأميني (قدس سره) في غديره 64/8 - 65 تحت عنوان : الشيطان يخاف ويفرّ من عمر !! جملة روايات عن عدة مصادر .
فهذه الجارية ما احترمت للنبي (عليه و آله السلام) ولا لأبي بكر ، ولا عليّاً (علیه السّلام)(1)، وما ها بتهم ولا خافت منهم وخافت من فلان !!
ثمّ إنّ الشيطان لا يخاف من النبى (صلی الله علیه و آله و سلم) ويخاف منه(2)؟ !
ص: 328
1- كذا؛ والظاهر : النبي ولا أبا بكر ولا عليّاً.
2- لقد أجمل نقل الواقعة الشيخ البياضي (رحمه الله علیه)- كعادته غالباً - في الصراط المستقيم 159/1، وقال : قلنا : لا يخفى ما فيه من القول بالباطل ؛ إذ لو نذرت الزنا أو غيره لأباحه لها ! وحاشاه أن يرضى بذلك. وفي قوله: (وإلّا فلا) نهي صريح ، وهو للتحريم ، وكيف يصيّر النذر الحرام مباحاً ؟! ثم قال : وفي قوله : ( إنّ الشيطان يخاف منك يا عمر ) تصريح بأنته فعل الشيطان ، و تفضيل لعمر على النبي ومن حضره.. إلى آخره.
قولهم: إن الله تعالی صاوب الحق علی لسان عمر!
ورويتم(1): أنّ الله تعالى صاوب الحق(2) على لسان يعوق ..(3).
ص: 329
1- وقد جاء بألفاظ مختلفة منها ما هنا، ومنها ما نسب له صلوات الله وسلامه عليه وآله : .. إن الله عزّ وجلّ جعل الحق على قلب عمر ولسانه !! كما في مسند أحمد ابن حنبل 95/2. وبشكل معكوس (لسان عمر وقلبه ) ، جاء فيه 53/2 و 401:.. ولعلّهم يريدون بلسانه قولته المشهورة لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): إنه ليهجر ! ! وبقلبه أنه كان يشكّ في دين الله على قولهم ، وما آمن طرفة عين على اعتقادنا . وراجع: تاريخ مدينة دمشق 97/44 - 106 .. وغيره ، وفي شرح النهج لابن أبي الحديد 178/12 : إنّ الله تعالى ضرب بالحق على .. وكذا راجع : الغدير 92/8 - 93 ، تحت عنوان لسان عمر وقلبه ، وكذا فيه 331/6. وجاء الحديث في كتاب سليم بن قيس : 277 [ وفي الطبعة المحققة 736/2].
2- وفي لفظ أحمد في مسنده 145/5 : ضرب بالحق ، مع زيادة: وقلبه .
3- أقول : لقد جاءت هذه الفرية الحمقاء ، والقولة السخيفة - غير ما سلف من أقوال - وبألفاظ متعدّدة : منها : إن الملك ينطق على لسان عمر .. أو يلقن عمر . أو : إنّ الله وضع الحق على لسان عمر يقول به .. كما في الصواعق المحرقة : 96 الحديث الثامن والأربعين [طبعة مصر ] ، وفي سنن أبي داود 139/3. أو : إنّ الملائكة تتكلّم على لسانه .. كما في مجمع الزوائد 69/9، وحياة الصحابة 543/3 .. وغيرهما . أو : إنّ الله جعل الحق على لسان عمر .. كما في مستدرك الحاكم (كتاب معرفة الصحابة) 87/3 حدیث 341، أو : إن ملكاً ينطق على لسان عمر .. كما في فضائل الصحابة 263/1. أو : إنّ الحق ينطق على لسان عمر .. أو : إنّ الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه .. كما في مسند أحمد بن حنبل 401/2 ، مسنداً عن أبي هريرة .. ورووا عن ابن مسعود : إنّ السكينة تنطق على لسان عمر .. أو تتكلم.. انظر : المعرفة والتاريخ 456/1 ، منهاج السنة 161/4.. وغيرهما. قاله ابن الأثير في النهاية 386/2 ، وأخرجه الطبراني في الأوسط 359/5.. وغيره، وجاء بألفاظ متعدّدة ، وقد جاء - أيضاً - في كنز العمال 599/12 حديث 35870 [ وفي طبعة 247/1 حديث 534] ، والرياض النضرة لمحب الدين 298/2 - 299 ، ومستدرك الحاكم النيسابوري 87/3.. وغيرها . وقريب من هذا ما أخرجه الحاكم في مستدركه 92/3 عن ابن مسعود أنته قال : لو وضع علم عمر في كفة ميزان ووضع علم الناس في كفة لرجح علم عمر .. وبألفاظ مقاربة ما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 283/44، وكانوا يروون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم ! قاله ابن حجر في الصواعق المحرقة : 98 - 99 [ طبعة مصر سنة 1385] ، وحكاه في الإيضاح للفضل بن شاذان (رحمه الله علیه): 307 [ الطبعة المحققة ] . راجع : الاستغاثة 2 / 5 و 45 و 47.. وغيره.
قضاءه في الحد بسبعین قضیة
فكيف يصح هذا ؟ ! وقد قضى في إمارته في الحدّ سبعين قضيّة يخالف بعضها بعضاً، واعترف بخطائه في قوله : كلّ الناس أفقه من من عمر(1)!
قوله: والله ما یدري عمر أصاب أم أخطا
وقوله : والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ(2)؟!
ص: 331
1- جاءت هذه الألفاظ مستفيضة وبمعناها متواترة ، وقد سلف منا ذكر بعضها بالمناسبة ضمن عدة وقائع ، ونزيد على ما سلف مصدراً ما جاء في: نور الأبصار للشبلنجي: 59 ، وحياة الحيوان للدميري 50/1 ، والفتوحات الإسلامية 477/2 .. عدا ما سلف عن كتابي البخاري ومسلم، وعدة تفاسير كالرازي والطبري، وعدة مجاميع كشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد في عدة مواضع منه .. وغيرها.
2- لقد جاء في كتبنا وأصولنا مكرّراً ، كما في الإيضاح: 181، والمسترشد : 541، والفصول المختارة : 210، والتعجب من أغلاط العامة : 142، ودعائم الإسلام 93/1 - 94 ، وجاء في مستدرك الوسائل 247/17 ذيل حديث 21246، وفي دعائم الإسلام 94/1 .. وغيرها ، وكثير منا ومنهم . وراجع من كتبهم : أصول السرخسي 107/2، روضة الناظر : 366 - 367، مجموع الفتاوى لابن تيمية 226/2 ، كشاف القناع 316/6، المبدع 37/10. وغيرها كثير ، وقد جاء الحديث بألفاظ أُخر ، وأسانيد متعددة في كتبهم . وأجاب عنه بما لا مزيد عليه سيّدنا المرتضى أعلى الله مقامه في الشافي: 179 - 180 [ وفي الطبعة المحققة 3 / 129 - 130 ] ، والشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في تلخيص الشافي 2 / 247 .. وغيرهما من أعلامنا طاب ثراهم .
قولهم: إن الله تعالی یاهی بعاده عامة وبعمر خاصة یووم عرفة!
ورويتم : أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يوم عرفة تبسم وقال : إن الله تعالى(1) باهي بعباده عامة وبزفر خاصة !!(2)
أفيباهي به ويدع نبيه ؟ ! فيكون شنبويه(3) في الخاصة والنبي في العامة ؟ !!
ص: 332
1- لا توجد: تعالى .. في نسخة ( ب ) .
2- وفي كتاب السنة لابن أبي عاصم : 572 حديث 1273 مسنداً عن أبي سعيد صَلَّى اللَّهُ عَلَيَّه الخدري ، عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : إن الله يباهي بالناس عشية عرفة عامة ، وإنّ الله باهي بعمر خاصة، وجاء قبله قوله : من أبغض عمر فقد أبغضني .. وقد رواه الطبراني في المعجم الأوسط. وزيد في بعض الموضوعات عنه (صلی الله علیه و آله و سلم): إنه لم يبعث الله نبياً إلا كان في أُمته محدّث ، وإن يكن في امتي منهم م أحد فهو عمر ، قالوا : يا رسول الله ! كيف محدّث ؟ قال : تتكلّم الملائكة على لسانه .. كما في مجمع الزوائد 69/9، وحياة الصحابة 543/3 .. وغيرهما . لعن الله كلّ مفترِ كذَّاب ، وكلّ متقوّل على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ومحرّف لكلامه . ولقد جاء من طرقنا؛ كما في عيون الأخبار 203/2 [ 187/2] (باب 15) ذیل حديث 2 ، وعنه في بحار الأنوار 193/49 ( باب 15) ذیل حدیث 2. راجع : الغدير 329/5 - 330.
3- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل: وقد تقرأ في نسخة (ألف ) : سيبويه ، وفي نسخة (ب): سنبويه ، وهي على كل حال كناية عنه . ويأتي بعنوان : شنبولة أيضاً. لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 363/2.
قولهم: إنه نادی ساریة - هو بنهاوند: وهذا بالمدینة - با ساریة الجبل!
ورويتم : أنه نادى سارية بن زنيم، فقال : يا سارية .. الجبل ! وهو بالمدينة وسارية بنهاوند على مسيرة أربعين ليلة .. فسمع سارية صوت الثاني فانحاز إلى الجبل .. ؟ !(1)
ص: 333
1- كما رواه غير واحد منهم؛ مثل السيد محمد بن درويش الحوت في أسنى المطالب: 265 [ وفي طبعة : 361 برقم 1762 ] ، وقال : روى قصته الواحدي والبيهقي بسندٍ ضعيف ، ثمّ قال : وهم في المناقب يتوسعون ! وجاء في كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني 380/2 - 381 برقم 3172 [ وفي طبعة 514 - 515 ] ، وذكر طرقه وحاول تصحيحه. وراجع نخبة اللآلي لمحمّد الحلبي : 73 ، ومنهاج السنة 196/4، والكامل لابن الأثير 42/3، وتاريخ الطبري 178/4 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 139 - 140، ودلائل النبوة لأبي نعيم 578/2 - 581 حديث 525 - 528 ، و تاريخ عمر لابن الجوزي : 155 - 156 ، والرياض النضرة لمحب الدين 326/2 - 327، والإصابة في تمييز الصحابة 3/2[5/3] ، والمستطرف للأبشيهي 374/1[5/3]، وأسد الغابة لابن الأثير 163/4 ، وإحياء علوم الدين للغزالي 24/3 ، وتفسير الرازي 87/21، والخصائص الكبرى للسيوطي 285/1 ، وتاريخ اليعقوبي 156/2.. وغيرها. وناقشه - بما لا مزيد عليه - الشيخ الكراجكي (رحمه الله علیه) في كتابه التعجب من أغلاط العامة : 146.. و حكاه باختلاف يسير الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 80/3 ، وقال : قلت : ولم لا تكون الكرامة لسماع سارية لا لعمر ، ثمّ قال : وقد طعن جماعة منهم في رواة هذا الحديث. وروى الحديث الطبرسي (رحمه الله علیه) في الاحتجاج 2 /68.. وغيره. قال الطبري (رحمه الله علیه) في المسترشد : 551:.. وإنّما وضعوا هذا الحديث بإزاء حديث رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في جعفر بن أبي طالب حين رفع له بمؤتة حتى نظر إلى معترك جعفر بن أبي طالب، ثمّ نعى جعفر إلى الناس.. فأرادوا مضاهاة رسول الله ، بل أرادوا تفضيله على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)!! راجع عنه : الاستغاثة 2 / 5 و 48 .
فهذه معجزة الأنبياء ، فلا يجوز - على أصلكم - لغيرهم، ولو كان هذا صحيحاً لأتى بمئة معجزة دونها، وهذا تفضيل(1) له على الأَوَّل ؛ لأنه ما كان للأول أقل من ذلك ، وإنّما إن كان يعوق قد قوي على النداء إلى سارية من(2) بعيد ، فقد قوي سارية على سماع ندائه من بعيد ، ولعلّ المعجزة لسارية في سماعه !
ولو أنّ الشيعة روت أن علياً (علیه السّلام) صاح صيحة سمعها من هو على فرسخ لأنكر تموه .. ولا نعلم صوتاً أشدّ من صوت الرعد في السماء، فلا يبلغ صوته أكثر من اثني عشر ميلاً - أربع فراسخ -.
ولقد وجدنا منكم جماعة ينكرون هذا الخبر ، ويطعنون في راويه(3).
ص: 334
1- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : يفصل ، والظاهر ما أثبتناه.
2- في نسختي الأصل : في .
3- في نسختي الأصل : رواية، ولعلّه : الرواية ، والظاهر : رواته . وكأنهم يريدون أن يطعنوا في الحديث ؛ فقد حكم عليه السيّد محمّد بن درويش في أسنى المطالب: 265 بذلك ، وكان حقه أن يحكم عليه بالوضع والتزوير .. وراويه سيف بن عمر ، وهذا كافٍ فيه.
اقرار عمر بقول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لأمیر المؤمنین (علیه السلام): « لولا أني أخاف أن یقال فیك ما قالت النصاری في المسیح»
وقد روى الحاتمي - بإسناده(1) - قال : خرج الثاني والثالث يتشاجران في علي (علیه السّلام) فإذا به ؛ فقال الثاني: أتذكر يوماً قال ابن أبي كبشة : «لولا أنتي أخاف أن يقال فيك ما قالت النصارى في المسيح ..»(2) الخبر .
ص: 335
1- وحكاه عنه البياضيا (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 80/3، باختلاف يسير .
2- وفي ذيله كما في المناقب - : « .. لقلت اليوم فيك مقالة لا تمرّ بملاً من المسلمين إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك .. » ، رواه أبو بصير ، عن الإمام الصادق (علیه السّلام) . أقول : إنّ طرق هذا الحديث متعدّدة، ومضامينه قد جاءت من طرقنا وفي متوننا بكثرة جداً .. فقد رواه الشيخ المفيده (رحمه الله علیه) في الإرشاد : 59 و 86 [ الطبعة المحققة 117/1]، وعنه في بحار الأنوار 79/21 ( باب 25) ذيل حديث 5 ، والشيخ الكليني (رحمه الله علیه) في الروضة من الكافى 57/8 حديث 18 ، وكذا تأويل الآيات الظاهرة 2 /568 - 569 حديث 42 ، ذيل قوله سبحانه: ﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴾ [سورة الزخرف (43): 57] ، ونص عليه المصنف (رحمه الله علیه) في مناقبه 478/1، وصفحة : 603 [ طبعة بيروت 381/2، و 167/3] ، وتفسير الفرات الكوفي : 153 [ الطبعة المحققة : 405- 406 حديث 543 ، و 406 - 497 حديث 544] ، وكشف الحق 94/1 - 95 [ وفي طبعة: 281 و 420]، وكشف الغمة : 83 [ 232/1 و 303]، وأمالي الشيخ الصدوق (رحمه الله علیه): 59 - 60 [ وفي طبعة : 156 (المجلس الواحد والعشرين ) حديث 150] ، والاختصاص : 150 ، وتفسير البرهان 876/4.. وغيرها كثير ، والذي يظهر من مجموعها أنها قد جاءت في أكثر من واقعة وبألفاظ مختلفة ومعان مقاربة . وقد رواه العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 216/10 - 217 حديث 18 عن كتاب الاستدراك، كما رواه بلفظ مقارب له فيه 284/25 - 285 (الباب التاسع ) حديث 35 ، عن أبي سعد الواعظ والد في شرف النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، ثم قال : رواه أبو بصير عن الصادق (علیه السّلام)، وجاء عن كنز جامع الفوائد في بحار الأنوار 314/35 - 315 ( باب 10) حديث 4 ، و 181/41 ( باب (109) حدیث 17، وتفسير أبي الفتوح الرازي ،150/12 ، والصراط المستقيم 80/3 ، بحار الأنوار 319/31 - 320 ( باب 26) حديث 1 عن الخصال في حديث المناشدة.. وغيرها. وجاءت عدة مصادر في شرح إحقاق الحق 410/23 وما بعدها ... وبألفاظ مختلفة ، فيما رواه سليم بن قيس الهلالي الله في كتابه : 412 [ وفي الطبعة المحققة 891/2، ولاحظ : صفحة 910]، وأورده مسنداً في بحار الأنوار 137/68 ( باب 18 حديث 75 عن البشارة ، عن جابر قال : لما قدم علي (علیه السّلام) على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بفتح خیبر قال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « لولا أن يقول فيك طوائف من أُمتى ما قالت النصارى للمسيح عيسى بن مريم لقلت اليوم فيك مقالاً لا تمرّ بملأ إلا أخذوا التراب من تحت رجليك ، ومن فضل طهورك .. يستشفون به » . وجاء في كتب العامة - أيضاً - كما في مجمع الزوائد للهيثمي 131/9 [ طبعة بيروت ] ، مناقب ابن المغازلي : 237 حديث 285 [ طبعة طهران ، وفي طبعة : 304] مناقب الخوارزمي : 158 حديث (188 [ وفي طبعة : 245]، مقتل الحسين (علیه السّلام) للخوارزمي : 45 [ طبعة الغري ] ، وكذا في المعجم الكبير للطبراني 299/1، وعلل الحديث لابن أبي حاتم 313/1 ، وتاريخ دمشق لابن عساكر ( ترجمة الإمام علي (علیه السّلام)) 1 /226 ، وأرجح المطالب : 454 ، ومسند أحمد بن حنبل الشيباني 1 / 160 .. وغيرها . راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 168/9 ، و 282/18 ذیل قوله [(علیه السّلام)] [ طبعة القاهرة 425/1 ، و 291/4 - 301] ، الخبر السادس عن مسند أحمد بن حنبل ، عنه [(صلی الله علیه و آله و سلم)] : « والذي نفسي بيده لولا أن تقول طوائف من أُمتي فيك ما قالت النصارى في ابن مريم ..». أقول : ولنذكر أحد نصوص الخبر تبرّكاً ؛ وهي متضافرة نقلاً.. فقد رواه الطبري (رحمه الله علیه) في المستر شد : 633- 637 ، قال : .. عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : لما قدم عليّ [(علیه السّلام)] على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بفتح خيبر، قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « لولا أن تقول طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في لقلت فيك اليوم قولاً لا تمرّ بملأ من المسلمين إلّا أخذوا من تراب عيسى بن مريم رجليك ، وفضل طهورك .. يستشفون به.. ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك ، ترثني وأرثك ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ، وأنتك تؤدي ذمتي ، وتقاتل على سنتي ، وأنتك غداً في الآخرة أقرب الناس منّي ، وأنتك غداً على الحوض خليفتي ، وأنتك أوّل من يرد عليّ الحوض غداً ، وأنتك أوّل من يكسى معي ، وأنتك أوّل داخل الجنّة من أُمّتي ، وأنّ شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الجنّة جيراني ، وأن حربك حربي، وسلمك سلمي ، وسرّك سري ، وعلانيتك علانيتي ، وسريرة صدرك كسريرة صدري، وأن ولدك ولدي، وأنتك منجز عداتي ، وأنّ الحق معك ، والحق على لسانك، وفي قلبك ، وبين عينيك ، وأنّ الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي ، وأنته لا يرد على الحوض غداً مبغض لك ، ولن يغيب عنه محبّ لك غداً حتى يرد الحوض معك .. » . قال : فخر علي (علیه السّلام) ساجداً ، ثمّ قال : «الحمد لله الذي من علي بالإسلام، وعلّمني القرآن، وحبّبني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيّد المرسلين إحساناً منه إليّ ، وفضلاً منه منه عليّ » . فقال له النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) عند ذلك : « لولا أنت يا علي ! لم يعرف المؤمنون بعدي ». وقد أورده الحافظ القندوزي الحنفي في ينابيع المودة 200/1، والخوارزمي في مناقبه : 96 ، وجاء - أيضاً - في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 449/2.. وغيرهم ، وألفاظه متقاربة ، وأحببنا أن نزين كتابنا هذا بنقل هذه الرواية ..
قال : الآن ترى كذب ابن أبي كبشة(1).
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام) للثالث : خذ ذلك التراب وائتني به .. فجاء الثالث وأخذ التراب من تحت قدميه - وكان له نعلان طاق(2) - فناوله الثاني فمسح ذلك التراب
ص: 338
1- في الصراط المستقيم - بعد الحديث - قال : نعم ؛ سأريك كذبه ، آتني بتراب من تحت قدميه .. فجاء به ، فمسح به عينيه فرأى سارية من بعيد، ثمّ قال : فأراد الله تصديق رسوله وإظهار فضل وصيّه .
2- هي النعل الفرد التي لم تُخْصَف ولم تُطارق ، وإنما هي طاق واحد. انظر : تاج العروس 742/15 مادة (نعل). وقال العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 23/52 في : نعل طاق .. أي من غير يلبس تحته شيء من جورب ونحوه.
على عينيه ، فنظر على عكرمة(1) عن(2) مسيرة يومين، فقال : بالله!....(3) فأراد الله أن يصدّق قول رسوله [ و ] يريه فضل عليّ [(علیه السّلام)] وصيّه(4).
ص: 339
1- كذا ؛ والظاهر أن الصحيح : فنظر إلى سارية .
2- كذا ؛ والظاهر : من .
3- بياض في نسختي الاصل .
4- أقول : روى الشيخ الكليني (رحمه الله علیه) في روضة الكافي الشريف : 57 - 58 حديث 18 - وحكاه العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 323/35 - 324 حديث 22 - بإسناده:.. عن أبي بصير ، قال : بينا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ذات يوم جالساً إذ أقبل أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فقال له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) : « إن فيك شبهاً من عيسى بن مريم ، ولولا أن تقول فيك طوائف من أُمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولاً لا تمر بملأ من الناس إلّا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يلتمسون بذلك البركة ..». قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة ، وعدة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلاً إلا عيسى بن مريم ؟ ! فأنزل الله على نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : ﴿ وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا ءَ آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنكُم ﴾ « يعني من بني هاشم» ﴿ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ﴾ [سورة الزخرف ( 43 ): 57 - 60]. قال : فغضب الحارث بن عمر و الفهري ، فقال : ﴿ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِندِكَ ﴾ - إنّ بني هاشم يتوارثون هرقلاً بعد هرقل ! - ﴿ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ ، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ، ونزلت هذه الآية: ﴿ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [سورة الأنفال (8): 32 - 33 ] .. ثمّ قال له : « يا بن عمرو ! إما تبت وإما رحلت ؟». فقال : يا محمد ! بل تجعل لسائر قريش شيئاً ممّا في يديك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم . فقال له النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): « ليس ذلك إليّ ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى». فقال : يا محمد ! قلبي ما يتابعني على التوبة، ولكن أرحل عنك .. فدعا براحلته فركبها ، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة [ أي حجارة ، وقيل : صخرة مثل رأس الإنسان ] فرضخت ( فرضت) هامته ، ثم أتى الوحي إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فقال : ﴿ سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعِ * لِلْكَافِرِينَ ﴾» « بولاية عليّ» ﴿ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ * مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ ﴾. قال : قلت : جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا، فقال: «هكذا - والله - نزل بها جبرئيل على محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وهكذا هو - والله - مثبت في مصحف فاطمة (عليها السلام)» . فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لمن حوله من المنافقين: «انطلقوا إلى صاحبكم ؛ فقد أتاه ما استفتح به ، قال الله عزّ وجلّ : ﴿ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴾ » [ سورة إبراهيم (علیه السّلام) (14) : 15]. وقريب منه في أمالي الشيخ (رحمه الله علیه): 256 حديث 462 [ طبعة مؤسسة البعثة ] ، وعنه في البحار 318/35 ) باب (10) حدیث 13 ، وبإسناد آخر وله طرق عاميّة كثيرة.
قولهم: إن الشیطان بفرمن حسن عمر!
ورويتم(1): أنّ الشيطان يفرّ من حسّ يعوق ..
ص: 340
1- كما في الرياض النضرة 2/ 300 - 301 ، والمعجم الكبير للطبراني 183/9 برقم 8825 عن عبد الله بن مسعود ، وإرشاد الساري للقسطلاني 356/2 ، ومنهاج السنة 70/6 ، وعمدة القاري للعيني 287/4 .. وغيرها . ومما ينفع في أمزاح ربيع الأول هو مراجعة كتاب: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 9/ 60 - 79 فما من منقبة إلا وفيها ما هو أكبر منها !! أقول : روي في التاج الجامع للأُصول 314/3: إنّ الشيطان يفرّ من ظل عمر ! ورووا : أنّ الشيطان كان لا يأمر بالمعاصي أيام عمر ( هامش الإيضاح : 273) نقلاً عن الاستغاثة 52 منه ، وزادوا عليه خوفاً أن ينهى عنها فلا يعود فيها أحد ، أو تتخذ سنة . ! ! لاحظ : الاستغاثة لعليّ بن أحمد الكوفي : 187 - 188 . وفي بعضها : إنّ الشيطان كان يهاب من عمر ويهرب منه ويخاف من حسّه.. وقد روى جملة منها المحبّ الطبري في الرياض النضرة 299/2 في باب بعنوان : ذكر اختصاصه بالهيبة ، ونفران الشيطان منه ! وقد عنون العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) ويفرّ من عمر ، وأيضاً فيه 94/8 - 96 ، بعنوان : عمر وفرق الشيطان منه .
قولهم: إنه ألقی علی لسان نبی الله: فأنهق الغرانیق العلی ففر الشیطان
ثم رويتم(1): أنّه(2) ألقى على لسان نبي الله : فإنّهنّ الغرانيق(3) العلى ..
ص: 341
1- انظر الواقعة في: تفسير الدر المنثور 319/5 [366/4 ، وفي طبعة دار الفكر 65/6 - 69] ، وتفسير الفخر الرازي ، 168/6 [49/23]، وجامع البيان 132/17 - 133 ، وتفسير القرطبي 85/12 ، وتفسير ابن كثير 240/3، وتفسير الطبري 131/17 - 134 .. وغيرها . وكذا جاء في مجمع الزوائد 115/7 ، والطبقات الكبرى 130/1 و 154.. كما وقد تكرّر في كتب الحديث .. وغيرها عندنا ، كما في عيون أخبار الرضا (علیه السّلام) 203/2 ، ومجمع البيان /91/7 [162/7]، وتنزيه الأنبياء : 107 - 109 .. وغيرها .
2- أي : الشيطان .
3- الغرانيق : جمع الغرنوق ، وهو الحسن الجميل ، يقال : شاب غرنوق وغرائق ، إذا كان ممتلئاً رياً ، وقد يراد منها الذكور من طيور الماء، واحده غرنوق وغرنيق، سمّي به لبياضه ، كما وقد يراد منه هنا الأصنام. وقد نقل هذه الواقعة المصنف (رحمه الله علیه) في كتابه المناقب 49/1 وأنكرها ، ثمّ وجّهها بما لا نعرف له وجهاً ! إذ أنّ التوجيه فرع القبول . أقول : أسطورة الغرانيق [ وهو طير الماء طويل العنق ] العلى التي منها الشفاعة ترتجی .. کفر صریح تضافر نقله في مجاميع حديث العامة ؛ لكون الأصنام هي الشافعة ، وأنه (صلی الله علیه و آله و سلم) اشتبه عليه الوحي بالشيطان .. ! والعياذ بالله !
قیل: إن الشیطان کان مقیدا أیام یعوق!
ففر الشيطان منه ، وألقى على نبي الله الكفر !! و [أين] ما كان له(1) في زمان كفره من تدبير الشيطان(2)؟ !
ورويتم : أنّ الشيطان كان مقيّداً(3) أيام يعوق ، فلما مات [قلت](4) حبائله ، ولم يكن يخاف أن يقتله الثاني، وإنّما خاف أن يغله(5) فلا يزال مغلولاً
ص: 342
1- أي : لعمر .
2- قال البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط 81/3: ورووا أن الشيطان يهرب من ظلّ عمر ..! قلنا : كيف يهرب من ظلّه ويلقي على لسان نبيه الكفر عندكم ، حيث قلتم : إنه قرأ : تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترجى .. ! لاحظ ما جاء في مناظرة المأمون مع أهل الحديث وجماعة من أهل الكلام ؛ المروية في عيون أخبار الرضا (علیه السّلام) 199/2 - 215 ، وعنه في البحار 189/49 - 208 (باب 15) حديث 2 ، وذكر مثل هذا في صفحة : 194 من البحار عنه . مع أنه قد رواها الطبراني، والبزاز، والبيهقي، والهيثمي ، والسيوطي ، وابن أبي حاتم ، وابن المنذر ، وابن جرير .. وغيرهم. وانظرها مفصلة بياناً واستدلالاً وجواباً في شرح إحقاق الحق 198/2 و 224..
3- الكلمة مشوّشة ، ولعلّها تكون غير ما أثبتناه .
4- كذا في المصدر ، والظاهر : فلت .
5- في نسختي الأصل : يغيله .
إلى يوم القيامة .. !!(1)
وكان إبليس مطلقاً من عهد [آدم ] إلى عهد محمد ، فقال لآدم وزوجته ما قال، وأتى قريشاً في دار الندوة وأشار بما أشار ، ثم أتاه ليلة العقبة، ونادى يوم أحد : إنّ محمداً قد قتل، وقال يوم بدر: ﴿ لَا غَالِبَ لَكُمُ اليَوْمَ .. ﴾(2).
أفكان مطلقاً في زمان الأنبياء وما قال: ﴿ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ﴾(3) ومغلقاً في أيام زفر، ويقول: ﴿ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾(4)؟!
ص: 343
1- روى ابن أبي شيبة في كتاب المصنف 354/6 برقم 31982 عن مجاهد ، أنته قال: كنا نحدث - أو كنا نتحدث - إنّ الشياطين كانت مصفّدة في زمان عمر ! فلمّا أُصيب بثت .. ومثله ما جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر 89/44، وعنه في الصواعق المحرقة لابن حجر 1 / 285 .. وغيرهما .
2- سورة الأنفال (8): 48 .
3- سورة الأعراف (7): 17.
4- سورة الحجر (15) : 36 ، وسورة ص (38): 79. أقول : ما ذكر جاء بمضامين متعدّدة عنهم في أكثر من واقعة ، فقد مرت بعض مصادره قريباً ، ومن ألفاظه قولهم : إنّ الشيطان ليفرق منك يا عمر ! وفي لفظ : إنّي لأنظر شياطين الجن والإنس قد فرّوا من عمر !! وغيرها . والكلّ قد سلف، وقد أخرج الوقيح البخاري في موضوعاته المعروفة بالصحيح عندهم في كتاب بدأ الخلق ( باب صفة إبليس وجنوده ) 89/5، وكذا في كتاب المناقب ، مناقب عمر 256/5 عن سعد بن أبي وقاص في قصة مضحكة ، ومسرحية درامية ، وسفاسف سوفسطائية .. جاء فيها أن نسب له (صلی الله علیه و آله و سلم) في آخرها قوله : والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قطّ سالكاً فجاً إلّا سلك فجاً غير فجك .. !! ولعلّ منشأ هذا ما ذهب إليه الفلاسفة من استحالة اجتماع المثلين. وناقش شيخنا ومولانا ومن نتمنّى شفاعته لنا الأمينى طاب ثراه فی غدیره 4/8 - 96 هذا الحديث بما لا مزيد عليه ، فراجع.
رووا: إن عمر سراج أهل الجنة!
ورويتم : أنّ عُتل(1) سراج أهل الجنة ..(2).
ص: 344
1- كناية عن عمر ، لاحظ : كتاب الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 2 /505 - 507 .
2- وقد أورده في الغدير 91/8 عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه كان يقول : عمر نور الإسلام في الدنيا وسراج أهل الجنّة في الجنّة ! وقد رواه البزاز كما جاء في كشف الأستار 174/3 - عن ابن عمر .. مع أنّ فيه عبد الله بن إبراهيم بن أبي عمرو الغفاري وهو ضعيف. ونقله أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 428/1 ، والآجري في الشريعة 1914/4 - 1915 ، وأبو نعيم في حلية الأولياء 46/2[333/6] عن أبي هريرة ، وكذا المحب الطبري في الرياض النضرة ( في ترجمة عمر ) 311/2 - 313، ولاحظ ما جاء في أسنى المطالب : 144 ، وكنز العمّال 577/11 حدیث 32734، تاریخ مدينة دمشق 166/44 - 167 .. وغيرها . ونقل الكراجكي (رحمه الله علیه) في كتابه التعجب من أغلاط العامة : 146 هذا، وقال: ومن عجيب كذبهم روايتهم أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال .. إلى آخره ، ثمّ علّق عليه. وراجع : الغدير 315/5 تحت عنوان ( من سلسلة الموضوعات 43 ) . ولاحظ : مناظرة الإمام الجواد (علیه السّلام) مع يحيى بن أكثم في مجلس المأمون ، حین سأله عن ذلك - كما في الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله علیه) 247/2 ، وعنه العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 81/50 ( باب 27) ضمن حديث 6 - فقال : وروي أنّ عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة .. ! فأجابه (علیه السّلام) بقوله : « وهذا - أيضاً - محال ؛ لأنّ في الجنّة ملائكة الله المقربين، وآدم ومحمّد وجميع الأنبياء والمرسلين لا تضيء بأنوارهم حتى تضيء بنور عمر؟!». راجع : أصول الكافي 353/1 حديث 9.
قالوا: لو لم یخلق الله عمر لبقیت الجنة مظلمة لا سراج لها!
وهذا تفضيل [له] على الأنبياء والملائكة المقربين(1)! ولا تضىء بأنوارهم حتى تضيء بنور الثاني ؟ ! والسراج إنّما يحتاج إليه(2) للضياء، والجنّة نورانية(3).
ولو لم يخلق الله الثاني لبقيت الجنّة مظلمة لا سراج لها !!
فإن كان ذلك لجماله ؛ فقد كان أدلم ، أحول ، قبيح المنظر(4).
وإن كان لمنزلته ؛ فإنّه ضاهى فرعون وهامان وإبليس بأفعاله، وسنّ كل بدعة في الشرع .
ولم نجد(5) الله ذكر(6) في كتابه : أنه جعل لأهل الجنة سراجاً،
ص: 345
1- في نسخة (ألف) تقديم الملائكة المقربين عن الأنبياء.
2- في نسختي الأصل: إليها، وهي محرّفة عن المثبت.
3- راجع : الاستغاثة في بدع الثلاثة : 202 [ 58/2 - 59 ] .
4- لاحظ : جملة من صفاته - هذه .. وغيرها - في حصيلة حياته التي جمعت في - حصيلة الكتاب الرائع الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 164/4 - 179 ، ولكلّ واحدة من هذه الصفات مصادرها في محلّها.
5- في نسخة (ألف) : ولم يحل .. ولا معنى لها ظاهراً.
6- في نسختي الأصل: ذكره.
إنّما أخبرنا أنه جعل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) سراجاً للمؤمنين في الدنيا بقوله : ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً ..﴾(1).
وإن كان عمر سراج أهل الجنة ؛ بمعنى أنته يعلمهم ويهديهم ويرشدهم(2).. فإنّ أهل الجنّة لا تكليف عليهم ولا جهل فيهم ، ولو كانوا محتاجين إلى ذلك لكان(3) أنبياؤهم أحق بذلك من عمر .. ويكون أبو بكر في سراجه.. وهو أفضل منه عندكم.
ورويتم(4): ...
ص: 346
1- سورة الأحزاب (33): 45 - 46، والشاهد في قوله تعالى في الآية : 46: ﴿ وَدَاعِياً إلى اللهَ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴾.
2- في نسختي الأصل : ويردّ بهم ،: وهي مصحفة عن المثبت عن الاستغاثة .
3- في نسختي الأصل : أكان .
4- كما في منهاج السنّة 55/6 ، وقد رواه أحمد بن حنبل في فضائله 356/1 حدیث 519 وكذا في صفحة : 438 حديث 676 ، وجاء في الكامل في الضعفاء 1511/4، وكنز العمّال للهندي 581/11 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 68/9 ، واللآلي المصنوعة 302/1.. وغيرها. وروي في كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني 163/2، والمعرفة والتاريخ 462/1 .. وغيرها ، وفيه : لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب. ولاحظ : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 178/12. وهو حديث موضوع، أورده شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 312/5 برقم 30 ضمن سلسلة الموضوعات ، وقال : أخرجه ابن عدي بطريقين .. ثمّ كرّره في 316/5 برقم 49 بلفظ آخر . وجاء فيه 109/7 وزيادة في صفحة : 111 منه. منه ، وراجع منه : 331/6 في نتائج البحث عن نوادر الأثر .
رووا: لو لم أبعث فیکم لبعث عمر!
.. لو لم أبعث فيكم لبعث عمر .. !!(1)
فإن كان هذا حقاً فما كان أحد أثقل على عمر من النبي (عليه وآله السلام)؛ لأنته لولاه لبعث عمر !!
ص: 347
1- وروي - أيضاً - في سنن الترمذي 281/5 منسوباً إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال : لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب. وقريب منه ما ذكره ابن عساكر في تاريخه 278/3. وقد عقد ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 12 /177 – 182 باباً في ذكر الأحاديث [المضحكة ] الواردة في فضل عمر ، وأنّ منها ما هو مذكور في الصحاح ومنها ما هو غير مذكور فيها ، ثمّ الطعون في تلك الأخبار الموضوعة، ثمّ ردّها باعتقاده. ولاحظ : شرح النووي على كتاب مسلم 244/5 ، وفردوس الأخبار للديلمي 417/3 ، وتاريخ مدينة دمشق 114/44 - 115 .. وغيرهم في غيرها . وجاء في شرح النهج لابن أبي الحديد 178/12 موضوعاً على رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] : ما أبطأ عني جبرئيل إلا ظننت أنته بعث إلى عمر... وناقشه أبو جعفر الإسكافي في المعيار والموازنة : 222، وأورده ابن الجوزي في كتاب الموضوعات 320/1 .. وغيره. كما وقد أورده الكراجكي (رحمه الله علیه) في كتابه التعجب : 144 - 145 ، وعلّق عليه بقوله : فأيّ كفر أعظم من هذا ؟ وأي جهل أعجب منه .. ؟ ! وزاد عليه .
افتروا عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) إنه قال: ما رأیا القاني قط إلا نخوفت ان ینزع خاتم النبوة من بین کتفي..!
وسأل يحيى بن أكثم محمّد بن عليّ التقي (علیهما السّلام) عن هذا الخبر(1)، فقال: «قال الله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ..﴾(2) [ فقد أخذ الله ميثاق النبيين ] فكيف يمكن أن يبدل ميثاقه ؟!».
وقال(3): « وكلّ(4) الأنبياء لم يشركوا بالله طرفة عين، فكيف يبعث بالنبوة من أشرك وكان أكثر أيامه(5) مع الشرك بالله ..؟! وقال(6) النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): «تبلت و آدم بين الروح والجسد».
وعمر استغرق عمره في عبادة الأوثان قبل النبي (عليه وآله السلام) بسنين كثيرة ، أفكان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يظن أنته كان جائزاً أن يبعثه الله نبياً في تلك الحال ؟ !
ورويتم(7): ما رأيت الثاني قط إلّا تخوّفت أن يُنزع خاتم النبوة من بين كَتِفَيَّ فيوضع بين كتفيه .. !!
والله عزّ وجلّ قد آمنه من كلّ خوف، وفضله على النبيين، وهل عزل الله
ص: 348
1- راجع : الاحتجاج 248/2 [ وفي طبعة 477/2] ، وعنه في بحار الأنوار 82/50 (باب 4) ذيل حديث 6 .
2- سورة الأحزاب (33): 7.
3- في نسختي الأصل : وقالوا.
4- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : وكان ، وهذا غلط .
5- في نسختي نسختي الأصل : آياته .
6- في نسخة ( ألف ) : فقال .
7- وقد أورده بألفاظ مقاربة الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 80/3.
رووا: ما احتبس عني الوحي إلا ظننته قد نزل علی ابن الخطاب!
نبياً عن نبوّته قطّ ؟! وهل جعل الله نبياً مَنْ عَبَدَ صنماً ؟! أو جهل النبي (عليه و آله السلام) بنفسه ما كان يتوقع معه العزل من الله عن النبوة ..؟!
ورويتم(1): ما احتبس عنّي(2) الوحي إلا ظننته قد نزل على ابن الخطاب..!!
ولو نزل الوحي على آل الخطاب لكان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) معزولاً عزل به، والنبي (عليه و آله السلام) كان يعلم أنه خاتم الأنبياء ، ولا ينزل الوحي على غيره(3).
ص: 349
1- قال الطبري (رحمه الله علیه) في المسترشد : 549 برقم 228: وروي أنه قال : ما أبطأ عني جبرئيل إلا ظننت أنته بعث إلى عمر .. وحكاه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 178/12.. وأي كفر هذا ؟! وهل نسوا الميثاق الذي أخذه الله سبحانه على عباده ، وقال عزّ اسمه : ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّين مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ .. ﴾ [سورة الأحزاب (33): 7].
