معالى السِّبطين
فى أَحَوَالِ الحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللهِ وسلامه عليهما
تَأليف
الشيخ محمد مَهْدِي الحَائِري
المجلد الثاني
منشورات الشريف الرضي
محرر الرقمي: زهراء محمدي
ص: 1
معالى السِّبطين
ص: 2
فى أَحَوَالِ الحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللهِ وسلامه عليهما
تَأليف
الشيخ محمد مَهْدِي الحَائِري
الطبقة الثانية
الجزء الثانى
ص: 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
و به نقتي
( اقول ) ولما جرى الكلام في الفصل العاشر من الكتاب بذكر شهادة الامام ريحانة الرسول وقرة عين الزهراء البتول وثمرة قلب الوصي وشقيق الحسن الزكي حبيب سيد الكونين ابي عبد الله الحسين عليه صلوات الله وسلامه ورضوانه وبركاته سنح لي ان اقدم مقدمة تكون فهرساً واسع النطاق عظيم النفع كافلا لبعض ما تجب معرفته قبل ان تذكر شهادته قال شيخنا القمي في الانوار البهية ولد عليه السلام آخر شهر ر الأول سنة ثلاث من الهجرة كما اختار ذلك المفيد في المقتنعة والشيخ في التهذيب والشهيد في الدروس والبهائي في تاريخه ويوافق هذا مع ما رواه الكليني عن الا عبدالله (علیه السلام ) قال كان بين الحسن والحسين (علیه السلام ) ظهر وكان بينهما في الميلاد ستة اشهر أنه
وعشراً حيث اراد بالطهر مقدار أقل زمان الطهر وهو عشرة ايام ولكن المشهور ولد (علیه السلام) في ثالث شعبان وهو يوافق التوقيع الشريف وعاش (علیه السلام ) ثمان وخمسمن سنة اقام منها مع جده رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم ) سبع سنين ومع ابيه علي (علیه السلام ) سبعاً وثلاثين سنة ومع اخيه الحسن (علیه السلام) صبا واربعين سنة وكانت مدة خلافته بعد اخيه إحدى عشر سنة وقال شيخنا المعاصر دام تأييده في ابصار العين الحسين بن علي بن ابي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ابو عبدالله (علیه السلام ) ولد لثلاث او خمس من شعيران سنة أربع من الهجرة بعد الحسن ( علیه السلام ) فجاءت به امه فاطمة بنت رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) الى ابيه فسماه الحسين ( علیه السلام ) وعق عنه كبشاً بقي في بطن امه ستة اشهر كيحيى بن زكريا وبقى
ص: 4
مع جده ثماني سنين ومع ابيه ثماني وثلاثين سنة ومع اخيه ثماني واربعين سنة و بعد اخيه عشر سنين وقتل صلوات الله عليه سنة احدى وستين فيكون عمره ثماني وخمسين سنه إلا ثمانية اشهر تنقص اياما وكان حبيباً الى جده وابيه وامه والمحبة ابيه له لم يدعه ولا اخاه الحسن ( علیه السلام ) يحاربان في البصرة ولا في صفين ولا في النهروان وقد حضرا الجميع وكانت امامته ( علیه السلام ) ثابتة بالنص الصريح من جده رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) حيث قال فيه وفى اخيه الحسن ( علیه السلام ) الحسن والحسين امامان قاما او قعدا فكان سكوته عن حقه في زمن الحسن لان الحسن امام عليه وبعده العهد الذي عاهد عليه معاوية الحسن (علیه السلام) فوفى به أو لغير ذلك مما يعمله هو ( علیه السلام ) وقال السيد الاجل العلامة السيد هبة الدين زيد مجده في النهضة الحسينية الحسين بن علي بن ابي طالب (علیهما السلام) امه فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) بنت محمد المصطفى ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) من زوجته الكبرى خديجة ام المؤمنين ( رض ) هو احد السبطين الريحانتين وخامس اهل الكساء ولد في المدينة عام الخندق في السنة الرابعة للهجرة في خامس شعبان الموافق شهر كانون لسنة 626م وعاش مع جده النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) ست سنوات و شهوراً وفى بعد اخيه الحسن (علیه السلام) اعواما راشهراً وكان مجموع عمره ستة وخمسين عاما وكانت شهادته بعد الظهر من يوم الجمعة عاشر محرم الحرام سنة 61 الموافق سنة 680 بحائر الطف من كربلا في العراق واشترك في قتله شمر بن ذي الجوشن وسنان بن انس و خولی بن بزيد من قواد جيش عمر بن سعد الذي ارسله والي الكوفة عبيد الله بن زياد بامر من امير الشام يزيد ابن معاوية ليحصر، وا الحسين ورجاله ويقتلوهم عطاشى فقتلوه ورجاله ونهبوا رحاله وسبوا عياله مسفر بن الى الكوفة ثم الى الشام فالمدينة و ان اشتهار فضايل الحسين ( علیه السلام ) والآثار المروية فيه ومنه وعنه في كتب الحديث والتاريخ ليفنى عن التوسع في ترجمته
الشريفة انتهي ثم شرعنا واخذنا بذكر شهادته ( علیه السلام ) ونقول :
ص: 5
فى شهادة سيد شباب اهل الجنة سيدنا ومولانا الحسين بن علي عليه الصلاة والسلام وما يتعلق بشهادته و بعض ما جرى بعد شهادته وهذا الفصل يشتمل على اربعة عشر مجلساً .
في ان يوم عاشوراء يوم حزن ومصيبة وبكاء اعلم ان يوم عاشوراء اعظم يوم على اهل الاسلام والايمان وهو يوم تتجدد فيه الاحزان وتكثر فيه الاشجان وينبغي ان تخرج الارواح من الابدان حزنا على سليل سيد الانس والجان روى الشيخ ابو جعفر العلومي ( رحمة الله ) في مصباح المتهجدين عن عبد الله بن سنان قال دخلت على سيدي ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق ( علیه السلام ) في يوم عاشوراء فلقيته كاسف اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من عينيه كالاؤلؤ الرطب المتساقط فقلت يا ابن رسول الله مم بكائك لا ابكى الله عينيك فقال لي او في غفلة انت عن هذا اليوم اما علمت ان الحسين بن علي «علیه السلام » اصيب في مثل هذا اليوم قال قلت سيدي فما قولك في صومه فقال لي صم من غير تبييت وافطره من غير تشميت ولا تجعله صوم يوم كملا وليكن افطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من الماء فانه في مثل ذلك الوقت نجلت الهيجاء عن آل الرسول وانكشفت الملحمة عنهم وفي الارض منهم ثلاثون صريعاً في مواليهم يعز على رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) مصرعهم ولو كان في الدنيا يومئذ حيا لكان صلوات الله عليه هو المعزى لهم قال وبكى ابو عبدالله ( علیه السلام ) حتى اخضلت لحيته بدموعه انتهى فى الثاني والعشرين من بحار الانوار واذا عزمت في يوم عاشوراء على مالابد من الطعام والشراب بعد انقضاء وقت المصاب فقل ما معناه اللهم اننا
ص: 6
امسكنا عن المأكول والمشروب حيث كان اهل بيت النبوة في الحروب والكروب اللهم انك قلت ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احیاء عند ربهم يرزقون فالحسين واصحابه ( علیه السلام ) عندك الآن يأكلون ويشربون فنحن في هذا الطعام والشراب بهم مقتدون وفي عاشر البحار عن الصادق (علیه السلام ) قال واما يوم عاشوراء فيوم اصيب فيه الحسين ( علیه السلام ) صريعا بين اصحابه واصحابه حوله صرعى عراة افصوم يكون في ذلك اليوم كلا ورب البيت الحرام ما هو يوم صوم وما هو إلا حزن ومصيبة دخلت على اهل السماء واهل الارض وجميع المؤمنين ويوم فرح وسرور لا بن مرجانة وآل زياد واهل الشام غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم وذلك يوم بكت جميع بقاع الارض خلا بقمة الشام فمن صام او تبرك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوطا عليه ومن ادخر الى منزله ذخيرة اعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه الى يوم يلقاه وانتزع البركة عنه وعن اهل بيته وولده وشاركه الشيطان في جميع ذلك ولم يبارك له فيها ادخر لمنزله وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله الى اسفل درك من الجحيم ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله يوم القيامه يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنان عينه ومن ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة وسأله الراوي عن صومه فقال ( علیه السلام ) ذلك يوم قتل فيه الحسين ( علیه السلام ) فان كنت شامتا فصم ثم قال ( علیه السلام ) ان آل امية لعنهم الله ومن اعانهم على قتل الحسين من اهل الشام نذروا نذراً ان قتل الحسين (علیه السلام ) وصارت الخلافة في آل ابي سفيان ان يتخذوا ذلك اليوم عيداً لهم يصومون فيه شكراً فصارت في آل ابي سفيان سنة الى اليوم وهو اليوم الذي يتشاءم به آل محمد ويتشاءم به اهل الاسلام لا يصام ولا يتبرك به وفي زيارته اللهم ان هذا يوم تبركت به بنو امية وابن آكالة الاكباد اللعين على لسان
ص: 7
نبيك صلى الله عليه وآله في كل موطن وموقف وقف فيه نبيك صلوات الله عليه وآله {اقول} والعجب من قوم ينتحلون الاسلام ويزعمون انهم على دين محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وهم يتبركون بهذا اليوم وقد وقعت فيه المنازلة الكبرى والمصيبة العظمى التي لا مثلها نازلة ولا باثقة عاجلة وهي مصيبه تهون عندها المصائب وتمحو عند ذكرها النوائب وناهيك في ذلك ما قال جبرئيل لآدم (علّی الله علیه وآله وسلم) ولدك هذا يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب والله در القائل :
فاجعة ان أردت اكتبها ***مجملة ذكرة لمدكر
جرت دموعي فحال حائلها ***ما بين لحظ العيون والزبر
بكت لها الارض والسماء وما ***بينهما في مدامع حمر
واهتز عرش الجليل واضطربت*** فرائص الكانيين القدر
يالها من مصيبة لا تنساه الخاصة والعامة ابداً كما قال الرائي :
انست رزيتكم رزايانا التي ***سلفت وهونت الرزايا الآتيه
وفجائع الايام تبقى مدة ***ونزول وهي الى القيامة باقيه
قان قبل كيف صارت مصيبته اعظم و يومه أمر الايام وصار يوم عاشوراء يوم حزن ومصيبة وكآبة فانظر الى هذا الخبر الذي رواه المجلسي (قدس سره ) في البحار عن عبد الله بن الفضل قال قلت لابي عبد الله الصادق ( علیه السلام ) يا ابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله ( صلی الله علیه وآله وسلم ) واليوم الذي ماتت فيه فاطمة الزهراء واليوم الذي قتل فيه الحسن (علیه السلام) بالسم فقال (علیه السلام) ان يوم قتل الحسين اعظم مصيبة من جميع سائر الايام وذلك ان اصحاب الكساء الذين كانوا اكرم الخلق على الله عز وجل كانوا خمسة فلما مضى عنهم النبي (صلّی الله علیه وآله وسلم ) بقي امير المؤمنين (علیه السلام) وفاطمة والحسن والحسين (علیهما السلام)
ص: 8
فكان فيهم الناس عزاء وسلوة فلما مضت فاطمة ( علیها السلام ) كان في امير المؤمنين (علیه السلام ) والحسن والحسين ( علیهما السلام ) للناس عزاء وسلوة فلما مضى امير المؤمنين (علیه السلام) كان للناس في الحسن والحسين (علیهما السلام) عزاء وسلوة فلما مضى الحسن (علیه السلام) كان للناس في الحسين (علیه السلام) عزاء وسلوة فلما قتل الحسين ( علیه السلام ) لم يكن بقى من اصحاب الكساء احد الناس فيه بعده عزاء وسلوة فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم فلذلك صار يومه اعظم الايام مصيبة قال عبد الله بن الفضل الهاشمي فقلت له يا ابن رسول الله فلم لم يكن للناس في علي بن الحسين (علیه السلام) عزاء وسلوة مثل ما كان لهم في آبائه فقال بلى ان علي بن الحسين (علیه السلام) كان سيد العابد بن واماما وحجة على الخلق بعد آبائه الماضين ولكنه لم يلق رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) ولم يسمع منه وكان علمه وراثة من ابيه عن جده عن النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وكان امير المؤمنين (علیه السلام) و فاطمة والحسن والحسين ( علیهما السلام ) قد شاهدهم الناس مع رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) في احوال تتوالى فكانوا متى نظروا الى احمد منهم تذكروا حاله مع رسول الله وقول رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) له وفيه فلما مضوا فقد الناس مشاهدة الاكرمين على الله عز وجل ولم يكن في احد منهم فقد جميعهم إلا في فقد الحسين (علیه السلام ) لانه مضى في آخر هم فلذلك صار يومه اعظم الايام مصيبة قال عبد الله بن الفضل الهاشمي فقلت له يا ابن رسول الله كيف صمت العامة يوم عاشوراء يوم بركة فبكى ( علیه السلام ) ثم قال لما قتل الحسين ( علیه السلام ) تقرب الناس بالشام الى يزيد فوضعوا له الاخبار واخذوا عليها الجوائز من الاموال فكان مما وضعوا له امر هذا اليوم وانه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء و المصيبة والحزن الى الفرح والسرور والتبرك والاستعداد فيه حكم الله بيننا وبينهم انتهى ( اقول ) وهم ايضا وضعوا الاخبار في ان زيارة الحسين ( علیه السلام ) بدعة وكل بدعة ضلالة وافشوا بين الناس وجعلوا يوسوسون في قلوب الضعفاء ثم اعلم ان يومه انما هو اعظم وامر الايام لان مصيبته
ص: 9
اعظم وامر المصائب وما اصيب احد بمثله كما في زيارته [علیه السلام] مصيبة ما أعظمها واعظم رزيتها في الاسلام وفى جميع اهل السموات والارض ومن اجل تلك المصيبة صار ذلك اليوم اعظم يوم و أفظع يوم وامر يوم على اهل الاسلام ولا يوم مثله للسيد الحليره -
لا مثل يومكم بعرصة كربلا ***في سالفات الدهر يوم شجون
وله ايضاً ولا مثل يوم الطف لوعة واجد*** وحرقة حران وحسرة مكند
وكان السيد اقتبس هذا المعنى من كلام امير المؤمنين والامام المجتبى حيث قالا الحسين (علیه السلام) لا يوم كيومك يا اباعبدالله وقال زين العابدين (علیه السلام) لابي حمزة لا يوم كيوم الحسين (علیه السلام ) روى الصدوق ( رحمة الله ) في الامالي عن علي بن الحسين (علیه السلام) انه نظر يوما الى عبيد الله بن العباس فاستعبر باكيا ثم قال لابي حمزة يا ابا حمزة ما من يوم اشد على رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) من يوم احد اذ قتل فيه حمزة بن عبد المطلب اسد الله واسد رسوله وبعده ما من يوم اشد على رسول الله من يوم موته قتل فيه ابن عمه جعفر بن ابي طالب ( علیه السلام ) ولا يوم كيوم الحسين (علیه السلام) از داف اليه ثلاثون الف رجل يزعمون انهم على دين الاسلام او انهم من هذه الامة كل منهم يتقرب الى الله بسفك دمه وهو يذكرهم بالله فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا الى آخر الخبر وهذا اليوم هو اليوم الذي قال الرضا (علیه السلام ) ان يوم الحسين (علیه السلام) اقرح جفوننا واسبل دموعنا واذل عزيزنا بارض كرب و بلا واورثنا الكرب والبلاء الى يوم الانقضاء فعلى مثل الحسين فليبك الباكون واياه فليندب الناديون فان البكاء عليه تحط الذنوب العظام ثم قال ( علیه السلام ) كان ابي ( علیه السلام ) اذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكا و كانت الكآبة تغلب عليه حتى بعضي منه عشرة ايام فاذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه و بقول هذا هو اليوم الذي قتل فيه الحسين ( علیه السلام ) ( اقول ) نعم والله يحق البكاء لمن بكته السماء ومن فيها والارض ومن عليها ولما يطا لا بتيها وقال الصادق (علیه السلام)
ص: 10
ان ابا عبدالله (علیه السلام ) لما مضى بكت عليه السموات السبع والارضون السبع وما فيهن وما بينهن وما ينقلب فى الجنة والنار من خلق ربنا وما يرى وما لا يرى فينبغي ان تبكى عليه العيون وتفرح عليه الجفون وتلطم الخدود وتشق الجيوب وينادى بالوبل والثبور لأن هذا البكاء والعبرات اسعاد لفاطمة الزهراء ( علیها السلام ) كما قال الصادق (علیه السلام) لابي بصير يا ابا بصير اما تحب ان تكون فيمن يسعد فاطمة على انها اعظم ذخيره ليوم الجزاء واوفى حسنة للنجاة من تلك الشدائد والبلوى ويؤيد ما قلنا هذان الخبران قال في المنتخب لما أخبر النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم) ابنته فاطمة بقتل ولدها الحسين [علیه السلام] وما يجري عليه من المحن بكت فاطمة بكاء شديداً قالت ياابة متى يكون ذلك قال ( صلّی الله علیه وآله وسلم ] في زمان خال مني ومنك ومن علي [علیه السلام] ومن الحسن [علیه السلام] فاشتد بكائها وقالت ياابة فمن يبكي عليه ومن يلتزم باقامة العزاء له فقال النبي [ صلّی الله علیه وآله وسلم ] يافاطمة ان نساء امتي يبكين على نساء اهل بيتي ورجالهم يبكون على رجال اهل بيتي ويجددون العزاء جيلا بعد جيل في كل سنة فاذا كان يوم القيامة تشفعين انت النساء وانا اشفع المرجال يافاطمة وكل من بكى منهم على مصاب الحسين [علیه السلام] اخذنا بيده وادخلناه الجنة يا فاطمة كل عين باكية يوم القيامه إلا عين بكت على مصاب الحسين فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة و الخبر الثاني عن الصادق (علیه السلام) اذا كان يوم العاشر من المحرم تنزل ملائكة من السماء ومع كل ملك منهم قارورة من البلور الابيض ويدورون في كل بيت ومجلس يبكون فيه على الحسين ( علیه السلام ) فيجمعون دموعهم في تلك القارورة فاذا كان يوم القيامة فتلهب نار جهنم فيضربون من تلك الدموع على النار تتهرب النار عن الباكي على الحسين مسيرة ستين الف فرسخ وانا اقول اقول سيدي ابا عبدالله ولو ان البكاء عليك لها فوائد عظيمة وتمرات جليلة ومثوبات جزيلة غير محصورة و لكني ما ابكي عليك لاجل تلك المثوبات بل ابكي لانك تستحق البكاء .
ص: 11
تبكيك عيني لا لاجل مثوبة*** لكنما عيني لاجلك باكية
تبتل منكم كربلا بدم ولا*** تبتل مني بالدموع الجارية
لم انه اذ قام فيهم خاطبًا ***فاذا بهم لا يملكون خطابا
يدعو ألست انا ابن بنت نبيكم ***ومجيركم ان صرف دهر نابا
هل جئت في دبن النبي ببدعة ***ام كنت في احكامه مرتابا
ام لم يوص بنا التي واردع ***الثقلين فيكم عترة وكتابا
ان لم تدينوا بالمعاد فراجعوا ***احسابكم ان كنتم اعرابا
فقدوا حيارى لا يرون لوعظه ***إلا الاسنة والسهام جوابا
فلما قتل اصحابه واهل بيته ولم يبق احمد عزم على لقاء القوم بمهجته وعن المنتخب فدعا ببردة رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) والتحف بها وافرغ عليها درعه الفاضل وتقلد سيفه واستوى على متن جواده وهو غائص في الحديد وقال ابو مخنف ثم توجه نحو القوم وقال ويلكم على م تقاتلونني على حق تركته ام على شريعة بداتها ام على سنة غيرتها فقالوا بل نقاتلك بغضا منا لا بيك وما فعل باشياخنا يوم بدر و حنين فلما سمع سمع كلامهم بكى وجعل يقول :
كفر القوم وقد ما رغبوا ***عن ثواب الله رب الثقلين
قتل القوم عليا وابنه ***حسن الخير كريم الابوين
حنقا منهم وقالوا اجمعوا ***واحشر و االناس الى حرب الحسين
يا لقوم من اناس رذل ***جمعوا الجمع لاهل الحرمين
ثم صاروا وتواصوا كلهم***باجتياحي لرضاء الملحدين
ص: 12
لم يخافوا الله في سفك دمي ***لعبيد الله نسل الكافرين
و ابن سعد قد رماني عنوة ***بجنود كوكوف الهاطلين
لا لشيء كان مني قبل ذا ***غير فخري بضياء الفرقدين
بعلي الخير من بعد النبي*** والنبي القرشي الوالدين
خيرة الله من الخلق ابي*** ثم امي فانا ابن الخيرتين
فضة قد خلصت من ذهب ***فانا الفضة وابن الذهبين
من له جد كجدي في الورى*** او كشيخي فانا ابن العلمين
فاطم الزهراء امي وابي*** قاصم الكفر ببدر وحنين
عبدالله غلاما یافعا***و قريش يعبدون الوثنين
يعبدون اللات والعزى معاً ***وعلي كان صلى القبلتين
قابي شمس وامي قمر ***وانا الكوكب وابن النيرين
وله في يوم احد وقعة ***شفت الغل بفض المسكرين
ثم في الاحزاب والفتح ممّا ***كان فيها حتف اهل الفيافين
في سبيل الله ماذا صنعت*** امة السوء معا بالمترتين
عترة البر النبي المصطفى ***وعلى الورد يوم الجحفلين
ولقد كان يحمل فيهم وقد تكملوا ثلاثين الف فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع الى مركزه وهو يقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهو في تلك الحال يطلب شربة من الماء فكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه باجمعهم حتى اجلوه عنه فحمل على الاعور السلمي وعمرو بن الحجاج الزبيدي وكانا في اربعة آلاف رجل على الشريعة فقلب او لهم على آخر هم فانكشفوا من بين يديه يدق بعضهم بعضا حتى دخل المشرعة واقحم الفرس على الفرات فلها اواغ الفرس برأسه ليشرب قال(علیه السلام)
ص: 13
انت عطشان وانا عطشان والله لا ذقت المساء حتى تشرب فلما سمع الفرص كلام الحسين ( علیه السلام ) شال برأسه ولم يشرب كأنه فهم الكلام فقال الحسين ( علیه السلام ) اشرب فانا اشرب فحمد الحسين ( علیه السلام ) فغرف من الماء غرفة فرماه امين بسهم فاصاب فيه الشريف وفي ( البحار ) رماه رجل من القوم يكنى أبا الحتوف بسهم فوقع السهم في جته الشريفة فسالت الدماء على وجهه ولحيته فمد يده وأخرج السهم ورمى به وجعل يقو ، رب اليك اشكو من قوم اراقوا دمي ومنعوني شرب الماء اللهم انك ترى ما انا في من عبادك هؤلاء العصاة اللهم احصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تذر على وجه الارض منهم احداً ولا تغفر لهم ابداً وفي ( مهيج الاحزان) اراد ان يشرب ثانياً فقال فارس یا ابا عبدالله تتلذذ بشرب الماء وقد هتك حرمك او نادى ادرك خيمة النساء فقد هتكت فنفض الماء من يده وحمل على القوم فكشفهم فاذا الخيمة سالمة انها مكيدة وجعل يبكي ويقول :
شيعتي مهما شربتم عذب ماء فاذكروني*** او سمعتم بغريب او شهيد فاندبوني
بابي ابي الظيم صل وماله ***إلا المثقف والحسام نصير
و بقلبه الهم الذي لو بعضه ***بشير لم يثبت عليه نبير
حزنا على الدين الحنيف وغربة*** وظماً وفقد احبة وهجير
في ( البحار ) قام الحسين ( علیه السلام ) فركب فرسه و تقدم الى الفتان وقف قبالة القوم وسيفه مصلت في يده آيسا من الحياة عازما على الموت وهو يقول :
انا ابن علي الطهر من آل هاشم ***كفاني هذا مفخراً حين افخر
وجدي رسول الله اكرم من مشى ***ونحن سراج الله في الخلق نزهر
ص: 14
و فاطم امي من سلالة احمد*** و عمي يدعى ذا الجناحين جعفر
وفينا كتاب الله انزل صادقا*** وفينا الهدى والوحى بالخير يذكر
ونحن امان الله الناس كلهم*** نسر بهذا في الانام ونجهر
ونحن ولاة الحوض نقي ولاتنا*** بكأس رسول الله ما ليس ينكر
و شيعتنا في الحشر اكرم شيعة***و مبغضنا يوم القيامة يخسر
فطوبي لعبد زارنا بعد موتنا ***بجنة عدن صفوها لا يكدر
قال في ( المنتخب ) واقبل الحسين الى عمر بن سعد ( لع ) وقال اخبرك في ثلاث خصال قال وما هي قال (علیه السلام) تتركني حتى ارجع الى المدينة الى حرم جدي رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) قال مالي الى ذلك من سبيل قال اسقوني شربة من الماء قد نشفت كبدي من شدة الظماء فقال ( لع ) ولا الى الثانية من سبيل قال ( علیه السلام ) وان كان ولا بد من قتلي فليبرز الي رجل بعد رجل فقال ( لع ) ذلك لك فامر اللعين ان يبرز اليه رجل بعد رجل قال في العقد الفريد وكان مع عمر بن سعد ثلاثون رجلا من اهل الكوفة فقالوا يعرض اليكم ابن بنت رسول الله ثلاث خصال فلا تقبلون منها شيئا فتحولوا مع الحسين (علیه السلام) وقاتلوا انتهى وهو روحي له الفداء يقتل كل من دنى اليه من عيون الرجال حتى قتل منهم مقتلة عظيمة وفي خبر حتى قتل القا وتسعمائة وخمسين رجلا سوى المجروحين فلما نظر الشمر الى ذلك قال اعمر بن سعد ايها الامير والله لو برز الى الحسين اهل الارض لا فناهم عن آخرهم فالرأي ان نفترق عليه ونملا الارض بالفرسان والنبال والرماح ونحيط به من كل جانب فقال عمر بن سعد هذا هو الرأي ففعلوا و في (البحار ) فصاح عمر بن سعد ( لع ) الويل لكم اتدرون لمن تقاتلون هذا ابن الانزع البطين هذا ابن قتال العرب فاحملوا عليه من كل جانب فحملوا عليه فلما احاطوا به حمل عليهم كاليت المغضب فجعل لا يلحق منهم أحداً إلا بعجه بسيفه فقتله والسهام تأخذه من
ص: 15
كل ناحيه وهو يتلقاها بنحره وصدره ويقول يا امة السوء بأسما خلفتم محمداً في عترته اما انكم لن تقتلوا بعدي عبداً من عباد الله فتها بوا قتله بل يهون عليكم عند قتلكم اياي وايم الله اني لارجو ان يكرمني ربي بالشهادة بروانكم ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون قال فصاح به الحصين بن مالك السكوني فقال يا ابن فاطمة وبماذا ينتقم لك منا قال ( علیه السلام ) يلقى بأسكم بينكم ويسفك دمائكم ثم يصب عليكم العذاب الاليم [ البحار ] فحملوا عليه وكانت الرماة اربعة الاف فرموه بالسهام فحالوا بينه وبين رحلة وقال محمد بن ابي طالب وصاحب المناقب والسيد فصاح ( علیه السلام ) بهم ويحكم ياشيعة آل ابي سفيان ان لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم وارجعوا الى احسابكم ان كنتم عربا فناداه شمر ( لع ) فقال ما تقول يا ابن فاطمة قال (علیه السلام) اقول انا الذي اقاتلكم وانم تقاتلوني والنساء ليس عليهن جناح فامنموا عتاتكم وجهالكم عن التعرض لحربي ما دمت حيا وقال في مقاتل الطالبيين وحمل شمر على عسكر الحسين ( علیه السلام ) وجاء الى فسطاطه لينهيه فقال الحسين (علیه السلام) وبلكم ان لم يكن لكم دين فكونوا احراراً في الدنيا فرحلي لكم عن ساعة مباح يقول الرائى :
كيف السلو عن المكثور منفرداً ***من غير نسوته خلو مطارحه
باقى الاعادي بقلب منه منقسم ***بين الخيام واعداه تكافحه
والتلحظ كالقلب عين نحو نسوته ***ترنوا واخرى لقوم لا تبارحه
لمهني عليه وقد مال الطغاة الى ***نحو الخيام وخاض النقع سائحه
قل اقصد وني بنفسي واتركو احرمي*** قد حان حيني وقد لاحت لوائحه
فقال شمر لك هذا ثم نادى شمر اليكم من حرم الرجل فاقصدوه بنفسه فلعمري لهو كفؤ كريم قال فقصده القوم و في الارشاد لما احاطوا به قال ياقوم مالكم تتناصرون علي اما والله لمن قتلتموني لتقتلن حجة الله عليكم لا والله ما بين جابلقا ولا جابرسا
ص: 16
ابن في احتج الله به عليكم غيري قال أبو الفرج وهو (علیه السلام ) في تلك الحالة يطلب جرعة من الماء وشمر لعنه الله يقول والله لا نرده او ترد النار وقال له رجل الا تنظر الى الفرات ياحسين كأنه بطون الحيتان والله لا تذوق منه او تموت عطشاً فقال الحسين ( علیه السلام ) اللهم امته عطاشا فاستجاب الله دعائه قال الراوي والله لقد كان هذا الرجل يقول استوني ماء فيؤني بماء فيشرب حتى يخرج من فيه ثم يقول اسقوني قتلني العطش فلم يزل كذلك حتى هلك لا رحمه الله يقول الرائي :
قانصاع حامية الشريعة ظامياً ***ما بل غلته بعذب فراتها
حتى قضى عطشا بمعترك الوغى ***والسمر تصدر عنه في نهلاتها
الازري يقول :
فاقبل النصر يسعى نحوه عجلا ***مسعى غلام الى مولاه مبتدر
فاصدر النصر لم يطمع بمورده ***فعاد حيران بين الورد والصدر
روى الصدوق في الامالي عن الصادق ( علیه السلام ) ان اربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي ( علیه السلام ) فلم يأذن لهم فى القتال فرجموا في الاستيذان وهبطوا وقد قتل الحسين ( علیه السلام ) فهم عند قبره شعث غير يبكونه الى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور و في المنتخب نقل ان الحسين ( علیه السلام ) لما كان في موقف كربلا انته افواج من الجن الطيارة وقالوا ياحسين نحن انصارك فمرنا بماء نشاء فلو أمرتنا بقتل كل عدو لكم افعلنا فجزاهم خيرا وقال لهم اني لا اخالف قول جدي رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) حيث أمرني بالقدوم اليه عاجلا واني الآن رقدت الساعة فرأيت جدي رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) وقد ضمنى الى صدره وقبل ما بين عيني وقال لي ياحسين ان الله عز وجل قد شاء
ص: 17
ان يراك مفتولا ملطخاً بدمائك مخضباً شيبك بدمائك مذبوحا من قفاك وقد شاء الله ان يرى حرمك سبايا على افتاب المطايا واني والله أصبر حتى يحكم الله بامره وهو خير الحاكمين في الاسرار نقلا عن نور الأئمة انه لما اراد ان يحمل عليهم فإذا علا غبار وظهر منه شخص مهيب على مركب عجيب وسلم على الامام وعلى جده وابيه فرد عليه السلام وقال من انت وتسلم في مثل هذه الحالة على الغريب المظلوم فقال يا ابن رسول الله انا زعفر الزاهد سلطان الجن وعسكري في هذه البادية ولقد اعطى ابوك حين غزا مع الجن في بتر العلم السلطة لابي وبعد وفاته قد انتقلت الي قائذن لنا ان نحارب مع اعدائك مؤلاء قال ( علیه السلام ) لا فانكم ترونهم ولا يرونكم قال نحن نتصور بصورهم ان قتلنا كنا شهداء في سبيلك فقال ( علیه السلام) جزاك الله خيرا ياز عفر فاني قد سئمت من الدنيا ورأيت في الطيف اني القى الله تعالى في هذا اليوم شهيداً مجدلا فارجع ولا تتعرض لهؤلاء القوم فرجع وقال الدربندي ايضا في الاسرار لما رأى الحسين ( علیه السلام ) وحدته وقتل انصاره ودع عياله واطفاله وخرج الى الميدان وفى واقفاً متحيراً ينظر مرة الى اخوته واولاده وبني اخيه و بني عمه صرعی مقتولين مجدلين ومرة ينظر الى غربته ووحدته وانفراده ومرة ينظر الى النساء وغربتهن ووحدتهن وعماشين وما يرجمن اليه من الاسر والذل ومرة ينظر الى شماتة الأعداء وتصميمهم لقتله فنادى بصوت عال جزين اما من ناصر بنصر نا اما من مغيث يغيثنا هل من موحد يخاف الله فينا اما من ذاب يذب عن حرم رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فلما نادى هذا النداء تزلزات اركان العرش وقوائمه وبكت السموات وضحت الملائكة واضطربت الارض فقالوا باجمعهم ياربنا حبيبك وقرة عين حبيبك فائذن لنا بالنصرة وهو في هذه الحالة اذ وقعت صحيفة قد نزلت من السماء في يده الشريفة فلما فتحها ونظر فيها اذا هي هو العهد المأخوذ عليه بالشهادة قبل خلق الخلق في هذه الدنيا فلما نظر ( علیه السلام ) الى ظهر تلك الصحيفة
ص: 18
فإذا هو مكتوب فيه بخط واضح جلي يا حسين نحن ما حتمنا عليك الموت وما الزمنا عليك الشهادة فلك الخيار ولا ينقص حظك عندنا فإن شئت ان تصرف عنك هذه البلية فاعلم انا قد جعلنا السموات والارضين والملائكة والجن كلهم في حكمك فاؤمر فيهم بما تريد من اهلاك هؤلاء الكفرة الفجرة لمنهم الله فاذا بالملائكة قسم ملأوا بين السموات والارض بايديهم حراب من النار ينتظرون لحكم الحسين (علیه السلام) وامره فيما يأمرهم به من اعدام هؤلاء الفسقة فلما عرف ( علیه السلام ) مضمون الكتاب وما في تلك الصحيفة رفعها إلى السماء ورمى بها اليها وقال الهي وسيدي وددت ان اقتل واحي سبعین الف مرة في طاعتك ومحبتك سيما اذا كان في قتلي نصرة دينك واحياء امرك وحفظ ناموس شرعك ثم اني قد سئمت الحياة بعد قتل الاحبة وقتل هؤلاء الفتية من آل محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فلم يأذن للملائكة بشيء وباشر الحرب بنفسه الشريفة وزلف نحو القوم انتهى . قال ابو مخنف ثم توجه نحو القوم وجمل ينظر يمينا وشمالا فلم ير احداً من اصحابه وانصاره إلا من صافح التراب جبينه ومن قطع الحمام انينه فنادى يا مسلم بن عقيل وياهاني بن عروة وياحبيب بن مظاهر و بازهير بن القين ويا يزيد بن مظاهر وبافلان ويافلان يا ابطال الصفا ويافرسان الهيجاء ما لي اناديكم فلا تجيبون وادعوكم فلا تسمعون انهم نيام ارجوكم تنتبهون ام حالت مودتكم عن أمامكم فلا تنصروه هذه نساء الرسول لفقدكم قد علا من النحول فقوموا عن نومتكم ايها الكرام وادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللثام ولكن صرعكم والله ريب المنون وغدر بكم الدهر الخؤون والا لما كنتم عن نصرتي تقصرون ولا عن دعوتي تحتجبون فها نحن عليكم مفتجمون وبكم لاحقون فانا الله وانا اليه راجعون قال ابو مخنف وانشأ يقول :
قوم اذا نودوا لدفع علامة ***والخيل بين مدمس ومكردس
لبسوا القلوب على الدروع واقبلوا*** پتهافتون على ذهاب الانفس
ص: 19
نصروا الحسين فيالها من فتية ***عافوا الحياة و البسوا من سندس
وعن لسانه انشأ الرائي بقوله :
بالامس كانوا معي واليوم قد رحلوا ***و خلفوا فى سويدا القلب نيرانا
نذر علي لئن عادوا وان رجعوا ***لا زرعن طريق الطف ریحانا
والآخر يقول :
احباء لو غير الحمام اصابكم ***عتبت ولكن ما على الموت معتب
ثم نادى برفيع صوته هل من ناصر ينصرني وهل من معين يعينني قال الدربندي (رحمة الله) اول من اجاب سيد الشهداء هو رب العزة فناداه بنداء لبيك لبيك حجتي على خلقي فانا ناصرك ومعينك ثم اجابة الانبياء والاوصياء ثم اجابه شيعته كما في زيارته ثم اجابه رضيعه قطع قماطه وسقط بنفسه على الارض الخ .
ولما لم يبق معه غير النساء والذراري رفع بطرفه الى السماء ودعا بهذا الدعاء وفال الكفعمي انه آخر دعاء دعا به الحسين ( علیه السلام ) يوم العلف وله دعاء دعا به صبيحة يوم عاشوراء وقد ذكرناه وله دعاء آخر علم ولده زين العابدين وسيأتي ان شاء الله وهذا دعاؤه ( علیه السلام ) حين بقى وحيداً فريداً اللهم متعالي المكان عظيم الجبروت شديد المحال غنيا عن الخلائق عريض الكبرباء قادر على ما تشاء قريب الرحمة صادق الوعد سابغ النعمة حسن البلاء قريب اذا دعيت محيط ما خلقت قابل التوبة لمن تاب اليك قادر على ما اردت تدرك ما طلبت وشكوراً اذا شكرت و ذكوراً اذا ذكرت ادعوك محتاجاً وارغب اليك فقير أو أفزع اليك خائفاً وابكي اليك مكروبا واستعين بك ضعيفاً واتوكل عليك كافيا احكم بيننا وبين قومنا فانهم غرونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا وتحن
ص: 20
عترة نبيك وولد حبيبك محمد بن عبد الله الذي اصطفيته بالرساله واثتمنته على وحيك فاجعل لنا فرجا ومخرجا برحمتك يا ارحم الراحمين قوله ( علیه السلام ) فاجعل لنا فرجا يعني عجل لنا بالشهادة لانه قد ضاق صدري وسئمت الحياة ثم التفت عن يمينه فلم بر احداً والتفت عن يساره فلم ير احداً بكى وقال اللهم انك ترى ما يصنع بولد نبيك ثم نادى هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله هل من موحد يخاف الله فينا هل من مغيث يرجو الله بإغاثتنا هل من معين برجو ما عند الله في اغائتنا فارتفعت اصوات النساء بالمويل تخرج علي بن الحسين زين العابدين (علیه السلام) و كان مريضاً لا يقدر ان يقل سيفه وام كلثوم تنادي خلفه يابني ارجع فقال ياعمتاه ذريني اقاتل بين يدي ابن رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم ) فقال الحسين ( علیه السلام) با ام كلثوم خذيه لثلا تبقى الارض خالية من نسل آل محمد وقال في الاسرار فانقض الحسين ( علیه السلام ) عليه كالصقر واحتمله وانى به الى الخيمة وقال ياولدي ما تريد ان تصنع قال ياابة ان ندامك قد قطع نياط قلي و هيج ساكن لبي اريد ان افديك بروحي فقال ( علیه السلام) ياولدي انت مريض ليس عليك جهاد وانت الحجة والامام على شيعتي وانت ابو الأئمة وكافل الايتام والمتكفل للارامل وانت الراد لحرمي الى المدينة وحاشا الله ان تبقى الارض بلا حجة من نسلي وكأني بك ياولدي اسير ذليل مغلولة يداك موثوقة رجلاك فقال علي بن الحسين ( علیه السلام) ابتاه اتقتل وانا انظر اليك ليت الموت اعدمني الحياة روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء فقال الحسين ( علیه السلام) يا علي انت الخليفة من بعدي والوالي على شيعتي والقائم باوامر الدين الهادي الى صراط مستقيم والحافظ لعلوم ابي وجدي ثم اعتنقه وبكى بكاء شديداً في ( اثبات الوصية )ان الحسين ( علیه السلام) حضر علي بن الحسين و كان عليلا فاوصى اليه بالاسم الاعظم ومواريث الانبياء ( علیه السلام) وعرفه ان قد دفع العلوم و الصحف والمصاحف والسلاح الى ام سلمة رضي الله عنها وامرها ان
ص: 21
تدفع جميع ذلك اليه وروى القطب الراوندي في كتاب الدعوات عن زين العابدين(علیه السلام) قال ضمني والدي الى صدره يوم قتل والدماء تغلي وهو يقول يابني احفظ عني دعاء علمتنيه فاطمة ( علیها السلام ) وعلمها رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وعلمه جبرئيل وفي الحاجة والهم والغم والنازلة اذا نزات والامر العظيم الفادح قال ادع بحق يس والقرآن الحكيم وبحق طه والقرآن العظيم يا من يقدر على حوائج السائلين يامن يعلم ما في الضمير يامنفس عن المكروبين بالمفرج عن المغمومين ياراحم الشيخ الكبير بارازق الطفل الصغير يامن لا يحتاج الى التفسير صل على محمد وآل محمد وافعل بي كذا و كذا ثم ودعه وقبله وقام وخرج وبقي زين العابدين مريضاً في فراشه قال في الدمعة الساكية قد رأيت في بعض مؤلفات اصحابنا انه لما ضاق الامر بالحسين (علیه السلام) وقد بقي وحيداً فريداً للتفت الى خيم بني ابيه فرآها خالية منهم ثم التفت الى خيم ني عقيل فوجدها خالية منهم ثم التفت الى خيم اصحابه فلم ير أحداً منهم فجعل يكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم ذهب الى خيم النساء فجاء الى خيمة ولده زين العابدين (علیه السلام ) فرآه ملقى على نطع من الاديم فدخل عليه وعنده زينب تمرضه فلما نظر علي بن الحسين (علیه السلام) اراد النهوض فلم يتمكن من شدة المرض فقال لعمته سنديني الى صدرك فهذا ابن رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) قد أقبل فجلست زينب خلفه واسندته الى صدرها فجعل الحسين (علیه السلام) يسأل ولده عن مرضه وهو يحمد الله تعالي ثم قال يا ابتاه ما صنعت اليوم مع هؤلاء المنافقين فقال له الحسين ( علیه السلام ) ياولدي استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله وقد شب القتال بيننا وبينهم حتى فاضت الارض بالدم منا ومنهم فقال ( علیه السلام ) يا ابتاه این عمي العباس فلما سئل عن عمه اختنقت زينب بعبرتها وجعلت تنظر الى اخيها كيف يجيبه لانه لم يخبره بشهادة عمه العباس خوفا من ان يشتد مرضه فقال ( علیه السلام ) يابني ان عمك قد قتل وقطعوا بيديه على شاطي الفرات فيكي علي بن الحسين (علیه السلام ) بكاء
ص: 22
شديداً حتى غشي عليه فلما أفاق من غشيته جعل يسأل عن كل واحد من عمومته والحسين ( علیه السلام ) يقول له قتل فقال واين اخي علي وحبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وزهير بن القين فقال له يا بني اعلم انه ليس في الخيام رجل إلا انا وانت واما هؤلاء الذين تسأل عنهم فكلهم صرعى على الترى فيكي علي بن الحسين بكاء شديداً ثم قال لعمته زينب ياعمتاه علي بالسيف والعصا فقال له ابوه وما تصنع بها فقال اما العصا فاتوكأ عليها واما السيف فاذب به بين يدي ابن رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) فانه لا خير في الحياة بعده فمنعه الحسين من ذلك وضمه الى صدره وقال له ياولدي انت اطيب ذريتي وافضل عترتي وانت خليفتي على هؤلاء العيال والاطفال فانهم غرباء مخذولون قد شملتهم الذلة واليتيم وشماتة الاعداء ونوائب الزمان سكتهم اذا صرخوا وآنسهم اذا استوحشوا وصل خواطرهم بلين الكلام فانهم ما بقى من رجالهم من يستأنسون به غيرك ولا احد عندهم يشكون اليه حزنهم سواك دعهم يشموك وتشمهم ويبكوا عليك وتبكي عليهم ثم ازمه بيده وصاح باعلى صوته يازينب ويا ام كلثوم وياسكينة وبارقية ربا فاطمة اسممن كلامي واعلمن ان ابني هذا خليفتي عليكم وهو امام مفترض الطاعة والله در القائل :
اوصيكم خيراً، باكرم من به*** حملت بطون بعده وظهور
فهو الولي على الورى وخليفتي*** فيكم ومن يلقى له التأمير
ثم قال له ياولدي بلغ شيعتي عني السلام فقل لهم ان ابي مات غريباً فاندبوه ومضى شهيداً فابکوه انتهى ما فى الدمعة وبظهر من الاخبار ان علي بن الحسين (علیه السلام) زين العابدين كانت معه زوجته وولده الباقر وله من العمر اربع سنين وروي عن الباقر (علیه السلام ) هذه الرواية قال ( علیه السلام ) كان ابي علي بن الحسين (علیه السلام ) مبطونا يوم قتل ابوه صلوات الله عليه و كان في الخيمة وكنت ارى موالينا كيف يختلفون معه يتبعونه
ص: 23
بالماء يشد على الميمنة مرة وعلى الميسرة مرة وعلى القلب مرة ولقد قتلوه قتلة نهى رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) ان يقتل بها الكلاب لقد قتل بالسيف والسنان وبالحجارة وبالخشب والعصا ولقد أوطأوه بعد ذلك الا لعنة الله على القوم الظالمين .
الديستاني يقول :
فاتحا من مجلس التوديع الاحباب باب ***فاحتسوا من ذلك التوديع الاوصاب صاب
موصي الاخت التي كانت لها الاداب داب ***زينب الطهر باسر وبنهي فاقدين
اخت يازينب اوصيك وصايا فاسمعي*** انني في هذه الارض ملاقي مصرعي
فاصبري فا الصبر من خيم كرام المترع ***كل حي سينحيه عن الاحياء حين
في جليل الخطب يا اخت اصبري الصبر الجميل ***ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل
و اترك الاعلم على الخدين دابا و العويل*** ثم لا اكره سقي الدمع ورد الوجنتين
واجمعي شمل اليتامى بعد فقدي والممي*** اشبعي من جاع منهم ثم اروي من ظما
واذكري اني في حفظهم طال دمي ***ليتني بينهم كالانف بين الحاجين
وذكر المرحوم ثقة الاسلام النوري ( قده ) في دار السلام هذا المنام عن رجل من الاخيار والابرار ومن الفضلاء والزهاد واسمه ميرزا يحي الابهري في حصله ان قال اتيت كر بلا لزيارة الحسين ( علیه السلام ) في ايام عرفة حتى كانت ليلة الاضحى خرجت من الحرم الشريف واتيت منزلي فنمت واذا بقائل يقول في المنام ان ملا محمد باقر المجلسي يدرس في الصحن الشريف فسألت في اي مكان فاشار الي وقال في مكان كذا فاتيت الى ذلك المكان فرأيت مسجداً كبيراً وقد اجتمع فيه خلق كثير من أهل العلم ومن العلماء ما يقرب من خمسمائة عالم والمجلسي (رحمة الله ) على المنبر جعل
ص: 24
يدرسهم فلما فرغ اخذ فى الوعظ فلما فرغ اخذ في ذكر المصيبة فلما قصد أن ياخذ في ذكر المصيبة دخل شخص من داخل الحجرة وقال ان الصديقة الطاهرة (علیه السلام) تقول اذكر المصائب المشتملة على وداع ولدي الشهيد فشرع في ذكر تلك المصائب فاجتمع خلق كثير وبكوا بكاء شديداً لم أر مثله في عمري ثم نزل انتهى . ومن المعلوم ان هذه المصيبة من اعظم مصائب سيد الشهداء ( علیه السلام ) كما لا يخفى على المتأمل البصير ونحن نأخذ بذكرها قال في ( البحار) وسائر المقاتل ولما رأى الحسين ( علیه السلام ) مصارع فتيانه واحبته ونظر الى اثنين وسبعين رجلا من احبته وثمانية عشر رجلا من اهل بيت. صرعى عزم على لقاء القوم بمهجته ثم جعل ينادي هل من واحم يرحم آل الرسول هل من ناصر ينصر ذرية الطاهرة البتول ثم التفت الى الخيمة ونادى باسكينة ويافاطمة يازينب و يا ام كلثوم عليكن مني السلام فهذا آخر الاجتماع وقد قرب منكن الافتجاع فعلت اصواتهن بالبكاء وصحن الوداع الوداع الفراق الفراق فنادته سكينة يا ابتاه استسلمت الموت فالى من انكل قال (علیه السلام) يانور عيني كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين ورحمة الله ونصرته لا تفارقكم في الدنيا والآخرة فاصبري على قضاء الله ولا تشكي فان الدنيا فانية والآخرة باقية قالت ردنا الى حرم جدنا رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فقال ( علیه السلام ) لو ترك القطا لغفا ونام فبكت فأخذها الحسين ( علیه السلام ) وضمها الى صدره ومسح الدموع عن عينيها وانشأ يقول :
سيطول بعدي باسكينة فاعلمي*** منك البكاء اذا الحمام دهاني
لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة ***ما دام مني الروح في جثماني
فاذا قتلت فانت اولى بالذي*** تأتينه باخيرة النسوان
وفي ( الناسخ ) ثم ان الحسين ( علیه السلام ) دعا من باجمعهن وقال لهن استعدوا للبلاء وان الله حافظكم وحاميكم وسينجيكم من شر الاعداء ويجعل عاقبة أمركم الى خير
ص: 25
و يعذب اعاديكم بانواع البلاء ويعوضكم الله عن هذه البلية بانواع النعم والكرامة فلا تشكوا ولا تقولوا بالسنتكم ما ينقص قدركم ثم امرهم بلبس ازرهم ومقانعهم فسألته اخته الحوراء زينب عن ذلك فقال ( علیه السلام ) كأني اراكم من قريب غير بعيد كالاماء والعبيد يسوقونكم امام الركاب ويسومونكم سوء العذاب فلما سمعت زينب (علیها السلام ) بكت و نادت وأوحدتاه واقلة ناصراه واسوه منقلباء واشوم صباحاه فشقت ثوبها ونشرت شعرها ولطمت على وجهها فقال الحسين (علیه السلام ) مهلا يا بنت المرتضى ان البكاء طويل فاراد الحسين ( علیه السلام ) ان يخرج من الخيمة فتعلقت به وقالت مهلا يا اخي توقف حتى اتزود منك ومن نظري اليك واودعك وداع مفارق لا تلاقي بعده
فمهلا اخي قبل الممات هنيئة*** لتبرد مني لوعة وغليل
فجعلت تقبل يديه ورجليه واحطن به سائر النسوة وجعلن يقبلن يده ورجله فسكتهن الحسين (علیه السلام) وردهن الى الفسطاط ثم دعا باخته زينب وصبرها وامر يده على صدرها من الجزع وذكر لها ما أعد الله من الثواب الصابر بن ما وعد الله من الكرامات للمقربين فرضيت واظهرت الفرح والسرور في وجهه وقالت يا ابن امي طب نفساً وقر عينا فانك تجدني كما تحب وترضى وقالت بلسان الحال :
صبرت على شيء امر من الصبر ***سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري
(اقول )وهي الصابرة بنت الصابرة وبنت امير المؤمنين وهو اصبر الصابرين
بابي التي ورثت مصائب امها ***فقدت تقابلها بصبر ابيها
ثم قال ( علیه السلام ) اخية اثنيني بثوب عتيق لا يرغب فيه احد اجعله تحت ثيابي لثلا اجرد بعد قتلي فاني مقتول مسلوب فارتفعت أصوات النساء بالبكاء قال في ( اللهوف ) فاني تيبان فقال لا ذاك لباس من ضربت عليه الذلة فاخ وبا خلقا فخرقه وجعله تحت ثيابه فلما قتل جردوه منه وفي ( ابصار العين) فجيء له ببرد يماني يلمع فيه البصر ففرزه
ص: 26
و لبسه تحت ثيابه وقال السيد في ( اللهوف ) ثم استدعى الحسين (علیه السلام) بسراويل من حبرة ففرزها ولبسها وانما فرزها لئلا يسلبها فلما قتل (علیه السلام) سلبها ابحر او بحر بن كعب ( لع ) وترك الحسين مجرداً فكانت يد ابحر بعد ذلك تيبسان في الصيف كأنهما عودان يابسان وتترطبان في الشتاء فتنضجان دما وفيها الى ان اهلكه الله تعالى وفي بعض المقاتل لما اراد ان يتقدم إلى القتال نظر يمينا وشمالا ونادى ألا هل من يقدم لي جوادي فسمعت زينب (علیها السلام) خرجت واخذت بعنان الجواد واقبلت اليه وهي تقول لمن تنادي وقد فرحت فؤادي يقول الرائي:
من ذا يقدم لي الجواد ولامتي ***والصحب صرعى والنصير قليل
فاتته زينب بالجواد تقوده ***والدمع من ذكر الفراق يسيل
وتقول قد قطعت قلبي يااخي*** حزنا وياليت الجبال نزول
ولمن تنادي والحماة على الثرى ***صرعى ولا منهم يبل غليل
ما في الخيام وقد تفانى اهلها ***الا نساء ولها وعليل
أرأيت اختا قد انت لشقيقها*** فرس المنون ولا هى وكفيل
فتبادرت منه الدموع وقال يا ***اختاه صبراً فالمصاب جليل
فبكت وقالت يا ابن امي ليس لي*** وعليك ما الصبر الجميل جميل
يانور عيني يا حشاشة مهجتي ***من للنساء الضائعات دليل
ورنت الى نحو الخيام بمولة*** عظمى تصب الدمع وهي تقول
قوموا الى التوديع ان اخي دعا ***بجواده أن الفراق طويل
فخرجن ربات الخدور عوائراً ***وغدا لها نحو الحسین عويس
الله ما حال العليل وقد رأي ***تلك المدامع للوداع تسيل
ص: 27
ولم يبق إلا واحد الناس واحداً*** يكابد من اعدائه ما يكابد
يكر فينثالون عنه كأنهم ***مها خلفهن الضاريات شوارد
محامي وراء الطاهرات مجاهداً ***باهلي و بي ذاك المحامي المجاهد
فما الليث ذو الاشبال هيج على الطاوى ***باشجع منه حين قبل المساعد
ولا سمعت اذني ولا اذن سامع ***با ثبت منه في اللقا وهو واحد
قال نصير الدين الطوسي ( رحمة الله ) اللهم صل وسلم وزد بارك على صاحب الدعوة النبوية والصولة الحيدرية والعصمة الفاطمية والحلم الحسنية والشجاعة الحسينية ومن المعلوم ان الحسين (علیه السلام ) ورث الشجاعة من جده رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) كما ذكرنا سابقا ثم ورثها من أبيه امير المؤمنين (علیه السلام ) ولا يبعد ان يقال ان بعد وقعة كربلا نسي الناس مقاتل امير المؤمنين (علیه السلام) وجلادته وشجاعته ويذكرون الجلادة الحسينية قال علي بن عيسى فى (كشف الغمة ) شجاعة الحسين ( علیه السلام ) يضرب بها المثل وصبره في ماقط الحرب اعجز الاواخر والاول وثباته اذا دعيت لزال ثبات الجبل واقدامه اذا ضاق المجال اقدام الاجل ومقامه فى مقابلة هؤلاء الفجرة عادل مقام ج-ده ببدر فاعتدل وصبره على كثرة اعدائه وقلة انصاره ماثل صبر ابيه في الصفين والجمل فكم من فارس مدل بیاسه جدله فانجدل وكم من بطل طال دمه فيطل فما لاقى شجاعا إلا وكان لامه الهبل وقدمه في المعترك ارسى من الجبال وقلبه لا يضطرب لهول القتال ثابت كالجبل الراسخ لا يومن عزيمته المبيعة فاسخ كان كالايث المغضب البغيض لا يحمل على احد إلا يحجه بسيفه فألحقه بالحضيض فتقدم الى الحرب بنفسه وجرد فيهم سيفه فجعل يثقف الهام ويوطى الاجسام .
ص: 28
ذات الفقار بكفه وبكتفه ذات الفضول للسانه وسنانه صدقان من طعن وقيل خاط البراعة بالشجاعة فالصليل عد الدليل لف الرجال بمثلها وثنى الخيول على الخيول وحمل (علیه السلام ) بنفسه على العسكر ودخل وسطهم وضربهم بالسيف فضعضع اركان العسكر والرجال تفر من بين يديه وتنحاز عنه يمنة ويسرة حتى خضب الارض بدماء القتلى ثم حمل على الميمنة وقال :
الموت خير من ركوب العار ***والعار اولى من دخول النار
ثم حمل على الميسرة وهو يقول :
انا الحسين بن على ***آليت ان لا انثني
احمي عيالات ابي ***أمضي على دين النبي
قلب الميمنة على الميسرة والميسرة على الميمنة وقلب القلب على الجناحين يدخل في اوساطهم ويخرج من اعراضهم ويروي الارض من دمائهم :
بكر فيهم بماضيه فيهزمهم ***وهم ثلاثون الفا وهو منفرد
يقول المرحوم السيد الحلي ( رحمة الله)
فتلقى الجموع فرداً واسكن ***كل عضو في الروع منه جموع
رمحمه من بنانه وكأن من ***عزمه حد سيفه مطبوع
زوج السيف بالنفوس ولكن ***مهرها الموت والخضاب النجيع
فجعل يقاتلهم حتى قتل منهم الوفا ونقل حتى قتل ما يزيد على عشرة آلاف فارس ولا يبين النقص فيهم لكثرتهم قال الراوي فوالله ما رأيت مكثوراً قط قد قتل ولده و اهل بيته واصحابه اربط جاشا ولا أمضى جنانا ولا اجراً مقدما من الحسين (علیه السلام) والله ما رأبت قبله ولا بعده مثله وان كانت الرجال لنشد عليه فيتد عليها بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى اذا شد فيها الذئب والله در القائل :
ص: 29
ولم ير مكثوراً بيد حماته*** وعز مواسيه وقل المساعد
باربط جاشا منه في حومة الوغى*** اذا البيض فيها باديات عوائد
امام يرد الجيش وهو كتائب*** بسطوته يوم الوغى وهو واحد
اذا ركع الهندي يوما بكفه ***لدى الحرب فالهامات منه سواجد
يلوح الردى فى شفرتيه كأنه ***شهاب هوى لما تطرق مارد
وان ظهما الخطي بل اوامه ***لدى الروع من دم الملا وهو وارد
قريب الندى نائي المدى مورد المدى*** حياض الردى والضرب في الهام شاهد
يصول عليهم صولة حيدرية*** يقيم لواء الدين والله عاقد
فكر عليهم مثل ما كر حيدر*** على اهل بدر والنفير المزاحم
وقد تكملوا ثلاثين الفا واحاطوا به وافترقوا عليه باربع فرق
فوجهوا نحوه في الحرب اربعة ***السيف والنبل والخطى والحجرا
و لقد كان يحمل فيهم فقلب اولهم على آخر هم فانكشفوا من بين يديه يدق بعضهم بعضاً فينهزمون كأنهم الجراد المنتشر ثم يرجع الى مركزه ويقف وينظر بطرفه الى مخيمه ويقول برفيع صوته لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ويسمع صوته اليهن الرائي يقول :
تشطر منه الطرف طرف الى العدى ***و طرف يراعي نسوة شأنها الخدر
ثم يرجع اليهم ويقاتلهم وفي روضة الشهداء قتل منهم اثني عشر الف رجل قال حميد بن مسلم والله لقد رأيته يجول بين الصفوف وشيبته مخضوبة بالدم ودرعه قد بني عليه بنيا تا ليس يرى الناظر بن حتى انخنوه بالجراح وفي ( اعلام الورى ) ورشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ فاحجم عنهم أي كف عنهم كأنه ( علیه السلام ) ضعف فوقفوا بازائه في خبر فخرج اليه تميم بن قحطبة وهو من امراء الشام في تلك الحالة قال يا ابن علي
ص: 30
الى متى الخصومة وقد قتل اولادك ومواليك وانت بعد تضرب بالسيف مع عشرين الما فقال ( علیه السلام ) انا جئت الى محاربتكم ام انتم جثم الى محاربتي انا منعت الطريق عنكم ام انتم منعتموه عني وقد قتلتم اخوتي واولادي وليس بينكم وبيني إلا السيف فقال اللعين فلا تكثر المقال فتقدم الي حتى ارى ما عندك فصاح الحسين ( علیه السلام ) صيحة عظيمة وسل السيف وضرب عنقه فتبعد خمسين ذراعا فاضطرب العسكر وصاح بزيد الابطحي ( لع ) ويلكم انكم عجزتم عن رجل واحد تفرون عنه ثم برز الى الامام (علیه السلام) وكان اللعين مشهوراً بالشجاعة فلما رآه المسكر اظهروا البشاشة والسرور فصاح ( علیه السلام ) به ألا تعرفني تبرز الي كمن لا خوف له فلم يجبه الامين وسل سيفه على الامام فسبقه الامام وضرب على وسطه بالسيف فقده نصفين ولسان حاله .
لا تفخروا بجنود لا عداد لها*** ان الفخار بغير السيف لم تكن
ياجيرة الغي ان انكر تم شرفي*** فان واعية الهيجاء تعرفني
في ( الكبريت الاحمر ) عن ابن ابي جمهور مرسلا ان الحسين (علیه السلام) كان لا يقتل بعض اهل الكوفة في حملاته مع تمكنه من قتله ويقتل بعضهم فسئل (علیه السلام ) عن ذلك فقال ( علیه السلام ) ان الذي لا اقتله ارى في صلبه من اهل الايمان وعن محبوب القلوب الاشكوري وغيره عن زين العابدين (علیه السلام ) قال رأيت يوم عاشوراء من مأمن ابي ولم يقتله ابي فلما انتقلت الامامة الي علمت ان احداً من محبينا كان في صلبه ويؤبده قوله تعالى لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا التيما والحاصل و كان يقاتلهم اعظم القتال وشعاره في الحرب يا محمد قال التحرير صاحب جواهر الكلام (قده) في كتاب الجهاد ينبغي اتخاذ الشعار في الحرب وهو النداء الذي يعرف به أهلها فيكون علامة على ذلك قال الصادق (علیه السلام) في خبر معاوية بن وهب شعارنا يامحمد يا محمد وساق (علیه السلام) الكلام فى شعار الحروب والغزوات الى ان قال (علیه السلام) وشعار الحسين (علیه السلام)
ص: 31
يا محمد وشعارنا يا محمد انتهى . ولعمري لقد محى بشجاعته شجاعة ابيه لانه ما اتفق لامير المؤمنين (علیه السلام ) مثل ما اتفق لولده الغريب ابي عبد الله (علیه السلام ) كان علي (علیه السلام) يقاتل في النزوات والحروب وبين يديه اولاده واصحابه من الشجعان والفرسان والابطال سبعون الف مقاتل والحسين (علیه السلام ) يقاتل في مقابل سبعين الف مقاتل وهو غريب ويد و بين يديه اثنان وسبعون من اصحابه ضحايا على وجه الارض وسبعة عشر رجلا من اهل بيته
ونصب عينيه من ابنائه جثث*** كانها مضب سالت على هضب
مضرجين على البوغاء جلبيهم ***فيض المناخر من البرادها القشب
علي (علیه السلام ) يقاتل وليس معه الاهل والعيال والاطفال والحسين «علیه السلام » يسمع انين اطفاله وحنين نسائه
واعظم الكل وقداً حال صبيته ***ما بين ظالم ومطوي الحشا صعب
وعلي ( علیه السلام) يقاتل وما كان عطشانا والحسين ( علیه السلام ) اشتد به العطش بحيث قد حال بينه وبين السماء كالدخان قال ابن حجر في الصواعق ولولا ما كادوه به من انهم حالوا بينه وبين الماء لم يقدروا عليه اذ هو الشجاع القرم الذي لا يتحول ولا بزول
وتحزبت فرق الضلال على ابن من ***في يوم بدر فرق الاحزابا
«اقول» ، ومع هذا والله لولا الفضاء وما به جرى الفلم لحصدهم حصد السنبل و افغاهم عن آخرهم ولقد اجاد الشاعر :
اين الظبا والقنا مما خصصت به ***لولا سهام اراشتها يد القدر
ما انصفتك الظبا باشمس دارتها ***اذ قابلتك بوجه غير مستتر
ولا رعتك القنا ياليث غابتها *** اذ لم تذب الحياء منك او حذر
الحجة ( عج ) يصف شجاعة جده يقول عليه السلام وبدأوك بالحرب فثبت
ص: 32
الطعن والضرب وطحنت جنود الفجار واقتحمت قسطل الغبار مجالداً بذي الفقار كأنك علي المختار فلما رأوك ثابت الجأش غير خائف ولا خاش نصبوا لك غوائل مكرهم وقاتلوك بكيدهم وشرهم وامر اللعين جنوده فمنعوك الماء ووروده و ناجزوك القتال. وعاجلوك النزال ورشقوك بالسهام والنبال وبسطوا اكف الاصطلام ولم يرعوا لك ذماما ولا راقبوا فيك اثاما في قتلهم اولياءك ونههم رجالك وانت مقدم في الهبوات ومحتمل للاذيات قد عجبت من صبرك ملائكة السموات فاحدقوا بك من كل الجهات والخنوك بالجراح وحالوا بينك وبين الرواح ولم يبق لك ناصر وانت محتسب صابر تذب عن نبوتك واولادك حتى نكسوك عن جوادك الخ . وسيأني بعض ما يتعلق بشجاعة الحسين ( علیه السلام) في مجلس آخر من قتاله مع القوم راجلا حين سقط على الارض و مطالب اخرى والسلام .
السيد الحلي يقول :
يوم ابي الضيم صابر محنة ***غضب الاله لوقعها في الدين
سلبته اطراف الاسنة مهجة ***تقدى بجملة عالم التكوين
فتوى يضاحبة الهجير ضريبة*** تحت السيوف لحدها المسنون
الى ان يقول ( قدس سره ) :
والسمر كالاضلاع فوقك تنحني***والبيض تنطبق انطباق جفون
في ( الامالي) للصدوق (رحمة الله ) عن الصادق (علیه السلام ) قال رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) الخير كله في السيف وتحت ظل السيف ولا يقيم الناس إلا السيف والسيوف مقاليد الجنة والنار انتهى (اقول) وان الخير كله تحت ظل السيف وما اظل السيف على احد
ص: 33
كما اظل على الحسين (علیه السلام). وفي الخبر وان الجنة تحت ظلال الاسنة وما اظلت الاسنة على أحد كما اظلت على الحسين ( علیه السلام ) يقول الكمي :
و تظله شجر القنا حتى ابت ***ارسال هاجرة اليده بريدا
وفى هذا المجلس تذكر ما اصابته من الجراحات قال ابو مخنف ثم حمل (علیه السلام) وجعل يضرب فيهم يميناً وشمالا حتى فتصل منهم خلقا كثيراً فلما نظر الشمر الى ذلك اقبل الى عمر بن سعد وقال ايها الامير ان هذا الرجل يغنينا عن آخرنا مبارزة قال كيف نصنع به قال نفترق عليه ثلاث فرق فرفة بالنبال والسهام وفرقة بالسيوف والرماح وفرقة بالنار والحجارة نسجل عليه فجعلوا يرشقونه بالسهام ويطعنونه بالرماح ويضر بونه بالسيوف حتى الخنوه بالجراح قال في ( اللهوف ) حتى اصابته اثنان وسبعون جراحة في ( البحار) عن الباقر (علیه السلام) اصيب الحسين ووجد به ثلثمائة وبضع وعشرون طعنة برمح وضربة بسيف او رمية بسهم وفيه ايضا ثم انه «علیه السلام » لم يزل يقاتل حتى اصابته جراحات عظيمة حتى قيل الف وتسعمائة جراحة وكلها في مقدمه قال الرائي في ذلك :
قد ضم قطريه الطعان فجسمه***كالتاج بالطعن الدلوج مرصع
تقع السهام على القنا اذ لم يكن ***بين الأسنة والأسنة موضع
الله شخص فيه الف جراحة*** طعتا وضربا كيف لا يتضعضع
نسجوا عليه من مقد» درعا ***ولاصاً الجميع يوشع
وفى كتاب [ عين الحياة ] المجلسي ( رحمة الله) قال بمناسبة المقام وفي رواية اصابته اربعة آلاف جراحة من السهام ومائة وثمانون من السيف والسنان وفي [مثير الاحزان] كثرة الطعن والضرب وقال في ( القمقام ، لقد اصابته السهام حتى كأنه طائر وعليه الريش وفي [ البحار ] وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد
ص: 34
القنفذ وروى انها كانت كلها في مقدمه فوقف ليستريح ساعة وقد ضعف عن الفتال فبينما هو واقف اذ أتاه حجر فوقع في جبهته فاخذ الثوب لمسح الدم عن وجهه فاتاه محدد مسموم له ثلاث شعب فوقع السهم في صدره وفي بعض الروايات على قلبه فقال الحسين (علیه السلام ) بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله ورفع رأسه الى السماء وقال الهي انك تعلم انهم يقتلون رجلا ليس على وجه الارض ابن في غيره يقول المرحوم المغفور له سيدنا الاستاذ الحاج السيد جواد طلاب ثراه في قصيدته :
الى ان جاءه في القلب سهم ***فاضرم في حشا الاسلام نارا
يقول الآخر في قصيدته :
فارداه فوق الارض سهم منية ***فهد بناء الدين وهو جديد
للمرحوم السيد جعفر الحالي (رحمة الله)
حتى اذا نفذ القضاء وقدر ***المحتوم فيه وحتم المقدور
زجت له الاقدار سهم منية ***فهوى لقى واندك منه الطور
و تعطل الفلك المدار كأنما*** هو قطبه وعليه كان يدور
ثم اخذ السهم فاخرجه من قفاه قانبعث الدم كالميزاب فوضع يده على الجرح فلما امتلات رمى به الى السماء فما رجع من ذلك الدم قطرة وما عرفت الحمرة في السماء حتى رمى الحسين ( علیه السلام ) بدمه الى السماء ثم وضع يده على الجراح ثانيا فلما امتلات لطخ بها رأسه ولحيته وقال هكذا حتى التى جدي رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وانا مخضوب بدمي واقول يارسول الله قتلني فلان وفلان وفي الزيارة السلام على مقطوع الوتين ( في المجمع الوتين عرق يتعلق بالقاب يسقى كل عرق في الانسان اذا قطع مات صاحبه ) ثم ان المشهور ويجري على بعض الالسن وقد نظم الشعراء في ابياتهم بأنه ( علیه السلام ) سقط عن فرسه لما جاءه المهم المثلث على قلبه ولكن رب مشهور لا أصل له ونحن ما عثرنا
ص: 35
على خبر معتبر يدل على ذلك بل على خلافه ووردت اخبار كثيرة كما في ( البحار ) وغيره من الكتب المعتبرة ثم انه ( علیه السلام ) ضعف عن القتال يعني بعد ما جاءه ذلك السهم الميشوم فكلما انتهى اليه رجل انصرف عنه حتى جاءه رجل من كندة يقال له المالك ابن اليسر الى آخر ما ذكرنا عن المفيد ( رحمة الله) و بعد شهادة العباس فليراجع هناك ولا نعيد
يقول المرحوم الحاجي محمد علي الكمونة ( رحمة الله)
و لما تجلى الله جل جلاله ***له خر تعظيما له ساجداً شكرا
هوى هيكل التوحيد فالشرك بعده ***طفا غمرة والناس في غمرة سكرا
هوی كوكبا فانقض للارض جوهرا*** و ما شابت الاعراض طالعته الغرا
هوى وهو طود والمواضي كانها*** نسور ابت إلا مناكبه وكرا
(اقول) وفي سقوطه عن جواده اختلاف قال السيد في ( اللهوف ) ولما اتخن الحسين ( علیه السلام ) بالجراح وبقى كالقنفذ طعنه صالح بن وهب المزني على خاصرته طعنة فسقط ( علیه السلام ) عن فرسه الى الارض على خده الايمن وهو يقول الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) الخطي يقول :
الى ان اسال الطعن والضرب نفسه ***فخر كما يهوي الى الارض ساجد
فلسفي له والخيل منهن صادر*** خضيب الحوامي من دماه ووارد
فاي فتى ظلت خيول امية ***تعادي على جثمانه و تطارد
وقال الصدوق ( رحمة الله) في الامالي ورمى بسهم فوقع في نحره وخر عن فرسه فاخذ السهم فرمی به وقال ابو مخنف واعترضه خولى «لع » بسهم فوقع في لبته فارداه صريها الى الارض يخور في دمه فجمل ينزع السهم بيده ويتلقي الدم بكفيه ويخضب
ص: 36
به لحيته ورأسه الشريف وبقول هكذا التي ربي والقى جدي واشكو اليه ما نزل بي و في مناقب ابن شاذان قال رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) كاني انظر الى الحسين وقد رمي بسهم فخر عن فرسه صريعا ثم ذبح كما يذبح الكبش انتهى وفي المعدن عن المناقب رماه ابو أيوب الغنوي بسهم في حلقه فقال بسم الله وبالله ولا حول ولا قوة إلا بالله وهذا قتيل في رضاء الله وسقط عن فرسه في ( نفس المهموم ) قال حميد بن مسلم كانت على الحسين ( علیه السلام ) حبة من خز وكان معتمها وكان مخضوبا بالوسيمة وسمعته يقول قبل ان يقتل وكان راجلا يقاتل على رجليه جعل يحمل عليهم ويقطع من الفارس ما بدا فيه موضع خلل للضرب ويشد على الخيل وهو يقول اعلي تحانون وايم الله اني لا رجو أن يكرمني الله بهوانكم اياي ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون اما والله لو قتلتموني لقد التقى الله بأسكم بينكم وسفك دمائكم ثم لا يرضى لكم بذلك حتى يضاعف لكم العذاب الأليم وقال ابن الاثير في كامل التواريخ قاتل «علیه السلام» راجلا قتال الفارس الشجاع يتقي الرمية ويقرص الصورة ويشد على الخيل وهو يقول اعلى قتلي تجتمعون اما والله لا تقتلون بعدي عبداً من عباد الله اسخط عليكم لقتله مني قال في «نفس المهموم » فلما رأى شمر بن ذي الجوشن ذلك استدعى الفرسان فصاروا في ظهور الرجالة وامر الرماة ان يرموه فرشقوه بالسهام حتى صار كالقنفذ وفي القمفام أقبل عمر بن سعد ( لع ) حتى دنا منه ( علیه السلام ) فقال ( علیه السلام ) يا عمر انت بنفسك وعزمت على قتلي انيت لكي تقتلني فرجع عمر ونادى من يأتيني برأس الحسين ( علیه السلام ) فله الف در هم فنادى شمر بن ذي الجوشن في الناس وبحكم ماذا تنتظرون بالرجل اقتلوه ثكلتكم امهاتكم فحملوا عليه من كل جانب فضربه ذرعة بن شريك على كتفه اليسرى وضرب الحسين ( علیه السلام ) زرعة فصرعه وقال في ( المنتخب) ان خولی طعنه برمحه فخرج السنان من ظهره فسقط الحسين ( علیه السلام ) على وجهه بخور فى دمه ويشكو الى ربه وقال الطبري
ص: 37
وحمل عليه سنان بن انس في تلك الحالة فطعنه بالرمح فوقع واند مکث طويلا من النهار ولو شاء الناس ان يقتلوه لفعلوا ولكنهم كانوا يتقون قتله ويحب هؤلاء ان يكفيهم .ؤلا. وفي خبر اقي مكبوبا على الارض ملطخاً بدمه ثلاث ساعات من النهار رامقاً عارفه الى السماء وهو يقول صبراً على فضائك ولاتك يارب لا معبود سواك باعياث . تغيثين وقال ابو مخنف وخر صريعاً مغشيا عليه فلما افاق من غشيته وأب ليقوم لمنان فلم يقدر فبكي بكاء شديداً ونادى واجداه والمحمداه وابتاه واعلياه والخاه و احسناه واغربتاه واغوثاه واقلة ناصراه ألقتل مظلوما وجدي محمد المصطافي أأذبح عطشانا وابي علي المرتضى أاترك مهتوكا وامي فاطمة الزهراء ثم غشي عليه وبقي ثلاث ساعات من النهار والقوم في حيرة لا يدرون اهو حي ام ميت فقصده رجل من کنده فضر به على مفرق رأسه فشق هامته فسالت الدماء على شيبته وطاحت البيضة من رأسه وفى (البحار ) ضربه آخر على عاتقه المقدس ضربة كبا بها لوجهه وكان قد اعي وجعل ينوء ويكبو فطعنه سنان في ترقوته ثم انتزع الرمح وطعنه في بواني صدره ثم رماه ايضا سنان بسهم فوقع السهم في نحره فقط و جلس قاعداً فنزع السهم من نحره رقون كفيه جميعاً وكلما امتلانا من دمائه خضب بها رأسه ولحيته وهو يقول هكذا حتى الغى الله مخضباً بدي مغصوبا علي حتى يقول الرائي :
بنفسي تريب الخد ملتهب الحشا*** عليه المواضي ركع وسجود
بنفسي خضيب الشيب من دم نحره*** غداة عليه الماضيات ركود
الى المعركة
قال المرحوم السيد الحلي (رحمة الله)
فان التي لم تبرح الخدر ابرزت ***عشية لا كهف فتأوي الى كهف
ص: 38
لقد رفعت عنها يد القوم سجنها *** وكان صفيح الهند حاشية المجف
وقد كان من فرط الحفارة صوتها ***بغض فغض اليوم من شدة الضعف
وهاتفة ناحت على فقد الفها ***كما هتفت بالدوح فاقدة الالف
لقد فزعت من هجمة الخيل ولها ***الى ابن ابيها وهو فوق الثرى منف
فنادت عليه حين الفته عارياً ***على جسمه تسفي صبا الريح ما تسفي
حملت الرزايا قبل يومك كلما ***فما انقضت ظهري لا او هنت كتفي
لما بعث رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) دعا الناس الى الاسلام فشجوا جبينه وادموا صافيه فاتك على موضع في جبل حراء او ابي قبيس يقال له المتكأ فخرج علي (علیه السلام) وخديجة في طلبه فجعلت تجول خديجة في وادي مكة وهي تقول من احس لي النبي المصطفى (صلّی الله علیه وآله وسلم] من أحس لي الربيع المرتضى كما جالت زينب (علیه السلام) في وادي کربلا وهي تنادي والاخاه الخ قال السيد في ( اللهوف ) والشيخ في [ الارشاد ] ولما سقط الحسين [علیه السلام] الى الارض خرجت زينب من باب الفسطاط وهي تنادي وااخاه را سیداه وا اهل بيتاه ليت السماء الطبقت على الارض وليت الجبال تدكدكت على السهل فنادت عمر بن سعد بن ابي وقاص ويحك ياعمر ايقتل ابو عبدالله وانت تنظر اليه فلم يجبها عمر بشيء فنادت ويحكم ما فيكم مسلم فلم يجبها احد بشىء يقول الرائي :
لم انس زينب وهي تدعو بينهم*** ياقوم ما في جمعكم من مسلم
انا بنات المصطافي ووصيه ***ومخدرات بني الحطيم وزمزم
وفي رواية الطبري وقد دنا عمر بن سعد من الحسين (علیه السلام) فقالت زينب (علیه السلام) يا عمر بن سعد يقتل ابو عبدالله وانت تنظر اليه قال الراوى فكأني انظر الى دموع عمر وهي تسيل على خديه ولحيته قال وصرف بوجهه عنها الخ وفي تظلم الزهراء ان زينب لما علمت بالوقعة خرت مغشيا عليها فلما أفاقت من غشيتها ركضت محو المعركة
ص: 39
وهي تارة تمتر باذيالها وتارة أسقط على وجهها من عظم دهشتها حتى انتهت الى المعركة فجعلت تنظر يمينا وشمالا فرأت اخاها الحسين ( علیه السلام ) على وجه الارض يقبض يميناً وشمالا والدم يسيل من جراحاته كلليزاب فطرحت نفسها على جسده الشريف وجعلت تقول انت الحسين اخي أأنت ابن امي أأنت نور بصري أأنت مهجة قلبي أأنت حمانا أأنت رجانا أأنت كيفنا أأنت عمادنا أأنت ابن محمد المصطفى أأنت ابن علي المرتضى أأنت ابن فاطمة الزهراء كل هذا لا يرد عليها جوايا ولا يسمع لها خطابا لانه (علیه السلام) كان مغشيا عليه لكثرة مالا قاه من الجراحات فالمت عليه بالخطاب وكثر منها البكاء الى ان افاق فرمقها بطرفه الشريف واشار اليها بيده فغشي عليها فلما أفاقت قالت له اخي بحق جدي رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) إلا ما كلمني وبحق ابي امير المؤمنين إلا ما خاطتني يا حشاش مهجتى بحق امي فاطمة الزهراء إلا ما جاوبتني ياضياء عيني كلمني يا شقيق روحي جاوبني قال فانتبه الحسين ( علیه السلام ) من قولها وقال يا اختاه هذا يوم التناد والهزاق هذا اليوم الذي وعدني به جدي وهوالي مشتاق ثم اغمى عليه فعند ذلك جلست خلفه واجلسته حاضنة له صدرها فالتفت الحسين ( علیه السلام ) وقال اخية زينب كسرت قلبي وزدتني كربا فوق كربي فبالله عليك إلا ما سكنت وسكت فصاحت واويلاه اخي يا ابن امي كيف اسكن واسكت وانت بهذه الحلة تعالج سكرات الموت تقبض يمينا وتمد شمالا تقاسي منونا وتلاقي اهوالا روحي لروجك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء فينها هي تخاطبه ويخاطبها واذا بالسوط بين كتفيها وقائل يقول تنحي عنه وإلا الحقتك به قالتفتت واذا هو شمر بن ذي الجوشن (لع ) فاعتنقت اخاها وقالت ياعدو الله لا اتنحى عنه ان ذبحته فاذبحني معه فجذبها عنه قهراً وضربها ضربا عنيفا وقال اللعين والله ان تقدمت اليه أضرب عنقك بهذا السيف ثم ان اللعين دنا وقد كان اغمي عليه ( علیه السلام ) وارتقى على صدره الشريف المطهر وقلبه على وجهه المنور فلما رأت ذلك تقدمت اليه
ص: 40
وجذبت السيف من يده وقالت يا عدو الله ارفق بها لقد كسرت صدره واثقلت ظهره اما علمت ان هذا الصدر تربى على صدر رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وعلي ( علیه السلام ) وفاطمة (علیها السلام) ويحك هذا الذي ناغاه جبرائيل وهز ميده ميكائيل في الله عليك إلا امهلته ساعته لانزود منه ويحك يا لمين دعني اقبله دعني اغمضه دعني انادي بناته يتزودون منه دعنى آتيه بابنته سكينة فانه يحبها وتحبه فعند ذلك غار عليها فوقعت على و ما مغشياً عليها كل هذا ولم يعبأ اللعين بكلامها ولا رق لها قلبه وضع ما صنع الخ .
يقول الكمونة ( رحمة الله) :
واعظم خطب زعزع العرش واثنى ***له الفلك الدوار محدود با ظهرا
غداة اراق الشعر من نحره دما*** له انبجست عين السما ادمعاحمرا
يقول الخطي (رحمة الله) :
واعظم شيء ان شمراً له على ***جناجن صدر ابن النبي مقاعد
فشلت يداه حين يفرى بسيفه*** مقلد من تلقى اليه المقالد
يقول الدمستاني :
فتك العصفور للصقر فيا للعجب ***ذبح الشعر حسينا غيرة الله اغضي
حيدر آجرك الله بعالي الرتب*** ادرك الاعداء منه ثار بدر ونين
ذبح الشمر حسينا ليتني كنت فداه ***وغدا الاملاك تنعاه خصوصاً عتقاه
مادرى الملعوز شمر اي صدر قدر قاه*** صدر من داس فخار أفوق هام الفرقدين
وهذا مجلس مضمونه يسكب المدامع من الاجفان ويجلب الفجائع لاثارة الاحزان ويلهب نيران الموجدة على اكباد ذوي الايمان والى الله المشتكى وهو المستعان في
ص: 41
(اللهوف) قال هلال بن نافع اني كنت واقفا مع اصحاب عمر بن سعد ( لع ) اذ صرخ صارخ ابشر ابها الامير فهذا شمر قد قتل الحسين ( علیه السلام) قال فخرجت بين الصفين فوقفت عليه وانه ليجود بنفسه فوالله ما رأيت قط قتيلا مضمخاً بدمه احسن منه ولا انور وجها و لقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكرة في قتله فاستسقى في تلك الحال ماء فسمعت رجلا يقول والله لا تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها فسمعته يقول يا ويلك انا لا ارد الحامية ولا اشرب من حميمها بل ارد على جدي رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) واسكن عنده في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر واشرب من ماء غير آسن واشكو اليه ما ارتكبتم مني تعليم بي قال فغضبوا باجمعهم حتى كأن الله لم يجعل في قلب احد منهم من الرحمة شيئاً فاحتزوا رأسه وانه ليكلمهم فتعجبت من قلة رحمتهم وقلت والله
لا اجامعكم على امر ابداً ( اقول ) قد اختلفوا في قاتله على اقوال ونحن نشير الى ما عثرنا عليه في الكتب المعتبرة قال السبط ابن الجوزي في التذكرة رماه حصين بن نمير بسهم ثم نزل فذبحه وعلق رأسه في عنق فرسه ليتقرب به الى ابن زياد وقال علي بن عيسى الاربلي ومحمد بن طلحة الشافعي قال عمر بن سعد لاصحابه انزلوا وحزوا رأسه فنزل اليه نصر بن خرشة الضبابي ثم جعل يضرب بسيفه فى مذبح الحسين (علیه السلام ) فغضب عمر بن سعد وقال لرجل عن يمينه ويحك انزل الى الحسين فارحه ونزل اليه خولى بن يزيد (لع) فاحتز رأسه وفي خبر لما سقط ظهر فرسه بخور في دمه اقبل عمرو بن الحجاج الزبيدي ونزل عن فرسه ليقطع رأسه الشريف فلما دنا منه ونظر الى عينيه ولى مديرا ورجع راجعاً وركب فرسه وعاد فقال له شمر بن ذي الجوشن رجعت عما عزمت قال اللعين نظرت الى عينيه قانها عينا رسول الله و ما احببت ان القى الله بدمه واقبل شبث بن ربعي في تلك الحالة نظر اليه ارتعدت يده ورمى السيف من يده وفر هاربا وهو يقول بصوت عالى معاذ الله ياحسين
ص: 42
ان القى الله والقى جدك واباك بدمك واقبل شمر ( لع ) وصنع ما صنع وفي كتاب تظلم الزهراء أقبل الشمر وجلس على صدر الحسين وقبض على لحيته وهم بقتله فضحك ( علیه السلام ) وقال اتقتلني وتعلم من انا فقال اعرفك حتى المعرفة امك فاطمة الزهراء وابوك علي المرتضى وجدك محمد المصطفى وخصمك علي الاعلى اقتلك ولا ابالي وعن ( المنتخب ) فقال الحسين (علیه السلام) اذا عرفت حسبي ونسي فلم تقتلني فقال ان لم اقتلك فمن ياخذ الجائزة من يزيد فقال ( علیه السلام ) ايما احب اليك الجائزة من يزيد او شفاعة جدي فقال دانق من الجائزة احب الي منك ومن جدك فقال ( علیه السلام ) اذا كان لا بد من قتلي فاسقني شربة من الماء فقال هيهات والله لا ذقت قطرة واحدة من الماء حتى تذوق الموت غصة بعد غصة وفي المعدن قال يا ابن ابي تراب الست تزعم ان اباك على حوض النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) يسقي من احبه فاصبر حتى تأخذ الماء من يده وفي المجالس قال ما ذقت الماء حتى تذوق من الحميم وعن ابي مخنف فقال ( علیه السلام ) اكشف لي عن لثامك فكشف له عن وجهه فاذا هو اعور ابرص له روز كبوز الكلاب وشعر كشعر الخنازير فقال (علیه السلام) صدق جدي رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فيما قال قال اللعين وما قال جدك قال كان يقول لابي ( علیه السلام ) يقتل ولدك الحسين ( علیه السلام ) رجل اعور ابرص له بوز كبوز الكلاب وشعر كشعر الخنازير فقال له ياحسين تشبهني بالكلاب والخنازير والله لا ذبحنك من قفاك ثم قلبه على وجه الشريف وفي المعدن جعل يحتز مذبح الحسين بسيفه فلم يقطع شيئاً فقال الحسين ( علیه السلام ) ياويلك اتظن ان سيفك يقطع موضعاً طالما قبله رسول الله فكبه على وجهه وجعل يقطع أوداجه وكان كلما قطع منه عضواً او عرقا او مفصلا نادى واجداه وا ابا القاسماه واعلياه واحمزتاه واجعفراه واعقيلاه واغربتاه واقلة ناصراه وفي العوالم ضربه ابن ذي الجوشن «لع » بسيفه اثنتي عشرة ضربة ثم حز رأسه المقدس وشاله في قناة فكبر وكبر المسكر معه
ص: 43
ويكبرون بان قتلت وانما ***قتلوا بك التكبير والتهليلا
وعن كتاب لسان الذاكرين قال اللعين لما فرقت بين رأسه وجده الشريف رأيت شفتيه يتحر كان فلما قربته من اذني سمعته يقول الهي شيعتي ومحبي [ اقول ] والمعتمد عند كثير من ارباب المقاتل ان قاتله سنان بن انس (لع) وان كان المشهور خلافه قال الصدوق في الامالي فاقبل عدو الله سنان بن انس الايادي وشمر بن ذي الجوشن العامري في رجال من اهل الشام حتى وقفوا على رأس الحسين (علیه السلام) فقال بعضهم لبعض ما تنتظرون به اريحوا الرجل فنزل سنان بن انس الايادي لعنه الله واخذ بلحية الحسين [علیه السلام] وجعل يضرب بالسيف في حلقه وهو يقول لا حتز رأسك وانا اعلم انك ابن رسول الله وخير الناس اما وابا ورواية السيد في ( اللهوف ) قريب من هذا إلا انه يقول وبدراليه خولى لعنه الله ليحتز رأسه فارعد و نزل اليه سنان [لع] وصنع ما صنع الى ان احتز رأسه المقدس المعظم
فاي رزية عدات حسينا ***غداة تبيره كفا سنان
وفي [نفس المهموم ] نقلا عن ترجمة الطبري وعن روضة الصفا ان سنانا [ لع ] طعنه طعنة على ظهره فخرج من صدره الشريف ولما اخرج اللدين رمحه فارقت روحه المقدسة الطيبة وفى كتاب مناقب السبطين ارتاض بعض العلماء ليستظهر قاتله من هو فرأى في منامه الحسين [علیه السلام] وسأله عن قاتله فقال [علیه السلام ] وان كان المشهور ان الشمر قاتلي و لكن صنع ما صنع بي طعنة سنان بن انس و تلك الطعنة طعنة لما طعنه الحسين - علیه السلام - لوجهه قال في القمقام ان قاتله سنان بن انس في اللعين الى زمان الحجاج دخل سنان عليه وقال اعطاني على بلاني قال وما بلاؤك قال اللعين قتلت الحسين بن علي (علیه السلام) قال كيف قتلته قال دسرته بالرمح دسر آثم هبرته بالسيف هبراً وما اشركت في قتله احداً قال ابشر فانك واياه لا تجتمعان في دار ابداً فاخرجه ولم يعطه شيئا قالوا فيما
ص: 44
سمعت من الحجاج كلمة خير منها وقال السيد في ( اللهوف ) ان سنانا اخذه المختار فقطع انامله انملة أعملة ثم قطع يديه ورجليه واغلى له قدراً فيها زيت ورماه فيها وهو يضطرب وفي رواية قتله عبيد الله بن زياد لما دخل عليه بعد الوقعة وانشد :
املاً ركابي فضة اوذهبا ***اني قتلت السيد المحجبا
قتلت خير الناس اما وايا ***وخيرهم اذ ينسبون النسبا
فقال عبيد الله بن زباد ويحك فان علمت أنه خير الناس ابا واما لم قتلته فامر بضرب عنقه فضرب عنقه وعجل الله بروحه الى الجحيم .