2- كذا جاء في الاحتجاج ؛ إلّا أنّ في غالب المصادر : أبطأ عني ، بدلاً من: احتبس عنّي ، والوارد في رواية الاحتجاج النصّ الذي ذكره المصنف (رحمه الله علیه).
3- ذكر ذلك الشيخ البياضيا (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 80/3 - 81، ثمّ قال : ولو لم أبعث لبعث عمر بن الخطاب، وما رأيته إلّا تخوّفت أن ينزع خاتم النبوة من بين كتفي ويوضع بين كتفيه .. ثمّ قال : قلنا في هذه الروايات ما لا يخفى من المحالات: والشناعات؛ إذ في الأوّل الشكّ في نبوته ، وهو منافٍ لقوله تعالى.. والثاني : يوجب كون النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أثقل الناس على عمر ؛ لأنته لو لم يبعث لبعث. وفي الثالث تجوير عزل النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) عن نبوّته .. وهل يجوز نقل النبوة عن المصطفى إلى من عبد الأوثان بغير خفاء ؟ !
رووا: إن السکینة تنطبق علی لسان عمر!
وكان يحيى بن أكثم سأل [ عن ] ذلك محمّد بن علي التقي (علیهما السّلام)، فقال : « أيجوز أن يشك النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) فى نبوته ؟ ! قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ .. ﴾(1)، فكيف يمكن أن تنتقل النبوة ممن اصطفاه الله إلى من أشرك به ؟!»(2).
ورويتم(3): أن السكينة تنطق(4) على لسان عمر ..!
ص: 350
1- سورة الحج (22): 75.
2- كما في الاحتجاج 249/2 - وعنه في بحار الأنوار 82/50 - 83 (باب 4) ذيل حديث 6 - وفيه قوله (علیه السّلام) : « وهذا محال أيضاً ؛ لأنه لا يجوز أن يشكّ ..».
3- كما جاء في المعرفة والتاريخ 462/1 ، وكذا في البداية والنهاية لابن كثير 201/6 [وطبعة أخرى 224/6]، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 178/12 ، قال : إن الله تعالى ضرب بالحق على لسان عمر .. وإن بين عيني عمر ملكاً يسدّده ويوفقه ..! وراجع : مسند أحمد بن حنبل 401/2، ومستدرك الحاكم 87/3، وكنز العمّال للهندي 573/11 حدیث 32714 - 32718 . . وغيرها . وكذا ما جاء في المسترشد للطبري : 547 - 548 . وقد جاء في كتاب الإيضاح للفضل بن شاذان (رحمه الله علیه) : 307 [ الطبعة المحققة ] ، ومثله کتاب الاستغاثة : 147 [ وفي المحققة 5/2 و 45] . وقد رواه المحبّ الطبري في الرياض النضرة في ترجمة عمر 2 /298 - 299.
4- وفي بعض المصادر: إنّ الملك ينطق .. لاحظ : الغدير 331/6. وفي بعضها : إنّ السكينة تتكلّم أو تنطق .. كما في النهاية لابن الأثير مادة ( سكن ) . ومثله في كنز العمّال 11 / 580 برقم 32753 [236/14حديث 442]، وقد حكاه عن جمع ، وراجع رقم 35836 من كنز العمال 590/12 ، وكذا فيه 599/12 برقم 35870 [ وفي طبعة 247/14] ، وعنه في تاريخ الخلفاء للسيوطي في الفصل الخاص بفضائل عمر ! وفي الصواعق المحرقة لابن حجر في ترجمة عمر ( الفصل الرابع : 95 من طبعة مصر ) ، الحديث الثامن والأربعون ، عن ابن ماجة والحاكم، بإسناده ... عن أبي ذر !! قال : سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به .. وفي الحديث بعده ( 49 ) عن أبي هريرة : إنّ الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ، كما جاء في تاريخ مدينة دمشق 44 / 97 - 106 ، وشرح نهج البلاغة 307/12، وسنن أبي داود 20/2.. عن عدة مصادر. وفي مجمع الزوائد 72/9 ، وعن أبي وائل ، قال : ما رأيت عمر قط إلا وبين عينيه ملك يسدّده. وأخرجه الطبراني في الأوسط 85/1 ، و 338/3، و 7/7 - 8، و 66/9، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : 130 ، ولاحظ : كتاب السنّة لعمر و بن أبي عاصم : 567 حديث 1247 - 1250 ، مسند أحمد بن حنبل 5 / 145 و 165 و 177، وكذا جاء في فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل له 354/1 ، والطبقات الكبرى لابن سعد 270/3، ومنتخب كنز العمّال للهندي 468/4 .. وغيرها.
رووا: إن ملکا ینطق علی لسانه!
وأن ملكاً ينطق على لسانه .. !(1)
ص: 351
1- كما في فضائل الصحابة 263/1 حديث 341 ، والمعرفة والتاريخ 456/1.. قال البياضي في الصراط المستقيم 17/3 : وهذا كله يبطل ما رووه من قول النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): الحق ينطق على لسان عمر ، وقد علمت من شأنه إنطاق الباطل بلسانه . ثم قال : لو صح لصدق بفرد واحد ؛ لأنه مهمل في قوة الجزئي .. وقال - أيضاً - فيه 81/3: ورووا أن ملكاً ينطق على لسانه ويسدّده ! ثم قال : وهذا بهت ؛ لأنه رجع إلى عليّ [(علیه السّلام)].. وغيره في قضاياه ، ثمّ قال : وقال : كلّ أفقه من عمر .. والأوّل عندكم أفضل منه ، وله شيطان يعتريه ، وقد قال عمر يوم الحديبية : إن الشيطان ركب عنقى .. فأين الملك حينئذ ؟!
رووا: إن بین عینیه ملك بسدده!
وأنّ بين عينيه ملكاً يسدّده .. !(1)
ص: 352
1- أقول : أخرج البخاري في كتابه 15/5 [294/2] (باب مناقب عمر) حدیث 3689، عن أبي هريرة قال : قال نبيّهم : لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال ، يكلّمون من غير أن يكونوا أنبياء، فإن يكن في منهم أحد فعمر !.. وعلّق عليه القسطلاني في شرحه لكتاب البخاري : إرشاد الساري 99/6، وقريب منه في كتاب البخاري 4 / 211 [171/2] حديث 3469 (حديث الغار).. وجاء في كتاب مسلم 1864/4 ( باب فضائل عمر ! ) حديث 2398 مثله ، وكذا في صفة الصفوة 104/1 ، ومشكل الآثار 257/2 .. وغيرها من كتب موضوعاتهم . ويضاف إلى هذه السلسلة من الخزعبلات ما جاء على وزانها من الموضوعات مثل ما رواه أحمد بن حنبل - إمام الحنابلة - في مسنده 401/2 مسنداً، عن أبي هريرة ، عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال : إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه .. وفي بعض الروايات عن عمرو بن العاص ، أنته افترى على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قوله : إن الله ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه ، كما حكاه في كتاب سليم بن قيس : 277. ورحم الله علامتنا الأمينى 92/8 - 93 حيث علّق عليه وفنده بما هو أهله سنداً ودلالة ، فراجع. ولاحظ ما أورده في نتائج البحث حول نوادر الأثر في الغدير 331/6: والحمد لله الذي لم يصدّق الخبر الخَبر ، بل يكذِّبه التاريخ الصحيح وسيرة الخليفة المحفوظة في مطاوي التاريخ ومعاجم الحديث.
ومن كانت السكينة تنطق على لسانه [كيف ] يخطئ ويزل حتى ينادي على نفسه : لولا عليّ لهلك عمر .. وحتى غلب عليه الصبيان والنسوان في الشرع، كما قد تقدّم ؟ !
وبأي شيء فرّقتم بينه وبين النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) لا حتى فضلتموه عليه ؟ ! فإنّ النبي كان يؤدّي رسالة ربّه إلى أُمته عن من ملائكته، وكان يعوق ينطق على (علیه السّلام) لسانه ملك . وقد تقدّم خطؤه في الأحكام ، ورجوعه إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام)، ويسأل عبد الرحمن وابن عبّاس .. وغيرهما ، ولم يكن حينئذ ملك يسدّده(1)!!
وكان النبي (عليه و آله السلام) إذا سئل [عن الشيء ] - تعلّماً أو تعنتاً - يقول : لا علم [لي ] بشيء من ذلك، وينتظر نزول الملك بالوحي، و[أما ] الثاني فلا حاجة به إلى الملك [ونزوله ؛ لحضوره إيّاه إذا كان ينطق على لسانه ، فمن كانت هذه صفته لم تكن تغيب عنه الملائكة ولا تفارقه ] ، وربّما كان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) انتظر
ص: 353
1- وقد أجاب عنه - أيضاً - بما لا مزيد عليه سيّدنا المرتضى أعلى الله مقامه في كتابه الشافي - اسماً ووصفاً - ردّاً على قاضي القضاة: 179 - 180 [ الطبعة الحجرية ، وفي المحققة 129/3]. ومثله ما أورده الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في تلخيص الشافي 247/2 [طبعة النجف ]، وقبله الشيخ الكوفي في الاستغاثة : 147 - 149 [ طبعة النجف ] ، والكراجكي (رحمه الله علیه) كتابه التعجب من أغلاط العامة : 140 - 143 ، والتستري (رحمه الله علیه) في إحقاق الحق : 229.. وغيرهم في غيرها رضوان الله عليهم.
الوحي أيتاماً ، فيُسأل عن الشيء فيتأخّر السائل انتظار الوحي(1).
وقد أجاب محمد بن علي التقي (علیهما السّلام) في جواب يحيى بن أكثم(2).
فقال: «الأوّل أفضل من الثانى وقال الأوّل على رأس المنبر : إن لى شيطاناً يعتريني فإذا ملت فسدّدوني .. »(3) الخبر .
ص: 354
1- ما سلف هو عبارة الطبري (رحمه الله علیه) في المسترشد : 548 باختلاف يسير واختصار.
2- قد أورده الطبرسي (رحمه الله علیه) في الاحتجاج 247/2 [ وفي طبعة 477/2] ، وعنه رواه موسوعته بحار الأنوار 81/50 - 82 ( باب 4) ضمن العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في حديث 6.. وغيره.
3- قيل : هذه أوّل خطبة للأول حين ولي الخلافة المغتصبة ، وقد رواها جمع كثير من علماء الفريقين . راجع مثلاً : مجمع الزوائد 183/5 ، كنز العمّال 5 / 589 - 590 [212/5] حديث 14050 ، مسند أحمد 14/1 عن أبي بكرة، وتاريخ الطبري 224/3 [211/3] ، البداية والنهاية 303/6 و 307 ، تاريخ الخلفاء للسيوطي : 54 [طبعة بیروت: 79 ، طبعة مصر : 27 ، وفي طبعة: 47 - 48 ] ، الإمامة والسياسة 22/1 [ تحقيق الزيني ، وصفحة 16/1 من طبعة القاهرة، وفي تحقيق الشيري 34/1]، عيون الأخبار لابن قتيبة 234/2 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 20/6، و 156/17 و 159 ، الصواعق المحرقة : 7 نور الأبصار : 53 ، سيرة ابن هشام 340/4 ، السيرة الحلبية 388/3 ، الرياض النضرة 167/1 - 168 ، العقد الفريد 158/2 ، صفة الصفوة 261/1 ، طبقات ابن سعد 150/3 القسم الأوّل [ طبعة ليدن ، وفي طبعة 139/3 ، وفي طبعة أُخرى 212/3]، حياة الصحابة للكاندهلوي 22/2، المعيار والموازنة للإسكافي : 321.. وغيرها . ورد السيد المرتضى (رحمه الله علیه) ما جاء به قاضي القضاة في المغني في كتابه الشافي : 241 . [ الطبعة الحجرية ، وفي المحققة 121/4 - 122]. وكذا الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه) في تلخيص الشافي : 415 [ طبعة إيران، و 157/3 من طبعة النجف الأشرف ] ، وقبلهما الشيخ أبو القاسم الكوفي في الاستغاثة 43/2 - 44 - [جاء في الهامش ] ، والكراجكي (رحمه الله علیه) في كتابه التعجب من أغلاط العامة : 51 ، وبألفاظ مقاربة ، وكذا العلّامة (رحمه الله علیه) في نهج الحق : 264 ، والبياضي في الصراط المستقيم 79/1، وفيه : وليتكم ولست بخيركم؛ فإن استقمت فاتبعوني ، وإن اعوججت فقوموني ، وعن الطبرسي : إنّ لي شيطان يعتريني وإذا ملت فسددوني ، وكذا جاء في صفحة: 142 ، وأيضاً في الصراط المستقيم 300/2، وله بحث في مقولة الرجل . أقول: هذا الحديث مستفيض جاء بألفاظ متعدّدة، ذكر أكثرها شيخنا الأم--يني في غديره 118/7 - 120 فيما ينبغي أن يكون عليه علم الخليفة مدار علمه بالسنة الشريفة .
رووا: إن الشیطان ألقی علی لسان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): تلك الغرانیق العلی
وتروون: أنّ الشيطان ألقى على لسان النبي (عليه وآله السلام): تلك الغرانيق(1) العلى ، فإنّ شفاعتهنّ لترتجى(2)..!! ثم يقول : إن بين عيني يعوق
ص: 355
1- فيه معانٍ متعدّدة منها : طائر الأبيض ، وأيضاً الغرنوق الرجل الشاب الأبيض الجميل، قاله الفراهيدي (رحمه الله علیه) في كتاب العين 458/4 ، ولاحظ: لسان العرب 387/10، وعن ابن السكيت : أنه طير مثل الكراكي ، وقد سلف الحديث عنه أكثر من مرّة. وقد سلف الحديث عنه أكثر من مرة ، فراجع .
2- لقد جاء الخبر بألفاظ متعدّدة في طرقنا، وبطرق متكثرة في مجاميعهم، راجع مثلاً: عيون أخبار الرضا (علیه السّلام) 203/2 (باب 45) ذیل حدیث 2 ، ولاحظ : المناقب للمصنّف (رحمه الله علیه) 46/1 ، الصوارم المهرقة : 142 ، وصفحة : 224، نهج الحق: 142، وصفحة : 378.. وغيرها.
رووا: لو نزل العذاب لما نجی منه إلا یعوق!
ملكين ، وعلى لسانه ملكين ، ومن قوله - يوم الحديبية - : أعوذ بالله من غضب الله ، إن الشيطان ركب عنقي !!
فكيف يركب الشيطان من بين عينيه ملكان يسدّدانه ؛ ملك يسدده في النظر، وملك يسدّده في المنطق ؟ !(1)
ورويتم : لو نزل العذاب لما نجا منه(2) إلا يعوق ..!(3)
والذي ترويه الشيعة : أنّ نصف عذاب هذه الأمة عليه ، وقد غفر الله لنبيه (صلی الله علیه و آله و سلم) ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، ويوجب ذلك هلاك الرسول (صلی الله علیه و آله و سلم) ونجاة من كان دونه .
ص: 356
1- وانظر ما علّقه الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 81/3 عليه ، حيث قال : ورووا أن الشيطان يهرب من ظلّ عمر ..! قلنا : كيف يهرب من ظله ، ويلقي على لسان نبيه الكفر عندكم، حيث قلتم : إنّه قرأ : ( تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترجى).
2- في نسخة (ألف ) : في أمته .. بدلاً من : نجا منه .
3- كما في تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن ) 47/8، وتفسير السيوطي ( الدر المنثور) 4 / 108 [ 203/3 ] . وقد نقل ذلك أيضاً ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة 178/12، والشفاء ( بتعريف حقوق المصطفى) للقاضي عياض 2 / 160.
رووا: إنه کان أحب الناس إلی رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بعد أي بکر!
وفي جواب محمد بن علي التقي (علیهما السّلام) ليحيى بن أكثم عن هذا(1)، فقال: [ وهذا محال أيضاً ] «.. إنّ الله تعالى يقول: ﴿ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُ وَأَنْتَ فِيهِمْ.. ﴾(2) الآية ، فأخبر سبحانه وتعالى أنته لا يعذب أحداً ما دام فيهم رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ، وما داموا يستغفرون [ الله تعالى ](3)».
ورويتم : أنه سئل : من أحبّ الناس إليك ؟ فقال : عائشة . فقيل : ومن الرجال ؟ فقال : أبوها(4). قيل : ثم من ..؟! قال : عمر .. !(5)
وكيف هذا .. وابن عمر يقول لأبيه : لم فضّلت عليّ أسامة ؟ ! فما شهد مشهداً مع النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وقد شهدته معه ..
قال عمر: إنّه كان أحبّ إلى رسول الله منك .. وأبوه كان أحبّ إلى
ص: 357
1- كما رواه الطبرسي (رحمه الله علیه) في الاحتجاج 249/2 [ وفي طبعة 477/2]، وعنه في بحار الأنوار 83/50 ( باب 4 ) ذیل حدیث 6.
2- سورة الأنفال (8) : 33 .
3- ما بين المعكوفين زائدة من البحار وليست في الاحتجاج.
4- كما جاء في الاستذكار 248/3 ، والاستيعاب 76/1 ، والفيض القدير 618/1، وتفسير القرطبي 239/14 ، وأسد الغابة 65/1.. وغيرها.
5- كما في أكثر من مصدر كما جاء في كتاب مسلم 109/7، والدر النضيد في مجموعة الحفيد : 55 . . وغيرها . وقد جاء مع الذيل في مسند أحمد 203/4 ، وكتاب البخاري 192/4، و 113/5 ، وسنن البيهقى 370/6 .. وغيرها .
رووا: إنه (صلی الله علیه و آله و سلم): قال: اللهم اعز الإسلام بأحد رجلین: عمر بن الخطاب أو أبي جهل!
رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) من أبيك(1).
وكان القياس أن يكون أولى الناس بذلك ولد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وولد ولده، وختنه وابن عمّه .. وأنتم تروون أنه سئل : من أحبّ الناس إليك ؟ قال : «فاطمة» ، قيل : من الرجال ؟ قال : «زوجها »(2) .. فهذه رواياتكم متناقضة !
ورويتم(3): اللهم أعزّ الإسلام بأحد رجلين : عمر بن الخطاب
ص: 358
1- كما روي في سنن الترمذي 675/5 (باب مناقب زید بن حارثة) حديث 3813، وكذا جاء في مسند . أبي يعلى 148/1 حديث (162)، وشرح معاني الآار 305/3.. وغيرها .
2- جاء بمضامين متعدّدة وألفاظ متقاربة ، ذكر بعضها في ذخائر العقبي : 62، والرياض النضرة ،161/2، 227 ، وتاريخ بغداد 428/11 ، ومستدرك الحاكم 154/3 و 157 ، والعقد الفريد 275/2 ، وخصائص النسائي : 29 ، وجامع الترمذي 227/2 [ طبعة الهند ، وفي طبعة بيروت 362/5].. وغيرها. أقول : جاءت جملة روايات مسندة في ملحقات الإحقاق 167/10 - 182 ، تحت عنوان : كون فاطمة أحب الناس إلى النبي (صلی الله علیه و آله و سلم). وراجع: الاحتجاج للطبرسي (رحمه الله علیه)90/1 ، والمناقب للخوارزمي: 38، والبدأ والتاريخ للفسوي 20/5 ( مصر ) ، وابن كثير في تفسيره 177/3 و 722.. وغيرهم في غيرها.
3- أخرج هذا الحديث الترمذي في سننه 5 / 279 حديث 2764 ، وصفحة : 280 حديث 3766 ، عن ابن عمر ، والطبراني في المعجم الكبير 159/10، عن ابن مسعود ، عن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، كما ذكره ابن حجر في الصواعق المحرقة : 91 - 92 . راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد 191/3 - 192 ، صفوة الصفوة لابن الجوزي 269/1 ، المعيار والموازنة للإسكافي : 223 ، كتاب السنة لابن أبي عاصم : 70 شرح النهج لابن أبي الحديد 177/1 ، تاريخ المدينة لابن شبة 657/2. مستدرك الصحيحين للحاكم 83/3، وصفحة : 502 ، تفسير القرآن للرازي 20/32، فيض القدير للشوكاني 160/2.. وغيرها .
أو أبي جهل بن هشام .. !!
أفيجوز أن يُعزّ الإسلام بأحد رجلين معاندين الله ولرسوله .. وأعزّه(1) بأحدهما ؟ ! ثم تزعمون أن الأوّل أفضل منه ، وقد أسلم قبله بسنين فلم يعز الله به ، فإذن كان عمر أفضل من أبي بكر، ثمّ أيّ عزّ كان في إسلامه..؟! فما وجدنا له مقاماً في شيء من المغازي ! هل قاتل أحداً ؟ أو ثبت في مكان ؟ !(2)
وروى أبو الجارود، عن أبي جعفر (علیه السّلام): أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال ذلك ، فأنزل الله :
ص: 359
1- الكلمة مطموسة في نسخة (ب)، ومشوشة في نسخة (ألف).
2- قال الحلبي (رحمه الله علیه) في تقريب المعارف : 245 - 246: ورووا أن ابن بشير قال : قلت لأبي جعفر (علیه السّلام): إنّ الناس يزعمون أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : اللهم أعزّ الإسلام بأبي جهل أو بعمر ، فقال أبو جعفر (علیه السّلام) : « والله ما قال هذا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قط ، إنما أعز الله الدين بمحمّد عليه الصلاة والسلام ، ما كان ليعزّ الدين بشرار خلقه » . ولا حظ ما قاله الكوفي (رحمه الله علیه) في الاستغاثة : 189 - 191 [ 5/2 - 6 و 48 - 50] ، وما ذكره البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 81/3؛ وما علّق عليه بقوله : فأين عزّه للإسلام ؛ وقد فرّ في مغازي النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ، وقد أنزل الله في بدر : ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾ [سورة آل عمران (3) 123].
في قوله تعالی: ﴿ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَصْداً ﴾
﴿ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَصْداً ﴾(1)
رووا: إن الله أعز بعمر الإسلام ورده!
ورويتم : أنّ الله أعزّ به الإسلام ..! وتزعمون أنّ الدعوة كانت بمكة قبل الهجرة.
هذا يفسد عليكم من جهتين(2):
إحداهما : قوله: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ .. ﴾(3)، وبدر كانت
ص: 360
1- سورة الكهف (18): 51 . أقول : روى العياشي (رحمه الله علیه) في تفسيره 328/2 - 329 حديث 39 - وعنه 329 المجلسي (رحمه الله علیه) في بحاره 234/30 حديث 100 - عن محمد بن مروان ، عن أبي جعفر (علیه السّلام) في قوله : ﴿ مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَصْداً ﴾ [سورة الكهف (18): 51] قال : «إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : اللهم أعزّ الدين بعمر بن الخطاب ! أو بأبي جهل بن هشام ! فأنزل الله : ﴿ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً » يعنيهما » ، وقريب منه حديث 40 بعده .
2- ولم تذكر الثانية هنا، وأشار لها البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 81/3 بقوله - بعد ما سلف - ولعلّه قد أخذه من كتابنا هذا كما هو الغالب فيه : إن قالوا : أعزّه بالفتح بعد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم). قلنا : قد قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): « إن الله ليؤيّد هذا الدين بقوم لا خلاق لهم»، و «بالرجل الفاجر » . ثم قال : إن قيل : فهذا يعود عليكم في عليّ بن أبي طالب [(علیه السّلام)] . قلنا : أخرجه ثبوت عصمته ، وقول النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) في حقه : «علي مع الحق والحق مع عليّ».. ونحو ذلك كثير ، ولم ينقل له أحد فجوراً في عمره كما روينا ورواه المخالف في عمر .
3- سورة آل عمران (3) : 123.
بعد الدعوة ، فمتى عَزَّ(1) الإسلام فرارُهُ يوم أحد ويوم خيبر، وصده عن عمرو بن عبدود ، وفراره عن مرحب اليهودي ؟!
فإن قلتم : أعز الله الإسلام بعد النّبي (عليه و آله السلام) إذ فتح الله به البلدان .. ! فإنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : « إنّ الله يؤيد هذا الدين بقوم(2) لا خلاق لهم»(3).
ص: 361
1- في نسختي الأصل : عن .
2- وفي نسخة : بأقوام .
3- وجاء في بعض النسخ : « بالرجل الفاجر » ، كما رواه الطبراني ، والهندي في كنز العمّال 1 / 45 حديث 115 ، وجاء في مسند أحمد بن حنبل 309/2 ، وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي (رحمه الله علیه) 410/1.. وجاء في المصنّف للصنعاني 5 / 270 عنه (صلی الله علیه و آله و سلم): « .. يؤيد هذا الدين بمن لا خلالاً له » . وانظر الحديث في كنز العمّال 184/10 حديث 28956 وفيه : «بأقوام لا خلاق لهم». راجع : كتاب مسلم 74/1 ، وشرحه للنووي 122/2 ، والمعجم الصغير 121/1، والسنن الكبرى للنسائي ،278/5 ، وسنن الدارمي 240/2 - 240/2 - 241 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 302/5 و 213/7 ، وفتح الباري 363/7، والمعجم الأوس للطبراني 269/2.. وفي بعض المصادر زيادة : ( في الآخرة ) بعد ( لا خلاق لهم ) ، كما في هامش غوالي اللآلي 127/4 . أقول : يحلو لي درج ما أورده العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 361/24 ذيل حديث 85 في تفسير قوله عزّ من قائل: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلِ عَلَى العَالَمِينَ ﴾ [سورة البقرة ( 2 ) : 251] قال : أي كان قوم صالحون ، هجروا قوم سوء خود ء خوفاً أن يفسدوا عليهم دينهم، فالله تعالى يدفع بهذا القوم السوء عن الصالحين شرّ الكفّار ، كما كان الخلفاء الثلاثة وبنو أمية وأضرابهم يقاتلون المشركين ، ويدفعونهم عن المؤمنين ، الذين لا يخالطونهم ولا يعاونونهم ؛ خوفاً من أن يفسدوا عليهم دينهم ؛ لنفاقهم وفجورهم، ولم يأجر الله هؤلاء المنافقين بهذا الدفع؛ لأنته لم يكن غرضهم إلا الملك والسلطنة ، والاستيلاء على المؤمنين ، وأئمتهم كما قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): «إنّ الله يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ...».
أبیات السید الحمیري (6)
الحمیري(1):
[ من البسيط ]
قَالَ : الإِلهُ أَعَزَّ الدِّينَ فَامْتَنَعَتْ *** أَرْكَانُهُ بِابْنِ خَطَّابِ، وَمَا صَدَقا
فَمَادَتِ الأَرْضُ تَحْتِي مِنْ مَقَالَتِهِ *** وقُلْتُ مُنْتَهِراً : إِيَّاك والحمقا
مَا كَانَ إِسلامُهُ لَمَّا دَعاهُ(2) لَهُ *** خَيْرُ البرِيَّةِ إِلَّا عَنْوةً فَرَقا
مِنْ قائِلٍ قائِمِ والسَّيْفُ مُخْتَرَطُ *** فِي كَفِّهِ : لَوْ أَبِى أُدْرِي(3) بِهِ العُنُقا
أَسْلِمُ! فَلَوْ قَال: لا، حقاً لغادَرَهُ *** شِلُوا وَكَانَ عَلَيْهِ مِنْ دَمٍ شَفَقا
يَرُويهِ أَعْمَشُ كُوفَانٍ ويُسْنِدُهُ *** وَلَمْ يَكُنْ لِلَّذِي يَرْوِيهِ مُخْتَلِقا(4)
ص: 362
1- لم نجد هذه القصيدة في ديوان السيّد (رحمه الله علیه) ، ولا نعرف لها مصدراً غير كتابنا هذا.
2- في نسختي الأصل : ادّعاه .
3- في نسخة (ألف ) : ذري.
4- تقرأ في نسختي الأصل: مختلفا .
رووا: إن الشیطان کان لا یأمر بالمعاصي أیام عمر خوفا من أن ینهی عمر عنها!
ورويتم أن الشيطان كان لا يأمر بالمعاصى أيام عمر؛ خوفاً من أن ينهى عمر عنها ، ولا يعاد فيها ويتخذ سنة .. !!(1)
رووا: إن عشرة من الصاحبة في الجنة: ومنهم: عمر بن الخطاب!
الشيطان لم يخف من نهي الله ونهي رسوله عن المعاصي - وهما يناديان في الكتاب والسنّة بالنهي عنها والوعيد عليها - ويخاف من نهي عمر عنها ؟ ! وقال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ .. ﴾(2) الآية ، فلم يشرب في زمانه ؟! ولم يحدّ عمر أكثر مما أمر به النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ؟! ولم يقتل ابنه في الحد ؟ !
ورويتم(3): أنّ عشرة في الجنّة .. منهم عمر بن الخطّاب ؛ لئن كان مَنْ خالف
ص: 363
1- ومنه ما جاء في مسند أحمد بن حنبل 353/5 من قوله : إن الشيطان ليفرق منك يا عمر .. ولعله من باب استحالة اجتماع المثلين ، أو فناء الضعيف في القوي.. أو غير ذلك .. ومثله قولهم عن ابن عبّاس مرفوعاً : ما في الأرض شيطان إلّا وهو يفرق من عمر ، وما في السماء ملك إلا وهو يوفّر عمر ... حكاه شيخنا الأميني (رحمه الله علیه) 311/5 - 312 برقم 27 بمصادره في ضمن سلسلة الموضوعات التي أوردها عن الرجل. راجع : الإيضاح : 273 [ الهامش ] ، الاستغاثة 47/2 .. وغيرهما.
2- سورة المائدة (5): 91 .
3- ويعبّر عنه ب_: خبر البشارة. وقد جاء بأسانيد كثيرة وألفاظ متقاربة في غالب مجاميع العامة وكتبهم . راجع - مثلاً - : مسند أحمد بن حنبل الشيباني 193/1 عن عبد الرحمن بن 193/1 عوف، عنه (صلی الله علیه و آله و سلم)، وسنن الترمذي 310/5 - 311 [182/13 - 183] عن عبد الرحمن بن حميد ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف، ومصابيح السنة 179/4 [277/2]. وانظر : العثمانية للجاحظ : 159 [ طبعة مصر ] . بل قد ألف أبو جعفر محب الدين الطبري كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة المبشرة .. وكذا جاء في كتاب العشرة المبشرة بالجنّة للشيخ قر بن طلبة البدوي في حديث ( عشرة من قريش في الجنّة ! ) . وقد ردّه سيّد الموحدين أمير المؤمنين (علیه السّلام) بأحسن وجه - كما أورده سليم بن قيس الهلاليه (رحمه الله علیه) في كتابه : 328 [ الطبعة المحققة 2/ 798 - 800 ( الحديث التاسع والعشرون ) ] - في محاجته للزبير ، حيث قال (علیه السّلام): « فسمهم .. » ، قال : فلان وفلان .. إلى أن قال: «فمن العاشر ؟ » ، قال الزبير : أنت .. ! فقال علي (علیه السّلام): «أما أنت فقد أقررت أنتي من أهل الجنّة ، وأما ما ادعيت لنفسك وأصحابك فإنّي به لمن الجاحدين » . وقد ناقشه سيّدنا المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي 346/4 ، والسيد ابن طاوس (رحمه الله علیه) في الطرائف : 522 - 523 .. وغيرهما . والغريب أنّ هذا الحديث ينتهى إسناداً إلى سعيد بن زيد وعبدالرحمن بن عوف وكلاهما من العشرة المبشرة ! وقد أسند الترمذي في جامعه 311/5 إلى سعيد بن زيد حديثاً عد فيه هؤلاء العشرة قائلاً : أشهد على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنتي سمعته وهو يقول : عشرة في الجنة : النبي في الجنّة ، وأبو بكر .. إلى آخره. و راجع وتيسير الوصول لابن الديبع 260/3 ، والمحب الطبري في الرياض النضرة 20/1.. وغيرهما. وعليك بما جاء من الدراسة المستوعبة عن هذا الحديث المفتعل في الموسوعة الرائعة : الغدير ( المتصل ببحر الولاية ) 10 / 120 - 130 .
القرآن والسنّة والعترة في الجنّة .. فجائز أن يكون فرعون وهامان - أيضاً - في الجنة !
في قوله تعالی: ﴿ وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ ﴾
وقد روى الشيعة في تفسير(1) قوله: ﴿ وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾(2) منهم المعنيون بها(3).
ص: 365
1- في نسخة ( ب ) : تفسيره ، والظاهر زيادة الضمير .
2- سورة النمل (27): 48 .
3- هم تسعة الذين اجتمعوا في دار صهيب الرومي ، أعني : أبو بكر ، وعمر، وعثمان، وطلحة ، والزبير، وسعد، وسعيد ، وعبد الرحمن بن عوف الزهري، وأبو عبيدة ابن الجراح ، قالوا : لقد أكثر محمّد في حق علي حتى لو أمكنه أن يقول لنا : اعبدوه ، لقال ! انظر : إرشاد القلوب 269/2 ، وعنه في بحار الأنوار 276/35 - 280 (باب 8) حديث 5 . قال الشيخ النمازي (رحمه الله علیه) في مستدرك سفينة البحار 483/1 في مادة (تسع): ﴿ وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [سورة النمل (27) : 48]، وحيث إنّه يجري في هذه الأمة كلّ ما يجري في الأمم السابقة ، كان في هذه الأُمّة تسعة يفسدون في الأرض من عظماء المنافقين اجتمعوا في دار صهيب الرومي .. إلى آخره.
رووا: إن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) رأی في الجنة قصر من ذهب وهو لعمر!
ورويتم(1): رأيت قصراً في الجنّة ، فأعجبني إذ هو من ذهب ، فقلت : لمن هذا ؟ فقيل : لفتى من قريش ، [قلت : ] من ؟ قيل : عمر بن الخطاب .. ! فما الخطاب ..! فما منعني دخوله إلا ما أعرف من(2) غيرتك يا عمر ..(3)
رووا: إن أمیرالمومنین (علیه السلام) قال: - وکان عمر مسجی-: لوددت أن القی الله بصحیفة هذا المسجی
هل أعجب النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قصر رآه لعمر ممّا لم ير لنفسه مثله ؟! فلا يخلو إمّا أنته لم يكن لرسول الله مثله فيها .. فذلك كفر ، أو كان للنبي مثله .. فهو المساواة، وقد ثبت أنّ منزلة النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أعلى منازل الأنبياء (علیهم السّلام).
ورويتم(4): أنه دخل أمير المؤمنين (علیه السّلام)- وهو مسجى(5) - فقال : لوددت
ص: 366
1- رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة : 59 بتغيير يسير ، وقال : أخرجه أحمد والترمذي وابن حبان في صحيحه عن أنس ، وأحمد والشيخان عن جابر ، وأحمد عن بريدة وعن معاذ .. وغيرهم. راجع : مسند ابن حنبل 354/5 ، وحكاه بألفاظ مقاربة في الرياض النضرة 43/1 ، والاستغاثة 52/2 ، وكشف الغمة 89/2 ، وتفسير الفخر الرازي 141/33..
2- في نسختي الأصل : منه ، وهي محرّفة عن المثبت .
3- ولهم في هذا الباب عدّة روايات موضوعة بمضامين متقاربة ملفقة ، لاحظها في جامع الأصول لابن الأثير 611/8 - 612 ، عن البخاري ومسلم ، فضلاً عن غيرهما وراجع - أيضاً - ما جاء في الاستغاثة 2 /6 - 7 و 52 [ 193/1] وكشف الغمة 2 /89 .. وغيرهما .
4- قاله جمع ؛ منهم الفسوي في المعرفة والتاريخ 745/2 ، وقريب منه رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 185/9.
5- في نسختي الأصل : مشجى .
أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجى(1).
ص: 367
1- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : المشجى . أقول : جاء في لفظ الزمخشري في ربيع الأبرار 835/1: دخل عليّ رضي الله عنه [وسلام الله عليه وآله ] على عمر وهو مسجّى ، فقال : ما على وجه الأرض أحد أحبّ إلي أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى..! وقد ذكره ابن سعد في الطبقات الكبرى 369/3 - 371 بعدة أسانيد . كما وقد رواه المحب الطبري في الرياض النضرة 77/2 [ وفي طبعة أُخرى 419/2] مرسلاً عن صادق آل محمد (علیهم السّلام)، عن أبيه ، أنته قال : لما غسل عمر وكفّن وحمل على سريره وقف عليه علي (علیه السّلام) فقال : « والله ما على الأرض رجل أحبّ إليّ أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجّى بالثوب» ثم قال : خرّجه في الصفوة ، وابن السمان في الموافقة . والمشهور في هذه الواقعة أنتها كانت هذه الواقعة أنتها كانت مع عمر - كما سلف - حكاه ابن حجر الصواعق المحرقة : 60 - 61 عن الصادقين (علیهما السّلام)، إلا أن ابن حجر بنفسه في صواعقه : 84 أوردها في خصوص أبي بكر وهو مسجى. هذا؛ وقد روى العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 40/8 في أخبار الغلو في أبي بكر ، منه حديث 63 عن عليّ [(علیه السّلام)] : إنه دخل على أبي بكر - وهو مسجى - فقال : ما أحد لقي الله بصحيفة أحبّ إليّ من هذا المسجّى . وقد وجدتها مروية عن الإمام الباقر (علیه السّلام) في تاريخ الإسلام للذهبي 120/3، وكذا في مختصر تاریخ دمشق لابن منظور 7/جزء128/13. راجع : كتاب المغني للقاضي عبد الجبار 20 / القسم الأوّل / 190، والطبقات الكبرى لابن سعد 3 /القسم الأوّل / 369 ، وتاريخ الإسلام للذهبي 282/3 ، وتاريخ المدينة لابن شبة 938/3 و 942 ، وشرح النهج 193/12، وصفة الصفوة لابن الجوزي 129/1 ، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 10 / جزء 19 / 48 ، 12 / جزء83/23.. وكلّها خصت الواقعة بالثاني، وإن أمكن الجمع وتكرّر الواقعة لاشتراكهما في الجريمة وكتابة الصحيفة.
قال هشام بن الحكم(1): هذا حديث غير ثابت ، ولا معروف الإسناد، وإنّما ] حصل من [جهة القصاص و ] أصحاب الطرقات ، ولو ثبت لكان معناه : أنته(2) والمغيرة ، وسالماً ، وأبا عبيدة تواطؤوا على كتب صحيفة بينهم، يتعاهدون فيها على أنته إذا مات الرسول (عليه وآله السلام) لم يورثوا أحداً من أهل بيته [ ولم يولّوهم مقامه من بعده]، وكانت الصحيفة [عند] الثاني [إذ كان عماد القوم، والصحيفة التي ] عنى أمير المؤمنين (علیه السّلام) [ورجا أن يلقى الله عزّ وجلّ بها هي ]
ص: 368
1- كما حكاه الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) في الفصول المختارة من العيون والمحاسن : 58 [وفي طبعة 57/1 ، وفي سلسلة مصنّفات الشيخ المفيد ( 2 ) : 90]، وعنه في بحار الأنوار 26/10 - 29 حدیث 5 . وكذا جاء في مدينة المعاجز للبحراني (رحمه الله علیه) 1 / 469 - 471 حديث 309.. وما هنا من زيادات مأخوذة من الفصول المختارة ، فلاحظ ، مع غض النظر عن بعض الفروق الجزئية ، والحديث هكذا: سئل هشام بن الحكم (رحمه الله علیه) عمّا ترويه العامة من قول أمير المؤمنين (علیه السّلام) - لما قبض عمر وقد دخل عليه وهو مسجى - .. فقال هشام .. إلى آخره.
2- في الفصول : ولو ثبت لكان المعنى فيه معروفاً ، وذلك أن عمر واطأ أبا بكر والمغيرة ..
رووا: إنه أسلم بعد أربعین رجلا وثلاثین امرأة
هذه الصحيفة ليخاصمه بها(1).
وروي(2)عن الصادق (علیه السّلام) نحوه.
ورويتم(3): أنته أسلم بعد أربعين رجلاً وثلاثين امرأة، فكان أخوه زيد أسلم
ص: 369
1- ثمّ استدلّ هشام (رحمه الله علیه) في آخر الحديث بما روته العامة عن أبي بن كعب .. إلى آخره . وروى حديث الصحيفة في الصراط المستقيم 153/3 وعلّق عليه بقوله : قلنا : كيف يقول ذلك وقد إتفق الفريقان على أفضليته ؟ ! ثمّ قال : على أنّ عمل إنسان لا يصح أن يكون لآخر ؛ فلا بد لهم من إضمار مثلها ، وحينئذ لنا أن نضمر خلافها ، بل هو المعهود من تظلماته من عمر - وقد سلف ويعضده ما أسند سليم إلى معاذ بن جبل .. إلى آخره. إلّا أنه جاء في غديره 40/8 عد هذا الحديث من الأحاديث المكذوبة على أمير المؤمنين (علیه السّلام) .. وهو المطابق للقواعد الدرائية والعلمية ؛ بل والعقلية.
2- كما وقد روي في الأصول الستة عشر : 143 - 144 [ طبعة دار الحديث ] ، ومعاني الأخبار : 412 ، وعنه في بحار الأنوار 117/28 (باب 3) حديث 5 .. وغيرهما. إلا أن السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي 95/3 قال: وروى جعفر بن محمد، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : لما غسل عمر .. إلى آخره. ثم قال : وروي مثل ذلك عن ابن عبّاس وابن عمر . وقد ناقش وحلّل هذه القصة سيدنا المرتضى (رحمه الله علیه) في موضع آخر من الشافي 117/3 بأحسن بيان ، فلاحظ.
3- كما جاء في كتاب الكامل في التاريخ 84/2 عند ذكره لإسلام عمر ، ومثله الدرر في اختصار المغازي والسير : 38 [ وفي طبعة : 41] ، والمصنّف للصنعاني 325/5، والوافي بالوفيات 283/22.. وغيرها. وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد 376/3 - 378 [267/3 - 271 من طبعة دار الصادر - بيروت ] في إسلام عمر..
رووا: إن زید أخوه من الطلقاء وهو أفضل منه، -وکذا- أخته لسبقهم بالإسلام
قبله ، وكان بينهما درع يتشاجران(1) في لبسها في يوم الحرب(2).
رووا: قولة عمر بعد اسلامه: لا نعبدلله سرا لعد هذا الیوم ... وسل سیفه
وفي روايتنا : أنّ زيداً من الطلقاء، فزيد أفضل منه على أصلكم(3)، وكذلك أخته ، لقوله : ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ﴾(4).
ورويتم(5) قول عمر - حين أسلم(6)- : لا نعبد الله سراً بعد هذا اليوم..
ص: 370
1- كذا يمكن قراءتها في نسخة (ألف) ، وهو مقارب معنى ، وفي الباقي : بيت أحزان . والكلمتان مشوّشتان وغير منقوطتين في نسختي الأصل في نسخة (ألف) و (ب)، ولا معنى واضح لهما .
2- قال ابن قتيبة في المعارف: 179 : أما زيد بن الخطاب؛ فأمه أسماء من بني أسد بن خزيمة ، وكان إسلامه قبل إسلام عمر ... وبينه وبين عمر درع ، فجعل كلّ واحد منهما يقول : والله لا يلبسها غيرك .
3- في نسختي الأصل : أهلكم .
4- سورة الواقعة (56) : 10.
5- في نسختي الأصل: ومرويتم ، والظاهر أنّ المصنف (رحمه الله علیه) أخذ كل ما حكاه هنا مع ما استدلّ به بعد ذلك من كتاب الاستغاثة : 223 - 226 . وجاء هذا الحديث في تفسير الثعلبي 67/9 ، وتفسير القرطبي 242/6 ، والمستطرف للأبشيهى 303/1 [ 268/2 ] . . وغيرها .
6- في نسختي الأصل تقرأ : يعني اسم ، ولا معنى لها، وما أثبتناه من الاستغاثة.
کان عمر معاضدا لأبي جهل في إیذاء رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
وسلّ سيفه !.. فهذا خطأ عندكم ، وكفر عند آخرين.. وذلك أنه لم يكن أشجع قلباً من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ولا أجلّ عشيرة ، ولا أكثر عزّاً(1)، ولا هو من الرؤساء المطاعين أن يمنع عباد الله أن يعبدوه سراً(2).
وأمّا بيان خطأه ؛ فإنّ الأمة مجتمعة على أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) كان ينهى أصحابه عن قتال قريش، ويأمرهم بالصبر على الأذى - طول مقامه بمكة - فلما اشتد الأذى على أصحابه وشكوا إليه ذلك مرة بعد أخرى.. وسألوه دفع الأذى عن أنفسهم، ولى عليهم جعفر بن أبي طالب، وأمرهم بالهجرة ، فلما أسلم عمر وسلّ سيفه على تلك الحال منعه النبي (عليه و آله السلام) من ذلك وأمره بالصبر، و [أعلمه ] أنته لم يؤمر بالحرب، وأمره بغمد سيفه(3).
فدل هذا على خطاءه وجهله، ولم يكن حقاً ، ولا الله فيه رضاً ؛ إذ كان الرسول (عليه و آله السلام) لا ينهى عن الحق، ولا يكره ما الله(4) فيه رضا .
وقول أهل البيت (علیهم السّلام) أنه كان معاضداً لأبي جهل في قصد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) بالأذى الشديد، وكان يحرّض على قتله، فلم تكن قريش تجد إلى ذلك سبيلاً؛
ص: 371
1- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : عزل .. ولا معنى واضح لها .
2- راجع : الصراط المستقيم 30/3 ، وكتاب الأربعين للقمّي : 577 - 579 ، والرياض النضرة للمحب الطبري 285/2 ، ونهاية الأرب 17 / 244 وغيرها .
3- كلّ هذا لو ثبتت أصل الواقعة التي هي محتمل وضعها جداً.
4- في نسختي الأصل : بالله .
خوف عمر من أن تکون دولة بعد روسل الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لاحظ له منها
لاستعمال النبي (عليه و آله السلام) الصبر على الأذى، فواطأ الثاني أبا جهل على أن يظهر الإسلام، ثمّ يحملهم على المنابذة؛ لتجد قريش إلى قتله سبيلاً [عند وقوع ](1) المنابذة، فجاء أولاً قاصداً .. القصة، ثمّ أظهر الإسلام.
قال : ما لنا نعبد الله سرّاً ؟ !
وقال للمسلمين : اخرجوا حتى نقاتل المشركين .. وسلّ سيفه ، وقال : من تعرّض لنا قتلناه، فظنّ أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يرضى بذلك .. فإذا وجدت قريش سيفاً مسلولاً وجدت السبيل إلى سلّ السيوف، فيكون ذلك سبب قتل النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ، فلما فعل ذلك عمر قال له النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): «إن كنت جئت راغباً في الدين فارض بما رضي به إخوانك المسلمون ؛ من الصبر على الأذى؛ والكفّ عن المنابذة ، فإنّي أؤمر بشيء من هذا إلى أن يقدّر الله ما يشاء، وإن جئت طالباً غير الدين فلسنا من أصحابك ...»، فلما لم يجد الفرصة في قصده بقي متحيراً مداهناً لقريش، يخاف أن لا يكون للنبي (عليه و آله السلام) دولة، فيهلك معه إن أظهر لقريش الرغبة في الدين.
وخاف - أيضاً - أن يكون للرسول (عليه و آله السلام) دولة من بعد، فلا يكون له في ذلك حظ ، فبقي في ذلك مداهناً للجميع(2)، ولذلك لم يثبت مع(3) النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)
ص: 372
1- جاء موضع المعكوفين بياض في نسختي الأصل ، وما أثبتناه أخذناه من الاستغاثة.
2- في نسختي الأصل : للجمع .
3- في نسختي الأصل : في ، ولا وجه لها ، إلا على نحو تقدير ( دین ) .. وغيره .
الأول والثاني في شعب عبد المطلب مع بني هاشم وقت الحصار.
نسبوا إلی ابن مسعود إنه قال عند موته: الیوم ملت ثلث العلم
ورويتم : أنّ ابن مسعود قال - يوم توفي عمر - : اليوم مات ثلث العلم..(1) ليس قوله بحجة ..
ثم إنه كان عمر جعله معلماً لأهل العراق شرائع الإسلام بزعمه بأجرة حرام واستطاب ذلك ، ومن استحلّ ذلك كيف يُعوّل على قوله ؟ !
ثمّ إنّ ابن مسعود كان منه ما كان من عثمان ؛ فإذا هو ليس من دين الله في شيء على زعمكم(2).
ص: 373
1- الذي رواه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 285/44 هو قولة ابن مسعود : أظنّ عمر بن الخطاب يوم أصيب ذهب معه ثلث العلم.
2- موقف الخليفة الثالث مع ابن مسعود وإخراجه من المسجد عنفاً بعد أن ألقى مفاتيح بيت المال في الكوفة إلى الوليد بن عقبة شارب الخمور ووالي الخليفة في كلام له نقله برمته أبو نعيم الإصفهاني في حلية الأولياء 138/1، ثمّ إنّه منعه من الخروج من المدينة إلى أن توفاه الله ، وكأن مسألة المنع من الوطن مسألة قديمة أحدثها الخلفاء ! وعلى كلّ ؛ فقد خاطبه عثمان بكلمات قارصة ، ثمّ أخرجه من المسجد، وكسر ضلعاً من أضلاعه، فقال ابن مسعود قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان .. وله كلام عند ما عاده عثمان في مرض موته ووصيته وكيفية دفنه .. سوف يأتي. راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 236/1 ، و تاريخ ابن كثير 163/7 ، ومستدرك الحاكم 313/3 ، والاستيعاب لابن عبدالبر 373/1، وتاريخ اليعقوبي 147/2 ، وتاريخ الخميس 268/2 ، والسيرة الحلبية 87/2.. وغيرها . ولاحظ ما أفاده شيخنا العلّامة الأميني طاب رمسه في غديره 3/9 - 15.
قیل أول ممن قال لعمر: الفاروق؛ عم أهل الکتاب
وفي تاريخ الطبري(1): قال ابن شهاب : أوّل من قال لعمر: الفاروق، أهل الكتاب ، وكان المسلمون يَأْتُرُون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أنّ النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ذكر من ذلك شيئاً ..(2) ولا ورد فيه رواية ، ولا هو مشتق من بعض أفعاله(3)، وإنّما صح ذلك لأمير المؤمنين(4).
ص: 374
1- تاريخ الطبري 195/4 - 196 مع اختصار [ وفي طبعة الأعلمي 267/3]، وجاء مثله في الطبقات لابن سعد 270/3 ، وتاريخ المدينة لابن شبة 662/2.. وغيرها بسند صحيح عن ابن شهاب. قال ابن كثير في البداية والنهاية :133/7 قيل : لقبه بذلك أهل الكتاب ..
2- إلى هنا في تاريخ الطبري المطبوع.
3- حكاه الشيخ البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم ، 81/3 ، وقال : ولم يرد فيه رواية عن النبي [(صلی الله علیه و آله و سلم)] . نعم يشتق له ذلك من جهله وخطاءه في قضائه .
4- والأعظم من هذا والأدهى غصبه لقب (أمير المؤمنين ) من أميرهم سلام الله عليه وآله ولعنة الله على ظالميه وغاصبيه بعد مقام الخلافة والولاية. وقد اختلف فى من أطلق هذا اللقب عليه فقيل : هما : لبيد بن ربيعة ، وعدي بن حاتم ، كما قاله في تاريخ الخلفاء : 94 ، وشرح شواهد المغني : 57 .. وقيل : أوّل من دعاه بذلك عبد الله بن جحش .. وقيل : عمرو بن العاص .. وقيل : المغيرة بن شعبة .. وقيل: بريد، جاء بالفتح من بعض البعوث ودخل المدينة وهو يسأل عن عمر، ويقول : أين أمير المؤمنين .. ؟ ! قاله ابن خلدون في مقدمة تاريخه : 227.. وقيل : هو أطلق ذلك على نفسه، كما رواه الطبري في تاريخه 22/5 بإسناده:.. قال : لما ولي عمر قيل : يا خليفة خليفة رسول الله ! عمر : هذا أمر يطول كلّما جاء خليفة ، قالوا : يا خليفة خليفة خليفة رسول الله ! بل أنتم المؤمنون وأنا أميركم ، فسمّي : أمير المؤمنين !! والأمر من كلّ هذا ما روي عن أمّ الفتن عائشة ؛ حين سئلت عمّن سمّى عمر الفاروق : أمير المؤمنين ؟ قالت : النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)؟ قال : أمير المؤمنين هو؟ ! راجع: تاریخ ابن كثير 137/7 .. وغيره.. وكل هذا بلا تعليق ! ولنختم الفضائل الملفّقة والمفتعلة بما رووه عن أُبي بن كعب مرفوعاً ، قال جبرئيل : لو جلست معك مثل ما جلس نوح في قومه ما بلغت فضائل عمر ..!! الحديث ، ذكره ابن الجوزي في الموضوعات 321/1 - 322. وقال ابن حجر في لسان الميزان 168/2: لم يعله ابن الجوزي إلا بعبد الله بن عامر الأسلمي، وليست الآفة منه ، وفي السند ابن بطة والنقاش المفسّر، وفيهما مقال صعب، وجاء كذلك في 189/2 وقال : قال الدارقطني في ( غرائب مالك ) بعد أن أورده من طريق الفتح بن نصير عن حسان بن غالب .. ثمّ حكموا بكونه موضوعاً . وقد حكاه العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في موسوعته عته الرائعة الغدير 314/5 برقم 36 .
بیت العبدي
ومن كلمة العبدي(1):
[ من المتقارب ]
أَصَدُوقُكُمْ كان يوماً صَدُوقا ؟! *** أَفَارُوقُكُمْ كان يوماً فَرُوقا ؟ !(2)
ص: 375
1- قد سلفت ترجمة شاعرنا هذا في المقدّمة، ولم أجد لشعره هذا مصدراً.
2- والعجز في الأصل مشوش ، بل البيت ضعيف لو كان شعراً .
وللعبدي مخمسة (2)
وله(1):
[ من المتقارب ]
فأَما الصُّهاكيُّ(2) أَعْنِي الدُّلاما *** فَبَيْنَ الأَنامِ أَضَلَّ الأَنامَا
فَمَا كَانَ حِلّاً يَرَاهُ(3) حَرَامًا *** وَعَانَدَ سَيِّدَنا والإِمَامَا
وكانَ عُتُلا شَقِياً بخيلا
فَمَا فَضْلُ تَيْمٍ تُرَى أَوْ عَدِيٍّ *** وَكُلِّ ظَلُومٍ ورِجْسٍ غَوِيِّ ؟
أَعَدُّوا الدِّبابَ لِقَتْلِ النَّبِيِّ *** وَسَارُوا بِخَالِدَ قَتْلَ(4) الوَصِيَّ
فَعَدَّدَ مَا شِئتَ هَذَا القَصِيلَا(5)
وله(6):
[ من الطويل ]
ص: 376
1- قد سلف منا تتمة لهذا التخميس قريباً ، ولم أجد له مصدراً ولا ناقلاً.
2- في نسختي الأصل : الصهاك .
3- الكلمتان مشوشتان جداً ، وقد كتبتا في نسختي الأصل مثل : حلان احراما .
4- في نسختي الأصل قبل ، وهي مصحفة عن المثبت، وقتل : منصوب بنزع الخافض.. أي : لقتل الوصي .
5- المراد بالفصيل أبو بكر ؛ فإنّ كنيته : أبو الفصيل، وفي هذا الشطر إشارة إلى قوله الصلاة : لا يفعلن خالد ما أمرته. وعلى كل ؛ المعنى واضح ، وإن كانت الألفاظ مشوشة . راجع: الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 170/1 - 172.
6- لم أجد هذين البيتين لشاعرنا العبدي (رحمه الله علیه) فيما عندي من مصادر ناقلة سوى بيتين جاءا في المناقب 318/3 على وزانهما . إلا أنتي أخيراً حصلت عليهما ضمن قصيدة ابن حماد (رحمه الله علیه) في الغدير أوردها صاحب الغدير وحشره مع صاحب الغدير 157/4.
وله بیتان
سَتَبْقَى(1) حَياتِي(2) بِالبُكاءِ عَلَيْهِمُ *** وحُزْنِي لَهُمْ باقٍ عَلَى الدَّهْرِ لا يَفْنَى
أَلا لَعَنَ اللهُ الَّذِي سَنَّ ظُلْمَهُمْ *** وَأَخْرَى الَّذِي أَمْلَى لَه وَبِهِ اسْتَنَّا
بیت لکشواذ
کشواذ(3):
[ من الرجز ]
[فَأَبلِغُوها](4) كُلَّ مُرْتَدَّ كَفَرْ: *** نَحْنُ بَرَاءٌ مِنْ عَتِيقٍ وَزُفَرْ
***
ص: 377
1- كذا ؛ والأجود أن يقال : ستفنى ، كما وجدتها في الغدير .
2- الكلمات مشوّشة ، وقد كتبت مثل : ستني حيوني .. وفي الغدير : ستفنى حياتي ..
3- الظاهر أنّ البيت من أرجوزة لشاعرنا (رحمه الله علیه) سبق الحديث عنها في سبق الحديث عنها في المقدّمة وفي غير موضع من موسوعتنا ، فلاحظ.
4- هنا بياض في نسختي الأصل بمقدار كلمة ، وما جاء بين المعكوفين مزيد منا .
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي الدواهي ]
فصل في المفردات
في ما ورد في قنفذ
في قنفذ(1):
في قوله تعالی: ﴿ لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ ﴾
الباقر (علیه السّلام)، في قوله : ﴿ لا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ .. ﴾(2) قال : «حين...(3) في رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): إنه غوى في ابن عمه .. نزلت في ابن صهاك وصاحبه(4)».
إفرار عمر بأحقیة أمیر المومنین (علیه السلام)
وروى يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب ، عن إبراهيم التيمي ، قال : قال ابن عبّاس : ما رأيت كمثل ما قال لي عمر ، قلت : وما قال لك ؟ قال : شكا إليّ عليّ ابن أبي طالب (علیه السّلام)، فقال : ما رأيت ابن عمّك لم يخرج معي إلى هذا الموضع ؟!
ص: 381
1- المراد بقنفذ هنا - هو الحيوان المعروف ذو الشوك - ويكنى به هنا عن: عمر بن الخطاب.
2- سورة النساء (4) : 148.
3- بياض في نسختي (ألف) و (ب).
4- قريب منه ما رواه ابن المغازلي في مناقبه : 259 - 260 ، وعنه البياضي في الصراط صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ المستقيم 325/1 ، قال : لما انقضّ الكوكب في دار عليّ [(علیه السّلام)] قال النبي (صلی الله علیه و آله و سلم): «من انقض في داره فهو الوصي بعدي » ، قالوا : غوي في حبّ عليّ ..!! فنزلت: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ﴾ [سورة النجم (53): 1 - 2].
فقلت : لا إله إلّا الله ! قد اعتذر إليك وقبلت منه ، فما حاجتك إلى هذا ؟ !
ثم قال : أتدري ما قال لي أبوك(1)؟
فقلت لابن عبّاس(2): ما قال(3) له ؟! قال : لقيه رجل من أهل الشام ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين . فقال(4): لست للمؤمنين [بأمير ](5) وهو ذاك، وأنا والله أحق بها منه(6)، فسمعها عمر ، فقال عمر(7): أحق - والله - بها مني ومنك رجل خلفناه بالمدينة أمس.. يعنى عليّاً (علیه السّلام)(8).
ص: 382
1- هذا استظهار ، وإلا ففي نسخة (ب) تقرأ الجملة : إلي أبرك .
2- الظاهر أنّ القائل هو راوي الخبر ، أي إبراهيم التيمي، وهو الذي سأل ابن عباس.
3- من قوله : ما قال لي أبوك .. إلى هنا ، لا يوجد في نسخة (ألف ).
4- أي العبّاس .. وفي نسختي الأصل : فقلت .
5- بياض في نسختي الأصل بمقدار كلمة ، والظاهر ما أثبتناه ، كما جاء في المصدر.
6- في الصراط : قال لعمر : يا أمير المؤمنين ! فسمعه العبّاس فقال : أنا أحق به منك . فقال له عمر : أحق به - والله - مني ومنك رجل خلفناه بالأمس في المدينة ..
7- توجد كلمة : عمر في نسخة ( ب ) .
8- رواه الشيخ الفضل بن شاذان النيشابوري (رحمه الله علیه) في الإيضاح: 171 - 173 ، وكذا السيد ابن طاوس (رحمه الله علیه) في اليقين : 524 ، وقريب منه ذكره البياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 56/2 . . وغيرها . ولاحظ : خصائص الأئمة الالا للسيد الرضي رحمه الله : 76 - 77، والمسترشد للطبري الإمامي (رحمه الله علیه): 616 - 617 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 78/12 - 79 .. وغيرها .
بیتان للسید الحمیري (رحمه الله علیه)
الحميري(1):
[ من الوافر ]
فَمَا لِبَنِي(2) لَكَاعٍ كَاعَ عَنْهُ *** وَمَا لِعُمَيْرٍ وأَبي الفَصِيلِ(3)؟!
أَعِنْدَ(4) الأَمْنِ فَحْفَحَةٌ وَنَفْحٍ(5) *** وعِنْدَ الخَوْفِ إِطْراقُ الدَّلِيلِ ؟!
کیفیة وضع عمر للدیوان، وإنه بدا بالأقرب فالأقرب
قال الطبري في تاريخه(6):
قال [ أُسامة بن ] زيد بن أسلم [ عن أبيه، عن جده ]: لما [ أراد] عمر وضع(7)
ص: 383
1- لم أجد هذين البيتين في ديوان السيد (رحمه الله علیه) ، ولا أعرف لها مصدراً آخر، ولا من رواهما عنه ، ولعلّه كأكثر شعر الحميري هنا - من متفردات موسوعتنا هذه.
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، أُثبت هنا ما استظهرناه ، وفيهما : بالنبي ، أو : ما لبني ، أو : فالنبي ..
3- سبق أن قلنا : إنّ أبا الفصيل رمز للأول ، كما جاء في مدخل كتابنا هذا. راجع : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 170/1 - 172.
4- في نسخة ( ألف ) : اعتمد ، ولا معنى مناسب لها هنا.
5- كذا ؛ والأفضل أن تكون : ونَفْج ، ولعلّها : ونَفْخُ.
6- تاريخ الطبري 210/4 [ طبعة الأعلمي - بيروت 278/3]، وكذا جاء في الطبقات الكبرى 295/3 ، وفتوح البلدان : 436 . . وغيرهما .
7- في نسختي الأصل : يوضع أو بوضع - بدون نقط - وعليه فتكون العبارة ناقصة، ولعلّها : لمّا أمر عمر بوضع .. إلى آخره. وهي مختصرة عمّا في المصدر ، حيث فيه : قال : رأيت عمر بن الخطاب حين عرض عليه الكتاب وبنو تيم على أثر بني هاشم، وبنو عدي على أثر بني تيم فأسمعه يقول .
الديوان(1) سمعته يقول : ضعوا عمر موضعه، وابدؤوا بالأقرب فالأقرب من رسول الله .. حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله ..(2) فتكلّم بنو عدي في ذلك(3).
فقال : والله ما أدركنا الفضل في الدنيا والآخرة(4)، ولانرجو في الآخرة من ثواب الله على ما عملنا إلا بمحمّد(5) (عليه و آله السلام) فهو شرفنا ، وقومه أشرف العرب.. ثمّ الأقرب فالأقرب ..(6)
ص: 384
1- قال ابن قتيبة في عيون الأخبار 50/1 - كتاب السلطان - : .. قال بعض أهل الأدب : إنّما قيل ( ديوان ) لموضع الكتبة والحساب ؛ لأنه يقال للكتاب بالفارسية : ديوان .. أي شياطين ؛ لحذقهم بالأمور ولطفهم ، فسمّي موضعهم باسمهم .
2- وقد جاء ذيل العبارة : حتى تضعوا عمر حيث وضعه الله ، في رواية قبل هذا الرواية.
3- هنا سقط ، وجاء في المصدر هكذا: فجاءت بنو عدي إلى عمر ، فقالوا: أنت خليفة رسول الله ؟ قال : أو خليفة أبي بكر وأبو بكر خليفة رسول الله ! قالوا: وذاك ، فلو جعلت نفسك حيث جعلك هؤلاء القوم ! قال : بخ بخ بني عدي ! أردتم الأكل على ظهري .. إلى آخره.
4- لم يرد في المصدر : والآخرة.
5- في نسختي الأصل : محمد - بدون الباء - وهذا من المصدر.
6- انظر رأي الخليفة في الأموال والصدقات في الغدير 238/8 - 241 حيث أشبع الموضوع مصدراً واستدلالاً، ولا حاجة لتكرارها. راجع : الأحكام السلطانية للماوردي: 200 ، وشرح ابن أبي الحديد على نهج البلاغة 95/12 ، وبألفاظ مقاربة فيما رواه الهندي كنز العمّال 565/4 - 567 حدیث 11658 .. وغيرها .
بیتان للحطیئة
قال الطبري(1):.. فبدأ النساب ببني هاشم، ثم أتبعوهم أبا بكر وقومه، ثم عمر وقومه(2).
فالعجب منه أنّه : اعتبر الرتبة في ذلك، وتقدم على بني هاشم !!
موقف الخلیفة من حیطئة الشاعر و شعره
وفي الأغاني(3): عبد الله بن المبارك : إنّ الحطيئة لما أطلقه عمر بن الخطاب اشترى منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف(4) درهم.
قال الحطيئة(5):
[من الكامل]
ص: 385
1- راجع : تاريخ الطبري 4 / 210 [ طبعة الأعلمي 278/3 ] ، وانظر منه : 614/3.
2- جاء في أكثر من مصدر ، منها ما نقله البلاذري في كتابه فتوح البلدان : 435 - 437 العطاء والديوان . وقال ابن سلام في كتاب النسب 75/1: إنّه أمر [أي عمر ] أن يكون البَدْءُ [ في كتاب الديوان ] بقرابة من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الأقرب فالأقرب. ثم قال : وقيل : بدأ ببني هاشم وبني عبد المطلب..
3- الأغاني 181/2 [ دار الكتب العلمية ، وفي طبعة دار الإحياء 453/2] نقلاً بالمعنى.
4- في نسختي الأصل : آلالف .. أي آلف، وهي آلاف في الكتابة القديمة.
5- الحطيئة : هو أبو ملكية ؛ جرول بن أوس بن مالك العبسي ، المتوفى نحو سنة 45 ه_، شاعر مخضرم، عرف بقوّة هجائه ، بل هجا كلّ أحد حتى اباه وأمه و نفسه ! له ديوان شعر . راجع عنه : فوات الوفيات 99/1 ، الأغاني 157/2 ( دار الكتب)، الشعر والشعراء : 110 ، الأعلام 2/ 110 .. وغيرها ، ولا نعرف له في هذه الموسوعة غير هذا البيت .
وأَخَذْتَ أَطْرافَ(1) الكَلامِ فَلَمْ تَدَعْ *** شَتْماً يَضُرُّ وَلا مَدِيحاً يَنْفَعُ(2)
[و حَمَيْتَنِي(3) عِرْضَ اللَّئِيمِ فَلَمْ يَخَفْ *** ذَمِّي(4) وَأَصْبَحَ آمِناً لا يَفْزَعُ](5)
الحطيئة ؛ ما كان مجنوناً يهجو الناس بلا سبب، إنما أعطاه من مال الله تعالى وقاية لنفسه حتى لا يهجوه كما هجاه مراراً .
موقف قنفذ عند ما أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الصاحبة بالسلام علی أمیر المؤمنین (علیه السلام) بإمرة المؤمنین
وأمر النبي (عليه و آله السلام) الصحابة أن يسلموا على علي (علیه السّلام) بإمرة المؤمنين(6).
ص: 386
1- في الأوائل : أطوار .
2- راجع عنه : الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني 453/2 ، والأوائل للعسكري: 160 ، ونهاية الأرب 299/3.. وغيرهم.
3- في نهاية الأرب: ومنعتني.
4- في الأغاني : دمي، وفي نهاية الأرب : شتمي ، والكل مصحف، وما أُثبت هو الصواب.
5- هذا البيت مزيد من المصادر السالفة .
6- لقد استفاضت الأخبار - إن لم نقل تواترت - عن طريق العامة فضلاً عن الخاصة أنّ الذي سماه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) : أمير المؤمنين ؛ هو : مولى الكونين ويعسوب الدين علي بن أبي طالب (علیه السّلام)، فقد أخرج الإصفهاني في حلية الأولياء 63/1 عن أنس حديثاً مفصلاً وفيه: « يا أنس ! أوّل من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وقائد الغر المحجلين ، وخاتم الوصيين ..» ثم دخل أمير المؤمنين (علیه السّلام). وورد فيه (علیه السّلام) عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال : «أمير البررة » ، «أمير النحل» ، « يعسوب المؤمنين » [ واليعسوب هو الأمير والرئيس ].. وغيرها كثير. راجع : نور الأبصار للشبلنجي: 80 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 115، وحياة الحيوان للدميري 412/2 ، هذا ما جاء في الغدير 89/8، والصواعق لابن حجر : 75.. وغيرها. : بل وردت روايات جمة عن العامة أنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : « ما أنزل الله آية فيها : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا..﴾ إلا وعلي رأسها وأميرها » ، أو: «.. إلّا وعلي أميرها وشريفها»، وزاد الطبراني عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) أنه قال : « ولقد عاتب الله أصحاب محمد في غير مكان وما ذكر عليّاً إلا بخير » ، قاله الخطيب البغدادي في تاريخه 377/2: « هذا أمير البررة»، وأورد الحاكم في مستدركه 128/3.. وغيرهما. بل هو القائل - وهو أصدق القائلين (علیهم السّلام)- : «أنا يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الفجار » [ وفي لفظ : المنافقين ] ، كما جاء في نهج البلاغة 211/2 [وفي طبعة : 530]، وشرح ابن أبي الحديد على النهج 224/19، وهذا المعنى مستفيض نقلاً وبألفاظ متعدّدة ، لاحظ مثلاً : تفسير العياشي 17/2، ومعاني الأخبار : 314.. بل لو كان البحر مداداً لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلماته.. وهؤلاء من كلمات الله سبحانه .. ومن نعمه التي لا تنفد . راجع : الرياض النضرة ،206/2 ، حلية الأولياء 64/1 ، الكفاية للكنجي : 54، التذكرة لسبط ابن الجوزي ، الصواعق المحرقة لابن حجر : 76 ، كنز العمال 291/6 ، تاريخ الخلفاء : 115.. وغيرها .
في قوله سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾
فقال قنفذ(1): لا تجتمع النبوّة والخلافة في أهل بيت واحد !!
فقال بريدة : فإن كان كذلك فقد كذب الله تعالى ، أما سمعت قوله : ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ﴾(2)، فقد جمع الله لهم الملك والنبوّة .. فبهت قنفذ .
ص: 388
1- يظهر من كتاب سليم بن قيس الهلالي رحمه الله 863/2 [ الطبعة المحققة ، وفي المختصرة : 385] ، وعنه رواه العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الأنوار 197/43 أنّ قنفذاً ابن عمّ عمر ، حيث جاء فيه : فبعث إليه ابن عم لعمر يقال له : قنفذ . إلا أنّ المراد منه هنا التكنية عن الخليفة الثاني، وقد أورد الرواية في تأويل الآيات الظاهرة 572/2 حدیث 48 وفيها : فقال رجل من القوم .. وجاء في ذيله : فأنزل الله عزّ وجلّ : ﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [سورة الزخرف (43): 80-79] ، وأخرجه عن تأويل الآيات الظاهرة في بحار الأنوار 157/36 حديث 136 ، وتفسير البرهان 155/4 حدیث 2 ، ونحوه رواه ابن طاوس في كشف اليقين : 75 [ الطبعة المحققة : 272 - 274 ، وفي طبعة 207/1]، وعنه في بحار الأنوار 308/37 حدیث 39.
2- سورة النساء (4): 54. راجع ما رواه ابن المغازلي في مناقبه : 234، وذكره ابن أبي الحديد في شرحه 236/2 ، والحضرمي الشافعي في الرشفة : 27.. وغيرهم أن هذه الآية نزلت في خصوص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السّلام) وما خص به من العلم . وقد أخرج ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة : 91 عن الإمام الباقر (علیه السّلام) أنته قال في هذه الآية : « نحن الناس والله » .. وقريب منه ما أخرجه الصبان في إسعاف الراغبين هامش نور الأبصار : 109، وابن المغازلي في مناقبه : 234.. وغيره.
في قوله جل و علا: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنجواهم.. ﴾
فأنزل الله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنجواهم.. ﴾(1) الآية(2).
وفي الإحياء(3): أن قنفذ قال للذي استأذنه أن يعظ قبل صلاة الصبح(4): أخشى أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا .
أبیات السید الحمیري (8)
السيد الحميري :
غَتَشتَ(5) أَبا حَفْصٍ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ *** وَظَاهَرْتَ مِنْ بَغْيِ عَلَيْهِ أَبا نَصْر(6)
[ من الطويل ]
ص: 389
1- سوره الزخرف (43) : 80.
2- حكى البياضي العاملي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 119/3 - في بحث شورى الستة التي أقرها عمر - عن ابن الراوندي - قال عنه : من أعيانهم - في منهاج البراعة : أنّ عليّاً قال : أدخل معهم ؛ إن عمر روى أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : لا تجتمع النبوة والإمامة في بيت .. والآن فقد استصلحني لها ، فأدخل ليظهر أنته كذب نفسه .. !
3- إحياء علوم الدين 164/10.
4- في نسخة (ألف): صلاة الفجر ، وفي المصدر : أن يعظ الناس إذا فرغ من صلاة الصبح ، فمنعه ، فقال : أتمنعني من نصح الناس ؟ فقال : أخشى ..
5- كذا استظهاراً ؛ وفي نسخة ( ب ) : عششت ، وفي نسخة ( ألف ) : غشت.
6- المراد منه : أبو بكر ، وفي الصراط : عليه أبا بكر .
وقَلَّدْتَهُ أَمْرَ الخِلافَةِ كاذباً(1) *** وَغَيْرُكُما أَوْلىَ بِذَلِكُما الأَمْرِ(2)
وشِئْتَ لَهُ شَطْراً(3) فَقَدْ كانَ بَعْدَهُ *** نَصِيبُكَ مِمَّا شِئْتَ أَوْفَى مِنَ الشَّطْرِ
أَلَمْ تَعْرِفِ المُوصَى إِلَيْهِ وَتَعْرِفِ ال_ *** مُحَلَّ لَهُ الإِجْنابُ في المَسْجِدِ الظُّهْرِ ؟ !
بَلَى وَعَرَفْتَ المَرْءَ إِذْ أَنْتَ مُشْرِكٌ *** إلَى رَبِّهِ يَدْعُو وَتَدْعُو إلى الكُفْرِ
وَوَلَّيْتَ مِن خَوْفِ الرَّدَىٰ يَوْمَ خَيْبَرٍ *** وَأَمْكَنْتَ سِرْحانَ(4) اليَهُودِ مِنَ الدُّبْرِ
ص: 390
1- في الصراط : بعده .
2- جاء هذان البيتان مع بيتين آخرين لم يردا هنا في الصراط المستقيم 110/3 ، وهما : [ من الطويل ] فما لعدِيٌّ والمكارم والعلا *** وما لبني تيم بن مُرَّةَ والفَخْرِ ؟! أطَعْتَ به رأي ابن شعبة مذهباً *** وهل لامرئ في طاعة الرجس من عُذرِ ؟ !
3- هذا المقطع مشوش في نسختي الأصل : يقرأ ( وشيت له شويّاً ) ، ولعلّه : وشُبْتَ له شَوْباً مما شُبْتَ .. أي : خلطت له خَلْطاً .. مما خَلَفْتَ ، لكن المثبت أولى وأوضح.
4- كذا؛ وفي نسختي الأصل : سرعان ، ويراد منه هنا : ذئب اليهود .. أي : مرحب .
فَسَارَ إِلَيْهِمْ مَنْ جَحَدْتَ لِحَقِّهِ(1) *** براية ذي البِرِّ المُؤَيَّد بالنَّصْر
فَما رَدَّها حَتَّى أَفَرُوا بِحُكْمِهِ *** عَلى الكُرْهِ مِنْهُمْ والقَمَاءَةِ(2) والصغر
أبیات أخر للسید (5)
وله :
[ من الكامل ]
رَكِبًا بذَاكَ عَظِيمَةٌ فَتَناوَلَتْ *** ما لا يَحِلُّ مِنَ الأُمُورِ يَداهُما(3)
ذاكَ ابنُ سَلْمَى وابنُ حَنْتَمَةَ اللَّذا(4) *** رَأيَا خِلَافَةَ أَحْمَدٍ مَوْلَاهُما
ظَلَما(5) أَبا حَسَنٍ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ *** وتظافرا بَغْياً عَلَيْهِ كِلاهُما
ص: 391
1- في نسخة (ألف): بحقه .
2- قَمُوَ الرَّجُلُ قَماءَة : ذَلَّ وصغر في أعين الناس، أو القصير الذليل الصاغر ، كما جاء في المحيط في اللغة 60/6. وانظر : الطراز الأول 167/1 مادة (قماً).
3- في نسخة ( ألف ) بذاهما ، ولعلّها : بذلهما .
4- في نسختي الأصل : الذي ؛ وهي محرّفة عن المثبت، واللذا: أصلها اللذان ؛ فحذفت النون تخفيفاً .. انظر : خزانة الأدب للبغدادي 7/6.
5- في نسختي الأصل : ضاها ، والظاهر أنها محرّفة عن المثبت ، ولو كانت من المضاهاة لقال : ضاهيا. وعلى كل؛ المضاهاة : مشاكلة الشيء بالشيء، وقولهم : ضاهيت الرجل .. أي شاكلته ، وقيل : عارضته ، كما جاء في لسان العرب 487/14 .. وغيره.
إِسْمُ الخَلِيفَةِ دُونَ آلِ مُحَمَّدٍ ! *** تباً لِرَأْيِ مُضَلِّلٍ أَرجَاهُمَا(1)
فَعَلَيْهِما سَخَطُ المَلِيكِ ولَعْنَةٌ *** فيها مُشارِكَتا [هُما ](2) بِنْتَاهُما
أبیات ابن حماد (10)
ابن حماد(3):
[ من الرجز ]
أَوْصَى بِهِ أُمَّتَهُ(4) لَوْ قَبِلَتْ *** وَهَلْ يَفِي بِعَهْدِهِ خَوَّانُهُ؟!
يَوْمَ الغَدِيرِ إِذ أَتاهُ الوَحْيُ أَنْ *** بَلِّغْ فَقامَ إِذْ أَتَى فُرقانه
فَقالَ: ذا مَوْلى لِمَنْ كُنْتُ لَهُ *** مَوْلى، مقالاً واضحاً بيانه
وَأَشْهَدَ اللهَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذا *** فَكانَ فِي عَهْدِ الوَفا ضَانُهُ
فَلَمْ يَغِبْ وَجْهُ النَّبِيِّ عَنْهُمُ *** ولَمْ تَضُمَّ جِسْمَهُ أَكْفانُهُ
حَتَّى اسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فِرْعَونُ واس_ *** _تَكْبَرَ إِذْ أَنْجَدَه(5) هامانه
ص: 392
1- من الرجاء، ولعلّها مصحفة عن : أزجاهما بمعنى أرسلهما .
2- ما بين المعكوفين مزيد منا حفظاً لوزن البيت ومعناه .
3- قد مرّ الحديث عن هذه القصيدة قريباً ، ولا أعرف لها مصدراً ناقلاً لها .
4- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل ، تقرأ : بهدمته.
5- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، بل غالب العجز ، وما أُثبت هنا استظهار .
وَيَنْقُضُ العَهْدَ الوَثِيقَ عَقْدُهُ *** وَظَهَرَتْ مِنْ حِقْدِهِمْ أَصْغَانُهُ
وَبَانَ مَكْنُونُ الصُّدُورِ بَعْدَما *** طَالَ لِحَقِّ(1) المُصطَفى اكْتِنَانُهُ
وَكَيْفَ لَا يَبْنَى على الحِقْدِ لَهُ *** مَنْ كُسِرَتْ بِكَفِّهِ أو تَانُهُ ؟
وَبَايَعَ الجِبْتُ يَدَيْ طَاغُوتِهِ *** فَمَدَّهُ فِي غَيْهِ طُغْيَانُهُ
أبیات البشنوي (5)
البشنوي(2):
[ من البسيط ]
مَوْلَى الأَنامِ عَلِيُّ وَالوَليُّ مَعَاً *** كَمَا تَفَوَّهَ عَنْ ذِي العَرْشِ جِبْرِيلُ
فَاهَ النَّبِيُّ بِهِ يَوْمَ الغَدِيرِ لَهُمْ *** قَالُوا : سَمِعْنا وَفِي الإِقرار(3) تَهْوِيلُ(4)
ص: 393
1- في نسختي الأصل : لحقوق ، وهي محرّفة عن المثبت ، أو عن : حُقُوقَ.
2- مرّت ترجمة شاعرنا في المقدّمة، وهذه الأبيات من القصيدة اللامية المشهورة، وقد جاء البيت الأوّل منها في الغدير 4 / 35 مسبوقاً ببيتين ، هما : [ من البسيط ] يا مُصْرِفَ النصّ جَهْلاً عَن أَبي حسنٍ *** باب المدينة عن ذي الجهل مقفول مدينة العلم ما عن بابها عوض *** لطالب العلم إذ ذو العلم مسؤول وجاء في المناقب 310/1 - 311 البيت الأوّل هنا، والبيت الأوّل من القصيدة، ولا يوجد الثالث منها .
3- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : الإمرار ، والظاهر ما أثبتناه.
4- العبارة مشوشة كلاً في نسختي الأصل ، أثبتنا ما استظهرناه منا .
كَذَاكَ فِي قَوْم مُوسَىٰ كَانَ مُخْلَفَهُ *** هَارُونَهُ فدها بِالعِجْل(1) تَضْلِيلُ
فَاسْتَضْعَفُوهُ وَكَادُوا يَقْتُلُوهُ كَمَا *** ضَلَّتْ قُرَيْسٌ هُنا بالنَّقْض تَضْلِيلُ
بِالسَّامِرِي بَنُو أسرائيل(2) قد هَلَكَتْ *** وَبِالدُّلَامِ قُرَيْسٌ غَالَها غُولُ
أبیات الکمیت (7)
الكميت(3):
[من الوافر]
ص: 394
1- الكلمتان مشوّشتان في الأصل، أثبت ما استظهر من قراءتها هنا، وإلا فهي: فذ هذا العجل ، وفي نسخة (ألف) : فذهاباً لعجل .
2- إبدال همزة القطع وصلاً من الضرائر ، ولعلّها : إسْرَالَ ، كما يقال : ميكال .
3- هذه القصيدة الرائعة من الهاشميات المعبّر عنها عندهم ب_ : العينية ، وتعدّ من رائع الشعر ومكنونه واستشهد بها الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) في رسالته في معنى المولى.. وغيره. وقد جاءت هذه الأبيات في ضمنها ، وقد عدّها شيخنا الأميني - طاب ثراه - في غدیره 180/2 – 181 (21) بيتاً، مع حذف البيت الذي أضيف من أمير المؤمنين (علیه السّلام)، وفي شرح الرافعي لها : 81 - 82(19) بيتاً ، وفي شرح أبي رياش القيسي : 197 - 198 (20) بيتاً . وهذه الأبيات هي 9 - 14 ، ولا يوجد الأخير في شرح القيسي، وجاءت سبعة أبيات منها في المناقب 35/3 - 36 [ وفي طبعة قم 26/3 - 27]، وعنه في بحار الأنوار 159/37 ( باب 52) ذیل حديث 40، وجاءت في كشف الغمة 50/1 .. وغيره. ومثله في كنز الفوائد 333/1 ، وعنه في بحار الأنوار 16/42(باب 115) حديث 13 ، والصراط المستقيم 310/1 .
ويَوْمَ الدَّوْحِ دَوْحٍ غَدِيرِ خُمِّ *** أَبَانَ لَهُ(1) الوِلَايَةَ لَوْ أُطِيعًا
وَلكِنَّ الرَّجَالَ تَبَايِعُوها *** فَلَمْ أَرَ مِثْلَها خَطْباً شَنيعا(2)
فَلَمْ أَرَ مِثْلَ ذَاكَ اليَوْم يَوْماً *** وَلَمْ أَرَ مِثْلَهُ(3) حَقَّاً أُضِيعَا(4)
ص: 395
1- كذا في شروح الهاشميات ، والغدير ، والمناقب .. وغيرها ، وفي نسختي الأصل : لك ، بدلاً من : له .
2- في شروح الهاشميات والغدير خطراً مبيعا ، وفي المناقب : خطراً منيعا .
3- كذا في المناقب ، والغدير 183/2.. وهو الأولى ، وفي نسختي الأصل : مثلها.
4- أقول : روى الكراجكي (رحمه الله علیه) في كنز الفوائد : 154 بإسناده ... عن هناد بن السري [ المترجم في تهذيب التهذيب 71/11، وهو عندهم ثقة ] ، قال : رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب [(علیه السّلام)] في المنام فقال : « يا هناد ! » . قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ! قال : « أنشدني قول الكميت : ويومَ الدَّوح دوح غَدِيرٍ خُم.... » قال : فأنشدته . فقال : « خذ إليك يا هناد!». فقلت : هات يا سيدي ! فقال (علیه السّلام): [ من الوافر ] ولم أر مثل ذاك اليوم يوماً *** ولم أرَ مثلَهُ حَقًّاً أَضِيعا وفي تفسير أبي الفتوح الرازي (رحمه الله علیه) - كما قاله العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 183/2 أنته حكى المنام عن الكميت وأنه (علیه السّلام) زاد عليه هذا البيت ، ومثله في الدرجات الرفيعة .. وغيره. وعليه ؛ فالبيت هذا السيّد الموحدين أمير المؤمنين (علیه السّلام) لا للكميت (رحمه الله علیه). ولم يورده شيخنا الأميني في غديره (رحمه الله علیه) كما لم يرد في الشروح التي على الهاشميات حسب تتبعنا إلّا أنته جاء في المناقب 36/3 ، وفيه : ولم أر.
فَلَمْ أَفُضُلْ بِهِمْ(1) لَعْناً وَلكِنْ *** أَسَاءَ(2) بِذَاكَ أَوَّلُهُمْ صَنِيعا
فَصَارَ بِذاكَ أَقْرَبُهُمْ لِعَدْلٍ *** إِلى جَوْرٍ وَأَحْفَظُهُمْ مُضِيعًا
أَضَاعُوا أَمْرَ قَائِدِهِمْ فَضَلُّوا *** وَأَقْوَمِهِمْ لَدَى الحَدَثَانِ رِيعَا
تَنَاسَوا(3) حَقَّهُ فَبَغَوا عَلَيهِ *** بِلَا تِرَةٍ وَكَانَ لَهُمْ قَرِيعا(4)
أبیات خطیب منبج (5)
خطیب منبج(5):
[ من الوافر ]
ص: 396
1- في شرح الرافعي للهاشميات : فلم أبلغ بها .. وكذا في الغدير ، وفي شرح القيسي : بهم ، بدلاً من : بها . وفي المناقب : فلم أقصد بهم .
2- في نسخة ( ألف ) و ( ب ) : قصدت ، بدلاً من : أساء .
3- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، وتقرأ : تتاموا أو تناموا، وما هنا من المناقب.
4- لم يورد أبو رياش القيسي في شرحه للهاشميات هذا البيت. وسيأتي تتمة لهذه الأبيات في الصفحات الآتية من هذا الكتاب ، فلاحظ.
5- في نسختي الأصل : منهج ، والصحيح ما أثبتناه، لا ما في المناقب مكرراً : منيح ، وقد تحدثنا عن هذه القصيدة وشاعرها مفصلاً قريباً في تعليقنا السالفة ، فلاحظ . وقد جاءت هذه الأبيات في أكثر من مصدر ، كما حكاها سيد الأعيان في موسوعته 326/6 ، باختلاف أشرنا للمهم منه . وقد أخذها طاب ثراه من كتابه المناقب 37/3 [ طبعة قم ، وفي الطبعة الأُولى 2 /238].
وَقَالَ لَهُمْ: رَضِيتُمْ بي وَلِيّاً ؟ *** فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ قَدْ رَضِينَا
فَقَالَ : وَلِيُّكُمْ بَعْدِي عَلِيٌّ *** وَمَوْلَاكُمْ فَكُونُوا عَارِفِينا
فَقَامَ(1) لِقَوْلِهِ عُمَرُ(2) سريعاً *** وَقَالَ لَهُ مَقَالَ الوَامِقِينا:(3)
هَنِيئاً يَا عَلِيٌّ فَأَنْتَ مَوْلَى *** عَلَيْنَا مَا بَقِيتَ وَمَا بَقِينا
فَكَيْفَ يَكُونُ إِقْرَارٌ وَجَحْدٌ؟! *** مَعَاذَ اللَّهِ رَبِّي أَنْ يَكُونا(4)
***
ص: 397
1- في نسختي الأصل : فقال .
2- في الأعيان : رجل !
3- في الأعيان : رجل !
4- لم يرد هذا البيت في المناقب، وكذا في الأعيان ، وجاء قوله فيه بعد ما سلف: وَمَنْ بِالإِمْرَةِ اجتمعت عليه *** ملائكةُ السَّماءِ مسلّمينا وَسَلَّم فيه جبريل عليه *** لانِيَةً بِرَغْمِ السَّاخِطِينا [ من الوافر ]
باب أبى المعازف(1)
ص: 399
1- أبو المعازف ؛ رمز للخليفة الثالث : عثمان بن عفان ، كما قرره المصنف (رحمه الله علیه) - بالمهملة - في ديباجة كتابه . أقول : جاء أبو المعارف - بالمهملة - في مطبوع الصراط المستقيم 44/3، ذيل حديث أصحاب العقبة ، ومن الواضح أنّ البياضي (رحمه الله علیه) أخذ كتابه ورموزه من هذه الموسوعة مع أنّ الذي قرّره المصنف (رحمه الله علیه) في ديباجة كتابه هذا من رموز وتكنيات هو : أبو المعازف ، رمز للثالث في الباب الثالث ، فلاحظ : ما جاء في السفر الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 180/1.
[ القسم الثاني ]
[ فى مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب في أبي المعازف]
[فصل 1] [في أصل قارون ونسبه]
فصل
في أصل قارون(1) ونسبه.
في قوله سبحانه : ﴿ إِن كُنتُمْ تَحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي .. ﴾
الباقر (علیه السّلام)؛ في قوله [ تعالى]: ﴿ إِن كُنتُمْ تَحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي .. ﴾(2) الآية .
«نزلت في الأول والثاني والثالث، وذلك حين اجتمعوا فقالوا: إن مات محمّد لم نسمع لعليّ ولا لأحد من أهل بيته»(3).
التعریف بجد عثمان: أمیة بن عبد شمس
في كتاب البلاذري(4): أنته كان أُمية بن عبد شمس - جده الأكبر - مشهوراً بالزنا والسرق والقتل، وروي : أنته كان يسرق من الحاج ، فقال له [أبوه]: قد فضحتنا ، فقال : لا أصبر .. فأرادوا قطعه ، فقال : أنا أحبس نفسي حتى ينصرف
ص: 403
1- لقد عرف الثالث برمز: قارون ؛ إلا أنه لم يقرّره المصنّف (رحمه الله علیه) في ديباجة كتابه هذا، والذي جاء في الديباجة إنّما هو : قرمان، وقد صرّح العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 345/37 ، بأنّ المراد منه في بعض الأخبار هو عثمان، لاحظ الكتاب الفريد : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 122/3.
2- سورة آل عمران (3): 31.
3- أوردها المصنّف طاب ثراه فى مناقبه 3/2 [ طبعة بيروت 271/1] باختلاف يسير.
4- لم نعثر على الكلام في كتابي البلاذري المطبوعين.
حدیث أبي ذر (رحمه اللع علیهه) عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إنه قال :« إذا بلغ آل أیي العاص ثلاثین رجلا اتخذوا»
الحاج .. فسمّي : حابساً ، فقال له أبوه ؛ عبد الشمس: إن عدو الله لا يُودَي(1) ولا ينصر ، ولكن يضرب [_ه] الناس وإن كان له مَعْشر .. وكان أبو العاص بن اميّة جدّه(2).
وروى أحمد بن حنبل في مسنده(3)، عن أبي ذر ، عن النبي (عليه وآله السلام) قال: «إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً، وعباده خولاً، ودينه دخلاً»(4).
ص: 404
1- أي لا يعطي الدية .
2- أقول : جاء في كتاب إلزام النواصب : 90 [ الطبعة المحققة منا : 165]، في نسب عثمان ابن عفان ما نصه : روى هشام بن محمد بن السائب الكلبي - أيضاً - قال : وممن كان يلعب به ويُفتحل به عفّان ، أبو عثمان . وقال : وكان يضرب بالدق ! وانظر ما جاء في مثالب العرب للكلبي : 54 - 55 [ من نسختنا الخطية ، وفي الطبعة المحققة : 124] (باب البغائين والمخنثين ) .
3- في مسند أحمد بن حنبل 80/3 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 498/3 حديث 11349] عن أبي سعيد عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : « إذا بلغ بنو أبي فلان !..» ، وقد جاء باقي الحديث بعينه بتقديم و تاخير. وانظر سائر مصادر الحديث في الكتاب الرائع : الأسرار 28/2 - 30.
4- وقد جاء الحديث في مصادر أُخرى؛ كما في الفتن لابن حمّاد 130/1، والمعجم الكبير للطبراني 382/19 حديث 897.. وغيرهما . كما وقد تكرر ذكره في شرح النهج لابن أبي الحديد 154/6، 258/8..
وذكر الزمخشري في الفائق(1) - في حديث أبي هريرة -: إذا بلغ بنو أبي(2) العاص(3) ثلاثين : كان دين الله دَخَلاً ، ومال الله نُحْلاً، وعباد الله خَوَلا(4).
حدیث أبي هریرة: «إذا بلغ بنو أبي العاص..»
ص: 405
1- الفائق للزمخشري 420/1.
2- لا توجد كلمة : أبي ، في الفائق ، وهو سقط منها ظاهراً.
3- وقد يقال : بنو أبي فلان كما في مسند أحمد بن حنبل 80/3.. وغيره .
4- وعلّق الزمخشري هنا بأن : الدخل هو الغش والفساد، وحقيقته أن يُدخل في الأمر ما ليس منه .. أي يدخلون في الدين أموراً لم تجر بها السنة . النحل من العطاء : ما كان ابتداءً من غير عوض ، والمراد أنهم يعطون بغير استحقاق. والخَوَل : الخدم ، جمع خائل . وجاء الحديث عن طريق أبي ذرّ بتقديم وتأخير وفيه : «إذا بلغت بنو أُمية أربعين اتخذوا عباد الله خولاً ، ومال الله نحلاً، وكتاب الله دغلاً»، كما جاء في مستدرك الحاكم النيسابوري على الصحيحين 479/4 - 480 ، وأخرجه ابن عساكر كما قاله الهندي في كنز العمّال 39/6 .. وغيرهم في غيره . وبهذا المعنى روايات جمة . وجاء من طريق أبي ذر - أيضاً - عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً ، وعباد الله خولاً، ودين الله دغلاً». راجع : مجمع الزوائد 241/5 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد 56/3 ، وسير أعلام النبلاء 478/3 ، وتاريخ الإسلام 233/5 ، والبداية والنهاية 284/8.. وغيرها. وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة : 108 : وكان الحكم هذا يرمى بالداء العضال ، وكذلك أبو جهل كذا .. ذكر ذلك كله الدميري في حياة الحيوان . لاحظ : ترجمة عمر و بن هشام المخزومي ؛ أبو جهل ، والحكم.. في حصيلة كتاب الأسرار فيما كُني وعُرف به الأشرار 185/4.
ولد للحكم بن أبي العاص أحد وعشرون ابناً، وولد لمروان تسع بنين.
کان عفان أبو عثمان مأبونا ویضرب بالدف
وكان عفان بن أبي العاص أبوه مأبوناً(1)، وهو القائل في أبي أُحيحة ، وقد منع منه(2)، وكان يومى أنته ينكحه :
[ من المديد ]
أبیات لمجهول (5)
يَا جَوَارِي الحَيِّ عُدْنَنِيَة(3) *** يَا خَوَاتِي لا تَلُمْنَنِيَة
كيفَ تَلْحُونِي عَلَى رَجُلٍ *** لَو سَقاني سَمَّ سَاعَتِيَة(4)
لم أقل : إِنَّى مَلَلْتُ ولا *** إنْ مَنْ أَهْواهُ مَلَّنِيَة
كَيْفَ أَلْتدُّ الحَياةَ وقَدْ(5) *** مَنَعُونِي مِنْ مُعَلِّلِيَة(6)
لو أصابَتْهُ منِيَّتُهُ *** شَرِقَتْ عَيْنِي بِعَبْرَتِيَهْ(7)
ص: 406
1- كما قاله الثعالبي في لطائف المعارف : 99 . . وغيره.
2- لا يصح : منه ، الواردة في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل، لاحظ ما سيأتي العجز من البيت الرابع ( منعوا منّي معلليه ) .
3- الصدر مشوش جداً، خاصة في نسخة (ألف)، وما أُثبت عن مجمع الأمثال .
4- الكلمة مشوشة جداً في نسختي الأصل ، وقد تقرأ : بناعتيه .. أو ما يشبهها .
5- الكلمة في نسختي الأصل: قومك .
6- في الفتوح 562/2 : قول شيخ من أهل الكوفة لهشام بن عبد الملك : ومنكم الباكي على معلليه .
7- الأبيات في نسختى الأصل مشوشة جداً، وقد تقرأ بشكل آخر. أقول : ما أثبت من الأبيات بعضه أو كلّه وبزيادات جاء في المناقب والمثالب لأبي حنيفة النعمان المغربي : 160 ، وكتاب مجمع الأمثال 251/1، تحت المثل ( أخنث من مصفّر إسته) ، وكتاب نشوة الطرب في تاريخ الجاهلية العرب .. وغيرها .
أبیات قالها عبدالرحمن بن حنبل بعیر بها عثمان (5)
وكان دفافاً، يضرب في العرس مع شريكه الحكم بن أبي العاص، وفيه يقول عبد الرحمن بن حنبل - أحد الصحابة - [ يعير ] عثمان(1):
[ من الكامل ]
زَعَمَ ابنُ عَفَّانٍ وَلَيْسَ بِهَازِلٍ *** أن العراق(2) وما يَحُوزُ(3) المَشْرِقُ
خَرْجٌ لَهُ مَنْ شَاءَ أَعْطَى فَضْلَهُ *** كذباً وتِلْكَ(4) مَقالَةٌ لا تَصْدُقُ
أنَّى لِعَفَّانٍ(5) أَبِيكَ سَبِيكَةٌ *** صَفْراءُ والنَّهْرُ العُبابُ الأَزْرَقُ(6)؟!
ص: 407
1- قال السيد ابن طاوس (رحمه الله علیه) في الطرائف : وفي عفّان بن أبي العاص يقول عبد الرحمن ابن حنبل يعيّر عثمان بن عفّان ، وكان عفّان يضرب بالدف.
2- في مثالب العرب : إنّ الفرات وما يجوز المشرق ، وفي الطرائف : إن الفرات وما حواه المشرق.
3- يحوز: حازَهُ يَحُوزُهُ : جمعه وضمَّهُ . انظر : الطراز الأول 15/10 مادة (حوز).
4- في المثالب والطرائف : ذهباً وتلك .
5- تقرأ في نسختي الأصل : لعثمان ، وما أثبتناه جاء في المثالب والطرائف.
6- عجز البيت في الطرائف : صفرا فاطعم العتاب الأزرق.
وَوَرِثْتَهُ دَفَاً لَهُ ويَراعَةً(1) *** جُرعاً يَكادُ بِنَفْتِها يَتَنَطَّقُ(2)
وَلَوَدَّ لَوْ أَنْ كُنْتَ أُنْثَى مِثْلَهُ *** فَيَكُونُ رِقُ فَتاتِكُمْ لا يُعْتَقُ(3)
تجسس الحکم بن أبي العاص - عم عثمان- علی رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
وإن الحكم بن أبي العاص - عمه - اطلع على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يوماً في داره من وراء الجدار - وكان من سعف - فدعا له رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بعود(4) ليرميه فهرب(5).
ص: 408
1- كذا قد تقرأ في نسختي الأصل، وفي المثالب : وعود أراكة .
2- كذا استظهاراً ، والعجز في الطرائف : جوعا يكاد بلبسها يستنطق ، وفي المثالب : جزعاً تكاد له النفوس تطلق.
3- جاء هذا البيت في الطرائف : [ من الكامل ] یودنا لو كنت نت تأتي مثله *** فيكون دقّ فتاتكم لا تفتق وجاء في المثالب : [ من الكامل ] وبودنا لو كنت أنثى مثله *** فتكون دف فتاتكم لا تعتق وجميع الأبيات السالفة غير منقوطة وبعض كلماتها مشوّش جداً. راجع: مثالب العرب : 127 - 128 ، والطرائف : 499 ، والمناقب والمثالب : 160 .. وغيرها، ولا يخفى أن روايته سقيمة جداً .
4- في نسخة (ألف) : بقوّة ، وقد تقرأ : بفوه .. إذ هي مشوّشة النقط ، ويحتمل فيها غيرها .
5- جاء في السيرة الحلبية 337/1: اطلع الحكم على رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] من باب بيته - وهو عند بعض نسائه بالمدينة - فخرج إليه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بالعنزة - وقيل بمدري في يده - وقال : « من عذيري من هذه الوزغة، لو أدركته لفقأت عينه .. » ولعنه وما ولد ... وجاء في أكثر من مصدر كما ذكره ابن الأثير الجزري في أسد الغابة في معرفة الصحابة 2 / 34 .. وغيره . ولاحظ : ترجمته في حصيلة كتاب : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 283/4 - 285.
وفي رواية عن أمير المؤمنين (علیه السّلام): «لهنك(1) أنه(2) منطق الوزغ»، وكان ينق كما ينق الوزغ.
ما قاله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في حق الحکم بن أبي العاص، وکان مخبلا، ملعونا، حجاما
وفي رواية : أنه قال للنبي (صلی الله علیه و آله و سلم) : اتق الله يا محمد !.. في قسمة خيبر .
فقال (صلی الله علیه و آله و سلم): «لعنك الله ولعن ما في صلبك ، أتأمرني بالتقوى وأنا جئت به من الله ؟ ! اخرج فلا تجاورني ..!! » ، فلم يزل طريداً حتى ملك عثمان فأدخله(3).
إدخال عثمان لمروان ووالده الحکم إلی المدینة بعد طرد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لهما
ص: 409
1- حكى ابن منظور في لسان العرب 393/13 عن الجوهري : قولهم : لهنّك - بفتح اللام وكسر الهاء : كلمة تستعمل عند التوكيد ، وأصله : لأنتك .. إلى آخره.
2- هذا استظهاراً ، فقد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : أمه ، والظاهر أن الصحيح : لَعَنَك الله ، بدل : لهنّك أنته .
3- وقد جاء الحديث في العمدة لابن البطريق : 473 حديث 996 ، وفيه لفظ التثنية : فلم يريا إلّا طريدين حتى ملك عثمان فأدخلهما... وراجع : الإصابة في معرفة الصحابة 344/1 - 345 ، والاستيعاب لابن عبد البرّ 316/1 - 317 . . وغيرهما .
ويُروى أنته خرج النبي (عليه و آله السلام) يوماً يمشي، فإذا هو بالحكم(1) يتخبّل(2) في مشيه يحكي رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال له: «كُن كذلك حتى تموت».. فما زال كذلك مخبّلا.
محاکاة الحکم مشیة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ودعاءه (صلی الله علیه و آله و سلم) علیه
وفي رواية عمّار الدهني ، عن الصادق (علیه السّلام):.. فالتفت رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] فقال : «لعنك الله وجعلك كذلك»(3).
بیتا هجاء عبدالله بن حسن عبدالرحمن بن الحکم أخو مروان
وكان مخبّلاً ملعوناً ، فلما ظهر رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] على مكة سيره إلى الطائف(4)، ففي ذلك يقول عبد الرحمن بن حسّان [ بن ثابت ] وهو يهاجي عبد الرحمن بن الحكم - أخا مروان - :
[ من الكامل ]
ص: 410
1- في نسختي الأصل : الحكم.
2- كذا ، ولعلّ الأنسب : يتخلّج . أقول : الخبل : الفساد ، وقيل : فساد الأعضاء ، حتى لا يدري كيف يمشي ، وقيل : الخبلة : الفساد من جراحة أو كلمة ، ورجل مخبّل : كأنه قد قطعت أطرافه ، كما جاء في لسان العرب 197/11.
3- قاله في الاستيعاب 118/1 ، ومثله ابن الأثير في أُسد الغابة 34/2.. وغيرهما. قال الأول : ذكروا أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) كان إذا مشى يتكفّاً ، وكان الحكم يحكيه ، فالتفت النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) يوماً فرآه يفعل ذلك فقال (صلی الله علیه و آله و سلم) : « فكذلك فلتكن»، فكان الحكم مختلجاً يرتعش من يومئذ.
4- قال ابن عبد البر في الاستيعاب 118/1 : أخرج الحكم من المدينة وطرده. راجع : الغدير 244/8 عن عدة مصادر.
إنَّ اللَّعِينَ أَبُوكَ(1) فَارْمِ عِظامَهُ *** إن تَهْجُ [تَهْجُ] مُخَلَّجاً مَجْنُونًا(2)
طرد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الحکم ومروان من المدینة
وكان حجاماً من قریش فطرده رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] وطرد مروان - ابن عم عثمان - عن المدينة وأخرجهما عنها ، فلم يزالا كذلك في زمن النبي
ص: 411
1- تقرأ في نسختي الأصل : كان أباك ، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
2- كذا؛ والبيت أبتر اللفظ مشوّش المعنى في نسختي الأصل، ويقرأ فيهما هكذا : [ من الكامل ] كأنّ أباك فارم عظافه *** إن نهج تلحلحاً مجونا أقول : الكلمات الأخيرة مشوّشة وغير منقوطة تقرأ : للحلحاً ، ولعلّها : ملجلجاً . بل غالب ألفاظ البيت كذلك ، وأثبتنا في المتن ما كان موافقاً لما جاء في المصادر. قال ابن هشام في سيرته 25/2: كان النفر الذين يؤذون رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في بيته : أبو لهب ، والحكم بن أبي العاص بن أمية ، وعقبة بن أبي معيط هذا ؛ وقد جاءت الأبيات في بعض المصادر هكذا: [ من الكامل ] إن اللعين أبوك فارم عظامه *** إن تَرمِ ترمِ مُخلّجاً مجنونا يُمسي خميص البطن من عَمَلِ التَّقى *** ويَظلُّ من : من عَمَلِ الخَبِيثِ بَطِينا راجع : أسد الغابة 34/2 ، والاستيعاب 118/1 ، وعنهما ما ذكره العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 244/8.. وغيره .
(عليه وآله السلام) وإمرة أبي بكر وعمر ؛ لأنته روي : أنّ عثمان مشى في بني أُميّة إلى الأوّل في حالة إمارته فسأله ردّهما ، فقال : ما كنت أردّ من نفاه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
ما قیل في أروی بنت کریز بن ربیعة أم عثمان
فلما ولي عمر جاءه عثمان في مثل ذلك فلم يجبه .. فلما ولي عثمان بعث إليهما فأدخلهما المدينة(1).
وأُمّ الثالث: أروى بنت كريز بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط زوج أُمّه، وكان عقبة يتعشق أروى - أُمّ عثمان - فهرب بها إلى هشام بن المغيرة المخزومي فخبّأها عنده ، فولدت الوليد بن عقبة ، فسماه باسم الوليد بن المغيرة ،
ص: 412
1- روى ابن عبد ربه في العقد الفريد 272/2 ، وأبو الفدا في تاريخه 168/1.. وغيرهما : أن الحكم طريد رسول الله ، وطريد أبي بكر وعمر أيضاً، وكذلك الصحابة كلّهم ، ما عرفوا مساغاً لردّ الرجل وأبنائه .. ولذا نقموا على عثمان في فعله هذا. وللخليفة معذرة أُخرى ، قال ابن عبد ربه في العقد الفريد 272/2: لمّا ردّ عثمان الحكم - طريد النّبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وطريد أبي بكر وعمر - إلى المدينة تكلّم الناس في ذلك ، فقال عثمان: ما ينقم الناس منّي؟.. إنّي وصلت رحماً، وقريت عيناً . قال العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 257/8: ونحن لا نخدش العواطف بتحليل كلمة الخليفة هذه، ولا نفصل القول في مغزاها ، وإنما نمر به كراماً ، وأنت إذا عرفت الحكم وما ولد فعلمت أنّ ردّهم إلى المدينة المشرفة وتوليهم على الأُمور ، وتسليطهم على ناموس الإسلام، واتخاذ الحمى لهم.. جناية كبيرة على الأُمّة لا تغتفر ، ولا تقر بها قطّ عين ..
ما روي في أبي معیط زوج أم عثمان
ثم ولدت عمارة بن عقبة ، فسماه باسم عمّارة بن الوليد بن المغيرة، فلما عرف أهل بيتها ذلك وأنتها قد ولدت منه زوّجوه إياها.
وروى ابن الكلبي(1): أن أبا معيط أباه ، كان علجاً من أهل صفورية من أردن(2)، وأن أبا عمرو بن أُمية بن عبد الشمس قدم ب_[أبي] معيط من صفورية إلى مكة فادعاه...
فلما قتل عثمان قال الوليد بن عقبة(3):
[ من الطويل ]
ص: 413
1- الظاهر أنّ الكلام مأخوذ من الزمخشري في ربيع الأبرار 153/1. قال ابن قتيبة في المعارف : 319 : وقال ابن الكلبي : كان امية بن عبد شمس خرج إلى الشام فأقام بها عشر سنين ، فوقع على أمة ل_ ( الخم) يهودية من أهل صفورية، يقال لها : ترنا ، وكان لها زوج من أهل صفورية يهودي، فولدت له ذكوان ، فادعاء أُمية واستلحقه وكنّاه : أبا عمرو ، ثم قدم به مكة .. فلذلك قال النبيّ صلوات الله عليه وآله وسلم لعقبة يوم أمر بقتله : «إنما أنت يهودي من أهل صفورية ». وقال الإمام الحسن (علیه السّلام) للوليد بن عقبة : وإنما أنت ابن علج من أهل صفورية اسمه ذكوان ، كما نص عليه الطبرسي (رحمه الله علیه) في الاحتجاج 412/1، وقال به ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 293/6 . وراجع : المنمق : 100 ، ومروج الذهب 336/2 . . وغيرهما .
2- تقرأ في نسخة (ب): الارون.
3- أقول: هذا من شعر الوليد لأخيه عمارة يحرّضه.
لَئِنْ يَكُ ظَنِّي بِابْنِ(1) أُمِّي صادِقاً *** عُمَارَةَ لَمْ يُدْرِكَ بِذَحْل وَلا وِتر
يَظُلُّ وَأَقيَالَ(2) ابنِ عَفَّان(3) حَوْلَهُ *** مُخَيِّمَةٌ بَيْنَ الخَوَرْنَقِ والجِسْرِ(4)
[ وَتَمْشِي رَخَّي البَالِ مُنتَشِرَ القوى *** كَأَنَّكَ لَم تَشعُر بِقَتلِ أَبِي عَمرو ](5)
أَلا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ ثَلاثَةٍ *** قَتِيلُ التَّجِيبِيِّ الَّذِي جَاءَ مِنْ مِصْرِ(6)
ص: 414
1- جاء البيت في شرح النهج : وإن يك ظنّي في عمارة صادقا *** ينم ثم لا يطلب بذحل ولا وتر
2- في نسختي الأصل: إقبال، لكن لا معنى لها ، اللهم إلا أن يكون ( وأقيال ) ، وحينئذ يخرج الشعر على الاستهزاء ، وفي شرح النهج : يبيت وأوتار ، وفي نسب قريش : تلاعب أقتال ابن عفّان لاهياً ...
3- في نسختي الأصل سهواً : عثمان ، لأن الشاعر يرثي عثمان .
4- في شرح النهج : فالقصر ، بدلاً من: الجسر .
5- هذا البيت مزيد من أنساب الأشراف، وجاء قريب منه في شرح نهج البلاغة 2 / 115 ، ولم يرد في تاريخ الطبري .
6- الأبيات بعينها جاءت في المناقب والمثالب : 189 ، وجاءت في أنساب الأشراف 2 / 384 ، والغارات 420/2 - 421 ، ونسب قريش : 105 و 140 ، وانظر: تاریخ دمشق 248/63 .
فأجابه أبو الهياج المطلبي(1):
[ من الطويل ]
تَمَنَّيْتَ أَمْراً لَسْتَ مِنْهُ وَلَا لَهُ *** وَأَيْنَ(2) الصَّفُورِيُّ ابْنُ ذَكوانَ مِنْ عَمْرٍو(3)؟!
كَما اتَّصَلَتْ بِنْتُ الحِمَارِ بِأَمِّها *** وَخَلَّتْ أَبَاهَا إِذْ تَناهَى(4) ذَوُو الفَخْرِ
فَإِنَّكَ مِمَّنْ قَدْ تَمُتُ(5) وتَدَّعِى *** إِلَيْهِ كَقُرْبِ الفيل مِنْ وَلَدِ الوَبْر(6)
ص: 415
1- انظر : شرح النهج لابن أبي الحديد 115/2 - 116 ، وفيه : فأجابه الفضل بن العباس ابن عبد المطلب ، ولاحظ : تاريخ الطبري 449/3 .
2- في نسخة (ب) : ابن .
3- هذا استظهار، وفي نسختي الأصل : ردّاً وكان من عمر .
4- كذا؛ إلّا أنّ الرواية المعروفة هي : تسامى ، وفي المناقب والمثالب : رماها ، ولعلّ رواية المتن محرّفة عن : تَنامَى .
5- في المناقب والمثالب ( يمنّ ) ، إلّا أنّ الرواية الصحيحة هي المثبتة متناً.
6- الأبيات جاءت في تاريخ الطبري 426/4 ، وشرح النهج 115/2 - 116 - باختلاف يسير - جواباً من الفضل بن العباس بن عبد المطلب : [ من الكامل ] أتطلب ثاراً لست منه ولا له *** وما لابن ذكوانَ الصَّفُوري من عمرو ؟ ! كما اتصلت بنتُ الحمار بأمها *** وتنسى أباها إذ تَسامَى أُولُو الفخر ألا إن خير الناس بعد محمدٍ *** وصي النبي المُصطَفَى عند ذي الذِّكْرِ وأوّلُ من صلّى وصنو نَبِيّه *** وأوّلُ من أَرْدَى الغُواةَ لدى بدر
وذكر أبو الحسن المدائني: أنته دخل عبد الرحمن بن أُمّ الحكم - أخو مروان لأُمّه - على معاوية - وكان معاوية قد عزل أخاه مروان - فدعا معاوية بفرس يعرض عليه، فقال عبد الرحمن : إنّه لأجش هزيم خليق للسبق جداً.. يعرّض بمعاوية، وكان(1) النجاشي(2) هجاه يوم الصفّين(3):
[ من الطويل ]
ص: 416
1- في نسختي الأصل : فكان ، وهي مصحفة عن المثبت .
2- وهو : النجاشي بن الحرث [الحارث ] بن كعب الذي يقول كما في الفصول المختارة للشيخ المفيد (رحمه الله علیه) : 269 - : [ من المتقارب ] فَقُلْ للمضلّل من وائل *** ومَنْ جعل الغَثّ يوماً سمينا جعلت ابن هندٍ وأشياعه *** نظير علي أما تستحونا ؟! إلى أوّل الناس بعد الرسول *** أجاب النبي من العالمينا
3- راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد 24/5 ، وكذا في 153/6، وتاريخ دمشق 313/34، والأغاني 176/13 [260/3] ، ورواه عن المدائني في أنساب الأشراف 64/5 ، وانظر : عيون الأخبار 2 /216.
ونَجَّى(1) ابنَ حَرْبٍ بَعْدَ مَا حَانَ(2) مَوْتُهُ(3) *** أَجَشُّ هَزِيمٌ وَالرِّماحُ دَوانِي(4)
كَأنَّ رِكَابَيْهِ وَصُفَّةً(5) سَرْجِهِ *** جَنَاحَا عُقَابِ دائِمَا(6) الخَفَقانِ
فقال معاوية : لأنه لا يدبّ إلى جاراته، ولا يُشَبِّبُ بكناته - وهي أُمّ أبان(7)
ص: 417
1- في نسخة (ألف ): ونحاه .
2- في نسختي الأصل : حاز.
3- وجاء البيت الثاني في شرح النهج 24/5 ، و 153/6 ، هكذا :
4- صدر البيت في أكثر المصادر : ونجى ابن حرب سابح ذو علالة .. [ من الكامل ] إذا قلت أطراف الرماح تنوشه *** مَرَتْهُ له الساقانِ والقَدَمانِ
5- قد تقرأ في نسختي الأصل: وضفه ، وما أثبت هو الصحيح ، فَصُفّةُ السرج هي : ما يُغسّی به ما بين القَرَبوسَين .
6- هذا هو الصحيح ؛ لأنّ الجناحين هما اللذان يخفقان، نعم روي في بعض المصادر ( دائم ) ، لكنّها رواية ضعيفة .
7- خط على كلمة (أبان) في نسخة (ألف)، وأُمّ أبان بنت عثمان هي زوجة مروان بن الحكم ، وكان أخوه عبد الرحمن متهماً بها ويشبب بها.
قالوا: کان عثمان یصفر لحیته و یشد استانه بالذهب
بنت عثمان بن عفان - وفيها يقول :
[ من الطويل ]
وأُمُّ أبان كالشراب المبرَّدِ *** وَوَا كَبِدِي من حُبِّ أُمِّ أبان
وفي منهج حمرة(1): كان عثمان يُصفّر لحيته(2)، ويشدّ أسنانه بالذهب(3).
قالوا: کان عثمان حائکا، وکان مخنثا به بغاء
وفي كتاب أوائل الأشياء : أن عثمان كان حائكاً(4)، وأن عثمان كان مختتاً ، به بغاء، وروى ابن الكلبي حديث عثمان(5).
ص: 418
1- كذا ؛ ولعلّه : حمزة.
2- في تاريخ دمشق 23/39 عن محمد بن السائب ، عن أُمه ، قالت : رأيت عثمان بن عفان يطوف بالبيت شيخاً يُصفّر لحيته .
3- كما صرّح بذلك في الاستيعاب 1042/3 ، وأنساب الأشراف 578/5 ، الحاوي الكبير 255/2 و 479 ، و تاريخ دمشق 12/39، وصفحة : 15، وتهذيب الكمال 452/19.. وغيرها ، وجاء بنصه فيما رواه ابن الأثير في أُسد الغابة 383/3. ونص عليه ابن الأثير في كتابه : أسد الغابة 383/3.. وغيره. وروى أحمد بن حنبل في مسنده 73/1 عن واقد بن عبد الله التيمي ، عمّن رأى عثمان بن عفان ضبّب أسنانه بالذهب !!
4- وجاء في كتاب المعارف لابن قتيبة : 575 : إنّ عثمان كان بزازاً، وفي كتاب لطائف المعارف : 127 : أنته كان يبيع البز.
5- سلف أن نقلنا عن إلزام النواصب : 165 ذلك حيث قد حكاه عن الكلبي من أن والده كان يلعب به ويفتحل به .
بیتان السید الحمیری (رحمه الله علیه)
الحميري(1):
[ من الوافر ]
فَإِنْ قُلْتُمْ(2): أَبونا عَبْدُ شَمْسٍ *** فَإِنَّ الزِّنْجَ(3) مِنْ أَوْلادِ نُوحٍ
هُما عِرْقَانِ(4) مِنْ عِرْقٍ جَمِيعاً(5) *** ولكِنْ لَيْسَ نَبْعٌ(6) مِثْلَ شِيحٍ(7)
***
ص: 419
1- ديوان السيد الحميري : 151 ، وجاء في روضات الجنّات 31/1.. وغيره.
2- في نسختي (ألف ) و ( ب ) : قال ، وما هنا من المصدر.
3- هذا استظهاراً ، حيث الكلمة مشوشة في نسختي الأصل.
4- كذا ؛ والظاهر : فرعان ، فإنّها أقرب من : غصنان ، كما في الديوان .
5- في الديوان : هما غصنان من أصل جميعاً.
6- النبع : شجر جاف لا عطر فيه ، قيل : هو من أشجار الجبال يتخذ منه القسي ، كما في لسان العرب 345/8 ، ولاحظ منه 502/2 ، والعين 2 / 160 .
7- الشيح : نبت طيب الرائحة ، كما في الطراز الأول 388/4.
[ القسم الثاني ]
1 في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي المعازف ]
فصل في جهل البغي(1).
تأویل قوله سبحانه: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ... قَبْلِهِمْ ﴾
الباقر (علیه السّلام) في قوله: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ﴾(2) : « الأول والثاني والثالث، كذبوا القرآن وكذبوا التأويل ، وذلك قوله: ﴿ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾ ما فيه من الوعيد ﴿ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.. ﴾ وهم الذين كذبوا محمّداً».
ص: 423
1- لقد تكرّر إطلاق لفظ ( البغي ) على الثالث في أخبارنا . لاحظ مثلاً : تفسير العياشي 267/2 ذيل حديث 62 ، قال : والبغي : الثالث . ولقد فسّر لفظ ( البغي ) في سورة النحل (16) : 39 بذلك ، كما في تفسير القمي : 363 - 364 [ الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة الحروفية 388/1 ، وفي الطبعة المحققة 555/2 - 556 ذيل حديث ] ، ذيل قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ.. ﴾ [سورة النحل (16): 90 ] ، إلى أن قال : والفحشاء والمنكر والبغي : فلان وفلان وفلان. وفي هامش المحققة : الأوّل والثاني والثالث ، وفي نسخة : حبتر وزريق ونعثل، وعنه في بحار الأنوار 188/24 ( باب (52) حديث 6، و 171/30 (باب 20) حديث 26 ، و 179/36 - 180 ( باب 39 حدیث 172 ، وتفسير البرهان 477/3 حدیث 1 ، ونور الثقلين 91/4 حدیث 193.