يقول المرحوم السيد حيدر :
وقفت له الافلاك حين هويه ***وتبدات حركاتها بسكون
وبها نعاه الروح يهتف منشداً ***عن قلب والهة بصوت حزين
اضمير غيب الله كيف لك القنا*** نفدت وراء حجابه المحزون
وروى الشيخ ابو القاسم جعفر بن قولويه القمي عن الحلبي عن ابي عبدالله (علیه السلام) ان الحسين صلوات الله عليه لما قتل اتاهم آت وهم في المسكر فصرخ فزير فقال لهم وكيف لا اصرخ ورسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم ) قائم ينظر الى الارض مرة وينظر الى حربكم مرة وانا اخاف ان يدعو الله على اهل الارض فاهلك فيهم فقال بعضهم لبعض هذا انسان مجنون فقال التوابون تالله ما صنعنا بانفسنا قتلنا لا بن محمية سيد شباب اهل الجنة فخرجوا على عبيد الله بن زياد فكان امر هم ما كان قال الراوي قلت له جعلت فداك من هذا الصارخ قال ما نراه إلا جبرائيل ويظهر من هذا الخبر وسائر الاخبار ان رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) كان حاضراً في كربلا من يوم عاشوراء الى ان دفن الحسين (علیه السلام)
ص: 45
بل ومعه علي وفاطمة والحسن عليهم السلام ومما يدل على ذلك الخبر الذي رواه ابو مخنف عن الطرماح ونحن نذكر الخبر بعينه قال الطرماح بن عدي كنت في القتلى وقد وقع في جراحات و لو حلفت لكنت صادقا اني كنت غير نائم اذ اقبل عشرون فارساً وعليهم ثياب بيض يفوح منهم المسك والعنبر فقلت في نفسي هذا عبيد الله بن زياد لعنه الله قد اقبل يطلب جثة الحسين (علیه السلام) ليمثل به فجاؤوا حتى صاروا قريبا منه فتقدم رجل الى جنة الحسين (علیه السلام ) وجلس قريباً منه واجلسه فاوماً بيده الى الكوفة واذا بالرأس : اقبل فركبه على الجسد مثل ما كان بقدرة الله تعالى وهو يقول: ياولدي قتلوك اتراهم ما عرفوك ومن شرب الماء منعوك وما اشد جرأتهم على الله ثم التفت الى من كان عنده فقال يا ابي آدم و يا ابي ابراهيم ويا ابي اسماعيل ويااخي موسى و يا اخي عيسى اما ترون ما صنعت الطغاة بولدي لا انا لهم الله شفاعتي يوم القيامة فتأملته فإذا هو رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وزاد السيد الجزائري في الانوار فجعلوا يبكون ويعزون النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم) زمانا طويلا وهو يحثو التراب على رأسه وشيبته الطاهرة والحسين (علیه السلام) يقص عليه ما صدر وما عملوه فيه حتى غشي عليه من البكاء وانا اسمعهم واشاهدهم ففارقوه وأنطرح ( علیه السلام ) كما كان ميتا انتهي ومما ظهر من الآيات عند قتله قال الراوي فارتفعت في السماء في ذلك الوقت غيرة شديدة سوداء مظلمة فيها ربح حمراء لا ترى فيها عين ولا اثر حتى ظن القوم ان العذاب قد جاءهم فلبثوا كذلك ساعة ثم انجات عنهم وفي الصواعق لابن حجر قال ومما ظهر يوم و (علیه السلام) من الآيات ان السماء اسودت اسوداداً عظيما حتى رؤيت النجوم نهاراً ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط وقال ايضا وان السماء احمرت لقتله وانكسفت الشمس حتى بدت الكواكب نصف النهار وظن الناس ان القيامة قد قامت ولم يرفع حجر في الشام إلا رني تحته دم عبيط في الكافي ! قتل ( علیه السلام ) عجت السموات والارض ومن عليها
ص: 46
والملائكة فقالوا ياربنا ائذن لما في هلاك الخلق حتى تجدهم عن جديد الارض بما استحلوا حرمتك وقتلوا صفوتك فاوحى الله تعالى اليهم يا ملائكتي و يا سمواني و يا ارضي اسكنوا ثم كيف لهم حجابا من الحجب فاذا خلفه محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) واثني عشر وصيا له صلوات الله عليهم ثم اخذ بيد فلان القائم من بينهم فقال يا ملائكتي وياسمواتي و با ارضي بهذا انتصر لهذا قالها ثلاث مرات انتهى في ( البحار ) عن الصادق (علیه السلام) ان الحسين ( علیه السلام ) لما ضرب بالسيف فسقط و ابتدر قاتله ليقطع رأسه الشريف نادى مناد من بطنان العرش ألا ايتها الامة المتحيرة الظالمة بعد نبيها لا وفقكم الله لا ضحى ولا فطر قال الصادق (علیه السلام) فلا جرم والله ما وفقوا ولا يوفقون حتى يثور ثامر الحسين ( علیه السلام ) وسمع نداء آخر في يوم عاشوراء بالمدينة اليوم نزل البلاء على هذه الامة فلا ترون فرحاً حتى يقوم قائمكم فيش في صدوركم ويقتل عدوكم وينال بالوتر او تاراً ففزعوا منه وقالوا ان لهذا القول لحادثا قد حدث ما نعرفه قاتاهم بعد ذلك خير قتل الحسين (علیه السلام ) ومما ظهر من الآيات عن رأسه الشريف حين حزه اللعين في شرح الشافية لابى فراس عن كتاب مناقب السعداء عن يعلى بن معاوية قال رأيت رجلا يحمل رأس الحسين ( علیه السلام ) في مخلاة فرسه فسمعت اذناي ووعى قلبي والرأس يقول فرقت بين ورأسي جسدي فرق الله بين لحمك وعظمك وجعلك آية ونكالا للعالمين فرفع اللعين سوطا كان معه ولم يزل يضرب به الرأس الشريف حتى سكن قال فرأيت ذلك الرجل وقد اتي به لعنه الله الى المحتار فيشرح لحمه والقاه الى الكلاب وهو حي كلما قطعت منه قطعة صاح وعلب على عقله فيرتسل حتى يؤلب اليه عقله ثم يفعل به مثل ذلك حتى بقى عظاما مجرداً ثم أمر به فقطعت مفاصله فاتيت التختار فاخبرته بفعله ومما سمعت من الرأس الشريف الخ ومما رني من الآيات روى الشيخ الطوسي في الامالي عن أحمد بن الصلت يرفعه الى ابي عبدالله عن مربه
ص: 47
جارية لهم قالت كان عندنا رجل خرج على الحسين ( علیه السلام ) ثم جاء بجمل وزعفران قالت فلما دقوا الزعفران صار ناراً قالت فجعلت المرأة تأخذ منه الشيء فتلطخه على يدها فيصير منه برص قالت ونحر العبر قلما حزوا بالسكين صار مكانها ناراً قالت فجعلوا يسلخونه فيصير مكانها ناراً قالت فقطعوه فخرج منه النار قالت فطبخوه فكلما اوقدت النار فارت القدر ناراً قالت فجعلوه في الجفنة فصارت ناراً قالت وكنت صبية يومئذ فاخذت عظما منه فطينت عليه فوجدته بعد زمان فلما حززناه بالسكين صار مكانه ناراً فعرفنا انه ذلك المظم فدفناه وقد حكي ان جميع الابل التي نهبوها يوم الطف كذا شأنها وفي ( البحار) مسنداً عن جميل بن مرة قال أصابوا ابلا في عسكر الحسين ( علیه السلام ) يوم قتل فن وها وطبخوها قال فصارت مثل العلقم فما استطاعوا ان يسبغوا منها شيئاً قال في الدمعة الساكية وقد قيل كان ابو عبدالله (علیه السلام) اعد جملا لنفسه يحمل عليه خيمته وثقله وهو راحلته التي ركبها ووعظ ابن سعد وقومه وكان يوم الواقعة قريبا من المحيم فلما صارت الصيحة وسمع وقع حوافر الخيل وزعقات الرجال اقبل يمشي الى ان صار بين القتلى فوقف هناك فجعل تارة ينظر اليهم وتارة ينظر ميمنة وميسرة فقصده ثلاثة فوارس ثم ساقوه فتوجه الى منازل الخيم وكلما ارادوا منعه عن ذلك الوجه لم يقدروا فتبعوه قلهما وصل الى مكان خيمة ابى عبدالله ( علیه السلام ) فلم يرها التفت الى جهاته ثم ثم تلك البقعة وجعل يرغو رغاء عظيما وكلما وكزوه لم ينبعث وزاد رغاؤه ثم برك في موضعه وكأنه عرف ان الخيمة نهبت فجعل يضرب برأسه الارض ويعض باسنانه صفحتيه وظهره حتى ادماها فلما ضعف عن النهوض نحروه في مكانه واقتسموا لحمه وقيل وضعوا على ظهره الخيمة فطاوعهم ثم جعلوا طريقه على مصرع الحسين ( علیه السلام ) لينظروا ما يفعل فلما نظر الى الحسين مطروحا قصده ووقف عليه وجمل يشمه و يرغو فلما رآه لم ينهض ولم يتحرك برك الى جنبه مظللا له
ص: 48
فلما اعى من عظم ما لحقه من رغائه وضرب رأسه على الارض نحروه في مكانه واقتسموا لحمه وطبخوه فلم ينضج وقيل انه صار شعلة فاحرق القدر بما فيه انتهى اقول وقتل الحسين ( علیه السلام) فى يوم الجمعة العاشر من المحرم سنة احدى وستين من الهجرة بعد صلاة الظهر منه وسنه يومئذ ثمان وخمسون سنة وقيل ان مقتله كان يوم السبت وقيل يوم الاثنين والاول اصبح قال ابو الفرج واما ما تقوله العامة أنه قتل يوم الاثنين فباطل هو شيء قالوا بلا رواية وكان اول المحرم الذي قتل فيه يوم الاربعاء اخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات واذا كان كذلك فليس يجوز ان يكون يوم العاشر من المحرم يوم الاثنين وهذا دليل صحيح واضح تنضاف اليه الرواية وقال الشيخ المفيد (ره) في ذكر مقتل الحسين (علیه السلام) في يوم عاشوراء واصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم وهو يوم الجمعة وقيل يوم السبت وعلى الخبر المقدم ذكره يوم الجمعة على التحقيق وقال في ذكر و روده بكر بلا ثم نزل ( علیه السلام) وذلك يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم سنة احدى وستين وفي تذكرة السبط كان مقتله ( علیه السلام) يوم الجمعة ما بين الظهر والعصر لانه صلى صلاة الخوف باصحابه وقيل يوم السبت وقد ذكرناه الخ
واعظم خطب لا تقوم بحمله***متون الجبال الراسيات العظائم
عويل بنات المصطفى مذاتي لها ***جواد قتيل الطاف دامي القوائم
ينحن كما ناح الحمام وبالبكاء ***لا غزر ومعا من بكاه الحمائم
والآخر يقول :
ولما دعا داعي القضاء قضى ظما ***وخر على وجه الصعيد عن المهر
وراح الى الفسطاط ينمي جواده ***ففرت بنات الوحي شابكة العشر
ص: 49
فتلك تنادي واحماي وهذه***رجاي وهذي لا تفيق من الذعر
والآخر يقول في ذلك :
وراح جواد السبط نحو نسائه ***ينوح وينهى الظامي المترملا
خرجن بنيات الرسول حواسراً ***فعاين مهر السبط والسرج قد خلا
قادمين باللطم الخدود لفقده ***و اسكين دمعاً حره ليس يصطلي
في الاختصاص سئل امير المؤمنين ( علیه السلام ) ما يقول الفرس في صهيله فقال (علیه السلام) ان الفرس في كل يوم ثلاث دعوات مستجابات يقول في اول نهاره اللهم وسع على سيدي الرزق ويقول في وسط النهار اللهم اجعلني الى سيدي احب من اهله وماله ويقول في آخر نهاره اللهم ارزق سيدي على ظهري الشهادة اقول كأنه ما استجاب الله دعاء فرس كدعاء فرس الحسين (علیه السلام) اذ رزقه الله على ظهره شهادة سيده الحسين (علیه السلام) ولما قتل سيده جعل الفرس يصهل ويحمحم اقول فيحصل ما نقلناه عن مدينة المعاجز وعن امالي الصدوق وعن المناقب فى هذه المصيبة انه لما صرع الحسين (علیه السلام) جمل الفرس يحامي عنه ويدب على الفارس فيخبطه (خبط البعير الارض بيده اي ضربها ) عن سرجه ويدوسه حتى قتل الفرس اربعين رجلاتم عدا من بين ايديهم ان لا يؤخذ واقبل حتى اذا وصل الى الحسين ( علیه السلام ) جعل يشم رائحته ويقبله بفمه ولطخ عرفه و ناصيته بدم الحسين ( علیه السلام ) ثم تمرغ في دم الحسين وجعل يركض ويصهل ويضرب بيديه الارض وقصد نحو خيمة النساء كما حكى الله الموسى(علیه السلام) و حكى امير المؤمنين (علیه السلام) تم ينفر فرسه ويحمحم ويقول في صهيله الظليمة الظليمة من امة قتلت ابن بنت نبيها ولما وصل الى المخيم جعل يضرب برأسه الارض عند الخيمة حتى مات فسمعت بنات النبي صهيله فخرجن فاذا الفرس بلا راكب وليس عليه احد فمرفن ان حسيناً قد قتل رفعن اصواتهن بالبكاء والعويل ووضعت ام كلثوم يدها على رأسها ونادت وامحمداه واجداه
ص: 50
و انبياء والبا القاسماه واعلياه واجعفراه و احمزتاه هذا حسين بالعراء صريع بكربلا محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة والرداء ثم غشي عليها وفي التظلم انشأت سكينة تقول:
مات الفخار ومات الجود والكرم ***واغبرت الارض والافاق والحرم
واخلق الله ابواب السماء فلا*** ترقى لهم دعوة تجلى بها الغمم
مات الحسين فيالمهني لمصرعه*** وصار يعلو ضياء الامة الظلم
وقال ابو مخنف قال عبدالله بن قيس فنظرت الى الجواد وقد رجع من الخيمة وقصد الفرات ورمى نفسه فيه وذكر أنه يظهر عند ظهور صاحب الزمان وتذكر ايضا قصة الفرس على ما رواه الطريحي في مقتله قال في ( المنتخب ) نقل أنه لما قتل الحسين (علیه السلام) جعل جواده يصهل ويحمحم ويتخطى القتلى في المعركة واحداً بعد واحد فنظر اليه عمر بن سعد ( لع ) فصاح بالرجال خذوه واتوني به وكان من جياد خيل رسول الله -صلّی الله علیه وآله وسلم- قال فتراكضت الفرسان اليه فجعل يركس برجليه و يمانع عن نفسه و يكدم بفمه حتى قتل جماعة من الناس ونكس فرسانا عن خيولهم ولم يقدروا عليه فصاح ابن سعد ويلكم تباعدوا عنه ودعوه لننظر ما يصنع فتباعدوا عنه فلما امن الطلب جعل يتخطى القتلى ويطلب الحسين ( علیه السلام ) حتى اذا وصل اليه جعل يشم رائحته ويقبله بفمه ويمرغ ناصيته عليه وهو مع ذلك يصهل ويبكي بكاء الشكلى حتى اعجب كل من حضر ثم انفتل يطلب خيمة النساء وقد ملا البيداء صهيلا فسمعت زينب (علیها السلام) صهيله واقبلت على ام كلثوم وقالت هذا فرس اخي الحسين (علیه السلام) قد اقبل لعل معه شيئاً من الماء فخرجت متخمرة من باب الخباء تطلع الى الفرس فلما نظرت اليه فاذا هو عار من راكبه والسرج خال منه فهتكت عند ذلك خمارها و نادت قتل والله الحسين فسمعت زينب فصرخت وبكت وانشأت تقول :
شرقت في الريق في اخ فجعت به ***و كنت من قبل ارعي كل ذى جار
ص: 51
فالوهم احسبه شيئا فاندبه*** لولا التخيل ضاعت فيه افكاري
قد كنت امل امالا امر بها***لولا القضاء الذي في حكمه جار
جاء الجواد فلا اهلا بمقدمه*** إلا بوجه حسين مدرك الثار
يا نفس صبراً على الدنيا ومحنتها ***هذا الحسين قتيل بالمرا عار
وفي رواية اقبلت زينب على سكينة وقالت لها هذا فرس ابيك الحسين ( علیه السلام ) قد اقبل فاستقبليه لعله اتاك بالماء فخرجت سكينة فرحانة بذكر ابيها والماء فرأت الجواد عاريا والسرج خالياً من راكبه فهتكت عند ذلك خمارها وصاحت قتل والله ابي الحسين و نادت واقتيلاه وا ابتاه واحسيناه واغربتاه الخ قال فخرجن النساء فلطمن الخدود وشققن الجيوب وصحن وامحمداه واعلياه وافاطمتاه واحسناه واحسيناه وارتفع الضجيج وعلا الصياح وفي الزيارة المروية عن الناحية المقدسة واسرع فرسك شارداً الى خيامك قاصداً محمحها باكياً فلما رأين النساء جوادك تخزيا ونظرن سرجه عليه ملويا برزن من الخدور ناشرات الشعور على الحدود لاطمات الوجوه سافرات وبالعويل داعيات و بعد العز مذللات والى مصرعك مبادرات والشمر جالس على صدرك ومولع سيفه على نحرك قابض على شيبتك بيده ذابح لك بهنده قد سكنت حواسك وخفيت انفاسك ورفع على القنا رأسك الخ ولما قتل الحسين (علیه السلام) اقبلوا على سله اخذ درعه البتراء عمر بن سعد ( لع) فلما قتل عمر بن سعد وهبها المختار لابي عمرة قاتله فاخذ قميصه اسحق بن حوية فليسه فصار ابرص واسقط شعره وروى انه وجد في قميصه مأنة و بضع عشر ما بين رمية وطعنة وضربة وقال الصادق (علیه السلام) وجد بالحسين ثلاث وثلاثون طمنة واربع وثلاثون ضربة واخذ سراو بله بحر بن كعب التميمي فروى انه صار زمنا مقعداً من رجليه واخذ عمامته اخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي وقيل جابر بن يزيد الاودي ( لع ) فاعتم بها فصار معتوها واخذ نعليه الاسود بن
ص: 52
خالد (لع) واخذ قطيفة له (علیه السلام) كانت من خز قيس بن الاشعث واخذ سيفه جميع بن الخلق الازدي وقيل رجل من بني تميم يقال له اسود بن حنظلة وقيل انه اخذ سيفه الفلان او المفلافس النهثلي وهذا السيف المنهوب ليس بذي الفقار فان ذلك كان مذخوراً و مصونا ومثله الخاتم مع امثالهما من ذخائر النبوة والامامة واخذ خاتمه يجدل بن سليم الكلبي ( لع ) وقطع اصبع الحسين ( علیه السلام) وهذا اخذه المختار فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دره حتى هلك .
يقول الرائي :
فهوى للصعيد ملقى فخرت*** من سماء الدين الحنيف ذكاها
فائتني المهر للفواطم ينعى ***ناديا كيف عزها وحماها
فتصارخن عن جوى نادبات*** يابني غالب ليوث وغاها
اعلمتم ان المشايخ منكم ***طمعت في نزالهم طلقاها
اعلمتم بان صدر علاكم*** بات قسراً مغارة لعداها
اعلمتم بان جسم حسين ***جعلته ضريبة لظباها
ما عهدناكم تسامون ضيما ***وبكم شيد للمعالي بناها
قال السيد في ( اللهوف ) ولما قتل الحسين (علیه السلام) جاءت جارية من ناحية خيم الحسين (علیه السلام) فقال لها رجل يا امة الله ان سيدك قد قتل قالت الجارية فاسرعت الى سيداني وانا اصيح فقمن في وجهي وصحن انتهى وفي رواية ولما ارتفع صياح النساء غضب اللدين عمر بن سعد وصاح ياويلكم اكبسوا عليهن الخباء واضرموها ناراً واحرقوها وما فيها الي آخر ما سيأتي وفي رواية السيد ثم اخرجوا النساء من الخيمة
ص: 53
واشعلوا فيها النار فخرجن حواسر مسلبات حافيا باكيات يمشين سبايا في اسر الفلة وقلن بحق الله إلا مردتم بنا على مصرع الحسين ( علیه السلام ) فلما نظر النسوة الى القتلى صحن وضر بن وجوههن قال الراوي فوالله لا انسى زينب بنت علي (علیها السلام) وهي تندب الحسين وتنادي بصوت حزين وقلب كثيب يا محمداه صلى عليك مليك السماء هذا حسين مرمل بالدماء مقطع الاعضاء مسلوب العمامة والردى و بناتك سبايا الى الله المشتكى والى محمد المصطفى والى علي المرتضى والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيدالشهداء با محمداه هذا حسين بالعراء تسقى عليه الصبا قتيل اولاد البغايا واحزناه واكرباه اليوم مات جدي رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) با اصحاب محمداه هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوت السبايا وفي رواية يا محمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفى عليهم ربح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب العمامة والردى بابي من اضحى عسكره في يوم الاثنين نهبا بابي من فسطاطه مقطع العرى بابي من لا غائب فيرتجى ولا جريح فيداوى بابي من نفسي له الفداء بأبي المهموم حتى قضى بابي العطشان حتى مضى بابي من شيبته تقطر بالدما بابي من جده محمد المصطفى بابي من جده رسول اله السماء بابي من هو سبط في الهدى بابي محمد المصطافي بابي خديجة الكبرى بابي علي المرتضى بابي فاطمة الزهراء سيدة النساء بابى من ردت له الشمس حتى صلى قال الراوي قابكت والله كل صديق وعدو ثم ان سكينه اعتنقت جسد ابيها الحسين (علیه السلام) فاجتمعت عدة من الاعراب حتى جروها عنبه وفي مصباح الكفعمي قالت سكينة لما قتل الحسين ( علیه السلام ) اعتنقته فاغمي علي فسمعته يقول :
شيعتي ما ان شربتم رى عذب فاذکرونی*** او سمعتم بغريب او شهيد فاندبوني
فقامت مرعوبة وهي تلطم خديها واذا بهاتف يقول :
بكت الارض والسماء عليه ***بدموع غزيرة ودماء
ص: 54
يبكيان المقتول في كربلاء ***ين غوغاء امة ادعياء
منع الملأه وهو عنه غريب ***عين ابكي الممنوع شرب الماء
في الدمعة الساكية قال وفى نقل آخر انها انكبت على جسده الشريف وشهقت شهقات حتى غشي عليها قالت سكينة فسمعته في غشوتى يقول :
شيعتي ما ان شربتم ماء عذب فاذكروني***او محصم بغريب اوشهيد قاندبوني
انا السبط الذي من غير جرم قتلوني ***ومجرد الخيل بعد القتل عمداً سحقوني
ليتكم في يوم عاشوراء جميعا تنظروني*** كيف استسقي لطفلي قابوا ان يرحموني
وسقوه سهم بني عوض الماء المعين ***يا لرزه ومصاب هد اركان الحجون
ويلهم قد جرحوا قلب رسول الثقلين*** قالعنوهم ما استطعتم شيعتي في كل حين
قال فانتبهت حزينة وهي تلطم خدها وفي تظلم الزهراء فلما رأت ام كلثوم (علیه السلام) اخاها الحسين ( علیه السلام ) وهو مطروح على الارض تسفى عليه الرباح وهو مكبوب مسلوب وقعت من اعلى البعير الى الارض وحضنت اخاها الحسين وهي تقول ببكاء وعويل یارسول الله انظر الى جد الحسين ولدك ملقى على الأرض بغير غسل و كفته الرمل السافي عليه وغسله دمه الجاري من وريديه وهؤلاء اهل بيته يساقون اسارى في سبي الذل ليس لهم محام يمانع عنهم ورؤس اولاده مع رأسه الشريف على الرماح كالاقمار وفي بعض المقاتل اعتنقت زينب اخاها ووضعت فيها على نحره وهي تقبله وتقول اخي لو خيرت بين الرحيل والمقام عندك لاخترت المقام عندك ولو ان السباع تأكل من لحمي يا ابن امي لقد كللت عن المدافعة لهؤلاء النساء والاطفال وهذا متني قد اسود من الضرب في ( البحار ) ثم نادى عمر بن سعد ( لع ) في اصحابه من ينتدب الحسين فيوطي. الخيل صدره وظهره فانتدب منهم عشرة وهم اسحق بن حويه الذي ساب الحسين قميصه واخنس بن مرثد و حكيم بن الطفيل السنبي وعمر و بن صبيح الصيداوي
ص: 55
ورجاء بن المنقذ العبدي وسالم بن خثيمة الجعفي وصالح بن وهب الجعني وواخط ناعم وهاني بن ثبيت الحضرمي واسيد بن مالك فداسوا الحسين بحوافر خيلهم حتى رضوا ظهره وصدره قال وجاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا علی ابن زیاد فقال اسید بن مالك احد عشر
نحن رفضنا الصدر بعد الظهر ***بكل يعبوب شديد الاسر
فقال ابن زياد من انتم فقالوا نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتى طحنا جنا جن صدره قاصر لهم بجائزة يسيرة قال ابو عمرو الزاهد فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً اولاد زنا وهؤلاء اخذهم المختار فشد ايديهم وارجلهم بسكك الحديد واوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا وفى ( البحار) ايضا لما قتل الحسين (علیه السلام) واراد القوم ان يوطؤه فقالت فضة لزينب ياسيدتي ان سفينة مولى رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) كسر به في البحر فخرج الى جزيرة فاذا هو باسد فقال يا ابا الحارث فرفع رأسه فقال يا ابالحارث انا مولى الله فهمهم بين يديه حتى اوقفه على الطريق والاسد رابض في ناحية فدعيني امضي اليه فاعلمه ما هم صانعون غداً قال فمضت اليه وقالت يا ابا الحارث فرفع ثم قال قالت اتدري ما يريدون ان يعملوا غداً بابى عبدالله (علیه السلام) يريدون ان يوطوا الخيل صدره وظهره قال فمشى حتى وضع يديه على جسد الحسين ( علیه السلام ) فاقبلت الخيل فلما نظروا اليه قال لهم عمر بن سعد ( لع ) فتنة لا تثير وها انصرفوا فانصرفوا انتهى وقال الفاضل البرغاني وكلهم لعنهم الله ارادوا ان يوطؤه الخيل بحيث لا يبقى من جسده الشريف اثر فمنعهم الاسد من ذلك وإلا فالعشرة المتقدمة لعنهم الله قد رضوا صدره وظهره على حسب ما امر عبد الله بن زياد ( لع ) اولا وجاء هم امر آخر بان لا يبقوا من جسده الشريف اثراً فحال بينهم وبينه الاسد وحكي عن السيد المرتضى علم الهدى ايضا ذلك يقول الرائي :
ص: 56
لهفي على الصدر المعظم يشتكي*** من بعد رش النبل رض جياد
والآخر :
وغدت تدوس الخيل منه اضالما ***سر الاله بطيها مستور
والآخر :
وجرت خيول الشرك فوق ضلوعه*** عدواً تجول عليه في حلباتها
والآخر :
وان انس لا انس العوادي جواربا ***ترض القرى من مصدر العلم والصدرا
في مجيء الطيور اليه وقصة الجمال الملعون وورود البريد الى المدينة بقتله وكيفية دفن الاجساد المطهرة وشهادة ابني مسلم بن عقيل رحمة الله عليه ويشتمل هذا الفصل على سنة مجالس .
في ( البحار ) وروي عن طريق اهل البيت انه لما استشهد الحسين (علیه السلام ) قي في كربلاء صريعا ودمه على الارض مسفوحا واذا بطائر ابيض قد اتى وتمسح بدمه وجاء والدم يقطر منه فرآى طيورا تحت الظلال على الغصون والاشجار وكل يذكر الحب والعلف والماء فقال لهم ذلك الطير المتلطخ بالدم ياو بلكم اتشتغلون بالملاهي وذكر الدنيا والمناهي والحسين ( علیه السلام ) في ارض كربلا في هذا الحر ملقى على الرمضاء ظام مذبوح ودمه مسفوح فعادت الطيور كل منهم قاصداً كر بلا فرأوا سيدنا الحسين ( علیه السلام ) ملقى فى الارض جثة بلا رأس ولا غسل ولا كفن قد سفت عليه السوافي
ص: 57
و بدنه مرضوض قد هشمته الخيل بحوافرها زواره وحوش القفار وندبته من السهول والا وعار قد اضاء التراب من انواره و از هر الجو من ازهاره فلما رأته الطيور وازهر تصايحن واعلن بالبكاء والثبور وتواقعن على دمه يتمرغن فيه وطار كل واحد منهم الى ناحية يعلم اهلها عن قتل ابي عبدالله (علیه السلام) فمن القضاء والقدر ان طيراً من هذه الطيور قصد مدينة الرسول ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وجاء يرفرف والدم يتقاطر من اجنحته ودار حول قبر سيدنا رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) يعلن بالنداء ألا قتل الحسين بكر بلا ألا ذبح الحسين (علیه السلام) بكر بلا فاجتمعت الطيور عليه وهم يبكون عليه وينوحون فلما نظر اهل المدينة من الطيور ذلك النوح وشاهدوا الدم يتقاطر من الطير لم يعلموا ما الخبر حتى انقضت مدة من الزمان وجاء خبر مقتل الحسين ( علیه السلام ) علموا ان ذلك الطير كان يخبر رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) بقتل ابن فاطمة البتول وقرة عين الرسول وقد نقل انه في ذلك اليوم الذي جاء فيه الطير الى المدينة كان في المدينة رجل يهودي وله بنت عمياء زمنا طرشاه مشلولة والجذام قد احاط ببدنها فجاء ذلك الطائر والدم يتقاطر منه ووقع على شجرة يبكي طول ليلته وكان اليهودي قد اخرج ابنته تلك المريضة الى خارج المدينة الى بستان وتركها في البستان الذي جاء الطير ووقع فيه فمن القضاء والقدر ان تلك الليلة عرض لليهودي عارض فدخل المدينة لقضاء حاجته فلم يقدر ان يخرج تلك الليلة الى البستان التي فيها ابنته المعلولة والبنت لما نظرت اباها لم يأتها تلك الليلة لم يأتها نوم لوحدتها لان اباها كان يحدثها ويسليها حتى تنام فسمعت عند السحر بكاه الطير وحنينه فبقيت تنقلب على وجه الارض الى ان صارت تحت الشجرة التي عليها الطير فصارت كلما ذلك الطير تجاوبه من قلب محزون فبينما هي كذلك اذ وقع قطرة من الدم فوقعت على عينها ففتحت ثم قطرت اخرى علي عينها الاخرى فبرأت ثم قطرت على يديها فعوفيت ثم على رجليها فبرأت وعادت كلما قطرت قطرة من الدم تلطخ به جسدها
ص: 58
فعوفيت من جميع مرضها من بركات دم الحسين ( علیه السلام ) فلما اصبحت اقبل ابوها إلى البستان فرآى بنتا تدور ولم يعلم انها ابنته فسألها انه كان لي فى البستان ابنة عليلة لم تقدر ان تتحرك فقالت ابنته والله انا ابنتك فلما سمع كلامها وقع مغشياً عليه فلما افاق قام على قدميه فانت به الى ذلك الطير فرآه واكراً على الشجرة يان من قلب حزين محترق مما رآى مما فعل بالحسين ( علیه السلام ) فقال له اليهودي اقسمت عليك بالذي خلقك ايها الطير ان تكلمني بقدرة الله تعالى فنطق الطير مستعبراً ثم قال اني كنت واكراً على بعض الاشجار مع جملة الطيور عند الظهيرة واذا بطير ساقط علينا وهو يقول ايها الطيور تأكلون وتتنعمون والحسين فى ارض كربلا في هذا الحر على الرمضاء طريحاً ظامياً والنحر دام ورأسه مقطوع على الرمح مرفوع ونساؤه سبايا حفاة عرايا فلما سيمون بذلك تطايرن الى كربلا فرأيناه في ذلك الوادي طريحاً الغسل من دمه والكفن الرمل السافي عليه فوقعنا كانا عليه ننوح ونتمرغ بدسه الشريف و كان كل مناطار الى ناحية فوقعت انا في هذا المكان فلما سمع اليهودي ذلك تعجب وقال لو لم يكن الحسين (علیه السلام ) ذا قدر رفیع عند الله ما كان دمه شفاء من كل داء ثم اسلم اليهودي واسلمت البنت واسلم خمسمائة من قومه وقال في ( البحار ) عن رجل اسدي قال كنت زارعا على نهر العلقمي بعد ارتحال المسكر عسكر بني امية فرأيت عجائب لا اقدر احكي إلا بعضها منها انه اذا هبت الرياح تمر علي نفحات كنفحات المسك والعنبر اذا سكنت أرى نجوما تنزل من السماء الى الارض ومن الارض يرقى الى السماء مثلها وانا منفرد مع عيالي و لا ارى احداً اسأله عن ذلك وعند غروب الشمس يقبل اسد من القبلة قاولي منه الى منزلي فاذا اصبح وطلعت الشمس وذهبت من منزلي اراه متقبل القبلة ذاهباً فقلت في نفسي ان هؤلاء خوارج قد خرجوا على عبيد الله بن زياد فامر بقتلهم وارى منهم ما لم اره من سائر القتلى فوالله هذه القيلة لابد من المساهرة لا بصر هذا
ص: 59
الاسد يأكل من هذه الجثث ام لا فلما صار عند غروب الشمس واذا به اقبل فحققته واذا هو هايل المنظر فارتعدت منه و خطر ببالي ان كان مراده لحوم بني آدم فهو يقصدني وانا احاكي نفسي بهذا فمثلته وهو يتخطى القتلى حتى وقف على جسد كأنه الشمس اذا طلعت فبرك عليه فقلت يأكل منه واذا به يمرغ وجهه عليه وهو يهمهم ويديدم فقلت الله اكبر ما هذه إلا اعجوبة فجعلت احرسه حتى اعتكر الظلام واذا بشموع معلقة ملأت الارض واذا ببكاء ونحيب و لطم مفجع فقصدت تلك الاصوات فاذا هي تحت الارض ففهمت من ناع فيهم يقول واحسيناه وا اماماه فاقشعر جلدي فقربت من الباكي واقسمت عليه بالله وبرسوله من تكون فقال انا نساء من الجن فقلت وما شأنكن فقلن في كل يوم وليلة هذا عزاؤنا على الحسين الذبيح العطشان فقلت هذا الحسين الذي يجلس عنده الاسد قلن نعم اتعرف هذا الاسد قلت لا قلن هذا ابوه علي بن ابي طالب (علیه السلام ) فرجعت ودموعي تجري على خدي .
في ( البحار ) عن سعيد بن المسيب قال ما استشهد سيدي ومولاي الحسين (علیه السلام) وحج الناس من قابل دخلت على علي بن الحسين (علیه السلام ) فقلت له يا مولاي قد قرب الحج فماذا تأمرني فقال امض على نيتك وحج في ججت فيينما الطوف بالكعبة واذا انا برجل مقطوع اليدين ووجهه كقطع الليل المظالم وهو متعلق باستار الكعبة وهو يقول اللهم رب هذا البيت الحرام اغفر لي وما احسبك ان تفعل ولو تشفع في سكان سمواتك وارضيك وجميع ما خلقت لعظم جرمي قال سعيد بن المسيب فشغلت وشغل الناس عن الطواف حتى حف به الناس واجتمعنا عليه فقلنا ياويلك لو كنت ابليس ما كان ينبغي لك ان تنأس من رحمة الله فمن انت وما ذنبك فيكي وقال ياقوم انا اعرف
ص: 60
بنفسي وذني وماجنيت فقلنا له تذكره لنا فقال انا كنت جمالا لابي عبد الله الحسين(علیه السلام) لما خرج من المدينة الى العراق وكنت اراه اذا اراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي فارى تكته تغشى الابصار بحسن اشراقها وكنت اتمناها تكون لي الى ان صرنا بكر بلا وقتل الحسين ( علیه السلام ) وهي معه فدفنت نفسي في مكان من الارض فلما جن الليل خرجت من مكاني فرأيت من تلك المعركة نوراً لا ظالمة ونهاراً لا ليلا والقتلى مطرحين على وجه الارض فذكرت الحبني وشقائي التحكة فقلت والله لاطلبن الحسين وارجو ان تكون التكة في سراويله فاخذها ولم ازل انظر في وجوه القتلى حتى اتيت الى الحسين ( علیه السلام ) فوجدته مكبوبا على وجهه وهو جثة بلارأس ونوره مشرق مرسل بدمائه والرباح سافية عليه فقلت والله هذا الحسين فنظرت الى سراويله كما كنت اراها فدنوت منه وضربت بيدي الى التكة فاذا هو قد عقدها عقداً كثيرة فلم ازل احلها حتى حللت عقدة منها فيمد يده اليمنى وقبض على التكة فلم اقدر على اخذ يده عنها ولا اصل اليها فدعتني النفس المعلونة الى ان اطلب شيئاً اقطع به يديه فوجدت قطعة سيف مطروح فاخذتها وانكبات على يده ولم ازل احزها حتى فصلتها عن زنده ثم نحيتها عن التكة ومددت يدي الى التكة لاحلها فمد يده اليسرى فقبض عليها فلم اقدر على اخذها فاخذت قطعة السيف ولم ازل اخزها حتى فصلتها عن التكة ومددت يدي الى التكة لاخذها فاذا الارض ترجف والسماء تهتز واذا بغلية عظيمة وبكاء ونداء و قائل يقول وا ابتاه وامقتولاه واذ بيحاه واحسيناه واغريباه يابني فتلوك وما عرفوك ومن شرب الماء منعوك فلما رأيت ذلك صعقت ورميت نفسي بين القتلى واذا بثلاث نفر وامرأة وحولهم خلائق وقوف وقد امتلأت الارض بصور الناس واجنحة الملائكة واذا بواحد منهم يقول يا ابناه يا حسين فداؤك جدك وابوك واخوك واذا بالحسين (علیه السلام) قد جلس ورأسه على بدنه وهو يقول لبيك ياجداه يارسول الله (علیه السلام)
ص: 61
يا ابتاه يا امير المؤمنين و يا اماه يا فاطمة الزهراء و با اخاه المقتول بالسم عليكم مني السلام ثم انه بكى وقال ياجداه قتلوا والله رجالنا يا جداه سلبوا والله نسائنا ياجداه نجوا والله اطفالنا ياجداه يعز والله عليك ان ترى حالنا وما فعل الكفار بنا واذا هم جلسوا يبكون حوله على ما اصابه وفاطمة تقول يا ابتاه يارسول الله اما ترى ما فعلت امتك بولدي الحسين (علیه السلام) يا ابتاه اتأذن لي ان اخذ من دم شيبته و اخضب به ناصيتي والقى الله عز وجل وانا مختضبة بدم ولدي الحسين فقال لها خذى وناخذ يا فاطمة فرأيتهم يأخذون من دم شيبته وتمسح به فاطمة ناصيتها والنبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وعلي والحسن بمسحون به نحورهم و صدور هم وايديهم الى المرافق وسمعت رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) يقول فديتك ياحسين يعز والله علي ان اراك مقطوع الرأس مرمل الجبينين دامي النحر مكبوبا على قفاك قد كساك الذاري من الرمول وانت طريح مقتول مقطوع الكفين يابني من قطع يدك اليمنى وثنى باليسرى فقال ياجداه كان معي جمال من المدينة وكان براني اذا وضعت سراويلي للوضوء فيتمنى ان تكون تكتي له فما منعني ان ادفعها اليه إلا لعلمي أنه صاحب هذا الفعل فلما قتلت خرج يطلبني بين القتلى فوجدني جثة بلا رأس فتفقد سراو بلي فرأى التكة وقد كنت عقدتها عقداً كثيرة فضرب بيده الى التكة فحل عقدة منها فمددت يدي اليمنى فقبضت على التكة فطلب في المعركة فوجد قطمة سيف مكسور فقطع به يميني ثم حل عقدة اخرى فقبضت على التكة بيدي اليسرى كي لا يحلها فتنكشف عورتي فحز يدي اليسرى فلما اراد حل التكية حس بك فرمى نفسه بين القتلى فلما سمع النبي كلام الحسين ( علیه السلام ) بكى بكاء شديداً واتى الي بين القتلى الى ان وقف نحوي فقال مالي ومالك ياجمال تقطع يدين طال ما قبلهما جبرئيل وملائكة الله اجمعون وتباركت بها اهل السموات والارضين اما كفاك ما صنع به الملاعين من الذل والهوان وهتكوا نسائه من بعد الخدور وانسدال الستور سود الله وجهك ياجمال في
ص: 62
الدنيا والآخرة وقطع الله يديك ورجليك وجعلك في حزب من سفك دمائنا وتجره على الله فما استم دعاؤه ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) حتى شلت يداي وحسست بوجهي كأنه البس قطعا الليل مظلما و بقيت على هذه الحالة فجئت الى هذا البيت استشفع وانا اعلم انه لا يغفر لي ابداً فلم يبق في مكة احد إلا وسمع حديثه و تقرب الى الله تعالى بلعنته وكل يقول حسبك ما جنيت يالعين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
الى المدينة
لما قتل عبيد الله بن زياد (لع) الحسين بن علي (علیه السلام) وجيء برأسه اليه دعا عبدالملك بن أبي الحارث السلمي فقال انطلق حتى تقدم المدينة على عمرو بن سعيد بن العاص فبشره بقتل الحسين ( علیه السلام ) وكان عمرو بن سعيد امير المدينة يومئذ قال فذهب ليعتل له فزجره و كان عبيد الله لا يصطلي بناره فقال انطلق حتى تأتي المدينة ولا يسبقك الخبر واعطاه دنانير وقال لا تعتل وان لم تقم بك راحلتك فاشتر راحلة قال عبد الملك فقدمت المدينة فلقيني رجل من قريش فقال ما الخبر فقلت الخبر عند الامير فقال انا لله وانا اليه راجعون قتل الحسين بن علي قال فدخلت على عمرو بن سعيد فقال ما ورائك فقلت ما سر الامير قتل فقال ناد بقتله فناديت بقتله فلم اسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين (علیه السلام ) فقال عمرو بن سعيد وضحك اللعین
عجت نساء بني زياد عجة***كمجيج نسوتنا غداة الارنب
تم قال هذه واعية بواعية عثمان ثم صعد المنبر واعلم الناس بقتله ( علیه السلام ) وقرأ كتاب عبيد الله على المنبر وانشد الرجز المذكور واوما الى القبر الشريف وقال يوم بيوم بدر
ص: 63
فانكر عليه قوم من الانصار وقال ابن ابي الحديد في ذكر حكم بن العاص وابنه مروان ( لع ) واما مروان فاخبث عقيدة واعظم الحاداً وكفراً وهو الذي خطب يوم وصل رأس الحسين (علیه السلام) الى المدينة وهو يومئذ اميرها وقد حمل الرأس على يديه فقال :
يا حبذا بردك في اليدين ***ولونك الاحمر في الخدين
كانما حف بوردتين*** شفيت قلبي بدم الحسين
اخذت ثاري وقضيت ديني
ثم رمى بالرأس نحو قبر النبي (صلّی الله علیه وآله وسلم) وقال يا محمد يوم بيوم بدر والصحيح ان مروان لم يكن امير المدينة يومئذ بل كان امير المدينة عمرو بن سعيد بن العاص ولم يحمل اليه الرأس وانما كتب اليه عبيد الله بن زياد يبشره بقتل الحسين (علیه السلام ) ولما بلغ عبد الله بن جعفر بن ابي طالب مقتل ابنيه مع الحسين (علیه السلام ) دخل اليه بعض مواليه والناس يعزونه فقال مولاه ابو السلاسل هذا ما لقينا ودخل علينا من الحسين فحذفه عبد الله بن له وقال يا ابن اللحناء تقول هذا والله لو شهدته لاحببت ان افارقه حتى اقتل معه والله انه لما يسخي بنفسي عنها ويهون علي المصاب بهما أنها أصيبا مع اخي و ابن عمي مواسيين له صابر بن معه ثم اقبل على جلسائه فقال الحمد لله الذي عز علي بمصرع الحسين ( علیه السلام ) ان لا يكن و است حسيناً بداى فقد اساه ولداى ولما اتى نعي الحسين ( علیه السلام ) الى المدينه خرجت اسماء بنت عقيل بن ابي طالب في جماعة من نسائها وهي حاسرة تلوى بثوبها حتى انتهت الى قبر رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فلاذت به و شهقت عنده ثم التفتت الى المهاجرين والانصار وهي تقول :
ماذا تقولون اذ قال النبي لكم ***ماذا فعل فعلتم وانتم آخر الامم
بعترتي وباهلى بعد مفتقدى ***منهم اساری و منهم ضر جوا بدم
ص: 64
ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم***ان تخلفوني بسوء في ذوى رحم
قال عمرو بن عكرمة اصبحنا صبيحة قتل الحسين ( علیه السلام ) بالمدينة فاذا مولى انا قال سمعت البارحة مناديا ينادي :
أيها القاتلون جهلا حسينا*** ابشروا بالعذاب والتنكيل
كل اهل السماء يدعوا عليكم ***من نبي ومرسل وقبيل
قد لعنتم على لسان ابن داود*** و موسى وصاحب الانجيل
ومكث الناس شهر ين او ثلاثة كانما تلطيخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس وفي خبر صعد عمرو بن سعيد المنبر وخطب الناس واعلمهم بقتل الحسين (علیه السلام) وقال في خطبته انها لدمة بلدمة وصدمة بصدمة كم خطبة بعد خطبة وموعظة بعد موعظة حكمة بالغة فما تغني النذر والله لوددت ان رأسه في بدنه وروحه في جسده احيانا كان يسبنا وتمدحه ويقطعنا ونصله كعادتنا وعادته ولم يكن من أمره ما كان ولكن كيف بمن سل سيفه يريد قتلنا إلا ان ندفعه عن انفسنا فقام عبد الله بن السائب فقال لو كانت فاطمة حية فرأت رأس الحسين (علیه السلام) لبكت عليه فجبهه عمرو بن سعيد وقال نحن احق بفاطمة منك ابوها عمنا وزوجها اخونا وابنها ابتنا لو كانت فاطمة حية لبكت عينها وحزنت كبدها وما لامت من قتله ودفعه عن نفسه الا لعنة الله على القوم الظالمين .
للأجساد الطيبة
روى السيد نعمة الله الجزائري عن عبد الله الاسدي انه قال لما قتل الحسين ابن علي ( علیه السلام ) وكافة من كان معه من ولده واخوته وبني عمومته واراد ابن سعد التوجه بالسبايا والرؤوس الى الكوفة انفذ في ذلك اليه ابن زیاد ان وار اجساد اصحابك
ص: 65
ودع جسد الحسين (علیه السلام) و اصحابه فانفذ اليه انه لا يسمني دفن جميع قتلانا لان عدة المفتولين مائة وخمسون الفا فانفذ اليه ان وار الرؤساء والاعيان واترك السواد منهم قال فوارى ابن سعد من اراد مواراته وارتحل بالسبايا والحريم الى الكوفة وخلف تلك الجثث الزكية تصهرها الشموس وتسترها اذيال الرياح ثلاثة ايام وقد اقام ثلاثا غير مقبور قال وكان الى جنب العلقمي حي من بني اسد فتمشت نساء ذلك الحي الى المعركة فرأت جثث اولاد الرسول وافلاذ حشاشة الزهراء البتول واولاد علي فحل الفحول وجثث انصارهم في تلك الاصحار وهاتيك القفار تشخب الدماء من جراحاتهم كأنهم قتلوا في تلك الساعة فتد أخل النساء من ذلك تمام العجب فابتدرن الى حيهن وقان لازواجهن ما شاهدن ثم قلن لهم بماذا تعتذرون من رسول الله وامير المؤمنين وفاطمة الزهراء اذا وردتم عليهم حيث انكم لم تنصروا اولاده ولا دافعتم عنهم بضربة سيف ولا بطعنة رمح ولا بحذفة سهم فقالوا لهن انا نخاف من بني امية وقد لحقتهم الذلة وشملتهم الندامة من حيث لا تنفعهم وبقيت النسوة يجلن حولهم ويقلن لهم ان فاتتكم نصرة تلك العصابة النبوية والذب عن هاتيك الشنشنة العلويه فقوموا الآن الى اجسادهم الزكية فواروها فان الامين ابن اللعين ابن سعد قد واری اجساد من اراد مواراته من قومه فبادروا الى مواراة اجساد آل الله وادفعوا عنكم بذلك العار فماذا تقولون اذ قالت العرب لكم انكم لم تنصروا ابن بنت نبيكم مع قربه منكم وحلوله بناديكم فقوموا واغسلوا بعض الدرن منكم قالوا نفعل ذلك فاتوا الى المعركة وصارت همتهم اولا ان يواروا جثة الحسين (علیه السلام) من بين تلك الجثث ولكنهم ما كانوا يعرفونه لانها بلا رؤوس وقد غيرتها الشموس فبينما هم كذلك واذا بفارس مقبل اليهم حتى اذا قار بهم قال ما بالكم قالوا اعلم انا اتينا لنواري جثة الحسين ( علیه السلام ) وجثث ولده وانصاره ولم نعرف جثة الحسين ( علیه السلام ) فال فلما سمع ذلك جن وان وجعل ينادي
ص: 66
وا اباه وا ابا عبد الله ليتك حاضر أرتراني اسير أذليلا ثم قال لهم أنا ارشدكم اليه فنزل جواده وجعل يتخطى القتلى فوقع نظره على جسد الحسين ( علیه السلام ) فاحتضنه وهو يبكي ويقول وا ابتاه بقتلك قرت عيون الشامتين يا ابتاه بقتلك فرحت بنو امية يا ابتاه بعدك طال حزننا يا ابتاه بعدك طال كربنا قال ثم انه مشى قريباً من محل جثته فاهال يسير أمن التراب فبان قبر محفور والحد مشقوق فنزل الجثة الشريفة وواراها في ذلك المرقد الشريف كما هو الآن قال ثم انه جعل يقول هذا فلان وهذا فلان والاسديون يوارونهم فلما فرغوا منهم مشى الى جثة العباس بن علي ( علیه السلام) فانحنى عليها وجعل ينتحب ويقول يا عماه ليتك تنظر حال الحرم والبنات ومن بينادين واعطشاه واغربتاه ثم أمر بحفر الحده وواراه هناك ثم عطف على جثث الانصار وحفر حفيرة واحدة وواراهم
ر فيها إلا حبيب بن مظاهراتى بعض بني عمه ذلك الوقت ودفنه ناحية عن الشهداء فلما فرغ الاسديون من مواراتهم قال لهم هلموا لنواري جثة الحر الرياحي قال فمشى وهم خلفه حتى وقف عليه وقال اما انت فلقد قبل الله توبتك وزاد في سعادتك ببذلك نفسك امام ابن رسول الله قال واراد الاسديون حمله الى محل الشهداء فقال ( علیه السلام ) لا بل في مكانه واروه فلما فرغوا من مواراة الحر ركب ذلك الفارس جواده فتعلق به الاسديون وقالوا له بحق من واريتهم بيدك من انت فقال انا حجة الله عليكم انا علي بن الحسين جئت لاواري جثة ابي ومن معه من اخواني واعمامي واولاد عمومتي وانصارهم الذين بذلوا مهجهم دونه والآن انا راجع الى سجن ابن زياد واما انم فهنيئا لكم لا تجزعوا اذا تصادموا فينا قال فودعهم وانصرف عنهم واما الاسديون فانهم رجعوا مع نسائهم الى حيهم هذا ما رواه المرحوم السيد الجزائري في كيفية دفن هذه الاجساد المقدسة وظفرت برواية اخرى فى ة دفنهم رواها المرحوم " محمد علي الشاه عبد العظيمي في مقتله المعروف المسمى بايقاد القلوب وهذه ايضا تقرب
ص: 67
مما ذكرنا ونحن نذكرهما كليهما تبصرة لمن تبصر قال في الايقاد وروى انه لما ارتحل عسكر ابن سعد من كربلا وساروا بالسبايا والرؤوس نزل بنو اسد مكانهم وبنوا بيوتهم وذهبت نساؤهم واذا من برين جئنا حول المسناة وجثثا نائية عن الفرات وبينهن جثثا قد جللتهم بانوارها وعطر تهم بطيبها فتصار خن النساء وقان هذا والله الحسين (علیه السلام ) واهل بيته فرجمن الى بيوتهن صارخات وقلن يابني اسد انم جلوس في بيوتكم وهذا الحسين واهل بيته واصحابه مجزرون كالاضاحي على الرمال تسفي عليهم الرياح فان كنتم على ما نعهده فيكم من المحبة والموالاة فقوموا وادفنوا هذه الجثث فان لم تدفنوها نتولى دفنها بانفسنا وقال بعضهم لبعض انا تخشى من ابن زیاد و ابن سعد فنخاف ان أصبحنا خيولهم وينهبوننا أو يقتلوا أحدنا وقال كبيرهم الرأي ان تجعل عينا ينظر الى يق الكوفة ونحن نتولى دفنهم قالوا هذا الرأي السديد ثم انهم وضعوا لهم عينا فاقبلوا الى جسد الحسين ( علیه السلام ) وصار لهم بكاء وعويل ثم انهم اجتهدوا على ان يحركوه من مكانه ليشقوا له ضريحا فلم يقدروا ان بحركوا عضواً من اعضائه فقال كبيرهم ما ترون قالوا نجتهد اولا في دفن اهل بيته ونرى رأينا فيه فقال كيف يكون دفنكم لهم وما فيكم من يعرف من هذا ومن هذا وهم كما ترون جثث بلا رؤوس قد غيرت محاسنهم الشمس والتراب فلربما نسأل عنهم فما الجواب قال فبينما هم في الكلام اذ طلع عليهم اعرابي على متن جواده وقد ضيق لثامه فلما رأوه انكشفوا عن تلك الجثث الزواكي قال فاقبل الاعرابي ونزل عن جواده وصار منحنيا كهيئة الراكع حتى اتى ورمى بنفسه على جسد الحسين ( علیه السلام ) فجعل يشمه تارة ويقبله اخرى وقد بل لثامه من دموع عينيه ثم رفع رأسه ونظر الينا وقال ما كان وقوفكم حول هذه الجثث قالوا اتينا لنتفرج عليها قال ما كان هذا قصدكم فقالوا نعم يا اخا العرب الآن نطلعك على ما في ضمائر نا اتينا لندفن جسد الحسين ( علیه السلام ) فلم نقدر أن نحرك عضواً من اعضائه ثم اجتهدنا
ص: 68
في دفن اهل بيته وما فينا من يعرف من هذا ومن هذا وهم كما ترى جثث بلا رؤوس قد غيرتهم الشمس والتراب فبينما نحن في الكلام اذ طلعت علينا وخشينا انك من اصحاب ابن زیاد فانكشفنا عن تلك الجثث قال فقام الاعرابي وخط لنا خطاً في الارض فقال احفروا هاهنا ففعلنا فوضعنا فيها سبعة عشر جثة ثم خط لنا خطا آخر فقال احفروا ههنا ففعلنا ووضعنا فيها باقي الجثث واستثنى جثة واحدة قامرنا ان نشق لها ضريحاً مما بلي الرأس الشريف ففعلناها ثم اقبلنا اليه لنعينه على جسد الحسين - ع- واذا هو يقول لنا مخضوع و خشوع انا اكفيكم امره فقلنا له يا أخا العرب كيف تكفينا امره وكانا قد اجتهدنا على ان نحرك عضواً من اعضائه فلم نقدر عليه فبكى بكاء شديداً وقال ان معي من يميني عليه ثم انه بسط كفيه تحت ظهره الشريف وهو يقول بسم وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله هذا ما وعد الله ورسوله وصدق الله ورسوله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم انزله وحده ولم يشرك معه احد آمنا فرأيناه قد وضع خده على نحره الشريف وهو يبكي وسمعناه يقول طوبي لارض تضمنت جسدك الشريف اما الدنيا فبعدك مظلمة وأما الآخرة فبنورك مشرفة اما الحزن فسر مد واما الليل فمسهد حتى بختار الله لاهل بيتك دارك التي انت مقيم بها وعليك مني السلام يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ثم انه اشرج عليه اللبن وأهال عليه التراب ثم وضع كنه على القبر وجعل يخط القبر بانامله وعن بعض الصالحين انه كتب هذا قبر الحسين بن علي بن ابي طالب الذي قتلوه عطشاناً غريباً ثم التفت الينا وقال انظروا هل بقي احد فقالوا نعم يا اخا العرب بقي بطل مطروح حول المسناة وحوله جثتان وكلما حملنا جانبا منه سقط الآخر لكثرة ضرب السيوف والسهام فقال امضوا بنا اليه فمضينا فلما رآه انكب عليه يقبله وهو يقول على الدنيا بعدك المفا ياقمر بني هاشم وعليك مني السلام شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته ثم امرنا ان نشق له ضريحا ففعلنا ثم
ص: 69
انزله وحده ولم يشرك معه احداً منا ثم الشرج عليه اللبن واهال عليه التراب ثم امرنا بدفن الجثتين حوله ففعلنا ثم مضى الى جواده فتبعناه و درنا عليه لنسأله عن نفسه واذا به يقول لنا اما ضريح الحسين ( علیه السلام ) فقد علمتم واما الحفيرة الاولى ففيها اهل بيته والاقرب اليه منهم ولده علي الاكبر واما الحفيرة الثانية ففيها أصحابه واما القبر المنفرد مما يلي الرأس الشريف فهو حامل راية الحسين ( علیه السلام ) حبيب بن مظاهر واما البطال المطروح حول المسناة فهو العباس بن امير المؤمنين (علیه السلام) واما الجثتان فها اولاد امير المؤمنين (علیه السلام ) فاذا سألكم سائل بعدي فاعلوه فقلنا له يا اخا العرب نسألك بحق الجسد الذي واريته بنفسك ولم تشرك معك احداً منا من انت فبكى بكاء شديداً وقال انا امامكم علي بن الحسين فقلنا له انت علي فقال نعم فغاب عن ابصارنا . ) اقول ( ومما يظهر من الاخبار ان رسول الله حفر قبر الحسين (علیه السلام) وقبور اهل بيته واصحابه كما في رواية ام سلمة زوجة النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) في ( البحار ) اصبحت ام سلمة تبكي قيل لها مم بكاؤك قالت لقد قتل ابني الحسين وذلك اني ما رأيت رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) منذ مضى إلا الليلة فرأيته شاحباً كثيباً فقلت مالي اراك يارسول الله شاحباً كثيباً قال ما زلت الليلة احفر القبور للحسين واصحابه ومن ذلك ان بني اسد لما جاؤا لدفن تلك الاجساد الطيبة الطاهرة كانوا يجدون لاكثر هم قبوراً ويرون طيوراً بيضاء ودفنوهم في تلك القبور بعد ما صلوا عليهم وكانوا يفتخرون على قبائل العرب بابنا صلينا على الحسين ( علیه السلام ) واصحابه ودفناهم بيض الله وجوههم . ويظهر من رواية الشيخ الطوسي ( ره ) ان بني اسد جاؤا ببارية جديدة وفرشوها تحت الحسين (علیه السلام) قانه روي عن الديزج قال اتيت في خاصة غلماني فقط ما امر المتوكل بنبش القبر فنبشت فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين ( علیه السلام ) ووجدت منه رائحة المسك فتركت البارية على حالها و بدن الحسين على البارية وامرت بطرح التراب عليه واطلقت الماء عليه
ص: 70
( اقول ) اما تيسر لهم ان يكفنوا الحسين من بين جميع الشهداء حتى لا تحترق قلوب شیعته بانه دفن عريانا وهذا فى غابة البعد إلا ان يقال انهم وجدوا عليه كفنا كفنه فيه غلام زهير قال السبط ابن الجوزي و كان زهير بن القين قد قتل مع الحسين (علیه السلام) وقالت امرأته لغلام له اذهب وكفن مولاك زهيراً فذهب الغلام فرأى الحسين ( علیه السلام ) مجرداً فقال اكفن مولاي وادع الحسين ( علیه السلام ) لا والله فكفته ثم كفن مولاه في كفن آخر وكيفية دفنهم على رواية شيخنا المفيد ( رحمة الله) هو كذلك قال ولما رحل ابن سعد ( لع ) خرج قوم من بني اسد وكانوا نزولا بالغاضرية الى الحسين ( علیه السلام ) واصحابه فصلوا عليهم ودفنوا الحسين ( علیه السلام ) حيث قسيره الآن ودفنوا ابنه علي بن الحسين الاكبر عند رجليه وحفروا للشهداء من اهل بيته واصحابه الذين صرعوا حوله مما يلي رجلي الحسين ( علیه السلام ) وجمعوهم ودفنوهم جميعاً معاً ودفنوا العباس بن علي عليهما السلام في موضعه الذي قتل فيه على طريق الغاضرية حيث قبره الآن وكأنهم ارادوا حمل العباس الى الحسين ( علیه السلام ) ولكن لم يقدروا لكثرة ما به من الجرح .
في العوالم ان ابني مسلم بن عقيل كانا مع الاسارى فاخذها عبيد الله بن زياد وحبسها الى آخر ما جرى عليهما ( أقول ) وقد اطلعت على رواية في شهادة هذين الفلامين ذكرها صاحب الناسخ فاحببت ابرادها قال في الناسخ ان هاني بن عروة لما اخذ وحبس وخرج مسلم بن عقيل من دار هاني وجمع شيعته واجتمعوا حوله وخرجوا على عبيد الله بن زياد دعا مسلم بن عقيل بابنيه محمد وابراهيم وكانا معه وسلمهما الى شريح القاضي واوصاه بهما وكانا في داره حتى قتل مسلم ( علیه السلام ) فاخیر ابن زياد (لع) مسلم بان ابني محمداً وإبراهيم كانا مع مسلم وقد اختفيا في البلد قاصر فنودي من له علم
ص: 71
بخير ابني مسلم ولم يخبرنا فهو مهدور الدم ولما سمع شريح أحضرهما واشفق عليهما وبكى فقالا بالشريح ما هذا البكاء فقال لقد قتل ابو كما مسلم فلما مهما بكيا بكاء شديداً وناديا بالويل والثبور وصاحا وا ابتاه واغربتاء فجعل يسلي خاطرهما ويمز بهما بابيهما ثم اخبرهما بخبر عبد الله بن زياد فخافا و سكتا فقال شريح انما قرة عيني وثمرة فؤادي ولا ادع ان يظفر بكما احد من ابن زیاد ولا غيره وارى ان اسلمكما الى رجل امين حتى يو ملكهما الى المدينة ثم دعا بابنه يقال له الاسد وقال بلغني ان قافلة شدوا على رحالهم يريدون المدينة فخذ هذين الصبيين وسلمهما الى رجل امين كي يوصلهما الى المدينة ثم قبلها واعطى لكل واحد منهما خمسين ديناراً وودعها فلا مضى من الليل شطره حمام ها ابن القاضي الى ظهر الكوفة ومضى بهما أميالا ثم قال أيا ولدي ان القافلة قد رحلت ومضت وه-ذا سواده امضيا حتى تلحقا به وعج- لا في المشي ثم ودعهما ورجع ومضى الغلامان في سواد الليل وجعلا بسرعان حتى تعبا واذا بنفر من اهل الكوفة قد عارضوها واخذوها وجاؤا بها الى عبيد الله بن زياد فدعا عبيد الله بالسجان وسلمها اليه وكتب الى يزيد كتابا واخبره بقصتها و كان السحان من محبي اهل البيت واسمه مشكور وكان الغلامان فى السجن وهما باكيان حزبنان والسجان لما عرفها اشفق عليهما واحسن اليهما واحضر لهما الطعام والشراب واخرجها من الجبس في جوف الليل واعطاهما خانمه وقال ايا ولدي اذا وصلتها الى القادسية عرفا انفسكما الى اخي واعرضا عليه خاتمي علامة فهو يكر مكما ويوقفكما على الطريق بل ويوصلهما الى المدينة وخرج الغلامان الى القادسية ومضيا في جوف الليل وهما غير خبير بن بالطريق فلما أصبحا اذا هما حول الكوفة تخافا ومضيا الى حديقة فيها نخيل وماء وشجر فصمدا على نخلة فجاءت جارية حبشيه لتستقي ماه فرأت عكس صورهما في الماء نظرت واذا بغلامين صغير بن كأن الله لم يخلق مثلهما وجعلت تلاطف بهما حتى نزلا من النخلة وانت بهما الى دارها واخبرت سيدتها بهما
ص: 72
فلما رأتهما اعتنقتها وقبلتها وقالت ياحبيبي من انما قالا نحن من عترة محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وولد مسلم بن عقيل فلما عرفتهما زادت في اكوامها واحضرت لهما الطعام والشراب واعتنقت جاريتها سروراً بهذه العطية وأوصتها بان لا يطلع زوجها على ذلك لانها كانت تعرفه بالشر واما عبيد الله بن زياد لما بلغه الخبر بان مشكوراً اطلق ولدي مسلم واخرجيها من الحبس دعاه وقال له و بلاك ابن الغلامان قال لما عرفتهما اطلقتها كرامة الرسول الله فقال الأمنت من سماواتي اما خفت من عقوتي فقال بل خفت من عقوبة ربي ويلك يا ابن مرجانة قتلت أباها وايتمتها على صغر سنها فما تريد منهما فغضب عبيد الله ودعا بالسياط وقال اجلدوه خمسمائة جلدة واضربوا عنقه فقال مشكور هذا في الله وفي حب اهل بيت رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) قليل فجلديه خمسمائة جلدة وجمل يسبح و يقدسه ويقول اللهم استعين بك واطلب منك الفرج والروح والصبر فاني قتلت في حب اهل بيت نبيك اللهم الحقني نبيك وآله ثم سكت حتى ضربوه خمسمائة سوط وقد بلغت روحه التراقي فقال بضعيف صوته استوني ماء فقال ابن زياد لا تسقوه بل اقتلوه معاشانا فتقدم عمرو بن الحارث وتشفع فيه عند ابن زیاد و حمله الى داره لیداو یه ففتح مشكور عينيه وقال والله لقد شربت شرابا من الكوثر لا أظمأ بعدها ابد أثم فارقت روحه واما اافلامان فقد اكلا وشربا وولجا الى الفراش وناما فلما كان نصف الليل اقبل الرجل صاحب المنزل واسمه حارث واسم أبيه عروة ويجري على بعض الالسن انه اخو هاني ابن عروة وليس بمعلوم دخل الامين داره و هو مغضب وقالت زوجته ما الذي نزل بك قال قد كنت بباب الامير فسمعت المنادي ينادي ان مشكور السجان اطلق من الجبس غلاء بين صغير بن مسلم بن عقيل من أتى بها الى الامير فله جائزة سنية وقضاء حاجته واني ركبت على فرسي وركضت في جميع الشوارع والمشارع والطرق والسكك حتى القد فرسي بطنه كانقداد البعير وسقطت عن ظهر الفرس وبقيت راجلا وانيت
ص: 73
من بعيد في غابة التعب مع شدة الجوع والمعاش فقالت زوجته ويلك خفب الله ليها الرجل وأحذر أن يكون محمد خصمك ولا تحرج عليهم فقال اسكتي فان الامير يغنيني بالاموال والذهب والفضة قومي واحضري الطعام والشراب فقامت واحضرت له الطعام وأكل وشرب وولج فراشه فاما الغلامان فيكانا نأتين اذ انتبه محمد وهو الاكبر وقال لاخيه ابراهيم بااخي قم حتى أقص عليك ما رأيت آنها عند رقدتي واظن انا نقتل عن قريب رأيت كأن المصافى ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وعليا وفاطمة والحسن والحسين ( علیهما السلام) وابانا مسلما وهم في الجنسة فنظر الينا رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فبكى فالتفت رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) الى مسلم وقال كيف خلفت ابنيك بين الاعداء فقال مسلم خدا يأتياني و يلحقان بي فقال ابراهيم واني لقد رأيت كذلك تعال حتى اعانقك وتعانقني و اشم رائحتك وأشم رائحتى واخذ كل واحد منهما يشم الآخر فعند ذلك سمع الأمين عطيط الملامين وكلامه ما فسأل امرأته فلم تجبه بشيء فقام اللعين من ساعته و بيده شمعته وجمل يدور في البيت حتى دخل على الصبيين و وقف عليها واذا بها قد اعتنق كل واحد منهما الآخر فقال من انتما وما تصنعان في هذا المكان فقالا نحن اضافك ومن عترة نبيك وولد مسلم بن عقيل فقال اللعين قد اتلفت نفسي وفرسي في طلبكما وانما في داري و جعل يضر بهما ضر با شديداً ثم شد اكتافهما والقاهما في البيت واقبلت امرأنه وجعات تقبل يديه ورجليه وتبكي وتتضرع وتقول ياهذا ما تريد منهما وهذان غلامان صغيران يتيمان وهما عترة نبيك وهما ضيف عندنا ولم يلتفت اليها) واقي الغلامان على تلك الحالة حتى اصبح الصباح، قام المين وحمل سلاحه وحمل معه الفلامين الى الفرات وخرجت امرأته من خلفه وهي تعدو وتبكي فاذا دنت منه التفت اليها اللعين بالسيف وكانت ترجع ثم دعا بغلامه وناوله السيف وقال اذهب بهما واضرب اعناقهما وانتي برؤوسهما فقال الغلام والله اني لاستحي من محمد المصطفى (صلّی الله علیه وآله وسلم) ان اقتل من عترته صبيين صغير بن فقال اللعين
ص: 74
ويلك عصيتني فحمل على الغلام وحمل الغلام عليه ودارت بينهما ضربات حتى خر الغلام صريعاً فاقبلت زوجة الحارث مع ابنها واذا باللعين يحز رأس عبده فاقبل ابنه وحال بينهما وقل ياابة ما تريد من هذا الغلام وهو اخ لي من الرضاعة فلم يجبه بشي. وقتل الافلام وقال لولده اذهب بهذين الصبيين واضرب اعناقها فقال معاذ الله ان افعل ذلك او تفعل وانا حي فقالت زوجته ويلك ما ذنب هذين الصغير بن اذهب بهما الى الامير حتى يحكم فيهما بامره فقال مالي الى ذلك من سبيل ولا آمن من ان يهجم علي شيعتهم و ياخذرهما من يدي وقام الامين وحرد سيفه وقصد الغلام بن فحالت المرأة بينه وبينهما وقالت ويلك أما تخاف الله اما تحذر من يوم القيامة فغضب اللعين وحمل على زوجته بالسيف وجرحها فوقعت مغشياً عليها فاقبل ابنه واخذ بيده وقال وينك قد خرفت وذهب عقلك ما تصنع قتلت الغلام وجرحت امي فاشتد غضبه وضرب ابنه بالسيف وقتله ثم اسرع الى الغلامين وحمل عليها فعند ذلك بكى الغلامان وارتعدت فرائصها وجعلا يتضرعان وقالا امهلنا حتى نصلي ركعات فما امها ما فقام الى الاكبر واراد قتله اقبل الصغير ورمى بنفسه عليه وقال ابدأ بي فاقتاني فاني لا استطيع ان ارى اخي قتيلا فاخذ الصغير فاقبل الكبير ورمى بنفسه عليه وقال ويلك كيف اطيق النظر اليه وهو يتمرغ فى دمه دعه واقتلني قبله فقام اللعين الى الاكبر وضرب عنقه ورمى بجده الى الفرات فقام الصغير واخذ رأس اخيه وجعل يقبله واقبل اللعين اليه واخذ الرأس منه وضرب عنقه ورمى بجسده في الماء ووضع الرأسين في المحلاة وأقبل مسرعا ودخل قصر الامارة ووضع الرأسين بين يدي ابن زياد فقال ابن مرجانة ما هذه الرؤوس قال رؤرس اعدائك ظفرت بهما وقتلتهما وانيت برأسها اليك لتنى بما وعدت وتثيبني على ذلك ثوابا حسناً قال ومن اعدائي قال ولد مسلم بن عقيل قامر ابن زیاد بان غسلوا الرؤوس ونظفها ووضعها في طبق بين يديه وقال ويلك اما خفت من الله ان قتلت
ص: 75
الصبيين وهما بلا ذنب وانا كتبت الى يزيد حالها وربما طلبها مني حيين فما يكون جوابه وبماذا اجيبه ولم ما جئتني بهما سالمين فقال خشيت ان الناس يخلصونهما من يدي وما نلت بعطائك قال ألم يتيسر لك ان تحبسهما وتأتيني فيرهما فسكت الله بن فالتفت عبيد الله الى رجل كان نديمه يقال له مقاتل و كان من محبي اهل البيت قال هذا اللعين قتل الصبيين بلا اذن مني اذهب به الى ذلك المكان الذي قتل فيه الفلامين واقتله باي نحو شئت فقام الرجل وقال والله لو وهب الله لي امارة الكوفة ما سررت به كسروري بهذا فشد اكتاف اللعين وجعل يقوده حافياً حاسراً في ازقة الكوفة وسككها و.مه رؤوس اولاد مسلم وجعل يقول ايها الناس هذا قاتل الصبيين. والناس يبكون و يلعنون الحارث ويشتمونه حتى اجتمع خلق كثير وجاؤوا الى الفرات واذا بغلام قتيل وشاب مقتول وامرأة جريحة فتعجبوا من تلك الخباثة والشقاوة والتفت اللعين الى مقاتل وقال كف عني حتى اختفى واعطيك عشرة آلاف دينار فقال مقاتل والله لو كانت الدنيا كلها لك واعطيتني اياها لما خليت سديلك وانا اطلب الجنة بقتلك ثم قطع يديه ورجله ومعمل عينيه وقطع اذنيه وشق بطنه ورضع هذه كلها في بطنه وجاه بحجر وربطه برجليه والقاه في الماء وجاءت موج-ة ورمت به الى البر الى ثلاث مرات تم حفر تراً ومرمى به في البهر وضمه في التراب فما كان باسرع من ان قذفته الارض فوقها الى ثلاث مرات ثم احرقوه بالنار وامر ابن زياد ( لع ) بان رموا برؤوس اولاد مسلم في الفرات فخرجت ابدانهم فكل رأس لحق بجمده ثم اعتنقا جميعاً وغمرا في الماء .
هذا ما ذكره صاحب الناسخ في شهادتهما وفيها رواية اخرى للصدوق ( رحمة الله) ونحن نذكرها بعينها قال شيخنا الصدوق في الامالي لما قتل الحسين (علیه السلام) اسر من
ص: 76
معسكره غلامان صغيران فانى بهما عبيد الله بن زياد فدعا سجانا له فقال خذ هذين الفلامين اليك فمن طيب الطعام فلا تطعمهما ومن الماء البارد فلا تسقهما وضيق عليهما سجنهما فكان الغلامان يصوم ان النهار فاذا جنهما الليل اتيا بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح فلما طال با الغلا مين المكث حتى صارا فى السنة قال احدهما لصاحبه يااخي قد طال بنا مكثنا و يوشك ان تفنى اعمارنا وتلى ابدا ننا فاذا جاء الشيخ فاعلمه مكاننا و تقرب اليه بمحمد صلى الله عليه وآله امله يوسع علينا في طعامنا ويزيدنا في شرابنا فلما جنهما الليل أقبل الشيخ اليهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح فقال له الغلام الصغير ياشيخ العرف محمداً قال فكيف لا اعرف محمداً وهو نبي قال افتعرف جعفر بن ابي طالب قال وكيف لا اعرف جعفراً وقد انبت الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء قال افتعرف علي بن ابي طالب قال وكيف لا اعرف عليا وهو ابن عم نبي واخو نبي قال اتعرف عقيل بن ابي طالب قال نعم قال له ياشيخ فنحن من عترة نبيك محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) ونحن من ولد مسلم بن عقيل بن ابي طالب بيدك اسارى نسألك من طيب الطعام فلا تطعمنا و من بارد الشراب فلا تسقينا وقد ضيقت علينا سجننا فانكب الشيخ على اقدامهما يقبلهما ويقول نفسي لنفسكم الفداء ووجهي لوجهكم الوفاء باعترة نبي الله المصطفى هذا باب السجن بين يديكما مفتوح فخذا اي طريق شنما فلما جنهما الليل اتاهما بقرصين من شعير وكوز من ماء الفراح ووقفهما على الطريق وقال لهما سيرا يا حبيبي الليل واكمنا النهار حتى يجعل الله عز وجل لكما من امر كما فرجا و مخرجا ففعل الغلامان ذلك فلما جنهما الليل انتهيا الى عجوز على باب فقالا لها يا عجوز انا غلامان صغيران غریبان حدثان غير خبيرين بالطريق وهذا الليل قد جننا اضيفينا سواد ليلتنا هذه فاذا اصبحنا لزمنا الطريق فقالت لهما من انتها ياحبيبي فقد شممت الروايح كابا فيما شممت رائحة هي اطايب من رائحة كما فقالا لها باعجوز نحن من
ص: 77
عترة نبيك محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) هر بنا من سجن عبيد الله بن زياد ( لع ) من القتل قالت ياحبيبي ان لي حتنا فاسقاً قد شهد الوقعة .م عبيد الله بن زياد اتخوف ان يصيبكما هاهنا فيقتلكما قالا سواد ليلتنا هذه فاذا اصبحنا لزمنا الطريق فعالت ساتيكما بطعام ثم انتها بطعام فاكلا وشربا فلما ولجا الفراش قال الصغير الكبير يا أخي انا نرجو ان نكون قد امنا ليلتنا هذه فتعال حتى اعانقك وتعانقني واشم رائحتك وتشم رائحتي قبل ان يفرق الموت بيننا ففعل الغلامان ذلك واعتنقا وناما فلما كان فى بعض اللين اقبل خمن المجوز الفاسق حتى فرع الباب قرعاً خفيفاً فقالت العجوز من هذا قال انا فلان قل ما الذي الطرقك هذه الساعة وليس هذا لك بوقت قال ويحك افتحي الباب قبل ان يطير عقلي و تنشق مرارتي في جوفي جهد البلاء الذي قد نزل بي قالت وبحك ما الذي نزل بك قال هرب غلامان صغيران من عسكر عبد الله بن زياد نادى الامير في معسكر ممن جاء بر أم والحد منهما فله الف درهم ومن جاء برأسها فله الفا درهم فقد تعبت فرسي وتعبت ولم يصل في يدي شيء فقالت العجوز باحتني احذر ان يكون محمداً ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) خصمك في القيامة قال لها ويحك ان المدنيا محرص عليها فقالت وما تصنع بالدنيا وليس معها آخرة قال آخرة قال اني لا راك تحامين عنهما كان عندك من طلب الامير شيء فقوي فان الامير يدعوك قالت وما يصنع الامير بي وانما انا عجوز في هذه البرية قال المالي الطلب "افتحي لي الباب حتى اربح و استريح فاذا اصبحت بكرت في اي الطريق آخذ في طلبها ففتحت له الباب واتته بطعام وشراب فاكل وشرب فلما كان في بعض الليل سمع غطيط الغلامين في جوف الليل فاقبل بهيج كما يهيج البعير الهانج ويخور كما يخور الثور ويلمس بكيفه جدار البيت حتى وقعت يده على جنب الغلام الصغير فقال له من هذا قال اما انا فصاحب المنزل فمن انها فاقبل الصغير يحرك الكبير و يقول قم ياحبيبي فقد والله وقعنا فيها كنا تحاذره قال لهما من انتها قالا له ياشيخ ان نحن صدقناك فلنا
ص: 78
الامان قال نعم قالا امان الله وامان رسوله وخمة الله وخمة رسوله قال نعم قالا و محمد ابن عبد الله من الشاهدين قال نعم قالا والله على ما نقول وكيل ريشهيد قال نعم قالا ياشيخ فنحن من عترة نبيك محمد ( ص ) هر بنا من سجن عبيد الله بن زياد ) اغ ( من القتل فقال لها فى الموت وقعتها الحمد لله الذي اظفر ني بكما فقام إلى الفلامين فشد اكتافهما فقام الغلامان ليلتهما مكتفين فلما انفجر عمود الصبح، دعا خلاماً له اسود يقابل له فليح فقال خذ هذين الغلام بن فانطلق بهما الى شاطىء الفرات واضرب اعناقهما وانتي برؤرسهما لا نطلق بهما الى عبد الله بن زياد وآخذ جائزة الفي درهم لحمل الغلام السيف ومشى لمام الفلامين فيما مضى إلا غير بعيد حتى قال احد الغلامين يا اسود ما اشبه سوادك بواد بلال مؤذن رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم). قال ان مولاى قد امرني بقتلكما فمن انها قالا له بالسود انا من عترة نبيك محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) هر بنا من سجن عبيد الله بن زيلد من القتل اضافتنا عجوز كم هذه ويريد مولاك قتلنا فانكب الاسود على اقدامهما يقبلهما ويقول نفسى لنفسكما لفداء ووجي لوجهكما الوفاء باعترة نبي الله المصطفى والله لا يكون محمد خصمي في القيامة ثم عدا فرمى بالسيف من يده ناحية وطرح نفسه في الفرات وعبر الى الجانب الآخر فصاح به مولاه يا غلام عصيتني فقال يامولاي انما اطعتك ما دمت لا تعصي الله فاذا عصيت الله فانا منك بريء في الدنيا والآخرة) فدعا ابنه وقال يابني انما اجمع الدنيا حلاتها وحرامها لك والدنيا محرص عليها في -ذ هذين الغلامين اليك فانطلق بهما الى شاطىء الفرات فاضرب اعناقهما و ائتني برؤوسهما لا نطلق بهما الى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة الفي درهم فاخذ الغلام السيف ومشى امام الفلامين فيما مضيا إلا غير بعيد حتى قال له احد الفلامين ياشاب ما اخوفني على شبابك هذا من نار جهنم فقال يا حبيبي فمن انتها قالا من عترة نبيك محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) يريد والدك قتلنا فانكب الغلام على اقدامهما يقبلهما ويقول لهما مقالة الاسود ورمى بالسيف
ص: 79
ناحية وطرح نفسه في الفرات وعبر فصاح به ابوه يابني عصيتني قال لئن اطيع الله واعصيك احب الي من ان اعمي الله واطيعك قال الشيخ لا بلي قتلكما احد غيري واخذ السيف ومشى اما مهما فلما صار الى شاطى الفرات سل السيف عن جفنه فلما نظر الغلامان الى السيف مسلولا اغرورقت اعينهما وقالا له ياشيخ انطلق بنا الى السوق واستمتع بأثمانها ولا ترد ان يكون محمد خصمك في القيامة فقال لا ولكن اقتلكما و اذهب بروؤسكما الى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة الذين فقالا له ياشيخ اما تحفظ قرابتنا من رسول الله قال مالكم من رسول الله قرابة فقالا له ياشيخ فائت بنا الى عبيدالله بن زياد حتى يحكم فينا بامره قال ما الى ذلك من سبيل إلا التقرب اليه بدمكما قالا ياشيخ اما ترحم صغر سننا قال ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمة شيئاً قالا يا شيخ أن كان ولا بد فدعنا نصلي ركعات قال فصليا ما شئما ان نقمتكما الصلاة فصلى الغلامان اربع ركمات ثم رفعا طرفيهما الى السماء فنادية ياحي يا عليم يااحكم الحاكمين احكم بيننا وبينه بالحق فقام الى الاكبر فضرب عنقه واخذ برأسه ووضعه في المحلاة واقبل الغلام الصغير يتمرغ في دم اخيه وهو يقول حتى التقى رسول الله وانا مخضب بدم اخي فقال لا عليك سوف الحقك بأخيك ثم قام الى الغلام الصغير فضرب عنقه واخذ رأسه ووضعه في المحلاة ورمى ببدنهما في الماء وهما يقطران دما رومر حتى اتى بهما الى عبدالله بن زياد وهو قاعد على كرسي له وبيده قضيب خيزران فوضع الرأسين بين يديه فلما نظر اليهما فقام ثم قعد ثم قام ثم فعد ثلاثا ثم قال الويل لك اين ظفرت بهما قال اضافتهما عجوز لنا قال فما عرفت لهما حق الضيافة قال لا قال فاي شيء قالا لك قال قالا ياشيخ اذهب بنا الى السوق فبعنا فانتفع بأثماننا ولا ترد ان يكون محمد خصمك في القيامة قال فاي شي. قلت لهما قال قلت لا ولكني اقتلكما وانطلق برأسيكما الى عبیدالله بن زباد و آخذ حائزة الفي درهم قال فاي شيء قالا و قال قالا ائت بنا الى
ص: 80
عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بامره قال فاي شيء قلت قال قلت ليس الى ذلك سدل الا التقرب اليه بدمكما قال افلا جئتني بهما حيين فكنت اضعف لك الجائزة واجعلها اربعة آلاف درهم قال ما رأيت الى ذلك سبيلا إلا التقرب اليك بدمهما قال فاي شيء قالا لك ايضا قال قالا ياشيخ احفظ قرابتنا من رسول الله قال فاي شيء قلت لهما قال قلت ما لكما من رسول الله قرابة قال ويلك اي شيء قالا لك ايضاً قال قالا ياشيخ ارحم صغر سننا قال فما رحمتهما قال لا قلت ما جعل الله لكما من الرحمة في قلبي شيئاً قال ويلاك فاي شيء قالا لك ايضا قال قالا دعنا نصلي ركعات فقلت فصليا ما شئتها ان نفعتكما الصلاة فصلي الغلامان اربع ركعات قال فأي شيء قالا في آخر صلاتهما نقال رفعا طرفيهما الى السماء وقالا ياحي باعليم بااحكم الحاكمين احكم بيننا وبين بالحق قال عبيد الله بن زياد فان احكم الحاكم بين قد حكم بينكم من الفاسق قال فانتدب اليه رجل من اهل الشام فقال انا له قال فانطلق به الى الموضع الذي قتل فيه الغلامين فاضرب عنقه ولا تترك ان يختلط دمه بدمهما ومجمل برأسه ففعل الرجل ذلك وجاء برأسه فنصبه على قناة فجعل الصبيان يرمونه بالنبل والحجارة وهم يقولون هذا قاتل ذرية رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) في الاسرار للمرحوم الدربندي ( رحمة الله ) ان الامين لما عرفهما لطم الاكبر منهما لطمة كبه على وجهه الارض حتى تهشم وجهه واسنانه من شدة الضربة وسال الدم من وجه واسنانه ثم انه كتفه كتافا وثيقاً وجاء الى الآخر وضربه ضربة اشد من ضربة اخيه وهو بنادي يا اباه ثم انه كتفه كتافا وثيقا فقالا له مالك ياهذا تضر بنا وامر أنك قد اضافتنا واكرمتنا اما تخاف الله فينا اما تراعي قرابتنا من رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) اما تراعي يتمنا وفيه ايضا ان الامين لما اراد قتلهما اقبلت زوجته تقبل يديه ورجليه وتقول يارجل اعف عن هذين الولدين اليتيمين واطلب من الله الذي تطلبه من اميرك فان الله يرزقك عوض ما تطلب اضعافا
ص: 81
مضاعفة فزعق عليها زعقة طار عقلها وذهل لبها وفيه ايضا لما قتلهما ورمى ببدنهما في الماء وهما يقطران دماً فكان بدن الاول على وجه الفرات ساعة حتى قذف الثاني فاقبل بدن الاول على وجه الفرات يشق الماء شفا حتى العزم بدن اخيه وغارا في الماء وسمع هذا الملعون صوتاً من بينها وهما في الماء رب انك تعليم وترى مافعل بنا هذا الملعون فاستوف لنا حقنا منه يوم القيامة وقال الطبري وصاحب كفاية الطالب ان محمداً وابراهيم هما اما من ولد عبد الله بن جعفر أو من ولد عقيل بن ابي طالب على اختلاف الروايات فيهما انه لما جي الى الكوفة بالسبايا من العيال والاطفال بعد قتل الحسين فانفاق منهم الغلامان من الدهشة والذعر فاتيا الى دار رجل طائي من طي فجاء اليه فسألهما شأنهما فاخبراه وقالا له نحن من آل رسول الله فررنا من الاسر ولجأنا اليك فولت له نفسه الخبيثة ان لو قتلهما وجاء برأسيهما الى ابن زياد لاعطاء جائزة فضرب اعناقهما واخذ برؤوسهما حتى جاء الى عبيد الله بن زياد فدخل عليه ووضعهما بين بديه فقال له ابن زیاد بشسما فعلت عمدت الى صبيبن استجارا بك فقتلتهما وخفرت ثم أمر بقتله فقتل وامر بداره فهدمت
في نهب الخيام وسلب النساء الطاهرات ويشتمل هذا الفصل على خمسة مجالس
قال السيد في الاقبال اعلم ان اواخر النهار من يوم عاشوراء كان اجتماع حرم الحسين ( علیه السلام) وبنائه واطفاله في اسر الاعداء ومشغولين بالحزن والهموم والبكاء وانقضى عليهم آخر ذلك النهار وهم فيما لا يحيطه به قلمي من الذل والانكسار وباتوا تلك الليلة فاقدين لحماهم ورجالهم وغرباء في اقامتهم وترحالهم والاعداء يبالغون في
ص: 82
البراءة منهم والاعراض عنهم واذلالهم لينقر وا بذلك الى المارق عمر بن سعد مؤتم اطفال محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) ومقرح الاكباد والى الزنديق عبيد الله بن زياد والى الكافر يزيد بن معاوية رأس الالحاد والعناد قال في ( نفس المهموم ) فاذا كان اواخر نهار يوم عاشوراء فقم قائماً وسلم على رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وعلى مولانا امير المؤمنين ( علیه السلام ) وعلى مولانا الحسن ( علیه السلام ) وعلى سيدتنا فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) وعترتهم الطاهر بن صلوات الله عليهم اجمعين و عزهم على هذه الصائب بقاب محزون وعين باكية ولسان ذاليل بالنوائب ثم اعتذر الى الله جل جلاله واليهم من التقصير فيما يجب لهم عليك وان يعفو عما لم تعمله مما كنت تعمله مع من يعز عليك فانه من المستبعد ان تقوم في هذا المصاب الهائل بقدر خطبه النازل ( اقول ) ثم بعد السلام والتعزبة ينبغي ان تجدد الحزن والبكاء وتجري الديمة والعبرة كقطر السماء وتلطم الخد وتشق الجيب كالمرأة الشكلى وتصيح وتصرخ على ما جرى على بنات فاطمة الزهراء والمخدرات من عقايل سيد الانبياء فانها من اعظم المصائب واشد النوائب التي لا تقوم بحملها الجبال ويشيب لهولها الاطفال وهي هجوم الاعداء بعد قتل الرجال على النساء ونهب الاموال رسمي النساء الطاهرات ولقد احسن واجاد القائل بقوله وهو المرحوم السيد حيدر
واجل يوم بعد يومك حل في*** الاسلام منه يشيب كل جنين
بوم سرت اسرى كما شاه العدى ***فيه الفواطم من بني ياسين
ابرزن من حرم النبي وانه ***حرم الاله بواضح التبيين
من كل محصنة هناك برغمها ***اضحت بلا خدر ولا تحصين
سلبت وقد حجب النواظر نورها ***من حر وجه بالعفاف مصون
وقال رحمه الله ايضا :
وحائرات اطار القوم اعينها***رعباً غداة عليها خدرها هجموا
ص: 83
كانت بحيث عليها قومها ضربت*** سرادقا ارضه من عزهم حرم
يكاد من هيبة ان لا يطوف به ***حتى الملائك لولا انهم خدم
ياله من حرم ما اعظم شأنه وشرف قدره واعلى مكانه وشيد بنيانه حرم سجافة هيبة الله وسرادقه جلال الله ورواقه عظمة الله واستاره حجاب الله وخدامه ملائكة الله وهو حرم النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وحرم النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) حرم الله
حرم لاحمد قد هتكن ستورها*** فرتكن من حرم الاله ستور
وها نحن نشرع في بيان ذلك الفاجعة الموجعة قال سيد بن طاوس ( رحمة الله ) وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين الزهراء البتول حتى جعلوا ينزعون ملحفة المرأة عن ظهرها وخرجن بنات آل الرسول وحريمه يتساعدن على البكاء يندبن الفراق الحماة والاحباء والله در القائل :
ولم ير حتى عينها ظل شخصها*** الى ان بدت فى الغاضرية حسرا
وروى حميد بن مسلم قال رأيت امرأة من بكر بن وائل كانت مع زوجها في عسكر عمر بن سعد فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين (علیه السلام) وفس الطين وهم يسلبونين اخذت سيفا واقبلت نحو الفسطاط وقالت يا آل بكر بن وائل اتسلب بنات رسول الله لا حكم إلا لله بالثارات رسول الله فاخذها زوجها وردها الى رحله قال ابن نما وخرجت بنات سيد الانبياء وقرة عين الزهراء حاصرات مبديات للنياحة والعويل يندبن على الشباب والكهول واضرمت النار في الفسطاط فخر جن هاربات قال في ( البحار ) رأيت فى بعض الكتب ان فاطمة الصغرى قالت كنت واقفة بباب الخيمة وانا انظر الى ابي واصحابه مجزرين كالاضاحي على الرمال والخيول على اجسادهم تجول وانا افكر فيما يقع علينا بعد ابي من بني امية ايقتلوننا أو ياسر وننا واذا انا برجل على ظهر جواده يسوق النساء بكتب رمحه ومن الذن بعضهن ببعض وقد اخذ ما عليهن
ص: 84
من اخمرة واسورة ومن يصحن و اجداه وا ابتاه واعلياه واقلة ناصراه واحسناه اما من مجير يجيرنا اما من ذائد يذود عنا قالت فطار فؤادي وارتعدت فرائصي فجعلت احيل بطرفي يمينا وشمالا على عمتي ام كلثوم خشية منه ان يأتيني فينا انا على هذه الحالة واذا به قد قصدني فقررت منهزمة وانا اظن اني اسلم منه واذا به قد تبعني فذهلت خشية منه واذا بكعب الرمح بين كتفي فسقطات على وجهي فخرم اذني واخذ قرطي ومقنعتي وترك الدماء تسيل على خدي ورأسي تصهره الشمس وولى راجعا الى الخيم وانا مغشي علي واذا انا بعمني عندي تبكي هي وتقول قومي نمضي ما اعلم ما جرى على البنات وعلى اخيك المليل فقمت وقلت باعمتاه هل من خرقة استر بها رأسي عن اعين النظار فقالت يابنتاه وعمتك مثلك فقمت فرأيت رأسها مكشوفا ومتنها قد اسود من الضرب فما رجعنا الى الخيمة إلا وهي قد نهبت وما فيها واخي علي بن الحسين (علیه السلام) مكبوب على وجه لا يطيق الجلوس من كثرة الجوع والعطش والاستقام فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا الخ .