2- سورة يونس (10) : 39 .
وفي العقد(1)، والمحاضرات(2)، والعروس(3)، وخصال ملوك(4)، والمنتهى فى الكمال(5): أوّل خطبة خطبها عثمان
ص: 424
1- العقد الفريد 66/4.
2- المحاضرات 137/1 ، وفيه : ارتج على عثمان ، فقال : إنكم إلى أمير فعال أحوج منكم إلى أمير قوال..
3- كتاب العروس (في خصائص يوم الجمعة وفضائله ) لأبي محمد جعفر بن أحمد [ الصحيح : محمد ] بن علي القمي ، كما في الذريعة 252/15 ، نقل العامة عنه كثيراً ، كما في كنز العمال 222/4 ، و 535/7 ، وفيه : جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني 82/9، وجاء في كشف الخفاء 409/2: أبو الفضل جعفر بن محمد بن جعفر بن محمد بن علي الحسيني. هذا ؛ للفضل بن شاذان النيسابوري وابن الراوندي رحمهما الله كتاب بهذا الاسم، وكذا النظام.
4- كتاب خصال الملوك لموسى بن عيسى ، عنونه المصنّف في معالم العلماء: 121 برقم 806 ، وقال عنه مخلط . ولاحظ ما ترجمه العلامة المامقاني في رجاله 358/3 [ الطبعة الحجرية ] ، وقيل : هو اليعقوبي ، كما يظهر من أواخر كتاب الحج (الطواف) من التهذيب 135/5. قيل عنه : إنه من العناوين الداخلة في فلسفة التاريخ ؛ ولا أعرف وجهه ومن أين جاء به ، والكتاب مفقود.
5- وقد نقل عنه المصنف (رحمه الله علیه) في المناقب 27/3 عن ابن طباطبا ، ولعله : كتاب الطبقات الملقب ب_: المنتهى في معرفة الرجال ، ويقال له : المنتهى في الكمال لأبي الفضل علي ابن الحسين بن أحمد بن الحسن الهمداني ، المعروف ب_: الفلكي، وقال الصفدي في الوافي بالوفيات 118/3: أنشدني ابن طباطبا العلوي، وهو غير كتاب محمد بن سهل الكرخي أبو منصور البغدادي ، المعروف ب_ : ابن سهيل ، وابن دريد .
في أول خطبة خطبها عثمان بعد تنصیبه حیث ارتج علیه
أُرتج عليه(1)، فقال : أيها الناس! إنّ أوّل كلّ مركب صعب [وإن بعد اليوم أياماً ] وإن أعش تأتكم الخطبة(2) على وجهها ، وسيجعل الله بعد عُسر يسراً إن شاء الله(3).
وقد روى(4) عبد الله بن إسحاق بن سلامة(5): أنّ عثمان لمّا صعد المنبر فأُرْتِجَ عليه ، قال : إنّ أبا بكر وعمر كانا يُعِدّان لهذا(6) المقام مقالاً، وإنكم إلى إمام فعّال أحوج منكم إلى إمام قوّال(7)، وستأتيكم الخطبة من بعد، ونزل وصلّى(8).
ص: 425
1- قال الزمخشري في أساس البلاغة 335/1: ومن المجاز: صعد المنبر فأرتج عليه : إذا استغلق عليه الكلام . وقال فيه - أيضاً - : 338: ومن المجاز : ارتج عليه الكلام : اضطرب والتبس.
2- في العقد : فستأتيكم الخطب .
3- المشيئة زيدت من المصدر ، ولم ترد في نسختي الأصل.
4- وقد جاء هذا في كتاب البيان والتبيين للجاحظ 272/1 ، و 195/2 مع اختلاف ليس بمهم.
5- في نسخة (ألف) : بهذا.
6- كذا ، والظاهر : سلام .
7- في البيان والتبيين : إمام عادل أحوج منكم إلى إمام خطيب.
8- وقيل: هي صلاة الجمعة، كما جاء في كتاب بدائع الصنائع 262/1 . قال ابن قتيبة في عيون الأخبار 255/2: لمّا ولّي عثمان صعد المنبر . إلى أن قال ... وما كنا خطباء ، وإن نعش لكم تأتكم الخطبة على وجهها إن شاء الله . وقريب ممّا في المتن جاء في كتاب الأنساب للبلاذري 24/5. وأخرجه بلفظه ابن سعد في طبقاته 43/3 ( طبعة ليدن ) . وفي لفظ أبي الفدا في تاريخه 166/1 قال : لمّا بويع عثمان رقى المنبر وقام خطيباً فحمد الله وتشهد ، ثمّ أُرْتِجَ عليه ، فقال : إنّ أوّل كل أمر صعب ، وإن أعش فستأتيكم الخطب على وجهها ثم نزل .. وجاءت له نصوص كثيرة مختلفة اللفظ متحدة المعنى.
انظر إلى جرأته على الله تعالى و على رسوله الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، و استخفافه بالشرع ، وتغييره فرائض الله وسنن نبيه يوم الجمعة !
جملة من أحکام الخلیفة بما لم ینزل به الله
وفي مسلم(1)، والبخاري(2): أنته سأل زيد(3) عثمان ، فقال : أرأيت(4) إذا جامع الرجل امرأته ولم يُمن ؟
قال عثمان : يتوضّأ كما يتوضأ للصلاة ] ويغسل ذكره ..!
ص: 426
1- کتاب مسلم 270/1 (باب 21) حديث 86 [ وفي طبعة 142/1 وفي طبعة منه 109/1 ] ، وزاد فيه : قال عثمان : سمعته من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
2- كتاب البخاري 52/1 ، وكذا بنصه في كتاب الغسل 76/1 ، وزاد عليه : سئل عثمان ابن عفّان عن الرجل يجامع فلا ينزل ، فقال : ليس عليه غسل . أقول : أخرجه أحمد في مسنده 63/1 - 64 ، وقريب منه في السنن الكبرى للبيهقي 164/1 - 165 ، ولاحظ ما ذكره شيخنا العلامة الأمیني (رحمه الله علیه) في غديره 143/8 - 147.
3- هو : زيد بن خالد الجهني .
4- لا توجد همزة الاستفهام في نسخة (ألف ).
[روت ] العامة والخاصة(1): أنّ امرأة نكحها شيخ كبير فحملت ، فزعم الشيخ أنه لم يَصِلْ إليها وأنكر حملها ، فالتبس الأمر علی عثمان ](2)، فسأل قارون(3) المرأةَ : هل افتضّكِ الشيخ - وكانت بكراً ؟ فقالت : لا ، فأمر بالحد ، فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): «إن للمرأة سُمّين : سُمّ المحيض (4)، وسُم البول ، فلعل الشيخ كان ينال منها ، فسال ماؤه في سمّ المحيض فحملت منه » .
فقال : قد كنت أنزل الماء في قُبلها من غير وصول إليها بالافتضاض ، فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): الحمل له ، والولد له ، وأرى عقوبته على الإنكار له».
ورووا(5): أن رجلاً كان [ لديه ] سرية فأولدها ، ثم اعتزلها(6) وأنكحها عبداً له ،
ص: 427
1- كما رواه الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) في الإرشاد 210/1 - 211 ، وفي بحار الأنوار - عن المناقب والإرشاد - 256/40 ( باب (97) حديث 29 ، وكذا عنهما في 63/104 ( باب 40 ) حديث 9 ، وفي الوسائل 379/21 ( باب (16) حدیث 27351 ، ولاحظ : المناقب 2 / 370 - 371 [ طبعة قم ] . وانظر : سنن سعید بن منصور 77/2.
2- زيادة من الإرشاد.
3- في المناقب: عثمان .
4- في المناقب، وكذا في الإرشاد: الحيض.
5- كما في الإرشاد للشيخ المفيد (رحمه الله علیه) : 101 [الإسلامية ، وفي الطبعة المحققة 211/1] في فصل قضاء أمير المؤمنين (صلی الله علیه و آله و سلم) في زمن إمارة عثمان .
6- في نسختي الأصل : اعزلها ، والمثبت من الإرشاد والمناقب.
ثم توفي السيد ، فعتقت بملك ابنها لها ، فورث ولدها زوجها(1)، ثمّ توفّي الابن فورثت من ولدها زوجها ، فارتفعا إليه [أي عثمان ] يختصمان، تقول: هذا عبدي، ويقول : هذه(2) امرأتى .. ولست مفرجاً عنها(3).
فقال [ عثمان ]: هذه [قضية ] مشكلة - وأمير المؤمنين [(علیه السّلام)] حاضر - فقال : «سلوها، هل جامعها بعد ميراثها له ؟» فقالت : لا ، فقال : «لو أعلم أنه فعل ذلك لعذبته .. اذهبي ، فإنّه عبدك ، ليس له عليك سبيل ، إن شئت أن تسترقيه أو تعتقيه(4) أو تبيعيه فذلك لكِ »(5).
ورووا(6): أن مكاتبة زنت على عهد الثالث ، وقد عتق(7) منها ثلاثة أرباع
ص: 428
1- في المناقب: فورث زوجها ولدها .
2- كذا ؛ والظاهر : هي .. كما في الإرشاد ، وفي المناقب يقول هو : هي .
3- في المناقب منتزحاً عنها ، وعليه نسخة : متفرجاً عنها ، وفي طبعة النجف : مفرجاً .
4- في المناقب بتقديم وتأخير.
5- رواه المصنّف طاب ثراه في مناقبه 371/2 [ طبعة قم ، وفي طبعة 192/2، وفي الطبعة الأُولى 500/1]. وعنه وعن الإرشاد في بحار الأنوار 257/40 ( باب 97) حدیث 29.
6- ويقصد بذلك الخاصة والعامة ، كما نص عليه - أيضاً - المصنف (رحمه الله علیه) في المناقب 192/2 [ وفي طبعة قم 371/2] ، وسبقه الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) في الإرشاد : 102 [ وفي المحققة 211/1 - 212] ، وعنهما في البحار 257/40 ) باب 97) ذیل حدیث 29. ورواه عن الإرشاد في وسائل الشيعة 138/28 - 139 حديث 34415.
7- في نسخة (ألف) : عتقت ، وصرّح بالاسم في الإرشاد.
[فسأل عثمان أمير المؤمنين (علیه السّلام)](1)..
قال أمير المؤمنين (علیه السّلام): «تجلد [ منها ](2) بحساب الحرية ، وتجلد(3) بحساب الرق».
فقال زيد بن ثابت : تُجلد(4) بحساب الرق؟!
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): «كيف تُجلد بحساب الرق وقد عُتِق [منها] ثلاثة أرباعها ، وهلا جلدتها بحساب الحرّية ، فإنّ فيها أكثر .. ؟ !».
فقال زيد : لو كان ذلك كذلك لوجب توريثها بحساب الحرية [فيها ].
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): أجل .. ذلك واجب ..»
فأفحم زيد(5)، وخالف نعثل الحق ، وأخذ بقول زيد(6).
وأمر أبو المعازف(7) بضرب كوفي ستين جلدة، فبين خطاؤه.. فتجرّد عن ثيابه
ص: 429
1- ما بين المعكوفين مزيد من الإرشاد والمناقب .
2- الزيادة من الإرشاد .
3- تقرأ في (ألف ) : تحلّل، وفي الإرشاد : ويجلد منها ، وفي المناقب: وتجلد منها .
4- تقرأ في نسخة (ألف): تحلل.
5- إلى هنا جاء في المناقب للمصنّف (رحمه الله علیه).
6- في الإرشاد : فأفحم زيد ، وخالف عثمان أمير المؤمنين (علیه السّلام)، وصار إلى قول زيد، ولم يصغ إلى ما قال بعد ظهور الحجة عليه !!
7- في نسخة (ألف): المعارف، وأبو المعازف هو عثمان؛ لأنه كان دفافاً يضرب بالدق ، كما تقدّم . لاحظ : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 180/1.
وقال : اقتص منى(1)!!
الثعلبي في تفسيره(2)، ومالك في الموطأ(3)، بروايتهما إلى بعجة بن زيد(4) الجهني: أنته أتي بامرأة قد(5) ولدت لستة أشهر .. فهم قارون برجمها، فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): «إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك ، إن الله تعالى يقول : ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ..﴾(6) ثم قال : ﴿ وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ .. ﴾(7) « فحولين » مدة الرضاع، وستة أشهر مدة الحمل »(8).
ص: 430
1- قال العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 195/8: خصومة يرفعها الخليفة إلى علي (علیه السّلام): أخرج أحمد والدورقي من طريق الحسن بن سعد، عن أبيه: أن يحيس [في مسند أحمد يحنس ] وصفيّة كانا من سبي الخمس، فزنت صفيّة برجل من الخمس وولدت غلاماً ، فادعى الزاني ويحيس فاختصما إلى عثمان، فرفعهما عثمان إلى عليّ بن أبي طالب [(علیه السّلام)] ، فقال عليّ [(علیه السّلام)] : «أقضي فيهما بقضاء رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] ، الولد للفراش وللعاهر الحجر » وجلدهما خمسين خمسين.. وذكر القضية ابن أعثم في الفتوح 2 /392 - 394 ، والبلاذري في أنساب الأشراف 530/5 ، وذكرها العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 47/9 - 50 .
2- تفسير الثعلبي 346/8 ، وزاد هنا في المناقب : وأربعين الخطيب.
3- الموطأ : 542 - 543 [ وفي طبعة 2 /825].
4- كذا ؛ ولعلّه : بعجة بن بدر الجهني.
5-
6- في نسختي الأصل : فقد ، والصواب ما أثبتناه .
7- سورة الأحقاف (46): 15.
8- سورة البقرة (2) : 233. وزاد هنا في المناقب : لمن أراد أن يتم الرضاعة ، وفي الإرشاد 206/1، وقريب منه في التهذيب 167/8 حديث 580 ، والفقيه 301/3 حديث 1444، وعنه في وسائل الشيعة 383/21 ( باب (17) حديث 37360 ، وفي بحار الأنوار 252/40 ( باب 97 ) حدیث 27 ، و 66/104 (باب 41) حديث 1. قال العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 97/8 : أخرج الحفاظ عن بعجة بن عبد الله الجهني: ، قال : تزوّج رجل منا امرأة من جهينة ، فولدت له تماماً لستة أشهر ، فانطلق زوجها إلى عثمان فأمر بها أن ترجم فبلغ عليّاً رضي الله عنه [ صلوات الله عليه ] فأتاه ، فقال : «ما تصنع ؟ ليس ذلك عليها ، قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُه ثلاثون شهراً ﴾ [سورة الأحقاف (46) : 15] ، وقال : ﴿ وَالوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ﴾ [البقرة (2) : 233] فالرضاعة أربعة وعشرون شهراً، والحمل ستة أشهر». فقال عثمان : والله ما فطنت لهذا. فأمر بها عثمان أن تردّ فوجدت قد رجمت .. وكان من قولها لأختها : يا أُخيّة إلا تحزني ، فوالله ما كشف فرجي أحد قط غيره. قال : فشبّ الغلام بعد، فاعترف الرجل به، وكان أشبه الناس به ، وقال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضواً عضواً على فراشه . أخرجه مالك، وابن المنذر وابن أبي حاتم ، والبيهقي ، وأبو عمر ، وابن كثير ، وابن الديبع ، والعيني ، والسيوطي كما مرّ في الجزء السادس من الغدير : 94. انظر : المناقب للمصنّف له 192/2 [ وفي طبعة قم 371/2]، وعنه في بحار الأنوار 236/40 - 237 ( باب 97) ذیل حدیث 13. ولاحظ : تاريخ المدينة لابن شبة 978/3 حيث جعل القضية لابن عبّاس. وكذا راجع الدر المنثور 288/1 ، و 40/6 ، والسنن الكبرى 442/7، وسنن سعيد بن منصور 66/2 . . وغيرها .
فقال قارون : ردّوها ، ثمّ قال : ما عند(1) عثمان بعد أن بعث إليها .. ترد.
افتضت امرأة عذرة يتيمة في غيبة زوجها بعد أن سقتها نبيذاً، فلمّا حضر الرجل، قالت: إنّها فجرت، والجيران يشهدون بذلك، فرفعوا ذلك إلى الثاني أو الثالث ، فجاء بهم إلى أمير المؤمنين (علیه السّلام) فسألها البينة .
فقالت : هؤلاء الجيران، ففرّق بينهنّ وتهدّد واحدة منهنّ ، فقالت : إنّها خافت على زوجها أن يتزوجها .. واعترفن كُلّهنّ بذلك ، فغرم (علیه السّلام) مَنْ أخذها مهر المثل، وأقام على المرأة الحدّ .. وأمر بطلاقها وتزويج اليتيمة .
ثمّ قال: «أنا أوّل من حكم بحكم دانيال..(2)
وذلك أنه كان ملك في بني إسرائيل، يحب زاهداً ويأتيه عند المشاورة، وكان له حاكمان ينفذهما إليه كلّ أسبوع، فرأيا زوجة الزاهد وعشقاها وراوداها عن نفسها ، فأبت ، فقالا : نشهد عليكِ بالزنا.
ص: 432
1- كذا ؛ والمعنى غير مستقيم ، إذ ربط عثمان هنا بالواقعة.
2- في نسخة (ب): داود.. ولعلّها تصحيح لما يأتي.. وقد وضع عليها كلمة : دانيال ، وعكس في نسخة (ألف) بوضع دانيال متناً ، وداود هامشاً. أقول : جاءت هذه الواقعة بتفصيل أكثر فيما ذكره المصنف (رحمه الله علیه) في مناقبه 193/2 [ وفي طبعة قم 372/2] ، وعنه في بحار الأنوار 236/40 ، وهي حرية بمراجعتها .
صلاة عثمان بمنی أربع رکعات ورد أمیر المومنین (علیه السلام) والصاحبة علیه
فقالت : لا حكم إلا لله ، وحاش الله من مقالكما، فشهدا عند الملك عليها بالزنا.. فأمر برجمها ، فكان الناس يزدحمون ودانيال طفل بين الصبيان يلعبون، فقال : أنا أميركم وأنتما قاضيان.. وهذه زوجة الزاهد.. فدعا الأمير قاضياً ، وقال: ما صنعت(1) زوجة الزاهد ؟ [قال : أشهد أنتها بَغَت](2)، قال : مع من ؟ قال : مع فلان . قال : أي يوم ؟ قال : يوم كذا. قال: أي وقت ؟ قال : وقت كذا . قال : في أي موضع ؟ قال : في موضع كذا .. فبعثه إلى موضعه، ودعا الآخر وسأله عن مثل هذا.. فخالف في الجواب، فضرب عنقهما لكذبهما. وكان وزير الملك يسمع ذلك .. وحَكَمَ الملك بحكمه »(3).
بدعة زیادة النداء الثالث
وفي مسلم(4)، والبخاري(5): قال عبد الرحمن بن يزيد(6): صلى بنا عثمان
ص: 433
1- في نسختي الأصل : منع ، وهي محرّفة ومصحفة عن المثبت.
2- ما بين المعكوفين زيادة عن مناقب آل أبي طالب 372/2.
3- أقول : جاءت هذه الواقعة بتفصيل أكثر فيما ذكره المصنّف (رحمه الله علیه) في مناقبه 193/2 [ وفي طبعة قم 372/2] ، وعنه في بحار الأنوار 236/40 .
4- كتاب مسلم 483/1 (باب 2) حدیث 19 [ وفي طبعة 261/2] .
5- كتاب البخاري 53/2 - 54[ وفي طبعة أخرى 154/2] ( باب ما جاء في التقصير وكم يقيم حتى يقصر )، وقريب منه حكي حكي عن عبد الله بن عمر فيه 53/2 ، وفيه 19/2 - 198 كتاب الحج ، ومسند أحمد بن حنبل 378/1، ومثله ومثله في : 425.
6- وهو : أخو الأسود النخعي . وفي نسخة (ألف): زيد .
بمنى أربع ركعات، فقيل [ ذلك] لعبد الله بن مسعود؛ فاسترجع ، ثمّ قال : صليت مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بمنى ركعتين، وصليت مع أبي بكر [بمنى] ركعتين، وصليت مع عمر بمنى ركعتين .. فليت حظي(1) [من أربع] ركعات؛ ركعتان متقبلتان.
وروى أحمد في المسند(2) مثله ؛ عن أبي ذرّ ، وعن عبد الله بن مسعود(3) وعن أنس(4).
ص: 434
1- في نسختي الأصل : فحظي .
2- سند أحمد بن حنبل 378/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 624/1 حدیث 3582] نقلاً بالمعنى هنا مع اختصار في اللفظ ، و 416/1 [طبعة الإحياء 687/1 حديث 3943 ، وهو مقارب لما هنا ومنه أخذنا ].
3- حكى عن ابن مسعود حين سئل ، فاسترجع وقال : صليت مع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بمنى ركعتين ، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر بمنى ركعتين .. ولم يزد على هذا [مسند أحمد 422/1 ، وفي طبعة الإحياء 695/1 حديث 3993]، وفي تاريخ الطبري 322/3 ، وفي الغدير 102/8 ، ومثله عن عبد الرحمن بن عوف معاتباً عثمان.
4- روى في مسند أحمد بن حنبل 144/3 [ طبعة الإحياء 608/3 - 609 حديث 12055 ] ، عن أنس : ( ومع عثمان ركعتين صدراً من إمارته )، يوجد في الصفحة التي بعدها حديث فيه ( وصلاها عثمان بن عفان بمنى ركعتين أربع سنين ثم أتمها ) . وكذا في مسنده 168/3 [ طبعة الإحياء 649/3 حديث 12307].. وموارد متعدّدة أُخر في مسند أحمد بن حنبل .. وغيره. أقول : روى عن عبد الله بن عمر ، حيث أخرج الشيخان .. وغيرهما كما في كتاب البخاري 154/2، وكتاب مسلم 260/2 ، ومسند أحمد بن حنبل 148/2، وسنن البيهقي 126/3.. وغيرهم - قال : صلى بنا رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بمعنى ركعتين ، وأبو بكر بعده ، وعمر بعد أبي بكر ، وعثمان صدراً من خلافته .. ثمّ إنّ عثمان صلّى بعد أربعاً ، فكان ابن عمر إذا صلّى مع الإمام صلّى أربعاً ، وإذا صلّى وحده صلّى ركعتين . وروى عن ابن عمر في مسند أحمد بن حنبل 2 /16 [ طبعة الإحياء 86/2 حديث 4638 ، وفي ذيله : ومع عثمان صدراً من إمارته ثم أتمّ !! ]. وفي مسند أحمد بن حنبل - أيضاً - في 8/2[طبعة الإحياء 70/2 حدیث 4519] فقط : ( صليت مع النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) بمنى ركعتين ) . وعنه - مثله - في 2 /55 [طبعة الإحياء 156/2 حديث 5156]. وفي المحلّى لابن حزم 270/4 : إن ابن عمر كان إذا صلّى مع الإمام بمنى أربع ركعات انصرف إلى منزله ، فصلّى فيه ركعتين أعادها .. ولاحظ ما ذكره مالك في الموطأ 282/1[402/1 حديث 201، وعن ابن عبّاس فيه 156/1 حديث 38] عن عروة، والنسائي في السنن 120/3 عن أنس بن مالك ، وفي سنن البيهقي 144/3 ، عن عبدالرحمن بن يزيد.. وجاء في الغدير 99/8. وفيه : عن حميد، عن عثمان بن عفّان: أنه أتم الصلاة بمنى، ثمّ خطب الناس فقال : يا أيها الناس ! إنّ السنّة سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وسنة صاحبيه، ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا .. وأخرجه ابن عساكر كما في كنز العمّال للهندي 239/4. وذكر أبو يعلى الموصلي - في مسنده 123/9 ، 10 /157 - كيفية صلاته أربعاً في منى ، وجاء في هامشه عدة مصادر له .
وجاء في تاريخ الطبري(1): أنته قال له علي (علیه السّلام): « والله ما حدث أمرٌ ولا قدم عهد ، ولقد عهدت نبيّك [(صلی الله علیه و آله و سلم)] يصلي ركعتين ، ثمّ أبا بكر وعمر ، وأنت صدراً من ولا يتك، فما أدري ما ترجع إليه ؟!» . فقال : رأي رأيتُه !!
وقال الطبري(2): في سنة ثلاثين : زاد قارون(3) النداء الثالث(4) على الزوراء(5) وصلّى يمنى أربعاً(6).
ص: 436
1- تاريخ الطبري 267/4 [ وفي طبعة الأعلمي - بيروت 322/3].
2- تاريخ الطبري 287/4 [ وفي طبعة الأعلمي 338/3 ، ولاحظ من هذه الطبعة 430/3] ، وهو نقل بالمعنى ، وراجع منه 401/4 .
3- رمز لعثمان ، كما سلف .
4- أقول : ممّا لم يتعرّض له المصنّف له المصنف (رحمه الله علیه) في بدع هذا الخبيث إلا بما ذكره هنا هو مسألة زيادة النداء الثالث ، فقد أخرجها البخاري راجع : الغدير 125/8 - 127.
5- قد فسّر ابن الجوزي في المنتظم 7/5 : الزوراء بقوله : وهي دار له بناها في عهد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر وعمر .. فلمّا كان في خلافته وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء. وراجع : معجم ما استعجم 705/2 . . وغيره .
6- وقد جاء تعليل فعل الخليفة لهذا العمل:.. من أجل الأعراب ؛ لأنهم كثروا عامئذ فصلّى الناس أربعاً ليعلمهم أن الصلاة أربعاً ...! كما رواه أبو داود في سننه 308/1، والبيهقي في سننه الكبرى 144/3 ، وتيسير الوصول 286/2 ، ونيل الأوطار 2 / 260 .. وغيرها . والذي يقرح القلب ويدميه ما رواه ابن حزم في المحلى 270/4 بإسناده:.. إلى زين العابدين (علیه السّلام) أنه قال : اعتل عثمان وهو بمنى ، فأتى عليّ، فقيل له : صلّ بالناس. فقال : إن شئتم صلّيت لكم صلاة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) - يعني ركعتين - . قالوا : لا !! إلا صلاة أمير المؤمنين - يعنون عثمان ! - أربعاً .. فأبى . وأورده ابن التركماني في ذيل السنن الكبرى للبيهقي 144/3.. وقد قال عثمان - مدافعاً عن عمله - : هذا رأي رأيته !! راجع : الأنساب للبلاذري 39/5 ، وتاريخ الطبري 56/5 ، والكامل لابن الأثير 42/3، وتاريخ ابن كثير 154/7 ، وتاريخ ابن خلدون 386/2، وراجع ما أفاده العلّامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 98/8 - 116.
محاجة أبي ذر لعثمان لعدم مبادرته لقمة القيء
وفي خبر طويل عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد : أنّ أبا ذر دخل على الثالث - وهو عليل(1) بيده عصا يتوكأ عليها ، وبين يدي الثالث دراهم كثيرة - فقال أبو ذر : ما هذا المال ؟ قال : مائة ألف درهم حملت إلي من بعض النواحي إنّي(2) أريد أن أضمّ إليها مثلها .. ثمّ أرى فيها رأيي ، فقال أبو ذر : مائة ألف درهم أكثر أم أربعة دنانير ؟ ! قال عثمان مائة ألف . قال : أما تذكر أنا دخلنا على(3) رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) عشاء فرأيناه كئيباً(4)، فلما أصبحنا أتيناه ضاحكاً فسألناه عن ذلك، فقال: «كان بقي عندي من [فيء ] المسلمين أربعة دنانير ، لم أكن قسمتها وخفت بأن يدركني الموت - وهي تبقى فقسمتها اليوم واسترحت » .
ص: 437
1- كذا في المصدر ؛ وفي نسختي الأصل : عليك .
2- في نسختي الأصل : إنّ ، والمثبت هنا أُخذ من بحار الأنوار 432/22 (باب 12) حديث 42 ، نقلاً عن قصص الأنبياء للراوندي : 305.
3- في نسختي الأصل: إلى.
4- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : كبيساً - بدون نقط مع سين - .
فنظر عثمان إلى كعب الأحبار ، فقال له : ما تقول في رجل أدى الزكاة ؟ ! هل يجب عليه بعد ذلك شيء ؟!
وقاحة کعب الأخبار وموقف أبي ذز رضوان الله علیه منه
فقال : لو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضّة ما وجب عليه شيء، فرفع أبو ذرّ عصاه فضرب رأس كعب ، ثمّ قال : يابن اليهودية(1) ! ما أنت والنظر في أحكام المسلمين ؟ ! قول الله أصدق من قولك حيث يقول : ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾(2).
قول أبي ذر لکعب الأخبار: یابن الیهودیة ما أنت والنظر في أحکام المسلمین؟
فقال الثالث : يا أبا ذر ! إنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك، ولولا صحبتك من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لقتلتك(3)
ص: 438
1- كما وقد خوطب من الإمام المجتبى (علیه السّلام)، وكذا من أبي ذر رضوان الله تعالى عليه ب_ : ابن اليهودي، كما قيل له : يابن اليهودية الكافرة، ويقال له : ابن اليهوديين [ اليهوديتين ] . انظر : الأسرار فيما كُنّى وعُرّف به الأشرار 1 / 138 - 140 . ولاحظ : تاريخ الطبري 67/5 ، وقريب منه في مسند أحمد بن حنبل 63/1.
2- سورة التوبة (9): 34.
3- وذكر المسعودي في مروج الذهب 438/1 أمر أبي ذرّ ، بلفظ هذا نصه، قال : إنّه حضر مجلس عثمان ذات يوم، فقال عثمان : أرأيتم من زكى ماله هل فيه حق لغيره ؟ فقال كعب : لا يا أمير المؤمنين .. فدفع أبو ذرّ في صدر كعب ، وقال له : كذبت يابن اليهودي ! ثم تلا : ﴿ لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقَامَ الصَّلوةَ وَآتَى الزَّكَوةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا..﴾ الآية [ سورة البقرة (2): 177] فقال عثمان : أترون بأساً أن نأخذ مالاً من بيت مال المسلمين ، فننفقه فيما ينوبنا من أُمورنا ونعطيكموه ؟ فقال كعب : لا بأس بذلك . فرفع أبو ذرّ العصا، فدفع بها في صدر كعب، وقال: يابن اليهودي ! ما أجرأك على القول في ديننا ؟ فقال له عثمان : ما أكثر أذاك لي.. غيب وجهك عنّي فقد آذيتني !! فخرج أبو ذرّ إلى الشام ، فكتب معاوية إلى عثمان : إنّ أبا ذر تجتمع إليه الجموع ، ولا آمن أن يفسدهم عليك، فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله إليك .. إلى آخر ما ذكره .
في حدیث: إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثین
فقال أبو ذر : يا ثالث !! أخبرني حبيبي رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنهم: « .. لا يفتنونك ولا يقتلونك يا أباذر»، وأما عقلي ؛ فقد بقي منه ما أحفظ حديثاً سمعته من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فيك وفي قومك . قال : وما سمعت في وفي قومي ؟! قال : سمعته وهو يقول: «إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلاً .. » القصة(1).
ص: 439
1- إنّ هذه الواقعة المبكية المؤلمة أفرد لها شيخنا الأميني - طاب ثراه - في غديره مائة صفحة ( الجزء الثامن ) من نفي أبي ذرّ إلى الربذة وموقفه مع معاوية وسوابقه .. وغير ذلك، وكان حق البحث عنها أكثر مما جاء فيه . نعم ؛ روى الشيخ القمي (رحمه الله علیه) في تفسيره 51/1 - 54 [ الحروفية ، وفي المحققة 1/82 - 86 ذيل حديث 15 ] ، وعنه في بحار الأنوار 426/22 - 428 حديث 36، وما أورده هنا لم أجد له مصدراً بنصه ، نعم جاءت قصة اعتراض أبي ذرّ على عثمان في عطاياه وإسرافه ، وكذا ما صدر منه بالنسبة إلى كعب الأحبار .. وغير ذلك. راجع : الأنساب 52/5 - 54 ، طبقات ابن سعد 168/4، تاريخ اليعقوبي 148/2 ، شرح نهج البلاغة 240/1 - 242 ، فتح الباري 213/3 ، عمدة القاري 291/4.. وجاء غالب ما ذكره هنا بزيادة. وفصلها - أيضاً - في شرح النهج ، فلاحظ .
أکل عثمان الصید وهو محرم
وفي مسندي أحمد(1) وأبي يعلى(2): عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي.. إنّه : اصطاد أهل الماء حَجَلاً ، فطبخوه [بماء وملح ]، وقدموه(3) إلى عثمان
ص: 440
1- مسند أحمد بن حنبل 100/1 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 161/1 حديث 785] نقلاً بالمعنى واختصار ، بلفظ المتكلم هنا ، ولاحظ صفحة : 194.
2- مسند الموصلي 294/1 حديث 356 باختلاف في اللفظ واختصار مع وحدة المعنى. وراجع : كتاب الأم للشافعي 157/7، وسنن أبي داود 291/1، وسنن البيهقي 194/5 ، وتفسير الطبري 45/7 - 46 ، ومجمع الزوائد للهيثمي 518/3/229/3]، ونصب الراية للزيلعي 265/3 ، والمحلّى لابن حزم 254/8 ، وكنز العمّال 53/3 نقلاً عن جمع .. وغيرهم. وفي لفظ الشافعي في الأم: إنّ عثمان أهديت له حجل - وهو محرم - فأكل القوم إلا عليّاً فإنّه كره ذلك . وفي لفظ ابن جرير : حجّ عثمان بن عفان فحج عليّ [(علیه السّلام)] معه، فأتي عثمان بلحم صيد صاده حلال ، فأكل منه ، ولم يأكله عليّ [(علیه السّلام)] ، فقال عثمان : والله! ما صدنا، ولا أمرنا ، ولا أشرنا ، فقال على [(علیه السّلام)]: « ﴿وحرم عَلَيْكُم صَيدُ البَرِّ مَا دُمتُم حُرُماً ﴾» [ سورة المائدة (5) : 96].. وجاء بألفاظ أُخر ، وأجمعها ما أخرجه سعيد بن منصور - كما ذكره ابن حزم في المحلّى 254/8 - من طريق بسر بن سعيد ، قال : إن عثمان بن عفان كان يصاد له الوحش على المنازل ، ثمّ يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته.. ثمّ إنّ الزبير كلّمه فقال : ما أدري ما هذا ؟ ! يصاد لنا ومن أجلنا لو تركناه .. فتركه .
3- كذا استظهاراً ؛ وتقرأ الكلمة في نسختي الأصل : (وقدم منه ..)، كما قد تقرأ في نسخة ( ألف ) : قدرمه .. وفي المصدر فقدمناه .
وأصحابه فأمسكوا ، فقال عثمان : صيداً لم نصده(1) ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم جل فأطعموناه .. فما(2) به بأس ؟!
فقال رجل : إن عليّاً (علیه السّلام) يكره هذا(3).
فبعث إلى عليّ [ صلوات الله وسلامه عليه ] فجاءه - وهو غضبان - فلطح(4) يديه بالخمط(5).
ص: 441
1- في مسند أحمد : لم أصطده .
2- في نسختي الأصل : فيما ، والعبارة مشوشة ، ولا توجد: (به) في مسند أحمد.
3- في مسند أحمد : فقال عثمان : من يقول في هذا ؟ فقالوا : عليّ [(علیه السّلام)].. وكأنته سقط من المصدر شيء.
4- اللطح : الضرب بباطن الكفّ ، ليس بشديد ، كما جاء في كتاب معجم مقاييس اللغة 251/5.
5- أقول : الخمط - على ما نُقل عن أبي عبيدة - وحكاه عنه الطريحي في مجمع البحرين 4 / 246 - 247 - هو كل شجر ذي شوك ، كما وقد جاء ذيل قوله تعالى: ﴿ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْرٍ ﴾ [سورة سبأ (34) : 16]، ومثله في المخصص لابن سيّدة 8/3، إلّا أنّ في مقاييس اللغة 2 /220 : هو كلّ شيء لا شوك له . وراجع : العين 227/4 ، وما ذكره ابن منظور في لسان العرب 396/7 - 397، و 516/13 ، والزبيدي في تاج العروس 248/10.. وغيرها. وفي بعض المصادر: وهو يخبط الأباعر له، فحاء وهو ينفض الخبط عن يديه. وقال غيره : الخمط : ضرب من الأراك له حمل يؤكل ، كما في الصحاح 1125/3. ثمّ نقل فيه عدة أقوال كلّها لا تتناسب مع المقام. قال العلّامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 146/14 : إنّ الخمط : كلّ نبت أخذ طعماً من مرارة .. وقيل : الأراك ، أو كلّ شجر لا شوك له . وقيل : الخمط : شجر له ثمر مرّ ، كما في فقه القرآن للراوندي 30/2.. وغيره.
فقال [له] : إنّك لكثير الخلاف علينا !!(1)
فقال علي (علیه السّلام)(2): « أذكر الله من شهد النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) أُتي بعجز حمار(3) وحش - وهو محرم - فقال: «إنا محرمون(4)؛ فأطعموه أهل الحل ..»(5).
ص: 442
1- في مناقب آل أبي طالب 194/2 [ وفي طبعة قم 373/2]: ملطّخ بدنه بالخَبَط . أقول : من قوله : وهو غضبان.. إلى هنا لا يوجد في مسند أحمد بن حنبل ، وفيه : فجاء - قال عبد الله بن الحارث : فكأني أنظر إلى عليّ [(علیه السّلام)] حين جاء وهو يحتُ الخبط عن كفّيه - فقال له عثمان : صيد لم نصطده ولم نأمر بصيده ، اصطاده قوم حلّ فأطعموناه فما بأس ؟ قال : فغضب علي [(علیه السّلام)] وقال ...
2- سقطت جملة ( فقال علي (علیه السّلام)) من نسخة (ألف).
3- في مسند أحمد بن حنبل : أنشد الله رجلاً شهد رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] حين أتي بقائمة حمار ..
4- في المصدر : فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « إنا قوم حرم ..».
5- يعد هذا من مسلّمات نصوص العامة وأخبارهم ، ولا يعرف الخلاف هنا إلا من رأس الشجرة الملعونة .. راجع مثلاً: كتاب مسلم 449/1 - 450 ، سنن أبي داود 291/1، سنن النسائي 5 / 184 - 185 5 192 194 ، سنن البيهقي 192/5 - 194 ، المحلّى لابن حزم 249/7 - 250 ، مسند أحمد بن حنبل 37/4 ، سنن الدارمي 39/2، سنن ابن ماجة 262/2 ، أحكام القرآن للجصاص 586/2 ، تفسير الطبري 48/7 ، مسند الطيالسي : 171.. وغيرها . وقد جاء بمضامين متعدّدة والمؤدّى واحد ، وكلّها نص في خلاف الثالث وإثبات بدعته وجهله ..
[ قال : ] فشهد اثنا عشر رجلاً من الصحابة .
رد عمر علی عثمان فعله
ثم قال [ علي (علیه السّلام)]: « أذكر الله(1) رجلاً شهد النبي (عليه وآله السلام)؛ [حين] بخمس بيضات [من ] بيض النعام(2)، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): إنا محرمون؛ فأطعموه(3) أهل الحل ».
فقام رجال فشهدوا، فقام عثمان فدخل فسطاطه، وترك(4) الطعام على أهل الماء(5).
مسند أبي يعلى(6) وأبي هريرة(7)، قالا : بينا أن عمر بن الخطاب يخطب الناس
ص: 443
1- في المصدر : أشهد الله ، وفي نسخة : أنشد الله .
2- في المسند لأحمد بن حنبل : حين أُتي ببيض النعام .
3- وفي نسخة : إنا قوم حرم أطعموه.
4- في نسختي الأصل : يترك .
5- في مسند أحمد : قال : فشهد دونهم من العدّة من الاثني عشر .. إلى آخره. وجاء في آخره : فثنى عثمان وركه عن الطعام، فدخل رحله ، وأكل ذلك الطعام أهل الماء.
6- مسند أبي يعلى 220/1 - 221 حديث 258 بنصه ، وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده 15/1 و 46 ، والبخاري في كتابه ( باب 882 الجمعة ) حديث 5، وجاء في الموطأ : 84 ، وأبو داود في كتاب الطهارة حديث 340.. وغيرهم.