الله يا هاشم ابن الحمى ***این الحفاظ المر ابن الابا
اتشرق الشمس ولا عينها ***بالنقع تعمى قبل ان تغربا
وهي لكم في السبي كم لا حظت ***مصونة لم تبد قبل السبا
كيف بنات الوحي اعداؤكم*** تدخل بالخيل عليها الخبا
ولم تساقط قطعاً بيضكم ***وسمركم لم تنتشر اکمبا
لقد سرت اسرى على حالة ***قل لها موتك تحت الظبا
في ( البحار ) فاقبل اعداء الله لعنهم الله حتى احدقوا بالخيمة ومعهم شمر بن
ص: 85
ذي الجوشن ( لع ) فقال ادخلوا عليهن فاسلبوا بزتهن فدخل القوم لعنهم الله فاخذوا ما كان في الخيمة حتى افضوا الى قرط كان في اذن ام كلثوم اخت الحسين فاخذوه و خرموا اذنها قال حميد بن مسلم لقد كنت ارى المرأة من نسائه وبناته واهله تنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه ويذهب به منها والى هذا اشار المرحوم السيد حيدر (رحمة الله)
فنو درث بين ايدي القوم حاسرة ***نسبى وليس ترى من فيه يعتصم
نعم لوت جيدها بالعتب هاتفة ***بقومها وحشاها ماؤها ضرم
عجبت بهم مذ على ابرادها اختافت*** ايدي العدو ولكن من لهابهم
روى الصدوق فى الامالي قالت فاطمة بنت الحسين (علیه السلام ) دخلت الغائمة علينا الفسطاط وانا جارية صغير وفي رجلي خلخالات من ذهب فجمل رجل يفض الخلخالين من رجلي وهو يبكي فقلت ما يبكيك يا عدو الله فقال كيف لا ابكي وانا اسلب ابنة الله فقلت لا تسلبني فقال اخاف ان يجي. غيري و ياخذه قال ابو مخنف لما هجم القوم وارتفع صباح النساء صاح ابن سعد ( لع ) ويلكم الكبسوا عليهن الخباء واضر موهن ناراً فاحرقوها ومن فيها فقال رجل منهم و بلاك يا ابن سعد اما كفاك قتل الحسين ( علیه السلام ) واهل بيته وانصاره عن احراق اطفاله ونسائه لقد اردت ان يخسف الله بنا الارض فتبادروا الى نهب النساء الطاهرات قالت زينب بنت امير المؤمنين (علیه السلام) كنت في ذلك الوقت واقفة في الخيمة اذ دخل رجل ازرق العينين فاخذ ما كان في الخيمة ونظر الى علي بن الحسين ( علیه السلام ) وهو على نطع من الاديم وكان مريضاً فجذب النطع من تحته ورماه الى الارض والتفت الي واخذ القناع من رأسي ونظر الى قرطين كانا في اذني فجعل يعالجهما وهو يبكي حتى نزعهما فقلت تسلبني وانت تبكي فقال ابكي مصابكم أهل البيت فقلت له قطع الله يديك ورجليك واحرقك الله تعالي بنار الدنيا قبل نار الآخرة قال ابو مخنف فيما مضت الايام حتى ظهر المختار بن ابي عبيدة الثقفي (رحمة الله )
ص: 86
يطلب بشار الحسين (علیه السلام) في الكوفة فوقع ذلك الملمون بيده وهو خولى ( لع ) فلما وقف بين يديه قال له ما صنعت يوم كربلا قال اتيت الى علي بن الحسين ( علیه السلام ) فاخذت نطعاً من تحته واخذت قناع زينب بنت علي وقرطيها فبكى المختار وقال فما قالت لك قال قالت قطع الله يديك ورجليك واحرقك الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة قال المختار ( رحمة الله) فوالله لا جيبن دعوة الطاهرة المظلومة ثم قدمه وقطع يديه ورجليه و احرقه بالنار اقول ولعمري ليس دعاؤها عليه من جهة سلب قناعها او قرطيها بل لما رأت ما صنع الامين بامامنا السجاد (علیه السلام) من جذب النطع من تحته وهو مريض لانزينب ع - كانت غاية همها حفظ السجاد ولذا لما هجم القوم على المخيم وتفرقت النساء والاطفال اقبلت زينب ووقفت على زين العابدين وكانت تدافع عنه حتى قال حميد بن مسلم انتهيت الى على بن الحسين ( علیه السلام ) و هو مريض و منبسط على فراش اذ اقبل شمر بن ذي الجوشن ومعه جماعة من الرجالة وهم يقولون ألا تقتل هذا العليل فهم اللعين بقتله فقلت سبحان الله انقتل الصبيان انما هذا صي وانه لما به وما امتنع الامين وصل سيفه ليقتله فالفت زينب بنفسها عليه وقالت والله لا يقتل حتى اقتل وفي ( روضة الصفا ) فاخذ عمر بن سعد بيديه وقال اما تستحي من الله تريد ان تقتل هذا الغلام المريض قال شمر ( لع ) قد صدر أمر الامير عبد الله ان اقتل جميع اولاد الحسين فبالغ عمر في منعه فكف عنه قام باحراق خيام اهل بيت المصطفى ألا لعنة الله على القوم الظالمين .
و ثواكل يشجي الغيور حنينها *** لو كان ما بين العداة غيور
حرم لاحمد قد هتكن ستورها ***فهتكن من حرم الاله ستور
كم حرة لما احاط بها العدى*** هربت تخف العدو وهي وقور
ص: 87
والشمس توقد بالهواجر نارها ***والارض يغلى رملها ويفور
هتفت غداة الروع باسم كفيلها ***وكفيلها بترى الطفوف عليل
قال السيد في ( اللهوف ) ثم اخرجوا النساء واشعلوا في الخيم ناراً فخر جن حوامر حافيات باكيات يمشين سبايا في اسر الذلة وفي بعض المقاتل ان زينب الكبري اقبلت على زين العابدين وقالت يا بقية الماضين وشمال الباقين قد اضرموا النار في مضاربنا فما رأيك فينا فقال (علیه السلام) عليكن بالفرار ففردن بنات رسول الله صائحات باكيات نادبات إلا زينب الكبرى فانها كانت واقفة تنظر الى زين العابدين لانه لا يتمكن من النهوض والقيام قال بعض من شهد رأيت امرأة جليلة واقفة بباب الخيمة والنار
تشتعل من جوانبها وهي تارة تنظر يمنة ويسرة واخرى تنظر إلى السماء وتصفق بيديها وتارة تدخل في تلك الخيمة وتخرج فاسرعت اليها وقلت ياهذي ما وقوفك هاهنا والنار تشتعل من جوانبك وهؤلاء النسوة قد فردن وتفرقن ولم تلحقي بهن وما شأنك فبكت وقالت ياشيخ ان لنا عليلا في الخيمة وهو لا يتمكن من الجلوس والنهوض فكيف افارقه وقد احاط النار به هكذا والحاصل فاحرقوا الحيم ونهبوا ما فيها وسلبوا الفاطميات بحيث لم يبق لهن ما يسترن به. نظم
وصيح في رحله نهباً وما تركوا ***على عقابل بيث الوحي من حجب
فى ( البحار ) وجاء عمر بن سعد ( لع ) فصاحت النساء في وجهه وبكين فقال لاصحابه لا يدخل احد منكم بيوت هؤلاء النساء ولا تعرضوا لهذا الغلام المريض وسألته النسوة ان يسترجع ما اخذ منهن ليسترن به فقال من اخذ من متاعهن شيئاً فلیرده فوالله مارد احد منهم شيئاً فوكل بالفسطاط وبيوت النساء وعلي بن الحسين (علیه السلام) جماعة وقال احفظوهم لئلا يخرج منهم احد ولا تسيئوا اليهم ثم عاد الى مضربه (اقول) و لفظ البيوت في الخبر المذكور دليل على عدم احراق الخيم في يوم عاشوراء كما ذكره
ص: 88
صاحب الناسخ بان حرق الخيم وقع في اليوم الحادي عشر لما رحل عمر بن سعد بالسبايا وحملهم على افتاب المطايا امر اللعين باحراق الخيم فاحرقوها والله اعلم ( انتهى ) وقال في الايقاد عن مقتل ابن العربي لقد مات طفلان عشية اليوم العاشر من اهل البيت من الدهشة والوحشة والعطش قال فلما ذهبت زينب (علیها السلام) في جمع العيسال بطفلين والاطفال فلما جمعتهم اذا بطفلین قد فقدا فذهبت في طلبها فرأتها معتنقين نايمين فلما حركتها فاذا هما قد ما تا عطشا ولما سمع رخص لنا في ستي العيال فلما جاؤوا بالماء كان الاطفال يعرضون عن الماء ويقولون كيف نشرب وقد قتل ابن رسول الله عطشاناً نظم
منعوه شرب الماء لاشر بوا غداً ***من كف والده البطين الانزع
وقال الشيخ حسن بن سليمان بن محمد بن الحسن الشويكي في مقتله نقلا عن الجزء العاشر من كتاب المنن لعبد الوهاب الشعراني قال وعبد الرحمن بن عقيل بن ابي طالب قتل مع الحسين ( علیه السلام ) بالعلف وابناه سعد وعقيل كانا معه وماتا من شدة المعاش ومن الدهشة والذعر بعد شهادة الحسين ( علیه السلام ) ما هجم القوم على المخيم للسلب وامهما خديجة بنت علي بن ابي طالب توفيت بالكوفة وقال ايضا في مقتله ومن بنات علي (علیه السلام ) رقية الكبرى و كانت عند مسلم بن عقيل فولدت منه عبدالله بن مسلم ومحمد بن مسلم الذين قتلا يوم الطف مع الحسين (علیه السلام) ومسلم قتل بالكوفة وكان رسوله وولدت رقية عائكة من م ولها من العمر سبع سنين وهي التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسين ( علیه السلام ) لما هجم القوم على المخيم للسلب وفي بعض المقاتل ان أحمد الحسن المجتبى (علیه السلام ) قتل مع الحسين ( علیه السلام ) وله من العمر ستة عشر سنة ورواه المجلسي ايضاً في ( البحار)وله اختان من امه ام الحسن وام الحسين سحقتا يوم الطف بعد شهادة الحسين ( علیه السلام ) لما هجم القوم على المخيم للسلب امهم ام بشر بنت المسعود الانصاري
ص: 89
وقيل الخزرجي جاءت معهم حتى انت كربلا وذكره الذهبي في كتاب التجيد انتهى ألا لعنة الله على القوم الظالمين .
و تواكل في النوح تسعد مثلها ***أرأيت ذا شكل يكون سعيدا
حنت فلم تر مثلهن نوائحاً ***اذ ليس مثل فقيدهن فقيدا
لا الميس تحكيها اذا حنت ***ولا الورقاء تحسن عندها التغريدا
ان تنع اعطت كل قلب حسرة*** او تدع صدعت الجبال الميدا
عبراتها تحيي الثرى لو لم تكن ***زفراتها تدع الرياض همودا
وغدت أسيرة خدرها ابنة فاطم*** لم تلف غير اسيرها مصفودا
تدعو بلهفة تاكل لعب الاسى ***بنواده حتى انطوى مفؤودا
تخفي الشجا جلداً فان غلب الاسى ***ضعفت قابدت شجوها المكودا
نادت فقطعت القلوب بشجوها*** لكما انتظم البيان فريدا
انسان عيني ياحسين اخي ***يا املي وعقد جماني المنضودا
مالي دعوتك لا تجيب ولم تكن ***عودتني من قبل ذاك صدودا
المحنة شغلتك عني ام قلى ***حاشاك انك ما برحت ودودا
افهل سواك مؤمل يدعى به*** فيجيب داعية ويورق عودا
ان استمن قامت الي نواكل ***لم تدر إلا النوح والتعديدا
وكفيلها فوق المطي معالج*** من ضره ومن الحديد قيودا
قال السيد في ( اللهوف ) واقام عمر بن سعد ( لع ) بقية يومه واليوم الثاني الى زوال الشمس ثم رحل بمن تخلف من عيال الحسين ( علیه السلام ) وحمل نساءه صلوات الله
ص: 90
عليه على احلاس افتاب الجمال بغير وط.. مكشفات الوجوه بين الاعداء ومن ودائع الانبياء وساقوهن كما يسلق سي الترك والروم في اشد المصائب والهموم والله در قائله :
يصلى على المبعوث من آل هاشم*** ويعزى بنوه ان ذا العجيب
والآخر يقول :
واعظم ما يرمي القلوب بمحرق ***و تهمي له سحب الجنون سجالها
عقائلكم تسري بهن الى العدى ***نجائب انساها المسير عقالها
وقال فى(اسرار الشهادة) روى عبد الله بن سنان عن ابيه عن جده ثم امر ابن سعد (لع) بان تحمل النساء على الاقتاب بلا وطاء وحجاب فقدمت النياق الى حرم رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) وقد احاط القوم بهن وقيل لهن تعالين وازكين فقد امر ابن سعد بالرحيل فلما نظرت زينب الى ذلك نادت وقالت سود الله وجهك يا ان سعد في الدنيا والآخرة تأمر هؤلاء القوم بان يركبونا ونحن ودايع رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) فقل لهم يتباعدون عنا يركب بعضنا بعضا قال فتنحوا عنهن فتقدمت زينب (علیه السلام ) ومعها ام كلثوم وجعلت تنادي كل واحدة من النساء باسمها وتركبها على المحمل حتى لم يبق احد سوى زينب ( علیه السلام ) فنظرت يمينا وشمالا فلم تر احداً سوى زين العابدين (علیه السلام) وهو مريض فاتت اليه وقالت قم يا ابن اخي واركب النافة فقال ياعمتاه اركبي انت ودعيني انا وهؤلاء القوم فرجعت الى ناقتها لانها لم تقدر على مخالفة الامام(علیه السلام) فالتفتت يمينا وشمالا فلم تر إلا اجساداً على الرمال ورؤوسا على الاسنة بايدي الرجال فصرخت وقالت واغربتاه والخاه واحسيناه واعباساه و ارجالاه واضيعناه بعدك يا ابا عبدالله قال الراوي فلما رأيتهم على هذه الحالة ذكرت خروجهم من الحجاز وما كانوا عليه من العزة والرفعة والعظمة والجلالة فبكيت على حالهم وما جرى عليهم ثم قال فلما نظر الامام زين العابدين ( علیه السلام ) الى ذلك لم يتمالك على نفسه دون ان قام وهو يرتعش من
ص: 91
الضعف فاحذ بعصاة يتوكأ عليها واتى الى عمته وثنى ركبته وقال اركي فلقد كسرت قلبي وزدت كربي فاخذ لير كبها فارتعش من الضعف وسقط على الارض فلما رآه الشمر ( لع) أتى اليه وبيده سوط فضربه وهو ينادي واجداه وامحمداه واعلياه واحسناه واحسيناه فبكت زينب وقالت ويلك ياشمر رفقا بيتيم النبوة وسليل الرسالة وحليف التقى وتاج الخلافة فلم تزل تقول كذا حتى نحته عنه قال واذا بجارية مسنة سوداء قد اقبلت الى زينب فاركبتها فسألت عنها فقالوا هذه فضة جارية فاطمة الزهراء عليها السلام قال ثم اركبوا الامام (علیه السلام ) على بعير اعجف فلم يتمالك الركوب من شدة الضعف فاخبروا ابن سعد ( لع ) فقال قيدوا رجليه من تحت بطن الناقة ففعلوا كلك وساروا بهم على تلك الحالة نظم
وعلى العيس من بنات علي ***نوّح كل لفظها تعديد
سلبتها ايدي الجفاة حلاها***فخلا معصم وعطل جيد
وعليها السياط لما تلوت*** خلفها اساور وعقود
الى الكوفة
حر قلبي لهن اذ صرن امرى ***حاسرات من بعد صون حياها
صاديات غربی و اعناقها ***في السير ملوية لحامي حماها
ان تباكين ما لهن رحيم ***او تنادين لا يجاب نداها
والعليل السجاد في الاسر يسرى ***لسباها وذلها وعناها
ورؤوس الهدى على السمر لاحت ***فاق ضوء البدور لمع سناها
قال السيد في ( اللهوف ) ثم أن عمر بن سعد بعث برأس الحسين (علیه السلام ) في ذلك
ص: 92
اليوم وهو يوم عاشوراء مع خولى بن يزيد الاصبحي وحميد بن مسلم الازدي الى عبیدالله بن زياد ( لع ) دامر برؤوس الباقين من اصحابه واهل بيته فنظفت وسرح بها مع شمر بن ذي الجوشن (لع ) وقيس بن الاشعث وعمرو بن الحجاج فاقبلوا حتى قدموا بها الكوفة وفي ( البحار ) قال محمد بن ابي طالب وروی ان رؤوس اصحاب الحسين واهل بيته كانت ثمانية وسبعين رأساً واقتسمها القبائل ليتقربوا بذلك الى عبيد الله بن زياد فجاءت كندة بثلاثة عشر رأساً وصاحبهم قيس أن الاشعث وجاءت هوازن بانني عشر رأساً وفي خبر بعشرين صاحبهم شمر بن ذي الجوشن وجاءت تميم بسبعة عشر رأساً أو بتسعة عشر وجاءت بنو اسد بستة عشر رأساً وجاءت مذحج بسبعة رؤوس وجاء سائر الناس بثلاثه عشر رأساً وجاؤوا بالحرم اسارى إلا شهر بانويه قانها اتلفت نفسها في الفرات قال الطبري انه اقبل خولى بن يزيد برأس الحسين (علیه السلام) فاراد القصر فوجد باب القصر مغلقا فاتى منزله فوضعه تحت اجانة في منزله وله امرأتان امرأة من بني اسد والاخرى من الحضرميين يقال لها النوار ابنة مالك بن عقرب وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية قال هشام فحدثني ابي عن النوار بنت مالك قالت اقبل خولى برأس الحسين (علیه السلام) فوضعه تحت اجانة في الدار ثم دخل البيت قاوى الى فراشه فقلت له ما الخبر وما عندك قال جئتك بغنى الدهر او جئتك بالذهب هذا رأس الحسين معك في الدار قالت فقلت ويلك جاء الناس بالذهب والفضة وجئت برأس ابن بنت رسول الله لا والله لا تجمع رأسي ورأسك في بيت ابداً قالت فقمت من فراشي وخرجت الى الدار فدعا الاسدية فادخلها اليه وجلست انظر قالت فوالله ما زلت انظر الى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الاجانة ورأيت طيوراً بيضاء ترفرف حولها قال فلما اصبح غداً بالرأس الى عبيد الله بن زياد وفي كتاب التبر المذاب ان حامل الرأس الشريف الى الكوفة شمر بن ذي الجوشن وفيه لما حمل الشمر
ص: 93
رأس الحسين (علیه السلام) جعله في مخلاة وذهب به الى منزله فوضعه على التراب وجعل عليه اجانة فخرجت امرأته ليلا وكانت صالحة فرأت نوراً ساطعاً عند الرأس الى عنان السماء فجاءت الى الاجانة فسمعت انينا من تحتها فجاءت الى شمر ( لع ) وقالت رأيت كذا و كذا قاي شيء تحت الاجازة قال لعنه الله رأس خارجي قتلته واريدان اذهب به الى يزيد ( لع ) ليعطيني عليه مالا كثيراً قالت ومن يكون قال ( لع ) الحسين بن علي فصاحت وخرت مغشية فلما افاقت قالت ياشر المجوس اما خفت من اله الارض والسماء قتلت ابن بنت رسول الله وابن علي المرتضى ثم خرجت من عنده باكية ورفعت الرأس وقبلته ووضعته في حجرها ودعت نساء يساعدنها بالبكاء عليه وقالت لعن الله فاتلك فلما جن الليل عليها النوم فرأت كأن الحائط قد انشق بنصفين وكأن البيت قد غشيه نور وجاءت سحابة فاذا فيها امرأتان فاخذتا الرأس فسألت عنها فقيل انها خديجة وفاطمة (علیهما السلام) ثم رأت رجالا وفي وسطهم انسان وجهه كالقمر ليلة تمامه وكماله فسألت عنه فقيل محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وعن يمينه حمزة وجعفر واصحابه فيكوا وقيلوا الرأس ثم جاءت خديجة وفاطمة (علیهما السلام) الى امرأة شمر ( لع ) وقالتا لها تمني ما شئت فان لك منة ويداً بما فعلت فان اردت ان تكوني من رفقائنا في الجنة فاصلحي امرك فانا منتظروك فانتبهت من النوم ورأس الحسين ( علیه السلام ) في حجرها فجاء الشمر (لع) لطلب الرأس فلم تدفعه اليه وقالت له يا عدو الله طلقني فانك يهودي والله لا اكون معك ابداً فطلقها فقالت والله لا ادفع اليك هذا الرأس او تقتلني فضر بها ضربة كانت منيتها فيها وعجل الله بروحها الى الجنة هذه المرأة الصالحة قتلت في نصرة الحسين (علیه السلام) وقتلت امرأة اخرى في نصرة الحسين ( علیه السلام ) وهي زوجة وهب كما ذكر في محله الخ . قال في ( نفس المهموم ) وفي ظهر الكوفة عند قائم الغري مسجد يسمى بالمسجد الحتانة فيه يستحب زيارة الحسين ( علیه السلام ) لان رأسه ( علیه السلام ) وضع هناك قال المفيد والسيدو الشهيد
ص: 94
في باب زيارة أمير المؤمنين (علیه السلام) فاذا بلغت العلم وهي الحنانة فصل هناك ركمتين فقد روي محمد بن ابي عمير عن مفضل بن عمر قال جاز الصادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغري فصلى ركعتين فقيل له ما هذه الصلاة فقال هذا موضع رأس ج-دي الحسين بن علي وضعوه هاهنا لما توجهوا من كربلا ثم حملوه الى عبيد الله بن زياد وقال شيخ الفقهاء العظام صاحب جواهر الكلام ويمكن ان يكون هذا المكان موضع دفن الرأس الشريف إلى آخر ما قال وقال المرحوم وحيد عصره شيخنا النوري نور الله مضجعه انه كان قريباً من النجف الأشرف ميل من الجص والاجر ويقال له القائم ويسموه بالعلم فلما قبض امير المؤمنين ( علیه السلام) وجاؤا الى النجف الاشرف فلما وصلوا الى العلم والقائم انحنى تعظيما لامير المؤمنين كالراكع فسموه بالخنانة وزيد في شرفه انه لما جي. برأس الحسين ( علیه السلام ) الى الكوفة ووصل هناك وقد مضى من الليل شطره فوضع اللعين الحامل الرأس المبارك في ذلك المقام وهذا اول منزل نزل به رأس الحسين (علیه السلام) في طريق الكوفة بقي غريباً وحيداً في ذلك المقام ثم بنوا مسجداً ب ذلك المكان وممي بالمسجد الحنانة ويستحب فيه الدعاء والزيارة وقيل ان المسجد بني فى موضع يقال له الحنانة لانه لما وصلت جنازة امير المؤمنين الى ذلك الموضع حنت حنيناً شديداً فسأل الحسن (علیه السلام) عن سبب ذلك الحنين قال لان امير المؤمنين ( علیه السلام ) كان يأتي في الليالي المظلمة الى هذا الموضع ويصلي فيه فخنت الارض في فراق امير المؤمنين وقيل سمي بالحنانة لانه لما وضع رأس الحسين (علیه السلام ) في ذلك الموضع سمع من الرأس الشريف حنين وانين الى الصباح والله العالم انتهى .
في دخول السبايا والرؤوس في الكوفة وما جرى فيها عليهم وخروجهم منها و وقایع طريق الشام ويشتمل هذا الفصل على خمسة عشر مجلسا .
ص: 95
وسروا في كرائم الوحي اسرى ***وعداك ابن امها التقريع
لو تراها والعيس جشمها الحادي*** من السير فوق ما تستطيع
ووراها العفاف يدعو ومنه ***بدم القلب دمعه مشفوع
باتری فوقها بقية وجد ***ملؤ احشائها جوى وصدوع
فترفق بها فما هي إلا ***ناظر داریم و قلب مروع
لا تها جذب البرى او تدري ***رية الخدر ما البرى والنسوع
قال المرحوم الدربندي في الاسرار فلما وصل عسكر ابن زياد ( لع ) الى الكوفة غابت الشمس فلم يتمكنوا من ان يدخلوا الكوفة باجمعهم فنزل طوائف منهم من الحرسة والموكلين على السبايا والرؤوس المطهرة في خارج الكوفة وضروا الخيام والفساطيط لا نفسهم في ناحية وانزلوا السبايا واهل بيت رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) في ناحية اخرى فلها مضت ساعة من الليل خرجت جماعة من الكوفة ومعهم الظروف والاواني والموائد المملوءة باللحوم المطبوخة وسائر الاطعمة من المطبوخات وغيرها فجاوا بها الى الحرسة والموكلين واطفال اهل البيت في ذلك الوقت في شدة البكاء والجزع من ضر الجوع وزاد جزعهم لما شموا رائحة المطبوخات فجاءت فضة الى زينب الطاهرة وقالت ياسيدتي وسيدة النساء اما ترين الاطفال وما فيهم من ضر الجوع فقالت زينب (علیها السلام ) ما الحيلة يا فضة قالت ياسيدني ان رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم) قال لي ان لك ثلاث دعوات مستجابة فضت دعوتان منها وبقيت الثالثة فائدنى لي ان ادعو الله تعالى حتى يفرجنا في شأن الاطفال فرخصتها فجاءت فضة الى ناحية فيها تل صغير فصلت فيه ركعتين لاستجابة الدعاء ثم دعت فبينما هي في اثناء دعوتها فاذا قد نزلت من السماء قصعة مملوءة باللحم
ص: 96
والمرق وفوقها قرصان من الخبز وكانت نفحات المسك والعنبر والزعفران تفوح من تلك القصعة فكان غذاء اهل البيت والسجاد ( علیهما السلام ) والنساء والاطفال من تلك القصعة ومن هذين القرصين فكانوا كلما يحتاجون الى الغذاء يأكلون منها و يشبعون ثم كانت القصعة بحالها اي مملوءة باللحم والمرق كأنها لم ينقص منها شيء اصلا وكذا القرصان فكانت هذه الآية الساطعة والنعمة الالهية والمائدة السماوية موجودة عند اهل البيت الى اليوم الذي وردوا المدينة وبعد ذلك اليوم فقدت وارتفعت انتهى ما في الاسرار ثم شرعنا في ورود السبايا والرؤوس بالكوفة قال العالم التحرير المرحوم الحاج الشيخ محمد باقر البرجندي في الكبريت الاحمر امر ابن زياد امنه الله في يوم ورود آل محمد بالكوفة أن لا يخرج احد من اهل الكوفة مع السلاح وامي بعشرة آلاف فارس ان يأخذوا السكك والاسواق والطرق والشوارع خوفا من الناس ان تحركهم الحمية والغيرة على اهل البيت اذا رأوهم بتلك الحالة واسر ان تجعل الرؤوس في اوساط المحامل امام النساء ويطاف بهم فى الشوارع والاسواق حتى يغلب على الناس الخوف والخشية انتهى وفي شرح القصيدة ورأس مولانا الحسين ( علیه السلام ) قد رفعوه على ذابل طويل وسيروه على رأس عمر بن سعد ( لع ) وقد اخذ عموداً من نور من الارض إلى السماء كأنه البدر والقوم يسيرون على نوره انتهى وعن مقتل ابي مخنف قال الراوي اقبلت في تلك السنة من الحج فدخلت الكوفة فرأيت الاسواق معطلة والدكاكين مقفلة والناس ما بين باك وضاحك فرأيت نساء اهل الكوفة وهن مشفقات الجيوب ناشرات الشعور ولاطمات الخدود فاقبلت الى شيخ منهم وقلت مالي ارى الناس بين باك وضاحك الحكم عيد لست اعرفه فاخذ بيدي وعدل بي عن الطريق ثم بكى بكاء عاليا وقال سيدي ما لنا عيد ولكن بكاؤهم والله من اجل عسكرين عسكر ظافر والآخر مقتول فقلت ومن هما فقال عسكر الحسين ( علیه السلام ) مقتول وعسكر ابن زياد ( لع ) ظافر ثم بكى بكاء عاليا فما استم كلامه حتى سيرت البوقات تضرب والرابات تخفق واذا
ص: 97
بالمسكر قد دخل الكوفة وسمعت صيحة عظيمة واذا برأس الحسين (علیه السلام ) يلوح والنور يسطع منه فخنقتني العبرة لما رأيته ثم اقبلت السبايا واذا بعلي بن الحسين ( علیه السلام ) على بعير بغير غطاء ولا وطاء وفخذاه ينضحان دما فرأيت جارية حسناء على بعير بغير غطاء ولا وطاء فسألت عنها فقيل لي هذه ام كلثوم وهي تنادي يا اهل الكوفة غضوا ابصاركم عنا اما تستحون من الله ورسوله ان تنظروا الى حرم رسول الله وهن حواسر قال فوقفوا باب بني خزيمة فلما نظرت ام كلثوم الى رأس اخيها بكت وشقت جيبها وانشأت تقول :
ماذا تقولون اذ قال النبي لكم***ماذا فعلتم وانتم آخر الامم
بعترتي وباهلي بعد مفتقدي ***منهم اساری و منهم ضر جوا بدم
ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم ***ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي
اني لا خشى عليكم ان يحل بكم ***مثل العذاب الذي ياتي على الامم
في ( البحار ) وغيره من الكتب المعتبرة قال القاسم بن الاصبغ المجاشعي اذا بفارس قد اقبل وقد علق في عنق فرسه رأساً كأنه القمر ليلة تمامه وبين عينيه اثر السجود فاذا طأطأ الفرس برأسه لحق الرأس بالارض فقلت له رأس من هذا فقال اللعين رأس العباس بن علي بن ابي طالب صلوات الله عليه ألا لعنة الله على القوم الظالمين قال السيد بن طاووس في اللهوف وسار ابن سعد بالسي المشار اليه فلما قاربوا الكوفة اجتمع اهلها للنظر اليهن قال الراوي فاشرفت امرأة من الكوفيات فقالت من اي الاسارى انتن فقلن نحن اساری آل محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فنزات المرأة من سطحها فجمعت لهن از راً وملاء ومقانع واعطتهن فتغطين وفي بعض التواريخ ان المرأة التي صاحت من اي الاسارى انتن بالكوفة هي عائشة بنت خليفة بن عبدالله الجعفية وكانت من قبل زوجة الحسين ( علیه السلام ) في زمان علي بن ابي طالب ثم فارقها بعد شهادة
ص: 98
أبيه وخرج ( علیه السلام ) الى المدينة وكانت هي بالكوفة عند اهلها الى ان جاء الحسين ( علیه السلام ) من المدينة الى كربلاء واستشهد وساقوا نساءه واهل بيته الى الكوفة خرجت وهى حامرة وصاحت من اى الاسارى انتن فقالت ام كلثوم نحن اساری آل محمد الخ . اقول ويحتمل ان كنيتها ام حبيبة والله العالم انتهى .
قال العلامة المجلسي ( ره ) فى ( البحار ) رأيت في بعض الكتب المعتبرة روى مرسلا عن مسلم الجصاص قال دعاني ابن زياد لاصلاح دار الامارة في الكوفة فبينا انا اجصص الابواب واذا انا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة فاقبلت على خادم كان يعمل معنا فقلت مالي ارى الكوفة تضج بأهلها قال الساعة اتوا برأس خارحي خرج على يزيد فقلت من هذا الخارجي فقال الحسين بن علي (علیه السلام) قال فتركت الخادم حتى خرج و لطمت على وجهي حتى . على عينى ان تذهبا وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر واتيت الى الكناس فبينا انا واقف والناص يتوقعون وصول السبايا والرؤوس اذقد اقبلت محو اربعين شقة تحمل على اربعين جملافيها الحرم والنساء و اولاد فاطمه (علیها السلام) واذا بعلي بن الحسين (علیه السلام) على بعير بغير وطاء و اوداجه تشخب دما وهو مع ذلك يبكي ويقول :
يا امة السوء لا سقيا لربعكم*** يا امة لم تراعي جدنا فينا
لو اننا ورسول الله يجمعنا ***يوم القيامة ما كنتم تقولونا
تسيرونا على الاقتاب عارية*** كاننا لم نشيد فيكم دينا
تصفقون علينا كفكم فرحاً ***و انتم في فجاج الارض تسبونا
اليس جدي رسول الله ويلكم ***اهدى البرية من سبل المضلينا
قال وصار اهل الكوفة يناولون الاطفال الذين على المحامل بعض الخبز والتمر والجوز فصاحت بهم ام كلثوم با اهل الكوفة ان الصدقة علينا حرام وصارت تأخذ
ص: 99
ذلك من ايدي الاطفال وأفواههم وتري به الارض قال كل ذلك والناس يبكون على ما اصابهم ثم ان ام اخرجت كلثوم رأسها من المحمل وقالت صه يا اهل الكوفة تقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء فبينما هي تخاطبين اذا بضجة قد ارتفعت واذا هم قد اتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين(علیه السلام) وهو رأس زهري قري اشبه الخلق برسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) ولحيته كسواد السبج قد اتصل بها الخضاب ووجهه دائرة قمر طالع والريح تلعب بها يمينا وشمالا فالتفتت زينب (علیها السلام) فرأت رأس اخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتى راينا الدم يخرج من تحت قناعها وأومأت اليه بحرقة وجعلت تقول :
یا هلالا لما استم کمالا ***غاله خسفه فأبدى غروباً
ما توهمت يا شقيق فؤادي*** كان هذا مقدرا مكتوباً
يا أخي فاطم الصغيرة كلمها ***فقد كاد قلبها ان يذوبا
يا اخي قلبك الشفيق علينا ***ماله قد قسا وصار صليبا
يا اخي لوتري عليا لدى الاسرا ***مع اليتم لا يطيق وجوبا
كلما اوجعوه بالضرب ناداك ***بذل يفيض دمعاً سكوبا
يا اخي ضمه اليك وقربه ***وسكن فؤاده المرعوبا
ما أذل اليتيم حين ينادي ***بأبيه ولا يراه مجيبا
اقول ويعجبني ان اذكر في هذا المقام هذه الابيات والله در قائله
بنفسي رأس الدين ترفع رأسه ***رفيع الموالي السمهرية ميد
تخاطبه مقروحة القلب زينب ***فتشكو له اجوالها وتعيد
اخي كيف ترضى ان انساق حواصر*** و تسلب ابراد و تسلب ابراد لنا وعقود
اخي كيف ترضى ان نساق اذلة ***ويطمع فينا شامت وحسود
ص: 100
اخي ان قلبي بات للوجد عنده ***مواثيق لم تنقض لهن عقود
اذا رمت اخفاه الدموع فالجوى ***مع الدمع مني سائق وشهيد
و ينهل عذب الماء قلي ويعتدي ***لقلبك من حر الاوام وقود
وافرش لي فرشاً وانت بمهمه ***فراشك فيها جندل صعيد
ایصبح ثغري بعد يومك اسما ***وينكت ثغر الفخر منك يزيد
في خطبة زينب (علیه السلام ) وام كلثوم (علیه السلام)
قال في اللهوف قال بشير بن خزيم الاسدي ونظرت الى زينب بنت علي ( علیها السلام ) يومئذ ولم ار خفرة والله انطق منها كأنها تفرغ عن لسان امير المؤمنين علي بن ابي طالب (علیه السلام ) وقد اومأت الى الناس ان اسكتوا فارتدت الانفاس وسكنت الاجراس ثم قالت :
الحمد لله والصلاة على ابي محمد وآله الطيبين الاخيار اما بعد يا اهل الكوفة يا اهل الختل والغدر اتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكانا تتخذون ايمانكم دخلا بينكم ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف والصدر الشنف وملق الاماء وغمز الاعداء وكمرعى على دمنة او كفضة على ملحودة ألا ساء ما قدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب انتم خالدون اتبكون وتنتحبون اي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلا فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها ابداً وانى تر حضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب اهل الجنة وملاذ خيرتكم ومنار حجتكم ومدره سنتكم ألا ساء ما تزرون وبعداً لكم وسحقا فلقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة
ص: 101
ويؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة ويلكم يا اهل الكوفة اتدرون اي كبد لرسول الله فرينم واي دم له سفكتم واي كريمة له ابرزنم واي حرمة له انتهكتم ولقد جشم بها صلعاء عنقاء نقياء خرقاء شوهاء كطلاع الارض وملاء السماء المجبون ان قطرت السماء دما ولعذاب الآخرة اخرى وانتم لا تنصرون فلا يستخفنكم المهل قانه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثأر وان ربكم لبالمرصاد .
قال الراوي فو الله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون وقد وضعوا ايديهم في افواههم ورأيت شيخا واقفا الى جنبي يبكي وقد اخضلت لحيته وهو يقول بأبي انتم وامي كهولكم خير الكهول وشبابكم خير شبان و نساؤكم خير نساء ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى وقال فيه وخطبت ام كلثوم بنت علي (علیه السلام ) فى ذلك اليوم وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت :
يا اهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهتم امواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبا لكم وسحقا ويلكم اتدرون أي دواء دهتكم واي وزر على ظهور كم حملتم وأي دماء سفكتموها وأي كريمة اصبتموها وأي صبية صلبتموها وأي اموال انتهيتموها قتلتم خير رجالات بعد النبي ونزعت الرحمة من قلوبكم الا ان حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت :
قتلتم اخي صبراً فويل لامتكم ***ستجزون ناراً حرها متوقد
سفكتم دماء حرم الله سفكها ***وحرمها القرآن ثم محمد
ألا فابشروا بالنار انكم غداً ***لفي سقر حقا يقيناً تخلدوا
واني لأبكي في حياتي على اخي *** على خير من بعد الني سيولد
بدمع غزير مستهل مكفكف ***على الحد مني ليس يجمد
ص: 102
قال الرادي فضج الناس بالبكاء والنوح و نشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن و لطمن خدود من ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال و نتفوا لحاهم فلم ير باكية وباك اكثر من ذلك اليوم وسيأتي ترجمة الخطبتين بالفارسية في آخر الكتاب ان شاء الله تعالى .
في اللهوف روى زيد بن موسى قال حدثني ابي عن جدي عليهم السلام قال خطبت فاطمة الصغرى بعد ان وردت من كربلاء فقالت :
الحمد لله عدد الرمل والحصا وزنة العرش الى الثرى احمده و اؤمن به واتوكل عليه واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله و ان اولاده ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا تراث اللهم اني اعوذ بك اني افتري عليك الكذب وان اقول عليك خلاف ما انزلت عليه من اخذ العهود لوصيه علي بن ابي طالب (علیه السلام) المسلوب حقه المقتول من غير ذنب كما قتل ولده بالامس في بيت من بيوت الله فيه معشر مسلمة بألسنتهم تمساً لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيما في حياته ولا عند مماته حتى قبضته اليك محمود التقيبة طيب العربكة معروف المناقب مشهور المذاهب لم تأخذه فيك اللهم لومة لائم ولا عذل عادل هديته اللهم الاسلام صغيراً وحمدت مناقبه كبيراً ولم بزل ناصحاً لك وارسولك حتى قبضته اليك زاهداً في الدنيا غير حريص عليها راغباً في الآخرة مجاهداً لك في سبيلك رضيته فاخترته فهديته الى صراط مستقيم اما بعد يا اهل الكوفة يا اهل المسكر والغدر والخيلاء فانا اهل بيت ابتلانا الله بكم و ابتلاكم بنا فجعل بلاه نا حسنا وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحكمته وحجته على الارض في بلاده لعباده اكرمنا الله بكرامته وفضلنا
ص: 103
بنبيه محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) على كثير ممن خلق تفضيلا بينا فكذبتمونا وكفرتمونا ورأيتم قتالنا حلالا واموالنا نها كأننا اولاد ترك وكابل كما قتلتم جدنا بالامس وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت الحقد متقدم قرت لذلك عيونكم وفرحت قلوبكم افتراء على الله ومكراً مكرتم والله خير الماكرين فلا تدعونكم انفسكم الى الجذل بما اصبتم من دمائنا ونالت ايديكم من اموالنا فان ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة في كتاب من قبل ان نبرتها ان ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما انا كم والله لا يحب كل مختال فخور تبا لكم فانتظروا اللعنة والعذاب فكان قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة مما ظلمتمونا ألا لعنة الله على الظالمين ويلكم اتدرون اية يد طاغتنا منكم واية نفس نزعت الى قتالنا ام بأية رجل مشيتم الينا تبغون محاربتنا والله قست قلوبكم و غلظت اكبادكم وطبع على افئدتكم وختم على محمكم وبصركم وسول لكم الشيطان واملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون فتباً لكم يا اهل الكوفة اي تراث الرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم وذحول له لديكم بما عندتم بأخيه علي بن ابي طالب جدي وبنيه وعترته الطيب بن الاخيار فافتخر بذلك مفتخر وقال : نحن قتلنا عليا وبني علي بسيوف هندية ورماح وسبينا نساءهم سي ترك ونطحناهم فأي نطاح بفيك ايها القائل الكثكث والاثلب افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهرهم الله واذهب الله عنهم الرجس فا كظم واقع كما اقعى ابوك فانما لكل امرى. ما اكتسب وما قدمت يداه احسدتمونا ويلا لكم على ما فضلنا الله فما ذنبنا ان جاش دهراً بحورنا وبحرك ساج ما يواري الدعا مصا ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور قال فارتفعت الاصوات بالبكاء والنحيب وقالوا حسبك يا ابنة الطيبين فقد
ص: 104
احرقت قلوبنا وانضجت نحورنا واضرمت اجوافنا فسكتت .
قال الطبرسي في الاحتجاج : ثم نزل علي بن الحسين (علیه السلام) وضرب فسطاطه و أنزل نساءه ودخل الفسطاط، قال حذام بن شريك او حذيم بن بشير الاسدي خرج زين العابدين (علیه السلام ) الى الناس و أوماً اليهم ان اسكتوا فسكتوا وهو قاءم فحمد الله ... الخ .
وقال السيد في اللهوف : ثم ان زين العابدين (علیه السلام) أومأ الى الناس ان اسكتوا فسكتوا فقام قائماً فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم) ثم صلى عليه ثم قال : «أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي ، انا علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب عليهم السلام انا ابن من انتهكت حرمته وسلبت نعمته وانتهب ماله وسبي عياله انا المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات انا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخرا أيها الناس فانشدكم الله هل تعلمون انكم كتبتم الى ابي و خدعتموه واعطيتموه من انفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه فتباً لا نفسكم وسوأة لرأيكم بأية عين تنظرون الى رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) اذ يقول لكم : قتلتم عنرنى و انتهكتم حرمتي فلستم من امني ؟ قال الراوي : فارتفعت الاصوات من كل ناحية ويقول بعضهم لبعض هلكتم وما تعلمون فقال (علیه السلام) رحم الله امرأ قبل نصيحتى وحفظ وصيتى في الله وفي رسوله واهل بيته فان لنا في رسول الله اسوة حسنة فقالوا باجمعهم نحن كانا يا ابن رسول الله سامهون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك فيرنا بامرك يرحمك الله فانا حرب الحربك وسلم لسلمك لنا خذن يزيد لعنه الله ونبرأ من ظلمك وظلمنا فقال ( علیه السلام ) هيهات ايها القدرة المكرة حيل بينكم وبين شهوات انفسكم اتريدون ان تاتوا الي كما اتيتم آباني من قبلى كلا ورب
ص: 105
الراقصات فان الجرح لما يندمل قتل ابي صلوات الله عليه بالامس واهل بيته معه ينسى شكل رسول الله وشكل ابي و بني ابي و وجده بين لهاني ومرارته بين حناجرى و حلقی وغصصه تجرى في فراش صدرى ومسألتى ان تكونوالا لنا ولا علينا ثم قال(علیه السلام)
لا غروان قتل الحسين فشيخه ***قد كان خيرا من حسين واكرما
فلا تفرحوا يا اهل كوفان بالذى ***اصيب حسين كان ذلك اعظما
قتيل بشط النهر روحى فداوه ***جزاء الذي ارداه نار جهنما
ثم قال رضينا منكم را سابر اس فلا يوم لنا ولا يوم علينا وسياتي ترجمة الخطبتين الشريفتين بالفارسية في آخر الكتاب ان شاء الله مع ترجمة سائر الخطاب
ومما استفدته من بعض العلماء الاعلام وكان ايضا يخطر ببالى مدة مديدة حتى غلب على ظني كذلك هو ان الخطب التي خطب بها اهل البيت في الكوفة ليست في ورودهم بالكوفة في المرة الأولى التى كانوا اسراء في ايدى القوم كما زعمه بعض ارباب المقاتل بل كان في رجوعهم من كربلا بعد الاربعين الذي جاؤا من الشام الى كربلا ليجددوا العهد بزيارة الحسين ( علیه السلام ) ثم رجعوا الى الكوفة وهم يريدون المدينة والقرائن الدالة على ذلك كثيرة (منها) قول السيد في اللهوف وخطبت فاطمة الصغرى بعد ان وردت من كربلا ولو كان في المرة الأولى التي وردوا وهم اسارى لكان قوله بعد ان وردت من كربلا زائداً بل اغواً منه اذ ليست حاجة الى ذكر هذه الكلمة فتامل و (منها) قول السيد ايضا في اللهوف وخطبت ام كلثوم من وراء كالتها وهذا قربنة واضحة على أنهم كانوا في غاية العز و الاحترام وهم في الهوادج المستورة وعليهم الحلل والكلال والا في المرتبة الأولى فهم على اقتاب الجمال بغير وطاء وعلى رواية مسلم الجصاص قال اذا قبلت نحوار بعين شقة تحمل على اربعين جملاوهم في غاية الذل والانكسار
ص: 106
بحيت رق عليهم اهل الكوفة وصاروا يناولون الاطفال بعض الخبز والجوز وذكر السيد في اللهوف كيفية حمل السبايا في اللهوف قال وحمل نساءه ( علیه السلام ) على احلاس افتاب الجمال بغير وطاء مكشفات الوجوه بين الاعداء وقول الطبرسي الذي ذكرنا عن كتابه الاحتجاج كاف على ما ادعينا قال في الاحتجاج ثم نزل ( علیه السلام) وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ودخل الفسطاط قال حذام بن شريك الاسدي خرج زين العابدين(علیه السلام) الى الناس واوما اليهم ان اسكتوا فسكتوا وهو قائم فحمد الله واثنى عليه ثم القرائن الواضحة اهل الكوفة بانهم
كلاتهم وخطاباتهم م كانوا في غاية العز والاحترام والاجلال والاكرام وهم في نهاية الراحة والاطمئنان والامن والامان وهم لا يخافون من الاعداء ولا يعنون بالزنادقة الاشقياء مثل قول فاطمة الصغرى في خطبتها بفيك ايها القائل الكثكث والاثلب افتخرت يقتل قوم الى ان قالت فاكظم واقع كما اقعى ابوك الى آخر ما قالت ثم مكالمات اهل الكوفة معهم وجواباتهم اياهم منها قولهم لزين العابدين (علیه السلام ) نحن كانا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون الدمامك غير زاهد بن فيك ولا راغين عنك فمرنا بامرك يرحمك الله فانا حرب الحر بك وسلم السلمك لنا خذن يزيد لعنه الله ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا الخ.
(منها ) قول بعضهم لبعض هلكتم وما تعدون وقول ذلك الشيخ وهو يبكي ويقول بابي انتم وامي كم ولكم خير الكهول الخ
منها قولهم لفاطمة الصغرى حسبك يا ابنة الطيبين فقد احرقت قلوبنا وا نضجت نحورنا واضرمت اجو افنا وقول السيد في اللهوف فضح الناس بالبكاء والنوح ونشرن النساء شعور من ووضمن التراب على روؤسهن وخشن وجوههن واطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال ونتفوا لحاهم فلم ير باكية وباك اكثر من ذلك اليوم وقول زين العابدين (علیه السلام ) رضينا منكم راسا براس فلا يوم لنا ولا يوم علينا
ص: 107
ففى المرة الأولى ما كان فيهم احد لهم فكيف باجمعهم حتى يقول (علیه السلام) هذه الكلمة ولا يتصور هذه المكالمات منهم ومن اهل الكوفة في المرة الأولى مع استيلاء عبيد الله ابن زياد واتباعه في الكوفة ونواحيها وخوف اهل الكوفة ووحشتهم وخشيتهم منه ومن يزيد وهذه كلها قرائن شاملة كاملة وافية كافية دالة على ما ادعيناه والعجب من ارباب المقاتل حيث لم يتعرض احد منهم لهذا المطلب واغمضوا النظر عنه فتبصر بنصر بصرك الله انتهى
و نقدم في ذلك مقدمة اقول ان الزهاد الثمانية هؤلاء الربيع بن خثيم والهرم بن الحيان واويس القرني وعامر بن عبد القيس و ابو مسلم الخولاني ومسروق بن الاجدع والحسن البصري والاسود بن البريد وذكر بعض جرير بن عبد الله البجلي بدلا عن الاسود وكان الاربعة الاولون وهم الربيع بن الحيان واويس القرني وعامر بن عبد القيس من اصحاب امير المؤمنين ( علیه السلام ) ومن الزهاد والعباد والانقياء والاصفياء والاربعة الآخرون كانوا من الفسقة والفجرة ومن المراثين والزنادقة منهم ابو مسلم الخولاني روى عن الفضل بن شاذان انه قال عند ذكره للزهاد الثمانية : واما ابو مسلم فانه كان فاجراً مرائياً وكان صاحب معوية وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي (علیه السلام) فقال لعلي (علیه السلام) ادفع الينا المهاجرين والانصار حتى نقتلهم بعمان فابي علي ( علیه السلام ) ذلك فقال ابو مسلم الان طاب الضراب انما كان وضع فخا ومصيدة انتهى والمقصود من ذكر هؤلاء بيان حال الربيع بن خثيم بتقديم المثلثة المفتوحة على الياء الساكنة أحد الزهاد الثمانية وقبره قريب من مشهد . ولا نا علي بن موسى الرضا
ص: 108
عليه آلاف التحية والثناء وله مشهد كبير بزار و يعرف بخواجة ربيع قال ابن ابي الحديد مكت ربيع بن خثيم عشرين سنة لا يتكلم الى ان قتل الحسين (علیه السلام ) فسمعت منه كلمة واحدة قال لما بلغه خبر قتل الحسين ( علیه السلام) قال او قد فعلوها ثم قال اللهم فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ثم عاد الى السكوت حتى مات وفي المناقب عن تفسير الثعلي قال الربيع بن ختيم لبعض من شهد قتل الحسين (علیه السلام) جشم بها معلقيها يعني الرؤس ثم قال والله لقد قتلتم صفوة لو ادركهم رسول الله صلى الله عليه واله لقبل افواههم واجلهم في حجره ثم قرأ اللهم فاطر السموات والارض الخ قوله لقبل افواههم كانه بلغه الخبر بان عبيد الله بن زياد لعنه الله وضع الرأس بين يديه ونكت بقضيبه موضعاً كان يقبله رسول الله ( علیه السلام ) وهو فمه الشريف وثغره الخ في اللهوف ثم ان ابن زياد جلس في قصر الامارة واذن الناس اذنا عاماً واخل نساء الحسين (علیه السلام) وصبيانه اليه وحى. برأس الحسين (علیه السلام) روحى له الفداء فوضع بين يديه في عاشت قال ابن حجر في الصواعق ولما جي. برأس الحسين ( علیه السلام ) الى دار ابن زیاد سالت حيطانها دما فرق له المحب والعدو حتى قالت مرجانة ام ابن زياد لابنها يا خبيث قتلت ابن بنت رسول الله والله لا ترى الجنة ابدا وقال في حبيب السير : ان اللعين حمل الرأس على يديه وجمل ينظر اليه فارتعدت يداه فوضع الرأس على فخذه فقطرت قطرة من الدم من نحره الشريف على ثوبه فخرقه حتى اذا وصل الى فخذه فجرحه وصار جرحاً منكر افكلما عالجه لم يتعالج حتى ازداد نتنا وعفونة ولم يزل يحمل معه المسك لاخفاء تلك العفونة حتى هلك وفى بعض الكتب ثم ان ابن زياد استخرج المختار من الحبس و كان محبوساً لانه لما قتل مسلما وهانيا و بعث برأسيهما الى يزيد كتب يزيد كتاباً الى ابن زياد يشكره في ذلك وكتب انه قد بلغنى ان حسينا توجه الى العراق فضع المناظر والمسالح واقتل واحبس على الظنة والتهمة
ص: 109
فلها وصل الكتاب الى ابن زياد قتل من قتل وحبس جماعة من الشيعة منهم المختار فبقى في السجن حتى جيء رأس الحسين ( علیه السلام ) ووضع بين يديه فغطاه بمنديل واستخرج المختار من الحبس وجعل يستهزىء عليه فقال المختار ويلك تستهزىء على وقد قرب الله فرجه فقال ابن زياد من ابن ياتيك الفرج يامختار قال بلغنى ان سيدي ومولاي الحسين قد توجه نحو العراق فلابد ان يكون خلاصي على يده قال اللعين خاب ظنك ورجاوك يامختار انا قتلنا الحسين قال ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فض الله فاك ومن يقدر على قتل سيدي ومولاي الحسين قال له يامختار انظر هذا رأس الحسين (علیه السلام) فرفع المنديل واذا بالرأس الشريف بين يديه في طشت من الذهب فلما نظر المختار الى الرأس الشريف جعل يلطم على راسه وينادي واسيداه وامظلوماه في القمقام وغيره من المقاتل فلما نظرت رباب زوجة الحسين (علیه السلام) الى راس الحسين ( علیه السلام ) اخذت الرأس وقبلته و وضعته في حجرها وقالت (واحسيناه ولا نسبت حسينا اقصدته أسنة الاعداء ) (غادروه بكربلاء صريعاً لاسقى الله جانبي كربلاء) وقال المفيدره فوضع الرأس بين يدي ابن زیاد فجعل اللعين نظر اليه ويتبسم وفي بعض المقاتل يستهزىء به ويقول ياحسين لقد كنت حسن المضحك وبيده قضيب يضرب به ثناياه وفي نفس المهموم تارة يضرب به انف الحسين (علیه السلام ) واخرى يضرب به عينيه وتارة يطعن في فمه واخرى يضرب به ثناياه قال حميد بن مسلم ورايته ينكت بقضيب ثنايا الحسين (علیه السلام) او بين ثنيته ساعة وفي الامالي للصدوق ره قال يوم بيوم بدر فكان الى جانبه زید بن ارقم صاحب رسول الله وهو شيخ كبير فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال له ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فوالله الذي لا اله الا هو لقد رايت شفتي رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) عليها ما لا احصه يقبله - ما ثم انتحب باكيا فقال له ابن زياد أبكى الله عينيك اتبكى لفتح الله لنا لولا انك شيخ كبير قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك فنهض زيد بن ارقم
ص: 110
من بين يديه وصار الى منزله وقال محمد بن ابيطالب ثم رفع زيد صوته يبكي وخرج وهو يقول ملك عبد حراً فاتخذهم تلدا انتم يا معشر العرب العبيد بعد اليوم قتاتم ابن فاطمة وامرتم ابن مرجانة حتى يقتل خياركم ويستعبد اشراركم رضيتم بالذل فبعد المن رضى بالذل وفي البحار ان زيد بن ارقم قال لابن زیاد بعد ما قال لقد رايت شفتی رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) يقبلهما قال لا حدثتك حديثا هو اغلظ عليك من هذا اني رأيت رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم ) اقعد حسنا على فخذه اليمنى وحسينا على فخذه اليسرى فوضع يده على يافوخ كل واحد منهما وقال اللهم اني استودعك اياهما وصالح المؤمنين فكيف كان وديعتك لرسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) وقال ابن نما قال انس بن مالك شهدت عبيد الله بن زياد وهو ينكت بقضيب على اسنان الحسين و يقول انه كان حسن الثغر فقلت اما والله لاسوئنك لقد رأيت رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) يقبل موضع من فيه (أتضر بها شلت يمينك انها وجوه لوجه الله طال سجودها الى آخر المصيبة .
واعظم ما يشجي الغيور دخولها ***الى مجلس ما بارح اللهو والحمرا
قال الشيخ المفيد قدس سره وادخل عيال الحسين ( علیه السلام ) على ابن زياد (لع) فدخلت زينب اخت الحسين ( علیه السلام ) في جملتهم متنكرة وعليها ارذل ثيابها وفى نفس المهموم عن الطبري والجزري لبست زينب ابنة فاطمة عليها السلام ارذل ثيابها وتنكرت و حفت بها اماؤها انتهى .
وفي بعض الكتب وتستر وجهها بكها لان قناعها اخذ منها قال المفيد فمضت (علیه السلام) حتى جلست ناحية من القصر وحفت بها اماؤها فقال ابن زياد من هذه التي انجازت ناحية ومعها نساؤها وفي بعض الكتب من هذه المتنكرة فلم تجبه زينب فاعاد ثانية وثالثة يسأل عنها فقال له بعض امائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم)
ص: 111
فاقبل عليها ابن زياد وقال لها الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم واكذب احدوثتكم فقالت زينب (علیه السلام) الحمد لله الذى أكرمنا بنبيه محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وطهرنا من الرجس تطهيرا أنما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر وهو غيرنا وقال في اللهوف قال ابن زياد كيف رايت صنع الله باخيك واهل بيتك فقالت ما رأيت الا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن يكون الفلج يومئذ تكلتك امك يا ابن مرجانة قال الراوي فغضب ابن زياد و كأنه هم بها فقال له عمر و بن حريث انها امرأة والمرأة لا تؤخذ بشيء من منطقها ولا تذم على خطابها فقال لها ابن زياد لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من اهل بيتك فقالت لعمرى لقد قتلت كملي وقطعت فرعی و اجتثثت اصلي فان كان هذا شفاك فقد اشتفيت فقال ابن زياد هذه سجاعة و لعمرى لقد كان ابوها شاعر اسجاعا فقالت يا ابن زياد ما للمرأة والسجاعة.
في الناسخ قالت يا ابن زياد ان لي عن السجاعة لشغلا واني لا عجب ممن يشتفي بقتل وهو يعلم انهم منتقمون منه فى آخرته وقالت ام كلثوم يا ابن زياد ان كان قرت عينيك بقتل الحسين فقد كانت عين رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) تقر برؤيته وكان يقبله ويمص شفتيه ويحمله وأخاه على ظهره فاستعد غدا الجواب ثم التفت ابن زياد الى علي بن الحسين (علیه السلام) فقال من هذا فقيل علي بن الحسين فقال اليس قد قتل الله علي بن الحسين فقال علي ( علیه السلام ) قد كان لي اخ يقال له علي بن الحسين قتله الناس فقال بل الله قتله فقال علي ( علیه السلام) الله بتوفى الا نفس حين موتها و التي لم تمت في منامها فقال ابن زياد الك جراة على جوابي في نفس المهموم و بقية الرد على اذهبوا به فاضربوا عنقه فسمعت به عمته زینب فقالت يا ابن زياد حسبك من دمائنا انك لم تبق منا احدا فان كنت عزمت على قتله فاقتلني معه وفي رواية واعتنقته زينب وقالت والله لا افارقه فان
ص: 112
قتلته فافتاني ممه فنظر ابن زياد اليها واليه ساعة ثم قال عجبا الرحم والله اني لاظنها ودت اني قتلتها معه دعوه فاني اراه لما به فقال علي ( علیه السلام ) لعمده اسكتى ياعمة حتى اكمله ثم اقبل (علیه السلام) فقال ابا لقتل تهددني يا ابن زياد اما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة ؟
وقال ابو مخنف وجعلوا يدخلون السبايا على ابن زياد ( لع ) وهو ينظر اليهم يمينا وشمالا وكانت زينب (علیها السلام ) مع السبايا فجلست ناحي من القصر متنكرة فنظر اليها ابن زياد (لع) وقال من هذه قيل له هذه زينب اخت الحسين ( علیه السلام ) فالتفت اليها وقال لها يازينب بحق جدك كلمينى فقالت له ما تريد منا باعدو الله ورسوله لقد هتكتنا بين البر والفاجر فقال لها كيف رايت صنع الله بك وباخيك اذ أراد ان يأخذ الخلافة من يزيد ( لع ) نخيب امله وقطع رجاه وامكننا الله تعالى منه فقالت له ويلك يا ابن مرجانة ان كان اخى طلب الخلافة فميراثه من ابيه وحده واما انت فاستعد جوا بالفسك اذا كان القاضي الله تعالى والخصم محمد والسجن جهنم فغار زين العابدين ( علیه السلام ) على عمته وقال يا ابن زياد الى كم تهتك عمتى وتعرفها لمن لا يعرفها فغضب ابن زياد من كلامه وقال لبعض حجابه خذ هذا الغلام واضرب عنقه فجذبه الحاجب و تعاقت به زينب (علیها السلام) وصاحت و الكلاه وا اخاه تفجعنا يا ابن زياد مرة اخرى فيفا عنه اللعين لاجله ( علیه السلام ) فقال ( علیه السلام ) ان كان بينك وبين هؤلاء النساء رحم فارسل معهن من يؤديهن فقال تؤديهن انت وكانه استحي قال السبط ابن الجوزي كان عندا بن زياد قيس بن عباد فقال له ابن زياد ما تقول في وفي الحسين فقال ياتي يوم القيمة جده وابوه وامه فيشفعون فيه وياتى جدك وابوك وامك فيشفعون فيك فاعرف من ههنا ما تريد و قال ابن خلكان في وفيات الاعيان ان عبيد الله سئل من الحارثة بن البدر العدواني هذا السؤل فاجابه بهذا الجواب فغضب ابن زياد و اقامه من المجلس وقال المدائني كان
ص: 113
ممن حضر الواقعة رجل من بكر بن وائل يقال له جابر او جبير فلما رای ما صنع ابن زياد في مجلسه قال في نفسه الله على ان لا اصيب عشرة من المسلمين خرجوا على ابن زياد الا خرجت معهم فلما غلب المحتار وطلب بدم الحسين (علیه السلام) واخذ بثاره والتقي المسكران برز الرجل وهو يقول اوكل عيش قداراه فاسداً الا مقام الرمح في ظل الفرس) تم حمل على صفوف ابن زياد فصاح يا ملعون يا ابن الملعون ويا خليفة الملعون فتفرق الناس عن ابن زياد فالتقيا بطعنتين فوقعا قتيلين اقول ضاعف الله عليه العذاب القد صنع صنيعاً لا تقوم بحملها السموات والارض وجزى الله المختار خيرا حيث انتقم من ابن زياد ذلك فقد روي الشيخ ابو جعفر الطوسي والشيخ جعفر بن نما انه لما اتى المختار برأس ابن زياد كان يتغذى فحمد الله تعالى على الظفر وقال وضع رأس الحسين بن علي (علیه السلام) بين يدي ابن زياد ( لع ) وهو يتغذى وأتيت برأس ابن زياد و انا اتغذى فلما فرغ من الغذاء قام فوطى وجه ابن زياد بنعله ثم رمى بها الى علامه وقال اغسلها فاني وضعتها على وجه نجس كافر .
في شرح الشافية عن ابي مخنف قال حدثني من حضر اليوم الذي ورد فيه رأس الحسين (علیه السلام) على ابن زياد ( لع ) قال رأيت قد خرجت من القصر نار فقام عبيد الله بن زياد هارباً من سريره الى ان دخل بعض البيوت وتكلم الرأس الشريف بصوت فصيح جهوري يسمعه ابن زیاد و من كان معه الى این تهرب من النار يا ملعون امن عجزت عنك في الدنيا فانها في الآخرة مثواك ومصيرك قال فوقع اهل القصر سجداً لما رأوا من رأس الحسين (علیه السلام) فلما ارتفعت النار سكت رأس الحسين (علیه السلام) انتهى. وروى الصدوق (رحمة الله) ثم امر ابن زياد بعلي بن الحسين (علیه السلام) فعل وحمل مع
ص: 114
النسوة والسبايا الى السجن قال حاجب عبيد الله كنت معهم فما مررنا بزقاق إلا وجدناه مملوه أملان رجالا ونساءاً يضربون وجوههم ويبكون فحبسوا في سجن وضيق عليهم وفي نسخة وطبق عليهم وقال السيد في اللهوف ثم أمر ابن زياد بعلي بن الحسين (علیه السلام) وأهله فحملوا الى دار الى جنب المسجد الاعظم فقالت زينب بنت علي (علیه السلام) لا تدخل علينا عربية إلا ام ولد أو مملوكة فانهن سبين كما سبينا ثم امر برأس الحسين (علیه السلام) فطيف به في سكك الكوفة كلها وقبائلها قال زيد بن ارقم انه مر علي به وهو على رمح وأنا في غرفة لي فلما حاذاني محمته يقرأ ام حسبت أن اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً فقف والله شعري وناديت رأسك والله يا ابن رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) وأمرك اعجب وأعجب فلما فزع القوم من التطواف به في الكوفة ردوه الى باب القصر (في العوالم ) عن ابن شهر اشوب وأمر ابن زياد لعنه الله ان ينصب على خشبة فصلب على خشبة بالصيارفة وهو اول رأس صلب في الاسلام على خشبة فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف الى قوله انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى فلم يزدهم إلا ضلالا الزمان عن سلمة بن كهيل قال رأيت رأس الحسين (علیه السلام) على قناة وهو يقرأ فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ويحق لي ان اكتب هذا الرثاء لبعض الادباء يرثي بها قتيلا
هو فلذة كبد سيد الانبياء (صلّی الله علیه وآله وسلم) :
رأس ابن بنت محمد ووصيه ***للناظرين على قناة يرفع
والمسلمون بمسمع وبمنظر***لا منكر منهم ولا متفجع
كحلت بمنظرك العيون عماية*** وأصم رزؤك كل اذن تسمع
ايقظت اجفانا وكنت لماكرى ***وأنمت عينا لم تكن بك تهجع
ما روضة إلا تمنت انها*** لك حفرة والخط قبرك مضجع
ثم صلبوه خارج الكوفة على الشجرة فسمع منه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ص: 115
ينقلبون وفى تظلم الزهراء عن الحارث بن وكيدة قال كنت فيمن حمل رأس الحسين(علیه السلام) فسمعته يقرأ سورة الكهف فجعلت اشك في نفسي وأنا اسمع نعمة ابي عبد الله (علیه السلام) يا اين وكيدة اما علمت انا معاشر الأمة احياء عند ربنا نرزق قال فقلت في نفسي اسرق رأسه (علیه السلام) فنادى يا ابن وكيدة ليس لك الى ذلك سبيل سفكهم دمي اعظم عند الله تعالى من تسييرهم اياي فذرهم فسوف يعلمون إذ الاغلال في اعناقهم والسلاسل يسحبون قال الصدوق (رحمة الله) و بعث ابن زياد البشائر الى النواحي بقتل الحسين (علیه السلام) وأمر بالسبايا ورأس الحسين (علیه السلام) فحملوا الى الشام وتقدم اللعين عبيد الله الى عبد الملك ابن ابي الحرث السلمي فقال انطلق حتى تأتى عمرو بن سعيد بن العاص امير المدينة فبشره بقتل الحسين (علیه السلام) فذكرنا الخبر بتمامه فيما مضى فلما بلغ الخبر الى الهاشميات خرجن صارخات باكيات نادبات صائحات نائحات و اجتم من حول قبر رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) ومن يقلن الا يا رسول الله لقد قتل ابنك الحسين قال ابن نا قال الراوي بينما أنا عند أم سلمة اذ دخلت صارخة تصرخ وقالت قتل الحسين (علیه السلام) قالت ام سلمة فعلوها ملأ الله قبورهم ناراً ووقعت مغشياً عليها في البحار قال ومما انفرد به النطنزي في كتاب الخصائص عن ابي ربيعة عن ابي قبيل قيل سمع بالمدينة في الهواء قائل يقول :
يا من يقول بفضل آل محمد***بلغ رسالتنا بغير تواني
قتلت شرار بني امية سيداً ***خير البرية ماجداً ذا شان
ابن المفضل في السماء وأرضها ***سبط النبي وهادم الأوثان
بكت المشارق والمغارب بعدما*** بكت الأنام له بكل لسان
ألا لعنة الله على القوم الظالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
ص: 116
قال السيد في اللهوف قال الراوي ثم ان ابن زياد (لع) صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال في بعض كلامه الحمد لله الذي اظهر الحق وأهله ونصر امير المؤمنين وأشياعه وقتل الكذاب ابن الكذاب فما زاد على هذا الكلام شيئاً حتى قام اليه عبدالله ابن عفيف الازدي وكان من خيار الشيعة وزهادها وكانت عينه اليسرى ذهبت في يوم الجمل والاخرى في يوم صفين وكان بلازم المسجد الاعظم يصلي فيه الى الليل فقال يا ابن زیاد ان الكذاب ابن الكذاب انت وأبوك ومن استعملك وأبوه یا عدو الله اتقتلون ابناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المؤمنين قال الراوي فغضب ابن زیاد وقال من هذا المتكلم فقال انا المتكلم يا عدو الله اتقتل الذرية الطاهرة التي قد اذهب الله عنها الرجس وتزعم انك على دين الاسلام واغوثاه این اولاد المهاجرين والانصار لا ينتقمون من طاغيتك الامين ابن اللعين على لسان رسول رب العالمين قال الراوي فازداد غضب ابن زياد حتى انتفخت اوداجه وقال علي به فتبادرت اليه الجلاوزة من كل ناحية ليأخذوه فقامت الاشراف من الازد من بني عمه فخلصوه من ايدي الجلاوزة وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به الى منزله فقال ابن زياد اذهبوا الى هذا الأعمى اعمى الازد اعمى الله قلبه كما اعمى عينه فاتوني به قال فانطلقوا اليه فلما بلغ ذلك الازد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمين ليمنعوا صاحبهم قال بلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم الي محمد بن الاشعث وامرهم بقتال القوم قال الراوي فاقتتلوا قتالا شديداً حتى قتل بينهم جماعة من العرب قال ووصل اصحاب ابن زياد الى دار عبد الله بن عفيف فكسروا الباب واقتحموا عليه فصاحت ابنته اتاك القوم من حيث تحذر فقال لا عليك ناوليني سيني قال فناولته إياه
ص: 117
فجعل يذب عن نفسه ويقول :
انا ابن ذي الفضل عفيف الطاهر ***عفيف شيخي وابن ام عامر
كم دارع من جمعكم وخامسر ***و بطل جدلته مغادر
قال وجعلت ابنته تقول يا ابة ليتني كنت رجلا اخاصم بين يديك اليوم مؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة قال وجعل القوم يدورون عليه من كل جهة وهو يذب عن نفسه فلم يقدر عليه احد وكلما جاؤه من جهة قالت يا ابة جاؤك من جهة كذا حتى تكاثروا عليه وأحاطوا به فقالت ابنته واذلاه يحاط بابي وليس له ناصر يستعين به فجعل يدير سيفه ويقول :
اقسم لو يفسح لي عن بصري*** ضاق عليكم موردي ومصدري
قال الراوي فما زالوا به حتى اخذوه ثم حمل فادخل على ابن زياد فلما رآه قال الحمد الله الذي اخزاك فقال له عبد الله بن عفيف يا عدو الله وبماذا اخزاني الله
والله لو فرج لي عن بصري***ضاق عليك موردي ومصدري
فقال ابن زیاد یا عدو الله ما تقول في عثمان بن عفان فقال يا عبد بني علاج يا ابن مرجانة وشتمه ما انت وعثمان بن عفان اساء واحسن او اصلح ام افسد والله تبارك وتعالى ولي خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحق ولكن سلني عن ابيك وعنك وعن يزيد وابيه فقال ابن زياد والله لا سألتك عن شيء او تذوق الموت غصة بعد غصة فقال عبد الله بن عفيف الحمد لله رب العالمين اما اني قد كنت اسأل الله ربي ان يرزقني الشهادة من قبل ان تلدك امك وسألت الله ان يجعل ذلك على يدي المن خلفه وأبغضهم اليه فلما كف بصري يئست من الشهادة والآن فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها وعرفني الاجابة منه في قديم دعائى فقال ابن زیاد اضربوا عنقه فضرب عنقه وصلب في السنجة وقال ابن اثير في الكامل وصلب في المسجد اقول ايا معشر
ص: 118
المحبين لما سمعتم بهجوم اعسكر بن زياد على دار عبد الله بن عفيف بالكوفة وما فعل به اخذتكم الرقة عليه من حيث انه كان من الشيعة ومن محبي امير المؤمنين وأولاده الغر الميامين فكيف حالكم إذا سمعتم بهجوم القوم على دار امير المؤمنين (علیه السلام) ودخولهم عليه بغير اذنه وبلطم ذاك الرجل على وجه فاطمه البتول وهي بضعة الرسول وباسقاطهم ولدها المحسن ولعمري لولا السقيفة وحرق باب بيت فاطمة الشريفة لما تجرأ بنو امية على إحراق خباء الحسين بطف كربلا ولولا دخولهم في بيت علي (علیه السلام) بلا اذن منه لما قدر الادعياء ان ينهبوا رحل الى عبد الله ولولا لطمة فاطمة بنت رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) لما قدر بنو امية ان يسلبوا بناتها وان يأخذوهن فى ذل الأسر والسبي وحملين على الاقتاب بلا نقاب ولا حجاب كما قال الحجة (عج) وسبى اهلك كالعبيد وصف دوا بالحديد فوق افتاب المطبات .
قال المرحوم السيد حيدر (رحمة الله) :
و من مبلغ الزهراء ان بناتها ***عليها الرزايا والمصائب عكف
تطوف بها الاعداء في كل بلدة ***فمن بلد اضحت لآخر تقذف
في اللهوف وكتب عبيد الله بن زياد الى يزيد بن معاوية (لع) يخبره بقتل الحسين (علیه السلام) وخبر اهل بيته وأما يزيد بن معاوية فانه لما وصله كتاب عبيد الله ابن زياد ووقف عليه اعاد الجواب اليه يأمر فيه بحمل رأس الحسين (علیه السلام) ورؤوس من قتل معه وبحمل اثقاله و نساءه وعياله فاستدعى ابن زياد بمحفر بن ثعلبة العائذي فسلم اليه الرؤس والاسري والنساء فصار بهم محفر الى الشام كما يسار بسبايا الكفار يتصفح وجوههن اهل الاقطار انتهى .
ص: 119
ثم اعلم أنه قد وقع الاختلاف بين ارباب المقاتل في كيفية حمل السبايا والرؤوس من الكوفة الى الشام فقد ذكرنا ما قاله السيد في اللهوف وقال في العقد الفريد وحمل اهل الشام بنات رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) سبايا على احقاب الابل فلا ادخلن على يزيد قالت ابنة الحسين (علیه السلام) با یزید ابنات رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) سبايا قال بل حرائر كرام ادخلي على بنات عمك تجديهن قد فعلن ما فعلت قالت فاطمة فدخلت فما وجدت فيهن سفيانية إلا متقدمة تبكي انتهى .
وقال المفيد ( قده ) في الارشاد دفع ابن زياد (لع) رأس الحسين مع رؤوس اصحابه الى زحر بن قيس وسرحه الى يزيد بن معاوية في جماعة من اهل الكوفة زحر بن قيس بالحاء المهملة وما يجري علي الالسن كما انه يكتب بالمعجمة غلط وروى ابن عساكر في تاريخه ان زحر بن قيس الجعني الكوفي ادرك عليا وشهد معه صفين وكان فارساً شجاعاً شريفاً وكان من اولاد الاشراف وكان خطيباً بليغاً وكان اميراً على اربعمائة فارس من اهل العراق يوم صفين مع علي بن ابي طالب وساق الحديث الى ان قال ولما قتل الحسين بن علي (علیه السلام) نصب عبيد الله بن زياد رأسه في الكوفة وجعل يدار به ثم ارسله مع رؤض اصحابه مع زحر بن قيس الى يزيد بن معاوية اقول واخبر الحسين عن ذلك روى محمد بن جرير الطبري عن ابراهيم بن سعيد وكان هو مع زهير بن القين حين صحب الحسين (علیه السلام) ولما نزل بكر بلا قال (علیه السلام) له يازهير اعلم ان هاهنا مشهدي ويحمل هذا من جسدي يعني رأسه الشريف زحر بن قيس فيدخل على يزيد ويرجو نائله فلا يوطيه شيئاً وظهر ما اخبر به روى عن عبد الله ابن ربيعة الحميري قال انى لعند يزيد بن معاوية بدمشق إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخصل عليه ومعه رأس الحسين (علیه السلام) فقال له يزيد ويلك ما وراءك وما عندك فقال ابشر بفتح الله ونصره الى آخر ما قال وسيأتى تمام الخبر في المجالس الآتية في وقائع
ص: 120
مجلس يزيد (لع) انتهی
رجعنا الى رواية المفيد (ره) قال و بعد انفاذه برأس الحسين (علیه السلام) امر بنسائه وصبيانه فجهزوا وامر بعلي بن الحسين (علیه السلام) فعل بغل في عنقه وسرح بهم في اثر الرأس مع محفر بن ثعلبة العائذى وشمر بن ذي الجوشن (لع) وضم اليهم الف فارس فانطلقوا بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الراس ولم يكن علي بن الحسين (علیه السلام) يكلم احد أمن القوم في الطريق كاء حتى بلغوا دمشق فلما انتهوا الى باب يزيد رفع محفر بن ثعلبة صوته فقال هذا محفراتى امير المؤمنين باللثام الفجرة فاجابه علي بن الحسين (علیه السلام) فقال ما ولدت ام (أمحفر لام وافجرخ ل) اشر والام وفي التبر المذاب انفذا بن زياد (لع) رأس الحسين ( علیه السلام ) الى يزيد بن معوية ( لع ) مع الأسارى موثقين في الجبال مع نسائه وصبيانه من بنات رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) على افتاب الجمال مكشفات الوجوه والرؤوس وامر ابن زياد ان يشهروهم في كل بلدة يدخلونها وكانوا كلما نزلوا منزلا اخرجوا الراس من صندوق اعدوه له فوضعوه على رمح وحرسوه الى حين الرحيل ثم يعيدونه الى الصندوق ويرحلون وفي مصائب الهداة قال قال زين العابدين (علیه السلام) حملوني على بعير يضلع بغير وطاء وراس الحسين (علیه السلام) على علم و نسوتنا على خليفي على بغال واكفة والفارطة خلفنا وحولنا بالرماح ان دمعت منا عين قرع رأسه بالرمح انتهى قال ابو مخنف فلما نزلوا القادسية انشات ام كلثوم ( علیه السلام ) .
مانت رجالى وافتى الدهر ساداتي*** وزادني حسرات بعد لوعات
صالوا اللثام علينا بعد ما عملوا *** انا بنات رسول بالهدى آتي
يسيرونا على الاقتاب عارية*** كانا بينهم بعض الغنيمات
يعزز عليك رسول الله ما صنعوا *** باهل بيتك باخير البريات
كفرتم برسول الله ويلكم *** اهدا كم من سلوك في الضلالات
ص: 121
قال في نفس المهموم فساروا على الفرات واخذوا على اول منزل فنزلوا و كان المنزل خرابا فوضعوا الرأس بين ايديهم والسبايا معه وجعلوا يشربون ويتحججون بالرأس فيما بينهم فخرجت عليهم كف من الحائط معها قلم من جديد فكتبت اسطر بالدم وهي هذه .
اترجو امة قتلت حسينا***شفاعة جده يوم الحساب
فلا والله ليس لهم شفیع ***وهم يوم القيمة في العذاب
ففزعوا وارتاعوا ورحلوا من ذلك المنزل فساروا الى ان وصلوا الى دير في الطريق فنزلوا ليقبلوا به فوجدوا ايضا مكتوبا على بعض جدرانه .
اترجو امة قتلت حسينا ***شفاعة جده يوم الحساب
فسئلوا الراهب عن المكتوب ومن كتبه فقال انه مكتوب ههنا من قبل ان يبعث نبيكم بخمسمائة عام ففزعوا من ذلك ورحلوا من ذلك المنزل وتركوا الطريق خوفا من قبائل العرب ان يخرجوا عليهم وياخذوا الرأس منهم وكلما وصلوا الى قبيلة طلبوا منهم العلوفة وقالوا معنا راس خارجي فلما وصلوا الى تكريت كتبوا الى صاحبها بان تاقنا فان معنا راضى الحسين (علیه السلام) فلما قرأ الكتاب امر البوقات فضربت والاعلام فنشرت والمدينة فزينت ودعا الناس من كل جانب ومكان من جميع القبائل فخرج فتلقاهم وكان كل من سالهم يقولون هذا راس خارجي ارض يقال لها كربلا فقتله عبيد الله بن زياد وانفذ به الى الشام فقال رجل نصراني يا قوم اني كنت بالكوفة قدورد هذا الراس وليس هو راس خارجي خرج علینابارض یقال لها کربلا فقتله عبیدالله بن زیاد وانفذ به الی الشام فقال رجل نصرانی یاقوم انی کنت بالکوفه قدورد هذا الراس ولیس هو راس خارجی بل هو راس الحسين بن علي بن ابيطالب وامه فاطمة الزهراء وجده محمد المصطفى صلوات الله عليم اجمعين فلما سمعت النصارى ذلك عمدوا الى النواقيس فاخذوها وجمعوا الرهبان واغلقوا البيع اعظاما له وقالوا الهنا وسيدنا انا بر ثنا من قوم قتلوا ابن بنت نبيهم فبلغهم
ص: 122
ذلك فلم يدخلوها ورحلوا عنها واخذوا على البرية .
الكمونة ره يقول:
اليك امير المؤمنين شكاية ***تخص شجى من بثها سعة الغيرا
فقل لسرايا شيبة الحمد مالكم *** قعد تم وقد سار و ابنسوتكم اسری
قال الراوي ثم رحلوا من تكريت واخذوا على طريق البر وساروا حتى نزلوا في وادى النخلة فلما كان الليل مجمعوا بكاء نساء الجن علي الحسين (علیه السلام ) .
ويقلن نساء الجن يكين شجيات ***وأسعدن بنوح للنساء الهاشميات
و نيد بن حسينا عظمت تلك الرزيات***ويلطمن خدودا كالدنانير نقيات
و يلبسن ثياب السودابها للمصيبات ***ويبكين ويندين مصاب الاحمديات
ثم رحلوا من وادى النخلة وساروا حتى وصلوا الى لينا و كانت عامرة بالناس خرجت المخدرات والكهول والشباب ينظرون الى راس الحسين ويصلون عليه وعلى جده وابيه و يلعنون من قتله ويقولون باقتلة اولاد الانبياء اخرجوا من بلدنا فاجتازوا قال في اللهوف رؤى عبد الله بن لهيعة على وزن سفينة كان قاضي مصر محدثاً وموثوقا به قال كنت اطوف بالبيت فإذا برجل يقول اللهم اغفر لي وما اراك فاعلا فقلت له. با عبدالله اتق الله ولا تقل مثل ذلك فان ذنوبك لو كانت مثل قطرا لا مطار وورق الاشجار واستغفرت الله غفرها لك فانه غفور رحيم قال فقال لى تعال حتى اخيرك بقصتى فاتيته فقال اعلم انا كنا خمسين نفرا ممن سار مع راس الحسين ( علیه السلام ) الى الشام فكنا اذا امسينا وضعنا الراس في تابوت وشربنا الخور حول التابوت فشرب اصحابی ليلة حتى سكروا ولم اشرب معهم فلما جن الليل مهمت وعداو رایت برقا فاذا ابواب
ص: 123
السماء قد فتحت و نزل آدم (علیه السلام) و نوح و ابراهيم واسمعيل واسحق و نبينا محمد (صلّی الله علیه وآله وسلم) ومعهم جبرئيل وخلق من الملائكة فدنا جبرئيل من التابوت واخرج الراس وضمه الى نفسه وقبله وبكى ثم كذلك فعل الانبياء كلهم وبكى النبي (صلّی الله علیه وآله وسلم) على راس الحسين (علیه السلام) وعزاه الانبياء و في البحار قال سمعت دويا من السماء فاذا مناد بنادی با آدم اهبط فهبط ومعه كثير من الملائكة ثم سمعت مناديا ينادی یا ابراهیم اهبط فهبط ومعه كثير من الملائكة ثم سمعت مناد يا بنادي ياموسى اهبط فهبط ومعه كثير من الملائكة : سمعت مناد با ينادي يا عيسى اهبط فهبط ومعه كثير من الملائكة ثم سمعت دويا عظيما ومناديا ينادي يا محمدا هبط فهبط ومعه خلق كثير من الملائكة فاحدق الملائكة بالتابوت وفى رواية ان محمداً ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) قعد تحت الراس وهو على الرمح فانحني الرمح ووقع الراس في حجر رسول الله فاخذه وجاء به الى آدم (علیه السلام) فقال يا ابي آدم اما ترى ما فعلت امتي بولدي من بعدي قال فاقشعر لذلك جلدي الخ انتهى وقال له جبرئيل يا محمدان الله تبارك وتعالى امرنى ان اطيعك في امتك فان امرتنى زلزات بهم الارض وجعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط فقال النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) لا يا جبرئيل فان لهم معى موقفا بين يدى الله يوم القيمة تم الي قوم من الملائكة وقالوا ان الله تبارك وتعالى أمر بقتل الخمسين فقال لهم النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) شأنكم بهم فجعلوا يضر بومهم بحربات ثم قصدنى واحد منهم بحربة يضر بني فقلت الامان الامان يارسول الله فقال اذهب فلا غفر الله لك فلما اصبحت اتيت الى اصحابي فرايتهم جاءمين وفي البحار قال قال صاحب المناقب حكى الرجل قال سمعت صوت برق لم اسمع مثله فقيل قد اقبل محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فسمعت صوت صهيل الخيل وقعقعة السلاح مع جبرئيل واسرافيل والكروبيين والروحانيين و المقربين فشكا النبي الى الملائكة والنبيين وقال قتلوا ولدي وقرة عيني وكلهم قبل الرأس وضمه الى صدره ونذكر في مجلس آخر قصة تقرب مما ذكرنا .
ص: 124
لهفي لرأسك وهو يرفع مشرقا ***کالبدر فوق الذابل المياد
يتلو الكتاب وما سمعت بواعظ ***تخذ القنا بدلا عن الاعواد
في البحار عن سليمان بن مهران الاعمش قال بينما انا في الطواف بالموسم اذا رأيت رجلا يدعو وهو يقول اللهم اغفر لي وانا اعلم انك لا تغفر لي قال فارتعدت من ذلك ودنوت منه وقلت ياهذا انت في حرم الله وحرم رسوله وهذه ايام حرم في شهر عظیم فلم تياس من مغفرة الله قال ياهذا ذني عظيم قلت اعظم من جبل تهامة قال نعم قلت يوازن الجبال الرواسى قال نعم فان شئت اخبرتك قلت اخبرني قال اخرج بنا عن الحرم فخرجنا منه فقال لي انا أحد من كان في العسكر الميشوم عسكر عمر بن سعد حين قتل الحسين ( علیه السلام ) وكنت احد الاربعين الذين حملوا الرأس الى يزيد ( لع ) من الكوفة فلما حملناه على طريق الشام نزلنا على دير النصارى وكان الرأس معنا مركوزا على ريح ومعه الاحراس فوضعنا الطعام وجلسنا لنا كل فاذا بكف في حائط الدير تكتب .
اترجو امة قتلت حسينا ***شفاعة جده يوم الحساب
قال فجزعنا من ذلك جزعا شديدا واهوى بعضنا إلى الكف ليأخذها فغابت عاد اصحابي الى الطعام فاذا الكف عادت تكتب.
فلا والله ليس لهم شفيع ***وهم يوم القيمة في العذاب
فقام اصحابنا اليها فعابت ثم عادوا الى الطعام فعادت تكتب .
وقد قتلوا الحسين بحكم جور ***وخالف حكمهم حكم الكتاب
فامتنعت و ماهنا في اكله ثم اشرف علينا راهب من الدير فراى نورا ساطعاً
ص: 125
من فوق الرأس فاشرف فراى عسكرا فقال الراهب للحراس من اين جئتم قالوا من العراق حار بنا الحسين وفى رواية رفعوا الرأس على قناة طويلة الى جانب الصومعة عسعس الليل سمع الراهب للرأس دو يا كدوي الرعد وتسبيحاً وتقديما. فنظر الى الرأس واذا هو يسطع نورا قد لحق النور بعنان السماء ونظر الى باب قد فتح من السماء والملائكة ينزلون كتائب كتائب ويقولون السلام عليك يلمابا عبدالله السلام عليك يا ابن رسول الله فجزع الراهب جزعا شديد او قال للعسكر وما الذي معكم فقالوا رأس خارجی خرج بارض العراق قتله عبد الله بن زياد فقال ما اسمه قالوا الحسين بن ما علي فقال الراهب ابن فاطمة بنت نبيكم وابن ابن عم نبيكم قالوا نعم قال تبالكم والله لو كان لعيسى بن مريم ابن الحملناه على احداقنا وانتم قتلتم ابن بنت نبيكم ثم قال صدقت الاحبار في قولها انه اذا قتل هذا الرجل عطر السماء دما عبيطا ولا يكون هذا الا في قتل نبي او وصى نبي ثم قال لي اليكم حاجة قالوا وماهى قال قولوا لريتسكم عندي عشرة آلاف درهم ورثتها من آبائى ياخذها مني و يعطيني الرأس يكون عندي الى وقت الرحيل فاذار حل رددته اليه فاخبروا عمر بن سعد بذلك فقال خذوا منه الدنانير و اعطوه الى وقت الرحيل فجاؤا الي الراهب فقالوا هات المال حتى نعطيك الرأس فادلي اليهم جرابين في كل جراب خمسة الاف درهم فدعا عمر بالناقد والوزان فانتقدها ووزنها ودفعها إلى خازن له و أمران يعطى الرأس فاخذ الراهب الرأس فغسله ونظفه وحشاه بمسك و كافور كان عنده ثم جعله في حريرة ووضعه في حجره. ولم يزل ينوح ويبكي و فى بعض المقاتل قال ايها الرأس المبارك كلمنى بحق الله عليك فتكلم الرأس وقال ما تريد مني قال من انت فقال انا ابن محمد المصطفى انا ابن علي المرتضى انا ابن فاطمة الزهراء انا المقتول بكر بلا انا الغريب العطشان بين الملا فيكي الراهب بكاء شديداً و قال سيدي يعزو الله على ان لا اكون اول قتيل بين يديك انتهى .
ص: 126
فلم يزل يبكي حتى نادوه وطلبوا منه الرأس فقال يا رأس والله لا املك الا نفسي فاذا كان غدافا شهدلي عند جدك محمد اني اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله اسلمت على يديك وانا مولاك وقال لهم اني احتاج ان اكلم ريئسكم بكلمة واعطيه الرأس فدعا عمر بن سعد فقال سالتك بالله وبحق محمد ان لا تعود الى ما كنت تفعله بهذا الرأس ولا تخرج هذا الرأس من هذا الصندوق فقال له افعل فاعطاء الرأس و نزل من الدير يلحق ببعض الجبال يعبد الله ومضى عمر بن سعد ففعل بالرأس مثل ما كان يفعل في الاول فلما دنا من دمشق قال لاصحابه انزلوا وطلب من خازنه بالجرابين فاحضرها بين يديه فنظر إلى خاتمه ثم امر ان يفتح فاذا الدنانير قد تحولت خزفة فنظروا في سكتها فاذا على جانبها مكتوب ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون وعلى الجانب الآخر مكتوب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلون فقال انا لله وانا اليه راجعون خسرت الدنيا والاخرة تم قال الغلمانه اطرحوها في النهر فطرحت ورحل الى دمشق من الغد الخ وقال في البحار ايضا وروى انه لما حمل رأسه الى الشام جن عليهم الليل فنزلوا عند رجل من اليهود فلما شربوا وسكروا قالوا عندنا رأس الحسين فقال اروه لي فاروه وهو في الصندوق يسطع منه النور نحو السماء فتعجب منه اليهودي . فاستودعه منهم وقال للرأس اشفع لي عند جدك فانطق الله الرأس فقال انما شفاعتي المحمديين واست بمحمدي نجمع اليهودى اقرباءهثم اخذ الرأس ووضعه في طست وصب عليه ماء الورد وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر ثم قال لا ولاده واقربائه هذار أس ابن بنت محمد ثم قال بالهفاه حيث لم اجد جدك محمدا فاسلم على يديه ثم بالهفاه حيث لم اجدك حيا فاسلم على يديك و اقاتل بين يديك فلو اسلت الان اتشفع لي يوم القيمة فانطق الله الرأس فقال بلسان فصيح ان اسلامت فانا لك شفيع فاله ثلاث مرات وسكت فاسلم الرجل واقرباءه الخ .
ص: 127
قال في الدمعة الساكنة وسارو امجدين الى ان وصلوا الى بلد يقال له عسقلان وامير ذلك البلد يعقوب العسقلاني وكان في حرب الحسين (علیه السلام) فلما وصل العسكر مع الرأس والنساء اليه امر ان يزينوا ذلك البلد وامر اصحاب اللهو والزهو ان يفرحوا ويلعبوا ويضربوا الطنبوروا لعود وجلسوا في القصور باللهو وشرب الخمور فلما دخلوا وادخلوا الراس والنساء كان رجل تاجر اسمه زرير الخزاعي وكان واقفا فلما راى الناس على ذلك مثل من بعضهم ان هذا الفرح والسرور ما سببه وما سبب تزيين الاسواق فقالوا كانك غريب قال نعم قالوا كان في العراق رجل مع جماعة وهم يخالفون يزيد و ما بايعوه فبعث اليهم عسكرا فقتلوهم وهذه رؤوسهم ونساوهم فسئل زريريا هذا اهؤلاء كانوا مسلمين ام كفرة فقيل له انهم كانوا سادات اهل الاسلام فقال ما كان سبب خروجهم على يزيد قيل له ان كبير هم كان يقول انا ابن رسول الله وانا بالخلافة احق سئل من كبيرهم ومن كان ابوه ومن كان امه قبل اما اسمه الحسين واخوه الحسن وامه فاطمة الزهراء بنت رسول الله وابوه امير المؤمنين فلما سمع زرير ذلك اسودت الدنيا في عينيه وضاقت الارض عليه فجاء قريبا من السبايا فنظر الى علي بن الحسين و بكي بكاء شديد او ان انه عظيمة فقال زين العابدين (علیه السلام) مالى اراك تبكي ياهذا وجميع اهل البلد فى فرح وسرور فقال يامولاي انا رجل غريب قد وقعت في هذا البلد وسئلت اهل البلد عن فرحهم وسرورهم فقالوا باغ تباغي على يزيد فقتله وبعث براسه و نسائه الى الشام فسئلت عن اسمه قالوا هو الحسين علي بن ابيطالب(علیه السلام) وجده محمد المصطفى فقلت تبالكم فمن كان احق منه بالخلافة فقال ( علیه السلام ) جزاك الله يا زرير خيرا فقد ارى فيك المعرفة ولنا المحبة قال فقات يا سيدى هل لك حاجة لأنى
ص: 128
لك بشرط الخدمة قال ( علیه السلام) قل المذي هو حامل رأس الحسين (علیه السلام) ان يتقدم على النساء لتشتغل النظارة بالرأس عن النظر الى النساء قال فمضيت من وقتي واعطيت حامل الرأس خمسين مثقالا من الذهب والفضة حتى اعتزل وتقدم به فاستراحت النساء من مد النظر اليهن وعاد الناس يتفرجون على الرووس فاتيت الى الامام وقلت سيدي بماذا تامرني بعد ذلك قال (علیه السلام) ان كان في رحلك ثياب زائدة ايتني بها قال فمضيت واتيت لكل واحدة من النساء بثوب واتيت لزين العابدين بعمامة فعند ذلك قام الصباح والزعةات في السوق فتاملت ذلك واذا هو الشمر اللعين فاخذتني الحمية فجئت اليه و شتمته ومسكت بلجام فرسه وقلت له لعنك الله ياشمر رأس من هذا وضعته على الرمح وهؤلاء السبايا الذين سبيتهم اولاد من حتى اركبتهم الجمال بغير وطاء قطع الله يديك ورجليك واعمى قلبك وعينيك فغضب اللعين وصاح باصحابه اضربوه فضربوه واجتمع عليه الناس بالحجارة حتى انخنوه ووقع مغشيا عليه فظنوا انه قد قتل ومات وتركوه ملقى على قفاه لا يتحرك فلما كان الليل ومضى نصفه قام زرير مرة يحبو ومرة يتمرغل على ظهره وبطنه من كثرة الجراح حتى وصل الى مسجد هناك يسمى بمشهد سليمان الذي فاذا هو با ناس رؤوسهم مكشوفة وازياقهم مشققة واعينهم باكية وقلو بهم محترقة فقال زرير مالكم باكون والناس في هذا البلد فرحون مسرورون فقالوا ايها القادم علينا ان كنت منا فاجلس وشاركنا في المصيبته واذاهم بيكون على الحسين واهل بيته فحكى زرير قصته واراهم الطعن في بدنه فاشتغلوا بالبكاء وزادت مصيبتهم وعزاؤهم على اهل بيت الرسول ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) انتهى .
وساروا الى ان وصلوا قريبا من موصل في الناسخ كتب عمر بن سعد كتابا الى والي موصل وفى خبر كتب شمر كتابا الى الوالي ان تلقنا وهي. لنا الزاد والعلوفة فلما وصل الكتاب الى والي موصل جمع الاكابر وعرض الكتاب عليهم واستشارهم
ص: 129
فقالوا حاشا ان تخليهم يدخلون علينا رأس الحسين ( علیه السلام ) فكتب الوالي كتابا الي شمر بان اهل هذه البلدة من محبي علي بن ابيطالب واذا دخلتم البلد اخاف ان تثور عليكم الفتنة فالصواب ان تنزلوا قريبا من البلدة ونحن نبعث لكم الزاد والعلوفة فقبل شمر نصيحته ونزلوا تحت جبل هناك قريبا من موصل على فرسخ منها وانزلوا العيال والاطفال وانزلوا رأس الحسين (علیه السلام) من الرمح ووضعوه على صخرة فقطرت قطرة من دم نحره الشريف على الصخرة فصارت تنبع ويغلى منها الدم كل سنة في يوم عاشوراء والناس يجتمعون اليها في كل سنة ويقيمون مراسم العزاه والماتم على الحسين (علیه السلام) في يوم عاشورآه و نبقى هذا الى ايام عبد الملك بن مروان قام بنقل الحجر فلم ير بعد ذلك منه اثر ولكن بنوا على ذلك المقام قبة وسموها مشهد النقطة وقال ابو مخنف اجتمع اربعة الاف بالموصل من الأوس والخزرج وتحالفوا ان يقاتلوهم وياخذوا منهم رأس الحسين ( علیه السلام ) ويدفنوه عندهم ليكون فخرا لهم الى يوم القيمة فلما سمعوا ذلك لم يدخلوا الموصل انتهى .
ثم ساروا الى ان وصلوا الى نصيبين عن كامل البهائي امر منصور بن الياس بتزيين البلدة فزينوها باكثر من الف مرأة فلما دخلوا اراد الملعون الذي كان معه رأس الحسين ان يدخل البلد فلم يطمه فرسه فبدله بفرس اخر فلم يطعه وهكذا فاذا بالرأس قد سقط الى الارض فاخذه ابراهيم الموصلي فتامل فيه فوجده رأس الحسين فلامهم وربخهم فقتله اهل الشام ثم جعلوا الرأس فى خارج البلد ومسقط الرأس الشريف امل صار مشهدا و مزاراً وقال ابو مخنف فنزلوا الى نصيبين وشهروا الرأس والسبايا فلما رات زينب رأس اخيها بكت وانشات تقول :
ص: 130
انشهرونا في البرية عنوة*** رو الدنا اوحى اليه جليل
كفرتم بزب العرش ثم نبیه*** كان لم يجتكم في الزمان رسول
لحاكم الله العرش باشر امة ***اكم في لظى يوم المعاد عويل
وقال ابو مخنف فوصلوا الى دعوات وخرج اميرهم وتلقاهم وشهروا الرأس المبارك ونصبوه في الرحبة من زوال الظهر الى العصر واهلها طائفة بيكون وطائفة يضحكون وينادون هذا رأس الخارجي خرج على يزيد بن معوية قال وتلك الرحبة التي نصب فيها رأس الحسين (علیه السلام ) لا يجتاز فيها احد وتقضى حاجته الى يوم القيمة وباتوا عملين من الخور الى الصباح وبكى زين العابدين (علیه السلام ) وانشا يقول :
لیت شعرى هل عاقل في الدياجي*** بات من فجعة الزمان يناجي
انا نجل الامام ما بال حقى ***ضايع بين عصبة الاعلاج
واتوا قنسرين وكانت عامرة باهلها فلما بلغهم ذلك اغلقوا الابواب وجعلوا يلعنونهم ويرمونهم بالحجارة ويقولون يانجرة ياقتلة اولاد الانبياء والله لا دخلتم بلدنا فرحلوا عنهم قال : فبكت ام كلثوم وانشات تقول :
كم تنصبون لنا الاقتاب عارية ***كائنا من بنات الروم في البلد
اليس جدي رسول الله ويلكم*** هو والذي دلكم قصدا الى الرشد
في البحار عن المناقب عن النطنزي في الخصايص لما جاؤا برأس الحسين (علیه السلام) ونزلوا منزلا يقال له قنسر بن اطلع راهب من صومعته الى الرأس فراى نورا ساطعا بخرج من فيه ويصعد الى السماء فاتاهم بعشرة الاف درهم واخذ الرأس وادخله صومعته فسمع صوتا ولم يرشخصا قال طوبى لك وطوبى لمن عرف حرمته فرفع الراهب رأسه وقال يارب بحق عيسى تامر هذا الرأس بالتكلم معي فتكلم الرأس وقال يا راهب اى شيء تريد قال من انت
ص: 131
قال انا ابن محمد المصطفى وانا ابن فاطمة الزهراء وانا المقتول بكر بلاء انا المظلوم انا العطشان وسكت فوضع الراهب وجهه على وجهه فقال لا ارفع وجهي عن وجهك حتى تقول انا شفيعك يوم القيمة فتكلم الرأس وقال ارجع الى دين جدي محمد (صلّی الله علیه وآله وسلم ) فقال الراهب اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله فقبل له الشفاعة فلما اصبحوا اخذوا منه الرأس والدراهم فلما بلغوا الوادي نظروا الى الدراهم قدصارت حجارة وامل هذا الراهب غير الراهب الذي ذكرنا قصته فيما قبل لان في طريق الشام كان من الرهبان غير واحد والله العالم انتهى .
وساروا الى ان وصلوا الى كفر طاب وكان حصنا صغيرا فعلة وا الابواب عليهم فتقدم اليهم خولي لعنه الله فقال السم في طاعتنا فاسقونا الماء فقالوا والله لا نسقيكم قطرة واحدة وانتم منعتم الحسين (علیه السلام ) واصحابه الماء فرحلوا عنهم واتوا سيبوروهم ايضا غلقوا الابواب عليهم و كان فيها شيخ كبير وقد شهد عمان بن عفان فجمع المشايخ والشبان فقال ياقوم ان الله تعالى كره الفتنة وقد مر هذا الرأس في جميع البلدان ولم يعارضة احد فدعوه يجوز في بلدكم فقال الشبان والله لا كان ذلك ابدا ثم عمدوا الى القنطرة فقطعوها فخرجوا عليهم شاكين في السلاح فقال لهم خولي ( لع ) اليكم عنا فحملوا عليه وعلى اصحابه وقاتلوهم قتالا شديد او قتل من اصحاب خولي ستمائة فارس وقتل من الشبان خمس فوارس فقالت ام كلثوم ( علیها السلام ) ما يقال لهذه المدينة فقالوا سيبور فقال اعذب الله تعالى شرا بهم وارخص اسعار هم ورفع ايدي الظلمة عنهم فلو ان الدنيا مملوءة ظلما وجوراً لما نالهم الاقسط و عدل ثم ساروا الى ان وصلو بحماة فعلقوا الابواب في وجوههم وصعدوا على السورو قالوا والله لا تدخلون بلدنا هذا ولو قتلنا عن آخر نافلما ميمموا ذلك ارتحلوا قال في نفس المهموم عن بعض ارباب المقاتل انه قال سافرت الى الحج فوصلت الى حماة رأيت بين بساتينها مسجدا يسمى مسجد الحسين ( علیه السلام ) قال
ص: 132
فدخلت المسجد فرأيت في بعض عماراته سترا مسبلا من جدار فرفعته ورأيت حجرا منصوباً في جدار وكان الحجر مؤربا فيه موضع عنق رأس اثر فيه وكان عليه دم منجمد قسئلت من بعض خدام المسجد ما هذا الحجر والاثر والدم فقال لي هذا الحجر. وضع رأس الحسين ( علیه السلام ) بن علي بن ابيطالب (علیه السلام) فوضعه القوم الذين يسيرون الى دمشق انتهي .
قال ابو مخنف وساروا الى ان وصلوا الى حمص وكتبوا الى صاحبها ان معنا . رأس الحسين وكان اميرها خالد بن النشيط فلما قرأ الكتاب امر بالاعلام فنشرت والمدينة فزنيت وتداعى الناس من كل جانب ومكان وخرج فتلقاهم على مسير ثلاثة اميال واشهروا الرأس وساروا حتى انوا حمص فدخلوا الباب فازدحم الناس بالباب فرموهم بالحجارة حتى قتل بالباب ستة وعشرون فارساً واغلقوا الباب في وجوههم فقالوا ياقوم اكفر بعد ايمان ام ضلال بعد هدى فخرجوا وتحالفوا ان يقتلوا خولي بن يزيد لعنه الله وياخذوا منه الرأس ليكون فخرا لهم الى يوم القيمة فبلغهم ذلك فرحلوا عنهم خائفين واتوا بعلبك وكتبوا الى صاحبها ان تلقنا ان معنا رأس الحسين فامر بالجواري وبايديهم الدفوف ونشرت الاعلام وضربت البوقات واخذوا بالفرح والسرور مزينين وملطخين في رؤسهم بالزعفران واستقبلوا القوم ستة اميال وسقوهم الماء والفقاع والسويق والسكر وهم يرقصون ويغنون ويصفقون وباتوا ثملين فقالت ام كلثوم ما يقال لهذا البلد قالوا بعلبك فقالت اباد الله كثرتهم ولا اعذب الله شرابهم ولا رفع الظلم عنهم قال فلو ان الدنيا مملوءة عدلا وقسطا لما نالهم الاجور و الاجور وظلم فل
اصبحوا رحلوا وانشأ علي بن الحسين ( علیه السلام ) :
هو الزمان فلا تفنى عجائبه ***عن السكرام ولا تفنى مصائبه
فليت شعرى الى كم ذا تجاذنبا ***صروفه والى كم ذانجاذبه
ص: 133
يسيرونا على الافتاب عارية ***وسائق العيس يحمى عنه غاربه
كاننا من بنات الروم بينهم*** او كلما قاله المختار كاذبه
كفرتم برسول الله ويلكم ***يا امة السوء قد ضاقت مذاهبه
في القمقام عن ياقوت الحموى في معجم البلدان ان في قرب حلب جبلا اسمه جوشن وهو جبل مطال على حلب في غربيها مقابر ومشاهد الشيعة منها مقبرة ابن شهر اشوب صاحب المناقب وكان في ذلك الجبل معدن الصفر ومنه يحمل النحاس الاحمر وفي قبلة الجبل مشهد يسمى بمشهد السقط لانه لما عبروا بسبى الحسين ونسآنه كانت زوجة الحسين حاملا بولدا ممه محسن واسقطت هناك والعيال طلبوا من الصناع في ذلك الجبل خبزا وماء وبعض الحوائج فشتموهم ومنعوهم فدعون عليهم ومن ذلك اليوم فقد ذلك المعدن ومن عمل فيه لا يربح فدفن السقط هناك سمي بمشهد السقط وقال شيخنا المعظم الحاج الشيخ عباس القمي دامت تاييداته في نفئة المصدور : أني قد تشرفت بزيارة هذا المشهد الشريف في مرجعى من زيارة بيت الله الحرام في سنة اثنين واربعين بعد ثلثمائة والف وشاهدت عمارة المشهد الشريف وكانت مبنية من صخور عظيمة في نهاية الاتقان والاستحكام ولكن الاسف انها لاجل المحاربة الواقعة بجلب تهدمت بنيانها فهي الآن مخروبة منهدمة ساقطة حيطانها على سقوفها خاوية على عروشها واهل الحلب يعبرون عنه بالشيخ محسن بفتح الحاء وشد السين المكسورة واول من عمر هذا المشهد على ما اعلم سيف الدولة الحمداني قال ضياء الدين يوسف بن يحيى بن الحسين الصنائي المتوفى 1111 سنة مائة واحد عشر بعد الالف في كتاب نسمة السحر بذكر من تشيع و شعر و قد رأيت مجلدا منه في المشهد الغروي على ساكنه السلام قال في احوال
ص: 134
سيف الدولة وقال ابن طى في تاريخ حلب ان سيف الدولة هو الذي عمر مشهد الدكة بظاهر حلب حلب بسب به انه رای نورا على مكانه وهو باحد مناظره في حلب فلا اصبح ركب الى هناك وامر بالحفر فوجد حجرا مكتوبا عليه هذا المحسن بن الحسين بن علي بن ابيطالب (علیه السلام) فجمع العلوبين وسالهم فقال بعضهم انهم لمامروا بالسبى ايام يزيد من حلب فطرحت احدى نساء الحسين ( علیه السلام ) بهذا الولدو دفن هاهنا فعمره سيف الدولة وقال ان الله اذن لي في عمارته على اسم بنت نبيه ويعرف الموضع بالجوشن انتهى .
و لقد اجاد القائل في هذا البيت .
فانظر الى حظ هذا الاسم كيف لقي*** من الاواخر مالاقي من الاول
وفي الاسرار قال المرحوم الدربندي ( رحمة الله) في موضع قريب من دمشق حجر عظيم هو شبيه بالاسد فاذا كان يوم عاشوراء يفور من موضع عينيه الدم الكثير قيل انه وضع عليه رأس الحسين ( علیه السلام ) حين مسير الكفار وجند ابن زياد الى الشام قال في الدمعة الساكبة في بعض الكتب القديمة عن الشيخ المفيد (رحمة الله) قال لما رحلوا بالسبايا والرووس الى دمشق وعدل بهم الطريق الى قصر بنى مقاتل وكان ذلك اليوم يوما شديد الحر وكانت القربة التي معهم مزقت واريق ما وهها فاشتد بهم العطش وامرا بن سعد ( لع ) عدة من قومه في طلب المساء وامر بفسطاط فضرب على اربعين ذراعاً فجلس هو و اصحابه لعنهم الله ورموا بالسبايا والاطفال على وجه الارض تصهرهم الشمس فاتت زينب ( علیه السلام ) الى ظل جمل هناك وفي حضنها على بن الحسين (علیه السلام) وقد اشرف على الهلاك من شدة العطش وبيدها مروحة تروحه بها من الحر وهي تقول يعز على ان اراك بهذا الحال يا ابن اخي تم ذهبت سكينة الى شجرة هناك وعملت لها وسادة من الغراب ونامت عليها فما كان الا قليل واذا القوم قد رحلوا قال وكان عديلتها على الجمل اختها فاطمة الصغرى فقالت لالحادي ابن اختي سكينة والله لا اركب حتى تاتى باختي
ص: 135
فقال لها وابن هي قالت لا ادري اين ذهبت فصاح السائق اللعين باعلى صوته على واركبي مع النساء ياسكينة فلم تنتبه من التعب وبقيت نائمة فلما أضر بها الحرانتبهت وجعلت تمشي خلفهم وتصيح اخية يا فاطمة الست عديلتك في المحمل وانت على الجمل وانا حافية فعطفت عليها اختها وقالت الحادي والله لئن لم تاتني باختي لارمين بنفسي عن هذا الجمل واطالبك بدمى عند جدي رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) يوم القيمة فقال لها من تكون اختك قالت سكينة التي كان يحبها الحسين ( علیه السلام ) حبا شديدا قال التي كان يقول فيها الحسين (علیه السلام ) .
لعمرك اني لا حب دارا ***تكون بها سكينة والرباب
قالت نعم فرق لها الحادي واركبها مع اختها شعر .
رق لها الشامت مما بها ***ما حال من رق لها الشامت
اقول قد عثرت على رواية في كتاب مصباح الحرمين فاحببت ايراده وهي هذه ان ليلة من الليالي بينما القوم يسيرون في دجى الليل اخذت سكينة بالبكاء لا نها ذكرت ايام ابيها وما عليه من العز والاكرام ثم رات نفسها ذليلة بعد ان كانت ايام ابيها عزيزة اشتد بكلوها فقال لها الحادي اسكتي يا جارية فقد اذيتني بيكانك فما سكتت بل غلب عليها الحزن والبكاء وانت انة موجعة وزفرت زفزة كادت روحها ان تطلع فقال الحادي اسكتي يا بنت الخارجي فقالت سكينة والأسفاه عليك يا اباه قتلوك ظلما وعدوانا وسموك بالخارجي فغضب اللعين من قولها واخذ بيدها وجذبها ورمى بها على الارض فلما سقطت غشى عليها فما افاقت الا والقوم قدمضوا فقامت وجعات تمشي حافية في سواد الليل تارة تقوم وتارة تقعد وتارة تستغيث بالله وتارة بابيها واخرى تنادي عمتها و تقول ابتاه مضيت عنى وخلفتني وحيدة غريبة فالى من التجىء وبمن الوذ في ظلمة هذه الليلة في هذه البيداء فركضت ساعة من الليل في غاية الوحشة فلم تولم
ص: 136
اثرا من القافلة فخرت منشية فعند ذلك اقتلع الرمح الذي كان عليه رأس الحسين(علیه السلام) من يدحامله وانشقت الارض ونزل الرمح في الارض الى نصفه وثبت فيها كالمسمار في الحائط وكلما اجتهد الحامل ان يقلع الرمح ويخرجه من الارض لم يتمكن ولم يستطع واجتمع خلق كثير وكلما اجتهدوا لم يستطيعوا فاخبروا بذلك عمر بن سعد ( لع ) فقال اسئلوا علي بن الحسين عن ذلك وراجعوا اليه فلما سئلوا الامام قال (علیه السلام) قولوا لعمتي زينب تتفقد الاطفال فلربما قد ضاع منهم طفل فلما قيل لزينب الكبرى (علیها السلام) جعلت تتفقد الاطفال وتنادي كل واحد منهم باسمه فلما نادت بنية سكينة فلم تجبها فرمت زينب بنفسها من على ظهر الناقة وجعلت تنادي واغربتاه واضيعتاه وارجالاه واحسيناه بنيه سكينة في اى ارض طرحوك وفي اي وادضيعوك فرجعت الى وراء القافلة وهي تعدو في البراري حافية والشوك تدخل في رجليها وتصرخ وتنادي واذا بسواد قد ظهر فمشت نحوه اتسئله فاذا هي امراة جالسة وفي حجرها رأس اليتيمة وهي تبكي فقالت الحوراء زينب ياهذي من انت التى تتعطفين على اليتامي قالت بنية زينب انها امك فاطمة الزهراء اظننت أني اغفل عن ايتام ولدي انتهى .
قال في الدمعة الساكية وفي بعض الكتب القديمة قد روى مرسلا عن بعض الثقاة عن ابي سعيد الشامي قال كنت يوما مع الكفرة اللثام الذين حملوا الرووس والسبايا الى دمشق فلما وصلوا الى دير النصارى وقع بينهم ان نصر الخزاعي قد جمع عسكرا ويريد ان يهجم عليهم نصف الليل ويقتل الابطال ويجذل الشجعان وياخذ الروس والسبايا فقال روساء المسكر من عظم اضطرا بهم نلجا الليلة الى الدير وتجعله كهفالثالان الدير كان محكما لا بقدر ان يتسلط عليه العدو فوقف الشمر ( لع ) واصحابه على باب
ص: 137
الدير وصاح باعلى صوته يا اهل الدير فجائه القسيس الكبير فلما رأى المسكر قال لهم من انتم وما تريدون فقال الشمر ( لع ) نحن من عسكر عبيد بن زياد ونحن سائرون الى الشام قال القسيس لاى غرض قال كان شخص في العراق قد تبافى وخرج على يزيد بن معوية وجمع العساكر فبعث عسكرا عظيما فقتلوهم وهذه رووسهم وهذه النسوة سبيهم قال فلما نظر القسيس الى رأس الحسين ( علیه السلام ) واذا بالنور ساطع منه الى عنان السماء فوقع في قلبه هيبة منه فقال القسيس ديرنا ما يسعكم بل ادخلوا الرووس والسبايا الى الدير واحيطوا بالدير من خارج فاذا دعمكم عدو قاتلوه ولا تكونوا مضطر بين على الرووس والسبايا فاستحسنوا كلام القسيس وقالوا هذا هو الرأي فحطوا رأس الحسين (علیه السلام) في صندوق وقفلوه وادخلوه الى الدير هو والنساء وزين العابدين وجعلوهم في مكان يليق بهم قال ثم ان صاحب الدير ارادان يرى الرأس الشريف وجعل ينظر حول البيت الذي فيه الصندوق وكان له رازونة فحط رأسه فيها فرأى البيت يشرق نورا ورأى . ان سقف البيت قد انشق ونزل من السماء تخت عظيم واذا بامراة احسن من الحور جالسة على التخت واذا بشخص يصيح الطرقوا ولا تنظر وا واذا قد خرج من ذلك البيت نساء واذا من حواء وسارة وام اسمعيل وام يوسف وام موسى ومريم واسيسة و نساء النبي ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) قال فاخر جن الرأس من الصندوق وكل من تلك النساء واحدة بعد واحدة يقبلن الرأس الشريف فلما وقعت النوبة لمولاتي فاطمة الزهراء ( علیها السلام ) غشى عليها وغشى على صاحب الدير وعاد لا ينظر بالعين بل يسمع الكلام واذا بقائلة تقول السلام عليك ياقتيل الام السلام عليك يا مظلوم الام السلام عليك ياشهيد الام لا بتداخلك هم ولا غم وان الله تعالى سيفرج عني وعنك يابني من ذا الذي فرق بين رأسك وجسدك يابني من ذا الذي قتلك وظلمك يابني من ذا الذي سبي حريمك يابني من ذا الذي ابتم أطفالك ثم انها بكت بكاء شديدا فلما تمع الديراني ذلك اندهش ووقع مغشيا عليه فلما افاق نزل الى
ص: 138
البيت وكسر الصندوق واستخرج الرأس وغسله وحنطه بالكافور والمسك والزعفران ووضعه في قبلته وهو يبكي ويقول يارأس من روس بني آدم وباكريم وياعظيم جميع من في العام اظنك من الذين مدحهم الله في التورية والانجيل وانت الذي اعطاك فضل التاويل لان خواتين السادات من بني آدم فى الدنيا والاخرة يبكين عليك ويند بنك انا اريد ان اعرفك باسمك ونمتك فنطق الرأس بقدرة الله تعالى وقال انا المظلوم انا المهموم انا المغموم انا الذي بسيف العدوان والظلم قتلت انا الذي بحرب اهل البغى ظلمت انا الذي على غير جرم نهبت انا الذي من الماء منعت انا الذي عن الاهل والاوطان بعدت فقال صاحب الدير بالله عليك ايها الرأس زدني فقال ان كنت تسئل عن حسبى و نسبى انا ابن محمد المصطفى انا ابن علي المرتضى انا ابن فاطمة الزهراء انا ابن خديجة الكبرى انا ابن العروة الوثقى انا شهيد كربلا انا قتيل كربلا انا مظلوم كربلا انا عطشان كربلا انا ظمان كربلا انا وحيد كربلا انا سليب كربلا انا الذي خذلوني الكفرة بارض كربلا قال فلما سمع صاحب الدير من رأس الحسين (علیه السلام) ذلك جمع تلامذته وحكى لهم الحكاية وكانوا سبعين رجلا فضجوا بالبكاء والعويل ورموا العمايم عن رؤوسهم وشقوا از ياقهم وجاوا الى سيدنا زين العابدين (علیه السلام) وقد قطعوا الزنار وكسروا الناقوس واجتنبوا فعل اليهود والنصارى واسلموا على يديه وقالوا يا ابن رسول الله مرنا ان نخرج الى هؤلاء الكفار ونقاتلهم ونجلى صداه قلوبنا بهم وناخذ بشار سيدنا ومولانا الحسين ( علیه السلام ) فقال لهم الامام (علیه السلام) لا تفعلوا ذلك فانهم من قريب ينتقم الله تعالى منهم وياخذهم اخذ عزيز مقتدر .
والله در القائل .
فيانكبة هدت قوى دين احمد*** وعظم مصاب في القلوب له سعر
ایرتفع الرأس الكريم على القنا ***ويهدى الى رجس قد اغتاله الكفر
ص: 139
و يمنع شرب الماء عمدا وكفه ***به من عطايا جود انعامه بخر
ويقتل ظمانا كثيبا وجده*** بني له الاقبال والعز والنصر
عليك سلام الله ما اعتكر الدجى*** وما اتضحت شمس و ما الشرق البدر
و في المنتخب قال ثم ساروا الى ان قربوا من دمشق واذا بهاتف يقول :
رأس ابن بنت محمد ووصيه*** اللناظرين على قناة يرفع
الابيات مضت ولا نعيدها الى هنا نختم الكلام في ترتيب المنازل التي سيروها من الكوفة الى الشام وهذا ما عثرنا عليه في الكتب المعتبرة من الناسخ والقمقام وابي مخنف والبحار ونفس المهموم والدمعة الساكية ثم ناخذ الكلام بذكر ورودهم في الشام وما جرى عليهم في يوم ورودهم ودخولهم في مجلس يزيد بن معوية والسوانح النازلة بهم
في ورود السبايا والرووس الى دمشق الشام وماجرى فيها على اهل البيت الى خروجهم منها ويشتمل هذا الفصل على عشر بن مجلسا :
وما الدهر حتى العيد الاماتم*** وهل ترك العاشور للناس من عيد
ايفرح قلب والفواطم حسر*** يسار بها اسرى على قتب القود
في نفس المهموم قال الكفعمي وشيخنا البهائي والمحدث الكاشاني في اول يوم من صفر ادخل رأس الحسين ( علیه السلام ) الى دمشق الشام وهو عيد عند بني أمية وهو يوم تتجدد فيه الاخر آن والله در القائل :
كانت ماتم بالعراق تعدها ***اموية بالشام من اعيادها
ص: 140
وفيه عن كامل البهائي اوقفوا اهل البيت على باب الشام ثلاثة ايام حتى يزينوا البلد فزينوها بكل حلى وزينة ومرات كانت فيها فصارت بحيث لم ترعين مثلها ثم استقبلتهم من اهل الشام زهاء خمسماة الف من الرجال والنساء مع الدفوف وخرج امراء الناس مع الطبول والصنوج والبوقات وكان فيهم الوف من الرجال والشبان والنسوان يرقصون و بضربون بالدف والصنج والطنبور وقد تزين جميع اهل الشام بانواع الثياب والكحل والخضاب و كان خارج البلد من كثرة الخلايق كمرصة المحشر يموج بعضها في بعض فلما ارتفع النهار ادخلوا الرووس الى البلد ومن ورائها الحرم والاسارى من اهل البيت وفيه عن كامل البهائي قال سهل بن سعد رأيت الرووس على الرماح ويقدمهم رأس العباس بن علي (علیه السلام ) فنظرت اليه كانه يضحك ورأس الامام (علیه السلام ) كان وراء الرووس امام المخدرات والرأس الشريف مهابة عظيمة ويشرق منه النور بلحية مدورة قد خالطها الشيب وقد خضبت بالوسيمة ادعج (1) العينين از ج(2) الحاجبين واضح الجبين اقتى الانف(3) متبسما إلى السماء شاخصاً ببصره الى نحو الافق والريح تلعب بلحيته الشريفة يمينا وشمالا كانه امير المؤمنين (ع) وعن ابي مخنف والرأس الشريف على رمح بيد شمر بن ذي الجوشن (لع) وهو يقول انا صاحب الرمح الطويل انا قاتل ذي الدين الاصيل انا قتلت ابن سيد الوصيين واتيت برأسه الى امير المؤمنين فقالت ام كلثوم كذبت يالعين ياويلك اتفتخر بقتل من ناغاه في المهد جبرئيل وميكائيل ومن اسمه مكتوب على سرادق عرش رب العالمين ومن ختم الله بجده المرسلين وقمع بابيه المشركين فمن ابن مثل جدي محمد المصطافي وابي علي المرتضى وامى فاطمة الزهراء وفي القمقام نقلا عن مناقب ابن شهر اشوب محموا من الرأس الشريف يرفع صوته في
ص: 141
ورودهم بالشام
دمشق الشام ويقول لاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم في الناسخ عن منهال بن عمرو قال لما ادخل الرأس الشريف الى دمشق الشام رأيت رجلا يتلو القرآن امام الرأس ويتلو سورة الكهف فلما وصل الى هذه الاية ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من اياتنا عجبا اشهد الله لقد صممت الرأس المبارك قال بلسان طلق زاق اعجب من اصحاب الكهف قتلى وحملى انتهى .
وعن ابي مخنف قال سهل ورأيت روشنا عاليا فيه خمسة نسوة ومعهن عجوز محدودية الظهر فلما صارت بازآه رأس الحسين (علیه السلام ) و ثبت العجوز (لع) واخذت حجرا وضربت به ثنا يا الحسين (علیه السلام ) فلما رأيت ذلك قلت اللهم اهلكها واهل كان معها بحق محمد واله قال فما استم كلامى الا وتهدم الروشن فها كت وهل كن معها وقيل سقط الرأس المبارك هناك فبنوا مسجداً هناك سمى بمسجد السقط فلما رأى علي بن الحسين ذلك دعا عليها وقال اللهم عجل بهلاكها وهلاك من معها فما استم دعاءه حتى سقط الروشن قسقطن بالجمعهن فهل كن وهلك تحته خلق كثير وفي رواية اخرى ان الملعونة اسمها ام هجام فلما رات رأس الحسين (علیه السلام ) وهو على رمح طويل وشيبته مخضوبة بالدماء قالت لمن هذا الرأس المتقدم وما هذه الرؤوس التي خلفه فقالوا لها هذا رأس الحسين (علیه السلام ) وهذه رووس اصحابه ففرحت فرحاً عظيما وقالت ناولوني حجرا لاضرب به رأس الحسين (علیه السلام ) فان اباه قتل ابي و بعلى فناولوها حجرا فضربت به وجه الحسين وقيل ضربت به ثنا یا الحسين (علیه السلام ) قادمته وسال الدم على شيبته فالتفتت اليه ام كلثوم فرات الدم سائلا على وجهه وشيبته فلطمت وجهها وشقت از یاقها و نادت واغوثاه وامصیبتاه و امحمداه و اعلیاء و احسناه واحسيناه ثم غشى عليها فلما افاقت قالت من فعل هذا باخی و نور عيني فقيل لها هذه العجوز فقالت اللهم اهجم عليها قصرها واحرقها بنار الدنيا قبل نار الاخرة قال فوالله ما استم كلامها الاوسقط عليها واضرمت النيران فيها فماتوا واحترقوا من
ص: 142
ساعتهم قال فى الدمعة الساكنة وفى رواية الشعبي على ما نقل عنه تم اشرفت تسع عشرة راية حمراء واشرفت السبايا مهمتكات بلا وطاء ولا غطاء ثم اقبل رأس العباس بن علي (علیه السلام ) يحمله ثعلبة بن مرة الكمي وهو بيده على رمح طويل وهو ينشد و يقول :
انا صاحب الرمح الطويل الذي به*** اصول على الاعداء في حومة الحرب
طعنت به آل النبي محمد*** لان بقلي منهم اعظم الكرب
فقالت ام كلثوم ويلك اتفتخر بقتل ال بيت محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فعليك لعنة الله (لع) فهم اللعين ان يضر بها بسوطه فخشي على نفسه الخجل من الناس انتهى . و في القمقام ادخلوا الرؤوس والسبايا من باب جيرون و كان يزيد ( لع ) في منظره على جيرون لما وقع طرفه على الرؤوس والسبايا انشد :
لما بدت تلك الرووس واشرقت*** تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح أو لا تصح ***فلقد قضيت من النبي ديوني
وفى نسخة ( من الغريم ) وفى نسخة اخرى ( من الحسين ديونى ) .
واعظم ما يرمى القلوب بمحرق ***و تهمى له سحب الجنون سجالها
عقائلكم تسرى بهن الى العدى*** نجائب انساها المسير عقالها
في البحار عن سهل بن سعد قال خرجت الى بيت المقدس حتى توسعات الشام فاذا انا بمدينة مطاردة الانهار كثيرة الاشجار وقد علقوا الستور والحجب والديباج وهم فرحون مستبشرون وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطيول فقلت في نفسي لانرى لاهل الشام عبدا لا نعرفه نحن فرأيت قوما يتحدثون فقلت ياقوم لكم بالشام عيد لا نعرفه نحن قالوا يا شيخ نراك اعرابيا غريبا فقلت انا سهل بن سعد قدر أيت محمداً (صلّی الله علیه وآله وسلم)
ص: 143
قالوا ياسهل ما اعجبك السماء لا تمطر دما والارض لا تنخف باهلها قلت ولم ذاك قالوا هذا رأس الحسين عترة محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) يهدى من ارض العراق فقلت واعجباه بهدى رأس الحسين والناس يفرحون قلت من اى باب يدخل فاشاروا الى باب يقال له باب الساعات قال فبينا انا كذلك اذ رأيت الرايات يتلو بعضها بعضا فاذا نحن بفارس بيده لواه منزوع السنان عليه رأس اشبه الناس وجها برسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) فاذا انا من ورآنه رأيت ندوة على جمال بغير وطاء فدنوت من اولاهم فقلت باجارية من انت فقالت انا سكينة بنت الحسين (علیه السلام ) فقلت لها الك حاجة الى انا سهل بن سعد ممن راى جدك وسيمت حديثه قالت ياسهل قل لصاحب هذا الرأس ان يقدم الرأس امامنا حتى يشتغل الناس بالنظر اليه ولا ينظروا الى حرم رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) قال فدنوت من صاحب الرأس فقلت له هل لك أن تقضى جاحتي وتاخذ مني اربعمائة دينار قال وما هي قلت تقدم الرأس امام الحرم ففعل ذلك فدفعت اليه ما وعدته وفي المعدن قلت يا جارية من انت فقالت انا سكينة بنت الحسين فقلت لها هل لك من حاجة قالت نعم ادفع لنا شيئاً من الثياب نستر به ابداننا فدفعت اليها عمامتي ودفعت الى كل واحدة منهن قطعة من ثيابي انتهى .
وعن ابي مخنف قال سهل وامر يزيد (علیه السلام ) بمائة وعشر بن راية وامرهم ان يستقبلوا رأس الحسين فاقبلت الرايات ومن تحتها التكبير والتهليل .
ويكبرون بان قتلت وأنما*** قتلوا بك التكبير والتهليلا
ودخل الناس من باب الخيزران فدخلت فى جملتهم واذا قد اقبل ثمانية عشر راسا و راس الحسين ( علیه السلام ) بيد شمر ( لع ) واذا السبايا على المطايا بغير وطاء واقبلت جارية على بعير مهزول بغير وطاء ولا غطاء على وجهها برقع حزادكن وهي تنادي وا محمداه واجداه وأعلياه وا ابتاه واحسناه واحسيناه واعقيلاه واعباساه وابعد سفراه
ص: 144
واسوء صباحاه فاقبلت اليها فصاحت بي فوقعت مغشيا علي فلما افقت دنوت منها وقلت لها سيدني لم تصيحين علي فقالت اما تستحي من الله ورسوله ان تنظر الى حرم رسول الله فقالت والله ما نظرت اليكم بريبة فقلت انا سهل بن سعد وانا من مواليكم و محبيكم ثم اقبلت على علي بن الحسين (علیه السلام ) وقلت له . ولاي هل لك من حاجة فقال لي هل عندك من الدراهم شيء فقلت الف دينار والف ورقة فقال خذ منها شيئا وادفعه الى حامل الرأس وامره أن يبعده عن النساء قال سهل ففعلت ذلك ورجعت اليه وقلت له يامولاي فعلت الذي امرتني به فقال لى حشرك الله معنا يوم القيمة قال ثم ان علي بن الحسين ( علیه السلام ) انشأ يقول :
اقاد ذليلا في دمشق كانتي *** من الزنج عبد غاب عنه نصير
وجدي رسول الله في كل مشهد *** و شیخی امیر المؤمنين امير
فياليت امي لم تلدنى ولم اكن *** بزيد يراني في البلاد اسير انتهى
ما في مقتل ابی مخنف ورجعنا الى رواية بحار الانوار قال ووضع الرأس في حقة ودخلوا على يزيد ( لع ) فدخلت معهم وكان يزيد جالسا على السرير وعلى رأسه تاج مكلل بالدر والياقوت وحوله كثير من مشايخ قريش فلما دخل صاحب الرأس وهو يقول :
اوقر ركابي فضة او ذهبا *** اني قتلت السيد المحجبا
قتلت خير الناس اما وابا *** وخيرهم اذ ينسبون النسبا
قال لو علمت أنه خير الناس لم قتلته قال رجوت الجائزة منك فامر بضرب عنقه
فز رأسه ووضع رأس الحسين ( علیه السلام ) على طبق من ذهب وهو يقول كيف رايت ياحسين الخ .
ص: 145
اقول ان الطريحي ذكر قصة سهل بن سعد وفيه قليل اختلاف فاحببت ایراده قال في المنتخب روى سهل بن سعيد الشهر روزي قال خرجت من شهر روز اريد بيت المقدس فصادف خروجي ايام قتل الحسين فدخلت الشام فرأيت الابواب مفتحة والدكاكين مغلقة والخيل مسرجة والاعلام منشورة والرايات مشهورة والناس افواجا قد امتلات منهم السكك والاسواق وهم في احسن زينة يفرحون ويضحكون فقلت لبعضهم اظن حدث لكم عيد لا نعرفه قالوا لا قلت فما بال الناس كافة مسرورين فقالوا اغريب انت ام لا عهد لك بالبلد قلت نعم فماذا قالوا فتح لامير المفدين فتح عظيم قلت وما هذا الفتح قالوا خرج عليه في ارض العراق خارجي فقتله والمنة لله وله الحمد قلت ومن هذا الخارجي قالوا الحسين بن علي بن ابيطالب (علیه السلام ) قلت الحسين ابن فاطمة ابن بنت رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) قالوا نعم قلت انا لله وانا اليه راجعون وان هذا الفرح والزينة لقتل ابن بنت نبيكم وما كفاكم قتله حتى مميتموه خارجيا فقالوا ياهذا امسك عن هذا الكلام واحفظ لسانك ونفسك فانه ما من احد يذكر الحسين بخير الاضرب عنقه فسكت عنهم باكيا حزينا فرأيت بابا عظيما قد دخلت فيه الاعلام والطبول فقالوا الرأس يدخل من هذا الباب فوقفت هناك وكلما تقدموا بالراس كان اشد لفرحهم وارتفعت اصواتهم واذا برأس الحسين والنور يسطع من فيه كنور رسول الله فلطمت على وجهي وقطعت الطماري وعلابكاني ونحيبي وقلت واحزناه على الحد التريب والشيب الخضيب يارسول الله ليت عينك ترى رأس الحسين في دمشق الشام يطاف به في الاسواق وبناتك مشهورات على النياق مشققات الذبول والازياق ينظر اليهم شراء الفساق ابن علي ابن ابيطالب يراكم على هذه الحال ثم بكيت وبكى لبكائي كل
ص: 146
من سمع منهم صوتي واكثرهم لا يفيقون لكثرتهم وشدة فرحهم واشتغالهم بسرورهم وارتفاع اصواتهم واذا بنسوة على الاقتاب بغير وطاء ولا ستر وقائلة منهن تقول وامحمداه واعلياه واحسناه واحسيناه لو رأيتم ما حل بنا من الاعداء يارسول الله بناتك كانهن بعض اسارى اليهود والنصاري وهي تنوح بصوت شجي يقرح القلوب وتقول واحزناه على الرضيع الصغير وعلى الشيخ الكبير وعلى المذبوح من القفا ومهتوك الخباء العريان بلارداه واحزناملا نالنا اهل البيت فعند الله تحتسب مصيبتنا قال فتعلقت بقائمة المحمل وناديت باعلى الصوت السلام عليكم يا ال بيت محمد ورحمة الله وبركاته وقد عرفت انها ام كلثوم بنت على فقالت من انت ايها الرجل الذى لم يسلم علينا احد غيرك منذ قتل اخي وسيدي الحسين فقلت ياسيدتي انا رجل من شهر روز واسمى سهل رأيت جدك محمد المصطافي قالت ياسهل الاترى الى ما قد صنع بنا اما والله لوعشنا في زمان لم ير محمد ما صنع بنا اهله بعض هذا قتل والله اخي وسيدي الحسين وسبينا كما تدى العبيد والاماء وحملنا على الافتاب بغير وطاء ولا ستر كما ترى فقلت ياسيدتي يعز والله على جدك وابيك وامك واخيك سبط في الهدى فقالت ياسهل اشفع لنا عند صاحب المحمل ان يتقدم بالرووس ليشتغل النظارة عنا بها فقد خزينا من كثرة النظر الينا فقلت حبا وكرامة ثم تقدمت اليه وسئلته بالله و بالغت معه فانتهرني ولم يفعل قال سهل و كان معی رفیق نصراني يريد بيت المقدس وهو متقلد سيفاً تحت ثيابه فكشف الله عن بصره فسمع رأس الحسين وهو يقرا القرآن ويقول ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون فقد ادركته السعادة فقال اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و ان محمداً ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) عبده ورسوله ثم انتضي سيفه وشد به على القوم وهو يبكي وجعل يضرب فيهم فقتل منهم جماعة كثيرة تم تكاثروا عليه فقتلوه رحمه الله فقالت ام كلثوم ما هذه الصيحة فحكيت لها الحكاية فقالت واعجباه النصارى محتشمون لدين الاسلام وامة
ص: 147
محمد الذين يزعمون انهم على دين محمد يقتلون اولاده ويسبون حريمه ولكن العاقبة للمتقين وما ظلمونا و اسكن كانوا انفسهم يظلمون .
بنفسى النساء الفاطميات أصبحت*** من الاسر يستر ثفن من ليس برأف
ومذأ برزوها جهرة من خدورها ***عشية لاحام يذود ويكنف
توارت بخدر من جلالة قدرها ***بهيبة انوار الاله يسجف
لقد قطع الأكباد حزنا مصابها ***وقد غادر الاحشاء تهفو وترجف
قال السيد في اللهوف وهو السيد الاجل الاورع قدوة العارفين ومصباح المتهجدين رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن طاوس تغمده الله برحمته وهو صاحب الكمالات السامية والمقامات المالية والكرامات الباهرة توفي ببغداد في سنة ستمائة واربع وستين من الهجرة وله مصنفات عديدة منها كتاب اللهوف على قتلى الطفوف قال وسار القوم برأس الحسين (علیه السلام ) ونسائه والاسراء من رجاله فلما قربوا من دمشق دنت ام كلثوم من شمر ( لع ) وكان من جملتهم فقالت له لي اليك حاجة فقال ما حاجتك فقالت اذا دخلت بنا البلد فاحمانا في درب قليل النظارة وتقدم اليهم ان يخرجوا هذه الرووس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا ونحن فى هذه الحالة فاس في جواب سؤالها ان يجعل الرووس على الرماح في اوساط المحامل بغيا منه وكفرا وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبى في البحار وجاء شيخ فدنا من الحسين وعياله وهم اقيموا على درج باب المسجد وقال الحمد لله الذي قتلكم واهلكم واراح البلاد من رجالكم وامكن امير المؤمنين منكم فقال علي بن الحسين (علیه السلام ) ياشيخ
ص: 148
هل قرأت القرآن قال نعم فقال هل عرفت هذه الآية قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربي قال الشيخ قد قرأت قال ( علیه السلام ) فنحن القربى فهل قرأت هذه الاية واعلموا ان ما عنمتم من شيء فان لله خمسه و المرسول ولذى القربي قال نعم قال علي (علیه السلام ) فنحن القربى ياشيخ فهل قرأت هذه الآية انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهير أقال الشيخ قد قرأت قال علي ( علیه السلام ) فنحن اهل البيت الذين خصصنا باية التطهير ياشيخ فبقى الشيخ ساكتا نادما على ما تكلم به وقال بالله انكم هم فقال علي بن الحسين تالله انا لنحن هم من غير شك و حق ج-دنا رسول الله انا لنحن هم فبكي الشيخ ورمى بعمامته ورفع رأسه إلى السماء وقال اللهم اني ابرأ اليك من عدو ال محمد ( صلّی الله علیه وآله وسلم ) من الجن والانس ثم قال هل لي من توبة فقال له نعم ان تبت تاب الله عليك وانت معنا قال انا تائب فبلغ يزيد بن معوية حديث الشيخ قامر به فقتل قال في البحار لما صلب رأس الحسين (علیه السلام) بالشام اخفى خالد بن عفران وهو من افضل التابعين شخصه من اصحابه فطلبوه شهرا حتى وجدوه فسئلوه عن عزلته فقال انرون ما نزل بنا وانشأ يقول جاوا برأسك الخ .
و قال السيد في اللهوف ان بعض فضلاء التابعين لما شهد رأس الحسين ( علیه السلام ) بالشام اخفى نفسه شهرا من جميع اصحابه فلما وجدوه بعد اذ فقدوه سئلوه عن سبب ذلك فقال الا ترون الى ما نزل بنا و انشا يقول .
جاوا برأسك يا ابن بنت محمد*** متره لا بده آنه ترميل
فكأنما بك يا ابن بنت محمد*** قتلوا جهارا عامدين رسولا
قتلوك عطشانا ولما يرقبوا ***في فتلك التاويل التنزيلا
ويكبرون بان قتلت وانما ***قتلوا بك التكبير والتهليلا
و عن أمالي الصدوق ادخل النساء والسبايا بالنهار مكثفات الوجوه فقال اهل
ص: 149
الشام الجفاة ما رأينا سبايا احسن من هؤلاء فمن انتم فقالت سكينة بنت الحسين تحن سبايا ال محمد فاقيموا على درج المسجد حيث يقام السبايا وفيهم علي بن الحسين (علیه السلام) وهو يومئذ فتى شاب.
و اعظم ما يشجى الغيور دخولها ***الى مجلس ما بارح الله و والخمرا
يقارصها فيه يزيد مسبة ***ويصرف عنها وجهه معرضاً كبرا
ويقرع آخر السبط شلت يمينه ***فاعظم به فرعا واعظم به ثغرا
اینكت تفرا طبق الدهر ذكره ***وما بارح التسبيح والحمد والشكرا
ولما ادخلوا الرووس والسبايا في دمشق الشام امر يزيد (لع) فزينت داره بانواع الزينة و نصب ليزيد سرير مرصع ونصب اطراف سريره كراسي من الذهب والفضة جلس وعلى رأسه تاج مكلل بالدر والياقوت وحوله كثير من مشايخ قريش واوصلوا الرووس والنساء وقت الزوال الى باب دار يزيد بن معوية بقمت شديد من كثرة الأزدحام اوقفوهن ثلاث ساعات لياذن لهم يزيد (لع) بالدخول فصاح صائح هؤلاء سبايا اهل بيت الملعون ورفع محفر بن ثعلبة العائدي ( لع) صوته فقال هذا محفر بن ثعلبة اتي امير المؤمنين باللثام الفجرة فاجابه علي بن الحسين (علیه السلام ) ماولدت ام محفر اشر والأم فخرج حجاب يزيد وادخلوا الذين معهم الرووس فلما دخلوا على يزيد قالوا بعزة الامير قتلنا اهل بيت ابي تراب واستا صلنا هم ثم شرحوا الاحوال ورأس الحسين ( علیه السلام ) بيد الشمر وكان في حقة وفى رواية في يدزحر بن قيس وتكلم بهذه الكلمات وفي نفس المهموم ربى الرأس بين يدى يزيد وتكلم زحر بن قيس بما تكلم وقال المفيد في الارشاد روى عن عبد الله بن ربيعة الحميري قال إني لعند يزيد
ص: 150
ابن معوية إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخل عليه فقال له يزيد ويلك ما ورآنك وما عندك قال ابشر بفتح الله ونصره ورد علينا هذا او قال الحسين بن علي في ثمانية عشر من اهل بيته وستين من شيعته فسرنا اليهم فسئلناهم ان يستسلموا وينزلوا على حكم الامير عبيد الله بن زياد والقتال فاختاروا القتال على الاستسلام فعدونا عليهم مع شروق الشمس فاحطنا بهم من كل ناحية حتى اذا اخذت السيوف ما خذها من هام القوم جعلوا ينهزمون الي غير ورز و لو ذون منا بالا كام والحفر لو اذا كما لا ذا الحمام من صقر فوالله يا امير المؤمنين ما كان الاجزر جزور أونومة قائل حتى اتينا على اخرهم فهاتيك اجسادهم مجردة وثيابهم مرملة وخدودهم معفرة تصهرهم الشموس وتسفى عليهم الرياح وزوارهم العقبان ورخم بقاع سبسب قاطرق يزيدهنيئة وقال قد كنت ارضى من طاعتكم بدون قتل الحسين اما انى لو كنت صاحبه لعفوت عنه وفي رواية امر بضرب عنقه اقول كذب ابن الفاعلة لو كان صادقا في مقاله لم يكن يفعل بالرأس الشريف ما فعل و ينبغي ان اذكر فى هذا المقام كلاما اسبط ابن الجوزى في كتاب الرد على المتعصب العنيد في تصويب فعل يزيد ليس العجب من قتال ابن زياد اللعين الحسين وتسليطه عمر بن سعد والشمر على قتله وحمل الرووس اليه انما العجب من خذلان يزيد ومما فعل ممافعل
هو بنفسه وهو صب الخمر على رأس الحسين (علیه السلام) وضربه بالقضيب ثناياه وحمل ال الرسول سبايا على افتاب المطايا وعزمه على ان يدفع فاطمة بنت الحسين الى الشامي و انشاده بابیات ابن الزبعرى .
لیت اشياخي بدر شهدوا ***جزع الخزرج من وقع الاسل (الخ)
افيجوز ان يفعل هذا بالخوارج ولو انه احترم الرأس حين وصوله إليه وأصلى عليه ودفنه و احسن الى ال الرسول ولم يترك الرأس في الطشت ولم يضربه بالقضيب ولا . صب عليه الخمر ما الذي كان يضره وقد حصل مقصوده من القتل ولكن احقاد
ص: 151
جاهلية واضغان بدرية ودليلها ما تقدم من انشاده .
لیت اشياخي ببدر شهدوا الخ .
اقول ثم لاباس ان نشير الى كلمات بعض علماء العامة في كفر يزيد ووجوب الأمن عليه قال ابن عقدة ومما يدل على كفره وزندقته فضلا عن سبه ولعنه اشعاره التي افصح فيها بالالحاد وايان عن خبث الضمير والاعتقاد منها قوله ( علیه السلام) .
اذا ما نظرنا في امور قديمة*** وجدنا حلالا شربها متواليا
وان مت يا ام الاحيم فانكحى*** ولاتا على بعد الفراق تلاقيا
فان الذي حدثت من يوم بعثنا ***احاديث لم تجعل القلب ساهيا
وله ايضا :
معشر الندمان قوموا ***واسمعوا صوت الاغاني
واشربوا كاس مدام*** واتركوا ذكر المعاني
شغلتني نغمة العيدان ***عن صوت الاذان
وتعوضت عن الحور ***خمورا في الدنان (انتهى)
وحكى القاضي أبو يعلى عن الامام احمد في كتاب الوجهين والروايتين انه قال ان صح عن يزيد ذلك فقد كفر بالله وبرسوله لانه اسف على كفار بدر ولم يرض بقتلهم وانكر امر الله فيهم وفعل الرسول في جهادهم وان قتل الحسين (علیه السلام) صواب و عادله بالكفار وسوى بينهم والله سبحانه وتعالى يقول لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة اصحاب الجنة هم الفائزون وهل هذا الا ارتداد من الدين فلمنة الله على الظالمين الذين بدلوا نعمة الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبأس القرار تم ان يزيد ( لع ) زاد في القصيدة بقوله ( لع ) :
لست من خندف ان لم انتقم ***من بنى احمد ما كان فعل
ص: 152
لعبت هاشم بالملك فلا*** خبر جاء ولا وحي نزل
قال مجاهد وهذا نافق في الدين وقال الزهرى لما جائت الرووس كان يزيد ( لع ) على منظرة جيرون فانشد يقول :
لما بدت تلك الرووس واشرقت ***تلك الشموس على ربى جيرون
نعب الغراب فقلت صح او لا تصح ***فلقد قضيت من النبي ديوني
وهل احد يشك في كفره بعد انشاده هذه الابيات وقال بعض اخر صب الجرعة من الخمر على رأس الحسين ( علیه السلام ) واستهزائه بان عليا ساق على الحوض وان محمدا حرم الذهب والفضة وشعره في الانتقام من بنى احمد واترا عن شيوخه الكفرة المقتولين يوم بدر ان صح عنه ذلك فهو كافر لانه ما فعل ذلك الا وهو منكر لماجاه به النبي وصح عنه من قوله في علي واهل بيته (علیهما السلام) و بغضاً لهم والمنكر لما جاء به النبي (صلّی الله علیه وآله وسلم) وعدم التصديق به كافر وفي التبر المذاب كان اللعين بيده قضيب خيزران فكشف عن شفتي ابى عبدالله و ثناياه ونكتها بالقضيب قال مجاهد فو الله لم يبق احد في الناس الا من عابه وسبه و تركه وخرجت جارية من قصر يزيد وقالت يا يزيد قطع الله يديك ورجليك اتنكت ثنايا طالما قبلها رسول الله ( صلّی الله علیه وآله وسلم } فقال لها ويلك ما هذا الكلام اردت ان تخجليني بين اهل مملكتي فامر بضرب عنقها .
قال الصادق (علیه السلام) قاتل الحسين ولدزنا كما ان قاتل يحيى بن زكريا ولدزنا وقال الباقر ( علیه السلام ) لا يقتل الانبياء وأولاد الأنبياء الا اولاد الادعياء ويزيد ( لع ) كان ولدز نا لان امه ميسون بنت بجدل الكلبي امكنت عبد ابيها من نفسها فحملت بيزيد وبذلك اشار النسابة البكري من علماء السنة .
ص: 153
فان يكن الزمان اتى علينا ***بقتل الترك والموت الوحي
فقد قتل الدعى وعبد كاب*** بارض الطف اولاد النبي
اراد بالدعى عبيد الله و بعبد كاب يزيد بن معوبة وقيل كانت عند معوية جارية تخدمه فحملت من معوية بيزيد الكلب الرجس النجس وقيل ان معوية ذات يوم يبول فلدغته عقرب في ذكره فزوجوه عجوزا ليجامعها ويشفى من دائها فجامعها مرة وطلقها فوقعت النطفة مختلطة بسم العقرب في رحم العجوز فحصل منها يزيد هذا هو الشهور . وكان فيه نزلت هذه الاية والذي خبث لا يخرج الا نكدا ولذلك ان اللعين لم يكن فيه صفة من صفات الملوك ولا فيه خصلة من خصالهم بل صفاته كصفات العبيد ذميم الوجه قبيح المنظرا فطس الانف اسود الحذ بشدقه ضربة كزند البعير غليظ الشفتين مجدور الخدين وكان على وجهه اثر ضربة اذا تكلم كان جهير الصوت ولنعم ما قال الطرماح لما دخل على معوية نظر الى يزيد وهو جالس على السرير فلم يسلم عليه وقال من هذا الغيشوم الميشوم المضروب على الخيشوم الواسع الحلقوم طويل الخرطوم فقالواصه با اعرابى هذا يزيد قال ومن يزيد لازاد الله في مزاده ولا بلغه مراده فسمع يزيد فاستشاط غيظا وغضبا وهم ان يضر به او يقتله مم خاف ان يحدث امرا دون اذن ابيه والحاصل صفاته كصفات الادانى وهيئته كهيئته العبيد نعم جبروته كجبروت الملوك رد آنه معلم بالذهب ونعاله من ذهب وشراكه من اللوء لوء الرعاب والفضة البيضاء مبطنان بالحرير وهو يتوكا على قضيب من الذهب مكتوب عليه لا اله الا الله محمد رسول الله وعلى رأسه تاج مرصع بالدر والياقوت والجوهر ورأس ريحانة رسول الله بين يديه هذا من هو ان الدنيا .
ایمسی يزيد رافلا في حريره ***و نیمسى حسين عاريا في حرورها
يزيد الخنا في دسته متقلب*** ويمسى حسين في الثرى يتقلب
ص: 154
ويحمل منه الرأس في الريح جهرة*** و في التاج رأس ابن الدعى بعصب
في المناقب وضع رأس الحسين ( علیه السلام ) بين يديه والمرأس الشريف طيب قد فاح على كل طيب وفي اللهوف واجلس النساء خلفه لئلا ينظرن اليه فرآه علي بن الحسين فلم ياكل الرؤوس بعد ذلك ابدا واما زينب فانها لما رأته اهوت الى جيبها فشفته ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب ياحسيناه ياحبيب رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) يا ابن مكة ونى يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يا ابن بنت المصطفى قال الراوى فابكت كل من كان في المجلس ويزيد عليه لما أن الله ساكت ثم جعلت امرئة من بني هاشم كانت في دار يزيد تندب الحسين وتنادى ياحسيناه ياسيد اهل بیتاه يا ابن محمداه ياربيع الارامل واليتامى ياقتيل اولاد الادعياء فابكت كل من سمعها وفي القمقام عن اخبار الدول غسلوا الرأس الشريف ونظفوه ومشطوا على لحيته الكريمة وادخلوه على يزيد و اللعين اذن للناس اذنا عاما وجعل ينظر الى الرأس الشريف انتهى .
ثم دعا يزيد عليه الامنة بقضيب خيزران فجعل ينكت به ثنا يا الحسين (علیه السلام) فاقبل عليه ابو برزة (ابو بردة خل) لا سلمى و قال ويحك يا زيدا تنكت بقضيبك ثغر الحسين (علیه السلام) ابن فاطمة صلوات الله عليها اشهد لقد رأيت النبي صلى الله عليه واله وسلم برشف ثناياه و ثنايا اخيه الحسن عليهما السلام ويقول انها سيدا شباب اهل الجنة فقتل الله قاتلكما ولعنه واعدله جهنم وسآئت مصيرا قال الراوى فغضب يزيد و امر باخراجه فاخرج سحباً .
وان ثغرا رسول الله يرشفه ***بالخيزران يزيد الرجس يقرعه
ولثغره يعلو القضيب وطالما ***شغفا به كان النبي مقبلا
وقال ابن شهر اشوب ان الحسن بن الحسن المثنى لم اراه يضرب بالقضيب موضع فم رسول الله قال واذلاه .
سمية امسي نسلها عدد الحصي ***و بنت رسول الله ليس لها نسل
ص: 155
و في المعدن جعلت فاطمة وسكينة تتطاولان لتنظرا الى الرأس وجعل يزيد يستره منهما ولما راتاه صاحتا واعلنتا بالبكاء فيكت لبكائهما نساء يزيد وبنات معوية فولو لن واعو ان وفي المنتخب لاذتا بعمتهما زينب وقالتا يا عمتاه ان يزيد اينكت ثنايا ابينا بقضيبه فقامت زينب وشقت جيبها ونادت بلسان الحال .
اتضربها شلت يمينك انها*** وجوه لوجه الله طال سجودها
رأس ابن بنت محمد ووصيه ***للناظرين على قناة يرفع
والمسلمون بمسمع وبمنظر*** لا منكر فيهم ولا متفجع
كحلت بمنظرك العيون عماية*** واصم رزؤك كل اذن تسمع
ايقظت اجفانا وكنت لهاکری*** وانمت عينا لم تكن بك تهجع
ما روضة الا تمنت انها ***لك حفرة ولخط قبرك مضجع
عن امالي الصدوق قال الرضا (علیه السلام ) فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقاع واللعب بالشطرنج ومن نظر إلى الفقاع او الى الشطرنج فليذكر الحسين وليلمن يزيد وال يزيد يمحو الله عز وجل بذلك ذنوبه ولو كانت كعدد النجوم وقال (علیه السلام) اول من اتخذ له الفقاع في الاسلام بالشام يزيد بن معوية ( لع ) فاحضر وهو على المآئدة وقد نصبها على رأس الحسين (علیه السلام) فجعل يشربه ويسقى اصحابه ويقول اشربوا فهذا شراب مبارك ومن بركته انا اول ما تنا ولناه ورأس الحسين عدونا بين ايدينا ومائدتنا منصوبة عليه ونحن ناكل ونفوسنا ساكنة وقلوبنا مطمئنة فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقاع فانه شراب اعدائنا وفيه عن الفضل بن شاذان قال محمت الرضا (علیه السلام) يقول لما حمل رأس الحسين ( علیه السلام ) الى الشام امريزيد ( لع ) فوضع ونصب
ص: 156
عليه ما ئدة فاقبل هو واصحابه ياكلون ويشربون الفقاع فلما فرغوا امر بالرأس فوضع في طاشت تحت سريره وبسط عليه رقعة الشطرنج وجلس يزيد ( لع ) يلعب بالشطرنج ويذكر الحسين واباه وجده صلوات الله عليهم و يستهزى. بذكرهم فمتى قمر صاحبه تناول الفقاع فشر به ثلاث مرات ثم صب فضلة مما يلي الطشت من الارض عن التبر المذاب شرب اللعين ثم صب جرعة منه على رأس الحسين وقال كيف رأيت ياحسين اتزعم ان اباك ساق على الحوض فاذا مررت عليه يومئذ فلا يسقنى وان جدك حرم اني--ة الذهب والفضة على الامةها رأسك على الذهب ويفخر ابوك بأنه قتل الا قران يوم بدر هذا بذاك (في البحار ) تم اقبل على اهل مجلسه وقال ان هذا كان يفخر على ويقول ابى خير من ابي يزيد وامى خير من امه وجدى خير من جده وانا خير منه فهذا الذي قتله فاما قوله بان ابي خير من ابي يزيد فلقد حاج ابي اباه فقضى الله لابي على ابيه واما قوله بان امي خير من ام يزيد فلعمرى لقد صدق ان فاطمة بنت رسول الله خير من امى واما قوله جدى خير من جده فليس لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر يقول بانه خير من محمد واما قوله بأنه خير منى فلعله لم يقرا هذه الاية قال اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير تم جعل بنكت ثناياه بالقضيب ويفرق بين شفتيه وفي المنتخب واذا بغراب ينعق ويصيح فى اعلى القصر فانشا اللعين يقول :
یا غراب البين ما شئت فقل*** أنما تندب امرا قد فعل
كل ملك ونعيم زائل ***وبنات الدهر يلعبن دول
ليت اشياخي ببدر شهدوا ***جزع الخزرج من وقع الاسل
لاهلوا واستهلوا فرحا*** تم قالوا يا يزيد لاتشل
قد قتلنا القرم من ساداتهم *** وعد اناه بدر فاعتدل
ص: 157
واخذنا الثار من ابن على*** وقتلنا الفارس الندب البطل
لست من خندف ان لم انتقم ***من بنى احمد ما كان فعل
لعبت هاشم بالملك فلا ***خبر جاء ولا وحى نزل
ان يكن احمد قدرا مرسلا ***فلمالقتل عليه قداحل
وفيه دخل عليه رجل من الصحابة ونقل أنه زيد بن ارقم فقال يا يزيد ارفع قضيبك عن شفتى ابن بنت رسول الله فوالله الذي لا اله الا هو لقد رأيت رسول الله يقبلها مرارا كثيرة ويقول له ولاخيه الحسن اللهم ان هذين وديعتي عند المسلمين وانت يا يزيد هكذا تفعل بود آئع رسول الله (صلّی الله علیه وآله وسلم) فغضب عليه يزيد وامر به فاسجن حتى نقل انه مات وهو في السجن وفي نفس المهموم عن كامل البهائي ان يزيد شرب الخمر وصب منها على الرأس الشريف فاخذته امرئة يزيد وغسلته بالماء وطيبته بماء الورد فرات تلك الليلة في منامها سيدة النساء فاطمة الزهراء (علیها السلام) وهي تعتذر منها بحسن صنيعها (في البحار) وغيره من المقاتل قالت سكينة والله مارأيت اقسى قلبا من يزيد ولا رأيت كافر اولا مشركا شرا منه ولا اجفى منه واقبل ينظر الى رأس الحسين ينشد الابيات المذكورة اقول ولقد رأت من قساوته ما لم تطق ان تصبر وهو ضربه بالقضيت حتى قالت يا يزيد ايسرك هذا نقلت هذه الكلمة من مهيج الاحزان الخ . عن مستدرك الوسائل النوري عن زهرة بل الرياض انه لما وضع الرأس بين يدى يزيد اخذ قضيبا فضرب به ثنا يا الحسين ( علیه السلام ) حتى كسرت وفيه وضعوا الرأس بين يديه بعد ما غسلوه ومير حوا الجيته وشعره وجعلوه في ماشت وقام ابو برزة الاسلامى وقال ما قال الى ان قال اما انك يا يزيد تجيبي. يوم القيمة وابن زياد شفيعك ويجيء هذا ومحمد شفيعه فقام و ولى
ص: 158
جلس الامين يزيد بن معوية في مجلسه وأمر بالسبايا فادخلت عليه قال علي بن الحسين ادخلنا على يزيد ونحن اثنا عشر رجلا مغللون وقال الباقر (علیه السلام ) اتى بنا يزيد بن معوية بعد ما قتل الحسين بن علي ونحن اثنى عشر غلاما وكان اكبرنا يومئذ علي بن الحسين فادخلنا عليه وكان كل واحد منا مغلولة بده الى عنقه وفي الانوار النعمانية ادخلوهن ومن مربقات بحبل طويل وزحر بن قيس يجر هن وفي المنتخب قال علي بن الحسين (علیه السلام ) لما وفد ما على يزيد (علیه السلام ) اتونا بحبل وربقونا مثل الاغنام وكان الخبل بعنقي وعنق ام كلثوم وبكتف زينب وسكينة والبنات وكلما قصرنا عن المشى ضربونا حتى او قفونا بين يدى يزيد ( لع ) قال المفيد فلما انتهوا الى باب يزيد استقبلهم ابراهيم بن طلحة بن عبيد الله وقال يا علي بن الحسين من غلب وهو يغطى وجهه فقال له علي بن الحسين اذا اردت ان تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فاذن واقم وقال السيد في اللهوف ثم ادخل ثقل الحسين ونسا له ومن تخلف من اهل بيته على يزيد بن معوية وهم مقرنون في الحبال فلما وفقوا بين يديه وهم على تلك الحالة قال له علي بن الحسين (علیه السلام ) انشدك الله يا يزيد ما ظنك برسول الله لورانا على هذه الصفة قام يزيد بالحبال فقطعت وفي خبر قال ( علیه السلام ) انا ذن لي في الكلام وفي البحار قال (علیه السلام ) انذن لي في الكلام وفي القاموس انذن لي الى اسمع فقال قل ولا تقل هجرا قال ( علیه السلام ) لقد وقفت موقفا لا ينبغى لمثلى ان يقول هجرا ماظنك برسول الله لوراني في غل فقال لمن حوله حلوه وفي رواية دعا ببرد فاقبل يبرد الجامعة عن عنقه بيده وقال له يا علي بن الحسين اندرى ما الذي اريد بذلك قال بلى تريد ان لا يكون لاحد على منة غيرك فقال يزيد هذا والله ما اردت ثم قال له كيف رأيت يا علي بن الحسين قال ( علیه السلام ) رأيت ماقضاه .
ص: 159
الله عز وجل قبل ان يخلق السموات والارض فقال اللعين الحمد لله الذي قتل اباك فقال علي بن الحسين (علیه السلام ) لعنة الله على من قتل ابي فغضب يزيد وامر بضرب عنقه فقال علي بن الحسين ( علیه السلام ) فاذا قتلتني فبنات رسول الله من يردهم الى منازلهم وليس لهم محرم غيرى فقال انت تردهم الى منازلهم وفي رواية الشعبي لما أمر بضرب عنقه اخرجوه فخرجت ام كلثوم من ورآنه و نادت الى اين يا حبيبي قال عمتي الى السيف فصاحت واغوثاه بالله عزوجل وبقية من لا يقى باسلالة نبي الهدى يا بقية ابن علي المرتضى فضح الناس بالبكاء فقال رجل من القوم يا يزيد رد الغلام والا فانت مقتول فردوه وفي رواية ابي مخنف قال الحاضرون بايزيد هذا صبي صغير وهو مريض فلا يجوز قتله فبكى علي بن الحسين فضمته ام كلثوم الى حضنها تم انشات تقول :
انا ديك يا جداه يا خير مرسل*** حبيبك مقتول ونسلك ضائع
اسيرا ذليلا في القيود مكبلا ***ولا لى في هذا البرية شاف
فلما سمع يزيد رق فعفا عنه وفي القمقام عن قاتل الطالبيين ان يزيد (لع) عزم على قتل علي بن الحسين (علیه السلام) فقام رجل شاعى وقال انذن لي حتى اضرب عنقه فلما سمعت زينب الكبرى القت بنفسها عليه وقالت يا يزيد حسبك من دما ثنا فقال زين العابدين اذا عزمت على قتلى قابعث من برد هؤلاء النسوة الى المدينة فرق وعفا عنه .
ومما يزيل القلب عن مستقره ***ويترك زند الغيظ للصدر واريا
وقوف بنات الوحى عند طليقها ***بحال بها يشجين حتى الاعاديا
وفى نفس المهموم عن المناقب وغيره روى ان يزيد ( لع ) اقبل الى عقيلة الهاشميين ان تتكلم فاشارت العقيلة الى علي بن الحسين (علیه السلام) وقالت هو سيدنا وخطيب
ص: 160
القوم فانشا السجاد ( علیه السلام ) .
لا تطمعوا ان تهينونا فنكر مكم*** وان نكف الأذى منكم وتؤذونا
الله يعلم انا لا نحبكم ***ولا تلومكم ان لم تحبونا
قال یزید صدقت یا غلام ولكن اراد ابوك وجدك ان يكونا اميرين والحمد لله الذي قتلهما وسفك دمائهما فقال ( علیه السلام ) لم تزل النبوة والامرة لابانى واجدادى من قبل ان تولد و لقد كان جدي علي بن ابيطالب في يوم بدر واحد والاحزاب في يده راية رسول الله وابوك وجدك فى ايديها رايات الكفار فقال اللعين ابوك قطع رحمى و جهل حتى ونازعني سلطاني ففعل الله به مارأيت ثم تلا هذه الآية ما اصابكم من مصيبة فيما كسبت ايديكم فقال علي بن الحسين (علیه السلام ) كلا ماهذه فينا نزلت انما نزلت فينا ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في انفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأهما ان ذلك على الله يسير اسكيلاتا سوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما اتيكم والله لا يحب كل مختال فحوز فنحن الذين لا ناسى على ما فاتنا ولا نفرح بما اتينا منها فغضب يزيد وجعل يعبث باحيته فشاور جلسائه في أمره فاشار وا بقتله فابتد رابو جعفر الباقر (علیه السلام) ( الكلام وله سنتان فحمد الله واثني عليه ثم قال ليزيد لقد اشار عليك هولاء بخلاف ما اشار جلسا. فرعون عليه حيث شاورهم فى موسى وهرون فانهم قالوا له ارجه واخاه وابعث في المدائن حاشرين يا توك بكل سحار عليم وقد اشار هؤلاء عليك بقتلنا ولهذا سبب فقال يزيد وما السبب فقال (علیه السلام) ان مؤلاً. كانوا لرشدة وهؤلاء لغير رشدة ولا يقتل الانبياء و اولادهم الا اولاد الادعياء فامسك يزيد مطرقا ولقد عزم الامين على قتل علي بن الحسين مرارا فلم يتيسر له ( منها) قال في البحار روى انه لما حمل علي بن الحسين (علیه السلام) الى يزيدهم بضرب عنقه فاوقفه بين يديه وهو يكلمه ليستنطقه بكلمة يوجب بها قتله وعلي ( علیه السلام ) يجيبه حينما يكلمه وفي يده سبحة صغيرة يديرها باصابعه وهو يتكلم فقال
ص: 161
له يزيد ( لع ) انا اكلمك وانت تجيبني وتدير أصابعك بسبحة في يدك فكيف يجوز ذلك فقال ( علیه السلام ) حدثني ابي عن جدي انه كان اذا صلى الغداة وانفتل لا يكلم حتى ياخذ سبحة بين يديه فيقول اللهم اني اصبحت اسبحك واحمدك واهالك واكبرك و امجدك بعدد ما ادیر به سبحتى وياخذ السبحة في يده ويديرها وهو يتكلم بما يريد من غير ان يتكلم بالتسبيح وذكر ان ذلك محتسب له وهو حرزله الى ان ياوى الى فراشه فاذا اوى الى فراشه قال مثل ذلك القول ووضع السبحة تحت رأسه فهي محسوبة له من الوقت الى الوقت فعلت هذا اقتداء بجدي فقال يزيد مرة بعد اخرى است اكلم احدا منكم الا ويجيني بما يفوز به وعفى عنه ووصله وامر بالطلاقه ومرة اخرى هم بقتله دعا يوما بجلوازه وقال ادخله في هذا البستان واقتله وادفنه فيه فدخل به الى البستان وجعل يحفر له قبرا والسجاد يصلى فلما هم بقتله ضربته يد من الهواء فخر الجلواز لوجهه وشهق ومات قاصر يزيد بدفن الجلواز في الحفيرة . اقول و اين كانت هذه اليد يوم عاشور آه حتى تضرب ذلك اللعين الذي ركب
صدر الحسين .
امثل حسين يركب الشمر صدره ***وما هو صدر بل خزانة توجيد
لله خطب في الشريعة حادث ***جلل ورزه في البرية مفظع
يمسی یزید یمیس مختالا و ***يمسى البسط تحت العاديات يوزع
و ام آنه خلف الستور مصونة*** ومن الفواطم يستباح البرقع
لهفي ثنايا طالما لثمت في***المختار طه في قضيب يقرع
في المنتحب والمهيج ما معناه تم ان الامين امر باحضا والسبايا فاحضروا بين
ص: 162
يديه فلما حضر وا عنده جعل ينظر اليهن ويسئل من هذه ومن هذه فقيل له هذه ام كلثوم الكبرى و هذه ام كلثوم الصغرى وهذه ام هاني وهذه صفية وهذه رقية بنات علي وهذه سكينة وهذه فاطمة بنت الحسين وهذا علي بن الحسين (علیه السلام ) فقالت فاطمة بنت الحسين با يزيد بنات رسول الله سبايا فعندها بكى الناس وبكى اهل داره حتى علت الاصوات وكانت سكينة تستر وجهها بزندها لانها لم تكن عندها خرقة تستر بها وجهها فقال من هذه قالواسكينة بنت الحسين فقال انت سكينة فبكت واختنقت بعبرتها حتى كادت تطلع روحها فقال لها ما يبكيك قالت كيف لا تبكى من ليس لها ستر تستر وجهها ورأسها عنك وعن جلسآتك فيكى اللعين ثم قال لعن الله عبيد الله بن زياد ما اقسى قبله على ال الرسول وفي المنتخب تم التفت العين الى سكينة وقال ياسكينة ابوك الذي كفر حتي وقطع رحمي ونازعني في ملكي فبكت سكينة وقالت لا تفرح يقتل ابي قانه كان مطيعا لله ولرسوله دعاه اليه فاجابه وسعد بذلك وان لك يا يزيد مقاماً يسئلك عنه فاستعد المسئلة جوابا واني لك بالجواب فقال لها اسكتى ياسكينة فما كان لا بيك عندي حق عن ابي مخنف التفت اللعين الى ام كلثوم وقال يا ام كلثوم كيف رأيت ما صنع الله فقالت يا ابن الطلقاء هذه حرمك وامامك من وراء الستور وبنات الرسول على افتاب بغير وطاء ينظر اليهن البرو الفاجر ويتصدق عليهن اليهود والنصارى فنظر اليها شزرا فقال له بعض جلسائه انها حرمة لا تؤاخذ فكن غيظه في الارشاد قالت فاطمة بنت الحسين (علیه السلام) فلما جلسنا بين يدى يزيد رق لنا فقام اليه رجل من اهل الشام احمر فقال يا امير المؤمنين هب لي هذه الجارية وهو يعنيني وكنت جارية وظيئة فارعدت وظننت ان ذلك جائز لهم فاخذت بثياب عمتى زينب وقلت ياعمتاه او تمت و استخدم فقالت زينب لا ولا كرامة لهذا الفاسق و كانت تعلم ان ذلك لا يكون فقاات الشامى كذبت والله ولومت والله ما ذاك لك ولا له فغضب يزيد وقال كذبت والله
ص: 163
ان ذلك لي ولو شئت ان افعل لفعلت قالت كلا والله ما جعل الله ذلك لك الا ان تخرج عن ملتنا وتدين بغير ديننا فاستطار يزيد غضبا وقال اياي تستقبلين بهذا انما خرج من الدين ابوك واخوك قالت زينب بدين الله ودين ابي ودين اخي اهتديت انت وجدك وابوك ان كنت مسلما قال كذبت يا عدوة الله قالت له انت امير تشتم ظالما وتقهر بسلطانك فكانه استحي وسكت فعاد الشامي فقال يزيد اعزب وهب الله لك حتما فاضيا فقال الشامى من هذه الجارية فقال يزيد هذه فاطمة بنت الحسين (علیها السلام) وتلك زينب بنت علي بن ابطالب فقال الشامى الحسين بن فاطمة وعلي بن ابيطالب قال نعم فقال الشامي لعنك الله يا يزيد اتقتل عترة نبيك و ت-ى ذريته والله ما تو همت الا انهم سبى الروم فقال يزيد والله لا لحقتك بهم ثم امر به فضرب عنقه .
في البحار و اللهوف وغيرهما قال الراوي فقامت زينب بنت علي بن ابيطالب(علیه السلام) فقالت الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله واله اجمعين صدق الله سبحانه كذلك يقول ثم كان عاقبة الذين اساوا السوء ا ان كذبوا بايات الله وكانوا بها يستهزؤن الظنت يا يزيد حيث اخذت علينا اقطار الارض وافاق السماء فاصبحنا نساق كما نساق الاساري ان بنا على الله هو انا وبك عليه كرامة وان ذلك لعظم خطرك عنده فشخت بانفك و نظرت في عطفك جذلان مسروراً حين رأيت الدنيا لك مستوثقة والامور متسقة وحين صفى لك ملكنا وسلطاننا فهلا مهلا انسيت قول الله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا انما على انما نملى لهم ليزدادو ااثما ولهم عذاب مهين امن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وامانك وسوقك بنات رسول الله صلى الله عليه واله وسلم سبايا قد متكت ستور من وابديت وجوههن تحدو بين الاعداء من بلدالي
ص: 164
بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل و يتصفح وجوههن القريب والبعيد والدنى والشريف ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمى وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فوه ا كباد الازكياء و نبت لحمه بدماء الشهداء وكيف يستبطا في بعضنا اهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنان والاحن والاضغان تم نقول غير متا ثم ولا مستعظم لاهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا يا بزيد لا تشل منحنياً على ثنايا ابي عبدالله سيد شباب اهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك وقد نكات القرحة واستاصلت الشافة بارافتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه واله ونجوم الارض من ال عبد المطلب وتهتف باشياخك زعمت انك تناديهم فلتردن وشيكا مورد هم و لتوين انك شلات وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت اللهم خذ بحقنا وانتقم من ظالمينا وأخلل غضبك من سفك دمائنا وقتل خماتنا فوالله ما فريت الا جلدك ولا حززت الا ليك ولتردن على رسول الله صلى الله عليه واله بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولاته حيث يجمع الله شملهم ويلم شمهم و ياخذ بحقهم و سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون وحسبك بالله حاكماً وبمحمد خصيما ويجبرئيل ظهيراً وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس الظالمين بدلا وايكم شر مكانا واضعف جنداً ولئن جرت على الدواهي مخاطبتك فاني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكبر تو بيخك لسكن العيون عبرى والصدور حرى الا. فالعجب كل العجب اقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء فهذه الايدى تنطف من دمائنا والافواه تتحلب من الجومنا وتلاع الجثث الطواهر الزواكى تنتابها المواسل وتغفرها امهات الفراعل ولان اتخذتنا معها لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد فالي الله المشتكى وعليه الممول فكد كيدك واسع سعيك و ناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك امدنا ولا ترحض
ص: 165
عنك عارها وهل رايك الا فند را بامك الا عدد وجمعك الا بدد يوم ينادى المنادى الا لعنة الله على الظالمين فالحمد لله الذي ختم لا ولنا بالسعادة والمغفرة ولاخرنا بالشهادة والرحمة ونسئل الله ان يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة انه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل فقال يزيد ( لع ) :
يا صيحة تحمد من صوانح ***ما اهون الموت على النوائح
وسياتى ترجمة الخطبة الشريفة انشاء الله تعالى في آخر الكتاب بالفارسية .
قال الصدوق (رحمة الله) في الامالى ثم ان يزيد ( لع ) امر بنساء الحسين فحبسن مع علي بن الحسين (علیه السلام ) في محبس لا يكنهم من حر ولا فرحتى تقشرت وجوههم ولم يرفع بيت المقدس حجر على وجه الارض الاوجد تحته دم عبيط وابصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كانها الملاحف المعصفرة الى ان خرج علي بن الحسين بالنسوة وردوا رأس الحسين الى كربلا انتهى .
وقال السيد في اللهوف لم امر بهم يزيد الى منزل لا يكنهم . حر ولا برد فاقاموا به حتی تقشيرت وجوههم و كانوا مدة اقامتهم في البلد المشار اليه ينوحون على الحسين(علیه السلام) وخرج زين العابدين (علیه السلام ) يوما يمشى فاستقبله المنهال بن عمرو فقال له كيف امسيت يا ابن رسول الله قال امسينا كمثل بني اسرائيل في ال فرعون يذبحون ابنائهم وتستحيون نسائهم يا منهال است العرب تفتخر على العجم بان محمد اعربي وامست قريش تفتخر على سائر العرب بان محمدا منها و امسينا معشر اهل بيته ونحن مغصوبون مقتولون مشردون فانا لله وانا اليه راجعون مما أمسينا فيه يا منهال والله در مهيال حيث قال :
ص: 166
بعظمون له اعواد منبره ***و تحت ارجلهم اولاده وضعوا
باى حكم بنوه يتبعونكم ***وفخركم انكم صحب له تبع
وروى السيد الجزائري في الانوار النعمانية عن منهال بن عمرو الدمشقى قال كنت اتمشى في اسواق دمشق واذا انا بعلي بن الحسين ( علیه السلام ) يمشى ويتركاء على عصا في يده ورجلاه كانهما قصبتان والدم يجرى من ساقيه والصفرة قد غلبت عليه قال منهال فخنقتني العبرة فاعترضة وقلت له كيف اصبحت يا ابن رسول الله قال ( علیه السلام ) يا منهال وكيف يصبح من كان اسير اليزيد بن معوية يا منهال والله منذ قتل ابي نسائنا ما شبعن بطو نين ولا كسون رؤسهن صائمات النهار و نائحات الليل يامنهال اصبحنا مثل بني اسرائيل في ال فرعون يذبحون ابنائهم ويستحيون نسائهم فالحاكم بيننا وبينهم يوم فصل القضاء اصبحت العرب تفتخر على العجم بان محمدا منهم وتفتخر قريش على العرب بان محمدا منها وانا عترة محمد اصبحنا مقتولين مذبوحين ماسوربن مشردين شاسعين عن الامصار كاننا اولاد ترك و كابل هذا صباحنا اهل البيت ثم قال يامنهال الحبس الذي نحن فيه ليس له سقف والشمس تصيرنا ولا نرى الهواء فافر منه سويعة لضعف بدني وارجع الى عماتي واخواتي خشية على النساء قال منهال فبينما انا اخاطبه وهو يخاطبني واذا انا بامراة قد خرجت من الحبس وهي تناديه فتركني ورجع اليها فحققت النظر اليها واذا هي زينب بنت علي تدعوه الى ابن تمضي يا قرة عيني فرجع وما تحرفت عنه ولم ازل اذكره وابكى وفي الارشاد ثم امر يريد ( لع ) بالنسوة ان نيزلن في دار عليحدة ومعهن اخوهن علي بن الحسين (علیه السلام ) فاقر لهم دار تتصل بدار يزيد وفي نفس المهموم قال وروى صاحب البصائر عن ابي عبدالله (علیه السلام ) لما اتى بعلي ابن الحسين يزيد بن معوية ومن معه جعلوه في بيت فقال بعضهم أنما جعلنا في هذا البيت ليقع علينا فيقتلنا فراطمن الحرس فقالوا انظروا الى هؤلاء يخافون ان يقع عليهم
ص: 167
البيت وأنما يخرجون غدا و يقتلون قال علي بن الحسين (علیه السلام) ولم يكن فينا احد يحسن الرطانة غيرى والرطانة عند اهل المدينة الرومية وفيه ايضا عن مقتل ابن نماوا سكن في مساكن لا يقيهن من حر و لا برد حتى تقشرت الجلود وسال الصديد بعد كن الخدور وظل الستور والجزع مقيم والحزن لهن نديم .
اتبكى لسجن في دمشق وماله*** من الشمس سقف فيه تاوى النوادب
فيخمش بالايدى وجوها تقشرت ***من الشمس اذما من ظلال ولا سجف
قال العلامة المجلسي (قده) وروى انه كان في مجلس يزيد هذا حبر من احبار اليهود فقال ليزيد من هذا الغلام يعني على بن الحسين وذلك بعد ان خطب علي بن الحسين تبلك الخطبة على منبر الشام فقال هو علي بن الحسين قال فمن الحسين قال ابن علي بن ابيطالب قال فمن امه قال امه فاطمة بنت محمد (صلّى الله عليه واله وسلم ) قال الحبر يا سبحان الله فهذا ابن بنت نبيكم قتلتموه في هذه السرعة بأسما خلفتموه في ذريته والله لو ترك فينا موسى بن عمران سبطا من صلبه لظننا انا كنا نعيده من دون ربنا وانكم انما فارقكم نبيكم بالامس فونتم على ابنه فقتلتموه سواة لكم من امة قال فامر به يزيد ( لع (فوجىء في حلقه ثلاثا فقام الحبر وهو يقول ان شئتم فاضر بونى وان ششم فاقتلوني او فنر وني فانى اجد في التورية من قتل ذرية بي لا يزال ملعونا ابدا مابقى فاذا مات يصليه الله نار جهنم قال في اللهوف وروى عن زين العابدين (علیه السلام ) قال لما أتى برأس الحسين (علیه السلام) الى يزيد كان يتخذ مجالس الشراب وياتي برأس الحسين ( علیه السلام ) ويضعه بين يديه ويشرب عليه فحضر ذات يوم في مجلسه رسول ملك الروم و كان من اشراف الروم وعظمائهم فقال ياملك العرب هذا رأس من فقال له يزيد مالك ولهذا الرأس فقال اني
ص: 168
اذا رجعت الى ملكنا يسئلنى عن كل شيء رايته فاحببت ان اخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه حتى يشاركك في الفرح والسرور فقال يزيد ( لع ) هذا رأس الحسين (علیه السلام) ابن علي بن ابيطالب (علیه السلام ) قال الرومي و من امه قال فاطمة بنت رسول الله فقال النصر انى اف لك ولدينك لى دين احسن من دينكم ان ابى من حوافد داود (علیه السلام) و بيني و بينه اباء كثيرة والنصارى يعظمونى وياخذون من تراب قدمى تبركا باني حوافد داود (علیه السلام) وانتم تقتلون ابن بنت رسول الله وما بينه وبين نبيكم الا ام واحدة فای دبن دينكم ثم قال ليزيد هل سيممت حديث كنيسة الحافر فقال له قل حتى اسمع فقال بين عمان والصين بحو مسيرة سنة ليس فيها عمران الا بلدة واحدة في وسط الماء طاوله ثمانون فرسخا في ثمانين فرسخا ما على وجه الارض بلدة اكبر منها ومنها يحمل الياقوت والكافور اشجارهم العود والعنبر وهي في ابدى النصارى لا ملك لا حد من الملوك فيها سواهم وفي تلك البلدة كنائس كثيرة الحافر في محرابها حقة ذهب معلقة فيها حافر يقولون ان هذا حافر حمار كان يركبه عيسى (ع) وقد زينوا حول الحقة بالديباج يقصدها في كل عام عالم من النصارى ويطوفون حولها ويقبلونها ويرفعون حوانجهم الى الله تعالى عندها هذا شانهم ورأيهم بحافر حمار يزعمون انه حافر حمار كان يركبه عيسى (علیه السلام ) بينهم وانتم تقتلون ابن بنت نبيكم فلا بارك الله تعالى فيكم ولا في دينكم فقال يزيد ( لع ) اقتلوا هذا النصرانى لئلا يفضحنى في بلاده فلما احس النصراني بذلك قال له اتريد ان تقتلنى قال نعم قال اعلم انى رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول لى يا نصراني انت من اهل الجنة فتعجبت من كلامه وانا اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ثم وثب الى رأس الحسين (علیه السلام ) فضمه الى صدره وجعل يقبله ويبكى حتى قتل رضوان الله عليه .
ص: 169
في نفس الهموم من كامل البهائى ان نساء اهل بيت النبوه اخفين على الاطفال شهادة ابائهم ويقلن لهم ان ابائكم قد سافروا الى كذا وكذا وكان الحال على ذلك المنوالى حتى امر يزيد بان يدخلن داره وكان الحسين (علیه السلام) بنت صغيرة لها اربع سنين قامت ليلة من منامها وقالت ابن ابى الحسين فانى رأيته في المنام مضطر با شديدا فلما سمع النسوة ذلك بكين وبكى معين سائر الاطفال وارتفع المويل فانتبه يزيد من نومه وقال ما الخبر تفحصوا عن الواقعة وقصوها عليه قاصر لعنه الله بان يذهبوا برأس ابيها اليها فاتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها فقالت ما هذا قالوا رأس ابيك ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفيت فى ايامها بالشام وروى هذا الخبر في بعض التاليفات بوجه ابسط في المنتخب للطريحى وفي الايقاد للسيد الجليل ثقة الاسلام السيد محمد على الشاه عبد العظيمى قدس سره ما ملحضه انه كانت للحسين (علیه السلام ) بنت صغيرة يحبها وتجه وقيل كانت تسمى رقية و كان لها ثلاث سنين وكانت مع الاسراء في الشام و كانت تبكى لفراق ابيها ايلها ونهارها وكانوا يقولون لها هو في السفر فراته ليلة في النوم فلما انتبهت جزعت جرعا شديداً و قالت ايتوني بوالدى وقرة عينى وكلما اراد اهل البيت اسكاتها ازدادت حزنا وبكاء و لبكائها هاج حزن اهل البيت فاخذوا في البكاء ولطموا الخدود وحثوا على رؤوسهم التراب ونشروا الشعور وقام الصباح فسمع يزيد صيحتهم وبكائهم فقال ما الخبر قيل له ان بنت الحسين الصغيرة رات أباها بنومها فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح فلما سمع يزيد ذلك قال ارفعوا اليها رأس ابيها وحطوه بين يديها تتسلى فاتوا بالرأس في طبق مغطى بمنديل ووضعوه بين يديها فقالت ما هذا اني طلبت ابي ولم اطلب الطعام فقالوا ان هنا أباك فرفعت المنديل ورات رأساً فقالت ما
ص: 170
هذا الرأس قالوا رأس ابيك فرفعت الرأس وضمته الى صدرها وهي تقول يا ابتاه من ذا الذي خضبك بدمائك يا ابتاه من ذا الذي قطع وريديك يا ابتاه من ذا الذي ايتمنى على صغر سنى يا ابتاه من اليتمة حتى تكبر يا ابتاه من النساء الحاسرات يا ابتاه من الارامل المسبيات يا ابتاه من العيون الباكيات يا ابتاه من اللضايعات الغريبات يا ابتاه من الشعور المنشورات يا ابتاه من بعدك واخيبتاه من بعدك واغربتاه يا ابتاه ليتنى لك الفداء يا ابتاه ليتني قبل هذا اليوم عمياء يا ابتاه ليتني توسدت التراب ولا ارى شيبك مخضبا بالدماء ثم وضعت فمها على فم الشهيد المظلوم وبكت حتى غشى عليها فلما حركوها فاذا هي قد فارقت روحها الدنيا فارتفعت اصوات اهل البيت بالبكاء وتجدد الحزن والعزاء و و من سمع من اهل الشام بكائهم بكى فلم ير في ذلك اليوم الا باك اوباكية فامر يزيد بفصلها وكفتها ودفنها في تاليف بعض معاصر بنا قال قال الشعراني في الباب العاشر من كتاب المذن واخبرنى بعض الخواص ان رقية بنت الحسين (علیه السلام ) في المشهد القريب من جامع دار الخليفة امير المؤمنين يزيد ومعها جماعة من اهل البيت وهو معروف الان بجامع شجرة الدر وهذا الجامع على يسار الطالب للسيدة نفيسة والمكان الذي فيه السيدة رقية عن يمينه ومكتوب على الحجر الذي ببابه هذا البيت بقعة شرفت بال النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) وبينت الحسين الشهيدرقية هذا وقد اخبرني بعض الصلحاء ان للسيدة رقية بنت الحسين (علیه السلام) ضريحا بدمشق الشام وان جدران قبرها قد تعيبت فارادوا اخراجها منه لتجديده فإ يتجاسر احد ان نيزله من الهيبة فحضر شخص من اهل البيت يدعى السيد ابن مرتضى فنزل في قبرها ووضع عليها ثوبا لفها فيه واخرجها فاذا هي بنت صغيرة دون البلوغ و كان متنها مجروحاً من كثرة الضرب وقد ذكرت ذلك لبعض الا فاضل فحدثني به ناقلا له عن بعض اشياخه انتهى .