7- جاءت هذه القصة بعينها في مسند أحمد بن حنبل 15/1 [ طبعة الإحياء 28/1 حديث 92] بنفس الإسناد والكيفية وفيها ... بينا هو يخطب يوم الجمعة إذ جاء رجل ، فقال عمر : لم تحتبسون عن الصلاة ؟ .. إلى آخره. والمعنى واحد، وانظر باختلاف يسير وكتمان للاسم فيه 46/1 [ طبعة الإحياء 75/1 حديث 321]، وكذا في 45/1 [ طبعة الإحياء 73/1 حديث 314] ، وذيل قوله (صلی الله علیه و آله و سلم): «إذا جاء أحدكم .. » في مسند أحمد بن حنبل 48/3، 55، 64 ، 105 منه .
بیتان لمحمد بن حبیب الضبي
يوم الجمعة، إذ دخل عثمان المسجد ، فَعَرَّض به عمر ، فقال : ما بال رجال يتأخّرون بعد النداء..!
فقال عثمان : يا أمير المؤمنين! ما زدت(1) حين سمعت النداء على أن توضأت ثم أقبلت .
قال عمر : والوضوء أيضاً ..؟! ألم تسمع رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] قال : «إذا جاء أحدكم [إلى ] الجمعة فليغتسل ؟!».
محمد بن حبيب الضبّي :
[ من الكامل ]
ماذا بِأَعْجَبَ مِنْ ضَلالَةِ نَعْثَلِ *** لَمَّا هَوَى والحَبْلُ مِنْهُ رِمامُ(2)
ما زالَ يُجْمِعُ سادراً في غَيْهِ *** لَمَّا هَوَى والرُّشْدُ مِنْهُ عُقامُ
ص: 444
1- في نسختي الأصل : ماردت .
2- في نسخة (ألف): زمام .
أبیات للعوني (10)
العوني(1):
[ من مجزوء الكامل ]
قُلْ لِلمُناوِي(2) حَيْدَراً *** أَلَّا فَعَلْتَ كَمَا فَعَلْ ؟!
أَلَّا نَسَلْتَ(3) مُطَيَّبي_ *** _ن مُطَرین كَما نَسَلْ ؟!
أَلَّا بَذَلْت النَّفْسَ مِنْ_ *** _كَ عَلَى الفِراشِ كَما بَذَلْ ؟!
أَلَّا فَصَلْتَ وَتِينَ(4) مَر *** حَبّ بِالحُسام كَما فَصَلْ ؟!
أَلَّا نَزَلْتَ إِلى(5) القَلِي_ *** _ب(6) بِذِي الغِمَارِ(7) كَما نَزَلْ ؟ !
أَلَّا انْفَتَلْتَ لِذِي الخِما *** رِ بذِي الفَقارِ كَما انْفَتَلْ ؟!
أَلَّا غَسَلْتَ مُحَمَّداً *** عِنْدَ الوَفاةِ كَما غَسَلْ ؟!
ألاقبِلْتَ وِصايَةً *** أقْرَبِيهِ كَما قَبلْ ؟!
ص: 445
1- لا نعرف لهذه القصيدة - كغالب ما للعوني من شعر هنا - مصدراً شعرياً، ولم نجد من نقل عنه سوى مؤلّفنا - طاب ثراه - الذي لولاه لما بقى للعوني شعر بعد أن أحرقت كتبه ودواوينه ! لاحظ المقدّمة .
2- كذا استظهاراً ، وفي نسختي الأصل : لمنادي .
3- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة ، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : بسلب .. ولعلّها : يقلب .
4- هذا استظهاراً ؛ وقد تقرأ في نسختي الأصل : مصلت سبعين .
5- في نسختي الأصل : ابن ، بدلاً من : إلى.
6- القليب : له عدة معان، ويراد منه هنا ظاهر البئر.
7- في نسختي الأصل : القمار . وذو الغمار : موضع ، لاحظ: معجم البلدان 209/4 : والغمار اسم واد بنجد . وأراد نزول أمير المؤمنين (علیه السّلام) إلى بئر الجنّ ومقاتلته إياهم .
أو لَيْسَ صَلَّى القِبْلَتَيْ_ *** _نِ مَعَ النَّبِيِّ وَلمَ تُصَلْ ؟!
أَوَ لَمْ يَكُنْ اللَّهِ يَسْ_ *** _جُدُ إِذْ سَجَدْتَ إِلى هُبَلْ ؟!
بیتان للسید الحمیري
وسمع السيد قوماً يثلبونه(1)، فقال(2):
[ من البسيط ]
أسقيت في نَعْتَلٍ في نَحْتِ أَثْلَتِهِ *** فَاعْمَدُ فَدَيْتُكَ في نَحْتِ(3) العَدِيَّيْنِ(4)
اعْمَدُ فَدَيْتُكَ فِي نَحْتِ(5) اللَّذَينِ هُما *** كانا عَنِ الشَّرِّ لَو شَاء غَنِيَّيْنِ
***
ص: 446
1- الكلمة في نسختى (ألف) و (ب) من الأصل : شلبونة ، والظاهر ما أثبتناه ، ولعلّه : ثلبوه .. أي قدحوا فيه ، وفي الأغاني: وقال مخاطباً أحد الشراة.
2- ديوان السيد الحميري : 441 ، عن الأغاني 274/7، باختلاف نذكره.
3- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل ، ولعلّها تقرأ : نحبّ ، أو تحبّ أو تحت، وما هنا أُخذت من المصدر.
4- كذا ؛ وإن كانت رواية ( الغويين ) أشهر وأعرف وأوضح معنى. كذا ؛ وجاء البيت في الديوان هكذا : [ من البسيط ] أسفيت من نعثل في نَحْتِ أثلته *** فاعمد هديتَ إِلى نَحْتِ الغويّين
5- في المصدر : اعمد هديت إلى نحت...
[ القسم الثاني ]
1 في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي المعازف ]
فصل في ظلم نعثل(1)
ما جاء في قوله سبحانه: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾
أبو عبد الله (علیه السّلام): في قوله : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴾(2) فقال: «إن عثمان بن عفان أتى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) برجل من أهل بيته ، عليه ثياب حسنة ، وله رائحة طيبة ، وكان من مياسيرهم، فكلّمه في حاجة ، فكان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أقبل عليه يكلمه ، وكان بلال وابن أم مكتوم مؤذنين له، فأتاه ابن [أم] مكتوم مؤذنه بالصلاة - وكان مكفوفاً - فأقبل عليه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وترك عثمان وصاحبه، فلما فعل ذلك عبس عثمان، فأنزل الله على نبيه يخبر الناس : أنّ عثمان : ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى ..﴾ إلى قوله : ﴿ الذِّكْري ﴾(3)» .
ص: 449
1- تكرّرت هذه التكنية في موسوعتنا هذه، وهي مشهورة معروفة للرجل. وقد فصل الحديث عنها في الكتاب الرائع الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 366/3 - 369، وقد جاءت على لسان المعصومين (علیهم السّلام) مكرّراً فضلاً عن العلماء والصلحاء ، بل وردت في كلمات العامة أيضاً ، شعراً ونثراً، كما ويقال له : نعثل قريش .
2- سورة عبس (80): 1.
3- ورة عبس ( 80) : 1 - 4 .
قال: « ثم أقبل على النبي (صلی الله علیه و آله و سلم)، فقال : ﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدِّى ﴾(1) تَصَدِّيكَ لعثمان ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ﴾(2) يعني ابن [أم] مكتوم ﴿ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَى ﴾(3) يعني عثمان يلهيك بصاحبه : ﴿ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ .. ﴾ إلى قوله : ﴿سَفَرَةٍ ﴾(4) ، قال : الأئمة(5) ﴿كِرامِ بَرَرَةٍ ﴾(6)، قال : الأئمة ﴿ قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾(7) يعني : أمير المؤمنين، فقوله : ما أكفره عندهم حتى قتلوه».
قال : « ثمّ ذكرهما خلقه ، فقال : ﴿ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ * ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ..﴾ إلى قوله : ﴿ أَمَرَهُ ﴾(8) بأشياء يقضيها ههنا وأشياء يقضيها في الكرة، فيعود فيقضي جميع ما أمره ، ﴿فَلْيَنظر الإنْسانُ ..﴾(9).. إلى آخره(10).
ص: 450
1- سورة عبس (80) : 5 - 6 .
2- سورة عبس (80) : 87 .
3- سورة عبس (80) : 10 .
4- سورة عبس (80) : 11 - 15 .
5- قد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل الآية ، أو: الأمة ، وما أثبتناه هو الصحيح، وهو الذي جاء في تفسير الآية في الروايات الشريفة .
6- سورة عبس (80) : 16 .
7- سورة عبس (80) : 17 .
8- سورة عبس (80) : 19 - 23 .
9- سورة عبس (80): 24.
10- راجع : تفسير القمي : 711 - 712 [ الطبعة الحجرية ، وفي الطبعة الحروفية 2 /404 - 405 ( سورة عبس ) ، وفي الطبعة المحققة 1131/3 - 1132]، وعنه في بحار الأنوار 85/17 ( باب 15) حديث 13 ، و 30 / 174 - 175 ( باب 20) حدیث 31 ، و 598/31 ( تتميم ) حدیث 33 .
ما کتبه معاویة إلی عثمان عن عباد بن الصامت وما فعله معه
مسند الأنصار(1)، عن أحمد(2): أنته(3)كتب معاوية إلى عثمان [بن عفان ]: أنّ(4) عُبادة بن الصامت(5) قد أفسد عليَّ الشام وأهله ؛ فإما أن تُكِنَّ(6) إليك عبادة، وإما أخلّي بينه وبين الشام..
فكتب إليه : أنْ رَبِّلْ عُبادة حتى ترجعه إلى داره من المدينة.
[ فبعث بعبادة حتى قدم المدينة ، فدخل على عثمان في الدار ، وليس في الدار غير رجل من السابقين - أو من التابعين قد أدرك القوم - فلم يفجأ عثمان إلا وهو قاعد في جنب الدار ، فالتفت إليه ].
فقال له عثمان: یا عبادة [بن الصامت ] ! ما لنا(7) ولك ؟ !
ص: 451
1- في نسختي الأصل : الأنصاري.
2- مسند أحمد بن حنبل 325/5 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 444/6 حديث 22263 ] وهو قطعة حديث باختلاف ، وسقط ألحقناه .
3- لا توجد : إنّ .. في نسخة (ألف).
4- في نسختي الأصل : إلى.. وهو تصحيف.
5- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : الصاحب.
6- في نسختي الأصل : تكفّ ، بدلاً من : تكن .
7- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : ما كذا.
ما خاطب عائشة عثمان وهو یخطب في المسجد وإفحامها له
فقام عبادة بين ظهري الناس ، فقال : سمعت رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] يقول : « إنّه سيلي(1) أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون، [وينكرون] عليكم ما تعرفون ، فلاطاعة لمن عصى الله تبارك وتعالى، فلا تعتلّوا(2) بربّكم».
وروي في السير ، عن المغيرة : أنّ عثمان كان على المنبر يخطب ، فأَطْلَعَتْ امرأة(3) حمراء رقطاء(4)، رأسَها(5) من وراء الجدار ، فقالت : يا نعثل تأمر بما لا تفعل وتنهى عمّا تأتي، يا غادر يا فاجر خربت(6) أمانتك ، وحملت أهلك على رقاب الناس يحكمون في أشعارهم، وضيّعت أمر الأمّة، وأنهبت أموال الفيء(7)، وحميت ميت الحمى، وضربت الصالحين، ونفيت الخيرين ،
ص: 452
1- في نسختي الأصل : سئل، وما هنا من المصدر.
2- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : فلا تقتلوا .. وعليه فاللفظ والمعنى تبعاً غير واضح. وما هنا من المسند .
3- في تقريب المعارف : فنادته عائشة.
4- مادة (رقط) تدلّ على اختلاط لون بلون، والرقطة : سواد يشوبه نقط بياض ، كما قاله ابن فارس في معجم مقاييس ييس اللغة 429/2. والطريف هنا قول ابن منظور فى لسان العرب 304/7 حيث قال : والرقطاء : من أسماء الفتنة لتلوّنها .
5- في نسخة (ألف) : رآها ، وفي نسخة (ب) : رأيها ، والمثبت عن حاشية نسخة (ب).
6- الكلمة غير منقوطة ، وقد تقرأ : جريت .. أو ما شاكل ذلك ، وفي تقريب المعارف: أخربت أمانتك وضيّعت رعيتك .. ولولا الصلوات ..
7- تقرأ الكلمة في نسخة (ألف): أموالاً لفيء .
ولولا الصلوات(1) الخمس لَمَشَى(2) إليك رجال عكّ ولخم(3) حتى يذبحوك كما تذبح الشاة(4).. فتركها وأقبل على الناس..
فقال : ألستُ(5) رسول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إلى المشركين(6) ؟ ! ألستُ مجهز(7) جيش من(8) العسرة ؟ ! ألست ختن رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] على ابنتيه(9)؟ !
فقالت : يا عدوّ الله ! أما قولك : إنّك رسول رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] إلى المشركين ؛ فإنّ رسول الله انظر إلى أصحابه، فلم يجد فيهم أحداً أقرب إلى المشركين
ص: 453
1- في نسخة (ألف) : الصلاة.
2- في نسختي الأصل : تلتقى، وهي محرّفة ومصحفة عن المثبت في المصادر.
3- في توضيح الأنور : لمم، والظاهر ما أثبتناه ، كما يظهر من نسختي الأصل.
4- في تقريب المعارف : 287 ، فقال لها عثمان : ﴿ امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ ﴾ الآية [ سورة التحريم (66) : 10].
5- لا توجد همزة الاستفهام في نسخة (ألف).
6- في التقريب : إلى أهل مكة.
7- في نسخة (ب) : مجمز ، وفي نسخة (ألف) : محمر ، بدون نقط .
8- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : بن ، ولا معنى لها .
9- رواه الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) في كتاب الجمل : 148 ، وكذا أسند الخبر الحلبي (رحمه الله علیه) في تقريب المعارف : 288 - وعنه العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 297/31 (نكير عائشة ) ، قال : قام عثمان ذات يوم خطيباً ؛ فحمد الله وأثنى عليه .. ثم قال : نسوة تكتبن [ في البحار : يكبن ] في الآفاق لتنكث بيعتي ، ويهراق دمي .. والله لو شئت أن أملاً عليهن حجراتهنّ رجالاً سوداً وبيضاً لفعلت !!.. ألست ختن ؟ !
ولا أفضل في نفوسهم منك ، فبعثك إليهم(1) ..!
وأما قولك : إنك صاحب جيش العسرة ؛ فإنّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها .. ﴾(2).
وأما قولك : إنك ختن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) على ابنتيه ، فقد قتلت إحداهما(3) ضرباً ، والأُخرى جوعاً ، فاشتمل ابن أبي طالب على سيفه ليقتلك فمنعه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ولقد أعد الله لك بهما نارين، ولعنك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فما استغفر لك حتى فارق الدنيا، ولا شهدت بدراً ولا بيعة الرضوان ، وهربت يوم أحد حتى قال لك(4) رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « ذهبت بها عريضة »(5)، وأنفقت مال الله على بئر أريس(6)، ونفيت(7) حبیب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، و آویت طرید رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وأعطيت مروان
ص: 454
1- في التقريب :... إلى أهل مكة ، غيّبك عن بيعة الرضوان ، لأنك لم تكن لها أهلاً .
2- سورة الأنفال (8) : 36 .
3- في نسختي الأصل : أحدهما.
4- لا توجد : لك .. في نسخة (ألف).
5- لاحظ : تاريخ الطبري 203/2 ، الكامل لابن الأثير 110/2 ، السيرة الحلبية 227/2 ، البداية والنهاية 28/4 ، شرح النهج لابن أبي الحديد 21/15.. وغيرها.
6- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، أثبت ما استظهر منها ، وتقرأ في نسخة (ألف) : هراريس .
7- في نسختي الأصل : كفيت ، والصحيح ما أثبتناه .
محاجة أبي ذر لعثمان
خمس(1) إفريقية(2).
فما ملك نعمان(3) نفسه حتى انحدر عن المنبر ، ودخل داره.. فما خرج إلا مقتولاً(4).
أبو الجارية العبدي ؛ عن أبي ذرّ أنه قال في خبر: ويل للذين ﴿ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَةَ ..﴾ الآية(5)، قال عثمان : إيَّاي تعني ؟ ! قال أبو ذر : إنّما أقرأ كتاب الله .. قال عثمان : بلغني أنتك تقول : إنّي خير من الأول والثاني ، قال : سأحدثك كيف قلت ؛ إنّي سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : «إنّ خيركم من يلحق(6) بي وهو على المنزل الذي تركته عليه»، وإنّي على المنزل الذي تركني عليه
ص: 455
1- الكلمة بياض في نسخة (ألف)، وقد قرأناه من نسخة (ب).
2- جاء في آخر تقريب المعارف ... فانتهرها عثمان ، فقالت : أما أنا فأشهد أن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : إنّ لكلّ أُمّة فرعون ، وإنك فرعون هذه الأُمّة .
3- هذا رمز لعثمان ، سلف في المقدمة من المصنف (رحمه الله علیه) أنّ قرّره في الباب الثالث ، المختص بالثالث، حيث قال : وربّما يجيء في الشعر : نعمان ، ثعبان .. وقد عنونه في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 370/3، وذهب إلى وروده في غير الشعر أيضاً ، ومنها هذا المورد الذي ذكره المصنف (رحمه الله علیه).
4- كذا رواه الشيخ الحبلرودي في التوضيح الأنور : 81 - 82 بنصه ، ولعله قد أخذ هذه الحكاية من كتابنا هذا.
5- سورة التوبة (9) : 34 .
6- في نسختي الأصل : يحق ، والظاهر ما أثبتناه .
رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، إن صاحبي قد أصابا ملكاً .
تفاخر عثمان علی عمر وافعاله
في العقد(1): أنته لقي عثمان عليَّ بن أبي طالب (علیه السّلام)، فعاتبه في شيء بلغه عنه ، فسكت عنه على (علیه السّلام)، فقال له عثمان : ما لك ؟ ! ما تقول ؟ فقال علي (علیه السّلام) : «ليس لك عندي إلا ما تحبّ(2)، وليس جوابك إلا [ما ] تكره(3)».
وفي الخصال في آداب الملوك(4): عن موسى بن عيسى، أنه قال عثمان : ولقد أقررتم لابن الخطاب بأكثر ممّا نقمتم(5) عليّ .. ولكنه وقمكم وقمعكم وزجركم زجر النعام المخزمة(6)، والله لأنا أكثر ناصراً، وأوفر عديداً،
ص: 456
1- العقد الفريد 111/4 [ وفي طبعة أُخرى 214/3]. وجاء - أيضاً - في الكامل للمبرد 20/1 ، ومعاني الأخبار للشيخ الصدوق (رحمه الله علیه): 308 - 309، والمناقب للمصنف (رحمه الله علیه) 114/2، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14/9 ، وصفحة : 23 .. وغيرهم في غيرها .
2- في نسخة (ب): تجب ، وليست بمنقوطة في نسخة (ألف) ، ولعلّها : تجيب.
3- في نسختي الأصل : نكرة، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
4- الخصال في آداب الملوك ، ولم نحصل على نسخه له ، وقد نقل عنه المصنف (رحمه الله علیه) في كتابه المناقب 233/1 ، كما وقد قال (رحمه الله علیه) في كتابه معالم العلماء : 156 برقم 806: موسى بن عيسى مختلط ، له كتاب : الخصال الملوك [كذا ] .
5- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل.
6- تقرأ الكلمة في نسخة (ب) : المحزمة، وفي نسخة (ألف ) : المحرمة . يقال لمحزم الدابة: ما جرى عليه حزامها ، والمحزمة ، كما يقال : حزمت الشيء حزماً .. أي شددته ، قاله الجوهري في الصحاح 5 / 1898 - 1899.. وغيره . والمحزم - بكسر الميم - والمحزمة - بالهاء - : ما يحزم به .. أي: يشدّ ، قاله الطريحي في مجمع البحرين 40/6 ولاحظ : لسان العرب 131/12.. وغيره. أما المخزمة ؛ فإنّه يقال : خزمتُ البعير بالخزامة - وهي حلقة من شعر تجعل في وترة أنفه يشدّ فيها الزمام ، ويقال لكلّ مثقوب الأنف مخزوم ، قاله الجوهري في الصحاح 1911/5 ، وهو الظاهر هنا ، كما جاء في لسان العرب 175/12 ، ومجمع البحرين 57/6 .. وغيرهما .
وأجدر(1) إن قلتُ هَلُمَّ(2) أن تجاب دعوتي من عمر ، هل تفقدون من حقوقكم شيئاً ؟ ! فمالي لا أصنع في الحق ما شئت .. فلم كنت إماماً إذاً ؟ !(3)
وذكر أبو العباس أحمد بن يعقوب بن واضح العباسي في كتاب : مشاكلة الناس أزمانهم(4): أنته كان في عثمان السماحة ، وصلة الأرحام، ورفع القرابة،
ص: 457
1- في نسخة (ب): وأخدر .
2- في نسخة (ألف) : هم.
3- لقد ورد هذا النص في إعجاز القرآن للباقلاني : 142، وبألفاظ مقاربة جاء في كتاب الجاحظ : البيان والتبيين 299/1 .. وغيرهما . وراجع : تاريخ الطبري 377/3[ وفي طبعة مصر 338/4]، وتجارب الأُمم 434/1 ، باختلاف وزيادة في شرح النهج 265/9 ، والكامل 152/3.. وغيرها.
4- وقريب منه ذكره المسعودي في مروج الذهب 332/2 [ وفي الطبعة الأولى 433/1] ، ولاحظ : الغدير 285/8. أقول : اسم الكتاب في جميع المصادر: مشاكلة الناس لزمانهم. انظر : معجم الأدباء 154/5 الترجمة 34 ، وهدية العارفين 52/1 ، وبغية الطلب 2987/6 .. وغيرها . وقد ذكر الزركلي في كتابه الأعلام : 95 : إنّ هذا الكتاب مطبوع .
ما فعله عثمان بأموال المسلمین ومقدار ما ترکه بعد موته
واتخاذ المال على ما كان عليه ، فامتثل(1) أمره ، فبنى عثمان داره بالمدينة وأنفق عليها مالاً جليلاً، وشيّدها بالحجارة ، وجعل على(2) أبوابها مصاريع الساج، واتخذ أموالاً بالمدينة وعيوناً وإبلاً ..
ثمّ قال(3): قال عبد الله بن عتبة : فكان لعثمان يوم مات عند خازنه مائة ألف وخمسون ألف دينار، وألف ألف درهم، وكانت ] ضياعه ب_: بئر أريس(4) وخيبر ووادي القرى قيمته[_ا] مائتي ألف دينار، وخلّف خيلاً [كثيراً ] وإبلاً .
وفي أيامه اتخذ أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الأموال، وبنوا الدور .. ثم ذكر أموال الصحابة .
ص: 458
1- في نسخة (ألف): فأمسك .
2- لا توجد: (على) في نسخة (ألف).
3- جاء بألفاظ مقاربة في مروج الذهب 332/2 [ وفي الطبعة الأولى 433/1] ، والطبقات الكبرى 76/3 ، وتاريخ دمشق 442/39 ، وتاريخ الإسلام 254/2، والبداية والنهاية 192/7.. وغيرها. وراجع : الغدير 285/8.
4- في نسختي الأصل : بنهر إدريس ، ولعلّه : ببراديس ، كما في طبقات ابن سعد . وفي مروج الذهب : ضياعه بوادي القرى وحنين .. وغيرهما مائة ألف دينار، والظاهر ما أثبتناه من بعض المصادر .
ما قاله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لأبي ذر مما سیفعلهع عثمان معه
شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد : أنّ النبي (عليه وآله السلام) قل لأبي ذرّ - وقد رآه في المسجد : «فكيف إذا أخرجت منه ؟» قال : ألحق بالشام، وهي أرض المحشر . قال : «فكيف أنت إذا أخرجوك من الشام؟» قال : أرجع إليه وهو بيتي ومنزلي . قال : «فكيف إذا أخرجوك ثانية ؟»(1).
فلما [ولى ] عثمان أظهر أبو ذر عيبه .. فسيّره إلى الشام.. ذكره أحمد في المسند(2)، وزاد في الرواية عن ابن وهبان وابن أبي بكير : «كيف تصنع إذا أخرجت من الشام ؟» قال : أضع سيفي على عاتقي(3).
ص: 459
1- وفي ذيل الحديث برواية أحمد : قال [أبوذرّ ]: إذاً آخذ سيفي فأقاتل عني حتى أموت ، قال : فكشر إليه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) فأثبته بيده . قال : «أدلك على خير من ذلك ؟!» قال: بلى بأبي أنت وأمي يا نبي الله ! قال رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم): « تنقاد لهم حيث قادوك ، وتنساق لهم حيث ساقوك حتى تلقاني وأنت على ذلك».
2- مسند أحمد بن حنبل 457/6 باختلاف كثير [ مسند القبائل حديث 26306]، وجاء في أوّله : إنّ أبا ذر الغفاري كان يخدم النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلّم ، فإذا فرغ من خدمته آوى إلى المسجد فكان هو بيته يضطجع فيه ، فدخل رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم المسجد ليلة فوجد أبا ذرّ نائماً .. إلى آخره، وكذا جاء المسند 178/5 ، والمعجم الأوسط 59/3 .. وغيرهما . راجع : مجمع الزوائد 223/5 ، وكنز العمّال 783/5 حديث 14379 ، وسیر أعلام النبلاء 61/2.. وغيرها.
3- جاء هذا في مسند أحمد 179/5 ، وفيه : تسمع وتطيع إن كان عبداً حبشياً، وفي 180/5 ، وفيه : عن ابن أبي بكير عن خالد بن وهبان ، وانظر : سنن أبي داود 426/2 - 427 حدیث 4759 .
موقف أبي ذر رضوان الله علیه مع معاویة
فقال (عليه وآله السلام): «بل تنقاد معهم حيث قادوك ، وتنساق معهم حيث ساقوك، ولو عبد أسود».
قال أبو ذر : فلما نفيت إلى الربذة أقيمت(1) الصلاة، فتقدم رجل أسود؛ كان فيها على نعم الصدقة [فلما رآني أخذ ليرجع وليقدّمني ، فقلت : كما أنت ؛ بل أنقاد لأمر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ](2).
شقيق بن سلمة، عن حلام بن حرم(3) الغفاري(4)، قال : كنت عند معاوية إذ سمعت صائحاً يصيح على باب القصر : جاءت القطار(5) تحمل النار، لعن الله الأمرين بالمعروف التاركين له الناهين عن المنكر الراكبين له .
ص: 460
1- كذا في المصدر ، وفي نسختي (ألف) و (ب): أقمت .
2- كما جاء في مسند أحمد بن حنبل 144/5.
3- في شرح النهج لابن أبي الحديد 257/8 نقلاً عن الجاحظ في كتاب السفيانية : جلام بن جندل .
4- كذا في نسخة (ألف)، وفي نسخة (ب) من الأصل : القفاري.
5- تقرأ في نسخة (ألف) : جات العطار ، وفي شرح النهج : أتتكم القطار بحمل .. وفي تاريخ اليعقوبي 172/2 : وكان [أي أبوذر ] يقف على باب دمشق إذا صلّى صلاة الصبح ، فيقول : جاءت القطار تحمل النار، لعن الله الآمرين بالمعروف والتاركين له ، ولعن الله الناهين عن المنكر والآتين له.
شکوی معاویة لعثمان عما صدر من أبي ذر
قال : فَازْبَأَر(1) معاوية وتغيّر لونه ، وقال : من لي بأبي ذر ؟ ! فلما دخل عليه واجهه فيما قال.
فقال أبو ذر : سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول: «ويل لأُمتي من الأَعْيَن(2) الأَهْدَب الأشفار ، الواسع البلعوم، الضيّق السرم(3) الذي يأكل ولا يشبع، يقتل صحبي ، ويبير(4) عترتي ، عليه لعنة الله » .
فرفع معاوية ذلك إلى عثمان .. فكتب إليه: أما بعد؛ فإذا قرأت كتابي هذا فأشخص إلي جندباً على ناب(5) ضعيف(6)، على قتب ليس تحته وطاء..
ص: 461
1- في نسختي الأصل : فان بان، وهي محرّفة ومصحفة عن المثبت عن شرح النهج الحديدي نقلاً عن كتاب السفيانية للجاحظ .
2- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : الأيمن، وقد أثبتنا ما استظهرناه منها ، وهي التي جاءت في بعض المصادر.
3- في بعض المصادر وصف معاوية على لسان النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ب_ : واسع السرم. قال ابن الأثير في النهاية 362/2: السرم : الدبر ، والبلعوم : الحلق. راجع : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 381/3 - 382.
4- أَبارَهُ : أَهْلَكَهُ ، وتأتي بمعنى الغلبة ، كما في العين 291/8، والتأبير : التعفية ومحو الأثر ، كما في لسان العرب 5/4 ، راجع : مختار الصحاح : 43.
5- قال الفراهيدي في العين 381/8 : الناب : الناقة المسنة ، وقال ابن الأثير في النهاية 140/5 : هي الناقة الهرمة التي طال نابها .. أي سنّها .
6- هذا استظهار منا ، وقد تقرأ في نسختي الأصل : ضعف ، ولعلّها : صعب.
فأنفذه إلى المدينة .. وقد انسلخ من عُصْعُص(1) أبي ذرّ إلى كعبه(2)، فأدخل
ص: 462
1- قال ابن دريد في جمهرة اللغة 209/1 : العصعص : وهو عظم الذنب ، وله عدة لغات ، ويراد منه الذنب . راجع : لسان العرب 54/7 .. وغيره ، وهو من الإنسان: العظيم الذي بين اليتيه .
2- أقول : من الضروري نقل ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 257/8 - 258 - بطوله كي يعلم مقدار ما هناك من الفرق بين ما هنا وما رواه المعتزلي عن شيخه أبي عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية ، عن جلام بن جندل الغفاري ، قال : كنت غلاماً لمعاوية على قنسرين والعواصم - في خلافة عثمان - فجئت إليه يوماً أسأله عن حال عملي ، إذ سمعت صارخاً على باب داره يقول : أتتكم القطار تحمل النار ، اللهم العن الأمرين بالمعروف التاركين له ، اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له .. فاز بأرّ معاوية وتغيّر لونه ! وقال : يا جلام ! أتعرف الصارخ ؟ فقلت : اللهم لا ، قال : من عذيري من جندب بن جنادة ؛ يأتينا كلّ يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ، ثمّ قال : أدخلوه عليّ .. فجيء بأبي ذرّ بين قوم يقودونه ، حتى وقف بين يديه ، فقال له معاوية : يا عدو الله وعدوّ رسوله ! تأتينا في كلّ يوم فتصنع ما تصنع ؟ ! أما إني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ! ولكنّي أستأذن فيك ! قال جلّام : وكنت أحب أن أرى أبا ذر ؛ لأنه رجل من قومي ، فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ، ضرب من الرجال ، خفيف العارضين، في ظهره جناً [وهو إذا أشرف كاهله على ظهره حدباً ، وفي الغدير : حناء ] فأقبل على معاوية ، وقال : ما أنا بعدوّ لله ولا لرسوله ؛ بل أنت وأبوك عدوان الله ولرسوله ، أظهر تما الإسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، ودعا عليك مرّات ألا تشبع ، سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : «إذا ولي الأمة الأعين ، الواسع البلعوم، الذي يأكل ولا يشبع ، فلتأخذ الأمة حذرها منه » . فقال معاوية : ما أنا ذاك الرجل. قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل ؛ أخبرني بذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وسمعته يقول - وقد مررت به -: «اللهم العنه ولا تشبعه إلّا بالتراب»، وسمعته (صلی الله علیه و آله و سلم)- يقول : «است معاوية في النار». فضحك معاوية ! وأمر بحبسه ، وكتب إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : أن احمل جندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره .. فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف ليس عليها إلّا قتب، حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد .. ومثله عنه في الغدير 304/8 - 305 .
مشادة أبوذر (رحمه الله علیه) مع عثمان
عليه بعد ما برئ ، فلما رآه عثمان قال :
[ من الرجز ]
لا أَنْعَمَ اللهُ بعمرو عَيْنا *** تَحِيَّةَ الجَلْدِ(1) إذا التقينا(2)
ص: 463
1- كذا ؛ وفي الرواية المعروفة : السخط .
2- وحكى في أعيان الشيعة 238/4 عن الواقدي، أنه قال : إنّ أبا ذر لما دخل على عثمان قال له : لا أنعم الله بقَيْن عينا *** نعم ولا لقاه يوماً زينا تحيّة السخط إذا التقينا [ من الرجز ] أقول : في أمالي الشيخ المفيد (رحمه الله علیه): 164 ( المجلس العشرون ) ذيل حديث 4 ، هناك حدیث مفصل جاء فيه ... فمضى حتى قدم على عثمان ، فلما دخل عليه قال له : ( لا قرب الله بعمر و عيناً ) فقال أبو ذر : والله ما سماني أبواي عمراً ، ولكن لا قرب الله من عصاه، وخالف أمره ، وارتكب هواه . فقام إليه كعب الأحبار ، فقال له : ألا تتقي الله يا شيخ !! تجيب أمير المؤمنين بهذا الكلام ؟! فرفع أبو ذر عصاً كانت في يده فضرب بها رأس كعب .. وراجع - أيضاً - الشافي في الإمامة 295/4 - 296 ، وشرح نهج البلاغة 258/8- 259 .. وغيرهما .
ردّ أمیر المؤمنین (علیه السلام) علی عثمان فیما فعله في أبي ذر
قال أبو ذر: يا عثمان ! إنّك لتحنقنى بتحية(1) لا أعرفها، والله ما سماني رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بهذا الاسم ، ولا سماني به أبواي، والله لقد كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يفرح بطلعتي .
فقال عثمان : أنت الذي تزعم أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) قال : «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً ..؟!» الخبر .
قال : أشهد لقد سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول ذلك .
فالتفت عثمان إلى قريش ، فقال : هل سمعتم ذلك من رسول الله ؟
فقالوا : لا . قال : فكذبوه في وجهه ..!
فحضر أمير المؤمنين ومعه الحسن (علیهما السّلام)، فاعتنقه وحياه ، وقال : فمه(2)؟ ! فقال : إنّه كذب على رسول الله [(صلی الله علیه و آله و سلم)] !!
ص: 464
1- الكلمتان مشوّشتان في نسختي الأصل، وهما غير منقوطتين ، قد يقرأن بما أثبتناه، ولعلّهما : تحييني بتحيّة .
2- في نسختي الأصل فيه ، وقد أثبتنا ما استظهرناه منه ، ولعلّها : وقبل فمه .
قصة أبي ذر بعد نفي عثمان له
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)] يقول: «ما أظلّت الخضراء ..» الخبر(1) .
فقال عثمان : بفيك(2) التراب !
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): « بل بفيك(3) التراب ، وسيكون »(4).
جماعة من الرواة : فلقد رأينا عثمان بعد ذلك مقتولاً والتراب في فيه ، فقام ثلاثة أيام لا يُمكن أحد أن يدفنه(5).
وفي تاريخ الطبري(6)، عن محمد بن كعب القرظي، قال : لما نفى عثمان أبا ذرّ، نزل أبو ذر الربذة فأصابه بها قدره، ولم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه ...
وأوصاهم.. القصة.
ص: 465
1- جاء بزيادة وألفاظ مقاربة في تفسير القمي (رحمه الله علیه) 52/1 [ وفي المحققة 84/1].
2- في نسختي الأصل : يكفيك ، ولا معنى مناسب لها .
3- الكلمة مشوشة جداً في نسختي الأصل، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : بكفيك ، وما أُثبت هو الظاهر .
4- وراجع ما حكاه العلامة المجلسي (رحمه الله علیه) في بحار الأنوار 276/31 بعنوان ( تذييل ) عن الثقفي في تاريخه .
5- وحكاه - وبتفصيل أكثر - الحلبي رحمه الله في تقريب المعارف : 266 - 269 عن تاريخ الثقفي ، والبياضي (رحمه الله علیه) في الصراط المستقيم 33/3.. وغيرهما، ولاحظ : بحار الأنوار 271/31 ( باب نكير عمّار بن ياسر ) .
6- تاريخ الطبري 107/3 [ طبعة الأعلمي 371/3] ، ولاحظ ما جاء في تاريخ اليعقوبي 172/2.. وغيره.
وروي : أنّ الثالث نفى أباذر إلى الربذة، ونادي في المدينة : لا يشيّعنّ أحد أبا ذر ، فمن شيّعه فلا ذمة له عند أمير المؤمنين عثمان !! فما جسر أحد أن يشيّعه إلّا أمير المؤمنين ، والحسن، والحسين (علیهم السّلام)، وعقيل ، وعبد الله بن جعفر(1).
وكان قد وكّل به - لما نفاه - مروان ، فأراد أن يردّ أمير المؤمنين (علیه السّلام) ومن معه، فامتنع عليه وضربه بسوطه .. الحديث .
[عن] أبى أراكة ؛ عن ابن عباس : أنته لما نفى تعبان(2) أبا ذر وأخرجه.. اجتمع(3) بنوهاشم إليه ، فقال : بنفسي أنتم أهل بيت الرحمة، إذا رأيتكم فكأنتي رأيت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
وفي معناه:.. وأدركنا مروان بن الحكم على أن يردنا، فلطمه على (علیه السّلام): «أن_[_ت] تردّنا يا وزغ ابن الوزغ ؟! ..» القصة.
ص: 466
1- انظر : السقيفة وفدك للجوهري : 78 ، وعنه في شرح النهج لابن أبي الحديد 252/8- 253 . وراجع ما ذكره العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في الغدير 300/8 - 307، بعنوان : كلمة أمير المؤمنين (علیه السّلام) لما أخرج أبو ذر إلى الربذة.
2- في نسخة (ألف): نعثل .. وجاء في هامشها : ثعبان ، والكل كناية عن الثالث ، كما سلف مكرّراً . ول : قرّر المصنف (رحمه الله علیه) في مدخل كتابه هذا أنّ الثعبان رمز لعثمان ، قد أثبته كذلك في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار ،76/2 ، وقال : لم أجد من تابعه (رحمه الله علیه) عليه . أما نعثل ؛ فقد أوردنا مجمل ما فيه في أوّل هذا الفصل.
3- في نسخة (ألف) : اضجع ، وفي نسخة (ب) مشوشة ، أثبت هنا ما استظهرناه.
ما نزل في أبي ذر (رحمه الله علیه) من القآن
وفي خبر ؛ عن أبي الحسن شاذان القمي ، بإسناده:... عن عبد الرحمن بن [أبي] عمرة الأنصاري ، قال : فلما قدم أبو ذر على عثمان، قال لَهُ: أخبرني [ما] أحبّ البلاد إليك ؟ قال : مهاجرتی(1) فقال : لست بمجاوري. قال : فألحق بحرم الله فأكون فيه ، قال : لا . قال : فالكوفة؛ أرض بها أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، قال : لا [قال : فلستُ بمختار غيرهنّ، فأمر بالمسير إلى الربذة ](2)..
فقال له علي (علیه السّلام)(3): «اسمع وأطع .. وانقد حيث قادوك ولو لعبد حبشي مُجَذَّم»(4).
وفي رواية غيره : « وقد أنزل الله فيك وفي الثالث آية»، قال: وما هي يا رسول الله ؟ قال : « قوله : ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أنْفُسَكُمْ مِن دِيَارِكُمْ ثُمَّ أقْرَرْتُمْ وأَنْتُمْ تَشْهدُونَ * ثُمَّ أَنتُم هؤلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ وَالعُدْوَانِ .. ﴾
ص: 467
1- في الأمالي : مهاجري.
2- هذه الزيادة من الأمالي.
3- في أمالي الشيخ (رحمه الله علیه) نسب هذا الكلام إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، وجاء هنا باختلاف يسير.
4- جاء الخبر في أمالي الشيخ الطوسي (رحمه الله علیه): 710 حدیث 4(1514) [طبعة مؤسسة البعثة ، وفي الطبعة الحيدرية 321/2 - 322]، وفيه : عن عبد الرحمن بن أسعد [ في الطبعة الحيدرية : سعد بن زرارة ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، وعنه في بحار الأنوار 404/22) باب (12) حدیث 15 ، و 449/31 (باب 28) حديث 1.
إلى قوله : ﴿ تَعْمَلُونَ ﴾(1) ».
وفي رواية : أنته قال له : ويحك يا عثمان ! لا تعرب بعد الهجرة، تردُّني..؟! فلم يلتفت إلى ذلك من قوله ، فلم يزل بها مجفوّاً حتى مات(2).
أنس بن مالك ، قال : لما أمر عثمان بإخراج أبي ذرّ إلى الربذة .. أتاه ، فقال : أنشدك الله ! لو جيء بي [في ] الأسارى ما كنت صانعاً ؟ قال : كنت - والله - أفديك بثلث(3) مالي.
قال أبو ذر : فإن الله يقول في كتابه: ﴿ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّم عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاّ خِزْيٌ فِي الحَيَوةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ القِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ العَذَابِ .. ﴾(4) والله - يا عثمان ! - ما نزلت إلا فيك .