ص: 171
قال الشيخ ابن عمارات سكينة في منامها وهي بدمشق كان خمسة نجب من نور قد اقبلت وعلى كل نجيب شيخ والملائكة محدقة بهم ومعهم وصيف يمشى فمضى النجب واقبل الوصيف الي وقرب مني وقال ياسكينة ان جدك يسلم عليك فقلت وعلى رسول الله السلام من انت قال وصيف من وصائف الجنة فقلت من هؤلاء المشيخة الذين جاؤا على النجب قال الاول ادم صفوة الله والثانى ابراهيم خليل الله والثالث موسى كليم الله والرابع عيسى روح الله (علیه السلام ) فقلت من هذا القابض على لحيته يسقط مرة ويقوم اخرى فقال جدك رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) فقلت و این هم قاصدون قال الى ابيك الحسين (علیه السلام) فاقبلت اسمى في طلبه لاعرفه ماصنع بنا الظالمون بعده فيينا انا كذلك اذ اقبلت خمسة هوادج من نور في كل هودج امرئة فقلت من هذه النسوة المقبلات قال الاولى حواء والثانية اسية بنت مزاحم والثالثة مريم بنت عمران والرابعة خديجة بنت خويلد والخامسة الواضعة بدها على رأسها تسقط مرة وتقوم اخرى جدتك فاطمة بنت محمد (صلّى الله عليه واله وسلم) ام ابيك صلوات الله عليهم اجمعين فقلت والله لاخبرنها ماصنع بنا فلحقتها فوقفت بين يديها ابكي واقول يا اماه جحدوا والله حقنا يا اماه بددوا والله شملنا يا اماه استباحوا والله حريمنا يا اماه قتلوا والله الحسين ابانا فقالت كفى صوتك ياسكينة فقد احرقت كبدى وقطعت نياط قلبي هذا قميص ابيك الحسين ( علیه السلام ) معى لا يفارقنى حتى التى الله تم انتبهت واردت كمان ذلك المنام وحدثت به اهلى فشاع بين الناس ورات هند زوجة يزيد في منامها فى البحار قالت هند كنت اخذت مضجعي فرأيت بابا من السماء قد فتحت والملائكة بنزلون كتائب كتائب الى رأس الحسين وهم يقولون السلام عليك يا اباعبدالله السلام عليك يا ابن رسول الله فبينا انا كذلك انتظرت الى سحابة قد نزلت من السماء
ص: 172
فيها رجال كثيرون وفيهم رجل درى اللون قمرى الوجه فاقبل يسعى حتى اكب على ثنا يا الحسين ( علیه السلام ) يقبلها وهو يقول ياولدى قتلوك اتراهم ما عرفوك ومن شرب الماء منعوك ياولدى انا جدك رسول الله وهذا ابوك على المرتضى وهذا اخوك الحسن وهذا عمك جعفر وهذا عقيل وهذان حمزة والعباس ثم جعل بعد اهل بيته واحدا بعد واحد قالت فانتبهت من نومى فزعة مرعوبة واذا بنور قد اشرق وانتشر على رأس الحسين(علیه السلام) فجعلت اطلب يزيد وهو قد دخل الى بيت مظلم وقد دار وجهه الى الحائط وهو يقول مالي والحسين وقد وقعت عليه الهمومات فقصصت عليه المنام وهو منكس الرأس قال فلما اصبح استدعى محرم رسول الله فقال لهن ايما احب اليكن المقام عندى او الرجوع الى المدينة ولكم الجائزة السنية قالوا نحب اولا ان ننوح على الحسين (علیه السلام) قال افعلوا ما بدا لكم ثم اخليت لهن الحجر والبيوت في دمشق ولم تبق هاشمية ولا قرشية الاوليست السواد على الحسين (علیه السلام) وندبوه على ما نقل سبعة ايام وفي اللهوف ثم استشار اهل الشام فيما يصنع بهم فقالوا لا تتحذن من كاب سوء جرواً فقال له النعمان بن بشير انظر ما كان رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) يصنع بهم قاصنعه بهم الخ .
و روی ان هند بنت عبد الله بن عامر بن كريز لما قتل ابوها بقيت عند امير المؤمنين ( عليه السلام ) ولما قبض امير المؤمنين بقيت في دار الحسن فسمع بها معوية (لع) فاخذها من الحسن فزوجها من ولده يزيد وفي خبر كانت تحت الحسين فطلقها وتزوجها يزيد فبقيت عند يزيد الى ان قتل الحسين ( عليه السلام ) ولم يكن لها علم بان الحسين قد قتل ولماقتل الحسين واتوا بنسائه وبناته واخواته الى الشام دخلت امرئة على هند وقالت ياهند هذه الساعة اقبلوا بسبايا ولم اعلم من اين هم فاملك تمضين اليهم وتتفرجين عليهم
ص: 173
فقامت هند و لبست الفخر ثيابها و تخمرت مخمارها و لبست ازارها و امرت خادمة لها ان تحمل الكرسى فلما راتها الطاهرة زينب التفتت الى اختها ام كلثوم وقالت لها اخية اتعرفين هذه الجارية قالت لا والله قالت لها اخية هذى خادمتنا هند بنت عبد الله فسكتت ام كلثوم ونكست رأسها وكذلك زينب فقالت هنداخية اراك طاطات رأسك فسكتت زينب ولم ترد عليها جوابا ثم قالت لها اخية من اى البلاد انتم فقالت لها زينب من بلاد المدينة فلما سمعت هند بذكر المدينة نزلت عن السكرسى وقالت على ساكنها افضل السلام ثم التفتت اليها زينب وقالت اراك نزات عن الكرسى قالت هند اجلالا لمن سكن في ارض المدينة ثم قالت لها اخية اريد ان اسئلك عن بيت في المدينة قالت لها الطاهرة زينب اسئلى ما بدالك قالت اريد ان اسئلك عن دار علي بن ابيطالب قالت لها زينب واين لك معرفة بدار علي (علیه السلام) فبكت وقالت انى كنت خادمة عندهم قالت يازينب وعن ايما تسئلين قالت اسئلك عن الحسين وعن اخوته واولاده وعن بقية اولاد علي واسئلك عن سيدني زينب وعن اختها ام كلثوم وعن بقية مخدرات فاطمة الزهراء فبكت عند ذلك زينب بكاء شديداً و قالت لها ياهند اما ان سئلت عن دار علي ( عليه السلام ) فقد خلفناها تنعى اهلها واما ان سئلت عن الحسين (عليه السلام) فهذا رأسه بين يدى يزيد واما ان سئلت عن العباس وعن بقية اولاد علي (عليه السلام) فقد خلفناهم على الارض مجزرين کالاضاحي بلا رؤوس وان سئلت عن زين العابدين (عليه السلام ) فها هو عليل نحيل لا يطيق النهوض من كثرة المرض والاسقام وان سئلت عن زينب فانا زينب بنت على وهذى ام كلثوم وهؤلاء بقية مخدرات فاطمة الزهراء فلما سمعت هند كلام زينب رفت و بکت و نادت وا اماماه وا سیداه واحسيناه ليتنى كنت قبل هذا اليوم عمياء ولا انظر بنات فاطمة الزهراء على هذه الحالة تم تناولت حجرا وضربت به رأسها فسال الدم على وجهها ومقنعتها وغشى عليها فلما أفاقت من غشيتها انت اليها الطاهرة زينب
ص: 174
وقالت لها ياهند قومى واذهبي الى دارك لاني اخشى عليك من بملك يزيد فقالت هند والله لا اذهب حتى انوح على سيدي ومولاي ابى عبد الله وحتى ادخلك وسائر النساء الهاشمیات معی داری فقامت و حسرت رأسها وشققت الثياب وهتكت الستر وخرجت حافية الى يزيد وهو في مجلس عام وقالت بايزيد انت امرت برأس الحسين (عليه السلام) يشال على الرمح عند باب الدار رأس ابن فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ، صلوب على فناء دارى و كان يزيد في ذلك الوقت جالسا وعلى رأسه تاج مكلل بالدر والياقوت والجواهر النفيسة فلما رأى زوجته على تلك الحالة وثب اليها فقط-اها وقال نعم فاعولى باهند وابكى على ابن بنت رسول الله وصريخة قريش فقد عجل عليه ابن زياد لعنه الله فقتله قتله الله فلما رأت هند ان يزيد غطاها قالت له ويلك يا يزيد اخذتك الحمية علي فلم لا اخذتك الحمية على بنات فاطمة الزهراء هتكت ستورهن وا بديت وجوههن وانزلتهن في دار خربة والله لا ادخل حرمله حتى ادخلهن معى وامر يزيد بهن الى منزله وانزلهم في داره الخاصة فلما دخلت النسوة استقبلتهن نساء آل ابي سفيان وقبلن ايدى بنات رسول الله او رجلين ونحن وبكين وقلن واحسيناه والقين ماعليهن من الثياب والحلى واتمن الماتم ثلاثة ايام فما كان يزيد يتغذى ويتعشى الا ويحضر علي بن الحسين (عليه السلام) وقال يوماً لعلي بن الحسين ان شئت اقمت عندنا فيررنك وأن شئت رددناك الى المدينة فقال (عليه السلام) لا اريد الا المدينة فرده اليها مع اهله
في اللهوف قال الراوى ودعا بزيد (لع) الخاطب وامره يصعد المنبر فيذم الحسين واباه صلوات الله عليهما فصعد وبالغ في ذم امير المؤمنين والحسين الشهيد صلوات الله وسلامه عليهما والمدح المعوية ويزيد عليهما لعائن الله فصاح به علي بن الحسين (عليه السلام) ویلک
ص: 175
ايها الخاطب اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق فتبوأ مقعدك من النار ولقد احسن ابن سنان الخفاجي في وصف امير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول .
اعلى المنابر تعانون بسبه***و بسيفه نصبت لكم اعوادها
اقول الخفاجي ابو محمد عبد الله بن محمد بن سنان الشاعر المعروف بابن سنان منسوب الى خفاجة من بني عامر و من شعره .
يا امة كفرت وفي افواهها ***القرآن فيه ضلالها ورشادها
اعلى المنابر الخ .
تلك الضغائن بينكم بدرية ***قتل الحين وما جنت احقادها
والله لولا تيمها وعديها ***عرف الرشاد بزیدها و زیادها (انتهى)
وفي المناقب لما اتى بعلي بن الحسين ( عليه السلام ) الى يزيد بالشام قال الخطيب خذ بيد هذا الغلام فائت به المنبر واخبر الناس بسوء رأى ابيه وجده و فراقهم الحق و بغيهم علينا قال فلم يدع شيئا من المساوى الا ذكره فيهم فلما نزل قام علي بن الحسين (عليه السلام) و خطب الخ .
وقال في مقاتل الطالبين تم امره ان يصعد المنبر فيخطب فيعذر الى الناس مما كان من ابيه فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه الخ .
و في الاحتجاج قال اصعد المنبر فاعلم الناس حال الفتنة وما رزق الله امير المؤمنين من الظفر قال علي بن الحسين ما اعرفني ما تريد فصعد المنبر الخ . و في الكامل البهائى أنه سئل يزيد ان يخطب يوم الجمعة فقال نعم فلما كان يوم الجمعة أمر مامونا ان يصعد المنبر ويذكر ماجاء على لسانه من المساوى في علي والحسين (عليه السلام) و يقرر الثناء والشكر على الشيخين فصعد الملعون المنبر وقال ما شاء الملمون المنبر وقال ما شاء من ذلك فقال الامام (عليه السلام) ائذن لي حتى اخطب انا ايضا فندم يزيد على ما وصده من ان ياذن له
ص: 176
فلم ياذن له فشفع الناس فيه فلم يقبل شفاعتهم ثم قال ..وبة ابنه وهو صغير السن يا اباه ما يباغ خطبته ائذن له حتى يخطب قال يزيد أذنتم في اسر هؤلاً ، في شك انهم ورثوا والفصاحة واخاف ان يحصل منه فتنة علينا وبالها ثم اجازه فصعد المنبر الخ . و في البحار روى از يزيد (لع) امر عنبر وخطيب ليخبر الناس بمساوى الحسين وعلي (عليه السلام ) وما فعلا فصعد الخطيب المنبر فحمد الله راثنى عليه ثم اكثر الوقيعة في علي والحسين (عليه السلام) واطنب في تقريض معوية وبزيد لعنها الله وذكرهما بكل جميل قال فصاح به علي بن الحسين (عليه السلام ) ويلك اشتريت مرضاة المحلوق بسخط الخالق فتبواً مقعدك من النار قال علي بن الحسين بايزيد ائذن لي حتى اصعد هذه الاعواد فاتكلم كلمات الله فيهن رضى ولهذه الجلساء فيهن اجر و ثواب قال فالي يزيد عليه ذلك فقال الناس يا امير المؤمنين ائذن له فليصعد المنبر فلعلنا نسمع منه شيئا فقال انه ان صعد لم ينزل الا بفضيحتي وبفضيحة الى ابى سفيان فقيل له يا امير المؤمنين وما قدر ما يحسن هذا فقال انه من اهل بيت محمد ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قد زقوا العلم زقا قال فلم يزالوا به حتى اذن له فصعد المنبر محمد الله واثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه واله وفي القمقام قال الحمد لله الذي لا بداية له الدائم الذي لا نفادله الاول الذي لا اول لأوليته والآخر الذي لا اخر لا خريته الباقي بعد فناء الخلق قدر الليالي والايام وقسم فيما بينهم الاقتام فتبارك الله الملك العلام انتهى .
في البحار خطب خطبة ابكى منها العيون واوجل منها القلوب وعن الشيخ فخر الدين قال ايها الناس احذركم من الدنيا وما فيها فانها دار زوال وانتقال تنتقل باهلها من حال الى حال قد افنت القرون الخالية والاسم الماضية الذين كانوا الاول منكم اعمارا واكثر منكم اثارا افنتهم ايدى الزمان واحتوت عليهم الافاعي والديدان افتهم الدنيا فكانهم لا كانوا لها اهلا ولا سكانا قد اكل التراب لحومهم وازال محاسنهم
•
ص: 177
و بدد اوصالهم وشما ثلهم وغيرا لوانهم وملحنهم ابدي الزمان افتطمعون بعدهم البقاء هيهات هيهات لا بدا كم من اللحوق بهم فتدار كوا مابقى من اعماركم بصالح الاعمال وكاني بكم وقد نقلم من قصور كم فرقين غير مسرور بن فكم والله من قريح قد استكملات عليه الحسرات حيث لا يقال نادم ولا يغاث ظالم قد وجد واما أسلفوا و احضر واما تزود ا ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك احدا، فهم في منازل البلوى همود وفي عساكر الموتى خمود ينتظرون صيحة القيمة وحلول يوم الطامة ليجزي الذين أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ثم قال ايها الناس اعطينا ستا وفضلنا بسبع اعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين وفضلنا بان منا البني المختار ومنا الصديق ومنا الطيار ومنا اسد الله واسد رسوله و منا سبطى هذه الامة ومنا مهدي هذه الامة من عرفنى فقد عرفنى ومن لم يعرفني انباته بحسى و نسبی ایها الناس انا ابن مكة ومنى انا ابن زمزم والصفا انا ابن من حمل الزكاة باطراف الرداء انا ابن خير من انترز وارتدى انا ابن خير من انتعل واحتفى انا ابن خير من طاف وسعى انا ابن خير من حج وابى (صلّى الله عليه واله وسلم) انا ابن من حمل على البرق فى الهواء انا ان من اسرى به من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى انا ابن من بلغ به جبرئيل الى سدرة المنتهى انا ابن من دنى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى انا ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى انا ابن من أوحى اليه الجليل ما اوحى انا ابن محمد المصطفى انا ابن علي المرتضى انا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا اله الا الله انا ابن من ضرب بين يدى رسول الله بسيفين وطمن برمحين وهاجر الهجرتين وبايع البيمتين وقاتل ببدر وحنين ولم يكفر بالله طرفة عين انا ابن صالح المؤمنين ووارث النبيين وقامع الملحدين و يعسوب المسلمين و نور المجاهدين وتاج البكائين وزين العابدين واصبر الصابرين وافضل القائمين من ال طه ويس رسول رب العالمين انا ابن المؤيد بجبرئيل المنصور
ص: 178
بميكائيل انا ابن المحامى عن حرم المسلمين وقاتل المارقين والناكثين والقاسطين والمجاهد اعدائه الناصبين وافخر من مشى من قريش اجمعين واول من أجاب واستجاب الله ولرسوله من المؤمنين وأول السابقين وقاصم المعتدين ومبيد المشركين وسهم من مرامى الله على المنافقين ولسان حكمة العابدين وناصر دین الله و ولی امر الله و بستان حكمة الله وعيبة علمه ممح سخی بهی بهلول زكى ابطحی رضی مقدام هام صابر صوام مهذب قوام قاطع الاصلاب ومفرق الاحزاب اربطهم عنانا واثبتهم جنانا وامضاهم عزيمة واشدهم شكيمة اسد باسل يطحنهم في الحروب اذا از دلفت الاسنة وقربت (واقتربت خل) الاعنة طحن الرحاء ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم ليث الحجاز كبش العراق.كى مدنی خیفی عقبی بدرى احدى مهاجرى من العرب سيدها ومن الوغى ليثها وارث المشعرين وابو السبطين الحسن والحسين ذاك جدي علي بن ابيطالب (عليه السلام) ثم قال انا ابن فاطمة الزهراه انا ابن سيدة النساء انا ابن خديجة الكبرى انا ابن المقتول ظالما انا ابن محزوز الرأس من القفا انا ابن العطشان حتى قضى انا ابن طريح كربلا انا ابن مسلوب الحمامة والرداء انا ابن من بكت عليه ملائكة السماء انا ابن من ناحت عليه الجن في الارض والطير في الهواء انا ابن من رأسه على السنان يهدى انا ابن من حرمه من العراق الى الشام تسبى فلم يزل يقول انا انا حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب وخشي يزيد (لع) أن يكون فتنة قاصر المؤذن فقطع عليه الكلام فلما قال المؤذن الله اكبر الله اكبر قال علي (عليه السلام ) لا شيء اكبر من الله فلما قال المؤذن اشهد ان لا اله الا الله قال علي بن الحسين شهد بها شعری و بشری و عظمی و احمى ودمى فلما قال المؤذن اشهد ان محمدا رسول الله التفت من فوق المنبر الى يزيد فقال محمد هذا جدي ام جلك يا يزيد فان زعمت انه جدك فقد كذبت وكفرت وان زعمت انه جدي فلم قتلت عترته ولم قتلت ابي وسيت نسا له معاشر الناس هل فيكم من جده رسول الله فعلت الاصوات بالبكاء
ص: 179
في البحاران معوية سئل الحسن ( عليه السلام ) ان يصعد المنبر وينتسب فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال ايها الناس من عرفنى فقد عرفنى ومن لم يعرفنى فابين له نفسي بلدي مكة ومنى وانا ابن المروة والصفا وانا ابن النبي المصطافى وانا ابن من علا الجبال الرواسي وانا ابن من كسى وجهه الحياء انا ابن فاطمة سيدة النساء انا ابن قليلات العيوب وانا ابن نقيات الجيوب فخاف معوية وامر المؤذن فلما كبر المؤذن قال الحسن (عليه السلام) لاشيء اكبر من الله فلما قال المؤذن اشهد ان لا اله الا الله قال شهد بها لحمي و بشرى ودي وعظمي فلما قال المؤذن اشهد ان محمدا رسول الله التفت الحسن (عليه السلام) الى معوية وقال محمد ابي ام ابوك فان قلت ليس بابي فقد كفرت فان قلت نعم فقد قررت ما اشبه كلام الحسن ( عليه السلام ) مع معوية بكلام زين العابدين مع يزيد حين خطاب بتلك الخطبة ذكرناها ومن بعض كلماته التي لم نذكرها وها نذكرها هي هذه في القمقام ايها الناس ان الله تعالى وله الحمد ابتلانا اهل البيت بيلا، حسن حيث جمل راية الهدى والعدل والتقى فينا وجعل راية الضلالة والردى في غيرنا فضلنا اهل البيت بست خصال فضلنا بالعلم والحلم والشجاعة والسماحة والمحبة في قلوب المؤمنين واتانا مالم بؤت احدا من العالمين من قبلنا فينا مختلف الملائكة وتنزيل الكتب ولم يزل يقول انا انا حتى ضح الناس بالبكاء والنحيب فامر الامين المؤذن أن يؤذن ويقطع على الامام كلامه كما مر وفي نفس المهموم عن الكامل البهائي فقام المؤذن وقال الله اكبر الله اكبر قال الامام نعم الله اكبر واعلى واجل واكرم مما اخاف واحذر فلما قال اشهد ان لا اله الا الله قال نعم اشهد مع كل شاهد واحتمل عن كل جا حد ان لا اله غيره ولارب سواه فلما قال اشهد ان محمدا رسول الله اخذ (عليه السلام) عمامته من رأسه وقال المؤذن اسئلك
ص: 180
بحق محمد هذا ان تسكت ساعة تم اقبل على يزيد وقال يزيد هذا الرسول العزيز الكريم جدي ام جدك فان قلت انه جدك يعلم العالمون انك كاذب وان قلت انه جدي فلم قتلت ابي ظالما وانتهيت ماله وسبيت نسائه فقال (عليه السلام) هذا واهوى الى حبيبه فشقه ثم بكى وقال والله لو كان في الدنيا من جده رسول الله فليس غيري فلم قتل هذا الرجل ابي ظلما وسبا نا كما تسبى الروم ثم قال يا يزيد فعلت هذا ثم تقول محمد رسول الله وتستقبل القبلة فويل لك من يوم القيمة حيث كان خصمك جدي وابي فصاح يزيد بالمؤذن أن يقيم الصلاة فوقع بين الناس دمدمة وزمزمة عظيمة فبعض صلى وبعضهم لم يصل حتى تفرقوا فخاف يزيد خوفا عظيما وغلبت عليه الخشية بحيث امر برد رأس الحسين ورؤوس اصحابه الى قصره واحترام الرأس وكان ( لع)كما في كامل البهائي امر برأس الحسين وسائر الرؤوس من اهل بيته واصحابه ان تصلب على ابواب البلد وانجع الفجائع هو انه ام الملعون بان يصلب رأس الحسين ( عليه السلام) على منارة جامع دمشق اربعين يوما وسائر الرؤوس على ابواب المساجد و ابواب البلد ويوما على باب دار يزيد و كان زين العابدين (عليه السلام) رأى الرأس الشريف منصوبا علي باب البلد صاح بيزيد (لع) كما في البحار وقال ويلك يا يزيد انك لو تدري ماذا صنعت وما الذي ارتكبت من ابي واهل بيتي واخي و عمومتي اذا الهربت في الجبال وافترشت الرماد و دعوت بالويل والثبورا يكون أض ابي الحسين(عليه السلام) ابن فاطمة منصوبا على باب مدينتكم وهو وديعة رسول الله فيكم فابشروا بالخزى والندامة غدا اذا اجتمع الناس ليوم القيمة م جعل يقول .
ماذا تقولون اذ قال النبي لكم*** ماذا فعلتم وانتم اخر الامم
بعترتي وباهلي بعد مفتقدي*** منهم استارى ومنهم فرحوا بدم
ص: 181
قال المجلسي عطر الله مرقده في البحار اقول روى في بعض مؤلفات اصحابنا مرسلا ان نصرانيا اتي رسولا من ملك الروم الى يزيد لعنه الله وقد حضر في مجلسه الذي اتى اليه برأس الحسين (عليه السلام) فلما رأى النصراني رأس الحسين بكى وصاح و ناح حتى ابتلت لحيته بالدموع ثم فال اعلم يا بزيد اني دخلت المدينة تاجرا في ايام حياة النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) وقد اردت ان انيه بهدية فسالت من اصحابه اي شيء احب اليه من الهدايا فقالوا الطيب احب اليه من كل شيء وان له رغبة فيه قال فحملت من المسك فارتين وقدرا من العنبر الاشهب وجئت بها اليه وهو يومئذ في بيت زوجته ام سلمة ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فلما شاهدت جماله ازداد عيني من لقائه نورا ساطعا و زادني منه سرور وقد تعلق قلبي بمحبته فسلمت عليه ووضعت العطر بين يديه فقال (صلّى الله عليه واله وسلم ) ما هذا قلت هدية محقرة اتيت بها الى حضرتك فقال لي ما اميمك فقلت اسمي عبد الشمس فقال لي بدل اسمك فانا اسميك عبد الوهاب ان قبلت مني الاسلام قبلت منك الهدية قال فنظرته و تاملته فعلمت انه نبي وهو البني الذي اخبرنا عنه عيسى حيث قال اني مبشر اكم برسول ياتي من بعدي اسمه احمد فاعتقدت ذلك واسلمت على يده في تلك الساعة ورجعت الى الروم وانا اخفى الاسلام ولى مدة من السنين وانا مسلم مع خمس من البنين واربع من البنات وانا وزير ملك الروم وليس لاحد من النصارى اطلاع على حالنا واعلم يا يزيد اني يوم كنت في حضرة النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وهو في بيت ام سلمة رأيت هذا العزيز الذي رأسه وضع بين يديك مهينا حقيرا قد دخل على جده من باب الحجرة والنبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فاتح باعه ليتناوله وهو يقول مرحبابك ياحبيبي حتى انه تناوله واجلسه في حجره وجعل يقبل شفتيه ويرشف ثناياه وهو يقول بعد عن رحمة الله من قتلك
ص: 182
ياحسين واعان على قتلك والنبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) مع ذلك يبكى فلما كان اليوم الثاني كنت مع النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) في مسجده اذ اناه الحسين مع اخيه الحسن (عليه السلام) وقال ياجداه قد تصارعت مع اخي الحسن ولم يغلب احدنا الآخر وأنما نريد ان نعلم اينا اشد قوة من الاخر فقال لهما النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ياحبيبي يا مهجتى ان التصارع لا يليق بكما واسكن اذهبا فتكاتبا فمن كان خطه احسن كذلك تكون قوته اكثر قال فمضيا وكتب كل واحد منها سطرا واتيا الى جدهما النبي ( عليه السلام ) فاعطياه اللوح ليقضى بيتهما فنظر النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اليها ساعة ولم برد ان يكسر قلب احدهما لانه تأمل في أمرهما لو قال خط الحسن احسن كان يفتم الحسين ( عليه السلام ) ولو قال خط الحسين احسن كان يفتم الحسن (عليه السلام) فقال لهما ياحبيبي اني بني امي لا اعرف الخط اذهبا إلى ابيكما ليحكم بينكما وينظر ايكما احسن خطا قال فمضيا اليه وقام النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ايضا معهما ودخلوا جميعاً الى منزل فاطمة فما كان الا ساعة واذا النبي مقبل وسلمان الفارسي معه وكان بيني وبين سلمان صداقة ومودة فسئلته كيف حكم ابوها بينهما وخط ايهما الحسن قال سلمان ( رض ) لما اتيا الى ابيها و تامل حالهما رق لهما ولم يرد ان يكسر قلب احدهما قال لهما أمضيا الى امكما فهي تحكم بينكما فاتها الى امهما و عرضا عليها ما كتبا في اللوح وقالا يا اماه ان جدنا أمرنا ان نتكاتب فكل من كان خطه احسن تكون قوته اكثر فتكاتبنا وجئنا اليه فوجهنا الى ابينا فلم محكم بيننا و وجهنا اليك فتفكرت فاطمة بان جدها و اباها ما ارادا كسر خاطرها انا ماذا اصنع وكيف احكم بينهما فقالت لها ياقرني عيني اني اقطع قلادني على رأسكما فا يكما بلتقط من لؤلؤها اكثر كان خطه احسن وتكون قوته اكثر قال وكان في قلادتها سبع لؤلؤات ثم انها قامت فقطعت قلادتها على رأسهما فالتقط الحسن ثلاث لؤلؤات والتقط الحسين ( عليه السلام ) ثلاث اؤلؤات و بقيت الاخرى فاراد كل منها تناولها فامر الله تعالى جبرئيل بنزوله الى الارض وان يضرب يجناحه تلك اللؤلؤة ويقدها نصفين فاخذ كل
ص: 183
منهما نصفا فانظر بايزيد كيف رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) لم يدخل على احدهما الم ترجيح الكتابة ولم يرد كسر قلبها وكذلك امير المؤمنين (عليه السلام ) وفاطمة وكذلك رب العزة لم برد كسر قلب احدها بل امر من قسم المؤاؤة بينها الجبر قلبها وانت هكذا تفعل ما بن بنت رسول الله اف لك ولدينك يا يزيد ثم أن النصراني نهض الى رأس الحسين (عليه السلام ) واحتضنه وجعل يقبله وهو يبكى ويقول باحسين اشهد لي عند جدك محمد المصطفى وعند ابيك علي المرتضى وعند امك فاطمة الزهراء صلوات الله عليهم اجمعين .
و يهدى الى الشامات رأس ابن فاطم*** وينكته بالخيرزانه كاشحه
وشینه مخضوبة بدمائه*** بلاعبه غادى النسيم ورائحه
حكى ان يزيد عليه امائن الله امر بان يصلب رأس الحسين ( عليه السلام ) على باب داره وامر باهل بيت الحسين ( عليه السلام ) ان يدخلوا داره فلما دخلت النسوة دار يزيد لم يبق من ال معوية ولا ال ابي سفيان احد الا استقبلتهن بالبكاء والصراخ والنياحة على الحسين (عليه السلام ) وقبلن ايدي بنات رسول الله وارجلهن والقين ما عليهن من الثياب والحلي ونحن وبكين واتمن الماتم ثلاثة ايام على الحسين ( عليه السلام ) وفي القمقام ثم ارسلت زينب الى بزيد تسئله الاذن ان يقمن الماتم على الحسين فاجاز ذلك وانزلهن في دار الحجارة فاقمن الماتم هناك سبعة ايام ويجتمع عندهن في كل يوم جماعة كثيرة لا تحصى من النساء فقصد الناس ان يهجموا على يزيد في داره ويقتلوه فاطلع على ذلك مروان وقال ليزيد لا يصلح لك توقف اهل بيت الحسين في الشام فاعدلهم الجهاز وابعث بهم الى الحجاز فهيا لهم المسير وبعث بهم الى المدينة وفي الناسخ انتبه اهل الشام من تلك الرقدة واستيقظوا منها وعطات الاسواق وجعلوا يقولون هذا رأس الحسين ابن بنت نبينا
ص: 184
ما علمنا بذلك أنما قالوا هذا رأس خارجي خرج بارض العراق فبلغ ذلك الخبر الى يزيد فاستعمل لهم الاجزاء من القرآن وفرقها في المساجد وكانوا اذا صلوا وفرغوا من الصلاة وضعت الاجزاء بين ايديهم في مجالسهم حتى يشتغلوا بها عن ذكر الحسين (عليه السلام) والناس مالهم حديث الاحديث الحسين (عليه السلام) يقول الرجل لصاحبه يا فلان اما ترى الى مافعل بابن بنت نبينا محمد ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فبلغ ذلك يزيد وعرف ان اهل الشام لا يشغلهم عن ذكر الحسين شاغل فنادى الناس ان يحضروا الى الجامع فحضروا من كل جانب ومكان فلما تكامل الناس قام فيهم خطيبا ثم قال تقولون يا اهل الشام انا قتلت الحسين بن علي بن ابيطالب والله ماقتلته ولا امرت بقتله وأنما قتله عاملى عبيد الله بن زياد ثم قال والله لافتان من قتله ثم دعا بالذين تولوا حرب الحسين (عليه السلام ) فاوقفوا بين يديه فالتفت الى شبث بن ربعي ( لع ) وقال ويلك انت قتلت الحسين ام انا اسرتك بقتله قال شبت والله ما قتلته بل قتله المصابر بن رهيبة فاقبل مزيد عليه وقال يا د بلاك انت قتلت الحسين ام انا امرتك به قال لا و الله ماقتله بل قبله قيس بن الربيع فالتفت يزيد الى قيس وقال یا ديلك انت قتلت الحسين اهم انا احبرتك بقتله قابل لا و الله ماقتلته قال فمن قتله قال قتله شمر بن ذي الجوشن (لع) فالتفت الى شمر وقال يا ويلك انت قتلت الحسين او انا امرتك بقتله فقال لعن الله من قتله قال فمن قبله قال سنان بن انس التخمي قال فاقبل يزيد اليه وقال له يا وبلك انت قتلت الحسين او انا امرتك بقتله قال لمن الله من قتله فعند ذلك غضب يزيد غضبا شديدا من قوهم وقال لهم ياويل كم يحيل بعضكم على بعض قال قيس بن الربيع بالامير المؤمنين انا اقول لك من قتله ولى الامان من القتل قال نعم لك الامان قال والله ماقتله الا الذي عقد الرايات وفرق الاموال ووضع العطايا وسير الجيوش جيشا بعد جيش فقال با ويلك من هو قال والله ماقتل الحسين غيرك بايزيد قال فغضب يزيد من قوله وقام ودخل قصره ووضع الرأس في طشت
ص: 185
وغطاه بمنديل ديتى ووضعه في حجره ودخل الى بيت مظلم وجعل يلعم على امرأسه ويقول مالى والحسين بن علي بن ابيطالب ندم واني ينفعه الندم .
فقل لمزيد سود وجهه ***اخطك من بعد الحسين يزيد
نسجت سرابيل الضلال بقتله*** ومزقت ثوب الدين وهو جديد
الا لعنة الله على القوم الظالمين.
اقول و يظهر لمن تامل في افعال يزيد واقواله انه كان راضيا بقتل الحسين (عليه السلام) وهو الذي امر به لانه لماحبيء برأس الحسين (عليه السلام) واهل بيته اليه سر بذلك غاية السرور ففعل مافعل مع الرأس الشريف وقال ماقال و حسنت حال ابن زياد عن--ده وزاده في عطاياه ووصله و بره وسره ما فعل ثم لم يلبث الا يسيرا حتى عرفهم الناس بانهم عترة رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم ) واطلعوا على جلالتهم وانهم مظلومون مطرودون مشردون كرهوا فعل يزيد بل لعنوه وسبوه واقبلوا على اهل البيت فلما اطلع يزيد وبلغه بغض الناس له ولعنهم وسبهم اياه ندم على قتل الحسين فكان يقول وما علي لو احتملت الاذى وانزلت الحسين (عليه السلام) معى في داري وحكمته فيما يريد وان كان علي في ذلك وهن في سلطاني حفظا لرسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ورعاية لحفه وقرابته ثم انه نسب قتله الى ابن زياد وامنه بفعله ذلك واظهر الندم على قتله ( عليه السلام ) وقال لعن الله ابن مرجانة فانه اضطره وقد سئله ان يضع يده في يدى او يلحق بثغر حتى يتوفاه الله فلم يجبه الى ذلك فقتله فبغضى بقتله الى المسلمين وزرع في قلوبهم العداوة فابغضى البروا الفاجر بما استعظموه من قتل الحسين مالي ولا بن مرجانة (لع) وغضب عليه تم غير حاله مع علي بن الحسين(عليه السلام) وسائر اهل بيته فأنزلهم في داره الخاصة بعد ما حبسهم في محبس لا يكنهم من حرولا
ص: 186
برد حتى تقشرت وجوههم وكل ذلك حفظا للملك والسلطنة وجابا لقلوب العامة لا لانه ندم على قتل الحسين بحسب الواقع و نفس الامر وسآئه مافعل ابن زياد والذي يدل على هذا ما نقل سبط ابن الجوزى فى التذكرة انه استدعى ابن زياد اليه واعطاه اموالا كثيره وتحفا عظيمة وقرب مجلسه ورفع منزلته وادخله نسائه وجعله نديمه وسكر ليلة وقال للمغني عن ثم قال يزيد (لع ) بديها .
اسفنى شربة تروى مشاشي ***ثم مل فاسق مثلها ابن زیاد
صاحب البر والامانة عندى ***و لتسديد معلمی و جهادی
قاتل الخارجي اعنى حسينا ***ومبيد الاعداء والحساد
ونقل ابن الاثير في الكامل عن ابن زياد انه قال لمسافر بن شريح اليشكري في طريق الشام اما قتلى الحسين ( عليه السلام) فانه اشار الى يزيد بقتله او قتلى فاخترت قتله والحاصل ولما أنزل اهل البيت في داره الخاصة وكان يكرم علي بن الحسين ( عليه السلام ) وقرب مجلسه منه ولا يتغدي ولا يتعشي حتى يحضر علي بن الحسين ( عليه السلام ) عنده (في المناقب) قال يزيد يوماً لعلي بن الحسين واعجباه من ابيك محمى عليا وعليا فقال (عليه السلام) ان ابي احب اباه فسمى باسمه مرارا فدعاه ذات يوم ومعه عمرو بن الحسن (عليه السلام) وموغلام صغير يقال ان عمره احدي عشر سنة فقال يزيد العمر واتقاتل هذا يعني خالد بن يزيد فقال عمر و نعم اعطاني سكينا واعطه سكينا حتى اقاتله وفي خبر قال انصارع ابني هذا قال لا ولكن اعطه سكينا واعطنى سكينا حتى اقاتله فضمه يزيد اليه وقال شنشنة اعرفها من اخزم هل تلد الحية الا الحية ولما اجاز يزيد بن معوية لبنات رسول الله والذرية الطيبة ان ينحن ويقمن الماتم عليه ووعد على بن الحسين ( عليه السلام ) ان يقضى له ثلاث حاجات فقمن الماتم اياما وقيل سبعة ايام فلما كان اليوم الثامن دعاهم يزيد وعرض عليهم المقام بدمشق فابوا ذلك وقالوا بل ردنا الى المدينة فانها مهاجر جدنا ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قال نعم قامر
ص: 187
ان يجهزوا لهم وقال في اللهوف قال يزيد لعلي بن الحسين (عليه السلام) اذكر حاجاتك الثلاث اللاني وعدتك بقضائهن فقال (عليه السلام) الاولى ان تريني وجه سيدي ومولاي وابي الحسين(عليه السلام) فاتزود منه والثانية ان ترد علينا ما اخذ منا والثالثة ان كنت حزمت على قتلى ان توجه مع هؤلاء النسوة من يردهن الى حرم جدهن فقال اما وجه ابيك فلن تراه ابدا واما قتلك فقد عفوت عنك واما النساء فما يردهن غيرك الى المدينة واما ما اخذ منكم فانا اعوضكم عنه اضعاف قيمته فقال ( عليه السلام ) اما مالك فلا نريده وهو موفر عليك وانما طلبت ما اخذمنا لان فيه مغزل فاطمة بنت محمد ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ومقنعتها وقلادتها وقيصها فامر برد ذلك وزاد فيه من عنده مائتي دينار فاخذ زين العابدين وفرقها في الفقراء وفي شرح الشنافية لابي فراس انه لما قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) يا يزيد اريد ان تربني وجه أبى وسيدي الحسين (عليه السلام ) وقال له ان تراه ابدا كان الرأس الشريف في طشت من المسجد مغطى بمنديل ديبقى فاذا بالمنديل ارتفع فناداه السلام عليك يا ولداه السلام عليك يادلي فصاح علي بن الحسين وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا ابتاه ايتمتني على صغر سني وذهبت يا ابتاه عني وفرق بيني وبينك وها انا راجع الى حرم جدي رسول الله او دعتك الله واسترعيك واقرأ عليك السلام قال فضح المجلس بالبكاء والعويل حتى ارتجب الأرض فحشى يزيد ( لع ) من انقلاب الناس عليه فقام ودخل منزله وقال الفاضل المراقي في المحرق لما قال يزيد ( لع ) اما وجه ابيك فلن تراه ابدا قال علي بن الحسين (عليه السلام) بايزيد انت ظننت ان رأس ابى مخفى علي واني ما اقدر ان لراه واتكلمه ففي ذلك الوقت كان الرأس الشريف في ماشت من ذهب مغطى بمنديل ووضع في حجرة ثم توجه نحو الحجرة وقال السلام عليك يا ابا عبدالله واذا قد ارتفع المنديل وقال الرأس المبارك وعليك السلام ياعلي ياولدي فصاح على بن الحسين (عليه السلام) صيحة وقال يا ابتاه ايتمني وذهبت وها انا راجع الى حرم جدي فلودعك الله واقرأ عليك السلام فبكي
ص: 188
كل من حضر في المجلس .
في خروجهم من الشام الى دخولهم المدينة ويشتمل هذا الفصل على اثني عشر مجلساً
فى كتب المقاتل لما ارادوا الرجوع الى المدينة احضر يزيد لهم المحامل وزينها ثم دعا بعلي بن الحسين ( عليه السلام ) فقال له لعن الله ابن مرجانة حيث قتل اباك اما و الله لو كنت صاحبه ما سئلني خصلة الا اعطيتها اياه ولدفعت عنه الحتف بكل ما قدرت عليه ولو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضى ما رأيت فكاتبني من المدينة وارفع الى حوائجك وانه الي كل حاجة تكون لك وتقدم بكسوته وكسوة اهله و امر بالانطاع من الا بريسم وصب عليها الاموال وقال يا ام كاثوم خذوا هذه الاموال عوض ما اصابكم فقالت ام كلثوم يا يزيد ما اقل حياتك واصلب وجهك تقتل اخي واهل بيتي وتعطيني عوضهم مالا والله لا كان ذلك ابدا .
من اين تخجل اوجه اموية ***سكيت بلذات الفجور حيائها ولما اراد ان يجهز هم قال للنعمان بن بشير صاحب رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم ) جهز هؤلاء النسوة بما يصلحهم وابعث معهم رجلا من اهل الشام امينا صالحا وابعث معهم خيلا واعوانا تم كساهم وحياهم وفرض لهم الارزاق والانزال ثم اوصى بهم الرسول ان يسيروا بهم في الليل وبرفقوا بهم فخرج بهم الرسول يساير هم فيكون امامهم فاذا نزلوا تنحى عنهم وتفرق هو واصحابه كهيئة الحرس ثم ينزل بهم حيث اراد احدهم الوضوء او قضاء حاجة فصار معهم في جملة النعمان بن بشير ولم يزل ينازلهم في الطريق وبرفق
ص: 189
بهم كما وصاه يزيد ويرعاهم ويعرض عليهم حوائجهم ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة قالت فاطمة بنت علي (عليه السلام) قلت لاختي زينب (عليه السلام) قد وجب علينا حق هذا الحسن صحبته أنا فهل لك ان تصليه بشيء قالت والله ما لنا ما تصله به الا ان نعطيه حلينا فاخذت سواري و دملجي وسوار اختي و دملجها فبعثنا بها اليه واعتذرنا من قلتها وقلنا هذا بعض جزائك الحسن صحبتك ايانا فقال لو كان الذي صنعت الدنيا كان في دون هذا رضاى و لكن والله ما فعلته الا الله وقرابتكم من رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وفي اخبار الدول ان الرسول هو النعمان بن بشير مع ثلاثين رجلا فكان يسايرهم ليلا فيكون امامه بحيث لا يفوتون طرفه واذا نزلوا تنحى عنهم هو واصحابه فكانوا حولهم كهيئة الحرص و كان يستلهم عن حاجتهم ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة قال السيد في اللهوف ولما رجع اهل بيت الحسين (عليه السلام) و نسائه وعياله من الشام و باغوا العراق قالوا الدليل مرينا على طريق كربلا فوصلوا الى موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصارى وجماعة من بني هاشم ورجالا من ال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قد وردو الزيارة قبر الحسين (عليه السلام) فواقوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللعلم واقاموا الماتم المفرحة للاكباد واجتمع اليهم نساء ذلك السواد فاقاموا على ذلك اياما اقول ويظهر من الأخبار ان معهم الرؤوس المطهرة ودفنوها مع الأجساد الطيبة وان كان فيها اقوال كثيرة وها نحن تقتصر على ذكر شرذمة منها قيل أنه كان في خزانة بزيد رأس الحسين ( عليه السلام ) الى ان دخل منصور بن جمهور خزانته فوجده في جونة حمراء وهو مخضوب بالسواد فدفنه بدمشق عند باب الفراديس وقيل وجده سليمان بن عبد الملك بن مروان في خزانة يزيد فكاه خمسة أثواب من الديباج وصلى عليه فى جماعة من اصحابه وقبره وفي بعض التواريخ أن سليمان بن عبد الملك بن مروان رأى النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) في المنام كانه يبره و بلطفه فدعا الحسن البصرى فسئله عن ذلك فقال لملك اصطنعت الى اهله معروفا
ص: 190
فقال سليمان أني وجدت رأس الحسين ( عليه السلام ) في خزانة يزيد بن معوية فكسوته خمسة من الديباج وصليت عليه في جماعة من اصحابى وقبرته فقال الحسن ان النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) رضى عنك بسبب ذلك ففرح سليمان واحسن الى الحسن وامر بالجوائز انتهى . وقال قوم انه بعث به بيزيد الى عمرو بن سعد بن العاص عامله على المدينة فقال عمرو وددت انه لم يبعث به الى تم امربه فدفن بالبقيع عند قبر امه فاطمة ( عليها السلام ) وقيل انه دفن عند امير المؤمنين ( عليه السلام ) كما في اخبار كثيرة قال المجلسي ( قده ) والمشهور بين علم اثنا الامامية انه دفن رأسه مع جسده الشريف وكان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار اليه وقال ابن شهر اشوب ذكر المرتضى في بعض مسائله از رأس الحسين (علیه السلام ) رد الى بدنه بكر بلا من الشام وضم اليه وقال الطوسي (رحمة الله ) ومنه زيارة الأربعين وفى تاريخ حبيب السير ان يزيد من معوية سلم رؤوس الشهداء الى علي بن الحسين (عليه السلام ) فالحقه بالأبد ان الطاهرة يوم العشرين من صفر ثم توجه الى المدينة الطيبة وقال هذا أصبح الروايات الواردة فى مدفن الرأس المكرم وذكر سبط ابن الجوزي في التذكرة فية خمسة اقوال دفنه بكر بلا وفي المدينة عند قبر ا. وبدمشق ومسجد الرقة وفي القاهرة وقال اشهرها انه رد الى المدينة مع السبايا ثم رد الى الجسد بكز بلا فدفن معه الى ان قال وفي الجملة فنى اي مكان كان رأسه او جسده فهو ساكن في القلوب والضمائر وقاطن فى الأسرار والخواطر انشدنا بعض اشياخنا في هذا المعنى . لا تطلبوا المولى الحسين بارض شرق او بغرب ودعوا الجميع وعرجوا نحوى فمشهده بقلبي
قم جدد الحزن في العشرين من صفر ***ففيه ردت رؤوس الآل الحفر
یازائرى بقعة الطفالهم ذبحت ***فيها خذوا تربها كحلا الى البصر
ص: 191
والهفتا لبنات العاهر يوم رنت ***الى مصارع قتلاهن والحفر
رمين با انفس من فوق النياق على*** تلك القبور بصوت هائل ذعر
فتلك تدعو حسينا وهي لاطمة ***منها الحدود ودمع العين كالمطر
وتلك تصرخ و اجداه وا ابتاه ***وذلك تصرخ وايياه في الصغر
فاو تروا ام كلثوم منا شدة ***ولهى وتتم ترب الطف كالمطر
يا دافي الرأس عند الجثة احتفظوا ***بالله لا تذتروا ترباً على قمر
لا تدفنوا الرأس الا عند مرقده ***فانها روضة الفردوس والزهر
لا تغسلوا الدم من اطراف لحيته ***خلوا عليها خضاب الشيب والكبر
لا تخرجوا اسهما في جسمه نشبت*** خوف يفور دما يعلمو على البشر
رشوا على قبره ماه فصاحبه***معطاش بالوا احشاه بالقطر
لاندفنوا الطفل الا عند والده ***قانه لا يطيق اليتم في الصغر
لا تدفنوا عنهم العباس مبتعداً ***فالرأس عن جسمه حتى اليدين برى
يا راجعين السبايا قاصدين الى ***ارض المدينة ذاك المربع الخضر
خذوا لكم من دم الأحباب تحفتكم ***وخاطبوا الجد هذا تحفة السفر
وفى كتاب تظلم الزهراء عن كتاب بشارة المصطافي لشيعة المرتضى تأليف محمد ابن ابي القاسم الطبرى مسنداً عن الاعمش عن عطية الموفى قال خرجت مع جابر بن عبدالله الأنصاري زائراً قبر الحسين ( عليه السلام ) فلما وردنا كر بلادنا جابر من شاطىء الفرات قاغتسل ثم انزر بازار وارتدى باخر ثم فتح صرة فيها سعد فنثرها على بدنه ثم مشى الى القبر الشريف حافياً لم يخط خطوة الا ذكر الله حتى اذادنا من القبر قال المسنيه قال عطية فالمسته فخر على القبر مغشيا عليه فرششت عليه شيئا من الماء فلما أفاق قال ياحسين ثلاثا ثم قال حبيب لا يجيب حبيبه ثم قال وانى لك بالجواب وقد شحطت
ص: 192
او داجك على اثباجك وفرق بين بدنك ورأسك فاشهد انك ابن خاتم النبيين و ابن سيد الوصيين وابن حليف التقوى (التقى خ ل ) سليل الهدى خامس اصحاب الكساء وابن سيد النقباء وابن فاطمة سيدة النساء ومالك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين وربيت في حجرا المتقين ورضعت من ندى الاعمان وقطمت بالاسلام فطبت حياً وطبت ميتا غير ان قلوب المؤمنين غير طيبة لفراقك ولا شاكة في حياتك فعليك سلام الله ورضوانه واشهد انك مضيت على ما مضى عليه اخوك يحيى بن زكريا ثم اجال ببصره حول الفير وقال السلام عليكم ايتها الأرواح التي حلت بفناء قبر الحسين ( عليه السلام ) واناخت برحله اشهد انكم اقمتم الصلاة وانيتم الزكاة وامرتم بالمعروف و نهيتم عن المنكر وجاهدتم الملحدين وعبدتم الله حتى اتاكم اليقين والذي بعث محمداً «صلّى الله عليه واله وسلم » بالحق لقد شاركنا كم فيما دخلتم فيه قال عطية فقلت لجابر فكيف ولم نهبط واديا ولم نعل جيلا ولم نضرب بسيف والقوم قد فرق بين رؤوسهم وأبدانهم واو تمت اولادهم وارملت ازواجهم فقال لي باعطية سمعت حبيبي رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يقول من احب قوما حشر معهم و من احب عمل قوم الشرك في عملهم والذي بعث محمداً بالحق ان نيتي ونية اصحابى على ما مضى عليه الحسين (عليه السلام ) واصحابه حذو النعل بالنعل ثم قال خذوني نحو ابيات كوفان قال عطية فلما صرنا في بعض الطريق فقال لي ياعطية هل أوصيك وما اظن انتي بعد هذا السفر ملاقيك احب محب ال محمد على ما احبهم وابغض مبغض ال محمد على ما ابغضهم وان كان صواماً قواما وارفق بمحب ال محمد فانه ان نزل قدم بكثرة ذنوبهم ثبتت أخرى محبتهم فان محبهم يعود الى الجنة ومبغضهم يعود الى النار وفي بعض كتب المقاتل قال عملية فبينما نحن بهذا الكلام اذا بسواد قد اقبل علينا من ناحية الشام فقلت يا جابر أني ارى سواداً عظيماً مقبلا علينا من ناحية الشام فالتفت جابر الى غلامه وقال له انطلق وانظر ماهذا السواد فان كانوا من اصحاب عبدالله بن زياد املنا نلجأ الى
.
ص: 193
ملجأ وان كان هذا سيدي ومولاي زين العابدين فانت حر لوجه الله فانطلق الغلام فما كان باسرع من ان رجع الينا وهو يلطم على وجهه وينادي قم ياجابر واستقبل حرم الله وحرم رسول الله فهذا سيدي ومولاي على بن الحسين (عليه السلام ) قد اقبل مع عمانه واخواته ليجددوا العهد بزيارة الحسين (عليه السلام ) فقام جابر ومن معه واستقبلوهم بصراخ وعويل يكاد الصخر ان يتصدع منه ولما دنى من الامام انكب على اقدامه يقبلهما و يقول سيدي عظم الله لك الأجر بابيك الحسين ( عليه السلام) سيدي عظم الله لك الأجر بعمومتك واخوتك فقال الامام (عليه السلام) انت جابر قال نعم سيدي انا جابر فقال (عليه السلام ) ياجابر ههنا قتل ابو عبدالله ياجابر ههنا ذبحت اطفال ابي وينبغي ان اذكر في هذا المقام هذه الأبيات
فالدهر شتتنا والجور حل بنا ***والسم غادرنا والسيف افنانا
نساؤنا سبيت من بعد ما خبيت ***اطفالنا تجرت ظلما وعدوانا
ابن النبي برى جسم الحسين على ***الرمضاء منعفراً بالطف عريانا
این النبي يرانا في القيود على*** كور المطايا اسارى بين اعدانا
ابن النبي عن الرأس الكريم على*** رمح طويل باعلى الافق قربانا
في تفسير الامام الحسن العسكري (عليه السلام ) علامة الايمان خمس التختم باليمين وصلاة احدى وخمسين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والتعفير للجبين وزيارة الاربعين وادل من زار الحسين (عليه السلام) في يوم الأربعين جابر بن عبدالله الانصاري كما ذكرنا في المجلس السابق مشى حافياً لم يخط خطوة الا وذكر الله تعالى وهذا من ادب زيارة الحسين ( عليه السلام) وكل مرزار الحسين (عليه السلام) عارفاً بحقه ينبغي ان يعمل بهذه الآداب وجابر
ص: 194
كان عارفا بحق الحسين وبما في زيارته من الاجر والثواب ومسمع من رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) بكر بلا كان كمن زار الله في عرشه و كان يعلم بان لكل
انه من زار الحسين (ع خطوة حجة وعمرة ثم قول جابر حبيب لا يجيب حبيبه كان جابر من اهل المعرفة وكان عارفاً بشؤنات الامام بانه يسمع الكلام ويرد الجواب لانه حي مرزوق عند الله ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) فيقتضى ان يجيبه الحسين (عليه السلام) حين ناداه جابر و يتكلم معه كما تكلم روحي له الفدا مع ابنته سكينة وهو جثة بلا رأس وقال شيعتي مهما شربتم عذب ماء فاذكروني الخ .
واعتذار جابر بانه وانى لك بالجواب كانه يزيد ان يبين ويظهر حال سيده و شهادته لمن حضر حتى يبكوا على الحسين ولذا قال وقد شحطت او داج-ك على انباجك وفرق بين بدنك ورأسك ثم قول جابر في زيارته فاشهد انك ابن خاتم النبيين وابن سيد الوصيين وابن حليف التقى وسليل الهدى حليف التقى هو امير المؤمنين وهو شجرة التقوى وعين التقوى لو كان التقوى رجلا لكان هو امير المؤمنين وابنه الحسين (عليه السلام) كان حاوياً الجميع صفات المتقين عدد واحداً واحداً وطابق مع الحسين (عليه السلام) وقوله ومالك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين وربيت في حجر المتقين نعم غذته كف رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) ما رضع الحسين (عليه السلام ) من ثدى انثى ابدا بل كان يأتي النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) اليه فيضع لسانه في فم الحسين (عليه السلام ) وهو يمصه ويرتوى نظم .
لله مر تضع لم يرتضع ابداً ***من ندى انتى ومن طه مراضعه
يعطيه ابهامه انا فاونة*** لسانه فاستوت منه طبايعه
(يقول الآخر )
و من ارتبى طفلا بحجر محمد*** حتى اغتذى وحى الاله رضيعاً
يغذو غذاء المرهفات وبعد ذا ***منه ترض الصافنات ضلوعا
ص: 195
نبت لحمه من لحم رسول الله وعظمه من عظم رسول الله ودمه من دم رسول الله ولذا كان يشمه رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسل ) ويقبله ويقول حسين منى وانا من حسين . اقول اما اللحم الذي تربي من لحم رسول الله فقد وزعته سيوف اهل الكوفة ورماحهم واما الدم الذي تربى من دم رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) فقدار افته سيوف بني امية واما العظم الذي تربى من عظم رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فقد هشمته الخيل بحوافرها .
(لفى على الصدر المعظم يشتكي ***من بعد رش النبل رض جياد )
وقوله ورضعت من ثدى الامان كتابة عن لسان النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) و فعلمت بالاسلام كناية عن سبق الاسلام لأن عليا ( عليه السلام ) اول الناس اسلام) واقدمهم ايمانا وربيت في حجر المتقين كتابة عن حجر رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) والامير والزهراء (عليهما السلام) لم يزل الحسين ( عليه السلام) في حجر رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) ويطاً بقدميه صدر رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) ينام النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) على ظهره والحسين ( عليه السلام ) يرقى صدره ويجلس على صدره ولقد بلغت روحه التراقى والحسين على صدره الشريف ويقول مالى وليزيد ذكرت بيتين في هذا المقام .
يومان لم ترني الايام مثلهما *** فسرنى ذا وهذا زادنى ارقا
يوم الحسين رقاصدر النبي به *** و يوم شمر على صدر الحسين رقا
وقوله اشهد انك مضيت على ما مضى عليه اخوك يحي من زكريا يعني سيدي اباعبدالله قتلت في سبيل الله كما قتل يحيى بن زكريا في سبيل الله وقتلت مظلوما وطافوا برأسك في البلدان كما طافوا برأس يحيى و وضعوا رأسك في المست كما وضع رأس يحيى بن زكريا في الطست و لكن اين هذا من ذاك الخ .
ص: 196
فاتت اليه بنات احمد حسراً ***والنوح غابة قصدها ومرامه
يجرون اذيا لاعترن بفضلها ***ويحق خدش خدودها و لطامها
ما بين نائحة وصارخة غدت *** ترنى كما تولى الفراخ حسامها
بنت تقول ابي لك الشكوى فما *** عيني تقر ولا يطيب منامها
يا والدي تبكيك اختك زينب ***مذغاب سيدها ومات عصامها
وعليك فاطمة البتولة في العزا *** شكلى يطاول قعودها وقيامه
تبكى مصابك في الحياة عيونها *** اسفا ومن بعد الممات عظامها
في الدمعة قال فلما بلغوا ارض كربلا نزلوا في موضع صرعه ووجدوا جابر بن عبد الله مع جماعة من بني هاشم وغيرهم وقد وردوا الى زيارة الحسين ( عليه السلام ) فتلاقوا في وقت واحد واخذوا بالبكاء والنجيب واللعلم واقاموا العزاء الى مدة ثلاثة ايام واجتمع اليهم نساء اهل السواد فخرجت زينب ( عليها السلام ) في الجمع واهوت الى جيبها فشقته ونادت بصوت حزين يقرح القلوب والخاه واحسيناه واحبيب رسول الله وا ابن مكة ومنى وا ابن فاطمة الزهراء وا ا بن علي المرتضى اهتم اهو وقعت مغشياً عليها ..
اقول ان زينب (عليها السلام) ليلة العاشر مجمعت من اخيها انه يقتل اهوت الى جيبها فشقته ولطمت على خدها و وقعت مغشيا عليها فكيف بها حين رات قبر الحسين واعظم من هذا اليوم يوم رأته مكبوباً على وجهه وهو جثة بلا رأس وحاصل الكلام واجتمعن
النساء فرششن عليها الماء حتى افاقت كأني بها تقول بلسان الحال .
يا نازلين بكر بلا هل عندكم ***خبر بقتلا ناوما اعلامها
ما حال جثة ميت في ارضكم ***بقيت ثلاثاً لا يزار مقامها
ص: 197
بالله هل رفعت جنازته وهل ***صلى صلاة الميتين امامها
بالله هل واريتموها في الثرى ***وهل استقرت في اللحودر مامها
يا جثة ماشيعت يوماً ولا ***نحو القبور سمت بها اقدامها
وكأني بقائل يقول في جوابها .
ما عملوه ولا لفوه في كفن ***يوم الطفوف ولا مدوا عليه ردا
عار تجول عليه الخيل عادية ***حاكت له الربح ضافی میز رو ردا
و اما ام كاثوم فقد نشرت شعرها و لطمت خديها و نادت برفيع صوتها اليوم مات جدي محمد المصطفى اليوم مات ابي علي المرتضى اليوم ماتت امي فاطمة الزهراء اليوم حل الشكل بالزهراء وباقى النساء لاطمات ناديات ناعيات قائلات وامصيبتاه واحسناه واحسيناه فلما رأت سكينة ما حل بالنساء رفعت صوتها تنادى وامحمداه واجداه يعز عليك ما فعلوا باهل بيتك ما بين مسلوب وجريح ومسحوب وذبيح واحزناه وا اسفاه ثم امر علي بن الحسين ( عليه السلام ) بشد رحاله فشدوها فصاحت سكينة بالنساء لتوديع قبر ابيها فدرن حول القبر فحضنت سكينة قبر ابيها وبكت بكاء شديداً وحنت وانت وانشأت تقول
الا ياكر بلا نودعك جسما ***بلا كفن ولا غسل دفينا
الا يا كربلا نودعك روحاً*** لأحمد والوصى مع الامينا
و في المحزن وانكبت فاطمة بنت الحسين (عليه السلام ) على قبر ابيها ثم بكت بكاء شديداً حتى غشى عليها وفي كامل التواريخ ان رباب بنت امرىء القيس زوجة الحسين (عليه السلام ) اقامت على قبر الحسين (عليه السلام ) سنة كاملة ثم عادت الى المدينة خطبها الاشراف فقالت لا و الله ما كنت لا تخذ حمواً بعد رسول الله ولم تزل تبكى بعد الحسين عليه السلام ليلها ونهارها و بقيت لم يظللها سقف وتجلس في حرارة الشمس حتى ماتت
ص: 198
كداً وكانت ترثى الحسين عليه السلام ولها هذه الابيات .
ان الذي كان نوراً يستضاء به*** بکر ہبلاء قتيل غير مدفون
سبط النبي جزاك الله صالحمة*** عنا و جنبت خسران الموازين
قد كنت لى جيلا صعبا الوذيه*** وكنت تصحبنا بالرحم والدين
من اليتامى ومن للسائلين ومن ***يعني و يأوى اليه كل مسكين
والله لا ابتغى صهراً بصهركم*** حتى اغيب بين الرمل والطين
وفي مجلس عبيد الله ( لع ) لما نظرت الى رأس الحسين (عليه السلام ) اخذت الرأس الشريف ووضعته في حجرها وجعلت تقبله وتبكي وتقول :
واحسينا ولا نسيت حسيناً ***اقصدته اسنة الاعداء
غادروه بكربلاء صريعا*** لاستی الله جانبي کربلاء
قال ابو مخنف ان اهل البيت نزلوا بكر بلا وجددوا الاحزان وشققوا الجيوب و نشروا الشعور وابدوا ما كان مكتوماً من الاحزان واقاموا عنده اياما بالنوح والبكاء اقول والله در القائل عن لسانهم .
فناح لسان حال بنات طة*** وهن من الكآبة يرتمينا ***فقدنا ههنا روحا وروحا
وريحانا وزيتونا وتينا ***فقدنا هيهنا قمراً مضيئا*** بنور هداه يهدى التائهينا
هنا العباس في يوم عبوس ***حيال الماء قدامسي رهينا ***هنا ذبحوا الرضيع بسهم حقد
فما رحموا الصغار المرضعينا ***هنا ذبح الحسين بسيف شمر*** هنا فدتر بوا منه الجبينا
هنا صبغت نواصينا دماء ***بذبح بني امير المؤمنينا ***هنا خرقوا الخيام احرقوها
وقسم فيثنا في الخائنين ***هنا شالت رؤوس بنى علي*** وروس بني عقيل العاقلينا
ص: 199
هنا قد طيرت اسياف جور ***اكف القانتين المنفقينا
اقول ومما استفدته من بعض الاساتيذ في شرح هذه الابيات التي انشدها الراني عن لسان اهل البيت ويعجبني ان اذكرها وهي هذه ان من البيان الحكمة وان من الشعر لسحراً والشعر اعذبه اكذبه الا الشعر الذي مدح به الأئمة او رثوا به فان الشاعر وان بلغ ما باغ في المدح او الرثاء ما ادى بعض شؤنهم او شرذمة من مصائبهم فتامل في دقائق هذه الاشعار يقول :
فقدنا ههنا قمراً مضيئا ***بنور هداه مهدى التائهینا
يعني بالقمر المضيء الحسين ( عليه السلام ) الذي اذا جلس في البيت المظلم يهتدى الناس بنور جبينه نعم
له طلعة مثل شمس الضحى *** له غرة مثل بدر منير
يقول الكمبي
قد كان بدراً فاغتدى شمس الضحى *** مد البسته يد الدماء لبوداً
ولا يخفى عليك ان نور الحسين ( عليه السلام ) من نور عظمة الله وجلاله وشعاع كبريائه وبهائه و يغلب نور الله على نور الشمس والقمر ودائرة البيان ضيقة حيث يشبهون نوره بالشمس والقمر مخلوقان من نور الحسن والحسين ( عليهما السلام ) ومستضيئان بنورهما وينبعي لهما بالكسوف والخسوف يوم عاشوراء حين سقط الحسين (عليه السلام) عن ظهر جواده الى الارض يقول الراني .
لاغر وان كسفت شمس الضحى اسفاً ***على من اقتبست من نوره النورا
و الآخر في ذلك
ويشرق في العوالى منه رأس ***بقرته الهلال قد استنارا
ويحتمل ان يكون مقصوده قمر بني هاشم لأنه قمر الهاشميين وقوله روحا وروحاً
ص: 200
وريحانا وزيتونا وتينا يعني بها الفتية الهاشمية لأن الولدر بجانة المرجل وريحانة النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) الحسين (عليه السلام) وريحانة الحسين ولده على الأكبر الذي كان دوحاً للعيال وروحاً وربحاناً يقول المراني .
افديه من ريحانة ديانة ***جفت بحر ظما وحر مهند
بكر الذبول على نضارة غصنه*** ان الذيول لافة القمصن الندى
قوله زيتونا و تينا هما اشارة الى قوله عز من قائل والتين والزيتون وقد فسرا بالحسن والحسين لأنهما كانا فاكهتين لرسول الله يشمها ويقبلها نظم .
تفاحتي مصطفى الهادي وقد جعلا*** لفاطم وعلي الطهر نسلين
نورين كانا قديما في الظلام كما ***قال النبي بعرش الله قرطين
فنقول التين هو الحسن ( عليه السلام ) والزيتون هو الحسين (عليه السلام) والحسن ( عليه السلام ) وان لم يكن حاضراً بالطف لكن قد حضر اربعة من اولاده كلهم روح وريحان للحسين (عليه السلام) مثل احمد وقلسم وعبد الله والحسن المثنى الى ان قال :
هنا قد طيرت اسیاف جور ***اكف القانتين المنفقينا
ما ابلغ هذا البيت في الموغطة وفي المصيبة و في المنقبة يقول لو تريد ان تعرف شأن الزمان فاعلم ان شأنها الغدر والمسكر يقول الشاعر :
ليس الزمان بمأمون على احد ***خاق الزمان اهانة الاحرار
جار الزمان عليهم غير مكترث*** واى حر عليه الدهر لم يجر
من الحوادث لا نهد وذوى شرف ***كالغيث يعتر قبل الارض بالجدر
فيا للعجب من الزمان ان الاكف التي ترفع الى الله في الصلوات والقنوت تقطع باسياف الجور واعجب منها ان الاكف التي تنفق على الفقراء والمساكين والضعفاء وتعيش بها الارامل والايتام والفقراء وتعتذر منهم كما انفق على الاعرابي باربعة الاف
ص: 201
در هم او دينار واخرج يده من شق الباب حياء من الاعرابي وقال :
(خذها فاني اليك معتذر ) مثل هذه الاكف تقطع باسياف الجور
لهفي على تلك الا نامل قطعت*** ولو انها اتصلت لكانت ابحرا
واعجب الاعاجيب ان تلك الاكف التي يقبلها جبرئيل وميكائيل ويقبلها رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) وعلي : الزهراء عليهم السلام قطعها الجمال ليلة الحادي عشر من المحرم يقول الرائي .
تلاك الاكف التي جبريل قبلها ***طوراً وميكال كف الوغد تقطعها
الاخر
وكف لها الوكف في المرملين ***برفد يجل فلا يحصر
غدت في النواويس مقطوعة*** لها مع خاتمها خنصر
الاخر
اتته بالسلب حتى ابتز خاتمه ***و مثلت فيه حتى حزا صبعه
یارا كما شد قمياً في قوائمه*** يطوى اديم الفيا في كلما ذرعا
عج بالمدينة واصرخ في شوارعها ***بصرخة علا الدنيا بها جزعا
ناد الذين اذا نادى الصريخ بهم*** ابوه قبل صدى من صوته رجعا
قل يانبي شيبة الحمد الذين بهم ***قامت دعائم دين الله وارتفعا
قوم وافقد عصفت بالطف عاصفة*** ما ات بارجاء طود العز فانصدعا
فلتلطم الخيل خدالارض عادية ***فيد عليها نزار الثرى ضرعا
ص: 202
و لتملأ الأرض نعيا من صوار مكم ***فان ناعى حسين في السماء نما
و لتذهل اليوم فيكم كل مرضعة ***فطاف له من دما او داجه رضعا
امن بقى جسمه في كربلاء لقى*** رأسه لنساء في السباء رعا
نسيم ام تناسيتم كرائكم*** بعد الكرام عليها الذل قد وقعا
قال في اللهوف قال الراوى ثم انفصلوا من كربلا طالبين المدينة قال بشير من
جذ لم او بشر بن جذلم فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين ( عليه السلام ) فحط رحله وضرب فسطاطه وأنزل نسائه وقال يا بشر رحم الله اباك لقد كان شاعراً فهل تقدر على شيء منه فقلت بلى يا ابن رسول الله اني لشاعر فقال (عليه السلام) ادخل المدينة وانع اباعبدالله قال بشیر فركبت فرسی و در كضت حتى دخلت المدينة فلما بلغت مسجد النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) رفعت صوتي بالبكاء فانشأت اقول :
يا اهل بترب لا مقام لكم بها ***قتل الحسين قادمعي مرار
الجسم منه بكر بلاء مخرج ***والرأس منه على القناة يدار
قال ثم قلت هذا علي بن الحسين (عليه السلام ) مع عماته واخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم وانا رسوله اليكم اعرفكم مكانه قال فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة الا برزن من خدورهن مكشوفة شعورهن مخمشة وجوههن ضاربات خدودهن يدعون بالويل والثبور فلم ارباكيا اكثر من ذلك اليوم ولا يوما أمر على المسلمين منه وسمعت جارية تنوح علي الحسين عليه السلام وتقول :
نعى سيدي ناع نماه فاوجعا ***وا مرضى ناع نعاه فانجا
فعينى جودا بالدموع واسكبا*** وجودا بدمع بعد دمعكما معا
على من دهى عرش الجليل فزعزعا ***فاصبح هذا الدين والمجدا جدعا
على ابن نبي الله وابن وصيه*** وان كان عنا شاحط الدار اشعا
ص: 203
ثم قالت ايها الناعى جددت حرننا بابي عبد الله (عليه السلام) وخدشت منا قروحاً لماتندمل فمن انت يرحمك الله فقلت انا بشير بن جذلم وجهى مولاي علي بن الحسين (عليه السلام) وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال ا بيعبد الله الحسين ونسائه قال فتركوني وبادرونى فضربت فرسى حتى رجعت اليهم فوجدت الناس قد اخذوا الطريق والمواضع فنزلت عن فرسى و تخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط وكان علي بن الحسين (عليه السلام) داخلا تخرج ومعه منديل يمسح بها دموعه و خلفه خادم معه كرسى فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك عن العبرة وارتفعت اصوات الناس بالبكاء وحنين النسوان والجوارى والناس يعزونه من كل ناحية فضحت تلك البقعة ضجة شديدة فاوماً ( عليه السلام ) بيده الى الناس ان اسكتوا فسكنت فورتهم فقال الحمد لله رب العالمين مالك يوم الدين بارى. الخلائق اجمعين الذي بعد فارتفع في السموات العلى وقرب فشهد النجوى نحمده على عظا تم الامور وفجائع الدهور والم الفجائع ومضاضة المواقع وجليل الرزه وعظيم المصائب الفاظمة الكاظة الفادحة الجائحة ايها القوم ان الله وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة وثلمة في الاسلام عظيمة قتل ابو عبد الله الحسين ( عليه السلام ) وعترته وسبى نسائه وضربته وداروا برأسه فى البلدان من فوق عامل السنان وهذه الرزية التي لا مثلها رزية ايها الناس فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله ام اي فؤاد لا يحزن من اجله ام اية عين منكم تحبس دمعها وتحضن عن انهما لها فلقد بكت السبع الشداد لقتله وبكت البحار يا. واجها والسموات بار كانها والارض بارجائها والاشجار باغصانها والحيتان ولجج البحار والملائكة المقربون واهل السموات الجمعون يا ايها الناس أي قلب لا ينصدع لقتله ام اي فؤاد لا يحن اليه ام اي سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام ولا يصم ايها الناس اصبحتا مطرودين مشردين مذودين وشاسمين عن الامصار كأننها اولاد ترك و كابل من غير جرم اجتر مناه ولا مكروه ارتكبناه ولائلمة في الاسلام للمناها ماسمعنا
ص: 204
بهذا في ابائنا الاولين ان هذا الا اختلاق والله لوان النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) تقدم اليهم في قتالنا كما تقدم اليهم في الوصاية بنالما زادوا على مافعلوا بنا فانا الله وانا اليه راجعون من مصيبة ما أعظمها واوجعها والجمها واكظها وافظعها وامرها وافدحها فعند الله تحتسب في اصابنا وما بلغ بنا فانه عزيز ذو انتقام قال الراوي فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان وكان زمنا فاعتذر اليه صلوات الله عليه بما عنده من زمانة رجليه فاجابه بقبول معذرته وحسن الظن فيه وشكر له وترحم على ابيه .
عجبا لغزل طبيبة وشعا بها ***قرت ولم تشرع طوال حرابها
واسكم بها نادى الصريخ بيابها*** يا اهل يثرب لا مقام لكم بها
قتل الحسين قادمى مدرار
فد الجموا خيل الضلال واسرجوا*** لقتال من فيه الهدى يتأرج
تركوه عار والثرى يتاجج ***الجسم منه بكربلاء مضرج
والرأس منه على القناة بدار
في الدمعة الساكبة عن بعض المقاتل لما دخل بشر بن جذلم المدينة واخبر الناس بقتل الحسين ( عليه السلام ) وضح الناس بالبكاء والنحيب كان محمد بن الحنفية مريضا ولم يكن له علم بذلك الخبر الشنيع فسمع اصواتاً عالية ورجة عظيمة فقال والله ما رأيت مثل هذه الضجة والصيحة فسئل ما هذه الصيحة فلم يقدر احد ان يخبره بسوء لخوفهم عليه من الموت لانه قد انحله المرض فالح عليهم بالسؤال فتقدم اليه رجل من غلمانه وقال جعلت فداك يا ابن امير المؤمنين ان اخاك الحسين ( عليه السلام ) قد اتى اهل الكوفة وغدر وابه وقتلوا ابن عمه مسلم بن عقيل فرجع عنهم واتي باهله واصحابه سالمين فقال له لم لا يدخل علي
ص: 205
اخي قال ينتظر قدومك اليه ثم نهض فوقع فتارة يقوم وتارة يسقط ثم يقول لا حول ولا قوة الله بالله العلي العظيم فحس قلبه بالشر فقال ان فيها والله مصائب ال يعقوب تم قال این اخي اين عمرة فؤادى ابن الحسين (عليه السلام) ولم يعلم بقتله فقالوا يامولانا اخوك بالموضع الفلاني تم اركبوه جواده وانت خدامه امامه حتى خرج من المدينة فلم ير الا اعلاما سودا فقال ما هذه الاعلام السود والله قتل الحسين بنوامية فصاح صيحة عظيمة وخر عن جواده الى الارض مغشيا عليه فركض الخادم الى زين العابدين (عليه السلام) وقال يامولاي ارك عمك قبل ان تفارق روحه الدنيا تخرج الامام (عليه السلام) و بيده منديل يمسح بها دموعه الى ان انى الى عمه فاخذ رأسه ووضعه في حجره فلما افاق قال يا ابن اخي ابن اخي ابن قرة عيني اين نور بصری این ابوك اين خليفة ابى ابن اخي الحسين (عليه السلام) فقال علي ( عليه السلام) اتيتك يتيما ليس معى الانساء حاسرات في الذيول عاثرات باكيات نادبات و للمحامي فاقدات باعماه لو تنظر الى اخيك وهو يستغيث فلا يغاث ويستجير فلا يجار مات وهو عطشان والماء يشربه كل حيوان ***
ایا عماه ان اخاك اضحى *** بعيداً عنك بالرمضا رهينا
طبلارأس تنوح عليه جهراً *** طيور والوحوش الموحشينا
ولو عاينت يا عماه ساقوا ***حريما لا يجدن لهم معينا
على متن النياق بلا وطاء ***و شاهدت العيال مكشفينا
فصرخ محمد بن الحنفية حتى غشى عليه فلما أفاق من خشيته قال قص علي يا ابن اخي ما اصابكم فجعل يقص عليه القصة والامام (عليه السلام) عيناه كأنهما ميزابان وبيده منديل يمسح بها دموعه فلم يزل يخبره حتى لم تبق له قوة ابداً فما كان الاساعة واذا قد انت نساء اهل المدينة فتلقتهن نساء الحسين (عليه السلام) بلطم يكاد الصخر يتصدع له ثم دخلوا فلما دخل الامام (عليه السلام) الى دار الرسول (صلّى الله عليه واله وسلم) وجدها مقفرة خالية من سكانها
ص: 206
موحشة العرصات لفقد الأئمة الهداة جعل يبكي وزاد حونه صلوات الله وسلامه عليه والله در من قال :
وقفت على دار النبي محمد*** فالفيتها قد اقفرت عرصاتها
و امست خلاء من تلاوة قاری*** وعطل منها صومها وصلاتها
واقوت من السادات من ال هاشم ***ولم يجتمع بعد الحسين شتاتها
فميني لقتل السبط عبرى ولوعتى ***على فقدهم ما تنقضى زفراتها
و لقد احسن ابن قتبية وقد بكى على المنازل المشار اليها فقال :
مررت على ابيات ال محمد*** فلم ارها امثالها يوم حلت
فلا يبعد الله الديار واهلها*** وان اصبحت منهم برغمى تخلت
الا ان قتلى الطف من ال هاشم ***اذات رقاب المسلمين فذات
وكانوا غياناً ثم اضحوا رزية*** لقد عظمت تلك الرزايا وجلت
المتران الشمس اضحت مريضة*** لفقد حسين والبلاد اقشعرت
قال الراوي فخرجت ام سلمة من الحجرة الطاهرة وفي احدى يديها القارورة
وقد صارت التربة فيها دماً وقد اخذت بالأخرى بد فاطمة العليلة بنت الحسين ( عليه السلام )فلما رأى اهل البيت ام المؤمنين والتربة المنقلبة بالدم ضاعف بكائهم فتعانقوا مع ام المؤمنين وسألوا عن حال فاطمة العليلة قامرت ام سلمة لهم بالصبر ثم رحلوا الى المدينة و في المنتخب واما ام كلثوم ( عليه السلام) فحين توجهت الى المدينة جعلت تبكي وتقول :
مدينة جدنا لا تقبلينا ***فيا الحسرات والاحزان جينا
خرجنا منك بالاهلين جمعاً ***رجعنا لا رجال ولا بنينا
وكنا في الخروج بجمع شمل*** رجعنا حاصرين مسلمينا
وكنا في امان الله جهراً*** رجعنا بالقطيعة خائفينا
ص: 207
و مولانا الحسين لنا انيس ***رجعنا والحسين به دهينا
فنحن الضايعات بلا كفيل ***ونحن النائحات على اخينا
ونحن السائرات على المطايا*** نشال على جمال المبغضينا
ونحن بنات بس وطه***ونحن الباكيات على ابينا
ونحن الطاهرات بلا خفاء ***ونحن المخلصون المصطفونا
ونحن الصابرات على البلايا *** ونحن الصادقون الناصحونا
الا فاخبر رسول الله عنا ***با ناقد فجعنا في اينا
واخير جدنا انا اسرنا ***وبعد الاسريا جدا سينا
رسول الله بعد الصون صارت***عيون الناس ناظرة الينا
المرحوم المبرور الشيخ كاظم السبتى طاب ثراه
مررت على المروة وهي تبكى*** فقلت على م تنتحب الفتاة
فقالت كيف لا ابكى واهلى*** جميع دون كل الناس ماتوا
الطيبة بعدهم لا طبت عيشاً ***فكنت حمى الورى وهم حماة
في الدمعة والمعدن وغيرها من بعض المقاتل لما دخل زين العابدين (عليه السلام ) المدينة بعد ما رجعوا من كربلا ومعه عماته واخوانه كان ذلك اليوم يوم الجمعة والخاطب يخطب فلما ميمعن الهاشميات تجددت عليهن الاحزان والمصائب وارتفعت بالبكاء اصواتهن وشققن الجيوب ولطمن الخدود و نشرن الشعور فانقلبت المدينة باهلها وحافيها الرجف والزلازل لكثرة النوح والعويل من المهاجرين والانصار ولقد كان ذلك اليوم اشد من يوم مات فيه رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) وكان الوليد بن عتبة وإلى المدينة على المنبر
ص: 208
فسمع الصياح فقال ما الخبر قبل له هذا صياح الهاشميات فيكي وجرت دموعه على خديه ونزل عن المنبر ودخل منزله ودخلوا المدينة بالنوح والبكاء والصياح والصراخ ( في البحار ) وغيره واما فخر المخدرات زينب (عليه السلام) فلما دخلت المدينة ووقع طرفها على قبر رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) صرخت و بكت واخذت بعضا دني يلعب المسجد ونادت يا جدا. اني ناعية اليك اخي الحسين (عليه السلام) وهي مع ذلك لا تجف لها عبرة ولا تفتر من البكاء والنحيب وكلما نظرت الى علي بن الحسين ( عليه السلام ) تجدد حزنها وزاد وجدها كأني بها وهي تقول بلسان الحال .
الا ياجدنا قتلوا حسينا ولم يرعوا وصايا الله فيها الا ياجدنا بلغت مدانا مناها واشتفى الاعداء فينا لقد هتكوا النساء وبحلوها على الاقتاب قهراً اجمعينا وزينب اخرجوها من خياها وفاطم واله تبدى الانينا سكينة تشتكي من حروجد تنادي الغوث رب العالمينا وزين العابدين بقيد ذل وراموا قتله أهل الخوونا قال ابو مخنف فسمعت ام لقمان بنت عقيل صراخ زينب وام كاثوم وباقى النساء فخرجت حاسرة ومعها اترابها ام هاني ورملة واسماء بنات علي (عليه السلام) فجعلن بند بن الحسين (عليه السلام ) وكان دخولهم المدينة يوم الجمعة والخاطب يخطب الناس فذكروا الحسين (عليه السلام ) وماجرى عليه فتجددت الاحزان واشتملت عليهم المصائب وصاروا بين باك وناحب واقبلت اهل المدينة باسرها وصار كيوم مات فيه رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) وجعلت ام لقمان تندب قتلاها بالطف وترثيهم وتقول : ايها القاتلون ظلماً حسيناً ابشروا بالعذاب والتنكيل كل من في السماء يدعو عليكم من نبي وشاهد ورسول كيف ترجون رحمة من مليك صمد دائم عظيم جليل واقبلت ام كلثوم الى مسجد رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) باكية العين حزينة القلب فقالت السلام عليك ياجداه أني ناعية اليك ولدك الحسين ( عليه السلام ) وجعلت تمرغ خديها
ص: 209
على المنبر والناس يمزونها وفي زيارة الناحية المقدسة يقول (عج ) فقام ناعيك عند قبر جدك الرسول صلى الله عليه واله فنماك اليه بالدمع الهطول قائلا يارسول الله قتل سبطك وفتاك واستبيح اهلاك وحماك وسبيت بعدك ذراريك ووقع المحذور بمترنك وذويك فأنزهج الرسول وبكى قلبه المهول الخ .
قال فحن القبر حنينا عاليا وضحت الناس بالبكاء والنحيب وجعلت ام كلثوم تقول :
ورهطك يارسول الله اضحوا ***عرايا بالطفوف مسليينا
وقد ذبحوا الحسين ولم يراعوا ***جنابك يارسول الله فينا
فلو نظرت عيونك للاسارى*** على اقتاب الجمال محملينا
وكنت تحوطنا حتى تولت ***عيونك صارت الأعدا علينا
ثم اقبلت ام كلثوم الى قبر امها فاطمة الزهراء ورمت بفسها على القبر وغشى عليها فلما افاقت قامت وهي تقول :
افاطم مالقيت من عداك ***ولا قيراط مما قد لقينا
افاطم لو نظرت الى السبايا ***بناتك في البلاد مشتتينا
اقالهم لو نظرت الى اليتامى ***ولو ابصرت زين العابدينا
فلو دامت حياتك لم تزالى*** الى يوم القيامة تندبينا
ثم اقبل علي بن الحسين عليه السلام الى قبر جده و مرغ خديه وبكى قال أبو مخنف وانشأ يقول :
انا جيك ياجداه ياخير مرسل ***حبيبك مقتول ونسلك ضايع
انا جيك محزوناً عليك موجلا*** اسيراً ومالي قط حام ودافع
سينا كما تسمى الاماء ومسنا*** من الضر مالا تحتمله الاضالع
ص: 210
ثم خرج من عند قبر جده رسول الله حزيناً با كيا( في المعدن ) ثم اقبل علي بن الحسين ( عليه السلام ) على عمه محمد بن الحنفية واخبره بما جرى عليهم وكيفية قتل ابيه وبني عمه واهل بيته وماصنع يزيد لعنه الله وحدثه بالحديث من اوله الى اخره فيكى محمد ابن الحنفية بكاء شديدا حتى غشى عليه فلما افاق من غشيته قال يعز على يا ابا عبدالله يا اخي كيف طلبت ناصراً فلم تنصر و معينا فلم تمن ثم نهض ودخل داره ولم يخرج محمدالا بعد ثلاثة ايام فلما كان فى اليوم الرابع خرج للناس وهو شاك في سلاحه واشتمل يبردة واستوى على جواده وقصد ناحية الجبل فلم يظهر للناس الا عند خروج (في الدمعة) واقامت الرجال والنساء ينديون الحسين ( عليه السلام ) في المدينة خمسة عشر يوما واما اهل البيت ففى نفس المهوم عن دعائم الاسلام عن جعفر بن محمد ( عليه السلام ) انه نيح على الحسين بن علي ( عليه السلام ) سنة كل يوم وليلة وثلاث سنين من اليوم الذي اصيب فيه وفيه ايضا انه لما قتل الحسين ( عليه السلام ) لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح وكن لا يشتكين من حر ولا برد وكان علي بن الحسين بن علي ( عليه السلام ) يعمل لهن الطعام للماتم وما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ولا رني في دار هاشمي دخان خمس حجج حتى قتل عبد الله بن زياد لعنه الله وفي اللهوف عن الصادق ( عليه السلام ) ان زين العابدين (عليه السلام) بكى على ابيه اربعين سنة صائما نهاره قائما ليله فاذا حضر الافطارجائه غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه ويقول كل يامولاي فيقول قتل ابن رسول الله جائعا قتل ابن رسول الله عطشانا فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه تم يمزج شرابه بدموعه فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل وحدث . ولى له انه برز يوما الى الصحراء قال فتبعته فوجدته قد سجد على حجارة خشنة وانا اسمع شهيقه وبكائه واحصيت عليه الف مرة لا اله الا الله حقا حقا لا اله الا الله تعبداً ورقا لا اله الا الله ايمانا وصدقا ثم رفع رأسه من السجود وان لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع عينيه فقلت ياسيدي
ص: 211
اما ان الحزنك ان ينقضى ولبكائك ان يقل فقال لى ويحك ان يعقوب بن اسحق بن ابراهيم ( عليه السلام ) كان نبيا وابن نبي وكان له اثنى عشر ابنا فغيب الله سبحانه واحداً منهم فشاب رأسه من الحزن واحد و دب ظهره من الفم وذهب بصره من البكاء وابنه حي في دار الدنيا وانا فقدت ابي واخي وسبعة عشر من اهل بيتي صرعى مقتولين فكيف ينقضى حزني ويقل بكاني وكان ( عليه السلام ) قد اتخذ منزله بعد قتل ابيه الحسين(عليه السلام ) بيتا من الشعر اقام بالبادية فلبث عدة سنين كراهية لمخالطة الناس و. لا بستهم وكان يصير من البادية الى العراق زائرا لابيه وجده امير المؤمنين (عليه السلام ) ولا يشعر أحد أ بذلك . (تنبيه) في نفس المهموم قال ونقل عن تاريخ الذهبي أنه قال وفي سنة 352 ثلثماة واثنين وخمسين من الهجرة في يوم عاشوراء المزم معز الدولة اهل بغداد بالماتم والنوح على الحسين بن علي ( عليه السلام ) وامر بان تغلق الاسواق وان يعلق عليها المسوحو ان لا يطبخ طباخ وخرجت نساء الشيعة مسخمات الوجو- يلطمن و ينحن تم فعل ذلك سنوات وفيه عن تاريخ ابن الوردي قال وفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمأة امر معز الدولة بالنياحة والعظم ونشر الشعور من الأداء وتسويد وجوههن على الحسين (عليه السلام ) وعجزت السنة من منع ذلك لكون السلطان مع الشيعة وفيه عن بعض الكتب في سنه 432 اقيم متداد ماتم الحسين (عليه السلام ) بالعويل فثارت السنة ووقع القتال حتى قتل جماعة وخربت الاسواق دفيه من الي ريحان في الآثار الباقية وكانوا يعظمون هذا اليوم اى يوم عاشورا الى ان احمق فيه قتل الحسين بن علي بن ابيطالب وفعل به وبهم مالم يفعل في جميع الاسم باشرار الخلق من القتل بالمعاش والسيف والاحراق وصلب الرؤوس واجراء الخيول على الاجساد فتشاجوا به قاما بنوامية فقد لبسوا فيه ماتجدد واو تزينوا واكتحلوا وعيدوا وأقاموا الولائم والضيافات وطعموا الحلاوات والطيبات وجرى الرسم في العامة على ذلك في ايام ملكهم وبقى فيهم بعد زواله عنهم واما الشيعة فانهم
ص: 212
ينوحون ويبكون اسفا لقتل سيد الشهداء فيه و يظهرون ذلك بمدينة السلام يعني بغداد وامثالها من المدن والبلاد ويزورون فيه التربة المسعودة بكر بلا ولذلك كره فيه العامة يعني عموم الشيعة تجديد الاوانى والاثاث انتهى .
اعلم ايدك الله تعالى بروح منه ان اقوال اهل السير والتواريخ من العامة والخاصة اختلفت في عدد اولاده (عليه السلام) من الذكور والاناث فمنهم من اكثر في العدد فيقول عشرة ومنهم من اقتصر فيقول ستة فجاء كل منهم مقتضى ما اعتمده في ذلك ونحن نشير الى القولين على سبيل الاجمال ومن اراد التفصيل فليراجع الى محله من كتب التواريخ وقال شيخنا المفيد ( رحمة الله) ووافقه على ذلك جماعة من العامة والخاصة و كان الحسين ( عليه السلام ) ستة اولاد على بن الحسين الاكبر كنيته ابو محمد وامه شاه زنان بنت کسری یزد جرد وعلي بن الحسين الاصفر قتل مع ابيه بالطف وقد تقدم ذكره وامه ليلى بنت ابي مرة ان عروة بن مسعود الثقفية وجعفر بن الحسين ( عليه السلام ) لا بقية له وامه قضاعية وكان وفاته في حياة الحسين ( عليه السلام ) وعبدالله بن الحسين (عليه السلام) قتل مع ابيه صغيراً جائه سهم وهو فى حجر ابيه فذبحه وقد تقدم ذكره فيما مضى وسكينة بنت الحسين (عليه السلام) وامها الرباب بنت امرىء القيس بن عدى كلبية معدية و هي ام عبدالله بن الحسين (عليه السلام) وفاطمة بنت الحسين (عليها السلام) وامها ام اسحق بنت طلحة عبدالله التيمية انتهى .
القول الثاني - قول من اكثر فى المدد مثل محمد بن طلحة الشافعي وبعض اخر من علماء العامة والخاصة فيقول عشرة وهم ايضا اختلفوا في اسمائهم وأمهاتهم وهذه العشرة سنة ذكور واربع بنات فالذكور علي الاكبر وعلي الاوسط وعلي الاصغر ومحمد
ص: 213
بن الحسين قيل قتل وقال سبط ابن الجوزي يوسف قزا و غلى في التذكرة ان محمد بن الحسين ( عليه السلام ) قتل بالطف وقيل اسرو لم يقتل ثم رجع الى المدينة وعبد الله الرضيع الذي ولد في الحرب وقتل شهيداً في حجر ابيه كما تقدم وجعفر بن الحسين (عليه السلام ) مات صغيراً في حياة ابيه واما البنات فسكينة وامها الرباب وفاطمة الكبرى الملقبة بزينب الصغرى وفيل امها قضاعية فعلى هذا هي وجعفر بن الحسين (عليه السلام) من أم واحدة وليس معلوم بل امها ام اسحق كما سياني وفاطمة الصغرى وقال صاحب الحدائق الوردية وفاطمة الصغرى هي اخت عبدالله الرضيع من امه وهو الذي ولد في الحرب وقت صلاة الظهر وقتل في حجر ابيه وفاطمة الصغرى هي التي خلفها الحسين (عليه السلام ) بالمدينة لمصلحة او لانها كانت مريضة وفى كتاب مشارق الانوار نقلا عن كتاب درر الاصداف قال ان الحسين (عليه السلام) فاطمة صغرى وفاطمة كبرى ثم قال وجاء غراب وتمرغ في دمه وطار حتى وقع بالمدينة على جدار فاطمة بنت الحسين ( عليها السلام ) وهي صغيرة الخ . و بنته الاخرى رقية وقال الحمزاوى فى كتاب النفحات وكانت للحسين(عليه السلام) بنت تسمى رقية وامها شاه زنان بنت كسرى خرجت مع ابيها الحسين ( عليه السلام) من المدينة حين خرج و كان لها من العمر خمس سنين وقيل سبع سنين حتى جائت معه الى كربلا الخ.
فهؤلاء الثلاثة خرجن معه سكينة وفاطمة الكبرى ورقية واما رقية فقد توفيت بالشام كما ذكرنا في محله واما فاطمة الصغرى فلم نعثر على احوالها واما سكينة وفاطمة الكبرى فلنأخذ بذكر احوالهما على سبيل الاجمال واما سكينة فهي من رباب واسمها اميمة وفيل امينة وسكينة لقبها وعاشت بعد ابيها ستا وخمسين سنة قال في القمقام و كانت ادبية سخية عفيفة ظريفة فاضلة ولها السيرة الجميلة والكرم الوافر والعقل التام وكانت من الجمال والادب والظرافة والسخاوة بمنزلة عظيمة وكانت تأوي الى
ص: 214
منزلها الادباء والشعراء والفضلاء فتجيزهم بالاف دينار واكثر من ذلك على أقدارهم و كانت في البذل والعطاء كا بيها سيد الشهداء ومن سخائها وكرمها ماروي من ان علي بن الحسين (عليه السلام) اراد الحج فلما خرج من المدينة بعثت اليه سكينة بسفرة فيه طعام وزاد قد عمل بالف دينار ذهب فامر زين العابدين عليه السلام بان فرقوها وقسموها بين الفقراء والمساكين وحجت سكينة في سنة من السنين وكانت ترمي الجمرات السبع حتى رمت ستة منها فلما همت بالسابعة وقع الحصا من يدها فاخرجت خاتها من اصبعها ورمت بها بدلا عن الحصا واتمت السابعة من رمي الجمرات بخاتمها ولا قيمة للخاتم وكانت سكينة فى حمالة مصعب بن الزبير بن العوام وله اربعة ازواج احداها سكينة بنت الحسين (عليه السلام) ومصعب صاحب حسن وجمال وهيبة وكمال وفيه يقول الشاعر :
انما مصعب شهاب من الله ***تجلت عن وجهه الظلماء
وقتل مصعب بالكوفة في حرب عبدالملك وجرى عليه ماجرى وولدت سكينة منه بنتا صحتها رباب باسم امها قالت سعيدة بنت عبد الله بن سالم لقيت سكينة بين مكة والمدينة قالت ففى يا بنت عبدالله فوقفت فكشفت عن بنتها من مصعب واذا هي قد انقلتها بالحلي واللؤلؤ فقالت ما البستها الالتفضحه يعني انها تفضح الحلي بحسنها لانها احسن منه فخطبها عمها عروة بن الزبير لا بنه عثمان بن عروة وماتت البنت قبل التزويج وكانت سكينة مدة عمرها حزينة كثيبه على ابيها دخلت عليها اشراف اهل الكوفة ومشايخهم وسلموا عليها فقالت الله يعلم اني ابغضكم لأنكم قتلنم جدي علي بن ابي طالب وقتلتم ابي الحسين ( عليه السلام ) واخي عليا وزوجي مصعب فبأي وجه تلقونني ايتمتموني صغيرة والتموني كبيرة باية عين تنظرون الى اقول ويظهر من كلامها ايتمتوني صغيرة أنها كانت في وقعة العلف صغيرة ومن كلام الامام (عليه السلام ) لها يوم عاشوراء ياخيرة
ص: 215
النسوان يظهر انها كانت كبيرة ويمكن ان يقال ان كلام الامام (عليه السلام ) على سبيل المجاز كما لا يخفى على البصير وحكى أنها قالت بعد ما رجعت الى المدينة مارأيت انسى قلبا من يزيد ولا رأيت كافراً ولا كا شراً منه ولا اجفى منه ولقد ادخل عليه اهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) وهم باكون محزونون وهو لا يخطر باله مكروه وبيده قضيب
خیزران ينكت به ثنايا ابي الحسين عليه السلام و ينشد ( ليت اشياخي ببدر شهدوا ) الابيات المذكورة الخ .
قال ابو الفرج في كتاب الأغانى عن مالك ابن اعين قال سمعت سكينة بنت الحسين تقول عاتب عمي الحسن (عليه السلام) ابي الحسين في امى فقال ابي : لعمرك انتي لأحب داراً تكون بها سكينة والرباب احبها وابذل جل مالي وليس لعاتب عندي عتاب و لست لهم وان عابوا عيبا حياتى او يغيبتي التراب نعم يحب داراً تكون بها سكينة والرباب الا الدار المشومة التي لا يكنهم من حر ولا بريد انزلهم فيها يزيد بن معوية وكانت الرباب من خيار النساء وافضلهن وهى بنت امرىء القيس بن عدي الكلبي: كان امرىء القيس ذو شرف اصيل وحسب نبيل وكان نصرانياً ولقد أسلم في زمان عمر بالطوع والرغبة وله ثلاث بنات فرغب علي ( عليه السلام ) فيهن وهن محياة وسلمى ورباب فدخل امير المؤمنين ( عليه السلام ) عليه ومعه الحسن والحسين ( عليه السلام ) وخطب بناته وقال ياعم انا ابن عم رسول الله و و صهر سهره وهذان ابناي من ابنته فوصل حبلك بحبله فرش و بش وقال یا ابا الحسن زوجت بناتي منك ومن ابنيك المحياة لك وسلمى للحسن (عليه السلام) وزوجت ابنتي رباب من ابنك الحسين (عليه السلام) في الاغاني وما امسى حتى خطاب اليه على ابنته الرباب على ابنه الحسين ( عليه السلام ) فزوجها
ص: 216
اياه فولدت له عبدالله وسكينة وعبدالله ذبح في حجر ابيه يوم عاشوراء وعاشت سكينة الى ان توفيت في سنة سبع عشر وماة بعد الهجرة بالمدينة الخمس خلون من شهر ربيع الاول وعمرها على ما قيل خمس وسبعون سنة فعلى هذا كان لها في العلف تسعة عشر سنة وليس بمعلوم وقيل ان مصعب بن الزبير مزوج بها قبل وقعة الطف ولكن لم يقع بينهما الزفاف الى ان رجعت الى المدينة بعد وقعة الطف ولكن الاصح ان مصعب خطبها بعد وقعة الطف من علي بن الحسين (عليه السلام) ولم برض الامام (عليه السلام) بذلك لأنه عرف منها عدم القبول ولما كان مصعب واليا على العرافين البصرة والكوفة وكانت له الرياسة وله قوة وشوكة واقتداروا صر على ذلك وخوفهم وهددهم وقال لا بدلي من هذا الامر وبينهم قرابة قريبة لان اباه زبير بن صفية وهي بنت عبد المطلب من عاشم عمة رسول الله وزبير بن العوام والعوام قبل اخو خديجة بنت خويلد وليس لوم ومع ذلك لا يعتني بشأن صعب ومساويه كثيرة ونحن ذكرنا احوال مصعب في كتابنا الموسوم بشجرة طوبى فليراجع هناك ولما اصر مصعب على هذا الامر ولم تكن لاهل البيت حيلة في الخلاص منه رضوا بذلك وزوجوها منه بسماة الف درهم ومصعب له زوجات عديدة منها عايشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمى وحجت سكينة في سنة من السنين وحجت في تلك السنة عايشة ومعها احمال واثقال كثيرة قد حملتها على البغال وكانت البغال ستين بغلا تحت اثقالها لانها خرجت في تمام الزينة والشوكة وكان حاديها يحدو بهذه الأرجوزة.
عايش ياذات البغال الستين ***لازات ماعشت كذا تحجين
فسمعت سكينة فتضجرت منها وتفرس حاديها فاخذ يحدو بهذه الارجوزة .
عايش ياذات البغال الستين*** لولا ابوها لم تكن تحجين
عايش هذى ضرة تشكوك*** لولا ابوها ما اهتدى ابوك
ص: 217
نعم والله لولا ابوها وجدها ما اهتدى احد .
بدينهم هدى الورى*** و بنورهم بصر العمى
بهم نزل الكتاب وهم تلوه*** وهم كانوا الهداة الى الصواب
الدين دينهم والهدى هداهم سواد الله وجه من قال لزينب الكبرى انما خرج من الدين ابوك واخوك و هو يزيد (لع ) الخ .
روى ان سكينة (عليه السلام) كانت يوماً من الايام جالسة في مجلس قد اقيمت لماتم وفيها بنت من بنات عثمان بن عفان فقالت العثمانية انا بنت الشهيد وكانها افتخرت بذلك فسمعت سكينة قولها ولم تجبها حتى دخل الظهر وقام المؤذن وجعل ينادي برفيع صوته اشهد ان محمداً رسول الله فقالت سكينة العثمانية محمد هذا ابي ام ابوك فقالت العثمانية والله لا فخر عليكم ابداً ما اشبه كلامها بكلام زين العابدين (عليه السلام) في جامع دمشق لما قال المؤذن اشهد ان محمداً رسول الله قال يازيد محمد هذا جدي ام جدك الخ في القمقام لما توفيت سكينة (عليه السلام) بقيت جنازتها يوم وليلة والسبب في ذلك ان والى المدينة وهو خالد بن عبد الملك لعنه الله فلما بلغه الخير وسمع اللعين بوفاة سكينة ( عليها السلام ) قال انا اتولى الصلاة عليها فبقى المشيعون ينتظرون خروجه والصلاة عليها فما خرج الوالي حتى دخل الظهر وانصرفوا الى منازلهم ثم رجعوا بعد العصر وجلسوا ينتظرون خروج الوالي فما خرج ولم يزل يرسل اليهم باني احضر في الصلاة عليها و بقى الناس والجنازة حتى جاء الليل وغلب النوم على الناس فرجعوا الى منازلهم واخذ كل مضجعه فامر علي بن الحسين (عليه السلام ) من جاله بطيب وشموع ومشاعل فالي بالمجامي فوضعت حول الجنازة والاصح ان علي بن الحسين (عليه السلام ) قد توفي قبل ذلك وامر عبد الله بن الحسن بن الحسن المثنى ( عليه السلام ) ان يشعل اربعماة دينار ذهب من العود والعنبر وساير العطريات حول الجنازة في المجامي حتى الصباح فلما أصبحوا اذا بالوالي قد بعث من
ص: 218
عنده من يخبرهم بأنى مشغول وما اخرج للصلاة فليقدم رجل منكم ويصلي عليها ويدفنونها ففعلوا ذلك ودفنوها وان كان قد بقيت يوما وليلة بلا دفن ولكن بقيت مع الغسل والحنوط والكفن وحولها المجامر فيها العود والعنبر وامثال ذلك والشموع والمشاعل تشتعل على جنازتها حتى الصباح وا اسفاه على ابيها ابيعبد الله (عليه السلام ) .
بابي الفتيل وغسله علق الدما*** وعليه من ارج الثنا كافور
والاخر يقول :
صار سدراً لجسمه ورق البيض ***ونقع الهيجاء له كافورا
و بنته الاخرى فاطمة قال شيخنا المفيد ( رحمة الله) في الارشاد وابن قتيبة في المعارف وفاطمة بنت الحسين ( عليها السلام ) امها ام اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي وكانت تحت الحسن بن علي ( عليه السلام ) فولدت له الحسن بن الحسن الملقب بالاثرم واخاه طلحة بن الحسن واختها فاطمة بنت الحسن فلما حضرت الوفاة امامنا الحسن (عليه السلام ) دعا باخيه الحسين (عليه السلام) فقال يا اخي اني ارضى هذه المرئة لك فلا تخرجها من بيوتكم فاذا انقضت عدتها فزوجها من نفسك فلما توفي ( عليه السلام ) تزوجها الحسين (عليه السلام) فولدت له فاطمة بنت الحسين (عليها السلام) و كانت فاطمة من عقائل قريش وهي في الزهد والورع والعبادة في مرتبة عظيمة وفي الكرم والسخاء والعطاء في درجة علية (في القمقام ) قال صاعد مولى كميت دخلنا عليها التسلم عليها فلما بصرت بكميت قالت مرحباً بشاعرنا هذا شاعر نا اهل البيت فعملت بيدها سويقاً في كأس وناولتها الكميت فاخذو شرب ثم احضرت له بدرة فيها ثلاثون ديناراً من ذهب و مركباً من مراكبها الخاصة حملته عليه فقال الكميت لا والله لا اقبلها اني لم احبكم للدنيا و كانت تشبه بالحور العين لجمالها وكانت شبيهة بجدتها واطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وتزوجها الحسن بن الحسن المثى فولدت منه السيدة فاطمة بنت الحسين (عليها السلام) اربعة عبد الله وابراهيم والحسن وزينب فقبض الحسن وله من العمر
ص: 219
خمس وثلاثون سنة وقد ذكرنا قصتها في باب اولاد الحسن ( عليه السلام ) فليراجع هناك ولا نعيده فلما قبض الحسن بن الحسن (عليه السلام) ومضت سنة كاملة رغب في نكاحها عبدالله بن عمرو بن عثمان وخطبها فامتنعت امتناعا شديداً حتى الحت عليها امها ام اسحق وحلفها في القبول وجلست في حرارة الشمس وحلفت ان لا يظلها سقف لولم تقبل ذلك فرضيت وولدت من عبد الله محمد الديباج ثم ان عبد الله قضى نحبه فلما انقضت عدتها خطبها عبد الرحمن بن ضحاك بن قيس الفهري والي المدينة وكان ذلك في خلافة بزيد بن عبد الملك فامتنعت فاطمة من ذلك امتناعاً شديداً و بعثت اليه ان دع التكلم في ذلك قانه محال فغضب الامين الوالي وضيق على السيدة غابة التضييق واصر على ذلك بحيث ان السيدة كتبت كتابا الى يزيد بن عبد الملك بالشام واشتكت فيها من الوالي فلما وصل الكتاب الى يزيد بن عبد الملك وقراء الكتاب غضب على الوالي وانتفخت أوداجه واحمرت عيناه وقال بلغنى ان عبد الرحمن تعرض لبنات رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وطمع في السيدة الجليلة فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) تم قال من يسمعني موته وانا على فراشي هذا وبعث من عنده من يذيقه مرارة ياسه ويعز له عن الولاية قالبسوه اولا جبة من صوف وطافوا به في الاسواق وسكاك المدينة ثم اخذوا امواله وعزل عن الولاية ومات فقيراً اقول ياليت ان شعره من شعرات يزيد بن عبد الملك وعرقا من عروقه كان في بدن العين يزيد بن مجرية لان هذا بمجرد ما اطلع على ان الوالي تعرض الى السيدة فاطمة بنت الحسين (عليها السلام) في خطيتها صنع به ما صنع واما يزيد بن معوية (لع) في حضوره قام الشامي في مجلس عام واشار الى هذه السيدة اعني فاطمة وقال يا امير هب لي هذه الجارية فقال اللعين لوشنت لفعلت للخ.
وقال سبط ابن الجوزي ماتت فاطمة وسكينة في سنة واحدة وهي سنة ماة وسبع عشر بعد الهجرة .
ص: 220
اقول ويناسب في هذا المقام ان نذكر شيئاً من حالات سيدتنا عقيلة قريش الصديقة الصغرى زينب الكبرى بنت علي المرتضى سلام الله عليها قال الطبرسي في كتاب اعلام الورى ان زينب الكبرى تزوجها عبد الله بن جعفر بن ابيطالب وولد له منها علي وعون الاكبر وام كاثوم اولاد عبد الله بن جعفر وقد روت عن امها فاطمة (عليها السلام) اخباراً كثيرة وقال في النفخات ولدت زينب لعبد الله بن جعفرعون الاكبر وعباساً ومحمداً وام كلثوم وذريتها الى الان موجودون بكثرة وقال ابن الأثير وكانت زينب (عليها السلام) في الفصاحة والبلاغة والزهد والعبادة والفضيلة والشجاعة والسخاوة اشبه الناس بابيها وفاطمة الزهراء (عليها السلام) وقال في شرح الخطبة وكان بعد شهادة اخيها الحسين ( عليه السلام ) امور اهل البيت بل جميع بني هاشم قاطبة بيدها وخطبها ومكالمتها مع عبيد الله بن زياد ( لع ) ويزيد بن معوية المنه الله مشهورة مأثورة مذكورة في كتب المقاتل واسير والتراجم من العامة والخاصة وقال الذهبي فى كتاب الكنى والاسماء وكان لها من العمر يوم خروجها من المدينة الى العراق ثلاث وخمسون سنة في كتاب اسعاف الراغبين ولدت زينب (عليها السلام) قبل وفاة جدها رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) باربع سنين وقال الحافظ جلال الدين السيوطي في الرسالة الزينبية ولدت زينب في حياة جدها رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) و كانت لبيبة جدلة عاقلة لها قوة جنان فان الحسن (عليه السلام) ولد قبل وفاة جده رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) بثمان سنين وولد الحسين (عليه السلام ) قبل وفاة جده بسبع سنين وولدت زينب قبل وفاة جدها بخمس سنين وام كلثوم بثلاث سنين وفي كتاب منتخب التواريخ ان زينب (عليها السلام) ولدت في اول يوم من شعبان وذلك بعد ولادة الحسين
ص: 221
(عليه السلام) بسنتين انتهى .
و فى كتاب ناسخ التواريخ نقلا عن كتاب رياض المصائب قال ان زينب بنت علي بن ابي طالب (عليه السلام ) ولدت في شهر رمضان قبل وفاة النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) باربع سنين ولما ولدت أخبر بذلك النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فاتى منزل فاطمة (عليها السلام) وقال لها يا بنية ايتيني ببنتك المولودة فلما احضرتها اخذها وضمها الى صدره الشريف ووضع خده المنيف على خدها فيكى بكاء شديداً عالياً وسالت دموعه على خديه فقالت فاطمة لماذا بكائك لا ايكى الله عينيك با ابتاه فقال يابنتاه يا فاطمة أعلي ان هذه البنت ستبتلى بيلابا وترد عليها مصائب شتی ورز ایا ادهی يا بضعتى وقرة عينى ان من بكى عليها وعلى مصائبها يكون ثواب بكائه كثواب من بكى على اخويها ثم مماها زينب (عليها السلام ) .
اقول لقد بينا وذكرنا بعضاً من حالاتها وفضائلها ومناقبها وعلمها وكراماتها وصبرها في كتابنا الموسوم بشجرة طوبى ولا نعيدها ههنا فليراجع هناك ثم اعلم انه من لدن آدم الى زماننا هذا لم يصب أحداً من النساء مثل ما اصاب الصديقة الصغرى المسماة بزينب الكبرى الملقبة باللعقيلة بنت فاطمة البتولة و(عليه السلام ) ولها رزيا و بلايا كما اخير بها النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) منها مصيبة جدها خاتم الانبياء ومنها مصيبة امها فاطمه الزهراء وع ومنها رزايا اخيها الحسن المجتبى وفي هذه المدة كانت تذكر ما يرد على اخيها الحسين (عليه السلام) : حيث إنها كانت عامة برزايا الحسين ( عليه السلام ) وما يرد عليه من المحن والشدة والبلاد كما يدل عليه خير ام ايمن وكم لها ليان موجعة مفجعة قاصمة للظهر منها ليلة وفاة جدها رسول( صلّى الله عليه واله وسلم ) وليلة وفاة امها فاطمة (عليها السلام) وليلة وفاة ابيها علي المرتضى وليلة شهادة الخيها الحسن وليلة داع المدينه مع أقربائها وليلة الخروج من مكة وليلة العاشر من المحرم مع اخيها الحسين ( عليه السلام) وقضايا يوم الطف من شهادة الاصحاب والاحباب وفتيان بني سلام والازدهار اولاد اخواتها وبني عمومتها و وداع اخيها الحسين (عليه السلام )
ص: 222
ومجيي الفرص الى المحيم وخروجها من الخيمة الى المعركة التتفقدس اخبهار قوفها مطيع و ... عليه والشعر جالس على صدره وما جرى بعد قتل أخيه الليل ) لم تسابق النوم على نهب بيوت الى الرسول فاخذوا ما كان في الخيام حتى افضوا الى قرط كان في أذنها واذن اختهالم كلثوم فاخذوه و خرموا اذنها حتى كانت المرئة لتنازع ثوبها على ظهرها حتى تغلب عليه ومال الناس على الورس والحلي والحلل والابل فانتهبوها واخرج النساء والاطفال من الخيمة واشعلوا فيها النار فخرجن حواسر مسلمات حافيات بالكيات يمشين سبايا في اسر الذلة وقلن بحق الله الا ما مر وتم بنا على مصرع الحسين (عليه السلام ) وليلة الحادي عشر لما أظلم الليل ونظرت الى هؤلاء الاطفال يبكون من شدة الجوع والعطش قالت ام كاثوم يا اختاه ما نصنع بهذه الفتيات الضايعات وهذه الصبيان الصغار وهذه الاطفال الى غير ذلك مما قد مر في محله وليلة ورودها مع النساء والاطفال الى كناسة الكوفة وليلة سكونها في حبس عبيد الله بن زياد (لع) ولياليها في طريق الشام مصمح هؤلاء الاطفال وليلة ورؤدهم في الشام المشوم والليالي التي اسكنوها مع الاسراء والاطفال في الخربة الميشومة لا سيما ليلة وفاة ابنة اخيها الحسين رقية ، لا يكاد يتصور ما اصابها في ورودها على ابن زياد ( لع ) ويزيد لعنه الله مع الاسراء و الاطفال و وقعت هذه البلايا ولها من الحلم والعلم والصبر والرضا بقضاء الله والتسليم الامر الله بحيث لا تشغلها هذه المصائب عن العبادات وما صارت سببا لضجرتها و كسالتها و كلالها وملالها عنها و كانت في تلك المسافرة مع شدة التعب تتهجد بالنوافل وتقيم نوافل الصلاة كماروى عن الامام زين العابدين (عليه السلام) ان عمتى زينب كانت تصلي قائمة الا انها اصلت جالسة فى بعض المنازل وسئلوها عن السبب فقالت ان ذلك من جهة شدة الجوع والضعف منذ ثلاث ليال وكانت تقسم حصتها من الطعام في الاطفال اذ كانت الظلمة والكفرة يعطون لكل واحد من الاسراء في يوم وليلة رغماً من الخبز ومن
ص: 223
المعلوم ان ذلك لا يكفيهم وكانت زينب الكبرى تعملى حصتها لسائر الاطفال وتبيت جائعة انتهى .
كلامنا هيونا فتدبر كفى لصاحب البصيرة. وقال الشعراني في كتاب المنن اخبرنى سيدي على الخواص ان السيدة زينب المدفونة بقناطر السباع ابنة الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) وانها في هذا المكان بلا شك و كان سيدي على الخواص يخلع نعله من عتبة الدرب وعمشي حافيا حتى يجاوز مسجدها ويقف بجاه وجهها ويتوسل بها إلى الله تعالى فى ان يغفر له وفي كتاب لواقح الانوار توفيت زينب بنت علي بن ابي طالب (عليه السلام ) بدمشق الشام في سنة أربع وسبعين مجربة فعلى هذا يكون عمرها يوم وفاتها سبما وستين سنة وفي الكتاب المذكور قال ان زينب المدفونة بقناطر السباع اخت الحسين بن علي بن ابي طالب بلا شك وقال الشعراني في الطبقات اول من انشأ تناطر السباع الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدار ونصب عليها سباعاً من الحجارة فان ركنه على شكل سبع ولذلك سميت قناطر السباع انتهي .
قال المرحوم ثقة الاسلام السيد حسن صدر الدين طاب ثراه في كتاب نزهة اهل الحرمين زينب الكبرى بنت امير المؤمنين وكنيتها ام كلثوم قبرها في قرب زوجها عبدالله بن جعفر الطيار خارج دمشق الشام معروف جاءت مع زوجها عبدالله بن جعفر ايام عبدالملك بن مروان الى الشام سنة المجاعة ليقوم عبد الله بن جعفر في ما كان له من القرى والمزارع خارج الشام حتى تنقضى المجاعة فماتت زينب (عليها السلام) هناك ودفنت في بعض تلك القرى هذا هو التحقيق في وجه دفنها هناك وغيره غلط لا اصل له فاغتنم فقدوهم في ذلك جماعة فخبطوا خبط العشوا انتهى .
وفي كتاب نهضة الحسين السيد الجليل السيد هبة الدين دام علاه قال لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) بنتان بهذا الاسم وبلقب ام كلثوم والكبرى هي سيدة الطف
ص: 224
و كان ابن عباس بنوه عنها بعقيلة بني هاشم ولدتها الزهراء بعد شقيقها الحسين(عليه السلام) بسنتين وتزوجها عبدالله بن جعفر الطيار و كانت زينب خرجت مع اخيها الحسين (عليه السلام) الى الطف و كانت قطب دائرة العيال في المخيم الحسيني وقد أفرد لسان الملك ترجمتها في مجلد خاص بها من كتاب ناسخ التواريخ وجاء في الخيرات الحسان وغيره ان مجاعة اصابت المدينة فرحل عنها باهله عبد الله بن جعفر الى الشام في ضيعة له هناك وقد حمت زوجته زينب (عليها السلام) من وعناء السفر او ذكريات احزان و اشجان من عهد سبى بزيد لال الرسول (صلّى الله عليه واله وسلم ) ثم توفيت على اثرها في نصف رجب سنة خمس وستين من الهجرة و دفنت هناك حيث المزار المشهور وقال جماعة ان هذا لزينب الصغرى كما هو مرسوم على صخرة القبر وان الكبرى توفيت بمصر ودفنت عند قناطر السباع حيث المزار المشهور بالقاهرة انتهى .
ما ذكره السيد فى النهضة ويظهر من الاخبار الكثيرة ان ام كلثوم بنت امير المؤمنين من فاطمة الزهراء (عليها السلام) ايضا كانت مع الحسين ( عليه السلام ) في الطف قال الشيخ فخر الدين الطريحي في كتاب التكلمة ام كاثوم هذه كنية لزينب الصغرى بنت امير المؤمنين ( عليها السلام ) وكانت مع اخيها الحسين ( عليه السلام ) بكر بلا والمشهور بين الاصحاب انه تزوجها عمر بن الخطاب غصباً كما اصر السيد المرتضى وصمم عليه في رسالة عملها في هذه المسألة وهو الاصح للاخبار المستفيضة قال ابن قتيبة في كتاب المعارف واما ام كاثوم الكبرى بنت فاطمة فكانت عند عمر بن الخطاب وولدت له فاطمة وزيداً فلما قتل عمر تزوجها محمد بن جعفر بن ابيطالب فماتت عنده وقال العسقلاني في الاصابة تزوجها عمر ابن الخطاب وولدت له زيداً وماتت هي وولدها في يوم واحد ونحن ذكرنا ترجمة ام كلثوم بنت امير المؤمنين ( عليه السلام ) مفصلا في كتابنا الموسوم بالكوكب الدرى في احوال اولاد امير المؤمنين ( عليه السلام ) ومن اراد الاطلاع عليها فليراجع هناك وقال الشيخ ميثم
ص: 225
البحراني ان ام كلثوم بنت علي بن ابي طالب (عليه السلام) توفيت بالمدينة بعد رجوعها من كربلا وكانت مدة مكثها في المدينة اربعة اشهر وعشرة ايام ولم تزل تزداد فيها البكاء والكآبة والحزن واقامة العزاء والنوح الى ان توفيت انتهى .
اقول و كانت اول من لحق بالحسين (عليه السلام) من الهاشميات والهاشميين بعد رقية التي توفيت بالشام كما ان امها فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت اول من لحق برسول الله صلى الله عليه واله الخ .
في عدد من خرج مع الحسين ( عليه السلام ) الى كربلا من الرجال والنساء والاطفال اعلم انه خرج مع الحسين من المدينة الى كربلا من اخوانه اثنتا عشر منهن زينب الكبرى بنت علي بن ابي طالب (عليها السلام ) بنت فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) الملقبة بالعقيلة ومنهن زينب الاصغرى بنت امير المؤمنين ( عليها السلام ) وفاطمة (عليها السلام ) المكناة بام كلثوم ( عليها السلام ) وقد ذكرنا ترجمتها على سبيل الاختصار ومن اراد الاستقصاء فليطلب من كتب التواريخ ومنهن خديجة امها ام ولد فكانت عند عبد الرحمن بن عقيل بن ابيطالب فولدت له سعداً وعقيلا كما ذكره الطبرسي في اعلام الورى وقال الشيخ حسن بن سلمان بن محمد بن الحسن الشوبكي في مقتله نقلا من الجزء العاشر من كتاب المنن لعبد الوهاب للشعر أني قال وعبد الرحمن بن عقيل بن ابي طالب قتل مع الحسين بن على بالطف و ابناه سعد وعقيل كانا معه ومانا من شدة العطش ومن الدهشة والذعر بعد شهادة الحسين ( عليه السلام ) لما هجم القوم على المخيم للساب وامهها خديجة بنت علي بن ابي طالب (عليه السلام) توفيت بالكوفة انتهى . و منهن رقية الكبرى وكانت عند مسلم بن عقيل فولدت منه عبدالله بن مسلم
ص: 226
ومحمد بن مسلم الذين قتلا يوم الطف مع الحسين (عليه السلام) وعاتكة ولها من العمر سبع سنين التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسين ( عليه السلام ) لما هجم القوم على المخيم للسلب على ما رواه الشيخ حسن بن سليمان الشوبكي في مقتله وامها اي رقية الصهباء الثعلبية تكنى ام حبيب من سبى عين التمر التي اشتراها اميرالمؤمنين (عليه السلام) من خالد بن الوليد بار بعين ديناراً فولدت منه رقية الكبرى وعمر الاطرف توأمين ومنهن ام هاني امها ام ولد وكانت عند عبد الله الاكبر ابن عقيل بن ابي طالب (عليه السلام ) فولدت له محمداً الاوسط ابن عقيل ومنهن زينب الصغرى امها ام ولد وكانت عند محمد بن عقيل بن ابي طالب فولدت له عبد الله وفيه العقب ومنهن رملة الكبرى امها ام مسعود بنت عروة الثقفى وكانت عند عبد الرحمن الاوسط ابن عقيل بن ابي طالب فولدت له ام عقيل ومنهن رقية الصغرى امها ام ولد وكانت عند صلت بن عبدالله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ولا عقب له ومنهن فاطمة امها ام ولد وكانت عند ابي سعيد بن عقيل ابن ابي طالب الاحول فولدت له حميدة ومحمد بن ابي سعيد له من العمر سبع سنين فانه ما صرع الحسين (عليه السلام) وتصارخت العيال والاطفال خرج مذعوراً بباب الخيمة ممسكا بعمودها وامه واقفة تراه تنظر اليه وجعل الطفل يلتفت يمينا وشمالا وقرطاه يتذبذبان قتله لقيط بن اياس الجهني اوهاني بن ثبيت الحضرمي رماه بسهم على خاصرته كما تقدم في المجلد الأول ومن اراد فليطلب هناك ومنهن خديجة الصغرى امها ام ولد وكانت عند عبد الله الاوسط ابن عقيل بن ابيطالب ولا عقب له ومنهن ام سلمة واختها ميمونة امها ام ولد وزاد بعض النسابة وعلماء التراجم جمانة المكناة بام جعفر امها ام ولد فهؤلاء ثلاثة عشر من اخواته خرجن معه من المدينة حتى اتين كربلا وخرج مع الحسين (عليه السلام ) من زوجات علي (عليه السلام) تمان الصهباء الثعلبية خرجت مع بنتها رقية الكبرى زوجة ابن عمها مسلم بن عقيل بن ابيطالب ومعها بنتها عاتكة
ص: 227
وابناها عبدالله ومحمد اولاد . سلم اللذان قتلا يوم الطف ومنهن ام مسعود بنت عروة الثقفى جائت مع بنتها رملة ومنهن ليلى بنت مسعود الدارمية خرجت مع ولديها ابي بكر اسمه عبدالله ومحمد الاصغر ومنهن ام زينب الصغرى جائت مع بنتها زينب ومنهن ام خديجة جائت مع بنتها خديجة ومنين ام رقية الصغرى جائت مع بنتها رقية ومنهن ام فاطمة خرجت مع بنتها فاطمة ومنهن امامة بنت ابي العاص العيشمية فهؤلاء ثمان من زوجات علي بن ابي طالب ( عليه السلام ) خرجن من المدينة مع بناتهن حتى اتين كربلا وخرجت من المدينة ام كلثوم الصغرى بنت زينب الكبرى مع زوجها القسم بن محمد بن جعفر بن ابيطالب حتى انت كربلا وخرجت من المدينة عمته معه اسمها جمانة بضم اوله وتخفيف الميم وبعد الالف نون بنت ابيطالب وهي ام عبدالله بن ابي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب بزوجها ابو سفيان بن الحرث فولدت له عبد الله وهي اخت ام هاني بنت ابيطالب وعبد الله كان مع خاله علي بن ابيطالب بصفين وقاتل حتى قتل بين بديه كما ذكره نصر بن مزاحم المنقرى الكوفى في كتابه وامه جائت مع الحسين (عليه السلام) بكربلا وخرجن من الجواري مع الحسين بن علي من المدينة تسع اربع منهن زينب بنت علي وفاطمة وواحدة له واربع منهن لزوجاته فاما اللواتي كن مع اخته زينب منهن فضة النوبية على مارواه العسقلاني في الاصابة في باب النساء قال فضة النوبية جارية فاطمة الزهراء بنت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اخرج ابو موسى في الذيل والثعلبي في تفسير سورة هل اتي من طريق عبد الوهاب الخوارزمى عن ابن عباس في قوله تعالى يوفون بالنذر ... الآية قال مرض الحسن والحسين ( عليهما السلام ) فعادها النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) جدها وعادهما عامة العرب فقالوا لا بيها لونذرت فقال على ان عوفيا صيام ثلاثة ايام شكراً وقالت فاطمة كذلك وقالت جارية لها يقال لها فضة النوبية كذلك فذكر حديثاً طويلا وفي كتاب المستغيثين من طريقه بسند له من طريق الحسين بن العلا عن جعفر بن محمد
ص: 228
بن علي بن الحسين بن علي بن ابيطالب ان رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اخدم فاطمة ابنته جارية اسمها فضة النوبية وكانت شاطرة الخدمة فعلمها رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) دعاء تدعوبه فقالت فاطمة لها المجنين او تخبزين فقالت بل اعجن ياسيدني واحتطب فذهبت واحتطبت بيدها حزمة وارادت حملها فعجزت فدعت بالدعاء الذي علمهار سول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) وهو يا واحد ليس كمثله احد تميت كل احد وتغنى كل احد وانت على عرشك واحد ولا تأخذك سنة ولا نوم فجاء اعرابي فحمل الحزمة الى باب فاطمة (عليها السلام ) وورد في الخبر أن علياً اقتسم خدمة البيت مع فاطمة فكان علي يحتطب ويستقى ويكنس وكانت فاطمة تطحن وتعجن وتخبز وفي كتاب اللمعة البيضاء روى ان النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) رأى يوما فاطمه تطحن بيدها وترضع ولدها الحسن (عليه السلام ) فدمعت عينا رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فقال يابنتاه تعجلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة فقالت يارسول الله الحمد لله على نعمائه واشكره على الانه فانزل الله تعالى ولسوف يعطيك ربك فترضى ثم ارسل اليها بعد مدة فضة الخادمة المشهورة لتخدمها وفيه انه كان عند النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اسارى وكانت فاطمة تشتكى الى على حالها وسألت جارية وساق الحديث الى ان قال ثم انفدر سول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) جارية اليها للخدمة سماها فضة ولما ماتت فاطمة انضمت الى بنتها زينب وكانت تخدمها في بيتها وتارة في بيت الحسن (عليه السلام ) وتارة في بيت الحسين (عليه السلام ) فلما خرجت عقيلة قريش مع اخيها الحسين ( عليه السلام ) من المدينة الى العراق خرجت فضة معها حتى انت كربلا ومنهن قفيرة ويقال لها مليكة بنت علقمة بن عبدالله بن أبي قيس على مارواه ابوعلي الغساني في ذيله على الاستيعاب انه قال اهديت لجعفر بن ابيطالب في بلاد الحبش حين هاجر اليها مع المؤمنين جارية قيمتها اربعة الاف درهم اسمها قفيرة فلما قدم المدينة اهداها لعلي تخدمه وكانت الجارية في بيت علي تخدم فاطمة واولادها الى ان توفيت فاطمة ثم بعدها انضمت الى بنتها زينب الكبرى وكانت تخدمها في بيتها الى ان خرجت
ص: 229
زينب مع اخيها الحسين ( عليها السلام ) من المدينة الى العراق فخرجت الجارية معها حتى انت كربلا ومنهن روضة كانت مولاة رسول الله ص ) على ما ذكره الطبري في تفسير سورة النور عند قوله تعالى لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تسلموا على اهلها فاخرج من طريق عمرو بن سعيد الثقفي أن رجلا استاذن على النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) فقال أالج فقال النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) لامة يقال لها روضة قومي الى هذا تعلميه فانه لا يحسن ان يستأذن فقولي له يقول السلام عليكم ادخل فسمعها الرجل فقالها فقال ادخل وكانت الامة تخدم رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم ) الى ان توفى ص و بعده انضمت الى بنته فاطمة وكانت تخدمها الى ان توفيت فاطمة ثم بعدها انضمت الى علي بن ابيطالب (عليه السلام ) وكانت في بيت علي تخدم اولاده الى ان زوج علي (عليه السلام ) ابنته زينب من عبدالله بن جعفر و كانت فى بيت عبدالله تخدم زينب واولادها الى ان خرج الحسين ( عليه السلام ) من المدينة الى العراق فخرجت اخته معه وخرجت الجاوية معها حتى انت كربلا ومنهن ام رافع زوجة ابي رافع القبطى واسمه هر من مولي رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم ) على ما ذكره الذهبي في كتاب تجريد الاسماء والسكنى وام رافع اسمها سلمة مشهورة باسمها وكنيتها ويقال انها مولاة صفية بنت عبدالمطلب على مارواه العسقلاني في الاصابة ويقال لها ايضا مولاة النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) و خادمة النبي ص ك تخدم في بيتها الى ان توفى رسول الله و ص م ثم انضمت بعده الى بنته فاطمة وكانت فى بيتها الى ان توفيت وكانت في بيت علي ( عليه السلام ) الى ان قتل ثم انضمت الى ابنه الحسين ( عليه السلام ) ثم بعده انضمت الى اخته زينب وكانت في بينها إلى أن خرجت مع اخيها الحسين ( عليه السلام ) من المدينة فخرجت الجارية معها حتى انت كربلا واما التي كانت له عليه السلام فهي ميمونة ام عبد الله بن يقطار وكانت حاضنة الحسين في بيت امير المؤمنين (عليه السلام) الى ان توفيت فاطمة ثم بعدها انضمت الى الحسين (عليه السلام ) وكانت تخدم في بيته الى ان خرج الحسين (عليه السلام ) من المدينة الى العراق فخرجت هي مع ابنها
ص: 230
عبد الله بن يقطر ثم بعثه الحسين (عليه السلام) الى مسلم بن عقيل بعد خروجه من مكة في جواب کتاب مسلم الى الحسين ( عليه السلام ) يسأله القدوم ويخبره باجتماع الناس فقبض عليه الحصين بن نمير التميمي وارسله الى عبيد الله بن زياد فسأله عن حاله فسلم يخبره قاصر بقتله و كانت امه ميمونة مع الحسين (عليه السلام) حتى انت كربلا و اما الاربع اللواتي لازواجه من الجواري منهن فاكهة كانت جارية للحسين ( عليه السلام ) وهي تخدم في بيت الرباب بنت امرىء القيس زوجة الحسين (عليه السلام) نزوجها عبد الله بن أريقط الدئلى الليثي فولدت منه قارباً فهو مولى الحسين ( عليه السلام ) الذي ذكره الحجة ( عليه السلام ) في الناحية السلام على قارب مولى الحسين (عليه السلام) خرجت هي مع ولدها حتى انت كربلا ومنهن حسنية على ما رواه صاحب ضياء العالمين عن كتاب ربيع الابرار للزمخشري قال حسنية جارية للحسين اشتراها من نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ثم تزوجها سهم فولدت منه منجحاً فهو مولى الحسين ( عليه السلام ) له ذكر ايضا في الناحية السلام على منجح مولى الحسين وهي كانت تخدم في بيت على بن الحسين ( عليه السلام ) زين العابدين الى ان خرج الحسين من المدينة الى العراق فخرجت الجارية معه وابنها منجح معها حتى انت كربلا ومنهن كبشة كانت جارية للحسين ( عليه السلام ) اشتراها بالف درهم وكانت تخدم في بيت ام اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية زوجة الحسين ثم تزوجها ابو رزین مولدت منه سليمان فهو مولی الحسين ( عليه السلام ) له ذكر ايضا في الناحية السلام على سليمان مولى الحسين وسليمان هذا الذي ارسله الحسين بكتب الى رؤساء الاخماس والاشراف بالبصرة حين كان بمكة كما ذكره ارباب المقاتل والسير فجاء بالكتاب بنسخة واحدة الى جميع اشرافها فكل من قرأ ذلك الكتاب كتمه الا منذر بن الجارود فانه خشى بزعمه دسيساً من قبل عبدالله بن زياد «لع » فاخذ السكتاب والرسول فقدمها الى عبيد الله بن زياد فلما قرأ الكتاب قدم الرسول وامى بضرب عنقه وامه كبشة جائت مع الحسين ( عليه السلام ) حتى
ص: 231
انت كربلا ومنهن مليكة زوجة عقبة بن سمعان كانت تخدم في بيت الحسن بن علي (عليه السلام) تم بعده انضمت الى الحسين ( عليه السلام ) وكانت في بيوته وتارة في بيت عبدالله بن جمهر هي مع زوجها عقبة لانه كان عبداً مملوكا الرباب بنت امرىء القيس زوجة الحسين ولما خرج الحسين من المدينة الى العراق خرجت هي مع زوجها عقبة مع الحسين حتى انت كر بلا فلما قتل الحسين واصحابه واسر الباقون اخذ عمر بن سعد «لع » عقبة بن سمعان فقال له من انت قال انا عبد مملوك فخلى سبيله ونجى كما مر فيما سبق فهؤلاء تسع من الجواري الاواني خرجن مع الحسين [عليه السلام] حتى اتين كربلا وخرج من الموالي والعبيد مع الحسين بن علي [عليه السلام] من المدينة الى مكة ثم الى العراق عشرة ثمانية منهم قتلوا مع الحسين [عليه السلام] ونجى منهم اثنان فاما الذين قتلوا منهم سليمان بن ابي رزين مولى الحسين [ عليه السلام ] قتل بالبصرة وكان رسول الحسين [ عليه السلام ] الى رؤساء الاخماس والاشراف قتله عبيد الله بن زياد كما مر ومنهم قارب بن عبدالله الدئلي الليثي مولى الحسين بن علي [عليه السلام] ومنهم منجح بن سهم مولى الحسين بن علي ومنهم سعد بن الحرث الخزاعي مولى علي بن ابي طالب وكان من عماله باخذ الزكوة ومنهم نصر بن ابي نيزر مولى علي بن ابيطالب [عليه السلام] الذي كان من اولاد ملوك العجم رغب في الاسلام صغيراً ومنهم الحرث بن نبهان مولى حمزة بن عبد المطلب ومنهم جون بن حوى النوبي مولى ابي ذر الغفاري كان جون عبداً اسود الفضل بن العباس بن عبدالمطلب اشتراه امير المؤمنين بمائة وخمسين دينار أو وهبه لابي ذر الغفاري ليخدمه وكان العبد عند ابی ذر الى ان امر عثمان بن عفان بنفى ابي ذر من المدينة الى الربذة ولما خرج ابو در من المدينة خرج العبد معه وكان هناك الى ان توفى ابو ذر [ رض ] في سنة اثنتين وثلاثين وقيل والقائل ابن الأثير في الكامل توفى في سنة احدى وثلاثين ثم رجع العبد إلى المدينة وانضم الى علي بن ابي طالب ثم بعده انضم الى ابنه الحسن ثم الى الحسين
ص: 232
وكان في بيت علي بن الحسين [عليه السلام] زين العابدين الى ان خرج الحسين من المدينة الى العراق فخرج العبد معه حتى اتى كربلا وقتل معه كما ذكرنا وعمره يوم قتل سبع وتسعون سنة منهم اسلم بن عمرو قال ابو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي السكنجى الشافعي في كتاب كفاية الطالب في مناقب علي بن ابي طالب ذكر غير واحد من اهل السير والتواريخ وذكره الحافظ ابو نعيم في حلية الاولياء قال كان اسلم من موالي الحسين بن علي بن ابي طالب والمعروف ان الحسين اشتراه بعد وفاة اخيه الحسن ( عليه السلام ) ووهبه لابنه علي بن الحسين وكان ابوه عمر و تركيا و كان ولده اسلم كاتباً عند الحسين (عليه السلام) في بعض حوائجه فلما خرج الحسين ( عليه السلام ) من المدينة الى مكة كان اسلم ملا زماله حتى اتى معه كربلا وقتل بين يديه فهؤلاء قتلوا كلهم مع الحسين يوم الطف الا سليمان بن ابي رزين قتل بالبصرة كما مرواما اللذان لم يقتلا مع الحسين فهما عقبة بن سمعان مولى الرباب بنت امرىء القيس على ما رواه الطبرى في كتابه وعلي بن عثمان بن الخطالب الحضرمي المغربي من موالي امير المؤمنين على مارواه الصدوق في الاكمال قال قال على بن عثمان كنت مع علي بن ابي طالب اخدمه فحضرت معه الجمل وصفين فكنت في صفين واقفا عن عينه اذ سقط سوطه من يده فاكبيت آخذه وادفعه اليه وكان لجام دابته حديداً مد ملجاً فرفع الفرس رأسه فشجنى هذه الشجة التي في صدفى فدعانى امير المؤمنين فتفل فيها واخذ حفنة من تراب وتركه عليها فوالله ما وجدت لها الماً ولا وجعا ثم قمت معه ( صلّى الله عليه واله وسلم ) حتى قتل ثم صحبت الحسن بن علي حتى ضرب بساباط المدائن تم بقيت معه بالمدينة اخدمه واخدم الحسين (عليه السلام) حتى مات الحسن مسموماً ممته جعدة بنت الاشعث بن قيس الكندى ( لع ) دسا من معاوية بن ابي سفيان ثم خرجت مع الحسين بن علي من المدينة الى العراق حتى حضرت معه كربلا وحارب حتى قتل ثم خرجت بعد قتله هاربا من بني امية بديني وانا مقيم انتظر خروج
ص: 233
المهدي وعيسى بن مريم ( عليه السلام ) انتهى .
فهؤلاء العشرة من الموالي والعبيد الذين خرجوا من المدينة مع الحسين بن علي حتى جاؤا معه كربلا وخرج مع الحسين (عليه السلام) تسعة من اخوته حين خرج. ن المدينة الى العراق العباس بن علي بن ابى طالب واخوه عثمان بن علي بن ابي طالب واخوه جعفر بن علي بن ابي طالب واخوه عبدالله بن علي بن ابيطالب امهم ام البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد كلاب بن عاس ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة ومحمد الاصغر بن علي بن ابي طالب واخوه بكر بن على بن ابيطالب ( عليه السلام ) امهما ليلى بنت مسعود الدارمية خرجت مع ولديها وعمر بن على الملقب بالا طرف امه الصهباء الثعلبية المسكناة ام حبيب جاءت مع ولدها وعون بن على بن ابى طالب امه اسماء بنت عميس الخثعمية تخلفت بالمدينة عند مجيء الحسين الى العراق ومحمد الاوسط ابن علي بن ابى طالب امه امامة بنت أبي العاص العيشمية خرجت مع ولدها فهؤلاء تسعة من أحوته الذين قتلوا معه يوم الطف باجمعهم ومعهم ثلاث من الامهات وخرج مع الحسين من المدينة الى العراق من اولاد عمه جعفر بن ابيطالب امه خمسة عون الأكبر ابن عبدالله ابن جعفر بن ابی طالب امه زينب الكبرى بنت علي ابيطالب بنت فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) كانت معه ومحمد بن عبد الله بن جعفر ابن ابي طالب (عليه السلام) اختلف الاقوال فيه عند اهل النسب قيل ان امه زينب العقيلة وقيل هو واحوه عبيد الله عبدالله بن جعفر بن ابيطالب امهما الخوصاء بنت حفصة بن ابن بكر بن وائل خرجت مع ولديها الى العراق والله العالم وعون بن جعفر بن ابيطالب امه اسماء بنت عميس التي خلفها الحسين بالمدينة عند بنته فاطمة الصغرى حين مجيئه الى العراق والقسم بن محمد بن جعفر بن ابي طالب امه ام ولد خرجت مع ولدها حتى انت كر بلا فهؤلاء خمسة من اولاد جعفر بن ابيطالب الذين قتلوا باجمعهم يوم الطف مع
ص: 234
الحسين بن علي ومعهم ثلاث من الامهات وخرج من المدينة مع الحسين من اولاد عمه عقيل بن ابيطالب اثني عشر جعفر بن عقيل بن ابي طالب وامه ام الثغر ويقال ام الخوصاء العامرية خرجت مع ولدها وعبد الرحمن بن عقيل بن ابيطالب وامه ام ولد خرجت مع ولدها وعد الله بن مسلم بن عقيل واخوه محمد بن مسلم بن عقيل امهما رقية بنت علي بن ابي طالب خرجت مع ولد بها ومحمد بن ابي سعيد بن عقيل الا حول امه ام ولد كانت معه وعبد الله الاصغر بن عقيل بن ابي طالب امه ام ولد وموسى بن عقيل بن ابي طالب وامه ام البنين بنت ابي بكر بن كلاب العامرية جائت مع ولدها وعلي بن عقيل بن ابي طالب امه ام ولد واحد بن عقيل بن ابيطالب امه ام ولد جانت مع ولدها ومسلم بن عقیل ابن ابيطالب امه ام ولد وصبيان اخر ان محمد الاصغر بن مسلم بن عقيل او محمد بن عقيل واخوه ابراهيم بن مسلم بن عقيل او ابراهيم بن ابن عقیل باختلاف الروايات فيهما فهؤلاء اثنا عشر من اولاد عقيل بن ابيطالب تسعة منهم قتلوا يوم الطف مع الحسين ومعهم سنة من الامهات ومسلم بن عقيل قتل بالكوفة وصبيان اخر إن المذان كانا معه اسرا يوم الطف بعد شهادة الحسين (عليه السلام) وقتلا بظهر الكوفة وخرج من المدينة مع الحسين (عليه السلام) من زوجات اخيه الحسن خمر ومن اولاده ذكوراً واناثا ستة عشر فبين من قتل منهم يوم الطاف مع الحسين وبين من سحق منهم ومات لما هحجم القوم على المحيم السلب و بين من اسر منهم مع الاسري إلى الشام الحسن بن الحسن المثنى وامه خولة بنت منصور بالفزارية التي تخلفت بالمدينة عند عند مجي. الحسين الى العراق وعمرو بن الحسن واخواه القاسم وعبدالله ابنا الحسن امهم ام ولد وقيل اسمها رملة كامر في محله جاءت معهم حتى انت كربلا واحمد بن الحسن له من العمر ستة عشر سنة على ما رواه المحلبي في البحار واختاه ام الحسن وام الحسين سحقتا يوم الطف بعد شهادة الحسين لما هجم القوم على المحيم السلب امهما ام بشر بنت
ص: 235
مسعود الانصاري وقيل الخزرجى جائت معهم حتى انت كربلا وذكر الذهبي في كتاب التجريد محمد بن الحسن بن علي واخوه جعفر بن الحسن بن علي امهما ام كلثوم بنت العباس بن عبد المطلب ثم فارقها الحسن وتوفيت بالكوفة وابو بكر بن الحسن امه ام ولد لا يعرف اسمها ذكرها المدابنى وجائت مع ولدها حتى انت كربلا والحسين بن الحسن الملقب بالاثرم واخوه طلحة بن الحسن واختها فاطمة بنت الحسن وهي ام ابي جعفر محمد بن علي الباقر امهم ام اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي جاءت معهم وزيد بن الحسن واخوه عبد الرحمن بن الحسن واختها ام للحسين امهم ام ولد جائت معهم فهؤلاء سنة عشر من اولاد الحسن بن علي (عليه السلام) اثنا عشر منهم ذكوراً واربع اناث ومعهم من الامهات خمس هذا آخر ما انتهى .
الينا من ترجمة عدد هؤلاء الكرام الذين ذكر ناهم من الكتب المعتبرة فنقول وبالله التوفيق اما النساء اللواتى تهيأن للمسير معه فهن اثنتان واربعون امرئة والرجال من اهل بيته ثمانية وعشرون رجلا والذكور مادون البلوغ اثنان وعشرون لم يراهقوا فبين من قتل منهم يوم الطف وبين من مات من شدة العطش ومن الدهشة بعد شهادة الحسين ( عليه السلام ) وهما سعيد بن عبد الرحمن بن عقيل بن ابي طالب واخوه عقيل بن عبدالرحمن بن عقيل بن ابيطالب وامها خديجة بنت علي بن ابي طالب التي توفيت بالكوفة لما هجم القوم على المخيم للساب كما أخبر الله عز وجل بذلك موسى ياموسى صغير هم يميته العطش وكبيرهم جلده منكش وهو احمد بن الحسن بن علي بن ابي طالب كان له من العمر ست عشر سنة كما ذكره المجلسي في البحار وبين من أمر منهم الى الشام ومن الاناث دون البلوغ عشرة فبين من سحقت بعد شهادة الحسين ( عليه السلام ) وهن ام الحسن واختها ام الحسين من بنات الحسن بن علي بن ابيطالب وعاتكة بنت مسلم بن عقيل بن ابيطالب التي كانت لها من العمر سبع سنين وبين من اسرت مع الاسرى
ص: 236
الى الشام فهؤلاء كلهم من اولاد ابى طالب ( عليه السلام ) ومن الموالي والعبيد عشرة عمانية منهم قتلوا ونجا منهم اثنان كما ذكرنا سابقا و من الجواري تسع فكل هؤلاء الذين ذكر ناهم من النساء والرجال والاطفال والذكور والاناث والعبيد والموالي والجواري من حيث المجموع مع الطفل الرضيع على الاصغر مأة واثنان وعشرون الذين خرجوا مع الحسين ابن علي من المدينة الى مكة ثم الى العراق اقول فهؤلاء الذين ذكر ناهم غير اولئك الذين صحبوا الحسين ( عليه السلام ) بمكة من الرجال والنساء حين اقامته هناك والله العالم انتهى .
في نقمة الله على قاتليه في الدنيا وخروج المختار بن ابي عبيدة الثقفى وهلاك عبيدالله بن زياد وعمر بن سعد ويزيد ( لع) الرجس العنيد وخروج ابى العباس السفاح واستيصال بني امية ثم ماجرى على قبره الشريف من ايدي الطغاة الجفاة عليهم لعائن الله ويشتمل هذا الفصل على تسعة مجالس .
قال الله تعالى انا لتنصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ان الله تعالى قدر مداوليائه ورسله الذين قد وقع عليهم القتل والبغي والظلم والجور واريقت دمائهم بكيد الاشرار وسيف الفساق والفجار ان ينصرهم في الدنيا والآخرة يعني يأخذ بثارهم في الدنيا وان ينتقم لهم من اعدائهم كما انه يأخذهم بعقوبته في الاخرة وذلك يوم خروج المهدي (عج ) وهو الاخذ بالثار والمنتقم من الاشرار يقول الرائي :
انت الولي لمن بظلم قتلوا ***وعلى العدى سلطانك المنصور
ومن الذين قد وعدهم الله باخذ ثاره في ذلك اليوم الحسين بن علي (عليه السلام ) قال
ص: 237
الصادق (عليه السلام) والله لقد قتل قتلة الحسين بن علي ( عليه السلام ) واسكن لم ينصر بعد ولم يطلب بدمه بعد وفي رواية قال قتل بالحسين (عليه السلام) مأة الف وماطلب بثليره وسيطلب عند خروج المهدي ( عج ) كما في الخير قال الراوى لابي جعفر (عليه السلام) يا ابن رسول الله البتم كلكم قائمين بالحق قال بلى قلت فلم سمى القائم قائم) قال ( عليه السلام ) لما قتل جدي الحسين ( عليه السلام )
ضحت الملائكة بذلك إلى الله عز وجل بالبكاء والنحيب وقالوا الهنا وسيدنا اتغفل عن قتل صفوتك و ابن صفوتك وخيرتك من خلقك فاوحى الله عز وجل اليهم فروا ملائكتي فوعزتي وجلالي لا نتقمن منهم ولو بعد حين ثم كشف الله عز وجل عن الأئمة من ولد الحسين (عليه السلام ) لملائكته فسرت الملائكة بذلك فاذا احدهم قائم يصلى فقال الله عز وجل يا ملائكتي بهذا القائم انتقم منهم وفي رواية اخرى في البحار عن عروة بن الزبير قال سمعت أبا ذر الغفاري بقول وقد اخرجه عثمان إلى الربذة فقال له الناس يا أبا ذر ابشر فهذا قليل في الله فقال وما ايسر هذا ولكن كيف انتم اذا قتل الحسين بن علي قتلا ولا يكون في الاسلام اعظم قتيلا منه وان الله سيصل سيفه على هذه الامة لا يعمله ابداً ويبعث ناقاً من ذريته فينتقم من الناس وانكم لو تعلمون ما يدخل على اهل البحار وسكان الجبال في الغياض والا كلام واهل السماء من قتله لبكينم والله حق تزهق انفسكم وملء من سماء تمر به روح الحسين (عليه السلام) الافزع له سبعون الف ملك يقومون قياما ترتعد مفاصلهم إلى يوم القيمة . وما من سحلية عمر وترعد وتبرق الا لعنت قاتله وما من يوم الا وتعرض روحه على رسول الله فيلتقيان في البحار عن الصادق (عليه السلام) قال فإذا خرج المهدي يقتل قتلته ويقتل والله ذراري قتلته بفعال ابائها قال الراوي قلت سيدي يقتل ذراري قتلة الحسين قال نعم قلت فما معنى قول الله ولا تزر وازرة وزر اخرى قال صدق الله اقواله ولكن ذراري قتلة الحسين (عليه السلام ) يرضون بفعال اياتهم و يفتخرون بان ابائهم قتلة الحسين (عليه السلام) ومن رضي بشيء كان كمن اتاه ولو ان رجلا
ص: 238
قتل بالمشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لسكان الراضي عند الله شريك القاتل . اقول وهو معنى قوله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) من احب قوماً حشر معهم ومن احب عمل قوم اشرك في عملهم وعدد ما يقتل منهم الحجة ( عج ) على ما روى بقصاص جده سبعون الفا ولو أنه قتل جميع اهل الارض بدم الحسين (عليه السلام) لم يكن .سرقا يقول الرائي :
فلو انك استأصلت كل قبيلة*** قتلا فلا صرف ولا تبذير
وهذا العدد اخرجناه من كلام جده الحسين ( عليه السلام ) لولده زين العابدين (عليه السلام ) عند الاخبار بقصة يحيى بن زكريا في البحار قال علي بن الحسين ( عليه السلام ) منزل ابي منزلا من يوم خروجه الى العراق الى ان وردنا كربلا ولا ارتحل منه الا وذكر قصة يحيى وشهادته وقال ( عليه السلام ) امرئة ملك بني اسرائيل كبرت وارادت ان تزوج بنتها من الملك فاستشار الملك يحيى بن زكريا فنهاه عن ذلك فعرفت المرأة ذلك فزينت بنتها وبعثتها الى الملك فذهبت ولعبت بين يدي الملك فتعلق الملك بها فابت فقال لها ما حاجتك قالت رأس يحيى بن زكريا فقال الملاك على حاجة غير هذا قالت ما اريد غيره فخرج الملك وهو في سكروا غماء وأمر بقتل يحيى واحضار رأسه فقتل وجي. برأسه فوضعه في طشت من ذهب وبعثه الى بنت العجوز فعند ذلك امر الله تعالى الارض فاخذتها واتبلعتها وسلب الله الملك عن السلطان واهلكه وسلط عليهم بخت نصر حتى قتل من بني اسرائيل سبعين الفا لانه لما سلط عليهم بلغ تلا فرأى فيه دما يغلى عنه فسأل قيل له هذا دم يحيى بن زكريا فسأل عن قصته فاخبر بذلك فقال لابد من اقتل عليه من بني اسرائيل حتى يسكن هذا الدم فقتل منهم خلقا كثيراً وما سكن فقال هل بقى من بني اسرائيل في هذا المصر انسان قيل نعم بقيت مجوز قال هلموا بها فاحضر وها فقتلها على الدم حتى سكن الدم ولقد أوحى الله تعالى الى نبيه اني قتلت بيدي سبعين واقتل بابن بنتك سبعين الفا وسبعين الفا فقال الحسين (عليه السلام) ولدي على فكما ان دم يحيى
ص: 239
كان يغلى حتى قتل عليه سبعون الفا فسكن فكذلك يا ني والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي (عليه السلام) فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين الفا.
اقول دم بحي كان يغلى ويفور من التسل ودم الحسين (عليه السلام) بغلى و يفور من قلوب شيعته وهو قبره وفي قلوب من والاه قبره وهذا الدم يفور ويغلى من هذه القلوب الى يوم القيمة يقول الي اني .
يا وقعة الطف قد اضرمت في كبدي ***وطيس حزن ليوم الحشر مسجورا
كان كل مكان كربلاء لدى ***عيني وكل زمان يوم عاشورا
لهفى لنظام على شاطى الفرات قضى*** ظمآن برنو لعذب الماء مقرورا
يعني ينظر الى الماء بحسرة ويتحسر الجرعة منها هذا معنى يرنو يعني ادام النظر یرنو لان روحه كادت ان تطلع من شدة العطش .
في البحار حكى رجل كوفي حداد قال لما خرج العسكر من الكوفة لحرب الحسين بن علي ( عليه السلام ) جمعت حديداً عندي واخذت الآلات وسرت معهم الى كربلا وطنبوا خيمهم وبنيت خيمة على شاطيء العلقمي وصرت اعمل او تاداً للخيم وسككا ومرابط للخيل واسنة الرماح وما اعوج من سنان او خنجر او سيف كنت بكل ذلك بصيراً فصار رزقي كثيراً وشاع ذكرى بينهم حتى قام القتال بينهم وبين الحسين (عليه السلام) ومنعوه من الماء وقتلوه وانصاره وبنيه وارتحلوا الى الكوفة ومعهم السبايا وانا رجعت الى منزلي غنياً فلدثت في منزلي اياما قلائل واذا انا ذات ليلة راقد على فراشي فرأيت بالطيف كان القيمة قد قامت والناس موجون على الارض كالجراد اذا فقدت دليلها و كلهم دالع اسانه على صدره من شدة العطش وانا اعتقد بان ما فيهم اعظم مني عطشا
ص: 240
لانه كل سمعی و بصرى من شدته هذا غير حرارة الشمس التي يغلى منها دماغي والأرض تغلى كانها القير اذا اشعل تحته نار تخلت ان رجلى قد تقلعت قدما ها فوالله العظيم لواني خيرت بين عطشي و تقطيع لحمي حتى تسيل دمى لاشر به لرأيت شر به خيراً من عطشي فبينما انا في العذاب الأليم والبلاء العميم اذا برجل قد عم الموقف نوره وابتهج الكون بسروره راكب على فرسه وهو ذو شيبة قد حفت به الوف من كل نبي ووصي وصديق و شهيد وصالح فمر كانه ريح عاصف فمرت ساعة واذا انا بفارس على جواد اغر له وجه كالبدر ليلة تمامه وكماله تحت ركابه الوف ان امر ائتمر واو ان زجر انزجر وافاقشعرت الاجسام من خطراته وارتعدت الفرائص من سمواته واذابه قد قام في ركابه واشار الى اصحابه وسمعت قوله خذوه فاذا باحدهم قاهر بعضدي كلبة حديد خارجة من النار فمضى بي اليه فخلت كتفى قد انقلعت فسألته الخفة فزاد ني ثقلا فقلت له سألتك امرك علي من انت قال ملك من ملائكة الجبار قلت ومن هذا قال على السكرار قلت والذي قبله قال محمد المختار قلت والذي حوله قال النبيون والصديقون والشهداء والصالحون والمؤمنون قلت انا ما فعلت حتى امرك علي قال اليه يرجع الامر وحالك حال هؤلاء تحققت النظر واذا بعمر بن سعد امير العسكر وفي عنقه سلسلة من حديد والنار خارجة من عينيه واذنيه وباقي القوم منهم مغلل ومنهم مقيد ومنهم مأخوذ بعضده مثلى فايقنت بالهلاك فبينما نحن نسير واذا برسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) جالس على كرسي عال يزهر وقوائمه من الؤلؤ ورجلين ذي شيبتين بهيتين عن يمينه ويساره فسألت الملك عنهما فقال نوح وابراهيم واذا برسول الله يقول ما صنعت يا على قال ما تركت احداً من قاتلى الحسين الا واتيت به محمدت الله على اني لم اكن منهم واذا برسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يقول قدسوم فقدموا هؤلاء اليهه وجعل يسألهم عما فعلوا بولده الحسين وهو يبكي ويبكى لبكائه كل من في الموقف لانه يقول للرجل ما صنعت بطف كربلا بولدى الحسين فيجيب يارسول الله
ص: 241
انا حميت الماء عنه وهذا يقول انا قتلته حتى اذا قدم اليه رجل فسأله ما فعلت بطف كر بلا فقال انا وطأت صدر الحسين بفرسي وقدم اخر فسأله فقال انا ضربت ولده المليل فصاح رسول الله واولداه واقلة ناصراه واحسيناه واعلياه هكذا جرى عليكم بعدی اهل بيتى انظر يا ابي ياادم و يا ابي يانوح كيف خلفوني في ذريتي فبكوا حتى ارتج المحشر فامر زبانية بهم يجرونهم اولا فاولا الى النار واذا بهم قداتوا برجل فسأله فقال ما صنعت شيئاً فقال اما كنت نجارا قال صدقت يارسول الله السكنى ما عملت شيئا الاعمود الخيمة الحصين بن نمير لانه انكسر من ريح عاصف فوصلته فبكى وقال كثرت السواد على وادي خذوه الى النار وصاحوا الا لاحكم الا لله ولرسوله ولوصيه قال الحداد فا يقنت بالملاك فامر بي فقدموني و استخبرني فاخبرته فامر بي الى النار فما سحبوني الا وانتبهت وحكيت لكل من لقيته وقد يبس لسانه ومات نصفه وتبرأ منه كل من يحبه ومات فقيراً لا رحمه الله وهذا مما لاشك فيه ان كل من حضر كر بلاسواء صدر منه شيء ام لم يصدر فقد حقت عليه كلمة العذاب لانه وان لم يصنع شيئا لكنه حضر الوقعة وكثر السواد وراى غربة الحسين (عليه السلام) وسمع الواعية وهو ينادى هل من مغيث الخ.
وحكى عن السدى قال اضافنى رجل في ليلة كنت احب الجليس فرحبت به وقربته واكرمته وجلسنا نتسامر و اذا به ينطلق بالكلام كالسيل اذا قصد الحضيض فاطرقت له فانتهى كلامه .
وجرى بيانه بذكر وقعة الطف وكان قريب العهد من قتل الحسين (عليه السلام ) فتأوهت الصعداء وتزفرت كمداً فقال ما بالك قلت ذكرت مصابا يهون عنده كل مصاب قال اما كنت حاضراً يوم الطف قلت لا و الحمد لله قال اراك تحمد الله على اي شيء قلت على الخلاص من دم الحسين (عليه السلام) لان جده ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قال من طولب بدم ولدي الحسين
ص: 242
يوم القيمة لخفيف الميزان وقال ولدي الحسين يقتل ظلما وعدوانا الاومن قتله يدخل في تابوت من نار ويعذب بعذاب نصف اهل النار وقد غلت يداه ورجلاه وله رائحة تيموذ اهل النار منها هو ومن شايع وبايع او رضى بذلك كما نضجت جلودهم بدلوا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب الاليم لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنم فالويل لهم من عذاب جهنم قال لا تصدق هذا الكلام يا اخي قلت كيف هذا وقد قال (صلّى الله عليه واله وسلم) لا كذبت ولا كذبت قال ترى قالوا قال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قاتل ولدي لا يطول عمره وها انا وحفك قد تجاوزت التسمين مع انك لا تعرفني قلت لا والله قال انا الاخنس ابن زيد قلت وما صنعت يوم الطاف قال انا الذي امرت على الخيل الذين امرهم عمر بن سعد بان يوطؤا جسم الحسين ( عليه السلام ) بسنابك الخيل وهشمت اضلاعه وجررت نطعامن تحت علي بن الحسين (عليه السلام) و هو عليل حتى كبته على وجه وخرمت اذنى بنت الحسين(عليه السلام) لقرطين كانا في اذينها قال السدي فبكى قابي مجموعاً وعيناي دموعا وخرجت اعالج على اهلاكه واذا بالسراج قد ضعفت وقمت از هرها فقال اجلس وهو يحكى متعجباً من نفسه وسلامته و. دا صبعه الزهرها فاشتعلت به ففركها في التراب فلم تطف فصاح بي ادركني يا اخي فكبات المشربة عليها وانا غير محب لذلك فلما سمت النار رائحة الماء ازدادت قوة وصاح بي ما هذه النار وما يطفيها قلت الق نفسك في النهر فرمى بنفسه فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه كالخشبة البالية في الريح البارح هذا وانا انظر اليه فوالله الذي لا اله الاهو لم تطف حتى صار فيما وصار على وجه الماء الا لعنة الله على الظالمين وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون هذا ما لقيه في الدنيا وهو عشر من معشار ما اعد الله له في القيمة وفي برزخه وعند ظهور الحجة ( عج ) لانه يحييهم من اولهم الى اخرهم ثم يقتلهم باسوأ حال ساعد الله قلب الحجة اذا انظر الى هذا اللعين وسأله عن صنيعه فيقول انا خرمت اذني عزيزة الحسين (عليه السلام) لقرطين في اذينها
ص: 243
والعجب من اصطباره على هذه المصائب .
اتغضى وقد غارت خيول امية*** وعن حنق منها تناهيت الخدرا
اتغضي وهاتيك الفواطم ابرزت ***غداة اتاها القوم من دهشة ذعرا
عن عبد الله بن رباح القاضي قال لقيت رجلا مكفوف البصر قد شهد قتل الحسين ( عليه السلام ) فسئل عن بصره فقال قد كنت شهدت قتل الحسين ( عليه السلام ) وانا عاشر عشرة غير اني لم اطمن برمح ولم اضرب بسيف ولم ارم بسهم فلما قتل رجعت الى منزلي وصليت العشاء الآخرة فنمت فاتانى ات في منامى فقال اجب رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فقلت مالي وله فاخذ بتلابيبي وجرنى اليه فاذا النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) جالس في صحراء حاسر عن ذراعيه اخذ بحربة وملك قائم بين يديه وفي يده سيف من نار يقتل اصحابي التسعة فكلما ضرب ضربة التهبت انفسهم ناراً فدنوت منه و جثوت بين يديه وقلت السلام عليك يارسول الله فلم يرد على ومكث طويلا ثم رفع رأسه وقال ياعدو الله انتهكت حرمتي وقتلت عترتي ولم ترع حتى وفعلت وفعلت فقلت يارسول الله انا ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم فقال صدقت ولكنك كثرت السوادادن مني فدنوت منه فاذا طشت مملوه دما فقال لي هذا دم ولدي الحسين (عليه السلام) فكحلنى من ذلك الدم فانتبهت حتى الساعة لا ابصر شيئاً ويظهر من الاخبار المعتبرة انه ما تلبس احد بقتل الحسين ( عليه السلام ) الا اصابه بلاء في اهله ونفسه وماله عن هشام بن محمد الكوفي عن أبيه عن جده قال كان رجل من ابان بن دارم يقال له ذرعة بن شريك وهو ممن شهد قتل الحسين ( عليه السلام ) وقد راه بعض وهو يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره و بين يديه المراوح والثلج وخلفه الكانون والنار وهو يقول اسقوني قد اهلكني العطش فيؤتى بس عظيم فيه السويق والماء واللبن لو شر به خمسة الكفاهم فيشر به تم يعود فيقول استوني اهلكني العماش فانقد بطنه كانقداد البعير وهذا ال
ص: 244
الحسين (عليه السلام ) بسهم فاصاب حنكه الشريف فجعل يتلقى الدم بكيفية وبرمي به الى السماء ويخضب به رأسه ولحيته ويقول هكذا الخ .
بنفسي خضيب الشيب من دم نحره*** فداة عليه الماضيات ركود
بنفسي تريب الخدملتهب الحشا ***عليه المواضي ركع وسجود ( الخ )
في كتب التواريخ لما قتل الحسين (عليه السلام) وورد نعيه الى المدينة اقيمت المائم عند ازواج النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) في منزل ام سلمة وفي دور المهارين والانصار تخرج عبد الله بن عمر صارخا من داره لالمارجهه شاقا جيبه يقول يا معشر بني هاشم وقريش والمهاجرين والانصار يستحل هذا من رسول الله في أهله وذريته وانتم احياء ترزقون وخرج من المدينة تحت ليله لا يرد مدينة الاصرخ فيها واستنفر اهلها على يزيد فلم يمر بملا من الناس الاتبعه وقالوا هذا عبد الله بن عمر ابن خليفة رسول الله ينكر فعل مزيد حتى ورد دمشق وانى باب يزيد في خلق من الناس واضطربت الشام فاستأذن عليه قال يزيد فورة من فورات ابي محمد وعن قليل يفيق منها فاذن يزيد اعبدالله وحده فدخل صارخا يقول لا ادخل يا امير وقد فعلت باهل بيت محمد ( صلّى الله عليه واله وسلم ) مالو تمكنت الروم والترك ما استحلوا ما استحلات ولا فعلوا ما فعلت قم عن هذا البساط حتى يختار المسلمون من هو أحق به منك فرحب به مزيد و تطاول له وضمه اليه وقال يا ابا محمدا سكن من فورتك و بغيك واسمع باذنك ماتقول في ابيك عمرا كان هاديا مهديا خليفة رسول الله وناصره ومصاهره باختك حفصة فقال هو كما وصفت قال يزيد افترضى به و بعهده الى ابي معوية او ما ترضاه قال بل ارضى فضرب بيده على يد عبد الله وقال قم حتى تقرأ فقام 00ه حتى ورد خزانة من خزائنه فدخلها ودعا بصندوق ففتحه واستخرج منه تا بوتا
ص: 245
مقفلا مختوما فاستخرج منه طوماراً لطيفاً في خرقة حرير سوداء فقال هذا خط ابيك قال اي والله قال اقرأ حتى تعلم اني ما فعلت الا على حسب هذا الطومار فقرأ ابن عمرو رضى بذلك وحسن فعله اقول فعل يزيد على حسب ذاك الطومار حتى وضع رأس الحسين (عليه السلام ) بين يديه وجعل يقول واتبعت الشيخ فيما قد سأل يعني عمر ثم اعلم أنه قد ذكر المجلسي ( رحمة الله) هذا الخبر على نحو يقرب مما ذكرناه ونحن نذكره ايضا تبصرة المتبصر بن وهو هذا قال في البحار لما ورد نعى الحسين (عليه السلام) المدينة وقتل ثمانية عشر من اهل بيته واثنين وسبعين رجلا من شيعته وقتل على ابنه بين يديه وسى ذراريه كتب عبدالله بن عمر بن الخطاب الى يزيد بن معوية اما بعد فقد عظمت الرزية وجلت المصيبة وحدث في الاسلام حدث عظيم ولا يوم كيوم الحسين ( عليه السلام ) فكنت اليه يزيد اما بعد يا احمق فاننا جئنا الى بيوت منجدة وفرش ممهدة ووسائد منضدة فقاتلنا عنها قان يكن الحق لنا فمن حقنا قاتلنا وان يكن الحق لغيرنا قانوك اول من سن هذا واتبز واستأثر بالحق على اهله فوصل الكتاب اليه فخرج عبد الله الى الشام وعلى صورة الظاهر منكراً لفعل يزيد ومستنفراً الناس عليه حتى اتى يزيد واغاظ له القول فيلا به يزب--د واخرج اليه طوماراً طويلا كتبه عمر الى معوية واظهر فيه أنه على دين ابائه من عبادة الاوثان وان محمداً كان ساحراً غلب على الناس بسحره واوصاه بان يكرم اهل بيته ظاهراً و يسعى في ان يبيدهم عن جديد الارض ولا يبقى لهم شيئاً فلما قرأه ابن عمر رضي بذلك ورجع وجعل يظهر للناس ان يزيد محق فيها أتى به ومعذور فيما فعله انتهى .
اقول فمن اجل هذا الطومار جعل يزيد ( لع ) يقول :
لعبت هاشم بالملك فلا ***خبر جاء ولا وحى نزل
وينكت بقضيبه الخ ولنعم ماقال المرحوم السيد جعفر الحلي رحمة الله عليه .
غصبوا الخلافة من ابيك واعلنوا ***ان النبوة سحرها مأثور
ص: 246
اللهم لمن اول ظالم ظلم حق محمد وال محمد واخر تابع له على ذلك اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين (عليه السلام ) و شايعت وبايعت و تابعت على ذلك فوالله ماقتل الحسين (عليه السلام ) الا في يوم السقيفة ولقد اجاد القائل .
اليوم جردت السقيفة سيفها*** فغدا به رأس الحسين قطيعا
قال سبط ابن الجوزي في التذكرة لما وصل خبر قتل الحسين ( عليه السلام ) الى مكة و باغ عبدالله بن الزبير خطب بمكة وقال اما بعد الا ان اهل العراق قوم غدر فجر الا وان اهل الكوفة شرارهم انهم دعوا الحسين ليولوه عليهم ليقيم امورهم وينصرهم على عدوهم وبعيد معالم الاسلام فلما قدم عليهم ثاروا عليه فقتلوه قالوا له ان لم تضع يدك في يدا لفاجر الملعون ابن زياد الملمون فيرى فيك رأيه فاختار الوفاة الكريمة على الحياة الذميمة فرحم الله حسينا فاخزى قاتله ولعن من امر بذلك ورضي به افبعد ما جرى على ابي عبد الله ماجرى يطمئن احد الى هؤلاء او يقبل عهود الفجر الغدرا ما و الله لقد كان ( عليه السلام ) صواما بالنهار قواما بالليل واولى بنبيهم من الفاجر ابن الفاجر والله ما كان يستبدل بالقران الغناء ولا بالبكاء من خشية الله الحداء ولا بالصيام شرب الخمور ولا بقيام الليل الزمور ولا بمجالس الذكر الركض في طلب الصيود واللعب بالقرود قتلوة فسوف يلقون غيا الا لعنة الله على الظالمين .
في البحار لما قتل الحسين ( عليه السلام ) انى عبد الله بن الزبير الى ابن عباس ودعاه الى بيعته فامتنع ابن عباس من ذلك فبلغ ذلك يزيد ( لع ) وظن ان امتناع ابن عباس عن البيعة لا بن الزبير ليس الا تمسكا منه ببيعته ليزيد فكتب اللعين يزيد كتابا الى ابن عباس يشكره فيه يقول اما بعد فقد بلغني ان الملحد ابن الزبير دعاك الى بيعته والدخول في طاعته لتكون له على الباطل ظهيرا و في المائم شريكا وانك اعتصمت ببيعتنا وفاء منك لنا وطاعة الله لما عرفك من حقنا فجزاك الله عن ذي رحم خير ما يجزى الواصلين
ص: 247
لارحاتهم الموفين بعهودهم وان انس شيئا من الاشياء فلست بناس برك وتعجيل صلتك بالذي انت له اهل من القرابة من الرسول فانظر من طلع عليك من الافاق ممن سحرهم ابن الزبير بلسانه وزخارف قوله فاعلمهم برأيك فانهم منك اسمع ولك اطوع من المحل للحرم المارق فكتب اليه ابن عباس اما بعد فقد جائني كتابك تذكر دعاء ابن الزبير اياي الى بيعته والدخول في طاعته فان يكن ذلك كذلك فاني والله لا ارجو بذلك برك ولا حمدك ولكن الله بالذي انوى به عليم وزعمت انك غير ناس بري وتعجيل صلتي فاحبس ابها الانسان برك وتعجيل صلتك فاني حابس عنك ودى فلعمري ما تؤتينا مما لنا قبلك من حقنا الا اليسير وانك لنحبس عنا منه العريض الطويل وسألت ان احث الناس اليك وان اخذ لهم من ابن الزبير فلا ولاء ولا سرور ولا خباء انك تسألني نصرتك وتحثنى على ودك وقد قلت حسينا ( عليه السلام ) وفتيان عبدالمطلب مصابيح الهدى ونجوم الاعلام غاد: تهم خيولك بامرك في صعيد و احد مرملين بالدماء مسلوبين بالمرام لا مكفنين ولا موسدين تسفى عليهم الرياح وتنتابهم عرج الضباع حتى اتاح الله يقوم لم يشركوا في دمائهم كفنوهم واخبوهم وجلست مجلسك الذي جلست فما انسى من الاشياء فلست بناس طردك حسينا عن حرم رسول الله الى حرم الله وتسييرك اليه الرجال لتقتله في الحرم فما زلت بذلك وعلى ذلك حتى اشخصته من مكة الى العراق تخرج خائفا يترقب فزازات به خيلك عداوة منك الله ولرسوله واهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ونحن أولئك لا ابائك الاجلاف الجفاة الطغاة الكفرة الفجرة اكباد الابل والحمير اعداء الله ورسوله الذين قاتلوا رسول الله في كل موطنانم انه بعد مانزل بالعراق طلب اليكم الموادعة وسألكم الرجعة فاغتنمتم قلة أنصاره واستيصال لعلى جنة وتعاونتم عليه كانكم قتلتم اهل بيت من الترك فلا شيء اعجب عندي من طليتك يدى وقد قتلت ولدابي وسيفك يقطر من دمى وانت احد ثارى
ص: 248
فانشاء الله لا يبطل لديك دى ولا تسبقني بثارى و ان سبقتني في الدنيا فقبل ذلك قد قتل النبيون والى النبيين فيطلب الله بدمائهم فكفى بالله المظلومين ناصراً ومن الظالمين منتقما فلا يعجبك ان ظفرت بنا اليوم فلنظفرن بك يوما وذكرت وفاني وماعرفتني من حقك فان بك ذلك كذلك فقد و الله بايعتك ومن قبلك رانك لتعلم اني وولدابي احق بهذا الامر منك واسكنكم معشر قريش كابر تمونا عن حقنا ووليتم الامر دوننا بعداً لمن تحرى ظلمنا واستغوى السفهاء علينا كما بعدت نمود و قوم لوط و اصحاب مدين الا وان من اعجب الاعاجيب وماعسى ان اعجب حملاك بنات عبدالمطلب و اطفا الاصغاراً من ولده اليك بالشام كالسبى المجلو بين ترى الناس انك قهرتنا وانت تمن علينا وفي ظنك انك اخذت بثار اهلاك المكفرة الفجرة نوم بدور اظهرت الانتقام الذي كنت تخفيه والاضفان التي تكمنها في قلبك كمون النار في الزناد وجعلت انت وابوك دم عثمان وسيلة الى اظهارها فالويل لك من ديان يوم الدين والعمرى والله فلئن كنت تصبح امنا من جراحة بدى أني لارجو ان يعظم الله جرحك من الماني و نقضى وابرامي بنيك الكشك وانت المفند المشبور ولك الاثلب وانت المذموم والله ما انا بايس من بعد قتلك ولد رسول الله ان يأخذك الله اخذا اليها ويخرجك من الدنيا مذموما مدحورا فعش لا ابالك ما استطعت فقد والله ازددت عند الله اضعافا واقترفت مأنما والسلام على من اتبع الهدى نعم والله لقد اقترف مأنما لا يستطيع مجملها السموات والارضون ويلعنه بذلك سكنة البر والبحر والارض والسماء اجمعون ولم يتمتع بعد ذلك الا قليلا حتى صار ما به الى الحزن الطويل والعذاب الوبيل ذكر المؤرخون اند عجل الله عليه واخذه مغانصة بات اللعين سكرانا واصبح ميتا متغيرا كانه مطالى بقار .
فقل ليزيد سود الله وجهه *** احظك من بعد الحسين يزيد
نسجت سرابيل الضلال بقتله*** ومزقت ثوب الدين وهو جديد
ص: 249
كيف رضي اللمين بقتل الحسين (عليه السلام) وسبى عياله وهو فلذة كبد رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) حيث احسن اليهم في يوم فتح مكة لما غلبهم واطلقهم وقال اذهبوا فانتم الطلقاء والى هذا اشارت الحوراء زينب بقولها امن العدل الخ.
قال في البحار ذكر الطبرى في تاريخه ان المختار تجرد لقتلة الحسين واهل بيته وقال اطلبواهم وانه لا يسوغ فى الطعام والشراب حتى اطهر الارض منهم قال موسى ابن عامر فاول من بدأ به الذين وطنوا الحسين (عليه السلام ) بخيلهم وانامهم على ظهورهم وضرب سكك الحديد في ايديهم وارجلهم واجرى الخيل عليهم حتى قطعهم وحرقهم بالنار ثم اخذ رجلين اشتركا في دم عبد الرحمن بن عقيل بن ابيطالب وفي سلبه كانا في الجبانة فضرب اعناقهما ثم احرقها بالنسار ثم احضر مالك بن يسر فقتله في السوق و بعث ابا عمرة فاحاط بدار خولي بن يزيد الاصبحي وهو حامل رأس الحسين (عليه السلام ) الى عبدالله فخرجت امرأته اليهم وهي النوار ابنة مالك بن عقرب كما ذكر الطبرى في تاريخه وقيل اسمها العيون وكانت محبة لاهل البيت قالت لا ادري اين هو و اشارت بيدها الى بيت الخلا فوجدوه وعلى رأسه قوصرة فاخذوه وقتلوه ثم أمر بحرقه و بعث عبد الله بن كامل الى حكيم بن الطفيل السنبسى وكان قد اخذ سلب العباس ورماه بسهم فاخذوه قبل وصوله الى المختار ونصبوه هدفا ورموه بالسهام و بعث الى قاتل علي بن الحسين(عليه السلام) وهو مرة بن منقذ العبدي وكان شيخا فاحاطوا بداره فخرج وبيده الرمح وهو على فرس جواد فطمن عبيد الله بن ناجية الشبامي (شبام كقطام قبيلة) فصرعه ولم تضره الطعنة وضر به این کامل بالسيف فاتقاها بيده اليسرى فاسرع فيها السيف وتمطرت به الفرس فافلت ولحق بمصعب بن الزبير وشلت يده بعد ذلك واحضر زيد بن رقاد فرماه بالنبل
ص: 250
والحجارة واحرقه وهرب سنان بن انس الى البصرة فهدم داره ثم خرج من البصرة نحو القادسية وكان عليه عيون فاخبروا المختار فاخذه بين المذيب والقادسية فقطع انامله ثم يديه ورجليه واغلى زيتا في قدر ورماه فيها وهرب عبد الله بن عقبة العنوى الى الجزيرة فهدم داره (وفيه) وفي حرملة بن كامل قال الشاعر :
وعند غنى قطرة من دمائنا ***وفي اسد اخرى تعدو تذكر
حدث المنهال بن عمر وقال دخلت على زين العابدين (عليه السلام) اودعه وانا اريد الانصراف من مكة فقال يامنهال ما فعل حرملة بن كاهل فقلت تركته حيا بالكوفة فرفع يديه جميعا وقال الهم اذقه حر الحديد اللهم اذقه حر النار قال المنهال وقدمت الكوفه والمختار بها فركبت اليه فلقيته خارجا من داره فقال يامنهال لم تشر كنا في ولا يتنا هذه فعرفته أني كنت ممكنة فمشى حتى اتى الكناس ووقف كانه ينتظر شيئا فلم يلبث أن جاء قوم وقالوا ابشر ايها الامير فقد اخذ حرملة • به فقال لمنك الله الحمد لله الذي امكنني منك الجزار الجزار فاتي بجزار فامره بقطع يديه ورجليه ثم قال النار النار فاتى بنار وقصب فاحرق فقلت سبحان الله فقال ان التسبيح لمن لم سبحت فاخبرته دعاء زين العابدين (عليه السلام) فنزل عن دابته وصلى ركعتين و اطال السجود وركب وسار محاذى داری فعزمت عليه بالنزول والتحرم بطعامي فقال ان علي بن الحسين (عليه السلام) دعا بدعوات فاجا بها الله على يدى ثم تدعوني الى الطعام هذا يوم صوم شكر الله تعالى فقلت احسن الله توفيقك وانهزم عبد الله بن عروة الختمى الى مصعب فهدم داره وطلب عمرو بن صبيح الصيداني فاتوه وهو على سطحه بعد ما هدأت العيون وسيفه تحت رأسه فاخذوه وسيفه فقال قبحك الله من سيف ما ابعدك على قربك فجيء به الى المختار فلما كان من الغداة طعنوه بالرماح حتى مات وانفذ الى محمد بن الاشعث بن قيس وقد انهزم الى قصر له في قرية الى جذب القادسية فقال انطلق فانك تجده لاهيا متصيدا او قائما متبلدا
ص: 251
او خائفا متلاداً او كامنا متعمدا فاتى برأسه فاحاطوا بالقصر وله بابان فخرج ومشى الى مصعب فهدم القصر وداره واخذ ما كان فيهما قال المرزباني واتره بعبد الله بن اسيد الجيف ومالك بن الهيثم البدائي وحمل من مالك المحاربي من القادسية فقال يا اعداء الله ابن الحسين بن علي قالوا اكرهنا على الخروج قال فالا منتتم عليه وسقيتموه من المساء وقال البدائي انت اخذت برنسه قال لا قال بلى وامر بقطع يديه ورجليه ولاخران ضرب اعناقهها و اتوه يبجدل بن سليم الكلبي وعرفوا انه اخذ خامه وقطع اصبعه فامر بقطع يديه ورجليه فلم يزل ينزف حتى مات و اتوه برقاد بن مالك وعمر بن خالد وعبدالرحمن البجلي وعبد الله بن قيس الخولاني فقال يافتلة الحسين (عليه السلام) لقد اخذتم الورس في يوم النحس وكان في رحل الحسين ( عليه السلام ) درس فاقتسموه وقت نهب رجله فاخرجهم الى السوق وكان اسماء بن خارجة الفزاري ممن سعى في قتل مسلم بن عقيل فقال المختار اما ورب السماء ورب الضياء والظلماء لتنزلن نار من السماء دهماء حمراء سحماه تحرق دار اسماء فبلغ كلامه فقال سجع ابو اسحق وليس ههنا مقام بعد هذا وخرج من داره هاريا الى البادية فهدم داره و دور بني عمه وكان الشمر بن ذي الجوشن (لع) قد اخذ من الابل التي كانت تحت رحل الحسين (عليه السلام ) فنحرها وقسم لحمها على قوم من اهل الكوفة فامر المختار فاحصوا كل دار دخلها ذلك اللحم فقتل اهلها وهدمها ولم يزل المختار يتتبع قتلة الحسين ( عليه السلام ) حتى قتل خلقا كثيراً وانهزم الباقون فهدم دورهم وأنزلهم من المعاقل والحصون الى المفاوز والصحون قال وقتلت العبيد مواليها وجاؤا الى المختار فمتقهم و كان العبد يسعى مولاه فيقتله المختار حتى ان العبد يقول لسيده احملني على عنقك فيحمله ويدلي رجليه على صدره اهانة له والخوفه من سمايته به الى المختار فيالها منقبة حازها ومثوبة احرزها فقد سر النبي بفعله وادخاله الفرج على عترته واهله وقد قلت هذه الابيات :
ص: 252
سر انبي باخذ الثار من عصب*** باؤا بقتل الحسين الطاهر الشيم
قوم غدوا بلبان البغض ويحهم ***للمرتضى وبنيه سادة للام
حاز الفخار الفتى المختار اذ قعدت ***من نصره سائر الاعزاب والعجم
جادته من رحمة الجبار سارية*** نهمى على قبره منهلة الديم
فلما خلا خاطره و انجلی ناظره اهتم بعمر بن سعد وابنه حفص حدث عمروبن الهيثم قال كنت جالسا عن يمين المختار والهيثم بن الاسود عن يساره فقال والله لاقتلن رجلا عظيم القدمين غائر العينين مشرف الحاجبين يهمز الارض برجله يرضى قتله اهل السماء والارض فسمع الهيثم قوله ووقع في نفسه انه اراد عمر بن سعد فبعث ولده المريان فعرفه قول المختار وكان عبد الله بن جمدة بن هبيرة اعز الناس على المختار قد اخذ لعمر امانا حيث اختفى فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا امان المختار بن ابي عبيدة الثقفي لعمر بن سعد بن ابي وقاص انك امن بامان الله على نفسك واهلك ومالك و ولدك لا تؤاخذ بحدث كان منك قدما ما سمعت واطمت ولزمت منزلك الا ان تحدث
حدثا فمن القى عمر بن سعد من شرطة الله وشيعة ال محمد فلا يعرض له الا بسبيل خير والسلام ثم شهد فيه جماعة قول الباقر (عليه السلام) انما قصد المختار ان يحدث حدثاً هو ان يدخل بيت الخلاء ويحدث فظهر عمر الى المحتار فكان يدنيه ويكرممه ويجلسه معه على سريره وعلم ان قول المختار كناية عنه فعزم على الخروج من الكوفة فاحضر رجلا من بني تيم اللات اسمه مالك وكان شجاعا واعطاه اربعمائة دينار وقال هذه معك لحوائجنا وخرجا فلما كان عند حمام عمر او شهر عبد الرحمن وقف وقال اندرى لم خرجت قال لا قال خفت المختار فقال ابن دومة دومة ام المختار يعني المختار اضيق استثا من ان يقتلك وإن هربت هدم دارك وانتهب عيالك ومالك وخرب ضياعك وانت اعز العرب فاغتر بكلامه فرجها علي الروحا فدخلا الكوفة مع الغداة هذا قول المرزباني
ص: 253
وقال غيره ان المختار علم خروجه من الكوفة فقال وفينا له وغدر وفي عنقه سلسلة لوجهد ان ينطلق ما استطاع فنام عمر على الناقة فرجعت وهو لا يدري حتى ردته الى الكوفة فارسل عمر ابنه الى المختار قال له ابن ابوك قال في المنزل ولم يكونا يجتمعان عند المختار واذا حضر احدهما غاب الآخر خوفاً ان يجتمعا فيقتلهما فقال حفص ابي يقول اتنى لنا بالامان قال اجلس وطلب المختار أبا عمرة وهو كيسان التمار فاستر اليه ان اقتل عمر بن سعد واذا دخلت ورأيته يقول يا غلام علي طيلساني فانه يريد السيف فبادره واقتله ولم يلبث ان جاء ومعه رأسه فقال حفص انا لله وانا اليه راجعون فقال له اتعرف هذا الرأس قال نعم ولا خير في العيش بعده فقال انك لا تعيش بعده وأمر بقتله وقال المختار عمر بالحسين (عليه السلام) وحفص بعلي بن الحسين (عليه السلام) ولا سواء والله لاقتلن سبعين الفا كما قتل بيحيى بن زكريا وقيل انه قال لو قتلت ثلاثة ارباع اهل الارض لما وفوا بأعملة من انامل الحسين ( عليه السلام ) وكان محمد بن الحنفية يعتب على المختار لمجالسته عمر بن سعد وتأخير قتله فحمل الرأسين الى مكة مع مسافر بن سعد الهمداني وظبيان بن عمارة التميمي فبينا محمد بن الحنفية جالس في نفر من الشيعة وهو يعتب على المختار فماتم كلامه الا والرأسان عنده فخرسا جدأو بسط كفيه وقال اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار واجزه عن اهل بيت نبيك محمد ( صلّى الله عليه واله وسلم ) خير الجزاء فوالله ما على المختار بعد هذا من عتب ألا لعنة الله على القوم الظالمين .