ص: 468
1- سورة البقره (2) : 84 - 85 .
2- راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد 52/3 - 59 ( الطعن التاسع )، وكرر بعض كلامه في 257/8 - 262 ، وجاء في الشافي في الإمامة 297/4 ، وتقريب المعارف: 272.. وغيرهما . وراجع : الغدير 292/8 - 300 ( تسيير الخليفة أبا ذر إلى الربذة برقم 40) نقلاً عن جملة مصادر ، وكذا جاء في 306/8 - 307.
3- الكلمة غير منقوطة ومشوشة جداً في نسختي الأصل ، استظهرنا ما أثبتناه.
4- سورة البقرة (2): 85 .
قصة دخول أبي ذر علی عثمان
قال له عثمان : يا أبا ذر ! وما الخزي في الحياة الدنيا ؟
قال : هو - والله - قتلك وإخراجك من ملكك(1).
وفي رواية أبي الحسن شاذان ؛ بإسناده:.. إلى عبد الرحمن بن [أبي ] عمرة الأنصاري : أنه أقام(2) مدّة ، ثم أتى المدينة ، فدخل على عثمان - والناس عنده سماطين - ، فقال : يا عثمان ! إنّك أخرجتني من أرضي إلى أرض ليس بها زرع، ولا ضرع، ولا شويهات(3)، وليس لي خادم [إلا ](4) محررة(5)، ولا ظلّ يظلّني إلا ظل شجرة(6)، فأعطني خادماً وغنيمات
ص: 469
1- أقول : جاء الحديث بألفاظ مقاربة في تفسير القمّي 53/1 - 54 [ الطبعة الحروفية ، وفي الطبعة المحققة 82/1 - 83] ، وعنه في بحار الأنوار 426/22 - 428 ( باب كيفية إسلام أبي ذر ) ذيل حديث 36 - بدون المقدمة الواردة هنا - حيث قال : لما قدم أبو ذر على عثمان ، وكذا فيه 449/31 - 451 (باب (28) حدیث 1.
2- في نسخة ( ب ) : أمام ، والكلمة غير منقوطة ومشوشة في نسخة نسخة (ألف)، وفي الأمالي : فخرج إلى الربذة وأقام مدة ثم أتى المدينة ..
3- في الأمالي : إلَّا شويهات ، ولعله هو الصواب. والشويهات جمع: الشويهة، وهي جماعة الشاة، قاله في العين 298/6 ، وأشويتهم : أطعمتهم شواء، وكذلك : شويتهم تشوية . وراجع : مجمع البحرين 253/1.
4- ما بين المعكوفين مزيد من الأمالي.
5- كذا ، ولعلّها : مخدّرة .. وعلى كلا التقديرين فإنه يعني زوجته أُمّ ذر .
6- لا توجد : إلّا ظلّ شجرة .. في نسخة (ألف).
أعيش(1) فيها .. فحوّل وجهه عنه ! فتحوّل أبو ذرّ إلى السماط(2) الآخر .. فقال له مثل ذلك، فقال له حبيب بن سلمة : لك عندي [ يا أباذر] ألف درهم، وخادم، وخمسمائة شاة ..!
فقال أبو ذرّ : أعط خادمك وألفك وشويهاتك من هو أحوج إلى ذلك منّي ، فإنّي إنّما(3) أسال حقي في كتاب الله .. !
فجاء أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فقال له عثمان : ألا تغنى عنّا سفيهك [هذا ]؟!
قال : « وأى سفيه ؟!». قال : أبو ذر !!
قال عليّ (علیه السّلام): «ليس بسفيه ؛ سمعت رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يقول : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة(4) أصدق من أبي ذرّ » .
ثمّ قال: «أنزله بمنزلة مؤمن آل فرعون: ﴿ إن يَكُ كَاذِبَاً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُم ..﴾(5)» .
قال عثمان : التراب في فيك .
ص: 470
1- في الأمالي : أعش.
2- السماط - ككتاب الصف من الناس ، والسماطان .. صفان ، قاله في مجمع البحرين 255/4 ، وراجع : لسان العرب 325/7 .. وغيره .
3- لا توجد كلمة (إنتما) في نسخة (ألف).
4- في الأمالي : أصدق لهجة .
5- سورة غافر (40): 28 .
مخالفة عثمان لتقلید عبدالله بن عامر البصرة
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): «بل التراب في فيك .. [أنشد ](1) بالله في [من ] سمع رسول الله يقول ذلك في أبي ذرّ ؟ » .
فقام أبو هريرة وعشرة فشهدوا بذلك .. فولّى أمير المؤمنين ولم يجلس(2).
ولما قلّد عثمان ابن عامر البصرة ، أقبل أبو ذر (رحمه الله علیه)؛ فوقف على باب عثمان متكئاً على عصاه، فخرج عبد الله بن عامر - ومعه الناس - فقام بين يدي أبي ذرّ فسلّم عليه ، وقال : حاجتك ؟ رحمك الله ! فقال : أردت الدخول على عثمان لعنه الله(3) وليس يَدَعُوني ..! فدخل ابن عامر ؛ فقال : أبو ذرّ على الباب.. وليس يُحجب مثل أبي ذر !
فقال : مثله يحجب ! يدخل فيؤذيني وأوذيه ، فلا أحبّ أن يؤذيني ولا أوذيه.
فقال : فإنّي أحبّ أن تدخله.
فقال : اذهب أنت فأدخله ..
فدخل أبو ذرّ ؛ فقال : يا عثمان ! بلغني أنك تريد [ أن ] تستعمل هذا الغلام على البصرة في حداثة سنّه وقلة تجربته .. فنظر عثمان إلى عبد الله بن عامر، وقال: أنظر .. في كلام له(4)..
ص: 471
1- زيادة من الأمالي.
2- إلى هنا جاء في الأمالي للشيخ الطوسي (رحمه الله علیه): 710 حدیث 1514 [ وفي الطبعة الحيدرية 321/2 - 322] ، ومثله جاء في مجموعة ورام 93/2 .. وغيرها .
3- لم ترد جملة ( لعنه الله ) في نسخة (ب).
4- كذا ؛ والظاهر : في كلامه ، أو : انظر .. في كلام له .. فتدبّر .
رفض أبي ذر عطیة عثمان وقوله: اني غني بولایة أمیرالمومنین (علیه السلام)
وفي روضة الواعظين(1): أنه أرسل عثمان [إلى أبي ذر موليين له ومعهما ] مائتي دينار إلى أبي ذرّ ، فقال : هذا من صلب مالي وما خالطها حرام . قال : لا حاجة لي فيها ولا فيما عنده حتى ألقى ربّي ، فيكون هو الحاكم فيما بيني وبينه، وقد أصبحت يومي هذا وأنا من أغنى الناس..
فقالوا في ذلك ، فقال :.. [ولقد] أصبحت غنيّاً بولاية علي بن أبي طالب (علیه السّلام) وعترته الطيبين الطاهرين(2) الهادين المهديين (صلوات الله عليهم أجمعين(3) الذين ﴿ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ ﴾(4).
وقال الفزاري : نزلت الربذة ، فنظرت إلى غلام حبشي يصلّي بأهلها ، فقلت : يا أبا ذر ! من هذا ؟ فقال : غلام لعثمان . قلت : فما أسكنه الربذة ؟ قال : عثمان، قلت : وكم نعمه ؟ قال : ألف بعير . قلت : فمن أين له ؟ قال : فمن أنت ؟ [قلت : ] من فزارة، قال: من صدقات قومك . قلت : فما أنزلك الربذة ؟ قال : نُضحي عثمان .. فلم يزل بها أبو ذر مقيماً حتى مات.
ص: 472
1- روضة الواعظين 284/2 - 285 ، عن الإمام الصادق (علیه السّلام) نقلا بالمعنى باختصار و اختلاف، وقبله قد رواه الشيخ الكشي (رحمه الله علیه) في رجاله اختيار معرفة الرجال) : 27 - 28 حدیث 53[ وفي الطبعة المحشاة من رجاله 118/1 - 120 ].
2- لا توجد : الطيبين الطاهرين .. في نسخه (ب)، ولا المصدر.
3- لا توجد : أجمعين .. في نسخة (ب).
4- سورة الأعراف (7) : 159 و 181 .
ضرب عثمان لابن مسعود لدفنه أباذر
وروى محمد بن كعب القرظي : أنه ضَرَبَ ابن مسعود أربعين سوطاً [في ](1) دفنه أبا ذر(2).
بیت لسید الحمیري
الحميري(3):
[ من الكامل ]
وَنَفَىٰ أَبا ذر وكانَ مُقَدَّماً *** سبقاً وقَدَّمَ مُبْعَداً مَنْفِيَّا
ولغيره:
[ من الرجز ]
قَدْ رَدَّ مَرْوَاناً طَرِيدَ المُصْطَفَى *** وَطَرَدَ الشَّيْخَ الصَّفِيَّ المُجْتَبَى
أَقْصاهُ مِنْ إِخْوَانِهِ فَانْتَبَذَهُ(4) *** بِصَفْصَفٍ(5) حَتَّى أَتى للرَّبَذَة(6)
ص: 473
1- الزيادة عن المصدر ، وشرح نهج البلاغة .
2- راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 44/3[237/1].. وكذا ما جاء في الشافي في الإمامة للشريف المرتضى (رحمه الله علیه) 282/4 ، وبحار الأنوار 190/1 ( الطعن الخامس ) ، وما نص عليه العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في موسوعته الغدير 6/9 .. وغيرها .
3- لا يوجد هذا البيت في الديوان المجموع للسيد الحميري له ولا أعرف له مصدراً آخر ، فراجع .
4- الكلمة غير منقوطة بل مشوشة في نسختي الأصل.
5- أرض صفصف : ملساء مستوية ، وقيل : الذي لا نبات فيه ، وقيل : المستوي من الأرض ، راجع : لسان العرب 196/9 .. وغيره.
6- في نسخة (ب) من الأصل: بالربذة، وفي نسخة (ألف): بالربذ.
بیتان لدیك الجن
ديك الجن(1):
[ من الرجز ]
ماكانَ يَرْضَى أَحْمَدُ مُنْتَبَذَهُ *** وَنَفْيَهُ إِلى قَرارِ الرَّبَدهُ
کتابة الصاحبة کتابا في أمور أنکرت علی عثمان وأرسل الکتاب مع عمار
لأنَّ نَفْي الرِّجْسَ مِنْ ظَهْر(2) البلد *** فَمُؤمِنْ قامَ وَمَلْعُونَ(3) قَعَدْ
وروي(4): أنته لما مضت(5) من إمارته ست سنين جاء بأمور أنكرها الناس فعاتبوه عليها، فجعل لا ينزع(6)، فاجتمع نفر(7) فكتبوا كتاباً ، واجتمعوا عنده، ثم خطبوا(8).. يرجعون ، وبقي عمار وفي يده الكتاب، فمضى راجعاً إلى باب
ص: 474
1- هذان البيتان من القصيدة العاملية التي تحدثنا عنها قريباً ، وهي مما لم ترد في ديوانه ولا ما جمع من شعره أو نثر - حسب علمنا -.
2- في نسختي الأصل غير منقوطة ، ولها وجه ولا معنى للصدر، فلا بد أن يكون (لكن نفاه الرجس من ظهر البلد ) .
3- في نسختي الأصل : والمَلْعُون ، وهي محرفة عن المثبت.
4- الأنساب للبلاذري 49/5 . لاحظ : الرياض النضرة 85/3 ، وانظر : الغدير 16/9 - 18، وشرح النهج 50/3 [239/1] ، والجمل للشيخ المفيد (رحمه الله علیه) : 99.
5- في نسختي الأصل : حضت .
6- كذا ؛ والمعنى واضح ، والكلمة مشوّشة، ولا تحتمل حروفها توجيهاً آخر.
7- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : زفر ! والصحيح ما أثبتناه .
8- العبارة مشوّشة في نسختي الأصل لفظاً ودلالة.
ضرب عثمان لعمار حتی أغشي علیه وأصابه الفتق
عثمان فوجده قد لبس ثيابه وخُفّاه في رجليه ، فلمّا طلع عثمان رحّب به، وقال: أحاجة يا أبا اليقظان ؟ وجعل يلج(1) عليه ، فقال : ما لي حاجة ، ولكنا اجتمعنا وكتبنا كتاباً نذكر فيه أمراً من أمورك ، وها هو ذا.. ودفعه إليه، فأخذ عثمان الكتاب وقرأه وكره(2) ما فيه ..
فلما قرأ صدراً منه اشتد غضبه .
وقال: أعليَّ تجتري من بينهم ؟ !
فقال عمّار : إنّي - والله ! - أنصحهم لك .
قال : كذبت - والله ! - يا بن سمية .
فقال عمّار : أنا - والله - ابن سمية وابن ياسر .. فأمر به(3) عثمان غلماناً له أربعة فمدوا برجليه ، ثمّ ضربه عثمان بالخفّين .. فأصاب مذاكيره؛ فأصابه الفتق فغشي عليه، وخرج عثمان إلى الصلاة، وجاء الخبر إلى بني مخزوم.. فجاء هشام بن الوليد [ بن ] المغيرة وأهل بيته فاحتملوه(4).
ص: 475
1- كذا؛ ولعلّه : يلح.
2- لا توجد في نسخة (ألف): وكره.
3- الظاهر كون: (به) زائدة.
4- راجع : أنساب الأشراف 538/5 - 539 ، والغدير 15/9 – 16 ( مواقف الخليفة مع عمار ) برقم 42 ، وشرح النهج 49/3 - 50 ، والشافي في الإمامة 289/4 - 291 ، ونهج الحق : 296 - 297 .. وغيرها .
أخذه حلي بیت المال وحلی بها أهله
وقال هشام : والله لئن مات لَنَقْتُلَنَّ(1) به شيخاً عظيم السرّة من(2)بني عبد مناف(3)، وقام(4) عمّار مغشياً عليه ؛ لم يُصلّ الظهر والعصر، والمغرب والعشاء الآخرة حتى ذهب الليل ، ورسل عثمان تتردّد(5) إليه وعنده أمير المؤمنين (علیه السّلام) فإذا قيل لعثمان : لم يُصَلِّ(6) ؟ قال : عزّ عليّ به لو كان يعقل .. فأفاق بالليل فصلّى الصلوات.
الكلبي؛ عن أبي مخنف : أنته كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجواهر ، فأخذ منه عثمان ما حلّى به أهله .. فطعن الناس عليه ، فخطب فقال : لَنَأخذ [ن] حاجتنا من هذا الفيء وإن رغمت أنوف أقوام.
فقال أمير المؤمنين (علیه السّلام): «إذن تُمْنَعُ ويحال بينك وبينها»(7).
ص: 476
1- في نسختي الأصل : ليقتلن ، وهي مصحفة عن المثبت ، أو عن : لأَقْتُلنَّ ، كما في شرح نهج البلاغة للمعتزلي 49/3.
2- في نسختي الأصل : عن .
3- راجع : الاستيعاب 422/2.. وغيره.
4- كذا ؛ ولعلّها : وأقام ، ويراد منها : وبقي .
5- في نسختي الأصل : يتردّد ، وهي مصحفة عن المثبت .
6- في نسختي الأصل : ما يصل، وهي محرّفة عن المثبت ، أو عن : ما يصلّي.
7- راجع : أنساب الأشراف 538/5 و 580 [161/6].. وغيره، وما أدرجنا له في المصادر السالفة
تصریحه بإعطاء أموال المسلمین لبني أأمیة رغم مخالفة من خالف
وروي(1) في خبر طويل؛ عن عمرو بن غالب : أنّ عثمان قال : يا بني أمية ! لأعطينكم من هذا المال الذي أعطاني الله من هذا الفيء، ومن هذا المال، على رغم من رغم .. !!(2)
وصیة ابن مسعود في عدم صلاة عثمان علیه
فقام عمّار ، فقال : إنّ ذلك برغم(3)أنفي .. !
فقال عثمان : وإنّك لها هنا ؟!.. ثم نزل إليه فَوَطِئَهُ ، فغشى عليه ، فمكث مغشياً عليه ، الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة حتّى أفاق من الليل، فكان عمّار يُحرم وعليه ثياب، فيقال له في ذلك ، فيقول : إنّ عثمان فتقني وقد لقي ربه ..
وروي: أنّ العجل(4) لما ضرب عماراً كان ابن مسعود مِنْ ضَرْبِ عُثمانَ مريضاً ، فلمّا حضرته الوفاة قال - وعنده طلحة والزبير، وسعد، والمقداد،
ص: 477
1- أخرج البلاذري - وبألفاظ مقاربة - في الأنساب 48/5، وكذلك فيه 88/5، عن الزهري .. وجاء مفصلاً في الطعن السادس من مثالب عثمان في البحار 193/31. وراجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 49/3. وعليك بما فصله الشيخ العلامة الأميني (رحمه الله علیه) في غديره 15/9 - 30 برقم 42، تحت عنوان : مواقف الخليفة مع عمّار .. وقد جاء عليه جملة من مصادره.
2- راجع : تاریخ دمشق 253/39.
3- لعلّها : يُرغم .
4- رمز لعثمان وسلف الحديث عنه ، نسأل الله أن لا يؤخذنا يوم القيامة على قياسنا إياه بالعجل : ﴿ أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ .. ﴾ [سورة الأعراف (7): 179]. راجع مصادر ذلك وتفصيل الواقعة في الغدير 4/9 ، وكذا ما جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 236/1 [43/3 - 44 ].. وغيره .
وعمار - قال : أيكم يضمن لى خصماً(1)؟ ! قالوا: وما هي ؟
قال: إن مت من ليلتي لم يُعلم بي عثمان وصلى علي ..؟!.. فأَحْجَمَ(2) القوم عنه .
فقال عمّار : أنا ، فقال ابن مسعود: أنت والله ... نعم والله ..
ومات في ليلته فدَفَنه عمّار ليلاً بالبقيع ، فطهره القوم وصلّى عليه عمار.
وقد كان عثمان تقدّم في أمر ابن مسعود أن لا يقبر حتى يؤذن به ، فقعد(3) عثمان على بغلته ، فلما كان بالبقيع نظر إلى(4) قبر جديد يُرش .. فدعا بالحفّار ، فقال : قبر من هذا ؟ فقال : قبر ابن مسعود قال : فَرَجَعَ عُودَهُ إِلى يديه، فقال : عَليَّ بِسعد بن [أبي] وقاص .. فأتي به سريعاً متبعاً، فقال : يا سعد ! عليّ تجتري؟ قال : في أي ذلك ؟ قال : صليت على ابن مسعود وقَبَرْتَهُ ؟!
فقال سعد : والله لقد دعاني إلى هذه الخصلة فأبيت، وما وليت الصلاة عليه ، قال : فمَنْ ؟ قال : فليس عَليَّ أن أخبرك.
ص: 478
1- كذا ؛ ولعلّها : خصلة .. لما سيأتي .
2- الكلمة مطموسة في نسخة (ب)، وجاءت في نسخة (ألف) : فأجم ، وهي المثبت عن محرفة . يقال : أحجم عن الأمر .. أي كفّ أو نكص هيئته ، كما في لسان العرب 116/12، ولاحظ : العين :97/3 وهو ضد الإقدام ، وفي مجمع البحرين 32/6.
3- في نسخة (ب): فغدا .
4- في نسخة (ب) : في ، بدلاً من : إلى.
وصیة المقداد بعدم إخبار عثمان بموته
فساءَلَ عثمان حتّى تيقن أنته عمار ، فأرسل له .. فأمر به .. فَوُطِئ.. فهذا الفتق أصابه يومئذ(1).
وروي؛ أنته لما حضر المقداد الموت قال لعمّار : أَخْبِرْ عثمان أنتي وُدِدْتُ إلى ربّي الأوّل ، وقد كان [قال ] له عثمان : أَتَسْكُتَنَّ(2) أو أردّك إلى ربّك الأوّل ، فلمّا قيل لعثمان : إنّ المقداد قد مات قال سبحان الله ! يموت صاحب رسول الله .. لا تعلموني ؟!(3)
ص: 479
1- قال اليعقوبي في تاريخه 170/2 - 171 : فأقام ابن مسعود مغاضباً لعثمان حتى توفي، وصلّى عليه عمّار بن ياسر وكان عثمان غائباً فستر أمره ، ولما انصرف رأى عثمان القبر فقال : قبر من هذا ؟ فقيل : قبر عبد الله بن مسعود ، قال : فكيف دفن قبل أن أعلم ؟ فقالوا : ولي أمره .. وقال البلاذري في الأنساب 539/5 : إنّ عثمان مرّ بقبر جديد فسأل عنه ، فقيل : قبر عبد الله بن مسعود ، فغضب على عمّار لكتمانه إيّاه موته ؛ إذ كان المتولي للصلاة عليه والقيام بشأنه ، فعندها وطأ عماراً حتى أصابه الفتق . راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 50/3.
2- في نسختي الأصل : أتسكني ، وهي مصحفة عن المثبت ، أو عن : أَتَسكُن ، أو عن : أتسكت.
3- راجع : أمالي الشيخ المفيد (رحمه الله علیه) : 115 ( المجلس الثالث عشر ) ذيل حديث 7، وعنه في بحار الأنوار 240/30 ( باب 20 ) حدیث 108 ، قال في بيانه : لعلّ الملعون أراد بالربّ الأوّل الصنم أو المالك وأراد مقداد (رضی الله عنه) به الربّ تعالى، وكذا في بحار الأنوار 360/31 ( باب 26) حديث 16 .
ما قاله عثمان عند ما وصله نعي أبي ذر
قال عمّار : فإنّه أرسلني إليك برسالة ، قال : وما هي ؟ قال : أخبر عثمان أنتي رُدِدْتُ إلى ربّي الأوّل، قال: يابن السوداء ! ما كان أحد يستقبلني بها غيرك(1).
وفي رواية عمرو بن شعيب(2): أنته لما جاء نعي(3) أبي ذرّ إلى عثمان ، قال عمار : رحم الله أبا ذر .. من(4) كلّ أنفسنا .. وبكى ، فقال عثمان : [وإنّك لهناك بعد ] يا عاض بظر أمه(5)! والله لتذهبنّ حتّى تكون مكانه ، فتموت كما مات.
ص: 480
1- روى الشيخ الكليني (رحمه الله علیه) في روضة الكافي 331/8 حديث 513 مسنداً عن أبي جعفر (علیه السّلام) أنه قال : « إنّ عثمان قال للمقداد : أما والله لتنتهين أو لأردنّك إلى ربك الأوّل [ أي أقتلك ] قال : فلما حضرت المقداد الوفاة قال لعمّار : أبلغ عثمان عني أنتي قد رددت إلى ربّي الأوّل » ، وعنه في بحار الأنوار 438/22 ( باب 13) حديث 3. وراجع أيضاً : أنساب الأشراف 544/5[54/5]، وتاريخ اليعقوبي 173/2 [150/22 ] ، والغدير 18/9 - 19 .. وغيرها . والخبر المفصل جاء في الفتوح لابن أعثم 378/2 - 379.
2- وجاء الخبر بطريق آخر ضمن حديث أورده المفيد (رحمه الله علیه) في أماليه : 69 - 72 ( المجلس الثامن) حديث 5 ، وعنه في البحار 481/31 - 483 ( باب 29) حديث 6 .
3- كذا ؛ وفي أمالي المفيد (رحمه الله علیه)، والظاهر وجود سقط ؛ إذ الكلام غير تام وإن كان له وجه .
4- في نسخة (ب): نفي .
5- هذا هو الظاهر ، إلا أنّ الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل جداً، وقد تقرأ: يا قاض بصر أُمه ، وفي أمالي المفيد (رحمه الله علیه): يا عاض أير أبيه ، ثم قال : أتراني ندمت على تسييري إيّاه ؟ ! فقال عمّار : لا والله ما أظنّ ذاك . قال : وأنت - أيضاً - فالحق بالمكان الذي كان فيه أبو ذر فلا تبرحه ما حيينا.
عزم عثمان علی تبیعد عمار من المدینة إلي الربذة
قال عمّار : أفعل ، والله! المجاورة السباع خير(1) من مجاورتك.
فلمّا تهيّاً عمّار ليسير إلى الربذة جاءت بنو مخزوم فدخلوا على أمير المؤمنين (علیه السّلام)، فقالوا يا أبا الحسن إنا أخوالك ولنا عليك حق(2)، ونحن نحبّ أن تكلّم هذا الرجل في صاحبنا فلا يُسيّره.. وأعْظَمَ الناس ذلك ، وقالوا : هؤلاء أصحاب رسول الله يُسيَّرون إلى الأعراب ويخرجون من مهاجراتهم. فقال أمير المؤمنين [(علیه السّلام)] : «أفعل والله .. لو لم تأتوني في ذلك لكان حقاً عليّ أن لا أتركه ولأعذرن إلى الله فيه».
نصرة بني مخزوم لعمار ووساطة أمیر المومنین (علیه السلام)
فدخل على عثمان ، فقال له : «اتق الله يا عثمان ! وكفّ عن عمار؛ فإنّك قد سيّرت رجلاً من صالحي المؤمنين فهلك في مسيره ، ثمّ أنت تريد تتنّي بنظيره فقال عثمان : والله ! لأنت أحق بالتسيير(3) منه .. ! ما يُفسد على عمّار ودون عمّار غيرُك !! فقال: «والله ما أنت على ذلك بقادر، ولا أنت بواصل ! فإن شئت فرم ذلك ؛ أما إنّي أشهد على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنته قد لعنك فما استغفر لك حتى مات..».
ثمّ قام فخرج ؛ فأتاه بنو مخزوم وقالوا: ما صنعت جعلنا الله فداك ؟ !
ص: 481
1- في الأمالي : أحب إليّ.
2- في نسختي الأصل : حتّى .
3- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل: باليسير .
قال : «قد أبى .. فمروا عماراً فليجلش في بيته ، فإن جاءه من يخرجه فوالله لأقومن معه .. »(1).
فقال بنو مخزوم : حسبنا الله(2)، إن قمت - والله - معنا لم يوصل إليه أبداً..
فلما بلغ عثمان ذلك ضعف عن تسيير(3) عمار .
[ من البسيط ]
أبیات الابرقي (3)
البرقي(4):
أَلَمْ يُدَسُ(5) بَطْنُ عَمَّارٍ بِحَضْرَتِهِ *** وَدُقَ لِلشَّيْحَ عَبْدِ اللَّهِ ضِلْعانِ
وَقَدْ نَفَى جُنْدَباً فَرْداً إِلَى بَلَدٍ *** نائي(6) المَحَلَّةِ مِنْ أَهْلِ وَجِيرانِ
وَكَانَ أَكْفَرَ مِنْ أَمْرِ بِهِ حَكَما *** مِنَ المُذَبْذَبِ عِمْرَانَ بنِ حِطَّانِ
أبیات لغیر البرقي
لغيره:
[ من الرجز ]
بَنَى لأولادِ الوَلِيدِ دَارًا *** وَضَرَبَ الشَّيْخَ الصَّفِيْ عَمَّارَا
ص: 482
1- ما جاء في ذيل الأمالي يختلف عن هذا كثيراً.
2- اسم الجلالة مزيد من نسخة (ألف).
3- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل خاصة نسخة (ألف).
4- لعلّ هذه الأبيات في قصيدة سلف الحديث عنها ، وقد جاء في الصراط المستقيم 34/3 البيتان الأولان .
5- في نسختي الأصل كتب غلطاً : تدس ؛ لأنّ البطن مذكر ، ولا وجه لتأنيثه .
6- في نسختي الأصل: بأي ، وهي مصحفة عن المثبت.
أبیات لدیك الجن
ديك الجن(1):
[ من الرجز ]
أَلَمْ(2) يَطِبْ عَيْتُكَ حَتَّى شُعْشِعًا *** وَدُسْتَ بَطْناً كَانَ لِلْعِلْمِ وَعَى(3)
ما کان یقوله ابن مسعود معرفا بعثمان في الکوفة
بَطْنُ لِمَوْلَىٰ(4) المُرْتَضَى عَمَّارِ *** يا رَبِّ سَلِّمْ(5) مِنْ عَذَابِ النَّارِ
وعن الحسن بن عيسى بن زيد، عن أبيه : أنته لما صنع عثمان ما صنع كان ابن مسعود يقوم بالكوفة كلّ خميس(6) فيقول : إنّ خير الهدي هدى محمد،
ص: 483
1- لم يرد هذان البيتان في ديوان الشاعر ولا ما كتب عنه، وكأنتهما من متفردات كتابنا الحاضر ، وهما - كما هو واضح - من القصيدة العاملة كما سماها المصنّف الله سابقاً وقد تحدثنا عنها في أكثر من مورد ، فلاحظ .
2- في نسختي الأصل : إذ لم ، وعلى كلّ فإنّ معناه غير واضح إلا بتكلف شديد.
3- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : دعا ، ولعلّها : وِعا.
4- في نسختي الأصل : المولى .
5- كذا ؛ ولعلّه : سله .. أي : انزعه وخلّصه ، إلّا أنّ الرواية الصحيحة ما أثبتناه ، فإنّ الشاعر دعا لنفسه بالنجاة من النار ، تعريضاً بأنّ عثمان في النار ؛ لأنّه داس بطن عمّار (رحمه الله علیه) .
6- في شرح النهج للمعتزلي : وكان يقوم كلّ يوم جمعة بالكوفة ، جاهراً معلناً : إنّ أصدق القول كتاب الله ، وأحسن الهدى هدى محمّد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار . ثمّ قال : وإنما كان يقول ذلك معرّضاً بعثمان ، حتى غضب الوليد بن عقبة من استمرار تعريضه، ونهاه عن خطبته هذه.. فأبى أن ينتهي، فكتب إلى عثمان فيه، فكتب عثمان يستقدمه عليه . ولاحظ : شرح النهج لابن أبي الحديد المعتزلي 42/3.. وغيره.
وخير السنّة سنة إبراهيم ، وشر الأمور(1) محدثاتها ، فكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة كفر ، وكلّ كفر في النار.
ما قاله عثمان عن ابن مسعود حین وصوله المدینة
فكتب عثمان إلى الوليد فأشخصه من الكوفة ، فلما قدم المدينة صعد عثمان المنبر ، فقال : أيها الناس ! [ إنّه ] قد طرقكم في هذه الليلة دُويبة، مَنْ تمشي على طعامه يقيء(2) ويسلح(3) ! فلما دخل ابن مسعود المسجد فسمعه [فقال ] لعثمان : ما قلت(4)؟ ! لستُ كذلك ، ولكنّي صاحب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) يوم بدر، وصاحبه يوم أُحد، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم خيبر(5).
فقالت عائشة : [ يا عثمان! أ] تقول هذا لصاحب رسول الله ؟ !
فقال عثمان : اسكتي !.
ثم قال لعبد الله بن زمعة : خذه فأخرجه من المسجد(6).. فاحتمله ابن زمعة
ص: 484
1- في نسختي الأصل : أمة ، بدلاً من : الأُمور .
2- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل ، وأثبتناه منها ما استظهرناه.
3- الكلمة في نسختي الأصل مشوشة وغير منقوطة.
4- في نسخة (ألف) : فقالت .. ولا معنى لها ، ويظهر من نسخة (ب) أيضاً.
5- وجاء في شرح النهج 43/3 وفيه : حنين ، بدلاً من : خيبر .
6- في شرح النهج : أخرجه إخراجاً عنيفاً .
کسر عثمان اضلاعابن مسعود و ما قاله اعثمان قبل موته
حتى صار به(1) باب المسجد ؛ فضرب به الأرض فكسر ضلعاً من أضلاعه، فقال ابن مسعود : قتلني ابن زمعة الكافر بإذن عثمان.
وفي رواية : أنّ ابن زمعة .. [ الذي فعل به ما فعل كان] مولى لعثمان، أسود، وكان شديداً طويلاً(2).
وفي رواية أخرى: أنّ فاعل ذلك كان يحموم(3) مولى عثمان(4).
ثمّ إنّ عثمان ندم على ذلك .. فأتاه فقال : استغفر لي يا أبا عبدالرحمن غفر الله لك .
فقال ابن مسعود : والله لئن كُنْتَ كما أقول ما ينفعك استغفاري، وإن كُنتُ كما تقول ما يضرك أن لا أستغفر لك .
قال له : استغفر لى غفر الله لك .
ص: 485
1- قد تقرأ في نسختي الأصل : ضاربه .
2- في شرح ابن أبى الحديد : لعثمان أسود مسدماً طوالاً .
3- في نسختي الأصل : مجموم - مشوشة - وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه.
4- وفي رواية : إنّه لما احتمله ليخرجه من المسجد ناداه عبد الله : أنشدك الله ألا صَلَّى اللَّهُ عَلَيه تخرجني من مسجد خليلي (صلی الله علیه و آله و سلم) ، كما قاله السيد المرتضى (رحمه الله علیه) في الشافي / 281 - 282 نقلاً عن الواقدي . ولاحظ : تفصيل ذلك فيما جاء في بحار الأنوار 187/31 – 192 ( الطعن الخامس ) وعليه مصادر جمة .. جزى الله خيراً محققه ، وجزاه الجنّة مع مواليه ، وأحلّ عثمان ومن تابعه أسفل درك النيران بحق طه ويس والرحمن.
قال : هل يستغفر مؤمن لكافر ؟ ! أو كافر لمؤمن(1) .. ؟ !
فقال له : سل عطيتك(2)- وكان عثمان حبسها عليه خمس سنين -.
قال : منعتنيها وأنا إليها محتاج ، وتعطينيها وأنا عنها غنيّ ؟ ! قال : يكون لولدك ، قال : رزقهم على الله ، قال : استغفر لي يا أبا عبد الرحمن ، قال : أسأل الله تعالى أن يأخذ لي منك بحقي ..
فانصرف عنه عثمان، ومات ابن مسعود وأوصاهم ألا يصلّي عليه نعمان(3) .. القصة .
فقال الزبير متمثلاً(4) في ذلك(5):
[ من البسيط ]
لأَعْرِفَنَّكَ بَعْدَ المَوتِ تَنْدُبُنِي *** وَفي حَياتِي مَا زَوَّدْتَنِي زادِي(6)
ص: 486
1- في نسختي الأصل : كان ، وهي محرّفة عن المثبت.
2- في نسخة (ألف) : أعطيتك .
3- رمز لعثمان بن عفان كما سلف .
4- في نسختي الأصل : تمثلاً .
5- أورد القصة أبو الفرج الإصفهاني في الأغاني 333/22، وفيه : فقال له طلحة بن عبيد الله : إنّك وإيّاه لكما قال عبيد بن الأبرص ، وفيه : لا ألفينك .. وهو مثل يضرب لمن يضيّع أخاه في حياته ، ثمّ بكاه بعد موته . وجاءت القصة مع عمر لما مات خالد بن الوليد خاطبه بذلك طلحة ، كما في النهاية لابن الأثير 73/1.
6- انظر : أنساب الأشراف 5 / 525 و 228/11 ، وشرح نهج البلاغة 42/3، والشافي 4 / 280 - 281 ، والغدير 4/9 - 5 عن عدة مصادر . وراجع : تاريخ المدينة لابن شبة 1051/3 - 1052.. وغيره.
قیل: إن عثمان ضرب ابن مسعود أربعین سوطا في دفنه لأبي ذر بالربذة
وروي : أنته لمّا تَقُل(1) ابن مسعود أتاه عثمان - وعنده جماعة من أصحاب النبي (عليه وآله السلام) - فقال : نشد تكم الله ! هل سمعتم نبيّكم يقول: «رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أُمّ عبد »(2)؟! قالوا : اللهم نعم. قال: اللهم إنّي لا أرضى لأمة .. خليل_[_ي](3) عثمان(4).
أول من اجتری علی عثمان جبلة بن عمر الساعدي
محمد بن إسحاق [ عن محمد بن كعب] القرظي : أن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطاً في دفنه أبا ذرّ بالربذة(5).
وروي(6): أنته أوّل من اجترى عليه بالكلام السيّء جبلة بن عمرو الساعدي،
ص: 487
1- في نسختي الأصل : يقبل ، وهي مصحفة عن المثبت . وثَقُلَ الرجل : اشتدّ مرضه، كما في تاج العروس 85/14 مادة (ثقل ) .. وغيره .
2- الحديث مستفيض نقلاً ، انظر : الغدير 8/9 وفيه مصادر للحديث .
3- يعني بخليله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)، أي : لا أرضى عثمانَ لأُمّة.. خليل[_ي] رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم).
4- انظر : الإيضاح : 57 .
5- وراجع : الشافي في الإمامة 282/4 - 283 ، وتلخيص الشافي 105/4، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 44/3، ونهج الحق : 295، وما جاء في بحار الأنوار 31 / 190 ( الطعن الخامس ) .. وغيرها . 149/2 ، والبداية والنهاية 197/7 .. وغيرها . وانظر : الغدير 9 / 130 - 131 عن عدة المصادر.
6- جاء بنصه في تاريخ الطبري 399/3 - 400 [ وفي طبعة مصر 365/4 - 366]. وراجع : الكامل لابن الأثير 167/3 - 168 ، وشرح النهج لابن أبي الحديد
مر به عثمان - وهو جالس في نادي قومه، وفي يد جبلة جامعة - فسلم على القوم .. فردوا عليه جميعاً السلام ، فقال جبلة : لِمَ تردّون على رجل فعل كذا.. وكذا. ثمّ أقبل على عثمان ، فقال : والله لأطر حنّ هذه الجامعة في عنقك أو لتتركنّ بطانتك هذه [الخبيثة ](1)!
فقال عثمان : أى بطانة ؟ ! فو الله إني لأتخير(2) الناس ..
فقال جبلة : مروان ممّن تخيّرته ؟! .. ومعاوية ممّن تخيّرته ؟ ! وعبد الله بن سعد ابن أبي سرح(3) تخيرته ؟ !
منهم من نزل القرآن بذمه وأباح رسول الله دمه. فانصرف عثمان، فما زالوا مجترئین عليه بعد ذلك ..(4)
ص: 488
1- الزيادة من شرح النهج .
2- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة ، وقد أثبتنا منها ما استظهرناه، وقد تقرأ في نسختي الأصل : لا أتخيّر - بدون نقط وفي تاريخ الطبري : لأتخيّر ، وهو الصواب، فإنّ جواب جبلة له بقوله : مروان ممّن .. يدلّ على أنّ عثمان كان قد أثبت لنفسه التخير لا أنته نفاه.
3- في تاريخ الطبري : وعبد الله بن عامر بن كريز تخيرته ، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح تخيّرته .
4- في تاريخ الطبري : عليه إلى هذا اليوم.
ما قاله عبدالرحمن بن عوف عن عثمان وأمره ولده بعدم إخبار عثمان بموته
ودخل عليه عبد الرحمن بن عوف فَعَذَلَهُ(1) في ذلك ونهاه .. فأبى، فخرج من عنده وهو يقول: أيها الناس ! إني أردت عثمان على أن يعمل بكتاب الله تعالى فأبى على .. !(2)
وروي(3): أنّ بعض الصحابة دخل على عبد الرحمن بن عوف يعوده في مرضه الذي مات فيه ، فذكر عنده عثمان ، فقال عبد الرحمن : عاجلوا طاغيتكم هذا قبل أن يتمادى في ملكه . قالوا : فأنت وليته .. ! قال : لا عهد لناقض .. !
وقال : رأيت عبد الرحمن في المسجد ورجل بين يديه يسأله عن عثمان، فجعل يقع فيه ،ويعيبه ، فقال الرجل : فلم بايعت له وهو هكذا ..؟! فسمعت عبد الرحمن وهو يقول : ويلك ! فَلِمَ ولدتك أمك ..؟! إنّ الأمر مقضي ..
فلما حضر عبدالرحمن الموت أمر بنيه يدفنونه، ولا يصلي عليه عثمان .. فدفنوه ولم يصلّ عليه.
ص: 489
1- في نسختي الأصل : فعله ، والظاهر أنتها مصحفة عن المثبت.
2- انظر موقف ابن عوف مع عثمان في الغدير 86/9 - 90.
3- كما نقله الواقدي في تاريخه عن عثمان بن السريد ، قال ... دخلت على عبدالرحمن ابن عوف .. وعنه في تقريب المعارف : 281 ، وعنه في بحار الأنوار 289/31. انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 28/3 ، وأنساب الأشراف للبلاذري 546/5 - 547 ، والشافي في الإمامة 264/4 ، وحكى عن البلاذري قطعة منه في الغدير 86/9.
ما رد علیه حذیفة جوابا له
وروي(1) : أنته بلغه عن حذيفة ما يكرهه فأرسل إليه ، فقال : ما الذي بلغني عنك بظهر الغيب ؟ ! قال : وما الذي بلغك ؟
قال : بلغني ما لا أحبّ .. وأغلظ له .