في البحار فلما قضى المختار من اعدا الله وطره وحاجته وبلغ فيهم امنيته قال لم يبق علي اعظم من عبيد الله بن زياد فاحضر ابراهيم بن الاشتر وامره بالمسير الى عبيد الله ابن زياد في عسكر عظيم وفيهم عبد الله بن الحر الجع في فقال ابراهيم اني خارج ولكني
ص: 254
اکره خروج عبيد الله بن الحر معي واخاف ان يغدر بي وقت الحاجة فقال له احسن اليه واملاعينه بالمال واخاف ان امرته بالقعود عنك فلا يطيب له فخرج ابراهيم من السكوفة ومعه عشرة الاف فارس وخرج المختار في تشييعه وقال اللهم انصر من صبر واخذل من كفر و من عصى وفجر وبايع وغدر وعلا وتجبر فصار الى سفر لا تبقي ولا تذر ليذوق العذاب الاكبر ثم رجع ومضى ابراهيم وهو يرتجز ويقول :
انا وحق المرسلات عرفا*** حقاً وحق الماصفات مصفا
لنعسفن من بغانا عفا ***حتى يسوم القوم منا خسفا
زحفا اليهم لأعمل الزحفا*** حتى نلاقى بعد صف صفا
وبعد الف قاسطين الفا ***تكشفهم لدى الهياج كشفا
فسار الى المدائن فاقام بها ثلاثا وسار إلى تكريت فنزلها وام بجباية خراجها ففرقه و بعث الى عبيد الله بن الحر بخمسة الاف درهم فغضب فقال انت اخذت لنفسك عشرة الاف درهم وما كان الحردون مالك فحلف ابراهيم اني ما اخذت زيادة عليك ثم حمل اليه ما اخذه لنفسه فلم يرض وخرج على المختار ونقض عهده واغار على سواد الكوفة فنهب القرى وقتل العمال واخذ الاموال ومضى الى البصرة الى مصعب بن الزبير فلما علم المختار ارسل عبد الله بن كامل الى داره فهدمها والى زوجته سلمى بنت خالد الجعفية حبسها ثم ورد كتاب المختار الى ابراهيم يحثه على تسجيل القتال فطوى المراحل حتى نزل على نهر الخارز على اربعة فراسخ من الموصل وعبد الله بن زباد بها قال عبدالله بن ابي عقب الديلمي حدثنى خليلي انا نلقى اهل الشام على نهر يقال لها خارز فيكشفونا حتى نقول هي هي ثم نكر عليهم فتقتل اميرهم فابشروا واصبروا فانكم لهم قاهرون فعلم عبيد الله بقدوم ابراهيم فرحل في ثلاثة وثمانين الفا حتى نزل قريب من عسكر العراق وطلبهم اشد طلب وجائهم في جحفل لجب وكان مع ابن الاشتراقل من
ص: 255
عشرين الفاو كان في عسكر الشام من اشراف بني سليم عمير بن الحباب فراسله ابراهیم ووعده بالحباء والاكرام فجاء ومعه الف فارس من بني عمه واقاربه فصار مع عسكر العراق فاشار اليهم بتعجيل القتال وترك المطاولة فلما كان في السحر صلوا بغلس وعبا. ابراهيم اصحابه فجعل على ميمنته سفيان بن يزيد الازدي وعلى ميسرته على بن مالك الخثعمي وعلى الخيل الطفيل بن لقيط النخعى وعلى الرجالة مزاحم بن مالك السكوني ثم زحفوا حتى أشرفوا على اهل الشام ولم يظنوا انهم يقدمون عليهم لكثرتهم فبادروا الى تعبية عسكرهم فجمل عبيد الله على ميمنته شراجيل بن ذي الكلاع وعلى ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي وعلى جناج ميسرته جميل بن عبد الله الغنمي وفي القلب الحصين بن نمير و وقف العسكر ان والتقى الجمان فخرج ابن ضبعان الكلبي و نادى ياشيعة المختار الكذاب ياشيعة ابن الاشتر المرتاب .
انا ابن ضبعان الكريم المفضل ***من عصبة يبرون من دين علي
كذاك كانوا في الزمان الاول
تخرج اليه الاحوص بن شداد الهمداني وهو يقول :
انا ابن شداد على دين علي ***لست اعثمان بن اروی بولي
لاصلين القوم فيمن يصطالي ***بحر نار الحرب حتى تنجلي
فقال للشامي ما اسمك قال منازل الابطال قال له الاحوص وانا مقرب الاجال
ثم حمل عليه وضربه فسقط قتيلا ثم نادى هل من مبارز فخرج اليه داود الدمشقى
وهو يقول :
انا ابن من قاتل في صفينا*** قتال قرن لم يكن غبينا
بل كان فيها بطلا حرونا ***مجربا لدى الوغى مكينا
فاجابه الاحوص يقول :
ص: 256
يا ان الذي قاتل في صفينا ***ولم يكن في دينه غبينا
كذبت قد كان بها مغبونا ***ذبذبا في امره مفتونا
لا يعرف الحق ولا اليقينا*** بؤسا له لقد مضى ملعونا
ثم التقيا فضر به الاحوص فقتله ثم عاد الى صفه وخرج الحصين بن نمير السكونى وهو يقول :
يا قادة الكوفة اهل منكر ***وشيعة المختار وابن الاشتر
هل فيكم قرم كريم العنصر ***مهذب في قومه بمفخر
يبرز نجوى قاصداً لا يمتري
فخرج اليه شريك بن خزيم التغلبي وهو يقول :
يا قاتل الشيخ الكريم الأزهر*** بكر بلا يوم التقاء المسكر
اعني حسينا ذا انثنا والمفخر*** و ابن النبي الطاهر المطهر
و ابن علي البطل المظفر ***هذا فخذها من هزبر قصور
ضربة قرم ربعي مضرى
فالتقيا بضربتين فجد له التغلبى صريعاً فدخل على اهل الشام من اهل العراق مدخل عظيم ثم تقدم ابراهيم ونادى الا ياشرطة الله الا ياشيعة الحق الا يا انصار الدين قاتلوا المحلين واولاد الفاسطين لا تطلبوا اثراً بعد عين هذا عبد الله بن زياد قاتل الحسين (علیه السلام ) ثم حمل على اهل الشام وضرب فيهم بسيفه وهو يقول :
قد علمت مذحج علما لاخطل ***اني اذا القرن اتاني لا وكل
ولا جزوع عندها ولا نكل ***اروع مقداما اذا النكس فشل
اضرب في القوم اذا جاء الأجل ***واعتلى رأس الطرماح البطل
بالذكر البتار حتى ينجدل
ص: 257
وحمل اهل العراق معه واختلطوا وتقدمت رايتهم وشبت فيهم نار الحرب و دهمهم المسكر بجناحيه والقلب الى ان صلوا بالايماء والتكبير صلاة الظهر واشتغلوا بالقتال الى ان تحلى صدر الدجى بالانجم الزهر وزحف عليهم عسكر العراق فرحا بالمصاع وحرصا على القراع و وثوقا بما وعدهم الله به من النصر وحسن الدفاع وانقضوا عليهم انقضاض العقبان على الرخم وجالوا فيهم جولان السرحان على الفم وعركوهم عرك الاديم و دعوا خ ل) درجوا بهم الى عذاب الحجيم واذا قوهم اسنة الرماح النازعة للمهج والارواح فلم تزل الحرب قائمة والسيوف لأجسادهم منتهية فولى عسكر الشام مكسوراً عليه ذلة الخائب الخجل وارتباع الخائف الوجل وعسكر العراق منصوراً وعلى وجههم المسرور الثمل وتبعوهم الى متون النجاد وبطون الوهاد والنبل ينزل عليهم كصبيب العهاد ثم انجلت الحرب وقد قتل اعيان اهل الشام مثل الحصين بن نمير وشراجيل بن ذي الكلاع وابن حوشب وغالب الباهلى و ابي اشرس بن عبد الله الذي كان على خراسان و حاز ابراهیم (رحمة الله) فضيلة هذا الفتح وعاقبة هذا المنح الذي انتشر في الاقطار ودام دوام الأعصار واقد احسن عبد الله بن الزبير الأسدي بمدح ابراهيم بن الأشتر فقال :
الله أعطاك المهابة والتقى ***واحل بيتك في العديد الأكثر
واقر عينك يوم وقعة خارز ***والخيل تعثر في القنا المتكسر
من ظالمين كفتهم ايامهم *** تركوا لحاجلة وطير اعثر
ما كان اجراهم جزاهم ربهم *** يوم الحساب على ارتكاب المنكر
قال الرواة رأينا ابراهيم بعدما انكسر العسكر وانكشف المثير يقاتل قوما منهم ثبتوا وصبروا وقاتلوا فلفظهم من صهوات الخيل وقذفهم في لهوات الليل حتى صبغت الأرض من دمائهم ثيابا حمرا وملأ الفجاج بيأسه ذعرا وتساقطات النسور على النسور
ص: 258
واهوت العقبان على اجسادهم وهي كالعقيق المنثور واصطلاح على اكل لحمهم الذئب والسبع والسيد والضبع قال ابراهيم واقبل رجل احمر في كبكبة يغري الناس كانه بغل اقمر لا يدنو منه فارس الاصرعه ولا كمي الاقطعه فدنا منى فضربت يده فابنتها وسقط على شاطىء الخارز فشرقت يداه وغربت رجلاه فقتلته و وجدت رائحة المسك تفوح منه وجاء رجل نزع خفيه وظنوا انه ابن زياد من غير تحقيق فطلبوه فاذا هو على ما وصف ابراهيم فاحتزوا رأسه واحتفظوا طول الليل بجسده فلما اصبحوا عرفه مهران مولی زیاد فلما راه ابراهيم قال الحمد لله الذي اجرى قتله على يدى وقتل في صفر وقال قوم من اصحاب الحديث يوم عاشورا وعمره دون الأربعين وقيل تسعة وثلاثون سنة واصبح الناس فحووا ما كان وغنموا غنيمة عظيمة وهرب غلام لعبيد الله الى الشام فسئله عبد الملك بن مروان عنه قاء لما جال الناس تقدم فقاتل ثم قال التنى بجرة فيها ماء فاتيته فشرب وصب الماء بين درعه وجسده وصب على ناصية فرسه ثم حمل فهذا اخر عهدي به قال يزيد بن مفزع يهجو ابن زیاد .
ان المنايا اذا حاولن طاغية ***هتكن عنه ستوراً بعد ابواب
ان الذي عاش غداراً بذمته*** ومات هزلا قتيل الله بالزاب
ماشق جيب ولا ناحتك نائحة ***ولا بكتك جياد عند اسلاب
هلا جموع نزار اذ لقيهم ***كنت امر ثا من نزار غير مرتاب
او حمير كنت قبلا من ذوي بمن*** ان المقاول في ملك واحباب
و كان المختار قد سار من الكوفة يتطلع احوال ابراهيم واستخلف في الكوفة السائب بن مالك فنزل ساباط ثم دخل المدائن ورقى المنبر فحمد الله واثنى عليه وامر الناس بالجد في النهوض الى ابراهيم قال الشعبي كنت معه فاتته البشرى بقتل عبيدالله و اصحابه فكاد يطير فرحا ورجع الى السكوفة في الحال مسروراً بالظفر قال ابو عمرو
ص: 259
البزاز كنت مع ابراهيم بن الاشتر لما لقى عبيد الله بن زياد بالخارز فمددنا القتلى بالقصب لكثرتهم قبل كانوا سبعين الفا وصلبه ابراهيم منكسا فكانى انظر الى خصيبه كأنهما جعلان وعن الشعبي انه لم يقتل قط من اهل الشام بعد الصفين مثل هذه الوقعة بالخارز وقال الشمي كانت يوم عاشورا سنة سبع وستين وبعث إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد ورؤوس الرؤساء من اهل الشام وفي اذا نهم رقاع اسمائهم فقدموا عليه وهو يتغدي فحمد الله تعالى على الظفر فلما فرغ من الغداء قام فوطی، وجه ابن زياد بنعله ثم رمى بها الى غلامه وقال اغسلها فاني وضعتها على وجه نحس كافر وعن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني قال وضعت الرؤوس عند السدة بالكوفة عليها ثوب ابيض فكشفنا عنها الثوب وحية يتغلغل في رأس عبيد الله ونصبت الرؤوس في الرحبة قال عامر ورأبت الحية تدخل في منافذ رأسه وهو مصلوب مراراً ثم حمل المختار رأسه ورؤوس القواد الى مكة مع عبد الرحمن بن ابي عمير الثقفى وعبد الرحمن بن شداد الخثعمي وانس بن مالك الأشعري وقيل السائب بن مالك ومعها ثلاثون الف دينار الى محمد بن الحنفية وكتب معهم أني بعثت انصاركم وشيعتكم الى عدوكم فخرجوا محتسبين اسفين فقتلوهم فالحمد لله الذي ادرك لكم الثار واهلكم في كل فج عميق وأغرقهم في كل بحر وشفى الله صدور قوم مؤمنين فقدموا بالكتاب والرؤوس عليه فلما راها خرسا جداً ودعا للمختار وقال جزاه الله خير الجزاء فقد ادرك لنا ثارنا ووجب حقه على كل من ولده عبد المطلب بن هاشم اللهم واحفظ لابراهيم بن الأشتر وانصره على الأعداء ووفقه لما تحب وترضى واغفر له في الآخرة والاولى فبعث رأس عبيد الله الى علي بن الحسين (علیه السلام) فادخل عليه وهو يتغدى فسجد شكر الله تعالى وقال الحمد لله الذي ادرك لي ثاري من عدوي و حزى الله المختار خير ا ادخلت على عبيد الله بن زياد وهو يتغدى ورأس ابي بين يديه فقلت اللهم لا تمتني حتى تربني رأس ابن زياد وقسم محمد المال في اهله وشيعته بمكة والمدينة وعلي
ص: 260
اولاد المهاجرين والانصار وروى المرزباني بأسناده عن جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام ) انه ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ولارثي في دار هاشمي دخان خمس حجج حتى قتل عبيد الله بن زياد وعن عبدالله بن محمد بن ابي سعيد عن ابي العيناء عن يحيى ابن ابي راشد قال قالت فاطمة بنت علي (علیها السلام) ما تحنأت امرأة منا ولا اجالت في عينها مروداً ولا امتشطت حتى بعث المختار راس عبيد الله بن زياد وروي انه قتل ثمانية عشر الفا ممن شرك في قتل الحسين (علیه السلام) ايام ولا يته وكانت ثمانية عشر شهراً اولها اربع عشرة ليلة خلت من ربيع الاول سنة ست وستين وآخرها النصف من شهر رمضان من سنة سبع وستين وعمره سبع وستون سنة
في المنتخب كان يزيد لعنه الله جباراً عنيداً خبيث الولادة وقيل ولد من حرام لان امه ميسون بنت بجدل الكلبي امكنت عبدابيها من نفسها فحملت بيزيد وقيل كانت عند معاوية بيزيد الكلب الرجس النجس وقيل ان معوية ذات يوم يبول فلذعته عقرب في ذكره فزوجوه عجوزاً ليجامعها ويشفى من دائها فجامعها مرة وطلقها فوقعت النطفة بسم العقرب في رحم العجوز فحصل منها يزيد هذا هو المشهور وكان فيه نزلت هذه الاية والذي خبث لا يخرج الا نكدا والحاصل كان ( لع ) شر الناس من الأولين والاخرين لانه صاحب طرب ولعب ومنادمة على الشراب والمغنين وفي ايام ظهر الغناء بمكة ومدينة واستعملت الملاهي واظهر الناس شرب الخمر وشنايع اعماله اظهر من الشمس ولا تعدو لا تحصى منها كان يلعب بالكلاب والقردة والخنازير وله جوارح وكلاب وفهود وقرود له قرد يكني مابي قيس يحضره مجلس منادمته ويطرح له متكأ وهو قرد خبيث يلبس قباء من حرير ويوضع على رأسه تاج وقلنسوة ذات الوان بشقايق
ص: 261
وذلت له اتان وحشية بسرج ولجام فاذا كان يوم الحلبة يوضع على الاتان سرج من الحرير الاحمر منقوش يلمع فاذا ركب يزيد ( لع ) خرج القرد وركب على الانان ويسابق الخيل في العدو حتى يأخذ القصبته ويرجع قبل الفرسان والخيالة ومن شنايع اعماله انه زنا بعمته في الانوار النعمانية) ان يزيد قد عشق عمته وكانت بكراً واستحي ان يظهر لها الحال فاراد ان يمتحنها فاتي معها الى بستان فجلست في موضع فامر يزيدان ينزى حصان على فرس وعمته تنظر اليها فلما نزا عليها وهي تنظراتى يزيد اليها وامرها بالقيام من مكانها فلما قامت رأى في مكانها اراقة المتي فعلم بارادتها لذلك فاني اليها فلما جامها لم يجدها بكرا فقال لها اين بكارتك فقالت له ان اباك لم يترك بكرا فظهر له ان معوية قد خالطها وليس بعجب ممن كانت عقيدته فاسدة بل واعجب الاعاجيب والامر الغريب ان هؤلاء يزعمون انهم خلفاء رسول الله ويدعون الناس الى الاقرار بالعبودية لهم .
فياذلة الاسلام من بعد عزه ***اذا كان والي المسلمين يزيد
واشباه يزيد الذين لم يؤمنوا بالله ورسوله طرفة عين ولا اظهروا الاسلام الا فرقاً من السيف كثير
قال ابن نما في كتاب اخذ الثاومات يزيد بن معوية يوم الخميس لاربع عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة أربع وستين من الهجرة وعمره ثمان وثلاثون سنة ومدة خلافته ثلاث سنين وثمانية اشهر وخلف احد عشر و على رواية اخرى اربعة عشر ولدا واربع بنات وكان بين شهادة الحسين ( علیه السلام ) وهلا كه ثلاث سنين وشهران واربعة ايام وكيفية هلاكه على ماروى ابو مخنف أنه خرج يزيد ذات يوم الى الصيد فلاحت له ظبية فطلبها واركض فرسه في طلبها وقال لاصحابه لا يتبعنى احد فركض شديدا حتى وصل الى مكان لا يهتدى فيه الطريق وقد بعد عن اصحابه وهو حائر فلقيه رجل اعرابي متثم فقال له اضال فارشدك ام جايع فاطمك ام عطشان فاسقيك
ص: 262
فقال يزيد ( لع ) لو عرفتني لزدت كرامتي فقال الاعرابي ومن انت قال انا يزيد بن معوية فقال الاعرابي لا مرحبا بما انيت ولا اهلا بما ابديت ما اقبح طلعتك وما اشع سمعتك والله لا قتلك كما قتلت الحسين (علیه السلام) ثم ان الاعرابي جذب سيفه وهم ان يعلوه فذعرت فرس يزيد من بريق السيف فطرحت يزيد تحتها وجعلت تخوض في بطنه وقطعت امما ئه وهلك عطشانا واخذته زبانية جهنم وعلى رواية اخرى بينما هو حائر لا يهتدى الطريق خرج اليه ملك من ملائكة الله الموكاين بجهنم وبيده سوط من النار فضربه على وجهه واهلكه فلما ابطأ عن اصحابه اقتحموا الطريق الذي سلكه فلم بروه ولم يعرفوا له اثراً فرجعوا الى دمشق فبعد اليأس منه اقاموا له العزاء وفي رواية اخرى لما ركض اللعين في طلب الصيد تعب وعطاش مماشا شديدا فورد على قليب ماء وقلبه يتلهب عطشا و على القليب طائر منكر عظيم الجثة فاراد الامين ان يشرب فاهوى عليه الطير وابتلعه وطار به نحو السماء ثم رجع ذلك الطير الى ذلك الماء فتقياه واذا هو كان خلقا سويا فهم ان يشرب الملعون ثانية فاهوى اليه الطير فقطعه بمنقاره اربا اربا والتقمه ولم يزل يتقطعه ويلتقمه ويتقياه ويفعل به هكذا الى يوم القيمة ولنا رواية اخرى وهي هذه قال في البحار ان اللعين بات في فراشه سكرانا واصبح ميتا متغيراً كأنه مطلي بالقار فدفنوه بجوارين من اراضي دمشق وفي ذلك يقول الشاعر :
يا ايها القبر بحوارينا ***ضممت شر الناس اجمعينا
ولما زالت الخلافة عن بني امية واستقرت في بني العباس بعث ابو العباس السفاح لنبش قبور بني امية في دمشق قال عمر و بن هاني فلما انتهينا الى قبر يزيد بن معوية و نېشنا عن قبره فوجدناه محترقا في الحده وصار رماداً احرقه الله بنار الدنيا قبل نار
الاخرة ولنعم ماقال الرائي :
فقل ليزيد سود الله وجهه*** احظك من بعد الحسين يزيد
ص: 263
نسجت سرابيل الضلال بقتله ***و مزقت ثوب الدين وهو جديد
سود الله وجهه في الدارين ما اعظم ماصنع وما اجل ما ارتكب الخ .
اقول احببت ان اذكر قصة ابي العباس السفاح واستيلائه على بني امية على ماذكره أبو مخنف لكن على سبيل الاختصار ولما ولي ابو العباس احمد السفاح و تسامعت به ملوك الارض اذعنوا له بالطاعة وخطبوا له في مشارق الأرض ومغاربها ونقشوا اسمه على الدراهم والدنانير وخافته الملوك والتجأت اليه الامم وهربت من سطوته شياطين العرب والعجم وتطايرت بنوامية شرقاً وغرباً مخافة من سلطانه وشدة بأسه لانه انتشر الخبر من رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) انه قال ان ملك بني امية اذاباد وانقضى رجعت الخلافة الي بني العباس واول من يوليها السفاح فاجتمعت روساء بني امية وكتبوا الى السفاح كتابا يطلبون منه الامان ويسألونه التعطاف والاحسان والعفو عما سبق منهم ومن ابائهم بذراري رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فاراد السفاح ان يحضر هم ويجمعهم فكتب لهم كتابا وضمن لهم الاموال والعطايا فاطمأنوا واجتمعوا وهم ان زباد وال مروان وال يزيد بن معوية وكان عدتهم سبعين الفاو يقدمهم يزيد بن عبد الملك بن مروان ودخلوا على ابي العباس فاكرمهم واعد لهم كراسي الذهب والفضة ليجلسوا عليها وجعل منهم امراء وحجابا وندماه و وكلاء وكان الناس يتعجبون من فعله بهم منهم من يقول ما رأينا اعجب من هذا الرجل يقرب أعدائه ويعطيهم امواله وضياعه منهم من يقول انما يفعل ذلك ليبيدهم وينعم عليهم حتى يجتمعوا ويتكاملوا ثم يأخذهم اخذة شديدة فبينما السفاح ذات يوم جالس على كرسيه وبنوامية من حوله عليهم الدروع المطرزة بطراز الذهب والعمايم الملونة متقلدين بالسيوف المحلاة بالذهب والفضة و في اوساطهم المناطق المحلاة بالجواهر اذ دخل
ص: 264
بعض حجابه وقال يا امير المؤمنين العجب كل العجب ان على الباب رجلارث الاطار وقد علاه الغبار من طول الاسفار ومن تحته ناقة بالية وقد اناخها ببابك وهو يريد الدخول عليك فقال استأذن على امير المؤمنين فاني قد اتيت اليه من بلد بعيد وسفر شاق شدید فقلت له امض وتطيب وغير ثيابك ليطرد عنك وعث السفر ثم اقبل حتى اوصلك الى امير المؤمنين فظر إلى عين الغضب وقال اني اليت على نفسى ان لا انزع ثوباً ولا استعمل طيباً ولا الذعيش حتى اصل الى امير المؤمنين وها هو على الباب ينتظر رد الجواب فلما سمع السفاح بثمته وصفته قال هذا صاحبنا وعبدنا سديف ورب الكعبة ثم اذن له بالدخول عليه فلما سمع بنوامية بذكر سديف تغيرت منهم الالوان واقشعرت منهم الابدان وكان سديف عبداً لبني هاشم وكان فصيح اللسان قوى الجنان وكان يخرج في موسم الحج الى بيت الله الحرام ويصعد على ذروة من الارض ويصيح بالناس فيجتمعون اليه ويبسط لسانه يمدح بني هاشم ويهجو بني امية ويصغر ملكهم ويحرض الناس عليهم ليخلوا الخلافة منهم ويجعلوها في بني هاشم الذين جعلها الله فيهم وهم اهل بيت محمد المصطفى فلما كان في بعض الاعوام أقبل سدیف فصعد زمزم و صاح برفيسع صوته بالهل الارض ويا اهل الا بطح والصفا وباب مكة والكعبة العليا فدو نكم فاسمعوا ما اقول والله على ما اقول وكيل فتكلم في بني امية بكل ميشوم فاخذه بنوامية وضربوه حتى ظنوا أنهم قد قتلوه والقوه على مزبلة فاقبلت اليه امرأة فسقته شرابا وجعلت تعرضه حتى طاب وهرب ولجأ الى رؤوس الجبال فلما سمع بنوامية بذكر سديف قال بعضهم لبعض اليس قد قتل الله سديفا واراحنا منه وانا لتراه قد عاش بعد موته لينال مناه منا ثم انه دخل على السفاح وانشأ يقول :
اصبح الملك ثابتاً للأساس*** بالبها ليل من بني العباس
طلبوا ثار هاشم فسقوها***بعد ميل من الزمان وياس (الخ)
ص: 265
فلما نظر سديف الى بني امية وماهم عليه انشأ يقول :
لا يغرنك ما ترى من رجال*** ان بين الضلوع داء دويا
فضع السيف وارفع الصوت حتى*** لا ترى فوق ظهرها امویا
فقال السفاح اهلا بطلعتك ومرحبا برؤيتك قدمت خير مقدم وغنمت خير مغنم فلك الاكرام والانعام واما ما انت له من الاعداء فالصفح اجمل فان أكرم الناس من عفا اذا قدر وصفح اذا ظفر تم اعطاه اثوابا و كيسا من الورق وقال خذه وغير ثيابك واصلح به حالك وعد الينا في غداة غد انشاء الله فلك عندنا ما تحب وترضى تخرج صديف من عند السفاح فرحانا شديد الفرح وان بني امية بقوا في دهشة ووحشة ينظر بعضهم الى بعض فعلم السفاح ماعندهم وما خامرهم فقال لهم يابني امية لا يكبرن عليكم ما ممتم من هذا العيد فانه ما تكلم الا بقلة عقله وكثرة جهله وليس له رأى سديد وان لكم علي افضل الهبات وفوق ما تأملون من الكرامات فذاك زمان وهذا زمان ولكل شيء او ان ونحن جرثومة العفو ودعامته فابشر وا وطيبوا قلوبكم فاني اقدم لكم العطاء واحسن لكم الجزاء وابلغكم الامل والمني فخرجوا من عنده وقد كشف السفاح عنهم بعض ما كانوا يجدون من الهم والغم ثم اجتمعوا في مسائهم بالمشورة فقال قائلهم الحرب الحرب ما دام العبد سديف لكم في الطلب وقد كان يعاديكم وهو وحيد فريد فكيف وقد اتت ايامه و ارتفعت اعلامه وظهرت عداوته فقال بعضهم ياويلك ان امير المؤمنين قد احسن الينا في الخطاب ووعدنا بجائزة وسديف اقل عنده من ذلك واضعف وتفرقوا الى منازلهم فلما كان من الغد بكر القوم الى السفاح فدخلوا اليه وسلموا عليه فرد عليهم با حسن رد و قرب مراتبهم ورفع مجالسهم ففرحوا بذلك فرحا شديداً وسألهم عن حالهم ومجيئهم وقضى لهم الحوائج فبينما هم في اسر ما كانوا فيه اذدخل عليهم صديف وقد غير اثوابه فسلم على السفاح وقال نعم صباحك وبان فلاحك وظهر نجاحك
ص: 266
وكشف الله تعالى بك رواكد الهموم لانك آخذ بالثار وكاشف عن قومك وخيمة العار فحاشاك ان تكون من الغافلين عن ثار قبيلتك فاغضب لعشيرتك يا ابن الرؤساء من بني العباس والسادة من بني هاشم والسراة من عبد مناف ثم انشأ يقول :
اصبح الملك عالى الدرجات*** بكرام وسادة وحماة ***ياسليل المطهرين من الرجس
ويا رأس منبر الحاجات ***لك امني خليفة الله ذا المجد*** والجود والفضل والكرامات
اي دهر اضلنا اي دهر ***قد غصنا بالموت والنكبات ***غدرونا بنوامية حتى
لبس الجسم منهم سقمات*** واستباحوا دمائنا وسبينا ***ورمينا بالذل والنقمات
ابن زيد وابن عون ومن ***حل ثاويا بارض الفرات*** والامام الذي بحران اضحى
ثاويا في مهامه وفلاة ***كيف اسلو وقد ا بيد و اجميعاً ***لارعى الله من سعى بالشتات
فرفع السفاح رأسه اليه وقال يا سديف قلل كلامك ولا تذكر مافات وخذما هوآت فان احلم الناس من صفح عمن ثلمه وصان عرضه عمن ظالمه فلك عندنا افضل الكرامة والجزاء وحسن المنظر و بلوغ اللى فاخرج ياسديف ولا تعد الى مثلها ابداً فخرج سديف من عند السفاح يفور غضباً ويذم صحبته فلما خرج من عندهم أقبل السفاح على بني امية وهم مطرقون وجلون فقال لهم اني اعلم ان كلام هذا العبد قد ار جفكم وقد اثر في قلوبكم فلا تعبأ و بكلامه فاني لكم كما تحبون وفوق ما تأملون وسأزيد لكم العطاء واوفر لكم الجزاء فخرجوا من عنده وقد سكن ما بهم واجتمعوا المشورة فيما بينهم فقال قائل منهم هدوا حتى ندخل على السفاح بكليتنا ونسأله ان يسلم الينا العبد یعنی سديف فنقتله او نبعده فانه لا يمنعنا من ذلك ولا يعصينا ونحن سبعون الف سيد لاجل عبد ذميم وانكم ان توانيم لم يزل العبد معه حتى يهلككم ويدمركم وقال قائل منهم ان السفاح انما يظهر لكم ما يظهر تطمئنوا اليه ثم تؤخذوا على ما كان منكم فلا تعبأ و ب كلام السفاح قال فلما انسدل الظلام وهجع النوام بعث السفاح الى سديف فاحضره عنده
ص: 267
وقال له ويلك يا سديف انك لعجول في امرك مفش لسرك ولا تستعمل الكتمان فقال سديف الكتمان قد قتلنى والتحمل قد امرضى والنظر إلى هؤلاء الظلمة قد استمنى ولا يخفى عليك شيء من امر هؤلاء وما حل بي و بك وبأهلك وعشيرتك ومواليك واقاربك من قتل الرجال وذبح الاطفال وهتك النسوان وحمل حريم رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) على الاقتاب بغير غطاء ولا وطاء يطاف بهم في البلدان فاي عين تر قامدا معها واي قلب لا ينفجع عليهم فاضرب بجسامك العدى وخذ بالثار من الظلمة الأئمة الهدى ومصابيح الدجى وسادة الآخرة والاولى ثم ان سديفا بكى وانشأ يقول :
يحق لى ان ادم ما عشت في حزن ***فاجرى الدمع في الخدين والذقن
یا آل احمد يا خير الورى كرما ***كان خيركم في النا لم يكن
رجالكم قتلوا من غير ذي سبب ***واهلكم هتكوا جهراً على البدن
سكينه است انساها وقد برزت***من خدر هانا شراً من شدة الحزن
ابكي الحسين وابكى نسوة هتكت***ام ابكى فاطمة ام ابكي الحسن
ام ابكى ليث الوغى في الروح حيدرة ***ام ابكي لبن رسول الله ذى المنن
اشكو الى الله مما قد لقيت من ***الظلم الشنيع وسوء الفعل والمنن
فعند ذلك بكى السفاح بكاء شديداً وزاد عليه الامر حتى اصفر لونه ونادى با على صوته وا محمداه وا علياه وا سیداه وا قوماه واالعلامو ا عشيرتاه وبكى سدیفتی اغمي عليه اقول ان صديقه احد موالي اهل البيت وعبد من عبيد ال محمد وهو لا يلتذ بطعام ولا بشراب ولا برقاد جزنا على اهل البيت ومصائبهم فكيف بالسادات والهاشميين والعلويات والعلويين فما حال الامام زين العابدين الذي بعينه راى جميع تلك المصائب والنوائب. فكيف يقضى حزنه .
لقد تحمل من ارزائها محنا ***لم يحتفلها ني او وصي نبي (للخ)
ص: 268
ثم ان السفاح الما عزم على قتل بني امية وقطع شجرتهم الملعونة وقع اصولهم المطعونة وقلع نفوسهم الشريرة دعا بسيف وقال يا سديف قد بلغ الكتاب أجله وقرب ما كنت تؤمله تم ليلتك قرير العين واثقني في غداة غد اعطاك املك وابلغك رجائك فبات سديف في تلك الليلة يدعو ربه ويسأله تمام ما وعده السفاح واصبح السفاح وسمى ذلك اليوم نوروز القتل لانه قتل فيه بني امية وسن ملاك بني العباس قاصر السفاح مناديا ينادى ان امير المؤمنين ابا العباس السفاح قد بسط الانطباع وصب علية خرائه وقال اليوم يوم عطاء وجزاء وجوائز ومواهب وضربت البوقات و نشرت الرايات ثم ان السفاح زين قصره و نصب سريره وبسط الانطاع بين يديه وأفرغ الدنانير والدراهم والاسورة ومناطق الذهب والفضة ثم دعا بار بعمائة من غلمانه من اشدهم واشجعهم فدفع اليهم السيوف المذهبة وقال لهم كونوا في الخزائن واسبلوا عليكم الستور فاذا را يتموني قدرميت بقلنسوتي الارض فاخرجوا وضعوا السيوف في رقاب كل من ترونه ولو كان من بني عمي فلما تعالى النهار وجلس السفاح واقبل الناس اليه في الزينة والبهجة الحسنة للسلام والعطاء واقبل بنوامية يرفلون في حللهم وارديتهم ويجرون اثوابهم ولم يعلموا ما يراد بهم حتى تكاملوا سبعين الفا من ال مروان وال يزيد ومحمد السفاح الى اعلى البيث وهو متقلد بسيفه ثم التفت الى بني اميه وقال هذا اليوم الذي كنت اعدكم فيه الجزاء والعطاء وبمن تحبون ان ابدأ بالعطاء به بني امية ام بنى هاشم فقالوا باجمعهم يا خليفة الزمان ان بني هاشم سادات العرب فلا يقدم العبد على سيده فابدأ ببنى هاشم واحداً بعد واحد فانهم خير أهل العالم وسيد يبني ادم وان خزائن الملك تعم الصغير والتكبير فصاح السفاح بعيد كان عن عينه وقد أعلمه ما يريد وكان فصيح الانسان فرفعه وقال له ناد بني هاشم واحداً بعد واحد حتى تنجزل لهم العطاء وتحسن لهم الجوائز فنادى الغلام برفيع صوته وقال ابن عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم علم
ص: 269
الينا واقبض عطائك فقال سديف وابن عبيدة بن الحارث قال وما فعل به قال قتله شيخ من هؤلاء يقال له عتبة بن ربيعة فقال السفاح ياغلام اضرب على اسمه اذا غاب وادع لنا غيره فنادى الغلام ابن اسدالله واسد رسوله حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف علم الينا واقبض عطائك فقال سديف وابن حمزة قال مافعل به قال قتلته امرأة من هؤلاء القوم يقال لها هند بنت عتبة في احد واقبلت اليه فشقت جوفه واخذت كبده لتأكلها فحولها الله في فيها حجراً فسميت اكاة الاكباد وقطعت اصابعه وجعلتها قلادة في عنقها فقال السفاح يا غلام اضرب على اسمه اذا غاب وادع لنا غيره فنادى الغلام این اول الناس اسلاما وافضل الوصيين ويعسوب الدين امير المؤمنين علي بن ابي طالب علم الينا وخذ عطائك فقال سديف يامولاي وابن علي بن ابي طالب لقد قتله المرادى عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله وزين معوية الشام لقتله أياما وفرح فرحا شديداً فقال يا غلام اضرب على اسمه اذا غاب وهات غيره فنادى الغلام این این رسول الله سید شباب اهل الجنة الحسن بن علي علم الينا فاقبض عطائك فيكي سديف وقال يامولاي وابن الحسن بن علي بن ابيطالب قال السفاح وما فعل بولد رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) قال قتلته جعدة امرأته بسم دسه معوية اليها من الشام فقال ياغلام اضرب على اسمه اذا غاب وهات غيره فنادى الغلام ابن مسلم بن عقيل هلم الينا واقبض عطائك قال سديف يامولاي و ابن مسلم بن عقيل قال ما فعل به قال قتله هؤلاء القوم فاخذه عبدالله بن زیاد فرمی به من قصر الامارة وربطوا في رجليه حبلا و جروه في الاسواق ونادوا عليه هذا جزاء من خرج على خلافة بني امية وسبوا ابائه وجده قال ما علمت بذلك یا غلام اضرب على اسمه وهات غيره اذا غاب فنادى الغلام ابن ابن بنت رسول الله وسید شباب اهل الجنة الحسين بن علي بن ابي طالب علم الينا فاقبض عطائك فيكي سديف وصرخ واحسيناه يا مولاي وابن الحسين قال السفاح وما فعل بولد رسول
ص: 270
الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قال قتله امير هؤلاء الذين هم جالسون حولك وهم على كراسي الذهب والفضة قاعدين في حضرتك قتلوه بارض كربلا عطشانا واخذوا رأسه وحملوه على ريح طويل من الكوفة الى دمشق الشام الى يزيد بن معوية فقال ما علمت بذلك باغلام اضرب على اسمه إذا غاب وهات غيره فنادى الغلام و ابن العباس بن علي هلم الينا فاقبض عطائك فقال سديف يا امير المؤمنين هؤلاء الذين ذكرتهم قتلوهم هؤلاء بارض كر بلا جياعا عطاشا عرايا قال ما علمت بذلك يا غلام اضرب على اسمه اذا غاب وهات غيره فقال الغلام و ابن زيد بن علي بن الحسين علم الى الخليفة فاقبض عطائك منه قال سديف يا مولاي و اين زيد قال السفاح وما فعل به قال قتله رجل من هؤلاء القوم يقال له هشام بن عبد الملك لعنه الله وصلبه منكوساً على ام رأسه وشق جوفه واقى مصلوبا على خشبة مدة اربع سنين حتى عششت الفاختة في جوفه ثم القوه بعدذلك واحرقوه بالنار وسحقوا عظامه وذروه في الهواء فاجتمع على وجه الماء ثم غاص وخرج خلقا سوباره و ينادي برفيع صوته وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون تم قتلوا ولده من بعده وقبره هناك في الطرف الغربي من السكوفة معروف فقال السفاح ما علمت بذلك يا غلام اضرب على اسمه و هات غیره فنادى الغلام این الامام ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس هلم الينا واقبض عطائك فسكت سديف فقال السفاح ويلك يا سديف فمالك قد عجزت عن الجواب عند ذكر اخي قال اني لاستحي ان اقابلك واواجهك بما قد فعل باخيك فقال السفاح سألتك بالله إلا ما تخبرني ما فعل بأخي قال قبضه رجل من هؤلاء القوم يقال له مروان وادخل رأسه في جراب بقر و ركب في اسفله كور الحدادين وامر النافخ ينفخ والجلاد مجلد حتى ضربه عشرة الاف سوط في ثلاثة ايام وقبره بحران فصاح رجل من بني امية يقال له يزيد بن عبد الملك ياويلك ياعبد السوء لقد عظم تعريضك حتى اشرف امير المؤمنين على هلاكنا جميعا فقال نعم ان مقصودي ذلك
ص: 271
فرق السفاح لسديف بمؤخر عينيه وقد امتلأ حنقاً و غيظا تم انشأ يقول :
حسبت امية ان ترضى هاشم***عنها ويذهب زبدها وحسينها
كذبت وحق محمد ووصیه*** حقا ستبصر مايسي، ظنونها
و تدين كل خليله بخليلها ***بالمشرفى وتقضين ديونها
ثم ان السفاح بكى وعلا صياحه ثم خلع قلنسوته عن رأسه ورمى بها على السرير ونادى بالثارات بني هاشم بالثارات بني عبد المطلب بالثارات الحسين فلما نظر الغلمان الى السفاح وفعاله فتحوا ابواب الخزائن وخرجوا وفي ايديهم السيوف والاعمدة فوضعها في رقاب بني امية فقتلوهم عن اخر هم فلم تكن الاساعة او كحلب ناقة حتى قتلوهم فبينما العبيد والخدم والغلمان حول القصر اذخرج اليهم الدم من الافنية وامتلات البواليع من دماء القتلى كافواه القرب فلما فرغ السفاح من القوم لعنهم الله امر ان يجمعوا القتلى ويجعلوهم مثل المصطبة ويفرشوا فوقهم الانطاع ففعلوا ذلك وجلس عليها السفاح وسديف وجماعة من بني هاشم و حشمه ثم امر بالموائد فنصبت ونقلوا اليها الطعام قاكل السفاح واهله وقومه وجعل القتلى يضطربون من تحتهم ثم اقبل السفاح على سديف وقال له برد ما بقلبك من الغليل فقال والله ياسيدي ما اكات اطيب من اكلتي هذه ابداً . اقول اماذكر سديف والسفاح و بنوهاشم في ذلك الوقت يوم جلس ابن مرجانة في دار الامارة ونصب الموائد ونقل اليها الطعام و بين يديه رأس الحسين (علیه السلام) والامين يأكل ويشرب وهؤلاء العيال والاطفال ينظرون الى الطعام وهم جياع عطاش ويعدون اعناقهم إلى الموائد ولا يصلون اليها الخ
الا مبلغاً سادات هاشم معشری ***و جمع قريش والقبائل من فهر
ويتم مخزوم وابناء غالب ***قريباً من النور المغيب في القبر
ص: 272
ومن كان منهم في المدينة ثاوياً ***وسكان بيت الله والركن والحجر
ومن كان منهم في الغربين ساكنا*** امير علي صاحب النهى والامر
و من سكن الطف المعظم قدره ***حسين الرضا المدفون بالبلد القفر
بان سديفا قد شفى الله صدره*** سر رماح كم مرهفة بستر
وان ابا العباس ثار لثارهم*** فلم يدع موتوراً يطالب بالوتر
هذه الابيات انشدها سديف بعد ما قتل ابو العباس خلقا كثيرا من بني امية و بقى منهم ما يقرب من تسعمائة وخمسة واربعين رجلا منهم سبعون قد تسموا بالخلافة والامارة فقال سديف السفاح يا امير المؤمنين والله ما رضيت بقتل هؤلاء الذين قتلتهم وكبرائهم واشرافهم في منازلهم والله لانزول القرحة حتى لا تبقى منهم صغيراً وكبيراً قال نعم هذا رأيي فيهم وسترى منى حيلة ما سبقنى اليها احد كان قبلى فدعا السفاح بالصناع الحذاق والمشيدين وقال لهم اني اريد ان تبنوا لى قصراً ما بنى على وجه الارض مثله ولم ير مثله في جميع البلدان والامصار فقالوا حبا وكرامة مكنا من المال فانا نعمل ماتشاء ان شاء الله تعالى وتبلغ ما تحبه فقال لهم امكنكم من الاموال ومن كل ما تريدون ثم رسم لهم الاساس فحفروه وكانوا الفا وخمسمائة صانع فلما فرغوا من حفر الاساس نقل على الحمير والبغال الملاح وسد به الاساس ولم يزالوا كذلك حتى رفعوا الاساس من المالح ثم أمرهم ان يجعلوا اللبن فوق الملح ففعلوا ذلك وحلفهم بالايمان المغلظة انهم لا يفشون ذلك الى احدر ا لاحل دمائهم وأموالهم فكتموه ولم يظهروه و وعدهم ان يجزل لهم العطاء تم امران يخرقوا مجاري الماء في جوانب القصر الى الاساس ويسدوه ويحكموه الى وقت الحاجة تم انهم اخذوا في البناء والعمل ورتب قوماً في البناء وقوماً في عمل المقاصير وقوماً في السقوف وقوما في التجصيص وبياضه وقوما يزوقون الابواب بالذهب والفضة وقوماً في تخت العاج والابنوس فما مضت عليهم الا ايام قلائل حتى فرغوامن
ص: 273
القصر وعلقوا الستور الملونة وفرشوه وزبنوه وحملوا اليه جميع الآلات الحسنة الرفيعة واضاؤه بالمصابيح والسرج المضيئة تم اذن للناس بالدخول عليه والتفرج والتنزه فدخل الخاص والعام من جميع الاقطار وتعجبوا من حسنه وكماله وتحالفوا انه اشبه بارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وجعلوا يقولون لمن عمل هذا القصر منهم من يقول بنى هذا القصر لاخيه ابيجعفر المنصور واخرون يقولون ما هو الالعمه صالح منهم من يقول لنفسه فركب ابو العباس وسار الى بني امية وقال لهم سيروا الى حتى اجزل لكم العطاء ولا يفزعكم ماسبق مني في اخوانكم وبنى اعمامكم من بني امية فان قومكم اخبروني يما دخل في قلوبكم من الاضطراب وذلك فورة من فورات الهاشمية وانا قد عفوت عن بقيتكم فادخلوا هذا القصر ولا تدخلونه الا وهو ليكم وها انا افضلكم على العرب والسادات من ذوى الرتب وانا احلف لكم بالله ورسوله ان هذا القصر لكم وانكم ان تتخلفوا فزعا مني ومن سطوتي وبأسى فمن يمنعكم مني ان اردت بكم سوءاً فاطمأن بعضهم وخاف بعضهم ولكن لم يكن لهم بد من الحضور في القصر فجاؤا ولبسوا عليهم السلاح وشدوا عدتهم واوقفوا نفراً مع عبيدهم على الباب بالسلاح واقبلوا ينقلون الى ذلك القصر واحداً بعد واحد يتسابقون اليه فلما تكاملوا أمر السفاح ان يبسط لهم الموائد واكثر لهم من الذبايح والحلاوات فاجلس القوم على الموائد وجاء اليه الناصح من خلف ظهره بانهم كلهم قد حصلوا في قصر الخليفة فافعل ما تشاء فاشار السفاح الى الغلمان فلم يكن الاساعة حتى اذا دار الماء بجوانب القصر وذاب الملح فارتج القصر وانصدع فهموا بالهزيمة فسد و او اغلقوا عليهم الابواب فتصابحت حيطانه و انهدمت اركانه واهتزت العمد فنزع القوم من ذلك ودهشوا و وضعه وا رؤسهم على ركبهم وظنوا ان الامر من السماء قد نزل بهم فقال قائلهم قد اخذنا بما كان منافهم في كلامهم اذ سقطت الجدران وانهدت الاركان وهوت العمدان ووقع القصر عليهم باجمعهم وهلكوا وعجل الله
ص: 274
بارواحهم الى النار و بلغ السفاح ذلك فركب وركب معه سديف وساروا الى القصر فوجدوهم قد هلكوا فسجدوا الله شكراً فقال السفاح ياسديف هل اخذت بثارك وثار
مواليك فقال سديف والله لو قتل مثل هؤلاء الف ضعف ما وفي ولا عدل شسع نعل الحسين ( علیه السلام ) ولا لأحد من المختار بن ابي عبيدة الثقفي لما قيل له رأس عمر بن سعد برأس الحسين ورأس حفص برأس علي بن الحسين(علیه السلام) قال للقائل اسكت اهل الدنيا لما وفوا ع الرجال والله لو قتلت ثلاثة ارباع .
باعملة من انامل الحسين ( علیه السلام ) انقيس رأس هذا الشقى برأس الحسين ورأس حفص برأس علي بن الحسين الخ .
قال سديف السفاح وقد بلغنى ان بالشام خلقا كثيراً من بني امية وان دمشق مملوءة منهم ومن اكابرهم يعني من بني امية فانا ارجو من الله ان لا يفوتني منهم احد فقال السفاح يأسديف اقلت في هذا المعنى شيئاً فقال نعم يامولاي اسمع ما قلت ثم انشأ الأبيات المذكورة الامبلغا سادات هاشم معشرى الخ .
تم ان السفاح بات ليله فرحا مسروراً بما انا له الله تعالى من العز والهيبة فلما اصبح دعا بعمه صالح بن عبدالله بن العباس وعقد له لواء على عسكر عظيم وقال له يا عم سر الى الشام فاني فوضت امرها اليك وانت اميرها جاز المحسن على احسانه والمدي. على اسائته وانظر من بيننا وبينه معاداة فاعمل في هلا كه ودماره وهذا سديف عندنا فخذه في صحبتك فقد علمت نصحه ومروته فلا تمنعه من امر يريده فقال عمه حباً وكرامة لو لم توص به لكان حقا علي ان لا افعل شيئا حتى اشاوره ثم ان السفاح جرد الجيش معه واختار له الرجال الجياد وضم اليه سديفا وصاروا جميعا يجدون في مسيرهم حتى دخلوا الى دمشق فجلس صالح في دار الأمارة ونظر في الامور ورغب ( ورتب خ ل ) العمال في اعمالهم فلما استقر أمره جمل يسأل عن اولاد يزيد واولاد مروان
ص: 275
فيحضر هم بين يديه وصديف يستأذن فيهم ويحمل عليهم فيبيدهم طعنا وضربا قيل حتى قتل منهم بدمشق ثلاثين القا من بني امية وهو يقول والله لو قتلت اضعافا مضاعفة من من بني امية بل كل من طلعت عليه الشمس منهم لماوا في ولا عدل شسع نعل مولاي الحسين ( علیه السلام ) وبلغ السفاح ما فعل سديف فسره ذلك وكان في نواحي الشام خلق كثير من بني امية لما بلغهم الخبر ما فعل عم السفاح من القتل والنهب والصلب اخذوا يتفرقون وينهزمون انهزم قوم منهم الى الساحل وركبوا في البحر طالبين بلاد الغرب فبعث صالح ورائهم فاخبر انهم ركبوا في المراكب فركب صالح فاركب خلفهم في المراكب جيشاً حتى ادركوهم فقتلوهم ولم يسلم منهم احد الأقوم تزيوا بزي النساء وهم الملثمة الى يومنا هذا ورجع صالح الى دمشق وخرب ديار بني امية حتى لم يبق لهم اثر . اقول لقد ظهر ما اخبر رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) لعمه العباس لما قال يارسول الله رأيت كأن قد ظهر من دبرى وفي بعض النسخ ذكرى) اربعون زنبوراً فقال له رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) يا عم سيظهر لك من صلبك اربعون رجلا ويأخذون الخلافة والأمارة فاهتم العباس لذلك وهم هجم نفسه فقال له النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) لا ياعم فقد قضي الأمر وحق القول وكان ذلك في الكتاب مسطوراً وفي خبر قال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) لعباس ياعم ويل لولدى من ولدك قال افاختصى فقال (صلّى الله عليه واله وسلم ) كل الذي قضى فهو كائن ولا يخفى ان خلفاء بني العباس هم سبع وثلاثون وفي خير اربعون خليفة اولهم ابو العباس السفاح الذي قتل بني امية واستأصلهم وشردهم ثم ابو جعفر المنصور (لع) الذي فعل بذراري رسول الله ما فعل حتى قتل منهم الفا وبنى على ستين علوياً في ليلة واحدة وكذلك من اتي من بعده منهم وما زالوا يصنعون بذراري رسول الله ما يصنعون
من القتل والنهب والتشريد في البلدان مالا تحصى وهم كما قال الرائي :
ليس الرشيد رشيداً في سياسته ***كلا وايس ابنه المأمون مأمونا
ص: 276
هذا لموسى وهذا للرضا وبنو*** العباس للآل ما انفكوا يكيدونا
قتلا وحبساً وتشريداً وغائلة ***مما وسبا بلا ذنب وتهجينا
قال الله عز من قائل يريدون ليطفوا نور الله بافواههم و لو کره المشركون ومن انوار الله التي ارادوا اطفانه نور الحسين ( علیه السلام ) وذلك ان المتوكل (لع) العباسي لم يزل يأمر بخراب بنيان قبر الحسين (علیه السلام) وحرث مكانه واجراء الماء عليه ونبش القبر ومحواثره وما ظفر بمقصوده والقبر على حاله لم يتغير لانهم لما هدموا بنيانه فكلما اجروا الماء عليه غار وحاروا ستدار ولا يعلوه قطارة لان موضع القبر ارتفع باذن الله ثم هموا محرث القبر وجاؤا بالبقر والالات التي يحرثون بها قال الراوى فصرت الى الناحية وامرت بالبقر فمر على القبور كلها ولما بلغ قبر الحسين لم تمر فيه فاخذت العصا فما زلت اضربها حتى تكسرت العصا فوالله ما جازت عن موضعها خطوة ثم امر اللعين وبعث من ينبش القبر وهو ابراهيم الديزج قال الراوى فحكى الى ابراهيم الديزج في مرضه الذي مات فيه قال كنت جاره دخلت عليه اعوده فوجدته بحال سوء فاذا هو كالمدهوش وعنده الطبيب ولم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله فاشار الى الطبيب فشعر الطبيب فقام وخرج فلما خلا الموضع سألته عن حاله فقال اخبرك والله واستغفر الله ان المتوكل امرني بالخروج الى نينوى الى قبر الحسين (علیه السلام) لنبش القبر فامرنا ان نطمس اثر القبر فوافيت الناحية مساء ومعنا الفعلة والدر كاريون ومعهم المساحي والمرور فتقدمت الى غلماني واصحابي ان يأخذوا الفعلة بخراب القبر فطرحت نفسي لما نالنى من تعب السفر ونمت فذهب بي النوم فاذا ضوضاء شديد واصوات عالية وجعل الغلمان ينبهوني فقمت وانا ذعر فقلت للغلمان ما شانكم قالوا اعجب شأن قلت
ص: 277
وما ذاك قالوا ان بموضع قبر الحسين قوما قد حالوا بيننا و بين القبر وهم يرموننا مع ذلك بالنشاب فقمت معه- لأتين الأمر فوجدته كما وصفوا وكان ذلك في أول الليل من ليالي البيض فقلت ار. وهم فرموا فعادت سهامنا الينا فما سقط سهم منها الا في صاحبه الذي رمى به فقتله .
اقول ياليت ان سهام اهل الكوفة قد عادت اليهم فقتلتهم حين احاطوا به والسهام تأخذه من كل ناحية وهو يتقيها بنحره وصدره وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ الخ .
في البحار ان جعفر بن المعتصم من خلفاء بني العباس المعروف بالمتوكل كان كثير العداوة شديد البغض لأهل بيت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وسمع منه ابنه المنتصر ان اللعين يشتم فاطمة فسأل رجلا من الناس من ذلك فقال له قد وجب عليه القتل الا انه من قتل اباه لم يطل له عمر قال ما ابالي اذا اطلعت الله بقتله ان لا يطاول لي عمر فقتله وعاش بعده سبعة اشهر وهذا اللعين هو الذي امر الحارثين بحرث قبر الحسين (علیه السلام) وان يخربوا بنيانه ويخفوا آثاره وان يجروا عليه الماء من النهر العلقمي بحيث لا يقى له اثر ولا احد يقف له على خبر و توعد الناس لمن زار قبره وجعل رصداً من اخباره واوصاهم كل من وجدتموه يريد زيارة قبر الحسين فاقتلوه يريد بذلك اطفاء نور الله واخفاء اثار ذرية رسول الله حتى كانت سنة سبع واربعين ومأتين بلغ المتوكل مصير الناس من أهل السواد والكوفة الى كربلا لزيارة قبر الحسين ( علیه السلام ) وانه قد كثر جمعهم وصار لهم سوق كبير فانفذ قائداً في جمع كثير من الجند وامرهم بنبش القبر وحرث ارضه وامر المنادى ان ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبر الحسين وعمد على تتبع ال ايطالب والشيعة فقتلهم حيث وجدهم قال ابراهيم الديزج بعثنى المتوكل الى كربلا لتغيير قبر الحسين (علیه السلام) وكتب معى الى جعفر بن محمد بن عمار القاضي اعلمك اني
ص: 278
قد بعثت ابراهيم الديزج الى كربلا لينبش قبر الحسين (علیه السلام ) فاذا قرأت كتابي هذا فقف على الأمر حتى تعرف فعل اولم يفعل قال الديزج فعرفنى جعفر بن محمد بن عمار ما كتب المتوكل ( ام ) به اليه ففعلت ما امرنی به ثم اتيت جعفر بن محمد فقال ماصنعت قلت قد فعلت و نبشت القبر فلم ارشيئا فقال لي افلا عمقته قلت قد فعلت فما رأيت شيئا فكتب الى المتوكل ان ابراهيم الديزج قد نبش القبر ولم يجد شيئا وامرته فمخره بالماء وكريه بالبقر قال ابو على العماري واجهت ابراهيم الديزج وسألته عن صورة الأمر وضمنت له الكتمان قال لي اتيت في خاصة غلماني فقط ونبشت القبر فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين ( علیه السلام ) ووجدت منه رائحة المسك فتركت البارية على حالها والجسد على البارية وامرت بطرح التراب عليه وكأن من هذه الرواية قد استنبط القراء ان علي بن الحسين ( علیه السلام ) لما اتى ليواري جسد الحسين (علیه السلام) قال لبني اسدايتوني يبارية لأضع عليها جثة ( بدن الحسين خ ل ( ابي والا لما اطلعنا على رواية بخصوصه والحاصل قالت بنو اسد اقبلنا لنعينه على جسد الحسين واذا هو يقول لنا بخضوع و خشوع انا اكفيكم امره الخ
في البحار كان هرون المعري قائداً من قواد المتوكل قال ابو عبد الله الباقطاني
عبدالله كنت اكتب له وكان بدنه كاه ابيض حتى يديه ورجليه شديد البياض و كان وجهه اسود شديد السواد كأنه القير فسألته عن سواد وجهه فابي ان يخبرني فلما مرض مرضه الذي مات فيه سألته وضمنت له الكتمان فقال وجهنى المتوكل انا وابراهيم الديزج لنبش قبر الحسين (علیه السلام) و اجراء الماء عليه فلما عزمت على الخروج رأيت رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) في المنام فقال لا تخرج مع الديزج ولا تفعل ما أمرت به في قبر ولدي الحسين (علیه السلام ) فلما أصبحت جاؤا يستحثونا في المسير فسرت معهم حتى وافينا كربلا وفعلنا ما امرنا به المتوكل فرأيت النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) في المنام فقال لي ألم امرك ان لا تخرج معهم ولا تفعل
ص: 279
فعلهم فلم تقبل حتى فعلت ما فعلوا ثم لطمنى وتفل في وجهي فصار وجهي اسود كما ترى وجسمي على حالته الاولى في كتاب الدر النظيم قال هشام بن محمد لما جرى المساء على قبر الحسين (علیه السلام) نضب بعد اربعين يوماً وأنحى اثر القبر فجاء اعرابي من بني اسد فجعل يأجذ قبضة قبضة من التراب ويشمه حتى وقع على قبر الحسين (علیه السلام ) فيكى حين شمه وقال بابي انت وامي ما اطيبك واطيب قبرك وتربتك ثم انشأ يقول :
ارادوا ليخفوا قبره عن وليه ***فطيب تراب القبر دل على القبر
نعم تفوح منه رائحة المسك بل تفوح منه رائحة الجنة لمجاورته مع الحسين(علیه السلام) لأن الحسين (علیه السلام) تفوح منه رائحة الجنة و كان رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اذا اشتاق الى رائحة الجنة اخذ الحسين (علیه السلام ) وضمه الى نفسه ويشم رائحته ويقول اشم رائحة الجنة من شفتيه ومن فيه ليت عيني رسول الله تنظران حين ان يزيد لعنه الله اخد عود الخيزران وجعل بنكت به ثنا يا ابيعبد الله عليه السلام الخ .
في البحار ان رجلا من اهل الخير يقال له زيد ويلقب بالمجنون ولكنه ذو عقل شديد ورأي سديد وأنما لقب بالمجنون لانه افحم كل لبيب وقطع حجة كل اديب و كان لا يعي من الجواب ولا يمل من الخطاب فسمع زيد ان المتوكل (لع) امر بخراب بنيان قبر الحسين وحرث مكانه فعظم ذلك عليه واشتد حزنه و تجددت مصائبه السيده الحسين و كان مسكنه يومئذ بمصر فخرج حزيناً كثيبا ماشياها تما على وجهه شاكيا وجده الى ربه حتى دخل الكوفة واقي البهلول وهو ايضا رجل كامل فسأله يازيد ما الذي اخرجك من بلادك بغير دابة ولا مركوب فقال زيد يا بهلول والله ما خرجت الا من شدة خرنى ووجدى وقد بلغني ان هذا الاعين امر بحرث قبر الحسين (علیه السلام) وخراب
ص: 280
بنيانه فهذا الذي اخرجنى من مومنى و نقص عيشي واجرى دموعي واقل مجوعى فقال بهلول وانا والله كذلك فقال زيد قم بنا مضى الى كربلا لنشاهد قبور اولاد علي المرتضى فاخذ كل بيد . احبه وخرجا حتى وصلا إلى قبر الحسين (علیه السلام ) واذا هو على حاله لم يتغير وقد هدموا بنيانه وكلما اجروا عليه الماء حار واستدار فتعجب زيد وقال يا بهلول انظر يريدون ليطه و انور الله بافواههم ويابي الله الا ان يتم نوره ولو كره المشركون واذا بالحارث الذي قد امره المتوكل بحرث القبر وهو من كثرة ما شاهد من القبر الشريف الكرامات والمعجزات قد ندم على فعله وبقى متفكراً يلوم نفسه اذوقع طرفه على زيد فاقبل يمشي نحوه وقال من اين اقبلت ياشيخ ولأى شيء جئت الى هنا وانى لأخشى عليك من القتل فيكى زيد وقال والله قد بلغنى حرث قبر الحسين (علیه السلام) فاخرجنى ذلك وهيچ حزبى ووجدى فانكب الحارث على اقدام زيد يقبلهما ويقول فداك ابي وامي فوالله من حين ما اقبلت الي اقبلت الي الرحمة واستنار قلبي بنور الله واني امنت بالله ورسوله لأن لي مدة عشرين سنة وانا مشغول بحرث هذه الأرض فكلما اجريت الماء لم يصل الى قبره قطرة وارسلت البقر لم تمش على الارض خطوة وكأني كنت في سكروا غداء وافقت الان ببركة قدومك فبكى زيد وهو يقول :
تالله ان كانت امية قد انت*** قتل ابن بنت بنيها مظلوما
فلقد اتوه بنوابيه مثله ***هذا لعمرى قبره مهدوما
اسفوا على ان لا يكونوا شاركوا ***في قتله فتتبعوه رميا
فبكى الحارث وقال يازيدها انا الان ماض الى المتوكل بسر من رأى واعرفه بصورة الامر ان شاء قتاني او يتركني فقال زيد وانا معك اساعدك فجاء الحارث ودخل على المتوكل واخبره بما شاهد من برهان قبر الحسين فاستشاط اللعين غضباً وامر بقتل الحارث فقتل وامر ان يشد في رجله حبل ويسحب على وجهه في الاسواق ثم يصلب
ص: 281
ليكون عبرة من اعتبر تم انزلوه والقوه في المزبلة فاشتد زيد حزنه وجاء الى المزبلة واحتمل جسد الحارث الى الدجلة وغسله وكفنه وصلى عليه ودفنه و بقى ثلاثة ايام على قبره يتلو القرآن فبينما هو ذات يوم جالس از مجمع صراخا عاليا ونوحا شجيا وبكاء عظيما والنساء ناشرات الشعور مشققات الجيوب مسودات الوجوه والرجال يندبون بالويل
والثبور واذا بجنازة محمولة على اعناق الرجال وقد نشرت لها الاعلام والرايات والناس من حولها افواجا قد انسدت الطرق من الرجال والنساء فظن زيد ان المتوكل قدمات فسأل من الميت قبل هذه جنازة جارية المتوكل وهي جارية سوداء حبشية واسمها ريحانة والمتوكل يحبها حباً شديداً ثم انهم عملوا لها شانا عظيما ودفنوها في قبر جديد وفرشوا فيه الورد والرياحين والمسك والعنبر وبنوا عليها قبة عالية فلما نظر زيد الى ذلك ازدادت اشجانه و تصاعدت نيرانه وجعل يلطم وجهه ويمزق الطماره ويحثو التراب على رأسه ويقول وا اسفاه عليك ياحسين انقتل بالعاف غريباً وحيداً ظانا شهيدا ونسبى نسائك وبناتك وعيالك وتذبح اطفالك ولم يبك عليك احد من الناس وتدفن بغير غسل ولا كفن ويحرث بعد ذلك قبرك ليطفئو انورك وانت ابن علي المرتضى وابن فاطمة الزهراء ويكون هذا الشأن العظيم لموت جارية سوداء ولم يكن الحزن والبكاء لا بن محمد المضعافى ولم يزل يبكي وينوح حتى غشى عليه والناس ينظرون اليه فمنهم من رق له ومنهم من جنى عليه فلما افاق من غشيته انشد يقول :
ايحرث بالطف قبر الحسين ***ويعمر قبر بني الزانية*** لعل الزمان بهم قد يعود
وباني بدولتهم ثانية ***الا لمن الله اهل الفساد ***ومن يأمن الدنية الفانية
فكتب زيد هذه الابيات في ورقة وسلمها لبعض حجاب المتوكل فلما قراها المتوكل اشتد غيضه وهم بقتل زيد و امر باخصاره وجرى بينه وبين زيد من الوعظ والتوبيخ ما اغلظه حتى سأله استحقاراً عن ابي تراب من هو فقال زيد والله انك
ص: 282
عارف به و بفضله وشرفه وحسبه ونسبه فوالله ما يجحد فضله الا كل كافر مرتاب ولا يبغضه الاكل منافق كذاب وشرع يعدد فضله ومناقبه حتى ذكر منها ما اغاظ المتوكل فامر بحبس زيد فحبس فلما اسدل الظلام وهجمع جاء الى المتوكل شخص ورفسه برجله وقال له قم واخرج زيدا من الحبس والا املكك الله عاجلا فقام هو بنفسه واخرج زيدا من حبسه وخلع عليه خلعة سنية وقال له اطلب ما تريد قال اريد عمارة قبر الحسين (علیه السلام) وان لا يتعرض احد لزواره فامر له بذلك فخرج من عنده مسرورا فرحا وجعل يدور في البلدان وهو يقول من اراد زيارة قبر الحسين (علیه السلام ) فله الامان طول الازمان يعني ان زائر قبر الحسين (علیه السلام ) لا يتعرض له احد بسوء لا خشية ولا خوف عليه فله الامان من افات الزمان .
واقول من زار الحسين (علیه السلام) فله الامان من جميع الافات افات الدنيا والآخرة فلا يصيبه مكروه اذا شئت النجاة فزر حسينا الخ .
ولا ينبغى للمحب ان يترك زيارته مع ان النجاة من شرور الدنيا والآخرة في
زيارة الحسين ( علیه السلام ) و كأني بالحسين ( علیه السلام ) قال بلسان الحال :
فياشيمتي لا تتركوا قصد ترتبي*** فاتيانها من افضل القربات
ومهما شهر بم بارد الماء فاذكروا*** وفاتي عطشانا بشط فرات
الحمد لله اولا واخرا وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهر بن وهنا نختم الكتاب والله الموفق الصواب واسأل الله من فضله ومنه علي ان يجعله لي ذخيرة ليوم الحساب وتذكرة مني في الدنيا لدى الاصدقاء والاحباب ثم شرعنا واخذنا في خاتمة الكتاب وفيها مطالب شريفة وطرائف نفيسة منها ما قد فاتنا ذكره في محله من مناقب السبطين ومعالي الامامين الهمامين ورتبناها على مجلسين منها ما التقطناه من الكتب التاريخية في عمارة مشهد سيدنا الحسين ( علیه السلام ) ومنها شيي. من المختار من كلمات سيدنا
ص: 283
الحسين (علیه السلام) نظما ونثرا ودعاء وعودة وحرزا ومناجاة راجع اليها واغتنمها ففيها فوائد جليلة عظيمة منها ترجمة الخطاب التي وردت من اهل البيت عليهم السلام من خروجهم من المدينة المشرفة الى رجوعهم الى المدينة المنورة هذا اخره تمت .
هذه خاتمة الكتاب من احوال السيدين السندين الحسن والحسين عليهما السلام ملتقطات ماحقات وتشتمل على مجلسين
في المناقب عن الخر كوشي والترمذى وغيرهما قال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) الولد ريحانة وريجانتاى من الدنيا الحسن والحسين و في البحار عن عروة البارقي قال حججت بعض السنين فدخلت مسجد رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فوجدت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) جالسا وحوله غلامان يافعان وهو يقبل هذا مرة وهذامرة فاذارآه الناس يفعل ذلك امسكوا عن كلامه حتى يقضى وطره منها وما يعرفون لاي سبب حبه اياهما فجئنه وهو يفعل ذلك بهما فقلت يارسول الله هذان ابناك فقال (صلّى الله عليه واله وسلم ) ابنا ابنتي وابنا اخي وابن عمي واحب الرجال الي ومن هو مجمعی و بصرى ومن نفسه نفسي ونفسي نفسه ومن اخزن لحزنه ويحزن لحزني فقلت له يارسول الله قد عجبت من فعلك بها وحبك لها فقال له الا احدثك ايها الرجل اني لما عرج بي الى السماء ودخلت الجنة انتهيت الى شجرة في رياض الجنة فعجبت من طيب رائحتها فقال لي جبرئيل يا محمد لا تعجب من هذه الشجرة فثمرتها الطيب من ريحها فجعل جبرئيل يتحفنى من ثمرها ويطعمنى من فاكهتها وانا لا امل منها ثم مررنا بشجرة اخرى فقال لي جبرئيل يا محمد كل من هذه الشجرة
ص: 284
فانه يشبه الشجرة التي اكات منها الثمر فهي اطيب طامها و از کی رائحة قال فجعل جبرئيل يتحفني بشمرها في رياض الجنة فعجبت من طيب رائحتها وانا لا امل منها فقلت يا اخي جبرئيل ما رأيت في الاشجارا طيب ولا احسن من هاتين الشجرتين فقال لي يا محمد أتدري ما اسم هاتين الشجرتين فقلت لا ادري فقال احداهما الحسن والأخرى الحسين فاذا هبطت با محمد الى الارض من فورك فأت زوجتك خديجة وواقعها من وقتك وساعتك فانه يخرج منك طيب رائحة الثمر الذي اكلته من هاتين الشجرتين فتلدلك فاطمة الزهراء ثم زوجها اخاك عليا فتلد له ابنين قسم احدهما الحسن والآخر الحسين قال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ففعلت ما امرنى اخي جبرئيل فكان الامر ما كان فنزل علي جبرئيل بعد ما ولد الحسن والحسين فقلت له يا جبرئيل ما اشوقني الى تينك الشجرتين فقال لي يا محمد اذا اشتقت الى الاكل من عمرة تينك الشجرتين فشم الحسن والحسين قال فجعل النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) كلما اشتاق الى الشجرتين يشم الحسن والحسين ويلثمهما ويقول صدق اخي جبرئيل ثم يقبل الحسن والحسين ويقول يا اصحابي اني او دانى اقاسمها حياتي لحبي لهما وهما ريحانتاي من الدنيا فتعجب الرجل من وصف النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) الحسن والحسين في البحار قال روى الدار قطائى بالاسناد عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) وه و حامل لا بنيه الحسن والحسين على كتفيه ايها الناس ابناي هذان سيد اشباب اهل الجنة وابوهما خير منهما وفيه عن المسند وعن فضائل السمعاني كان النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يصلي فاذا سجدو ثب الحسن والحسين ( علیه السلام ) على ظهره فاذا ارادوا ان يمنعوهما اشار اليهم ان دعوهما فلما قضى الصلاة وضعهما في حجره وقال من احبنى فليحب هذين وفيه عن ابن بطلة في الابانة واحمد بن حنبل في المسند كان النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يقبل الحسن والحسين (علیه السلام) فقال رجل ان لي عشرة بنين ما قبلت واحداً منهم قط فقال (صلّى الله عليه واله وسلم ) من لا يرحم لا يرحم وغضب رسول الله حتى تغير وجهه وقال للرجال ان كان الله قد نزع الرحمة من
ص: 285
قلبك فما اصنع بك من لم يرحم صغيرنا ولم يعزز كبيرنا فليس منا وفيه عن عبد الرحمن ابن ابي ليلى قال كنا جلوساً عند النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فجاء الحسن (علیه السلام) فاقبل يتمرغ عليه فرفع النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم) قميصه وقبل جبينه وورد هذا المعنى في الحسين (علیه السلام) في البحار عن نوادر الراوندي عن موسى بن جعفر عن ابائه عن امير المؤمنين (علیه السلام) قال ان النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) قبل الحسين بن علي و كشف عن اربيته قام فصلى من غير ان يتوضأ وفيه عن عمير ابن اسحق قال رأيت أبا هريرة في طريق قال الحسن بن علي ارني الموضع الذي قبله النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فكشف عن بطنه فقبل سرته كما ان عبد الله بن عمر قال الحسن بن علي (علیه السلام) اكشف لي عن الموضع الذي كان يقبله رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) مراراً فكشف عن سرته فقبل ثلاث مرات الخ.
وفيه عن المناقب الحاكم في اماليه قال ابو رافع كنت الاعب الحسين ( علیه السلام ) وهو صبي بالمداحي فاذا اصاب مدحاني مدحانه قلت احملني فيقول اتركب ظهراً حمله رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فاتركه فاذا اصاب مدحاته مدحاني قلت لا احملك كما لم تحملني فيقول اما ترضى ان تحمل بدنا حمله رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) فاحمله وفي المناقب قال اذنب رجل ذنباً في حياة رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) فتغيب الرجل حتى وجد الحسن والحسين في طريق خلل فاخذهما فاحتملهما على عاتقيه واتى بهما الى النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فقال يا رسول الله أني مستجير بالله و بهما فضحك رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) حتى رديده الى فيه ثم قال المرجل اذهب فانت طليق وقال الحسن والحسين قد شفعتكما فيه اي فتيان فازل الله تبارك وتعالى ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما وفيه قال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اذا كان يوم القيمة زبن عرش الرحمن بكل زينة ثم يؤتي بمنبرين من نور طولها مائة ميل فيوضع احدهما عن يمين العرش والاخر عن يسار العرش ثم يؤتى بالحسن والحسين يزين الرب تبارك وتعالى بهما عرشه كمايزين
ص: 286
المرأة قرطاها وفيه قال ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ان الحسن والحسين شنفا العرش وان الجنة قالت يارب اسكنتني الضعفاء والمساكين فقال لها الله تعالى الاترضين اني زينت اركانك با الحسن والحسين قال فماست الجنة كما تميس العروس فرحا وفيه عن النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) سالت الفردوس وبها فقالت اي رب زيني فان اصحابي واهلي انقياء ابرار فاوحي الله عز وجل اليها المازينك بالحسن والحسين فالحسن والحسين (علیه السلام ) زينتا المرش وزينتا الجنة الفردوس . اقول و للحسين (علیه السلام ) مزية على الحسن بان الله جمله زينة للسموات والارضين والمدنيا والآخرة كما في الخبر عن ابي بن كعب قال كنت جالساً عند النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اذ اقبل الحسين ( علیه السلام ) فلما نظر اليه النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قال مرحبا بك يا زين السموات والارضين قلت يا رسول الله وهل غيرك زين السموات والارضين قال نعم الحسين ابن علي يا ابي ان الحسين ( علیه السلام ) لفي السموات اعظم مما هو في الارض وان اسمه لمكتوب على سرادق العرش الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة ثم قال ايها الناس هذا الحسين بن علي فاعرفوه وفضلوه كما فضله الله اقول عرفوه ولكن ما فضلوه بل ضيعوه وخذلوه كما قال يا جداه انا الحسين بن فاطمه فرخك و ابن فرختك وسيطك خلفتني في امتك فاشهد عليهم يا نبي الله انهم قد خذلوني وضيعوني ولم يحفظوني وفيه عن الرضا (علیه السلام) عرى الحسن والحسين وادركهما العيد فقالا لامهما قد زينوا صبيان المدينة الا نحن فما لك لا تزينينا فقالت ان ثيابكم عند الخياط فاذا اتي زينتكما فلما كانت ليلة العيد اقبلا واعادا القول على امهما فيكت فاطمة ورحمتهما فقالت لهما ما قالت في الأولى فردا عليها فلما اخذ الظلام قرع الباب قارع فقالت فاطمة من هذا قال يا بنت رسول الله انا الخياط جئتك بالثياب فنتحب الباب فاذا رجل ومعه لباس العيد قالت والله لم ار رجلا اهيب سيمة منه فناولها منديلا مشدوداًثم انصرف فدخلت فاطمة
ص: 287
وفتحت المنديل فاذا فيه قميصان و در اعتان و سر اویلان ورداءان و عمامتان وخفان اسودان معتصبان محمرة فايقظتهما والبستم هما فدخل رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) وهما مزينان فحملها وقبلهما ثم قال ( صلّى الله عليه واله وسلم ) رأيت النياط قالت نعم يا رسول الله والذي انفذته من الثياب قال يا بنية ما هو خياط انما هو رضوان خازن الجنة قالت فاطمة فمن اخبرك يا رسول الله قال ما عرج حتى جائني واخبرني بذلك وفيه عن ام سلمة انها قالت رأيت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يلبس ولده الحسين حلة ليست من ثياب الدنيا فقلت له يا رسول الله ما هذه الحملة فقال هذه هدية اهداها الي ربي للحسين (علیه السلام ) وان لحمتها من زغب جناح جبرئيل وها انا البسه اياها وازينه بها فان اليوم يوم الزينة واني احبه في البحار عن خصائص العنزي قال ابن عمر كان الحسن والحسين تعويذان حشوها من زغب جناح جبرئيل وكانت لأل محمد وسادة لا يجلس عليها الا جبرئيل فاذا قام عنها طويت فكان اذا قام عنها انتفض من زغبه فتلتقط، فاطمة فتجعله في تمائم الحسن والحسين (علیهما السلام) و في البحار دخل النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) دار فاطمة (علیها السلام) فقال يا فاطمة ان اياك اليوم ضيفك فقالت يا ابتاه ان الحسن والحسين (علیهما السلام) يطالباني بشيء من الزاد فلم اجد لهما شيئاً يقتاتان به ثم ان النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) دخل و جلس مع علي والحسين وفاطمة والحسن متحيرة ما تدري كيف تصنع ثم ان النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) نظر الى السماء واذا بجبرئيل قد نزل وقال يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والاكرام و يقول لك قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين اي شيء يشتهون من فواكه الجنة فقال النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يا علي ويا فاطمة و يا حسن و يا حسين ان رب العزة علم انكم جياع فاي شي. تشتهون من فواكه الجنة فامسكوا عن الكلام ولم يردوا جوابا حياء من النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فقال الحسين (علیه السلام) عن اذنك يا ابتاه يا امير المؤمنين وعن اذنك يا سيدة نساء العالمين وعن اذنك يا اخاه الحسن الزكي اختار لكم شيئا من فواكه الجنة فقالوا جميعا يا حسين
ص: 288
ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا فقال يا رسول الله قل لجبرئيل انا نشتهي رطبا جنيا فقال النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قد علم الله ذلك ثم قال ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يا فاطمة قومي وادخلي البيت واحضري البنا ما فيه فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور ومغطى بمنديل من السندس الاخضر وفيه رطب جني في غير اوانه فقال النبى (صلّى الله عليه واله وسلم) اني لك يا فاطمة هذا قالت هو من عند الله ان الله برزق من يشاء بغير حساب كما قالت مريم بنت عمران فقام النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وتناول وقدمه بين ايديهم ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ثم اخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين (علیه السلام) وقال هنيئا مريئا لك يا حسين ثم اخذ رطبة فوضعها في فم الحسن وقال هنيئا مريئا لك يا حسن ثم اخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء وفال هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء ثم اخذ رطب-ة فوضعها في فم علي عليه السلام وقال هنيئا مريئا لك يا علي ثم ناول عليا رطبة اخرى ثم رطبة اخرى والنبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) يقول هنيئا مريئا لك يا علي ثم وثب النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) قائما ثم جلس ثم اكلوا جميعا من ذلك الرحاب فلما اكتفوا وشبعوا ارتفعت المائدة الى السماء باذن الله تعالى فقالت فاطمة يا ابة لقد رأيت اليوم منك عجباً فقال يا فاطمة اما الرطبة الأولى التي وضعتها في فم الحسين (علیه السلام) وقلت له هنيئا مريئا لك يا حسين فانی مجمعت ميكائيل واسرافيل بقولان هنيئا مريئا لك يا حسين فقلت ايضا موافقا لهما في القول ثم اخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن فسمعت جبرئيل وميكائيل يقولان هنيئا مريئا لك يا حسن فقلت انا موافقا لهما في القول ثم اخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا الجنان وهن يقلن هنيئا مريئا لك يا فاطمة فقلت موافقا لهن بالفول ولما اخذت الرابعة فوضعتها في فم علي فسمعت من الحق سبحانه وتعالى يقول هنيئا مريئا لك يا علي فقلت موافقا لقول الله عز ل ثم ناولت عليا رطبة اخرى وانا اسمع صوت الحق سبحانه
ص: 289
وتعالى يقول هنيئا مريئا لك يا علي ثم قمت اجلالا لرب العزة جل جلاله فسمعته يقول بيا محمد وعزتي وجلالي لو ناولت عليا من هذه الساعة الى يوم القيمة رطبة رطبة لقلت له هنيئا مريئا بغير انقطاع قال في البحار وروى مرفوعا الى اسحق بن سليمان الهاشمي عن أبيه قال كنا عند امير المؤمنين هرون الرشيد فتذاكروا علي بن ابي طالب (علیه السلام) فقال امير المؤمنين هرون تزعم العوام اني ابغض عليا وولده حسنا وحسينا ولا والله ما ذلك كما يظنون ولكن ولده هؤلاء طالبنا بدم الحسين معهم في السهل والجل حتى قتلنا قتلته ثم افضى الينا هذا الامر فخالطناهم فحسدونا وخرجوا علينا فحلوا قطيعهم والله لقد حدثني امير المؤمنين المهدي عن امير المؤمنين ابى جعفر المنصور عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس قال بينما نحن عند رسول الله اذا اقبلت فاطمة تبكي فقال لها النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ما يبكيك قالت يا رسول الله ان الحسن والحسين خرجا فو الله ما ادري اين سلكا فقال النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) لا تبكي فداك ابوك فان الله عز وجل خلقهما وهو ارحم بهما اللهم ان كانا اخذا في بر فاحفظهما وان كانا اخذا في بحر فسلمهما فهبط جبرئيل فقال يا احمد لا تفتم ولا تحزن هما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وابوهما خير منهما وهما في حظيرة بني النجار نائمين وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما قال ابن عباس فقام رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وقمنا معه حتى اتينا حظيرة بني النجار فاذا الحسن معانق الحسين واذا الملك قد غطاها باحد جناحيه فحمل النبي (صلّى الله عليه واله وسلم) الحسن واخذ الملك الحسين والناس يرون انه حاملهمها فقال له ابو بكر وابو ايوب الانصاري يا رسول الله الانخفف عنك باحد الصبيين فقال دعاها فانهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة وابوها خير منهما ثم قال والله لا شرفنهما اليوم بما شرفهما الله فخطب فقال يا ايها الناس الا اخبركم بخير الناس جداً وجدة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين جدهما رسول الله وجدتهما خديجة بنت خويلد الا اخبركم يا ايها الناس بخير الناس ابا
ص: 290
واما قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين ابوهما علي بن ابي طالب وامها فاطمة بنت محمد الا اخبركم ايها الناس بخير الناس عما وعمة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين عمهما جعفر بن ابيطالب وعمتهما ام هاني بنت ابيطالب ايها الناس الا اخبركم بخير الناس خالا وخالة قالوا بلى يا رسول الله قال الحسن والحسين خالها القاسم بن رسول الله وخالته ما زينب بنت رسول الله الا ان اباهما في الجنة واسهما في الجنة وجدها في الجنه وجدتهما في الجنة وخالهما في الجنه وخالتهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنه وهما في الجنة و من احبهما في الجنه ومن احب من احبهما في الجنة في البحار عن عائشة قالت كان رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) جايعا لا يقدر على ما يأكل فقال ليهاتی ردائی فقلت اين تريد قال الى فاطمة بنتي فانظر الى الحسن والحسين فيذهب بعض ما بي من الجوع فخرج حتى دخل على فاطمة فقال يا فاطمة ابن ابناي فقالت يا رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) خرجا من الجوع وهما يبكيان فخرج النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) في يا طالبهما فرأى أبا الدرداء فقال يا عوير هل رأيت ابني قال نعم يا رسول الله هما نائمان في ظل حائط بنى جدعان فانطلق النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فضمهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع عنهما فقال له ابو الدرداء دعني احملهما فقال يا أبا الدرداء دعنى امسح الدموع عنهما فو الذي بعثني بالحق نبياً لو قطر قطرة في الارض لبقيت المجاعة في امتي الى يوم القيمه حملهما وهما بيكيان وهو يبكي فجاء جبرئيل فقال (صلّى الله عليه واله وسلم) السلام عليك يا محمد رب العزة جل جلاله يقرئك السلام ويقول ما هذا الجزع فقال النبي يا جبرئيل ما ابكي جزعا بل ابكي من ذل الدنيا فقال جبرئيل ان الله يقول ايسرك ان احول احداً ذهباً ولا ينقص لك مما عندي شيء قال لا قال لم قال لأن الله تعالى لم يحب الدنيا ولو احبها لما جعل الكافر اكملها فقال جبرئيل يا محمد ادع بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت قال فدعا بها فلما حملت اليه فاذا فيها تريد ولحم كثير فقال كل يا محمد واطعم ابنيك واهل بيتك قال
ص: 291
فاكلوا فشبعوا قال ثم ارسل بها الي فاكات انا واهلي فاكلوا وشبعوا وهو على حالها قال قلت ما رأيت جفنة اعظم بركة منها فرفعت عنهم فقال النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) والذي بعثنى بالحق نبياً لو سكت لتداولها فقراء امتى الى يوم القيمة وفي البحار ان الحسن والحسين دخلا على رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) و بين يديه جبرئيل فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحيه الكابي فجعل جبرئيل يومى. بيده كالمتناول شيئا فاذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة فناولهنا وتهلات وجوههما وسعيا الى جدها فاخذ منها فشمها ثم قال سيرا الى ام كما بما معكما وبدؤ كما با بيكما أعجب فصارا كما أمرها فلم يا كاوا حتى صار رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اليهم فاكلوا جميعا فلم يزل كلما اكل منه عادا الى ما كان حتى قبض رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) قال الحسين ( علیه السلام ) فلم يلحقه التغيير والنقصان ايام فاطمة بنت رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) حتى توفيت فلما توفيت فقدنا الرمان و بقى التفاح والسفرجل ايام ابي فلما استشهد امير المؤمنين ( علیه السلام ) فقد السفرجل وبقى التفاح على هيئته الحسن ( علیه السلام ) حتى نات في سمه وبقيت الى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت اسمها اذا عطشت فينسكن لهب عطشي فلما اشتد العطش علي عضضتهار ايقنت بالفناء قال علي بن الحسين مممته يقول ذلك قبل قتله بساعة فلما قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه فالتمست فلم يرلها اثر فبقى ريحها بعد الحسين ولقد زرت قبره فوجدت ريحها يفوح من قبره فمن اراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في اوقات السحر فانه يجده اذا كان مخلصاً وفي البحار عن أمالي ابي الفتح عن ابي رافع قال كنا جلوسا مع النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اذهبط عليه جبرئيل ومعه جام من الباور الاحمر مملوا مسكا وعنبرا فقال السلام عليك يارسول الله الله يقرء عليك السلام ويحييك بهذه التحية وبامرك ان تحيي بها عليا وولديه فلما صارت في كف النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) هلات ثلاثا وكبرت ثلاثا ثم قالت بلسان ذرب الله الرحمن الرحيم ماه ما انزلنا عليك القرآن لتشقي فاشتمها النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم) ثم حيا بها
ص: 292
عليا فلما صارت في كف علي قالت بسم الله الرحمن الرحيم انما وليكم الله ورسوله الاية فاشتمها علي ( علیه السلام ) وحيا بها الحسن ( علیه السلام ) فلما صارت في كف الحسن ( علیه السلام ) قالت بسم الله الرحمن الرحيم عم يتسائلون عن النبأ العظيم الاية فاشتمها الحسن ( علیه السلام ) وحيابها الحسين ( علیه السلام ) فلما صارت في كف الحسين ( علیه السلام ) قالت بسم الله الرحمن الرحيم قل لا اسئلكم عليه اجراء الا المودة في القربي ثم ردت الى النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فقالت بسم الله الرحمن الرحيم الله نور السموات والأرض فلم ادر الى السماء صعدت او في الأرض نزلت بقدرة الله وفيه عن المناقب ملكا نزل من السماء على صفة الطير فقعد على بدالنبي (صلّى الله عليه واله وسلم) فسلم عليه بالنبوة وعلى يد علي فسلم عليه بالوصية وعلى يد الحسن والحسين فسلم عليهما بالخلافة فقال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) لم لم تقعد على يد فلان فقال انا لا اقعد في ارض عصى عليها الله فكيف اقعد على يد عصت الله وفيه قال رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) ليلة عرج بي الى السماء رأيت على باب الجنة مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله على حبيب الله الحسن والحسين صفوة الله فاطمه امة الله على باغضيهم لعنة الله .
كان سيدنا ومولانا الحسن ( علیه السلام ) اعبد اهل زمانه وازهدهم زهدا ولقد حج خمسا وعشرين حجة ماشيا وفي البحار عن ابن عباس قال لما اصيب الحسن (علیه السلام) قال معوية ما اسى على شيء الأعلى ان احج ما شياً ولقد حج الحسن بن على خمسا وعشرين حجة ما شيا وان النجائب لتقادمعه روى ابراهيم الرافعي عن أبيه عن جده قال رأيت الحسن (علیه السلام) والحسين (علیه السلام ) يمشيان الى الحج فلم يمرا برجل راكب الانزل عشي فثقل ذلك على بعضهم فقالوا السعد بن ابيوقاص قد ثقل علينا المشى ولا نستحسن ان تركب وهذان السيد ان يمشيان فقال سعد الحسن (علیه السلام) یا ابا محمد ان المشى قد ثقل
ص: 293
على جماعة ممن معك والناس اذا رأو كما تمشيان لم تطاب انفسهم ان يركبوا فلور كبها فقال الحسن لا نركب قد جعلنا على انفسنا المشى الى بيت الله الحرام على اقدامنا ولكنا نتنكب الطريق فاخذ اجانبا من الناس نعم كان الناس يعظمونهما ويجلونها ويبجلونهما غاية التعظيم والتجليل حتى ان ابن عباس كان يسك لهما بالركاب ويسوى عليها فقيل له انت اسن منهما تمسك لهما بالركات فقال له وهو معركة بن ابي زياد يالكم وماتدرى هذان هذان ابنا رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) اوليس مما انعم الله علي به ان امسك واسوى عليهما وعن الباقر ( علیه السلام ) كان الحسين ( علیه السلام ) يعظم الحسن بين يديه ما تكلم الحسين (علیه السلام) بين يدى الحسن ( علیه السلام ) اعظاما له ولا تكلم محمد بن الحنفية بين يدى الحسين اعظاما له وكانا (علیه السلام) في الهيبة والسطوة والادب والشفقة والرافة والرحمة والوفاء والحياء والعفة والعصمة بمرتبة عظيمة بحيث لا توصف حتى في مقام الهداية والارشاد والتعليم في البحار عن عيون المحاسن عن الرؤباني ان الحسن والحسين ( علیه السلام ) مرا على شيخ يتوضا ولا محسن فاخذا في التنازع يقول كل واحد منهما انت لا تحسن الوضوء فقالا أيها الشيخ كن حكما بيتنا يتوضا كل واحد منا فتوضا ثم قالا اينا يحسن قال كلا كما تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن وقد تعلم الان منكما و تاب على بديكما ببركتكما وشفقتكما على امة جد كما وينبغى ان نذكر شيئاً من حالات سيدنا الحسن واخلاقه الكريمة مما قد فاتنا ذكره منها عبادته في الدر النظيم ان الحسن بن علي (علیه السلام ) كان يخرج كل ليلة اذا انتصف الليل حتى يأتى المسجد فيصلى ويدعو ويتضرع الى الله تعالى فتبعه بعض شيعته ليلة من الليالي فلما بلغ باب المسجد رمى بطرفه نحو السماء ثم قال اللهم غلقت الملوك ابوابها وقام عليه حراسها وبابك مفتوح لمن دعا ثم دخل المسجد وصلى ركمتين ورفع رأسه إلى السماء وقال ياذا المعالي عليك معتمدي الى اخر الابيات والجواب على حسب ما في باب احوال سيدنا الحسين ( علیه السلام ) وقد مضى شيء من
ص: 294
عباداته في محله فليراجع هناك ومن اخلاقه الكريمة زهده في الدنيا واعراضه عنها وقد مضى في محله وكفى في ذلك ما ورد بالاسانيد المعتبرة انه قد خرج من ماله مرتين وقاسم الله ثلاث مرات بحيث يعطى النعل ويمسك النعل و انشأ ( علیه السلام ) يقول :
الكسرة من خسيس الخيز تشبعنى*** وشربة من قراح الماء تكفيني
و طمرة من رقيق الثوب تسترنى ***حيا وان مت تكفيني لتكفيني
وله عليه السلام هذان البيتان .
قل للمقيم بغير دار اقامة ***حان الرحيل فودع الأحبابا
ان الذين لقيتهم وصحبتهم ***صاروا جميعا في القبور ترابا
وله ( علیه السلام ) ايضا .
ذرى كدر الايام ان صفائها ***تولى بايام السرور الذواهب
وكيف يغر الدهر من كان بينه ***وبين الليالي محكمات التجارب
ومن اخلاقه الكريمة تواضعه و خضوعه وخشوعه وكان في ذلك بمرتبة عظيمة و نشير اليها بقدر ما يليق بهذا المختصر قال في المناقب من الحسن بن علي (علیه السلام) على جماعة من الفقراء وقد وضعوا كسيرات على الارض وهم قعود يلتقطونها ويا كاونها فقالوا له هلم يا بن بنت رسول الله الى الغذاء قال فنزل وقال ان الله لا يحب المستكبرين وجعل ياكل معهم حتى اكتفوا والزاد على حاله ببركته ( علیه السلام ) وفي خبر امتنع «علیه السلام» عن الاكل لأنه من الصدقة ثم دعاهم الى ضيافته واكل معهم واطعمهم وكساهم وايضا من تواضعه وتعظيمه لنعم الله في الدر النظيم عن جعفر بن محمد عن ابيه ان الحسن بن علي (علیه السلام ) دخل المتوضا فاصاب كسرة او قال لقمة في مجرى الغائط والبول فاخذها وغسلها غسلا نعما ثم قال يا غلام خذها وذكرنى بها اذا توضات فلما توضا قال يا غلام ناولني اللقمة او الكسرة فقال الغلام يا مولاي اكلتها قال له اذهب فانت حرلوجه
ص: 295
الله تعالى فقال الغلام يا مولاي لاي شيء اعتقتني قال ( علیه السلام ) لأني سمعت فاطمة امي ( علیها السلام ) عن ابيها قال من اخذ كسرة او اقمة من مجرى الغائط او البول فاماط عنها الأذى وغسلها غسلا نعما فاكلها لم يستقر في بطنه حتى يغفر له فما كنت لاستخدم
رجلا من اهل الجنة وفي المناقب عن نجيح قال رأيت الحسن بن علي (علیه السلام ) باكل و بين يديه كاب كلما اكل لقمة طرح الكتب لقمة مثلها فقلت له يا بن رسول الله الا ارجم هذا الكتاب عن طعامك قال ( علیه السلام ) دعمه اني لاستحي من الله عزوجل ان يكون ذو روح ينظر في وجهى وانا اكل ثم لا اطعمه ومن اخلاقه الكريمة الحليم والعفو عمن ظلمه في البحاران غلاما له ( علیه السلام ) جنى جناية توجب العقاب فامر ان يضرب فقال يا مولاي والكاظمين الغيظ فقال ع ) كظمت غيظى قال والعافين عن الناس قال وع عفوت عنك قال يا مولاي والله يحب المحسنين قال ( علیه السلام ) انت حرلوجه الله ولك ضعف ما كنت اعطيك وفيه ان مروان بن الحكم شتم الحسن (علیه السلام ) فلما فرغ قال الحسن (علیه السلام ) اني والله لا ا محو عنك شيئاً ولكن مهدك الله فلئن كنت صادقا فجزاك الله بصدقك وان كنت كاذبا فجزاك الله بكذلك والله اشد نقمة مني وفيه ان مروان خطب يوما فذكر علي بن ابيطالب فنال منه والحسن بن علي ع فبلغ ذلك التحسين طلوع فجاء الى مروان فقال يابن الزرقاء انت الواقع في علي (علیه السلام ) في كلام له ثم دخل على الحسن (علیه السلام ) فقال تسمع هذا يسب اباك ولا تقول له شيئاً فقال (علیه السلام ) وما عسيت ان اقول لرجل مسلط يقول ماشاء ويفعل ما شاء اقول كان روحى له الفداء مع كثرة حبه لأبيه يسمع بأذنه سب ابيه ومع ذلك يحلم ويصبر وهو غير عاجز عنهم وحبه لابيه لا يوصف كان يطوف فسمع رجلا يقول هذا ابن فاطمة الزهراء فالتفت (علیها السلام ) اليه وقال قل ابن علي ابن ابي طالب (علیه السلام ) فابي خير من امي ونادى عبد الله بن عمر في يوم صفين الحسن بن علي وقال ان
ص: 296
لي نصيحة فلما برز اليه قال ان اباك بغضة لعنة وقد خاض في دم عمان فهل لك ان تخلعه نبايعك فالنجمه الحسن ( علیه السلام ) ما كرهه فقال معوية أنه ابن ابيه ومن حلمه (علیه السلام ) روى في البحار ان شامياً رأي الحسن (علیه السلام ) راكبًا فجعل يلعنه والحسن ( علیه السلام ) لار یرد علبه فلما فرغ اقبل الحسن (علیه السلام) فسلم عليه وضحك وقال ايها الشيخ اظنك غريبا ولملك شبهت فلو استعتبتنا اعتدناك ولو سألتنا اعطيناك ولو استر شدتنا ارشدناك ولو استحملتنا احملناك ان كنت جائعا اشبعناك ولن كنت عريانا كسوناك وان كنت محتاجا اغنيناك وان كنت طريداً أو يناك وان كانت لك حاجة قضيناها لك فلو حركت رحلك الينا و كنت ضيفنا الى وقت ارتحالك كان اعود عليك لأن لنا موضعا رحبا وجاها عريضا ومالا كثيراً فلما سمع الرجل كلامة بكى ثم قال اشهد انك خليفة الله في ارضة الله اعلم حيث يحمل رسالته وكنت انت وابوك ابغض خلق الله الي والان انت احب الخلق الي وحول رجله اليه وكان ضيفه الى ان ارتحل وصار معتقدا لمحبتهم وكان (علیه السلام) شجاع القلب قوى الجنان شديد الأركان ومن شجاعته ما ووى من ان امير المؤمنين (علیه السلام) الحنفية يوم الجمل فاعطاه رمحه وقال له اقصد بهذا الرمح قصد الحمل فذهب فنموه بنو ضبة فلما رجع الى ابيه انتزع الحسن (علیه السلام ) رمحه من بده وقصد قصد الجمل وطعنه برمح، ورجع الى والده وعلى رحمه اثر الدم فتممر وجه محمد من ذلك فقال امير المؤمنين (علیه السلام) لمحمد لا تانف فانه ابن النبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) وانت ابن علي وكانت عائشة مغتاضة على الحسن (علیه السلام) من ذلك وبقى ذلك الغيظ في قلبها الى ان قتل الحسن (علیه السلام) بالسم وجاؤا بجنازته الى حرم رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فاقبلت راكبة على البغلة وكان من شأنها ما كان ولما قبض الحسن (علیه السلام) و توفي ودفن وبلغ معوية بن ابي سفيان سر بذلك سروراً عظيما في الدر النظيم روى ان قثم بن العباس دخل على معويه فاطال عنده المكث ثم دخل عليه يوما فرأى رجه معوية يتهلل بالسرور والبشرى ووجوه اهله وهو
ص: 297
ظاهر عليهم فلما جلس ابن عباس قال له معوية اتدري يا ابن عباس ما حدث في اهلك قال الله العالم غير أني ارى السرور في وجهك ووجوه جلسائك واهلك فما هو فقال مات الحسن بن علي فقال له ابن عباس مازاد ما نفس من اجله في عمرك ولاسد حفرتك ولقد رزينا باعظم رزية بالنبي ( صلّى الله عليه واله وسلم ) فما ضيعنا بعده ووالله لا دخلت المدينة بعده ابداً وقام فخرج كثيبا محزونا وهو يقول :
اصبح اليوم ابن هند شامتا ***يظهر الفرحة اذ مات الحسن
تشمت الباقي فلا تشمت به ***كل حي للعنايا مرتين
سوف يبدو في الموازين غداً ***منكم ما كان في الصدر احن
في كتاب اهل الحرمين في عمارة المشهدين للعالم النحرير والمتتبع الخبير السيد السند ثقة الاسلام السيد حسن صدر الدين طاب ثراه قال واما قبر سيدنا الحسين(علیه السلام) فقد اخذ الله ميثاق اناس من هذه الامة لا تعرفهم فراعنة هذه الارض وهم معروفون في اهل السموات انهم يجمعون هذه الاعضاء المتفرقة فيوارونها وهذه الجسوم المضرجة فيدفنونها وينصبون بهذا الطاف علماً لقبر سيد الشهداء (علیه السلام) لا يدرس اثره ولا يعفور سمه على كرور الليالي والايام كما في حديث زائدة عن الامام السجاد ( علیه السلام ) وقد اخرج الحديث بطوله جعفر بن قولويه في كامل الزيارة وهو صريح في ان الذين دفنوه اقاموا رسما لقبره ونصبوا علماً أي علامة و بناء لا يدرس اثره .
اقول ولما زاره جابر كان القبر الشريف رسم وعلامة ولذا قال لعطية المسنى القبر انتهى .
قال ( ره ) وفي بعض الكتب ان المختار بن ابي عبيدة الثة فى اول من بنى عليه بناء ايام امرته ولم اتحقق ذلك .
اقول وفي بعض الكتب في سنة خمس وستين بني المختار على قبر الامام بناء
ص: 298
من الجص والاجر واصبح القبر مزاراً للناس انتهي .
قال قدس سره وفي الاثار الاخر انه كان ظاهراً عامرا يقصده الناس المزيارة وقضاء الحوائج ويظهر منه المعجز الباهر فيشهده البر والفاجر حتى أني رأيت في اصل نوادر علی بن اسباط وهو من اصحاب ابي عبدالله الصادق (علیه السلام) ان فى العام الذي قتل فيه الحسين ( علیه السلام ) قصد قبره النساء العقم من اطراف البلاد حتى جاء الى قبره الشريف نحو ماة الف امرأة فتخطين قبره الشريف فحمان كاهن وولدن اذا عرفت ذلك فلنذكر ما يدل على تقدم عمارة مشهد سيدنا الحسين عليه السلام زمن بني امية من الروايات ونصوص العلماء اخرج السيد ابن طاوس فى اقبال الاعمال عن الحسين بن ابي حمزة قال خرجت فى اخر زمن بني امية وانا اريد قبر الحسين عليه السلام فانتهيت الى الغاضرية حتى اذا نام الناس اغتسلت ثم اقبلت اريد الغبر حتى اذا كنت على باب الحاير خرج الي رجل جميل الوجه طيب الريح شديد بياض الثياب فقال انصرف فانك لا تصل فانصرفت الى شاطىء الفرات الى ان قال لم أقبلت اريد القبر فلما انتهيت الى باب الحاير خرج الي الرجل بعينه وذكر السبب في منعه قال فانصرفت وجئت الى شاطى الفرات حتى اذا طلع الفجر اغتسلت وجئت فدخلت فلم ارعنده احداً فقوله حتى اذا كنت على باب الحاير وقوله فلما انتهيت الى باب الحائر وقوله وجئت فدخلت فلم ارعنده احد صريح في ان على القبر قبة وسقيفة لهاباب قال السيد الجليل محمد بن ابي طالب في كتاب تسلية المجالس وكان قد بني عليه مسجد ولم يزل كذلك بعد بني امية وفي زمن بني العباس الا على زمن الرشيد لعنه الله فانه خربه وقطع السدرة التي كانت نابتة عنده وكرب موضع القبر الى اخر كلامه الاتي والغرض من نقل كلامه هنا انه كان قد بني عليه مسجد في ايام بني امية واظن ان بني اسد الذين دفنوا الحسين ( علیه السلام ) واصحابه هم الذين بنوا عليه المسجد والله تعالى اعلم ومما يدل ايضا على
ص: 299
انه كان عليه بناء له باب ايام بني امية ما اخرجه ابن قولويه في كامل الزيارة من حديث جابر الجعفى ان ابا عبد الله الصادق (علیه السلام) قال لجابر اذا اتيت قبر الحسين (علیه السلام ) فقف بالباب وقل الخ .
وقد توفي جابر الجع في سنة سبع وعشرين ومأة قبل انقضاء دولة بني امية بست سنين واخرج ابن قولويه في كامل الزبارة حديث ابي حمزة الثمالى الطويل عن ابي عبد الله الصادق (علیه السلام ) قال اذا اتيت الباب الذي بلي الشرق فقف على الباب وقل ثم قال ثم تخرج من السقيفة وتقف بحذاء قبور الشهداء الى آخره ويظهر منه ان البناء كان سقيفة له باب شرقى و غربي كما هو ظاهر وابو حمزة مات في خلافة المنصور الدوانيقى (لع) والامام الصادق (علیه السلام) اصطفاه الله سنة ثمان واربعين ومأة بعد انقضاء دولة بني امية مخمس عشر سنة واخرج السيد الشريف فخار بن معد و محمد بن المشهدى في المزار الكبير حديث صفوان الجمال قال قال لي مولاي جعفر بن محمد (علیه السلام) اذا اردت زيارة الحسين بن علي الى ان قال فاذا اتيت الباب فقف خارج القبة وارم بطرفك نحو القبر وقل ثم ادخل رجلك اليمنى القبة واخر اليسرى وقل ثم ادخل الحائر وقسم بحذائه بخشوع وذكر زيارة وارث المعروفة وفي البحار في المزار الكبير قال وجدت في نسخة قديمة من مؤلفات اصحابنا قال (علیه السلام) اذا اتيت باب القبة فاستأذن. وقل قال ثم ادخل وقف على القبر وقل الى اخر ما ذكره ثم قال زيارة اخرى عن ابيعبد الله الصادق وذكر الزبارة قال ثم قال (علیه السلام) ثم تصلي في مسجده تطوعا ما اردت وانصرف واخرج الكفعمي في البلد الامين عن ابيعبد الله الصادق (علیه السلام ) قال اذا وصلت الى الفرات فاغتسل الى ان قال وقف بالباب كبرار بما وتثين تكبيرة الى اخر ماذكره و اخرج ابن قولويه باسناده المعنعن عن ابي حمزة الثمالي عن ابي عبد الله الصادق (علیه السلام ) قال اذا اردت زيارة قبر العباس بن علي ( علیه السلام ) وهو على شط الفرات بحذاء الحاير فقف على
ص: 300
باب السقيفة وقل سلام الله وسلام ملائكته الى ان قال ثم ادخل فانكب على القبر وقل السلام عليك أيها العبد الصالح الى اخر ما ذكره وفي مزار شيخنا المفيد ( رحمة الله) في روايته لصفوان بن مهران قال (علیه السلام ) فاذا اتيت باب الحائر فقف وقل الى ان قال (علیه السلام) ثم تأني باب القبة وقف من حيث بلي الرأس فقل وذكر متن الزيارة ثم زيارة علي بن الحسين ( علیه السلام ) ثم قال ( علیه السلام ) ثم اخرج من الباب عند رجل علي بن الحسين ( علیه السلام ) ثم توجه الى الشهداء الى ان قال ثم امش حتى تأتي الى مشهد العباس بن علي فاذا اتيته فقف على باب السقيفة فقل .
اقول: لم يزل. شهد الحسين عليه السلام معمورا الى ايام هرون الرشيد (لم) اخرج الشيخ محمد بن الحسن الطوسي شيخ الطايفة في اما ليه حديث كرب الرشيد قبر الحسين عليه السلام رواه باسناده المعنعن عن يحيى بن المغيرة الرازي قال كنت عند جرير بن عيد الحميد اذ جاءه رجل من اهل العراق فسئله جرير عن خبر الناس فقال تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين عليه السلام وامر ان تقطع السدرة التي فيه فقطعت قال فرفع جرير يديه وقال الله اكبر جائنا فيه حديث عن رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) انه قال لعن الله قاطع السدرة ثلاثاً فلم نقف على معناه حتى الآن لأن القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين حتى لا يقف الناس على قبره انتهى .
وقال محمد بن ابيطالب العالم الجليل في كتاب تسلية المجالس وزينة المجالس عند ذكره لمشهد ابي عبد الحسين ( لع ) ما هذا لفظه بحروفه وكان قد بني عليه مسجد ولم يزل كذلك بعد بني امية وفي زمن بني العباس الا على زمن هرون الرشيد (لع) فانه خربه وقطع السدرة التي كانت نابتة عنده وكرب موضع القبر ثم اعيد على زمن المأمون وغيره الى ان حكم اللامين المتوكل من بني العباس الى ان قال قام بتخريب قبر الحسين ( علیه السلام ) وقبور اصحابه وكرب مواضعها واجرى الماء عليها الى قوله الى ان
ص: 301
قتل المتوكل وقام بالامر بعده ابنه المنتصر فعطف على ال ابي طالب واحسن اليهم وفرق الأموال واعاد القبور في ايامه الى ان خرج الداعيان الحسن ومحمد ابنا زيد بن الحسن فامر محمد بعمارة المشهد بن مشهد امير المؤمنين ومشهد ابي عبد الله الحسين (علیه السلام ) وامر بالبناء عليهما و بعد ذلك بلغ عضد الدولة ابن بويه الغاية في تعظيمهما وعمارتهما و الاوقاف عليهما فكان رضی الله عنه مزورها كل سنة انتهى كلامه واكثره منقول من كلام الخوارزمي في كتاب مقتل الحسين (علیه السلام ) .
وقال في البحار ان المنتصر لما قتل أباه وتخلف بعده امر بعمارة الحايروبي ميلا على المرقد الشريف واحسن الى العلويين وامنهم بعد خوفهم اقول كان تملك المنتصر في شوال سنة سبع واربعين ومائتين يوم قتل المتوكل وقد سقطت عمارة المنتصر سنة ثلث وسبعين ومأتين اخرج الحديث بذلك السيد بن طاوس في كتابه امان الأخطار عن محمد بن احمد بن داوود عن ابي الحسن محمد بن تمام الكوفى قال حدثنا ابو الحسن علي بن الحسن الحجاج من حفظه قال كنا جلوساً في مجلس ابن عمي ابيعبد الله محمد بن عمران بن الحجاج وفيه جماعة من اهل الكوفة من المشايخ وفى من حضر العباس بن احمد العباسي و كانوا قد حضر و اعندا بن عمي بهنونه بالسلامة لانه حضر وقت سقوط سقيفة سيدي ابيعبد الله الحسين بن علي (علیه السلام) على الزائرين ولكن لم تمسهم بسوء وذلك في ذي الحجة سنة ثلث وسبعين ومأتين الى اخر ما سيأتى انشاء الله تعالى من تتمة الحديث .
تنبيه يعلم من جملة من التواريخ ان الحاير الشريف قبل وقعة المتوكل كان معموراً بالدور والمجاورين وان المتوكل كرب الجميع واجلى الناس عن الحائر قال العلامة الخبير ابو الحسن على المعروف بابن الاثير في تاريخه الكامل ما هذا صورته بحروفه ذكر ما فعله المتوكل بمشهد الحسين ( علیه السلام ) بن على بن ابيطالب عليه السلام في هذه
ص: 302
السنة امر المتوكل بهدم قبر الحسين ( علیه السلام ) وهدم ما حوله من المنازل والدور وان يبذر ويسقى موضع قبره وان يمنع الناس من اتيانه فنادى بالناس في تلك الناحية من وجدناه عند قبره بعد ثلثة حبسناه في المطبق فهرب الناس وتركوا زيارته وخرب وزرع الى اخر ما ذكره في تاريخ سنة ست وثلاثين وماتين ثم رايت ابا جعفر بن جرير ذكر في تاريخه الكبير ايضا وكذلك ما ذكره الملك المؤيد اسماعيل ابو الفدا في تاريخه مختصر اخبار البشر قال ما لفظه ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومأتين في هذه السنة امر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي بن ابيطالب رضي الله عنه وهدم ما حوله من المنازل ومنع الناس من اتيانه انتهى موضع الحاجة من كلامه .
وكذلك محمد بن شاكر بن احمد الكتبي المصرى في فوات الوفيات قال ما لفظه وكان المتوكل قد امر في سنة ست وثلاثين ومأتين بهدم قبر الحسين رضى الله تعالى عنه وهدم ما حوله من الدور وان يعمل مزارع ويحرث ومنع الناس عن زيارته وفي صحراء وكان معروفاً بالنصب فتالم المسلمون لذلك وكتب اهل بغداد شتمه على الحيطان وهجاه الشعراء الى آخر كلامه . اقول هؤلاء الثلثة اتفقوا على ان امر المتوكل بذلك ونفس الواقعة سنة ست وثلاثين ومأتين لكن في امالى شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي ماينا في ه-ذا التاريخ اسند معنعنا عن القاسم بن احمد بن معمر الاسدي الكوفى و كان له علم بالسير و ايام الناس قال بلغ المتوكل جعفر بن المعتصم ان اهل السواد يجتمعون بارض نينوى لزيارة قبر الحسين (علیه السلام) فيصير الى قبره منهم خلق كثير فانفذ قائداً من قواده وضم اليه كثيفاً من الجند كثيرا ليكرب قبر الحسين ( علیه السلام ) ويمنع الناس من زيارته والاجتماع الي قبره فخرج القائد الى الطف وعمل ما أمر وذلك في سنة سبع وثلاثين ومأتين فثار اهل السواد به واجتمعوا عليه وقالوا لو قتلتنا عن آخر نا لما امسك من بقى من اعن زيارته
ص: 303
ورأوا من الدلائل ما حملهم على ما صنعوا فكتب بالامر الى المتوكل فورد كتاب المتوكل الى القائد بالكف عنه والمسير الى الكوفة مظهراً ان مسيره اليها في مصالح اهلها و الانكفاء الى المصر فمضى الأمر على ذلك حتى اذا كانت سنة سبع واربعين بعد الماتين فبلغ المتوكل ايضا مصير الناس من اهل السواد و الكوفة الى كربلا لزيارة قبر الحسين ( علیه السلام ) وانه قد كتر جمعهم لذلك وصار لهم سوق كبير فانفذ قائدا في جمع كثير من الجند وامر مناديا ينادي ببراءة الذمة ممن زار قبره ونبش القبر وحرث ارضه وانقطع الناس عن الزيارة وعمد على التتبع لال ابي طالب والشيعة فقتلهم ولم يتم له ما قدره انتهى .
و الله اعلم بالاصح وقد تقدم ان المنتصر ابن المتوكل امر بعمارة الحاير وبني ميلا على المرقد الشريف ايام عملسكه كما نص عليه المجلسي وغير وكان تملكه ستة اشهر وذكر ابن الاثير في الكامل وابو الفدا في مختصره ان المنتصر أمر الناس بزيارة قبر الحسين (علیه السلام) لكن يعلم من حديث ذكره ابن طاوس في امان الاخطاران الحاير بقى غير مسكون الى ايام المعتضد قال السيد ابن طاوس ان على بن عاصم الزاهد كان يزور الحسين (علیه السلام) قبل عمارة مشهده بالناس فدخل سبع اليه فلم يهرب منه وراى كف السبع منتفخة بقصبة قد دخلت فيها فاخرج القصبة منه وعصر كف السبع وشدة ببعض ولم يقف من الزوار لذلك سواه فان قوله فدخل سبع ظاهر في ان على القبر سقيفة وبناء فراده من قوله قبل عمارة مشهده يريد قبل سكنى الناس وقبل العود الى المجاورة لان على بن عاصم المذكور مات في حبس المعتضد العباسي في عشر الثمانين بعد الماتين وفي ايام المعتضد وجه محمد بن زيد الداعي ملك طبرستان فبنى المشهد الحائري بناء مشيدا كما نص على ذلك السيد ابن طاوس في فرحة الغرى ومحمد بن ابيطالب في كتاب مقتل الحسين وغيرهما وكان ابتداء تملك المعتضد سنة تسع وسبعين وما تين وانتهائها في سنة
ص: 304
تسع وثمانين ومائتين فتكون عمارة محمد بن زيد الداعى في اثناء هذه المدة ثم استوى عضد الدولة البويهي على العراق ودخل بغداد سنة سبع وستين وثلثمائة وعمر المشهدين مشهد امير المؤمنين ومشهدا بيعبد الله الحسين عليهما السلام و باغ الغاية في تعظيم ما وعمارتهما والا وقاف عليهما وتوفي رحمه الله في شوال سنة اثنين وسبعين وثلثمائة وكانت ولايته بالعراق خمس سنين ونصفا و كان عمره سبعاً واربعين سنة وحمل الى مشهد امير المؤمنين (علیه السلام) فدفن به ولما كان اليوم الرابع عشر من ربيع الأول سنة سبع واربعمائة احترق مشهد الحسين بن علي عليهما السلام كما في كتاب تواريخ الشيخ المفيد قد سره وكان عمران این شاهين المعروف بنى الرواق المعروف برواق عمران في المشهد الحائري كذا ذكر السيد في فرحة الغري كما سيأتي لفظه ثم لا ادري هل اضمحلت عمارة غصد الدولة بالحرق المذكور او بقى منها شيء وكيف كان جددت عمارة المشهد الشريف تجديداً حسنا قبل هذه العمارة الموجودة الآن ومن عمر المشهدين بالناس وكانت للحائر خزانة معظمة اخذها المسترشد ابن المستظهر المتخلف سنة احدى عشرة وخمسمائة وكانت خلافته سبع عشر سنة قال الشيخ ابن شهر اشوب في كتابه الكبير ما لفظه اخذ المسترشد من مال الحائر وقال ان القبر لا يحتاج الى الخزانة وانفق على العسكر فلما خرج قتل هو وابنه الراشد .
اقول ويعلم ما كان عليه الحرم الشريف من التشييد والعمارة قبل هذه العمارة الموجودة من كلام ابن بطوطة المغربي في رحلته حيث انه كان دخل كربلا في سنة سبع و عشرين وسبعمائة قال مدينة كربلاء شهد الحسين بن علي (علیه السلام) وهي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخل ويسقيها ماء الفرات والروضة المقدسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية كريمة فيها الطعام الموارد والصادر وعلى باب الروضة الحجاب والقومة لا يدخل احد الا عن اذنهم فيقبل العتبة الشريفة وهي من الفضة وعلى الضريح المقدس قناديل
ص: 305
الذهب والفضة وعلى الأبواب استار الحرير .
اقول و تاريخ العمارة الموجودة الان مكتوب فوق المحراب الذي في الحائط القبلي مقابل الرأس سنة سبع وستين وسبعمائة فيكون دخول ابن بطوطة الحائر قبل هذه العمارة باربعين سنة في حصل مجموع ما ذكرنا ان مشهد مولانا الحسين (علیه السلام) بني خمس مرات غير العمارة الموجودة او ستة الاولى ايام بني امية كما عرفت كان قد بنى عليه مسجدوله باب شرقي وباب غيره وانه لم يزل كذلك الى ايام الرشيد ( لع ) الثانية عمارته بعد كرب الرشيد الى ايام المتوكل وأمل العمارة كانت المامون ابن الرشيد الثالثة عمارته باس المنتصر بعد كرب المتوكل كما نص عليه محمد بن ابيطالب والخوارزمي والعلامة المجلسي ( رحمة الله) وبقيت عمارة المنتصر الى ان سقطت سنة ثلاث وسبعين ومائتين كما
عرفت في حديث ابن طاوس فى امان الاخطار وفرحة الغرى وتهذيب الشيخ . 4 الرابعة عمارته بعد هذا السقوط وهي عمارة محمد بن زيد بن الحسن بن محمد بن اسمعيل جالب الحجارة ابن الحسن دفين الحاجر ابن زيد الجواد ابن الحسن السبط ابن علي بن ابيطالب ملك محمد بعد اخيه الحسن وبنى المشهدين الشريفين الغرى والحامر ايام المعتضد و كان ملك طبرستان عشرين سنة كما فى فرحة الغرى وغيره كما تقدم الخامسة عمارة عضد الدولة ابن ركن الدولة البويهي كانت سلطنته بعد موت ابيه فى ايام الطايع بن المطيع ولم تطل ايام عضد الدولة بل كانت سلطنته من حيث المجموع سبع سنين وتوفى سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة السادسة العمارة التي كانت بعد الحريق الحادث في سنة سبع واربعمائة وهي عمارة الحسن بن مفضل بن محمل ابو محمد الرامهرمزي وزير سلطان الدولة الديلي وهو الذي بنى سور الحائر الحسيني كما حكام القاضي المرعشي في كتابه مجالس المؤمنين في طبقات الشيعة عن تاريخ ابن كثير وان الوزير المذكور قتل سنة اثنى عشر واربعماة وهي العمارة التي وصفها ابن بطوطة والسور
ص: 306
هو السور الذي ذكره الشيخ ابن ادريس في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة في كتاب المواريث من السرار السابعة العمارة الموجودة الآن وليست بوبهية لان تاريخها ستة 767 بعد انقضاء دولة بني بويه بثلثمائة وعشرين سنة لان انقضاء دولة البويهية كانت سنة سبع، واربعين واربعمائة فما اشتهر بين الناس ان هذه العمارة الموجودة لال بويه لا وجه له وقد ذكرنا موضع تاريخ العمارة الموجودة وانه فوق المحراب القبلي مما بلي الرأس وانه سبع وستين وسبعمائة وكذلك ظهر فساد توهم من قال انها عمارة بني العباس لان دراتهم انقضت قبل هذا التاريخ سنة ست وخمسين وستمائة وقد ذكر لي اسم صاحبها السيد الجليل سلمه الله خازن الحرم الحائرى السيد عبد الحسين ابن السيد الخازن الاراء السيد علي بن السيد الخازن السيد جواد طاب ثراه ولم يبق ببالي لكن بالي انه مكتوب مع التاريخ المذكور فراجعه انتهى ما في نزهة اهل الحرمين للسيد المرحوم قدس سره . وقال السيد الجليل السيد عبد الحسين الخازن وانا الجاني الخازن للروضة المطهرة قد ذكرت السيد متع الله المسلمين بطول بقاه ان البناء الموجود اليوم على قبره الشريف امر به السلطان او بس الا يلكاني انتهى و فيه ايضا قد ذكر قدس سره قال ابراهيم المجاب ابن محمد الما بدا بن الامام الكاظم (علیه السلام) قبره في رواق حرم الحسين (علیه السلام) وهو صاحب الشباك وهو اول من سكن الحاير من الموسوية كان ضريرا يسكن الكوفة اولا ثم سكن كربلا و كان ابوه محمد العابد محمي بالعابد للكثرة صومه وصلاته وعبادته وقدوهم في ابراهيم المجاب السيد بحر العلوم في الفوائد الرجالية فظنه ابراهيم ابن الامام الكاظم وانه ابراهيم صاحب ابي السرايا وهو وهم وقال قدس سره ان قبر السيد المرتضى واخيه السيد الرضى في كربلا وان المكان المعروف في بلدة الكاظمية بقبرها هو موضع دفنها فيه اولا ثم نقلا منه الى كربلا ولا باس بزيارتهما في هذا الموضع وانما ابقوا ذلك لعظم شانهما وقال قدس سره ابراهيم الأصغر
ص: 307
ابن الامام الكاظم ( علیه السلام ) قبره في كربلا خلف ظهر الحسين (علیه السلام) بستة اذرع وهو الملقب بالمرتضى وهو المعقب المكثر جدا لسيد المرتضى والسيد الرضى وجدنا وجد اشراف الموسوية ومعه جماعة من اولاده كموسى ابي سبحة واولاده وجدنا الحسين القطعي وجماعة من اولاده في سردا بين متصلين خلف الضريح المقدس كانت قبورهم ظاهرة ولما عمر الجرم العامر الاخير محوا آثارهم ومعهم قبر السيد المرتضى والسيد الرضى وابوهما وجدها موسى الابرش وقيل دفنا مع السيد ابراهيم المجاب في الصندوق وليس معلوم انتهى ما في كتاب نزهة اهل الحرمين في عمارة المشهدين لاسيد المرحوم حجة الاسلام السيد حسن صدر الدين طاب ثراه المتوفى والمدفون في بلدة الكاظمية سنة اربع وخمسين بعد الالف وثلثمائة من الهجرة .
اقول ويناسب ان اذكر في خاتمة الكتاب شيئاً من كلمات سيدنا ومولانا ا بيعبد الله الحسين ( علیه السلام ) مما عثرت عليه نظم و نثر او. وعظة وحكمة وكلاما حتى يكون ختامه مسكا قال في القمقام قال محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤل في بيان فصاحة الحسين (علیه السلام) و بلاغته اعلم ان مولانا الحسين (علیه السلام) كانت الفصاحة لديه خاضعة والبلاغة لامره سامعة طائعة وكيف لا يكون كذلك وهوا بن افصح العرب والعجم وسبط من اوتي جوامع الكلم ثم ابوه الذي اذعنت له الحكم واطلاعه السيف والقلم ولا غرو أن يحذو الفتى حذو والده والولد بضعة من ابيه صلى الله عليه وعلى جده وابيه وامه واخيه وقد تقدم من نثره في ذلك المقام الذي لا تتفوه فيه الافواه من الفرق ولا تنطق الالسنة من الوجل والقلق مافيه حجة بالغة على انه في ذلك الوقت افصح من نطق واما نظمه فيعد يحمل الكلام جوهر عقد منظوم و مشهر برد مرقوم انتهى .
ثم فاخذ بذكر كلماته نثراً ونظما قال عليه السلام الاخوان اربعة فاخ لك وله واخ لك واخ عليك واخ لالك ولا له فسئل عن معني ذلك فقال ( علیه السلام ) الاخ الذي
ص: 308
هو لك وله فهو الاخ الذي يطلب باخائه بقاء الاخاء ولا يطلب باخانه موت الاخاء فهذالك وله لانه اذا تم الاخاء طابت حياتهما جميعا واذا دخل الاخاء في حال التناقص بطلا جميعا والاخ الذي هو لك فهو الاخ الذي قد خرج بنفسه عن حال الطمع الى حال الرغبة فلم يطمع في الدنيا اذا رغب في الاخاء فهذا موفر عليك بكليته و الاخ الذي هو عليك فهو الاخ الذي يتربص بك الدوائر ويفشي السرائر ويكذب عليك بين العشائر وينظر في وجهك نظر الحاسد فعليه لعنة الواحد والاخ الذي لالك ولاله فهو الذي قد ملاه الله حمقا فابعده الله سحقا فتراه يوثر نفسه عليك ويطلب شحا ما لديك وقال (علیه السلام) اياك و ما تمندر منه فان المؤمن لا يسىء ولا يعتذر والمنافق كل يوم يسيء ويعتذر وقال(علیه السلام) البخيل من بخل بالسلام وقال ( علیه السلام ) الاسلام سبعون حسنة تسع وستون للمبتدى، وواحدة المراد وفي كشف الغمة خطب (علیه السلام ) فقال ايها الناس نافسوا في المكارم وسارعوا في المغائم ولا تحتبوا بمعروف لم تعجلوه واكتسبوا الحمد بالنجح ولا تكتسبوا بالمطل نما فمهما يكن لاحد عند احد صنيعة له راى انه لا يقوم بشكرها فالله له مكافاته فانه اجزل عطاء واعظم اجرا واعلموا ان حوائج الناس اليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم فتعود نقما واعلموا ان العرف مكتب حمداً ومعقب اجراً فلو رأيتم المعروف رجلا رأيتموه حسناً جميلا يسر الناظر بن ولو رأيتم اللؤم رأيتموه ممجامشوها تنفر منه القلوب وتغض دونه الابصار ابها الناس من جاد سادو من بخل رذل وان اجود الناس من اعطى من لا يرجوه وان اعنى الناس من عفا عن قدرة وان اوصل الناس من وصل من قطعه والاصول على مغارسها بفروعها تسمو فمن تعجل لاخيه خيرا وجده اذا قدم عليه غدا و من اراد الله تبارك وتعالى بالصنيعة الى اخيه كافاه بها في وقت حاجته وصرف عنه من بلاء الدنيا ماهو اكثر منه ومن نفس كربة مؤمن فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة ومن احسن احسن الله اليه والله يحب المحسنين وقال (علیه السلام) من انانا لم يعدم خصلة
ص: 309
من أربع آية محكمة وقضية عادلة واخا مستفاداً ومجالسة العلماء وقال (علیه السلام) صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك فاكرم وجهك عن رده وقال (علیه السلام) ان من حسن اسلام المرء تركه مالا يعنيه .
(وفي نسخة تركه ما لا يعينه) وقال ( ع ) الحلم زينة والوفاء مروءة والصلة نعمة والاستكبار صلف والعجلة سفه والسفه ضعف والعلو ورطة ومجالسة الدناة شر ومجالسة اهل الفسوق ريبة في امالى الصدوق سئل الحسين بن علي (علیه السلام) فقيل له كيف اصبحت يا ابن رسول الله قال اصبحت ولي رب فوقي والنار امامي والموت يطلبني و الحساب محدق بي وانا مرتهن بعملي لا اجد ما احب ولا ادفع ما اكره والامور بيد غيري فان شاء عذبني وان شاء عنى عني فاي فقير افقر مني في أمالي الطوسي قال «علیه السلام » من احبنا الله وردنا نحن واياه على نبينا ( صلّى الله عليه واله وسلم ) هكذا وضم اصبعه ومن احبنا الدنيا فان الدنيا تسع البر والفاجر وكتب اليه رجل عظني بحرفين فيهما خير الدنيا والآخرة فكتب اليه من حاول امرا بمعصية الله تعالى كان افوت لما يرجو واسرع لمجيء ما يحذر في الدر النظيم قيل سئل امير المؤمنين (علیه السلام) ابنه الحسين (علیه السلام) فقال له يا بني ما السؤدد قال اصطناع العشيرة واحتمال الجريرة قال فما الغنى قال قلة امانيك والرضا بما يكفيك قال فما الفقر قال الطمع وشدة القنوط قال فما اللؤم ق--ال احراز المرء نفسه و اسلامه عرسه قال فما الحزق قال معاداة اميرك ومن يقدر على ضرك و نفعك ثم التفت الى الحارث الأمور وقال يا حارث علموا اولادكم هذه الحكم فانها زيادة في العقل والرأي يعني هذا الكلام وقال ( علیه السلام ) لرجل اغتاب عنده رجلا يا هذا كف عن الغيبة فانها ادام كلاب النار وقال عنده رجل ان المعروف اذا اسدى الى غير اهله ضاع فقال ( علیه السلام ) ليس كذلك ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر وقال «ع » ما اخذ الله طاقة احد الا وضع عنه طاعته ولا اخذ قدرته الا
ص: 310
وضع عنه كلفته وقال ( علیه السلام ) ان قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار وان قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد وان قوما عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الاحرار وهي افضل العبادة وقال له رجل كيف انت عافاك الله فقال (علیه السلام ) له السلام قبل الكلام عافاك الله ثم قال لا تأذنوا لأحد حتى يسلم قال (علیه السلام) الاستدراج من الله سبحانه لعبده ان يسبغ عليه النعم ويسلبه الشكر وقال ( علیه السلام ) لابنه علي بن الحسين (علیه السلام) اي بني اياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً الا الله جل وعز وسئله رجل عن معنى قول الله و اما بنعمة ربك فحدث قال (علیه السلام) امره ان يحدث بما انعم الله عليه في دينه .
موعظة منه (علیه السلام) اوصيكم بتقوى الله واحذركم ايامه وارفع لكم اعلامه فكان المخوف قد وفد بهول وروده ونكير حلوله و بشع مذاقه فاعتلق مهجكم وحال بين العمل و بينكم فبادروا بصحة الأجسام في مدة الاعمار كأنكم بنماة طوارقه فتنقلكم من ظهر الارض الى بطنها ومن علوها الى اسفلها ومن انسها الى وحشها ومن روحها وضونها الى ظلمتها ومن سعتها الى ضيقها حيث لا يزار حميم ولا يعاد سقيم ولا يجاب مريخ اعاننا الله واياكم على اهوال ذلك اليوم ونجانا واياكم من عقابه واوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه عباد الله فلو كان ذاك قصر مرماكم ومدى مظمنكم كان حب العامل شغلا يستفرغ عليه احزانه ويذهله عن دنياه ويكثر نصبه الطلب الخلاص منه فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه مستوقف على حسابه لا وزير له منعه ولا ظهر عنه يدفعه و يومئذ لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيراً قل انتظروا انا منتظرون أوصيكم بتقوى الله فان الله قد ضمن لمن اتقاه ان يحوله عما يكره الى ما يحب ويرزقه من حيث لا يحتسب فاياك ان تكون من يخاف على العباد من ذنوبهم ويا من العقوبة من ذنبه فان الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده الا بطاعته انشاء الله في الكافي عن سعيد بن المسيب قال سمعت علي بن الحسين (علیه السلام)
ص: 311
يقول ان رجلا جاء الى امير المؤمنين (علیه السلام) فقال اخبرني ان كنت عالما عن الناض وعن اشباه الناس وعن النسناس فقال امير المؤمنين ( ع لیه السلام) يا حسين احب الرجل فقال له الحسين ( علیه السلام ) اما قولك اخبرني عن الناس فنحن الناس ولذلك قال الله تبارك و تعالى ذكره في كتابه افيضوا من حيث افاض الناس رسول الله ( صلّى الله عليه واله وسلم ) الذي افاض بالناس واما قولك اشباه الناس فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منا ولذلك قال ابراهيم (علیه السلام ) فمن تبعني فانه مني واما فولك النسناس فهم السواد الاعظم لم أشار بيده الى جماعة الناس ثم قال ان هم الا كالا نعام بل هم أضل سبيلا وقال ( علیه السلام ) قال جدي رسول الله (صلّى الله عليه واله وسلم) امان امتى من الفرق اذا ركبوا البحر ان يقرؤا بسم الله مجربها ومرسيها ان ربي لغفور رحيم وقال ( علیه السلام ) لا تصفن لملك دواء فان نفعه لم يحمدك وان ضره اتهمك فى الاختصاص ان رجلا من اهل الكوفة كتب الى الحسين بن علي (علیه السلام) ياسيدي اخبرني بخير الدنيا والآخرة فكتب ( علیه السلام ) بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فان من طلب رضى الله بسخط الناس كفاه الله امور الناس ومن طلب رضى الناس بسخط الله وكله الله الى الناس والسلام وقال ( علیه السلام ) يوما لا بن عباس لا تتكلمن فيالا يعنيك فانى اخاف عليك الوزر ولا تتكلمن فيما يعنيك حتى ترى الكلام موضعاً فرب متكلم قد تكلم بالحق معيب فلا تمارين حليما ولا سفيها فان الحليم يغلبك والسفيه يؤذيك ولا تقولن في اخيك المؤمن اذا توارى عنك الامثل ما تحب ان يقول فيك اذا تواريت عنه واعمل عمل رجل يعلم انه ماخوذ بالاجرام مجزي بالاحسان وقال ( علیه السلام ) لا يكمل العقل الا باتباع الحق وقال ( علیه السلام ) رب ذنب احسن من الاعتذار منه وقال (علیه السلام) دراسة العلم لقاح المعرفة وطول التجارب زيادة في العقل والشرف والتقوى والفنوع راحة الا بدان ومن احبك نهاك ومن ابغضك اغراك وقال (علیه السلام) من احجم عن الرأى واعيت له الحيل كان الرفق مفتاحه ومن دعائه ( علیه السلام ) اللهم اني اسئلك بكلماتك ومعاقد
ص: 312
عرشك وسكان سمواتك وارضك وانبيائك ورسلك ان تستجيب لي فقد رهقنى من امرى عسراً اللهم اني اسئلك ان تصلي علي محمد وال محمد ( اللهم فصل على محمد وآل محمد ) واجعل لي من امري يسرا ومن دعائه ( علیه السلام ) اللهم ارزقني الرغبة في الآخرة حتى اعرف صدق ذلك في قلبي بالزهادة مني في دنياي اللهم ارزقني بصراً في امر الاخرة حتى اطلب الحسنات شوقا وافر من السيئات خوفاً يارب ومن دعائه ( علیه السلام ) دعاء يوم عرفة ودعواته كثيرة فليطلب من محلها . [ في الوسائل ] نظر الحسين بن علي (علیه السلام ) الى ناس في يوم فطر يلعبون ويضحكون فقال لأصحابه والتفت اليهم ان الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمار الخلقة يسبقون فيه بطاعته الى رضوانه فسبق فيه قوم ففازوا وتخلف اخرون فخابوا فالعجب كل العجب من الضاحك اللاعب في اليوم الذي يثاب في-ه المحسنون ويخيب فيه المقصرون وايم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن باحسانه والمسيء باسائته واما اشعاره فكثيرة ونحن نذكر شيئا منها بقدر ما يليق لهذا المختصر قال (علیه السلام ): اذا ما عضك الدهر فلا تجنح الى خلق ولا تسئل سوى الله تعالى قاسم الرزق فلو عشت و طوفت من الغرب الى الشرق لما صادفت من يقدران يسعد او بشقي
وله (علیه السلام )
سبقت العالمين الى المعالي ***بحسن خليقة و علو همه
ولاح بحكمتي نور الهدى في*** ليال في الضلالة مدلهمه
يريد الجاحدون ليطفئوه ***ويابى الله الا ان يتمه
وقال عليه السلام
اذا استنصر المرء امرءاً لا يدى له ***فناصره والخاذلون سواء
انا ابن الذي قد تعلمون مكانه*** وليس على الحق المبين طخاء
اليس رسول الله جدي ووالدي*** انا البدر ان حلى النجوم خفاء
ص: 313
الم ينزل القران خلف بيوتنا ***صباحا ومن بعد الصباح مساء
ينازعني والله بيني وبينه*** يزيد وليس الامر حيث يشاء
فيا نصحاء الله انتم ولانه*** وانتم على اديانه امناء
باي كتاب ام باية سنة ***تناولها عن اهلها البع-داء
وقال عليه السلام
انا الحسين بن علي بن ابي*** طالب البدر بارض العرب
الم تروا وتعلموا ان ابي ***قاتل عمر ومبير مرحب
ولم يزل قبل كشوف الكرب ***مجليا ذلك عن وجه النبي
اليس من اعجب عجب العجب*** ان يطلب الا بعد ميراث النبي
والله قد اوصى يحفظ الاقرب
وله (علیه السلام)
یا اهل لذة دنيا لا بقاء لها*** ان اغترار آبظل زائل حمق
وله عليه الصلاة والسلام
یا نكبات الدهر دولي دولي*** واقصري ان شئت او اطيلي
رميتني رمة لا مقيل*** بكل خطب فادح جليل
و كل عبء ايد ثقيل*** اول ما رزنت بالرسول
و بعد بالطاهرة البتول ***والوالد البر بنا الوصول
و بالشقيق الحسن الجليل*** والبيت ذي التاويل والتنزيل
وزورنا المعروف من جبريل ***فما له من زور من عديل
مالك مني اليوم من عدول ***وحسبي الرحمن من منيل
قلنا ان الاشعار التي نسبت اليه عليه السلام كثيرة ولكن اقتصرنا على ما ذكرنا
ص: 314
وفي الناسخ عن مهج الدعوات ان هذا الحرز منسوب الى الحسين عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم يادائم يا ديموم يا حي يا قيوم يا كاشف الغم يا فارج الهم يا باعث الرسل يا صادق الوعد اللهم ان كان لى عندك رضوان وود فاغفر لى ومن اتبعني من اخواني وشيعتي وطيب ما في صلي برحمتك يا ارحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله اجمعين وفيه عن ابن شهر اشوب سئل الحسين ( علیه السلام ) لم افترض الله عز وجل على عبيده الصوم قال ( علیه السلام ) ليجد الغني مس الجوع فيعود بالفضل على المساكين وفيه عن تفسير الثعلبي قال الحسين بن على (علیه السلام) اذا صاح النسر قال يا ابن آدم عش ما شئت اخره الموت واذا صاح الغراب قال ان البعد بين الناس انس واذا صاح القبرة قال اللهم العن مبغض ال محمد واذا صاح الخطاف قال الحمد لله رب العالمين وعمد الظالمين كما عدها القارىء وفيه عن مهج الدعوات قال الحسين ( علیه السلام ) من خاف عدوا فيتعوذ بهذه العوذة ويحجب بهذا الحرز يا من هو الكفاية وسرادقه الرعاية يامن هو الغاية والنهاية يا صارف السوء والسواية اصرف عني اذية العالمين من الجن والانس اجمعين بالاشباح النورانية وبالاسماء السريانية وبالاقدام اليونانية وبالكلمات العبرانية وبما نزل في الالواح من يقين الايفاء اجعلني اللهم في حزبك وفي حرزك وفي عياذك وفي حفظك وفي كتفك من شر كل شيطان مارد وعدورا صد ولثيم معاند وضد كيودومن كل حاسد باسم الله استعنت وببسم الله اللهم اكتفيت وعلى الله توكلت وعليه استعديت على كل ظالم ظلم وغاشم غشم وطارق طرق في ليل غسق وزاجر زجر والله خير حافظ وهو ارحم الراحمين . تم اخذنا في خاتمة الكتاب تراجم الخطب التي خطاب بها اهل البيت (علیه السلام) بالفارسية .
ترجمة خطبة الامام (علیه السلام) عند خروجه من مكة بالفارسية .
قال الحسين (علیه السلام) خط الموت على ولدا آدم الخ ..
ص: 315
میفرماید فرزندان آدم را از مرگ گریز نیست که بسان قلاده برگردن آدمیان محیط است و من ملاقات نياكان پاك خويش همان اشتیاق دارم که حضرت يعقوبرا بیوسف صدیق بود و باری تعالی عزاسمه برای مشهد مقدس من زمینی اختیار فرمود که مرا از آن ناگزیر است گویا می بینم در زمین کربلا گرگان بیابان بدن شریف و پیوند اعضاء پاك مرا از یکدیگر بگسلند تا شکمهای خویش بدان انباشته کنند و ما اهل بیت عصمت و طهارت برضای خداوندی خوشنودیم و بر بلای او شکیبائی کنیم تا بما اجر صابران عطا فرماید هرگز پاره تن حضرت رسول (صلّى الله عليه واله وسلم) از او جدا نیفتد و در بهشت برین با آنحضرت در یکجای گرداند و باری جلت کلمته البته به وعده خود وفا فرماید و چشم پیغمبر خود را در باره اولاد او روشن نماید آنکه آرزومند بهشت جاویدان باشد و سر و جان در راه محبت ما همی دهد تهیه سفر کند تاچون سعادت ملازمت و کابرا در یابد که من نیز بامداد فردا نهضت خواهم نمود انشاء الله تعالى.
ترجمة خطبة الامام (علیه السلام) يوم عاشورا واحتجاجه على اهل الكوفة بالفارسية وأنما هي من اجل الخطاب كما لا يخفى على البصير قال (علیه السلام) تبا لكم ابنها الجماعة وترحا الخ . ای ناکس مردم هلاك و مرگ بر شما باد مگر نه شما سرگشته و حیرت زده پناهنده ما شديد واستغاثه بما نموديد وما دعوت شما را اجابت نمودیم و اغانه شما را دادرسی کردیم و در اغائه و پناه دادن شما خود را اسیر شمشیر اعداء وهدف تیرهای بلا نمودیم پس بناگاه آن شمشیر که از ما بدست داشتید برما کشیدید و آن آتش که بردشمنان خود و شما افروختیم برما شعله ور ساختید و حال آنکه از اینان تا کنون عدلی ندیده اید و بسبب ایشان بامید و آرزوئی نرسیده اید و از ما هم که جرم و تقصیری سر نزده پس بطمع جیفه دنیویه بیاری دشمنان میکوشید و بریختن خون دوستان کمر
ص: 316
بستید و ای بر شما اندکی آهسته تر چه شده شما را که مثل ما را نخواهید و از عترت پیغمبر رو بگردانید مردم دست نگه بدارید اکنون که یاری ندهید دشمنی نکنید دلجوئی نکنید زخم نزنید هنوز فرصتی بدست هست و وقت باقی است زیرا که شمشیر کشیده نشده تیغها در غلاف و دلها در تلاطم و رایها نا استوار آگاه باشید که چه بسیار سرعت کردید و مانند ملخ و مگس بر ما گرد آمدید و چون پروانه از هر کرانه فرو ریختید خداوند شما را از رحمت خود دور کند که شمائید بقیه احزاب کتاب خدا را پس پشت انداختید نور هدایت و سیرت رسول را خاموش ساخته اید گویا از کام ابلیس فرو افتاده اید که اولاد انبیا را همی کشید و استلحاق زنا زادگانرا همی پسندید بد تهیه و تدارک برای خود دیده اید و عذاب ابدی را برخود پسندیده اید آیا اینها را معاونت مینمائید و ما را را میگذارید ایمردم شما ابو سفیان و شیعیان او را معتمد و مستوثق میشمارید و از یاری ما دست باز میدارید سوگند بخدا که خذلان در میان شما صفتی است ستوده و عروق شما حاوی این صفت زشت گشته و اصول و فروع شما را بتوارث فرا گرفته و دلهای شما در این خصلت استوار شده مثل شما مثل میوه آندرخت خبیث است که باغبانش که او را تربیت کرده و پروریده تا آنکه بارور گردیده و بثمر آمده چون آن میوه و نمر را در دهن گذارد در گلو بماند و آنانکه ظالم و غاصبند در نهایت گوارانی آن میوه را تناول نمايند يعني مادر تربیت و ارشاد و هدایت شم از حمتها و رنجها بردیم و خونابه ها خوردیم تا شمارا از حضیض کفر نجات داده و بشاه راه هدایت رسانیدیم حالا که امروز باید ما را منظور وزحمتهای ما را جزا بدهید دشمنان را مسرور و ما را غمنده و محزون و خون بدل ما میکنید لعنت خدا بر آن گروه که عهد ببستند و بشکستند آنهایند ناقضین عهد و پیمان و ناقضين حلف وايمان همانا زنازاده زیاد بن ابیه همیخواهد که مرا بدان باز دارد که با دل بکشته شدن نهم و یا تن
ص: 317
بمذلت در دهم هیهات خداوند این نیسندد و رسول خدا بدین خوشنود نباشد ومادران پاك و پاكيزه سرشت و پدران پاك نهاد من روا نداند زعمای باحميت واكابر باغیرت هلاکت لثام را بر شهادت کرام اختیار نکنند و این نفس شريف وذات عزيزه من خوارى حياة را بر عزت قتل ترجيح ندهد اينك باقلت یاران و کثرت دشمنان و خذلان یاوران جهاد را آماده ام پس بدان ابیات تمثل فرمود فان نهزم فهزامون قدماً الخ . و فرمود بخدا سوگند که خدا مهلت ندهد شما را مکر بمثابه سواره که با در حلقه رکاب و بر اسب نشیند که ناگهان چرخ فلک چون آسیا بر شما بگردد و مانند محور مضطرب شوید عهدیست که پدر نامدارم از جد بزرگوارم شنیده و مرا خبر داده ای بار خدای من باران رحمت خود را برایشان مبار و قحط و تنگی را برایشان بگمار و سالها و ایام ایشان را چون سالهای یوسف صدیق فرمای و آن جوان ثقفی یعنی مختار ابن ابی عبیده را مسلط کن که جام زهر ناك بر ایشان بپیماید که مارا بفریفتند و تکذیب کردند و نصرت نکردند و توئی پروردگار من توسل وتوكل بتو میجویم و بسوی تو بازگشت می نمایم . ترجمة خطب اهل البيت عند ورودهم الكوفة ابتدأنا بخطبة عقيلة قريش زينب ان کبری سلام الله عليها قال بشير بن جذيم ( خذيم خ ل ) الاسدي ونظرت الى زينب الخ .
راوی بشیر بن جذیم اسدي گفت که عقیله بنی هاشم زینب طاهره مردمانرا بخاموشی اشارت فرمود آنگاه نفسها بسینه برگشت و بانگ جرسها خاموش گشت و آواز مرد وزن و حیوان و انسان در گلو گره شده بخدای که هیچ زن چون او ندیدم که فضیلت حيابا كمال فصاحت آمیخته چنان سخن گوید گوني از زبان پدر بزرگوارش
ص: 318
امير المؤمنين خطبه میخواند اول خداوند جل و علا را سپاس گفته پس جد مطهرش رسول کریم را ستوده و درود فرستاده پس از سیاس یزدان پاك و درود برخواجه لولاك فرمود ای اهل حیلت و خدیمت وای مکار مردمان آیا میگریید بر ما هرگز این گریه را سکون و این ناله را سکوت مباد هنوز دیده ماخونا به ریز وزفره ما شراره انگیز است مثل شما مثل زینست که رشته خود را نيك از بامداد تا پسین تاب دهد و بريسد ونيك بافته کند و از پسین تاشبانگاه یافته ها را باز میگشاید شماهم حبل ايمانرا بیستید و محکم کردید و باز گسستید معلوم شد که بنای ایمان شما برمكر و خدیعت بوده و اخلاق رذیله هم آغوش شما بوده در میان شما جز خودستانی و کبر و چاپلوسی دو نان و کنیزگان و غماری با دشمنان و حقد و كينه با اولیاء و دوستان خصلتي و شیمتی نیست همانا شما سبزه و گیاهی مانید که برسرگین روئیده باشد باطلا و نقره که بر قبری از باب زینت آراسته باشند چه بد زاد و توشه است که نفسهای شما از برای شما مقدم داشت و از براي شما ذخیره گذاشت که خدا غضب فرمود بر شما و در عذاب شما را مخلد نمود از پس آنکه ما را کشتید برما میگریید قسم بخدا شما بگریستن سزاوارید بسیار بگریید و کم بخندید که عاري بزرگ و عیبی عظیم بر خویش روا داشتید که هرگز ساحت خود را از این عیب وعار نتوانید شست و تا قیامت بهیچ آبی نتوان از آن الایش پاك كرد كشتید فرزند رسول وسید شباب اهل بهشت و پناه سر کشتکی و ملجأ حوادث و مفزع نوائب ونور هدايت و پيشواي امت و تميمه حجج شما و علامت مناهج شما بود بد ذخیره که روز رستخیز را از پیش فرستادید وزشت باري که بر دوش خود نهاده اید هلاکت و مرگتان باد که این کوشش بی فائده ماند و این سود اسود نداشت خواري ومسكنت بر شما فرو ريخت و بغضب خداوند گرفتار آمدي واي بر شما مگر نمیدانید کدام جگر گوشه از
ص: 319
رسول که بشکافتید و چه عهد و پیمان که بشکستید و کدام پرده نشینان عصمت را که از برده بیرون افکندید و کدام کرائم عترت و حرائر ذریت را که باسيري بردید و چه خون پاك كه از او بناحق ريختيد كاري سخت ناخوش وقبيح بياور دید چندانکه فضاي زمين و وسعت آسمان است از کردار شما نزديك شد که آسمانها بشکافد و زمین پاره پاره شود و کوهسار نگون گردد این داهیه دهیا و بليه عميا آسمانها را فرو گرفت عجب نیست که آسمان خون بارید بخداي که عذاب آنجهان بسی سخت تر باشد و هیچ کس شما را ياري نکنند بدین مهلت که یافتید خوشدل نباشید زیرا که خداوند در مکافات تعجیل نمی کند و ترس و بیم ندارد که وقت از دست برود همانا خداوند در کمین است و از قبضه قدرت او نتوانید گریخت والبته طلب این خون بکند بشیر بن جذیم اسدی گوید که مردم کوفه را از شنیدن این کلمات نگریستم که مانند زن جوان مرده میگریستند و دست بدندان میگزیدند و حیران و گریان بودند پیر مردي در کنار من ایستاده بود همیدیدم که اشک چشمش برروي وموي ميريخت دستها بجانب آسمان برداشت و میگفت پدر و مادرم فداي شما باد پیران شما بهترین پیرا است و جوانان شما بهترین جوانانست و خاندان شما خاندان بزرگ و فضلی بزرگوار است و این شعر بگفت .
کهو لهم خير الكهول ونسلهم*** اذا عد نسل لا يبور ولا يخزى
فقال علي بن الحسين ( علیه السلام ) يا عمة اسكتي ففى الباقى من الماضي اعتبار وانت بحمد الله عالمة غير معلمة فهمة غير مفهمة ان البكاء والحنين لا يردان ما قدا باده الدهر پس حضرت سید سجاد (علیه السلام) عمه را بخاموشی امر داد فرمود عمه جان تو خود نا گفته و نیاموخته میدانی رنج دبستان نکشيدي وزحمت معلم نديدي ميداني كه
ص: 320
هالك وفائت را بگريه و اندوه باز نتوان آورد و زندگان را از حال گذشتگان پند و عبرت پسندیده است.
قال السيد في اللهوف : ثم ان زين العابدين (علیه السلام) قام قائما الى آخر ما قال عليه السلام . آنگاه سید سجاد (علیه السلام) مردم را اشارت فرمود که خاموش باشید و آغاز خطبه نمود همچنان بر پاي ایستاد پس ستایش کرد خداوند یکتا را و درود فرستاد حضرت مصطفی را و فرمود : أيها الناس هر که مرا شناخته باشد حاجت بتعريف ندارد و آنکس که نشناسد بداند که منم علی بن الحسين بن على بن ابيطالب (ع) منم فرزند آنکس که در کنار فرات با اب نشته چون گوسفند سرش بنا حق بریدند و مخدرات او را باسیری آورده مالش بیغما بردند و حجاب حرمت او را هتك کردند وبزجر وزحمت کشته شد و این فخر کافی است مارا و او را ای مردم سوگند میدهم شما را بخدا مگر نه شما بآنحضرت مکاتیب فرستادید و نامه های پی در پی نگاشتيد و از روي مكر وخديمه عهود و مواثيق مؤکد داشتید و بیعت و اطاعت آشکار ساختید تا چون براي هدايت شما بیامد ياري نكرديد و خون پاکش ريختيد هلاك بر شما باد که چه بد ذخیره از پیش بدانجهان فرستادید و چه ناستوده رأي و نکوهیده عقيدت که برای خود پسندیدید آخر با کدام چشم برسول خدا خواهید نگریست و هرگاه از قتل ذریت وسبی عترت خود از شما بپرسد چه جواب خواهید گفت هرگاه بفرماید کشتید حسین مرا و چاك زدند پرده حرمت مرا و شما نیستید در شمار است من چه خواهید کرد .
ص: 321
چون حضرت بدینجا رسانید مردم آغاز گریه وزاری کردند و آوازها در هم افکندند و بانك عويل و ناله از اطراف بلند شد بعضي ببعضي گفتند هلاك شديم و خسران دنیا و آخرت بر خود خریدیم و ندانستیم پس دوباره فرمود : خدا رحمت کند کسیرا که از من بشنود و نصیحت مرا فرا بگیرد و وصیت مرا در راه خدا و رسول خدا و اهل بيت مصطفى بپذیر که ما سیرت رسول را پیشوا ساخته بر اثر آن همي رويم و اقتداء باد کرده ایم.
مردم كوفه بيك دل و يك زبان آواز برداشتند که یا بن رسول الله ما پذیرای فرمان توئیم و مطیع اوامر شمائیم و حافظ عهد و نگهبان پیمان حضرتت هستیم و هرگز از تو روی بر نتابیم بهر چه امر کنی تقدیم خدمت نمائیم و حرب کنیم با هر که با تو در حرب است و از در صلح در آئیم با هر که با تو طریق صلح سپارد تا آنکه خونخواهی کنیم از آنانکه با تو ظلم کردند و انتقام خون مظلومانرا از این ستمکاران بجوئيم .
آقا فرمود : هیهات هیهات ای تباهکاران حیات گر و ای غداران خدعه اندوز شماها جز خدعه و مكيده خصلتی بدست نکرده اید مگر در خاطر ندارید مگر از یاد رفته آنچه با پدران من کردید باز بدان سرید که آن معاملات که با جد و پدر من نبوده اید با من نیز پیش گیرید حاشا و کلا دیروز بدر بزرگوار من واهل بيت او را شهید ساختید هنوز جراحانی که از شهادت پدرم قلوب ما را شکسته و جگرهای ما را خسته بهبودی پذیرفته و فراموش نگشته هنوز مصائب پدر و برادرانم در سینه من کاوش میکند و تلخی آن مصاب در دهان و حلقوم من مرا تلخ کام ساخته و و غصه آن در سینه من گره زده من از شما همی خواهم که نه با ما باشید و نه بر ما بیش از این نخواهم حالا که نفع نرسانید زبان نرسانید چون سر دوستی ندارید دشمني
ص: 322
نکنید . پس فرمود:
في تراجم الخطب بالفارسية
لا غرو إن قتل الحسين فشيخه ***قد كان خيراً من حسين وأكرما
إلى آخر ما قال عليه السلام .
قالت الحمد لله عدد الرمل والحصى الى آخر الخطبة فاطمه صغرى سلام الله علیها خطبه خواند در ابتداء سخن خدای تعالی را ستایش بود و درود برسول خدا (صلّى الله عليه واله وسلم) فرستاد وجد بزرگوار خویش حیدر کرار را ممناقب و مفاخر بستود شمه از مشاهد ماتوره و ماثر محموده انجناب در رفع دعالم دین و هدم قواعد شرك وابتلا ومحن امير المؤمنين تا هنگام شهادت بیان فرموده و شرحی از فضائل خانواده نبوت حديث فرموده و خذلان وغدر وخدعه کوفیان با پدر بزرگوار خویش حکایت نموده انگاه فرمود ای مردمان کوفه خداوند عز اسمه شما را ما بیازمود و ابتلای ما بشما بیفزود و از مایش مابسی نیکو نمود ما مردمان که خزان علم ومخزن حکمت وحجت خدا بر بندگانیم شما مکاران ما را بدروغ انگاشتید و کافر پنداشتید خون ما حلال ومال ما بغارت برده مباح شمر دید گونی که از اولاد ترك و كابليم پریروز جد من امير المؤمنين را شهید کردید و دیروز پدرم سيد الشهدا را كشتيد اينك خون ما است که از تیغهای شما میریزد و اینها همه بواسطه ان کینه دیرینه بود که از ما بدل اندر داشتید و آن افغان و احفاد بود که در سینه پنهان نمودید تا حالا که دیده های شما روشن و دلهای شما مسرور گشت ایمردم بر این کردار شنیع شادمانی مکنید که برسخط و غضب الهي تجری نموده اید و خداوند شما را عقوبت خواهد نمود حاليا منتظر نقمت وامنت باشید نخواهد گذشت مگر مدت کمی که خدا شما را برابر یکدیگر باز دارد تا شمشیرها
ص: 323
بر کشیده بروی یکدیگر و خون هم را بریزید و در انجهان هم بعذاب جاودان گرفتار آئید وای بر شما اي اهل کوفه ایا میدانید که با کدام دست ما را نشان طعن وضرب ساختید و با كدام پای بجنك ما بیامدید و با کدام نفس بقتال مابرداختيد دلى بيرحم و جگری بسی سخت دارید همانا خدای تعالی بر دل و گوش شما مهر زده که کله حق نمی شنوید شیطان این اعمال زشت را در نظرهای شما آرایش داده و بردیده های شما پرده او نخته که راه هدایت ؟ بینید هلاك بر شما بادای اهل كونه میدانید کدام خون از رسول خدا برگردن شما است و از شما طلب خواهد فرمود و باز خواهد جست وبسا مكرها و حيله ها که با برادر و وصی او علی بن ابي طالب (علیه السلام) کرده اید. صاحب قمقام نوشته چون خطبه بدینجا رسید مخذولي وماموني اين دو شعر بخواند.
و بكشتن امير المؤمنين واولاد او واسيري اهل بيت عصمت و طهارت مفاخرت کرد.
بضعه طاهره فرمود خاکت بدهان ساکت باش و زبان فروبند و مانند سگان بر عقب فرو نشین چنانکه پدر تو نشست آیا بقتل آن قوم که خدا ایشانرا از اول پاک آفریده و از همه " الایش پاکیزه فرموده و بر همه فضیلت بخشیده فخریه همی کنی وحسد همی بری ما را چه گناه که پیوسته بحر فضایل ما و مکارم ما مواج وزخار است خداوند ما را بر شما تفضیل داده و او صاحب فضل بزرگست و بهر نحو که میخواهد عطا میفرماید آنرا که از نور خود بخشی ندهد هرگز از مضیق ظلمت نرهد چون فاطمه سخن بدینجا آورد مردمانرا آواز بگریه بلند شد و های های بگریستند و بانك بر داشتند که ای دختر طیبین دلهای ما را پاره پاره ساختی بس کن که جگرهای ما را
ص: 324
بسوختی و در درون ما آتش افروختی فاطمه ( علیه السلام ) خاموش شد .
قال السيد في اللهوف وخطبت ام كلثوم ( علیه السلام ) نت علي (علیه السلام) من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء أقول قال في القمقام اعلم ان ام كلثوم الكبرى بنت فاطمة الطاهرة الزهراء التي قد تزوجها عمر بن الخطاب هي ماتت في زمان امامة سيدنا الحسن المجتبى في المدينة المنورة ولم تكن في وقعة الطف حية وذكر اهل السير والتواريخ ان لها عمر بن الخطاب ابنا يسمى بزيد ويلقب بذى الهلالين ولها منه بنت تسمى برقية وماتت ام كلثوم وابنها في وقت واحد وقال الشيخ حر العاملى في الوسائل اخرجت جنازة ام كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر وفي الجنازة الحسن والحسين عليهم السلام وعبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس وابو هريرة فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الامام والمرئة ورائه وقالوا هذا هو السنة .
وقال ابن قتيبة في المعارف واما زيد بن عمر بن الخطاب فرمى بحجر في حرب كانت بين بني عويج وبني ذراح فمات ولا عقب له ويقال انه مات وامه ام كلثوم في ساعة واحدة فلم يورث واحد منهما من صاحبه .
وقال في اسد الغابة وتوفيت ام كلثوم وابنها زيد في وقت واحد وكان زيد قد اصيب في حرب كانت بين بني عدى فضر به رجل منهم في الظلمة فشجه فصرعه وعاش اياماً ثم مات هو وامه وصلى عليهما عبدالله بن عمر قدمه الحسن بن علي قال وام كلثوم التي كانت في كربلا هي بنت علي (علیه السلام) من غير فاطمة لان له (علیه السلام) زوجات عديدة فولدن له بناتا شتى .
ص: 325
كما في الخبر له زينب الصغرى وام كلثوم الصغرى وام كلثوم الكبرى بنت فاطمة فهي مانت قبل وقعة الطف انتهى ورجعنا الى رواية اللهوف .
قالت يا اهل الكوفة سوأة لكم منا لكم خذلهم حسينا وقتلتموه وانتهيتم أمواله وورثتموه وسيتم نسائه ونكبتموه فتبالكم وسحقا ويلكم اتدرون اي دواه دهتكم اي وزر على ظهور كم حملنم واي دماء سفكتموها واي كريمة اصبتموها واي صبي--ة سلبتموها واي اموال انتهبتموها قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله ونزعت الرحمة من قلوبكم الا ان حزب الله هم المفلحون وحزب الشيطان هم الخاسرون فرمود زشتی و بدي بادتان بدا حال شما چه افتاد شما را که ياري حسين مظلوم نکردید و او را خوار و مخذول داشتید و کشتید او را و مالش را بتاراج بردید و عیالش را با سيري راندید آنگاه میگرئید بر او واي بر شما هلاك باد شما را آیا میدانید چه بلاي بزرك ر دراهی عظیم برپشت خود بر داشته اید و چه جرم و خیانتهای گران که برگردن خود حمل ساختید و چه خونهای شریف که بناحق ریختید و چه زنهائیکه از برده بیرون افکندید و چه دخترانیکه از حلی و زیور بیرون نمودید و چه مالها که بینما بردید کشتید کسیرا که بعد از پیغمبر هیچکس را امتزات و مکانت نبود رحمت ورقت در دل شما هیچ نبود که چنین کردید آگاه باشید حزب یزدان رستگارانند و حزب شیطان زیان کاران چون ام کلثوم این کلمات را فرمود بدین اشعار مرثیه خواند و دلها را كباب نمود.
قتلم اخي صبراً فويل لامكم*** ستجزون ناراً حرها يتوقد
سفكتم دماء حرم الله سفكها *** وحرمها القرآن ثم محمد
الا قابشروا بالنار انكم غداً *** لفي سقر حقاً يقينا تخلدوا
واني لأ بكي في حياتي على اخي *** على خير من بعد التي سيولد
ص: 326
بدمع غزير مستهل مكفكف*** على الخد مني دائما ليس بجمد
مردم بانك ناله و حنین در دادند و زنان گیسوها پریشان کردند و صورتها بخراشیدند و روها را بلطمه بیازردند و هیچ گاه زنان و مردان چنان نگریستند .
ما حصل فرمایش آن مخدره بعد از حمد پروردگار عالمیان و درود برسید پیغمبران راست فرمود پروردگار محمود در این آیه که فرمود کسانیکه در دنیا مرتکب قبائح شدند شومی قبائح آنها کار آنها را باینجا کشانید که تکذیب کردند ایات پروردگار را وسخرية بانها نمودند اي يزيد گمان کردي که چون زمین و اممان را بر ما تنك گرفتی تا که ما را با بن روز نشانيدي واسير و دستگير مثل اسراي كفار شهر بشهر اوردي اين از پستی و خواري ما و عزت و بزرگواری تو است نزد خدا پس نخوت و تکبر میفروشی که امور دنيا براي تو منظم گردیده و خوشحال میشوی که مراد تو حاصل و خلعت سطنتی که از جد و پدر من بود امروز بر قامت تو استوار آمده ارام ارام اي يزيد تثير مكن و خوشحال مباش فراموش کردی قول پروردگار را در انجا که فرمودگان نکنند کسانیکه کافر شدند و از دین بدر رفتید و ما آنها را مهلت دادیم که این مهلت ما برای آنها خبر است اينست ولاغير كه مهلت میدهیم تازیاد کنند گناهان خود را انوقت یکمرتبه عذاب خود را برایشان نازل سازیم انعذاب دردناک خوار کننده آیا از عدالت تو است ای فرزند طلقا که زنان و کنیزان خود را در برده حجاب نشانیده و دختران حضرت رسالت و مخدرات عصمت و طهارت اسیر و دستگير وبي پرده و بي حجاب با صورتهای مکشوف دشمنان
ص: 327
و نامحرمان از شهری بشهری ایشانرا بگردانند و بیگانه و اشنا و دوست و دشمن و دور و نزديك ايشانرا تماشا کنند در حالتیکه نه از مردانشان با انها کسی و نه از یارانشان دادرسی ایا اینست رعایت حرمت پیغمبر درباره ما ولیکن توقعی نیست و امید رعایتی نیست از کسیکه گوشت او از خون شهدا روئیده و جگر پاکیزگان را در دهن خائيده وبجز کینه و بغض وعداوت ما را از اول بچشم دیگری ندیده عجب اینست ای یزید که بعد از همه اینها در کمال جرئت وبی باکی بر تخت خود نشسته وسر مقدس سید جوانان اهل بهشت را در برابر خود نهاده و با چوب خیزران بر اب و دندان شریفش ميزني و ميگوئي که اگر بزرگان من که در بدر کشته شدند امروز بودند از خوشحالی میشکفتند و میگفتند آفرین بر تو بادای یزید که خوب انتقام کشیدی دستت درد نکند که خوب تلافي نمودی چرا چنین نگوني و چرا خویشان گذشته خود را نخواني و حال آنکه آن فرحه قدیمی که از عداوت مادر سینه جد و پدر و خودت پنهان بود تو بر طرف نمودی و جراحتیکه از ما بهم رسانیده بودید تو او را علاج عمودی بریختن خونهای ذریه پیغمبر و نورهای زمین ازال عبد المطلب وميخواني خويشان گذشته خود را آنها که بنزد تو نخواهند آمد ولی عنقریب تو بنزد آنها خواهی رفت و بینی آنچه آنها دیدند انوقت ارزو کنی که ایکاش لال بودی و نمیگفتی انچه گفتی و شل شده بودی و چوب بر لب و دندان حسین نمیزدی انگاه سر با سیمان بلند کرد و عرضکرد ای خدا ما امروز یاوری نداریم تو حق ما را بستان و انتقام ما را از دشمنان بگیر و غضب کن بر کسانیکه خون مارا ریختند و یاوران ما را کشتند و ما را غریب و بی کس گذاشتند ای یزید بدان قسم بخدا که نکشتی مگر خود را و قطعه قطعه ننمودی مگر پوست و گوشت خود را و بزودی وارد خواهی شد بر حضرت رسالت باروی سیاه شده بسبب انچه متحمل شدي از
ص: 328
هتك حرمت و ريختن خونهای ذریه او و جگر گوشه هاي او بس است خدا براي تو حکم کننده و پیغمبر کافیست برای مخاصمه تو و جبرئیل هم یاور او است و بزودی خواهید چشید عذاب خدا را تو وانکسیکه تو را برگردنهای مسلمانان سوار نمود و بخلافت باطل تو را در میان مردم بر انگیخت و خواهید دانست که بد مکافاتیست مكافات شما و بدمكانیست جایگاه شما ای یزید اگر چه بزرگی مصیبت و زیادی محنت مرا وا داشت که با تو سخن بگویم و طرف خطاب شوم با انکه تو را پست و قدر تو را حقیر میشمارم و سرزنش و ملامت تو را لازم و بسیار عظیم میدانم لکن چه فائده از سخن گفتن با تو بعد از آنکه کردی انچه کردی که دیده ها از ان تاقیامت گریان وسینه ها بریان آگاه باش اي بزید که عجب و بسی عجب است کشته شدن سلاله پیغمبران و مقربان درگاه خداوند رحمان بر دست زنازاده گان و یاران شیطان که خونهاي ما از دستهاي آنها میریزد و گوشتهای ما از دهانهای ایشان میافتد و اعجب از کشته شد نشان انستکه بدنهای طیب و طاهر ایشان برهنه و عریان میان آفتاب سوزان در زیر دست و پای گرگان و درندگان بیابان نه غلی و نه گفتی و نه دفني ای زبان کار اگر گمان کردی که کشتن و اسیر کردن ماغنیمت است برای تو البته خواهی یافت که موجب زیان کاری و غرامت تو خواهد بود و باعث خسران تو شود در هنگا یکه نيابي برای خود مگر آنچه دستهاي تو پیش فرستاده است و البته بيابي جزای اعمال خود را چرا که نیست خدا ظلم کننده بر بندگان خود یعنی اگر بنا باشد که انتقام ما را از تو نگیرد هر اینه ظلم کرده خواهد بود برما و تعالى شأنه عن الظلم پس اکنون که او است دادخواه ما بسوی او شکایت میکنم اندوه خود را و بر او است اعتماد ما و تو هر کید و مکر وسعی که داری بکن و هر عداوتي که داری بکار بر بخدا سوگند که نام نامی ما را نمیتوانی محو کرد و پادشاهی ما را نتوانی از میان
ص: 329
برد و آوازه ما را خاموش نمیتوانی کرد و آخر ما را درك نخواهي كرد و هر چه کردی عار انرا از خود بر طرف نتواني کرد و نکردی آنچه کردی مگر از ضعف رای وبی عقلی و بیخردی که مغرور نمود تو را سلطنتی که عنقریب زائل میشود و جمعیتی که بزودی پراکنده میشود یعنی نگاه مکن باین جمعیکه امروز دور تو را گرفته اند یاد آور روز برا که وارد محشر شوي تنها ومنادی ندا کند که لعنت خدا بر گروه ستمکار سپاس خدا برا که ما را در آغاز سعادت و مغفرت بخشید و در انجام شهادت و رحمت عطا فرمود و مسألت همی کنم که شهیدان ما را اجر جزیل و مزید ذخر کرامت کند و او خود بر ما خلیفتی بس نیکو است .
قال عليه السلام الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم الى آخره حمد خدا براكه پروردگار عوالم امکان و رحمن و رحیم بتمام عالميان ومالك يوم حشر انس وجان وخلق کننده موجودات زمین و آسمان انچنان خدائی که دور است از مدرکات عقل دور بین و نزدیکست با مستورات اوهام محال اندیش
نيك پيدا و سخت مستوری*** طرفه نزديك وبوالعجب دورى
دور و نزديك چون در آب سپهر *** خویش و بیگانه چون در آینه مهر
سپاس میگذارم خدا برا بملاقات خطبهاى عظيم ومصائب بزرك ونوائب غم اندوز والمهای صبر سوز و مصیبتی سخت و سنگین و شديد واندوهگين ايها الناس محمد و سپاس خدابرا سزا است که ما را ممتحن داشت بسوگواری عظیم و سد سدید اسلام رائمه عظیم همانا کشته شد ابو عبدالله و عترت او واسیر شد زنان و فرزندان او وسر
ص: 330
مبارکشرا بر سنان نیزه کردند و در بلاد و امصار بگردانیدند این مصیبت را شبیهی و نظيرى نيست ايها الناس كدام مردانند از شما که بعد از نظاره این داهیه شاد و مسرور گردند و کدام چشم است که پس از دیدار این واقعه اشکبار نباشد همانا اسمانها گریستند و دریاها بدستيارى موج سر شك باريدند واركان اسمانها وانحاء زمین بنالیدند و اغصان اشجار و ماهیان دریا بسوختند فرشتگان عرش درجات و سکان میموات در این سوگواری همدست و همداستان شدند ایها الناس كدام سینه است که از قتل حسین شکافته نشد و کدام دل است که در مصیبت او تافته نگشت کدام گوش است که حمل اصفاء این نامه را که در اسلام افتاد تواند داد ایها الناس ما را طرد کردند و دفع دادند و پراکنده ساختند و از دیار وامصار دور افکندند بان قسم كه اسيران ترك و کابل را زجر و ستم کنند بی آنکه ارتکاب جرم وجر برتی کرده باشیم و بدعتی و شکستی در اسلام آورده باشیم و از پدران گذشته خود نیز جرمی و جریرنی و گناهی نشنیدم قسم بخدا که اگر رسول خدا (صلّی الله علیه وسلم) بجای انکه امت را بحمایت و حرمت ما وصیت فرمود بقتل وغارت وظلم وذات ما فرمان میداد از آنچه کشتند و بستند و خستند بیشتر دیگر نمیتوانستند انا لله وانا اليه راجعون از مصیبتی که بزرگتر از آن و سرزنده تر از آن و گرا بنارتر از آن و غلیظتر از آن و تلختر از آن و گزنده تر از آن یافت نشود همانا از پروردگار خویش خواستارم که در ازای آنچه ما رسید رحمت عطا کند و از دشمنان ما بازپرس فرماید که جز او نیست خداوند دادرس که داد مظلومان را از ستمکاران باز جوید.
بعد از شهادت حضرت سید شهداء علیه السلام عبدالله بن الزبير در مکه
ص: 331
معظمه منبر رفته مردمان را مخاطب ساخت خطبه خوانده و محلهد خجسته امام شهیدانرا بیان نمود و قبایح اعمال بزید را مردم رسانیده و غرض اصلی او استقلال امارت خود بوده و لذا مردمانرا بر مخالفت يزيد (لع) و دعوت بسوى بيعت خود تحريض وترغيب نموده چون مردمان آن خطبه را بشنیدند با او بیعت کردند پس عزم نمود که عبدالله ابن عباس را با خود یکدل کند کس فرستاد و گفت که مناقب و سوابق زبیر را با پيغمبر صلى الله عليه و آله وسیرت حسنه ما را میدانی او نیز رفتار مصوبه را با پیمغیر و بنى هاشم و معامله يزيد وقبائح وشنایع اعمال او تورا معلوم است و میدانی که من بدین امر از یزید فاسق فاجر سزاوارترم پس از بیعت من سر متاب ومرا مخالفت منها عبد الله بن عباس گفت مرا بدین امور مداخله نیست که من یکتن از مسلمانان بیش نیستم و امروز می بینم که آتش فتنه مشتمل و خون مردمان بهدر است پس کناره گرفتن بهتر و اولی است چون یزید علیه اللعنه این مکالمه ابن زبير وعبدالله بن عباس را شنید خوشوقت شده و در متابعت ابن عباس طمع بست و مكتوبي بابن مضمون با بن عباس نوشت که اما بعد عبدالله بن زبیر ملحد خود را در پناه حرم برده و مرد مرا بسوی خویش دعوت نموده و تو را ببیعت خودخوانده تا که بر باطل او مظاهرت ثماني و برمانم و مساوی او موازرت پيشه گيري ولی تو از انروی که
اولویت مرا باین امر دانسته و مرا بخلافت سزاوارتر فهمیده ای لذا حبل خود را مودت ما بسته و اعتصام خویش را بطاعت و بیعت من باز نموده چه نیکو خویشی ما رارعایت نموده خدا جزادهد تو را بهترین جزاها که صله رحم بجا آوردی و قرابت و عهد مودت ما را پاس داشتی و من هر چه را فراموش کنم این دوستی و مودت تو را فراموش نخواهم نمود و در حاله تو و احسان بتو البته تعجيل وسرعت خواهم نمود که تو سزاواری بان امر و مرجو انکه حسن عقیدت خویش وقبح سريرت ابن زبیر
ص: 332
را بغايب وحاضر و وارد و صادر برساني و از تسويلات وتمويهات او مرد مرا تحذير نماني و مرد مرا بیا گاهاني که بزخارف خویش مرد مرا نفریبد چونکه سخنان تورا و خیر خواهی و نصیحت تو را مردم بپذیرند و السلام ابن عباس چون این نامه را خواند در جواب او نوشت اي يزيد تو را گمان افتاد که امتناع من از بیعت ابن زبير غرض معاونت و تقویت امر تو و خلافت تو بوده بخدا که من هرگز باتو دوستی و مودت نورزم و سپاس و خوشنودی تو را نجویم همانا گمان کرده که شهادت و کشته شدن حسين ( علیه السلام ) وجوانان عبد المطلب مرا از صفحه ضمیر محو شده وان جراحت دل خونین بهبودی یافته لا والله کی از خاطر برود که ابد ان مظهره ایشان برهنه چا کچاك بخون خویش آغشته و در زمین کربلا بخاك افتاده بودند تا وقتیکه خدای عز و جل گروهیرا برانگیخت از نیکان عباد که ان ابدان شریفه را دفن و در ضر بحشان بنهاد ای چه بسا نوائب و مصائب که از خاطر برود و این مصیبت فراموش نشود که حسین را از حرم خدای و جوار رسول خدا رانده بلکه در همان اماکن مقدسه در صدد قتل او بودی و کسانیرا بگماشتی که در حرم خدا خونشر ا بریزند تا آنکه ناچار و از غایت ترس و خوف از حرم خدا بیرون آمده و راه عراق را پیش گرفته انگاه با بن مرجانه امین نوشتی تا او و یارانش و جوانانش که انوار ظلمت و چراغ راه هدایت بودند کشتند و خون مطهر آنها را بر خاك بيابان ریختند پس از آن عترت پیغمبر را برهنه و اسیر از عراق بشام ببردی وقهر وغلیه خود را بما نشان میدهی وسلطنت و شوکت و استيلاي خود را براین خانواده وانمود ميسازي و كينه اجداد كافر وانتقام قتلاي بدر را هميجوني بلی پیوسته این کینه ها و احقاد چون اتش در سينه هاي شما شعله همزند و خاموش نگردد و از اول خونخواهی عثمان را وسيله اظهار ان ساختید و در مقام مكافات و تشفى قلب خود بر آمدید و کینه ها را ظاهر
ص: 333
ساختید باز هم از وقاحت و بيحيائي خود همه اینها را ناکرده انكاشتي واينك مودت و محبت مرا هميجوني و چشم نصرت بمن داری که مردمانرا از بیعت ابن الزبیر باز دارم و باطاعت توانها را وا دارم هرگز این نخواهد شد چرا که باخدا ورسول واهل بيت و عترت او که خداوند در شانشان آیه تطهیر نازل نموده دشمنی ورزیده و ندانسته که مصداق آیه کریمه انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا پيغمبر و آل اویند نه اباء خبيث و اجداد پلید تو که همواره بیاری مشرکین با رسول خدا (ص) در قتال و جدال بایستادند ای یزید مرا بعطیه خود تطميع كني وبعطا وصلات خود مرا نوید دهی البته صلات خود را از من باز دار که منهم وداد و دوستي خویشرا از تو باز گرفته ام و حال آنکه از تمام حقوق ما که بغصب وظلم و ستم گرفته جز اندکی بماندهی و ارزوی من در دنیا همین است که داد خود را از تو بستانم و سینه خود را تشفی دهم بانتقام از تو واگر بارزوي خود نرسم و از دنیا بروم یاتوخون مرا بسبب ان بغض وعداوت که داری بريزي در دستگاه خدا عجب نباشدای چه بسا پیغمبران که مظلوم و مقهور و خون ایشان پامال شده ولی غافل مشو از انتقام الهى وكفى بالله ناصراً ولتعلمن نباه بعد حين ومن يیقین دارم که می طلبید امریرا که در آن بهره ندارید و بدین ادعای باطل برعم زادگان من ظلم كرديد و ستم روا داشتید و حق آنها را بدون استحقاق بردید اگر امروز از زخم سنان من بسلامت مانی هرگز از جراحت زبان من نتواني خلاصی داشت و چند روزی پیش نگذرد که خداوند عذاب سختی کند شما را چنانکه گروه عادو قبيله نمود وقوم لوط واصحاب مدین را عذاب نمود وای بر شما از آن ساعتی که قیامت برپا شود در پیشگاه عدل خدای داور دادگر و ما و شما را جمع اورد انجا خسران و زیان و سود معلوم گردد و بدين فتح و فیروزی که امروز تورا باشد مغرور مشو و فریفته مباش که این زندگاني
ص: 334
دو روزه بزودی خواهد گذشت و در کمال خواری و مذلت جان بسپری بواسطه گناهان بزرك كه برای خود اندوخته واتش دوزخرا برخود افروخته والسلام علي من اتبع الهدى يزید چون این نامه را بخواند برقتل ابن عباس مصمم گشت و هنوز این عزیمت بامضا نرسانده کار ابن الزبير بالا گرفت و دعوت خود را آشکار ساخت یزید دفع او را الزم شمرده بدان مشغول شده خداوند متعال از این پیش او را مهلت نداد فاخذه الله اخذ عزيز مقتدر .
قال الا وان أهل العراق الخ .
چون خبر شهادت حضرت حسین (علیه السلام) باهل مكه رسيد عبد الله بن الزبير بن العوام که هوای خلافت در سر داشت این هنگام که خبر شهادت حضرت را شنید بمسجد آمد و بر منبر بالا رفت و در میان مردم خطبه خواند و اهل مکه را مخاطب داشت باین خطاب و گفت ایها الناس بدانید که اهل عراق قومی غادر وفاجرند واهل کوفه قايدان غادران وزعيم آن فاجر انند همانا حسين ( علیه السلام ) را بخویشتن دعوت کردند تا امارت مملکت و رعایت رعیت و امامت امت او را باشد تا اعوجاج ایشانرا مستقیم سازد و معالم اسلامرا برافرازد چون مسئلت ایشانرا باجابت مقرون داشت وبجانب ایشان سفر کرد اینوقت بروی او در آمدند و بر قتل او کمر بستند و گفتند بایزید(لع) بیعت کن و پسر زیاد بن ابیه را متابعت فرما و خویشتن را تسلیم او میدار تا آنچه میخواهد در حق تو می اندیشد لاجرم انحضرت وفات کریمه را بر حیات ذمیمه اختیار کرد خداوند رحمت کند حسین را و خوار و زار کنند کشنده او را و لعنت کند کسی را که امر بقتل او نمود و رضا بدین کردار داد از پس انکه کردار و رفتار اهل کوفه
ص: 335
برابو عبدالله مکشوف افتاد کیست که گفتار و کردار ایشانرا بستاید یا بر عهد و پیمان ایشان بیاید قسم بخدا که حسین (علیه السلام) همه روز صائم بود و همه شب قائم واو سزاوارتر بود بخلافت پیغمبر از فاجر پسر فاجر سوگند بخدای که حسین (علیه السلام) نبود که نقرات غنا را تبدیل بقرائت قرآن فرماید و بانك حدى را بر حنين بكاء تفضیل دهد و شرب مدام را بنهار صیام فضیلت نهد و مزمار مغنی را برذکر قیام لیل ترجیح دهد و ذکر خدا را بر طلب صيود ولعب باقرود مرجوح شمارد از دریغی و بطر پیغمبر را از رده و فرزند مطهر او را کشتند خداوند لعنت کند چنین مردم ستمکار را چون این خطبه را بپایان رسانید بسرای خویش بازگشت و عبدالله بن عباسرا طلب نمود و گفت یا بن عباس تو قربت و قرابت مرا با رسول خدا ميداني و پدر من زبير بن العوام را میشناسی و در راه اسلام چه خدمتها که تقدیم کرد و چه زحمتها که بردمت نهاد و از انسوی معويه حيات اندیش و یزید کافر کیش را شناخته و مجرب داشته افعال ناستوده و اعمال نکوهیده ایشان متوقع شرح و تفصیل نیست لاجرم و اجب مي کند که امروز بمتابعث من سر فرو داری و بامن بیعت کنی باشد این کار را که قسراً از مرکز خود جنبش داده اند محل خویش فرو داریم ابن عباس گفت یا بن الزبیر از من دست باز دار که روزگار فتنه انگیز و خون ریز است و من یکتن از مسلما ناتم و خانمه کار تو را نگرانم چون کار بکام آری و توسن خود را لجام کنی من پذيرائي فرمانتورا حاضر و قرابت و خویشی تو را منظور دارم و السلام بدینجا کتاب مستطاب را ختم نموديم تمت خاتمة الكتاب بحمد الله ومنه وقد فرغ من تسويد هذه النسخة الشريفة في ليلة الاثنين التاسع من شهر شعبان المعظم من شهور سنة 1355 خمس وخمسين وثلثمائة بعد الالف وانا المؤلف الجاني الفاني محمد مهدى الحائرى المازندراني نجل المرحوم المغفور له شيخ العلماء والمجتهدين حجة الاسلام والمسلمين الشيخ عبد الهادي المازندراني الحائري طاب ثراه .
ص: 336