فقال له حذيفة : لتخرجن إخراج الثور، ولتشحطن(2) شحط الجمل .. فأرعش(3) عثمان من الغضب ، وقال : اخرج عنّي ..
وأحضر معاوية فأخبره بما جرى ، فقال : طأها(4) تحت قدمك(5) فلا(6) تخبر بها أحداً !(7)
ص: 490
1- كما جاء في المصنّف للصنعاني 450/11 ، والمصنّف لابن أبي شيبة 685/8 ، و تاريخ المدينة للنميري 3 /1083 . . وغيرها .
2- تقرأ الكلمة في نسخة (ب) : لتسخطن سخط ، والظاهر ما أثبتناه، كما جاء في تاريخ ابن شبة النميري .. والشحط هو الذبح ؛ والظاهر أنته كناية عنه. قال الجوهري في الصحاح 1135/3 : الشحط : البعد ، يقال : شحط المزار .. أي بعد، وتشحط المقتول بدمه .. أي اضطرب. ولاحظ : مختار الصحاح : 176. وكذا جاء في لسان العرب 327/7 .. وغيره .
3- فعل أمر من وطئ يَطأ.
4- في نسختي الأصل : فأوعش ، وهي محرّفة عن المثبت ، ففي تاريخ المدينة لابن شبة 1083/3: فأخذه من ذلك أفكل يعني رعدة.
5- في تاريخ النميري : ادفنها تحت قدميك .
6- كذا ؛ والظاهر : ولا .
7- قال الفسوي في المعرفة والتاريخ 763/2 مسنداً ... لما قتل عثمان فزعنا إلى فيه - أيضاً - 2/ 770 راوياً عن زيد بن وهب عن حذيفة : إن خرج الدجال تبعه من كان يحبّ عثمان ، وإن كان قد مات آمن به في قبره. وجاء في الكامل 85/1 أنته قال لعثمان: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ .. حذيفة [بن اليمان ] في صفة له، فقال: والله ما أدري كافراً أو مؤمناً خاض الفتنة إلى كافر يقتله .. وهناك قبلها رواية مفصلة أيضاً ، فلاحظ. وقال فیه - أیضا - 770/2 راویا عن زید بن وهب عن حذیفة: إن خرج الدجال تبعه من کان یحب عثمان، وإن کان قد مات آمن به في قبره.
إرجاع عثمان أبا العاص وولده بعد أن تفاهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)
وفي خبر عن أبي جارية العبدي: أنته(1) كان رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) نفى أبا العاص وولده إلى أرض الدهلك(2) فما زالا به ، فلما ولي عثمان أقدمهما وأعطاهما ثلاثمائة ألف دينار !(3)
ما قاله ابن عباس عن عثمان وفعاله
فقال ابن عباس : يا أصحاب محمد! ترون ما يصنع ثعبان(4)؟! يبعد أصحاب رسول الله ، ويُقرّب الطلقاء .. طرداء رسول الله ، ويأخذ أموال الله ، ويمنعها أهلها ويمنحها(5) من غير أهلها ، دونكم هذا العجل !! عجل هذه الأُمّة .. دونكم نعثلاً !!
ص: 491
1- الظاهر كون : (أنته) زائدة.
2- قال الحموي في معجم البلدان 492/2 : هي جزيرة في بحر اليمن ، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة ، بلدة ضيقة حرجة حارّة ، كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها!
3- راجع : الأصول الستة عشر : 145 [ طبعة دار الحديث ] ، وشرح الأخبار للقاضي النعمان 283/2 - 284 .. وغيرهما .
4- هذا رمز لعثمان بن عفّان ؛ وهو من مختصات المصنّف طاب ثراه كما سلف في ديباجته، وتحدّثنا عنه قريباً ، ولاحظ : نعمان .
5- في نسختي الأصل : يمنعها، والظاهر ما أثبتناه.
ما قاله زیاد بن أبیه اعثمان عند ما قدم له بأموال من أبي موسی الأشعري
فإنّه قد أعْذَرَ إليكم(1)، وقصد من قبله في ردّ كتاب الله ، ونبذ حدود الله ، والهوان بدين الله ، والله - يا عثمان! - إنا لنعلم أنتكم لمشركون وأنكم على جاهليتكم عاكفون.
في تاريخ الطبري(2): قدم زیاد على نعمان(3) برسول لأبي موسى الأشعري، بمال وأمتعة من غنائم الفرس.. وكان الثالث يهدي الصحابة(4) دستبانة(5) من ذهب ؛ مكلّلة بالجوهر ، قيمتها مال عظيم.. فدمعت عينا(6) زياد - وذلك قبل أن يستحوذ عليه الشيطان - فقال عثمان : ما يبكيك ؟ !
قال : ذكرت عمر وصنعه(7) بمال جئته به .
ص: 492
1- أيّ قدم العذر في جواز قتله .
2- أقول : لم يرد صدر الخبر في المصدر ، وإنما جاء في تاريخ الطبري 226/4 [طبعة مصر، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، وفي طبعة الأعلمي - بيروت 291/3]، مسنداً ، عن ابن عون ، عن محمّد قال : نبئت أنّ عثمان قال : إنّ عمر .. ولا يوجد صدر الحديث.. فراجع : الشافي في الإمامة 4/ 273 ، وتلخيص الشافي 95/4..
3- رمز لعثمان ، كما سلف أكثر من مرة .
4- كذا ؛ والظاهر : للصحابة ، أو: لأصحابه .
5- الدست من الثياب ما يلبسه الإنسان ويكفيه لتردّده في حوائجه ، وقيل : كلّ ما يلبس من العمامة إلى النعل ، والجمع : دسوت، مثل فلس وفلوس، قاله الشيخ الطريحي في مجمع البحرين 200/2.
6- لا توجد في نسخة (ألف): عينا.
7- هذا ما استظهرناه ، والكلمة في نسختي الأصل مشوّشة تقرأ أيضاً : مبتعة ، أو : متبعة .
البیت الذي قاله الأنصاري
قال عثمان : إنّ عمر كان يمنع أهله وذوي قرابته ابتغاء وجه الله ، وأنا أعطي أهلي وقرابتي ابتغاء وجه الله !! ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ .. ﴾(1)!!
وفي ذلك يقول الأنصاري(2):
بیتان لمهیار الدیلمي
[ من المتقاب ]
وَمَالٌ أَتاكَ بِهِ الأَشْعَرِيُّ *** مِنَ الْفَيْءِ أَعْطَيْتَهُ مَنْ دَنَا(3)
مهیار:
[ من الرجز ]
كَذاكَ حِينَ(4) أَنْكَرُوا مَكَانَهُ *** وَهُمْ عَلَيْهِ قَدَّمُوهُ فَقَبلْ
وَرَدَّها عَجْمَاءَ كِسْرَوِيَّةٌ *** فَضاعَ(5) فِيها الدِّينُ حِفْظاً لِلدُّوَل(6)
***
ص: 493
1- سورة الإسراء (17) : 84 .
2- أقول : هذا البيت من جملة أبيات قالها عبدالرحمن بن حنبل الجمحي كما في ديوانه : 79 - 80، من النسخة الخطيّة التي قام بتحقيقها الأخ العلّامة الشيخ قيس العطار، وعليه عشرات المصادر . نعم هذه الأبيات وردت في أنساب الأشراف 149/6 ، منسوبة إلى أسلم بن أُوس بن بجرة الساعدي من خزرج الأنصار ، فراجع .
3- راجع : كتاب الأغاني 472/6 ، ومثله في تاريخ مدينة دمشق 321/34، ونهاية الأرب 414/19.. وغيرها عند ذكرهم غزو أفريقيا.
4- في الديوان : حتّى .
5- في الديوان : يضاع.
6- انظر : دیوان مهيار الديلمي 113/3.
المحتوى - الفهرست التفصيلي
المحتوی - الفهرست التفصیلي
ص: 495
المحتوى للجزء السادس من مثالب النواصب
آية .. ابتهال .. رواية .. شعر ... 3
نماذج من نسختي (ألف) و (ب) من الكتاب المبدأ والمنتهى - ... 7
مسرد هذا المجلد ... 11
تتمة باب أبي الدواهي الفصل الثاني عشر في بغي الطاغوت (13 - 34)
في قوله سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ أَجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ ..﴾ ... 15
في قوله تعالى: ﴿ كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا ..﴾ ... 15
موقف عبد الله بن عمر عندما نعي الحسين (علیه السّلام) في المدينة وخروجه إلى الشام ... 16
إبراز يزيد وصية عمر ورسالته إلى معاوية ، وكفره فيها وزندقته ... 18
قصة إسلام عمر ومواقفه المخزية في زمن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و بعده كما في الوصية ... 18
ص: 497
إجبار أمير المؤمنين (علیه السّلام) على البيعة ... 25
كيفية أخذهم البيعة من أمير المؤمنين (علیه السّلام) ... 27
أبيات منسوبة لعمر قالها في رسالته لمعاوية (7) ... 28
بیتان منسوبان للإمام الرضا (علیه السّلام) ... 31
أبيات الكميت (3) ... 32
أبيات البرقي (4) ... 32
أبيات السوري (7) ... 33
الفصل الثالث عشر في كفر غندر ( 35 - 46 )
في تأويل قوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ..﴾ ... 37
في تأويل قوله تعالى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ أَكْفُرْ ..﴾ ... 38
في المراد من قوله سبحانه: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ..﴾ ... 39
قوله (صلی الله علیه و آله و سلم): « الثاني فرعون هذه الأمة » ... 40
ما ذكره اليهودي عند رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في صفات وسيماء الخليفة الثاني ... 40
حديث رشيد الهجري وكون الخليفة في ثبج من نار ... 41
في تأويل قوله عزّ إسمه : ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ ... 42
في معنى آيات من سورة المدثر : ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَعْدُوداً﴾ ... 42
ص: 498
في المراد من قوله عزّ من قائل: ﴿وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ * كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ﴾ ... 43
المراد من الآية الكريمة : ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ ﴾ ... 44
في قولة الثاني في تولية من كانت النبوة فيه ، وكونه هو وصاحبه مصداقاً لذلك ... 44
اعتراض القس على كلام الخليفة وبيان جهله ... 45
بيتان للعوني ... 46
الفصل الرابع عشر في بدع هامان (47 - 218 )
في بدعة الثاني في الوضوء بالنجس وغسل الرجلين ... 49
في قوله سبحانه: ﴿ إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ ..﴾ ... 49
جعله المسح على الرجلين غسلاً ... 49
وفي تفسير قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾ ... 50
ما روى عن أهل البيت (علیهم السّلام) في تفسير الآية و بيان كيفية الوضوء ... 50
من حمل على المجاورة اخطأ من وجوه ثلاث : ... 52
الأول : إنّ الاعراب بالمجاورة شاذ ... 52
الثاني : إنّ من اعرب المجاورة فلا يجد حرف العطف الذي تضمنته الآية الشريفة ... 52
الثالث : إنّما يستحسن الاعراب بالجوار فيما لو ارتفعت الشبهة في المعنى ... 53
الأقوال في الوضوء من الصحابة وما روي عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) في ذلك ... 54
ص: 499
كيفية وضوء عثمان وحكاية وضوئه (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 55
بدعة الحجاج في كيفية الوضوء وغسل الرجلين ... 56
بيت سلامة الحسيني في الوضو ... 56
المراد من قوله سبحانه: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ ... 56
كيفية التيمم ... 56
بدعة الثاني في التيمم ... 57
الدليل على عدم جواز المسح على الخفين ... 59
ما قاله أمير المؤمنين (علیه السّلام) جواباً لسؤال عمر في المسح على الخفين ... 60
قولة ابن عباس : نسخ کتاب الله المسح على الخفين ... 61
قولة الثاني : ثلاثة كنّ على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) منها متعتان ، والثاني حي على خير العمل ، أنهى عنهنّ وأعاقب عليهن ... 63
أذان الإمام السجاد (علیه السّلام) من طريق العامة ، وقوله (علیه السّلام): حي على خير العمل ... 64
قولة ابن عمر في أذانه : ( حي على خير العمل ) ... 64
ما روى عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في باب قول : ( حي على خير العمل ) ... 65
ما قاله ابن عباس لعمر في هذا الباب ... 65
أفسد عمر على الناس الأذان ، كالوضوء والتيمم ... 66
بيت شعر لكشواذ ، وأبيات لعبد الجبار الحسني ... 66
بدعة التثويب ... 67
قولة الرجل : ان الله عزّ وجل : يضل من يشاء ويهدي من يشاء ... 67
ص: 500
عود على الحديث عن التثويب والأقوال فيه ... 67
المراد من ( الصلاة خير من النوم ) إنّ صلاة أبي بكر في المسجد خير جد خير من نوم علي (علیه السّلام) على فراش النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 69
أبدع بجعل إجزاء الإقامة فرادى خلافا لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 71
ما روى في كيفية الأذان عن الصحابة ... 72
بدعة عمر في السجود على العبقرى ... 73
ما أبدعه في افتتاح الصلاة خلافاً لرسول الله والصحابة في كيفية دخولهم في الصلاة ... 74
في كيفية افتتاح رسول الله لا للصلاة ... 74
بدعة التكتف في الصلاة ... 75
غضب رسول الله على عمر وقوله : « متهودون أنتم يابن الخطاب .. ؟! » ... 76
إجماعنا على أن التكفير يبطل الصلاة ... 77
بيت الزاهي في التكتف ... 78
حذف آية البسلمة من القرآن و الصلاة ... 78
بيتان للعوني ... 79
بدعة زيادة قول ( آمين ) فى الصلاة تبعاً لليهود ... 79
بیت کشواذ في قول (آمین) ... 80
روى : « ان تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم» ... 80
بدعة الرجل في التشهد و التسليم ... 81
بدعة قراءة سورة السجدة يوم الجمعة في الصلاة الفجر ... 82
ص: 501
بدعة جعل وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثليه ... 82
بدعة جعل صلاة المغرب إذا غابت الشمس عن الأبصار ... 83
إفطار المسلمين في شهر رمضان في يوم غيم ثم طلعت الشمس ... 85
إفطار المسلمين بأمره والشمس لم تغرب ... 86
صَلَا اللَّهُ قوله : إن ترك الصلاة حتى إذا كان في قرن الشيطان ... 87
صلاة المنافق ... 87
أبيات الجزري(3) ... 89
بيتان للعوني ... 89
بيت لكشواذ ... 90
في بيان وقت صلاة الوتر ... 90
الأمر بالصلاة آخر الليل ... 91
بیان عدد ركعات صلاة الليل ... 91
لا ينبغي تأخير الوتر إلى آخر الليل ... 93
قولة عمر : ابدوا بالطعام قبل الصلاة إذا حضرت ... 94
ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى الناس للصلاة بعد أن كثروا خوفاً من أن تكون سنة ... 95
بدعة صلاة التراويح ... 95
قولة عمر المعروفة عن صلاة التراويح : بدعة ونعم البدعة ، أو بدعة حسنة ... 95
ترك أمير المؤمنين النهي عن صلاة التراويح بعد أن قال الناس : واسنة عمراه! ... 97
ص: 502
بيت لمجهول في صلاة التراويح ... 99
جمع رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بين صلاتي الظ بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاة المغرب والعشاء الآخرة ... 100
إفطار الخليفة بالجماع ... 100
بيت لكشواذ ... 101
الإجماع على وجوب الزكوة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب بالعشر ونصفه ... 101
مسألة تدوين عمر للدواوين وما فرضه لأهل البيت (علیهم السّلام) ثم لسائر طبقات المسلمين ... 102
تفضيل الخليفة للصحابة والسابقين ثم الأمثل فالأمثل ... 103
أدخل في أهل بدر أربعة من غيرهم ؛ وهم الحسن والحسين (علیهما السّلام) وأباذر وسلمان ... 104
ما فرضه الخليفة الأزواج رسول الله الهلال مع تفضيل عائشة عليهم ... 104
منشأ العصبية وأساسها بتفضله أصحاب رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأزواجه والأنصار على العرب ، والعرب على العجم ... 105
ما فرضه الخليفة لأسامة وعبد الله بن عمر ... 105
مجموعة من النقوض على مثل هذه التفاضل ... 106
مخالفة عثمان لما فرضه عمر في أزواج رسول الله (علیه السّلام) ... 107
بیتان لابن حماد ... 107
تبعية الخليفة في الخراج لكسرى ... 109
تبعيض الخليفة في أخذ الجزية ومخالفة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في كيفية التعامل مع أهل الذمة ... 110
ص: 503
إفساده على أرباب الأملاك باحتباسهم لأجل ما يأخذ من هذا الخراج عن الزكاة الواجبة عليهم ... 110
تدوينه ديوان للمجاهدين ... 111
أفسد الجهاد بالأُجرة، وأباح التخلّف عن الجهاد ، وأبطل جهاد المجاهدين بأخذهم الأُجرة عليها ... 111
ما يأخذه الجند إلى اليوم حرام فالأُجرة والغنائم عليهم حرام ... 112
إعطاءه الأُجرة لبعض فقهاء المسلمين أو المعلمين من ذلك المال الحرام ... 112
إعطاءه الأجرة للمؤذنين ومثله القضاة وغيرهم ... 114
إجلاء عمر أهل نجران وأهل خيبر عن ديارهم إلى تيماء وأريحاء بقوله : لا يجتمع دينان في جزيرة العرب ... 115
ما كان يأخذه الخليفة من أهل الذمة مما هو مخالف لسيرة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 116
بيت لابن حماد ... 118
مخالفته لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في مقدار المد والصاع ... 118
بدعته في النزول في ديار المسلمين للعساكر أي موضع كان ... 118
إفساده للحج بنقل المقام عن موضعه ... 119
وضعه للمقام بين باب الكعبة والحجر بعد أن أرجعه رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إلى ما كان ...119
تحويل المقام خوفاً من السيل ، واليوم أخوف عليه منه ... 120
بیتان للسيد الحميري ... 120
بيت لابن حماد ... 121
بيتان لكشواذ ... 121
ص: 504
إبطاله لحج التمتع ... 122
ما فعله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في حجة الوداع ... 123
مخالفته لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) صريحاً في الإحلال من الحج ... 125
سبب إنكاره لمتعة الحج ... 126
قولة الرجل : ثلاث كنّ على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) أنا أنهى عنهنّ وأحرّمهن وأعاقب عليهنّ ... 127
نهيه الخليفة عن متعة الحج مع علمه بفعل رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لها ... 129
الإجماع على نزول آية المتعة ولم ينزل قرآن بتحريمها ... 130
محاورة الضحاك بن قيس مع سعد بن أبي وقاص في متعة الحج ... 134
حكم عبد الله بن عمر بحلية عمرة التمتع ومخالفته لأبيه ... 136
زجر عثمان لأمير المؤمنين (علیه السّلام) لإتيانه بالعمرتين ... 137
اللهُ نقل جملة من الروايات الحاكية عن تلبية رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بحجة وعمرة معاً ... 137
كلام ابن عباس بكون العمرة قرينة الحج ... 139
كلام سعد بن أبي وقاص في عمرة التمتع ... 140
الروايات الكثيرة من أن النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) للتمتع بالحج إلى العمرة وتمتع الناس معه خاصة ما جاء عن أمير المؤمنين (علیه السّلام) ... 140
في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ..﴾ ... 142
أبيات المعري (3) ... 146
نهي الخليفة عن كثرة الطواف ... 146
ما جاء من روايات عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) و أخبار الصحابه في حجة الوداع ... 147
ص: 505
إفساد الخليفة على المسلمين طوافهم وصلاتهم ... 147
حكم الخليفة في أموال الناس والأملاك التي تصير إليهم ... 148
تحليل الخليفة ذبائح أهل الذمة ... 148
بيت لكشواذ ... 149
حکم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بكفاءة المسلمين في النكاح بعضهم لبعض وتبعيض الخليفة ... 149
نهى الخليفة من تزوج العرب من قريش ، وتزوج قريش من العرب والعجم ... 151
نقل كلمات الأصحاب والعلماء في حلية المتعة ... 156
تحامل ابن الزبير على ابن عباس في حليته للمتعة ورده القاصم له ... 159
في حديث جابر : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأبي بكر ... 161
قولة الثاني : متعتان كانتا على عهد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) حلالاً وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما ... 163
في قول أمير المؤمنين (علیه السّلام): « لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنى فتيانكم هؤلاء»، وفي رواية : « ما زنى إلّا شقي» ... 164
مقولة ابن عباس عن المتعة ... 165
من كان يرى المتعة من الصحابة ... 166
من كان يرى المتعة من التابعين ... 167
ما كتب عن المتعة من الأصحاب ... 170
محاورة أبي حنيفة ومؤمن الطاق ... 170
أبيات السيد الحميري (7) ... 173
ص: 506
أبيات ابن العودي (4) ... 175
بيت لكشواذ ... 175
جلد عمر للناكح والمنكوح من متعة ... 175
بحث في ولاية الولي في النكاح ... 176
في قوله سبحانه: ﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ..﴾ ... 177
قوله تعالى : فإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ..﴾ ... 177
في قوله عزّ اسمه : ﴿ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ..﴾ ... 177
في قولهم : « الأيم أملك بنفسها من وليها» ... 178
في معنى الولي ... 179
في قوله عزّ من قائل : ﴿ وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ..﴾ ... 179
في قوله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلا تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ..﴾ ... 179
في قوله جلّ وعلى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ..﴾ ... 182
في حكم أُمهات الأولاد بيعاً أو تحريراً ... 183
من ذهب من الأصحاب إلى جواز بيع أمهات الأولاد ، وكذا ملكهن وبيعهن ... 183
ما كان لأمير المؤمنين (علیه السّلام) حين شهادته من السرايا وأُمهات الأولاد ... 184
لا رجوع عمر عن حكمه على أُمهات الأولاد ... 185
حكم عمر بعتق وليدة ضربها سيدها بنار ... 186
إعتاق أُمهات الأولاد وكذا أولادهنّ ... 186
حکم طلاق السنة وطلاق العدة وخروج عمر عن سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وقوله بطلاق البدعة ... 187
ص: 507
تجویز عمر طلاق الثلاث في مجلس واحد وتعليله السخيف لذلك ... 188
تهافت حکم عمر في من طلق ثلاثاً في مجلس واحد بين العفو والضرب ... 191
سبب تنزيل الطلقات الثلاث بواحدة ... 192
نهى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ومعاقبة أمير المؤمنين (علیه السّلام) لمن طلق امرأته ثلاثاً ... 195
بيت لكشواذ ... 196
تجويز الخليفة الخلع والطلاق والظهار في الحيض ... 196
أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بن عمر بطلاق السنة ... 198
منع اليهود والنصارى والمجوس - إذا أسلموا - من ميراث ذوي أرحامهم ... 199
توريث أمير المؤمنين (علیه السّلام) من أسلم من أهل الذمة ... 200
أمره با تباع قول زيد بن ثابت في الفرائض ... 201
بدع زيد بن ثابت بحكمه بالعصبة ... 201
معنى العصبة ... 202
النقوض الواردة على الحكم بالعصبية ... 203
قول زيد بن ثابت إنّ من قضاء الجاهلية توريث الرجال دون النساء ... 206
ما ألزم به الفضل بن شاذان حكم زيد بالعصبة ... 207
حكمهم بتوريث العم دون العمة ، كما وقد ورثوا ابن الأخ وابن الابن دون ابنة الأخ وابنة الابن ... 208
حكمهم بتوريث الأعمام دون الأخوال ... 208
قولة ابن عباس : إنّ الذي علم رمل عالج لم يعلم أن يكون في مال نصف ونصف وثلث ... 209
ص: 508
أحكام غريبة في الإرث لا أساس لها ... 210
رواية عبيدة السلماني في جهل عمر في كيفية التوريث ... 211
قول الفضل بن شاذان : إنّ عمر أوجب أنّ الله تعالى فرض المحال المتناقض ... 212
اختلافهم في كيفية ومبدأ قطع السارق ... 215
ما ترك عمر من دين الله واحداً لم يغيره ببدعة وإفساد في الأُمة ، مع أن فاعله كافر حتماً ... 216
أبيات لأبي إسحاق ابن الوزير المغربي(3) ... 216
بيتان للعوني ... 217
الفصل الخامس عشر في مشورة ابن حنتمة (272 - 219)
في قوله سبحانه: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ ..﴾ ... 221
في قوله تعالى: ﴿ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ﴾ ... 221
تفسير أمير المؤمنين الا للآية الكريمة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَبِّكُمْ..﴾ ... 221
جواب عمر لمن قال له : لو استخلفت ... 222
تمني الخليفة استخلاف سالم مولى أبي حذيفة ... 222
أبيات العوني(10) ... 226
نظر الخليفة في من عينهم من الستة ؛ عثمان ... 27
ص: 509
نظر الخليفة في استخلاف ولده عبد الله ... 229
نظر الخليفة في : طلحة ... 230
نظر الخليفة في : الزبير ... 233
نظر الخليفة في : سعد بن أبي وقاص ... 234
نظر الخليفة في : عبد الرحمن ... 235
نظر الخليفة ثانياً في : عثمان ... 236
نظر الخليفة ثانياً في : ابن عمر ... 237
نظر الخليفة في : أمير المؤمنين (علیه السّلام) ... 237
أبيات ابن حماد (6) ... 241
شهادة عمر للستة بالجنّة ، ثم عابهم ... 244
استخلاف عمر لستة ؛ خالف بذلك سيرة رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) وأخذ بسيرة صاحبه ... 244
بيت ابن بابك البغدادي ... 244
أمره صهيب بالصلاة بالناس حتى يتفقوا على خليفة ... 245
بيتان للفرزدق ... 246
وضع على من شهد له بالجنة خمسين رجلاً وولى عليهم صهيباً ... 246
أبيات لشاعر (4) ... 248
كيفية إجراء الشورى وما صدر من الخليفة من أحكام فيهم ... 248
يأمر بقتل أهل الجنة ، إن لم يتفقوا على شيء ... 249
أبيات لشاعر (3) ... 249
ما ورد في العباس عم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 250
ص: 510
بيتان لشاعر ... 251
بيتان لشاعر ... 252
ما قاله قيس بن سعد بن عبادة محاجة للقوم شعراً (6) ... 252
دور أبي طلحة في شورى القوم ... 254
بيتان تمثل بهما أمير المؤمنين (علیه السّلام) من الشعر بعد أن عتب عليهم وحذرهم ... 255
كيفية دفع عمر لأمير المؤمنين (علیه السّلام) من الشورى ... 256
أبيات الرئيس ابن أبي القاسم العوني(3) ... 257
أبيات ابن العودي النيلي(6) ... 259
أبيات خطيب منبج (8) ... 260
تلكأ أمير المؤمنين (علیه السّلام) عن البيعة لعثمان ... 260
كيفية قبول أمير المؤمنين (علیه السّلام) البيعة لعثمان ... 260
تهديد عبد الرحمن بن عوف لأمير المؤمنين (علیه السّلام) بعدم البيعة ... 262
أبيات أبي فراس (7) ... 266
بيتان لمهيار ... 268
أبيات للمصنّف (رحمه الله علیه) (3) ... 268
أبيات السيد الحميري (5) ... 269
أبيات السيد الحميري (3) ... 270
بيتان لديك الجن ... 271
أبيات لديك الجن (6) ... 271
ص: 511
الفصل السادس عشر في إحراق فلان منزل أهل البيت (علیهم السّلام) (313 - 273)
في تأويل قوله سبحانه: ﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ ﴾ ... 276
في تأويل قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾ ... 278
في تأويل قوله عزّ من قائل: ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ﴾ ... 278
قطعة في ما أوصى به عمر لمعاوية ... 279
فعل النذل الخليفة وحزبه مع الصديقة (عليها السلام) ... 280
حمل القوم الحطب لإحراق دار النبوة ... 282
إسقاط محسن (علیه السّلام) بالضرب ... 281
ما فعله القوم في المدينة لحمل الناس على البيعة ... 283
طلب عمر الحطب والنار لحرق بيت النبوة ... 283
كسر عمر ضلع من أضلاع الصديقة (عليها السلام) وضربها بالسوط ... 284
دور الزبير في الدفاع عن الهجوم ... 287 و 289
ما قيل من شعر في المقام: العوني(7) ... 292
أسات أُخر للعوني (3) ... 293
أبيات أُخر للعوني (6) ... 293
أبيات له (3) و (1) ... 295
أبيات أُخر للعوني (5) ... 295
ص: 512
أبيات أُخر للعوني(6) ... 296
وأيضاً له ( 5 ) ... 297
وله ( 5 ) ... 299
بيتان للعوني ... 299
أبيات للعوني(3) ... 300
بيتان للعوني ... 300
قصيدة للعونى(9) ... 301
أبيات للعوني (5) ... 302
بيتان له ... 302
أبيات للعوني (11) ... 303
أبيات له (3) ... 305
أبيات للعوني (3) ... 305
مخمسة العوني(2) ... 306
أبيات أخر له (7) ... 307
أبيات للبرقي (5) ... 308
أيضاً أبيات للبرقي (3) ... 309
بيتان للعودي ... 310
بيتان لكشواذ ... 311
أبيات لغيره (مقطعات)(12) ... 311
أبيات لشاعر (5) ... 312
ص: 513
الفصل السابع عشر في رد أخبار الكاذبة في اليعوق (315 - 377 )
افتراء ورود قوله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ ... 317
في قوله عزّ من قائل: ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾ ... 319
في قوله سبحانه: ﴿ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ ... 319
في ما وضعوا عنه (صلی الله علیه و آله و سلم): وزنت بأمتي فرجحت ، ثم وزن الأول فرجح ... 320
فرية ترجيح عمر على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ثلاث مرات ... 322
في كيفية موازنة الأجلاف برسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 323
فرية رمي الحبشة بالحصباء عند ما كانوا يلعبون عند النبي (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 324
قولهم : إن فلان لا يحبّ الباطل ! ... 325
قولهم : إنه كان لا يحبّ الشعر خلافاً لرسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم)... 325
فرية : إنّ الشيطان ليخاف من عمر ! ... 327
قولهم : إنّ الله تعالى صاوب الحق على لسان عمر! ... 329
قضاءه في الحد بسبعين قضية ... 331
قوله : والله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ ... 331
قولهم : إنّ الله تعالى باهى بعاده عامة وبعمر خاصة يوم عرفة ! ... 332
قولهم : إنّه نادى سارية - هو بنهاوند ، وهذا بالمدينة - يا سارية الجبل ! ... 333
إقرار عمر بقول رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لأمير المؤمنين (علیه السّلام): «لولا أني أخاف أن يقال فيك ما قالت النصارى في المسيح ..» ... 335
ص: 514
قولهم : إن الشيطان يفرّ من حسن عمر ! ... 340
قولهم : إنه ألقى على لسان نبي الله : فأنهق الغرانيق العلى ففرّ الشيطان ... 341
قيل : إن الشيطان كان مقيداً أيام يعوق ! ... 342
رووا: إنّ عمر سراج أهل الجنة ! ... 344
قالوا : لو لم يخلق الله عمر لبقيت الجنة مظلمة لا سراج لها ! ... 345
رووا: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر ! ... 347
افتروا عنه (صلی الله علیه و آله و سلم) إنه قال : ما رأيت الثاني قط إلّا تخوفت ان ينزع خاتم النبوة من بين كتفى .. ! ... 348
رووا: ما احتبس عنّي الوحي إلا ظننته قد نزل على ابن الخطاب! ... 350
رووا: إنّ السكينة تنطبق على لسان عمر ! ... 350
رووا: إن ملكاً ينطق على لسانه ! ... 351
رووا: إن بين عينيه ملك يسدده! ... 352
رووا: إنّ الشيطان ألقى على لسان النّبي (صلی الله علیه و آله و سلم): تلك الغرانيق العلى ... 355
رووا: لو نزل العذاب لما نجى منه إلا يعوق ! ... 356
رووا: إنّه كان أحبّ الناس إلى رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بعد أبي بكر ! ... 357
رووا: إنه (صلی الله علیه و آله و سلم): قال : اللهم اعزّ الإسلام بأحد رجلين : عمر بن الخطاب أو أبي جهل ! ... 358
في قوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً﴾ ... 360
رووا: إنّ الله أعزّ بعمر الإسلام وردّه !... 360
أبيات السيد الحميري (6) ... 362
ص: 515
رووا: إن الشيطان كان لا يأمر بالمعاصي أيام عمر خوفاً من أن ينهى عمر عنها !... 363
رووا: إنّ عشرة من الصحابة في الجنة ؛ ومنهم : عمر بن الخطاب ! ... 363
في قوله تعالى: ﴿ وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ ﴾ ... 365
رووا: إنّ رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) رأى في الجنة قصر من ذهب وهو لعمر ! ... 366
رووا: إن أمير المؤمنين (علیه السّلام) قال : - وكان عمر مسجى -: لوددت أن القى الله بصحيفة هذا المسجى ... 366
رووا: إنه أسلم بعد أربعين رجلاً وثلاثين امرأة ... 369
رووا: إنّ زيد أخوه من الطلقاء وهو أفضل منه ، - وكذا - أخته لسبقهم بالإسلام ... 370
رووا: قولة عمر بعد اسلامه : لا نعبد الله بعد هذا اليوم.. وسلّ سيفه ... 370
كان عمر معاضداً لأبي جهل في إيذاء رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 371
خوف عمر من أن تكون دولة بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لا حظ له منها ... 372
نسبوا إلى ابن مسعود إنّه قال عند موته اليوم مات ثلث العلم ... 373
قيل أوّل من قال لعمر : الفاروق ؛ هم أهل الكتاب ... 374
بيت العبدي ... 375
وللعبدي مخمسة (2) ... 376
وله بيتان ... 377
بيت لكشواذ ... 377
ص: 516
الفصل الثامن عشر في المفردات (397 - 379 )
في ما ورد في قنفذ ... 381
في قوله تعالى : ﴿ لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ﴾ ... 381
إقرار عمر بأحقية أمير المؤمنين (علیه السّلام) ... 381
بيتان للسيد الحميري (رحمه الله علیه) ... 383
كيفية وضع عمر للديوان ، وإنه بدأ بالأقرب فالأقرب ... 383
بيتان للحطيئة ... 385
موقف الخليفة من حطيئة الشاعر وشعر ... 385
موقف قنفذ عند ما أمر رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الصحابة بالسلام على أمير المؤمنين (علیه السّلام) بإمرة المؤمنين ... 386
في قوله سبحانه: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ ... 388
في قوله جلّ وعلا : ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنجواهُمْ..﴾ ... 389
أبيات السيد الحميري (8) ... 389
أبيات أُخر للسيد(5) ... 391
أبيات ابن حماد (10) ... 392
أبيات البشنوي(5) ... 393
أبيات الكميت (7) ... 394
أبيات خطيب منبج(5) ... 396
ص: 517
باب أبي المعازف
الفصل الأوّل
في أصل قارون ونسبه
(401 - 419 )
في قوله سبحانه : ﴿ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ..﴾ ... 403
التعريف بجد عثمان امية بن عبد شمس ... 403
حديث أبي ذر (رحمه الله علیه) عن رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) إنه قال : « إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا ..» ... 404
حديث أبي هريرة : « إذا بلغ بنو أبي العاص..» ... 405
كان عفان أبو عثمان مأبوناً ويضرب بالدّف ... 406
أبيات لمجهول (5) ... 406
أبيات قالها عبد الرحمن بن حنبل يعيّر بها عثمان(5) ... 407
تجسس الحكم بن أبي العاص - عمّ عثمان - على رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 408
ما قاله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) في حق الحكم بن أبي العاص ، وكان مخبلاً، ملعوناً ، حجاماً ... 409
إدخال عثمان لمروان ووالده الحكم إلى المدينة بعد طرد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لهما ... 409
محاكاة الحكم مشية رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ودعاءه (صلی الله علیه و آله و سلم) عليه ... 410
بيتاً هجاء عبد الله بن حسان عبد الرحمن بن الحكم أخو مروان ... 410
طرد رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) الحكم ومروان من المدينة ... 411
ص: 518
ما قيل في أروى بنت كريز بن ربيعة أُم عثمان ... 412
ما روي في أبي معيط زوج أُمّ عثمان ... 413
قالوا : كان عثمان يصفّر لحيته ويشدّ اسنانه بالذهب ... 418
قالوا : كان عثمان حائكاً ، وكان مختتاً به بغاء ... 418
بيتان السيد الحميري (رحمه الله علیه) ... 419
الفصل الثاني
في جهل البغى
(421 - 446 )
تأويل قوله سبحانه: ﴿ بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ ... مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ ... 423
أول خطبة خطبها عثمان بعد تنصيبه حيث ارتج عليه ... 424
جملة من أحكام الخليفة بما لم ينزل به الله ... 426
صلاة عثمان بمنى أربع ركعات وردّ أمير المؤمنين الا والصحابة عليه ... 433
بدعة زيادة النداء الثالث ... 433
محاجة أبي ذر لعثمان لعدم مبادرته لقسمة الفيء ... 437
وقاحة كعب الأحبار وموقف أبي ذر رضوان الله عليه منه ... 438
قول أبي ذر لكعب الأحبار : يابن اليهودية ما أنت والنظر في أحكام المسلمين ؟ ... 438
في حديث : إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين ... 439
أكل عثمان الصيد وهو محرم ... 440
ردّ عمر على عثمان فعله ... 443
ص: 519
بيتان لمحمّد بن حبيب الضبّي ... 444
أبيات للعوني(10) ... 445
بیتان للسيد الحميري ... 446
الفصل الثالث في ظلم نعثل ( 447 - 493 )
ما جاء في قوله سبحانه: ﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ ... 449
ما كتبه معاوية إلى عثمان عن عباد بن الصامت وما فعله معه ... 451
ما خاطب عائشة عثمان وهو يخطب في المسجد وإفحامها له ... 452
محاجة أبي ذر لعثمان ... 455
عدم رد أمير المؤمنين (علیه السّلام) عتب عتب عثمان له ... 456
تفاخر عثمان على عمر وأفعاله ... 456
ما فعله عثمان بأموال المسلمين ومقدار ما تركه بعد موته ... 458
ما قاله رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) لأبي ذر مما سيفعله عثمان معه ... 459
موقف أبي ذر رضوان الله عليه مع معاوية ... 460
شكوى معاوية لعثمان عما صدر من أبي ذر ... 461
مشادة أبو ذر (رحمه الله علیه) مع عثمان ... 463
رد أمير المؤمنين (علیه السّلام) على عثمان فيما فعله في أبي قصة أبي ذر ... 464
بعد نفي عثمان له ... 465
ص: 520
ما نزل فى أبي ذر (رحمه الله علیه) من القرآن ... 467
قصة دخول أبي ذر على عثمان ... 469
مخالفة عثمان لتقليد عبد الله بن عامر البصرة ... 471
رفض أبي ذر عطية عثمان وقوله : أنّي غني بولاية أمير المؤمنين (علیه السّلام) ... 472
ضرب عثمان لابن مسعود لدفنه أبا ذر ... 473
بيت للسيد الحميري ... 473
بيتان لغير السيد ... 473
بيتان لديك الجن ... 474
كتابة الصحابة كتاباً في أُمور أنكرت على عثمان وأرسل الكتاب مع عمار ... 474
ضرب عثمان لعمار حتى أغشي عليه وأصابه الفتق ... 475 و 4777 و 479
أخذه حلي بيت المال وحلّى بها أهله ... 476
تصريحه بإعطاء أموال المسلمين لبني أُمية رغم مخالفة من خالف ... 477
وصية ابن مسعود في عدم صلاة عثمان عليه ... 477
وصية المقداد بعدم إخبار عثمان بموته ... 479
ما قاله عثمان عند ما وصله نعي أبي ذر ... 480
عزم عثمان على تبيعد عمار من المدينة إلى الربذة ... 481
نصرة بني مخزوم لعمار ووساطة أمير المؤمنين (علیه السّلام) ... 481
أبيات البرقي(3) ... 482
بيتان لغير البرقي ... 482
بيتان لديك الجن ... 483
ص: 521
ما كان يقوله ابن مسعود معرفاً بعثمان في الكوفة ... 483
ما قاله عثمان عن ابن مسعود حين وصوله المدينة ... 484
كسر عثمان اضلاع ابن مسعود وما قاله لعثمان قبل موته ... 485
قيل : إن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطاً في دفنه لأبي ذر بالربذة ... 487
أوّل من اجترى على عثمان جبلة بن عمر الساعدي ... 487
ما قاله عبد الرحمن بن عوف عن عثمان وأمره ولده بعدم إخبار عثمان بموته ... 489
ما ردّ عليه حذيفة جواباً له ... 490
إرجاع عثمان أبا العاص وولده بعد أن نفاهم رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) ... 491
ما قاله ابن عباس عن عثمان وفعاله ... 491
ما قاله زياد بن أبيه لعثمان عند ما قدم له بأموال من أبي موسى الأشعري ... 492
البيت الذي قاله الأنصاري ... 493
بيتان لمهيار الديلمي ... 493
المحتوى ... 495
***
ص: 522